مشاهدة النسخة كاملة : هل يمكن رد دعوى الاجتهاد إلا من مجتهد؟
أبو مالك العوضي
2007-02-19, 06:53 AM
أرجو من الإخوة أن يبينوا لي هذا الأمر، فقد تفكرت فيه طويلا، وتحيرت فلم أجد جوابا، فقلت أذهب إلى إخواني لعلي أجد من يشفيني في الجواب.
السؤال: هل يمكن رد دعوى الاجتهاد إلا من مجتهد؟
أعني أنه إذا جاءنا الآن من يدعي الاجتهاد، فهل يمكن رد دعواه بغير أن يكون الرادُّ عليه مجتهدا؟
وجزاكم الله خيرا.
حرملة
2007-02-19, 08:49 AM
باب الإجتهاد مفتوح والمدّعون إلى وصول درجاته كثيرون في عصرنا ولا يخفى حال الرجل عند ما يصل إلى تلك المرتبة السامية وقد بسط مراتب الاجتهاد والمجتهدين علماء الأصول وشرحها النووي في مقدمة المجموع والسيوطي وابن العربي والشاطبي وغيرهم فإذا أثبت الشخص دعواه تلك بأن يكون ضليعا بفهم آيات وأحاديث الأحكام لغة وشرعا وذا معرفة تامة بالناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة ، و متمكناً من معرفة مسائل الإجماع ومواقعه؛وعارفا لوجوه القياس وشرائطه المعتبرة، وعلل الأحكام، وطرق استنباطها من النصوص، وعالما بمعرفة الرواة وطرق الجرح والتعديل، وعلم الرجال،ومتضلعا بعلوم اللغة العربية من لغة ونحو وصرف ومعان وبيان وأساليب؛ ومنها: معرفة حكم العموم والخصوص، والحقيقة والمجاز، والإطلاق والتقييد، ما قد لخّصه الإمام الشاطبي بقوله : إنما يحصل الاجتهاد لمن اتصف بوصفين: فهم مقاصد الشريعة على كمالها أولاً... والتمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها ثانياً . إذا أثبت ذلك ينبغي عدم نكرانه لأن سلفنا لم ينكروا وصول أحمد بن حنبل والشافعي والثوري وابن راهويه وغيرهم إلى درجة الإجتهاد بل احترموهم واقتدوا بهم فيما أصابوا فيه الحق وتجنبوا عن زلاتهم، وكذلك إذا أتانا اليوم رجل اشتمل خصال الإجتهاد نحترمه ونجلّه ونتأدب معه لكن يجوز أن يخالفه من هو أدنى منه علما فيما أخطأ فيه ويناقشه ويناظره على ذلك فقد ردّ على الأئمة في مسائل من هم أقل منهم درجة ولا عيب في ذلك فما منا إلا راد ومردود عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن صفات المجتهدين والعلماء الربانيين التواضع وعدم المفاخرة بمعارفهم فقد دفن الكثيرون منهم كتبهم كزفر وابن المبارك والثوري وغيرهم قال علي بن المديني : كان سفيان الثوري إذا سئل عن شيئ يقول : لا أحسن، فنقول : من نسأل ؟ فيقول : سل العلماء ، وسل الله التوفيق . وقد سئل الإمام أحمد عن مسألة فقال للسائل: سل غيرنا، سل الفقهاء سل أبا ثور . قالوا ذلك مع جلالتهم وغزارة علمهم فأنى لهذا يدّعي الإجتهاد ويجادل بها ؟ لا أهمية للألقاب وإنما المعيار المعرفة الحقيقية لدى الإنسان التي بها يكون مجتهدا وإماما . وأختم هذا الكلام بدعاء ختم به الحافظ الخطيب البغدادي كتابه مسألة الإحتجاج بالشافعي : نسأل الله تعالى إلحاقنا بالصالحين وتوفيقنا لسلوك طريقة أئمتنا الماضين وأن لا يجعلنا من الشاكين المرتابين ويتولى عصمتنا في حال الدنيا والدين فإنا إياه نعبد وبه نستعين.
أبو حماد
2007-02-19, 11:06 AM
هذه المسألة مفرعة عن المسألة المشهورة عند أهل العلم بالاجتهاد الجزئي، وهو أن يتهيأ للناظر الاجتهاد في بعض المسائل دون أن يمتلك ناصية الاجتهاد المطلق الكلي، فهل له في هذه الحالة أن يجتهد أم لا؟.
والراجح والعلم عند الله جريان الاجتهاد الجزئي، فمن علم حجة على من لا يعلم، ولو قُصر القول بالاجتهاد على من أحاط أو كاد بعلوم الشريعة فلن يقع إلا للنوادر الأفذاذ من الأمة على مر العصور، والمتتبع لسير الكثير من علماء السلف يجد أن كثيرا منهم كان يبرز في فنون ومسائل بأعيانها.
وغالب ما يذكره علماء الأصول من شروط المجتهد إنما تكون شروطاً ذهنية مجردة، يختفي غالبها عند التطبيق، ذلك أن أولئك الأصوليين أنفسهم لا تجتمع فيهم تلك الشروط ولا أكثرها.
أبو مالك العوضي
2007-02-19, 01:50 PM
يبدو أن الإخوة فهموا شيئا غير ما أقصد، أو لعل الخطأ مني في التعبير
أنا لا أتكلم عن شروط الاجتهاد ولا عن وجوده ولا عن بلوغ بعض الناس لمرتبته، وإنما أنا أتكلم عن مسألة محددة جدا، وهي :
( إذا أراد بعض الناس أن يرد دعوى الاجتهاد من آخر، فهل يستطيع ذلك من غير أن يكون هو نفسه مجتهدا؟ )
مثال:
فلان من الناس ادعى بلوغ رتبة الاجتهاد، وأنت ترى أنه ليس أهلا لهذه المرتبة، فهل يمكنك أنت أن تثبت ذلك من غير أن تكون أنت مجتهدا؟ وهل يمكنك أن ترد دعواه من غير أن تكون أنت نفسك مجتهدا؟
أسامة بن الزهراء
2007-02-19, 02:08 PM
الشيخ الفاضل الحبيب ، معذرة على التطفل ،
لكن يحتاج إلى أن يتفق أولا على : من هو المجتهد
فالأمر نسبي ، أم أني مخطئ
أبو مالك العوضي
2007-02-19, 02:10 PM
المقصود بالمجتهد في السؤال هو المجتهد المطلق الذي يستقل باستخراج الأحكام من النصوص
بن حمد آل سيف
2007-02-19, 02:17 PM
( إذا أراد بعض الناس أن يرد دعوى الاجتهاد من آخر، فهل يستطيع ذلك من غير أن يكون هو نفسه مجتهدا؟ )
تأملتُ يا شيخنا كلامكم ..و يظهر لي أن دعوى الاجتهاد تسمى ( دعوى ) حتى تثبت .
و طالما هي خارجة عن محل الثبوت فيمكن مناقشة المدعي إلى حين قدرته على إثباتها .
و لكن السفسطة في هذه الإشكالية ممكنة ، كأن يقال هي ثابتة عنده فلا عبرة بالمانع .
و الجواب : إذا كان ثابتة عنده . فهو لا يلتفتُ إلى من ينفيها ولو كان مجتهداً أيضاً .
والإيرادات كثيرة كما قرأناها في ملتقى أهل الحديث..و عيه فأسلم طريق / هو ما كان من عادة أئمة السلف من أن يُشهد لهم بالعلم و الإمامة من علماء عصرهم، لأنهم مؤتمنون.
فإذا وجد هذا فقد كشفوا لنا عن المجتهد ..و إلا فلا.!!
و لايسوغ لمن لم يحصل له ذلك دعوى الاجتهاد..و فيه غلق لباب شرٍّ عظيم.
أبو مالك العوضي
2007-02-19, 05:09 PM
لا أدري لماذا لا أستطيع توصيل مقصودي ؟!!
أخي الكريم، أنت تتكلم في مسألة مختلفة تماما عما أتحدث عنه أنا
أنا لا أنازع في أن العالم لا بد له أن يتأهل، ولا بد أن يشهد له علماء عصره، ولا بد ... ولا بد ...
وهناك مسائل كثيرة في موضوع الاجتهاد والتقليد، والنقاش فيها يطول.
ولكن المراد هنا هو مسألة واحدة معينة محددة، وهي أنه إذا جاء من يدعي الاجتهاد وأراد بعض الناس أن يرد هذه الدعوى فلا بد أن يكون هذا الراد مجتهدا كي يستطيع أن يبطل دعوى المدعي.
هذا ما أظنه وما أتوقعه
ولكن بعض الناس يخالفني في ذلك ويقول: لا يشترط ذلك، وحينئذ يرد هذا السؤال، كيف سيبطل هذا الذي ليس مجتهدا دعوى من يدعي الاجتهاد؟
يعني المطلوب تصور المسألة أولا، وإذا أراد أن يجيب بعض الإخوة منتحلا الاجتهاد في الجواب فلا يفعل؛ لأن المطلوب جواب من ليس مجتهدا أصلا
أبو مالك العوضي
2007-02-19, 05:11 PM
أرجو أن يكون المطلوب قد اتضح
حرملة
2007-02-19, 08:12 PM
سل غيرنا، سل الفقهاء سل أبا ثور:)
بن حمد آل سيف
2007-02-19, 09:58 PM
أرى الشيخ قد غضب علينا قليلاً ..بارك الله فيه
عندي سؤال (يهمني) عن لازم القول باشتراط كون الراد مجتهداً؛ على ضوء ما تفضّلتَ بشرحه / لو جاءنا دعيٌّ من أدعياء الاجتهاد ..فليس لنا ردّ دعواه بما أننا لسنا بمجتهدين! هل هذا التقعيد يسوغ.
عفواً فقد جاء التساؤل على بالي ..
أبو مالك العوضي
2007-02-20, 12:05 AM
أنا لم أغضب يا أخي الكريم
ولكن الخروج عن محل النقاش غالبا يكون مضيعة للوقت، وهذا لا يريده أحد منا
وأنت لو جاءك مدعٍ للاجتهاد، فلك كامل الحرية في أن لا تقتنع بقوله، ولكن ليس كلامي عن الاقتناع وعدمه، ولكن كلامي فيما إذا أردت أنت أو غيرك أن يناظره ليبطل دعواه
ولكي نقرب المسألة وندخل في النقاش مباشرة، لنفرض أن لدينا شخصين: الأستاذ ( مجتهد ) والأستاذ ( مقلد ).
جاء الأستاذ ( مجتهد ) وقال: أنا بلغت رتبة الاجتهاد
فقال له الأستاذ ( مقلد )، كلا أنت لم تبلغ رتبة الاجتهاد
فقال له الأستاذ ( مجتهد ): ناظرني، فإن أثبت لي أني لست مجتهدا فأنت مجتهد، وقد افترضناك ( مقلدا )، هذا خلف، فثبت أنك لن تستطيع أن تثبت لي ذلك، فتبطل المناظرة.
فقد يقول له الأستاذ ( مقلد ): بل أستطيع أن أثبت لك ذلك بغير أن أكون مجتهدا، وذلك أني - مثلا - أعلم من نفسي أنني لست مجتهدا، وأعلم من نفسي أيضا أنني أعلم منك، وهذا يفيد ببداهة العقل أنك لست مجتهدا، ولست أحتاج أن أبلغ رتبة الاجتهاد لكي أستدل ببداهة العقل، فثبت المطلوب، وهو أنك لست مجتهدا.
هذا ابتداء المناظرة كما يخطر في بالي، ويمكن أن يستمر الكلام على نحو هذه الوتيرة
والسؤال هو: هل يستطيع الأستاذ ( مقلد ) أن يرد دعوى الأستاذ ( مجتهد ) بغير أن يحتج بحجج المجتهدين؟ لأنه إن احتج بحجج المجتهدين فسيناقض الفرضية الأولى وهو أنه ليس مقلدا.
أرجو أن يكون اتضح مرادي، وأعتذر إلى إخواني من عبارتي السابقة إن كان فيها ما يسوء
بن حمد آل سيف
2007-02-20, 02:45 AM
نعم هو واضح ..و سألتك بارك الله فيك .. عن لو جاءنا الأستاذ (مقلد) و ادعى الاجتهاد فليس لنا أن نعترض عليه (و المسألة تجاوزت عدم قناعتنا به) ..يقول لنا (مقلد) أنا مجتهد و أنتم لم تدعوا الاجتهاد فلا حقَّ لكم في الاعتراض عليّ ! إما أن تحضروا لي مجتهداً أمامي ههنا ليناظرني أو اتركوا الورع و ادعوا الاجتهاد للاعتراض عليّ ..و ليس لكم عندي غير هذا !!
هذه هي المشكلة ..يعني يا شيخنا الكريم لما أتينا لنغلق باباً على المتعالمين فتحنا لهم باباً آخر .
الباب الذي تريد إغلاقه = اعتراض الصغار من المقلدة على العلماء وليس لهم بذلك أهلية ولا حق.
و الباب الذي فتحته = أننا لا نقدر أن نردَّ عليهم -فلسنا مجتهدين- لو ادعي أحدٌ منهم أنه وحيد عصره ! و قال في العلماء هم رجال ونحن رجال ..
هذا ما كنت أقصد أن أقوله لك منذ أول الموضوع .
تأمل كلامي يا أبا مالك
أبو مالك العوضي
2007-02-20, 07:15 AM
يا شيخنا كلامك هذا هو نفسه ما لا أريده، وهو نفسه ما أسأل عنه!
هل أنا قلت في مشاركتي إنه يستحيل أن نرد عليه؟
أنا سألت: كيف يمكن أن نفعل ذلك، فهذا هو المطلوب منك، أن تخبرني كيف ترد دعواه بحجج منطقية، من غير أن تستعمل حجج المجتهدين.
وهناك فرق بين الاقتناع والمناظرة، فقد تكون على قناعة تامة بأن فلانا من أدعياء العلم وليس من طلبة العلم فضلا عن أن يكون مجتهدا، ولكن هذا شيء وإثبات ذلك بالبرهان وإفحامه في المناظرة شيء آخر.
أبو مالك العوضي
2007-02-21, 08:33 PM
أرجو أن لا أكون قد أثقلت على إخواني
فالرجاء الإفادة من الإخوة الأفاضل والمشايخ الكرام
أبو إبراهيم المكي
2007-07-30, 05:24 PM
الاجتهاد : هو القدرة على الاستدلال والاستنباط من نصوص الكتاب والسنة ؛ فمن بلغ من علوم الشرع والوسائل ما يمتلك به القدرة على الاستدلال والاستنباط = فنشهد له بالاجتهاد . ومن يشهد له بذلك ؛ لا بد أن يكون معه من العلوم ما يستطيع التمييز به بين درجات العلم .. فلا نقبل شهادة جاهل . ولله در بعض أهل العلم إذ يقول : (وشهادة من لا يعرف النحو أو الهندسة أو الطب لإنسان بأنه نحوي أو مهندس أو طبيب شهادة زور ، وقول بلا علم .
وفي المثل : (لا يعرف الفضل لذوي الفضل إلا أهل الفضل) .
هذه وجهة نظري ، والله أعلم .
أبو مالك العوضي
2007-07-30, 05:27 PM
ليس المقصود الكلام عن الشهادة لأحد بأهلية الاجتهاد، وإنما كلامنا عن العكس من ذلك، وهو الشهادة على فلان بأنه ليس أهلا للاجتهاد.
فهل يمكن الشهادة على شخص بأنه ليس أهلا للاجتهاد من شخص ليس مجتهدا أصلا؟
هذا هو السؤال المقصود
والذي أعتقده أنه لا يمكن ذلك، وبهذا نرد على من يزعم خلو الزمان من مجتهد.
أبو إبراهيم المكي
2007-07-30, 05:32 PM
فهل يمكن الشهادة على شخص بأنه ليس أهلا للاجتهاد من شخص ليس مجتهدا أصلا؟
هذا هو السؤال المقصود
والذي أعتقده أنه لا يمكن ذلك، وبهذا نرد على من يزعم خلو الزمان من مجتهد.
وهو عين الصواب .
عبدالعزيز بن سعد
2007-07-30, 06:19 PM
يبعد من عالم ورع أن يدعي بلوغ رتبة الاجتهاد المطلق
ولكن لكل من بحث مسألة من طلاب العلم أن يرجح حسب الأصول العلمية، ويقول هذا ما وصل إليه اجتهادي ولا ألزم به أحدا
ولا يحق لأحد أن يصادر حقه في ذلك
لأن الأمر ديانة
ويحرم عليه أن يعمل شيئا يعتقده حراما، أو يترك شيئا يعتقده واجبا
"كل نفس بما كسبت رهينة"
عبدالعزيز بن سعد
2007-07-30, 06:22 PM
وجدت نقلا جميلا في كتاب الفروع 11/116 - طبعة الدكتور التركي، فعجبت من إيراد ابن مفلح له مع طوله، ونفاسته،
فقلت: كم في الزوايا من خبايا
قال ابن مفلح:
وقال ابن الجوزي في كتابه السر المكتوم : هذه الفصول هي أصول الأصول ( وهي ) ظاهرة البرهان ، لا يهولنك مخالفتها لقول معظم في النفس ولطعام وقد قال رجل لعلي عليه السلام : أتظن أنا نظن أن طلحة والزبير على الخطإ وأنت على الصواب ؟ فقال : إنه ملبوس عليك ، اعرف الحق تعرف أهله .
وقال رجل للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : إن ابن المبارك قال كذا ، فقال : إن ابن المبارك لم ينزل من السماء .
وقال أحمد : من ضيق على الرجل أن يقلد ، والله أعلم : وقال أيضا : لما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم بعثه على أقوم منهاج ، وأحسن الآداب ، فكان أصحابه على طريقه وجمهور التابعين ، ثم دخلت آفات وبدع ، فأكثر السلاطين يعملون بأهوائهم وآرائهم ، لا بالعلم ، ويسمون ذلك سياسة ، والسياسة هي الشريعة .
والتجار يدخلون في الربا ولا يعلمون وقد يعلمون ولا يبالون ، وصار جمهور العلماء في تخليط ، منهم من يقتصر على صورة العلم ويترك العمل به ، ظنا منه أنه يسامح لكونه عالما ، وقد نسي أن العلم حجة عليه .
ومنهم من يطلب العلم للرياسة لا للعمل به ، فيناظر ، ومقصوده الغلبة لا بيان الحق ، فينصر الخطأ ، ومنهم من يجترئ على الفتيا وما حصل شروطها ، ومنهم من يداخل السلاطين فيتأذى هو مما يرى من الظلم ولا يمكنه الإنكار ، ويتأذى فيقول : لولا أني على صواب ما جالسني هذا ، ويتأذى ، العوام بذلك فيقولون : لولا أن أمر السلطان قريب ما خالطه هذا العالم ، ورأيت الأشراف يثقون بشفاعة آبائهم وينسون أن اليهود بنو إسرائيل ، ورأيت القصاص لا ينظرون في الصحيح ، ويبيعون بسوق الوقت ورأيت أكثر العباد على غير الجادة ، فمنهم من صح قصده ، ولا ينظرون في سيرة الرسول وأصحابه ، ولا في أخلاق الأئمة المقتدى بهم ، بل قد وضع جماعة من الناس لهم كتبا فيه رقائق قبيحة ، وأحاديث غير صحيحة ، وواقعات تخالف الشريعة ، مثل كتب الحارث المحاسبي وأبي عبد الله الترمذي وأبي طالب المكي ، فيسمع المبتدئ ذم الدنيا ولا يدري ما المذموم ، فيتصور ذم ذات الدنيا ، فينقطع في الجبل ، ويقتصر على البلوط والكمثرى أو اللبن أو العدس ، وإنما ينبغي لقاصد الحج أن يرفق بالناقة ليصل .
ثم ذكر بعض ما ننقل عن أبي يزيد [ وداود الطائي وبشر وغيرهم فحلف أبو يزيد ] لا يشرب الماء سنة .
وكان داود يشرب الماء الحار من دن ، ويقول بشر : أشتهي منذ خمسين سنة الشواء فما صفا لي درهمه ، وتكلم عليه بمقتضى الشرع وقال : التقليد للأكابر أفسد العقائد ، ولا ينبغي أن يناظر بأسماء الرجال ، إنما ينبغي أن يتبع الدليل ، فإن أحمد بن حنبل أخذ في الجد بقول زيد بن ثابت وخالف أبا بكر الصديق رضي الله عنهم ، وقد قال علي عليه السلام : اعرف الحق تعرف أهله .
وقد ذكر لأحمد بن حنبل كلمات عن إبراهيم بن أدهم فقال : وقفنا في ثنيات الطريق ، عليك ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وتكلم أحمد في الحارث المحاسبي ، وبلغه عن سري السقطي أنه قال : لما خلق الله تعالى الحروف وقف الألف وسجدت الباء .
فقال : نفروا الناس عنه ، وكان الشافعي يرد على مالك .
وهذه طريقة المتزهدين ، لم يكن عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ، ولا سلكوا ما رتبه أبو طالب المكي في لرياضة .
ثم ذكر أن هؤلاء المتزهدين إن رأوا عالما لبس ثوبا جميلا أو تزوج مستحسنة أو ضحك ، عابوه ، وهذا في أوائل الصوفية ، فأما في زماننا فلا يعرفون التعبد ولا التقلل ، وقنعوا في إظهار الزهد بالقميص المرقع ، فما العجب في نفاقهم ، إنما العجب نفاقهم ، ثم ذكر أنهم يدخلون في قوله تعالى { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } وكيف لا يوصف بالاستدراج من يعمل لثبوت الجاه بين الخلق ويمضي عمره في تربية رياسته ليقال هذا فلان ، أو في تحصيل شهواته الفانية مع سوء القصد ، وقال : طلب الرياسة والتقدم بالعلم مهلكة لطالبي ذلك ، فترى أكثر المتفقهين يتشاغلون بالجدل ويكثر منهم رفع الأصوات في المساجد بذلك ، وإنما المقصود الغلبة والرفعة ، فهم داخلون في قوله صلى الله عليه وسلم { من تعلم علما ليباهي به العلماء ، أو ليماري به السفهاء ، أو ليصرف وجه الناس إليه لم يرح رائحة الجنة } ومنهم من يفتي ولا يبلغ درجة الفتوى ، ويري الناس صورة تقدمه فيستفتونه ولو نظر حق النظر وخاف الله تعالى علم أنه لا يحل له أن يفتي .
وكتاب السر المكتوم لابن الجوزي، لا أعرف عنه شيئا، فلعل الإخوة يفيوننا عنه...
أبو عبدالله النجدي
2007-07-31, 05:31 PM
السؤال: هل يمكن رد دعوى الاجتهاد إلا من مجتهد؟
هذه خواطر...
ـ إن تقسيم الناظرين في الفقهيات إلى مجتهد/مقلد، تقسيم نظري، فأما في الخارج فيندر وجود المقلد المحض، والمجتهد المحض، وذلك في سائر العصور، ومن ثم فإن تنزيل الأحكام تأسيساً على هذا التقسيم الثنائي غير مسلم، وقد أنتج بعض المشكلات في الواقع، ولهذا لجأ الأصوليون عند بحثهم في الباب أن يتحدثوا عن تجزؤ الاجتهاد، وحتى على القول بعدم التجزؤ يمكن المقلد أن يجيب بما يأتي.
ـ أن للمقلد أن يتصرف في الوقائع لا بائتناف الاجتهاد، بل بحكاية أقوال المجتهدين في شرائط الاجتهاد، وله أن يُعملها في الواقع على الأشخاص والأعيان على سبيل تحقيق المناط الخاص، وهو ما لا خلاف فيه بين الأصوليين.
وحتى لو عدم نصاً من مجتهد في مسألة خاصة، فله أن يتصرف فيها بالتخريج على أقوال المجتهد.
ومقلدو المذاهب لا يعدون ذلك اجتهاداً مؤتنفاً، وإنما هو حكاية وتخريج، ونقل وتحقيق.
أبو مالك العوضي
2007-07-31, 05:40 PM
بارك الله فيكم شيخنا، ولعلكم تزيدوننا من فوائدكم، لا عدمناكم
وعندي تعقيب أرجو أن تقبلوه من تلميذكم:
وهو أن سؤالي لا يتأثر بتغير التقسيم ولا بتغير تعريف المجتهد، وذلك أن تصوير المسألة أن (بعضهم يدعي الاجتهاد) و(بعضهم يريد الإنكار عليه)، فهذه هي مسلمات المسألة التي ينبني عليها السؤال (هل يصح لهذا المنكر أن ينكر وهو لم يبلغ درجة الاجتهاد)، فلا يصح بعد ذلك أن يقال: لا بد من تحديد معنى المجتهد؛ لأننا سلمنا أصلا من ابتداء السؤال أننا نعرف معناه بقولنا (بعضهم يدعي الاجتهاد) فأي تعريف ستتصوره للاجتهاد في صدر المسألة هو نفسه الذي يقع عليه السؤال.
ولا يتأثر ذلك أيضا بتجزؤ الاجتهاد وعدمه؛ لأنه لو كان يتجزأ فسيكون الإنكار على المجتهد المجتزئ من مجتهد مجتزئ، ولو لم يكن يتجزأ فسيكون الإنكار من مجتهد مطلق على مجتهد مطلق، وهكذا أيضا عند اختلافنا في شروط الاجتهاد أو في تحقيق مناطها وغير ذلك.
أرجو أن يكون كلامي واضحا.
أبو مالك العوضي
2007-07-31, 05:42 PM
المقصود ( هل يمكن أن يقدح إنسان في أهلية إنسان للاجتهاد، وهو نفسه غير مجتهد )
أمجد الفلسطيني
2007-07-31, 06:31 PM
والذي أعتقده أنه لا يمكن ذلك، وبهذا نرد على من يزعم خلو الزمان من مجتهد.
أي يجوز رد دعوى الاجتهاد من غير المجتهد
وهو الذي يظهر لأن شروط الاجتهاد منصوص عليها متى ما توفرت في شخص قبلنا منه دعوى الاجتهاد
وكونها منصوص عليها لم يصح قصر استعمالها (معرفة كونها متوفرة في الشخص الفلاني أم لا ) على المجتهد
لأنه ممكن من غيره وليس بمتعذر
فمثلا شرط العلم بالعربية وعلومها يمكن لغير المجتهد أن يعرف كون هذا الشرط متوفر في مدعي الاجتهاد أم لا لأنه قد علم موضوع علم العربية وأهدافها وفنونها وشدا من ذلك طرفا
بحيث أصبح يميز بين المتمكن من هذه العلوم وغير المتمكن
وهكذا يقال في باقي الشروط
ومثله قولنا لا يشترط رد دعوى المحدث إلا من محدث لأن طالب علم الحديث الذي لم يبلغ درجة المحدث بإمكانه التمييز بين المحدث وغير المحدث
لأنه أخذ أصول هذا الفن وشدا منه طرفا فهو يعلم أن المرسل والمنقطع ونحوها من أنواع الضعيف
ويعلم أن من شرط الصحة الخلو من العلة وووو
فلو رأى هذا المدعى يخالف هذه الأمور أو يجهلها لم يشهد له بأنه محدث
وهكذا يقال فيما خفي من مسائل هذا العلم والله أعلم
أبو مالك العوضي
2007-07-31, 07:01 PM
إن كنت تعني أنني أعني ذلك، فلا !
وإن كنت تقصد أن هذا هو ترجيحك بناء على ما ذكرتَه، فهو غير مسلم؛ لأن شروط الاجتهاد هذه مختلف فيها، والذي يريد أن يطبقها على غيره تقليدا لا يستطيع أن يلزم بها غيره، فإن قصارى أمره أن يقول: (هذه هي شروط الاجتهاد ، وهي ليست فيك = ينتج أنت لست بمجتهد)
فيمكن المخالف أن يقول: ( لا أسلم بالمقدمة الأولى؛ لأنك قلتها تقليدا ولم تأت بحجة عليها، ولا أسلم بالمقدمة الثانية أيضا؛ لأنها تندرج في تحقيق المناط أي تحقق وجود هذه العلوم عندي، فكيف تعرف أنها ليست عندي وأنت لا تعلمها أصلا )
وقولك ( يمكنه تمييز المحدث من غير المحدث ) أعم من موطن النقاش أصلا، فتأمل!
نقاشنا ليس عن أن العامي يستطيع أن يميز أن هذا محدث وهذا غير محدث، فمسألة التمييز لا تستلزم الحكم.
ولكن نقاشنا عن أنه هل يمكن هذا العامي أن يحكم على هذا الشخص بأنه ليس أهلا للاجتهاد أو للتحديث أو نحو ذلك، بحيث يناقشه ويفحمه بالحجة؟!
ولو كان كلامك صحيحا في سماع دعوى العوام لما عدمنا من يقدح في أهلية العلماء المجتهدين من العوام، وكثيرا ما نسمع هذا الكلام من العوام؛ فيأتون إلى أجهل الناس وأضلهم وأكثرهم اتباعا للهوى، فينعتونه بأنه شيخ الإسلام العالم العلامة البحر الفهامة، ويأتون إلى التقي الورع المتقن الذي جمع بين العلم والعمل، فينعتونه بأنه شحات زبال لا يعرف ألف باء !!
وهذا كثير عند العوام لا يمكن إنكاره
ابن مفلح
2007-08-01, 10:20 AM
شيخنا الأريب:
الذي يظهر لي أن المقلد له رد دعوى الاجتهاد ممن ادعاها ولايلزم أن يكون الراد مجتهدا لأن شروط الاجتهاد معروفة مدونة وكثيرا منها مجمع عليه ولاتخفاكم شيخنا الحبيب فكل من قرأها ووعاها وإن لم يكن مجتهدا فإنه يستطيع أن يقول فلان مجتهد وفلان غير مجتهد.
وماورد عن إمام دار الهجرة أنه ما أفتى حتى أذن له مشايخه بالإفتاء _ولايفتي في زمانهم إلا المجتهد_ وان الرجل لاينبغي أن يزكي نفسه ...
فهذا لايشكل على تقريرنا أن لغير المجتهد الحكم بعدم الاجتهاد على من ادعاه لأن هذا الأثر ليس فيه اشتراط الحكم بهذا من مجتهد .
ثم يلزم التسلسل لأن هذا لن يكون مجتهدا إلا بشهادة ذالك المجتهد له وذاك لن يسلم له الاجتهاد إلا بشهادة مجتهد ثالث لا الأول لأن الأول أصلا لن يسلم له ادعاؤه إلا بشهادة الثاني ، والثالث لابد له من شهادة رابع وهلم جرا.
فلو عدم المجتهد في زمن_ كما عليه الجمهور_ فلازمه سد الباب إلى قيام الساعة وإلا لزم الدور الممتنع لأنه لوبرز من يدعي الاجتهاد فمن يشهد له إلا مجتهد على هذا الزعم ؟والثاني أصلا من يشهد له _والفرض ان الزمان خلا من المجتهدين _إلا فلان الأول الذي ادعاه وهذا الثاني، وكل منهما لن يسلم له إلا بشهادة الآخر وصحة كونه مجتهدا ؟.وهذا واضح بين لمن تأمله.
ثم العلماء مازالوا ينكرون على من ادعى الاجتهاد انه مجتهد وهم عند أنفسهم وعند أهل مذاهبهم ليسوا مجتهدين كالسخاوي في إنكاره على السيوطي.
والرملي وهو ليس مجتهدا تعقب السيوطي ونفى عنه الاجتهاد وهذا واضح بحمد الله.
ثم قد قالوا إن العامي يجتهد في سؤال من يظن فيه العلم وذكروا قرائن والعامي ادنى درجة من المقلد المشتغل بمذهب ومع ذلك فظنه أن فلانا مجتهد وفلانا غير مجتهد معتبر بشروطه.
ثم أهل كل فن المشتغلون به قادرون على بيان الذكي من الدعي وهذا في كل العلوم شرعيها ولغويها وتجريبيها.والله تعالى أعلم.
أبو مالك العوضي
2007-08-01, 03:52 PM
تعقب الرملي للسيوطي واضح البطلان، وإن لم يكن السيوطي مجتهدا فليس في الدنيا مجتهد
وأما أن شروط الاجتهاد معروفة ومدونة ومعظمها مجمع عليه، فغير مسلم.
فأنا إلى الآن لم أقف على كتاب واحد من أصول الفقه ذكر شروط الاجتهاد محررة بحيث تسلم من الاعتراض
أبو مالك العوضي
2007-08-01, 03:54 PM
لزوم التسلسل غير صحيح يا شيخنا؛ لأن الذين يقولون بأن المجتهد قد يخلو الزمان منه لا يقولون باشتراط شهادة المجتهد للمجتهد.
ثم إنه إذا جاز خلو الزمان من مجتهد على قولك، فما المانع أن يخلو الزمان من مجتهد إلى يوم القيامة، فلا يكون هناك دور ممتنع؟!
أبو مالك العوضي
2007-08-01, 03:55 PM
قولك:
(أهل كل فن المشتغلون به قادرون على بيان الذكي من الدعي وهذا في كل العلوم شرعيها ولغويها وتجريبيها)
هذا حجة لي لا علي يا شيخنا، فتأمل! (ابتسامة)
إذًا يلزمك على هذا أنه لا يصح لغير أهل هذا الفن أن ينكروا على أهل الفن، وهو المطلوب
أبو مالك العوضي
2007-08-01, 03:56 PM
وقولك (إن عدم المجتهد كما عليه الجمهور) فيه نظر
فالذي عليه الجمهور (بل هو الإجماع الذي لا يمكن أن يصح غيره) أن الأرض لا يمكن أن تخلو من قائم لله بحجة
ومن قال غير ذلك فلم يتصور المسألة
أبو مالك العوضي
2007-08-01, 03:59 PM
وحتى لو سلمنا جدلا أن شروط الاجتهاد مكتوبة ومدونة
فهل يجوز عندك أن يأتي مجتهد تحققت فيه شروط الاجتهاد واختبره العلماء فوجدوه أهلا للاجتهاد، ثم وجدناه يقول: هذه الشروط للاجتهاد غير صحيحة؟
أمجد الفلسطيني
2007-08-01, 05:59 PM
إن كنت تعني أنني أعني ذلك، فلا !
بارك الله فيك لما ذكرت أن اختيارك فيه رد على من يزعم خلو الزمان من مجتهد
فهمت أنك تقول يمكن رد الاجتهاد من غير مجتهد لأني كنت أظن أن حجة من زعم خلو الزمان من مجتهد أن دعوى الاجتهاد لا ترد إلا من مجتهد والمجتهد عندنا عدم منذ الأربعمائة وعليه يلزم الدور
لكن أنت تقول لا ترد دعوى الاجتهاد إلا من مجتهد فكيف يكون في هذا ردا على من يزعم خلو الزمان من مجتهد لم أتصوره ؟؟
أما إشكالك عن شروط الاجتهاد فلا بد أن يكون الكلام واقعي لا فرضي فمثلا ننحن لا نتصور عالما ينكر أن من شروط الاجتهاد العلم بالكتاب وعلومه والسنة وعلومها والعربية وعلومها وأصول الاستدلال وطرقه فهذا مما أجمع عليه
نعم ممن أن يقع الخلاف في اشتراط القدر المطلوب من هذه العلوم
لكن هذا ليس مؤثرا هنا لأنا مرادنا اشتراط القدر الذي يتفق عليه العقلاء من الطرفين أو اشتراط القدر الذي تصح معه دعوى الاجتهاد
فلو قال يكفيني من علم القرآن البقرة وتفسيرها لم يصح اشتراط هذا القدر اتفاقا
فالمراد القدر الذي يتفق عليه العقلاء
إذا تقرر ذلك فطالب العلم والعالم الذي لم يبلغ رتبة الاجتهاد من عرف هذه العلوم وشدا منها طرفا وتأصل بها وعلم اشتراط معرفتها بقدر مخصوص نص عليه العلماء لبلوغ رتبة الاجتهاد
يمكنه أن يحكم على الشخص هل استوفى القدر المخصوص من هذه العلوم أم لا
ومثله قولنا في رد دعوى المحدث من مدعيه ولم أقصد في هذا المثال العامي لأنه قلت أن عرف هذا العلم وشدا منه طرفا يعني تأصل فيه وإن لم يبلغ رتبة المحدث فمن عرف حكم المعضل ووو دقائق علم العلل
ثم وجد مدعى بلوغ درجة المحدث لا يتقنها أو يجهلها أمكنه رد دعواه
وهكذا في باقي العلوم
لأن أهل العلم اتفقوا على قدر مخصوص في كل فن من قصر عنه حكم عليه بأنه ليس من أهل هذا الفن
فيمكن المخالف أن يقول: ( لا أسلم بالمقدمة الأولى؛ لأنك قلتها تقليدا ولم تأت بحجة عليها، ولا أسلم بالمقدمة الثانية أيضا؛ لأنها تندرج في تحقيق المناط أي تحقق وجود هذه العلوم عندي، فكيف تعرف أنها ليست عندي وأنت لا تعلمها أصلا )
كما أسلفت فهناك قدر متفق عليه إذا أنكره كان مكابرا
وقولك " وأنت لا تعلمها أصلا " خطأ لأنه يعلمها وتأصل فيها لكن لم يبلغ فيها القدر المشروط لبلوغ رتبة الاجتهاد
وبلوغ ذاك القدر لا يترط في رد الدعوى لما تقدم وهو أن بمجرد معرفة الطالب هذه العلوم والتأصل فيها أمكنه معرفتة المتصف بها من غيره كما تقدم في المحدث ونحوه
أبو مالك العوضي
2008-04-25, 06:44 PM
وفقك الله
كلامك صحيح في أن طالب العلم يستطيع أن ( يعرف ) أن هذا الشخص أو ذاك يمكن أن يكون مجتهدا أو لا يمكن .
ولكنه لا يستطيع أن ( يحكم ) على ذلك ، ولا أن ( يناظر ) هذا الشخص ويفحمه .
فهذا هو المراد ( الحكم والمناظرة ) لا ( مجرد المعرفة ) .
وأقل ما يمكن مدعي الاجتهاد المزعوم أن يقول : أنا أريد مجتهدا مثلي ليناظرني ، ومن لم يكن مجتهدا فليس أهلا لمناظرتي .
ابن رشد
2008-04-25, 10:40 PM
<<<<متابع
أبو عبدالله الفاصل
2009-06-06, 03:08 PM
والسؤال هو: هل يستطيع الأستاذ ( مقلد ) أن يرد دعوى الأستاذ ( مجتهد ) بغير أن يحتج بحجج المجتهدين؟ لأنه إن احتج بحجج المجتهدين فسيناقض الفرضية الأولى وهو أنه ليس مقلدا.
أرجو أن يكون اتضح مرادي، وأعتذر إلى إخواني من عبارتي السابقة إن كان فيها ما يسوء
لم أقرأ جميع المشاركات ، ولكن أحببت أن أجتهد في الإجابة عن هذا السؤل ، فلتسمحوا للعوام بالاجتهاد ولو مرة في العمر ( ابتسامة ) !
لا يلزم من احتجاج الاستاذ ( مقلد ) بحجج المجتهدين الكافية لرد دعوى الاستاذ ( مجتهد ) كونه مجتهدا ..
فإننا جميعا نعرف شروط المجتهد ولسنا جميعا بمجتهدين ، فمثلا إذا أتاني من يدعي الاجتهاد وجلست معه جلسة واحدة فقط وأنا مقلد فسأعرف هل هو حقا مجتهد أم أنه متجاهد !
أبو عبدالله الفاصل
2009-06-06, 03:29 PM
والسؤال هو: هل يستطيع الأستاذ ( مقلد ) أن يرد دعوى الأستاذ ( مجتهد ) بغير أن يحتج بحجج المجتهدين؟ لأنه إن احتج بحجج المجتهدين فسيناقض الفرضية الأولى وهو أنه ليس مقلدا.
أرجو أن يكون اتضح مرادي، وأعتذر إلى إخواني من عبارتي السابقة إن كان فيها ما يسوء
لا يلزم من احتجاج الأستاذ ( مقلد ) بالأدلة الكافية على كذب دعوى الأستاذ ( مجتهد ) أن يكون الأستاذ ( مقلد ) مجتهدا ..
بل يستطيع المقلد أن يميز المجتهد من غيره ، وأن يبطل دعوى من زعم الاجتهاد وليس أهلا له .
ونحن لسنا جميعا بمجتهدين ، ولكننا مع ذلك نستطيع جميعا أن نبطل دعوى هذا الزاعم بمجرد الجلوس معه جلسة واحدة .
فعدم توفر صفات المتجهد فينا لا يعني عدم معرفتنا لها لا من قريب ولا من بعيد .
فالمقلد إذا رأى من هذا المدعي ما يخالف صفات المجتهد فله أن يبطل دعواه ، فإذا كان هذا المقلد مثلا لا يحفظ إلا الآجرومية وسمع المدعي يقول جاء زيدا إلى عمرا فبإمكانه أن يقول للمدعي اتخذ لك حرفة أخرى !
وكذلك إذا كان هذا المقلد لا يعرف إلا نخبة الفكر فسمع المدعي يقول إن الموضوع ضرب من أضرب الصحيح فبإمكان المقلد أن يقول للمدعي سأفرغ لك ساعة من وقتي أدرسك فيها شيئا من المصطلح !
وهكذا .
وإذا قلنا إن المقلد لا يستطيع أن يميز المجتهد من غيره ، فإننا سنسلب عنه صفة التقليد !
وذلك لأن المقلد لا يقلد إلا مجتهدا ، وكيف عرف المجتهدَ وهو لا يستطيع أن يميزه من غيره ؟!
إن قلت بالإرشاد . فالذي أرشده إليه إما أن يكون مقلدا أو مجتهدا ، فإن كان مقلدا فكيف عرف المتجهدَ ، وإن كان الذي أرشده أليه مجتهد آخر ، فكيف عرف المقلد أنه مجتهد ؟!
وقد جرى بيني وبين طالب علم نقاش شبيه من هذا ، فكنت أقول له إن ( فلانا ) عالم ، فقال لن نعرف العلماء إلا بالعلماء فمن من العلماء قال إنه من العلماء ؟
فقلت من هم العلماء الذين تريد أن يصفوه بأنه من العلماء ؟
فسماهم لي . فقلت وكيف عرفت أن هؤلاء علماء و أنت لست من العلماء ؟
فقال عرفت أنهم من العلماء بشهادة آخرين من العلماء ؟
فقلت فكيف عرفت أن الآخرين هؤلاء من العلماء ؟
حتى جاء الدور فأتعبه .
أبو عبدالله الفاصل
2009-06-06, 03:31 PM
الرد الثاني كان إتماما للأول ، لأن الأول قد أرسل بالخطأ قبل إتمامه ، فأرجو المعذرة .
أبو القاسم
2009-06-06, 04:51 PM
قد يؤتى صاحب العلم الأقل حجة أقوى من المجتهد..
فيفحمه أو يقع على استنباط يخفى على المجتهد فتنقطع به حجته
"ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"
..والقول بامتناع ذلك فيه نظر..
ولعامي أن يناظر من ادعى فن الطب..دون أن يكون طبيبا..
بأن يخضعه للتجربة الحسية في علاج الناس مثلا..
والله أعلم
الأزهري السلفي
2009-06-25, 05:35 PM
الحمد لله وحده...
الشيخ الفاضل أبا مالك
هل يوجد مجتهد مطلق ليس مجتهدًا في الحديث أو ليس مجتهدًا في الفقه أو ليس مجتهدًا في الأصول (مثالا)؟
أتصور أن الإجابة: لا.
وأن المجتهد المطلق لا بد له من جمع هذه الأدوات.
ثم
هل يوجد مجتهد في الحديث وحده أو في الأصول وحده أو في الفقه وحده؟
أتصور أن الإجابة: نعم.
وأنه لا يمكن دفع وجود ذلك، وإن كان الموصوف بالاجتهاد في فرع واحد لا بد له من استفاضة علم بغيره من الفروع فيما أرى، إلا أن الحاصل أنه ليس مجتهدًا سوى في علم واحد فقط.
إن حصل الاتفاق على ذلك، فما المانع من أن يثبت المجتهد في الحديث فقط -مع التسليم بصحة ذلك في نفس الأمر- أن مدّعي الاجتهاد المطلق لم يستوف شرط الاجتهاد في الحديث= فقد شرطًا من شروط صحة الاجتهاد المطلق؟
لست أستحضر ما يدفع ذلك.
والذي أراه أن للمسألة -من هذا الوجه في الإجابة إن صح- تعلقًا بمسألة تجزئة الاجتهاد كما سبق وذكر بعض الأفاضل.
أبو مالك العوضي
2009-07-01, 12:19 PM
شيخنا الفاضل الأزهري السلفي
نحن متفقان في هذه المسألة، والكلام إذا كان عن مسألة حديثية فقد استوى الخصمان في الاجتهاد، وإن كان عن مسألة غير حديثية فهي خارجة عن بحثك أيضا.
فالحاصل أننا متفقان في الحالين.
والله أعلم.
الأزهري السلفي
2009-07-03, 08:54 PM
الحمد لله وحده...
نعم شيخنا الفاضل، الأمر كما ذكرتَ.
فلا يتحصل من كلامي إلا أن مجتهدًا رد دعوى الاجتهاد، والاجتهاد في الاثنين بشرط الإطلاق.
وإذا كان المجتهد ليس من شرطه ألا يخطئ في مسألة أو أصلٍ؛ فلستُ أستحضر الآن حالة يمكن لغير مجتهدٍ أن يرد فيها دعوى الاجتهاد على مدعيها.
أقول هذا لأنني وجدت بعض الإخوة قد اتكأ على أن غير المجتهد قد تظهر له حجة لا تظهر للمجتهد فيرد عليه قوله.
فهذا غير كاف، إذ للمجتهد أن يقول: سلمت أنني أخطأت في هذه المسائل، وهذا لا يدفع كوني مجتهدًا.
وأيضًا لا يتأتى رد مسألة على مجتهد إلا بشرط الاجتهاد فيها من الراد، إذ لا برهان على اعتبار قوله غير ذلك والله أعلم.
والذي ينبغي تأمله الآن -بعد التسليم بما سبق- هو متى تسلَّم دعوى الاجتهاد لمدعيها؟
الظاهر ألا إشكال في حال اتفاق العلماء على التسليم بذلك له.
والمقصود حال النزاع.
الأزهري السلفي
2009-07-03, 09:01 PM
الحمد لله وحده..
وبمناسبة اهتمامكم بهذه المسائل من فترة..
هل يمكن أن نتوقع من سيَدعي الاجتهاد في القريب بعد أن يغلِق علينا باب رد الدعوى (مبتسم).
أبو جهاد الأثري
2010-06-16, 09:12 AM
الظاهر أيها الفاضل المكرم أبا مالك أنه لا يمكن رد دعوى الاجتهاد إلا من مجتهد.
ولا يلزم من ذلكم المحذور الذي تخوف منه الإخوة، وهو سد باب رد دعوى من ادعى في هذه الأعصار لخلوها عند البعض من مجتهد، وذلك أنه يمكن رد دعواه الاجتهاد في كل فن من مجتهد في ذلك الفن.
وأخشى ان اكون تعجلت الرد لأني لم أقرأ كل ما كتب، ولكن الموضوع مهم جدا، فأردت ان أتعلق بأهدابه.
ولعلي أعود فأقرأ من البداية ما سطرتموه والإخوة.
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.