الحمد لله ، والصلاة والسلام على خير خلق الله ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد ،،
صدق قول القائل: هذا زمان العجائب !
لقد شاع في زماننا ظاهرة هي من الأعاجيب ، حيث أدخلت إلى الدين ما الدين منه براء ، تحت شعارات الحرية والديموقراطية.
تلك هي ظاهرة تمييع الدين ، التي تلبس لباس التيسير ، وتزعم محاربة التشديد ، وهي أبعد ماتكون عن الدين.
إن المتأمل في حال كثير ممن تبنى هذا الفكر ، يجده في نهاية المطاف إنما يدعو للباطل ويروج له ، وإن صال وجال وادّعى خلاف ذلك ، تجد جل آرائه وأفكاره التي توّهم منها نفعاً ؛ جرَّت وراءها من بحور الفساد ما الله به عليم.
المنساقين خلف هذا التيار تتعجب مثلاً حين تجدهم يضربون ثابتاً وركناً ركيناً من ثوابت الدين ، كشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، زاعمين أن خصوصيات الأفراد لا تدخل في نطاق الأمر بالمعروف.
فالناصحون ينالون منهم كل تعنيف وتوبيخ ، وأما دعاة الباطل فيحظون بالسكوت إن لم يكن التصفيق لهم.
ياترى هل تلاشى إنكار المنكر وفقه إنكار المنكر خلف هذه الحوادث والمستجدات الفكرية !! مالسبب في ذلك ؟
إنه ضعف الإيمان. حين تناسينا قول الله تعالى: ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون (،
ولو تأملنا قليلاً .. فالأحاديث في ذهاب الإيمان وغيابه عمن يرضى بالمنكر أكثر من أن يحصيها مقال ، قال رسول الله : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان "
إن دعاة التمييع أولئك لا يجدي معهم سوى المحاجة وبيان فساد رأيهم في كل مكان يستطيع المسلم أن يذب عن الدين فيه ، ولنتذكر جميعاً قوله تعالى : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة (
وأخشى أن تعمنا العقوبة جميعاً إن لم نأخذ بأيديهم ونرد الأمور إلى نصابها ..
والله الهادي إلى سواء السبيل