تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المنتقى من جامع العلوم والحكم ( متجدد )



أم علي طويلبة علم
2012-03-19, 09:04 AM
انتقيت الأحاديث وباختصار شديد للشرح مع الترتيب فيه ، لكتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي رحمه الله ،، اسميته المنتقى من جامع العلوم والحكم ..
وقبل الشروع في الشرح نبتدأ بنبذه مختصرة لابن رجب الحنبلي رحمه الله:

اسمه وولادته:
هو الامام الحافظ العلامة زين الدين عبدالرحمن بن أحمد بن عبدالرحمن بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود السلامي البغدادي ، ثم الدمشقي الحنبلي الشهير بابن رجب وخو لقب جده عبدالرحمن .
ولد في بغداد سنة 736 هـ

شيوخه :
منهم : ابن قيم الجوزبة ، ابن قاضي الجبل ، أحمد بن عبدالهادي الحنبلي ..

تلاميذه :
منهم : أبو ذر الزركشي ، والقاضي علاء الدين بن اللحام ..




تصانيفه :
له تآليف كثيرة مفيدة ، وتصانيف عديدة في التفسير والحديث والفقة والتاريخ والرقائق ، منها : كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري ، كتب قطعة منه وصل فيه إلى كتاب الجنائز ومنه استمد ابن حجر اسم شرحه على البخاري ، وشرح جامع الترمذي في نحو عشرين مجلدا ، والكلام على كلمة الإخلاص وتحقيقها ، والقواعد الفقهية ، الذيل على طبقات الحنابلة ، و فضل علم السلف على علم الخلف ....

وفاته :
توفي رحمه الله بدمشق سنة 795 هـ ودفن بمقبرة الباب الصغير .

أم علي طويلبة علم
2012-03-19, 09:06 AM
عن أبي ذر رضي الله عنه أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ! ذهب أهل الدثور بالأجور . يصلون كما نصلي . ويصومون كما نصوم . ويتصدقون بفضول أموالهم . قال : (( أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ؟ إن بكل تسبيحة صدقة . وكل تكبيرة صدقة . وكل تحميدة صدقة . وكل تهليلة صدقة . وأمر بالمعروف صدقة . ونهي عن منكر صدقة . وفي بضع أحدكم صدقة " . قالوا : يا رسول الله ! أياتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : " أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرا )) رواه مسلم


• الصحابة رضي الله عنهم لشدة حرصهم على الأعمال الصالحة، وقوة رغبتهم في الخير ، كانوا يحزنون على ما يتعذر عليهم فعله من الخير مما يقدر عليه غيرهم، فكان الفقراء يحزنون على :
- فوات الصدقة بالأموال التي يقدر عليها الأغنياء .
- ويحزنون على التخلف عن الخروج في الجهاد لعدم القدرة على آلاته .
• أن الفقراء غبطوا أهل الدثور – الدثور هي الأموال – مما حصل لهم من أجر الصدقة بأموالهم ، فدلهم النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات يقدرون عليها .
• فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن جميع أنواع فعل المعروف والإحسان صدقة.
• حتى إن فضل الله الواصل منه إلى عباده صدقة منه عليهم ، وقد كان بعض السلف ينكر ذلك ويقول : إنما الصدقة ممن يطلب جزاءها وأجرها . والصحيح خلاف ذلك لحديث قصر الصلاة في السفر: ( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته) ، وفي حديث من كان له صلاة بالليل:(...وكان نومه صدقة من الله تصدق بها عليه).
• الصدقة بغير المال نوعان :
- ما فيه تعدية الإحسان إلى الخلق : كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تعليم العلم النافع، السعي في جلب النفع للناس ، دفع الأذى عن الناس...
- ما نفعه قاصر على فاعله : كأنواع الذكر والاستغفار والمشي إلى المساجد..
• وأكثر هذه الأعمال أفضل من الصدقات المالية ، لأنه إنما ذكر ذلك جوابا لسؤال الفقراء الذين سألوه عما يقاوم تطوع الأغنياء بأموالهم ، وأما الفرائض فقد كانوا كلهم مشتركين فيها .
• ظاهر أحاديث النفقة على الأهل وفضل الغرس والزرع والمباضع لأهله كلها يدل على أن هذه الأشياء تكون صدقة يثاب عليها الزارع والغارس ونحوهما من غير قصد ولا نية ، وقد ذهب إلى هذا طائفة من العلماء . واستدل أبو أحمد بن قتيبة في حديث:( إن المؤمن ليؤجر حتى اللقمة يرفعها إلى فيه ).
وهذا اللفظ الذي استدل به غير معروف ، ففي الحديث: ( إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك) وهو مقيد بإخلاص النية لله فتحمل الأحاديث المطلقة عليه ، قال تعالى :{ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً } فجعل ذلك خيرا ولم يرتب عليه الأجر إلا مع نية الإخلاص ، وأما إذا فعله رياء فإنه يعاقب، وإنما محل التردد إذا فعله بغير نية صالحة ولا فاسدة .
• وقوله: (أرأيت لو وضعها في حرام أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) هذا يسمى عند الأصوليين قياس العكس .
• وقد تكاثرت النصوص بتفضيل الذكر على صدقة المال وغيره من الأعمال ، كحديث : (ألا أنبئكم بخير أعمالكم, وأزكاها عند مليككم, وأرفعها في درجاتكم, وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة, وخير لكم من أن تلقوا عدوكم, فتضربوا أعناقهم, ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله, قال : ذكر الله عز وجل ) ....

أم علي طويلبة علم
2012-03-19, 09:08 AM
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر )) .



• المراد بالفرائض : الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى .
• المراد بالأولى : الأقرب .
• المراد بالعصبة : عصبة الرجل أولياؤه الذكور من ورثته ، فأما في الفرائض فكل من لم تكن له فريضة مسماة فهو عصبة .
• مسألة : فإذا اجتمع بنت و أخت وعم أو ابن عم أو ابن أخ :
1. قول ابن عباس : ينبغي أن يأخذ الباقي بعد نصف البنت : العصبة ، وكان يتمسك بهذا الحديث ويقر بأن الناس كلهم على خلافه.
2. ذهب جمهور العلماء : أن الأخت مع البنت عصبة لها ما فضل. ففي الحديث:
(... فقال – أي ابن مسعود رضي الله عنه - : لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ، لأقضين فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم : للابنة النصف ، ولابنة الابن السدس تكملة تكملة الثلثين ، وما بقي فللأخت ..)والصواب قول الجمهور.
• - الأخت الواحدة : تأخذ النصف مع عدم وجود الولد: الذكر والأنثى .
- الأختان فصاعدا : إنما يستحقون الثلثين مع عدم وجود الولد : الذكر والأنثى .
- إن كان له ولد ذكر : فهو مقدم على الإخوة مطلقا ذكورهم وإناثهم .
- إن لم يكن هناك ولد ذكر بل أنثى : فالباقي بعد فرضها يستحقه الأخ مع أخته بالاتفاق .
- ميراث الأخ :
1. وجود ولد ذكر : منع الأخ من الميراث .
2. وجود ولد أنثى : لم يمنعه الفاضل عن ميراثها ، وإن منعه حيازة الميراث .
- ميراث الأخت :
1. وجود ولد ذكر : منع الأخت من الميراث .
2. وجود ولد أنثى : منعت الأخت أن يفرض لها النصف ، ولم تمنعها أن تأخذ ما فضل عن فرضها .


• وقد اختلف العلماء في معنى : ألحقوا الفرائض بأهلها :
1) فقالت طائفة : المراد أعطوا الفرائض المقدرة لمن سماها الله لهم ، فما بقى بعد هذه الفروض فيستحقه أولى الرجال .
2) وقالت طائفة آخرون : ما يستحقه ذوو الفروض في الجملة سواء أخذوه بفرض أو بتعصيب طرأ لهم .
3) وقالت فرقة أخرى : جملة من سماه الله في كتابه من أهل المواريث من ذوي الفروض والعصبات كلهم ، فإن كل ما يأخذه الورثة ، فهو فرض فرضه الله الله لهم سواء كان مقدرا أو غير مقدر ، قال تعالى :{ فريضة من الله }.
• ما بقي بعد الفرائض فلأقرب رجل ذكر :
1. فقد قيل : المراد به العصبة البعيد خاصة كبني الاخوة والأعمام وبنيهم ، دون العصبة القريبة بدليل أن الباقي بعد الفروض يشترك فيه الذكر والأنثى .
فإنه يخص منه : الأخت مع البنت بالنص الدال عليه ، وكذلك يخص منه المعتقة مولاة النعمة بالاتفاق .
2. وقالت طائفة آخرون : العصبة ليس لها فرض بحال .

أم علي طويلبة علم
2012-03-19, 11:55 PM
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس ، تعدل بين الاثنين صدقة . وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه ، صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة . وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة وتميط الأذى عن الطريق صدقة ))




• " كل سلامى من الناس عليه صدقه" :
- قال أبوعبيد: السلامى في الأصل عظم يكون في فِرْسِن البعير ،قال قكأن معنى الحديث : على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة .
- وقال غيره: السلامى عظم في طرف اليد والرجل، وكنى بذلك عن جميع عظام الجسد .
• السلامى جمع وقيل: هو مفرد، وقد ذكر علماء الطب أن جميع عظام البدن 248 عظما سوى السُمسُمانيات ، وبعضهم يقول : 360 عظما .
• ولعل السلامى عبر بها عن هذه العظام الصغار ، كما أنها في الأصل اسم لأصغر ما في البعير من العظام .
• ومعنى الحديث أن تركيب هذه العظام وسلامتها من أعظم نعم الله على عبده ،فيحتاج كل عظم منها إلى صدقة يتصدق ابن آدم عنه ، ليكون ذلك شكراً لهذه النعمة ، قال تعالى:{قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون}.
• هذه النعم مما يسأل الإنسان عن شكرها يوم القيامة ويطالب بها كما قال تعالى: { ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم }، قال ابن مسعود رضي الله عنه : النعيم : الأمن والصحة ، عن ابن عباس في قوله : { ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم } : النعيم : صحة الأبدان والأسماع والأبصار، يسأل الله العباد فيم استعملوها وهو أعلم بذلك منهم، وهو قوله تعالى : { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا }.
• والمقصود أن الله تعالى أنعم على عباده بما لايحصونه كما قال تعالى : {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } وطلب منهم الشكر ورضي به منهم .

• " كل سلامى من الناس عليه صدقه كل يوم تطلع فيه الشمس" :
- فإن اليوم قد يعبر به عن مدة أزيد من ذلك ، كما يقال يوم صفين وكان مدة أيام .
- وعن مطلق الوقت كما في قوله تعالى :{ ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم }.
- وقد يكون ذلك ليلا ونهارا ، فإذا قيل كل يوم تطلع فيه الشمس علم أن هذه الصدقة على ابن آدم في كل يوم يعيش فيه من أيام الدنيا .
• وظاهر الحديث يدل على أن هذا الشكر بهذه الصدقة واجب على المسلم كل يوم ، ولكن الشكر على درجتين :
1) واجب : وهو أن يأتي بالواجبات ، ويتجنب المحارم ، فهذا لابد منه ، ويكفي في شكر هذه النعم . ومن هنا قال بعض السلف : الشكر ترك المعاصي .
2) الشكر المستحب : وهو أن يعمل العبد بعد أداء الفرائض ، واجتناب المحارم ، بنوافل الطاعات . وهذه درجة المقربين السابقين ، وهي التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث ، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في الصلاة ، ويقوم حتى تتفطر قدماه فإذا قيل: لم تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟فيقول :( أفلا أكون عبدا شكورا ).
• وهذه الأنواع التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة منها :
أ*- ما نفعه متعد : كالإصلاح.. والكلمة الطيبة..وإزالة الأذى عن الطريق ....
ب*- ومنه ما هو قاصر النفع : كالتسبيح والتكبير والمشي إلى الصلاة وصلاة ركعتي الضحى ..
• عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((أتدرون أي الصدقة أفضل ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : المنيحة أن يمنح أحدكم أخاه الدرهم أو ظهر الدابة أو لبن الشاة أو لبن البقرة ))
والمراد بمنيحة الدراهم قرضها ، ومنيحة ظهر الدابة إعارتها لمن يركبها ، ومنيحة لبن الشاة أو البقرة أن يمنحه بقرة أو شاة يشرب لبنها ثم يعيدها إليه ، وإذا أطلقت المنيحة لم تنصرف إلا إلى هذا .
• بعض مجالات الصدقة :
1. كف الأذى عن الناس باليد واللسان ، وفي صحيح ابن حبان " عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله ، دلني على عمل ، إذا عمل به العبد دخل به الجنة ، قال : يؤمن بالله قلت : يا رسول الله ، إن مع الإيمان عملا ؟ قال : يرضخ مما رزقه الله قلت : وإن كان معدما لا شيء له ؟ قال : يقول معروفا بلسانه ، قلت : فإن كان عييا لا يبلغ عنه لسانه ؟ قال : فيعين مغلوبا ، قلت : فإن كان ضعيفا لا قدرة له ؟ قال : فليصنع لأخرق ، قلت : فإن كان أخرق ؟ فالتفت إلي ، فقال : ما تريد أن تدع في صاحبك شيئا من الخير ؟ فليدع الناس من أذاه ، قلت : يا رسول الله ، إن هذا كله ليسير ، قال : والذي نفسي بيده ، ما من عبد يعمل بخصلة منها يريد بها ما عند الله ، إلا أخذت بيده يوم القيامة حتى يدخل الجنة .((
فاشترط في هذا الحديث لهذه الأعمال كلها إخلاص النية ، وهذا كما في قوله عز وجل:{ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما }.



2. أداء حقوق المسلم على المسلم ، وفي الصحيحين عن البراء قال : ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع : بعيادة المريض ، واتباع الجنازة ، وتشميت العاطس ، وإبرار القسم ، ونصر المظلوم ، وإجابة الداعي ، وإفشاء السلام )).
3. المشي بحقوق الآدميين الواجبة إليهم ، قال ابن عباس: من مشى بحق أخيه إليه ليقضيه ، فله بكل خطوة صدقة.
4. إنظار المعسر ، وفي المسند عن بريدة مرفوعا : (( من أنظر معسرا ، فله بكل يوم صدقة ، قبل أن يحل الدين ، فإذا حل الدين ، فأنظره بعد ذلك ، فله بكل يوم مثله صدقة)).
5. الإحسان إلى البهائم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن سقيها : فقال : (( في كل كبد رطبة أجر )) ، وأخبر أن بغيا سقت كلبا يلهث من العطش ، فغفر لها .

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
إضافة : السُّمْسُمانُ : الخفيفُ اللطيفُ السريعُ من كل شيء. [المعجم الوسيط ]

أم علي طويلبة علم
2012-03-20, 12:30 AM
• المراد بالعصبة : عصبة الرجل أولياؤه الذكور من ورثته ، فأما في الفرائض فكل من لم تكن له فريضة مسماة فهو عصبة .
• مسألة :
.
تنبيه : هذه إضافات ، ليست من كلام ابن رجب الحنبلي رحمه الله .

أم علي طويلبة علم
2012-03-31, 03:25 PM
عن جابر بن عبد الله (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=36)أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول :إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل : يا رسول الله ، أرأيت شحوم الميتة ، فإنه يطلى بها السفن ، ويدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس ؟ قال : لا ، هو حرام ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : قاتل الله اليهود ، إن الله حرم عليهم الشحوم ، فأجملوه ، ثم باعوه ، فأكلوا ثمنه خرجه البخاري (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12070)ومس م .



· فالحاصل من هذه الأحاديث كلها أن ما حرم الله الانتفاع به ، فإنه يحرم بيعه وأكل ثمنه ، كما جاء مصرحا به في الرواية المتقدمة)) : إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه )).
· كل ما كان المقصود من الانتفاع به حراما ، وهو قسمان :
v أحدهما :ما كان الانتفاع به حاصلا مع بقاء عينه :
o كالأصنام ، فإن منفعتها المقصودة منها الشرك بالله ، وهو أعظم المعاصي على الإطلاق .
o ما كانت منفعته محرمة ، ككتب الشرك والسحر والبدع والضلال .
o الصور المحرمة ، وآلات الملاهي المحرمة كالطنبور .
o شراء الجواري للغناء .
نعم ، لو علم أن المشتري لا يشتريه إلا للمنفعة المحرمة منه ، لم يجز بيعه له عند الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251)وغي ه من العلماء :
o بيع العصير ممن يتخذه خمرا .
o بيع السلاح في الفتنة .
o بيع الرياحين والأقداح لمن يعلم أنه يشرب عليها الخمر.
o الغلام لمن يعلم منه الفاحشة.
v والقسم الثاني : ما ينتفع به مع إتلاف عينه :
§ بيع الخنزير والخمر والميتة .
مع أن في بعضها منافع غير محرمة :
§ كأكل الميتة للمضطر .
§ ودفع الغصة بالخمر ، وإطفاء الحريق به .
§ والخرز بشعر الخنزير عند قوم ، والانتفاع بشعره وجلده عند من يرى ذلك.
ولكن لما كانت هذه المنافع غير مقصودة ، لم يعبأ بها ، وحرم البيع بكون المقصود الأعظم من الخنزير والميتة أكلهما ، ومن الخمر شربها ، ولم يلتفت إلى ما عدا ذلك.
· وقد اختلف الناس في تأويل قوله صلى الله عليه وسلم : (( هو حرام )) :
- فقالت طائفة : أراد أن هذا الانتفاع المذكور بشحوم الميتة حرام ، وحينئذ فيكون ذلك تأكيدا للمنع من بيع الميتة، حيث لم يجعل شيئا من الانتفاع بها مباحا.
- وقالت طائفة : بل أراد أن بيعها حرام ، وإن كان قد ينتفع بها لهذه الوجوه ، لكن المقصود الأعظم من الشحوم هو الأكل ، فلا يباح بيعها لذلك .



· بقية أجزاء الميتة :
فما حكم بطهارته منها ، جاز بيعه ، لجواز الانتفاع به ، وهذا كالشعر والقرن عند من يقول بطهارتهما .
وكذلك الجلد :
- عند من يرى أنه طاهر بغير دباغ ، كما حكي عن الزهري (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12300)، وتبويب البخاري (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12070)يدل عليه ،واستدل بقوله: ((إنما حرم من الميتة أكلها )).
- وأما الجمهور الذين يرون نجاسة الجلد قبل الدباغ ، فأكثرهم منعوا من بيعه حينئذ ، لأنه جزء من الميتة .
- وشذ بعضهم ، فأجاز بيعه كالثوب النجس ، ولكن الثوب طاهر طرأت عليه النجاسة ، وجلد الميتة جزء منها ، وهو نجس العين.
وأما إذا دبغت :
فمن قال بطهارتها بالدبغ ، أجاز بيعها ، ومن لم ير طهارتها بذلك ، لم يجز بيعها.
· وأما الكلب ، فقد ثبت في " الصحيحين " عن أبي مسعود الأنصاري (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=91)أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب .
وقد اختلف العلماء في بيع الكلب ، فأكثرهم حرموه ، وهؤلاء لهم مآخذ :
أحدها : أنه إنما نهي عن بيعها لنجاستها ، وهؤلاء التزموا تحريم بيع كل نجس العين ، وهذا قول الشافعي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790)، وابن جرير (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16935)، ووافقهم جماعة من أصحابنا ، كابن عقيل (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13372)" في نظرياته " وغيره ، والتزموا أن البغل والحمار إنما نجيز بيعهما إذا لم نقل بنجاستهما ، وهذا مخالف للإجماع .
والثاني : أن الكلب لم يبح الانتفاع به واقتناؤه مطلقا كالبغل والحمار ، وإنما أبيح اقتناؤه لحاجات مخصوصة ، وذلك لا يبيح بيعه كما لا يبيح الضرورة إلى الميتة والدم بيعهما ، وهذا مأخذ طائفة من أصحابنا وغيرهم .
والثالث : أنه إنما نهي عن بيعه لخسته ومهانته ، فإنه لا قيمة له إلا عند ذوي الشح والمهانة ، وهو متيسر الوجود ، فنهي عن أخذ ثمنه ترغيبا في المواساة بما يفضل منه عن الحاجة ، وهذا مأخذ الحسن البصري (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14102)وغي ه من السلف ، وكذا قال بعض أصحابنا في النهي عن بيع السنور .


· ورخصت طائفة في بيع ما يباح اقتناؤه من الكلاب ، ككلب الصيد ،وقالوا : إنما نهي عن بيع ما يحرم اقتناؤه منها .
وروى حماد بن سلمة (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15744)، عن أبي الزبير ، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور ، إلا كلب صيد ، خرجه النسائي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15397)،وق ل : هو حديث منكر ، وقال أيضا : ليس بصحيح .
وذكر الدارقطني (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14269)أن الصحيح وقفه على جابر ، وقال أحمد : لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في كلب الصيد .
وأشار البيهقي وغيره إلى أنه اشتبه على بعض الرواة هذا الاستثناء ، فظنه من البيع ، وإنما هو من الاقتناء ، وحماد بن سلمة (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15744)في رواياته عن أبي الزبير ليس بالقوي .
ومن قال : إن هذا الحديث على شرط مسلم - كما ظنه طائفة من المتأخرين - فقد أخطأ ، لأن مسلما لم يخرج لحماد بن سلمة (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15744)، عن أبي الزبير شيئا ، وقد بين في كتاب " التمييز " أن رواياته عن كثير من شيوخه أو أكثرهم غير قوية .


______________________________ ____________________ ______________________________ ____________________ __________

إضافة :
يستصبح : أي يشعلون بها سرجهم.
أجملوه : أذابوه .

أم علي طويلبة علم
2012-03-31, 03:30 PM
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة ))خرجهالبخاري (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12070)ومس م .


· الولادة والنسب قد يؤثران التحريم في النكاح ، وهو على قسمين:
v القسم الأول: تحريم مؤبد على الانفراد ، وهو نوعان:
1) ما يحرم بمجرد النسب، فيحرم على الرجل :
- أصوله وإن علون .
- وفروعه وإن سفلن .
- وفروع أصله الأدنى وإن سفلن : أخواته من الأبوين أو من أحدهما وبناتهن وبنات الإخوة وأولادهم وإن سفلن .
- وفروع أصوله البعيدة دون فروعهن : العمات والخالات وعمات الأبوين وخالاتهما وإن علون .
فلم يبق من الأقارب حلالا للرجل سوى فروع أصوله البعيدة وهن بنات العم وبنات العمات وبنات الخال وبنات الخالات .
2) ما يحرم من النسب مع سبب آخر: وهو المصاهرة ، فيحرم على الرجل :
- حلائل آبائه : يحرم عليه أن يتزوج بامرأة أبيه وإن علا .
- حلائل أبنائه : امرأة ابنه وإن سفل .
- أمهات نسائه : فيحرم على الرجل أم امرأته وأمهاتها من جهة الأم والأب وإن علون .
- بنات نسائه المدخول بهن : يحرم عليه بنات امرأته وهن الربائب وبناتهن وإن سفلن ، وكذلك بنات بني زوجته ...
v القسم الثاني : التحريم المؤبد على الاجتماع دون الانفراد :
o وتحريمه يختص بالرجال لاستحالة إباحة جمع المرأة بين زوجين .
o فكل امرأتين بينهما رحم محرم يحرم الجمع بينهما بحيث لو كانت إحداهما ذكرا لم يجز له التزوج بالأخرى ، فإنه يحرم الجمع بينهما بعقد النكاح .
· المحرمات من الرضاع :
- فإذا علم ما يحرم من النسب ، فكل ما يحرم منه ، فإنه يحرم من الرضاع نظيره،
- فيحرم على الرجل أن يتزوج أمهاته من الرضاعة وإن علون ، وبناته من الرضاعة وإن سفلن ، وأخواته من الرضاعة ، وبنات أخواته من الرضاعة وعماته وخالاته من الرضاعة ، وإن علون دون بناتهن .
- ومعنى هذا أنالمرأة إذا أرضعت طفلا الرضاع المعتبر في المدة المعتبرة ، صارت أما له بنص كتاب الله ، فتحرم عليه هي وأمهاتها ، وإن علون من نسب أو رضاع ، وتصير بناتها كلهن أخوات له من الرضاعة ، فيحرمن عليه بنص القرآن.
- وبقية التحريم من الرضاعة استفيد من السنة ، كما استفيد من السنة أن تحريم الجمع لا يختص بالأختين ، بل المرأة وعمتها ، والمرأة وخالتها كذلك.

- وإذا كان أولاد المرضعة من نسب أو رضاع إخوة للمرتضع ، فيحرم عليه بنات إخوته أيضا ، وقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من تزويج ابنة عمهحمزةوابنة أبي سلمة، وعلل بأن أبويهما كانا أخوين له من الرضاعة .
- ويحرم عليه أيضا أخوات المرضعة ، لأنهن خالاته.
- وينتشر التحريم أيضا إلى الفحل صاحب اللبن الذي ارتضع منه الطفل ، فيصير صاحب اللبن أبا للطفل ، وتصير أولاده كلهم من المرضعة أو من غيرها من نسب أو رضاع إخوة للمرتضع ويصير إخوته أعماما للطفل المرتضع ،وهذا قول الجمهورمن السلف ، وأجمع عليه الأئمة الأربعة ومن بعدهم.
وقد دل على ذلك من السنةماروتعائشة أنأفلح أخا أبي القعيساستأذن عليها بعد ما أنزل الحجاب ، قالتعائشة: فقلت : والله لا آذن له حتى أستأذن رسول صلى الله عليه وسلم ، فإنأبا القعيسليس هو أرضعني ، ولكن أرضعتني امرأته ، قالت : فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذكرت ذلك له، فقال : ائذني له ، فإنه عمك تربت يمينك ، وكانأبو القعيسزوج المرأة التي أرضعتعائشة رضي الله عنها.
- وينتشر التحريم بالرضاع إلى ما حرم بالنسب مع الصهر:
أما من جهة نسب الرجل ، كامرأة أبيه وابنه ، أو من جهة نسب الزوجة ، كأمها وابنتها ، وإلى ما حرم جمعه لأجل نسب المرأة أيضا ، كالجمع بين الأختين والمرأة وعمتها أو خالتها.
فيحرم ذلك كله من الرضاع كما يحرم من النسب ، لدخوله في قوله صلى الله عليه وسلم) : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) .
-وأما قوله عز وجل:{وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?ID=&start=0&idfrom=240&idto=242&bookid=81&Hashiya=2#docu)}، فقالوا : لم يرد بذلك أنه لا يحرم حلائل الأبناء من الرضاع ، إنما أراد إخراج حلائل الذين تبنوا ، ولم يكونوا أبناء من النسب كما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زوجة زيد بن حارثة (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=138)بعد أن كان قد تبناه .
-وهذا التحريم بالرضاع يختص بالمرتضع نفسه ، وينتشر إلى أولاده ، ولا ينتشر تحريمه إلى من في درجة المرتضع من إخوته وأخواته ولا إلى من هو أعلى منه من آبائه وأمهاته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته.
- فتباح المرضعة نفسها لأبي المرتضع من النسب ولأخيه ، وتباح أم المرتضع وأخته منه لأبي المرتضع من الرضاع ولأخيه . هذا قول جمهور العلماء ، وقالوا : يباح أن يتزوج أخت أخته من الرضاعة ، وأخت ابنته من الرضاعة .





______________________________ ____________________ ______________________________ ____________________ ___

إضافة : الرضاع المعتبر في المدة المعتبرة : أي خمس رضعات في السنتين الأوليين

أم علي طويلبة علم
2012-03-31, 03:34 PM
عن النواس بن سمعان الأنصاري قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم ، فقال : البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس رواه مسلم .

وعن وابصة بن معبد قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : جئت تسأل عن البر والإثم ؟ قلت : نعم ، قال : استفت قلبك ، البر ما اطمأنت إليه النفس ، واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس ، وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك .


· هذه الأحاديث مشتملة على تفسير البر والإثم :
- فحديث النواس بن سمعان فسر النبي صلى الله عليه وسلم فيه البر بحسن الخلق.
- وفسره في حديث وابصة وغيره بما اطمأن إليه القلب والنفس ، كما فسرالحلال بذلك في حديث أبي ثعلبة.
· وإنما اختلف تفسيره للبر ، لأن البر يطلق باعتبارين معينين :
1. باعتبار معاملة الخلق بالإحسان إليهم ، وربما خص بالإحسان إلى الوالدين ، فيقال : بر الوالدين ، ويطلق كثيرا على الإحسان إلى الخلق عموما.
وإذا قرن البر بالتقوى ، كما في قوله عز وجل : {وتعاونوا على البر والتقوى (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=135&idto=136&bk_no=81&ID=29#docu)} فقد يكون المراد بالبر: معاملة الخلق بالإحسان ، وبالتقوى : معاملة الحق بفعل طاعته ، واجتناب محرماته ، وقد يكون أريد بالبر فعل الواجبات ، وبالتقوى : اجتناب المحرمات.
2. من معنى البر : أن يراد به فعل جميع الطاعات الظاهرة والباطنة ، كقوله تعالى: {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=135&idto=136&bk_no=81&ID=29#docu)}
فالبر بهذا المعنى يدخل فيه جميع الطاعات الباطنة كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ، والطاعات الظاهرة كإنفاق الأموال فيما يحبه الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ..
· وقد يكون جواب النبي صلى الله عليه وسلم في حديث النواس شاملا لهذه الخصال كلها ، لأن حسن الخلق قد يراد به التخلق بأخلاق الشريعة ، والتأدب بآداب الله التي أدب بها عباده في كتابه ، كما قال تعالى لرسوله:{وإنك لعلى خلق عظيم} (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=135&idto=136&bk_no=81&ID=29#docu)وقالت عائشة - رضي الله عنها -: (كان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن).
· وأما في حديث وابصة فقال : (البر ما اطمأن إليه القلب ، واطمأنت إليه النفسوفي رواية : ما انشرح إليه الصدر، وفسرالحلال بنحو ذلك في حديث أبي ثعلبة وغيره ، وهذا يدل على أن الله فطر عباده على معرفة الحق ، والسكون إليه وقبوله ، وركز في الطباع محبة ذلك ، والنفور عن ضده .
وقد يدخل هذا في قوله في حديث عياض بن حمار: ( إني خلقت عبادي حنفاء مسلمين ، فأتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، فحرمت عليهم ما أحللت لهم ، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا ) .




وقوله : ( كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء ؟ ) قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم:
{ فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله } (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=135&idto=136&bk_no=81&ID=29#docu)
· ولهذا سمى الله ما أمر به معروفا ، وما نهى عنه منكرا ، فقال:{ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=135&idto=136&bk_no=81&ID=29#docu) }، وقال في صفة الرسول صلى الله عليه وسلم :{ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث}. (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=135&idto=136&bk_no=81&ID=29#docu)وأخبر أن قلوب المؤمنين تطمئن بذكره ، فالقلب الذي دخله نور الإيمان ، وانشرح به وانفسح، يسكن للحق ، ويطمئن به ويقبله ، وينفر عن الباطل ويكرهه ولا يقبله.
· فهذا يدل على أن الحق والباطل لا يلتبس أمرهما على المؤمن البصير ، بل يعرف الحق بالنور عليه ، فيقبله قلبه ، وينفر عن الباطل ، فينكره ولا يعرفه.
· فدل حديث وابصة وما في معناه على الرجوع إلى القلوب عند الاشتباه، فما إليه سكن القلب ، وانشرح إليه الصدر ، فهو البر والحلال ، وما كان خلاف ذلك ، فهو الإثم والحرام .
· وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا يأمر أصحابه بما لا تنشرح به صدور بعضهم ، فيمتنعون من فعله ، فيغضب من ذلك ، كما أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة ، فكرهه من كرهه منهم ، وكما أمرهم بنحر هديهم ، والتحلل من عمرة الحديبية ، فكرهوه ، وكرهوا مقاضاته لقريش على أن يرجع من عامه ، وعلى أن من أتاه منهم يرده إليهم .


· وفي الجملة ، فما ورد النص به ، فليس للمؤمن إلا طاعة الله ورسوله ، كما قال تعالى : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=135&idto=136&bk_no=81&ID=29#docu)}.
وينبغي أن يتلقى ذلك بانشراح الصدر والرضا ، فإن ما شرعه الله ورسوله يجب الإيمان والرضا به ، والتسليم له ، كما قال تعالى:{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=135&idto=136&bk_no=81&ID=29#docu)}.
· وأما ما ليس فيه نص من الله ورسوله ولا عمن يقتدى بقوله من الصحابة وسلف الأمة ، فإذا وقع في نفس المؤمن المطمئن قلبه بالإيمان ، المنشرح صدره بنور المعرفة واليقين منه شيء ، وحك في صدره لشبهة موجودة ، ولم يجد من يفتي فيه بالرخصة إلا من يخبر عن رأيه وهو ممن لا يوثق بعلمه وبدينه ، بل هو معروف باتباع الهوى ، فهنا يرجع المؤمن إلى ما حك في صدره ، وإن أفتاه هؤلاء المفتون . وقد نص الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) على مثل هذا.

أم علي طويلبة علم
2012-04-03, 12:11 PM
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ، وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : يا رسول الله ، كأنها موعظة مودع ، فأوصنا ، قال : (( أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن تأمر عليكم عبد ، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ))



• فقول العرباض : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ، وفي رواية أحمد وأبي داود والترمذي " بليغة " ، وفي روايتهم أن ذلك بعد صلاة الصبح ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يعظ أصحابه في غير الخطب الراتبة ، كخطب الجمع والأعياد ، وقد أمره الله تعالى بذلك ، فقال: { وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا }.
• ولكنه كان لا يديم وعظهم ، بل يتخولهم به أحيانا ، كما في الصحيحين كان عبد الله بن مسعود يذكرنا كل يوم خميس ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، إنا نحب حديثك ونشتهيه ، ولوددنا أنك حدثتنا كل يوم ، فقال : ما يمنعني أن أحدثكم إلا كراهة أن أملكم ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة كراهة السآمة علينا .
• وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال : (( كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته قصدا ، وخطبته قصدا )).
• وقوله ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب هذان الوصفان بهما مدح الله المؤمنين عند سماع الذكر كما قال تعالى ‏: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا‏ } وقال تعالى ‏: { وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَق }.
• وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتغير حاله عند الموعظة كما قال جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب وذكر الساعة اشتد غضبه وعلا صوته واحمرت عيناه كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم خرجه مسلم بمعناه‏.‏
• وقوله " فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودعة فأوصنا " يدل على أنه كان صلى الله عليه وسلم قد أبلغ في تلك الموعظة ما لم يبلغ في غيرها فلذلك فهموا أنها موعظة مودع فإن المودع يستقصي ما لم يستقص غيره في القول والفعل ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي صلاة مودع لأنه من استشعر أنه مودع بصلاته أتقنها على أكمل وجوهها وربما كان قد وقع منه صلى الله عليه وسلم تعريض في تلك الخطبة بالتوديع كما عرض بذلك في خطبته في حجة الوداع وقال لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا وطفق يودع الناس فقالوا هذه حجة الوداع .

• وقولهم : "أوصنا" يعنون وصية جامعة كافية فإنهم لما فهموا أنه مودع استوصوه وصية ينفعهم بها التمسك بعده ويكون فيها كفاية لمن تمسك بها وسعادة له في الدنيا والآخرة.
• وقوله صلى الله عليه وسلم :"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة" فهاتان الكلمتان يجمعان سعادة الدنيا والآخرة :
- أما التقوى، فهي كافلة سعادة الدنيا والآخرة لمن تمسك بها وهي وصية الله للأولين والآخرين كما قال تعالى ‏:{ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّه}.
- وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ، ففيها سعادة الدنيا وبها تنتظم مصالح العباد في معاشهم وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم.
• وقال الحسن في الأمراء : هم يلون من أمورنا خمسا الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود والله ما يستقيم الدين إلا بهم وإن جاروا أو ظلموا والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون مع أن والله إن طاعتهم لغيظ وإن فرقتهم لكفر‏.‏
• وقوله صلى الله عليه وسلم :: ((ولو تأمر عليكم عبد )) وفي رواية "حبشي" هذا مما تكاثرت به الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مما اطلع عليه النبي صلى الله عليه وسلم من أمر أمته بعده وولاية العبيد عليهم وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كان رأسه زبيبة)) ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدًا ... وقد قيل إن العبد الحبشي إنما ذكره على وجه ضرب المثل وإن لم يصح وقوعه.
• وقوله صلى الله عليه وسلم فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ هذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بما وقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه وفي الأعمال والأقوال والاعتقادات .. ولذلك في هذا الحديث أمر عند الافتراق والاختلاف بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده ، والسنة هي الطريق المسلوك فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال وهذه هي السنة الكاملة ولهذا كان السلف قديما لا يطلقون اسم السنة إلا على ما يشمل ذلك كله ، وفي ذكر هذا الكلام بعد الأمر بالسمع والطاعة لأولي الأمر إشارة إلى أنه لا طاعة لأولي الأمر في غير طاعة الله كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إنما الطاعة في المعروف‏)).‏

• وفي أمره صلى الله عليه وسلم باتباع سنته ، وسنة خلفائه الراشدين بعد أمره بالسمع والطاعة لولاة الأمور عموما دليل على أن سنة الخلفاء الراشدين متبعة ، كاتباع سنته ، بخلاف غيرهم من ولاة الأمور . والخلفاء الراشدون الذين أمر بالاقتداء بهم هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، فإن في حديث سفينة عن النبي صلى الله عليه وسلم : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم تكون ملكا ،
ونص كثير من الأئمة على أن عمر بن عبد العزيز خليفة راشد أيضا ، ويدل عليه حديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : (( تكون فيكم النبوة ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكا عاضا ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكا جبرية ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت )).
• وقد اختلف العلماء في إجماع الخلفاء الأربعة : هل هو إجماع ، أو حجة ، مع مخالفة غيرهم من الصحابة أم لا ؟ وفيه روايتان عن الإمام أحمد .
ولو قال بعض الخلفاء الأربعة قولا ، ولم يخالفه منهم أحد ، بل خالفه غيره من الصحابة ، فهل يقدم قوله على قول غيره ؟ فيه قولان أيضا للعلماء. فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أنه قال : ((إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه))، وكان عمر بن عبد العزيز يتبع أحكامه ، ويستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه . وكان علي يتبع أحكامه وقضاياه ، ويقول : إن عمر كان رشيد الأمر .
• وإنما وصف الخلفاء بالراشدين ، لأنهم عرفوا الحق ، وقضوا به ، فالراشد ضد الغاوي ، والغاوي من عرف الحق وعمل بخلافه .
وفي رواية : " المهديين " يعني : أن الله يهديهم للحق ، ولا يضلهم عنه ، فالأقسام ثلاثة : راشد وغاو وضال ، فالراشد عرف الحق واتبعه ، والغاوي : عرفه ولم يتبعه ، والضال : لم يعرفه بالكلية ، فكل راشد فهو مهتد ، وكل مهتد هداية تامة فهو راشد ، لأن الهداية إنما تتم بمعرفة الحق والعمل به أيضا .

• وقوله : عضوا عليها بالنواجذ كناية عن شدة التمسك بها ، والنواجذ : الأضراس .
وقوله : ((وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة)) تحذير للأمة من اتباع الأمور المحدثة المبتدعة ، وأكد ذلك بقوله : (( كل بدعة ضلالة)) والمراد بالبدعة : ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه ، فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه ، فليس ببدعة شرعا ، وإن كان بدعة لغة .
• فقوله صلى الله عليه وسلم : كل بدعة ضلالة من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء ، وهو أصل عظيم من أصول الدين ، وهو شبيه بقوله : من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد ، فكل من أحدث شيئا ، ونسبه إلى الدين ، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه ، فهو ضلالة ، والدين بريء منه ، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات ، أو الأعمال ، أو الأقوال الظاهرة والباطنة .
• وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع ، فإنما ذلك في البدع اللغوية ، لا الشرعية ، فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد ، وخرج ورآهم يصلون كذلك فقال : نعمت البدعة هذه . وروي عن أبي بن كعب ، قال له : إن هذا لم يكن ، فقال عمر : قد علمت ، ولكنه حسن ، ومراده أن هذا الفعل لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت ، ولكن له أصول من الشريعة يرجع إليها ، فمنها :
1) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحث على قيام رمضان ، ويرغب فيه ، وكان الناس في زمنه يقومون في المسجد جماعات متفرقة ووحدانا ، وهو صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في رمضان غير ليلة ، ثم امتنع من ذلك معللا بأنه خشي أن يكتب عليهم ، فيعجزوا عن القيام به ، وهذا قد أمن بعده صلى الله عليه وسلم .
2) ومنها أنه صلى الله عليه وسلم أمر باتباع سنة خلفائه الراشدين ، وهذا قد صار من سنة خلفائه الراشدين ، فإن الناس اجتمعوا عليه في زمن عمر وعثمان وعلي .
3) ومن ذلك : أذان الجمعة الأول ، زاده عثمان لحاجة الناس إليه ، وأقره علي ، واستمر عمل المسلمين عليه .


4) ومن ذلك جمع المصحف في كتاب واحد ، توقف فيه زيد بن ثابت وقال لأبي بكر وعمر : كيف تفعلان ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ثم علم أنه مصلحة ، فوافق على جمعه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بكتابة الوحي ، ولا فرق بين أن يكتب مفرقا أو مجموعا ، بل جمعه صار أصلح .
5) وكذلك جمع عثمان الأمة على مصحف واحد وإعدامه لما خالفه خشية تفرق الأمة ، وقد استحسنه علي وأكثر الصحابة ، وكان ذلك عين المصلحة .
• وفي هذه الأزمان التي بعد العهد فيها بعلوم السلف يتعين ضبط ما نقل عنهم من ذلك كله ، ليتميز به ما كان من العلم موجودا في زمانهم ، وما حدث من ذلك بعدهم ، فيعلم بذلك السنة من البدعة . وقد صح عن ابن مسعود أنه قال : إنكم قد أصبحتم اليوم على الفطرة ، وإنكم ستحدثون ويحدث لكم ، فإذا رأيتم محدثة ، فعليكم بالهدي الأول . وابن مسعود قال هذا في زمن الخلفاء الراشدين .

• عن مالك قال : لم يكن شيء من هذه الأهواء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان . وكأن مالكا يشير بالأهواء إلى ما حدث من التفرق في أصول الديانات من أمر الخوارج والروافض والمرجئة ونحوهم ممن تكلم في تكفير المسلمين ، واستباحة دمائهم وأموالهم .. وأصعب من ذلك ما أحدث من الكلام في أفعال الله تعالى من قضائه وقدره ، فكذب بذلك من كذب ، وزعم أنه نزه الله بذلك عن الظلم .
وأصعب من ذلك ما أحدث من الكلام في ذات الله وصفاته ، مما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان .
ومما أحدث في الأمة بعد عصر الصحابة والتابعين الكلام في الحلال والحرام بمجرد الرأي ، ورد كثير مما وردت به السنة في ذلك لمخالفته للرأي والأقيسة العقلية .

ومما حدث بعد ذلك الكلام في الحقيقة بالذوق والكشف ، وزعم أن الحقيقة تنافي الشريعة ، وأن المعرفة وحدها تكفي مع المحبة ، وأنه لا حاجة إلى الأعمال ، وأنها حجاب ، أو أن الشريعة إنما يحتاج إليها العوام .




______________________________ ____________________ ______________________________ ____________________ ______
إضافة :
يتخولهم : يتعاهدهم .
القصد : الاعتدال .
الزبيب : ذاوي العنب .

أم علي طويلبة علم
2012-04-04, 11:49 AM
أعتذر عن خطأ في الترتيب ،هنا إعادة ترتيب درس حديث العرباض رضي الله عنه :



• وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع ، فإنما ذلك في البدع اللغوية ، لا الشرعية ، فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد ، وخرج ورآهم يصلون كذلك فقال : نعمت البدعة هذه . وروي عن أبي بن كعب ، قال له : إن هذا لم يكن ، فقال عمر : قد علمت ، ولكنه حسن ، ومراده أن هذا الفعل لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت ، ولكن له أصول من الشريعة يرجع إليها ، فمنها :
1) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحث على قيام رمضان ، ويرغب فيه ، وكان الناس في زمنه يقومون في المسجد جماعات متفرقة ووحدانا ، وهو صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في رمضان غير ليلة ، ثم امتنع من ذلك معللا بأنه خشي أن يكتب عليهم ، فيعجزوا عن القيام به ، وهذا قد أمن بعده صلى الله عليه وسلم .
2) ومنها أنه صلى الله عليه وسلم أمر باتباع سنة خلفائه الراشدين ، وهذا قد صار من سنة خلفائه الراشدين ، فإن الناس اجتمعوا عليه في زمن عمر وعثمان وعلي :

- ومن ذلك : أذان الجمعة الأول ، زاده عثمان لحاجة الناس إليه ، وأقره علي ، واستمر عمل المسلمين عليه .


- ومن ذلك جمع المصحف في كتاب واحد ، توقف فيه زيد بن ثابت وقال لأبي بكر وعمر : كيف تفعلان ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ثم علم أنه مصلحة ، فوافق على جمعه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بكتابة الوحي ، ولا فرق بين أن يكتب مفرقا أو مجموعا ، بل جمعه صار أصلح .

- وكذلك جمع عثمان الأمة على مصحف واحد وإعدامه لما خالفه خشية تفرق الأمة ، وقد استحسنه علي وأكثر الصحابة ، وكان ذلك عين المصلحة .

أم علي طويلبة علم
2012-04-04, 11:58 PM
عن أبي بردة، عن أبيه ،عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن ، فسأله عن أشربة تصنع بها ، فقال : وما هي ؟ قال : البتع والمزر، فقيل لأبي بردة : وما البتع ؟ قال : نبيذ العسل ، والمزر نبيذ الشعير ، فقال : كل مسكر حرام .

· فهذا الحديث أصل فيتحريم تناول جميع المسكرات، المغطية للعقل ، وقد ذكر الله في كتابه العلة المقتضية لتحريم المسكرات.
· وكان أول ما حرمت الخمر عند حضور وقت الصلاة لما صلى بعض المهاجرين وقرأ في صلاته ، فخلط في قراءته ، فنزل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=249&idto=252&bk_no=81&ID=48#docu)}، وكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلمينادي لا يقرب الصلاة سكران .
· ثم إن الله حرمها على الإطلاق بقوله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=249&idto=252&bk_no=81&ID=48#docu) إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=249&idto=252&bk_no=81&ID=48#docu)} فذكر سبحانه علة تحريم الخمر والميسر وهو القمار ، وهو أن الشيطان يوقع بينهم العداوة والبغضاء ، فإن من سكر اختل عقله ، فربما تسلط على أذى الناس في أنفسهم وأموالهم ،وربما بلغ إلى القتل ، وهي أم الخبائث ، فمن شربها قتل النفس وزنا ، وربما كفر .
ومن قامر فربما قهر ، وأخذ ماله قهرا ، فلم يبق له شيء ، فيشتد حقده على من أخذ ماله . وكل ما أدى إلى إيقاع العداوة والبغضاء كان حراما ، وأخبر سبحانه أن الشيطان يصد بالخمروالميسر عن ذكر الله وعن الصلاة ، فإن السكران يزول عقله أو يختل ، فلا يستطيع أن يذكر الله ، ولا أن يصلي ، ولهذا قال طائفة من السلف : إن شارب الخمر تمر عليه ساعة لا يعرف فيها ربه ، والله سبحانه إنما خلق الخلق ليعرفوه ، ويذكروه ، ويعبدوه ، ويطيعوه ، فما أدى إلى الامتناع من ذلك ، وحال بين العبد وبين معرفة ربه وذكره ومناجاته ، كان محرما ، وهو السكر .
· وهذا بخلاف النوم ، فإن الله تعالى جبل العباد عليه ، واضطرهم إليه ، ولا قوام لأبدانهم إلا به ، إذ هو راحة لهم من السعي والنصب ، فهو من أعظم نعم الله على عباده ، فإذا نام المؤمن بقدر الحاجة ، ثم استيقظ إلى ذكر الله ومناجاته ودعائه ، كان نومه عونا له على الصلاة والذكر ، ولهذا قال من قال من الصحابة : إني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي .
· والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( كل مسكر حرام ، وكل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام ))وقد تواترت الأحاديث بذلك.. وإلى هذا القول ذهب جمهور علماء المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار ، وهو مما اجتمع على القول به أهل المدينة كلهم .
وخالف فيه طوائف من علماءأهل الكوفة، وقالوا : إن الخمر إنما هي خمر العنب خاصة ، وما عداها ، فإنما يحرم منه القدر الذي يسكر ، ولا يحرم ما دونه.

· ومما يدل على أن كل مسكر خمر أن تحريم الخمر إنما نزل في المدينة بسبب سؤال أهل المدينة عما عندهم من الأشربة ، ولم يكن بها خمر العنب ، فلو لم تكن آية تحريم الخمر شاملة لما عندهم ، لما كان فيها بيان لما سألوا عنه ، ولكان محل السبب خارجا من عموم الكلام ، وهو ممتنع ، ولما نزل تحريم الخمر أراقوا ما عندهم من الأشربة ، فدل على أنهم فهموا أنه من الخمر المأمور باجتنابه .عن ابن عمر (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12)، قال : نزل تحريم الخمر وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة ما منها شراب العنب.
· قال – أنس بن مالك رضي الله عنه - : المسكر قليله وكثيره حرام وقال : الخمر من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والذرة ، فما خمرت من ذلك فهو الخمر.
· وجاء التصريح بالنهي عن قليل ما أسكر كثيره ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ((ما أسكر كثيره فقليله حرام )).
· واعلم أن المسكر المزيل للعقل نوعان :
o أحدهما : ما كان فيه لذة وطرب ، فهذا هو الخمر المحرم شربه :
فقال صلى الله عليه وسلم : (( من سائل عن المسكر ؟ فلا تشربه ، ولا تسقه أخاك المسلم ، فوالذي نفسي بيده - أو بالذي يحلف به - لا يشربه رجل ابتغاء لذة سكره ، فيسقيه الله الخمر يوم القيامة )) .
قال طائفة من العلماء : وسواء كان هذا المسكر جامدا أو مائعا ، وسواء كان مطعوما أو مشروبا ، وسواء كان من حب أو ثمر أو لبن ، أو غير ذلك ، وأدخلوا في ذلك الحشيشة التي تعمل من ورق القنب ، وغيرها مما يؤكل لأجل لذته وسكره ، عن أم سلمة (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=54)، قالت : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر.
والمفتر : هو المخدر للجسد ، وإن لم ينته إلى حد الإسكار .
o والثاني : ما يزيل العقل ويسكر ، لا لذة فيه ولا طرب :
كالبنج ونحوه، فقال أصحابنا : إن تناوله لحاجة التداوي به ، وكان الغالب منه السلامة جاز ، وروي عنه – عروة بن الزبير - أنه قال : لا أشرب شيئا يحول بيني وبين ذكر ربي عز وجل .
· وأما الحد ، فإنما يجب بتناول ما فيه شدة وطرب من المسكرات؛ لأنه هو الذي تدعو النفوس إليه ، فجعل الحد زاجرا عنه .
· فأما ما فيه سكر بغير طرب ولا لذة ، فليس فيه سوى التعزير، لأنه ليس في النفوس داع إليه حتى يحتاج إلى حد مقدر زاجر عنه ، فهو كأكل الميتة ولحم الخنزير ، وشرب الدم .
· وأكثر العلماء الذين يرون تحريم قليل ما أسكر كثيره يرون حد من شرب ما يسكر كثيره، وإن اعتقد حله متأولا ، وهو قول الشافعي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790)وأح د، خلافا لأبي ثور (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11956)، فإنه قال : لا يحد لتأوله ، فهو كالناكح بلا ولي .

أم علي طويلبة علم
2012-04-05, 08:58 AM
عن المقدام بن معدي كرب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه))



• هذا الحديث أصل جامع لأصول الطب كلها . وقال الحارث بن كلدة طبيب العرب : الحمية رأس الدواء ، والبطنة رأس الداء ، فهذا بعض منافع تقليل الغذاء ، وترك التملي من الطعام بالنسبة إلى صلاح البدن وصحته.
• وأما منافعه بالنسبة إلى القلب وصلاحه ، فإن قلة الغذاء توجب رقة القلب ، وقوة الفهم ، وانكسار النفس ، وضعف الهوى والغضب ، وكثرة الغذاء توجب ضد ذلك . قال الحسن : يابن آدم كل في ثلث بطنك ، واشرب في ثلثه ، ودع ثلث بطنك يتنفس لتتفكر . عن محمد بن واسع ، قال : من قل طعمه فهم وأفهم ، وصفا ، ورق ، وإن كثرة الطعام ليثقل صاحبه عن كثير مما يريد . وعن عمرو بن قيس ، قال : إياكم والبطنة فإنها تقسي القلب .
• وقد ندب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى التقلل من الأكل في حديث المقدام ، وقال : (( حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه .(( وفي " الصحيحين " عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (( المؤمن يأكل في معى واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء)) والمراد أن المؤمن يأكل بأدب الشرع ، فيأكل في معى واحد والكافر يأكل بمقتضى الشهوة والشره والنهم ، فيأكل في سبعة أمعاء . وندب - صلى الله عليه وسلم - مع التقلل من الأكل والاكتفاء ببعض الطعام إلى الإيثار بالباقي منه ، فقال : ((طعام الواحد يكفي الاثنين ، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة ، وطعام الثلاثة يكفي الأربعة )).
• قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يجوعون كثيرا ، ويتقللون من أكل الشهوات ، وإن كان ذلك لعدم وجود الطعام ، إلا أن الله لا يختار لرسوله إلا أكمل الأحوال وأفضلها . ففي " الصحيحين " عن عائشة ، قالت : (( ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - منذ قدم المدينة من خبز بر ثلاث ليال تباعا حتى قبض )). عن عمر أنه خطب ، فذكر ما أصاب الناس من الدنيا ، فقال : لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يظل اليوم يلتوي ما يجد دقلا يملأ به بطنه .
• وقد ذم الله ورسوله من اتبع الشهوات ، قال تعالى: { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب} . وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (( خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون ، وينذرون ولا يوفون ، ويظهر فيهم السمن .(( عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (( إن أخوف ما أخاف عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ، ومضلات الهوى)).

أم علي طويلبة علم
2013-02-28, 12:55 AM
لا إله إلا الله

أم علي طويلبة علم
2013-03-04, 11:25 PM
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو يعطى الناس بدعواهم ، لادعى رجال أموال قوم ودماءهم لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر .


- قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه .
- قال : ومعنى قوله : البينة على المدعي يعني : يستحق بها ما ادعى ، لأنها واجبة يؤخذ بها .
- ومعنى قوله : اليمين على المدعى عليه أي : يبرأ بها ، لأنها واجبة عليه ، يؤخذ بها على كل حال .

- وقد اختلف الفقهاء من أصحابنا والشافعية في تفسير المدعي والمدعى عليه .

فمنهم من قال : المدعي : هو الذي يُخلًى وسكوتَهُ من الخصمين ، والمدعى عليه : من لا يخلى وسكوته منهما .

ومنهم من قال : المدعي من يطلب أمرا خفيا على خلاف الأصل أو الظاهر ، والمدعى عليه بخلافه .

- وأما الأمين إذا ادعى التلفَ ، كالمودَعِ إذا ادعى تلف الوديعة ، فقد قيل : إنه مدع ، لأن الأصل يخالف ما ادعاه ، وإنما لم يحتج إلى بينة ، لأن المودع ائتمنه ، والائتمان يقتضي قبول قوله .

وقيل : إن المدعي الذي يحتاج إلى بينة هو المدعي ، ليعطى بدعواه مال قوم أو دماءهم ، كما ذكر ذلك في الحديث ، فأما الأمين ، فلا يدعي ليعطى شيئا .


وقيل : بل هو مدعى عليه ، لأنه إذا سكتَ ، لم يُترك ، بل لا بد له من رد الجواب ، والمودع مدع ، لأنه إذا سكت ترك ؛ ولو ادعى الأمين رد الأمانة إلى من ائتمنه ، فالأكثرون على أن قوله مقبول أيضا كدعوى التلف .

وقال الأوزاعي : لا يقبل قوله لأنه مدع .
وقال مالك وأحمد في رواية : إن ثبت قبضه للأمانة ببينة ، لم يقبل قوله في الرد بدون البينة .

- وقوله في تمام الحديث : ليس لك إلا ذلك : لم يرد به النفي العام ، بل النفي الخاص ، وهو الذي أراده المدعي ، وهو أن يكون القول قوله بغير بينة ، فمنعه من ذلك ، وأبى ذلك عليه .
- وكذلك قوله في الحديث الآخر : ولكن اليمين على المدعى عليه إنما أريد بها اليمين المجردة عن الشهادة ، وأول الحديث يدل على ذلك ، وهو قوله : ( لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء رجال وأموالهم ).
- فدل على أن قوله : اليمين على المدعى عليه إنما هي اليمين القاطعة للمنازعة مع عدم البينة .
- وقوله : ( لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ) ، يدل على أن مدعي الدم والمال لا بد له من بينة تدل على ما ادعاه .
- وقوله : واليمين على المُدَعَى عليه يدل على أن كل من ادُعِىَ عليهدعوى ، فأنكر فإن عليه اليمين ، وهذا قول أكثر الفقهاء.
- وقال مالك : إنما تجب اليمين على المنكر إذا كان بين المُتداعِيَين نوع مخالطة ، خوفا من أن يتبذل السفهاء على الرؤساء بطلب أيمانهم.


- وكان بعض المتقدمين يحلف الشهود إذا استرابهم أيضا . ومنهم سوار العنبري قاضي البصرة ، وجوز ذلك القاضي أبو يعلى من أصحابنا لوالي المظالم دون القضاة.
وقد دل القرآن على استحلاف الشهود عند الارتياب بشهادتهم في الوصية في السفر في قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم } إلى قوله : { فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله } وهذه الآية لم ينسخ العمل بها عند جمهور السلف . قالوا : تقبل شهادة الكفار في وصية المسلمين في السفر ، ويُستحلفان مع شهادتهما .
وقد قال ابن عباس في المرأة الشاهدة على الرضاع : إنها تُستحلف وأخذ به الإمام أحمد .

- وقوله : ( البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر ) إنما أريد به إذا ادعى على رجل ما يدعيه لنفسه ، وينكر أنه لمن ادعاه عليه ، ولهذا قال في أول الحديث : (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم ) .
- فأما من ادعى ما ليس له مدع لنفسه منكر لدعواه ، فهذا أسهل من الأول ، ولا بد للمدعي هنا من بينة ، ولكن يكتفى من البينة هنا بما لا يكتفى بها في الدعوى على المدعي لنفسه المنكر .

ويشهد لذلك مسائل : منها :
أ*) اللقطة إذا جاء من وصفها ، فإنها تدفع إليه بغير بينة بالاتفاق ، لكن منهم من يقول : يجوز الدفع إذا غلب على الظن صدقه ، ولا يجب ، كقول الشافعي وأبي حنيفة ، ومنهم من يقول : يجب دفعها بذكر الوصف المطابق ، كقول مالك وأحمد .

ب) ومنها الغنيمة إذا جاء من يدعي منها شيئا ، وأنه كان له ، واستولى عليه الكفار ، وأقام على ذلك ما يبين أنه له اكتفي به .
وروى الخلال بإسناده عن الركين بن الربيع ، عن أبيه قال : حسر لأخي فرس بعين التمر ، فرآه في مربط سعد ، فقال : فرسي فقال سعد :ألك بينة ؟ قال : لا ، ولكن أدعوه ، فيحمحم ، فدعاه فحمحم ، فأعطاه إياه ، وهذا يحتمل أنه كان لحق بالعدو ، ثم ظهر عليه المسلمون ، ويحتمل أنه عرف أنه ضال ، فوضع بين الدواب الضالة ، فيكون كاللقطة .

أم علي طويلبة علم
2016-03-21, 09:59 PM
للرفع

أم علي طويلبة علم
2016-03-21, 10:07 PM
عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الله إليه الملك ، فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ، فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها .
رواه البخاري ومسلم .

ما هو أرجح الأقوال في الجمع بين حديث ابن مسعود رضي الله عنه وبين حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه في أن الكتابة أول الأربعين الثانية؟

أم علي طويلبة علم
2016-03-21, 10:39 PM
ذكر ابن رجب رحمه الله عدة أقوال ولكن لم يظهر لي الراجح منها

أبو البراء محمد علاوة
2016-03-21, 11:06 PM
ذكر ابن رجب رحمه الله عدة أقوال ولكن لم يظهر لي الراجح منها

استحسن ابن رجب قولين:
الأول: أن الكتابة تختلف باختلاف الأجنة، حيث قال: (ولعل ذلك يختلف باختلاف الأجنة، فبعضهم يكتب له ذلك بعد الأربعين الأولى، وبعضهم بعد الأربعين الثانية).
والثاني: أنه في الأربعين الثانية، حيث قال: (وقد يقال إن لفظة: (ثم)، في حديث ابن مسعود إنما أريد به ترتيب الإخبار لا ترتيب المخبر به في نفسه، والله أعلم).

أبو البراء محمد علاوة
2016-03-21, 11:08 PM
تنبيه:
ذكر لفظة: (نطفة)، خطأ، وليست موجودة في أصل الحديث في الصحيحين، وإنما درج عليها كل من حقق كتاب جامع العلوم والحكم.

أبو مالك المديني
2016-03-21, 11:37 PM
• وقال الحسن في الأمراء : هم يلون من أمورنا خمسا الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود والله ما يستقيم الدين إلا بهموإن جاروا أو ظلموا والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون مع أن والله إن طاعتهم لغيظ وإن فرقتهم لكفر‏.‏

لقد ضيع الجهاد وضيعت الحدود ، إلا ما رحم ربك ، والله المستعان.

أم علي طويلبة علم
2016-03-22, 10:34 PM
بارك الله في علمكم

أم علي طويلبة علم
2016-03-22, 10:43 PM
عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الله إليه الملك ، فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ، فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها .
رواه البخاري ومسلم .


-هذا الحديث متفق على صحته ، وتلقته الأمة بالقبول.

- قوله (ثم يكون علقة مثل ذلك) يعني أربعين يوما، والعلقة قطعة من دم.
(ثم يكون مضغة مثل ذلك ) يعني : أربعين يوما . والمضغة : قطعة من لحم.
ثم يرسل الله إليه الملك ، فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.

- فهذا الحديث يدل على أنه يتقلب في مائة وعشرين يوما ، في ثلاثة أطوار ، في كل أربعين يوما منها يكون في طور ، فيكون في الأربعين الأولى نطفة ، ثم في الأربعين الثانية علقة ، ثم في الأربعين الثالثة ، مضغة ثم بعد المائة وعشرين يوما ينفخ الملك فيه الروح ، ويكتب له هذه الأربع الكلمات .
فقال في سورة المؤمنون: { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا أخر فتبارك الله أحسن الخالقين}
فهذه سبع تارات ذكرها الله في هذه الآية لخلق ابن آدم قبل نفخ الروح فيه .

- وقد ورد في حديث حذيفة بن أسيد ما يدل على خلق العظام واللحم في أول الأربعين الثانية ، ففي " صحيح مسلم " عن حذيفة بن أسيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ما شاء ويكتب الملك . ثم يقول: يا رب أجله؟ فيقول ربك ما شاء، ويكتب الملك. ثم يقول: يا رب رزقه؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك. ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص).
وظاهر هذا الحديث يدل على أن تصوير الجنين وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظامه يكون في أول الأربعين الثانية ، فيلزم من ذلك أن يكون في الأربعين الثانية لحما وعظاما.

- ولم يوجد في الأسقاط ذكر تم قبل ثلاثين يوما ، ولا أنثى قبل أربعين يوما، فهذا يوافق ما دل عليه حديث حذيفة بن أسيد في التخليق في الأربعين الثانية ، ومصيره لحما فيها أيضا .
وليس في حديث ابن مسعود ذكر وقت تصوير الجنين .

- وقد روي عن ابن مسعود نفسه ما يدل على أن تصويره قد يقع قبل الأربعين الثالثة أيضا ، فروى الشعبي عن علقمة ، عن ابن مسعود قال : النطفة إذا استقرت في الرحم جاءها ملك فأخذها بكفه ، فقال : أي رب ، مخلقة أم غير مخلقة ؟ فإن قيل : غير مخلقة ، لم تكن نسمة ، وقذفتها الأرحام ، وإن قيل مخلقة ، قال : أي رب ، أذكر أم أنثى ؟ شقي أم سعيد ، ما الأجل وما الأثر ؟ ، وبأي أرض تموت ؟ قال : فيقال للنطفة : من ربك ؟ فتقول : الله ، فيقال : من رازقك ؟ فتقول : الله ، فيقال : اذهب إلى الكتاب ، فإنك ستجد فيه قصة هذه النطفة ، قال : فتخلق ، فتعيش في أجلها وتأكل في رزقها ، وتطأ في أثرها ، حتى إذا جاء أجلها ، ماتت ، فدفنت في ذلك ، ثم تلا الشعبي هذه الآية {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة}. فإذا بلغت مضغة ، نكست في الخلق الرابع فكانت نسمة ، فإن كانت غير مخلقة ، قذفتها الأرحام دما ، وإن كانت مخلقة نكست نسمة .

- وبنى الإمام أحمد مذهبه المشهور عنه على ظاهر حديث ابن مسعود، وأن الطفل ينفخ فيه الروح بعد الأربعة أشهر ، وأنه إذا سقط بعد تمام أربعة أشهر ، صلي عليه ؛ حيث كان قد نفخ فيه الروح ثم مات .
وحكي ذلك أيضا عن سعيد بن المسيب وهو أحد أقوال الشافعي وإسحاق.

- وأما كتابة الملك ، فحديث ابن مسعود يدل على أنها تكون بعد الأربعة أشهر أيضا على ما سبق ،

وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وكل الله بالرحم ملكا يقول: أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة؟ فإذا أراد الله أن يقضي خلقا، قال: يا رب أذكر أم أنثى، أشقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه)
وظاهر هذا يوافق حديث ابن مسعود لكن ليس فيه تقدير مدة ، وحديث حذيفة بن أسيد الذي تقدم يدل على أن الكتابة تكون في أول الأربعين الثانية ،
وخرجه مسلم أيضا بلفظ آخر من حديث حذيفة بن أسيد يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمس وأربعين ليلة، فيقول: يا رب أشقي أو سعيد؟ فيكتبان، فيقول: أي رب أذكر أو أنثى؟ فيكتبان، ويكتب عمله، وأثره وأجله ورزقه. ثم تطوى الصحف، فلا يزاد فيها ولا ينقص).

- وقد جمع بعضهم بين هذه الأحاديث والآثار ، وبين حديث ابن مسعود:
* فأثبت الكتابة مرتين ، وقد يقال مع ذلك : إن إحداهما في السماء والأخرى في بطن الأم .
والأظهر – والله أعلم - أنها مرة واحدة .
* ولعل ذلك يختلف باختلاف الأجنة ، فبعضهم يكتب له ذلك بعد الأربعين الأولى ، وبعضهم بعد الأربعين الثالثة.
* وقد يقال : إن لفظة (ثم) في حديث ابن مسعود إنما يراد به ترتيب الإخبار، لا ترتيب المخبر عنه في نفسه ، والله أعلم .

- وبكل حال ، فهذه الكتابة التي تكتب للجنين في بطن أمه غير كتابة المقادير السابقة لخلق الخلائق المذكورة في قوله تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها}[الحديد:22]
كما في " صحيح مسلم " عن عبدالله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة).

- ففي " الصحيحين " عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة أو النار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة، فقال رجل: يا رسول الله، أفلا نمكث على كتابنا، ندع العمل؟ فقال: اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لهمل أهل الشقاوة، ثم قرأ: {فأما من أعطى واتقى} الآيتين [الليل:5]
ففي هذا الحديث أن السعادة والشقاوة قد سبق الكتاب بهما ، وأن ذلك مقدر بحسب الأعمال ، وأن كلا ميسر لما خلق له من الأعمال التي هي سبب للسعادة أو الشقاوة.

- وحديث ابن مسعود فيه أن السعادة والشقاوة بحسب خواتيم الأعمال . وقد قيل : إن قوله في آخر الحديث: (فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة) إلى آخر الحديث مدرج من كلام ابن مسعود، كذلك رواه سلمة بن كهيل عن زيد بن وهب عن ابن مسعود من قوله ،

- قد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة أيضا.
وفي صحيح البخاري عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( إنما الأعمال بالخواتيم).

- وفي الصحيحين عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم التقي هو والمشركون وفي أصحابه رجل لا يدع شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو من أهل النار، فقال رجل من القوم: أنا أصاحبه فأتبعه، فجرح الرجل جرحا شديدًا فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه على الأرض، وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله، وقص عليه القصة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة).

وقوله : " فيما يبدو للناس " إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك، وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس، إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك ، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت ، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خفية من خصال الخير ، فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره، فتوجب له حسن الخاتمة .

- وكان سفيان يشتد قلقه من السوابق والخواتيم ، فكان يبكي ويقول: أخاف أن أكون في أم الكتاب شقيا ، ويبكي ، ويقول : أخاف أن أسلب الإيمان عند الموت.

- ومن هنا كان الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح يخافون على أنفسهم النفاق ويشتد قلقهم وجزعهم منه ، فالمؤمن يخاف على نفسه النفاق الأصغر ، ويخاف أن يغلب ذلك عليه عند الخاتمة ، فيخرجه إلى النفاق الأكبر ، كما تقدم أن دسائس السوء الخفية توجب سوء الخاتمة ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثرأن يقول في دعائه: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) فقيل له: يا نبي الله آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ فقال: (نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله عز وجل يقلبها كيف شاء)
خرجه الإمام أحمد والترمذي من حديث أنس.

أم علي طويلبة علم
2016-03-27, 11:40 AM
عن أم المؤمنين أم عبدالله عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه البخاري ومسلم
وفي رواية لمسلم: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد ‏

- هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أن حديث الأعمال بالنيات ميزان للأعمال في باطنها، فكما أن كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى فليس لعامله فيه ثواب فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله.

- فهذا الحديث بمنطوقه يدل على أن كل عمل ليس عليه أمر الشارع فهو مردود ويدل بمفهومه على أن كل عمل عليه أمره فهو غير مردود والمراد بأمره ههنا دينه وشرعه.

- فالمعنى إذا أن من كان عمله خارجا عن الشرع ليس متقيدا بالشرع فهو مردود.

- وقوله ليس عليه أمرنا إشارة إلى أن أعمال العاملين كلهم ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة فتكون أحكام الشريعة حاكمة عليها بأمرها ونهيها.

- الأعمال قسمان : عبادات ومعاملات .
فأما العبادات ، فما كان منها خارجا عن حكم الله ورسوله بالكلية ، فهو مردود على عامله.

*وأما من عمل عملا أصله مشروع وقربة ، ثم أدخل فيه ما ليس بمشروع ، أو أخل فيه بمشروع ، فهذا مخالف أيضا للشريعة بقدر إخلاله بما أخل به ، أو إدخاله ما أدخل فيه ، وهل يكون عمله من أصله مردودا عليه أم لا ؟
فهذا لا يطلق القول فيه برد ولا قبول ، بل ينظر فيه :
فإن كان ما أخل به من أجزاء العمل أو شروطه موجبا لبطلانه في الشريعة ، كمن أخل بالطهارة للصلاة مع القدرة عليها ، أو كمن أخل بالركوع أو بالسجود أو بالطمأنينة فيهما ، فهذا عمل مردود عليه ، وعليه إعادته إن كان فرضا .
وإن كان ما أخل به لا يوجب بطلان العمل ، كمن أخل بالجماعة للصلاة المكتوبة عند من يوجبها ولا يجعلها شرطا ، فهذا لا يقال : إن عمله مردود من أصله ، بل هو ناقص .
وإن كان قد زاد في العمل المشروع ما ليس بمشروع ، فزيادته مردودة عليه ، بمعنى أنها لا تكون قربة ولا يثاب عليها ، ولكن تارة يبطل بها العمل من أصله ، فيكون مردودا ، كمن زاد في صلاته ركعة عمدا مثلا .
وتارة لا يبطله ، ولا يرده من أصله ، كمن توضأ أربعا أربعا ، أو صام الليل مع النهار ، وواصل في صيامه.

- ولهذا فرق من فرق من العلماء بين أن يكون النهي لمعنى يختص بالعبادة فيبطلها ، وبين أن لا يكون مختصا بها فلا يبطلها .
...ويشهد لهذا أن الصيام لا يبطله إلا ارتكاب ما نهي عنه فيه بخصوصه ، وهو جنس الأكل والشرب والجماع ، بخلاف ما نهي عنه الصائم ، لا بخصوص الصيام ، كالكذب والغيبة عند الجمهور .
وكذلك الحج ما يبطله إلا ما نهي عنه في الإحرام ، وهو الجماع ، ولا يبطله ما لا يختص بالإحرام من المحرمات ، كالقتل والسرقة وشرب الخمر .

- وأما المعاملات كالعقود والفسوخ ونحوهما ، فما كان منها تغيرا للأوضاع الشرعية ، كجعل حد الزنا عقوبة مالية ، وما أشبه ذلك ، فإنه مردود من أصله ، لا ينتقل به الملك ، لأن هذا غير معهود في أحكام الإسلام .
ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي سأله: إن ابني كان عسيفًا على فلان فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:( المائة الشاة والخادم رد عليك وعلى ابنك مائة جلدة وتغريب عام‏).

‏- وما كان منها عقدًا منهيًا عنه في الشرع إما لكون المعقود عليه ليس محلًا للعقد أو لفوات شرط فيه أو لظلم يحصل به للمعقود معه وعليه أو لكون العقد يشغل عن ذكر الله عز وجل الواجب عند تضايق وقته أو غير ذلك،
فهذا العقد هل هو مردود بالكلية لا ينتقل به الملك أم لا ؟
هذا الموضع قد اضطرب الناس فيه اضطرابًا كثيرًا ...والأقرب إن شاء الله تعالى أنه إن كان النهي عنه لحق الله تعالى لا يفيد الملك بالكلية ومعنى أنه يكون الحق لله أنه لا يسقط برضا المتعاقدين عليه.
وإن كان النهي عنه لحق آدمي معين بحيث يسقط برضاه به، فإنه يقف على رضاه به، فإن رضي لزم العقد واستمر الملك وإن لم يرض به فله الفسخ.
فإن كان الذي يلحقه الضرر لا يعتبر رضاه بالكلية كالزوجة والعبد في الطلاق والعتاق، فلا عبرة برضاه ولا بسخطه. وإن كان النهي رفقا بالمنهي خاصة لما يلحقه من المشقة فخالف وارتكب المشقة لم يبطل بذلك عمله.

* أما الأول فله صور كثيرة منها نكاح من يحرم نكاحه إما لعينه كالمحرمات على التأبيد بسبب أو نسب أو للجمع أو لفوات شرط لا يسقط بالتراضي بإسقاطه: كنكاح المعتدة والمحرمة والنكاح بغير ولي ونحو ذلك.
...ومنها بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام والكلب وسائر ما نهي عن بيعه مما لا يجوز التراضي ببيعه.

* وأما الثاني فله صور عديدة منها إنكاح الولي مالًا يجوز له إنكاحها إلا بإذنها لا بغير إذنها‏.‏
وقد ردّ النبي صلى الله عليه وسلم نكاح امرأة ثيب زوجها أبوها وهي كارهة‏.‏
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه خير امرأة زوجت بغير إذنها.

- وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أن من تصرف لغيره في ماله بغير إذنه لم يكن تصرفه باطلًا من أصله، بل يقف على إجازته، فإن أجازه جاز وإن رده بطل.
واستدلوا بحديث عروة بن الجعد في شرائه للنبي صلى الله عليه وسلم شاتين وإنما كان أمره بأن يشتري شاة واحدة ثم باع إحداهما وقبل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

- ...وهذا الحديث إنما رواه القاسم بن محمد لما سئل عن رجل له مساكن فأوصى بثلث ثلاث مساكن هل يجمع له في مسكن واحد، فقال: يجمع ذلك له في مسكن واحد حدثتني عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد) خرجه مسلم.
ومراده أن تغيير وصية الموصي إلى ما هو أحب إلى الله وأنفع جائز.

حسن المطروشى الاثرى
2016-03-28, 09:42 PM
بارك الله فيكم ونفع بكم .

أم علي طويلبة علم
2016-04-01, 02:01 PM
عن أبي عبدالله النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(( إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))
رواه البخاري ومسلم‏


- فقوله صلى الله عليه وسلم: ( الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس) معناه: أن الحلال المحض بين لا اشتباه فيه، وكذلك الحرام المحض، ولكن بين الأمرين أمور تشتبه على كثير من الناس، هل هي من الحلال أم من الحرام، وأما الراسخون في العلم فلا يشتبه عليهم ذلك ويعلمون من أي القسمين هي.

-...وأما المشتبه فمثل بعض ما اختلف في حله أو تحريمه: إما من الأعيان كالخيل والبغال والحمير والضب، وشرب ما اختلف في تحريمه من الأنبذة التي يسكر كثيرها، ولبس ما اختلف في إباحة لبسه من جلود السباع ونحوها، وإما من المكاسب المختلف فيها كمسائل العينة والتورق ونحو ذلك، وبنحو هذا المعنى فسر المشتبهات أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة.

- وحاصل الأمر أن الله تعالى أنزل على نبيه الكتاب وبين فيه للأمة ما يحتاج إليه من حلال وحرام كما قال تعالى ‏{‏ونزلنا عليك الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ}
قال مجاهد وغيره: كل شيء أمروا به أو نهوا عنه...

- وما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكمل له ولأمته الدين ولهذا أنزل عليه بعرفة قبل موته بمدة يسيرة ‏{‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.
وقال صلى الله عليه وسلم: (تركتكم على بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك).‏
وقال أبو ذر رضي الله عنه: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يحرك جناحيه في السماء إلا وقد ذكر لنا منه علمًا.
...وفي الجملة فما ترك الله ورسوله حلالًا إلا مبينًا، ولا حرامًا إلا مبينًا لكن بعضه كان أظهر بيانًا من بعض، فما ظهر بيانه، واشتهر وعلم من الدين بالضرورة من ذلك لم يبق فيه شك، ولا يعذر أحد بجهله في بلد يظهر فيها الإسلام.


- وما كان بيانه دون ذلك، فمنه ما يشتهر بين حملة الشريعة خاصة.
فأجمع العلماء على حله أو حرمته، وقد يخفى على بعض من ليس منهم ومنه ما لم يشتهر بين حملة الشريعة أيضًا، فاختلفوا في تحليله وتحريمه وذلك لأسباب:

* منها أنه قد يكون النص عليه خفيًا لم ينقله إلا قليل من الناس فلم يبلغ جميع حملة العلم.

* ومنها أنه قد ينقل فيه نصان: أحدهما بالتحليل، والآخر بالتحريم فيبلغ طائفة منهم أحد النصين دون الآخر فيتمسكون بما بلغهم. أو يبلغ النصان معا من لا يبلغه التاريخ فيقف لعدم معرفته بالناسخ.‏

*ومنها ما ليس فيه نص صريح وإنما يؤخذ من عموم أو مفهوم أو قياس فتختلف أفهام العلماء في هذا كثيرًا.

* ومنها ما يكون فيه أمر أو نهي فتختلف العلماء في حمل الأمر على الوجوب أو الندب، وفي حمل النهي على التحريم أو التنزيه.


- وأسباب الاختلاف أكثر مما ذكرنا ومع هذا فلابد في الأمة من عالم يوافق الحق، فيكون هو العالم بهذا الحكم، وغيره يكون الأمر مشتبها عليه ولا يكون عالمًا بهذا، فإن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة، ولا يظهر أهل باطلها على أهل حقها، فلا يكون الحق مهجورا غير معمول به في جميع الأمصار والأعصار،
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في المشتبهات: (لا يعلمهن كثير من الناس)، فدل على أن من الناس من يعلمها وإنما هي مشتبهة على من لم يعلمها، وليست مشتبهة في نفس الأمر فهذا هو السبب المقتضي لاشتباه بعض الأشياء على كثير من العلماء.

-...ومن هذا أيضًا ما أصله الإباحة كطهارة الماء والثوب والأرض، إذا لم يتيقن زوال أصله فيجوز استعماله، وما أصله الحظر كالأبضاع، ولحوم الحيوان، فلا تحل إلا بيقين حله من التذكية والعقد.
فإن تردد في شيء من ذلك لظهور سبب آخر رجع إلى الأصل فيبنى عليه فيتبين فيما أصله الحرمة على التحريم.
...فيرجع فيما أصله الحل إلى الحل، فلا ينجس الماء والأرض والثوب بمجرد ظن النجاسة، وكذلك البدن إذا تحقق طهارته وشك هل انتقضت بالحدث عند جمهور العلماء خلافًا لمالك رحمه الله إذا لم يكن قد دخل في الصلاة.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شكا إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: ( لا تنصرف حتى يسمع صوتا أو تجد ريحا).
وفي بعض الروايات: في المسجد بدل الصلاة. وهذا يعم حال الصلاة وغيرهما.

- ...وقد فسر الإمام أحمد الشبهة بأنها منزلة بين الحلال والحرام يعني الحلال المحض والحرام المحض وقال: من اتقاها فقد استبرأ لدينه. وفسرها تارة باختلاط الحلال والحرام.

وبتفرع على هذا معاملة من في ماله حلال وحرام مختلط فإن كان أكثر ماله الحرام فقال أحمد: ينبغي أن يتجنبه، إلا أن يكون شيئًا يسيرا أو شيئًا لا يعرف.
واختلف أصحابنا: هل هو مكروه أو محرم على وجهين.
وإن كان أكثر ماله الحلال جازت معاملته والأكل من ماله.‏

...وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعاملون المشركين وأهل الكتاب مع علمهم بأنهم لا يجتنبون الحرام كله وإن اشتبه الأمر فهو شبهة، والورع تركه.‏

-...وقال الإمام أحمد في المال المشتبه حلاله بحرامه: إن كان المال كثيرًا أخرج منه قدر الحرام وتصرف في الباقي، وإن كان المال قليلًا اجتنبه كله، وهذا لأن القليل إذا تناول منه شيئًا فإنه يتعذر معه السلامة من الحرام بخلاف الكثير.

- ومن أصحابنا من حمل ذلك على الورع دون التحريم وأباح التصرف في القليل والكثير بعد إخراج قدر الحرام منه وهو قول الحنفية وغيرهم وأخذ به قوم من أهل الورع منهم بشر الحافي‏.

-...ومتى علم أن عين الشيء حرام أخذ بوجه محرم فإنه يحرم تناوله وقد حكي الإجماع على ذلك ابن عبد البر وغيره.

-...وكلام النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن هذه المشتبهات من الناس من يعلمها وكثير منهم لا يعلمها فدخل فيمن لا يعلمها نوعان‏:‏

أحدهما‏:‏ من يتوقف فيها لاشتباهها عليه‏

والثاني‏:‏ من يعتقدها على غير ما هي عليه‏

ودل كلامه على أن غير هؤلاء يعلمها، ومراده أنه يعلمها على ما هي عليه في نفس الأمر من تحليل أو تحريم.

- وهذا من أظهر الأدلة على أن المصيب عند الله في مسائل الحلال والحرام المشتبهة المختلف فيها واحد عند الله عز وجل وغيره ليس بعالم بها بمعنى أنه غير مصيب لحكم الله فيها في نفس الأمر وإن كان يعتقد فيها اعتقادا يستند فيه إلى شبهة يظنها دليلًا ويكون مأجورا على اجتهاده ومغفورا له خطؤه لعدم اعتماده.


- وقوله صلى الله عليه وسلم: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)
قسم الناس في الأمور المشتبهة إلى قسمين وهذا إنما هو بالنسبة إلى من هي مشتبهة عليه وهو ممن لا يعلمها.
فأما من كان عالمًا بها واتبع ما دله علمه عليها فلذلك قسم ثالث لم نذكره، لظهور حكمه، فإن هذا القسم أفضل الأقسام الثلاثة، لأنه علم حكم الله في هذه الأمور المشتبهة على الناس واتبع علمه في ذلك.


-وأما من لم يعلمه حكم الله فيها فهم قسمان:

* أحدهما: من يتقي هذه الشبهات لاشتباهها عليه فهذا قد استبرأ لدينه وعرضه، ومعنى استبرأ طلب البراءة لدينه وعرضه من النقص والشين.
والعرض هو موضع المدح والذم من الإنسان وما يحصل له بذكره بالجميل مدح وبذكره بالقبيح قدح.
...وفي هذا دليل على أن من ارتكب الشبهات فقد عرض نفسه للقدح فيه والطعن كما قال بعض السلف: من عرض نفسه للتهم فلا يلومن من أساء الظن به.

* القسم الثاني: من يقع في الشبهات مع كونها مشتبهة عنده، فأما من أتى شيئًا مما يظنه الناس شبهة لعلمه بأنه حلال في نفس الأمر، فلا حرج عليه من الله في ذلك، لكن إذا خشي من طعن الناس عليه بذلك كان تركها حينئذ استبراء لعرضه فيكون حسنا.
وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لمن رآه واقفا مع صفية: (إنها صفية بنت حيي‏ ).


- ...والذي يأتي الشبهات مع اشتباهها عليه قد أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقع في الحرام فهذا يفسر بمعنيين:

* أحدهما: أن يكون ارتكابه للشبهة مع اعتقاده أنها شبهة ذريعة إلى ارتكابه الحرام الذي يعتقد أنه حرام بالتدريج والتسامح، وفي رواية في الصحيحين لهذا الحديث: (ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان).

* ...والمعنى الثاني: أن من أقدم على ما هو مشتبه عنده لا يدري أهو حلال أو حرام، فإنه لا يأمن أن يكون حرامًا في نفس الأمر، فيصادف الحرام وهو لا يدري أنه حرام.

-...وقوله صلى الله عليه وسلم: (كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمي ألا وإن حمى الله محارمه).
هذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لمن وقع في الشبهات وأنه يقرب وقوعه في الحرام المحض.

- ...فجعل النبي صلى الله عليه وسلم مثل المحرمات كالحمى الذي يحميه الملوك ويمنعون غيرهم من قربانه.
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم حول مدينته اثني عشر ميلا حمى محرما، لا يقطع شجره ولا يصاد صيده، وحمى عمر وعثمان أماكن ينبت فيها الكلأ لأجل إبل الصدقة، والله سبحانه وتعالى حمى هذه المحرمات ومنع عباده من قربانها وسماها حدوده، فقال: { تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله ءاياته للناس لعلهم يتقون} وهذا فيه بيان أنه حد لهم ما أحل لهم وما حرم عليهم، فلا يقربوا الحرام، ولا يعتدوا الحلال.
وكذلك قال في آية أخرى: { تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون}، وجعل من يرعى حول الحمى أو قريبًا منه جديرا بأن يدخل الحمى فيرتع فيه، فلذلك من تعدى الحلال ووقع في الشبهات فإنه قد قارب الحرام غاية المقاربة فما أخلقه بأن يخالط الحرام المحض، ويقع فيه.
وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي التباعد عن المحرمات وأن يجعل الإنسان بينه وبينها حاجزًا‏.


...ويستدل بهذا الحديث من يذهب إلى سد الذرائع إلى المحرمات وتحريم الوسائل إليها.
ويدل على ذلك أيضًا من قواعد الشريعة تحريم قليل ما يسكر كثيرة، وتحريم الخلوة بالأجنبية، وتحريم الصلاة بعد الصبح وبعد العصر سدا لذريعة الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، ومنع الصائم من المباشرة إذا كانت تتحرك شهوته.
ومنع كثير من العلماء مباشرة الحائض فيما بين سرتها وركبتها إلا من وراء حائل كما كان صلى الله عليه وسلم يأمر امرأته إذا كانت حائضا أن تتزر فيباشرها من فوق الإزار.

-...وقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)، فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه، واجتنابه المحرمات واتقاءه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه، فإذا كان قلبه سليما ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله، وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها، وتوفي للشبهات، حذرا من الوقوع في المحرمات.
وإن كان القلب فاسدًا قد استولى عليه اتباع الهوى وطلب ما يحبه، ولو كرهه الله فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب اتباع هوى القلب.
ولهذا يقال القلب ملك الأعضاء وبقية الأعضاء جنوده وهم مع هذا جنود طائعون له منبعثون في طاعته وتنفيذ أوامره لا يخالفونه في شيء من ذلك.

...وفي مسند الإمام أحمد رضي الله عنه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه‏).

والمراد باستقامة إيمانه استقامة أعمال جوارحه؛ فإن أعمال جوارحه لا تستقيم إلا باستقامة القلب. ومعني استقامة القلب أن يكون ممتلئًا من محبة الله تعالى ومحبة طاعته وكراهة معصيته‏ .


...وهذا هو حقيقة التوحيد وهو معنى قول لا إله إلا الله، فلا صلاح للقلوب حتى يكون إلهها الذي تألهه وتعرفه وتحبه وتخشاه هو الله وحده لا شريك له...


...ومعني هذا أن كل حركات القلب والجوارح إذا كانت كلها لله فقد كمل إيمان العبد بذلك باطنًا وظاهرًا.

أم علي طويلبة علم
2016-04-04, 11:10 AM
عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم
رواه مسلم‏.‏

- ... ورد في أحاديث كثيرة النصح للمسلمين عموما
وفي بعضها النصح لولاة أمورهم
وفي بعضها نصح ولاة الأمور لرعاياهم.

- ...وقال تعالى: { ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله}، يعني أن من تخلف عن الجهاد لعذر فلا حرج عليه، بشرط أن يكون ناصحا لله ورسوله في تخلفه، فإن المنافقين كانوا يظهرون الأعذار كاذبين، ويتخلفون عن الجهاد من غير نصح لله ورسوله.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدين النصيحة فهذا يدل على أن النصيحة تشمل خصال الإسلام والإيمان والإحسان التي ذكرت في حديث جبريل عليه السلام وسمى ذلك كله دينا.
فإن النصح لله يقتضي القيام بأداء واجباته على أكمل وجوهها وهو مقام الإحسان فلا يكمل النصح لله بدون ذلك ولا يتأتى ذلك بدون كمال المحبة الواجبة والمستحبة ويستلزم ذلك الاجتهاد في التقرب إليه بنوافل الطاعات على هذا الوجه وترك المحرمات والمكروهات على هذا الوجه أيضا.


...وقال الخطابي: النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له، قال: وأصل النصح في اللغة الخلوص، يقال: نصحت العسل، إذا خلصته من الشمع.
فمعنى النصيحة لله سبحانه: صحة الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته
والنصيحة لكتابه: الإيمان به والعمل بما فيه
والنصيحة لرسوله: التصديق بنبوته وبذل الطاعة له فيما أمر به ونهي عنه والنصيحة لعامة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم. انتهي‏.‏

...فالنصيحة المفترضة لله هي شدة العناية من الناصح باتباع محبة الله في أداء ما فرض ومجانبة ما حرم.

...وقد ترفع الأعمال كلها عن العبد في بعض الحالات ولا يرفع عنهم النصح لله، فلو كان من مرض بحال لا يمكنه عمل شيء من جوارحه بلسان ولا غيره غير أن عقله ثابت لم يسقط عنه النصح لله بقلبه، وهو أن يندم على ذنوبه وينوي إن صح أن يقوم بما افترض الله عليه ويجتنب ما نهاه عنه وإلا كان غير ناصح لله بقلبه.
وكذلك النصح لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فيما أوجبه على الناس عن أمر ربه، ومن النصح الواجب لله أن لا يرضى بمعصية العاصي، ويحب طاعة من أطاع الله ورسوله.

...وأما النصيحة لكتابه فشدة حبه وتعظيم قدره: إذ هو كلام الخالق وشدة الرغبة في فهمه وشدة العناية في تدبره والوقوف عند تلاوته لطلب معاني ما أحب مولاه أن يفهمه عنه أو يقوم به له بعد ما يفهمه، وكذلك الناصح من العباد يفهم وصية من ينصحه إن ورد عليه كتاب من غني يفهمه ليقوم عليه بما كتب فيه إليه.
فكذلك الناصح لكتاب ربه يعني يفهمه ليقوم لله بما أمره به كما يحب ربنا ويرضي، ثم ينشر ما فهم في العباد، ويديم دراسته بالمحبة له والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه‏.‏

وأما النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم في حياته فبذل المجهود في طاعته ونصرته ومعاونته وبذل المال إذا أراده والمسارعة إلى محبته.
وأما بعد وفاته فالعناية بطلب سنته والبحث عن أخلاقه وآدابه وتعظيم أمره ولزوم القيام به، وشدة الغضب والإعراض عمن يدين بخلاف سنته، والغضب على من ضيعها لأثرة دنيا، وإن كان متدينا بها، وحب من كان منه بسبيل من قرابة أو صهر أو هجرة أو نصرة أو صحبة ساعة من ليل أو نهار على الإسلام، والتشبه به في زيه ولباسه.

وأما النصيحة لأئمة المسلمين فحب صلاحهم، ورشدهم، وعدلهم، وحب اجتماع الأمة عليهم، وكراهة افتراق الأمة عليهم والتدين بطاعتهم في طاعة الله عز وجل والبغض لمن رأى الخروج عليهم، وحب إعزازهم في طاعة الله عز وجل.

وأما النصيحة للمسلمين فأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه ويشفق عليهم، ويرحم صغيرهم، ويوقر كبيرهم، ويحزن لحزنهم ويفرح لفرحهم، وإن ضره ذلك في دنياه، كرخص أسعارهم، وإن كان في ذلك فوات ربح ما يبيع في تجارته، وكذلك جميع ما يضرهم عامة، ويحب ما يصلحهم، وألفتهم ودوام النعم عليهم، ونصرهم على عدوهم ودفع كل أذى ومكروه عنهم‏.‏

وقال أبو عمرو بن الصلاح: النصيحة كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادة وفعلا، فالنصيحة لله تعالى توحيده ووصفه بصفات الكمال، والجلال وتنزيه عما يضادها ويخالفها وتجنب معاصيه والقيام بطاعته ومحابه بوصف الإخلاص والحب فيه والبغض فيه، وجهاد من كفر به تعالى، وما ضاهى ذلك، والدعاء إلى ذلك والحث عليه.

والنصيحة لكتابه: الإيمان به وتعظيمه وتنزيهه وتلاوته حق تلاوته والوقوف مع أوامره ونواهيه وتفهم علومه وأمثاله، وتدبر آياته والدعاء إليه، وذب تحريف الغالين وطعن الملحدين عنه.

والنصيحة لرسوله صلى الله عليه وسلم قريب من ذلك: الإيمان به وبما جاء به، وتوقيره وتبجيله، والتمسك بطاعته، وإحياء سنته، واستثارة علومه ونشرها، ومعاداة من عاداه وعاداها، وموالاة من والاه ووالاها، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه ومحبة آله وأصحابه، ونحو ذلك.

والنصيحة لأئمة المسلمين: معاونتهم على الحق، وطاعتهم فيه، وتذكيرهم به، وتنبيههم في رفق ولطف، ومجانبة الوثوب عليهم، والدعاء لهم بالتوفيق، وحث الأغيار على ذلك.

والنصيحة لعامة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم وستر عوراتهم، وسد خلاتهم ونصرتهم على أعدائهم والذب عنهم، ومجانبة الغش والحسد لهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، وما شابه ذلك. انتهى.
ومن أنواع نصحهم دفع الأذى والمكروه عنهم وإيثار فقيرهم، وتعليم جاهلهم، ورد من زاغ منهم عن الحق في قول أو عمل، بالتلطف في ردهم إلى الحق، والرفق بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحبة إزالة فسادهم ولو بحصول ضرر له في دنياه كما قال بعض السلف: وددت أن هذا الخلق أطاعوا الله وأن لحمي قرض بالمقاريض.
وكان عمر بن عبد العزيز يقول: ياليتني عملت فيكم بكتاب الله وعملتم به، فكلما عملت فيكم بسنة وقع منى عضو حتى يكون آخر شيء منها خروج نفسي.

ومن أنواع النصح لله تعالى وكتابه ورسوله وهو مما يختص به العلماء
* رد الأهواء المضلة بالكتاب والسنة على موردها، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها.
* وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلات العلماء وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردها.
* ومن ذلك بيان ما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح منه؛ بتبيين حال رواته، ومن تقبل رواياته منهم ومن لا تقبل، وبيان غلط من غلط من ثقاتهم الذين تقبل رواياتهم.

... وقال بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن شئتم لأقسمن لكم بالله: إن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده، ويحببون عباد الله إلى الله، ويسعون في الأرض بالنصيحة.
...وقال ابن علية في قول أبي بكر المزني ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بصوم ولا صلاة ولكن بشيء كان في قلبه قال: الذي كان في قلبه الحب لله عز وجل والنصيحة في خلقه‏.‏

وقال الفضيل بن عياض رحمه الله ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة.