مشاهدة النسخة كاملة : من نوادر الشوقيات
أبو محمد بن عيسى آل مبارك
2012-03-30, 12:13 AM
كانَ لِلغربانِ في العصرِ مَلِيكْ
وله في النخلة ِ الكبرى أريكْ
فيه كرسيٌّ، وخِدْرٌ، ومُهودْ
لصغارِ الملك أصحابِ العهود
جاءهُ يوماً ندورُ الخادمُ
وهوَ في البابِ الأمينُ الحازمُ
قال: يا فرعَ الملوكِ الصالحينْ
أنت ما زلتَ تحبُّ الناصحينْ
سوسة ٌ كانت على القصرِ تدورْ
جازتْ القصرَ، ودبتْ في الجدور
فابعث الغربانَ في إهلاكها
قبلَ أن نهلكَ في أشراكها
ضحكَ السلطانُ من هذا المقال
ثم أدنى خادمَ الخير، وقال:
أنا ربُّ الشوكة ِ الضافي الجناح
أنا ذو المنقارِ، غلاَّبُ الرياح
أَنا لا أَنظُرُ في هَذي الأُمور
أَنا لا أُبصِرُ تَحتي بانُدور
ثُمَّ لَمّا كانَ عامٌ بَعدَ عام
قامَ بَينَ الريحِ وَالنَخلِ خِصام
وَإِذا النَخلَةُ أَقوى جِذعُها
فَبَدا لِلريحِ سَهلاً قَلعُها
فهوتْ للأرضِ كالتلِّ الكبير
وَهَوَى الديوانُ، وانقضَّ السَّرير
فدها السلطان ذا الخطبُ المهول
ودعا خادمه الغالي يقول:
يا ندورَ الخير، أسعفْ بالصياح
ما تَرى ما فعلَتْ فينا الرياح؟
قال: يا مولايَ، لا تسأل ندور
أنا لا أنظر في هذي الأمور!
عبد الله الحمراني
2012-03-30, 01:27 AM
حياكم الله وبياكم ، ونسعد بمشاركتكم في المنتدى ، مفيدين ومستفدين.
أهلا بك..
أبو محمد بن عيسى آل مبارك
2012-03-30, 11:07 AM
جزاك الله خيرا على كرم الضيافة .
أبو عبد الله المصري
2013-01-05, 05:20 PM
اللَّيثُ مَلْكُ القِفارِ وما تضمُّ الصًّحاري
سَعت إليه الرعايا يوماً بكلِّ انكسار
قالت : تعيشُ وتبقى يا داميَ الأَظفار
ماتَ الوزيرُ فمنْ ذا يَسوسُ أَمرَ الضَّواري؟
قال : الحمارُوزيري قضى بهذا اختياري
فاستضحكت ، ثم قال : «ماذا رأَى في الحِمارِ؟»
وخلَّفتهُ ، وطارت بمضحكِ الأخبار
حتى إذا الشَّهْرُ ولَّى كليْلة ٍ أَو نَهار
لم يَشعُرِ اللَّيثُ إلا ومُلكُهُ في دَمار
القردُ عندَ اليمين والكلبُ عند اليسار
والقِطُّ بين يديه يلهو بعظمة ِ فار !
فقال : من في جدودي مثلي عديمُ الوقار ؟ *!
أينَ اقتداري وبطشي وهَيْبتي واعتباري؟!
فجاءَهُ القردُ سرّاً وقال بعدَ اعتذار:
يا عاليَ الجاه فينا كن عاليَ الأنظار
رأَيُ الرعِيَّة ِ فيكم من رأيكم في الحمار!
أبو عبد الله المصري
2013-01-05, 05:21 PM
كان فيما مضى من الدهر بيتُ من بيوت الكرام فيه غزال
يَطعَم اللَّوْزَ والفطيرَ ويُسقى عسلاَ لم يشبه إلا الزَّلال
فأَتى الكلبَ ذاتَ يومٍ يُناجيـ ـهِ وفي النفسِ تَرحَة ٌ وملال
قال : يا صاحب الأمانة ، قل لي كيف حالُ الوَرَى ؟ وكيف الرجال؟
فأجاب الأمين وهو القئول الصّـَ ـادِقُ الكامل النُّهَى المِفضال
سائلي عن حقيقة الناس ، عذراً ليس فيهم حقيقة ُ فتقال
إنما هم حقدٌ ، وغشٌّ ، وبغضُ وأَذاة ٌ، وغيبة ٌ، وانتحال
ليت شعري هل يستريحُ فؤادي ؟ كم أداريهم ! وكم أحتال !
فرِضا البعض فيه للبعضِ سُخْطٌ ورضا الكلِّ مطلبٌ لا يُنال
ورضا اللهِ نرتجيهِ ، ولكن لا يؤدِّي إليه إلا الكمال
لا يغرَّنكَ يا أخا البيدِ من موْ لاكَ ذاك القبولُ والإقبال
أنتَ في الأسرِ ما سلمتَ ، فإن تمـ ـرض تقطَّعْ من جسمك الأوصال
فاطلبِ البِيدَ، وارض بالعُشبِ قوتاً فهناك العيشُ الهنِيُّ الحلال
أنا لولا العظامُ وهيَ حياتي لم تَطِبْ لي مع ابنِ آدمَ حال
أبو عبد الله المصري
2013-01-05, 05:23 PM
الحيوانُ خَلْقُ له عليْكَ حَقُّ
سَخَّرَه الله لكا وللعِبادِ قبلَكا
حَمُولة ُ الأَثقالِ ومُرْضِعُ الأَطفالِ
ومُطْعمُ الجماعهْ وخادِمُ الزِّراعه
مِنْ حقِّهِ أَن يُرْفَقا به وألا يرهقا
إن كلَّ دعه يسترحْ وداوِه إذا جُرِحْ
ولا يجعْ في داركا أَو يَظْمَ في جِوارِكا
بهيمة ٌ مسكينُ يشكو فلا يُبينُ
لسانه مقطوع وما له دُموع!
أبو عبد الله المصري
2013-01-05, 05:25 PM
هِرَّتي جِدُّ أَليفَهْ وهْي للبيتِ حليفهْ
هي ما لم تتحركْ دمية البيتِ الظريفه
فإذا جاءتْ وراحتْ زِيدَ في البيتِ وصِيفه
شغلها الفارُ: تنقِّي الرَّ فَّ منه والسَّقيفَهْ
وتقومُ الظهرَ والعصـ ـرَ بأورادٍ شريفه
ومن الأَثوابِ لم تملِـ ـكْ سوى فروٍ قطيفه
كلما استوسخَ، أو آ وى البراغيثَ المطيفه
غسَلَتْه، وكوَتْه بأَساليبَ لطيفه
وحَّدَتْ ما هو كالحمَّا م والماءِ وظيفه
صيَّرَتْ ريقتَها الصَّا بونَ، والشاربَ ليفه
لا تمرَّنَّ على العين ولا بالأنفِ جيفه
وتعوَّدْ أن تلاقى حسنَ الثوبِ نظيفه
إنما الثوْبُ على الإنـ ـانِ عنوانُ الصحيفه
أبو عبد الله المصري
2013-01-05, 05:27 PM
كان ذئبٌ يتغدى فجرتْ في الزّوْر عَظمه
ألزمتهُ الصومَ حتى فَجعَتْ في الروح جسْمَهْ
فأَتى الثعلَبُ يبكي ويُعزِّي فيه أُمَّه
قال : يا أمَّ صديقي بيَ مما بكِ عمَّهْ
فاصبري صبراً جميلاً إنْ صبرَ الأمِّ رحمهْ !
فأجابتْ : يا ابنَ أختي كلُّ ما قد قلتَ حكمهْ
ما بيَ الغالي ، ولكن قولُهُم: ماتَ بِعظْمَه!
ليْته مثلَ أَخيه ماتَ محسوداً بتُخْمَه!
أبو عبد الله المصري
2013-01-05, 05:28 PM
من أَعجَبِ الأَخبارِ أنّ الأَرنبا لمَّا رأَى الدِّيكَ يَسُبُّ الثعْلبا
وهوَ على الجدارِ في أمانِ يغلبُ بالمكانِ ، لا الإمكانِ
داخَلهُ الظنُّ بأَنّ الماكرا أمسى من الضّعفِ يطيقُ الساخرا
فجاءَهُ يَلْعَنُ مثل الأَوَّلِ عدادَ ما في الأرضِ من مغفَّلِ
فعصفَ الثعلبُ بالضعيفِ عصفَ أخيهِ الذِّيبِ بالخروف
وقال : لي في دمكَ المسفوكِ تسلية ٌ عن خيْبتي في الديكِ!
فالتفتَ الديكُ إلى الذبيح وقال قولَ عارِفٍ فصيح
ما كلَّنا يَنفعُهُ لسانُهْ في الناسِ مَن يُنطقُه مَكانُهْ!
أبو عبد الله المصري
2013-01-05, 05:28 PM
تَنازَعَ الغزالُ والخروفُ وقال كلٌّ: إنه الظَّريف
فرأَيا التَّيْسَ؛ فظَنَّا أَنّه أعطاهُ عقلاً منْ أطالَ ذقنه !
فكلَّفاه أَن يُفَتِّشَ الفَلا عن حكمٍ له اعتبارٌ في الملا
ينظُرُ في دَعواهُما بالدِّقه عساهُ يُعطِي الحقَّ مُسْتحِقَّه
فسارَ للبحثِ بلا تواني مفتخرا بثقة ِ الإخوانِ
يقول: عِندي نظرة ٌ كبيرهْ ترفعُ شأنَ التيسِ في العشيره
وذاكَ أن أجدرَ الثناءِ بالصِّدْقِ ما جاءَ من الأَعداءِ
وإنني إذا دعوْتُ الذِّيبَا لا يستطيعانِ له تكذيبا
لكونه لا يعرفُ الغزالا وليس يُلقِي للخروفِ بالا
ثم أتى الذِّيبً ، فقال : طلبتي أنتَ ، فسرْ معي ، وخذْ بلحيتي !
وقادَه للموضِع المعروفِ فقامَ بين الظَّبيينِ بالأظافرِ
وقال للتيس : انطلقْ لشأنكا ما قتَل الخَصْمَيْن غيْرُ ذَقنكا!
أبو عبد الله المصري
2013-01-05, 05:29 PM
سَمِعْتُ أَنَّ فأْرَة ً أَتاها شقيقُها يَنعَى لها فَتاها
يصيحُ : يا لي من نحوسِ بختي مَنْ سَلَّط القِطَّ على ابنِ أُختي؟!
فوَلوَلتْ وعضَّتِ التُّرابَا وجمعتْ للمأتمِ الأترابا
وقالتِ : اليومَ انقضت لذَّاتي لا خيرَ لي بعدكَ في الحياة ِ
من لي بهرٍ مثلِ ذاك الهرِّ يُرِيحُني من ذا العذابِ المرِّ؟!
وكان بالقربِ الذي تريد يسمعُ ما تبدي وما تعيدُ
فجاءَها يقولُ: يا بُشْراكِ إن الذي دعوتِ قد لبَّاك !
ففَزِعت لما رأَته الفارَهْ واعتصمتْ منه ببيتِ الجاره
وأَشرفتْ تقولُ للسَّفيهِ: إن متُّ بعَد ابني فمنْ يبكيه ؟!
أبو عبد الله المصري
2013-01-05, 05:30 PM
بغلٌ أَتى الجوادَ ذات مَرَّهْ وقلبُهُ مُمتلِىء ٌ مَسَرَّهْ
فقال: فضلي قد بدا ياخِلِّي وآنَ أَن تعْرِفَ لي مَحلِّي
إذ كنتَ أَمْسِ ماشياً بجانبي تعجَبُ من رقصِي تَحت صاحبي
أختالُ ، حتى قالتِ العبادُ : لمنْمن الملوكِ ذا الجوادُ ؟
فضَحِكَ الحِصانُ من مقالِهِ وقال بالمعهودِ من دلالِهِ:
لم أرَ أرقصَ البغلِ تحتَ الغازي لكن سمعتُ نقرة المهمازِ!
أبو عبد الله المصري
2013-01-05, 05:31 PM
أَتى ثعالَة َ يوماً من الضَّواحي حِمارُ
وقال إن كنتَ جاري حقاً ونعمَ الجار
قل لي فإني كئيبٌ مُفكرٌ مُحتار
في موْكِبِ الأَمسِ لمَّا سرنا وسارَ الكبار ...
... طرَحْتُ مولاي أَرضاً فهل بذلك عار
وهل أتيتُ عظيماً ! فقال: لا يا حِمار!
أبو عبد الله المصري
2013-01-05, 05:32 PM
قد سمعَ الثعلبُ أهلَ القرى يدعونَ محتالا بيا ثعلبُ !
فقال حقّاً هذه غاية ٌ في الفخرِ لا تؤتى ولا تطلب
من في النُّهى مثلي حتى الورى أَصبَحْتُ فيهم مَثلاً يُضْرب
ما ضَرَّ لو وافيْتُهم زائراً أُرِيهِمُ فوقَ الذي استغرَبوا
لعلهم يحيون لي زينة ً يحضرها الدِّيكُ أو الأرنب
وقصَدَ القوْمَ وحياهُم وقام فيما بينهم يخطب
فأُخِذَ الزائِرُ من أُذنِه وأعطيَ الكلبَ به يلعب!
فلا تَثِق يوماً بِذي حِيلة ٍ إذْ رُبَّما يَنخَدِعُ الثعلب!
أبو محمد بن عيسى آل مبارك
2013-07-12, 01:42 PM
لله درك أبا عبد الله .
منصور مهران
2013-07-12, 05:07 PM
رحم الله شوقيا
أجرى قصص العظة والعبرة بلسان الحيوان شعرا
وكنا نقرأُها في كتاب كليلة ودمنة نثرا
وكانت كتب القراءة في زمن التعليم الجاد تجمع من هذيْنِ اللونين قدرا نافعا مع تبيان للأدب الرمزي .
رحم الله ذاك الزمن الجميل
ونشكر الأستاذين :
أبا محمد آل مبارك
وأبا عبد الله المصري
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.