المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحث على تلاوة القرآن ومغبة الصد عنها ورد شبهة "رب تال للقرآن والقرآن يلعنه"



العلمي أمل
2011-08-01, 01:47 PM
الحث على تلاوة القرآن ومغبة الصد عنها

ورد شبهة "رب تال للقرآن والقرآن يلعنه"




إعداد الدكتور أمل العلمي

أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن بلسان عربي مبين... بينه وأمر رسوله الصادق الأمين أن يبينه للناس كافة. ومما لا شك فيه أن القرآن كتاب هداية وتذكرة ورحمة وشفاء للمؤمنين ولا يزيد الكافرين والظالمين إلا خسارا. كما أننا أمرنا أن نتلوه ونتدبره ونطبق تعاليمه وأحكامه وأن نؤدي شعائره ونجتنب ما حرم ونهى عنه... ما كان لي أن أتناول هذا الموضوع لولا "غربة الدين" التي نعيشها في عصرنا هذا وعزوف القوم عن تلاوة القرآن... بل منهم من لم يكتفي بالصد عن القرآن بل روج لشبهة خطيرة المقصد تؤدي إلى الإعراض عن كتاب الله محتجاً بالمقولة "رب تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه"... ولطالما سمعتها صغيرا ممن كنت آخذ عنهم أمر الدين... وأثق بهم وبمكانتهم العلمية... فزعم الأستاذ المربي أن المقولة حديث... وما هي بحديث... وما كان للقرآن أن يلعن أحدا وهو كتاب تذكرة، وتبصرة، ونور وهداية... أما تلك الشبهة فتدعو للإكثار من الذكر (ولاسيما ذكراً معيناً ينحصر في فضل "صلاة الفاتح" وتفضيلها على القرآن لدى بعض المتصوفة) تأدباً في حق القرآن وحق التلاوة وما قد يلحق تاليه من لعنة وأذى لعدم قيامه حق القيام بتعاليم القرآن ولتقصيره في تطبيق أمور الدين... هكذا زعموا وروجوا للتخلي عن القرآن والاكتفاء بصلاة الفاتح عن غير قصد لجهلهم بكتاب الله... ولرد تلك الشبهة حرصت على جمع الآيات التي تحث على تلاوة القرآن بل التهجد به وترتيله والإقبال عليه في هذا المبحث... ولقد أُلفت الكتب على مر الزمان في فضائل القرآن... وحفزتني تلك الشبهة في بحث آخر تعقب أسماء القرآن وصفاته فما وجدت بينها آية واحدة تشير للعنة تالي القرآن من قريب أو بعيد وما عثرت في السنة المطهرة على ذلك... واسترسلت في مبحث ثالثٍ مستقصيا التنقيب عن "الملعونين في كتاب الله" فوجدت الكافر والمشرك والمنافق وقاطع الرحم وما شابه... وما كان بينهم المقبل على كلام الله سبحانه وتعالى وعلى كتابه المبين وذكره الحكيم... فمن أين جاءت تلك الشبهة ؟... ومن دسها في كتب المتصوفة ؟... وهل من وراء ذلك مكر المستشرقين ومن سار وراءهم وتأثر بمنهجهم ومحاربتهم للإسلام وللقرآن على الخصوص.؟... فكل الإرهاصات تدل على ذلك لمن خبر مكرهم، وعلم بخبث أسلوبهم، وتعرف على دسهم السم في العسل...
في هذه الصفحة أقترح عليكم المحاور التالية:
- الأمر بتلاوة القرآن
- تلاوة القرآن حق التلاوة
- قرآن الفجر
- التهجد بالقرآن
- قراءة ما تيسر من القرآن
- آداب تلاوة القرآن
- فضائل القرآن
- شبهة "رب تال للقرآن والقرآن يلعنه"
- مفاضلة بين القرآن والذكر
- هل لتلاوة القرآن مراتب ومقامات تخص المتعبد ؟...

العلمي أمل
2011-08-01, 07:57 PM
1) الأمر بتلاوة القرآن

قال تعالى: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ (92) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَ ا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93) ﴾ (النمل: 91-93).

وتفسير الآيات كما ورد في تفسير السعدي باختصار: أي: قل لهم يا محمد { إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ } أي: مكة المكرمة التي حرمها وأنعم على أهلها فيجب أن يقابلوا ذلك بالشكر والقبول. { وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ } من العلويات والسفليات أتى به لئلا يتوهم اختصاص ربوبيته بالبيت وحده. { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } أي: أبادر إلى الإسلام، وقد فعل صلى الله عليه وسلم فإنه أول هذه الأمة إسلاما وأعظمها استسلاما. { و } أمرت أيضا { أن أَتْلُوَ } عليكم { الْقُرْآنَ } لتهتدوا به وتقتدوا وتعلموا ألفاظه ومعانيه فهذا الذي علي وقد أديته، { فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } نفعه يعود عليه وثمرته عائدة إليه { وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ } وليس بيدي من الهداية شيء. { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ } الذي له الحمد في الأولى والآخرة ومن جميع الخلق، خصوصا أهل الاختصاص والصفوة من عباده، فإن الذي ينبغي أن يقع منهم من الحمد والثناء على ربهم أعظم مما يقع من غيرهم لرفعة درجاتهم وكمال قربهم منه وكثرة خيراته عليهم. { سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَهَ ا } معرفة تدلكم على الحق والباطل، فلا بد أن يريكم من آياته ما تستنيرون به في الظلمات. { لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ }. { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } بل قد علم ما أنتم عليه من الأعمال والأحوال وعلم مقدار جزاء تلك الأعمال وسيحكم بينكم حكما تحمدونه عليه ولا يكون لكم حجة بوجه من الوجوه عليه.

العلمي أمل
2011-08-02, 01:10 PM
2) تلاوة القرآن حق التلاوة

قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ (البقرة: 121).

من تفسير السعدي[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1): يخبر تعالى أن الذين آتاهم الكتاب، ومنَّ عليهم به منة مطلقة، أنهم { يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ } أي: يتبعونه حق اتباعه، والتلاوة: الاتباع، فيحلون حلاله، ويحرمون حرامه، ويعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، وهؤلاء هم السعداء من أهل الكتاب، الذين عرفوا نعمة الله وشكروها، وآمنوا بكل الرسل، ولم يفرقوا بين أحد منهم. فهؤلاء، هم المؤمنون حقا، لا من قال منهم: { نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه } ولهذا توعدهم بقوله { وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }


[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) - تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للشيخ عبد الرحمن السعدي

العلمي أمل
2011-08-03, 04:34 PM
3) قرآن الفجر

قال تعالى: ففف أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79) ققق (الإسراء: 78-79)

الشرح: يأمر تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بإقامة الصلاة تامة، ظاهرًا وباطنًا، في أوقاتها. { لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } أي: ميلانها إلى الأفق الغربي بعد الزوال، فيدخل في ذلك صلاة الظهر وصلاة العصر.{ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ } أي: ظلمته، فدخل في ذلك صلاة المغرب وصلاة العشاء. { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ } أي: صلاة الفجر، وسميت قرآنا، لمشروعية إطالة القرآن فيها أطول من غيرها، ولفضل القراءة فيها حيث شهدها الله، وملائكة الليل وملائكة والنهار. ففي هذه الآية، ذكر الأوقات الخمسة، للصلوات المكتوبات، وأن الصلوات الموقعة فيه فرائض لتخصيصها بالأمر. وفيها: أن الوقت شرط لصحة الصلاة، وأنه سبب لوجوبها، لأن الله أمر بإقامتها لهذه الأوقات. وأن الظهر والعصر يجمعان، والمغرب والعشاء كذلك، للعذر، لأن الله جمع وقتهما جميعًا. وفيه: فضيلة صلاة الفجر، وفضيلة إطالة القراءة فيها، وأن القراءة فيها، ركن لأن العبادة إذا سميت ببعض أجزائها، دل على فرضية ذلك.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) - تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للشيخ عبد الرحمن السعدي

العلمي أمل
2011-08-04, 11:05 AM
4) التهجد بالقرآن

قال تعالى: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ﴾ (الإسراء: 79)

الشرح: وقوله: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ } أي: صل به في سائر أوقاته. { نَافِلَةً لَكَ } أي: لتكون صلاة الليل زيادة لك في علو القدر، ورفع الدرجات، بخلاف غيرك، فإنها تكون كفارة لسيئاته.ويحتمل أن يكون المعنى: أن الصلوات الخمس فرض عليك وعلى المؤمنين، بخلاف صلاة الليل، فإنها فرض عليك بالخصوص، ولكرامتك على الله، أن جعل وظيفتك أكثر من غيرك، وليكثر ثوابك، وتنال بذلك المقام المحمود، وهو المقام الذي يحمده فيه الأولون والآخرون، مقام الشفاعة العظمى، حين يتشفع الخلائق بآدم، ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، وكلهم يعتذر ويتأخر عنها، حتى يستشفعوا بسيد ولد آدم، ليرحمهم الله من هول الموقف وكربه، فيشفع عند ربه فيشفعه، ويقيمه مقامًا يغبطه به الأولون والآخرون، وتكون له المنة على جميع الخلق.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)


[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1)- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للشيخ عبد الرحمن السعدي

العلمي أمل
2011-08-05, 12:43 AM
5) قراءة ما تيسر من القرآن

قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ (المزمل: 20)

الشرح: ذكر الله في أول هذه السورة أنه أمر رسوله بقيام نصف الليل أو ثلثه أو ثلثيه، والأصل أن أمته أسوة له في الأحكام، وذكر في هذا الموضع، أنه امتثل ذلك هو وطائفة معه من المؤمنين.ولما كان تحرير الوقت المأمور به مشقة على الناس، أخبر أنه سهل عليهم في ذلك غاية التسهيل فقال: { وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } أي: يعلم مقاديرهما وما يمضي منهما ويبقى. { عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ } أي: [لن] تعرفوا مقداره من غير زيادة ولا نقص، لكون ذلك يستدعي انتباها وعناء زائدا أي: فخفف عنكم، وأمركم بما تيسر عليكم، سواء زاد على المقدر أو نقص، { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ } أي: مما تعرفون ومما لا يشق عليكم، ولهذا كان المصلي بالليل مأمورا بالصلاة ما دام نشيطا، فإذا فتر أو كسل أو نعس، فليسترح، ليأتي الصلاة بطمأنينة وراحة. ثم ذكر بعض الأسباب المناسبة للتخفيف، فقال: { عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى } يشق عليهم صلاة ثلثي الليل أو نصفه أو ثلثه، فليصل المريض المتسهل عليه، ولا يكون أيضا مأمورا بالصلاة قائما عند مشقة ذلك، بل لو شقت عليه الصلاة النافلة، فله تركها [وله أجر ما كان يعمل صحيحا]. { وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } أي: وعلم أن منكم مسافرين يسافرون للتجارة، ليستغنوا عن الخلق، ويتكففوا عن الناس أي: فالمسافر، حاله تناسب التخفيف، ولهذا خفف عنه في صلاة الفرض، فأبيح له جمع الصلاتين في وقت واحد، وقصر الصلاة الرباعية. وكذلك { آخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ } فذكر تعالى تخفيفين، تخفيفا للصحيح المقيم، يراعي فيه نشاطه، من غير أن يكلف عليه تحرير الوقت، بل يتحرى الصلاة الفاضلة، وهي ثلث الليل بعد نصفه الأول. وتخفيفا للمريض أو المسافر، سواء كان سفره للتجارة، أو لعبادة، من قتال أو جهاد، أو حج، أو عمرة، ونحو ذلك، فإنه أيضا يراعي ما لا يكلفه، فلله الحمد والثناء، الذي ما جعل على الأمة في الدين من حرج، بل سهل شرعه، وراعى أحوال عباده ومصالح دينهم وأبدانهم ودنياهم. ثم أمر العباد بعبادتين، هما أم العبادات وعمادها: إقامة الصلاة، التي لا يستقيم الدين إلا بها، وإيتاء الزكاة التي هي برهان الإيمان، وبها تحصل المواساة للفقراء والمساكين، ولهذا قال: { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ } بأركانها، وشروطها، ومكملاتها، { وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } أي: خالصا لوجه الله، من نية صادقة، وتثبيت من النفس، ومال طيب، ويدخل في هذا، الصدقة الواجبة ؟ والمستحبة، ثم حث على عموم الخير وأفعاله فقال: { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا } الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة. وليعلم أن مثقال ذرة من الخير في هذه الدار، يقابله أضعاف أضعاف الدنيا، وما عليها في دار النعيم المقيم، من اللذات والشهوات، وأن الخير والبر في هذه الدنيا، مادة الخير والبر في دار القرار، وبذره وأصله وأساسه، فوا أسفاه على أوقات مضت في الغفلات، ووا حسرتاه على أزمان تقضت بغير الأعمال الصالحات، ووا غوثاه من قلوب لم يؤثر فيها وعظ بارئها، ولم ينجع فيها تشويق من هو أرحم بها منها، فلك اللهم الحمد، وإليك المشتكى، وبك المستغاث، ولا حول ولا قوة إلا بك. { وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } وفي الأمر بالاستغفار بعد الحث على أفعال الطاعة والخير، فائدة كبيرة، وذلك أن العبد ما يخلو من التقصير فيما أمر به، إما أن لا يفعله أصلا أو يفعله على وجه ناقص، فأمر بترقيع ذلك بالاستغفار، فإن العبد يذنب آناء الليل والنهار، فمتى لم يتغمده الله برحمته ومغفرته، فإنه هالك.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1)- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للشيخ عبد الرحمن السعدي

العلمي أمل
2011-08-08, 02:37 PM
6) آداب تلاوة القرآن الكريم

أفرد شيخ الإسلام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي الشافعي، في كتابه "الإتقان في علوم القرآن"، فصلا كاملا خصه لآداب تلاوة القرآن تحت العنوان (النوع الخامس والثلاثون في آداب تلاوته وتأليفه)[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1) استهل كلامه بقوله: "أفرده بالتصنيف جماعة منهم النووي في التبيان وقد ذكر فيه وفي شرح المهذب وفي الأذكار جملة من الآداب وإني ألخصها هنا وأزيد عليها أضعافها وأفصلها مسئلة مسئلة ليسهل تناولها (مسئلة) يستحب الإكثار من قراءة القرآن وتلاوته..."

ويلخص لنا د. عادل مبارك المطيرات[2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2) آداب قراءة القرآن الكريم بقوله: على الصائم أن يتأدب بآداب التلاوة لكتاب الله تعالى ومنها:
أولاً: إخلاص النية لله تعالى لأن أي عمل من الأعمال لا يقبله الله ما لم يكن خالصاً له وحده، يقول تعالى: ( فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)، ويقول تعالى: ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء).
ثانياً: أن يقرأ بقلب حاضر منصرف إلى السماع ويتدبر كل ما يقرؤه ويحاول الفهم قدر استطاعته، وأما أولئك الذين يهذون القرآن هذّا، ولا يتدبرون معانيه ولا يخشعون عند وعده ووعيده فقلوبهم مشغولة بغير القراءة من متاع الدنيا وعرضها الزائل.
ثالثاً: أن يقرأ على طهارة كاملة، لأن هذا من تعظيم كلام الله واحترامه، ولا حرج عليه لو كان مضطرا للقراءة ولا يجد وسيلة لبلوغ الماء، كمن يرقد على السرير أو في سيارة لا يملك إيقافها أو في طائرة أو في سجن وما أشبه ذلك فهؤلاء قد يكونون معذورين وهم على غير طهارة شريطة أن يتطهروا من الحدث الأكبر.
رابعاً: ألا يقرأ في أماكن مستقذرة كدورات المياه وأماكن المنكرات والمعاصي، أو في مجتمع لا ينصت له كمجتمع البيع والشراء، أو مجتمع الرياضة وغير ذلك من المجتمعات المشغولة، لأن القراءة في هذه الأماكن إهانة لكتاب الله.
خامساً: أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند بدء القراءة سواء كان من أول السورة أو من وسطها لقول الله تعالى: ( فإذا قّرأت القرآن فّاستعذ باللَه من الشَيطّان الرَجيم ). ثم يقول في بدء السورة: بسم الله الرحمن الرحيم.
سادساً: أن يحسن صوته بالقرآن ما استطاع إلى ذلك سبيلاً لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ما أذن الله لشيء (أي ما استمع لشيء) كما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به » متفق عليه. والجهر بالقراءة أولى إلا إذا كان حوله من يتأذى بجهره في قراءته كالنائم والمصلي ، فإنه حينئذ يجهر جهراً خفيفاً يسمعه هو ولا يسمعه من حوله.
سابعاً: ومن آداب تلاوة القرآن أن يسجد عند تلاوة الآيات التي فيها سجود سواء كان الوقت وقت نهي أو غيره. والله أعلم.


[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) - من الصفحة 104 إلى 113 من طبعة : المكتبة الثقافية بيروت – لبنان 1973
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2) - منتدى الفتاوى الشرعية []http://ftawa.ws/fw/thread56203.] (http://ftawa.ws/fw/thread56203.html)

العلمي أمل
2011-08-09, 01:36 PM
7) فضائل القرآن (http://majles.alukah.net/showthread.php?p=527134#post52 7134)
تجدها على الرابط:
http://majles.alukah.net/showthread.php?p=527134#post52 7134

دعوة إلى الله
2011-08-11, 03:36 AM
جزاك الله خيرا ونفع بكم أمة الأسلام والمسلمين

العلمي أمل
2011-08-11, 03:27 PM
أواصل
8) رد شبهة: "رب تال للقرآن والقرآن يلعنه"

بحثت عن المقولة "رب تال للقرآن والقرآن يلعنه" للتأكد من مصدرها، فوجدت ذكرها على سبيل المثال وارد عند الإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي (المتوفى في السنة 505 هـ) في كتابه إحياء علوم الدين[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1). وذلك في "كتاب آداب تلاوة القرآن" وهو الكتاب الثامن من الجزء الأول من إحياء علوم الدين... في الباب الأول، "في فضل القرآن وأهله وذم المقصرين في تلاوته"، فصلين: الفصل الأول: فضيلة القرآن؛ والفصل الثاني: "في ذم تلاوة الغافلين"... ففي هذا الفصل الأخير بعد سابقه (فضيلة القرآن) يقول الإمام الغزالي رحمه الله: « قال أنس بن مالك رب تال للقرآن والقرآن يلعنه. وقال ميسرة الغريب هو القرآن في جوف الفاجر. وقال أبو سليمان الداراني الزبانية أسرع إلى حملة القرآن الذين يعصون الله عز وجل منهم إلى عبدة الأوثان حين عصوا الله سبحانه بعد القرآن...». وبذلك يكون السياق العام الذي وردت فيه مقولة أنس بن مالك عند الإمام الغزالي في باب "فضل القرآن وأهله وذم المقصرين في تلاوته" في فصل "ذم تلاوة الغافلين"... فلم يقصد الإمام الغزالي رحمه الله ولا الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه، الدعوة إلى ترك تلاوة القرآن بحكم التقصير في العبادات وعدم الامتثال لما جاء في القرآن من أوامر ونواهي؛ بل القصد كما يبدو هو الترغيب في تلاوة القرآن والترهيب من تلاوة الغافلين (ويمكن تلخيصه كما بينه العلماء في: قراءة الغافل، والقرآن في جوف فاجر). ومثل ذلك الزعم في البطلان، الوقوف عند "فويل للمصلين" في الآية المشار إليها (الماعون:4) بدون ما بعدها "الذين هم عن صلاتهم ساهون". فالآيات (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ.) لا تطلب من المصلي أن يترك الصلاة ولا تتوعده بالويل إن أداها... كما أنه لا ينبغي أن يفهم من كلام أنس بن مالك رضي الله عنه: الترهيب من تلاوة القرآن... والله سبحانه وتعالى يأمرنا في محكم كتابه بتلاوة القرآن في عدة آيات والأحاديث كثيرة في الحث على التعبد بالقرآن والإكثار من تلاوته، والترغيب في ذلك وقد جمع السلف الصالح "فضائل القرآن" وخصصوا لها مؤلفات يزخر بها التراث الإسلامي والمكتبة العربية.

هذا، وسئل ثلة من العلماء في عصرنا عن هذه المسألة منهم الشيخ عبد الحميد بن باديس[2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2) (1889-1940) رحمه الله فأجاب السائل عن الطريقة التجانية وما يدعيه المنتسبون لها: أن قراءة (صلاة الفاتح) أفضل من تلاوة القرآن ستة آلاف مرة متأولين بأن ذلك بالنسبة لمن لم يتأدب بآداب القرآن. – أجاب -بما يلي:
« وأما زعم من زعم - متأولا لتلك الأفضلية الباطلة – بأن (صلاة الفاتح) خير لعامة الناس من تلاوة القرآن لأن ثوابها محقق ولا يلحق فاعلها إثم والقرآن إذا تلاه العاصي كانت تلاوته عليه إثماً لمخالفته لما يتلوه، واستدلوا على هذا بقول أنس - رضي الله عنه – الذي تحسبه العامة حديثاً: (رب تال للقرآن والقرآن يلعنه) فهو زعم باطل لأنه مخالف لما قاله أئمة السلف والخلف من أن القرآن أفضل الأذكار ولم يفرقوا في ذلك بين عامة وخاصة ولا بين مطيع وعاص، ومخالف لمقاصد الشرع من تلاوة القرآن، وذلك من وجوه:
الأول - أن المذنبين مرضى القلوب فإن القلب هو المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله فكل معصية يأتي بها الإنسان هي من فساد في القلب ومرض به، والله تعالى قد جعل دواء أمراض القلب تلاوة القرآن: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ )) [يونس:57[ ((وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا)) [الإسراء:82[ فمقصود الشرع من المسلمين أن يتلوه ويتدبروه ويستشفوا بألفاظه ومعانيه من أمراضهم ومن عيوبهم وذنوبهم وذلك الزعم الباطل يصرف المذنبين - وأيُّنا غير مذنب؟ - عن تلاوته.
الثاني - أن القلوب تعتريها الغفلة والقسوة والشكوك والأوهام والجهالات وقد تتراكم عليها هذه الأدران كما تتراكم الأوساخ على المرآة فتطمسها وتبطل منفعتها وقد يصيبها القليل منها أو من بعضها فلا تسلم القلوب على كل حال من إصابتها فهي محتاجة دائماً وأبداً إلى صقل وتنظيف بتلاوة القرآن وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى هذا فيما رواه البيهقي في " الشعب " والقرطبي في ((التذكار)) - ((أن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد، قالوا: يا رسول اله فما جلاؤها، قال: تلاوة القرآن)) فمقصود الشرع من المذنبين أن يتلوا القرآن لجلاء قلوبهم وذلك الزعم الباطل يصرفهم عنه.
الثالث- أن الوعيد والترهيب قد ثبتا في نسيان القرآن بعد تعلمه، وذهابه من الصدور بعد حفظه فيها، فروى أبو داوود عن سعد - مرفوعاً- : (ما من أمريء يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله أجذم)، وروى الشيخان عن عبد الله – مرفوعاً- : (واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم) ، فمقصود الشرع دوام التلاوة لدوام الحفظ ودفع النسيان وذلك الزعم الباطل يؤدي إلى تقليلها أو تركها.
ومثل هذا الزعم في البطلان والضلال زعم أن تالي القرآن يأثم بقراءته مع مخالفته فإن المذنب يكتب عليه ذنبه مرة واحدة، ولا يكتب عليه مرة ثانية إذا ارتكب ذنباً آخر وإنما يكتب عليه ذلك الذنب الآخر فيكف يكتب عليه ذنب إذا باشر عبادة التلاوة؟ والأصل القطعي - كتاباً وسنة - أن ما جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهو يبطل أن تجدد له سيئاته إذا جاء بتلاوة القرآن.
وأما قول أنس - رضي الله عنه – (رب تال للقرآن والقرآن يلعنه) فليس معناه أن القرآن يلعنه لأجل تلاوته، كيف وتلاوته عبادة ؟ وإنما معناه أنه ربما تكون له مخالفة لبعض أوامر القرآن أو نواهيه من كذب أو ظلم مثلاً فيكون داخلاً في عموم لعنه للظالمين والكاذبين. وهذا الكلام خرج مخرج التقبيح للإصرار على مخالفة القرآن مع تلاوته بعثاً للتالي على سرعة الاتعاظ بآيات القرآن وتعجيل المتاب ، ولم يخرج مخرج الأمر بترك التلاوة والانصراف عنها، هذا هو الذي يتعين حمل كلام هذا الصحابي الجليل بحكم الأدلة المتقدمة، ونظيره ما ثبت في الصحيح: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)، قال الشراح - واللفظ للقسطلاني -: (وليس المراد الأمر بترك صيامه إذا لم يترك الزور إنما معناه التحذير من الزور فهو كقوله عليه الصلاة والسلام: (من باع الخمر فليشقص الخنازير) أي يذبحها، ولم يأمره بشقصها، ولكنه التحذير والتعظيم لإثم شارب الخمر، وكذلك حذر الصائم من قول الزور والعمل به، ليتم له أجره، هذا فيمن يرتكب الزور وهو صائم فيكون متلبساً بالعبادة والمخالفة في وقت واحد، فكيف بمن كان ذنبه في غير وقت عبادة التلاوة؟ فالمقصود من كلام أنس تحذيره من الإصرار على المخالفة، وترغيبه في المبادرة بالتوبة ليكمل له أجر تلاوته بكمال حالته.[3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)«

وقد سئل كذلك سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن " رب تال للقرآن والقرآن يلعنه " فقال كما في "مجموع فتاوى ابن باز"(ج 26 / ص 61) : لا أعلم صحة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا حاجة إلى تفسيره ، ولو صح لكان المعنى أن في القرآن ما يقتضي ذمه ولعنه ؛ لكونه يقرأ القرآن وهو يخالف أوامره أو يرتكب نواهيه ، يقرأ كتاب الله وفي كتاب الله ما يقتضي سبه وسب أمثاله ؛ لأنهم خالفوا الأوامر وارتكبوا النواهي هذا هو الأقرب في معناه إذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ولكني لا أعلم صحته عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وذكره العلامة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - كما في "نور على الدرب" لابن عثيمين في جواب له على سؤال وقال إن صح الحديث. أقول :ذكره الغزالي في إحياء علوم الدين من قول أنس بن مالك -رضي الله عنه- بدون إسناد بلفظ :"رب تال للقرآن والقرآن يلعنه". وجاء مسنداً بلفظ آخر عن ميمون بن مهران الكوفي الفقيه (ت 117هـ)رواه ابن أبي حاتم في تفسيره فقال : حدثنا أبي ثنا صالح بن عبيد الله الهاشمي ثنا أبو المليح عن ميمون بن مهران قال إن الرجل ليصلي ويلعن نفسه في قراءته فيقول (ألا لعنة الله على الظالمين) وإنه لظالم..
هذا ما ظهر لي، والواجب على المرء التثبت في نسبة الأحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

ذكر الشقيري في السنن والمبتدعات ص200: "رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه" وهذا أيضا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما ذكره في الإحياء من قول أنس بلفظ"رب تال.." ولم يتعقبه شارح الإحياء بل أقره هنا وفي موضع آخر من الكتاب"

ويقول عبدالرحمن بن عمر الفقيه الغامدي: فهذا ذكره الغزالي في الإحياء(1/324) بدون سند ، وذكر نحوه عن بعض السلف وأقرب ما وجدت للفظه ما أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ج:6 ص:2017 : 10781 حدثنا أبي ثنا صالح بن عبيد الله الهاشمي ثنا أبو المليح عن ميمون بن مهران قال إن الرجل ليصلي ويلعن نفسه في قراءته فيقول (ألا لعنة الله على الظالمين) وإنه لظالم ، والله أعلم.


[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) - ص 274 من النسخة التي بين يدي الصادرة عن دار المعرفة بيروت لبنان – الجزء الأول
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2) - رائد النهضة العلمية والإصلاحية في الجزائر

[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3) - عن موقع الشيخ بن باديس : http://www.binbadis.net/

العلمي أمل
2011-08-12, 02:27 PM
9) مفاضلة بين القرآن الكريم وصلاة الفاتح

لعل أفضل ما وجدته ردا على ادعاء التجانيين بأفضلية صلاة الفاتح على القرآن... ما جاء على لسان العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله:

يقول الشيخ بن باديس: ورد سؤال على الأستاذ الجليل محمد بن الحسن الحجوري وزير معارف الحكومة المغربية من الشيخ حافظ إبراهيم ربيشطي من أهل العلم ببلدة شقودرة بمملكة ألبانيا، عن أشياء منها ما يتعلق بالطريقة التجانية، فأجاب الأستاذ عن تلك المسائل كلها ونشر جوابه في مجلة (الرسالة) حيث نشر السؤال، ولقد أجاد الأستاذ في جوابه غير أنه أحاط كلامه في شأن الطريقة التجانية بشيء من الغموض حمله عليه فيما أظن مركزه ومحيطه وليس له في هذا عذر عند الله فإن السؤال كان واضحا والموضوع عظيماً هاما والموقف محتاجا إلى صراحة لا يخاف فيها إلا الله، فرأيت من واجبي الديني أن أجيب بصراحة وأن آتي من كلام الأستاذ بما هو مؤيد لجوانبي مع التعليق عليه لا أقصد من ذلك - علم الله – إلا النصح لإخواني الذين ضلوا بهذه الطريقة عن الصراط المستقيم هدانا الله كلنا إليه.

تلخيص السؤال: [1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)
يدعي المنتسبون للطريقة التجانية :
1- أن قراءة (صلاة الفاتح) أفضل من تلاوة القرآن ستة آلاف مرة متأولين بأن ذلك بالنسبة لمن لم يتأدب بآداب القرآن.
2- أن (صلاة الفاتح) من كلام الله القديم ولا يترتب عليها ثوابها إلا لمن اعتقد ذلك.
3- وأن (صلاة الفاتح) علمها النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - لصاحب الطريقة ولم يعلمها لغيره.
.../...

الجواب :
1- القرآن كلام الله و(صلاة الفاتح) من كلام المخلوق ومن اعتقد أن كلام المخلوق أفضل من كلام الخالق فقد كفر، ومن جعل ما للمخلوق مثل ما لله فقد كفر بجعله لله نداً فكيف بمن جعل ما للمخلوق أفضل مما للخالق.
هذا إذا كانت الأفضلية في الذات فأما إذا كانت الأفضلية في النفع فإن الأدلة النظرية والأثرية قاضية بأفضلية القرآن على جميع الأذكار وهو مذهب الأئمة من السلف والخلف، قال سفيان الثوري - رحمه الله- (سمعنا أن قراءة القرآن أفضل من الذكر)، نقله القرطبي في الباب السابع من كتاب (الأذكار) وقال النووي - رحمه الله – (واعلم أن المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك) قاله في الباب الثاني من كتاب التبيان ومخالفة مثل هذا موجب للتبديع والتضليل.

2- وأما زعم من زعم - متأولا لتلك الأفضلية الباطلة – بأن (صلاة الفاتح) خير لعامة الناس من تلاوة القرآن لأن ثوابها محقق ولا يلحق فاعلها إثم والقرآن إذا تلاه العاصي كانت تلاوته عليه إثماً لمخالفته لما يتلوه، واستدلوا على هذا بقول أنس - رضي الله عنه – الذي تحسبه العامة حديثاً: (رب تال للقرآن والقرآن يلعنه) فهو زعم باطل لأنه مخالف لما قاله أئمة السف والخلف من أن القرآن أفضل الأذكار ولم يفرقوا في ذلك بين عامة وخاصة ولا بين مطيع وعاص، ومخالف لمقاصد الشرع من تلاوة القرآن، وذلك من وجوه: (تقدم شرحها)
.../...
3- وليس عندنا من كلام الله إلا القرآن العظيم، هذا إجماع المسلمين حتى أن ما يلقيه جبريل - عليه السلام - في روع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- سماه الأئمة بالحديث القدسي، وفرقوا بينه وبين القرآن العظيم ولم يقولوا فيه كلام الله، ومن الضروري عند المسلمين أن كلام الله هو القرآن وآيات القرآن، فمن اعتقد أن (صلاة الفاتح) من كلام الله فقد خالف الإجماع في أمر ضروري من الدين وذلك موجب للتكفير.

4- قد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معلما كما صح عنه، وعاش معلما آخر لحظة من حياته فتوفاه الله تعالى نبينا ورسولاً ونقله للرفيق الأعلى، وقد أدى الرسالة، وبلغ الأمانة، وانقطع الوحي وانتهى التبليغ والتعليم، وترك فينا ما إن تمسكنا به لن نضل أبدا وهو كتاب الله وسنته، كما صح عنه، هذا كله مجمع عند المسلمين، وقطعي في الدين، فمن زعم أن محمداً مات وقد بقي شيء لم يعلمه للناس في حياته فقد أعظم على الله الفرية وقدح في تبليغ الرسالة، وذلك كفر، فمن اعتقد أن (صلاة الفاتح) علمها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لصاحب الطريقة التجانية دون غيره، كان مقتضى اعتقاده هذا أنه مات ولم يبلغ وذلك كفر، فإن زعم أنه علمه إياها في المنام فالإجماع على أنه لا يؤخذ شيء من الدين في المنام مع ما فيه من الكتم وعدم التبليغ المتقدم.

هذا وقد ثبت في الصحيح أن الصحابة - رضي الله عنهم - سألوا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم _ كيف يصلون عليه فانتظر الوحي وعلمهم الصلاة الإبراهيمية وقد تواترت في الأمة تواتراً معنوياً ونقلها الخلف عن السلف طبقة عن طبقة وأجمع الناس على مشروعيتها في التشهد، ومن مقتضى الاعتقاد الباطل المتقدم أنه - صلى الله عليه وآله وسلم- كتم عن أفضل أمته ما هو الأفضل وحرم منه قرونا من أمته وهو الأمين على الوحي وتبليغه، الحريص على هداية الخلق وتمكينهم من كل كمال وخير، فمن قال عليه ما يقتضي خلاف هذا فقد كذب عليه وكذب ما جاء به، ومن رجح صلاته على ما علمه هو - صلى الله عليه وآله وسلم - لأصحابه - رضي الله عنهم - بوحي من الله واختيار منه تعالى فقد دخل في وعد: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا))[الأحزاب:36[.

5- لا تثبت الأفضلية الشرعية إلا بدليل شرعي ومن ادعاها لشيء بدون دليل فقد تجرأ على الله وقفا ما ليس به علم وقد أجمعت الأمة على تفضيل القرون المشهود لها بالخيرية من الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام فاعتقاد أفضلية صاحب الطريقة التجانية تزكية على الله بغير علم وخرق للإجماع، موجب للتبديع والتضليل.

6- عقيدة الحساب والجزاء على الأعمال قطعية الثبوت ضرورية العلم فمن اعتقد أنه يدخل الجنة بغير حساب فقد كفر.

فالمندمج في الطريقة التجانية على هذه العقائد ضال كافر، والمندمج فيها دون هذه العقائد عليه إثم من كثر سواد البدعة والضلال.
ثم هاكم من جواب الأستاذ عن فصول السؤال، مما يؤيد جوابنا مع تعليقنا عليه:
» ومن المكر الخفي والكيد للإسلام المنطوي تحت هذه المقالة تزهيد الناس في القرآن العظيم وفي تلاوته ثم الإعراض عنه إلى ما هو أخف عملا وفي الميزان أثقل في زعمهم الباطل وإني لأعجب لمسلم استنار بنور القرآن يقبل هذه المقالة في الإسلام، فلا حول ولا قوه إلا بالله. ».
.../...


[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) - وقد ورد السؤال في خمس مسائل، اقتصرت منها على ثلاث المتعلقة بالموضوع... والباقي يخص الفتوى في الطريقة التيجانية عموما.