السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهأخواني الكرام/
لنذكر هنا نماذج لمن تزوج بامرأة أكبر منه، والأمر الذي دفعني إلى ذكر ذلك الموضوع، وعرضه هنا في "المجلس" هو ما رأيته من كثير من الناس في إنكارهم لهذا الموضوع حتى عُد كأنه من الكبائر، وعندما أقول لهم إن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بامرأة تكبره بخمسة عشر عاما، يقولون ومن مثل الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا نموذج:
ذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" في حوادث سنة (372) ترجمة محمد بن جعفر زوج الحرة: قال: قَالَ الْخَطِيبُ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: سَبَبُ تَسْمِيَتِهِ بِزَوْجِ الْحُرَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ إِلَى مَطْبَخِ ابْنَةِ بَدْرٍ مَوْلَى الْمُعْتَضِدِ، الَّتِي كَانَتْ زَوْجَةَ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الْمُقْتَدِرُ، وَبَقِيَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ سَالِمَةً مِنَ الْكُتَّابِ وَالْمُصَادَرَا تِ، كَثِيرَةَ الْأَمْوَالِ، وَكَانَ هَذَا وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ حَدَثُ السِّنِّ يَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ حوائج الطَّعَامِ عَلَى رَأْسِهِ، فَيَدْخُلُ بِهِ إِلَى مَطْبَخِهَا مَعَ جُمْلَةِ الْخَدَمِ، وَكَانَ شَابًّا رَشِيقًا حَرِكَا، فَنَفَقَ عَلَى الْقَهْرَمَانَة ِ فَقَدَّمَتْهُ حَتَّى جَعَلَتْهُ كَاتِبًا عَلَى الْمَطْبَخِ، ثُمَّ تَرَقَّتْ بِهِ الْحَالُ إِلَى أَنْ صَارَ وَكِيْلًا يَنْظُرُ فِي الضَّيَاعِ وَالْعَقَارِ، ثُمَّ آلَ بِهِ الْحَالُ حَتَّى صَارَتِ السِّتُّ تُحَدِّثُهُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، فَعَلِقَتْ بِهِ وَأَحَبَّتْهُ، وَسَأَلَتْهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا، فَاسْتَصْغَرَ نَفْسَهُ، وَخَافَ مِنْ غَائِلَةِ ذَلِكَ، فَشَجَّعَتْهُ هِيَ وَأَعْطَتْهُ مَالًا جَزِيلًا لِيُظْهِرَ عَلَيْهِ مِنَ الْحِشْمَةِ وَالسَّعَادَةِ مَا يُنَاسِبُهَا ; لِيَتَأَهَّلَ لِذَلِكَ، ثُمَّ شَرَعَتْ تُهَادِي الْقُضَاةَ وَالْأَكَابِرَ، ثُمَّ عَزَمَتْ عَلَى تَزْوِيجِهِ، وَرَضِيَتْ بِهِ عِنْدَ حُضُورِ الْقُضَاةِ، وَاعْتَرَضَ أَوْلِيَاؤُهَا عَلَيْهَا، فَغَلَبَتْهُمْ بِالْمُكَارَمَا تِ وَالْهَدَايَا، وَدَخَلَ عَلَيْهَا فَمَكَثَتْ مَعَهُ دَهْرًا طَوِيلًا، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ قَبْلَهُ، فَوَرِثَ مِنْهَا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَطَالَ عُمُرُهُ بَعْدَهَا حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّانَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.