المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من راوائع الخطب، نرجو التفاعل و التثبيت



أبو سعد المراكشي
2011-12-20, 04:26 AM
رائعة من راوائع الخطب . ..خطبة دينية بليغة ..
______________________________ _____________

سأقوم بطرح أول خطبة في هذا الموضوع، على أن يدلي إخواننا بما يحفظون من روائع الخطب حتى تكون لنا ذخرا يوم القيامة و زادا لإخواننا الخطباء و ملاذا للأدباء و متنفّسا للبلغاء


(1)

تعتبر هذه الخطبة من الخطب البليغة التي عز نظيرها وقل مثيلها لواصل بن عطاء " إمام المعتزلة في عصره " .

فقد وهب الله "عطاء" من الفطنة والفصاحة وحسن التصرف في القول ، فقد تمكن من الفرار في إبداع وخفة وحذق من ألفاظ معينة إلى مرادفاتها , وهذا يدل على قدرة فنية لا تتأتى إلا للأفذاذ.

وتكمن قيمة هذه الخطبة التاريخية في أنها تنبع من كونها أنموذجا من خطب الوعظ الخالص في القرن الثاني للهجرة, تجنب فيها واصل فتن المذاهب والدعوات المذهبية, وفيها شبه كبير بخطبتي عمر بن عبد العزيز وسليمان بن عبد الملك رضي الله عنهما, وقد اجتمع في ثلاثتها التحذير من مفاتن الدنيا, وتصوير نهاية الأحياء, والتنوية بفضل القرآن, والحث على إتباع آيه وهديه .

الخطبة بها سر عجيب وأمر غريب أترك لك هذه الخطبة أخي القارئ لتكتشفه بنفسك

نص الخطبة

الحمد لله القديم بلا غاية, والباقي بلا نهاية, الذي علا في دنوه, ودنا في علوه, فلا يحويه زمان, ولا يحيط به مكان, ولايؤوده حفظ ما خلق, ولم يخلقه على مثال سبق, بل أنشأه ابتداعاً, وعد له اصطناعاً, فأحسن كل شيء خلقه وتمم مشيئته, وأوضح حكمته, فدل على ألوهيته, فسبحانه لا معقب لحكمه, ولا دافع لقضائه, تواضع كل شيء لعظمته, وذل كل شيء لسلطانه, ووسع كل شيء فضله, لايعزب عنه مثقال حبة وهو السميع العليم, وأشهد أن لا إله إلا وحده لا مثيل له, إلهاً تقدست أسماؤه وعظمت آلاؤه, علا عن صفات كل مخلوق, وتنزه عن شبه كل مصنوع, فلا تبلغه الأوهام, ولا تحيط به العقول ولا الأفهام, يُعطي فيحلم, ويدعى فيسمع, ويقبل التوبة عن عباده, ويعفو عن السيئات ويعلم ما يفعلون. وأشهد شهادة حق, وقول صدق, بإخلاص نية, وصدق طوية, أن محمد بن عبد الله عبده ونبيه, وخاصته وصفيه, ابتعثه إلى خلقه بالبينات والهدى ودين الحق, فبلغ مألكته, ونصح لأمته, وجاهد في سبيله, لا تأخذه في الله لومة لائم, ولا يصده عنه زعم زاعم, ماضياً على سنته, موفياً على قصده, حتى أتاه اليقين. فصلى الله على محمد وعلى آل محمد أفضل وأزكى, وأتم وأنمى, وأجل وأعلى صلاة صلاها على صفوة أنبيائه, وخالصة ملائكته, وأضعاف ذلك, إنه حميد مجيد.

أوصيكم عباد الله مع نفسي بتقوى الله والعمل بطاعته, والمجانبة لمعصيته, فأحضكم على ما يدنيكم منه, ويزلفكم لديه, فإن تقوى الله أفضل زاد, وأحسن عاقبة في معاد. ولا تلهينكم الحياة الدنيا بزينتها وخدعها, وفوائن لذاتها, وشهوات آمالها, فإنها متاع قليل, ومدة إلى حين, وكل شيء منها يزول, فكم عاينتم من أعاجيبها, وكم نصبت لكم من حبائلها, وأهلكت ممن جنح إليها واعتمد عليها, أذاقتهم حلواً, ومزجت لهم سماً. أين الملوك الذين بنوا المدائن, وشيدوا المصانع, وأوثقوا الأبواب, وكاثفوا الحجاب, وأعدوا الجياد, وملكوا البلاد, واستخدموا التلاد , قبضتهم بمخلبها , وطحنتهم بكلكلها , وعضتهم بأنيابها , وعاضتهم من السعة ضيقا , ومن العز ذلاً , ومن الحيلة فناء , فسكنوا اللحود , وأكلهم الدود , وأصبحوا لاتعاينُ إلا مساكنهم , ولا تجد إلا معالمهم , ولا تحسس منهم أحد ولا تسمع لهم نَبساً .

فتزودوا عافاكم الله فإن أفضل الزاد التقوى, واتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون. جعلنا الله وإياكم ممن ينتفع بمواعظه, ويعمل لحظه وسعادته, وممن يستمع القول فيتبع أحسنه, أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب. إن أحسن قصص قصص المؤمنين, وأبلغ مواعظ المتقين كتاب الله, الزكية آياته, الواضحة بيناته, فإذا تلي عليكم فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تهتدون.

أعوذ بالله القوي, من الشيطان الغوي, إن الله هو السميع العليم. بسم الله الفتاح المنان. قل هو الله أحد, الله الصمد, لم يلد ولم يولد, ولم يكن له كفواً أحد.نفعنا الله وإياكم بالكتاب الحكيم, وبالآيات والوحي المبين, وأعاذنا وإياكم من العذاب الأليم. وأدخلنا جنات النعيم. وأقول ما به أعظكم, وأستعتبُ الله لي ولكم

ربا
2011-12-20, 06:54 AM
جزيت خيرا أخي بارك الله فيك
وإليك هذه الخطبة:-
وهي خطبة منسوبة للامام ابن الجوزي رحمه الله تعالى ولا أعلم عن صحة النسبة لكن يقال أنه خطب بها في الجامع الأموي في دمشق أيام الغزو الصليبي
"[أيها الناس...مالكم نسيتم دينكم وتركتم عزتكم وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم ،حسبتم أن العزة للمشرك ، وقد جعل الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، يا ويحكم أما يؤلمكم ويشجي نفوسكم مرآى عدو الله وعدوكم يخطر على أرضكم التي سقاها بالدماء آباؤكم ، يذلكم ويستعبدكم وأنتم كنتم سادة الدنيا، أما يهز نفوسكم وينمي حماستكم مرآى إخوان لكم قد أحاط بهم العدو وسامهم ألوان الخسف؟! ،أفتأكلون وتشربون وتتنعمون بلذائذ الحياة وأخوانكم هناك يتسربلون اللهب ويخوضون النار وينامون على الجمر؟!.


يا أيها الناس .. إنها قد دارت رحى الحرب ونادى منادي الجهاد وتفتحت أبواب السماء ، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب فافسحوا الطريق للنساء ُيدِرْنَ رحاها ، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل! فإلى الخيول وهاكم لجمها وقيودها ، يا ناس : أتدرون مم صنعت هذه اللجم والقيود؟ لقد صنعتها النساء من شعورهن لأنهن لا يملكن شيئاً غيرها، هذه والله ضفائر المخدرات لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظاً ، قطعنها لأن تاريخ الحب قد إنتهى , وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة , الحرب في سبيل الله ثم الدفاع عن الأرض والعرض .


فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها فخذوها فاجعلوها ذوائب لكم وظفائر ، إنها من شعور النساء , ألم يبق في نفسكم شعور ؟**!.


وألقى اللجم من فوق المنبر على رؤوس الناس وصرخ:
[ميــــــلي يا عمد المسجد وانقضي يا رجـــــــــــــ ــــوم
وتحرقي يا قلوب ألماَ وكمداً لقد أضاع الرجال رجولتهم ].


رحمة الله على قائلها لو كان بيننا ماعساه أن يقول؟!

أبوبكر الذيب
2012-01-06, 07:52 PM
بارك الله فيك ، وجزاك الله خيرا ..
الشيء العجيب في خطبة "واصل بن عطاء " أنه لم يحتج إلى أن يستخدم كلمة فيها حرف "الراء" ، لأنه كان أثلغا وهذا من فرط ذكائه وله أمثال هذه الخطبة كثيرٌ فقد كان داهية فطنا حتى قيل فيه :
ملقن ملهم فيما يحاوله ... جم خواطره جواب آفاق
قال الجاحظ في " البيان والتبيين " :
ولما علم واصل بن عطاء أنه ألثغ فاحش اللثغ، وإن مخرج ذلك منه شنيع، وأنه إذا كان داعية مقالة، ورئيس نحلة، وأنه يريد الاحتجاج على أرباب النحل وزعماء الملل، وأنه لا بد له من مقارعة الأبطال، ومن الخطب الطوال وأن البيان يحتاج إلى تمييز وسياسة، وإلى ترتيب ورياضة، وإلى تمام الآلة وإحكام الصنعة، وإلى سهولة المخرج وجهارة المنطق، وتكميل الحروف وإقامة الوزن، وإن حاجة المنطق إلى الحلاوة والطلاوة، كحاجته إلى الجزالة والفخامة، وإن ذلك من أكثر ما تستمال به القلوب، وتثنى به الأعناق، وتزين به المعاني، وعلم واصل أنه ليس معه ما ينوب عن البيان التام، واللسان
المتمكن والقوة المتصرفة، كنحو ما أعطى الله تبارك وتعالى نبيه موسى عليه السلام من التوفيق والتسديد، مع لباس التقوى وطابع النبوة، ومع المحنة والاتساع في المعرفة، ومع هدي النبيين وسمت المرسلين، وما يغشيهم الله به من القبول والمهابة. ولذلك قال بعض شعراء النبي صلّى الله عليه وآله:
لو لم تكن فيه آيات مبينة ... كانت بداهته تنبيك بالخبر
ومع ما أعطى الله تبارك وتعالى موسى، عليه السلام، من الحجة البالغة، ومن العلامات الظاهرة، والبرهانات الواضحة، إلى أن حل الله تلك العقدة وأطلق تلك الحبسة، وأسقط تلك المحنة. ومن أجل الحاجة إلى حسن البيان، وإعطاء الحروف حقوقها من الفصاحة- رام أبو حذيفة إسقاط الراء من كلامه، وإخراجها من حروف منطقه، فلم يزل يكابد ذلك ويغالبه، ويناضله ويساجله، ويتأتى لستره والراحة من هجنته، حتى انتظم له ما حاول، واتسق له ما أمل.
ولولا استفاضة هذا الخبر وظهور هذه الحال حتى صار لغرابته مثلا، ولطرافته معلما، لما استجزنا الإقرار به، والتأكيد له. ولست أعني خطبه المحفوظة ورسائله المخلدة، لأن ذلك يحتمل الصنعة، وإنما عنيت محاجة الخصوم ومناقلة الأكفاء، ومفاوضة الإخوان. اهــ .