ابنكم من بغداد
2012-01-29, 08:17 PM
محروسه بسور سليمان
غزوان فاضل قره علي (http://www.arabwashingtonian.org/arabic/author.php?issue=51&authorID=550)
سور بغداد
كاد ان ينقرض هذا الدعاء كما انقرضت الكثير من اقوال و عادات اهلنا و اجدادنا البغدادين لتحل محلها انماط جديد من الدعوات الدينيه و مقولات اجتماعيه هي خليط من بودقة العراق. لكن هذه المقوله (محروسة بسور سليمان) كانت دفينه في طيات الدماغ اندفعت الى السطح بلا شعور و تحسب استعملتها حين تمامتداح بغداد وهو كان احد الدعوات المستعملة ايام اجدادنا رحمهم الله خصوصا اذا ذهب احدهم الى الحرب او السفر او حتى في حالة المرض و الوداع.
قد ارجع بعض الناس هذا الدعاء الى قصص غير حقيقيه و نسبه الى سور النبي سليمان حتى يكون اكثر ابهة او اكثر قدسية . وانا اشير الى حقيقة وهي لو كان بهذه القدسية لانتشر خارج نطاق بغداد و لوجدته في الافلام المصريه خصوصا القديمه منها او المسلسلات السوريه او الفلسطينيه من كتب وادبيات وهي لم تكن حتى من ادعية اليهود او النصارى واهل مكة ادرى بشعابها ولكنها محلية بغداديه و لم تتعدا نطاقها الى الموصل او البصره او الكويت و حقيقة سورسليمان هو سور بغداد الذي يحيط مدينة بغداد المحروسه(المحرو ه هي اسم من اسماء بغداد في العهد العثماني).
الكل يعلم ان ابو جعفر المنصور خليفة المسلمين قد بنى بغداد في جانب الكرخ واحاطها بثلاثة اسوارو جعل السوق بين السور الثاني و الثالث وبخندق حول المدينة على شكل دائري(مدينة بغداد المدوره) اما الجانب الشرقي من بغداد فكان مركز ولي العهد محمد المهدي بناه و اكملها سنة771م و بنا قصره فيه و ذللك بامر من ابيه ابو جعفر المنصور و اصبحت المركز التجاري لسعة اسوقها و شوارعها و سميت بالرصافة. بمرور الزمن ضاقت مدينة الكرخ بسكانها لانها محصوره باسوارها فانتقل كل السوق الى الرصافة و بدأت الرصافة بالتوسع و اطلق اسم مدينة السلام على جمع الكرخ و الرصافة.
كانت اسوارهاحصينة في ايامها ضد الافراد و رشقات المنجنيق و اندحر هذا السور امام هجمات التتار حيث تدمرت مركز الخلافة العتيد و هاجر الى الغرب قليلا في دولة الفاطمين اما بغداد(بطرفيها) فعم بها الدمار ونعقت فيها الغربان. تداولت عليها الاحداث و الدول منه دولة المغول والتتار المسلمة و منها دوله التركمان (احتلال تيمورلنك) و بعدها دولة الفرس و خلال هذه الاحداث بدأت تتبلور دولة بني عثمان شمالا في تركيا و بدأت بالتوسع شرقا وغربا و لم تفكر في التوسع جنوبا الا ايام السلطان سليمان القانوني و اذا اخذ بنصيحة وزيره المشجعه على غزو مناطق العرب (العراق و ارض مكة و الحجاز) والحصول على الشرعية الدينيه. علما ان الخلافة قد انتقلت الى استنبول من القاهره قبل مايقارب الثلاثين سنه في ايام السلطان سليم ولكن ظلت غير كامله بنظر السلطان سليمان مالم تكن مدينة العلم الخالده بغداد بما فيها من مقدسات تاج الخلافة والمدن الاسلامية المقدسة الاخرى مكه والمدينة والطائف كربلاء والنجف والكاظميه.
ارسل السلطان سليمان بجنوده و قضى على حكم الفرس في حرب طويله تكللت له بالنصر ففتح العراق (الموصل و بغداد و البصره) ومكه والمدينه واطلقت له الالقاب واعتلت المنابر الدعوات للخليفة الجديد.
امر ببناء الاضرحه السنيه و الشيعيه منها و اوقف عليها وامرببناء وتحصين سور بغداد (حيث كان موجود اصلا لكنة مهدوم من اثر الغزوات و القيضانات ووسعه ليشمل مساحة اكبرودعمه من حيث الارتفاع والعرض والمتانه بما يؤهل صموده في عصر البارود وامر بحفر خندق حول المدينه لحمايتها عسكريا ومن الفيضانات المتكرره.
كان السور ممتد من باب المعظم الى باب الشرجي(الباب الشرقي) و من الشيخ عبد القادر الى نهر دجلة المعلى و في السور 97 برج للحراس و في كل برج حامية او اورطة من الجيش لحراستها, مجموع القوات الموجود للدفاع عن المدينة واستقلالها وهم حوالي 14 الف رجل من الخيالة ( فرسان ) ومقاتلي المشاة من الاتراك و العرب وجنسيات اخرى, خمسة الاف منهم يعيشون في المدينة ومنهم 1500 من الانكشارية والبقية متناثرين في مواقع حراسة السور والبوابات والمواقع الاخرى كذلك يضاف اليهم الحرس الخاص للباشا يعيشون معه في المدينة.
اما المناطق الاخرى مثل الكراده و الاعظميه والكاظمية (مقبرة القريشيين) فكانت اراضي زراعة ورعي و بساتين غير مأهوله الا فيما بعد.
هذا السور الذي لم ينكسر الا امام السلطان مراد حيث احضر له مدفعين بعيار ثقيل غير عادي لتحرير بغداد من الصفوين بعد احتلال دام خمسة عشر عاما و عمل ثغره في السور فاستسلم الوالي بكتاش خان عامل السلطان الصفوي في بغداد في صبيحة اليوم الثاني و سلم مفاتيح بغداد.
بغداد التي اخذت من قبل الصفويين غدرا وبخيانة محمد ابن بكر السوباش والذي ارسله الشاه عباس الصفوي الى شيراز بعد اعدام والده امامه (بكر سوباشي امر الشرطة المحليين والذي قاد اول حركة عصيان مسلح وغامر في مصير بغداد متخبطا في اعلان الولاء الى الصفوين ثم الى العثمانين فخسر الاثنين و بغداد معا ) تم قتل محمد ابن بكر في شيراز و يقال في خرسان.
إنه السور الذي صمد امام جيوش عديده لم يكن حارسا عسكريا فقط بل كان حصن حصين امام هجمات الاوبئه فما ان سمع بالطاعون قادم من اي اتجاه حتى قررت الولايه غلق ابوابها, لاحد يدخل هذه المدينه غير اهلها و كانت البضاعة و المنتوجات و الخضر تدخل عن طريق جسر واحد يربط الكرخ و الرصافة و يقطع هذا الجسر في الليل و ايام الجمعة ولم يفلح السور كل مره فاذا تماهل الناس ولم يحكموا المداخل فتك المرض بهم و بمدينتهم.
السور يحمي المدينة ايام الفيضان حيث تعلو المياه بحوالي ستة اذرع وتغطي الارض حول مدينة بغداد وقد وصفها الرحاله تكسيرا و اخرين ان الناس تستعمل الزوارق (الابلام) بعد ان تتسلق نزولا من السور بواسطة سلالم.
قام الدولة بهدم الجزء الاكبر من السور. هدم سورا لم يستطع الاعداء هده او هدمة واستعمل الطابوق ببناء المنجزات التي خلدتهم و لكن جعل بغداد بلا حارس و العوبة بيد القدر وهذا التاريخ يشهد كم حرس هذا السور ونقول بغداد الامس واليوم محروسه بعين الباري عز وجل فهو العين واليه نحتسب.
نشر في الواشنطوني العربي
غزوان فاضل قره علي (http://www.arabwashingtonian.org/arabic/author.php?issue=51&authorID=550)
سور بغداد
كاد ان ينقرض هذا الدعاء كما انقرضت الكثير من اقوال و عادات اهلنا و اجدادنا البغدادين لتحل محلها انماط جديد من الدعوات الدينيه و مقولات اجتماعيه هي خليط من بودقة العراق. لكن هذه المقوله (محروسة بسور سليمان) كانت دفينه في طيات الدماغ اندفعت الى السطح بلا شعور و تحسب استعملتها حين تمامتداح بغداد وهو كان احد الدعوات المستعملة ايام اجدادنا رحمهم الله خصوصا اذا ذهب احدهم الى الحرب او السفر او حتى في حالة المرض و الوداع.
قد ارجع بعض الناس هذا الدعاء الى قصص غير حقيقيه و نسبه الى سور النبي سليمان حتى يكون اكثر ابهة او اكثر قدسية . وانا اشير الى حقيقة وهي لو كان بهذه القدسية لانتشر خارج نطاق بغداد و لوجدته في الافلام المصريه خصوصا القديمه منها او المسلسلات السوريه او الفلسطينيه من كتب وادبيات وهي لم تكن حتى من ادعية اليهود او النصارى واهل مكة ادرى بشعابها ولكنها محلية بغداديه و لم تتعدا نطاقها الى الموصل او البصره او الكويت و حقيقة سورسليمان هو سور بغداد الذي يحيط مدينة بغداد المحروسه(المحرو ه هي اسم من اسماء بغداد في العهد العثماني).
الكل يعلم ان ابو جعفر المنصور خليفة المسلمين قد بنى بغداد في جانب الكرخ واحاطها بثلاثة اسوارو جعل السوق بين السور الثاني و الثالث وبخندق حول المدينة على شكل دائري(مدينة بغداد المدوره) اما الجانب الشرقي من بغداد فكان مركز ولي العهد محمد المهدي بناه و اكملها سنة771م و بنا قصره فيه و ذللك بامر من ابيه ابو جعفر المنصور و اصبحت المركز التجاري لسعة اسوقها و شوارعها و سميت بالرصافة. بمرور الزمن ضاقت مدينة الكرخ بسكانها لانها محصوره باسوارها فانتقل كل السوق الى الرصافة و بدأت الرصافة بالتوسع و اطلق اسم مدينة السلام على جمع الكرخ و الرصافة.
كانت اسوارهاحصينة في ايامها ضد الافراد و رشقات المنجنيق و اندحر هذا السور امام هجمات التتار حيث تدمرت مركز الخلافة العتيد و هاجر الى الغرب قليلا في دولة الفاطمين اما بغداد(بطرفيها) فعم بها الدمار ونعقت فيها الغربان. تداولت عليها الاحداث و الدول منه دولة المغول والتتار المسلمة و منها دوله التركمان (احتلال تيمورلنك) و بعدها دولة الفرس و خلال هذه الاحداث بدأت تتبلور دولة بني عثمان شمالا في تركيا و بدأت بالتوسع شرقا وغربا و لم تفكر في التوسع جنوبا الا ايام السلطان سليمان القانوني و اذا اخذ بنصيحة وزيره المشجعه على غزو مناطق العرب (العراق و ارض مكة و الحجاز) والحصول على الشرعية الدينيه. علما ان الخلافة قد انتقلت الى استنبول من القاهره قبل مايقارب الثلاثين سنه في ايام السلطان سليم ولكن ظلت غير كامله بنظر السلطان سليمان مالم تكن مدينة العلم الخالده بغداد بما فيها من مقدسات تاج الخلافة والمدن الاسلامية المقدسة الاخرى مكه والمدينة والطائف كربلاء والنجف والكاظميه.
ارسل السلطان سليمان بجنوده و قضى على حكم الفرس في حرب طويله تكللت له بالنصر ففتح العراق (الموصل و بغداد و البصره) ومكه والمدينه واطلقت له الالقاب واعتلت المنابر الدعوات للخليفة الجديد.
امر ببناء الاضرحه السنيه و الشيعيه منها و اوقف عليها وامرببناء وتحصين سور بغداد (حيث كان موجود اصلا لكنة مهدوم من اثر الغزوات و القيضانات ووسعه ليشمل مساحة اكبرودعمه من حيث الارتفاع والعرض والمتانه بما يؤهل صموده في عصر البارود وامر بحفر خندق حول المدينه لحمايتها عسكريا ومن الفيضانات المتكرره.
كان السور ممتد من باب المعظم الى باب الشرجي(الباب الشرقي) و من الشيخ عبد القادر الى نهر دجلة المعلى و في السور 97 برج للحراس و في كل برج حامية او اورطة من الجيش لحراستها, مجموع القوات الموجود للدفاع عن المدينة واستقلالها وهم حوالي 14 الف رجل من الخيالة ( فرسان ) ومقاتلي المشاة من الاتراك و العرب وجنسيات اخرى, خمسة الاف منهم يعيشون في المدينة ومنهم 1500 من الانكشارية والبقية متناثرين في مواقع حراسة السور والبوابات والمواقع الاخرى كذلك يضاف اليهم الحرس الخاص للباشا يعيشون معه في المدينة.
اما المناطق الاخرى مثل الكراده و الاعظميه والكاظمية (مقبرة القريشيين) فكانت اراضي زراعة ورعي و بساتين غير مأهوله الا فيما بعد.
هذا السور الذي لم ينكسر الا امام السلطان مراد حيث احضر له مدفعين بعيار ثقيل غير عادي لتحرير بغداد من الصفوين بعد احتلال دام خمسة عشر عاما و عمل ثغره في السور فاستسلم الوالي بكتاش خان عامل السلطان الصفوي في بغداد في صبيحة اليوم الثاني و سلم مفاتيح بغداد.
بغداد التي اخذت من قبل الصفويين غدرا وبخيانة محمد ابن بكر السوباش والذي ارسله الشاه عباس الصفوي الى شيراز بعد اعدام والده امامه (بكر سوباشي امر الشرطة المحليين والذي قاد اول حركة عصيان مسلح وغامر في مصير بغداد متخبطا في اعلان الولاء الى الصفوين ثم الى العثمانين فخسر الاثنين و بغداد معا ) تم قتل محمد ابن بكر في شيراز و يقال في خرسان.
إنه السور الذي صمد امام جيوش عديده لم يكن حارسا عسكريا فقط بل كان حصن حصين امام هجمات الاوبئه فما ان سمع بالطاعون قادم من اي اتجاه حتى قررت الولايه غلق ابوابها, لاحد يدخل هذه المدينه غير اهلها و كانت البضاعة و المنتوجات و الخضر تدخل عن طريق جسر واحد يربط الكرخ و الرصافة و يقطع هذا الجسر في الليل و ايام الجمعة ولم يفلح السور كل مره فاذا تماهل الناس ولم يحكموا المداخل فتك المرض بهم و بمدينتهم.
السور يحمي المدينة ايام الفيضان حيث تعلو المياه بحوالي ستة اذرع وتغطي الارض حول مدينة بغداد وقد وصفها الرحاله تكسيرا و اخرين ان الناس تستعمل الزوارق (الابلام) بعد ان تتسلق نزولا من السور بواسطة سلالم.
قام الدولة بهدم الجزء الاكبر من السور. هدم سورا لم يستطع الاعداء هده او هدمة واستعمل الطابوق ببناء المنجزات التي خلدتهم و لكن جعل بغداد بلا حارس و العوبة بيد القدر وهذا التاريخ يشهد كم حرس هذا السور ونقول بغداد الامس واليوم محروسه بعين الباري عز وجل فهو العين واليه نحتسب.
نشر في الواشنطوني العربي