فَصْلٌ جَامِعٌ فِى بَيَانِ خَمْسَةِ فُرُوقٍ بَينَنَا وَبَينَ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ فِى تَحصِيلِ العِلمِ .
قَالَ الشَّيخُ البالمبورى رَحِمَهُ اللهُ ( الفرق الذى بيننا وبين الصحابة رضى الله تَعَالَى عنهم فى تحصيل العلم ، خمسة فروق :
الأول : كان عندهم اليقين على العلوم الإلهية ، ونحن ليس عندنا اليقين الكامل عليها
الثانى : كانوا يجتهدون على ثلاثة أشياء ، الإيمان والعلم والعمل ،وجهدنا اليوم على العلم ،وقليل من النَّاس من يهتم بالعمل ، أما الإيمان فالكل مطمئن على إيمانه ! إلا من رحم الله ،
الثالث : كان عندهم العلم فى كل شعب الحياة ، وفى كل النَّاس ، ونحن عندنا العلم فى طائفة خاصة ،وبقية المسلمين لا يشعرون باحتياجهم إلى العلم ،وأهل العلم لا يشعرون بالإحتياج إلى الذهاب إليهم ليعلموهم أو يشعروهم بضرورة العلم ،
الرابع : كان مفهوم القرآن والحديث عندهم صحيحا ، ومفهومنا خاطىء ، مثلا هم كانوا يفهمون أن كل من تعلم آية واحدة فهو مسئول عن الدعوة لقول النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فى حجة الوداع : ( بلغوا عنى ولو ءاية )[1]، ونحن نفهم أن الدعوة لا تكون إلا بعد تعلم الحقائق والدقائق ،كذلك فى الحديث الشريف حيث يقول النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : (خَيْركُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآن وَعَلَّمَهُ)[2] ، كانوا يفهمون أن الحديث يدل ولو على ءاية واحدة ، ونحن نفهم أننا نحفظ القرآن كله ثم بعد ذلك نعلمه ، كذلك مفهوم الجهاد عندهم كان هو الدعوة إلى الله تَعَالَى وإخراج النَّاس من الظلمات إلى النور ، وكانوا يعتقدون بأن الجهاد من غير الدعوة مثل الصلاة بغير وضوء ، لأن الجهاد كانوا يعتبرونه ضرورة ، وآخر حل لتثبيت الدين فى أى بلد ، وما قاتلوا قوما أبدا بغير دعوتهم إلى الله تَعَالَى ثلاثة أيام ، يعرضون عليهم فيها الإسلام ، فإذا أبوا صالحوهم على الجزية ، وإن أبوا قاتلوهم حتى يفتح الله تَعَالَى عليهم البلاد ،وهم بعد الفتح يركزون الدين ويثبتون أركانه فى هذه البلاد ، ويدرسونه لهم ، وهذا بعد إيجاد البيئة التى فيها الإسلام الحقيقى ، كل من يدخل فيها يتأثر بها عمليا ، ونحن اليوم نفهم أن الجهاد فقط قتال وسلاح ، والإسلام ليس فينا ولا فى بيوتنا ولا فى نسائنا ، ولا فى معاملاتنا ولا فى تجاراتنا ، ومع ذلك نريد القتال مع العدو بدون أن ندعوهم إلى الله تَعَالَى على ترتيب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ،
الخامس : تحصيل العلم ونية تعليمه وميدانه ، العلم كان عندهم فى الكبار أى فى كبار السن لأن فى أيديهم التغير ، إذا عرف أن هذا أمر الله تَعَالَى استطاع أن يطبقه ، لأنه رب البيت ، ونحن عندنا فى الأطفال فقط ، والآباء لا يهتمون بتحصيل العلم والولد لا يستطيع أن يغير ترتيب البيت وأبوه لا يفهم فيقف أمامه ، والعلم كان يعلم لوجه الله تَعَالَى فى زمانهم ، وفى زماننا يعلم بالمقابل ، ويتسابق العلماء على تسجيل الشرائط وإخراج الكتب ، لركوب السيارات الفارهة والشقق الفخمة ، وميدان العلم كان فى المسجد وينقل إلى البيوت ، ونحن عندنا العلم فقط فى المدارس ،والمساجد خالية من حلقات العلم والبيوت كذلك خالية إلا من رحم الله تَعَالَى . )[3]
[1]< البخارى3461 >
[2]< البخارى 4739 >
[3]لسان الدعوة : (250)
المصدر ملتقى اهل الحديث