تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لله درُّه .. اقرأ وتأمل في غزير علمه وفريد استنباطه !!



قطرة مسك
2007-12-07, 09:07 PM
قال ابن القيم - رحمه الله - : الخُلة : من أنواع المحبة وهي تتضمن كمال المحبة ونهايتها، بحيث لا يبقى في القلب سعة لغير محبوبه، وهي منصبٌ لا يقبل المشاركة بوجه ما، وهذا المنصب خاصٌ للخليلين صلوات الله وسلامه عليهما : إبراهيم ومحمد، كما قال (ص) : " إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ".
وفي الصحيح عنه (ص) أنه قال : " لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الله ".
وفي حديث آخر : " إني أبرأ إلى كل خليلٍ من خلته ".
ولما سأل إبراهيم عليه السلام الولد فأُعطيه، وتعلَّق حبه بقلبه، فأخذ منه شعبة، غار الحبيب على خليله أن يكون في قلبه موضعٌ لغيره، فأمره بذبحه، وكان الأمر في المنام ليكون تنفيذ المأمور به أعظم ابتلاءً وامتحاناً، ولم يكن المقصود ذبح الولد، ولكن المقصود ذبحه في قلبه ليخلص القلب للرب، فلما بادر الخليل إلى الامتثال، وقدَّم محبة الله على محبة ولده، حصل المقصود فرفع الذبح وفدّى الولد بذبح عظيم، فإن الرب تعالى ما أمر بشيءٍ ثم أبطله رأساً، بل لابد أن يبقى بعضه أو بدله كما أبقى شريعة الفداء، وكما أبقى استحباب الصدقة بين يدي المناجاة وكما أبقى الخمس الصلوات بعد رفع الخمسين وأبقى ثوابها، وقال : " لايبدَّل القول لديَّ، هي خمسٌ في الفعل وهي خمسون في الأجر ".
المصدر : الجواب الكافي، ص: 282.

ابن رشد
2007-12-07, 09:17 PM
شكرا لك ... بارك الله فيك ...

قطرة مسك
2007-12-09, 01:31 AM
وإياك أخي الكريم.

خالد العامري
2007-12-09, 03:00 AM
رحمه الله ...
وشكرا لك ... بارك الله فيك ...

نضال مشهود
2007-12-09, 03:06 PM
لله در علماء السنة . . . ما أكرمهم على الله !

قطرة مسك
2007-12-09, 08:16 PM
الأخ خالد العامري والأخ نضال مشهود، بارك الله فيكما وجزاكما خيرا.

إيمان الغامدي
2007-12-09, 10:20 PM
رحم الله ابن القيم .. و صدقت أخيتي التي قالت فيه : إنه آية من آيات الله !

و جزاكم الله خيراً يا قطرة مسك .. على فريد قِطافكم ..


* هل لي بتوضيح إذا تكرمتم حول هذه العبارة : " وكما أبقى استحباب الصدقة بين يدي المناجاة " ، فما هو المُبدل منه ، أي كيف كان الحال ثم صار ؟

و بوركتم ..

قطرة مسك
2007-12-10, 11:50 PM
جزاك الله خيرا على طيب عباراتك.
أختي الكريمة، أقول حسب فهمي القاصر: في قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( المجادلة :12 ) ، كان الأمر بتقديم الصدقة بين يدي المناجاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم للوجوب؛ وذلك تأديبا للمؤمنين وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال قتادة : سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة، فوعظهم الله بهذه الآية، وكان الرجل تكون له الحاجة إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلا يستطيع أن يقضيها، حتى يقدّم بين يديه صدقة، فاشتدّ ذلك عليهم، فأنزل الله عز وجل الرخصة بعد ذلك ( فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .
فلما رأى تبارك وتعالى شفقة المؤمنين، ومشقة الصدقات عليهم عند كل مناجاة، سهل الأمر عليهم، ولم يؤاخذهم بترك الصدقة بين يدي المناجاة، قال تعالى " فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ".
فنسخ الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، وبقي التعظيم للرسول صلى الله عليه وسلم والاحترام بحاله لم ينسخ.
وقد نُسخت هذه الآية بقوله تعالى : " أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( المجادلة :13 ) ، عن ابن عباس رضي الله عنهما " فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً "، قال كان المسلمون يقدمون بين يدي النجوى صدقة فلما نزلت الزكاة نسخ هذا .قال ابن الجوزي - رحمه الله - : كأنه أشار إلى الآية التي بعدها وفيها " فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ " قال المفسرون : نزل قوله أأشفقتم : أي خفتم بالصدقة الفاقة، وتاب الله عليكم : أي تجاوز عنكم وخفف بنسخ إيجاب الصدقة قال مقاتل بن حيان إنما كان ذلك عشر ليال. أ.هـ ( من كلام ابن الجوزي )
راجعي : تفسير الطبري، وابن سعدي، وكتاب نواسخ القرآن لابن الجوزي.
هذا مافهمته من مراد ابن القيم - رحمه الله - في كلامه، والله أعلم وأحكم ، ورد العلم إليه أسلم.

إيمان الغامدي
2007-12-13, 11:17 PM
جزاكم الله خيراً يُبلّغكم الحسنى و زيادة ..

قطرة مسك
2007-12-14, 02:16 AM
ولك بمثله، وضعفه وضعفه.