المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحقيقة والمجاز



عبد العزيز الميمني
2011-11-29, 06:01 AM
أريد معرفة الأبحاث التي تتعلق بهذا الباب من الناحية اللغوية والعقدية ،والتي من خلالها يستطيع الفرد معرفة الحق في هذا الباب .

عبد العزيز الميمني
2011-11-30, 02:13 AM
هل من مجيب ؟

عبد العزيز الميمني
2011-11-30, 11:58 PM
مازلت منتظر .

عبد العزيز الميمني
2011-12-02, 04:41 PM
أين الردود ؟

عمر ابراهيم الموصلي
2011-12-02, 05:55 PM
اخي بارك الله فيك هناك محاضرة مفيدة جدا في هذا الباب بعنوان "المجاز بين القبول والرد" موجودة على الشبكة تجد فيه ما سألت عنه.

بسام الزعبي
2012-01-12, 06:50 AM
سلام الله عليك
بإمكانك العودة إلى كتاب الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ، وكتاب شرح الورقات لابن الفركاح الشافعي ، وكلاهما
موجود عى موقع المكتبة الوقفية، والله الموفق

محب الحكمي
2012-01-13, 12:46 AM
بسم الله الرحمن الرحيم .


أخي الكريم .


موضوع المجاز والحقيقة سهل ميسر ، لكن كثيرا ممن تعرَّضَ له يفعل ذلك إما تقليدا ، لأن فيه منعطفا رهيبا ألا وهو الجواب عن سؤال ما كان ليطرح وهو : ( هل في القرآن لفظ ليس حقيقة ) ؟ّّّّ


يسبق إلى الذهن المتسرع معنى ( هل في القرآن شيء باطل ) أو (كاذب) إذ الحقيقة هي الحق وضدها الباطل والكذب !!


وكي لا أطيل : فلعلك تقرأ هذا المقال :


الإشكال في هذا الموضوع دقيق جدا ، وسببه الخلط بين المصطلح الفني (الحقيقة) وبين اللفظ العربي (الحقيقة ) .


أرجو لمن يتابع كلامي من الإخوة - المنصفين - أن يتنبه إلى الفرق بين اللفظين .


قد يقول إنسان ما كلاما كذبا يأثم به ، وكلامه على الحقيقة .

وقد يقول إنسان ما كلاما حقا ، وليس كلامه على الحقيقة .

من فهم هذين الأمرين ، ولم يختلطا عليه فقد اهتدى إلى سر الإشكال في موضوع الحقيقة والمجاز .

والسر في ذلك أن يفهم لفظ (الحقيقة ) بما اصطلح عليه (أهل الفن ) من البلاغيين ، لا أن يفهم على فهْم اللسان العربي .

فلكل قوم مصطلحهم .

ف(الفاعل ) في اصطلاح النحاة ليس هو (زيد) في قولهم : زيد قام .
أما في اللغة العربية فكل الناس يعلمون أن زيدا هو فاعل القيام .


كذلك الإشكال هنا ، فلكل قوم مصطلحهم .

و مصطلح (الحقيقة) عند البلاغيين لا يراد به الحق الذي هو نقيض الباطل أو الكذب ! لا !


إنما المراد به الأصل الذي يستعمله فيه الناس مطلقا .


فإنه لا يكابر أحد أنه يتبادر إلى الذهن لفظ (بحر ) ولفظ (شجرة) ولفظ (حمار) ولفظ (كبش ) ولفظ (تفاحة) ولفظ (صاروخ ) ولفظ (رصاصة) في الأصل .


فهذه هي الحقيقة في هذه الألفاظ إنها أصل الاستعمال.


ثم أنه قد تستعمل هذه الألفاظ في كلام صادق حق مرادا بها غير الحقيقة .

إي على غير أصل الاستعمال .


فأقول - صادقا - أصف شخصا يجري بسرعة :

انطلق فلانٌ رصاصةً ، أو انطلق فلانٌ صاروخا .

و(رصاصة) هنا حال منصوب ، وكذلك (صاروخا ) .

وأنا صادق في هذا الكلام أقول الحق ، إلا أن الكلام ليس على الحقيقة .


والمقصود أنني استعملت في هذا الكلام لفظا أو ألفاظا على غير أصل استعمالها ، لا أنني كذبت أو قلت باطلا .

فإن العرب تقول : انطلق زيدٌ غزالا . وليس بغزال في حقيقته بل هو إنسان .


وقد أقول :

رأيت بحرا في المسجد يلقي الدر والجواهر .

فأين سعة المسجد من سعة البحر ؟! وأين من يلقي الدر والجواهر الثمينة كما يلقي النوى ؟!! وإنما المراد علم متبحر يلقي الفوائد على السامعين .


لذلك :

فالذين يقولون إن الكلام منه حقيقة ومجاز من أهل السنة : مرادهم : أن منه ألفاظا جاءت على أصل استعمالها ومنه كلام تجيء ألفاظه على غير أصل استعمالها ، وليس المراد بذلك الصدق أو الكذب .


والدليل كما قلت أنني قد أقول كلاما على غير الحقيقة وأكون صادقا ،
فأستعمل فيه اللفظ على غير أصله المتبادر إلى ذهن من يفقهون العربية ، أي إنه مجاز .


ومن أقوى الشواهد على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته :
(أسرعكن لحوقا بي أطولكنَّ يدا ) قالت عائشة رضي الله عنها ما معناه : فكنا نتطاول الأيدي إلى الجدار ننظر أيتنا أطول يدا ، فلما قبضت زينب رضي الله عنها ، وكانت قصيرة ، علموا أنه لم يرد الطول المتبادر إلى الذهن ولا اليد المتبادرة إلى الذهن ، وإنما مراده كثرة الصدقة ، والحديث صحيح لا غبار عليه ، ومن شك فليبحثْ .


فقد تبيَّن أن العرب ، وهذه عائشة الصديقة بنت الصديق ، الفصيحة التي تحفظ من الأشعار ما الله به عليم ، ومع ذلك تبادر إلى ذهنها اللفظ على أصله ، وتبيَّن لها بعض قبض زينب رضي الله عنها أنه لم يرد ذلك .


فيقول البلاغيون وبعض أهل السنة القائلين بالحقيقة والمجاز ، إن كلامه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ليس على ( الحقيقة ) وإنما المراد به المجاز ومرادهم ليس على أصل الاستعمال ، أو ليس على الظاهر كما يقول البعض .


وبعض الناس يُخيَّلُ إليه أن القول في كلام الله أو كلام النبي صلى الله عليه وسلم (ليس على الحقيقة ) يلزم منه القول بأنه (كذب) أو بأنه (باطل ) وهذا مردود كما تقدَّم بيانه في مقصودهم بلفظ (الحقيقة) فليس مرادفا للحق في استعمال البلاغيين .


بقي أن يقال إن منكري المجاز يقولون (إن المجاز يصحُّ نفيه) وهذا ليس صحيحا . لأن الذي ينفيه منكر المجاز ليس هو الذي يثبته المثبت .


فلو قلتُ - صادقا -عن شخص ما : زيد أسد .

فجاء منكر المجاز وقال هذا الكلام أنفيه أكون صادقا كذلك : زيد ليس أسدا .


فالجواب : أنني أثبت معنى شجاعة زيد بقولي أسد ، ولم أرد أنه أسد في الصورة ، وإنما أردت الشجاعة والبأس وقد صدقت ُ أنا في ذلك ، وأنت نفيتَ شيئا آخر : نفيْت الأسدية بمعنى الحيوان المعروف ، وأنت صادق أيضا !! و لا ضير إذ التناقض والذدية لم تقع على أمر بعينه .



فأين ما تدعيه من أن المجاز يصحُّ نفيه ؟!


أما من اعتذر بقوله إن إثبات المجاز ذريعة إلى نفي الصفات ، فلا علاقة لنفي الصفات بالمجاز ، فإن من علماء أهل السنة من يثبت الصفات على طريقة أهل السنة ويقول بالمجاز ، فالصفات لها قواعدها المعروفة المتوارثة عن الصلف الصالح من لدن الصحابة إلى اليوم .


وكذلك لا يضر قول القائل من هو أول من قال بتقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز ؟


لأن هذا التقسيم إنما هو فني اصطلاحي مستنبط من مذاهب العرب في الكلام اقتضته ضرورة التعليم والتدريس والبيان ، وهذا مثل مصطلحات النحو على أقل تقدير .



والسيف الذي يصلته بعض الناس لنفي المجاز كما قدمت لك إنما هو أمران :
أولهما نفي الصفات وقد سبق حديث عائشة رضي الله عنها نفاة الصفات زمنا وقدْراً ، فقد علمت أن المراد فيه ب(طول اليد) إنما هي الصدقة وكانت اعترفت بأن اللفظ على ظاهره ! وثاني الأمرين وهو خشية أن يقال : هل في القرآن كلام على غير الحقيقة !!! ويحسبه من لم يفهم أنه يراد به الباطل كما تقدَّم .


بقي أن يقال :

إني أحسب أهل البلاغة أخطأوا في استعمال مصطلح (الحقيقة ) وربما تلقفوا ذلك عن بعض ضعاف الدين من المشتغلين بالأدب ، لأن التعامل مع كلام الله تعالى وكلام رسوله لا ينبغي أن يكون بمثل هذه المصطلحات التي يختلط على الناس فيها الفهم ، وتسبب الشقاق وتزداد به الخلافات .


وقد أدبنا الله تعالى بقوله :
(( لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا )) فغيَّر اللفظ - مع صحته وسلامة نيات الصحابة - خشية أن يؤدي إلى ما فيه إهدار لحق النبي صلى الله عليه وسلم .



ومع هذا ، فموضوع الحقيقة والمجاز عقيم لا ثمرة له كما قال بعض الأفاضل وصدق فيه ، فأي شيء يفيد المثبتين أو النفاة في عمل ؟!!!


والله أعلم .