بارقة الأمل
2011-10-10, 10:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه بعض الفوائد اللغوية التي لا تخلوا من طرافة، وقعتُ عليها أثناء تصفحي لبعض كتب أهل العلم، فخطر في البال نقلها إليكنَّ، علِّي أنتفعِ بدعواتكنَّ، وقراءتكنَّ لها، حفظكنَّ الله ورعاكنَّ، وأعلى في جنة المأوى مقامكنَّ..
وإليكنَّ إياها:
الفائدةُ الأولى:
حُكِيَ عن الفرَّاء النحوي؛ أنه قال: «مَنْ برَعَ فِي علمٍ واحدٍ؛ سَهُلَ عليهِ كلُّ علمٍ». فقال له محمدُ بنُ الحَسَنِ القاضي – وكان حاضراً في مجلسهِ ذلك، وكانَ ابنَ خالةِ الفرَّاءِ –: فأنتَ قد برعتَ في علمكَ، فخذ مسألةً أسألكَ عنها من غير علمكَ؛ ما تقولُ فيمنَ سها في صلاتهِ، ثمَّ سجدَ لسهوهِ فسَهَا في سجوده أيضاً ؟
قال الفرَّاءُ: لا شيءَ عليه.
قال: وكيفَ؟
قال: لأنَّ التصغيرَ لا يُصَغَّرُ؛ فكذلكَ السهوُ في سجودِ السهوِ لا يُسْجَدُ لهُ؛ لأنه بمنزلة التصغيرِ؛ فالسجود للسهوِ هو جبرٌ للصلاةِ، والجبرُ لا يُجْبَرُ، كما أنَّ التصغيرَ لا يُصَغَّرُ.
فقال القاضي: ما حَسِبْتُ أنَّ النساء يلدنَ مثلكَ.
الفائدة الثانية:
رُويَ أنَّ أبا يوسفَ دخلَ على الرشيد، والكسائيُّ يداعبهُ ويمازحه؛ فقال أبو يوسف للرشيد: هذا الكوفي – يعني الكسائي – قد استفرغكَ وغلبَ عليكَ.
فقال الرشيد: يا أبا يوسف! إنه ليأتيني بأشياء يشتمل عليها قلبي.
فأقبلَ الكسائيُّ على أبي يوسف، فقال: يا أبا يوسف! هل لكَ في مسألةٍ؟
فقال: نحوٌ أم فقهٌ؟
فقال: بل فقهٌ.
فضحك الرشيد حتى فَحَصَ برجلهِ، ثم قال: تُلْقِي على أبي يوسفَ فقهاً؟
قال: نعم. ثم قال: يا أبا يوسف! ما تقولُ في رجلٍ قال لامرأته: أنتِ طالقٌ أَنْ دخلتِ الدَّارَ، وفَتَحَ أنْ؟
قال: إذا دخلتْ طلقَت.
قال: أخطأتَ يا أبا يوسف.
فضحكَ الرشيدُ، ثم قال: كيف الصواب؟
قال: إذا قال: «أَنْ»؛ فقد وجبَ الفعلُ ووقعَ الطلاقُ، وإن قال: «إِنْ»؛ فلم يجبْ ولم يقع الطلاق.
قال الراوي: فكانَ أبو يوسفَ بعدها لا يدعُ أن يأتِيَ الكسائي.
وقال بعض أهل العلم موضحاً: (السِّرُّ في هذا أنَّ «إنْ» بالكسرةِ شرطيةٌ؛ فيصير الطلاقُ معلَّقاً، وبالفتح مصدريةٌ؛ فيصير دخولها علةً لوقوعِ الطلاق).
تنبيه: علَّقَ محقق الكتابِ على هذه القصةِ بقوله: (والصوابُ في المسألةِ التفريقُ بين العارفِ بالعربيةِ والجاهل بها؛ فيقعُ إن قال: «أَنْ» بخلاف قوله: «إِنْ»، وإن كان جاهلاً لم يقع شيءٌ، أفاده الأسنوي).
الفائدة الثالثةُ:
(وهي مِنْ أعجَبِ الفوائدِ إليَّ!)
سُئِلَ أبو العباسِ ابنُ البنَّاءِ: لِمَ لَمْ تعمَل (إنَّ) في (هَذَانِ) مِنْ قولهِ تعالى: (إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) الآية؟
فقال في الجواب: لـمَّا لَـمْ يُؤَثِّر القولُ في المَقولِ؛ لَـمْ يؤثِّرِ العَامِلُ فِي المعمولِ!
فقال له السائل: يا سيدي! وما وجه الارتباط بينَ عمل (إِنْ) وقولِ الكفَّارِ في النبيين؟
فقال له: يا هذا! إنما جئتُكَ بنُوَّارةٍ يَحْسُنُ رونقها، فأنتَ تريدُ أن تحكَّها بين يديكَ، ثمَّ تطلبُ منها ذلك الرونق !
وبارك الله فيكنَّ
أختكن/ بارقة الأمل
هذه بعض الفوائد اللغوية التي لا تخلوا من طرافة، وقعتُ عليها أثناء تصفحي لبعض كتب أهل العلم، فخطر في البال نقلها إليكنَّ، علِّي أنتفعِ بدعواتكنَّ، وقراءتكنَّ لها، حفظكنَّ الله ورعاكنَّ، وأعلى في جنة المأوى مقامكنَّ..
وإليكنَّ إياها:
الفائدةُ الأولى:
حُكِيَ عن الفرَّاء النحوي؛ أنه قال: «مَنْ برَعَ فِي علمٍ واحدٍ؛ سَهُلَ عليهِ كلُّ علمٍ». فقال له محمدُ بنُ الحَسَنِ القاضي – وكان حاضراً في مجلسهِ ذلك، وكانَ ابنَ خالةِ الفرَّاءِ –: فأنتَ قد برعتَ في علمكَ، فخذ مسألةً أسألكَ عنها من غير علمكَ؛ ما تقولُ فيمنَ سها في صلاتهِ، ثمَّ سجدَ لسهوهِ فسَهَا في سجوده أيضاً ؟
قال الفرَّاءُ: لا شيءَ عليه.
قال: وكيفَ؟
قال: لأنَّ التصغيرَ لا يُصَغَّرُ؛ فكذلكَ السهوُ في سجودِ السهوِ لا يُسْجَدُ لهُ؛ لأنه بمنزلة التصغيرِ؛ فالسجود للسهوِ هو جبرٌ للصلاةِ، والجبرُ لا يُجْبَرُ، كما أنَّ التصغيرَ لا يُصَغَّرُ.
فقال القاضي: ما حَسِبْتُ أنَّ النساء يلدنَ مثلكَ.
الفائدة الثانية:
رُويَ أنَّ أبا يوسفَ دخلَ على الرشيد، والكسائيُّ يداعبهُ ويمازحه؛ فقال أبو يوسف للرشيد: هذا الكوفي – يعني الكسائي – قد استفرغكَ وغلبَ عليكَ.
فقال الرشيد: يا أبا يوسف! إنه ليأتيني بأشياء يشتمل عليها قلبي.
فأقبلَ الكسائيُّ على أبي يوسف، فقال: يا أبا يوسف! هل لكَ في مسألةٍ؟
فقال: نحوٌ أم فقهٌ؟
فقال: بل فقهٌ.
فضحك الرشيد حتى فَحَصَ برجلهِ، ثم قال: تُلْقِي على أبي يوسفَ فقهاً؟
قال: نعم. ثم قال: يا أبا يوسف! ما تقولُ في رجلٍ قال لامرأته: أنتِ طالقٌ أَنْ دخلتِ الدَّارَ، وفَتَحَ أنْ؟
قال: إذا دخلتْ طلقَت.
قال: أخطأتَ يا أبا يوسف.
فضحكَ الرشيدُ، ثم قال: كيف الصواب؟
قال: إذا قال: «أَنْ»؛ فقد وجبَ الفعلُ ووقعَ الطلاقُ، وإن قال: «إِنْ»؛ فلم يجبْ ولم يقع الطلاق.
قال الراوي: فكانَ أبو يوسفَ بعدها لا يدعُ أن يأتِيَ الكسائي.
وقال بعض أهل العلم موضحاً: (السِّرُّ في هذا أنَّ «إنْ» بالكسرةِ شرطيةٌ؛ فيصير الطلاقُ معلَّقاً، وبالفتح مصدريةٌ؛ فيصير دخولها علةً لوقوعِ الطلاق).
تنبيه: علَّقَ محقق الكتابِ على هذه القصةِ بقوله: (والصوابُ في المسألةِ التفريقُ بين العارفِ بالعربيةِ والجاهل بها؛ فيقعُ إن قال: «أَنْ» بخلاف قوله: «إِنْ»، وإن كان جاهلاً لم يقع شيءٌ، أفاده الأسنوي).
الفائدة الثالثةُ:
(وهي مِنْ أعجَبِ الفوائدِ إليَّ!)
سُئِلَ أبو العباسِ ابنُ البنَّاءِ: لِمَ لَمْ تعمَل (إنَّ) في (هَذَانِ) مِنْ قولهِ تعالى: (إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) الآية؟
فقال في الجواب: لـمَّا لَـمْ يُؤَثِّر القولُ في المَقولِ؛ لَـمْ يؤثِّرِ العَامِلُ فِي المعمولِ!
فقال له السائل: يا سيدي! وما وجه الارتباط بينَ عمل (إِنْ) وقولِ الكفَّارِ في النبيين؟
فقال له: يا هذا! إنما جئتُكَ بنُوَّارةٍ يَحْسُنُ رونقها، فأنتَ تريدُ أن تحكَّها بين يديكَ، ثمَّ تطلبُ منها ذلك الرونق !
وبارك الله فيكنَّ
أختكن/ بارقة الأمل