عمرو يس
2011-10-16, 11:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
البــدعة
وأصل مادة "بدع " للأختراع على مثال سابق فيه . كقوله تعالى " بديع السموات والأرض " أى مخترعها من غير مثال سابق متقدم " قل ما كنت بدعاً من الرسل " أى ما كنت أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد بل تقدمنى كثيراٌ من الرسل
يقال "ابتدع فلان بدعة " يعنى ابتدأ طريقة لم يسبق إليها سابق ويقال هذا " أمر بديع " فى الشىء المستحسن الذى لا مثال له فى الحسن مكانةلم يتقدمه ما هو مثله ولا ما يشبهه
ومن هذا المعنى سميت البدعة بدعة فاستخراجها للسلوك عليها هو الابتداء وهيئتها هى البدعة ، وقد يسمى العلم المعمول على ذلك الوجه بدعة فمن هذا المعنى سمى العمل الذى لا دليل عليه فى الشرع بدعة وهو إطلاق أخص منه فى اللغة حسبما يذكر بحول الله فى علم الاصول وهى مخالفة لظاهر التشريع من جهة الحدود وتعين الكيفيات والتزام الهيئات المعينة أو الأزمنة المعينة مع الدوام ونحو ذلك .
وهذا هو الابتداع والبدعة ويسمى فاعله مبتدعاً .
· فالبدعة : عبارة عن طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة فى التعبد لله سبحانه
· هى الحدث فى الدين بعد الاكمال وما استحدث بعد النبى صلى الله عليه وسلم من الأهواء والاعمال – والجمع بدع ، كعنب
· هى ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
o اسباب البدع
ترجع البدع إلى عدة أمور
1. الجهل بمصادر الأحكام وبوسائل فهمها من مصادرها
أ*- الجهل بمعرفة درجة الحديث والتميز بين الأحاديث
ب*- الجهل بمكانة السنة فى التشريع
ت*- عدم فهم العربية
ث*- عدم معرفة ترتيب المصادر
ج*- كذكر الأحاديث الموضوعة فى الاستدلال
ح*- الاستهوان بتشريع السنة
خ*- كالجهر فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بعد الأذان
2. متابعة الهوى والقول فى الدين بغير علم .
كقراءة القرآن على السلم الموسيقى – كطريقة البدع فى الدعاء فى الصلوات
3. البدع ترجع إلى التعبدات الغير معقولة المعنى والمصاع تكون فى المعقولة المعنى على التفصيل .
عن أبى موسى الأشعرى قال : قال النبى صلى اللهى عليه وسلم " إن الاشعريين إذا أرْمَلُوا فى الغَزْو ، أوْ قَل طعامُ عيالهم بالمدينة ، جَمَعُوا ما كان عندهم فى ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم فى إناء واحد بالسوية ،فهم منى وأنا منهم " رواه البخارى
" عن جرير بن عبد الله قال : جاء ناسٌ من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الصوف . فرأى سُوءَ حالهم قد أصابتهم حاجة فحث الناس على الصدقة فأبطئوا عنه . حتى رُؤى ذلك فى وجهه
قال : ثم إن رجل من الأنصار جاء بصرةٍ من ورقٍ . ثم جاء أخر . ثم تتابعوا حتى عُرِفَ السّرور فى وجهه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سن فى الاسلام سنةً حسنةً ، فعُمل بها بَعْدَه ، كتب له مثلُ أجرِ من عمل بها . ولا ينقص من أجورهم شىءٌ . ومن سنّ فى الاسلام سنةً سيئةً فعُمل بها بعده كتب عليه مثلُ وزْرِ من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شىء " رواه مسلم .
" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " مسلم
" من أحدث فى أمرنا ما ليس منه فهو رد " البخارى ومسلم
إذا تعارضا تعارض الضدين امتنع الجمع بينهما ولم يمتنع ارتفاعهما وهذا الكلام قد جعله الرازى وأتباعه قانوناً كلياً فيما يستدل به من كتب الله تعالى وكلام أنبيائه عليهم السلام ومالا يستدل به ولهذا ردوا الاستدلال بما جاءت به الأنبياء والمرسلون فى صفات الله تعالى وغير ذلك من الأمور التى أنبأوا بها وظن هؤلاء أن العقل يعارضها وقد يضم بعضهم إلى ذلك أن الادلة السمعية لا تفيد اليقين .
وطريقتا المبتدعة فى نصوص الأنبياء :-
أولاً – طريقة التبديل :- أهل التبديل نوعان
1. أهل الوهم . التخييل
ولهؤلاء فى نصوص الأنبياء طريقتان : طريقة التبديل – وطريقة التجهيل أما أهل التبديل فهو نوعان : أهل الوهم والتخييل وأهل التحريف والتأويل . فأهل الوهم والتخييل هم الذين يقولون : إن الأنبياء أخبروا عن الله وعن اليوم الآخر وعن الجنة وعن النار وعن الملآئكة بأمور غير مطابقة للأمر فى نفسه ولكنهم خاطبوهم بما يتخيلون به ويتوهمون به أن الله جسم عظيم وأن الأبدان تعاد . وأن لهم نعيماً محسوساً وعقاباً محسوساً وإن كان الأمر ليس لذلك فى نفس الأمر لأن من مصلحة الجمهور أن يخاطبوا بما يتوهمون به ويتخيلون أن الأمر هكذا وإن كان هذا كذبا فهو كذب لمصلحة الجمهور إذ كانت دعوتهم ومصلحتهم لا تمكن إلا بهذه الطريق
وقد وضع ابن سينا وامثاله قانونهم على هذا الأصل كالقانون الذى ذكره فى رسالته الأضحويه وهؤلاء يقولون : الأنبياء قصدوا بهذه الألفاظ ظواهرها وقصدوا أن يفهم الجمهور منها هذه الظواهر وإن كانت الظواهر فى نفس الأمر كذباً وباطلاً ومخالفةً للحق فقصدوا إفهام الجمهور بالكذب والباطل للمصلحة ومن هؤلاء من يقول : النبى كان يعلم الحق ولكن أظهر خلافه للمصلحة . ومنهم من يقول : ما كان يعلم الحق كما يعلمه نظار الفلاسفة وامثالهم . وهؤلاء يفضلون الفيلسوف الكامل على النبى كما يفضل ابن عربى الولى على النبى
2. أهل التحريف والتأويل
أما أهل التحريف والتأويل فهم الذين يقولون ، إن الأنبياء لم يقصدوا بهذه الأقوال إلا ما هو الحق فى نفس الأمر وإن الحق فى نفس الأمر هو ما علمناه بعقولنا ثم يجتهد فى تأويل هذه الأقوال إلى ما يوافق رأيهم بأنواع التأويلات التى يحتاجون فيها إلى إخراج اللغات عن طريقتها المعروفة إلى الاستعانة بغرائب المجازات والاستعارات
وجماع الامر أن الأدلة نوعان :- شرعية وعقلية فالمدعون لمعرفة الإلهيات بعقولهم من المنتسبين إلى الحكمة والكلام والعقليات يقول من يخالف نصوص الأنبياء منهم ، إن الأنبياء لم يعرفوا الحق الذى عرفناه أو يقولون عرفوه ولم يبينوه للخلق كما بيناه بل تكلموا بما يخالف من غير بيان منهم .
والمدعون للسنة والشريعة واتباع السلف من الجهال بمعانى نصوص الأنبياء يقولون : إن الأنبياء والسلف الذين اتبعوا الأنبياء – لم يعرفوا معنى هذه النصوص التى قالوها والتى بلغوها عن الله أو أن الأنبياء عرفوا معانيها ولم يبينوا مرادهم للناس . فهؤلاء الطوائف قد يقولون : نحن عرفنا الحق بعقولنا ثم اجتهدنا فى حمل كلام الأنبياء على ما يوافق مدلول العقل وفائدة إنزال هذه المتشابهات المشكلات اجتهاد الناس فى أن يعرفوا الحق بعقولهم ثم يجتهدوا فى تأويل كلام الأنبياء الذى لم يبينوا به مرادهم أو أنا عرفنا الحق بعقولنا وهذه النصوص لم تعرف الأنبياء معناها كما لم يعرفوا وقت الساعة ولكن أمرنا بتلاوتها منى غير تدبر لها ولا فهم لمعانيها أو يقولون : بل هذه الامور لا تعرف بعقل ولا نقل بل نحن منهيون عن معرفة العقليات وعن فهم السمعيات وإن الأنبياء وأتباعهم لا يعرفون العقليات ولا يفهمون السمعيات .
· تعريف البدعة
تختلف البدعة فى تعريفها لإختلاف تعريف السنة عند أهلها . ولكن المقصود بالبدعة فى بحثنا هذا هم أهل الأهواء من المبتدعة
تعريف البدعة لغة :-
قال الإمام الشاطبى فى الاعتصام ما ملخصه : أصل مادة "بدع" الاختراع على غبر مثال سابق ومنه قوله تعالى " بديع السموات والأرض "
تعريف البدعة شرعا ً:-
بأنها ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من علم أو عمل أو حال بنوع شبهة أو استحسان وجعل ديناً قويماً وصراطاً مستقيماً . وهى أنواع كثيرة وتقسيمات عديدة ولكن ليس هذا مجالها .
قال ابن بطة فى الإبانه " اعلموا إخوانى أنى فكرت فى السبب الذى أخرج أقواماً من السنة والجماعة واضطرهم إلى البدعة والشناعة وفتح باب البلية على أفئدتهم وحجب نور الحق عن بصيرتهم فوجدت ذلك من وجهين أحدهما البحث والتنقير وكثرة السؤال لما لا يعنى ولا يضر العاقل جهله . ولا ينفع المؤمن فهمه .
والأخر : مجالسة من لا تؤمن فتنته وتفسد القلوب صحبته . ا هـ
وقد جاءت آيات فى ذم ومجانبة أهل الأهواء منها " ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم . يوم تبيض وجوه وتسود وجوه "
قال ابن عباس " تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف وتسود وجوه أهل البدعة والأختلاف ثم فصل مآل الفريقين واين توصل أهلها لحل من الطريقين فقال تعالى " فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون . وأما الذين ابيضت وجوههم ففى رحمة الله هم فيها خلدون "
" إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم فى شىء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون "
قال ابن عطية . هذه الآية تعم أهل الأهواء والبدع والشذوذ وغير ذلك .
نشأت الفرق الاسلامية نتيجة عوامل كثيرة أدت – مجتمعة – إلى ظهور هذه الفرق وإلى تكاثرها وأهم هذه العوامل ما يلى :-
1. دعوة الاسلام إلى إعمال العقل
انقسم الناس إزاء دعوة الاسلام
· حسنت نيتة وحسن فعله
· ساءت نيتة وساء فعله – مريض النية وسىء الطوية
· صدقت نيته وساء فعله
2. شمول الاسلام المكانى والزمانى :دخول الفلسفات والأديان والثقافات المختلفه
3. شمول الاسلام لكل ما يتعلق بالدنيا و الأخرة- كالخلافة
4. الفتوحات الاسلامية- كقتل عمر- وعثمان وعلى-والسياسة
* فريق أسلم وصدق فيما عاهد .
* فريق لم يترك دينه الذى كان عليه ولم يقبل الدخول فى الاسلام وأعلن ذلك فى صراحة ووضوح.
* فريق أظهر الاسلام وأبطن الكفر .وأكل الحقد قلبه
* فريق أخلص النية فى إعتناق الاسلام ولكنه لم يستطع يتخلص نهائياً من قديم عقيدته.
5. إتصال المسلمين بمدارس الفكر الفلسفى كمدارس
جند يسابور- فى مدينة "خوزستان" وقد أسسها "سابور" تدرس فيها الثقافة الفارسية والهندية واليونانية-وزاد ذلك فى العهد العباسى .
مدرسة حران فى شمال العراق.
مدرسة الأسكندرية
6. الترجمة- الدور الأول- من خلافة المنصور إلى أخر عهد الرشيد (136-193)
7. البحث فى القدر
8. فراغ المسلمين من الفتوحات
9. ورود المتشابه فى القرآن
10. وفاة النبى صلى الله عليه وسلم دون أن يحدد من يخلفه أو يضع نظاماًخاصاً للحكم
1. تطبيق شرع الله والحكم بما أنزل الله
2. الشورى فى الحكم
3. العدل بين الناس
4. وجوب السمع والطاعة لولى الأمرما لم يأمر بمعصية
5. وجوب مخالفته إذا أمر بمعصية فإنه لا طاعة لمخلوق فى معصيةالخالق
أبان بن تغلب الكوفى .القارئ من أهل الكوفة.مات سنة إحدى وأربعين ومائة.
روى عن المنهال بن عمرو والحكم وأبى إسحاق وفضيل بن عمرو والأعمش فى الإيمان.والحكم بن عتيبةفى الصلاة فى مسلم. رجال مسلم إبن منجويه.وأبى جعفر الباقر
وروى عنه شعبة وزهير وابن عيينة وعلى بن عابس وإدريس الأودى.موسى بن عقبة وحماد بن زيد
سئل أحمد بن حنبل عن إبان بن تغلب فقال ثقة.وذكر أبو حاتم عن إسحاق بن منصور بن كوسج عن يحيى بن معين أنه قال ثقة
قال عبد الرحمن بن الحكم بن بشير بن سليمان يذكر عن إبان بن تغلب صحة حديث وأدب وعقل .قال ابو حاتم أبان ثقة صالح أ.هـ
قال الذهبى :- شيعى جَلد لكنه صدوق .فلنا صدقه وعليه بدعته وثقه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم وأورده ابن عدى. وقال كان غالياً فى التشيع. وقال السعدى :- زائغ مجاهر .
ثم أورده رحمه الله تعالى. فلقائل أن يقول :كيف ساغ توثيق مُبتدع وحَدّ الثقة العدالة والأتقان ؟ فكيف يكون عدلاًمن هو صاحب بدعة ؟
وجوابه:- أن البدعة على ضربين : فبدعة صغرى كغلو التشيع أوكالتشيع بلا غلو ولا تحريف ،فهذا كثير فى التابعين و تابعيهم مع الدين والورع والصدق .فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الأثار النبوية وهذه مفسرة بينة
ثم بدعة كبرى . كالرفض الكامل والغلو فيه والحط على أبى بكر وعمر رضى الله عنهما والدعاء إلى ذلك .فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة
وايضاً فما أستحضرُ الأن فى هذا الضرب رجلا ً صادقا ًولا مأمونا ً،بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم فكيف يقبل نقل من هذا حاله !حاشا وكلا فالشيعى الغالى فى زمان السلف وعرفهم هو من تكلم فى عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب علياً رضى الله عنه وتعرض لسبهم
والغالى فى زماننا وعرفنا هو الذى يكفّر هؤلاء السادة ويتبرأ من الشيخين ايضاً فهذا ضال مُعَثّر ولم يكن ابان بن تغلب يعرض للشيخين أصلاً بل قد يعتقد علياً أفضل منها .
وقد ذكر الامام الذهبى تكملة لكلامه فى ترجمة ابراهيم بن الحكم بن ظهير الكوفى شيعى جلد له عن شريك . قال أبو حاتم كذاب . روى فى مثالب معاوية ممزقنا ما كتبنا عنه . قال الدار قطنى : ضعيف . ثم قال الذهبى رحمه الله تعالى :- قد اختلف الناس فى الاحتجاج براوية الرافضة على ثلاثة أقوال :-
أحدها :- المنع مطلقاً
الثانى :- الترخص مطلقاً إلا فيمن يكذب ويضع
الثالث :- التفصيل ، فتقبل رواية الرافض الصدوق العارف بما يحدث وترد رواية الرافض الداعية ولو كان صدوقاً .
قال أشهب :سئل مالك عن الرافضة فقال :لاتكلمهم ولاترو عنهم ،فإنهم يكذبون .قال حرملة :سمعت الشافعى يقول:لم أر أشهد بالزور من الرافضة . وقال موصل بن ايهاب : سمعت يزيد بن هارون يقول : يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافصة فإنهم يكذبون .
قال محمد بن سعيد الأصبهانى : سمعت شريكاً يقول : أحمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة ، فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه ديناً . أ هـ
قال الحافظ بن حجر فى التهذيب :- قال الجوزجانى : زائغ مذموم المذهب مجاهر .
قال ابن عدى : له نسخ عامتها مستقيمة إذا روى عنه ثقة وهو من أهل الصدق فى الروايات . وإن كان مذهبه مذهب الشيعة وهو فى الرواية صالح لابأس به.
قلت ابن حجر :- هذا قول منصف وأما الجوزجانى فلا عبرة بحطة على الكوفيين فالتشيع فى عرف المتقدمين هو اعتقاد تفضيل علىّ على عثمان وإن على كان مصيباً فى حروبه وأن مخالفه مخطئ مع تقديم الشيخين وتفضيلهما وربما اعتقد بعضهم أن علياً أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإذا كان معتقد ذلك ورعاً دينياً صادقاً مجتهداً فلا ترد روايته بهذا لا سيما إن كان غير داعية . أما التشيع فى عرف المتأخرين فهو الرفض المحض فلا تقبل رواية الرافض الغالى ولا كرامة .
قال ابن عجلان :- ثنا أبان بن تغلب رجل من أهل العراق من النساك ثقة لما خرج الحاكم حديث أبان قال : كان قاص الشيعة وثقة . قال أبو نعيم كان غاية من الغايات قال ابن سعد ثقة . وذكره ابن حبان فى الثقات .
قال الازدى : كان غالياً فى التشيع وما أعلم به فى الحديث بأساً . أ . هـ
قال الخطيب :- اختلف أهل العلم فى السماع من أهل البدع والأهواء ، كالقدرية والخوارج والرافضة . وفى الاحتجاج بما يرونه ، فمنعت طائفة من السلف صحة ذلك لعلهم أنهم كفار – عند من ذهب إلى إكفار المتأولين ، وفساق عند من لم يحكم بكفر متأول وممن يروى عنه ذلك مالك بن انس
وقال من ذهب إلى هذا المذهب : إن الكافر والفاسق بالتأويل بمثابة الكافر المعاند والفاسق العامد فيجب أن لا يقبل خبرهما ولا تثبت روايتهم .
وذهبت طائفة من أهل العلم إلى قبول أخبار أهل الأهواء ، الذين لا يعرف منهم استحلال الكذب والشهادة لمن وافقهم بما ليس عندهم فيه شهادة ، وممن قال بهذا القول من الفقهاء : أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعى ، فإنه قال " تقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم .
وحكى أن هذا مذهب أبن أبى ليلى وسفيان الثورى وروى مثله عن أبى يوسف القاض
وقال كثيرٌ من العلماء :- تقبل أخبار غير الدعاة من أهل الأهواء . فأما الدعاة فلا يحتج بأخبارهم وممن ذهب إلى ذلك أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل .
وقال جماعة من أهل النقل والمتكلمين : أخبار أهل الأهواء كلها مقبولة ، وإن كانوا كفاراً وفساقاً بالتأويل
ثم ذكر أثراً . وفيه ضعف قال الفضل بن مروان كان المعتصم يختلف إلى على بن عاصم المحدث وكنت امض معه إليه فقال يوماً حدثنا عمرو بن عبيد وكان قدرياً فقال له المعتصم يا أبا الحسن أما تروى أن القدرية مجوس هذه الامة ؟ قال : بلا
قال : فلم تروى عنه ؟ قال : لأنه ثقة فى الحديث صدوق ، قال : فإن كان المجوس ثقة فما تقول : أتروى عنه ؟ فقال له على : انت شغاب يا أبا اسحاق
قال الخطيب : وهذا الاعتراض المذكور فى الخبر لازم ، ولا خلاف أن الفاسق بفعله لا يقبل قوله فى أمور الدين مع كونه مؤمن عندنا فبأن لا يقبل قول من يحكم بكفره من المعتزلة ونحوهم أولى .
وقد احتج من ذهب إلى قبول اخبارهم بأن موقع الفسق متعمداً والكافر الاصلى معانداً ، وأهل الأهواء متألون ، وغير معاندين ، وبأن الفاسق المتعمد أوقع الفسق مجانة وأهل الاهواء اعتقدوا ما اعتقدوه ديانة ، ويلزمهم على هذا الفرق أن يقبلوا خبر الكافر الاصلى ، فإنه يعتقد الكفر ديانة . فإن قالوا : قد منع السمع من قبول خبر الكافر الاصلى . فلم يجز ذلك لمنع السمع منه ، قيل : فالسمع إذن قد ابطل فرقكم بين المتأول والمتعمد . وصحح الحاق احداهما بالآخر ، فصار فيهما سواء .
والذى نعتمد عليه فى تجويز الاحتجاج بأخبارهم مااشتهر من قبول الصحابة اخبار الخوارج وشهادتهم ، ومن جرى مجراهم من الفساق بالتأوبل ثم استمرار عمل التابعين والخالفين بعدهم على ذلك ، لما رأوا من تحريهم الصدق وتعظيمهم الكذب وحفظهم انفسهم عن المحظورات من الافعال وانكارهم على أهل الريب والطرائق المذمومة ورواياتهم الاحاديث التى تخالف آرائهم ويتعلق بها مخالفوهم فى الاحتجاج عليهم ، فاحتجوا برواية .
- عمران بن حطان وهو من الخوارج
- عمرو بن دينار وهو ممن يذهب إلى القدر والتشيع
- عكرمة وكان إباضياً
- ابن أبى نجيع وكان معتزلياً
- عبد الوارث بن سعيد – شبل بن عباد – سيف بن سليمان – هشام الدستوائى وسعيد بن أبى عروبة – سلام بن مسكين كانوا قدرية .
- علقمة بن مرثد – عمرو بن مرة – مسعر بن كدام كانوا مرجئة
- عبيد الله بن موسى – خالد بن مخلد – عبد الرزاق بن همام كانوا يذهبون إلى التشيع وهناك خلق كثير لا يتسع ذكرهم دّوَن أهل العلم قديماً وحديثاً رواياتهم واحتجوا بأخبارهم فصار ذلك كالاجماع منهم وهو أكبر الحجج فى هذا الباب وبه يقوى الظن فى مقاربة الصواب . أ . هـ
قال الشيخ المعلمى فى كتابه التنكيل :- لا شبهة أن المبتدع إن خرج ببدعته عن الاسلام لم تقبل روايته لأن من شروط قبول الرواية الاسلام .
وإنه إن ظهر عناده أو إسرافه فى اتباع الهوى والاعراض عن حجج الحق ونحو ذلك مما هو أدل على وهن التدين فى كثير من الكبائر كشرب الخمر وأخذ الربا فليس بعدل ، فلا تقبل روايته لأن من شرط قبول الرواية العدالة .
وأنه إن استحل الكذب ، فإما أن يكفر بذلك ، وإما إن يفسق ، فإن عذرناه فمن شرط قبول الرواية الصدق فلا تقبل روايته .
وأن من تردد أهل العلم فيه فلم يتجه لهم أن يكفروه أو يفسقوه ولا أن يعدلوه فلا تقبل روايته لأنه لم تثبت عدالته.
ويبقى النظر فيمن عدا هؤلاء ،والمشهور الذى نقل ابن حبان والحاكم اجماع أئمة السنة عليه أن المبتدع الداعيه لا تقبل روايته وأما فكالسنى
واختلف المتأخرون فى تعليل رد الداعية . والتحقيق إن شاء الله تعالى
أن ما اتفق ائمة السنة على انها بدعة فالداعية إليها الذى حقه أن يسمى داعيه لايكون إلا من نوع الأولى إن لم يتجه تكفيره اتجه تفسيقه،فإن لم يتجه تفسيقه فعلى الاقل لاتثبت عدالته.وإلى هذا أشار مسلم رحمه الله تعالى فى مقدمة صحيحه إذ قال . "إعلم وفقك الله ان الواجب على كل أحد عرف التميز بين صحيح الروايات وسقيمها وثيقات الناقلين لها من المتهمين وأن لا يروى منها إلا ما عرف صحه مخارجه والستارة فى ناقلييه ، وأن يتقى منها ما كان عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع والدليل على أن الذى قلنا فى هذا هو الازم دون ما خالفه قول الله تعالى
"ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" وقال جل ثناؤه " ممن ترضون من الشهداء " وقال "وأشهدوا ذوى عدل منكم " فدل بما ذكرنا أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول وأن شهادة غير العدل مردودة الخبر وإن فارق معناه معنى الشهادة فى بعض الوجوه فقد يجتمعان فى أعظم معانيها إذا كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم كما أن شهادته مردودة عند جميعهم فأما غير الداعية فقد مر نقل الإجماع على أنه كالسنى ،إذا ثبتت عدالته قبلت روايته ،وثبت عن مالك ما يوافق ذلك ،وقيل عن مالك أنه لا يروى عنه أيضاً والعمل على الأول .وذهب بعضهم إلى أنه لايروى عنه إلا عند الحاجة ،وهذا أمر مصلحى لا ينافى قيام الحجة بروايته بعد ثبوت عدالته. وحكى بعضهم أنه إذا روى ما فيه تقوية لبدعته لم يؤخذ عنه . ولاريب أن ذلك المروى إذا حكم أهل العلم ببطلانه فلا حاجة إلى روايته إلا لبيان حاله ،ثم إن اقتضى جرح صاحبه بأن ترجح أنه تعمد الكذب أو أنه متهم بالكذب عند أئمة الحديث سقط صاحبه البتة فلا يؤخذ عنه ذاك ولا غيره ،وإن ترجح أنه أنما أخطأ فلا وجه لمؤاخذاته بالخطأ وإن ترجح صحة ذلك المروى فلا وجه لعدم أخذه ، نعم قد تدعو المصلحة إلى عدم روايته حيث يخشى أن يغتر بعض السامعين بظاهره فيقع فى البدعة .
البــدعة
وأصل مادة "بدع " للأختراع على مثال سابق فيه . كقوله تعالى " بديع السموات والأرض " أى مخترعها من غير مثال سابق متقدم " قل ما كنت بدعاً من الرسل " أى ما كنت أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد بل تقدمنى كثيراٌ من الرسل
يقال "ابتدع فلان بدعة " يعنى ابتدأ طريقة لم يسبق إليها سابق ويقال هذا " أمر بديع " فى الشىء المستحسن الذى لا مثال له فى الحسن مكانةلم يتقدمه ما هو مثله ولا ما يشبهه
ومن هذا المعنى سميت البدعة بدعة فاستخراجها للسلوك عليها هو الابتداء وهيئتها هى البدعة ، وقد يسمى العلم المعمول على ذلك الوجه بدعة فمن هذا المعنى سمى العمل الذى لا دليل عليه فى الشرع بدعة وهو إطلاق أخص منه فى اللغة حسبما يذكر بحول الله فى علم الاصول وهى مخالفة لظاهر التشريع من جهة الحدود وتعين الكيفيات والتزام الهيئات المعينة أو الأزمنة المعينة مع الدوام ونحو ذلك .
وهذا هو الابتداع والبدعة ويسمى فاعله مبتدعاً .
· فالبدعة : عبارة عن طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة فى التعبد لله سبحانه
· هى الحدث فى الدين بعد الاكمال وما استحدث بعد النبى صلى الله عليه وسلم من الأهواء والاعمال – والجمع بدع ، كعنب
· هى ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
o اسباب البدع
ترجع البدع إلى عدة أمور
1. الجهل بمصادر الأحكام وبوسائل فهمها من مصادرها
أ*- الجهل بمعرفة درجة الحديث والتميز بين الأحاديث
ب*- الجهل بمكانة السنة فى التشريع
ت*- عدم فهم العربية
ث*- عدم معرفة ترتيب المصادر
ج*- كذكر الأحاديث الموضوعة فى الاستدلال
ح*- الاستهوان بتشريع السنة
خ*- كالجهر فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بعد الأذان
2. متابعة الهوى والقول فى الدين بغير علم .
كقراءة القرآن على السلم الموسيقى – كطريقة البدع فى الدعاء فى الصلوات
3. البدع ترجع إلى التعبدات الغير معقولة المعنى والمصاع تكون فى المعقولة المعنى على التفصيل .
عن أبى موسى الأشعرى قال : قال النبى صلى اللهى عليه وسلم " إن الاشعريين إذا أرْمَلُوا فى الغَزْو ، أوْ قَل طعامُ عيالهم بالمدينة ، جَمَعُوا ما كان عندهم فى ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم فى إناء واحد بالسوية ،فهم منى وأنا منهم " رواه البخارى
" عن جرير بن عبد الله قال : جاء ناسٌ من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الصوف . فرأى سُوءَ حالهم قد أصابتهم حاجة فحث الناس على الصدقة فأبطئوا عنه . حتى رُؤى ذلك فى وجهه
قال : ثم إن رجل من الأنصار جاء بصرةٍ من ورقٍ . ثم جاء أخر . ثم تتابعوا حتى عُرِفَ السّرور فى وجهه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سن فى الاسلام سنةً حسنةً ، فعُمل بها بَعْدَه ، كتب له مثلُ أجرِ من عمل بها . ولا ينقص من أجورهم شىءٌ . ومن سنّ فى الاسلام سنةً سيئةً فعُمل بها بعده كتب عليه مثلُ وزْرِ من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شىء " رواه مسلم .
" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " مسلم
" من أحدث فى أمرنا ما ليس منه فهو رد " البخارى ومسلم
إذا تعارضا تعارض الضدين امتنع الجمع بينهما ولم يمتنع ارتفاعهما وهذا الكلام قد جعله الرازى وأتباعه قانوناً كلياً فيما يستدل به من كتب الله تعالى وكلام أنبيائه عليهم السلام ومالا يستدل به ولهذا ردوا الاستدلال بما جاءت به الأنبياء والمرسلون فى صفات الله تعالى وغير ذلك من الأمور التى أنبأوا بها وظن هؤلاء أن العقل يعارضها وقد يضم بعضهم إلى ذلك أن الادلة السمعية لا تفيد اليقين .
وطريقتا المبتدعة فى نصوص الأنبياء :-
أولاً – طريقة التبديل :- أهل التبديل نوعان
1. أهل الوهم . التخييل
ولهؤلاء فى نصوص الأنبياء طريقتان : طريقة التبديل – وطريقة التجهيل أما أهل التبديل فهو نوعان : أهل الوهم والتخييل وأهل التحريف والتأويل . فأهل الوهم والتخييل هم الذين يقولون : إن الأنبياء أخبروا عن الله وعن اليوم الآخر وعن الجنة وعن النار وعن الملآئكة بأمور غير مطابقة للأمر فى نفسه ولكنهم خاطبوهم بما يتخيلون به ويتوهمون به أن الله جسم عظيم وأن الأبدان تعاد . وأن لهم نعيماً محسوساً وعقاباً محسوساً وإن كان الأمر ليس لذلك فى نفس الأمر لأن من مصلحة الجمهور أن يخاطبوا بما يتوهمون به ويتخيلون أن الأمر هكذا وإن كان هذا كذبا فهو كذب لمصلحة الجمهور إذ كانت دعوتهم ومصلحتهم لا تمكن إلا بهذه الطريق
وقد وضع ابن سينا وامثاله قانونهم على هذا الأصل كالقانون الذى ذكره فى رسالته الأضحويه وهؤلاء يقولون : الأنبياء قصدوا بهذه الألفاظ ظواهرها وقصدوا أن يفهم الجمهور منها هذه الظواهر وإن كانت الظواهر فى نفس الأمر كذباً وباطلاً ومخالفةً للحق فقصدوا إفهام الجمهور بالكذب والباطل للمصلحة ومن هؤلاء من يقول : النبى كان يعلم الحق ولكن أظهر خلافه للمصلحة . ومنهم من يقول : ما كان يعلم الحق كما يعلمه نظار الفلاسفة وامثالهم . وهؤلاء يفضلون الفيلسوف الكامل على النبى كما يفضل ابن عربى الولى على النبى
2. أهل التحريف والتأويل
أما أهل التحريف والتأويل فهم الذين يقولون ، إن الأنبياء لم يقصدوا بهذه الأقوال إلا ما هو الحق فى نفس الأمر وإن الحق فى نفس الأمر هو ما علمناه بعقولنا ثم يجتهد فى تأويل هذه الأقوال إلى ما يوافق رأيهم بأنواع التأويلات التى يحتاجون فيها إلى إخراج اللغات عن طريقتها المعروفة إلى الاستعانة بغرائب المجازات والاستعارات
وجماع الامر أن الأدلة نوعان :- شرعية وعقلية فالمدعون لمعرفة الإلهيات بعقولهم من المنتسبين إلى الحكمة والكلام والعقليات يقول من يخالف نصوص الأنبياء منهم ، إن الأنبياء لم يعرفوا الحق الذى عرفناه أو يقولون عرفوه ولم يبينوه للخلق كما بيناه بل تكلموا بما يخالف من غير بيان منهم .
والمدعون للسنة والشريعة واتباع السلف من الجهال بمعانى نصوص الأنبياء يقولون : إن الأنبياء والسلف الذين اتبعوا الأنبياء – لم يعرفوا معنى هذه النصوص التى قالوها والتى بلغوها عن الله أو أن الأنبياء عرفوا معانيها ولم يبينوا مرادهم للناس . فهؤلاء الطوائف قد يقولون : نحن عرفنا الحق بعقولنا ثم اجتهدنا فى حمل كلام الأنبياء على ما يوافق مدلول العقل وفائدة إنزال هذه المتشابهات المشكلات اجتهاد الناس فى أن يعرفوا الحق بعقولهم ثم يجتهدوا فى تأويل كلام الأنبياء الذى لم يبينوا به مرادهم أو أنا عرفنا الحق بعقولنا وهذه النصوص لم تعرف الأنبياء معناها كما لم يعرفوا وقت الساعة ولكن أمرنا بتلاوتها منى غير تدبر لها ولا فهم لمعانيها أو يقولون : بل هذه الامور لا تعرف بعقل ولا نقل بل نحن منهيون عن معرفة العقليات وعن فهم السمعيات وإن الأنبياء وأتباعهم لا يعرفون العقليات ولا يفهمون السمعيات .
· تعريف البدعة
تختلف البدعة فى تعريفها لإختلاف تعريف السنة عند أهلها . ولكن المقصود بالبدعة فى بحثنا هذا هم أهل الأهواء من المبتدعة
تعريف البدعة لغة :-
قال الإمام الشاطبى فى الاعتصام ما ملخصه : أصل مادة "بدع" الاختراع على غبر مثال سابق ومنه قوله تعالى " بديع السموات والأرض "
تعريف البدعة شرعا ً:-
بأنها ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من علم أو عمل أو حال بنوع شبهة أو استحسان وجعل ديناً قويماً وصراطاً مستقيماً . وهى أنواع كثيرة وتقسيمات عديدة ولكن ليس هذا مجالها .
قال ابن بطة فى الإبانه " اعلموا إخوانى أنى فكرت فى السبب الذى أخرج أقواماً من السنة والجماعة واضطرهم إلى البدعة والشناعة وفتح باب البلية على أفئدتهم وحجب نور الحق عن بصيرتهم فوجدت ذلك من وجهين أحدهما البحث والتنقير وكثرة السؤال لما لا يعنى ولا يضر العاقل جهله . ولا ينفع المؤمن فهمه .
والأخر : مجالسة من لا تؤمن فتنته وتفسد القلوب صحبته . ا هـ
وقد جاءت آيات فى ذم ومجانبة أهل الأهواء منها " ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم . يوم تبيض وجوه وتسود وجوه "
قال ابن عباس " تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف وتسود وجوه أهل البدعة والأختلاف ثم فصل مآل الفريقين واين توصل أهلها لحل من الطريقين فقال تعالى " فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون . وأما الذين ابيضت وجوههم ففى رحمة الله هم فيها خلدون "
" إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم فى شىء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون "
قال ابن عطية . هذه الآية تعم أهل الأهواء والبدع والشذوذ وغير ذلك .
نشأت الفرق الاسلامية نتيجة عوامل كثيرة أدت – مجتمعة – إلى ظهور هذه الفرق وإلى تكاثرها وأهم هذه العوامل ما يلى :-
1. دعوة الاسلام إلى إعمال العقل
انقسم الناس إزاء دعوة الاسلام
· حسنت نيتة وحسن فعله
· ساءت نيتة وساء فعله – مريض النية وسىء الطوية
· صدقت نيته وساء فعله
2. شمول الاسلام المكانى والزمانى :دخول الفلسفات والأديان والثقافات المختلفه
3. شمول الاسلام لكل ما يتعلق بالدنيا و الأخرة- كالخلافة
4. الفتوحات الاسلامية- كقتل عمر- وعثمان وعلى-والسياسة
* فريق أسلم وصدق فيما عاهد .
* فريق لم يترك دينه الذى كان عليه ولم يقبل الدخول فى الاسلام وأعلن ذلك فى صراحة ووضوح.
* فريق أظهر الاسلام وأبطن الكفر .وأكل الحقد قلبه
* فريق أخلص النية فى إعتناق الاسلام ولكنه لم يستطع يتخلص نهائياً من قديم عقيدته.
5. إتصال المسلمين بمدارس الفكر الفلسفى كمدارس
جند يسابور- فى مدينة "خوزستان" وقد أسسها "سابور" تدرس فيها الثقافة الفارسية والهندية واليونانية-وزاد ذلك فى العهد العباسى .
مدرسة حران فى شمال العراق.
مدرسة الأسكندرية
6. الترجمة- الدور الأول- من خلافة المنصور إلى أخر عهد الرشيد (136-193)
7. البحث فى القدر
8. فراغ المسلمين من الفتوحات
9. ورود المتشابه فى القرآن
10. وفاة النبى صلى الله عليه وسلم دون أن يحدد من يخلفه أو يضع نظاماًخاصاً للحكم
1. تطبيق شرع الله والحكم بما أنزل الله
2. الشورى فى الحكم
3. العدل بين الناس
4. وجوب السمع والطاعة لولى الأمرما لم يأمر بمعصية
5. وجوب مخالفته إذا أمر بمعصية فإنه لا طاعة لمخلوق فى معصيةالخالق
أبان بن تغلب الكوفى .القارئ من أهل الكوفة.مات سنة إحدى وأربعين ومائة.
روى عن المنهال بن عمرو والحكم وأبى إسحاق وفضيل بن عمرو والأعمش فى الإيمان.والحكم بن عتيبةفى الصلاة فى مسلم. رجال مسلم إبن منجويه.وأبى جعفر الباقر
وروى عنه شعبة وزهير وابن عيينة وعلى بن عابس وإدريس الأودى.موسى بن عقبة وحماد بن زيد
سئل أحمد بن حنبل عن إبان بن تغلب فقال ثقة.وذكر أبو حاتم عن إسحاق بن منصور بن كوسج عن يحيى بن معين أنه قال ثقة
قال عبد الرحمن بن الحكم بن بشير بن سليمان يذكر عن إبان بن تغلب صحة حديث وأدب وعقل .قال ابو حاتم أبان ثقة صالح أ.هـ
قال الذهبى :- شيعى جَلد لكنه صدوق .فلنا صدقه وعليه بدعته وثقه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم وأورده ابن عدى. وقال كان غالياً فى التشيع. وقال السعدى :- زائغ مجاهر .
ثم أورده رحمه الله تعالى. فلقائل أن يقول :كيف ساغ توثيق مُبتدع وحَدّ الثقة العدالة والأتقان ؟ فكيف يكون عدلاًمن هو صاحب بدعة ؟
وجوابه:- أن البدعة على ضربين : فبدعة صغرى كغلو التشيع أوكالتشيع بلا غلو ولا تحريف ،فهذا كثير فى التابعين و تابعيهم مع الدين والورع والصدق .فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الأثار النبوية وهذه مفسرة بينة
ثم بدعة كبرى . كالرفض الكامل والغلو فيه والحط على أبى بكر وعمر رضى الله عنهما والدعاء إلى ذلك .فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة
وايضاً فما أستحضرُ الأن فى هذا الضرب رجلا ً صادقا ًولا مأمونا ً،بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم فكيف يقبل نقل من هذا حاله !حاشا وكلا فالشيعى الغالى فى زمان السلف وعرفهم هو من تكلم فى عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب علياً رضى الله عنه وتعرض لسبهم
والغالى فى زماننا وعرفنا هو الذى يكفّر هؤلاء السادة ويتبرأ من الشيخين ايضاً فهذا ضال مُعَثّر ولم يكن ابان بن تغلب يعرض للشيخين أصلاً بل قد يعتقد علياً أفضل منها .
وقد ذكر الامام الذهبى تكملة لكلامه فى ترجمة ابراهيم بن الحكم بن ظهير الكوفى شيعى جلد له عن شريك . قال أبو حاتم كذاب . روى فى مثالب معاوية ممزقنا ما كتبنا عنه . قال الدار قطنى : ضعيف . ثم قال الذهبى رحمه الله تعالى :- قد اختلف الناس فى الاحتجاج براوية الرافضة على ثلاثة أقوال :-
أحدها :- المنع مطلقاً
الثانى :- الترخص مطلقاً إلا فيمن يكذب ويضع
الثالث :- التفصيل ، فتقبل رواية الرافض الصدوق العارف بما يحدث وترد رواية الرافض الداعية ولو كان صدوقاً .
قال أشهب :سئل مالك عن الرافضة فقال :لاتكلمهم ولاترو عنهم ،فإنهم يكذبون .قال حرملة :سمعت الشافعى يقول:لم أر أشهد بالزور من الرافضة . وقال موصل بن ايهاب : سمعت يزيد بن هارون يقول : يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافصة فإنهم يكذبون .
قال محمد بن سعيد الأصبهانى : سمعت شريكاً يقول : أحمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة ، فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه ديناً . أ هـ
قال الحافظ بن حجر فى التهذيب :- قال الجوزجانى : زائغ مذموم المذهب مجاهر .
قال ابن عدى : له نسخ عامتها مستقيمة إذا روى عنه ثقة وهو من أهل الصدق فى الروايات . وإن كان مذهبه مذهب الشيعة وهو فى الرواية صالح لابأس به.
قلت ابن حجر :- هذا قول منصف وأما الجوزجانى فلا عبرة بحطة على الكوفيين فالتشيع فى عرف المتقدمين هو اعتقاد تفضيل علىّ على عثمان وإن على كان مصيباً فى حروبه وأن مخالفه مخطئ مع تقديم الشيخين وتفضيلهما وربما اعتقد بعضهم أن علياً أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإذا كان معتقد ذلك ورعاً دينياً صادقاً مجتهداً فلا ترد روايته بهذا لا سيما إن كان غير داعية . أما التشيع فى عرف المتأخرين فهو الرفض المحض فلا تقبل رواية الرافض الغالى ولا كرامة .
قال ابن عجلان :- ثنا أبان بن تغلب رجل من أهل العراق من النساك ثقة لما خرج الحاكم حديث أبان قال : كان قاص الشيعة وثقة . قال أبو نعيم كان غاية من الغايات قال ابن سعد ثقة . وذكره ابن حبان فى الثقات .
قال الازدى : كان غالياً فى التشيع وما أعلم به فى الحديث بأساً . أ . هـ
قال الخطيب :- اختلف أهل العلم فى السماع من أهل البدع والأهواء ، كالقدرية والخوارج والرافضة . وفى الاحتجاج بما يرونه ، فمنعت طائفة من السلف صحة ذلك لعلهم أنهم كفار – عند من ذهب إلى إكفار المتأولين ، وفساق عند من لم يحكم بكفر متأول وممن يروى عنه ذلك مالك بن انس
وقال من ذهب إلى هذا المذهب : إن الكافر والفاسق بالتأويل بمثابة الكافر المعاند والفاسق العامد فيجب أن لا يقبل خبرهما ولا تثبت روايتهم .
وذهبت طائفة من أهل العلم إلى قبول أخبار أهل الأهواء ، الذين لا يعرف منهم استحلال الكذب والشهادة لمن وافقهم بما ليس عندهم فيه شهادة ، وممن قال بهذا القول من الفقهاء : أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعى ، فإنه قال " تقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم .
وحكى أن هذا مذهب أبن أبى ليلى وسفيان الثورى وروى مثله عن أبى يوسف القاض
وقال كثيرٌ من العلماء :- تقبل أخبار غير الدعاة من أهل الأهواء . فأما الدعاة فلا يحتج بأخبارهم وممن ذهب إلى ذلك أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل .
وقال جماعة من أهل النقل والمتكلمين : أخبار أهل الأهواء كلها مقبولة ، وإن كانوا كفاراً وفساقاً بالتأويل
ثم ذكر أثراً . وفيه ضعف قال الفضل بن مروان كان المعتصم يختلف إلى على بن عاصم المحدث وكنت امض معه إليه فقال يوماً حدثنا عمرو بن عبيد وكان قدرياً فقال له المعتصم يا أبا الحسن أما تروى أن القدرية مجوس هذه الامة ؟ قال : بلا
قال : فلم تروى عنه ؟ قال : لأنه ثقة فى الحديث صدوق ، قال : فإن كان المجوس ثقة فما تقول : أتروى عنه ؟ فقال له على : انت شغاب يا أبا اسحاق
قال الخطيب : وهذا الاعتراض المذكور فى الخبر لازم ، ولا خلاف أن الفاسق بفعله لا يقبل قوله فى أمور الدين مع كونه مؤمن عندنا فبأن لا يقبل قول من يحكم بكفره من المعتزلة ونحوهم أولى .
وقد احتج من ذهب إلى قبول اخبارهم بأن موقع الفسق متعمداً والكافر الاصلى معانداً ، وأهل الأهواء متألون ، وغير معاندين ، وبأن الفاسق المتعمد أوقع الفسق مجانة وأهل الاهواء اعتقدوا ما اعتقدوه ديانة ، ويلزمهم على هذا الفرق أن يقبلوا خبر الكافر الاصلى ، فإنه يعتقد الكفر ديانة . فإن قالوا : قد منع السمع من قبول خبر الكافر الاصلى . فلم يجز ذلك لمنع السمع منه ، قيل : فالسمع إذن قد ابطل فرقكم بين المتأول والمتعمد . وصحح الحاق احداهما بالآخر ، فصار فيهما سواء .
والذى نعتمد عليه فى تجويز الاحتجاج بأخبارهم مااشتهر من قبول الصحابة اخبار الخوارج وشهادتهم ، ومن جرى مجراهم من الفساق بالتأوبل ثم استمرار عمل التابعين والخالفين بعدهم على ذلك ، لما رأوا من تحريهم الصدق وتعظيمهم الكذب وحفظهم انفسهم عن المحظورات من الافعال وانكارهم على أهل الريب والطرائق المذمومة ورواياتهم الاحاديث التى تخالف آرائهم ويتعلق بها مخالفوهم فى الاحتجاج عليهم ، فاحتجوا برواية .
- عمران بن حطان وهو من الخوارج
- عمرو بن دينار وهو ممن يذهب إلى القدر والتشيع
- عكرمة وكان إباضياً
- ابن أبى نجيع وكان معتزلياً
- عبد الوارث بن سعيد – شبل بن عباد – سيف بن سليمان – هشام الدستوائى وسعيد بن أبى عروبة – سلام بن مسكين كانوا قدرية .
- علقمة بن مرثد – عمرو بن مرة – مسعر بن كدام كانوا مرجئة
- عبيد الله بن موسى – خالد بن مخلد – عبد الرزاق بن همام كانوا يذهبون إلى التشيع وهناك خلق كثير لا يتسع ذكرهم دّوَن أهل العلم قديماً وحديثاً رواياتهم واحتجوا بأخبارهم فصار ذلك كالاجماع منهم وهو أكبر الحجج فى هذا الباب وبه يقوى الظن فى مقاربة الصواب . أ . هـ
قال الشيخ المعلمى فى كتابه التنكيل :- لا شبهة أن المبتدع إن خرج ببدعته عن الاسلام لم تقبل روايته لأن من شروط قبول الرواية الاسلام .
وإنه إن ظهر عناده أو إسرافه فى اتباع الهوى والاعراض عن حجج الحق ونحو ذلك مما هو أدل على وهن التدين فى كثير من الكبائر كشرب الخمر وأخذ الربا فليس بعدل ، فلا تقبل روايته لأن من شرط قبول الرواية العدالة .
وأنه إن استحل الكذب ، فإما أن يكفر بذلك ، وإما إن يفسق ، فإن عذرناه فمن شرط قبول الرواية الصدق فلا تقبل روايته .
وأن من تردد أهل العلم فيه فلم يتجه لهم أن يكفروه أو يفسقوه ولا أن يعدلوه فلا تقبل روايته لأنه لم تثبت عدالته.
ويبقى النظر فيمن عدا هؤلاء ،والمشهور الذى نقل ابن حبان والحاكم اجماع أئمة السنة عليه أن المبتدع الداعيه لا تقبل روايته وأما فكالسنى
واختلف المتأخرون فى تعليل رد الداعية . والتحقيق إن شاء الله تعالى
أن ما اتفق ائمة السنة على انها بدعة فالداعية إليها الذى حقه أن يسمى داعيه لايكون إلا من نوع الأولى إن لم يتجه تكفيره اتجه تفسيقه،فإن لم يتجه تفسيقه فعلى الاقل لاتثبت عدالته.وإلى هذا أشار مسلم رحمه الله تعالى فى مقدمة صحيحه إذ قال . "إعلم وفقك الله ان الواجب على كل أحد عرف التميز بين صحيح الروايات وسقيمها وثيقات الناقلين لها من المتهمين وأن لا يروى منها إلا ما عرف صحه مخارجه والستارة فى ناقلييه ، وأن يتقى منها ما كان عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع والدليل على أن الذى قلنا فى هذا هو الازم دون ما خالفه قول الله تعالى
"ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" وقال جل ثناؤه " ممن ترضون من الشهداء " وقال "وأشهدوا ذوى عدل منكم " فدل بما ذكرنا أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول وأن شهادة غير العدل مردودة الخبر وإن فارق معناه معنى الشهادة فى بعض الوجوه فقد يجتمعان فى أعظم معانيها إذا كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم كما أن شهادته مردودة عند جميعهم فأما غير الداعية فقد مر نقل الإجماع على أنه كالسنى ،إذا ثبتت عدالته قبلت روايته ،وثبت عن مالك ما يوافق ذلك ،وقيل عن مالك أنه لا يروى عنه أيضاً والعمل على الأول .وذهب بعضهم إلى أنه لايروى عنه إلا عند الحاجة ،وهذا أمر مصلحى لا ينافى قيام الحجة بروايته بعد ثبوت عدالته. وحكى بعضهم أنه إذا روى ما فيه تقوية لبدعته لم يؤخذ عنه . ولاريب أن ذلك المروى إذا حكم أهل العلم ببطلانه فلا حاجة إلى روايته إلا لبيان حاله ،ثم إن اقتضى جرح صاحبه بأن ترجح أنه تعمد الكذب أو أنه متهم بالكذب عند أئمة الحديث سقط صاحبه البتة فلا يؤخذ عنه ذاك ولا غيره ،وإن ترجح أنه أنما أخطأ فلا وجه لمؤاخذاته بالخطأ وإن ترجح صحة ذلك المروى فلا وجه لعدم أخذه ، نعم قد تدعو المصلحة إلى عدم روايته حيث يخشى أن يغتر بعض السامعين بظاهره فيقع فى البدعة .