المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء



عادل سليمان القطاوي
2011-07-28, 11:12 PM
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه .. أما بعد :
فهذا تذييل في ذكر من صحح قصة الغرانيق من العلماء ، رأيت أن أذكره قبل النقاش في موضوع قصة الغرانيق ..
وهذا المقال مستل اختصارا من رسالة لي بعنوان :
[ التصديق بما جاء في قصة الغرانيق ، وأنه تفسير السلف على التحقيق ، ورد دعوى أنها من وضع الزناديق ]
وهذا هو اختصار الباب الثامن ، رأيت هنا أن أجرد ذكر العلماء فقط وتركت ما نقلته عنهم من مصنفاتهم للرسالة المذكورة وقد انتهيت منها بفضل الله تعالى ...


وهؤلاء المذكورين أدناه من العلماء من أعلام أهل السنة وعلى مذهب السلف الصالح ، وليس فيهم معتزلي إلا الزمخشري وبعض الاشاعرة كالإيجي والجويني والبغدادي ..
ومنهم من روى القصة بلا نكير .. ومنهم من صححها في الجملة ..
ومنهم من قبلها متأولا أن الشيطان ألقى وليس النبي صلى الله عليه وسلم ...
وسنذكرهم بترتيب تاريخ الوفاة ، وقد أغفلنا عن ذكر بعضا منهم اختصارا ..


فممن روى القصة أو صححها أو احتج بها ولم ينكرها ، مؤيدا السلف في ذلك :
الإمام أبي العالية [ت91-100هـ] (رحمه الله)
الإمام أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث [ت91-100هـ] (رحمه الله)
الإمام سعيد بن جبير[ت95هـ] (رحمه الله)
الإمام مجاهد بن جبر [ت 104 هـ] (رحمه الله)
الإمام عكرمة القرشى [ت104هـ] (رحمه الله)
الإمام قتادة بن دعامة السدوسى[ت 117هـ] (رحمه الله)
الإمام السدي الكبير [ت 121 - 130 ه] (رحمه الله)
الإمام الحافظ عبد الرزاق الصنعاني [ت 126 هـ] (رحمه الله)
الواقدي إمام المغازي [ت 130 هـ] (رحمه الله)
إمام المغازى موسى بن عقبة [ت 141 هـ] (رحمه الله)
الإمام مقاتل بن سليمان[ت 150 هـ] (رحمه الله)
إمام المغازى محمد ابن اسحاق [ت 150 هـ] (رحمه الله)
إمام المغازي أبي معشر[ ت170هـ] (رحمه الله)
الإمام يحيى بن سلام [ت 200هـ] (رحمه الله)
الإمام محمد بن سعد [ت 230 هـ] (رحمه الله)
الإمام الحافظ عبد بن حميد [ت 249هـ] (رحمه الله)
الإمام ابن قتيبة الدينوري (ت276هـ) (رحمه الله)
إمام المفسرين ابن جرير الطبري [ ت 310 هـ ] (رحمه الله)
الإمام الزجاج [ت 311هـ] (رحمه الله)
الإمام الحافظ ابن أبي حاتم [ت 327 هـ] (رحمه الله)
الإمام أبو جعفر ابن النّحّاس [ت 338 هـ] (رحمه الله)
الأزهري إمام اللغة [ت 370هـ] (رحمه الله)
الإمام السمرقندي [ت 375 هـ] (رحمه الله)
الإماما بن أبي زمنين [ت 399 هـ] (رحمه الله)
الإمام ابن مردويه الحافظ [ت 410 هـ] (رحمه الله)
الإمام هبة الله ابن سلامة [ت 410 هـ] (رحمه الله)
الإمام ابن صمادح التجيبي [ت 419هـ](رحمه الله)
الإمام الثعلبي [ت 427 هـ] (رحمه الله)
الإمام عبد القاهر البغدادي [ت 429 هـ] (رحمه الله)
الإمام مكي بن أبي طالب [ت 437هـ] (رحمه الله)
الإمام ابن بطال القرطبي [ت 449 هـ] (رحمه الله)
الإمام الماوردي [ت 450 هـ] (رحمه الله)
الإمام البيهقي [ت458هـ] (رحمه الله)
الإمام الواحدي [ت 468هـ ] (رحمه الله)
إمام الحرمين أبو المعالي الجويني [ت 478 هـ] (رحمه الله)
الإمام السمعاني [ت 489هـ] (رحمه الله)
الإمام الراغب الأصفهاني [ت 500 هـ] (رحمه الله)
الامام البغوي [ت516هـ] (رحمه الله)
الإمام أبو بكر المحاربيُّ الغرْناطيُّ [ت 518 هـ] (رحمه الله)
الإمام الزمخشري [ت 538 هـ] (رحمه الله)
الإمام ابن عطية الأندلسي (ت541هـ) (رحمه الله)
الإمام السهيلي [ت 581 هـ] (رحمه الله)
الإمام ابن الجوزي [ت 597 هـ] (رحمه الله)
الإمام ابن الأثير (ت 630هـ) (رحمه الله)
الإماما لحافظ سليمان بن موسى الكلاعي [ت 634هـ] (رحمه الله)
الحافظ الضياء المقدسي [ت 643 هـ] (رحمه الله)
الإمام عز الدين ابن عبد السلام [ت 660 هـ] (رحمه الله)
الإمام الحافظ الدمياطي [ت 705هـ] (رحمه الله)
الإمام النسفي [ت 710هـ] (رحمه الله)
شيخ الإسلام ابن تيمية [ت728هـ] (رحمه الله)
الإمام ابن سيد الناس [ت 734 هـ] (رحمه الله)
الإمام ابن جُزِّي الكلبي [ت 741 هـ] (رحمه الله)
شيخ الإسلام ابن القيم [ت751هـ] (رحمه الله)
الإمام ابن السبكي [ ت771هـ](رحمه الله)
الإمام الفيروزابادي [ ت817هـ] (رحمه الله)
الحافظ ابن حجر العسقلاني [ت 852 هـ] (رحمه الله)
الإمام الجلال المحلي [ت864 هـ] ( رحمه الله )
الإمام الإيجي [ت 905هـ] (رحمه الله)
الإمام السيوطي [ت 911 هـ] (رحمه الله)
الإمام ابن حجر الهيتمي [ت 974هـ ] (رحمه الله)
الإمام علي القاري [ت1014هـ] (رحمه الله)
الإمام عبد الرؤوف المناوي [ت 1031هـ] (رحمه الله)
الإمام مرعي بن يوسف الكرمي [ت 1033هـ] (رحمه الله)
الإمام نور الدين الحلبي [ت1044هـ] ( رحمه الله )
الإمام الكوراني [ت1101هـ] (رحمه الله)
شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب النجدي [1206هـ] (رحمه الله)
الشيخ سليمان بن عبد الله حفيد شيخ الإسلام ابن عبد الوهاب [ت 1233هـ] (رحمه الله)
الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ [ت1319 هـ] (رحمه الله)
العلامة محمد أنور شاه الكشميري الهندي [ت1352هـ] (رحمه الله)
العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي [ ت 1376 هـ] (رحمه الله)
العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني [ت1386هـ] (رحمه الله)
الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين [ت1421هـ] (رحمه الله)
وقد قال الشيخ رحمه الله في فتاوى نور على الدرب :
ذكر بعض المفسرين أن هذه القصة كانت حين قرأ الرسول عليه الصلاة والسلام(أَفَرَأ يْتُمْ اللاَّتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى) أن الشيطان ألقى في قراءته [ تلك الغرانيق العلا ، وإن شفاعتهن لترتجى ] وهذه القصة أنكرها كثير من أهل العلم وقالوا إنه لا يمكن أن يقع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم وطعنوا في إسنادها ومن العلماء من لم ينكرها وقال إن هذا ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فإن الله يقول(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى) يعني قرأ( أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) فالذي ألقى هذا الكلام هو الشيطان وليس النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان هو الشيطان فإن ذلك لا يقدح في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا قال (فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ *لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) إلى آخر الآيات .. وهذا لا يقدح في مقام النبوة وفي مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم .اهـ


وأرجوا بهذا النقل الأخير أن تخف حدة اتهام السلف برواية الموضوع والباطل والقادح في القرآن والنبوة كما زعم أهل الكلام من الاشاعرة وغيرهم ...


كما أنوه : من يريد رأي أحد الأعلام المذكورين أعلاه والمرجع المذكور فيه كلامه ، فليطلب ذلك وسأنقله له مباشرة ...
شكر الله لكم وزادكم حرصا على مذهب السلف .

أمة الوهاب شميسة
2011-07-28, 11:19 PM
السلام عليكم ورحمة الله بوركاته
نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق (http://www.waqfeya.com/book.php?bid=393)
محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله

عادل سليمان القطاوي
2011-07-28, 11:30 PM
(7) مناقشة الإمام محمد ناصر الدين الألباني
ولنختم بنقاش خاتمة المحدثين الإمام الألباني رحمه الله تعالى ..
ومما قاله في ختام رسالته نصب المجانيق :
إن الحافظ متفق مع ابن كثير - وغيره ممن سبقه ولحقه - على إنكار القصة على ما وردت في الروايات حتى التي صححها الحافظ ، وأما ما بقي منها مما لا يتنافى مع عصمة النبي صلى الله عليه وسلم فلا خلاف في إمكان وقوعها بل الظاهر أن هذا القدر هو الذي وقع بدليل ظاهر آية الحج حسبما تقدم تفسيرها في أوائل الرسالة . (نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق ص: 63(
وقال في أول الرسالة : إن هذه القصة قد ذكرها المفسرون عند قوله تعالى : ( ومآأرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلآ إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) الآية.. وقداختلفوافي تفسيرقوله تعالى : ( تمنى ) و ( أمنيته ) وأحسن ماقيل في ذلك : إن ( تمنى ) من " الأمنية " وهي التلاوة كما قال الشاعر في عثمان رضي الله عنه حين قتل : تمنى كتاب الله أول ليلة... وآخرها لاقى حمام المقادر
وعليه جمهورالمفسرين والمحققين وحكاه ابن كثير عن أكثر المفسرين بل عزاه ابن القيم إلى السلف قاطبة فقال في إغاثة اللهفان (1/93) : والسلف كلهم على أن المعنى إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته .
وبينه القرطبي فقال في تفسيره (12/83) : وقد قال سليمان بن حرب : إن ( في ) بمعنى : عند أي ألقى الشيطان في قلوب الكفار عند تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم كقوله عز وجل : ( ولبثت فينا ) (الشعراء-18) أي عندنا وهذا هو معنى ما حكاه ابن عطية عن أبيه عن علماء الشرق وإليه أشار القاضي أبوبكر بن العربي .. وهذا الذي ذكرناه من المعنى في تفسير الآية هو اختيار الإمام ابن جرير حيث قال بعد ما رواه عن جماعة من السلف.. فذكره.
اهـ بتصرف [نصب المجانيق ص7-9]
فالنتيجة من كلام الإمام الألباني رحمه الله تعالى :
أنه فسر الآية بما يتوافق مع قصة الغرانيق والتي تقول بمحتواها أن الشيطان ألقى في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس من القرآن ثم نسخه الله تعالى وأحكم آياته .
ويقول : بل الظاهر أن هذا القدر هو الذي وقع بدليل ظاهر آية الحج .. وهو يتكلم على ما جاء في روايات القصة أن الشيطان تلفظ وألقى في أسماع المشركين تلك الكلمة ..
فهو يرفض أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ بها ويرد قصة معاتبة جبريل له بعد ذلك وحزن النبي صلى الله عليه وسلم ..
وإذا كان هذا رأيه الذي خلص إليه آخرا ... أنه صدق مضمون القصة بالقدر الذي أشار إليه ووافق السلف في تفسير الآية فما بقي من خلاف فأمره يسير ..
ويؤخذ عليه قوله في أول الرسالة : ولكن أعداء الدين الذين قعدوا له في كل طريق وترصدوا له عند كل مرصد لايرضيهم إلا أن يدسوا فيه ماليس منه ولم يقله رسوله فذكروا ماستراه في الروايات الآتية مما لا يليق بمقام النبوة والرسالة .. اهـ
فبين أن هذه الروايات عن السلف في تفسير الآية بقصة الغرانيق مدسوس باطل ولا يليق بمقام النبوة والرسالة ..
وهو قول فيه تجاوز نسأل الله أن يتجاوز عنه بمنه وفضله ، إذ المروي صحيح عن السلف في تفسير الآية ورواه أئمة السلف من أهل التفسير والمغازي وارتضاه الأئمة ولم يروا فيه ما لا يليق بمقام النبوة .. كما سيأتي النقل عنهم .
ولعل عذره رحمه الله - على ما خيل إلي - أن رسالته هذه من أوائل ما صنف ، إذ فيها أنه كتبها عام 1372 هـ ، والله أعلم ..
كما أننا نقول أيضاً : من حق الإمام الألباني أن يضعف القصة أو يبطلها تمشيا مع قواعد المحدثين حسبما ارتآه هو وأداه إليه اجتهاده ، كما أن الحفاظ كابن حجر والسيوطي والدمياطي وغيرهم قبلوا القصة ودافعوا عنها من ناحية الصناعة الحديثية وكل مجتهد ..
لكن إدخال القصة في مسألة العصمة وتحكيم الدلائل العقلية في ردها ، فليس هذا من مذهب أهل الحديث خصوصا وأهل السنة عموما .
وهل ترى المصححين لها يقبلون شيئا فيه انتقاص للعصمة النبوية ؟
هل مثل شيخ الإسلام ابن تيمية يقبل بهذا ؟
والعاصم الله .

عمر ابراهيم الموصلي
2011-07-28, 11:58 PM
هذه قصة باطلة منكرة ومن ذكرتهم من التابعين ارسلوا الحديث ولم يسندوه وتجد من التابعين من يروي الاسرائليات وغيرها فهل يقبل منهم كل ما يروونه مرسلا ؟ ومن ذكرتهم من المفسرين فاكثرهم يروي الموضوعات والاسرائليات في تفاسيرهم فهل يصبح مجرد ايرادهم لتلك المنكرات ثابتة صحيحة .وفي تذكرة الموضوعات يقول الفتني:((ولقد أخطأ المفسرون في إيداعها تفاسيرهم ثم قال ومما أودعوا فيها " أنه صلى الله عليه وسلم حين قرأ ومناة الثالثة الأخرى قال تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي " وقد أشبعنا القول في إبطاله : في اللآلئ ))
و اكثر من ذكرتهم من العلماء انما يذكرون القصة ولا يصححونها فهذا لا ينفع لانهم ينقلون كلام المفسرين .
وبالجملة فان القصة شاذة ليس لها اسناد صحيح موصول بل ثبت في الصحيح ما يدل على خلاف ما ذكر في قصة الغرانيق وهذا مما يضعف قصة الغرانيق .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-29, 12:21 AM
أولا : قال الإمام عبد الرحمن السعدي في تفسيره :
يخبر تعالى بحكمته البالغة ، واختياره لعباده ، وأن الله ما أرسل قبل محمد (مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى )أي : قرأ قراءته ، التي يذكر بها الناس ، ويأمرهم وينهاهم ، (أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ )أي : في قراءته ، من طرقه ومكايده ، ما هو مناقض لتلك القراءة ، مع أن الله تعالى قد عصم الرسل بما يبلغون عن الله ، وحفظ وحيه أن يشتبه ، أو يختلط بغيره. ولكن هذا الإلقاء من الشيطان ، غير مستقر ولا مستمر ، وإنما هو عارض يعرض ثم يزول ، وللعوارض أحكام ، ولهذا قال : (فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ)أي : يزيله ويذهبه ويبطله ، ويبين أنه ليس من آياته ، و (يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ )أي : يتقنها ، ويحررها ، ويحفظها ، فتبقى خالصة من مخالطة إلقاء الشيطان (وَاللَّهُ عَزِيزٌ )أي: كامل القوة والاقتدار ، فبكمال قوته ، يحفظ وحيه ، ويزيل ما تلقيه الشياطين (حَكِيمٌ )يضع الأشياء مواضعها ، فمن كمال حكمته ، مكن الشياطين من الإلقاء المذكور ، ليحصل ما ذكره بقوله(لِيَجْعَل مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً )لطائفتين من الناس، لا يبالي الله بهم ، وهم الذين (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ )أي : ضعف وعدم إيمان تام وتصديق جازم ، فيؤثر في قلوبهم أدنى شبهة تطرأ عليها ، فإذا سمعوا ما ألقاه الشيطان ، داخلهم الريب والشك ، فصار فتنة لهم .(وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ )أي: الغليظة ، التي لا يؤثر فيها زجر ولا تذكير ، ولا تفهم عن الله وعن رسوله لقسوتها ، فإذا سمعوا ما ألقاه الشيطان ، جعلوه حجة لهم على باطلهم ، وجادلوا به وشاقوا الله ورسوله ، ولهذا قال(وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ )أي : مشاقة لله ، ومعاندة للحق ، ومخالفة له ، بعيد من الصواب ، فما يلقيه الشيطان ، يكون فتنة لهؤلاء الطائفتين ، فيظهر به ما في قلوبهم ، من الخبث الكامن فيها ، وأما الطائفة الثالثة ، فإنه يكون رحمة في حقها ، وهم المذكورون بقوله(وَلِيَعْل مَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ )لأن الله منحهم من العلم، ما به يعرفون الحق من الباطل ، والرشد من الغي ، فيميزون بين الأمرين ، الحق المستقر ، الذي يحكمه الله ، والباطل العارض الذي ينسخه الله ، بما على كل منهما من الشواهد ، وليعلموا أن الله حكيم ، يقيض بعض أنواع الابتلاء ، ليظهر بذلك كمائن النفوس الخيرة والشريرة (فَيُؤْمِنُوا بِهِ )بسبب ذلك ، ويزداد إيمانهم عند دفع المعارض والشبه.
(فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ )أي: تخشع وتخضع ، وتسلم لحكمته ، وهذا من هدايته إياهم (وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا )بسبب إيمانهم (إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )علم بالحق ، وعمل بمقتضاه ، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وهذا النوع من تثبيت الله لعبده.
وهذه الآيات، فيها بيان أن للرسول صلى الله عليه وسلم أسوة بإخوانه المرسلين ، لما وقع منه عند قراءته صلى الله عليه وسلم : (والنجم )فلما بلغ (أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى )ألقى الشيطان في قراءته " تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهنلترتجى " فحصل بذلك للرسول حزن وللناس فتنة ، كما ذكر الله ، فأنزل الله هذه الآيات .
وقال في القواعد الحسان في تفسير القرآن (ص: 143) :
ومن هذا الباب بل من صريحه قوله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) أيْ يلقي من الشبه ما يعارض اليقين.
ثم ذكر الحكم المترتبة على الإلقاء ولكن نهاية الأمر وعاقبته أن الله يبطل ما يلقي الشيطان، ويحكم الله آياته، والله عليم حكيم، فقد أخبر الله بوقوع هذا الأمر لجميع الرسل والأنبياء، لهذه الحكم التي ذكرها، فمن أنكر وقوع ذلك بناء على أن الرسل لا ريب ولا شك أنهم معصومون، وظن أن هذا ينافي العصمة، فقد غلط أكبر غلط، ولو فهم أن الأمور العارضة لا تؤثر في الأمور الثابتة لم يقل إلا قولاً يخالف فيه الواقع ويخالف بعض الآيات ويطلب التأويلات المستبعدات. اهـ


وثانيا : القول بالوضع والشذوذ له منهجية حديثية في حاجة إلى تفصيل وتحرير ، ولا تقال بالمجازفة ، لا سيما وقد صححها ورواها أئمة عدول من أهل السنة ..


ثالثا : الرافض لهذه القصة عليه أن يقرأ كلام من قبلها ، كما قرأ كلام من ردها ..
ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام من ذهب لعلي أنشط لنقله بعد إن شاء الله تعالى ..


رابعا : من ذكرها ولم ينكرها فقد قبلها إذ إنه لم يبين تلك الشبه لا سيما شبهة مخالفتها للعصمة النبوية على أهميتها ..


شكر الله لك مشاركتك وأثابك خيرا .

أبو عبدالرحمن السُّبيعي
2011-07-29, 12:56 AM
نقاش هذه المسألة يطول ، لكن أدلي بنقاط مختصرة:
1ـ النقاش العلمي لا ينتهي في مثل هذه الروايات ، فعلى قدر من يقبلها ستجد من يردها .
2ـ القبول أو الرد من البعض لا يعني الثبوت من عدمه في وقوع الأخبار حقيقة ممن لم يعاصر الحدث .
3ـ فهم المنهج العلمي في الرواية عند السابقين أمر في غاية الأهمية ، ولا يخفى هذا على من عدة أدنى دراية علمية ، مثل قاعدة (من أسند فقد أحال) (من أسند فقد برئ من العهدة).
4ـ قد تُبنى أحكام على فرضية غير ثابتة ، مثل تفسير (ألقى الشيطان في أمنيته) ، فهل يوجد نص محكم يثبت أنه تدخل الشيطان في الوحي ؟؟
5ـ هل يُعقل أن يتدخل الشيطان في كلام الله جل وعز ، وفي أصل التوحيد الذي جاءت به الرسل كلها ، وهو مدار الخلاف بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين قومه ؟
6ـ أين العصمة من كل هذا ؟
7ـ إذا قبلنا هذه الرواية انفتح باب طعن عظيم في الشريعة .
8ـ إذا كان العلماء أطنبوا في هم يوسف فكيف بهذا التدخل الشيطاني الصريح وفي أصل العقيدة ؟؟
وأمور أخرى كثيرة توزن بها الأمور ، وإلا فنقاش الفرعيات في الرواية ومن ذكرها أو قبلها لا يؤكد حقيقة الوقوع ، مع ما فيها من مآخذ علمية كثيرة .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-29, 10:37 AM
الأخ الكريم / أبو عبد الرحمن السبيعي ... شكر الله لك ..

وكلامك أعلاه وإن بدا في بدايته عدلا ومنهجيا وسطيا إلا أنه ختم برد القصة كما ردها أهل الكلام حذو القذة بالقذة ..
ولن أعلق على كل نقاطك الطيبة وإنما اشير فقط إلى بعضها ..

ففي رقم (1) : كلامك يفرض علينا الترجيح وإلا ظل الأمر بين القبول والرد إلى أبد الدهر .. وهي حادثة لابد فيها من إثبات أو نفي ..
والإثبات كان عند جمهور السلف كما حكاه ابن تيمية وكفى به في النقل ثقة وأمانة وديانة .. والرد كان على منهج أهل الكلام كالقاضي عياض وابن العربي وغيرهم رحم الله الجميع ..
فالبحث عن المرويات في هذه القضية والتفتيش عن ثبوتها من عدمه ليس من [ نقاش الفرعيات !! ] كما أبديت مشكورا ..

أما في (3) وقضية : من أسند فقد أحال وبريء من العهدة ..
فهذا في أمر قد يضعف من جهة أو يصحح من أخرى ولا تبنى عليه قضية هامة كالتي أثارها من رد القصة ..
بمعنى : أن من أسند هذه القصة ورواها ولم يبين ما فيها من مخالفة للعصمة والعقيدة !! كما زعم المخالف ، فهذه تعد خيانة لا نرضاها لعلماء السلف ..
كما أن هذا يطبق على من رواها ولم يرجح أو يختار الصواب كما فعل ابن جرير الطبري ، أو من رواها وصححها كالحافظ الضياء المقدسي أو من حسنها وقبلها كابن حجر والسيوطي وغيرهم كثير ممن ذكرنا أسماءهم أعلاه ، مع علمهم بما أبداه المخالف من أمور تضاد العقيدة كما زعموا .

أما عن النص المحكم : ففي آية الحج تصريح بوقوع هذا الذي يفر منه المخالف ، لا سيما وقد فسره السلف بذلك بلا مخالف لهم ، غير أن المتأخرين ردوا رواياتهم في الجملة وأولوا الآية خلاف ظاهرها هروبا من مسألة العصمة ..

وأما عن تدخل الشيطان في الوحي .. فليس الأمر بمطرد تكرارا كي نطعن في القصة من أجله .. فالحادثة واحدة فريدة نزل فيها نص يبين سبب هذه الفتنة ويسلي النبي صلى الله عليه وسلم بما قد جرى على الأنبياء من قبله ...

فإن كان القبول والرد مبني على كثرة من قبل أو رد .. فمن قبل القصة أكثر بأضعاف ممن ردها ..
وإن كان القبول والرد مبني على الدليل على وقوعها ، فالروايات عن السلف على كثرتها مجموعة تبين وقوع القصة .. فإذا ما قرأنا الآيات من سورة الحج أدخل في قلوبنا اليقين والجزم بحصول مثل هذا ...
وأما عن النقاط من (5) إلى (8) وإن كانت كلها بمعنى واحد .. فالرد عليها يكون بما ذكرته في البحث من نقولات عن شيخ الإسلام ابن تيمية وقد جعلتها في فصل خاص ، وأنقل هنا نتيجة ما نقل عنه من مجموع كلامه رحمه الله في النقاط الآتية :

1- قرر نسبة القول في حصول القصة للسلف وكثير من المتأخرين .
2- وأن المنقول عن السلف يوافق القرآن في ذلك .
3- وأن الجمهور من السلف على تفسير ( تمنى ) بـ ( قرأ ) والبعض يقول هذا التمني من حديث القلب.
4- وقال أن الآية تعم النوعين؛ لكن الأول هو المعروف المشهور في التفسير وهو ظاهر القرآن ومراد الآية قطعاً.
5- وأن نسخ الله لما يلقي الشيطان وإحكامه آياته إنما يكون لرفع ما وقع في آياته وتمييز الحق من الباطل حتى لا تختلط آياته بغيرها.
6- وقرر أن العصمة لم تخرق بهذه القصة إلا إذا أقر عليها .
7- وقال أن من قال هذا الإلقاء هو في سمع المستمعين ولم يتكلم به الرسول ، هو قول من تأول الآية بمنع جواز الإلقاء في كلامه . ومن قال أن الإلقاء في نفس التلاوة كما دلت عليه الآية وسياقها من غير وجه ، هو الذي عليه عامة السلف ومن اتبعهم .
8- وأنه سواء قاله الرسول بلفظه أو تلفظ به الشيطان فلا فرق .
9- وإذا كان النبي قاله : فغاية ذلك غلط في اللسان يتداركه الله فلا يدوم .
10- وقال : لا محذور في ذلك إلا إذا أقر عليه فأما إذا نسخ الله ما ألقى الشيطان وأحكم آياته فلا محذور في ذلك وليس هو خطأ وغلط في تبليغ الرسالة إلا إذا أقر عليه .
11- وقال : ولا ريب أنه معصوم في تبليغ الرسالة أن يقر على خطأ كما قال : ( فإذا حدثتكم عن الله بشيء فخذوا به فإني لن أكذب على الله ). الحديث.
12- وجعل ماألقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم إنما يكون إذا كان ذلك ظاهرا يسمعه الناس لا باطنا في النفس .
13- وأن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله أحكم آياته ونسخ ما ألقاه الشيطان هو أدل على تحريه للصدق وبراءته من الكذب.
14- وقال لمن رد القصة : يقال لهم : ألقى ثم أحكم فلا محذور في ذلك ، فإن هذا يشبه النسخ لمن بلغه الأمر والنهي من بعض الوجوه ، فإنه إذا موقن مصدق برفع قول سبق لسانه به ليس أعظم من إخباره برفعه .
15- وظاهر كلامه أن القصة لا تضاد أصلا عقديا ، واللبيب يجد أنه ينصر به رأي السلف على الخلف في قبول القصة.

وإن شاء الله تعالى .. سنتابع في التالي ، بسط الكلام على العصمة وملازمتها لهذه القصة من عدمه كما سنبين ما في كلام بعض العلماء القدامى ممن رد القصة من مفاجآت سيظهر أنهم في الأخير على القبول للقصة كما فعل ابن العربي في نقاطه العشر وغيره ..

والله أعلى وأعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

ابن شهاب الدين
2011-07-29, 11:42 AM
اولاً : اطالبك بمرجع يثبت ان الفائمة العريضة التي ذكرتها قبلت القصة وصححتها , دون ان تقول قبلها فلان ومات سنة كذا
ثانياً : كما أن هناك من قبلها فهناك من ردها وهناك من حكم بوضعها ويمكنني ان اعد لك قائمة كهذه ايضاً
ثالثاً : قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (الحج : 52 )
أريد دليلاً صحيحاً يثبت أن الشيطان المذكور هو من شياطين الجن
قال تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (الأنعام : 112 )
فالشياطين اما من الانس واما من الجن
اريد مايثبت ان الشيطان الذي القى في امنيته هذا من شياطين الجن وليس الانس
اتدري يااخي
هذا الشيطان الذي القى الامنية حقاً هو الوضاع الكذاب الذي اختلق هذه القصة
كما قال الامام ابن خزيمة : هي من وضع الزنادقة , انظر فتح القدير 3/654
فمن يجرؤ وينسب ذلك الكذب الى رسولنا عليه الصلاة والسلام انما هو شيطان من الانس
منتظر اجابتك وساجيبك بما يبطل هذا القول قريباً ان شاء الله

عادل سليمان القطاوي
2011-07-29, 01:48 PM
الأخ ابن شهاب الدين .. سدد الله خطاك ..
لا تجعل النقاش تحت هذه اللهجة !! ناقش بحلم وعلم ، كي نستمر ويفيد بعضنا بعضا ...
والمراجع التي تريدها ، لو أنك متخصص لعلمت أين قال هؤلاء كلامهم ..
ومع ذلك طالبني تحديدا لعالم معين أين قال كلامه سواء في التصحيح أو القبول في الجملة ..
لكن أن تطالبني بذكر مراجع كل هؤلاء .. فالأمر يطول ... ومع ذلك قد أنشط بعد إن شاء الله .

وقولك : دون أن تقول فلان ومات سنة كذا ... لا أدري ما وجه اعتراضك على هذا ...
وكونك تستطيع عد قائمة قالوا بوضع القصة ليس بغريب إذ إنني ما طتبت سوادا في بياض إلا بعد الاطلاع على رأي الفريقين ودراسة الحجة عند كا منهما .

وتريد دليلا صحيحا أن الشيطان المذكور في الآية من سورة الحج هو من شياطين الجن ؟
وهل الألف واللام في الشيطان تركت لك أو لغيرك الاختراع أن المذكور شيطان من الإنس ؟
أنت مطالب بالدليل على أن الشيطان المذكور هو من شياطين الإنس ..
وإلا فقد تقولت على الله ما لم يقل .. وفسرت القرآن برأسك راميا تفسير السلف بل والخلف عرض الحائط ...

وما بقي من كلامك لا يعتد به ..
وأنصحك بقراءة الروايات مجموعة في تفسير ابن جرير والسيوطي وغيرهما ..
ثم قراءة كلام العلماء على وجهها ولا سيما شيخ الإسلام ابن تيمية وابن حجر ...

شكر الله لك .

عمر ابراهيم الموصلي
2011-07-29, 02:09 PM
الاخ الفاضل القطاوي من المعلوم ان القواعد الحديثية هي التي تحكم في الاحاديث التي تنسب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن نطالبك بتخريج واثبات القصة على قواعد المحدثين المعروفة وان كنت غير قادر على هذا فاترك امرا لا تحسنه ولا تفتح على المسلمين بابا اغلق منذ زمن طويل .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-29, 03:15 PM
الأخ الموصلي .. بارك الله فيك ..
نصحت فوفيت .. جزاك الله خيرا .. وسألبي طلبك وأقوم بنقل الفصول الخاصة بالروايات وتخريجها ، عندما أعود إلى البيت ليلا باذن الله تعالى ...
وكنت أرجوا أن يكون أسلوبك أقل حدة ، وألا تقول رجما بالغيب ( لا تحسنه ) ..
فنحن نتناقش لنتعلم ..
وهذا الباب طرقه من قبل سادات علماء أهل السنة ونصروا السلف فيما رووه وقرروه .. فمطالتي لك أن تترك منهج أهل الكلام وتلتزم بمنهج السلف أولى مما ذكرته أنت ..
وعلى كلٍ .. شكر الله لك ونفعني الله وإياك وهدانا إلى اتباع منهج السلف الصالحين .

عمر ابراهيم الموصلي
2011-07-29, 06:11 PM
الاخ الفاضل اسلوبي لم يكن فيه حدة ولكنك لم تفهم كلامي انا لم اقل انك لا تحسن هذا الامر بل انا خيرتك بين امرين اما ان تذكر تخريج الحديث اذا كنت قادر على هذا وبين ان تترك هذه المسألة اذا كنت غير قادرا على هذافالله لا يكلف نفسا الا وسعها وان شاء الله نظن فيك الاول.والسلام عليكم

عمر ابراهيم الموصلي
2011-07-29, 06:17 PM
السلام عليكم الاخ الفاضل كلامي لم يكن فيه حدة ولكنك لم تفهم كلامي فانا خيرتك بين امرين ااما ان تذكر تخريج الحديث اذا كنت قادرا على هذا واما ان تترك الكلام في هذه المسألة اذا كنت غير قادرا على التخريج فانا لم ارجم بالغيب والحمد لله.

ابن شهاب الدين
2011-07-30, 01:02 AM
اليك هذه المفاجأة

قال ابن طاهر الفتني في تذكرة الموضوعات (1/36) : -
((قيل لأبي عصمة نوح بن أبي مريم من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة فقال أرأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق فوضعت هذه الأحاديث حسبة
قال ابن طاهر : ولقد أخطأ المفسرون في إيداعها تفاسيرهم (يقصد موضوعات ابي عصمة )
ثم قال : ومما أودعوا فيها "أنه صلى الله عليه وسلم حين قرأ ومناة الثالثة الأخرى قال تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى"[باطل] وقد أشبعنا القول في إبطاله
قال ابن طاهر :" و حديث أبي وغيره في السور وضعه أبو عصمة"
وقال:ولا يعجب منهما (أي المفسرين) لأنهما ليسا من أهل الحديث وإنما العجب ممن يعلم بوضعه من المحدثين ثم يورده،)) أ هـ

فهذا الحديث وضعه ابو عصمة نوح بن ابي مريم , عن عكرمة ابن عباس وعن ابي بن كعب , ولا يستبعد انه وضعه عن باقي التابعين , وان رواه بعض التابعين , فمراسيلهم واهية ولاتحتمل الاعتضاد كقتادة ومجاهد وابو العالية ويقول بذلك غير واحد من اهل العلم , ومايدريك ؟ لعلهم اذا اسندوها كانوا سيذكرون سندها الموضوع
وانت قلت : -
وهل الألف واللام في الشيطان تركت لك أو لغيرك الاختراع أن المذكور شيطان من الإنس ؟
هل درست العربية من قبل ؟
الال هذه تسمى ال الاستغراقية اي تعم كل الجنس (سواء شياطين الانس او شياطين الجن )

وان صح السند , فقد قال الامام ابو بكر الجصاص في احكام القرآن (1390)كلاماً يدفع به شبهات كل معتد وكل صاحب بدعة قال : -
((وقد اختلف في معنى ألقى الشيطان،
فقال قائلون: لما تلا النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه السورة وذكر فيها الأصنام علم الكفار أنه يذكرها بالذم والعيب، فقال قائل منهم حين بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى تلك الغرانيق العلى وذلك بحضرة الجمع الكثير من قريش في المسجد الحرام، فقال سائر الكفار الذين كانوا بالبعد منه: إن محمدا قد مدح آلهتنا، وظنوا أن ذلك كان في تلاوته، فأبطل الله ذلك من قولهم وبين أن النبي صلى الله عليه وسلم : لم يتله وإنما تلاه بعض المشركين، وسمى الذي ألقى ذلك في حال تلاوة النبي - صلى الله عليه وسلم - شيطانا ; لأنه كان من شياطين الإنس كما قال تعالى: شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ والشيطان: اسم لكل متمرد عات من الجن والإنس .))
((وقال بعضهم جائز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تكلم بذلك على سبيل السهو الذي لا يعرى منه بشر فلا يلبث أن ينبهه الله عليه.))
وأنكر بعض العلماء ذلك، وذهب إلى أن المعنى: أن الشيطان كان يلقي وساوسه في صدر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يشغله عن بعض ما يقول، فيقرأ غلطا في القصص المتشابهة نحو قصة موسى عليه السلام وفرعون في مواضع من القرآن مختلفة الألفاظ، فكان المنافقون والمشركون ربما قالوا قد رجع عن بعض ما قرأ وكان ذلك يكون منه على طريق السهو فنبهه الله تعالى عليه.
وقال : فأما الغلط في قراءة " تلك الغرانيق " فإنه غير جائز وقوعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - كما لا يجوز وقوع الغلط على بعض القرآن بإنشاد شعر في أضعاف التلاوة على أنه من القرآن. )) أهـ

هذا والله أعلم , فالرسول لم يتلفظ بهذا اللفظ انما الذي قاله هو شيطان الانس الذي نسب ذلك الافتراء الى النبي صلى الله عليه وسلم

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 09:56 AM
اطلعت على ما كتبه الأخوة الكرام أعلاه ..
ولهم علي أولا : أن اذكر الروايات وتخريجها والحكم عليها صحة وضعفا .. تلبية لطلب الأخ الموصلي .. بارك الله فيه .
وثانيا : بالنسبة للأخ ابن شهاب الدين :
فما ذكره الإمام أبي بكر الجصاص في أحكام القرآن اجتهاد لم نر من تابعه عليه .. وجمهور المفسرين وشراح الحديث على أن الملقي الشيطان ، وليس أحد شياطين الإنس .. والمراجع بيني وبينك ...


كما أن ما نقل عن الفتني في التذكرة ليس يخفى علي ، ولا يعدوا أن يكون واحدا ممن قال أن القصة موضوعة .. ومن قال بها أكثر ممن قال بوضعها ، لاسيما ومعهم ظاهر الكتاب وتفسير السلف فيما نقل عنهم ..


وإن مشينا على هذه الوتيرة .. أعني أن تنقل رأي عالم وأرد أنا برأي خمسة وهكذا فلن نصل إلى شيء ..
ولكن إن عرضنا الموضوع من بداية تخريج الروايات والحكم عليها ثم ما نقل عن المفسرين وشراح الحديث .. سيكون الأمر أقرب للمنهجية العلمية بلا محاباة ..
وعلى الله قصد السبيل ...

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 10:00 AM
الفصل الأول



قصة سجود المشركين مع سورة (النجم)



روى الإمام البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
أول سورة نزلت فيها سجدة ( والنجم ) ، فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد من خلفه ، إلا رجلا رأيته أخذ كفا من تراب فسجد عليه ، فرأيته بعد ذلك قتل كافرا ، وهو أمية بن خلف.
رواه البخاري في التفسير)4582)ومسلم في سجود التلاوة(1325) وأحمد (1/443( بلفظ :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ النجم فسجد فيها ومن معه إلا شيخ كبير أخذ كفا من حصى أو تراب فقال به هكذا وضعه على جبهته ، قال : فلقد رأيته قتل كافراً .
وروى الإمام البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس.
رواه البخاري في التفسير (4581) والترمذي (2/464( وابن حبان(6/469) والطبراني)11/318(والبيهقيفي السنن الكبرى)2/314(.
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بالنجم فسجد وسجد الناس معه إلا رجلين ، قال: أرادا الشهرة .
رواه أحمد)2/304( والبيهقي في الكبرى)2/321(والشافعي في مسنده)156(والطحاو في شرح مشكل الآثار)1/353(وإسناده جيد .
وروى الإمام أحمد عن جعفر بن المطلب بن أبي وداعة عن أبيه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم فسجد وسجد من عنده فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد - ولم يكن أسلم يومئذ المطلب - وكان بعد [ أي بعد إسلامه عام الفتح ] لا يسمع أحدا قرأها إلا سجد .
رواه أحمد)3/420(والنسائي كبرى)1/331(والحاكم)3/734(والبيهقي كبرى)2/314(وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني)2/110(والطبراني)20/288(ورجاله ثقات، غير جعفر ابن المطلب، وقد وثقه ابن حبان، فالحديث حسن بما قبله .
هذا ما ورد من طرق صحيحة أو حسنة لا يختلف فيها . وإنما الخلاف في المرسلات الآتي ذكرها في قصة الغرانيق التي رويت على أنها السبب في سجود المشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون .
وهذه الروايات الأربعة ، يتبين من ظاهرها أن الكفار سجدوا مع من سجد من المؤمنين ، ولم تبين هذه الروايات ما هو سبب السجود ..
فهل هناك سبب لسجود المشركين ؟
بيان الخلاف في سبب سجود المشركين :
قال قوم من المتأخرين منهم الألوسي : أن سبب سجود المشركين هو ما جاء في سورة النجم من سحر البيان وما فيها من آيات تظهر جلالة القرآن ونفوا أن يكون سجود المشركين من أثر سماع ما حسبوه ثناء على آلهتهم في الجملة الآتية [ تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ] ..
وهناك جمع من المتأخرين على هذا الرأي .
وفي تبرير سجود النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون ، قال الإمام الطيبي، كما في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح(4/126) : لعله عليه السلام سجد هذه السجدة لما وصفه الله تعالى في مفتتح السورة من أنه لا ينطق عن الهوى وذكر شأن قربه من الله تعالى وأراه من آيات ربه الكبري وأنه مازاغ البصر وما طغى شكرالله تعالى على تلك النعمة العظمى، والمشركون لما سمعوا أسماء طواغيتهم اللات والعزى سجدوا معه، وأما ما يروى أنهم سجدوا لما مدح النبي أباطيلهم ، فقول باطل من مخترعات الزنادقة .اهـ .
ورد ابن حجر على هذا الرأي : بأن سجدة النبي والمؤمنون سجدة تلاوة ، وأن سجود الكفار لما سمعوا ما حسبوه ثناءاً على آلهتهم كما في روايات قصة الغرانيق .
وقال جمهور السلف وتابعهم ثلة من المتأخرين : أن سبب سجود المشركين هو ما سمعوه من ذكر آلهتهم بما حسبوه من الثناء ، وذلك فيما ألقاه الشيطان بين تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم ، ويعنون جملة [ تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ] التي أتت مقحمة في القراءة بين قوله تعالى (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى) وبين قوله ( أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى ) ..
وقالوا أن هذه القصة كانت سببا لنزول قوله تعالى من سورة الحج :
(وَمَاأَرْسَلْن ا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ) الىقوله ( عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ)وكذلك كانت سببا في رجوع مهاجري الحبشة إذ ظنوا أن قريشا أسلمت بسجودها .
واختلفوا فيمن نطق هذه الجملة : فالجمهور على أن النبي صلى الله عليه وسلم نطق بها سهوا ، وأبى ذلك جمع ممن قبلوا القصة وقالوا : أن الشيطان هو الذي نطق بها في سكتة من سكتات قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو موجود في نص بعض الروايات ، وفي كلتا الحالتين لم يلبث أن نبهه جبريل عليه عليه السلام ..
فالروايات التي ذكرت القصة كلها جاء في آخرها عصمة الوحي وتنزيه الكتاب مما ألقاه الشيطان.
وفي هذه القصة روايات عدة رواها أئمة عدول في مصنفاتهم عن ابن عباس وعن جمع من التابعين في تفسير سورة الحج ، كما سطرها أئمة المغازي في كتب السيرة النبوية .
فقبلها جمهور السلف وثلة من المتأخرين ، وردها جمع من المتأخرين كما سنبين أشهرهم فيما يأتي إن شاء الله تعالى ، ولكن بعد أن نجمع روايات هذه القصة لنرى ما يقال عن صحتها أو ضعفها ، ومن قبلها ومن ردها ، محققين النقل عنهم من مصنفاتهم .
هل أسلمت قريش ؟
وقد جاء في بعض روايات قصة الغرانيق- الآتي ذكرها وتخريجها - أن قريشاً أسلمت بعد حادثة السجود، وهو ما أغرى مهاجري الحبشة بالعودة إلى مكة ..
وإحتمال أن تكون قريش أسلمت برهة من الزمن لا شيء فيه..
فقد روى الحافظ يحيى بن معين، قال حدثنا ابن أبى مريم قال أنبأنا ابن لهيعة عن أبى الأسود عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة عن أبيه قال:
لقد أظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلم أهل مكة كلهم ، وذلك قبل أن تفرض الصلاة ، حتى إن كان ليقرأ بالسجدة فيسجدون وما يستطيع بعضهم أن يسجدوا من الزحام وضيق المكان لكثرة الناس ، حتى قدم رؤوس قريش الوليد بن المغيرة وأبو جهل وغيرهما ، وكانوا بالطائف في أرضهم ، فقالوا تدعون دين آبائكم ؟ فكفروا لما أظهر رسول الله .
رواه الحافظ الثقة عباس الدوري في تاريخ ابن معين)3/53(عنه، وسنده يحتمل التحسين فقد كان سعيد بن أبي مريم الحافظ سيىء الرأي في ابن لهيعة ويتحرى الرواية عنه ، ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة)17/482(من طريق يحيى بن بكير عن ابن لهيعة، وعند الطبراني في المعجم الكبير)20/5)رواية سعيد بن أبي مريم وعبدالله بن صالح ويحيى بن بكير ثلاثتهم عنه، وعند البيهقي في معرفة السنن والآثار (14/421 رقم 5686) عن عبد الله بن صالح وابن أبي مريم عن ابن لهيعة ، وذكر الحاكم في المستدرك)3/559(رواية هؤلاء الثلاثة وزاد رواية سعيد بن عفير عن ابن لهيعة . فهذه أربع طرق عن ابن لهيعة .
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني فى فتح الباري)2/551( بعد ذكر هذه الرواية :
وفى ثبوت هذا نظر لقول أبي سفيان في الحديث الطويل إنه لم يرتد أحد ممن أسلم ،، ويمكن أن يجمع بأن النفي مقيد بمن ارتد سخطا لابسبب مراعاة خاطر رؤسائه .اهـ

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 10:05 AM
الفصل الثاني



تخريج روايات قصة الغرانيق


رويت هذه القصة موصولة عن صحابيين ومرسلة عن جمع من التابعين صغاراًً وكباراًً وعن أئمة التفسير والسير والمغازي ، وكذلك قبلها جمع من الأئمة العلماء وصححوها في الجملة .. وهو ما سترونه باذن الله تعالى في الفصول القادمة .. وسنبدأ بذكر روايات هذه القصة ..

أولا : الروايات الموصولة :
فأما الموصول فعن اثنين من الصحابة هما :
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما ، ومحمد بن أنس بن فضالة رضي الله عنهما .
فمحمد هذا وأبيه وجده من الصحابة ، وهذا الأخير غفل عن تحقيق أن روايته موصولة - بغض النظر عن صحتها من ضعفها – أكثر من صنف في إبطال القصة كالإمام الألباني - رحمه الله - أو من صححها من العلماء .
فأما حديث ابن عباس :
فمن رواية خمسة من التابعين عنه ، وهم : سعيد بن جبير ، وعطية العوفي ، وعكرمة مولاه ، وأبو صالح باذام ، وسليمانالتيمي ..
أ- فأما رواية سعيد بن جبير بن هشام الأسدى الوالبى مولاهم الكوفى [ت95هـ]
فهو الثقة الثبت الفقيه أحد الأعلام ، وجاءت روايته عن ابن عباس من طريقين عنه :
الطريق الأول :
عن أبي بشر الواسطي جعفر بن إياس [ ت125هـ] وهو ثقة من أثبتالناس في سعيد بن جبير .
أخرجه الطبراني فقال : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري وعبدان بن أحمد قالا : ثنا يوسف بن حماد المعنى ثنا أمية بن خالد ثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير- لا أعلمه إلا عن ابن عباس- : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ النجم ،فلما بلغ ( أَفَرَأَيْتُم ُاللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاة َالثَّالِثَةَ الأُخْرَى) ألقى الشيطان على لسانه [ تلك الغرانيق العلى وشفاعتهم ترتجى ] فلما بلغ آخرها سجد وسجد المسلمون والمشركون فأنزل الله عز وجل:
( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ )الى قوله ( عَذَاب ُيَوْمٍ عَقِيمٍ)
رواه الطبراني في الكبير)12/53( وشيخي الطبراني الحسين بن إسحاق التستري وعبدان بن أحمد إمامان حافظان ثقتان وباقي رواته ثقات ، ورواه ابن مردويه كما في تخريج الزيلعي لتفسير الزمخشري (2/394) فقال الراوي : لا أعلمه إلا عن ابن عباس .. فذكره ..
ومن طريق الطبراني وابن مردويه أخرجه الضياء المقدسي في المختارة)4/108( .
وأخرجه البزار كما في كشف الأستار (3/72 رقم 2263 ) بالشك في الحديث فقال : حَدَّثَنَا يُوسُفُ ابْنُ حَمَّادٍ ، ثنا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ ، ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِيمَا أَحْسِبُ - أَشُكُّ فِي الْحَدِيثِ - ، وقال عقبه : هذا حديث لانعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل يجوز ذكره إلا بهذا الإسناد ولا نعلم أحدا أسند هذا الحديث عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس إلا أمية ولم نسمعه نحن إلا من يوسف بن حماد وكان ثقة وغير أمية يحدث به عن أبي بشر عن سعيد بن جبير مرسلا وإنما يعرف هذا الحديث [ موصولا ] عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، وأمية ثقة مشهور. اهـ
نقله الزيلعي في تخريجه (2/394) واختصره الهيثمي في كشف الاستار (3/72).
ففي رواية الطبراني وابن مردويه عن الثقات لم يشك في وصله ، والشك في رواية البزار.
ولكن علة هذه الرواية أن أمية بن خالد خالف في روايته من هو أثبت منه في الرواية عن شعبة ..
فقد رواها محمد بن جعفر المشهور بغندر مرسلا عن ابن جبير كما عند الطبري في التفسير (17/188) وهو من أثبت الناس في روايته عن شعبة .
وروىالطبري (17/188) متابعة عبد الصمد بن عبد الوارث لغندر عن شعبة في روايته عن ابن جبير مرسلا سواء .
ومن رواية أبي داود الطيالسي أخرجه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (3/239)قال : حدثنا يونس بن حبيب ،حدثنا أبوداود ،حدثنا شعبة ،عن أبي بشر ،عن سعيد بن جبير: مرسلا .
وأمية بن خالد[ت201هـ] وثقه أبوزرعة وأبو حاتم والترمذي وابن حبان والعجلي وارتضيه الداراقطني . لكنه وإن كان ثقة فقد خالفه محمد بن جعفر، وعبد الصمد، وأبو داود الطيالسي، ثلاثتهم عن شعبة،عن أبي بشر،عن سعيد بن جبير: مرسلاًً .
وسيأتي مزيد تحقيق ، إن شاء الله تعالى .
الطريق الثاني:
عن عثمان بن الأسود بن موسى بن باذان المكي الثقة من كبار أتباع التابعين[ ت150 هـ ]
أخرجه ابن مردويه بلا شك فقال : حدثني ابراهيم بن محمد حدثني أبو بكر محمد بن علي المقرىء البغدادي ثنا جعفر بن محمد الطيالسي ثنا ابراهيم بن محمد بن عرعرة ثنا أبو عاصم النبيل ثنا عثمان بن الأسود عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ :
( أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى ) [ تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجا ] ففرح المشركون بذلك وقالوا قد ذكر آلهتنا فجاءه جبريل فقال اقرأ علي ما جئتك به فقرأ ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى ) [ تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجا ] فقال ما أتيتك بهذا ، هذا عن الشيطان - أو قال : هذا من الشيطان - لم آتك بها ، فأنزل الله :
( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) الى آخر الآية .
كما في تخريج الزيلعي لتفسير الزمخشري (2/394) والسيوطي في الدر المنثور (6/65) وأخرجه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (4/166) من طريق ابن مردويه ، فذكره ..
وفي سنده : أبوبكر محمد بن علي المقرىء .
وقول ابن حجر : وهذا أصح طرق الحديث.. وكذا قول السيوطي : بسند رجاله ثقات ..
قد رده عليهما الألباني ، بأن العلة فيمن دون أبي عاصم النبيل ، وهو أبو بكر المقرئ .
وقد ترجم له الخطيبفي تاريخ بغداد (3/68) فقال: محمد بن على بن الحسن أبو بكر المقرئ حدث عن محمود بن خداش ومحمد بن عمرو وابن أبى مذعور روى عنه أح مد بن كامل القاضي ومحمد بن أحمد بن يحيى العطشى .... ثم روى من طريقه حديثا وكناه بـ " أبي حرب " ..
وهكذا كناه الذهبي في تاريخ الإسلام ، فقال : محمد بن عليّ بن حسن أبو حرب البَغْداديُّ ، عَنْ محمود بن خِداش ، وَعَنْهُ أحمد بن كامل القاضي وجماعة ، توفي سنة ثلاثمائة . اهـ
ورواية عثمان بن الأسود عن ابن جبير رواها الواحدي في أسباب النزول من طريق سهل العسكري حدثنا يحيى [القطان]عن عثمان بن الأسود ، عن سعيد بن جبير ، مرسلاً ، وسنده صحيح ورواته أئمة . فقيل باحتمال الخطأ في رفعه من أبي بكر المقريء المترجم له عند الخطيب والذهبي ، وقد وصفه الألباني في نصب المجانيق بأنه مجهول الحال .
تحقيق في رفع الجهالة عن الراوي :
والمشهور عند أهل العلم بمصطلح الحديث أن الرواة غير الصحابة ، أقل ما يرفع الجهالة عن الواحد منهم : أن يروي عنه اثنان فصاعداً من المشهورين بالعلم . كما قرره الخطيب في الكفاية ..
ونقل السخاوي في فتح المغيث (1/320) عن الداراقطني أن من روى عنه ثقتان فقد ارتفعت جهالته وثبتت عدالته .
ومن العلماء كابن عبد البر من لم يشترط فيهما أن يكونا مشهورين في أهل العلم بل يكفي الشهرة وحسب في شيء من الأخلاق أو ما شاكله .
بينما ذهب ابن حبان إلى أن كل من روى عنه راو مشهور قد ارتفعت جهالة عينه وكل من ارتفعت جهالة عينه ولم يعرف فيه جرح فهو عدل أي أن جهالة الحال ترتفع مع جهالة العين إذا لم يعرف فيه جرح للعلماء . وهذا غلو في التوثيق .
وبخصوص الراوي في هذا الحديث وهو أبو بكر المقريء المترجم عند الخطيب والذهبي فيما نقلناه أعلاه ، فقد روى عنه اثنان هما : أحمد بن كامل القاضي ، ومحمد بن أحمد بن يحيى العطشى . ويضاف إليهما ابراهيم بن محمد شيخ ابن مردويه ..
فأما الأول منهما فمشهور بالعلم وهو :
أَحْمَد بْن كامل بْن خَلَف بْن شَجَرَة ،أَبُوبَكْر البغداديّ القاضي [260-350 هـ]
تلميذ محمد بْن جرير. تقلَّد قضاء الكوفة وَحَدَّثَ عَنْ جمع ، وَعَنْهُ: الدّارَقُطْنيّ وآخرون.
قالَ ابن رزقويه : لم تَرَعيناي مثله . وقال الخطيب: كَانَ من العلماء بالأحكام وعلوم القرآن والنحو والشعر والتواريخ ،وله فِي ذَلِك َمصنّفات. وقال الدّارَقُطْنيّ : أملى كتابًا فِي السُّنَن ،وتكلّم عَلَى الأخبار. اهـ مختصرا من تاريخ الإسلام للذهبي (7/885(.
وأما الثاني فمشهور بالعلم أيضا وهو : محمد بن أحمد بن يحيى ، أبو علي البغدادي العطشي البزاز [ت 374 هـ] سَمِعَ : أبا يعلى بالموصل ، وجعفر بن محمد الفِرْيابي ، والباغَنْدِي ، ومحمد ابن صالح بن ذَرِيح . وَعَنْهُ : محمد بن عبد الواحد بن رَزْمَه ، والحسن بن محمد الخلال ، والحسن ابن علي الْجَوْهَري . ووثّقه الخطيب . اهـ من تاريخ الإسلام للذهبي (8/406).
وأما ابراهيم بن محمد فهو من شيوخ الإمام ابن مردويه كما في الحديث قال حدثني ...
وبهذا فقد يقول القائل : قد ارتفعت عنه الجهالة فيبقى التعديل فأين هو ؟
وقد نرد بما قاله الداراقطني أو ابن عبد البر أو ابن حبان فيما نقل أعلاه .. وأن هذان راويان مشهوران رويا عن أبي بكر المقريء فترتفع عنه جهالة العين والحال ..
ولكن نجمل فنقول لو أن الثقة أمية بن خالد في السند الأول هو من رفعه وحده إلى ابن عباس دون من رواه موقوفا لضعفنا الحديث مطلقا ، لكنه قد جاء في السند الثاني مرفوعا أيضا من رواية أبي بكر المقريء ، فإن ضعفتموه لجهالة عدالته ، قلنا فهذا الضعف يجبر به رواية أمية الثقة ، لا سيما وأن القصة رويت بمراسيل صحيحة وحسنة مضافا إليها رواية صحابي آخر وهو محمد بن أنس ابن فضالة غير أنه من رواية الواقدي وسيأتي تخريجها والكلام عليها .
وأعتقد أن هذا التخليص هو من دعا الضياء المقدسي والحافظ ابن حجر والسيوطي وغيرهم ممن سيأتي ذكرهم ، يصححون وصله إلى ابن عباس من طريقي أبي بشر وعثمان بن الأسود ،عن سعيد بن جبير.
فأما الضياء فرواه في المختارة على شرط التصحيح في كتابه ولم يتعقبه بشيء يوهنه .
وأما السيوطي فقد وصفه في الدر المنثور (6/65) بأن سند رجاله ثقات ..
وأماالحافظ ابن حجرفقد قال- كما سيأتي - : وهذا أصح طرق هذا الحديث .
وقد رد على القاضي عياض تضعيفه للحديث من طريق إسناد البزار الموصول بسبب الشك فقال : أما ضعفه فلا ضعف فيه أصلا فإن الجميع ثقات وأما الشك فيه فقد يجيء تأثيره ولو فردا غريبا لكن غايته أن يصير مرسلا وهو حجة عند عياض وغيره ممن يقبل مرسل الثقة وهو حجة إذا اعتضد عند من يرد المرسل وهو إنما يعتضد بكثرة المتابعات . اهـ
لكن مع ذلك فقد حكم الألباني بأن طريقي أبي بشر وعثمان بن الأسود عن ابن جبيرالأرجح هو الارسال دون ذكرابن عباس. وسيأتي مزيد تحقيق إن شاء الله تعالى .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 10:40 AM
ب- وأما رواية عطية العوفي عن ابن عباس
وهو عطية بن سعد بن جنادة العوفى الجدلى القيسى الكوفى ، أبو الحسن [ت 111 هـ]
قال في قوله ( وَمَاأَرْسَلْنَ ا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) إلى قوله( وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) وذلك أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم بينما هو يصلي، إذ نزلت عليه قصة آلهة العرب ، فجعل يتلوها; فسمعه المشركون فقالوا : إنا نسمعه يذكر آلهتنا بخير، فدنوا منه فبينما هو يتلوها وهو يقول ( أَفَرَأَيْتُم ُاللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى ) ألقى الشيطان [ إن تلك الغرانيق العلى، منها الشفاعة ترتجى ] فجعل يتلوها ، فنزل جبرائيل عليه السلام فنسخها ،ثم قال له ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن ْقَبْلِك َمِن ْرَسُول ٍوَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) إلى قوله ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ).
رواه الطبري (18/666( عن محمد بن سعد بسنده إلى جده عطية العوفي عن ابن عباس وسنده مسلسل بالضعفاء ، وابن مردويه بنحوه كما عند الزيلعي في تخريج الكشاف (2/394) وقال : فيه عدة مجاهيل عينا وحالا . يقصد سند محمد بن سعد إلى جده الأعلى عطية العوفي. وعطية نفسه ضعفوه وليس بواه ، وربما حَسَّن له الترمذى .
والحقيقة أن سند محمد بن سعد إلى جده عطية العوفي عن ابن عباس مشهور كسند من أسانيد التفسير ولم ير له وجود في كتب الحديث والفقه والعقائد ، وقد أكثر منه الطبري فروى أكثر من ألف وثلاثمائة رواية بهذا السند ، وكذلك ابن أبي حاتم ، وقد وصل تفسير العوفي له كتابة وقد روى عنه ما يزيد على ثلاثمائة رواية ، وهو ضعيف اتفاقا غير أنه أحيانا كثيرة يوافق المروي من طرق أخرى وأحيانا يخالف وينفرد وهذا الأخير يرد ولا كرامة ، أما عند الموافقة فيستأنس به كما يفعل الطبري وابن أبي حاتم بذكره كثيرا في تفسيرهما ، وهو هنا وافق الرواة للقصة إجمالا وهذا لا يعده أحد علينا أنه تصحيحا ، وإنما فرقنا ليعلم الفرق بين قيمته في التفسير وقيمته في أحاديث الفقه والأحكام والعقائد ، وسيأتي شرح هذه المسألة بتوسع إن شاء الله تعالى .
ج- وأما رواية أبو صالح باذام ، مولى أم هانيء [ت 111- 120هـ]
فرواها ابن مردويه [ كما في فتح الباري لابن حجر (10/171) وتخريج الزيلعي لتفسير الزمخشري (2/394) والسيوطي في الدرالمنثور)6/66( ] من طريق عباد بن صهيب عن يحيى بن كثير حدثنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، ونصه كما ذكره السمرقندي في تفسيره بحر العلوم (3/167) : قال ابن عباس في رواية أبي صالح : أتاه الشيطان في صورة جبريل ، وهو يقرأ سورة ( والنجم إِذَا هوى ) عند الكعبة ، حتى انتهى إلى قوله : ( أَفَرَءَيْتُمُ اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى ) ، ألقى الشيطان على لسانه [ تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى ] فلما سمعه المشركون يقرأ ذلك أعجبهم فلما انتهى إلى آخرها سجد وسجد المشركون معه والمسلمون . فأتاه جبريل عليه السلام فقال : ما جئتك بهذا . فنزل ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِىّ ) الآية .
وعباد بن صهيب قال فيه البخاري وأبو حاتم : متروك الحديث ، والكلبي هو محمد بن السائب [ت146هـ] متهم بالكذب . وأبو صالح نفسه ضعيف .
د- وأما رواية أبو عبد الله عكرمة القرشي ، مولى ابن عباس [ت104هـ]
فرواها ابن مردويه [ كما في فتح الباري لابن حجر (10/171) وتخريج الزيلعي لتفسير الزمخشري (2/394) والسيوطيفيالدرا لمنثور)6/66(] من طريق أبي بكر الهذلي وتابعه أيوب كلاهما عن عكرمة عن ابن عباس فذكر نحوه .. وأبو بكر الهذلي متروك لكن تابعه أيوب السختياني وهو ثقة فيصح الطريق به إلى عكرمة ، غير أننا لا نعلم سند ابن مردويه إليه ، والظاهر أنه من رواية عباد بن صهيب المذكور أعلاه ، ورواه البخاري في باب [ سجود المسلمين مع المشركين والمشرك نجس ليس له وضوء ] من طريقي طهمان وعبد الوارث ثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس فذكر قصة السجود بدون ذكر قصة الغرانيق.
هـ- وأما روايةسليمانبن طرخان التيمي [ت143هـ]
فرواها أيضا ابن مردويه [ كما في فتح الباري لابن حجر (10/171) وتخريج الزيلعي لتفسير الزمخشري (2/394) والسيوطي في الدر المنثور)6/66)] عمن حدثه عن ابن عباس ، نحو الروايات أعلاه ، والظاهر أن سند ابن مردويه إليه من طريق عباد بن صهيب المذكور ، وسليمان التيمي ثقة ثبت ولكن روايته عن ابن عباس مجهولة الواسطة..
فائدة : ذكر الفخر الرازي في تفسيره (11/ 137) أن ابن عباس رضي الله عنهما قال في رواية عطاء عنه : إن شيطاناً يقال له الأبيض أتاه على صورة جبريل عليه السلام وألقى عليه هذه الكلمة فقرأها فلما سمع المشركون ذلك أعجبهم فجاء جبريل عليه السلام فاستعرضه فقرأها فلما بلغ إلى تلك الكلمة قال جبريل عليه السلام أنا ما جئتك بهذه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه أتاني آتٍ على صورتك فألقاها على لساني .
وهذه الرواية أشار إليها البغوي أيضا ، لا نعلم أين هي في كتب الحديث وبأي سند رويت ، ولذلك أسقطناها ولم نعدها طريقا جديدا غير الطرق أعلاه.
وعطاء بن السائب يروي التفسير عن ابن عباس من طريق سعيد بن جبير وهي من أصح طرق التفسير عن ابن عباس بعد طريق علي بن أبي طلحة ...
ولكن أين رويت ؟ وبأي سند هي ؟ الله أعلم.
خلاصة روايات ابن عباس :
هذه هي طرق الروايات عن ابن عباس وقد رويت عن خمسة من التابعين كما ذكرنا وهم : سعيد بن جبير ، وعطية العوفي ، وعكرمة مولى ابن عباس ، وأبو صالح باذام ، وسليمان التيمي ، وتكلمنا على أسانيد كل رواية منها ، والذي نراه بعد البحث والتتبع أن حديث ابن عباس بهذه الطرق يصح أن يقال عنه حسن لغيره ، إذ ليس في الطرق كلها من يتهم بالكذب سوى طريق الكلبي والباقي بين الضعيف كطريق عكرمة وسليمان التيمي والضعيف جدا كطريق العوفي ، وأما طريقي سعيد بن جبير عن ابن عباس فرواية أمية بن خالد رويت على الشك في وصله وإرساله ورواه غيره بدون شك وتكلمنا أعلاه عن هذا في التخريج فأظن أن القول بالتحسين بضميمة المراسيل الصحيحة والحسنة الآتية ليس ببدعا من القول لا سيما وقد سبق إلى تصحيحه أئمة ذوي شأن في التصحيح والتضعيف مثل الحافظ ابن حجر والسيوطي ، ويضاف إليهما الحافظ الدمياطي الذي رد على الإمام المنذري تضعيف القصة فيما نقله تلميذه ابن سيد الناس في عيون الأثر ، ويضاف إليهم الحافظ الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة ، وبهذا يكون قد صححها أربعة من الحفاظ ، غير كثير من المتأخرين ممن سيأتي النقل عنهم ، والله أعلم .

ابن شهاب الدين
2011-07-30, 10:47 AM
لا يااخي ظاهر القرآن الكريم لا يقول ذلك فالقرآن يرشدنا الى ان هناك شياطين من الجن وشياطين من الانس
و قلت لا مرجع لكلامك هذا

اما عن قولك بأن الفتني ممن يقولون بوضعها ولذلك حكم عليها هكذا
قلت فهذا مالم أكن اقصده , بل ماقصدته هو ماقاله بانها من موضوعات ابي عصمة والتي اقر بوضعها بعد ذلك

ينبغي لك ان توضح كلامك يبدوانك لا تجيد تنسيق المشاركات

أما عن احتجاجك برواية البخاري الموجودة في الصحيح :
"أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: النجم وهو بمكة، فسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس"
أما سجود المسلمين: فاتباعا لأمر الله،
وأما سجود المشركين: فلما سمعوه من أسرار البلاغة الفائقة، وعيون الكلم الجوامع، مع التهديد والإنذار، وقد كان العربي يسمع القرآن، فيخر له ساجدا، أضف إلى ذلك ما فيه من موافقة الجماعة، والشخص إذا كان في جماعة يندفع إلى موافقتها من غير ما يشعر، ولو كان الأمر على خلاف ما يهوى ويحب، وهذا أمر مشاهد، وفي علم النفس ما يؤيده،

وقد قال البخاري
قال ابن عباس: {إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِه} : إذا حدَّث ألقى الشيطان في حديثه فيبطل الله ما يلقي الشيطان، ويحكم آياته ويقال: أمنيته قراءته،
فقد حكى الثاني بصيغة التمريض، التي تدل على الضعف، وليس في هذا ولا ذاك ما يشير إلى ما يزعمون.

أما عن تصحيح الحافظ للقصة وقوله في الفتح
((وكلها سوى طريق سعيد بن جبير؛ إما ضعيف وإما منقطع لكن كثرة الطرق تدل على أن لها أصلا، مع أن لها طريقين مرسلين آخرين، رجالهما على شرط الصحيح))
(( وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج لاعتداد بعضها ببعض))
فمردود على ذلك من اوجه منها
1- أن جمهور المحدثين لم يحتجوا بالمرسل، وجعلوه من قسم الضعيف؛ لاحتمال أن يكون المحذوف غير صحابي، وحينئذ يحتمل أن يكون ثقة أو غير ثقة، وعلى الثاني: فلا يؤمَن أن يكون كذابا،
والإمام مسلم قال في مقدمة كتابه: والمرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار: ليس بحجة.
وقال ابن الصلاح في مقدمته: "وذكرنا من سقوط الاحتجاج بالمرسل والحكم بضعفه، هو الذي استقر عليه آراء جماهير حفاظ الحديث، وتداولوه في تصانيفهم"، والاحتجاج به مذهب مالك، وأبي حنيفة والشافعي، بشروط ذكرها في رسالته، ونقلها العراقي في شرح ألفيته،
وقد قالوا في مراسيل أبي العالية: إنها كالريح كما في "التدريب"
وقالو في مراسيل قتادة : من اوهى المراسيل
وإني لأذكر الحافظ بما ذكره من البلاء في الاحتجاج بالمراسيل في مقدمة كتابه لسان الميزان حيث قال روي عن شيخ من الخوارج أنه قال بعدما تاب: "إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، فإنا كنا إذا هوينا أمرا صيرناه حديثا" قال الحافظ: "وهذه والله قاصمة الظهر للمحتجين بالمراسيل "
2- الاحتجاج بالمرسل إنما هو في الفرعيات التي يكفي فيها الظن، أما الاحتجاج به على إثبات شيء يصادم العقيدة وينافي دليل العصمة فغير مسلم، وقد قال علماء التوحيد: إن خبر الواحد لو كان صحيحا لا يؤخذ به في العقائد؛ لأنه لا يكتفى فيها إلا باليقين، فما بالك بالضعيف.

اضطراب القصة من الاساس فلا تقوم محل الاحتجاج

اضطربت الروايات اضطرابا فاحشا؛ فقائل يقول: إنه كان في الصلاة،
وقائل يقول: قالها في نادي قومه ،
وثالث يقول: قالها وقد أصابته سنة،
ورابع يقول: بل حديث نفسه فَسَهَا.
ومن قائل: إن الشيطان قالها على لسانه، وإن النبي لما عرضها على جبريل قال: ما هكذا اقرأتك؟
وآخر يقول: بل أعلمهم الشيطان أن النبي قرأها كما رويت: تلك الغرانيق العلى على أنحاء مختلفة،
واخر يقول بل نسبها اليه رجل من الكفار ولم يقله ,
واخر يقول ..... وكل هذا الاضطراب مما يوهن الرواية، ويقلل الثقة بها، والحق أبلج والباطل لجلج.

بطلان القصة نقلاً ومخالفتها لكتاب الله عزوجل :

فقد أفادت القصة: "تسلط الشيطان على النبي بالزيادة في القرآن ما ليس منه، وهو مخالف لقوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَان} وأي شخص أحق بهذه العبودية من الأنبياء بله رسول الله؟ وقال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} وأي بشر أصدق إيمانا وأقوى توكلا من رسول الله؟ وقد صدق الشيطان ذلك، كما حكاه الله تعالى عنه بقوله: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُ مْ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} بفتح الللام وكسرها، ومن أحق من الأنبياء بالأصطفاء، أو من أشد إخلاصا منهم؟.
ووجه آخر : وهو أن بعض الروايات ذكرت أن فيها نزلت: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا، وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} ، وهاتان الآيتان تردان الخبر الذي رووه؛ لأن الله ذكر: أنهم كادوا يفتنونه ولولا أن ثبته لكاد يركن إليهم، ومفاده: أن الله عصمه من أن يفتري، وثبته، حتى لم يكد يركن إليهم، فقد انتفى قرب الركون فضلا عن الركون، لمكان العصمة والتثبت، وهم يروون في أخبارهم الواهية أنه زاد على الركون، بل افترى بمدح آلهتهم وهذا ضد مفهوم الآيتين، وهو تضعيف للحديث لو صح، فكيف ولا صحة له؟ ولقد طالبته قريش وثقيف؛ إذ مر بآلهتهم أن يقبل بوجهه إليها، ووعدوه الإيمان به إن فعل، فما فعل، ولا كان ليفعل، فكيف يدعي المتخرصون أنه مدح أصنامهم؟

بطلان القصة عقلاً

فقد قام الدليل وأجمعت الأمة على عصمته، عليه الصلاة والسلام من مثل ما روي إما من تمنيه أن ينزل عليه مثل هذا، من مدح آلهة العرب وهو كفر، أو أن يتسور عليه الشيطان، ويشبه عليه القرآن حتى يجعل فيه ما ليس منه، ويعتقد النبي ذلك، حتى ينبهه جبريل، وذلك ممتنع في حقه أن يقوله من قبل نفسه عمدا وهو كفر، أو سهوًا وهو معصوم، وقد ثبت بالبراهين والإجماع عصمته من جريان ذلك على لسانه، أو قلبه، لا عمدا ولا سهوا، أو يكون للشيطان سبيل عليه في التبليغ، ولو جوزنا ذلك لذهبت الثقة بالأنبياء، ولوجد المارقون سبيلا للتشكيك في الأديان.
ووجه آخر لفساد هذه القصة: وهو أن الله تعالى ذم الأصنام في هذه السورة، وأنكر على عابديها، وجعلها أسماء لا مسمى لها، وما التمسك بأذيالها إلا أوهام وظنون، فلو أن القصة صحيحة: لما كان هناك تناسب بين ما قبلها وما بعدها، ولكان النظْم مفككا، والكلام متخاذلا، وكيف يقع مدح بين ذمين؟ بل كيف يجوز هذا ممن كمل عقله على كل العقول، واتسع في باب البيان ومعرفة الفصيح علمه؟ وكيف يطمئن إلى مثل هذا التناقض السامعون، وهم أهل اللسان والفصاحة، ومنهم أعداؤه الذين يتلمسون له الزلات والعثرات؟ ولو أن ما روي كان واقعا لشغب المعادون، وارتد الضعفاء من المؤمنين، ولقامت قيامة مكة، كما حدث في الإسراء، ولكن شيئا من ذلك لم يكن.

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 11:11 AM
الأخ الكريم ...... ابن شهاب الدين ...
هديء من روعك قليلا ...
ولا تقول لا تحسن تنسيق المشاركات .. عفا الله عني وعنك .


أقول لك : جمهور المفسرين وأهل الحديث على أن الشيطان المذكور ليس هو شيطان من الإنس ..
أرجوا أن تكذبني في هذا ، وتنقل لي رأي جمهور قالوا بأ المراد هنا شيطان الإنس ..
وإلا فلنترك كتب السلف ونتبع تفسيرك الذي تلزمنا به إلزاما وكأن الله أوحاه إليك ...
هلا راجعت كلام المفسرين وما نقل عن السلف ؟
أرجوا ذلك ...
وأما عما قاله الفتني ... فمراده أن أبا عصمة مقر بوضح أحاديث الفضائل ..
ولكن من قال لك أن أبا عصمة هو من وضع قصة الغرانيق ؟
هل وجدت سندا لرواية واحدة جاء فيها ذكر أبي غصمة هذا؟؟؟
لماذا تخلط الأوراق ؟


وأما باقي كلامك المنقول والمنسوخ من كتب من قالوا بوضع القصة ..
فاصبر قليلا .. هداني الله وإياك ..
فما نقلته وعشرة أمثاله سيأتيك بيانه .. مثل مسألة المرسل ، واضراب الروايات ، والآيات التي ظاهرها يرد القصة ، وبطلانها عقلا !!! وغير ذلك ..


وقبل أن تنقل كلام الخلف عليك أن تقرأ روايات السلف ثم شروح علماء السلف كابن جرير مرورا بابن تيمية وأمثالهما ..
وإلا فالقضية بيني وبينك مسدودة موصدة .. وحينئذ فليعذر كل منا أخاه ويدعوا له .
فـ { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا }...
نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل .
وشكر الله لك .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 11:13 AM
نتابع بإذن الله تعالى باقي فصول البحث ...

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 11:14 AM
وأما الحديث الموصول الآخر
فمن رواية محمد بن أنس بن فضالة الظفري المدني رضي الله عنهما .. والراجح صحبته فقد رآه وهو ابن أسبوعين وحج مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وهو ابن عشر سنين ..
[ انظر التاريخ الكبير للبخاري (1/16) ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (2/208) والإصابة لابن حجر (6/4) و (7/470)]
أخرجه عنه ابن سعد في الطبقات الكبرى )1/205( فقال :
أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني يونس بن محمد بن فضالة الظفري عن أبيه قال:
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه كفا عنه فجلس خاليا فتمنى فقال ليته لا ينزل علي شيء ينفرهم عني وقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه ودنا منهم ودنوا منه فجلس يوما مجلسا في ناد من تلك الأندية حول الكعبة فقرأ عليهم والنجم إذا هوى حتى إذا بلغ ( أَفَرَءَيْتُمُ اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى ) ألقى الشيطان كلمتين على لسانه [ تلك الغرانيق العلى وإنشفاعتهن لترتجى ]فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما ثم مضى فقرأ السورة كلها وسجد وسجد القوم جميعا... ثم ذكر رجوع جبريل اليه وحزنه على ذلك ونزول الآية ( وَمَاأَرْسَلْنَ ا مِن ْقَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) إِلَى) وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .
وانظره في تخريج الزيلعي لتفسير الزمخشري)2/394(..
ويونس بن محمد بن فضالة الظفري سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم ، وقد روى عن أبيه ..
ووثقه ابن حبان وقال : من أهل المدينة يروى عن جماعة من التابعين ، روى عنه أهلها. اهـ
غير أنه من رواية الواقدي وهو ضعيف باتفاق جمهور المحدثين ، غير أنه إمام في السير والمغازي وروايته لها اعتبار في هذا الباب ، وقد دافع عنه ابن سيد الناس في عيون الاثر (1/25) وذكر كثير ممن رضيه ووثقه وكثير ممن كذبه وتركه وتوسط في أمره .
وهو هاهنا لم يبتدع هذه الرواية وجاء نقله موافقا للرواة الذين نقلوه عن التابعين مرسلا ، نعم : قد ينفرد بالرواية عن محمد بن أنس بن فضالة الصحابي ولم يتابعه غيره ، ولكن في ترجمته ما يؤكد أنه كان له اهتمام بالاجتماع بأبناء الصحابة فيسألهم ويروي عنهم بما قد ينفرد به ، وروايته عن يونس بن محمد بن أنس بن فضالة عن أبيه من هذا القبيل ، ومرسل الصحابي كرواية ابن عباس وأقرانه ممن لم يحضروا العهد المكي ، الجمهور على قبولها ..
فنرى - والله أعلم – أن أقرب الأحكام المناسبة لهذه الرواية أن توصف بالضعف فقط ، ولا يقال منكرة أو مكذوبة موضوعة كما يتهور البعض ، وإذا تقرر بهذا التخليص أنه ضعيف فلنضمه إلى الضعيف غيره من الروايات عن ابن عباس فتحسن القصة عنهما بشهادة المراسيل الأخرى الصحيحة والحسنة . والله أعلم .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 11:22 AM
ثانيا : الروايات المرسلة :
أما الروايات المرسلة في هذه القصة فعن عدة من التابعين نذكرهم على التوالي :
1- عن سعيد بن جبير بن هشام الأسدى الوالبى مولاهم الكوفى [ت95هـ]
الإمام الثقة الثبت أحد الأعلام .. وقد جاءت عنه مرسلة من طريقين ، أولهما طريق شعبة عن أبي بشر عنه ، والآخر طريق عثمان بن الأسود عنه.
فأما طريق شعبة عن أبي بشر فمن رواية محمد بن جعفر المعروف بغندر وهو من أثبت الناس في شعبة رواه ابنجرير)18/666(فقال حدثنا ابن بشار ،قال : ثنا محمد بن جعفر ،قال : ثنا شعبة عن أبي بشر ،عن سعيد بن جُبير ،قال :
لما نزلت هذه الآية ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى ) قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال [ تلك الغرانيق العلى ،وإن شفاعتهن لترتجى ] فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال المشركون : أنه لم يذكر آلهتكم قبل اليوم بخير ،فسجد المشركون معه ،فأنزل الله( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن ْقَبْلِكَ مِنْ رَسُول ٍوَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان ُفِي أُمْنِيَّتِهِ ) إلى قوله ( عَذَاب ُيَوْمٍ عَقِيمٍ ).
وروى الطبري (18/666) متابعة عبد الصمد بن عبدالوارث لغندر عن شعبة في روايته عن ابن جبير مرسلا سواء .
ومن رواية أبي داود الطيالسي أخرجه ابن أبي حاتم [ كما في تفسير ابن كثير ] فقال: حدثنا يونس بن حبيب ،حدثنا أبو داود ،حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ،عن سعيد بن جبير ، به .
فالثلاثة غندر وعبد الصمد والطيالسي رووه عن شعبة عن أبي بشر عن ابن جبير مرسلا سواء ...
فتأكد أن أمية بن خالد الذي رواه موصولا من طريق شعبة إلى ابن عباس - وإن كان ثقة - فقد خولف ، خالفه محمد بن جعفر ، وعبد الصمد كلاهما عند ابن جرير ، وأبو داود الطيالسي عند ابن أبي حاتم ، وثلاثتهم ثقات أئمة رووه عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير مرسلاً غير موصول ..
وأما رواية عثمان بن الأسود عن سعيد بن جبير فأخرجها الواحدي في أسباب النزول فقال : أخبرنا أبو بكر الحارثي قال أخبرنا أبو بكر بن حيان قال أخبرنا أبو يحيى الرازي قال أخبرنا سهل العسكري قال أخبرنا يحيى ( هو ابن سعيد القطان ) عن عثمان ابن الأسود، عن سعيد ابن جبير قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى ) فألقى الشيطان على لسانه ( تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجى ) ففرح بذلك المشركون وقالوا : قد ذكر آلهتنا ، فجاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : اعرض علي كلام الله ، فلما عرض عليه فقال : أما هذا فلم آتك به هذا من الشيطان ، فأنزل الله تعالى ( وَمَاأَرْسَلْنَ ا مِن ْقَبْلِك َمِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ). ورواته أئمة مشهورون .
وجاءت زيادة جبريل أيضا في رواية ابن المنذر وابن مردويه كما في الدر المنثور .
وهوصحيح الإسناد إلى ابن جبير من كلا الطريقين كما قال الحافظ ابن حجر والسيوطي والألباني رحمهم الله جميعا .
2 - وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث [ت 94 هـ]
أحد فقهاء التابعين السبعة ، قيلاسمه كنيته وقيل محمد وقيل المغيرة وقيل غير ذلك .
رواه عنه ابن جرير بإسناد صحيح فقال :
حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أنه سئل عن قوله ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ) .. الآية ، قال ابن شهاب : ثني أبو بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قرأ عليهم ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ) فلما بلغ ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى ) قال [ إن شفاعتهن ترتجى ] وسها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلقيه المشركون الذين في قلوبهم مرض فسلموا عليه وفرحوا بذلك ، فقال لهم : إنما ذلك من الشيطان . فأنزل الله : ( وَمَاأَرْسَلْنَ ا مِن ْقَبْلِك َمِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) حتى بلغ ( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ) .
رواه الطبري)18/667(وصححها مرسلا ابن حجر والسيوطي والألباني ، ورواه عبد بن حميد كما في الدر المنثور)6/66) وروى آخره ابن سعد في الطبقات (1/206) من طريق الواقدي .
3 - وعن أبي العالية رُفَيِّع بن مهران الرياحي [ت91-100هـ]
أَحَدَ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ وَأَئِمَّتِهَا ..
أخرجه ابن جرير الطبري فقال : حدثنا ابن عبد الأعلى، قال : ثنا المعتمر، قال : سمعت داود،عن أبي العالية،قال : قالت قريشل رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنماجلساؤك عبد بني فلان ومولى بني فلان، فلو ذكرت آلهتنا بشيء جالسناك ، فإنه يأتيك أشراف العرب فإذا رأوا جلساءك أشراف قومك كان أرغب لهم فيك ، قال : فألقى الشيطان في أمنيته ،فنزلت هذه الآية ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى ) قال : فأجرى الشيطان على لسانه [ تلك الغرانيق العلى، وشفاعتهن ترجى، مثلهن لا يُنسى ] قال : فسجد النبي ّحين قرأها ، وسجد معه المسلمون والمشركون ؛ فلما علم الذي أجرى على لسانه ، كبر ذلك عليه ،فأنزل الله ( وَمَاأَرْسَلْنَ ا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) إلى قوله( وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ).
تفسير الطبري)18/664(ثم رواه ابن جرير من طريق حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عنه وإسنادهما صحيح ، وأخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم كما في الدرالمنثور )6/68( .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 11:35 AM
4 - وعن محمد بن كعب بن سليم بن أسد القرظي أبو حمزة المدني [ت120هـ]

قال الإمام ابنجرير الطبري في تفسيره :حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا حجاج ، عن أبي معشر ، عن محمد بن كعب القرظي ، ومحمد بن قيس قالا :
جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناد من أندية قريش كثير أهله ، فتمنى يومئذ أن لا يأتيه من الله شيء فينفروا عنه ، فأنزل الله عليه ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ) فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا بلغ ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى ) ألقى عليه الشيطان كلمتين [ تلك الغرانقة العلى، وإن شفاعتهنّ لترجى ] فتكلم بها. ثم مضى فقرأ السورة كلها. فسجد في آخر السورة ، وسجد القوم جميعا معه ، ورفع الوليد بن المغيرة ترابا إلى جبهته فسجد عليه ، وكان شيخا كبيرا لا يقدر على السجود. فرضوا بما تكلم به وقالوا : قد عرفنا أن الله يحيي ويميت ، وهو الذي يخلق ويرزق ، ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده ، إذ جعلت لها نصيبا ، فنحن معك ، قالا فلما أمسى أتاه جبرائيل عليه السلام ، فعرض عليه السورة ; فلما بلغ الكلمتين اللتين ألقى الشيطان عليه قال : ما جئتك بهاتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : افْتَرَيْتُ عَلى الله ، وَقُلْتُ عَلى الله ما لَمْ يَقُلْ ، فأوحى الله إليه ( وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ) إلى قوله ( ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ) فما زال مغموما مهموما حتى نزلت عليه ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) قال : فسمع من كان من المهاجرين بأرض الحبشة أن أهل مكة قد أسلموا كلهم ، فرجعوا إلى عشائرهم وقالوا : هم أحبّ إلينا، فوجدوا القوم قد ارتكسوا حين نسخ الله ما ألقى الشيطان .
أخرجه ابن جرير)18/663(من طريق أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي [ ت170هـ] عنهما وأبو معشر مع ضعفه فقد اتقوا المرفوع من حديثه وهذا مرسل ، وأجود رواياته ما كان عن القرظي وابن قيس كما هاهنا ..
وذكر المزي في تهذيب الكمال قول الإمام أحمد بن حنبل عنه :
يكتب من حديث أبى معشر أحاديثه عن محمد بن كعب فى التفسير .
وقول عبدالرحمن بن أبى حاتم : سمعت أبى وذكر مغازى أبى معشر، فقال : كان أحمد بن حنبل يرضاه ويقول : كان بصيرا بالمغازى .
وقول محمد بن عثمان بن أبى شيبة : سألت ابن المدينى عن أبى معشر المدينى، فقال : كان شيخاً ضعيفاً ضعيفاً ، وكان يحدث عن محمد بن قيس ، ويحدث عن محمد بن كعب بأحاديث صالحة .
ثم أخرجه ابن جرير)18/663(من طريق ابن حميد الرازي الحافظ - على ضعف يسير فيه – ثنا سلمة عن ابن إسحاق عن يزيد بن زياد المدني عن محمد بن كعب القرظي وحده وفيه عنعنة ابن إسحاق . وبهذا قد صدق كل منهما الآخر أي أبي معشر وابن اسحاق ، فيحسن السند على الأقل إلى القرظي من طريقهما معا لولا ابن حميد الرازي شيخ الطبري ولم ينفرد بهذه القصة .
ورواه ابن أبي حاتم في التفسير (9/176) ..
وقال السيوطي في الدرالمنثور)6/67) : أخرجهسعيدبنمنصو ر ، ولا ندري سنده .
5- وعن محمد بن قيس المدني [ت121-130هـ]
قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره )18/663( حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا حجاج ، عن أبي معشر ، عن محمد بن كعب القرظي ، ومحمد بن قيس قالا : فذكره مثل رواية محمد بن كعب القرظي الموجودة أعلاه على سواء ..
فرواية أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي عنهما مع ضعفه فقد اتقوا المرفوع من حديثه وهذا مرسل ، وأجود رواياته ما كان عن القرظي وابن قيس كما هاهنا .. وينظر الذي قبله .

6 - وعن قتادة بن دعامة السدوسى ، أبو الخطاب البصرى ( ت 117 هـ )

الحافظ الثقة الثبت .. أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (4/416) عن معمر عن قتادة به ..
وأخرجه ابن جرير)18/669(فقال : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال ثنا ابن ثور ،عن معمر ،عن قَتادة: أن النبي ّصلى الله عليه وسلم كان يتمنى أن لا يعيب الله آلهة المشركين ، فألقى الشيطان في أمنيته ، فقال إن الآلهة التي تدعي [ أن شفاعتها لترتجى وإنها للغرانيق العلى ] فنسخ الله ذلك ، وأحكم الله آياته .
( أَفَرَأَيْتُم ُاللاتَ وَالْعُزَّى ) حتىبلغ ( مِن ْسُلْطَانٍ ) قال قتادة : لما ألقى الشيطان ما ألقى ، قال المشركون : قد ذكر الله آلهتهم بخير ، ففرحوا بذلك ، فذكر قوله ( لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَان ُفِتْنَة ًلِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم ْمَرَضٌ ).
ورواه ابن جرير من طريق عبد الرزاق فقال: حدثنا الحسن،قال أخبرنا عبد الرزاق، قال أخبرنا معمر،عن قتادة، بنحوه. وإسناده صحيح إلى قتادة . ورواه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور)6/68(بلفظ : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام نعس فألقى الشيطان على لسانة كلمة فتكلم بها وتعلق بها المشركون عليه .. فذكره ثم قال : فدحر الله الشيطان ولقن نبيه حجته . ولا نعلم إسناد ابن أبي حاتم .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 11:49 AM
7 - وعن أبي عبد الله عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشى ( ت 94 هـ)
التابعي العلامة الثقة ، صاحب المغازي التي نقل عنها الناس من بعده ..
رواه الطبراني : حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ثنا أبي ثنا ابن ليهعة عن أبي الأسود [ يتيم عروة ] عن عروة.. وذكر تسمية الذين خرجوا إلى أرض الحبشة .. ثم قال :
فلما أنزل الله عزوجل السورة التي يذكر فيها والنجم وقرأ (أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى ) ألقى الشيطان فيها عند ذلك ذكر الطواغيت فقال[ وإنهن لمن الغرانيق العلى وإن شفاعتهم لترتجى]وذلك من سجع الشيطان وفتنته فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك وذلت بها ألسنتهم واستبشروا بها وقالوا : إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر السورة التي فيها النجم سجد وسجد معه كل من حضر من مسلم ومشرك غير أن الوليد بن المغيرة كان رجلا كبيرا فرفع على كفه ترابا فسجد عليه فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم في السجود لسجود رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما المسلمون فعجبوا من سجود المشركين على غير إيمان ولايقين ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقى الشيطان على ألسنة المشركين وأما المشركون فاطمأنت أنفسهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما سمعوا الذي ألقى الشيطان في أمنية النبي صلى الله عليه وسلم وحدثهم الشيطان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرأها في السجدة فسجدوا لتعظيم آلهتهم ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها الشيطان حتى بلغت الحبشة ،وأقبلوا سراعا ..
وكبر ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام فشكا إليه فأمره فقرأ عليه فلما بلغها تبرأ منها جبريل عليه السلام وقال : معاذ الله من هاتين ماأنزلهما ربي ولا أمرني بهما ربك فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم شق عليه وقال : أطعت الشيطان وتكلمت بكلامه وشركني في أمر الله فنسخ الله عزو جل ماألقى الشيطان وأنزل عليه( وَمَاأَرْسَلْنَ ا مِن ْقَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ) الآية .
فلما برأه الله من سجع الشيطان وفتنته انقلب المشركون بضلالهم وعدواتهم ... اهـ
رواه الطبراني في المعجم الكبير (9/34(وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/172) :
رواه الطبراني مرسلا وفيه ابن لهيعة ولا يحتمل هذا منه . اهـ
قلت : لا يحتمل منه لو كان موصولا وقد توافقت المراسيل بمثله ، ولم يأت ابن لهيعة بما ينفرد به ، كما أن أكثر ما يؤخذ على ابن لهيعة سوء الحفظ ، والضعف الناشي عن سوء الحفظ إذا كثرت طرقه - كما هو حال تلك المراسيل - يرتقى درجة فوق الضعف ، فيكون حسن مرسلا . ولله أعلم

ابن شهاب الدين
2011-07-30, 11:52 AM
#حررنا ألفاظك السيئة# الإدارة #

فعن طريق ابي الاسود
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10663) رواه الطبراني مرسلاً وفيه ابن لهيعة ولا يحتمل هذا من ابن لهيعة اي انها لا تقبل التحسين أصلاً

ماذا تقول #حررنا ألفاظك السيئة# الإدارة #
وإنما يعرف هذا الحديث [ موصولا ] عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، وأمية ثقة مشهور
هل تحتج بهذا الكلام
اتدري ماهذا الاسناد المذكور (الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس ) هذا الاسناد اسمه سلسلة الكذب
ولانعلمأحداأسند هذاالحديثعنشعبة عنأبيبشرعنسعيدع نابنعباسإلاأمية ولمنسمعهنحنإلام ن يوسف بن حماد وكان ثقة وغير أمية يحدث به عن أبي بشر عن سعيد بن جبيرمرسلا

والامام البزار كلامه هذا يقتضي ان امية اخطا في الاسناد فوصله والا ماكان شك في السند وبمعنى آخر هو يرى اعلال هذه الطريق لان الشك يقتضي تجويز امرين لا مزية لاحدهما على الاخر

وامية هذا كان معروفاً بانه يرفع المراسيل وهي في الاصل مرسلة وانظر ضعفاء العقيلي (1/100)

وكما ذكرت بنفسك انه خالف شعبة وابو داود ويونس في الوصل والارسال , فكيف ينافس هذا ذاك ؟
يستفاد من هذه الطريق ضعف الرفع وشذوذ امية في السند عن الاوثق منه والاكثر منه عدداُ

اما عن الاسناد الثاني
ففيه أبوبكرمحمدبنعلي المقرىءوهو مجهول
ومحاولتك #حررنا ألفاظك السيئة# الإدارة # والتي تريد بواسطتها ان ترفع عنه جهالة العين باطلة

والاثنان اللذان ذكرتهم بحجة انهم من الثقات الذين رووا عنه لم يوثقهم أحد أصلاً
1 – أبو بكرالبغداديّالق اضي وقالالخطيب: كَانَمنالعلماءب الأحكاموعلومالق رآنوالنحووالشعر والتواريخ
أين افهم من هذا الكلام انه كان عالماً في الحديث او كان ثقة فيه ؟

ليس شرطاً ان يكون عالماً في كل هذه الفروع ان يكون ثقة
فعندك :
1 – مقاتل بن سليمان العالم بالتفسير والبلاغة كان كذاباً
2 – حفص بن سليمان صاحب القراءة القرآنية عن عاصم : متروك الحديث مع امامته في علم القراءات
3 – الامام ابو حنيفة امام الفقه والاحكام وعلوم القرآن : لكنه ضعيف الحفظ

2 - محمد بن أحمد بن يحيى ، أبو علي البغدادي العطشي البزاز
]لم يوثقه أحد]


أما عن احتجاجك بقول السيوطي رجاله ثقات


قال الشيخ الالباني رحمه الله: قولهم رجاله رجال الصحيح , لا بد من فهمه أحياناً على ارادة معنى التغليب لا العموم أي ان اكثر رجاله رجال الصحيح وليس كلهم ( مقدمة صحيح الترغيب والترهيب 1/72)

وقول الحافظ : اصح اسناد
فهو لم يصححه , بل قال بان هذا اصح من هذا واصح الضعيف ضعيف مثله

والمشهورعند أهل العلم بمصطلح الحديث أن الرواة غير الصحابة ، أقل ما يرفع الجهالةعن الواحد منهم : أن يروي عنه اثنان فصاعداً من المشهورين بالعلم
ونقل السخاوي في فتح المغيث (1/320) عن الداراقطني أن من روى عنه ثقتان فقد ارتفعت جهالته وثبتت عدالته .


اقول لك ماذكرته بأن من روى عنه ثقتان فقد ارتفعت جهالته وثبتت عدالته.
اقول لك
#حررنا ألفاظك السيئة# الإدارة #
بل الصواب ( ترتفع جهالة عينه , وتبقى جهالة حاله ويسمى مستور ) فلا يزال مجهولاً

وطريق العوفي وعكرمة وابي صالح شديدة الضعف ولا تقوي اي من هذه الطرق بل تزيدها ضعفاً

ابن شهاب الدين
2011-07-30, 11:57 AM
وعن محاولة تصحيحك لطريق الواقدي
الواقدي هذا كذاب
((وهو هاهنا لم يبتدع هذه الرواية وجاء نقله موافقا للرواة الذين نقلوه عن التابعين مرسلا))
بل كذاب وفبرك الاسناد من عنده ولا نقبل حديث الكذابين عندنا اصلاً , ومنذ متى ونحن نحتج بخبر كذاب أصلاً
والمراسيل التي ذكرتها كل مراسيل واهية وهم من صغار التابعين لا من كبارهم
والمرسل الذي يحتمل الاعتضاد هو المرسل الذي يكون من ارسله من كبار التابعين لا من صغارهم

ابن شهاب الدين
2011-07-30, 12:12 PM
هيا فلتنسخ لي المزيد من مراجعك الواهية
ولتلاحظ ان قول الحافظ ( مجموع الطرق تقتضي ان الحديث صلا )
فهو تصريح منه في انه لايوجد طريق صحيحة تقوم بها الحجة ارجو ان تعقل قليلاً

ابن شهاب الدين
2011-07-30, 12:15 PM
ومن ذكرتهم انهم يقولون بذلك القول وبعتمدونه فهم على طبقات
1 - التابعون وباتفاق اهل الحديث ليس لكلامهم اي حجة يعتبر بها
2- اصحاب المصنفات ولم يقبلوها بل فقط نقلوها
3 - المتاخرون ولا يعتد بمخالفتهم

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 07:14 PM
أشكر الإدارة على حسن تصرفها .. وحيادها العادل بين المشاركين في هذا المقال ..
وعن نفسي : فلن أكتب ما يشين أخلاقي ، وعفا الله عما سلف ، وسأجتهد في أن أعرض الموضوع من الناحية العلمية دون تحيز إلى فلان أو فلان ...
وسأتابع ذكر الروايات وتخريجها .. باذن الله تعالى .. وأشكر من راسلني من بعض الأخوة وحثني على الصبر .. شكر الله لكم وزادكم حرصا .
وأنادي همة كل طالب علم أن يعلق على ما يكتب هنا شريطة أن يتأدب بأدب الحوار ، وأن يعلم أن هذا نقاش علمي وفي ملتقىً علميا له وزنه وقدره وشرفه ..
وأقول هنا اختصارا كي نسير على درب المناقشة بهدوء :
أن هذه القصة ردها أقوام وقبلها ونافح عنها آخرون ، فلا التحيز لفئة منهما يشين الآخرى أو يقلل من قيمة جهودهم ورحم الله الجميع .
وأتابع الفصول ... وأرجوا أن يصبر القاريء حتى يرى نتيجة البحث ..
سدد الله خطاكم ...

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 07:18 PM
8- وعن محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهرى [ت 125 هـ]
أبو بكر المدنى الفقيه الحافظ أحد الأعلام المدونين للسنة والمتفق على جلالته وإتقانه ..
رواه عنه الحافظ أبونعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة )14/68( فقال :
حدثنا فاروق الخطابي، ثنا زياد بن الخليل ثنا إبراهيم بن المنذر، ثنا محمد بن فليح، ثنا موسى بن عقبة ،عن ابن شهاب ،قال في روايته : خرجوا[ أي مهاجري الحبشة ] وأميرهم عثمان بن مظعون، فمكث هو وأصحابه بأرض الحبشة حتى أنزلت سورة والنجم، فألقى الشيطان لما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذكر الآلهة من سجعه وفتنته في قلب المشركين بمكة، وتباشرو ابها، وسجدوا، ولم يكن المسلمون سمعوا إلقاء الشيطان في أسماع المشركين، ففشت تلك الكلمة حتى بلغت أرض الحبشة، ومر بها عثمان بن مظعون وأصحابه وبلغهم سجود الوليد بن المغيرة على التراب على كفيه وحدثوا أن المسلمين قد أمنوا بمكة، فأقبلوا سراعا، وقد نسخ الله ما ألقى الشيطان، وأحكم الله آياته، وحفظه الله من الفرية والباطل، فانقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم للمسلمين ... ثم ذكر قصة جوار عثمان بن مظعون عند الوليد بن المغيرة ..
وأخرجه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور)6/66( وتفسير ابن كثير (5/442) فقال :
حدثنا موسى بن أبي موسى الكوفي ، حدثنا محمد بن إسحاق المُسَيَّبِي ، حدثنا محمد بن فُلَيْح ، عن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، به .
ومحمد بن فليح بن سليمان الأسلمى المدني [ت197هـ] روى له البخارى ، والنسائى ، وابن ماجة ووثقه ابن حبان والداراقطني وقال ابن حجر : صدوق يهم ، وقال الذهبي : لينه ابن معين ، وصدر ترجمته في ( من تكلم فيه وهو موثق ) بقوله : مدني ثقة ، ونقل في تاريخ الإسلام قول العُقَيْليّ: لا يُتَابع عَلَى بعض حديثه ، فقال الذهبي معقبا : كثير مِن الثَّقات قد تفردوا ، فيصحّ أن يقال فيهم : لا يُتابَعُون عَلَى بعض حديثهم .
ورواه االبيهقي في الدلائل)2/175( عن موسى بن عقبة من قوله كما سيأتي.
9- وعن أبي صالح باذام مولى أم هانىء بنت أبي طالب [ت 111-120هـ]
أخرجه عبد بن حميد من قوله كما في الدر المنثور)6/65( من طريق السدي عنه قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال المشركون : إن ذكر آلهتنا بخير ذكرنا آلهته بخير، فألقى الشيطان في أمنيته ( أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ) ، [ إنهن لفي الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ] .قال : فأنزل الله( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن ْقَبْلِك َمِن ْرَسُول ٍوَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) فقال ابن عباس : إن أمنيته أن يسلم قومه .
وأبو صالح ضعيف في نفسه ، وهذا وإن ظهر أنه من قوله فآخره يرويه عن ابن عباس ..
وأخرجه ابن أبي حاتم عن السدي وحده كما سيأتي وهو إسماعيل بن عبدالرحمن مختلف فيه وحديثه حسن في التفسير .
10 - وعن الضحاك بن مزاحم الهلالى [ ت 105 هـ]
رواه ابن جرير (18/666(فقال : حُدثت عن الحسين ،قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي )... الآية ; أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، أنزل الله عليه في آلهة العرب ، فجعل يتلو اللات والعزّى ويكثر ترديدها. فسمع أهل مكة نبي ّالله يذكر آلهتهم ففرحوا بذلك ، ودنوا يستمعون ، فألقى الشيطان في تلاوة النبيّ صلى الله عليه وسلم[ تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى ] فقرأها النبيّ صلى الله عليه وسلم كذلك ، فأنزل الله عليه ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن ْقَبْلِك َمِنْ رَسُول ٍوَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) إِلَى) وَاللَّه ُعَلِيمٌ حَكِيمٌ ).
وقال ابن جرير (18/668( : حُدثت عن الحسين ،قال : سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد ،قال سمعت الضحاك يقول في قوله ( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَايُلْقِي الشَّيْطَانُ ) :
نسخ جبريل بأمر الله ماألقى الشيطان على لسان النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحكم الله آياته .
وسنده ضعيف جدا ، لجهالة شيخ الطبري أولا ، والحسين هذا هو ابن الفرج الحافظ وقد ضعفوه ، وعبيد الراوي عن الضحاك هو ابن سليمان الباهلي وثقه ابن حبان وضعفه ابن معين في ترجمة الضحاك عند ابن أبي عدي في الكامل وقال ابن حجر لا بأس به.

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 07:32 PM
11–وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب بن الحارث القرشى المخزومى المدنى
من أوساط التابعيين وكان من وجوه قريش، وقد وثقه أبوزرعة ويعقوب بن سفيان والدارقطنى وابن حبان ..
أخرجه عنه ابن سعد في الطبقات الكبرى (1/205( فقال : أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني كثير ابن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه كفا ًعنه فجلس خاليا فتمنى فقال : ليته لا ينزل علي شيء ينفرهم عني ، وقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه ودنا منهم ودنوا منه فجلس يوما مجلسا ًفي نادٍ من تلك الأندية حول الكعبة فقرأ عليهم ( والنجم إذا هوى) حتى إذا بلغ ( أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ) ..
ألقى الشيطان كلمتين على لسانه [ تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ] ..
فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما ثم مضى فقرأ السورة كلها وسجد وسجد القوم جميعا... ثم ذكر رجوع جبريل اليه وحزنه على ذلك ونزول الآية ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّإ ِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) إِلَى) وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .
وانظره في تخريج الزيلعي لتفسير الزمخشري (2/394) وهو من رواية الواقدي وشيخه كثير بن زيد صدوق فيه لين فالرواية ساقطة بهما معا.
12- وعن مجاهد بن جبر المكى أبو الحجاج القرشى [ت 101-104 هـ]
الثقة الحجة ، تلميذ ابن عباس ، إمام في القراءة والتفسير ..
قال السيوطي في الدر المنثور)6/69( : وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ النجم فألقى الشيطان على فيه ... أحكم آياته ..
كذا في الدر المنثور ، والظاهر أن الرواية ناقصة أو فيها سقط ، ولا نعلم سنده كيف هو.
وقال القرطبي في تفسيره (12/85) : وقد روى في هذه القصة أنه كان مما يقرأ :
أفرأيتم اللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى ، والغرانقة العلا ، وأن شفاعتهن لترتجي . روى معناه عن مجاهد . اهـ


13-وعن عكرمة القرشى الهاشمى ، أبو عبد الله المدنى مولى ابن عباس [ت104هـ]
ذكرها السيوطي في الدر المنثور)6/69(فقال : وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم( أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى تلك اذا قسمة ضيزى( فألقى الشيطان على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم [ تلك إذن في الغرانيق العلى تلك إذن شفاعة ترتجى] ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم وجزع ! فأوحى الله إليه) وكم من ملك في السموات لاتغني شفاعتهم شيئا (ثم أوحى اليه ففرج عنه ( وَمَاأَرْسَلْنَ ا مِن ْقَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) إلى قوله) وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ). ولا نعلم سنده عند ابن مردويه.
وله رواية موصولة ذكرناها أعلاه رواها ابن مردويه أيضا كما في الفتح لابن حجر (10/171) وتخريج الزيلعي لتفسير الزمخشري (2/394) والسيوطي في الدر المنثور)6/66( من طريق الهذلي وتابعه أيوب كلاهما عن عكرمة عن ابن عباس ، ورواه البخاري من طريق طهمان وعبد الوارث ثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس فذكر قصة السجود بدون ذكر قصة الغرانيق .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 07:42 PM
14- وعن السدي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ [ت 121 - 130 ه]
الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّدِّيُّ الْكَبِيرُ الْحِجَازِيُّ، ثُمَّ الْكُوفِيُّ الأَعْوَرُ الْمُفَسِّرُ، مَوْلَى قُرَيْشٍ.
كما في الدر المنثور)6/69( للسيوطي قال : وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد ليصلي فبينما هو يقرأ إذ قال ( أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) فألقى الشيطان على لسانه فقال [ تلك الغرانقة العلى وإن شفاعتهن ترتجى حتى اذا بلغ آخر السورة سجد وسجد أصحابه وسجد المشركون لذكره آلهتهم فلما رفع رأسه حملوه فاشتدوا به بين قطري مكة يقولون : نبي بني عبد مناف حتى اذا جاءه جبريل عرض عليه فقرأ ذينك الحرفين فقال جبريل معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا ! فاشتد عليه فأنزل الله يطيب نفسه( وماأرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) . الآية ولا نعلم سند ابن أبي حاتم إلى السدي .
15- وعن مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدى الخراسانى[ت 150 هـ]
أبوالحسن البلخى، صاحب التفسير من الطبقة السابعة من كبار أتباع التابعين ..
جاء في تفسيره المطبوع (2/405) على قوله تعالى : ( وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تمنى ) يعنى إذا حدث نفسه ( أَلْقَى الشيطان في أُمْنِيَّتِهِ ) يعنى فى حديثه مثل قوله : ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الكتاب إِلاَّ أَمَانِيَّ ) [البقرة-178] يقول : إلا ما يحدثوا عنها ، يعنى التوراة وذلك « أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى الصلاة عند مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم فنعس ، فقال : [ أفرأيتم اللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى ، تلك الغرانيق العلى ، عندها الشفاعة ترتجى ] فلما سمع كفار مكة أن لآلهتهم شفاعة فرحوا ، ثم رجع النبى صلى الله عليه وسلم فقال : ( أَفَرَأَيْتُمُ اللات والعزى وَمَنَاةَ الثالثة الأخرى أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى ) فذلك قوله سبحانه ( فَيَنسَخُ الله مَا يُلْقِي الشيطان ) على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ( ثُمَّ يُحْكِمُ الله آيَاتِهِ ) من الباطل الذى يلقى الشيطان على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ( والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .
وقال في تفسير الزمر (3/172) :
( وَإِذَا ذُكِرَ الله وَحْدَهُ اشمأزت ) يعنى انقبضت ، ويقال : نفرت عن التوحيد ( قُلُوبُ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة ) يعنى لا يصدقون بالعبث الذى فيه جزاء الأعمال ، يعنى كفار مكة ( وَإِذَا ذُكِرَ الذين ) عبدوا ( مِن دُونِهِ ) من الآلهة ( إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) بذكرها وهذا يوم قرأ النبى صلى الله عليه وسلم سورة النجم بمكة ، فقرأ : ( اللات والعزى وَمَنَاةَ الثالثة الأخرى ) تلك الغرانيق العلى ، عندها شفاعة ترتجى ، ففرح كفار مكة حين سمعوا أن لها شفاعة . اهـ
وهو على ضعفه وترك الناس له فقد نقل الجوزجاني عن الشافعى أنه قال : الناس كلهم عيال على ثلاثة : على مقاتل فى التفسير .. الخ
وعن الربيع بن سليمان، قال : سمعت الشافعى يقول : من أراد التفسير فعليه بمقاتل بن سليمان .وقال نعيم بن حماد : رأيت عند سفيان بن عيينة كتابا لمقاتل بن سليمان، فقلت : يا أبا محمد تروى لمقاتل فى التفسير؟ قال : لا، ولكن أستدل به وأستعين . وهو كما قال عبدالله بن المبارك : ياله من علم لو كان له إسناد . اهـ من تهذيب الكمال للمزي .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 07:50 PM
16- وعن محمد بن اسحاق بن يسار المدنى ، القرشى المطلبى مولاهم [ت150هـ]
إمام السير والمغازي ، ومصنف ( كتاب المبتدأ والمبعث والمغازي ) ..
وقد جاء من قوله كما في ( ص 157 فقرة 219 ) من سيرة ابن اسحاق الأصل :
فأقاموا حتى بلغهم أن أهل مكة قد أسلمو اوسجدوا وذلك أن سورة النجم أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنصت إليها كل مسلم ومشرك حتى انتهى إلى قوله : ) أفرأيتم اللات والعزى(فأصاخوا له والمؤمنون يتصدقون وارتد ناس حين سمعوا سجع الشيطان فقال : والله لنعبدهن ليقربونا إلى الله زلفا وعلم الشيطان تينك الآيتين كل مشرك وذلت بها ألسنتهم وكبر ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتاه جبريل عليه السلام فشكى إليه هاتين الآيتين ومالقي من الناس فيهما فتبرأ جبريل عليه السلام منهم اوقال : لقد تلوت على الناس مالم آتك به عن الله عز وجل وقلت ما لم يقل لك..
فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا وخاف فأنزل الله عز وجل يعزيه له :
( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن ْقَبْلِك َمِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) إلى قوله ) وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ).
وواضح أنها مختصرة ، إلا أنها ترمي لنفس القصة ، أو جرى عليها سقط .
وقال ابن حجر في الفتح (10/171( :
وذكره ابن إسحاق في السيرة مطولا وأسندها عن محمد بن كعب .
ورواه من طريقه الإمام البيهقي فيما صرح به في دلائل النبوة كما سيأتي النقل عنه.

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 08:02 PM
17- وعن موسى بن عقبة بن أبى عياش القرشى الأسدى [ت 141 هـ]
أبو محمد المدنى ، أحد كبار أئمة المغازي ..
رواه عنه البيهقي في الدلائل فقال : أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، ببغداد قال : أنبأنا أبو بكر بن عتاب قال : حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة ، قال في حديثه : ثم رجع الذين خرجوا المرة الأولى قبل خروج جعفر وأصحابه حين أنزل الله عزوجل عليه سورة النجم، وكان المشركون يقولون : لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه، ولكنه لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل ما يذكر به آلهتنا من الشتم والشر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتد عليه ماناله هو وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم وأحزنته ضلالتهم وكان يتمنى هداهم، فلما أنزل الله عز وجل سورة النجم قال ) أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى )ألقى الشيطان عندها كلمات حين ذكر الله عز وجل آخر الطواغيت فقال [ وإنهن الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى ]وكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته، فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك بمكة، وزلت بها ألسنتهم وتباشروا بها، وقالوا : إن محمدا قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر النجم سجد، وسجد كل من حضر من مسلم أو مشرك، غير أن الوليد بن المغيرة وكان شيخا كبيرا رفع ملء كفيه ترابا فسجد عليه، فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم في السجود بسجود رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأما المسلمون فعجبوا لسجود المشركين معهم على غير إيمان ولا يقين، ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقى الشيطان على ألسنة المشركين، وأما المشركون فاطمأنت أنفسهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما ألقي في أمنية النبي صلى الله عليه وسلم وحدثهم الشيطان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرأها في السجدة، فسجدوا لتعظيم آلهتهم، وفشت تلك الكلمة في الناس، وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة، ومر بها من المسلمين عثمان بن مظعون وأصحابه، وحدثوا أن أهل مكة قد أسلموا كلهم وصلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغهم سجود الوليد بن المغيرة على التراب على كفيه، وحدثوا أن المسلمين قد آمنوا بمكة، فأقبلوا سراعا وقد نسخ الله عز وجل ما ألقى الشيطان وأحكم الله آياته وحفظها من الباطل، فقال الله عز وجل )وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته، فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته، والله عليم حكيم، ليجعل مايلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم، وإن الظالمين لفي شقاق بعيد ) فلما بين الله عز وجل قضاءه وبرأه من سجع الشيطان، انقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم على المسلمين واشتدوا عليهم .
رواه البيهقي في دلائل النبوة(2/175)وسنده جيد إلى موسى بن عقبة ، فاسماعيل ابن أخي موسى ثقة ، وابن أبي أويس ابن أخت الامام مالك وثقه ابن حبان وروى له الشيخان وضعفه النسائي وغيره فهو صدوق ، والقاسم بن عبد الله بن المغيرة ثقة صاحب حديث وأبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي وثقه الخطيب ، وأبو الحسين القطّان ثقة مشهور . وهذا السند لا يحكم بالخطأ على محمد بن فليح في وصله إلى ابن شهاب ، فلعلها رواية أخرى عن موسى عن الزهري ، والله أعلم .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 08:19 PM
الفصل الثالث



بيان مضمون هذه الروايات وبعض مفرداتها.

فأولا : مضمون هذه الروايات
فبالتتبع لما جمعناه منها أعلاه يتبين لنا من روايات هذه القصة أمور عدة ، بغض النظر عن الصحة والضعف ، إذ إننا هنا نستصحب الروايات الضعيفة لفهم القصة ولتفسير بعض مفرداتها ، فإذا خالفت الروايات الصحيحة فيسقط الاعتماد عليها في هذا الباب جملة وتفصيلا .
1- جميع هذه الروايات يثبت نزول سورة النجم قبل هذه الحادثة أو معها ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها جهرة على قومه .
2- تقول روايات العوفي والسدي ومقاتل أنه قرأها في الصلاة ، وتقول روايات محمد بن أنس بن فضالة والمطلب بن عبد الله بن حنطب ومحمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس أن القصة جرت في ناد من أندية قريش حول الكعبة ، ولم ينفوا أنها في غير صلاة فالجمع يسير .
3- تقول رواية أبوبكر بن عبد الرحمن بن الحارث أنه قرأها ساهيا وقال مقاتل بن سليمان في روايته أنه قرأها ناعسا . والسهو مطابق للحالة أما النعاس فشذ به مقاتل .
4- وفي رواية محمد بن أنس بن فضالة ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب ومحمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس والزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم تمنى هدى قومه وأن لا يأتيه من الله شيء فينفروا عنه ، وهذا القدر لا ينفي تفسير التمني بالتلاوة .
5- وجاء في رواية ابن عباس من طريق عطية العوفي ورواية عروة بن الزبير ، والزهري ، وموسى بن عقبة ، أن الشيطان هو الذي تكلم بها وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتلفظ بها .
بينما عند الجمهور كرواية ابن عباس من طريقي أبي بشر وعثمان بن الأسود ومن رواية أبي صالح عنه ، وفي رواية محمد بن أنس بن فضالة ، ورواية سعيد بن جبير ، ورواية أبي العالية ورواية المطلب بن عبد الله بن حنطب ورواية محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس وكذلك الضحاك بن مزاحم وعكرمة مولى ابن عباس والسدي ومقاتل بن سليمان : أن هذه الكلمة جاءت على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكلم بها سهوا .
6- وجاء في رواية عروة بن الزبير والزهري وموسى بن عقبة : ( ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقى الشيطان على ألسنة المشركين ) ... ( وحدثهم الشيطان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرأها ).
7- وفي رواية عروة : فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم شق عليه وقال : أطعت الشيطان وتكلمت بكلامه وشركني في أمر الله فنسخ الله عز وجل ما ألقى الشيطان وأنزل عليه ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن ْقَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ) الآية..
وفي رواية محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس قالا حزن ا لنبي ونزل ( وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ) إلى قوله ( ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ).
8- قصة اعتراض جبريل على هذه الجملة جاءت في رواية ابن عباس من طريق عثمان بن الأسود ومن رواية العوفي وأبو صالح عنه ، وفي رواية محمد بن أنس بن فضالة ، وفي رواية سعيد بن جبير من طريق عثمان بن الأسود ، ورواية عروة والمطلب بن عبد الله بن حنطب ومحمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس والسدي كلهم ذكروا قصة اعتراض جبريل.
9- وجمهور من روى القصة ذكر في أعقابها نزول قوله تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ونسخ الله بها ما ألقى الشيطان وحفظ وحيه من الفرية والباطل .
10- والقصة كانت سببا في رجوع بعض مهاجري الحبشة كما جاء هذا في رواية عروة والزهري ومحمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس وموسى بن عقبة .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 08:27 PM
بيان الإختلاف في ألفاظ جملة الغرانيق المذكورة :
جاءت بلفظ [ تلك الغرانيق العلى وشفاعتهم ترتجى ] في رواية ابن عباس من طريق أبي بشر ..
وجاء بلفظ [ تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ]في رواية عثمان عن ابن جبير عن ابن عباس وعند ابن فضالة ، وفي مرسل سعيد بن جبير ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب .
وفي رواية العوفي عن ابن عباس [ إن تلك الغرانيق العلى ، منها الشفاعة ترتجى ]
وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس [ تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى ]
وفي مرسل أبي بكر بن الحارث اقتصر على [ إن شفاعتهن ترتجى ]
وفي مرسل أبي العالية [ تلك الغرانيق العلى، وشفاعتهن ترجى، مثلهن لا يُنسى ]
وفي رواية القرظي وابن قيس والسدي بلفظ [ تلك الغرانقة العلى، وإن شفاعتهنّ لترجى ]
وفي رواية عروة بن الزبير [وإنهن لمن الغرانيق العلى وإن شفاعتهم لترتجى]
وفي رواية أبي صالح باذام [ إنهن لفي الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ]
وفي رواية الضحاك [ تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى ]
وفي رواية عكرمة [ تلك إذن في الغرانيق العلى تلك إذن شفاعة ترتجى]
وفي رواية مقاتل : [ تلك الغرانيق العلى ، عندها الشفاعة ترتجى ]
وفي رواية موسى بن عقبة [وإنهن الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى ]
أما روايات : قتادة والزهري ومجاهد ، فقد أشاروا إليها بدون أن يحددوا تلك الجملة ..
وذكرها محمد بن إسحاق في السيرة المطبوعة على الأصل ، فقال : وارتد ناس حين سمعوا سجع الشيطان فقال [ والله لنعبدهن ليقربونا إلى الله زلفا ] ولعلها على لسان المشركين .
وهذا الإختلاف لا يضر كثيرا ولا يشوش على أصل القصة إذ كل الرواة تقريبا متفقون على أن هذا الإلقاء المذكور يحمل جملتين أساسيتين ، أولاهما وصف الغرانيق بالعلى ، والثانية رجاء الشفاعة منها ... وما زاد على ذلك بكلمات أو أحرف لا يغير المعنى كثيرا ، فلا يتخذ هذا الخلاف في اللفظ حجة على بطلان القصة .
ومن شواذ ألفاظ هذه الروايات عن باقيتها :
ما جاء في رواية عكرمة أن الله أوحى إلي رسوله بعد إلقاء الشيطان ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا ) من سورة النجم نفسها . ولم يذكر هذا غيره .
وفي رواية السدي : حتى اذا بلغ آخر السورة سجد وسجد أصحابه وسجد المشركون لذكره آلهتهم فلما رفع رأسه حملوه فاشتدوا به بين قطري مكة يقولون : نبي بني عبد مناف .
ولم يرو هذه الحادثة على أهميتها غيره من رواة القصة .
وفي رواية أبي العالية : أن النبي والمؤمنون والمشركون سجدوا بعد كلمة الشيطان وليس في آخر السورة ، وجمهور رواة القصة على أن الجميع سجدوا في آخر قراءة سورة النجم .
وفي روايته أيضا زاد على جملة [ تلك الغرانيق العلى، وشفاعتهن ترجى ] قوله بعد ذلك [ مثلهن لا يُنسى ] .
وما ذكره محمد بن إسحاق في السيرة المطبوعة على الأصل ، قوله : وارتد ناس حين سمعوا سجع الشيطان فقال[ والله لنعبدهن ليقربونا إلى الله زلفا ] ، فإنه لم يقل أحد هذا اللفظ غيره .
وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس قال : أتاه الشيطان في صورة جبريل . ولم أجد هذا الذي قاله عند أحد سوى ما ذكره الرازي أن في رواية عطاء عن ابن عباس : إن شيطاناً يقال له الأبيض أتاه على صورة جبريل عليه السلام وألقى عليه هذه الكلمة .
وهذا خلاف جميع من روى القصة من الرواة أعلاه . والله أعلم .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 08:35 PM
ثانيا : تفسير لفظة [ الغرانيق ]
الغرانيق :
قال جمهور أهل اللغة مجموعا من كلامهم : هي طير يعرف بالكركي [ كالإوز العراقي ] وهو أبيض الصدر ، أحمر المنقار ، أصفر العين . يقول الأقيشر ، يصف مجلس شراب :

كَأَنَّهُنَّ وأَيْدِي الشَّرْبِ مُعْمَلَةٌ ........ إِذَا تَلأْلأَْنَ فِي أَيْدِي الغَرَانِيقِ


بَنَاتُ ماءِ، تُرى بيضًا جَاجِئُها ... حُمْرًا مَنَاقِرُهَا، صُفْرَ الحَمَالِيقِ

والأقيشر هو أبو معرض المغيرة بن عبد الله بن معرض من بني أسد .
والأقيشر لقب غلب عليه لأنه كان أحمر الوجه أقيشر.
قال أبو الفرج الأصفهاني : وعمر الأقيشر عمراً طويلاً ، ولعله ولد في الجاهلية ونشأ في الإسلام .
وقال الزمخشري في أساس البلاغة (1/333) في مادة [غرنق ] : تقول : قلوب النساء مع الغرانيق ،وهي من الشيوخ في ذرى نيق ؛هم الشبّان النعم. يقال: هومن غرانيق القوم وغرانقتهم ،الواحد: غرنوق . وهو في عيشٍ غرانق . اهـ
وفي تاج العروس للزبيدي (1/6524) : الغِرْنَيْق بكسرِالغَيْنِ وفتح النّون- أورده الجوهَريّ وابنُ جِنّي-الشّابُّ الأبْيَضُ الناعِمُ الحسَنُ الشّعْرِ الجَميلُ . اهـ
وقد زعم الإمام محمد عبده فيما نقله ابن أبي شهبة في الاسرائيليات والموضوعات والساعاتي في الفتح الرباني : أن الأصنام لم تعرف في تاريخ العرب باسم الغرانيق وهذا من الأدلة على بطلان القصة !! والجواب : أنه توجد رواية لابن لكلبي في كتاب الأصنام له تبين أنهم كانوا يصفون آلهتهم بالغرانيق العلى .. كما ستأتي في الرد .
وقد جاء هذا اللفظ كصفة وصفت بها أصنامهم فيما ظنوه ثناءا فاستحسنوها ، وإلا فهذا الثناء كذب إذ محصلته من الشيطان ولا يرفع قدر الأصنام ولا يجملها في الحقيقة ..
والمراد بالغرانيق في هذه القصة قولان :
الأول : أنها الأصنام والأوثان التي يعبدونها كاللات والعزى ومناة .. وهو قول الجمهور.
الثاني : أن المراد بالغرانيق الملائكة .
ذكر القرطبي عن النحاس في الناسخ والمنسوخ (ص68) قوله :
( والغرانيق العلا ) يعنى الملائكة (فإن شفاعتهم ) يعود الضمير على الملائكة .
وقال الحسن : أراد بالغرانيق العلا الملائكة ،وبهذا فسر الكلبى الغرانقة أنها الملائكة .
وروي عن مجاهد والكلبي تفسير الغرانيق بالملائكة كما في الشفا للقاضي عياض (2/82).
ويرده اسم الإشارة ( تلك ) إشارة إلى الأصنام ، أو أنه قيل على سبيل الوصف والتشبيه .
ثالثا : معنى قول الرواة " إن الشيطان ألقى على لسان النبي صلى الله عليه وسلم "
جمهور من أوَّل القصة قال : أي ألقى على أسماعهم بصوت يشبه صوت لسانه، كما جاء به مصرحا في راوية عروة بن الزبير والزهري وموسى بن عقبة ..
فالمعنى على هذا هو : ألقى مع لسانه أو عن لسانه .. وارتضوا هذا التأويل خروجا من احتمال الثبوت وإلا فمن أول القصة رد ثبوتها ورفضها .
وهناك من الروايات من صرح بذلك ، غير أننا نلقي الضوء على هذه الجملة لاحتمال كبير أنها تتوافق ونص الآية ، وكذلك مع رواية من رواها بهذا المعنى .
قال السيوطي في الاتقان)1/477) : ( على ) حرف جر له معان .... ثانيها : للمصاحبة كـ ( مع ) نحو ( وآتى المال على حبه )أي مع حبه ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ) أي مع ظلمهم
وقال : (عن) حرف جر له معان ...رابعها : بمعنى على نحو) فإنما يبخل عن نفسه ( أي عليها.
كما أن حرف ( في ) في قوله ( في أمنيته ) بمعنى : عند، أي ألقى الشيطان في قلوب الكفار أو أسماعهم عند تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك كقوله عزوجل : ( ولبثت فينا ) أي عندنا .. وانظرالقرطبي .
وقال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح (4/126) :
ومعنى قوله وألقى الشيطان على لسانه أي ألقى الشيطان تلك الكلمات على منوال لسانه وحكاية صوته عليه السلام . اهـ
وإلى هذا جنح كثير ممن قبل القصة وصححها وكثير ممن ردها من باب التأويل .
وهو بنصه في بعض روايات القصة كما أسلفنا .
وبهذا تتوافق الصورتان، صورةالروايات المرسلة الصحيحة والصورة التي ارتضاها ابن العربي والقاضي عياض وابن الجوزي ومن تبعهم في تأويلهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينطق به ، وإنما جاء على لسان الشيطان ، والاتفاق مع ظاهرالآية الصريحة .
ومع ذلك يبين شيخ الإسلام على فرض صحة أن الشيطان هو الذي ألقاها على لسان النبي صلى الله عليه وسلم كما هو رأي جمهور السلف ، أنها ليس فيها ما ينكر إذ إنه ألقى ثم نسخه الله وأحكمه فلا شيء يصطدم مع العصمة طالما أن الأمر للفتنة والإبتلاء كما ذكر شيخ الإسلام فيما يأتي من نقل كلامه ، وقياسا على قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقصة إرادة حرق وجهه الشريف فيما حمله الشيطان من شعلة نار ، وأمثال ذلك ، كما سيأتي تقريره ، فالعبرة بما ينتهي عنده الأمر لا ببداياته .. والله الموفق .

عادل سليمان القطاوي
2011-07-30, 08:43 PM
الفصل الرابع
تحقيق روايات القصة صحة وضعفا

إن شاء الله تعالى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ابن شهاب الدين
2011-07-31, 08:01 AM
1 - قلت لك المراسيل التي ذكرتها لا تقوم مقام الاحتجاج باتفاق المحدثين
وكلها لاتحتمل الاعتضاد او ان تقوي بعضها لأنها مراسيل لصغار التابعين , والمرسل الذي يقبل التقوية هي مراسيل كبار التابعين كما اشترط ذلك الامام الشافعي في الرسالة وغيره من الحفاظ , وكل ماذكرته اثار ضعيفة وواهية
واتمنى ان تتامل جملة الحافظ ابن حجر ( مجموع الطرق تقتضي ان للحديث اصلاً ) لا انقلها موافقة له بل انقلها لفائدة فيها
فجملته هذه توحي بنسبة 100% ان كل طرق الحديث ضعيفة

2 - وعن قولك
وهذا الإختلاف لا يضر كثيرا ولا يشوش على أصل القصة
هداكم الله بل هذا اضطراب لا يحتمل التاويل , والكلام الذي ذكرته انت هو اكبر دليل على اضطراب القصة ,والاعتراف سيد الادلة
فقد اضطربت الروايات اضطرابا فاحشا؛ فقائل يقول: إنه كان في الصلاة،
وقائل يقول: قالها في نادي قومه ،
وثالث يقول: قالها وقد أصابته سنة،
ورابع يقول: بل حديث نفسه فَسَهَا.
ومن قائل: إن الشيطان قالها على لسانه، وإن النبي لما عرضها على جبريل قال: ما هكذا اقرأتك؟
وآخر يقول: بل أعلمهم الشيطان أن النبي قرأها كما رويت: تلك الغرانيق العلى على أنحاء مختلفة،
واخر يقول بل نسبها اليه رجل من الكفار ولم يقله ,
واخر يقول ..... وكل هذا الاضطراب مما يوهن الرواية، ويقلل الثقة بها , ويستحيل الجمع بين هذه الروايات أنى لك الجمع وذلك لايتماشى مع قواعد المحدثين

3 - وعن نقلك لتفسير الغرانيق اللغوي فهذا اكبر حجة عليك
لأن العرب اصلا لم يعرفوا وصف الهتهم التي اعتادوا تقديسها بهذا الوصف ولم ينقله احد لا في اشعارهم ولا دواوينهم ولا اخبارهم ان احداً وصف الهتهم بالغرانيق ,
وان كان معنى الغرانيق طيورا او الملائكة , فالعقل والبلاغة لايرضى ان يتصف الاله بهم ابداً فهذا وصف للاقل قدرة ولا يتماشى مع وصف للاله او المدح
4 - وانقل نقلاً مفيداً عن العلامة الالباني في مقدمة ( نصب المجانيق ) : قال : -
(( وأحسن ما قيل في ذلك: إن {تَمَنَّى} من "الأمنية" وهي التلاوة، كما قال الشاعر في عثمان رضي الله عنه حين قتل:
تمنى كتاب الله أول ليلة وآخرها لاقى حِمام المقادر
وعليه جمهور المفسرين والمحققين، وحكاه ابن كثير عن أكثر المفسرين، ب
ل عزاه ابن القيم إلى السلف قاطبة فقال في "إغاثة اللهفان1: 1/ 93":
"والسلف كلهم على أن المعنى إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته" وبيّنه القرطبي فقال في "تفسيره: 12/ 83": وقد قال سليمان بن حرب: إن {فِي} بمعنى: عند، أي ألقى الشيطان في قلوب الكفار عند تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم كقوله عز وجل: {وَلَبِثْتَ فِينَا} [الشعراء: 18]، أي عندنا، وهذا هو معنى ما حكاه ابن عطية عن أبيه عن علماء الشرق، وإليه أشار القاضي أبو بكر بن العربي.
قلت: وكلام أبي بكر سيأتي في محله إن شاء الله تعالى، وهذا الذي ذكرناه من المعنى في تفسير الآية، هو اختيار الإمام ابن جرير، حيث قال بعد ما رواه عن جماعة من السلف [17/ 121]: "وهذا القول أشبه بتأويل الكلام، بدلالة قوله تعالى: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} [الحج: 52] على ذلك،
لأن الآيات التي أخبر الله جل ثناؤه أنه يحكمها لا شك أنها آيات تنزيله، فمعلوم بذلك أن الذي ألقى فيه الشيطان، هو ما أخبر تعالى ذكره أنه نَسَخ ذلك منه وأبطله ثم أحكمه بنسخه
ذلك، فتأمل الكلام إذن: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تلا كتاب الله وقرأ أو حدّث وتكلم، ألقى الشيطان في كتاب الله الذي تلاه وقرأه، أو في حديثه الذي حدّث وتكلم، فينسخ الله ما يلقي الشيطان بقوله تعالى: فيُذْهِب الله ما يلقي الشيطان من ذلك، على لسان نبيه ويبطله.
هذا هو المعنى المراد من هذه الآية الكريمة، وهي كما ترى ليس فيها إلا أن الشيطان يلقي عند تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم ما يفتتن به الذين في قلوبهم مرض، ولكن أعداء الدين الذين قعدوا له في كل طريق، وترصدوا له عند كل مرصد، لا يرضيهم إلا أن يدسوا فيه ما ليس منه، ولم يقله رسوله، فذكروا ما ستراه في الروايات الآتية، مما لا يليق بمقام النبوة والرسالة )) أهـ

5 - وكما قلت لك القرآن الكريم يبطل هذه القصة
قال تعالى { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } سورة الحجر 42
قال الحافظ ابن كثير : ((وقوله: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } أي: الذين قدرت لهم الهداية، فلا سبيل لك عليهم، ولا وصول لك إليهم)) اهـ
وقول الله تعالى (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (النحل : 99 )
وقوله تعالى (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (الإسراء : 65 )
هذه الايات تدل على ان الله عزوجل يعصم عباده الصالحين من سيطرة الشيطان عليهم وطرقه الخبيثة اليهم
فإن اردت تصديق هذه القصة الباطلة فينبغي لك ان تخالف هذا الايات الكريمة

يتبع ان شاء الله

ابن شهاب الدين
2011-07-31, 09:39 AM
من قال من العلماء بأن القصة لا تصح

1 - الامام ابو بكر بن العربي
وقال : ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها , والقصة باطلة نقلاً وعقلاً

2 - القاضي عياض
وقال في الشفا (2/116) : إن هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل، وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون، والمولعون بكل غريب، المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم، ومن حكيت عنه هذا المقالة من المفسرين والتابعين، لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صحابي، وأكثر الطرق عنهم فيها ضعيفة واهية

3 - الامام موسى بن عقبة في مغازيه :
وقال إن المسلمين ما سمعوها، وإنما ألقى الشيطان ذلك في أسماع المشركين، فهل كان الشيطان يسر في آذان المشركين دون المؤمنين؟
ثم كيف يتفق هذا وما روي من أن النبي حزن حزنا شديدا، وأن جبريل قال له: ما جئتك بهذا.

4 - الامام البزار
وشك في وصل الحديث وذكر ان اشهر طرقه المسلسلة بالكذابين

5 - الإمام أبو منصور الماتريدي،
في كتاب "حصص الأتقياء" حيث قال: الصواب أن قوله: تلك الغرانيق العلى من جملة إيحاء الشياطين إلى أوليائه من الزنادقة، حتى يلقوا بين الضعفاء وأرقَّاء الدين؛ ليرتابوا في صحة الدين، والرسالة بريئة من مثل هذه الرواية.

6 - الامام محمد بن اسحاق بن خزيمة والذي انتهت اليه رياسة علم الحديث في زمانه
قال : من وضع الزنادقة

7 - الامام محمد بن اسحاق صاحب المغازي والسيرة
نقل عنه الفخر الرازي انه ممن ضعفوها ايضاَ وان كان نقلها ,
وقال ايضاً : من وضع الزنادقة

8 - الامام الحافظ ابن كثير
وبعض ان ذكر اسانيد القصة ارتضى كلام القاضي عياض وقال
"وقد تعرض القاضي عياض، رحمه الله، في كتاب "الشفا" لهذا، وأجاب بما حاصله "

9 - القاضي بكر بن العلاء المالكي
حيث قال: لقد بلي الناس ببعض أهل الأهواء والتفسير، وتعلق بذلك الملحدون مع ضعف نقلته، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده، واختلاف كلماته، فقائل يقول: إنه فى الصلاة، وآخر يقول : قالها في نادي قومه حين أنزلت عليه السورة، وآخر يقول: قالها وقد أصابته سنة، وآخر بقول: بل حدث نفسه فسها، وآخر يقول: إن الشيطان قالها على لسانه وإن النبي صلى الله عليه وسلم لما عرضها على جبريل قال: ما هكذا أقرأتك، وآخر يقول: بل أعلمهم الشيطان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأها فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال: "والله ما هكذا أنزلت" .
إلى غير ذلك من اختلاف الرواة.
ومن حكيت هذه الحكاية عنه من المفسرين والتابعين لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم فيها ضعيفة واهية.

10 - الامام القرطبي
وكان في صف ممن يرون عدم صحتها , وانظر تفسيره

11- الامام البيهقي
قال الالوسي في تفسيره (9/169) : وقد أنكر كثير من المحققين هذه القصة
فقال البيهقي : هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل

12 - الامام فخر الدين الرازي
وبعد ان عرض الخلاف بين الفريقين , ارتضى قول من قال بعد صحة الرواية واختار بطلانها في تفسيره (6/193)

13 - الامام الزيلعي
قال في تخريج الكشاف 2/391 : وقد اجاد القاضي عياض في تضعيفه

14 - الامام العيني
قال في عمدة القارى (7/145) : سلسلة ضعفاء

15 - الامام الشوكاني
وقال في فتح القدير (3/653) : لم يصح شيء من هذا ولا ثبت بوجه من الوجوه
وقال (3/656) : الروايات في هذا الباب إما مرسلة أو منقطعة لا تقوم الحجة بشيء منها

16- الامام الالوسي
انظر تفسيره (9/169) وقد تعقب على السيوطي والكوراني وابن حجر تصحيحهم للقصة

17 - الامام محمد عبده
ونقلت عنه ردوداً في ذلك الامر

18 - الشيخ محمد أبو شُهبة رحمه الله
وقد خصص في كتابه ( الاسرائيليات والموضوعات في التفسير ) باباً لاثبات بطلان قصة الغرانيق

19 - الامام ابن باز رحمه الله
قال في مجموع الفتاوى (8/301) : لم ارى فيها حديث صحيح

20 - الشيخ المحدث احمد شاكر رحمه الله
قال في عمدة التفسير (2/602) : ولم أرها مسندة من وجه صحيح , وتساءل : كيف يقع هذه مع العصمة ؟

21 - الشيخ المفسر الشنقيطي رحمه الله
وقال في دفع ايهام الاضطراب (225) : قصة الغرانيق لم تثبت , في رحلة الحج (125) : لم تثبت من طريق متصلة

22 - الشيخ العلامة الالباني رحمه الله , محدث الشام
وألف في ذلك رسالته : (نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق)

23 - الامام المفسر الشعراوي رحمه الله
قال في تفسيره (16:9875)
ثم أضافوا: والغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى. وكأن الشيطان أدخل في القرآن هذا الكلام، ثم نسخه الله بعد ذلك، وأحكم الله آياته.
لكن هذا القول يُشكِّك في قضية القرآن، وكيف نقول به بعد أن قال تعالى في القرآن:
{نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المنذرين} [الشعراء: 193 - 194] .
وقال: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 44 - 47] .
إذن: الحق سبحانه وتعالى حفظ قرآنه وكلامه من أمثال هذا العبث، وكيف نُدخِل في القرآن هذه الكفريات؟ وكيف تستقيم عبارتهم: والغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى مع قول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللات والعزى وَمَنَاةَ الثالثة الأخرى أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى} [النجم: 19 - 22] كيف ينسجم هذا وذاك؟ثم أضافوا: والغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى. وكأن الشيطان أدخل في القرآن هذا الكلام، ثم نسخه الله بعد ذلك، وأحكم الله آياته.
لكن هذا القول يُشكِّك في قضية القرآن، وكيف نقول به بعد أن قال تعالى في القرآن: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المنذرين} [الشعراء: 193 - 194] .
وقال: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 44 - 47] .
إذن: الحق سبحانه وتعالى حفظ قرآنه وكلامه من أمثال هذا العبث، وكيف نُدخِل في القرآن هذه الكفريات؟ وكيف تستقيم عبارتهم: والغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى مع قول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللات والعزى وَمَنَاةَ الثالثة الأخرى أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى} [النجم: 19 - 22] كيف ينسجم هذا وذاك؟
فهذا الفهم في تفسير الآية لا يستقيم، ولا يمكن للشيطان أنْ يُدخِل في القرآن ما ليس منه، لكن يحتمل تدخُّل الشيطان على وجه آخر: فحين يقرأ رسول الله القرآن، وفيه هداية للناس، وفيه مواعظ وأحكام ومعجزات، أتنتظر من عدو الله أنْ يُخلِي الجو للناس حتى يسمعوا هذا الكلام دون أنْ يُشوِّش عليهم، ويُبلبل أفكارهم، ويَحُول بينهم وبين سماعه؟
فإذا تمنّى الرسول يعني: قرأ ألقى الشيطان في أُمنيته، وسلَّط أتباعه من البشر يقولون في القرآن: سِحْر وشِعْر وإفْك وأساطير الأولين: فدَوْر الشيطان - إذن - لا أنْ يُدخِلَ في كلام الله ما ليس منه، فهذا أمر لا يقدر عليه ولا يُمكِّنه الله من كتابه أبداً، إنما يمكن أنْ يُلقِي في طريق القرآن وفَهْمه والتأثر به العقبات والعراقيل التي تصدُّ الناس عن فَهْمه والتأثر به، وتُفسِد القرآن في نظر مَنْ يريد أن يؤمن به.

وقد ذكرت من قبل رد الامام ابي بكر الجصاص لتلك القصة ايضاً
فهؤلاء جمع يسير من أهل العلم قاموا بتضعيف هذه الفصة وردها

ابن شهاب الدين
2011-07-31, 09:45 AM
نضيف ايضاً لهم
24 - الامام ابن الجوزي
انظر القصاص والمذكرين (1/86)

25 - الامام ابن طاهر الفتني
, وقد ذكرت لك سابقاً انه قال في تذكرة الموضوعات انها من الاحاديث التي اعترف صاحبها بوضعها

26 - الامام المحدث المعلمي
قال في الانوار الكاشفة : (1/271) : مسألة مقطوع ببطلانها شرعاً

27 - الامام المحدث مقبل بن هادي الوادعي
في كتابه ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر
, ونصح بالرجوع لرسالة الشيخ الالباني ( نصب المجانيق )

28 - علماء اللجنة الدائمة
فتوى رقم (1546) (4/312-315) وهي فتوى مطولة جمعوا فيها أقوالاً كثيرة وحكموا في النهاية بعد صحتها

29 - د.منقذ السقار
من هنا (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=88986)

30 - الشيخ المحدث ابو اسحاق الحويني
من هنا (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=audioinfo&audioid=106048)

31 - الشيخ المحدث حسن ابو الاشبال الازهري
من هنا (http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=info&scholar_id=102)

من هنا (http://islamqa.com/ar/ref/4135)

33 - الشيخ عثمان الخميس
من هنا (http://islamport.com/w/ftw/Web/2181/344.htm?zoom_highlight=%C7%E1% DB%D1%C7%E4%ED%DE)

ابن شهاب الدين
2011-07-31, 03:44 PM
تابع العلماء الذين يردون القصة

34 - ابو بكر الباقلاني
كما ضعف القصة وردها كما في كتابه الانتصار للقرآن 1/63

35 - الامام التفتازاني
كما في شرح المقاصد في علم الكلام له (2/197) وضعّف القصة

36 - الطاهر ابن عاشور
كما في التحرير والتنوير (13/709) وضعف القصة ولجأ لتأولها

37 - الامام ابن حزم الاندلسي الظاهري
وقال :( وأما الحديث الذي فيه فإنهن الغرانيق العلا فكذب بحت موضوع , لأنه لم يصح قط من طريق النقل , ولا معنى للاشتغال به , اذ وضع الكذب لا يعجز عنه احد ) الفصل في الملل (3/211)

38 - الحافظ المنذري
ونقل عنه ابن سيد الناس في عيون الاثر (1/141) تضعيفه للقصة من الاصل

39 - القاضي ابن عطية
كما في المحرر الوجير (4/129) وقال :( وهذا الحديث الذي فيه (هن الغرانقة ) وقع في كتب التفسير ونحوها ولم يدخله البخاري ولا مسلم ولا ذكره في علمي مصنف مشهور , بل يقتضي مذهب اهل الحديث أن الشيطان ألقى , ولا يعينون هذا السبب ولا غيره )

40 - الامام السهيلي
كما في الروض الآنف (2/154) وانكر القصة وردها

41 - الامام الطيبي
كما في شرح مشكاة المصابيح (3/4) وانكر القصة مطلقاً

42 - الامام ابو السعود العمادي
وضعف القصة في تفسيره (6/113)

43 - العلامة القاسمي
وقام بتضعيف القصة في محاسن التأويل (7/255)

44 - ابو حيان الاندلسي
كما في البحر المحيط (6/352) ورد القصة وانكرها

45 - الامام البيضاوي
وضعف القصة كما في تفسيره (4/134)

46 - الشيخ المحدث صفي الرحمن المباركفوري
وضعف القصة في تحفة الاحوزي (3/139)

ابن شهاب الدين
2011-07-31, 04:17 PM
[ التصديق بما جاء في قصة الغرانيق ، وأنه تفسير السلف على التحقيق ، ورد دعوى أنها من وضع الزناديق ]
رأيت هنا أن أجرد ذكر العلماء فقط وتركت ما نقلته عنهم من مصنفاتهم للرسالة المذكورة وقد انتهيت منها بفضل الله تعالى ...
الإمام أبي العالية [ت91-100هـ] (رحمه الله)
مراسيله ليست بحجة ولا تصلح للتقوية
الإمام أبي بكربن عبدالرحمن بن الحارث [ت91-100هـ] (رحمه الله)
مراسيله ليست بحجة ولا تصلح للتقوية
الإمام سعيدبن جبير[ت95هـ] (رحمه الله)
مراسيله ليست بحجة ولا تصلح للتقوية
الإمام مجاهد بن جبر [ت 104 هـ] (رحمه الله)
اسناد ضعيف اليه
الإمام عكرمةالقرشى [ت104هـ] (رحمه الله)
اسناد ضعيف اليه
الإمام قتادة بن دعامةالسدوسى[ت 117هـ] (رحمه الله)
مراسيله ليست بحجة ولا تصلح للتقوية
الإمام السدي الكبير [ت 121 - 130 ه] (رحمه الله)
أقواله ليست بحجة
الإمام الحافظ عبد الرزاق الصنعاني [ت 126 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الواقدي إمام المغازي [ت 130 هـ] (رحمه الله)
كذاب ولا يصلح للاحتجاج
إمام المغازى موسى بن عقبة [ت 141 هـ] (رحمهالله)
خطأ بل ماروي عنه أنه ضعف الرواية وردها
الإمام مقاتل بن سليمان[ت 150 هـ] (رحمه الله)
كذاب
إمام المغازى محمد ابن اسحاق [ت 150 هـ] (رحمه الله)
بل روي عنه انه ضعفها
إمام المغازي أبي معشر[ ت170هـ] (رحمهالله)
لا يحتج بالاخبار مالم يكن لها اسناد
الإمام يحيى بن سلام [ت 200هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام محمد بن سعد [ت 230 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام الحافظ عبد بن حميد [ت 249هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام ابن قتيبة الدينوري (ت276هـ) (رحمه الله)
نعم قبله واحتج به
إمام المفسرين ابن جريرالطبري [ ت 310 هـ ] (رحمه الله)
كان كثيراً ما يرجح وترجيحاته مخالفة لقواعد المحدثين
الإمام الزجاج [ت 311هـ] (رحمه الله)
لم يكن من أهل الحديث
الإمام الحافظ ابن أبي حاتم [ت 327 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام أبو جعفر ابن النّحّاس [ت 338 هـ] (رحمه الله)
لا بل كان يضعف القصة
الأزهري إمام اللغة [ت 370هـ] (رحمهالله)
ولم يكن امام اهل الحديث او امام اهل التفسير
الإمام السمرقندي [ت 375 هـ] (رحمهالله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام ا بن أبي زمنين [ت 399 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام ابن مردويه الحافظ [ت 410 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام هبة الله ابن سلامة [ت 410 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام ابن صمادح التجيبي [ت 419هـ](رحمه الله)
اختصر تفسير الطبري فكان ماذا ؟
الإمام الثعلبي [ت 427 هـ] (رحمه الله)
قيل عنه أنه حاطب ليل وكان يضع في تفسيره الصحيح والسقيم والموضوع
الإمام عبد القاهر البغدادي [ت 429 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام مكي بن أبي طالب [ت 437هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام ابن بطال القرطبي [ت 449 هـ] (رحمه الله)
نعم فعلاً صحح القصة
الإمام الماوردي [ت 450 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام البيهقي [ت458هـ] (رحمه الله)
بل ضعف القصة وليس معنى انه اوردها انه يحتج بها
الإمام الواحدي [ت 468هـ ] (رحمه الله)
كتابه بيت للموضوعات
إمام الحرمين أبو المعالي الجويني [ت 478 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام السمعاني [ت 489هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام الراغب الأصفهاني [ت 500 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الامام البغوي [ت516هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام أبو بكر المحاربيُّ الغرْناطيُّ [ت 518 هـ] (رحمه الله)
لاأعلم عنه شيئاً
الإمام الزمخشري [ت 538 هـ] (رحمه الله)
كتابه بيت للموضوعات
الإمام ابن عطية الأندلسي (ت541هـ) (رحمه الله)
بل ضعفها
الإمام السهيلي [ت 581 هـ] (رحمه الله)
بل ضعفها
الإمام ابن الجوزي [ت 597 هـ] (رحمه الله)
بل ضعفها
الإمامابن الأثير (ت 630هـ) (رحمه الله)
نعم قبلها
الإمام ا لحافظ سليمان بن موسى الكلاعي [ت 634هـ] (رحمه الله)
لاأعلم عنه شيئاً
الحافظ الضياء المقدسي [ت 643 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام عز الدين ابن عبد السلام [ت 660 هـ] (رحمه الله)
نعم قبلها
الإمام الحافظ الدمياطي [ت 705هـ] (رحمه الله)
لاأعلم عنه شيئاً
الإمام النسفي [ت 710هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
شيخ الإسلام ابن تيمية [ت728هـ] (رحمه الله)
نعم قبلها فعلاً لكنها لجأ لتاويلها
الإمام ابن سيد الناس [ت 734 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الإمام ابن جُزِّي الكلبي [ت 741 هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
شيخ الإسلام ابن القيم [ت751هـ] (رحمه الله)
نعم قبلها فعلاً لكنها لجأ لتاويلها
الإمام ابن السبكي [ ت771هـ](رحمه الله)
لاأعلم عنه شيئاً
الإمام الفيروزابادي [ ت817هـ] (رحمه الله
لم يكن رحمه الله من أهل الحديث)
الحافظ ابن حجر العسقلاني [ت 852 هـ] (رحمه الله)
نعم صححها
الإمام الجلال المحلي [ت864 هـ] ( رحمه الله )
نعم صححها
الإمام الإيجي [ت 905هـ] (رحمه الله)
لاأعلم عنه شيئاً
الإمام السيوطي [ت 911 هـ] (رحمه الله)
نعم صححها
الإمام ابن حجر الهيتمي [ت 974هـ ] (رحمه الله)
نعم احتج بها
الإمام علي القاري [ت1014هـ] (رحمه الله)
بل لجأ لتأويلها
الإمام عبد الرؤوف المناوي [ت 1031هـ] (رحمه الله)
أنكر عليه الالوسي
الإمام مرعي بن يوسف الكرمي [ت 1033هـ] (رحمه الله)
أنكر عليه الالوسي
الإمام نور الدين الحلبي [ت1044هـ] ( رحمه الله )
أنكر عليه الالوسي
الإمام الكوراني [ت1101هـ] (رحمه الله)
أنكر عليه الالوسي
شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب النجدي [1206هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الشيخ سليمان بن عبدالله حفيد شيخ الإسلام ابن عبد الوهاب [ت 1233هـ] (رحمه الله)
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ [ت1319 هـ] (رحمه الله
مافعله أنه اورده في مصنقه فأين تصحيحه له ؟ قال الشافعي : لاننسب قول لساكت
)العلامة محمد أنور شاه الكشميري الهندي [ت1352هـ] (رحمه الله)
لا اعلم عنه شيئا
العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي [ ت 1376 هـ] (رحمه الله)
لم يكن رحمه الله من أهل الحديث بل من اهل الفقه والتفسير
العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني [ت1386هـ] (رحمه الله)
بل قال عن القصة في الانوار الكاشفة : مسألة مقطوع ببطلانها شرعاً
الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين [ت1421هـ] (رحمه الله)
لم يقبلها بل لجأ لتأويلها

عادل سليمان القطاوي
2011-08-01, 12:11 AM
الأخ ابن شهاب الدين .. تقبل الله منا ومنكم ومن القراء الكرام ، الصيام والقيام بإذن الله تعالى .
وأرجوا أن يكون نقاشنا بعد ما جرى بأدب وحسن ظن ...
فالاتهام بالكفر والابتداع والضلالة لمجرد خلاف علمي أمر غاية في البهت ..
نسال الله أن ينزه ألسنتنا وظنوننا علن اتهام بعضنا بعضا ...
ولنبدأ نقاشنا على بركة الله بأدب وحلم ..
ولتترك لي الرد على مشاركتيك أعلاه .. ثم تعقب بما تراه بعد ذلك ..

وبداية أقول : أن مسألة قصة الغرانيق ، هناك من صححها مطلقا ، أو حسنها أو قبلها في الجملة مع تأويل ..
وإذا كان ذلك كذلك ، فلا يجرح بعضنا بعضا إذا اختار ما لم يرضاه الآخر ...
فإن احتججت بالأئمة أمثال ابن العربي والقاضي عياض والألوسي وأمثالهم .. فلا تنسى حجة ابن تيمية وابن القيم وابن حجر والسيوطي والدمياطي وهلم جرا ممن ذكرت وممن لم اذكرهم ...
فليس الترجيح قائم على ساق إلا إذا فتشنا المسألة مجموعة من كل جوانبها ...

وقد كنت عزمت أن أنسخ الفصل الرابع في تحقيق الروايات صحة وضعفا .. ولكنك أغلقت الباب ومهما طرقنا عليه فلن تفتحه ، وقد قيل : حبك للشيء يعمي ويصم ..
وأقول أن من ضعفها ليس بأولى ذكرا ممن صححها أو حسنها أو قبلها ..
وأجمل أكثر للبيان فأقول : الروايتين عن ابن عباس العلة فيهما تجبر بالروايات المرسلة الصحيحة التي صححها العلماء ومنهم الإمام الألباني رحمه الله تعالى ومن قبله ابن حجر والسيوطي ...

وبخصوص ما تفضلت به أعلاه في مشاركتيك الأخيرتين :
فأولا : موضوع المرسل والاعتضاد به مع غيره ..
فمن العلماء من قبل المرسل مطلقا ، ومنهم من قبله إن جاء من طريق آخر أو طرق تعضده . ومنهم من رده مطلقا كمذهب الألباني - رحمه الله تعالى - الذي يسقط الاستدلال بالحديث المرسل وإن تعددت طرقه ، كما في نصب المجانيق (ص 44 (له رحمه الله تعالى .
ولا شك أن الحديث المرسل ضعيف باتفاق العلماء المصنفين في أصول علم الحديث وخبراء المحدثين ..
ولكن (1) تعدد المراسيل (2) وتغاير مخارجها (3) وصحة السند إلى المرسل هي ما تحتاج إلى مزيد بحث وبيان .. إذ الأصل فيها بهذه الشروط القبول .
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم (1/30) :
قال جماعات من المحدثين أو أكثرهم لا يسمى مرسلا الا ما أخبر فيه التابعى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مذهب الشافعى والمحدثين أو جمهورهم وجماعة من الفقهاء أنه لا يحتج بالمرسل ومذهب مالك وأبى حنيفة وأحمد وأكثر الفقهاء أنه يحتج به ومذهب الشافعى أنه اذا انضم إلى المرسل ما يعضده احتج به وذلك بأن يروى أيضا مسندا أو مرسلا من جهة أخرى أو يعمل به بعض الصحابة أو أكثر العلماء . اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (13/348) :
المراسيل إذا تعددت طرقها وخلت عن المواطأة قصداً ، أو الاتفاق بغير قصد ، كانت صحيحة قطعاً ، فإذا كان الحديث جاء من جهتين أو جهات ، وقد علم أن المخبرين لم يتواطآ على اختلاقه ، وعلم أن مثل ذلك لا تقع الموافقة فيه اتفاقاً بلا قصد علم أنه صحيح .... وكذلك إذا حدث حديثا طويلا فيه فنون وحدث آخر بمثله فإنه إما أن يكون واطأه عليه أو أخذه منه أو يكون الحديث صدقا وبهذه الطريق يعلم صدق عامة ما تتعدد جهاته المختلفة على هذا الوجه من المنقولات وإن لم يكن أحدها كافيا إما لإرساله وإما لضعف ناقله لكن مثل هذا لا تضبط به الألفاظ والدقائق التي لا تعلم بهذه الطريق فلا يحتاج ذلك إلى طريق يثبت بها مثل تلك الألفاظ والدقائق .. وهذا الأصل ينبغي أن يعرف فإنه أصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي وما ينقل من أقوال الناس وأفعالهم وغير ذلك ..اهـ
وقال في الصفدية (1/287) :
والأئمة كانوا يروون ما في الباب من الأحاديث التي لم يُعلم أنها كذب من المرفوع والمسند والموقوف وآثار الصحابة والتابعين لأن ذلك يقوي بعضه بعضا كما تُذكر المسألة من أصول الدين ويذكر فيها مذاهب الأئمة والسلف، فثَمَّ أمور تُذكر للاعتماد، وأمور تذكر للاعتضاد، وأمور تُذكر لأنها لم يُعلَم أنها من نوع الفساد . اهـ
وقال السيوطي في لباب النقول في أسباب النزول :
قال الحاكم في علوم الحديث إذا أخبر الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا فإنه حديث مسند ومشى عليه ابن الصلاح وغيره .. ثم قال : ....تنبيهات : ماجعلناه من قبيل المسند من الصحابي إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضا لكنه مرسل فقد يقبل إذا صح السند إليه وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير أو اعتضد بمرسل ونحو ذلك... اهـ
وعلق الكوراني فيما نقله الألوسي في تفسيره (10/264) على هذا فقال : فعلى هذا يكون الخبر في القصة مسندا من الطريق المتصلة بابن عباس مرسلا مرفوعا من الطرق الثلاثة والزيادة فيه التي رواها الثقات عن ابن عباس في غير رواية البخاري ليست مخالفة لما في البخاري عنه فلا تكون شاذة فإطلاق الطعن فيه من حيث النقل ليس في محله. اهـ

وموضوع المراسيل النقاش فيه يطول .. وسنرجئه إلى حين .. غير أن اختيار الإمام الألباني أن المراسيل كلها لا تعتضد ببعضها ، اختيار له هو ، والجمهور على خلافه ، ومراسيلنا الصحيحة تشد عضد الرواية الضعيفة عن ابن عباس من طريقيها المذكورتان .
والخلاف في التخريج صحة وضعفا قد وجد منذ زمن الصحابة إلى عصرنا ، فلا تضيق واسعا لا سيما وأنت تعلم أن من كبار العلماء من صصح القصة ومنهم من أنكرها ..

يتبع .......

عادل سليمان القطاوي
2011-08-01, 12:20 AM
وهنا مسألة في غاية الأهمية ............
بخصوص روايات السير والمغازي والتفسير ومغايرتها عن الروايات الأخرى
فهذه مشكلة كثيرا ما يقع من إهمالها اختلاف عريض ، وهي خلط المصطلحات في الفنون العلمية ... فمن الخطأ البين أن نحاكم جميع روايات السير والمغازي والتفسير إلى كل دقائق علم مصطلح الحديث فنطبق عليه ما نطبقه على روايات الفقه والأحكام من السنة النبوية ...
يقول ابن سيد الناس في عيون الأثر (1/150(تعليقا على قصة الغرانيق :
بلغني عن الحافظ عبد العظيم المنذرى رحمه الله أنه كان يرد هذا الحديث من جهة الرواة بالكلية وكان شيخنا الحافظ عبد المؤمن الدمياطي يخالفه في ذلك ، والذى عندي في هذا الخبر أنه جار مجرى ما يذكر من أخبار هذا الباب من المغازى والسير ، والذى ذهب إليه كثير من أهل العلم الترخص في الرقائق وما لا حكم فيه من أخبار المغازى وما يجرى مجرى ذلك وأنه يقبل فيها ما لا يقبل في الحلال والحرام لعدم تعلق الأحكام بها ، وأما هذا الخبر فينبغي بهذا الاعتبار أن يرد إلى ما يتعلق به إلا أن يثبت بسند لا مطعن فيه بوجه ولا سبيل إلى ذلك فيرجع إلى تأويله. اهـ
وهذا هو المعنى المشهور من أن الأحكام يتشدد العلماء في روايتها وإسنادها ، ولا يتشددون في الفضائل والسير والمغازي والتفسير ..
قال الإمام ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/84) بعد ذكره لحديث ضعيف :
وأهل العلم بجماعتهم، يتساهلون في الفضائل فيروونها عن كلٍ، وإنما يتشددون في أحاديث الأحكام .اهـ
وقال الإمام الخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية ) ص 133( :
باب التشدد في أحاديث الأحكام والتجوز في فضائل الأعمال .. ثم قال : قد ورد عن غير واحد من السلف أنه لا يجوز حمل الأحاديث المتعلقة بالتحليل والتحريم الا عمن كان بريئا من التهمة بعيدا من الظنة وأما أحاديث الترغيب والمواعظ ونحو ذلك فإنه يجوز كتبها عن سائر المشايخ .اهـ
ثم روى بسنده عن سفيان الثوري قوله :
لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام الا من الرؤساء المشهورين بالعلم الذين يعرفون الزيادة والنقصان فلا بأس بما سوى ذلك من المشايخ . اهـ
وروى عن سفيان بن عيينة قوله : لا تسمعوا من بَقِّيَّةَ ما كان في سنة واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره . اهـ
وروى عن الإمام احمد بن حنبل قوله : إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد. اهـ
وروى عن الميموني قال سمعت أبا عبد الله يقول : أحاديث الرقاق يحتمل أن يتساهل فيها حتى يجيئ شيء فيه حكم . اهـ
وروى عن الثقة أبي زكريا يحيى بن محمد العنبري قوله :
الخبر إذا ورد لم يحرم حلال ولم يحل حراما ولم يوجب حكما وكان في ترغيب أو ترهيب أو تشديد أو ترخيص وجب الاغماض عنه والتساهل في رواته . اهـ
ونقل الحاكم في المدخل إلى كتاب الإكليل ( ص : 29) عن عبد الرحمن بن مهدي قوله:
إذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والأحكام شددنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال ، وإذا روينا في فضائل الأعمال والثواب والعقاب والمباحات والدعوات ، تساهلنا في الأسانيد . اهـ
وروى الخطيب في الجامع)2/194) عن يحيى بن سعيد القطان قوله :
تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لايوثقونهم في الحديث ثم ذكر ليث بن أبي سليم وجويبر بن سعيد والضحاك ومحمد بن السائب وقال : هؤلاء لا يحمد أمرهم ويكتب التفسير عنهم. اهـ
وقال البيهقي في المدخل إلى دلائل النبوة (3/34-37) : من لا يكون متهماً بالوضع ، غير أنه عرف بسوء الحفظ وكثرة الغلط في رواياته ، أو يكون مجهولاً لم يثبت من عدالته وشرائط قبول خبره ما يوجب القبول ، فهذا الضرب من الأحاديث لا يكون مستعملاً في الأحكام ، كما لا تكون شهادة من هذه صفته مقبولة عند الحكام ، وقد تستعمل في الدعوات والترغيب والترهيب والتفسير والمغازي فيما لا يتعلق به حكم .
وقال : وإنما تساهلوا في أخذ التفسير عنهم ؛ لأن ما فسروا به ألفاظه تشهد لهم به لغات العرب ، وإنما عملهم في ذلك الجمع والتقريب فقط . اهـ
فمثل هذه النصوص عن هؤلاء الأئمة الكبار ، تدل على أن الأحاديث التي تروى في غير الأحكام ، يتساهل فيها وفي رواتها وكذلك كتابتها عن الضعفاء ؛ وذلك لثبوت أصولها ، ولم تأت بحكم ليس في الأصل .
ومذهب العلماء أن الراوي قد يروي الصحيح وغيره ، وقد يؤخذ من الضعيف في باب من العلوم غير باب الأحكام ، لكن ابن حزم رد هذا المذهب في كتابه الإحكام (1/143) بما لا طائل تحته ، والصحيح خلافه وهو ما جاء عن هؤلاء الائمة .
وهذا المنقول في بعض الضعفاء المشهورين بالعلم والرواية وليس في شديدي الضعف أو الوضاعين والكذابين . فاعلم .
وضع هذا الكلام على مفاريد الرواة :
فقول سفيان الماضي : لا تسمعوا من بقية ما كان في سنة واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره .
وقال الإمام الإمام أحمد في العلل [ رواية المروزي ] عن رشدين بن سعد : ليس به بأس في أحاديث الرقاق .
وفي ضعفاه العقيلي قال عبد الملك بن عبد الحميد الميموني : سمعت أبا عبد الله يقول : رشدين ليس يُبالي عمن روى ، ولكنه رجل صالح , يوثقه هيثم بن خارجة , وكان في المجلس , فتبسم من ذلك أبو عبد الله , ثم قال أبو عبد الله : رشدين بن سعد ليس به بأس في أحاديث الرقاق.
وسئل عن النضر بن إسماعيل أبي المغيرة فقال : قد كتبنا عنه ، ليس هو بقوي ، يعتبر بحديثه ، ولكن ما كان من رقائق .
وفي تاريخ يحيى بن مَعين نقل أبو الفضل عباس بن محمد الدوري عن أحمد بن حنبل قال :
أما محمد بن إسحاق فهو رجل تكتب عنه هذه الأحاديث ، كأنه يعني المغازي ونحوها ، فأما إذا جاء الحلال والحرام أردنا قوماً هكذا , وقبض أبو الفضل أصابع يده الأربع من كل يد ولم يضم الإبهام . رواية الدوري (231 ) والبيهقي في دلائل النبوة (1/37) .
وأخرج الخطيب في تاريخ بغداد (1/230) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل وقد سئل عن محمد بن إسحاق ، فقال : كان أبي يتتبع حديثه ويكتبه كثيراً بالعلو والنزول ، ويخرجه في المسند ، وما رأيته اتقى حديثه قط قيل له : يحتج به ؟ قال : لم يكن يحتج به في السنن . اهـ
وفي التهذيب لابن حجر في ترجمةجويبر ذكر قول أبو طالب عن أحمد أنه قال فيه :
ما كان عن الضحاك فهو أيسر وما كان يسند عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو منكر . اهـ
وقال أحمد بن سيار المروزي : جويبر بن سعيد كان من أهل بلخ وهو صاحب الضحاك وله رواية ومعرفة بأيام الناس وحاله حسن في التفسير وهو لين في الرواية .
ومر معنا في البحث أعلاه قول الإمامأحمدفي أبي معشر: يكتب من حديث أبي معشر أحاديثه عن محمد بن كعب القرظي في التفسير .اهـ
وحال كبار الأئمة القراء كعاصم بن أبي النجود الكوفي وحفص بن سليمان الأسدي ونافع بن أبي نعيم المدني وقالون عيسى بن ميناء وحفص بن عمر الدوري معلومة الضعف في رواية الحديث مع إمامتهم في القراءة ..
وأمثال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ومقاتل بن سليمان وأبي صالح باذام واسماعيل بن عبد الرحمن السدي وعطية العوفي لهم تفاسير ومحلهم كبير فيه مع ضعفهم في الرواية ..
ومن المهام الضرورية لطالب العلم أن يفرق بين درايتهم في القرآن وروايتهم للسنة .. فدرايتهم بالقرآن عالية وهم مجودين فيه وتلقوا التفسير عن شيوخهم كما تلقى القراء القراءة ، أما في الرواية للحديث فهم ضعفاء في الغالب لأنه ليس فنهم .
فإذا ضعفنا مثلا عطية العوفي من جهة الرواية في الحديث ، فمن الخطأ أن نضعفه من جهة الدراية في القرآن .
وفي هذه الحالة ننظر في تفسيره من حيث صوابه من خطأه وليس من حيث صحته من ضعفه طالما أن السند إليه صحيح في الغالب أو فيه رواة ضعفاء ولكنهم مشهورين برواية التفسير عنه مثل السند المشهور الذي يرويه الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما حدثنا محمد بن سعد قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، عن أبيه ، عن جده ، وهو عطية العوفي .
وبالقياس على الكلبي والسدي ومقاتل وأمثالهم ، لا ننظر على أنه كذاب في الرواية ، وإنما ننظر في تفسيره واجتهاده فإن صح قبل وإلا رد .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، في شرح بلوغ المرام [ص: 22] :
ليث بن أبي سليم ضعيف بإتفاق الحفاظ عليهم رحمة الله ، وأحاديثه عن مجاهد تعتبر ضعيفة إلا في حديثه عن مجاهد عن عبد الله بن عباس في التفسير ، فإنها قد تمشى لأنها من كتاب ، كما ذكر ذلك ابن حبان عليه رحمة الله ، فإنها يرويها من حديث ليث بن أبي سُليم ويرويها ليث عن القاسم بن أبي بزة عن مجاهد بن جبر عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه ، وبقية أحاديث ليث بن أبي سُليم عن مجاهد بن جبر وعن غيره تعد ضعيفة عند أهل العلم . اهـ
ومن نتائج تطبيق علم الجرح والتعديل على رواة التفسير والسير والمغازي أنك لن تجد في التفسير والسيرة إلا العشر أو أقل ، لو اطرحنا روايات أهل التفسير ، وروايات أهل السير.
ومن باب أولى تطبيق هذا العلم على رواة اللغة في بيان معاني القرآن والسنة وهما الشرع والدين ، ولو بحثنا في سند الرواة لألفاظ العربية لما وجدنا إلا : قال أعرابي ، وحكي أن ، وقال فلان ...
ولن تجد سندا نحكم به عليه .
ونحن لا ندعوا إلى تنحية علم الجرح والتعديل بالكلية عن التفسير والسيرة .. وإنما نريد أن نبين أن الراوي الضعيف في نقل الحديث إن كان إماما في التفسير والسيرة لا تهدر روايته ..
بل تحفظ له مكانته واعتباره في هذا الباب ما لم تأت بما يخالف .
وإذا طبقنا هذا الكلام الذي مر ذكره هاهنا على روايات هذه القصة ،،، فماذا سنجد ؟
سنجد أن هذه القصة وضعها الطبيعي في مكانين لا ثالث لهما ، هما التفسير والسيرة النبوية ..
ومن أقحمها في العقيدة ظانا أن هذه القصة تخالف العصمة فقد ذهب به حرصه على الدين إلى حد رد تفسير السلف والتابعين وهم نقلة الدين والشريعة .
فإذا جاءت القصة من رواية عروة بن الزبير وأبو معشر وموسى بن عقبة والواقدي وابن إسحاق وأمثالهم فهم أئمة السير والمغازي ، وإذا جاءت القصة عن سعيد بن جبير وقتادة وأبو صالح ومقاتل والسدي وأمثالهم فهم أئمة التفسير . والله أعلم


يتبع بإذن الله تعالى

عادل سليمان القطاوي
2011-08-01, 12:31 AM
وثانيا : بالنسبة للإضطراب .. فلو رفعت الروايات المرسلة الضعيفة واكتفيت بالصحيحة لهان الأمر ..
وأرجوا قراءة المشاركيتن 36 و 37 لبيان ألفاظ الروايات وحجم الاختلاف بينها ، وهل يحق أن توصف بالاضراب أم لا ...

يتبع بإذن الله تعالى

عادل سليمان القطاوي
2011-08-01, 12:37 AM
أما ثالثا : وقولك فيه : أن العرب لم تطلق الغرانيق على آلهتها ... الخ بمعناه .
فنحن أمامنا روايات ، والكلام بهذا الحصر غير جيد .. وأراك اتبعت الشيخ محمد عبده ها هنا ..
وها هو ردي عليه :


(6) الرد على الشيخ محمد عبده المصري شيخ الأزهر
وقد رد المعلمي اليماني في الأنوارالكاشفة( 266( على الشيخ محمد عبده في موضوع العصمة في مسألة سحر النبي صلى الله عليه وسلم والذي أنكر حديثه محمد عبده بشدة ..
وقد تكلمنا أعلاه بما لا مزيد عليه في بيان أحوال العصمة وما قيل حولها ..
وقد دندن حولها الشيخ محمد عبده وتعرض إلى أمور أخر ليس فيها جديد ..
وقد تهكم بأهل الأثر كعادته ووصفهم بـ " عشاق الروايات وعبدة النقل " واتهمهم بالغفلة عندما قال " فقيض لهم من يروي أحاديث في ذلك " وقال عن القصة " من وضع الزنادقة ومفتريات الأعاجم " ويقول في المنقول عن ابن عباس لتفسيره التمني " وهي أصل هذه الفتنة " !!
ثم إنه تعرض آخراً لمسألة في لفظة الغرانيق ، وقال أن العرب لم تطلق هذا الإسم على الأصنام ، وعليه فالقصة باطلة ..
فمما قاله الشيخ محمد عبده - رحمه الله - فيما نقله بحروفه الشيخ أحمد عبد الرحمن الساعاتي في نيل الأماني شرح الفتح الرباني (4/170-180) :
وصف العرب لآلهتهم بأنها الغرانيق العلا لم يرد في نظمهم ولا خطبهم ولم ينقل عن أحد أن ذلك الوصف كان جاريا على ألسنتهم إلا ما جاء في معجم ياقوت غير مسند ولا معروف بطريق صحيح ، وهذا يدل على أن القصة من اختراع الزنادقة كما قال ابن اسحاق وربما كانت منشأ ما قال ياقوت ،... فلا أظنك تعتقد إلا أنها من مفتريات الأعاجم ومختلقات الملبسين ممن لا يميز بين حر الكلام وما استعبد منه لضعفاء الأحلام فراج ذلك على من يذهب الولوع بالرواية عما تقتضيه الدراية . اهـ


ويقال أولا : قول ياقوت الحموي [ت 626هـ ] فيمعجمالبلدان(4/116( :
وكانت قريش تطوف بالكعبة وتقول واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فإنهن الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى وكانوا يقولون بنات الله عزوجل وهن يشفعن إليه فلما بعث رسوله صلى الله عليه وسلم أنزل عليه( أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) وكانت قريش قد حمت لها شعبا من وادي حراض يقال له سقام يضاهئون به حرم الكعبة. اهـ
وكذلك وافقه البغدادي فقال مثله في خزانة الأدب (3/10) ..
ونقل الشيخ محمد عبده عن المتأخر خطأ ظاهر ، وكان حقا عليه وهو في معرض الرد على الخصم أن يرجع إلى أصل هذا النص ، ولو فتش لوجده عند ابن الكلبي في كتاب الاصنام ..
قال ابن الكلبي في كتاب الأصنام (ص:19) : وكانت قريش تطوف بالكعبة وتقول :
واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فإنهن الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى وكانوا يقولون : بنات الله ! عز وجل عن ذلك ، وهن يشفعن إليه ، فلما بعث الله رسوله أنزل عليه ( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ) . اهـ
وابن الكلبي قال عنه الذهبي : هشام بْن محمد بْن السائب بْن بِشْر، أبو المنذر الكلْبيّ النّسّابة العلّامة الإخباريّ الحافظ [ت210 هـ]
ولا يشترط ذكر السند في النقل عن البلدان والأنساب واللغة ، وإنكم معشر المتكلمين والعقلانيين تردون المتفق عليه باسناد كالشمس إن خالف عقولكم وأهواءكم ..
ويقال لكم : من رد قوله أو خالفه ؟
فإن وجد المخالف فحينئذ يوجد له جواب ، أما والحالة هذه فالمثبت مقدم على النافي إن وجد .
وثانيا : هذا الاعتراض كلام من أثبت القصة باللفظ المذكور ، وإلا فرفضه للقصة كلها لا يغني عن هذه الشبهة ، وإن ثبت هذا فمثل هؤلاء يحتج بهم في اللغة ولا يحتج عليهم ، بالإضافة إلى أن هذا تشبيه للأصنام بالغرانيق وليس تسمية لهم به والفارق كبير ...
وقد نقلنا معنى الغرانيق في أول البحث .


يتبع بإذن الله تعالى

عادل سليمان القطاوي
2011-08-01, 12:53 AM
وأما رابعا : وهو ما نقلته عن الألباني رحمه الله ..
فقد ذكرته في أول المقال أعلاه برمته .. نقلا عن نصب المجانيق .
ونقلت لك أيضا قبوله لرواية في الجملة بشهادة الآية من سورة الحج ، وأنه مخالف في بعض زياداتها وله أن يحكم عليها بما يتماشى مع اجتهاده رحمه الله تعالى ..
غير أن جمهور المحققين من المفسرين على أن ما ألقاه الشيطان كلام مسموع بدليل نسخ الله له ، فإن الله لم يقل نسخت ما ألقي في قلوب المشركين ...
وهذا ما ذكره الأئمة وعلى راسهم ابن تيمية والبغوي وجمهور عريض من المحققين ..


ومما قاله الألباني في ختام رسالته نصب المجانيق :
إن الحافظ متفق مع ابن كثير - وغيره ممن سبقه ولحقه - على إنكار القصة على ما وردت في الروايات حتى التي صححها الحافظ ، وأما ما بقي منها مما لا يتنافى مع عصمة النبي صلى الله عليه وسلم فلا خلاف في إمكان وقوعها بل الظاهر أن هذا القدر هو الذي وقع بدليل ظاهر آية الحج حسبما تقدم تفسيرها في أوائل الرسالة . (نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق ص: 63(


فالنتيجة من كلام الإمام الألباني رحمه الله تعالى :
أنه فسر الآية بما يتوافق مع قصة الغرانيق والتي تقول بمحتواها أن الشيطان ألقى في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس من القرآن ثم نسخه الله تعالى وأحكم آياته .
ويقول : بل الظاهر أن هذا القدر هو الذي وقع بدليل ظاهر آية الحج .. وهو يتكلم على ما جاء في روايات القصة أن الشيطان تلفظ وألقى في أسماع المشركين تلك الكلمة ..
فهو يرفض أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ بها ويرد قصة معاتبة جبريل له بعد ذلك وحزن النبي صلى الله عليه وسلم ..
وإذا كان هذا رأيه الذي خلص إليه آخرا ... أنه صدق مضمون القصة بالقدر الذي أشار إليه ووافق السلف في تفسير الآية فما بقي من خلاف فأمره يسير ..



قال القرطبي في تفسيره (12/85) :
قوله تعالى : " ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة " يرد حديث النفس ، وقد قال ابن عطية : لا خلاف أن إلقاء الشيطان إنما هو لألفاظ مسموعة ، بها وقعت الفتنة . اهـ
ولا يخفى أن قوله ( لّيَجْعَلَ مَا يُلْقِى الشيطان فِتْنَةً لّلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ والقاسية قُلُوبُهُمْ ) لا يصح معه أن يقال الأمنيةهنا أمنية قلبية للنبي صلى الله عليه وسلم إذ ترتيب فتنة الكفار عليها يرده بوضوح كما هو ظاهر الآية بلا تكلف ، لأن ما يلقيه الشيطان في خاطر النبي صلى الله عليه وسلم لا يترتب عليه سبب الفتنة للكفار لأنه غير معلوم أو مسموع لهم .
كما أن جمهور من أول القصة على أن الشيطان ألقى بلسانه في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم يتوافق وظاهر الآية لا سيما وبعض روايات القصة رويت بهذه الألفاظ كما أسلفنا أعلاه .
وقال البيضاوي في تفسيره : ( ليجعل ما يلقي الشيطان ) علة لتمكين الشيطان منه وذلك يدل على أن الملقى أمر ظاهر عرفه المحق والمبطل .
وقال : ( فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ) لأنه أيضا يحتمله والآية تدل على جواز السهو على الأنبياء وتطرق الوسوسة إليهم . اهـ





يتبع باذن الله تعالى .

عادل سليمان القطاوي
2011-08-01, 01:09 AM
وأما خامسا : وهو الآيات التي ذكرتها لرد القصة ..
فقوله تعالى ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) وأمثالها من الآيات ..
سننقل كلاما مهما لعالم يخالفنا في الرأي ويرد القصة جملة وتفصيلا .. وهو الإمام الشنقيطي رحمه الله تعالى ..
قال في دفع إيهام الإضطراب :
وهذه الآية لا تعارض بينها وبين الآيات المصرحة بأن الشيطان لا سلطان له على عباد الله المؤمنين المتوكلين , ومعلوم أن خيارهم الأنبياء كقوله تعالى ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ , إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ )
وقوله تعالى ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ )
وقوله ( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُم ْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ )
وقوله ( وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي )
ووجه كون الآيات لا تعارض بينها :
أن سلطان الشيطان المنفي عن المؤمنين المتوكلين في معناه وجهان للعلماء :
الأول : أن معنى السلطان الحجة الواضحة , وعليه فلا إشكال إذ لا حجة مع الشيطان البتة كما اعترف به فيما ذكر الله عنه في قوله ( وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي )
الثاني : أن معناه أنه لا تسلط له عليهم بإيقاعهم في ذنب يهلكون به ولا يتوبون منه , فلا ينافي هذا ما وقع من آدم وحواء وغيرهما فإنه ذنب مغفور لوقوع التوبة منه , فإلقاء الشيطان في أمنية النبي سواء فسرناها بالقراءة أو التمني لإيمان أمته لا يتضمن سلطانا للشيطان على النبي بل هو من جنس الوسوسة وإلقاء الشبه لصد الناس عن الحق كقوله ( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) الآية . اهـ

وقال الأستاذ علي بن نايف الشحود في المفصل في الرد على شبهات أعداء الإسلام [10/484] :
ونحن عندما نقول بظاهر الحديث ينبغي أن نفرق بين المس وبين الإغواء والإضلال ، فلا يلزم من وقوع المس والنخس إضلال الممسوس وإغواؤه حتى يقال إن الحديث معارض لقوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) [الحجر-42] وقوله ( إلا عبادك منهم المخلصين ) [الحجر-40] ، لأنه يفيد عدم تسلط الشيطان على الأنبياء والمُخْلَصين .
فإن الآية إنما تدل على عدم تسلطه عليهم بالإغواء والإضلال الدائم ، ومع ذلك فقد يسلط على بعضهم بإغواء عارض ، أو إلحاق ضرر لا يؤثر على الدين ، وكما تعرض الشيطان للأنبياء والأولياء بأنواع الإفساد والأذية .
وماذا يقول هذا المنكر فيما أثبته الله في كتابه عن نبي الله موسى عليه السلام وقوله بعد أن قتل القبطي : ( قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين * قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ) ومن قبله أيوب حين نادى ربه ( أني مسني الشيطان بنصب وعذاب ) وقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين * وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم * إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) .
ونبينا عليه الصلاة والسلام عرض له الشيطان ليقطع صلاته فأمكنه الله منه ، فرده الله خاسئاً كما في الصحيح ، وأخبر أنه ما منا من أحد إلا وقد وُكِّل به قرينه من الجن ، حتى هو نفسه صلى الله عليه وسلم إلا أن الله أعانه عليه فأسلم ، على رواية الرفع بمعنى " أسلم من شره وفتنته " وعلى رواية الفتح بمعنى " أنه دخل في الإسلام " وهما روايتان مشهورتان .
والمقصود أن القرآن والسنة أثبت شيئاً من تعرض الشيطان للأنبياء والمخلصين بأنواع الأذى وأما الزيغ والإضلال فقد عصمهم الله منه .
ولا يلزم أن تمتلئ الدنيا صراخاً ونحيبا - كما توهم الزمخشري - لأن الحديث إنما جعل ذلك عند الولادة فحسب ولم يجعله مستمراً مدى الحياة ، والتجربة والمشاهدة خير حكم وبرهان ، فما من مولود إلا ويستهل صارخاً وباكياً تصديقاً لهذا الحديث ، وإنكار ذلك مكابرة .
فعلم من ذلك أنه لا إشكال أبداً حول الحديث لا من حيث النقل والسند ، ولا من حيث المتن والمعنى وأن الإشكال إنما أتى من الفهم السقيم ، والرأي غير المستقيم . اهـ
فقول القاضي عياض في الشفا : واعلم أن الأمة مجمعة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان وكفايته منه لا في جسمه بأنواع الأذى ولا على خاطره بالوساوس !! . اهـ
مردود أيضا لأن وقوع السهو منه صلى الله عليه وسلم أو النسيان نتيجة وسوسة الشيطان مما دل عليه القرآن والسنة .. وقد قال الله تعالى ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )
ومن كلام الخصوم أنفسهم يتبين أنهم يقرون بوقوع الوسوسة والسهو للنبي صلى الله عليه وسلم وإخوانه من الأنبياء ..
فقد قال الرازي آخرا بعد صولات وجولات لابطال القصة : يرجع حاصل البحث إلى أن الغرض من هذه الآية بيان أن الرسل الذين أرسلهم الله تعالى وإن عصمهم عن الخطأ مع العلم فلم يعصمهم من جواز السهو ووسوسة الشيطان بل حالهم في جواز ذلك كحال سائر البشر فالواجب أن لا يتبعوا إلا فيما يفعلونه عن علم فذلك هو المحكم . اهـ ونقله الخازن في تفسيره وغيره
وقال البيضاوي : والآية تدل على جواز السهو على الأنبياء وتطرق الوسوسة إليهم . اهـ

وأزيدك بذكر آيات شغب بها الفخر الرازي ، وبيان عدم حجيتها على ما ادعاه ..

(3) الرد على الإمام فخر الدين الرازي [ت606هـ]
فبالرد على موضوع العصمة نكون قد رددنا أهم الحجج التي ذكرها الأئمة أبو بكر بن العربي والقاضي عياض والفخر الرازي ..
غير أن هذا الأخير ذكر آيات زعم أنها ترد هذه القصة وهي الآيات التي ذكرها غيره أيضا ..
وقد اخترنا الرد على شبه الإمام فخر الدين الرازي على قصة الغرانيق لأن كل من رد القصة من المتأخرين فقد عول على كلامه واستشهد به واثقا أنه قوي الحجة لا يشق له غبار ..
والرازي متكلم أشعري جلد ، وفي تفسيره بلايا يعرفها أهل هذا الفن .
ومع ما هو معروف من سيرته فقد كان يحب تكثير المباحث في كتبه والتوسع فيها بلا حاجة ..
ومن قرأ كلامه في هذه المسألة علم أنه يبحث عن الحجج لأي مناسبة فيقررها مسلما بها وهي ليست كذلك لينقضها من وجوه عدة ، لا سيما مع حسن الترتيب والعرض ..
قال الإمام الرازي في تفسيره مفاتح الغيب (11/134) بعد أن ذكر إحدى روايات القصة :
هذا رواية عامة المفسرين الظاهريين ، أما أهل التحقيق فقد قالوا هذه الرواية باطلة موضوعة واحتجوا عليه بالقرآن والسنة والمعقول . أما القرآن فمن وجوه :
أحدها : قوله تعالى :
( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل * لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين ) [الحاقة44-46]
وثانيها : قوله : ( قُلْ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أُبَدّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ) [يونس 15]
وثالثها : قوله : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يوحى ) [النجم 3] فلو أنه قرأ عقيب هذه الآية تلك الغرانيق العلي لكان قد ظهر كذب الله تعالى في الحال وذلك لا يقوله مسلم .
ورابعها : قوله تعالى ( وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً ) [الإسراء 73] وكلمة كاد عند بعضهم معناه قرب أن يكون الأمر كذلك مع أنه لم يحصل .
وخامسها : قوله : ( وَلَوْلاَ أَن ثبتناك لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً ) [الإسراء 74] وكلمة لولا تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره فدل على أن ذلك الركون القليل لم يحصل .
وسادسها : قوله : ( كذلك نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ) [الفرقان 32] .
وسابعها : قوله : ( سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تنسى ) [الأعلى 6] .
وأما السنة فهي ما روي عن محمد بن إسحق بن خزيمة أنه سئل عن هذه القصة فقال هذا وضع من الزنادقة وصنف فيه كتاباً .
وقال الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل ثم أخذ يتكلم في أن رواة هذه القصة مطعون فيهم ، وأيضاً فقد روى البخاري في صحيحه أن النبي عليه السلام قرأ سورة النجم وسجد فيها المسلمون والمشركون والإنس والجن وليس فيه حديث الغرانيق . وروي هذا الحديث من طرق كثيرة وليس فيها ألبتة حديث الغرانيق .
وأما المعقول فمن وجوه .. اهـ فذكرها ، ولا حاجة لنا بمعقوله .
وللجواب على هذه الوجوه نقول :
أما استشهاده بالآيات الثلاثة الأول قوله تعالى ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل ) وقوله تعالى ( قُلْ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أُبَدّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي ) وقوله تعالى ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى ) ..
فليس في القصة أنه افترى على الله حقيقة ، فإنه لم يتقول على الله ولم يبدله من تلقاء نفسه وما قال هذا عن هوى منه صلى الله عليه وسلم ، وإنما الأمر كما بين الله تعالى في كتابه أن الشيطان ألقى في تلاوته أو على لسانه فوقع منه سهوا وهو من الخطأ الغير مقصود بداهة كما أن الله لم يقره عليه فأرسل جبريل بنسخ ما ألقى الشيطان وأحكم آياته وعزاه عما جرى معه وأنه ليس بدعا من الرسل والأنبياء قبله .
وأما رابعا وخامسا في قوله تعالى ( وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ) الآية ففي الاستشهاد بها نظر إذ في سبب نزولها أشياء أخرى غير هذا . وكان اعتماده على رواية محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس المدني مع أن الروايات الصحيحة المرسلة عن التابعين ليس فيها نزول هذه الآية ..
والسادس والسابع في قوله تعالى ( كذلك لنُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ) [الفرقان 32] وقوله ( سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تنسى ) [الأعلى 6] فالتي في الفرقان لبيان نزول القرآن مفرقا وأولها :
( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ).
وقوله في سورة الأعلى ( سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تنسى ) فقد قال بعض العلماء أنها ناسخة لما جرى في قصة الغرانيق أي بعد هذه الحادثة سنقرئك فلا تنسى ما يوحى إليك ..
ومفهومها على وقوع الخطأ والنسيان منه صلى الله عليه وسلم قبل ذلك .
وأما قوله : وأما من السنة .. الخ فلم يستشهد من السنة إلا بحديث ابن عباس في سجود المسلمين والمشركين والجن والإنس ، وعدم ذكر قصة الغرانيق في الصحيحين ليس براد لها ، بل القصة أصلها في الصحيحين بهذا الحديث .
ثم ذكر ما قاله ابن خزيمة والبيهقي .. وسيأتي عدم صحة النقل عنهما ، ولا أستبعد خطأه .
وما ذكره من المعقول بعد ذلك أهم ما فيه مسألة العصمة وقد حققناها بما لا مزيد عليه ولله الحمد والمنة . ومسائل أخر لا قيمة لها إلا من الوجهة العقلية التي يقدمها على نص الكتاب والسنة كما هو معلوم من منهجه . والله أعلم

يتبع باذن الله تعالى .

عادل سليمان القطاوي
2011-08-01, 01:20 AM
(1) الرد على الإمام أبي بكر بن العربي المالكي [ ت543هـ]
وقد نقل جمهور من رد القصة كلام الإمام أبو بكر بن العربي في كتابه أحكام القرآن ..
وقد بين رحمه الله تعالى بيان بطلان هذه القصة في عشر مقامات !!
ومردها إلى مقام واحد وهو تقديم العقل على النقل والاجتهاد في رد ما يتوهم العقل فيه الفساد .
فالقوم مولعون بالكلام والطنطنة ، وأبو بكر رحمه الله ممن ابتلي بعلم الكلام وله فيه تقريرات ..
وليتحقق القاريء اللبيب من قولي ، فليقرأ مقاماته تلك من كتابه أحكام القرآن ثم يرى تعقيبنا عليه وليحكم المنصف .. ونحن إذ نرد عليه فلا نقلل من قيمة هذا الإمام العلم وإنما نقلل من طريقة أهل الكلام كما سترونه في كلام الرازي أيضا ..
وخلاصة ما ذكره الإمام أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن(5/434( في مقاماته العشر:

المقام الأول :
تيقن النبي من الملك صاحب الوحي .. وهذا ما لا خلاف عليه ..
واعتماده على رواية " تصور الشيطان بالملك " غير صحيح حتى لا يلزمنا به .
المقام الثاني :
أن الله عصم نبيه من الكفروالشرك .. وهو محل اتفاق وإيمان لا شك فيه ..
المقام الثالث :
أن نبي الله على علم بالله ووحدانيته .. وهو محل اتفاق وإيمان لا شك فيه ..
المقام الرابع :
متعلق بلفظ من ألفاظ القصة نقل فيها قول أحد الرواة ( أن نبي الله تمنى ألا ينزل عليه وحي !! ) هكذا .. ورد عليه بشدة .. كيف لا يتمنى نزول الوحي ؟ وأطال التوبيخ !!
وهذا منه على طريقة ( ولا تقربوا الصلاة ) إذ إنه رحمه الله لو أكمل الجملة لوجد ( ينفرهم عنه )
فتكون الجملة ( أن نبي الله تمنى ألا ينزل عليه وحي ينفرهم عنه ) فيتضح المعنى بهذا القيد ..
وإلا : فهذا الذي نقله لا يوجد في رواية أحد من الرواة إلا قريبا منه في رواية محمد بن فضالة الظفري والمطلب بن حنطب من طريق الواقدي قالا : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه كفا عنه فجلس خاليا فتمنى فقال : ليته لا ينزل علي شيء ينفرهم عني، وقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه، ودنا منهم ودنوا منه، فجلس يوما مجلسا في ناد من تلك الأندية حول الكعبة، فقرأ عليهم والنجم إذا هوى .. اهـ الحديث
وفي رواية قَتادة : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يتمنى أن لا يعيب الله آلهة المشركين .اهـ
وفي رواية موسى بن عقبة : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتد عليه ماناله هو وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم وأحزنته ضلالتهم وكان يتمنى هداهم . اهـ
قال الزمخشري شارحا هذا المعنى : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أعرض عنه قومه وشاقوه وخالفه عشيرته ولم يشايعوه على ما جاء به ، تمنى لفرط ضجره من إعراضهم ولحرصه وتهالكه على إسلامهم أن لا ينزل عليه ما ينفرهم ، لعله يتخذ ذلك طريقاً إلى استمالتهم واستنزالهم عن غيهم وعنادهم ، فاستمرّ به ما تمناه حتى نزلت عليه سورة والنجم وهو في نادي قومه . اهـ
المقام الخامس :
أن كلمة الشيطان [ تلك الغرانيق العلى ] كفر فكيف خفي على رسول الله حتى أعلمه جبريل ؟ وجوابه : على تفسير من قال يراد بها الملائكة فلا إشكال ..
وعلى تفسير أنالمراد بها الأصنام ، فتوقف النبي عند الالتباس والفتنة في الأمر لا ضير فيه ..
وكيف يلام على أمر هو به مأمور مصداقا لقوله تعالى : ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) [القيامة 17-19] فما خرج صلى الله عليه وسلم عن أدب التلقي .
المقام السادس والسابع والثامن :
متعلق بقوله تعالى ( وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ) [ الاسراء73-75]
واستدلاله هاهنا في غير محله ولا يلزمنا في شيء ، إذ إنه اعتمد على رواية واحدة دون غيرها والتي فيها أن الآية نزلت في القصة ، مخالفين بذلك الثقات من التابعين ..
وهي رواية محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس معا التي رواها ابن جرير عنهما بلفظ واحد.
كما أن هذه الآيات الثلاث نزلت في غير هذه القصة ، ويراجع تفسيرها عند ابن جريروالقرطبي.
المقام التاسع :
وهو في صالح القصة إجمالا .. فقال : قوله : فما زال مهموما حتى نزلت عليه :
(وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي(الآية ، فأما غمه وحزنه فبأن تمكن الشيطان مما تمكن، مما يأتي بيانه؛ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعز عليه أن ينال الشيطان منه شيئا وإن قل تأثيره .اهـ
وبيانه الذي أشار إليه في الآتي وهو :
المقام العاشر :
وهو قبول القصة على معنى أن الشيطان تكلم بهذه الجملة .. قال رحمه الله :
أن هذه الآية نص في غرضنا ، دليل على صحة مذهبنا ، أصل في براءة النبي صلى الله عليه وسلم مما نسب إليه أنه قاله عندنا ، وذلك أنه قال تعالى : ( وَمَاأَرْسَلْنَ ا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَانَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) فأخبر الله تعالى أن من سنته في رسله وسيرته في أنبيائه أنهم إذا قالوا عن الله قولا زاد الشيطان فيه من قبل نفسه ، كما يفعل سائر المعاصي ، كما تقول : ألقيت في الدار كذا ، وألقيت في العكم كذا ، وألقيت في الكيس كذا .
فهذا نص في أن الشيطان زاد في الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم لا أن النبي قاله ؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ تلا قرآنا مقطعا ، وسكت في مقاطع الآي سكوتا محصلا ، وكذلك كان حديثه مترسلا متأنيا ، فيتبع الشيطان تلك السكتات التي بين قوله ( ومناة الثالثة الأخرى ) وبين قوله تعالى ( ألكم الذكر وله الأنثى ) فقال يحاكي صوت النبي صلى الله عليه وسلم [ وإنهن الغرانقة العلا ، وإن شفاعتهن لترتجى ] فأما المشركون والذين في قلوبهم مرض لقلة البصيرة وفساد السريرة فتلوها عن النبي صلى الله عليه وسلم ونسبوها بجهلهم إليه ، حتى سجدوا معه اعتقادا أنه معهم ، وعلم الذين أوتوا العلم والإيمان أن القرآن حق من عند الله فيؤمنون به ، ويرفضون غيره ، وتجيب قلوبهم إلى الحق ، وتنفر عن الباطل ؛ وكل ذلك ابتلاء من الله ومحنة فأين هذا من قولهم ، وليس في القرآن إلا غاية البيان بصيانة النبي صلى الله عليه وسلم في الإسرار والإعلان عن الشك والكفران . اهـ
ثم قال : وما هدي لهذا إلا الطبري بجلالة قدره ، وصفاء فكره ، وسعة باعه في العلم ، وشدة ساعده وذراعه في النظر ؛ وكأنه أشار إلى هذا الغرض ، وصوب على هذا المرمى .. اهـ
وفي ختام هذه المقامات العشر أرى بوضوع تكثير المقامات بما هو مسلم مثل المقامات الثلاثة الأول ، والاعتماد على شاذ الروايات دون ضعيفها ، ثم الرضوخ آخرا في مقاميه الأخيرين ..
ففحوى المقام التاسع والعاشر قبول القصة على معنى أن الشيطان تكلم بهذه الجملة .. لكن بعض مقاماته تشنع على بعض وتتضارب .. ولنا آخر كلامه ، كما أنه ارتضى كلام الإمام الطبري وأشاد به ، وكلامه سيأتي بنصه إن شاء الله تعالى وأنه لا يخالف القصة في بعض رواياتها المرسلة عن التابعين .

يتبع باذن الله تعالى ................

ابن شهاب الدين
2011-08-01, 03:33 AM
تصحح قصة باطلة
قلت لك الاسانيد لا يحتج بها
واوردت لك كلام 48 من اهل العلم يضعفونها
وقلت لك القصة باطلة وتصادم القرآن
ولا يقبلها العقل
وما وجدته انك تحاول ان تقوي طرق الحديث بالكذابين والضعفاء او علماء اللغة الذين لايفقهون شيئاً في الاسانيد
#حرر الإشراف بعض كلامك لأن متضمن للاساءة# الإشراف#

عمر ابراهيم الموصلي
2011-08-01, 02:53 PM
السلام عليكم ورحمة الله
الاخ الفاضل القطاوي قد اطلت جدا في هذا موضوع مما يشعرني انك قضيت قتا طويلا من وقتك في تخريج هذا الحديث وكذلك في جمع اقوال العلماء اسال ان يثيبك على اجتهادك وكان الاولى في ظنني ان تشغل وقتك في امور انفع. وان كان قصدك هو الاعتذار عن بعض التابعين في روايتهم قصة الغرانيق فكان الاولى ان تذكر كلام شيخ الاسلام وتنهتي المشكلة.
واما ذكرته في تخريجك الحقيقة يحتاج وقت ليس بقليل للرد عليه لكن اقول ان ما اوردته من الروايات الموصولة عن ابن عباس فهي شاذة والشاذ لا يصلح للتقوية عند اهل العلم ام انك لا توافقني على هذا ؟
وكذلك رواية الواقدي لا تصلح لان الواقدي متهم فلا تصلح للاستشهاد بقيت عندنا روايات المرسلة فقط عن بعض التابعين وهي لا تصلح للتقوية لانها لم تتعدد مخارجها اضف الى ذلك انها فيها اضطرابا كبيرا في الالفاظ والامر الاخر انها مخالفة للرواية الموصولة التي ثبتت في الصحيح .

ابن شهاب الدين
2011-08-01, 03:53 PM
الروايات باطلة وتخالف القرآن الكريم وهي ضعيفة ومضطربة وانت تحاول تصحيح قصة اسانيدها كالرياح قلت لك شديدة الضعف
باطلة وتخالف القرآن

عادل سليمان القطاوي
2011-08-01, 10:52 PM
الأخ الكريم / عمر ابراهيم الموصلي .. شكر الله لك حسن أدبك ، وحسن ظنك بأخيك ..
فعلى الأقل يكون النقاش بهذه الصورة وإن اختلفت وجهتينا .. فسيبقى الاحترام المتبادل والتقدير لشخصك الكريم ..
والبحث طويل الذيول جدا ، وما من مسألة إلا ولها ردود كثيرة عندي ..
ولكن هذا الأخ الذي تعود على السباب والاتهام بالظن والباطل .. لم يترك لي فرصة كي أكمل ما أريد بيانه بهدوء ..
فهو يقفز بين الحين والآخر فيهرف بما لا يعرف ، ويفتقد الأدب في الحوار وفهم المنقول ..
وعلى كلٍ .. فسأتجاهله بالكلية ، إذا أصر على طريقته هذه في النقاش ..

وقد قرأت نقدك وقولك بشذوذ رواية ابن عباس .. ولي فيها تفصيل ..
كما أنبه أنني لم استشهد برواية الواقدي .. ولا أي رواية ضعيفة من الروايات المذكورة أعلاه .
وسيأتي التفصيل ... وجزاك الله خيرا وبرا ..
وأختم هنا مؤقتا حتى أعود باذن الله تعالى بنقل بعض كلام المعاصرين من العلماء ..
وأختار منهم الشيخ / صالح آل الشيخ :
وقد أنصف بارك الله في علمه وعمره عندما قال في ضوابط فى معرفة السيرة(ص: 32(
وقد سئل : قصة الغرانيق التي وردت في مختصر السيرة ما صحتها ؟
فأجاب : قصة الغرانيق رُويت من أوجه مرسلة قال الحافظ ابن حجر : يقوي بعضها بعضا ، والمرسل يعتضد بالمرسل سيما في مثل ذلك ، وقصة الغرانيق لا تناقض أو تضاد أصلا شرعيا ولا نصا من كتاب الله جلّ وعلا ولا من سنته عليه الصلاة والسلام ، فهي من القسم الثالث ولهذا أوردها العلماء ، بل إنّ قصة الغرانيق يمكن أنْ تكون في معنى قول الله جلّ وعلا : (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولانبي إلاّ إذا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته )الآية في سورة الحج فبيّن جلّ وعلا أنه ما أرسل من نبي ولا رسول إلاّ إذا تمنى يعني إذا قرأ وتلا كتابه ألقى الشيطان في أمنيته يعني تكلم الشيطان بجنس صوته ليعتقد زيادة في كلامه من جهة الشيطان وهذا ماجاء في قصة الغرانيق المعروفة وفي قوله جلّ وعلا في سورة النجم لما تلا النبي صلّى الله عليه وسلّم( أفرايتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) جاء في القصة أنه قال ( وإنّهنّ الغرانيق العلا وإنّ شفاعتهنّ لترتجى ) وأشباه ذلك أو كما جاء ، فجاءت زيادة فيها تصحيح عبادة غير الله جلّ وعلا فلما سمع المشركون ذلك سجدوا فأنزل الله جلّ وعلا قوله سبحانه( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولانبي إلاّ إذا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيته ... )فإذًا هذه القصة تداولها المحققون من أهل العلم فذكرها الحافظ ابن حجر ، وذكر لها أوجهًا مرسلة في شرح البخاري وذكرها إمام هذه الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مختصر السيرة وذكرها العلماء ولم ينكروها وإنما أنكرها بعض أهل العلم وإنكاره له وجهه ولكن ليس بقاضٍ على مارآه غيره من أهل العلم إذْ ليس في القصة ما ينكر من جهة التوحيد ولهذا أوردها أئمة التوحيد وتركها أولى خاصة عند من لا يفقه وإذا أوردت فلها وجهها. اهـ

وقال فيما نقل عنه على الشبكة ، بعد أن ذكر مجمل القصة ومن أنكرها وقبلها :
المسألة فيها نوع اشتباه، يصعب الجزم فيها بأمر، ولكن يمكننا القول بأن الجزم بنفي هذه الحادثة فيه نظر، وأن اعتبارها منافية لأصول العقيدة ومهمات الدين فيه نظر أيضا، فقد صحت القصة من طريق جماعة من السلف مِن قولهم ، وهي وإن كانت مرسلة، فكثرتها تبعث على الاطمئنان بوقوعها، ولو كان فيها شيء مناقض لعصمة الوحي لَما نطق بها كبار أئمة التابعين كسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم .
وليس في القصة أي طعن في عصمة التبليغ والرسالة، لأن النسخ والتصحيح جاء بوحي من الله، وسواء كان الخطأ من النبي صلى الله عليه وسلم أو بإيهام الشيطان على أسماع المشركين، فإن المآل واحد، هو وقوع الحق وزهوق الباطل، والإخلال بمقتضى الرسالة لا يكون إلا باستمرار الباطل واختلاطه بكلام الله تعالى، وذلك مالم يكن ولن يكون .
والخلاصة : أن إثبات أصل القصة قول متجه، وهو أقرب إلى التحقيق العلمي إن شاء الله .. والله أعلم . اهـ

وشكر الله لك ..

أبو الفداء
2011-08-02, 12:57 AM
الحمد لله وحده
حياكم الله أيها الإخوة الكرام.
أما بعد، فعندي مداخلة موجزة، أود أن أعقب بها على كلام المعترضين على المتن من العلماء رحم الله ميتهم وغفر لحيهم.
فالذي يظهر لي أن حجة المعترضين على المتن من جهة العقل لا تخلو من معارضة وجيهة تثقل كفتها في ميزان النقد والنظر!
فإن غاية متمسك القوم في المسألة أن مجرد وقوع مثل هذا الكلام على لسان النبي عليه السلام = يخرم عصمة التبليغ، ويفضي إلى فتح الباب للطعن والتشكيك في الوحي رأسا. ومع أنه من الممكن أن يستند المخالفون إلى قول الفاضل صاحب الموضوع بأن سكوت الأئمة الذين قبلوا الرواية عن ذكر ذلك الاعتراض وعن الرد عليه (على شدته وفداحته) قد يكفي في ميزان النظر للقدح فيه وإسقاطه من الاعتبار، لأن قبوله يلزم منه القدح في دين الساكتين جميعا كما لا يخفى، إلا أن للمعترض أن يقول إن سكوت من سكت عن نقد المتن ليس بحجة ما لم يكن ذاك السكوت إجماعا، ولا يمكن إثبات الإجماع على بطلان ذلك الاعتراض على المتن لأن الرواية نفسها ليست محل إجماع في صحتها. وإلا فلا يبعد أن الذين ضعفوا الرواية دون الكلام في المتن، اكتفوا بردها من جهة السند ورأوا أن ذلك يغنيهم عن تكلف ما وراء ذلك. وهذا كلام لا يستقيم لقائله، حيث يقال إن اعتراضا بهذا الثقل، يصل إلى درجة هدم عصمة النبي عليه السلام وفتح باب العبث في نصوص الوحي = لا يتصور أصلا أن يسكت عنه الأئمة الأوائل وألا يتكلموا فيه، فلا ينقل لنا منهم شيء في ذلك! كيف وقد تكلموا فيما هو أدق منه ودونه بكثير من وجوه النقد لمتون بعض الروايات، رحمهم الله؟
فالحاصل أن قوة الرد بعدم نقل اعتراض كهذا عن السلف (من شأن مثله أن تسير به الركبان وأن تتوافر عليه الهمم) = لا يستهان بها عند الترجيح في هذه المسألة!
ونحن نقول إن قال المعترضون من أهل العلم بأن العصمة في التبليغ تقتضي ألا ينطق النبي بشيء منسوب إلى الله تعالى إلا كان حقا مستقرا لا يقبل التغيير من ساعة أن ينطق به النبي عليه السلام وحتى يوم تمام الوحي وانقطاعه، فقد لزمهم من ذلك نفي ما أجمع المسلمون على وقوعه في زمان الوحي من نسخ للنصوص والأحكام! لهذا قرر العلماء أن العبرة بما انتهى عليه أمر الوحي، لا بما كان عليه أول التنزيل! فإذا قلنا إن هذا الخطإ - الذي لا يماري عاقل سمعه من المؤمنين في أنه ليس من الوحي! - قد نُسخ من فوره وأحكمت آيات الله من بعده، فإننا لا نأتي في ذلك بكلام ينافي العصمة، وإلا كان مطلق وقوع النسخ منافيا للعصمة من نفس هذا الوجه، وهذا باطل ولا قائل به!
وقد يجيب المعترض من المتكلمين عن ذلك بقوله: إن النسخ الذي نثبته لا يقاس على هذه المسألة، لأن المنسوخ يكون حكما شرعيا صحيحا واجب الاتباع، تصح نسبته إلى الله تعالى من وقت الوحي به وحتى نزول ما ينسخه، أما هذا فشرك صريح لا يمكن أن ينسب إلى الله تعالى بحال من الأحوال! ويجاب عن ذلك بمجرد تلاوة نص الآية محل البحث، يقول تعالى: ((فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ))! فهذا النص صريح في إثبات أن المنسوخ لا يشترط فيه أن يكون على نحو ما يقول المعترض! وما في غير هذا نزلت تلك الآية أصلا: في بيان أن هذا المعنى الباطل الذي قد يلقيه الشيطان في كلام النبي، فيتكلم به ويذيع عنه على أنه وحي، لا يتركه الله تعالى إلا وقد نسخه (والنسخ معروف) وأحكم الآيات سبحانه وتعالى!
فتقرير القرءان لمعنى النسخ، يلزم منه أن مجرد ورود تلك الألفاظ على لسان النبي عليه السلام لا يعني قراره عليها! والعبرة بما استقر عليه الأمر، وهو معروف واضح جلي لا يخفى ولله الحمد! فكيف يُطعن في العصمة بأمر قد نص القرءان نفسه على نسخه وإحكام الأمر فيه، وقد وصل القرءان إلينا خاليا من تلك الزيادة الفاسدة التي جاء ذكرها في الرواية؟ لقد تبين بكلام لائح واضح شديد الوضوح، وبتواتر النقل للنص النقي الصحيح للقرءان، أن النسخ والإحكام قد حصل ولله الحمد! ولم يثبت في النص أن أمرا كهذا قد وقع مع محمد صلى الله عليه وسلم إلا في هذه الواقعة بعينها (ولو وقع في غيرها لجاء النقل به لزاما وإلا لزم تكذيب هذه الآية نفسها)! فما وجه دعواهم انخرام العصمة في التبليغ إن سلمنا بصحة هذه الواقعة؟ وما وجه دعواهم أن هذا يفتح الباب لكذا وكذا؟ أي باب وقد نص الله تعالى بكلام بين شديد الجلاء على أنه لا يترك شيئا كهذا يقع إلا نسخه وبينه وأحكم أمر الوحي إحكاما سبحانه وتعالى؟
فيبقى السؤال: هل من الوراد أن يقع الخطأ على لسان النبي عليه السلام في تلاوته كلام الله (سهوا أو في حال غفلة أو غير ذلك مما يعتري البشر)؟ نقول نعم، شريطة ألا يمر دونما تنبيه له عليه السلام فينسخ ويصلح الأمر وتحكم الآيات إحكاما. وهذا لا يعارض عصمة التبليغ ولا يقدح فيها كما بينا، والله أعلم.

عادل سليمان القطاوي
2011-08-06, 10:18 PM
شكر الله لك أخي ابا الفداء ..
ونعما قلت .. لا فض فوك ..
مع أن هذا الذي قلته أنت قاله من قبل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيما نقلته عنه من نصوص كثيرة ، مما حدا بي أن اجعله في فصل خاص من فصول الرسالة وأن يكون هو خاتمة الفصول ...
وأنقل هنا جملة واحدة تتفق وكلامك المنقول أعلاه ..
قال رحمه الله :
الذي عليه عامة السلف ومن اتبعهم - أن الإلقاء في نفس التلاوة كما دلت عليه الآية وسياقها من غير وجه كما وردت به الآثار المتعددة ولا محذور في ذلك إلا إذا أقر عليه فأما إذا نسخ الله ما ألقى الشيطان وأحكم آياته فلا محذور في ذلك وليس هو خطأ وغلط في تبليغ الرسالة إلا إذا أقر عليه . ولا ريب أنه معصوم في تبليغ الرسالة أن يقر على خطأ .......
............. والذين منعوا أن يقع الإلقاء في تبليغه فروا من هذا وقصدوا خيرا وأحسنوا في ذلك ؛ لكن يقال لهم : ألقى ثم أحكم فلا محذور في ذلك. اهـ

وسأجتهد في نقل فصل العصمة وبيان ما فيها إن شاء الله تعالى ..

وأعتذر عن غيابي بضعة ايام .. فالمرض لا يبقي للخاطر راحة .. نسالكم الدعاء .

عادل سليمان القطاوي
2011-08-07, 03:37 PM
الفصل السادس



مناقشة موضوع العصمة مع من أبطل قصة الغرانيق



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وبعد :
فالعلماء الذين رفضوا القصة وقالوا أنها من وضع الزنادقة !! أو باطلة منكرة !! قد رددنا حجتهم هذه من الناحية الحديثية أعلاه وأثبتنا جواز الاستشهاد برواية ابن عباس من طريقي سعيد بن جبير وعثمان بن الأسود كلاهما عنه ، وكذلك روايات سبعة من التابعين على الأقل ، وذلك فيما أداه إلينا اجتهادنا ، كما حققناه في فصل تخريج روايات القصة والحكم عليها ، مستأنسين بمن صححها من الحفاظ الذين سبق ونقلنا أسماءهم ..
ولكن بقي مع المخالفين بعض الأدلة ، نذكرها متتابعة بتفنيدها وبيان وجه الصواب في ردها ، وسنبدأ بمناقشتهم في موضوع العصمة النبوية إذ بنى عليها كل من رد القصة بناينهم وأسسوه عليها كالقاضي ابن العربي وعياض والرازي – رحمهم الله - ثم تتابع النقل عنهم كثير من المتأخرين ، بل جلهم ..
وبعد أن ننتهي من مناقشة مسألة العصمة سنذكر أدلة الأئمة المشاهير ممن ردوا القصة وسنكتفي بأشهرهم وسنترك المتأخرين كالألوسي والشوكاني وغيرهما إذ هم قد عولوا على ما قرره الأئمة قبلهم ونقلوا كلامهم محتجين به ، مستسلمين لاجتهادهم .


مناقشة موضوع العصمة :
فمن أكبر الشبه الواردة على لسان من رد القصة ، وكانت عقبة كؤود أمام من أنكرها ..
قولهم : أن الرسول المبلغ عن الله معصوم في بلاغه من الخطأ .. وهذه القصة تناقض العصمة !!
والعاصمة من هذه القاصمة تنجلي للقراء في أربعة محاور :


المحور الأول : أن هذه القصة كانت قبل العصمة .
فمن العلماء من قال أن هذه الحادثة كانت قبل العصمة :
فقال الإمام مرعي بن يوسف الكرمي الأزهري القاهري [ت1033هـ] (رحمه الله)
في كتابه الناسخ والمنسوخ (ص143) : قوله تعالى ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ونبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) منسوخة بقوله تعالى ( سنقرئك فلا تنسى ) والمراد بالأمنية القراءة والتلاوة ، والذي ألقاه الشيطان على لسانه عليه الصلاة والسلام هو قوله [ تلك الغرانيق العلي وأن شفاعتهن لترتجى ] وذلك فيما قيل قبل العصمة بقوله تعالى ( سنقرئك فلا تنسى ) فنسخ الله ذلك وأحكم آياته وعصمه من السهو في الوحي ، وهذا في الحقيقة لا يسمى منسوخا لأن ما ألقى الشيطان ليس بقرآن . اهـ
وهو قول متجه إذا قايسناه بقوله تعالى ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) [المائدة-67] وهي آية مدنية .
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحْرَس حتى نزلت هذه الآية :
( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) قالت : فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه من القُبَّة ، وقال :
" يأيها الناس ، انصرفوا فقد عصمني الله عز وجل ". رواه الترمذي بسند حسن.
وهي عصمة خاصة ، فلا يمنع تأخر حصول العصمة العامة بما بعد الهجرة لحصول تحرش الشيطان في مواقف عدة . وهذا نقوله جدلا ، وإلا فنسخ ما ألقى الشيطان وإحكام الآيات ينفي الطعن في العصمة رأسا ..


المحور الثاني : أن الأمور العارضة لا تؤثر في الثوابت


بمعنى أننا لو قلنا أن العصمة أصل ثابت .. وحصلت أمور عارضة ، مثل قضية سحر اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم ، أو إلقاء الشيطان في قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فهذا عارض يتكرر مرة أو اثنتان على الأكثر ، فلا يؤثر في الثابت وهو حصول العصمة ..
فقوله تعالى ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) نص قطعي الثبوت والدلالة وقصته مذكورة أعلاه ومع ذلك الجمهور من العلماء على أن نبي الله صلى الله عليه وسلم مات شهيدا من أثر السم التي وضعته اليهودية في الشاة ..
كما روى عبد الله بن أحمد في المسند (1/381) بسند صحيح قال :
حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن أبي الأحوص عن عبد الله ، قال :
لأن أحلف بالله تسعا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل قتلاً أحب إلي من أن أحلف واحدة ، وذلك بأن الله عز وجل اتخذه نبياً وجعله شهيداً.
فابن مسعود يحلف على ذلك ويرى أن الناس قتلوه واستشهد من أثر السم .. وهذا ينافي الآية !!
ولكن إن قلنا أن الثابت هو العصمة وهذا من العارض زال الإشكال ، فقد تهيأت سبل كثيرة لليهود والمشركين تحينوا فيها الفرص لقتله صلى الله عليه وسلم ، والله يعصمه منهم .
ومثل قوله تعالى ( إنا كفيناك المستهزئين ) وقد ذكرهم ابن اسحاق وغيره وذكر أن الله أهلكهم ، لكن لا يمنع من حصول من استهزأ به صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ، فمنهم من أسلم ومنهم من انتقم الله منه ..
وفي ما نحن بصدد الكلام عنه ، ننقل كلاما مهما للشيخ عبد الرحمن السعدي في كتابه القواعد الحسان في تفسير القرآن ..
قال رحمه الله (ص: 142) :
القاعدة الرابعة والستون : الأمور العارضة التي لا قرار لها بسبب المزعجات أو الشبهات قد تَردُ على الحق وعلى الأمور اليقينية ولكن سرعان ما تضمحل وتزول .
وهذه قاعدة شريفة جليلة قد وردت في عدة مواضع من القرآن ، فمن لم يحكمها حصل له من الغلط في فهم بعض الآيات ما يوجب الخروج عن ظاهر النص ، ومن عرف حكمة الله تعالى في ورودها على الحق الصريح : لأسباب مزعجة تدفعها أو لشبهة قوية تحدثها ثم بعد هذا إذا رجع إلى اليقين والحق الصريح ، وتقابل الحق والباطل ، ووقعت الخصومة بينهما ، فغلب الحقُ الباطل ، ودمغه فزهق الباطل وثبت الحقُ ، حصلت العاقبة الحسنة ، وزيادة الإيمان واليقين ، فكان في ذلك التقدير حكمٌ بالغة ، وأيادٍ سابغة . ولنمثل لهذا بأمثلة :
فمنها : أن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أكمل الخلق إيماناً ويقيناً ، وتصديقاً بوعد الله ووعيده وهذا أمر يجب على الأمم أن يعتقدوا في الرسل ، من أنهم قد بلغوا الذروة فيه ، وأنهم معصومون من ضده ، ولكن ذكر الله في بعض الآيات أنه قد يعرض لهم بعض الأمور المزعجة ـ المنافية حساً لما علم يقينا ـ ما يوجب لهؤلاء الكمل أن يستبطئوا معه النصر ، ويقولون ( مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ) وقد يخطر في هذه الحالة على القلوب شيء من عوارض اليأس بحسب قوة الواردات وتأثيرها في القلوب ، ثم في أسرع وقت تنجلي هذه الحال وتنفرج الأزمة ويأتي النصر من قريب ( أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) فعندئذ يصير لنصر الله وصدق موعوده من الوقع والبشارة والآثار العجيبة أمر كبير لا يحصل بدون هذه الحالة ، ولهذا قال ( حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ) فهذا الوارد الذي لا قرار له ، وعندما حقت الحقائق اضمحل وتلاشى ، لا ينكر ويطلب للآيات تأويلات مخالفة لظاهرها .
ومن هذا الباب بل من صريحه : قوله تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) أيْ يلقي من الشبه ما يعارض اليقين ، ثم ذكر الحكم المترتبة على الإلقاء ولكن نهاية الأمر وعاقبته أن الله يبطل ما يلقي الشيطان ، ويحكم الله آياته ، والله عليم حكيم ..
فقد أخبر الله بوقوع هذا الأمر لجميع الرسل والأنبياء ، لهذه الحكم التي ذكرها ، فمن أنكر وقوع ذلك بناء على أن الرسل لا ريب ولا شك أنهم معصومون ، وظن أن هذا ينافي العصمة ، فقد غلط أكبر غلط ، ولو فهم أن الأمور العارضة لا تؤثر في الأمور الثابتة لم يقل إلا قولاً يخالف فيه الواقع ، ويخالف بعض الآيات ، ويطلب التأويلات المستبعدات . اهـ


المحور الثالث : في مفهوم العصمة عند من رد القصة:


والقصة على كثرة رواتها ورواياتها عن السلف ، إذا أردنا الرد على من ردها ، كالرازي وابن العربي والقاضي عياض في باب العصمة ، فلابد لنا من معرفة أنهم ترنحوا في هذا الباب كثيرا وأن المتقرر عندهم أصول عقلية وقوانين كلامية ، مخالفة في جوهرها لأدلة الكتاب والسنة جملة وتفصيلا ..
فالمتكلمون والأشعرية خصوصا وعلى رأسهم الرازي وأمثاله ممن زيفوا القصة عقلا أكثر منه نقلا ، قد ردوا أدلة قرآنية صريحة وأحاديث ثابتة صحيحة فيما نسب لأنبياء الله عزوجل من أمور بين القرآن والحديث أنهم وقعوا فيها تصريحا وتابوا منها ، فجاء هؤلاء ووقفوا أمامها موقف المنكر لها ، فإن لم يستطيعوا ردها تأولوها تأولات باردة ..
ومذهب أهل السنة على وقوع بعض المعاصي على الأنبياء ، إذ إن الله هو الذي قدرها عليهم لحكم عظيمة كما أن بعض هذه الأمور المعدودة لا ينافي العصمة في الجملة ..
فالعقل هو إمام هؤلاء المتكلمين ، فإن شهدت لهم الأدلة بالعصمة قبلوها وإلا ردوها غير آسفين .
فما صح من قصص الأنبياء في صدور بعض الذنوب منهم ، يقول عنها الإيجي مثلا :
يرد خبر الآحاد وجوبا إذ نسبة الخطأ إلى الرواة أهون من نسبة المعاصي إلى الأنبياء .
وعبر عنه الرازي بقوله : لأن يضاف الكذب إلى رواته أهون من أن يضاف إلى الأنبياء .
ثم ما ثبت متواترا يؤول على محمل آخر خلاف ظاهره ، وما لم يجدوا له محيصا قالوا أنه كان منهم قبل البعثة !!
وانظر إلى تخبطهم في نص ظاهر كقوله تعالى ( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) فقد جاؤوا فيه بتأويلات سمجة هروبا من نسبة المعصية لنبي الله آدم عليه السلام ، أما أهل السنة من السلف فلم يحتاجوا إلى دلائلهم العقلية بل وجدوا الله قد قال بعدها ( ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ) فانتهت القصة عندهم على ذلك .. عصى آدم عليه السلام ، ثم تاب إلى الله ، فقبل الله توبته ..
وليس في القرآن والسنة نص يقول بعصمة الأنبياء من كل ذنب حتى يجعلوها قاعدة مسلمة ..
بل من أسباب وقوعهم في هذا أنهم أرادوا الرد على منكري النبوات القائلين : إذا جاز الذنب الواحد على النبي جاز عليه كل ذنب !! فاخترع المتكلمون قواعدهم تلك للرد على هؤلاء ، فوقعوا في أشد مما أراده هؤلاء وأصبحوا كما قال الأول :


المستجير بعمروٍ عند كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنار .



وعصمة الأنبياء لا تنافي الوقوع في بعض الذنوب أو الأخطاء طالما أنهم لا يقرون عليها ، إذ في وقوعها حكم عظيمة ، وذلك يعود إلى بشريتهم المحضة التي بينها الله في كتابه في غير ما آية .
فالمتكلمون يتوهمون أن النبي - أي نبيٍ - لو أخطأ لكان :
1- من حزب الشيطان !!
2- وممن صدق إبليس عليهم ظنه فاتبعوه !!
3- ولو صدر منهم الذنب لحرم اتباعهم !!
4- ولردت شهادتهم !!
5- ولكانوا أسوأ حالا من عصاة الأمة !!
6- لمضاعفة العذاب لهم عن غيرهم !!
7- وأنهم إذا وقعوا في الذنب فلن ينالوا عهد الله !!
فهل ترون حماقة عقول أعظم من هذه ؟
فكلام هؤلاء المتكلمين في باب العصمة مردود عليهم بأدلة صحيحة صريحة في الكتاب والسنة ..
وإنما يقول أهل السنة في هذه القضية بجواز وقوعها منهم ولكن لا يقرون عليها ..
ومن قرأ باب العصمة عند القاضي عياض في الشفا ، لوجده يتمحل في رد الأدلة تمحلا ظاهرا ليردها في الجملة أو يرد دلالتها جاهدا ..
كما فعل في الآيات والأحاديث الخاصة بأنبياء الله مثل ابراهيم وموسى ويونس وداود ومحمد صلى الله عليهم ويوشع بن نون وغيرهم.
ومذهب أهل السنة والأثر تجد خلاصته في كلام شيخ الإسلام الهمام ، ابن تيمية ، عندما قال في مجموع الفتاوى (10/293) :
والقول الذي عليه جمهور الناس - وهو الموافق للآثار المنقولة من السلف - إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقا ، والرد على من يقول : إنه يجوز إقرارهم عليها . وحجج القائلين بالعصمة إذا حررت إنما تدل على هذا القول ، وحجج النفاة لا تدل على وقوع ذنب أقر عليه الأنبياء .
فإن القائلين بالعصمة احتجوا بأن التأسي بهم إنما هو مشروع فيما أقروا عليه دون ما نهوا عنه ورجعوا عنه ؛ كما أن الأمر والنهي إنما تجب طاعتهم فيما لم ينسخ منه ، فأما ما نسخ من الأمر والنهي ؛ فلا يجوز جعله مأمورا به ولا منهيا عنه فضلا عن وجوب اتباعه والطاعة فيه .
وكذلك ما احتجوا به من أن الذنوب تنافي الكمال ، أو أنها ممن عظمت عليه النعمة أقبح ، أو أنها توجب التغيير ، أو نحو ذلك من الحجج العقلية !! فهذا إنما يكون مع البقاء على ذلك وعدم الرجوع ، وإلا فالتوبة النصوح التي يقبلها الله يرفع بها صاحبها إلى أعظم مما كان عليه ؛ كما قال بعض السلف : كان داود عليه السلام بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة . وقال آخر : لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه ؛ لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه ، وقد ثبت في الصحاح حديث التوبة : ( لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا ... ) الحديث .
إلى أن قال :
وفي الكتاب والسنة الصحيحة والكتب التي أنزلت قبل القرآن مما يوافق هذا القول ما يتعذر إحصاؤه ، والرادون لذلك تأولوا ذلك بمثل تأويلات الجهمية والقدرية والدهرية لنصوص الأسماء والصفات ونصوص القدر ونصوص المعاد ، وهي من جنس تأويلات القرامطة الباطنية التي يعلم بالاضطرار أنها باطلة وأنها من باب تحريف الكلم عن مواضعه ، وهؤلاء يقصد أحدهم تعظيم الأنبياء فيقع في تكذيبهم ، ويريد الإيمان بهم فيقع في الكفر بهم . اهـ


وفي هذا الباب : إذا قلنا أن الشيطان في قصة الغرانيق هو الذي تكلم بهذه الجملة أو أن نبينا سها فقرأها .. النتيجة هي وقوع هذا الخطأ ، ولكن الله لم يقر نبيه عليه إذ جاءت الآيات فنسخت ما ألقى الشيطان وعصم الله نبيه ووحيه مما أراده اللعين .
واستشهاد عياض بقصص إبليس فيما فعل يوم العقبة وتصوره في صورة نجدي في قصة الهجرة أو تصوره بصورة سراقة في غزوة بدر ، كلها تثبت وقوع الفعل من الشيطان وإرادة كيد المصطفى صلى الله عليه وسلم ولكن النتيجة كانت رد كيد الشيطان ودحره ونصرة نبيه وأتباعه ..
أو استشهاده بحديث : إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ..
فعلى رواية إسلامه فيقال : هذا كان إسلام القرين .. ولا يمنع أن يقع من الشيطان الأكبر ما يكيد به النبي ودعوته والمؤمنون وأن يفتن الكفار ..
وعلى معنى يسلم النبي من شره : فلا ينفي حصول الكيد منه وإرادة الشر دوما ، ولكن الله يدحر سعيه كما في قصة الغرانيق ، فقد نسخ الله ما ألقاه وأحكم آياته .


المحور الرابع : أن الوقوع في الخطأ لا ينافي العصمة إلا إذا أقروا عليه
وهو أوضح الأجوبة عن هذه الشبهة ، وقد كفانا شيخ الإسلام ابن تيمية بالرد عليها فقال في الجواب الصحيح (2/34( :
والواحد من المسلمين وإن كان الله لا يؤاخذه بالنسيان والخطأ بل والرسول أيضا وإن لم يكن يؤاخذ بالنسيان والخطأ في غير ما يبلغه عن الله عند السلف والأئمة وجمهور المسلمين لكن ما يبلغه عن الله لا يجوز أن يستقر فيه خطأ فإنه لو جاز أن يبلغ عن الله ما لم يقله ويستقر ذلك ويأخذه الناس عنه معتقدين أن الله قاله ولم يقله الله كان هذا مناقضا لمقصود الرسالة ولم يكن رسولا لله في ذلك بل كان كاذبا في ذلك وإن لم يتعمده . اهـ
ففرق بين الخطأ في التبليغ والإقرار عليه ، فالخطأ وارد وإنما الممنوع هو إقراره عليه كما بين شيخ الإسلام رحمه الله .
وأصل ذلك : أن يقع الفعل من الشيطان لكن إما ألا يقر عليه أو يهزم في سعيه ..
مثاله : ما جرى في أحاديث السيرة ، فقد وقعت أمثلة من الشيطان في حق النبي صلى الله عليه وسلم ورده الله خاسئا .. ولكن القوم لا يقولون بوقوعها من الشيطان أصلا لأنها فوق قدراته وأنه لم يسلط على النبي صلى الله عليه وسلم .. والأدلة من القرآن والسنة تثبت بطلان قواعدهم الكلامية التي أسسوها بعقولهم ليردوا بها على النصوص .. وهذا ديدنهم ، ولكن الخطأ من العالم الأثري الذي يتبعهم في ذلك ولم يفتش على الحجج العقلية المتهافتة عند هؤلاء المتكلمين .
وهذا كرد بعض المتكلمين لما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب .
لأنه يقتضي تفضيل نبي الله عيسى على نبينا محمد عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه ، كما أنه يقتضي أن الشيطان قد يسلط على الأنبياء والرسل حتى أولي العزم منهم ، وعليه يكون نبينا صلى الله عليه وسلم ممّن طعن الشيطان في جنبيه ..
قال الأستاذ علي بن نايف الشحود في المفصل في الرد على شبهات أعداء الإسلام [10/484] :
ونحن عندما نقول بظاهر الحديث ينبغي أن نفرق بين المس وبين الإغواء والإضلال ، فلا يلزم من وقوع المس والنخس إضلال الممسوس وإغواؤه حتى يقال إن الحديث معارض لقوله تعالى :
( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) وقوله ( إلا عبادك منهم المخلصين ) [الحجر-40/42]
لأنه يفيد عدم تسلط الشيطان على الأنبياء والمُخْلَصين .
فإن الآية إنما تدل على عدم تسلطه عليهم بالإغواء والإضلال الدائم ، ومع ذلك فقد يسلط على بعضهم بإغواء عارض ، أو إلحاق ضرر لا يؤثر على الدين ، وكما تعرض الشيطان للأنبياء والأولياء بأنواع الإفساد والأذية .
وماذا يقول هذا المنكر فيما أثبته الله في كتابه عن نبي الله موسى عليه السلام وقوله بعد أن قتل القبطي : ( قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين * قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ) .
ومن قبله أيوب حين نادى ربه ( أني مسني الشيطان بنصب وعذاب ) .
وقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :
( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين * وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم * إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) .
ونبينا عليه الصلاة والسلام عرض له الشيطان ليقطع صلاته فأمكنه الله منه ، فرده الله خاسئاً كما في الصحيح ، وأخبر أنه ما منا من أحد إلا وقد وُكِّل به قرينه من الجن ، حتى هو نفسه صلى الله عليه وسلم إلا أن الله أعانه عليه فأسلم ، على رواية الرفع بمعنى " أسلم من شره وفتنته " وعلى رواية الفتح بمعنى " أنه دخل في الإسلام " وهما روايتان مشهورتان .
والمقصود أن القرآن والسنة أثبت شيئاً من تعرض الشيطان للأنبياء والمخلصين بأنواع الأذى وأما الزيغ والإضلال فقد عصمهم الله منه .
ولا يلزم أن تمتلئ الدنيا صراخاً ونحيبا - كما توهم الزمخشري - لأن الحديث إنما جعل ذلك عند الولادة فحسب ولم يجعله مستمراً مدى الحياة ، والتجربة والمشاهدة خير حكم وبرهان ، فما من مولود إلا ويستهل صارخاً وباكياً تصديقاً لهذا الحديث ، وإنكار ذلك مكابرة .
فعلم من ذلك أنه لا إشكال أبداً حول الحديث لا من حيث النقل والسند ، ولا من حيث المتن والمعنى وأن الإشكال إنما أتى من الفهم السقيم ، والرأي غير المستقيم . اهـ


فقول القاضي عياض في الشفا : واعلم أن الأمة مجمعة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان وكفايته منه لا في جسمه بأنواع الأذى ولا على خاطره بالوساوس !! . اهـ
مردود أيضا لأن وقوع السهو منه صلى الله عليه وسلم أو النسيان نتيجة وسوسة الشيطان مما دل عليه القرآن والسنة .. وقد قال الله تعالى ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )
ومن كلام الخصوم أنفسهم يتبين أنهم يقرون بوقوع الوسوسة والسهو للنبي صلى الله عليه وسلم وإخوانه من الأنبياء ..
فقد قال الرازي آخرا بعد صولات وجولات لابطال القصة : يرجع حاصل البحث إلى أن الغرض من هذه الآية بيان أن الرسل الذين أرسلهم الله تعالى وإن عصمهم عن الخطأ مع العلم فلم يعصمهم من جواز السهو ووسوسة الشيطان بل حالهم في جواز ذلك كحال سائر البشر فالواجب أن لا يتبعوا إلا فيما يفعلونه عن علم فذلك هو المحكم . اهـ ونقله الخازن في تفسيره وغيره
وقال البيضاوي : والآية تدل على جواز السهو على الأنبياء وتطرق الوسوسة إليهم . اهـ
والله أعلم

ابن شهاب الدين
2011-08-07, 04:43 PM
القصة باطلة باطلة باطلة

اسانيد مهلهلة لا تصلح للاعتضاد

واوردت لك كلام 50 من اهل العلم يحكمون بضعف القصة

لا ادري لماذا تريد ان تصححها

ولا يصح ماقيل بان القاء الشيطان في كلام رسولنا عليه الصلاة والسلام لاينافي العصمة
بل انعقد الاجماع على عصمته - صلى الله عليه وسلم من سريان ذلك على لسانه

والتفسير الصحيح للآية هو كلام ابن عباس رواه عنه الطبري (18/667) بسند حسن

( إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) يقول: إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه. ( ولم يقل على لسانه )
( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ) فيبطل الله ما ألقى الشيطان.

وهو مافهمه وشرحه ابوجعفر النحاس (2/533)
فقال : فالقى الشيطان ذلك في تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن ينطق به النبي - صلى الله عليه وسلم

ولذلك فإن مايلقي الشيطان هو مالم يقوله الرسول عليه الصلاة والسلام
(لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ) (الحج : 53 )

أبو زُرعة الرازي
2011-08-07, 05:37 PM
هذه القصة باطلة أصلحك الله تعالى لا تصحُ سنداً ولا متناً فالقصة مضطربة إذا عرضت على كتاب الله تبارك وتعالى , وأسانيدها محل نظر أحسن الله تعالى إليك فلا أدري ما الفائدة التي تجنيها إن أنكرت ضعفها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

أبو زُرعة الرازي
2011-08-07, 05:46 PM
أسنى المطالب في إختلاف المراتب (1/193) : " فهذه القصة كذب مفترى كما ذكر هذا غير واحد ولا عبرة بمن قواها وأولها إذ لا حاجة لذلك وصح من هذه القصة في الصحيح قراءة سورة النجم وسجوده وسجود المسلمين والكافرين وليس فيه ذكر قصة الغرانيق أصلا وما هو مذكور في السورة المذكورة من ذم آلهتهم في قوله -تعالى- إن هي إلا الأسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان الآية يكذب هذه المقالة المضللة إذا لو وقعت منه لردوا عليه قوله حيث اجتمع فيه الذم والمدح ولا يدل سجود المشركين على صحتها لأنهم ربما سجدوا لآلهتهم تعظيما لها كما سجد رسول الله تعظيما لسيده وخالقه -سبحانه وتعالى- وأما نزول قوله -تعالى- وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى الآية فلم يعلم هل نزلت قبل هذا أو بعده أو في حينه وقول ابن عباس -رضي الله عنه- في تفسيره إن تمنى معناه تلا وقرأ كما يشهد له قول القائلتمنى كتاب الله أول تمني داود كتاب على رشد " .

جاءت هذه القصة بأسانيد خلاف إسناد سعيد بن جبير وقد جاءت بهذا اللفظ : " يروى هذا من طريق الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس أ.هـ. و الكلبى متروك و لا يعتمد عليه ، و كذا أخرجه النحاس بسند آخر فيه الواقدى و ذكره ابن إسحق فى السيرة مطولا ، و أسندها عن محمد بن كعب و كذلك موسى بن عقبة فى المغازى عن ابن شهاب الزهرى ، و كذا ذكره أبو معشر فى السيرة له عن محمد بن كعب القرظى و محمد بن قيس و أورده من طريقه الطبرى و أورده ابن أبى حاتم من طريق أسباط عن السدى ، و رواه ابن مردويه من طريق عباد بن صهيب عن يحيى بن كثير عن الكلبى عن أبى صالح ، و عن أبى بكر الهذلى و أيوب عن عكرمة و سليمان التيمى عمن حدثه ثلاثتهم عن ابن عباس ، و أوردها الطبرى أيضا من طريق العوفى عن ابن عباس و معناهم كلهم فى ذلك واحد ، و كلها إما ضعيف و إلا منقطع " والكلبي " هالك " عن أبي صالح , والواقدي " حاطب ليل ضعيف " والسدي " فيهِ ضعف " وعباد بن صهيب " ضعيف " والكلبي قد تقدم وهو ضعيف كذلك وفيها " عطية العوفي " وهو ضعيف ويبقى طريق سعيد بن جبير .

وفي تذكرة الموضوعات (1/594) : " وضعه أبو عصمة قال المؤلف ذكره الثعلبي في تفسيره عند كل سورة وتبعه الواحدي ولا يعجب منهما لأنهما ليسا من أهل الحديث وإنما العجب ممن يعلم بوضعه من المحدثين ثم يورده وفي العدة وقد أخطأ من ذكره من المفسرين بسند كالثعلبي والواحدي وبغير سند كالزمخشري البيضاوي ولا ينافي ذلك ما ورد في فضائل كثيرة من السور مما هو صحيح أو حسن أو ضعيف انتهى " .

وقال البيهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل. وقال القاضي عياض في الشفاء: يكفيك في توهين هذا الحديث أنه لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند صحيح سليم متصل، وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلفقون من الصحف كل صحيح وسليم.

وقال الإمام الزيلعي: الحديث الحادي عشر: حديث (تلك الغرانيق العلى)
قلت: رواه البزار في مسنده: حدثنا يوسف بن حماد حدثنا أمية بن خالد حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أحسب أشك في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكة فقرأ سورة النجم حتى انتهى إلى قوله تعالى (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) فجرى على لسانه تلك الغرانيق العلى الشفاعة منها ترتجى، قال: فسمع ذلك مشركوا مكة فسروا بذلك فاشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته) انتهى
ثم قال: هذا حديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل يجوز ذكره إلا بهذا الإسناد ولا نعلم أحدا أسند هذا الحديث عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس إلا أمية ولم نسمعه نحن إلا من يوسف بن حماد وكان ثقة وغير أمية يحدث به عن أبي بشر عن سعيد ابن جبير مرسلا وإنما يعرف هذا الحديث عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وأمية ثقة مشهور. انتهى

ورواه الطبراني في معجمه ولفظه عن سعيد بن جبير لا أعلمه إلا عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره.ورواه الطبري في تفسيره عن سعيد بن جبير مرسلا لم يذكر فيه ابن عباس، وكذلك الواحدي في أسباب النزول.

وأخرجه الطبري عن محمد بن كعب القرظي وعن قتادة وعن أبي العالية، وأخرجه أيضا عن ابن عباس ولكن فيه عدة مجاهيل عينا وحالا .

وقد أطال الناس الكلام على هذا الحديث وفي الطعن فيه وممن أجاد في ذلك القاضي عياض في كتاب الشفاء وملخص كلامه قال: وقد توجه لبعض الملحدين سؤالات وذكر منها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ سورة النجم قال: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) قال: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتها لترتجى، ويروى: ترتضي، فلما ختم السورة سجد وسجد معه المسلمون والكفار لما سمعوه أثنى على آلهتهم، وفي رواية: إن الشيطان ألقاها على لسانه وأنه عليه السلام كان تمنى ألو نزل عليه شيء يقارب بينه وبين قومه، وفي رواية: ألا ينزل عليه شيء ينفرهم عنه. وذكر هذه القصة وأن جبريل عليه السلام جاءه فعرض عليه السورة فلما بلغ الكلمتين فقال: ما جئتك بهاتين الكلمتين فحزن لذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تسلية له (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي...) الآية وقوله: (وإن كادوا ليفتنونك...) الآية.

ثم قال: ويكفيك في توهين هذا الحديث أنه حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم، وصدق القاضي بكر بن العلاء المالكي حيث قال: لقد بلي الناس ببعض أهل الأهواء والتفسير وتعلق بذلك الملحدون مع ضعف نقلته واضطراب رواياته وانقطاع إسناده واختلاف كلماته فقائل يقول إنه في الصلاة، وآخر يقول قالها في نادي قومه حين أنزلت عليه السورة، وأخر يقول قالها وقد أصابته سنة، وآخر يقول بل حدث نفسه فسها، وآخر يقول إن الشيطان قالها على لسانه وأنه عليه السلام لما عرضها على جبريل قال ما هكذا أقرأتك، وأخر يقول بل علمهم الشيطان أنه صلى الله عليه وسلم قرأها فلما بلغ النبي ذلك قال والله ما هكذا أنزلت، إلى غير ذلك من اختلاف الرواة.

ومن حكيت عنه هذه الحكاية من المفسرين وغيرهم لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم ضعيفة والمرفوع فيها حديث البزار، وقد بين البزار أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره سوى ما ذكر، وفيه من الضعف ما فيه عليه مع وقوع الشك، وحديث الكلبي الذي أشار إليه لا تجوز روايته لكذبه وقوة ضعفه، والذي منه في الصحيح أنه عليه السلام قرأ والنجم وهو بمكة فسجد وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. انتهى وكان كلامهُ من النقل والمعنى تكلم فيهِ بوجوهٍ كثيرة , وكفانا عناء البحث والتنقيب شيخنا المحدث الإمام الألباني رحمه الله تعالى . والله أعلى وأعلم .

أبو الفداء
2011-08-07, 11:27 PM
يا إخوان أرجو أن تتحلوا بأدب الخلاف العلمي، غفر الله لنا ولكم، وقبل ذلك، أرجو أن تستصحبوا حسن الظن بإخوانكم ههنا! فلا نقبل في هذا المجلس أن يقال لمن أتى لينشر بحثا كتبه في الانتصار لمذهب من مذاهب أهل العلم في رواية من الروايات، وهو يقرر ما يرى دونما شذوذ عن طرائق أهل العلم والنظر في ذلك = لا أدري لماذا تريد أن تصحح هذه الرواية الباطلة الباطلة الباطلة .... !! لماذا تظنه يريد أن يصححها إن كان فاعلا؟؟ ليهدم عصمة الأنبياء مثلا؟ ما هذا الأسلوب؟؟ أتتوجهون بمثل هذا الكلام إلى من صححها من أهل العلم من قبل؟
قد تقدم أن من العلماء من يرى أن قبول هذه الرواية لا يلزم منه إسقاط العصمة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد مرت إلزامات في هذه الصفحة لم يجب أي منكم عنها بشيء، فدعوا عنكم الدفع بالصدر أصلحنا الله وإياكم!

ولا يصح ماقيل بان القاء الشيطان في كلام رسولنا عليه الصلاة والسلام لاينافي العصمةما هذا؟ إذن نفهم من آية الحج أنه لم يكن لأحد من الأنبياء والمرسلين العصمة في التبليغ قط قبل رسولنا عليه الصلاة والسلام، لأنها تقول: ((وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا ...)) الآية!! أم ترى عامة السلف الذين ذهبوا إلى أن التمني هنا معناه التلاوة = فاتهم ما يلزم عن ذلك التفسير من "منافاة العصمة" لسائر الأنبياء والمرسلين خلا رسولنا عليه السلام؟ يعني يضيرك نفي العصمة عن رسولنا عليه الصلاة والسلام، ولا يضيرك نفيها عن سائر من كانوا قبله من الأنبياء والمرسلين؟ هلا تأملت في لوازم ما تكتب يا أخانا، أصلحك الله؟

وكفانا عناء البحث والتنقيب شيخنا المحدث الإمام الألباني رحمه الله تعالىلا لم يكفكم، إلا إن كنتم قد ارتضيتم تقليده، عليه رحمة الله! فإن كان فهذا شأنكم ولا تثريب عليكم .. ولكن ليس لكم إلزام إخوانكم بذلك، عفا الله عنكم!
لستُ ههنا للانتصار لأحد القولين في قبول الرواية أو ردها، وإنما أردت بيان أن المتعلقين في التضعيف بزعمهم شناعة ما يلزم من التصحيح والقبول، عليهم أن يقلبوا النظر مرارا وتكرارا في تلك اللوازم قبل تأسيس الترجيح عليها! لقد كان من طريقة أهل العلم الكبار أنهم حتى إذا حكموا بضعف رواية من الروايات، تراهم يقلبون النظر فيما يمكن أن يصح من أوجه التأويل لتلك الرواية، لا لأنها صحيحة عندهم، ولكن لأن غيرهم من أهل الشأن قد قبلها، وحينئذ يكون فقهها مطلوبا عند هؤلاء! أما أن يشنع أصحاب القول بالضعف على مخالفيهم بهذا الأسلوب القبيح، وكأن الحديث لم يظهر إلا بالأمس القريب، وكأن الذي يقول بتصحيحه = عدو من أعداء الملة يريد الانتصار لشبهات النصارى والملاحدة (مثلا)، فهذا ليس من طرائق العلماء ولا من هدي الأئمة في شيء البتة، وإلى الله المشتكى.

ابن شهاب الدين
2011-08-08, 12:03 AM
قولك

ما هذا؟ إذن نفهم من آية الحج أنه لم يكن لأحد من الأنبياء والمرسلين العصمة في التبليغ قط قبل رسولنا عليه الصلاة والسلام، لأنها تقول: ((وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا ...)) الآية!

لا حاشا لله وكلا فالعصمة ثابتة لكل الرسل وما اقصده هو ان الرسول لا ينطق بذلك انما هو القاء الشيطان ليس على لسانه بل في حديثه وهناك فرق فالقاء الشيطان لايسمعه الا كافر اما المؤمنون فلا يسمعونه

وانصح كل مجادل بقراءة كتاب الاحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن ( وهو رسالة دكتوراة خرجت بتقدير امتياز )
وقد تم عرض كل الاراء فيها بين من قبل القصة ومن ردها ومن أوّلها ومن قال بوضعها وقد رجح صاحب الرسالة بعد بحث طويل الضعف والرد
ومن شاء اوجه الترجيح فليراجع الكتباب المذكور وفيه الفائدة ان شاء الله

واختم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم \\ ماضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا اوتوا الجدل \\

أبو الفداء
2011-08-08, 12:35 AM
لا حاشا لله وكلا فالعصمة ثابتة لكل الرسل وما اقصده هو ان الرسول لا ينطق بذلك انما هو القاء الشيطان ليس على لسانه بل في حديثه وهناك فرق فالقاء الشيطان لايسمعه الا كافر اما المؤمنون فلا يسمعونههذا تأويلك، ولغيرك تأويلات أخرى. وقولك هذا يلزمك معه أن تقبل المتن، فتأمل! ولا أدري ما دليلك على أن إلقاء الشيطان لا يسمعه إلا كافر؟ هذا منصوص عليه أم هو من تصورك ومن وافقته؟ فإن كانت الأولى فأتحفنا. وإن كانت الثانية فاجتهادك لا تسقط به اجتهادات مخالفيك، والعبرة بالدليل.
وأقول لو كان هذا الذي تقوله حقيقته عندك أنه لا يجوز وقوع اشتباه فيما إذا كان هذا الإلقاء من الوحي، فلا معنى إذن لقوله تعالى ((فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته))، إذ حينئذ لا يلزم نسخ ولا إحكام لأنه لم يقع ما يستدعيه أصلا! وهذا حرف المسألة، بغض النظر هل الإلقاء كان على لسان النبي عليه السلام في تلاوته أو كان في أسماع من كانوا يستمعون إليه! فلو كان بعض الناس يسمعونه على وجه وبعضهم يسمعه على وجه آخر - كما أفهم من كلامك - لاختلفوا في ذلك، ولقال المؤمنون للكفار "أنتم تكذبون، ما هكذا قال، وإنما قال كذا وكذا"، وحينئذ لا يحتاج الأمر إلى النسخ الذي نصت عليه الآية!

وقد تم عرض كل الاراء فيها بين من قبل القصة ومن ردها ومن أوّلها ومن قال بوضعها وقد رجح صاحب الرسالة بعد بحث طويل الضعف والرد
ومن شاء اوجه الترجيح فليراجع الكتباب المذكور وفيه الفائدة ان شاء اللهجزاك الله خيرا، ويكفيني منك الاعتراف بوجود الخلاف!
فأرجو منك بعدُ الالتزام بمناقشة الأدلة برفق وسعة صدر إن كنت مؤهلا لذلك، وإلا فلا يضيرك تقليد من اخترت تقليده والنقل عنه بارك الله فيك، وإنما يضير إخوانك جدا أن تلزمهم بموافقتك بالقوة وأن تشنع عليهم ما رجحوه!
أما قولك:

واختم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم \\ ماضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا اوتوا الجدل \\فإن كنت لا تميز - أصلحك الله - بين النزاع العلمي وما يلزم له من نقاش ومناظرة وأخذ ورد، وبين الجدل الذي ذمه النبي عليه السلام في هذا الحديث، فلستَ من هذا الأمر في شيء أصلا، والله المستعان.

عادل سليمان القطاوي
2011-08-08, 11:00 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم وبارك ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه من خيرة السلف المبارك ..
أما بعد :
الأخوة الكرام ...
وأخص أولا أخي : أبا الفداء ، لموقفه المشرف في اظهار الحياد عند مناقشة المسائل العلمية ..
وثانيا الأخ ابن شهاب : الذي يفرض علينا رأيه بالقوة من أول مشاركة له حتى آخرها ، مع تدعيمها بالظن السيء حتى وصفني بالكفر عندما قال نصراني متستر ، ووصفني بالإبتداع والجهل وووو مما لا أحصيه في مشاركاته أعلاه ، وقد أحسن المشرف بحذفها فجزاه الله خيرا ، كما أنني أسأل الله أن يمحوها من صحيفة أعماله ..
ثم الأخوة المشاركون جميعا :
هذه كلمة موجزة أضعها بين أيديكم لنرى جميعا الموضوع في سطور ... وليس على طريقة البحث وإنما على طريقة تلخيص خلاف في مسألة بأسلوب سهل يفهمه كل قاريء ..

بحثي بعنوان : [ التصديق بما جاء في قصة الغرانيق ، وأنها تفسير السلف على التحقيق ، ورد دعوى أنها من وضع الزناديق ]
وهذا البحث ضمن سلسلة بعنوان [ الإنتصار لمذهب السلف الأخيار ( خير القرون ) ]
وقلت في مقدمة السلسلة :

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه ..
أما بعد :
فهذه سلسلة " الإنتصار لمذهب السلف الأخيار " جمعنا فيها بعضاً من المسائل المختلف فيها ، والتي غالباً ما خالف فيها جمهور المتأخرين ، لمذهب السلف الأخيار الأبرار ..
وأردنا فتح ملفات هذه المواضيع ، لنبين أن السداد في مذهب السلف ، وأن الخير فيما اختاروه وقرروه ، إذ إن اختلاط العلوم عند كثير من المتأخرين قد حدا بهم إلى تحكيم عقولهم فيما وردت به النصوص ، أو نقل عن جمهور السلف ..
وقد كان أول الجهود في هذه الموسوعة من نصيب الرسالة الأولى والتي عنوانها : التصديق بما جاء في قصة الغرانيق ، وأنها تفسير السلف على التحقيق ، ورد دعوى أنها من وضع الزناديق ..
ويتلوها بإذن الله تعالى رسالتان أخرتان :
أولاهما : الصواب فيما ذهب السلف إليه ، في أثر مجاهد عن العرش والجلوس عليه .
والثانية : رفع الراية المنصورة - في قبول السلف بلا تأويل - لحديث الصورة .
وهاتان الرسالتان الأخيرتان ، وإن كانت الركيزة فيهما على حديث أو أثر ضعيف من جهة إسناده فإن السلف رووه في مصنفاتهم محتجين به ، وقرروا معناه بلا نكير ، بل من رد معنى أثر مجاهد أو حديث الصورة ، قد وصفه بعض علماء السلف بأنه جهمي أو مؤول قد خالف الجادة ..
ونحن في هذه الرسائل وغيرها ، سنناقش إسناد أدلتها ووجهة نظر المخالف في ردها والتكذيب بها مع نقل تصحيح جمهور علماء السلف لهذه المسائل كي يتضح الأمر لكل ذي عينين .
ولا زالت الجهود تبذل بحول الله وقوته لبيان بعض المسائل التي دار حولها الجدل ..
ونسأل الله أن يكون لهذه السلسلة حظ من التوفيق والنجاح ، بقدر ما فيها من نفع وإفادة ..
ولا ننسى ونحن نقدم لهذه الرسالة الأولى أن نقول : إن هذا جهد فردي ، ليس بقاض على الخلاف وحده ، وإنما بجهود إخواننا طلاب العلم ومشايخه الغيورين على مذهب السلف ، وأن يتكاتفوا ويكتبوا وينشروا ما لديهم من بحوث ، ليحيى من حي عن بينة ..
والله المستعان . وهو حسبنا ونعم الوكيل .

انتهى

ثم كانت الرسالة الخاصة بقصة الغرانيق ..

وهذه مقدمتها :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه ومن تبعه من السلف الصالحين ..
أما بعد :
فلا يخفى على طالب العلم ، ذاك الخلاف القائم منذ قرون مضت وإلى عصرنا هذا ، بين من كذب بقصة الغرانيق فأبطلها وردها ، وبين من رواها وصححها وقبلها ..
والذي ظهر مؤخراً في مؤلفات السيرة والعقيدة هو الترجيح لرد القصة ، وبيان بطلانها من كل وجهة ، بل تجد من يقول بوضعها ! وأن بعض الشياطين اخترعوها !! ومن قال رجما بالغيب أنها من اختراع الزنادقة !! متهما رجال الحديث وحفاظه الجهابذة ، راميا إياهم بالغفلة والجهل ، مخالفا قواعد علم الحديث الشريف ، متمسكا بقواعد علم الكلام ، مقدما عقله وهواه على النصوص ولو كان من كتاب الله ، نصاً واضح الدلالة ، أو أثراً رواته أئمة عدول .
وإحقاقا للحق ، ونصرة لمذهب السلف ، وإحياءاً لقيمة تفاسيرهم ورواياتهم في الشريعة :
أحببت أن أشارك بجهدي المتواضع ، على قلة الباع ، وقصر الذراع ، ليرد الحق إلى نصابه ولبيان من هو على الجادة ممن خالفها .
فهذا البحث : ما هو إلا تحقيق على روايات قصة الغرانيق جامعاً بين طياته آراء وجهود علماء التفسير والحديث والعقيدة والسير والمغازي ، متحرياً الدقة في النقل عنهم ، مراعياً الإنصاف في نقل قول المخالف والترحم عليه والدعاء له بالمثوبة على جهده في خدمة دين الله عزوجل ، إذ إن أغلب المنكرين ما أرادوا إلا صيانة الجناب النبوي وحماية الشريعة ..
وقد توسعنا في توضيح مسألة عصمة الأنبياء كي يتضح الأمر أمام من رد القصة زاعماً أنها تناقض العصمة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام .
وسنتكلم عن الموضوع إن شاء الله تعالى ، في تسعة فصول وخاتمة ، كي يتضح السبيل ، لمن يجهل الخلاف في المسألة .. وعلى الله قصدنا واعتمادنا ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .

وهذه فهرست مواضيعها :

فهرس موضوعات البحث
مقدمة سلسلة : الإنتصار لمذهب السلف الأخيار .
مقدمة الرسالة : التصديق بما جاء في قصة الغرانيق .

الفصل الأول : قصة سجود المشركين مع سورة (النجم)
- بيان الخلاف في سبب سجود المشركين .
- رواية المسور بن مخرمة عن أبيه في إسلام قريش ؟

الفصل الثاني : تخريج روايات قصة الغرانيق
أولاً : الروايات الموصولة
- رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس من طريق أبي بشر .
- رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس من طريق عثمان بن الأسود .
- تحقيق في رفع الجهالة عن الراوي
- رواية العوفي عن ابن عباس .
- رواية أبو صالح عن ابن عباس .
- رواية عكرمة مولى ابن عباس عنه.
- رواية سليمان التيمي عن ابن عباس.
- خلاصة روايات ابن عباس
- حديث موصول عن الصحابي محمد بن أنس بن فضالة رضي الله عنهما.
ثانيا : الروايات المرسلة
1- رواية سعيد بن جبير .
2- رواية أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث.
3- رواية أبي العالية رُفَيِّع بن مهران الرياحي .
4- رواية محمد بن كعب القرظي .
5- رواية محمد بن قيس المدني .
6- رواية قتادة بن دعامة السدوسى .
7- رواية عروة بن الزبير بن العوام .
8- رواية محمد بن مسلم بن شهاب الزهري .
9- رواية أبي صالح باذام مولى أم هانىء .
10- رواية الضحاك بن مزاحم الهلالى .
11- رواية المطلب بن عبد الله بن حنطب .
12- رواية مجاهد بن جبر المكى .
13- رواية عكرمة القرشى مولى ابن عباس .
14- رواية السدي إِسماعيل بن عبد الرحمن .
15- رواية مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدى .
16- ما ذكره محمد بن اسحاق بن يسار المدنى .
17- ما ذكره موسى بن عقبة .

الفصل الثالث : مضمون محتوى هذه الروايات وبيان بعض مفرداتها
أولا : مضمون هذه الروايات .
- بيان الإختلاف في ألفاظ جملة الغرانيق المذكورة .
- شواذ ألفاظ هذه الروايات عن بعضها البعض.
ثانيا : معنى الغرانيق ، وهل يراد بها الملائكة أم الأصنام ؟
ثالثا : معنى إلقاء الشيطان على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.

الفصل الرابع : تحقيق روايات القصة صحةً وضعفاً
أولا : روايات قصة السجود المتفق عليها بين الطرفين .
ثانيا : التحقيق في روايات قصة الغرانيق .
- توجيه في نقد الإمام البزار ، وعلى أي رواية تكلم .
- زيادة الثقة هل يقال بشذوذها مطلقا .
- التحقيق في الروايات المرسلة .
- الرد على من ادعى وضع القصة .
ثالثا : بيان مسألة قبول المرسل والاعتضاد بغيره .
رابعا : رأي علماء السلف بين روايات المغازي والتفسير وأحاديث الأحكام .

الفصل الخامس : تفسير الآيات من سورة الحج
- خلاصة مذاهب المفسرين في الآية .
- تذييل في تفسير آية من سورة الزمر .

الفصل السادس : مناقشة موضوع العصمة مع من أبطل قصة الغرانيق

- مناقشة موضوع العصمة ، وبيانها في أربعة محاور :
المحور الأول : في أن حصول القصة كان قبل العصمة على قول.
المحور الثاني : في أن الأمور العارضة لا تؤثر في الثوابت .
المحور الثالث : في بيان مفهوم العصمة وحدودها .
المحور الرابع : أن الوقوع في الخطأ لا ينافي العصمة إلا إذا أقروا عليه.

- بين قصة الغرانيق وقصة السحر وأشباهها .

الفصل السابع : مناقشة المخالفين في بعض وجهات النظر
(1) الرد على الإمام أبو بكر بن العربي في مقاماته .

(2) الرد على الإمام القاضي عياض في الشفا.
(3) الرد على الإمام فخر الدين الرازي .
(4) حقيقة ما نقل عن ابن خزيمة والبيهقي .
(5) كلام ابن كثير في تاريخه متأخر عن التفسير .
(6) شبه الشيخ محمد عبده المصري.
(7) مناقشة الإمام محمد ناصر الدين الألباني .
(8) شبهة أن قصة الغرانيق تخالف الآيات المحكمات ؟
(9) الرد على بعض الشبهات .
(10) بيان موقف النبي من الأصنام.
(11) سبع فوائد من حصول القصة .

الفصل الثامن : في ذكر نـقول عن مواقـف العلماء الذيـن قبـلوا القصة في الجملة
وهو أكبر فصول الكتاب وقد جمعنا فيه آراء ما يزيد على سبعين عالما من علماء
الأمة على اختلاف فنونهم في التفسير والحديث والفقه والتاريخ والأدب والعربية .

الفصل التاسع : في تقرير شيخ الإسلام ابن تيمية
- شيء من ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية .
- ابن تيمية يناقش الطرفان المتخاصمان ، ويقضي بينهما.
- نتيجة ما نقل عن شيخ الإسلام .
خلاصة البحث - الخاتمة – الفهرس .

انتهى .

عادل سليمان القطاوي
2011-08-08, 11:17 AM
وعلى ضوء ما تقدم أقول للأخ ابن شهاب وغيره :
أولا :
لا تحسب أن باحثا عليه أن يجمع كل ما ورد في مادة موضوع ما ، ينتظر من قاريء عادي ، أو أخ متدين على علم بشيء من علوم الشرع ، أن يقول له [ أنصحك بقراءة كتاب كذا وكذا ]..
فإن لم يكن الباحث على علم بما كتب حول مادته من قريب أو من بعيد فهو ليس على طريق الجادة في التحقيق العلمي ،،
نعم إذا أفرغ وسعه ثم نسي أشياء أو غاب عنه ما لم يطلع عليه ، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها .. وهو مأجور إن شاء الله تعالى .


ثانيا : أضرب لك مثالا بما أبديته في نصيحتك لي ولغيري بقراءة كتاب " الأحاديث المشكلة " ..
أقول : أن الدكتور أحمد بن عبد العزيز القصير ، قد أفرغ وسعه في مناقشة الموضوع ونقل وجهات النظر ، وجزاه الله خيرا ..
لكن نتيجة بحثه ليست بملزمة جبرا لكل من يقرأ تحقيقه ، وهو كتاب جيد جدا في كثير من المسائل التي ناقشها ، لكن إلزامك لنا بنتيجة بحثه هذا غير ملزمة .. لا سيما والمسألة فيها خلاف منذ زمن بعيد إلى عصرنا الحاضر .


ثالثا : إذا كان رفض القصة وبطلانها بناءاً على الوجهة الحديثية وأصول صناعة الحديث رواية ودراية ..
فلن أناقشك في الاسانيد التي جاءت بها القصة فذلك يطول ، ولكن إن كنت على علم بمن صححها من العلماء أو قبلها في الجملة ، وأن لهم باعاً كبيرا في التصحيح والتضعيف - وهم أكثر عددا ممن ضعف القصة وأبطلها – فليس من الحكمة أن تجبر غيرك بقبول رأي من قال بوضعها أو أبطلها عقلا ونقلا ..
فليس هؤلاء أجدى بقبول العلم منهم ، وترك هؤلاء ، لا سيما ترك كفة فيها من العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ البغوي والحافظ الضياء المقدسي والحافظ ابن حجر والسيوطي والدمياطي وابن حجر الهيتمي وابن بطال وابن قتيبة الدينوري وتاج الدين ابن السبكي إلى شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب النجدي وحفيده المحدث الشيخ سلمان ، والمفسر العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، رحم الله الجميع ، ثم في عصرنا الشيخ صالح آل الشيخ والشيخ أسامة بن عطايا العتيبي ، إلى كثير ممن تعلمهم ومن لا تعلمهم.


رابعا : إذا كان رد القصة والقول ببطلانها بناءاً على أنها تناقض العصمة وتهدم الدين ..
فقد فصلت القول أعلاه في موضوع العصمة بما لا مزيد عليه ..
ولنُذَّكِّرْ بالرواة لها من التابعين مثل :
أبو العالية وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وقتادة وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن وغيرهم ممن ذكرنا رواياتهم ..
وكذلك من رواها عنهم من الأئمة الكبار أمثال الحافظ عبد الرزاق الصنعاني والحافظ ابن جرير الطبري والحافظ ابن أبي حاتم الرازي والحافظ أحمد بن موسى بن مردويه والحافظ عبد بن حميد والحافظ ابن المنذر والحافظ الطبراني والحافظ أبو القاسم هبة الله بن سلامة ، والحافظ الواحدي النيسابوري والحافظ عز الدين بن الأثير الجزري ، والحافظ الضياء المقدسي ....
هؤلاء الحفاظ كلهم وقبلهم الأئمة موسى بن عقبة ومحمد ابن اسحاق وأبو معشر ومحمد بن عمر الواقدي ومحمد بن سعد وابن سيد الناس .... وغيرهم ممن ذكرنا في البحث .
كل هؤلاء رروا هذه القصة ساكتين عليها مقرين بها ، وذكروها مفسرين بها الآية من سورة الحج أو الحدث في السيرة النبوية ..
فإن كانت هذه القصة باطلة لأنها تخالف العصمة النبوية وتنقضها وبها فساد الدين !! كما زعمتم ..
فليس أمامنا مخرج لهؤلاء الأجلة ، إلا أمرين لا ثالث لهما :
- إما أنهم يعلمون الفساد من رواية هذه القصة ، ومع ذلك رووها بلاهة وجهلا !! وحاشاهم .
- أو أنهم لم يروا في القصة تلك الشنشنة التي نعرفها من أخزم ، والتي اخترعها أهل الكلام من الأشاعرة ومن على طريقتهم أو من انخدع برأيهم ظانا أنهم على صواب وأن جمهور السلف على خطأ عقائدي خطير كهذا ..
ولا يقال هنا : من أسند فقد أحال وبرءت ذمته ، فهذا شيء خطير كما زعم المخالف والسكوت عليه قد يجر إلى ما لا يحمد .. والبيان هنا ولو بالإشارة أن هذه الروايات تناقض العصمة لابد منه إذا كانوا رأوا فيه ما رآه أهل الكلام .


بل أريد أن يبين لنا المخالف :
من أول من قال بوضع القصة وبطلانها وفي أي قرن قيل ذلك ؟
ولكن لا يقول القائل : ابن خزيمة ، والبيهقي ؟؟؟
فأولا لم يثبت النقل عنهما ، إلا ما حكاه الرازي وتناقله عنه كثير ممن رد القصة .. وإلا فعندي أن المذكور عن البيهقي خلافه .
والظن بالحافظ ابن خزيمة أنه يقدر روايات السلف ويجلها ولا يعمل فيها عقله كأهل الكلام ..


وقد قلت في البحث ( ص 77 ):


(4) بيان ما نقل عن الإمامين : ابن خزيمة والبيهقي رحمهما الله .
فقد نقل الفخر الرازي في تفسيره (23/44) : قول الإمام الحافظ ابن خزيمة: هذه القصة من وضع الزنادقة .اهـ
ونقل أيضا في تفسيره (23/44) عن الإمام البيهقي قوله : هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل.اهـ
وتتابع النقل عن هذين الإمامين جمع من المفسرين والشراح ممن نقض قصة الغرانيق ، حتى إن بعضهم غلط فنسب القول لابن إسحاق صاحب السيرة وليس للإمام اسحاق ابن خزيمة .. ومن قائل : وقد ألف في ردها رسالة !! ولا ندري أين هذا الكلام وأين هذه الرسالة .
أما عن النقل عن البيهقي : فالموجود من كلامه حول هذا الموضوع في كتبه حسب ما اطلعنا عليه يضاد ما نقله الفخر الرازي ، إذ إنه بين راوٍ للقصة من جهة ، وبين حكايته أن القصة مشهورة عن أهل العلم بالسير ..
قال في دلائل النبوة (2/175) :
وقد روينا قصة إلقاء الشيطان في أمنيته عن محمد بن إسحاق بن يسار . وروى محمد بن إسحاق بن يسار قصة عثمان بن مظعون ، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف سماعا منه عمن حدثه ، وذلك فيما أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، أن أبا العباس الأصم حدثهم قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق فذكر القصتين ، بمعنى موسى بن عقبة ، وأما قصة الهجرة فهي مروية في أحاديث موصولة. اهـ
وقال في كتابه معرفة السنن والآثار (14/421) :
والمشهور عند أهل العلم بالمغازي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قرأ بالنجم ، وألقى الشيطان في أمنيته ما ألقى ، وسمعه المشركون سجدوا لسجوده تعظيما لآلهتهم ، وفشت تلك الكلمة حتى بلغت أرض الحبشة ، وحدثوا أن أهل مكة قد أسلموا كلهم ، وصلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا نسخ الله تعالى ما ألقى الشيطان وبرأه من سجعه انقلب المشركون بضلالهم ، فعلى هذا الوجه كان سجودهم ، والله أعلم . اهـ
وأما المنقول عن الإمام ابن خزيمة :
فهو الإمام السلفي الأثري صاحب الصحيح يروي بالآثار ويتتبعها بالسند ويعلم قيمة ما يرويه السلف ، ولا أظنه يرد ما نقل عن جمع من التابعين ، وقد اشتهر عن السلف روايتهم للقصة وتفسيرهم للآية في سورة الحج بها .
وأيا كان فصحة النقل عنهما أو عدم صحتها ليس بكبير أمر ، إذ ردها أئمة جلة وقبلها آخرون من أمثالهم فلا ضير ، غير أننا نحب أن نضع النقاط على الحروف وألا يذكر عن إمام ما ليس في كلامه ، نصرة لرأي أو لإبطاله .


انتهى



والله أعلى واعلم .

عادل سليمان القطاوي
2011-08-08, 11:31 AM
بقي أن اقول للمخالف هنا :
لا تكثر علينا من قولك ( باطلة باطلة باطلة )
فنحن بفضل الله أدرى منك بالبطلان من عدمه ، وعندنا نقول عن العلماء الذين ردوها ، وأضعافها عن الذين قبلوها ..
والالتزام بمنهج الحوار والنقاش المفيد كان أولى بك من البداية ، وخير لك من التجريح والاتهام بالباطل ..
ولاحظ أنك ومن يقول بوضعها وبطلانها من طلبة العلم لا يخصني هذا التجريح ، بقدر ما يخص مباشرة علماء السلف ..
وتشنيعكم على من رواها وصححها وقبلها يقع عليهم لا علي بداهة .. فإنني باحث استفرغت وسعي لدراسة الموضوع من كل جوانبه حسب جهدي ..
فلا يطلع علينا أحد ويقول بالبطلان نصرة لفئة ، ويهجر القول بالقبول والتصحيح لفئة أخرى ..
والله المسؤول أن يجنبنا الجدل والمراء والاتهام بالباطل ، وأن يحسن ظن بعضنا البعض ..
ونستغفر الله العظيم ونتوب إليه .

عمر ابراهيم الموصلي
2011-08-08, 11:42 PM
جزى الله اخانا القطاوي خير الجزاء فانه كان في غاية الالتزام باداب الاخوة والاحترام بخلاف الاخ ابن شهاب الدين الذي حاد عن الصواب واعتدى على اخيه متناسيا ان الاخ القطاوي مسبوق بما يقوله واني اطلب من الاخ ابن شهاب ان يتوب الى الله وان يستمر على انكار هذه القصة بالاساليب العلمية بعيدا عن التشجنات.
واني لانصح الاخ القطاوي بما اراه صوابا ان شاء الله تعالى فاقول :ان هذه القصة لا تصح باسناد موصول صحيح وكيف يغفل عنها السلف وائمة الحديث ولا يسندوها وانت تعلم ان في التفسير هناك روايات منكرة يرويها بعض التابعين والان بنفس الاسلوب الذي قدمته انت تماما ربما يأتي أحد الناس ويثبت الروايات في هم يوسف على نكارتها فتنبه.

عادل سليمان القطاوي
2011-08-09, 01:43 AM
الأخ الكريم / عمر ابراهيم الموصلي ...
جزاك الله خيرا وبرا ..
ولنعم المشاركة هذه ، فانها تثلج الصدر بما فيها من أدب ، برغم ديمومة الخلاف العلمي في المسألة المطروحة ..
ولعل البعض !! يقتدي بك ويأخذ مما حلاك الله به من أدب الحوار ، وحسن الظن بالأخوة .. في مشاركتك هذه .

نعم أخي الكريم ...
أنت نصحتني بما تراه صوابا ، وتخالف من صحح القصة بدليل أنها لم تروى موصولة بسند صحيح ..
وهذا كلام من ضعف أو رد القصة من العلماء ..
وكلام إخوانهم أن القصة رويت موصولة من طريقين عن ابن عباس ولكن علتهما مخالفة أحد رواتهما بوصلها وباقي الرواة على الإرسال ..
وهذه المخالفة من ثقة عمن هم أوثق منه جعلها المصححين للقصة غير قادحة في صحة الوصل اصطحابا للروايات الأخرى الموصولة عن ابن عباس باسانيد ضعيفة وكذا الروايات المرسلة الصحيحة .. فخرجوا بتصحيح الموصول ، وقالوا أن سبعة عشر رواية مختلفة المخرج عن جمع من التابعين لا يمكن أن يتفق فيها الكذب والاختلاق ..
فإن كنت أخذت براي من ضعف او رد القصة ، فقد أخذ أخوك براي من صححها أو حسنها أو قبلها في الجملة ، لا سيما ومعهم ظاهر الكتاب الكريم كما في الآيات من سورة الحج على تفسير السلف لها ..

أما المسألة الأخرى ، وهي : لم لم يسندها السلف ؟
أراك تعني لم لم يرووها موصولة .. وإلا فقد اسندوها عن التابعين كما هو معلوم .. وهو بهذه الصفة يعد حديثا مرسلا ..
فمن العلماء من قبل المرسل مطلقا ، ومنهم من قبله إن جاء من طريق آخر أو طرق تعضده . ومنهم من رده مطلقا كمذهب الألباني - رحمه الله تعالى - الذي يسقط الاستدلال بالحديث المرسل وإن تعددت طرقه كما في نصب المجانيق (ص 44 (له رحمه الله تعالى .

ولا شك أن الحديث المرسل ضعيف باتفاق العلماء المصنفين في أصول علم الحديث وخبراء المحدثين .. ولكن تعدد المراسيل وتغاير مخارجها وصحة السند إلى المرسل هي ما تحتاج إلى مزيد بحث وبيان ..

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (13/348) :
المراسيل إذا تعددت طرقها وخلت عن المواطأة قصداً ، أو الاتفاق بغير قصد ، كانت صحيحة قطعاً ، فإذا كان الحديث جاء من جهتين أو جهات ، وقد علم أن المخبرين لم يتواطآ على اختلاقه ، وعلم أن مثل ذلك لا تقع الموافقة فيه اتفاقاً بلا قصد علم أنه صحيح .... وكذلك إذا حدث حديثا طويلا فيه فنون وحدث آخر بمثله فإنه إما أن يكون واطأه عليه أو أخذه منه أو يكون الحديث صدقا وبهذه الطريق يعلم صدق عامة ما تتعدد جهاته المختلفة على هذا الوجه من المنقولات وإن لم يكن أحدها كافيا إما لإرساله وإما لضعف ناقله لكن مثل هذا لا تضبط به الألفاظ والدقائق التي لا تعلم بهذه الطريق فلا يحتاج ذلك إلى طريق يثبت بها مثل تلك الألفاظ والدقائق .. وهذا الأصل ينبغي أن يعرف فإنه أصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي وما ينقل من أقوال الناس وأفعالهم وغير ذلك ..اهـ

وقال السيوطي في لباب النقول في أسباب النزول :
قال الحاكم في علوم الحديث إذا أخبر الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا فإنه حديث مسند ومشى عليه ابن الصلاح وغيره .. ثم قال السيوطي : .... تنبيهات : ماجعلناه من قبيل المسند من الصحابي إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضا لكنه مرسل فقد يقبل إذا صح السند إليه وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير أو اعتضد بمرسل ونحو ذلك ... اهـ

أما قولك عن الروايات المنكرة في التفسير .. وقياسك بقصة هم يوسف عليه السلام ..
فهذا من الإسرائيليات بلا خلاف ، والتابعي إذا حدث عن الإسلام وعهد النبوة ، لم يكن يتساوى وحديثه عن الانبياء والقرون الأولى .. فالأخير له حكم خاص معلوم في الاصول غير مجهول .

ومن المهم في نظري - طالما أنك فتحت هذا الباب - أن ننقل للقراء قيمة روايات التفسير والمغازي ومغايرتها عن روايات الأحكام والعقائد ..
وأن جمهور السلف وفحول العلماء قبلوا في التفسير والمغازي من الاسانيد ما لم يقبلوا في أحاديث الأحكام ..
وقد ناقشت هذه المسألة بتوسع في البحث ص 48 ...
ولعلي أنشط لنقله بتمامه لكثرة فوائده والنقول الثمينة عن جمهرة من العلماء المحققين ..
وشكر الله لك وزادك حرصا ..

عادل سليمان القطاوي
2011-08-09, 01:57 AM
وقد وجدتني نقلته أعلاه في المشاركة رقم 46 .. فهاهي برمتها :



وهنا مسألة في غاية الأهمية ............

بخصوص روايات السير والمغازي والتفسير ومغايرتها عن الروايات الأخرى
فهذه مشكلة كثيرا ما يقع من إهمالها اختلاف عريض ، وهي خلط المصطلحات في الفنون العلمية ... فمن الخطأ البين أن نحاكم جميع روايات السير والمغازي والتفسير إلى كل دقائق علم مصطلح الحديث فنطبق عليه ما نطبقه على روايات الفقه والأحكام من السنة النبوية ...
يقول ابن سيد الناس في عيون الأثر (1/150(تعليقا على قصة الغرانيق :
بلغني عن الحافظ عبد العظيم المنذرى رحمه الله أنه كان يرد هذا الحديث من جهة الرواة بالكلية وكان شيخنا الحافظ عبد المؤمن الدمياطي يخالفه في ذلك ، والذى عندي في هذا الخبر أنه جار مجرى ما يذكر من أخبار هذا الباب من المغازى والسير ، والذى ذهب إليه كثير من أهل العلم الترخص في الرقائق وما لا حكم فيه من أخبار المغازى وما يجرى مجرى ذلك وأنه يقبل فيها ما لا يقبل في الحلال والحرام لعدم تعلق الأحكام بها ، وأما هذا الخبر فينبغي بهذا الاعتبار أن يرد إلى ما يتعلق به إلا أن يثبت بسند لا مطعن فيه بوجه ولا سبيل إلى ذلك فيرجع إلى تأويله. اهـ
وهذا هو المعنى المشهور من أن الأحكام يتشدد العلماء في روايتها وإسنادها ، ولا يتشددون في الفضائل والسير والمغازي والتفسير ..
قال الإمام ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/84) بعد ذكره لحديث ضعيف :
وأهل العلم بجماعتهم، يتساهلون في الفضائل فيروونها عن كلٍ، وإنما يتشددون في أحاديث الأحكام .اهـ
وقال الإمام الخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية ) ص 133( :
باب التشدد في أحاديث الأحكام والتجوز في فضائل الأعمال .. ثم قال : قد ورد عن غير واحد من السلف أنه لا يجوز حمل الأحاديث المتعلقة بالتحليل والتحريم الا عمن كان بريئا من التهمة بعيدا من الظنة وأما أحاديث الترغيب والمواعظ ونحو ذلك فإنه يجوز كتبها عن سائر المشايخ .اهـ
ثم روى بسنده عن سفيان الثوري قوله :
لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام الا من الرؤساء المشهورين بالعلم الذين يعرفون الزيادة والنقصان فلا بأس بما سوى ذلك من المشايخ . اهـ
وروى عن سفيان بن عيينة قوله : لا تسمعوا من بَقِّيَّةَ ما كان في سنة واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره . اهـ
وروى عن الإمام احمد بن حنبل قوله : إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد. اهـ
وروى عن الميموني قال سمعت أبا عبد الله يقول : أحاديث الرقاق يحتمل أن يتساهل فيها حتى يجيئ شيء فيه حكم . اهـ
وروى عن الثقة أبي زكريا يحيى بن محمد العنبري قوله :
الخبر إذا ورد لم يحرم حلال ولم يحل حراما ولم يوجب حكما وكان في ترغيب أو ترهيب أو تشديد أو ترخيص وجب الاغماض عنه والتساهل في رواته . اهـ
ونقل الحاكم في المدخل إلى كتاب الإكليل ( ص : 29) عن عبد الرحمن بن مهدي قوله:
إذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والأحكام شددنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال ، وإذا روينا في فضائل الأعمال والثواب والعقاب والمباحات والدعوات ، تساهلنا في الأسانيد . اهـ
وروى الخطيب في الجامع)2/194) عن يحيى بن سعيد القطان قوله :
تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لايوثقونهم في الحديث ثم ذكر ليث بن أبي سليم وجويبر بن سعيد والضحاك ومحمد بن السائب وقال : هؤلاء لا يحمد أمرهم ويكتب التفسير عنهم. اهـ
وقال البيهقي في المدخل إلى دلائل النبوة (3/34-37) : من لا يكون متهماً بالوضع ، غير أنه عرف بسوء الحفظ وكثرة الغلط في رواياته ، أو يكون مجهولاً لم يثبت من عدالته وشرائط قبول خبره ما يوجب القبول ، فهذا الضرب من الأحاديث لا يكون مستعملاً في الأحكام ، كما لا تكون شهادة من هذه صفته مقبولة عند الحكام ، وقد تستعمل في الدعوات والترغيب والترهيب والتفسير والمغازي فيما لا يتعلق به حكم .
وقال : وإنما تساهلوا في أخذ التفسير عنهم ؛ لأن ما فسروا به ألفاظه تشهد لهم به لغات العرب ، وإنما عملهم في ذلك الجمع والتقريب فقط . اهـ
فمثل هذه النصوص عن هؤلاء الأئمة الكبار ، تدل على أن الأحاديث التي تروى في غير الأحكام ، يتساهل فيها وفي رواتها وكذلك كتابتها عن الضعفاء ؛ وذلك لثبوت أصولها ، ولم تأت بحكم ليس في الأصل .
ومذهب العلماء أن الراوي قد يروي الصحيح وغيره ، وقد يؤخذ من الضعيف في باب من العلوم غير باب الأحكام ، لكن ابن حزم رد هذا المذهب في كتابه الإحكام (1/143) بما لا طائل تحته ، والصحيح خلافه وهو ما جاء عن هؤلاء الائمة .
وهذا المنقول في بعض الضعفاء المشهورين بالعلم والرواية وليس في شديدي الضعف أو الوضاعين والكذابين . فاعلم .
وضع هذا الكلام على مفاريد الرواة :
فقول سفيان الماضي : لا تسمعوا من بقية ما كان في سنة واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره .
وقال الإمام الإمام أحمد في العلل [ رواية المروزي ] عن رشدين بن سعد : ليس به بأس في أحاديث الرقاق .
وفي ضعفاه العقيلي قال عبد الملك بن عبد الحميد الميموني : سمعت أبا عبد الله يقول : رشدين ليس يُبالي عمن روى ، ولكنه رجل صالح , يوثقه هيثم بن خارجة , وكان في المجلس , فتبسم من ذلك أبو عبد الله , ثم قال أبو عبد الله : رشدين بن سعد ليس به بأس في أحاديث الرقاق.
وسئل عن النضر بن إسماعيل أبي المغيرة فقال : قد كتبنا عنه ، ليس هو بقوي ، يعتبر بحديثه ، ولكن ما كان من رقائق .
وفي تاريخ يحيى بن مَعين نقل أبو الفضل عباس بن محمد الدوري عن أحمد بن حنبل قال :
أما محمد بن إسحاق فهو رجل تكتب عنه هذه الأحاديث ، كأنه يعني المغازي ونحوها ، فأما إذا جاء الحلال والحرام أردنا قوماً هكذا , وقبض أبو الفضل أصابع يده الأربع من كل يد ولم يضم الإبهام . رواية الدوري (231 ) والبيهقي في دلائل النبوة (1/37) .
وأخرج الخطيب في تاريخ بغداد (1/230) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل وقد سئل عن محمد بن إسحاق ، فقال : كان أبي يتتبع حديثه ويكتبه كثيراً بالعلو والنزول ، ويخرجه في المسند ، وما رأيته اتقى حديثه قط قيل له : يحتج به ؟ قال : لم يكن يحتج به في السنن . اهـ
وفي التهذيب لابن حجر في ترجمةجويبر ذكر قول أبو طالب عن أحمد أنه قال فيه :
ما كان عن الضحاك فهو أيسر وما كان يسند عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو منكر . اهـ
وقال أحمد بن سيار المروزي : جويبر بن سعيد كان من أهل بلخ وهو صاحب الضحاك وله رواية ومعرفة بأيام الناس وحاله حسن في التفسير وهو لين في الرواية .
ومر معنا في البحث أعلاه قول الإمامأحمدفي أبي معشر: يكتب من حديث أبي معشر أحاديثه عن محمد بن كعب القرظي في التفسير .اهـ
وحال كبار الأئمة القراء كعاصم بن أبي النجود الكوفي وحفص بن سليمان الأسدي ونافع بن أبي نعيم المدني وقالون عيسى بن ميناء وحفص بن عمر الدوري معلومة الضعف في رواية الحديث مع إمامتهم في القراءة ..
وأمثال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ومقاتل بن سليمان وأبي صالح باذام واسماعيل بن عبد الرحمن السدي وعطية العوفي لهم تفاسير ومحلهم كبير فيه مع ضعفهم في الرواية ..
ومن المهام الضرورية لطالب العلم أن يفرق بين درايتهم في القرآن وروايتهم للسنة .. فدرايتهم بالقرآن عالية وهم مجودين فيه وتلقوا التفسير عن شيوخهم كما تلقى القراء القراءة ، أما في الرواية للحديث فهم ضعفاء في الغالب لأنه ليس فنهم .
فإذا ضعفنا مثلا عطية العوفي من جهة الرواية في الحديث ، فمن الخطأ أن نضعفه من جهة الدراية في القرآن .
وفي هذه الحالة ننظر في تفسيره من حيث صوابه من خطأه وليس من حيث صحته من ضعفه طالما أن السند إليه صحيح في الغالب أو فيه رواة ضعفاء ولكنهم مشهورين برواية التفسير عنه مثل السند المشهور الذي يرويه الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما حدثنا محمد بن سعد قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، عن أبيه ، عن جده ، وهو عطية العوفي .
وبالقياس على الكلبي والسدي ومقاتل وأمثالهم ، لا ننظر على أنه كذاب في الرواية ، وإنما ننظر في تفسيره واجتهاده فإن صح قبل وإلا رد .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، في شرح بلوغ المرام [ص: 22] :
ليث بن أبي سليم ضعيف بإتفاق الحفاظ عليهم رحمة الله ، وأحاديثه عن مجاهد تعتبر ضعيفة إلا في حديثه عن مجاهد عن عبد الله بن عباس في التفسير ، فإنها قد تمشى لأنها من كتاب ، كما ذكر ذلك ابن حبان عليه رحمة الله ، فإنها يرويها من حديث ليث بن أبي سُليم ويرويها ليث عن القاسم بن أبي بزة عن مجاهد بن جبر عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه ، وبقية أحاديث ليث بن أبي سُليم عن مجاهد بن جبر وعن غيره تعد ضعيفة عند أهل العلم . اهـ
ومن نتائج تطبيق علم الجرح والتعديل على رواة التفسير والسير والمغازي أنك لن تجد في التفسير والسيرة إلا العشر أو أقل ، لو اطرحنا روايات أهل التفسير ، وروايات أهل السير.
ومن باب أولى تطبيق هذا العلم على رواة اللغة في بيان معاني القرآن والسنة وهما الشرع والدين ، ولو بحثنا في سند الرواة لألفاظ العربية لما وجدنا إلا : قال أعرابي ، وحكي أن ، وقال فلان ...
ولن تجد سندا نحكم به عليه .
ونحن لا ندعوا إلى تنحية علم الجرح والتعديل بالكلية عن التفسير والسيرة .. وإنما نريد أن نبين أن الراوي الضعيف في نقل الحديث إن كان إماما في التفسير والسيرة لا تهدر روايته ..
بل تحفظ له مكانته واعتباره في هذا الباب ما لم تأت بما يخالف .
وإذا طبقنا هذا الكلام الذي مر ذكره هاهنا على روايات هذه القصة ،،، فماذا سنجد ؟
سنجد أن هذه القصة وضعها الطبيعي في مكانين لا ثالث لهما ، هما التفسير والسيرة النبوية ..
ومن أقحمها في العقيدة ظانا أن هذه القصة تخالف العصمة فقد ذهب به حرصه على الدين إلى حد رد تفسير السلف والتابعين وهم نقلة الدين والشريعة .
فإذا جاءت القصة من رواية عروة بن الزبير وأبو معشر وموسى بن عقبة والواقدي وابن إسحاق وأمثالهم فهم أئمة السير والمغازي ، وإذا جاءت القصة عن سعيد بن جبير وقتادة وأبو صالح ومقاتل والسدي وأمثالهم فهم أئمة التفسير . والله أعلم



شكر الله لك .

أحمد الأقطش
2011-08-12, 04:13 PM
بارك الله فيكم على هذه النقاشات المفيدة .. وعندي بعض النقاط المتواضعة


قصة سجود قريش مع الرسول هي حادثة واحدة
وذلك لما أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((قرأ النبي صلى الله عليه وسلم النجم بمكة، فسجد فيها وسجد مَن معه، غير شيخٍ أخذ كفاً مِن حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته وقال: يكفيني هذا. فرأيتُه بعد ذلك قُتل كافراً)). هذا لفظ غندر. ولفظ حفص بن عمر عند البخاري وأبي داود: ((فما بقي أحد من القوم إلا سجد)). والحديث رواه أبو إسحاق عن الأسود عن ابن مسعود، رواه عنه شعبة وإسرائيل وسفيان الثوري.


ولِمَا أخرجه أيضاً البخاريّ مِن حديث ابن عباس رضي الله عنهما وهو مِن مراسيله: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس)). رواه أيوب عن عكرمة عن ابن عباس، رواه عنه عبد الوارث وإبراهيم بن طهمان.


فهذا ما ثبت موصولاً في قصة سجود قريش مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهي حادثة واحدة وقعت بمكة شَهِدَها عبد الله بن مسعود وأُخبِر بها ابن عباس إذ كان رضيعاً وقتها. وهذه الحادثة رواها مِن أصحاب الكتب الستة: البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي. وكذا رواها الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود الطيالسي في مسنده، وابن أبي شيبة في مصنفه، والدارمي في سننه، وابن خزيمة في صحيحه، وابن حبان في صحيحه.


قصة الغرانيق ليست مِن حديث ابن عباس
نُسِبَت هذه القصة زوراً إلى ابن عباس وهو مِنها براء، فقد تمسّك بعض المصحِّحين لها بعدة روايات أسندها بعض الرواة عن ابن عباس.


أولاً: عن سعيد بن جبير
وله إسنادان: عن أبي بشر، وعن عثمان بن الأسود.
@ فقد روى البزار والطبراني من طريق أمية بن خالد قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، لا أعلمه إلا عن ابن عباس، ثم ساق القصة.


قلتُ: طريق أبي بشر رواها شعبة واختُلف عنه:
- فرواه محمد بن جعفر غندر (الطبري)

- وعبد الصمد (الطبري)
- وأبو داود الطيالسي (ابن أبي حاتم)
ثلاثتهم: عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد مرسلاً.
- وخالفهم أمية بن خالد فرفعه عن ابن عباس بالشكّ. فبانت العلة.
فكيف يُتمَسّك بمخالفة أمية مع شكه أيضاً ويُترك المحفوظ عن شعبة؟
@ وروى ابن مردويه من طريق أبي عاصم النبيل، عن عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.

قلتُ: طريق عثمان بن الأسود قد اختُلف عليه فيها:


- فرواه يحيى القطان عنه، عن سعيد بن جبير مرسلاً (الواحدي في أسباب النزول)، فوافق المحفوظ عن أبي بشر.
- وخالفه أبو عاصم النبيل، فرواه عن عثمان فرفعه عن ابن عباس. والأشبه أن الوهم فيه مِن أبي بكر المقرئ كما ذهب الألباني.


قلتُ: فتبيَّن أنَّ ذِكْرَ ابنِ عباسٍ في حديث سعيد بن جبير لا يثبت، وسقط الاحتجاج بهذه الطريق.


ثانياً: عن عطية العوفي
لما أخرجه الطبري في تفسيره عن محمد بن سعد، عن أبيه، عن عمه، عن أبيه، عن أبيه، عن ابن عباس. وهو إسنادٌ واهٍ مسلسل بالضعفاء ولا تقوم به حُجّة.


ثالثاً: عن أبي صالح باذام
لما أخرجه ابن مردويه من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. وهو باطل موضوع على ابن عباس، فالكلبي كذاب وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس شيئاً!


قلتُ: فثبت أنّ ابن عباس بريء مِن قصة الغرانيق، وأنّ الصحيح المرويّ عنه هو ما أثبته البخاريّ في صحيحه من طريق أيوب عن عكرمة عنه كما ذكرنا آنفاً.


قصة الغرانيق ليس لها أصل عن أي صحابي
بعد سقوط الروايات المنسوبة إلى ابن عباس، فإن جميع روايات هذه القصة مرسلة وجاءت أيضاً بأسانيد لا تخلو مِن مقال، وأصحّها إنما يُروى عن سعيد بن جبير. قال ابن كثير في تفسيره: ((قد ذَكَرَ كثير من المفسرين ههنا قصة الغرانيق ... لكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح)). اهـ


قصة الغرانيق غير مذكورة في كتب الحديث المعتمدة
نظرة فاحصة على مصادر هذه القصة جديرةٌ بالحُكم عليها. فالكُتب التي رَوَت هذه القصة إما كتب السير والمغازي، كمغازي موسى بن عقبة وسيرة ابن إسحاق وطبقات ابن سعد. وإما كتب التفسير، كتفاسير الطبري وابن أبي حاتم وابن مردويه. وإما كتب الغرائب، كمسند البزار ومعجم الطبراني. وجميع أسانيدها عندهم مغموزة كما سلف. في حين نجد كتب الحديث المعتمدة خالية من ذكر هذه القصة تماماً، فلا هي في الصحيحين ولا الكتب الأربعة، ولا هي في مسند الإمام أحمد وغيره مِن المسانيد والسنن. بل الذي فيها هو قصة سجود قريش عند قراءته صلى الله عليه وسلم لسورة النجم دون هذه الزيادة الباطلة. وهذا أمرٌ يدعو إلى التأمُّل للذين يصحِّحون قصة الغرانيق وفيها "هذا الأمر العظيم" كما وصفه النحاس! قال القاضي عياض: ((هذا الحديث لم يُخرجه أحد مِن أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل، وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم)). اهـ


والله أعلى وأعلم

عادل سليمان القطاوي
2011-08-13, 12:04 AM
جزاك الله خيرا ، أخ أحمد .. ونفع بك ..
وشكرا على مناقشتك الهادئة ..
وسأنقل لك من البحث ما يتعلق بما أوردته مشكورا ..
قلت في ص 39 :



الفصل الرابع



تحقيق روايات القصة صحة وضعفا


أولا : روايات قصة السجود المتفق عليها بين الطرفين .
ونعني الروايات المذكورة في المسألة الأولى أول البحث ، ومنهما روايتي ابن مسعود وابن عباس - رضي الله عنهما - الصحيحتين وعليهما المعول ، مضافا إليهما روايتي أبي هريرة والمطلب بن أبي وداعة - رضي الله عنهما - .
وبعد اتفاقنا على صحة هذه الرواية وهي سجود المشركين عند قراءة سورة النجم بدون ذكر قصة الغرانيق ، فالسؤال الآن :
هل تضعف روايات قصة الغرانيق من أجل روايتي ابن مسعود وابن عباس التي في الصحيحين ؟
فقد رأيت بعض إخواننا طلبة العلم جمع كل الطرق وذكر جميع الرواة لرواية ابن مسعود الموجودة في الصحيحين والمسند والسنن وغيرها ليضرب بها مرسل ابن جبير أو المرسلات الأخرى الصحيحة ، وكأن الرواة عنهما لا يجوز أن يرووا حديثا آخر!!
وهذا خطأ في الفهم وليس النقل ..
فالروايات التي رويت فيها قصة الغرانيق لا تتضاد مع روايتي ابن مسعود وابن عباس وغيرهما ممن رووا قصة قراءة سورة النجم ثم السجود فقط دون قصة الغرانيق ، إذ إن من روى قصة الغرانيق – وهم جمع – جاؤا بزيادة على ما روي في الصحيحين ، وحينئذ يحكم على أسانيدها بما يتماشى وقواعد علم الحديث ، ولا يقال من روى عن ابن عباس هذا لا يجوز أن يروي ذاك !! فهذا يقال على الرواة المقلين للرواية ، أما المعروفين بالرواية كأبي بشر والشعبي وشيوخهما وتلاميذهما ، فلا ..
فالرواة إنما رووها لبيان سبب سجود المشركين ، ورواها أهل التفسير لبيان سبب نزول آية الحج ، ورواها أهل السير لبيان السبب في رجوع مهاجري الحبشة ، فلا تضرب هذه الروايات بتلك ..
والصحيح عكس هذا ، وهو أن يقال إن قصة الغرانيق أصلها في الصحيحين كما قال ابن كثير في تاريخه وغيره من العلماء .
والرواية التي لها أصل إذا جاءت فيها زيادة بعد ذلك فينظر لهذه الزيادة من وجهتين :
الأولى : إذا صح الطريق إلى الراوي ، والثانية : إذا لم يأت فيها ما يخالف الرواية الأصل .
فهذا الأخ الطيب ، مدار تحقيقه الثمين أن الرواة وهم أئمة حفاظ رووه عن شعبة عن أبي اسحاق عن ابن مسعود كما في الصحيحين والسنن وغيرها ..
إذا فمن رواه عن شعبة عن أبي بشر أو عثمان بن الأسود عن ابن جبير تعد رواية منكرة ..
ولو رواها أكثر من راو من الثقات ، وكأن شعبة لم يروي عن هذا وذاك !
وكرر هذا أيضا فضرب رواية الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث المرسلة ، برواية الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أم سلمة في الحديث الطويل في قصة الهجرة إلى الحبشة ..
وكأن الزهري لم يروي هذا وهذا ! ويجعل مثل هذا من النكارة الظاهرة ..
وكذلك فعل في رواية ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة فجعله مضطربا لأنه رواه في قصة أخرى مشابهة عن أبي الأسود عن عروة عن المسور بن مخرمة عن أبيه .. وقد ذكرناها أعلاه .
ولو أن هذا الأخ قال بضعف الرواية الموصولة ، لتتابع الثقات على روايتها مرسلة ، لكان لكلامه وجهة في الصنعة الحديثية ، أما أن يضعف هذه الروايات بتلك التي في الصحيحين ، لمجرد أن بعض الرواة روى القصتين ، فلم نر من قالها من العلماء أو طلاب العلم قديما ولا حديثا .
ثانيا : التحقيق في الروايات الموصولة والمرسلة في قصة الغرانيق :
وخلاصة روايات قصة الغرانيق التي ذكرناها أعلاه :
أن الموصول منها جاء عن ابن عباس ومحمد بن فضالة رضي الله عنهما ، والطريق إليهما ضعيف كلٌ على حده ، غير أن الضعف الذي في رواية ابن عباس ضعف يسير علته مخالفة الثقة أمية بن خالد في رواية أبي بشر عن سعيد بن جبير ، وأبي بكر بن المقريء في رواية عثمان بن الأسود عن سعيد بن جبير ، فروياه موصولا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مخالفين الثقات الذين رووه مرسلا عن سعيد بن جبير .
ورواية محمد بن فضالة الصحابي المروية من طريق الواقدي قلنا بضعفها فقط إذ إن الواقدي لم ينفرد بهذه القصة وحده ، وإن كان انفرد بالرواية عن هذا الصحابي فبرواية ابنه يونس بن محمد ابن فضالة ، والواقدي مشهور بسؤال أبناء الصحابة عن أحداث السيرة والغزوات .. فتضعف روايته فقط ولا يقال بوضعها أو نكارتها ..
وقلنا أن هذه القصة حسنة موصولة بضميمة هاتين الرواياتين مع المراسيل الصحيحة والحسنة ، بالرغم من وجود روايات أخرى عن ابن عباس كطريق العوفي وعكرمة والتيمي وأبو صالح ، أو حتى رواية عطاء التي ذكرها الفخر الرازي ولا نعلم لها سندا ، ومع ذلك لم نستشهد بهذه الروايات ، وإنما ذكرناها لنؤكد أن كثرة المخارج على ضعفها تبين أن للحديث أصلا .
كما أنه ليس في الطرق كلها من يتهم بالكذب سوى طريق الكلبي والباقي بين الضعيف كطريق عكرمة وسليمان التيمي والضعيف جدا كطريق العوفي ، وأما طريقي سعيد بن جبير عن ابن عباس فرواية أمية بن خالد رويت على الشك في وصله وإرساله ورواه غيره بدون شك وتكلمنا أعلاه عن هذا في التخريج ..
فنرى أن القول بالتحسين بضميمة المراسيل الصحيحة والحسنة الآتية ليس ببدعا من القول لا سيما وقد سبق إلى تصحيحه أئمة ذوي شأن في التصحيح والتضعيف مثل الحافظان ابن حجر والسيوطي ، ويضاف إليهما الحافظ الدمياطي الذي رد على الإمام المنذري تضعيف القصة فيما نقله تلميذه ابن سيد الناس في عيون الأثر ، ويضاف إليهم الحافظ الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة ، وبهذا يكون قد صححها أربعة من الحفاظ ، غير كثير من المتأخرين ممن سيأتي النقل عنهم ، والله أعلم .
فالقول بتحسين هذه القصة أولى من القول بالتصحيح المطلق .. وأقرب للإنصاف ممن ضعفها أو قال بكذبها ووضعها ونكارتها ، وهذا الأخير فيه من الغلو والبعد عن منهج أهل الحديث ما فيه .
توجيه في نقد الإمام البزار :
وأما اعتماد جمهور المعترضين - على من صحح هذه القصة - بتجريح الإمام البزار للرواية الموصولة لابن عباس من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير بقوله :
هذا حديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل يجوز ذكره إلا بهذا الإسناد ولا نعلم أحدا أسند هذا الحديث عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس إلا أمية ولم نسمعه نحن إلا من يوسف بن حماد وكان ثقة وغير أمية يحدث به عن أبي بشر عن سعيد ابن جبير مرسلا وإنما يعرف هذا الحديث [ موصولا ] عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، وأمية ثقة مشهور. اهـ
فالمتأمل يجد أن ما قاله البزار ليس تضعيفا للحديث في الجملة إذ إنه لا يعرفه موصولا إلا من طريق أمية بن خالد إلى أبي بشر الذي ذكره ورواية الكلبي عن أبي صالح ، بينما غاب عن الإمام البزار روايات أخرى هي أقرب ذكرا من رواية الكلبي كما أسلفنا أعلاه .
كما أنه أشار إلى أن الرواية الموصولةً ، جاءت من طريق يوسف بن حماد وأمية بن خالد .. وقد وثقهما البزار ، مما يعني أن العلة هي مخالفة الثقة لغيرهم من الثقات في الوصل والإرسال .
فأما يوسف بن حماد بن المعنى فهو أبو يعقوب البصرى [ت245هـ] ذكرالمزي في تهذيب الكمال : توثيق النسائي ، وذكر الحافظ في التهذيب : توثيق البزار ، ومسلمة بن قاسم ، كما ذكره ابن حبان في كتابه الثقات .
وهو من شيوخ مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير الطبري وزكريا الساجي وجمع ..
وأما أمية بن خالد ، المتهم بالشذوذ هنا ، فهو أمية بن خالد ابن الأسود بن هدبة الأزدى الثوبانى القيسى ، أبو عبد الله البصرى [ت 201هـ] روى عن سفيان الثوري وحماد بن سلمة وشعبة بن الحجاج وطبقة هؤلاء الفحول .
وهو من شيوخ مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وعلي بن المديني ، ومسدد بن مسرهد وجماعة من الحفاظ .. ووثقه أبو زرعة ، وأبو حاتم ، والترمذى ، وابن حبان ، والعجلي ، والذهبي ، وذكره الدارقطنى بخير كما في ترجمته في تهذيب المزي وابن حجر .
زيادة الثقة : وهل يقال بشذوذها مطلقا ؟
فالعلماء الذين ضعفوا الرواية الموصولة عن ابن عباس من هذا الطريق ، قالوا :
أن العلة هي مخالفة أمية بن خالد للثقات الذين رووه مرسلا عن ابن جبير ، ووصله هو عن ابن عباس ، فالحديث شاذ بهذا ..
قلت : والشاذ في مصطلح أهل الحديث : هو أن يخالف الثقة من هو أوثق منه عدداً أو حفظاً .
أو كما قال الحافظ ابن حجر : أنه الذي يخالف رواية من هو أرجح منه . اهـ
وجاء عن الحافظ الثقة يونس بن عبد الأعلى : قال لي الشافعي رحمه الله : ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره ، إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس. اهـ
قال الدكتور ماهر ياسين الفحل ، تعليقا على هذا النقل :
مخالفة الثقة لغيره من الثقات أمر طبيعي إذ إن الرواة يختلفون في مقدار حفظهم وتيقظهم وتثبتهم من حين تحملهم الأحاديث عن شيوخهم إلى حين أدائها ، وهذه التفاوتات الواردة في الحفظ تجعل الناقد البصير يميز بين الروايات ، ويميز الرواية المختلف فيها من غير المختلف فيها ، والشاذة من المحفوظة ، والمعروفة من المنكرة . اهـ
فالعلماء في باب زيادة الثقة خلطوا بين طريقتين : طريقة المحدثين وطريقة الأصوليين ..
كما تنوعت آراؤهم بين قبول الزيادة وردها ، والراجح في هذا الباب أنهم لا يحكمون فيها بحكم عام مطرد ، وإنما يحكمون على ذلك بالقرائن والدلائل الكثيرة من أدلة الترجيح .
وإن كان الشاذ عند المحدثين هو مخالفة الثقة لمن هو أرجح منه ، فلابد من إضافة قيد مهم وهو قولنا : [ إذا تعسر الجمع بين روايتهما ] . وهو قيد مهم تغافله الناس وأهملوه ..
فأما إذا تيسر الجمع بين رواية الجمع الثقات والثقة الذي أتى بزيادة سواء في السند أو المتن فلا إشكال حينئذ . وستأتي كلمة للحافظ ابن حجر بعد قليل في غاية الأهمية ..
وتطبيقا على روايات قصة الغرانيق :
إن كان تفرد الثقة أمية بن خالد في المتن بما له أصل فلا شذوذ في روايته .
وقد روى القصة أئمة كثيرون ثقات وغير ثقات .. فعدم تصديق متن القصة بهذا مردود .
وإن كان تفرده في الإسناد : بأن وصله هو عن ابن عباس وأرسله ثلاثة من الحفاظ غيره عن ابن جبير ، وهم أحفظ منه وأقوى ، فننظر حينئذ في الروايات الأخرى الموصولة عن ابن عباس ، فوجدنا طريقا أخرى :
وهي التي أخرجها الضياء في المختارة (4/166(من طريق ابن مردويه قال حدثني ابراهيم بن محمد حدثني أبو بكر محمد بن علي المقرىء البغدادي ثنا جعفر بن محمد الطيالسي ثنا ابراهيم بن محمد بن عرعرة ثنا أبو عاصم النبيل ثنا عثمان بن الأسود عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به .
وهناك طرق أخرى لا تخلوا من ضعف تروي القصة موصولة عن ابن عباس . وقد ذكرناها أعلاه ..

ونرى والله أعلم بهذا ، أن رأي البزار - فيما نقلناه عنه أعلاه - قبول الزيادة من الثقة في وصل الرواية ..
ومجرد مخالفة أحد الرواة لمن هو أوثق منه أو أكثر عددا لا يستلزم الضعف بل قد يكون من باب صحيح وأصح ، إذا تتابعت الروايات بمثل ما انفرد به الثقة عن جمع منهم .. والله أعلم
فلا يلام من صحح الموصول بناءاً على أن علة المخالفة جاءت من ثقة وليس من راوٍ ضعيف متهم ، وتتابعت الروايات المرسلة الصحيحية عن التابعين بمثله .
وهذا عين ما فعله الضياء المقدسي في المختارة وابن حجر والسيوطي وغيرهم ممن صححوا القصة ، فقد رأوا أن مخالفة الثقة في الوصل والإرسال قد قوتها رواية أبو بكر المقريء على جهالة حالٍ فيه ، مع ضميمة مراسيل صحيحة عن جمع من التابعين .. كما قررها جمع من أئمة التفسير والسيرة ..
بينما ذهب من رد القصة إلى أن هذه الروايات فيها طعن في العصمة – وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره أنه لا شيء فيها البتة – فذهبوا يبحثون عن علل تسقط الاستدلال بهذه القصة رأساً ، مع أن مثل هذه العلل لو جاءت في غير هذه القصة لصححوها بضميمة رواية مرسلة صحيحة ، غير أنهم متمسكين برد القصة من أجل ما رأوه من طعن في العصمة ، ورحم الله الجميع ، وشكر لهم غيرتهم .
وأما الروايات المرسلة :
فيوجد منها أربعة مراسيل صحيحة السند إلى أصحابها بلا شك ، وهي :
1- مرسل أبي العالية رفيع بن مهران الرياحي ( بصري ت 90 هـ) .
2- ومرسل أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ( مدني ت 94 هـ) .
3- ومرسل سعيد بن جبير ( كوفي ت 95 هـ) .
4- ومرسل قتادة بن دعامة السدوسي ( بصري ت 117 هـ ( .
كما وجدنا ثلاثة مراسيل حسنة السند – باجتهادنا - إلى أصحابها كما حققناه أعلاه ، وهي :
1- مرسل عروة بن الزبير ( مدني ت 94 هـ ) من طريق ابن لهيعة .
2- ومرسل محمد بن كعب القرظي ( مدني ت 120هـ ) من طريق أبي معشر.
3- ومرسل محمد بن شهاب الزهري ( مدني ت 125 هـ ) من طريق موسى بن عقبة .
ويظهر من وفياتهم التي تبدأ من عام [ 90 إلى 125هـ ] وبلدانهم المتوزعة بين ثلاثة مدارس هي [ المدينة والبصرة والكوفة ] أنهم يصعب أن يكون مصدرهم الذي أخذوا منه هذه القصة ورووها عنه واحدا ، كما جوزه الإمام الألباني وغيره بالإحتمال !! والاحتمال لا يجدي في الإستدلال .
أما باقي الروايات فلا تثبت عن أصحابها مثل رواية الضحاك وعكرمة ومقاتل والسدي ومجاهد والمطلب بن حنطب وأبي صالح .
فينتج من هذا : أنه عندنا سبعة مراسيل صالحة غير الروايتين الموصولتين وكلها تؤكد حصول قصة الغرانيق ، وأصحابها من خلص السلف الصالح وأقرب للنبي وأصحابه ممن أتى بعدهم ، ولا شك أنهم أعلم بما أنزل الله على رسوله وما جرى لنبيه خلال رحلة نبوته من غيرهم .
فهل مع المكذب لهذه القصة : أثراً واحداً عن تابعي مثلهم ينفي وقوع قصة الغرانيق ؟
أم سنعول على الفلسفة الكلامية التي أولع بها الأشاعرة والمتكلمين أمثال الرازي ومن انتهج نهجه وسار على طريقته - حاشا العلماء المعروفون بسلفيتهم الخالصة - نسال الله السلامة .
الرد على من ادعى وضع القصة :
وبهذا يتبين لنا تهور وتعسف وتجنى من قال عن هذه الروايات بالبطلان والكذب والبهتان رجما بالغيب دون أن يجمعها كلها ثم يمحصها ويبين ضعف رواتها ..
ونحن لا نرضى أن يقال عن تفسير السلف ونقلهم لهذه القصة ، مثل قول القاضي عياض :
ولا شك في إدخال بعض شياطين الإنس أو الجن هذا الحديث على بعض مغفلي المحدثين ، ليلبس به على ضعفاء المسلمين .
وقول العيني في عمدة القاري (11/81) يصف رواة هذه القصة : غالب هؤلاء مثل الطرقية والقصاص وليس عندهم تمييز يخبطون خبط عشواء ويمشون في ظلمة ظلماء وكيف يقال مثل هذا والإجماع منعقد على عصمة النبي ونزاهته عن مثل هذه الرذيلة .اهـ
أو قول البعض الآخر : هذه القصة رواها الزنادقة !! متهما علماء السلف بما هم منه براء .
ونحب أن ننقل كلاما مهما - قريبا مما نحن فيه - للحافظ ابن حجر لنرد به على من تهور وتشدد فقال بوضع القصة وتكذيبها وبطلانها ..
قال الحافظ في كتابه القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد (ص16) عند كلامه على حديث الإمام أحمد : ( سدوا الأبواب إلا باب علي ) :
ذكره [ أي الإمام أحمد في المسند ] من رواية سعد ومن رواية ابن عمر [و] قول ابن الجوزي إنه باطل وإنه موضوع دعوى لم يستدل عليها إلا بمخالفة الحديث الذي في الصحيحين ، وهذا إقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم ولا ينبغي الإقدام على الحكم بالوضع إلا عند عدم إمكان الجمع ، ولا يلزم من تعذر الجمع في الحال أن لا يمكن بعد ذلك إذ فوق كل ذي علم عليم ، وطريق الورع في مثل هذا أن لا يحكم على الحديث بالبطلان بل يتوقف فيه إلى أن يظهر لغيره ما لم يظهره له ، وهذا الحديث من هذا الباب هو حديث مشهور له طرق متعددة كل طريق منها على إنفرادها لا تقصر عن رتبة الحسن ، ومجموعها مما يقطع بصحته على طريقة كثير من أهل الحديث .. اهـ
ثم قال في آخر بحثه بعد أن جمع بين الروايات :
وظهر بهذا الجمع أن لا تعارض فكيف يدعي الوضع على الأحاديث الصحيحة بمجرد هذا التوهم ولو فتح هذا الباب لرد الأحاديث لأدعى في كثير من الأحاديث الصحيحة البطلان ولكن يأبى الله ذلك والمؤمنون .اهـ
وبعض من قال بوضع القصة أو كذبها كان يدلل عليه - في بعض أدلته – أن المروي في الصحيحين لم يأت فيه قصة الغرانيق ..
ودعوى أخرى وهي قول القاضي عياض في الشفا ، ومن تبعه :
هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم . اهـ
فقوله عن هذه القصة أنه لم يروها أصحاب الصحيح ليس بموجب لردها ، إذ رواة الصحيح لم ينفوا الصحة عن غير أحاديثهم كما هو معلوم ، ولذلك استدرك عليهم العلماء أحاديث صحيحة كثيرة كما في المستدرك والمختارة وغيرها ، والتحقيق أن العبرة بحال السند إلى الراوي من التابعين أو الصحابة ، وهذا من الأمور المسلم بها في المصطلح ..
فكم حديث رواه الثقة العدل وليس في السنن أو الصحيحين ..

عادل سليمان القطاوي
2011-08-13, 12:13 AM
ثم ذكرنا :
ثالثا : بيان مسألة قبول المرسل والاعتضاد بغيره .

وقد نقلناه أعلاه فلا حاجة لإعادته ..

ثم

رابعا : روايات السير والمغازي والتفسير ومغايرتها عن روايات الأحكام والعقائد

وقد نقلناه ايضا فيما مر فلا حاجة لإعادته ...
وإنما ذكرت هاتين النقطتين لأهميتهما في هذا الموضوع ..
ولمن شاء فليراجعهما في المشاركات أعلاه ..
وشكر الله لكم .

احمد بن محمد البيلي
2011-08-20, 06:44 AM
الحمد لله رددت عليك بعشرات المشاركات والتي وصلك منها هي 5% من اجمالي المشاركات التي كتبتها وكان المشرف المحترم لي بالمرصاد ويحذف المشاركة بدون اي اعتبار لكاتبها وبدون سبب لذلك

تم حظر عضويتي في موقع اهل الحديث لانني وافقت الالباني على تحسين حديث قال فيه ابن عدي : منكر
ولا ادري ماذا ستفعل الادارة لك , قصة باطلة مكذوبة حوالي 50 من اهل العلم يحكمون بضعف القصة تريد ان تصححها

مجلس المشرفين
2011-08-20, 06:26 PM
تم حظر عضويتي في موقع اهل الحديث لانني وافقت الالباني على تحسين حديث قال فيه ابن عدي : منكر
ولا ادري ماذا ستفعل الادارة لك , قصة باطلة مكذوبة حوالي 50 من اهل العلم يحكمون بضعف القصة تريد ان تصححها

الاخ ابن شهاب الدين (( احمد بن محمد البيلي )) حظرت عضويتك مؤقتا في المجلس العلمي هنا رأفة بك
لسوء ألفاظك وعدم تأدبك في الرد على جملة من الأعضاء
وقد نبهتك الادارة هنا وحذرتك مرات عديدة وحذفت لك جملة من المشاركات التي لا تكاد تخلو واحدة منها من اساءة وسوء أدب
وانت لا ترعوي بل قمت بالتهجم عليها ولعنتها وسببتها باقذع الشتائم
ولا يبعد أن يكون السبب نفسه هو حظر عضويتك في الملتقى
وهذا يستدعي منك التأمل والتفكير في الأخلاق التي يحتاج إليها المرء عند تعامله مع الناس واصلاح النفس كثيرا

عادل سليمان القطاوي
2011-09-09, 11:06 PM
أود أن أشكر الأخوة الكرام في " مجلس المشرفين " على موقفهم المشرف في دفاعهم عن حرية ابداء الرأي المتسق ومنهج السلف في قضية هذا المقال ...
وأنا وغيري يعلم أن هذا ليس تحيزا منهم لجهة ، كما أنه ليس تصحيحا منهم للقصة موضوع البحث ، بقدر ما هو ابداء لوجه الاحترام لكل بحث يناقش ويدلل على وجهته بما يتوافق وأصول البحث العلمي ...
كما اشكرهم على رفع بعض المشاركات - أو جمل من بعضها - مما أبدى فيها بعض الأخوة المشاركين عن سوء الأدب والحكم بالظنة متهمين الباحث - يعلم الله - مما هو منه براء .
ولو أنهم - عفا الله عنا وعنهم - قالوا بخطأ الباحث وأنه قد جانبه الصواب لهان الأمر !! ولكنهم اتهموا كل من صحح قصة الغرانيق أو قبلها ولم ير فيها أي اتهام للعصمة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ، وكلهم علماء أجلاء بل من اكابر العلماء المحققين وإن لم يكن في كفتهم إلا شيخ الإسلام ابن تيمية لكفى به .. فما بالك وقد رواها أئمة فحول وصححه ائمة الصناعة في علم الحديث والتفسير والسيرة ؟
والعجب !! ممن يقول أن القصة باطلة باطلة باطلة ، ولم يحكي أن هناك خلافا في قبولها وردها بين فئتين من أكابر علماء أهل السنة القدامى منهم والمعاصرين ، فتراه يرجح البطلان على الثبوت بطريق مجحف ليس فيه إلا قال ببطلانها فلان وفلان .. راميا الخلاف عرض الحائط ، ولم يبدي أي إجلال لمن خالفه بقبولها من أكابر العلماء المحققين .
فإذا جاء الباحث وقرر - حسب ما توفر لديه من نقول جمة عن جمهرة من العلماء قد خفيت على بعض الناس - قبول القصة في الجملة وأنه ليس فيها ما ينقض العصمة تمشيا مع ظاهر الكتاب العزيز متاسيا بمن رواها من أئمة علماء السلف أو صححها وقبلها ، فإذا ببعض الأخوة يتهجم عليه ويبدد كل ما لديه بجرة قلم قبل أن يقرأ أو يفهم ، مقلدا غيره ، سادا بذلك لباب الإجتهاد والبحث العلمي ..

وأرجوا من الله ، أن يكون ما نقلناه في هذا البحث في ميزان حسناتنا ، وإن كان من خطأ فنسأل الله العفو والمغفرة ..
إنه ولي ذلك والقادر عليه ....

عمر ابراهيم الموصلي
2011-09-12, 02:10 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ الفاضل القطاوي يسعدني جدا ان اعود الى الحوار معك .
ولي عليك ملاحظة على قولك بان الشيخ الالباني يرد المراسيل مطلقا وان تعددت طرقها وهذا ليس بصحيح بل الشيخ الالباني يأخذ بالمرسل اذا تعددت طرقه ولم يتحد المخرج
ففي المقترح في علم المصلح للشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى

السؤال199 عندنا حديث مرسل قد جاء من طريقين، فهل يقوى بهما أم له شروط؟
الجواب:" هذه مسألة اجتهادية والشافعي -رحمه الله- يقول: إن مرسلاً مع مرسل يرتقي إلى الحجية. ويشترط أيضًا ألا يتحد المخرج فمثل مرسل قتادة مع مرسل سعيد بن المسيب يحتمل أنّهما مرسل واحد، وأن قتادة رواه عن سعيد بن المسيب".

هذا هو الذي جعل الالباني يضعف قصة الغرانيق .

يقول الشيخ الالباني في نصب المجانيق :"فإذا عرف أن الحديث المرسل لا يقبل وأن السبب هو الجهل بحال المحذوف فيرد عليه أن القول بأنه يقوى بمرسل آخر غير قوي لإحتمال أن يكون كل من أرسله إنما أخذه عن راو واحد وحينئذ ترد الاحتمالات الذي ذكرها الحافظ وكأن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قد لاحظ ورود هذا الاحتمال وقوته فاشترط في المرسل الآخر أن يكون مرسله أخذ العلم عن غير رجال التابعي الأول كما حكاه ابن الصلاح ( ص 35 ) وكأن ذلك ليغلب على الظن أن المحذوف في أحد المرسلين هو غيره في المرسل الآخر

وهذه فائدة دقيقة لم أجدها في غير كلام الشافعي رحمه الله فاحفظها وراعها فيما يمر بك من المرسلات التي يذهب البعض إلى تقويتها لمجرد مجيئها من وجهين مرسلين دون أن يراعوا هذا الشرط المهم
ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قد نص أيضا على هذا الشرط في كلام له مفيد في أصول التفسير نقله عنه الحافظ محمد بن عبد الهادي في كتاب له مخطوط في الأحاديث الضعيفة والموضوعة ( حديث 405 / 221 ) فقال ابن تيمية رحمة الله تعالى :
وأما أسباب النزول فغالبها مرسل ليس بمسند لهذا قال الإمام أحمد : ثلاث علوم لا إسناد لها . وفي لفظ : ليس لها
أصل : التفسير والمغازي والملاحم . يعني أن أحاديثها مرسلة ليست مسندة
والمراسيل قد تنازع الناس في قبولها وردها . وأصح الأقوال : أن منها المقبول ومنها المردود ومنها الموقوف فمن علم من حاله أنه لا يرسل إلا عن ثقة قبل مرسله ومن عرف أنه يرسل عن الثقة وغير الثقة كان إرساله رواية عمن لا يعرف حاله فهو موقوف . وما كان من المراسيل مخالفا لما رواه الثقات كان مردودا وإن جاء المرسل من وجهين كل من الروايين أخذ العلم عن غير شيوخ الآخر فهذا يدل على صدقه فإن مثل ذلك لا يتصور في العادة تماثل الخطأ فيه وتعمد الكذب . . . "
قلت : ومع أن التحقق من وجود هذا الشرط في كل مرسل من هذا النوع ليس بالأمر الهين فإنه لوتحققنا من وجوده فقد يرد إشكال آخر وهو أنه يحتمل أن يكون كل من الواسطتين أو أكثر ضعيفا وعليه يحتمل أن يكون ضعفهم من النوع الأول الذي ينجبر بمثله الحديث على ما سبق نقله عن ابن الصلاح ويحتمل أن يكون من النوع الآخر الذي لا يقوى الحديث بكثرة طرقه ومع ورود هذه الاحتمالات يسقط الاستدلال بالحديث المرسل وإن تعددت طرقه"اه

وقد تبين من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية ان المرسل اذا خالف الثقات فانه مردود وحديث الغرانيق مخالف لرواة الثقات الذين رووه موصولا بدون ذكر قصة الغرانيق فهو مردود على القاعدة التي ذكرها شيخ الاسلام،ومردود ايضا لانه لم تتعدد مخارجها على الشرط الثاني الذي ذكره شيخ الاسلام.

واما مسالة زيادة الثقة فقد خالفت فيه الائمة النقاد وبيان هذا يطول اتركه لوقت آخر.

عادل سليمان القطاوي
2011-09-15, 10:25 PM
الأخ الكريم / عمر ابراهيم الموصلي ... أهلا بك مرة أخرى ..
سعدت بوجودك , وأشكرك على حسن أدبك ...
كما يسعدني المناقشة الهادفة معك والتي لا تخرج عن حدود الأدب والمساجلة العلمية المفيدة والتي لا نبيتغي بها إلا البحث عن الحق وإظهار الحقيقة قدر الجهد والاجتهاد ..
فشكر الله لك وزادك حرصا وأدبا ...
نعم بارك الله فيك ...
أثرت مسألتين تكلمت عن إحداهما وأرجأت الكلام عن الأخرى .. وأرجوا أن تتحفنا بما عندك في هذه الأخيرة كي نستفيد ونتعلم ، فكلنا حولها ندندن ..


أما مسألتك الأولى ... وأن الإمام الألباني - رحمه الله تعالى - لا يرد المرسل مطلقا كما زعمت أنت ..
وأنا قلت من قبل أنه يرده مطلقا ... ودليلي فيما نقلته أنت بحروفه ...
فإنه رد أولا على من قبل المرسل مطلقا ، واختار القيد المهم الذي أشار إليه شيخ الإسلام ومن قبله الإمام الشافعي وهو ألا يتحد المخرج لاحتمال أن تكون المراسيل كلها عن شيخ واحد ...
ونقل قول شيخ الإسلام :

وإن جاء المرسل من وجهين كل من الروايين أخذ العلم عن غير شيوخ الآخر فهذا يدل على صدقه فإن مثل ذلك لا يتصور في العادة تماثل الخطأ فيه وتعمد الكذب . اهـ



ثم لم يقتنع الإمام الألباني بهذا القيد أيضا ، بل قال :

ومع أن التحقق من وجود هذا الشرط في كل مرسل من هذا النوع ليس بالأمر الهين فإنه لوتحققنا من وجوده فقد يرد إشكال آخر وهو أنه يحتمل أن يكون كل من الواسطتين أو أكثر ضعيفا وعليه يحتمل أن يكون ضعفهم من النوع الأول الذي ينجبر بمثله الحديث على ما سبق نقله عن ابن الصلاح ويحتمل أن يكون من النوع الآخر الذي لا يقوى الحديث بكثرة طرقه ومع ورود هذه الاحتمالات يسقط الاستدلال بالحديث المرسل وإن تعددت طرقه . اهـ
فهو إذا يرده ولو تعددت طرقه أو تغايرت مخارجه لاحتمال ضعف الواسطة كما بين هو في كلامه أعلاه ..
وللتأكيد على اختياره هذا قال مختتما كلامه : وهذا التحقيق مما لم أجد من سبقني إليه فإن أصبت فمن الله تعالى وله الشكر وإن أخطأت فمن نفسي وأستغفر الله من ذنبي .اهـ
فلو كان رأيه كرأي غيره لما قال : لم أجد من سبقني إليه .
وحقيقة اختياره هذا مبني على الاحتمال .. أي : يحتمل أن يكون الواسطة ضعيفا .. الخ
ولو وضعنا الإحتمال لرددنا أحاديث الصحيحين نفسها ...
فمن غير المعقول أن توجد خمسة عشر رواية مرسلة فيها الصحيح والحسن والضعيف ، وتكون كلها متحدة المخرج !!! ويكون الراوي الواسطة فيها كلها ضعيف !!!



وقد اشرت إلى أن تاريخ تأليف هذه الرسالة من قديم جدا ومن أوائل ما صنفه الإمام الألباني رحمه الله ، وصنيعه في غالب تحقيقاته قبول بعض المراسيل وتصحيح بعضها وتحسين أو تصحيح الروايات المرفوعة الضعيفة به ، فيستشهد به ويعتبر ... وهذه كتبه خير شاهد على ما نقول .



أما أن الروايات المرسلة مخالفة لما جاء في الصحيح ..

فليس هذه بمخالفة ، وإنما هي زيادة على قصة السجود أتى فيها الرواة بقصة الغرانيق ... فمن رواها بدون الغرانيق فقد اختصر ، ومن رواها بقصة الغرانيق فقد شرح وبين ، فهي في حكم الزيادة .. إن صحت أسانيدها قبلت وإلا فمردودة ...
فلا يفهم من هذا : أن من لم يذكر القصة فقد أنكر الزيادة ..
وبالبحث وجدنا روايات لقصة الغرانيق موصولة ومرسلة ..
فأما الموصولة ففيها الضعيف ، والضعيف جدا ، والموضوع ...
والمرسلة فيها الصحيح والحسن والضعيف ...
فمن صحح القصة جامعا الموصول الضعيف مع المرسل الصحيح والحسن ، فلا غبار على اجتهاده ، لا سيما والقصة يشهد لها ظاهر الكتاب الكريم ، مؤيدة بتفسير جمهور السلف من أهل التفسير والسير والمغازي ..





وأرى الإشكال الكبير في إنكار هذه القصة وردها لا يعود على أسانيدها مع كثرة رواياتها عن السلف والخلف ، وإنما لما في ظاهرها من الطعن في العصمة النبوية .. وقد فند هذا الوهم شيخ الإسلام ابن تيمية وبين وهاءه ، وأن تفسير السلف يدور على أن الشيطان ألقى بلسانه أو أخطأ النبي فنطق بها ساهيا ... وكلامه موجود أعلاه بحروفه وفيه وضوح يبين أن القصة لا تطعن في العصمة إلا إذا أقر النبي على هذا الخطأ ، وقد برأ الله ساحته وعصم نبيه وكتابه فنسخ ما ألقى الشيطان وأحكم آياته ، وبين أن حصول هذه القصة فيها فتنة واختبار كما في الآيات من سورة الحج .

والله أعلى وأعلم .
وأرجوا أن تكمل ردك بخصوص موضوع مخالفة الثقة ...
بارك الله فيك وسدد خطاك .

مساعد أحمد الصبحي
2011-09-24, 09:42 AM
الواقدي إمام المغازي [ت 130 هـ] (رحمه الله)

الإمام مقاتل بن سليمان[ت 150 هـ] (رحمه الله)



شكر الله لكم وزادكم حرصا على مذهب السلف .

عفا الله عنك

لي سؤال واحد فقط :

هل يجوز وصف الواقدي ومقاتل المتهمين بالكذب من قبل أئمة الجرح والتعديل ، هل يجوز وصف هذين الكذابين بالإمامة والترحم عليهم

ولماذا تتكثر بذكر كل من هب ودبّ هداك الله ؟ !

هل هذا هو منهج السلف ؟

أنتظر جوابك عفا الله عنك ...

عادل سليمان القطاوي
2011-09-24, 11:43 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
الأخ الكريم / مساعد .. أهلا وسهلا بك ..
وأقول أولا : عبت علي وصفهما بالإمامة ..
وقد قال الإمام الذهبي في السير:
الواقدي * محمد بن عمر بن واقد الاسلمي مولاهم الواقدي المديني القاضي، صاحب التصانيف والمغازي، العلامة الامام أبو عبد الله، أحد أوعية العلم على ضعفه المتفق عليه. اهـ
والواقدي ... لانختار توثيقه المطلق ولا تكذيبه المطلق ... فالرجل إمام في المغازي وأيام الناس ..
فمن كذبه في الرواية لا يرد اختياراته في التاريخ لأنه فنه الذي برع فيه واشتهر به ..
ومن قرأ مقدمة سيرة ابن سيد الناس وماقاله في الواقدي علم أنه إمام في هذا الفن ،لكن ما انفرد بالرواية به نرده ولا كرامة ..
أفلا نتعلم الإنصاف من هؤلاء العلماء ؟


أما مقاتل بن سليمان:
فقد قال الإمام الذهبي في ترجمته من السير :
79 - مقاتل * * كبير المفسرين ، أبو الحسن، مقاتل بن سليمان البلخي.
يروي - على شعفه البين - عن: مجاهد، والضحاك، وابن بريدة، وعطاء، وابن سيرين، وعمرو بن شعيب، وشرحبيل بن سعد، والمقبري، والزهري، وعدة.
وعنه: سعد بن الصلت، وبقية، وعبد الرزاق، وحرمي بن عمارة، وشبابة، والوليد بن مزيد، وخلق آخرهم علي بن الجعد.
قال ابن المبارك - وأحسن -: ما أحسن تفسيره لو كان ثقة !
[سير أعلام النبلاء 8/ 137]
فهل لقب كبير المفسرين لا يستحق الوصف بالإمام ؟
وقال فيه أحمد بن حنبل : مقاتل بن سليمان صاحب التفسير ما يعجبني أن أروي عنه.
فنسبه إلى التفسير أي أنه عالم فيه ..
وقال بقية بن الوليد: كنت كثيراً أسمع شعبة بن الحجاج وهو يسأل عن مقاتل، فما سمعته قط ذكره إلا بخير. ذكره ابن عساكر
وقال الخطيب كما في تاريخ دمشق : كان له معرفة بتفسير القرآن ولم يكن في الحديث بذاك.
وفي تاريخ دمشق : قيل لمقاتل بن حيان يا أبا بسطام أنت أعلم أو مقاتل بن سليمان ؟ قال ما وجدت علم مقاتل بن سليمان في علم الناس إلا كالبحر الأخضر في سائر البحور.
ونقل ابن عساكر عن الجوزجاني أنه قال : حكى لي عن الشافعي أنه قال الناس كلهم عيال على ثلاثة على مقاتل في التفسير وعلى زهير بن أبي سلمى في الشعر وعلى أبي حنيفة في الكلام .
قال ابن عساكر معلقا : وقد روينا هذه الحكاية عن حرملة عن الشافعي متصلة من وجوه .. ثم ذكر بعضها ومنها :
عن حرملة بن يحيى قال سمعت الشافعي يقول من أحب الأثر الصحيح فعليه بمالك ومن أحب الجدل فعليه بأصحاب أبي حنيفة ومن أحب التفسير فعليه بمقاتل.
وقال : من أراد التفسير فعليه بمقاتل ابن سليمان .


وعند ابن عساكر : قال نعيم بن حماد رأيت عند سفيان بن عيينة كتابا لمقاتل بن سليمان فقلت يا أبا محمد تروي لمقاتل في كتاب التفسير ؟ قال لا ولكن أستدل به وأستعين.
وروى عن أبي بكر الأثرم قال سمعت أبا عبد الله هو أحمد بن حنبل يسأل عن مقاتل بن سليمان فقال كانت له كتب ينظر فيها إلا أني أرى أنه كان له علم بالقرآن .
وعن يحيى بن شبل قال ، قال لي عباد بن كثير ما يمنعك من مقاتل ؟ قلت إن أهل بلادنا يكرهونه قال فلا تكرهنه فما بقي أحد أعلم بكتاب الله منه .
وقيل لحماد بن أبي حنيفة إن مقاتل أخذ التفسير عن الكلبي قال كيف يكون هذا وهو أعلم بالتفسير من الكلبي .
وقال القاسم بن أحمد الصفار كان إبراهيم الحربي يأخذ مني كتب مقاتل فينظر فيها فقلت له ذات يوم أخبرني يا أبا إسحاق ما للناس يطعنون على مقاتل قال حسدا منهم لمقاتل.
وقال علي بن الحسين بن واقد : كنا في شك أن مقاتل لقي الضحاك فإذا كان مقاتل له من القدر ما ألف تفسير القرآن في عهد الضحاك فقد كان رجلا جليلا .


نعم هناك من كذبه في الرواية وهم الجمهور ... وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ..
لكننا هنا نروى حكاية تفسيره .. لا رواية تفسيره .. والفرق بينهما كبير لمن عقل وفهم ..
وأرجوا أن تقرأ هنا ما جاء في أصل البحث المشار إليه .. مع أنه مر مرارا .. ففي في التذكير منفعة ...
تحت عنوان : روايات السير والمغازي والتفسير ومغايرتها عن روايات الأحكام والعقائد ...
فهو بحث مهم جدا .

عادل سليمان القطاوي
2011-09-24, 11:51 PM
فإذا قرأته .. فأقول لك أخي الكريم :

ستجد الخطأ ظاهرا في صورة سؤالك ، عندما لم تميز بين الوصف بالإمامة والعلم وبين أقوال أئمة الجرح والتعديل ...
فليس كل من جرحوه لا يستحق وصف الإمامة والعلم ...


وفي كلامك مسائل أخرى كعدم الترحم عليهما مثلا .. ما هذا ؟
أو منهج السلف الذي تسأل عنه ، ما هو مكانه هنا ؟ وماذا تريد من هذه الكلمة ؟
أوليس الذهبي من الأئمة الكبار وقد وصف أمثالهم بالإمامة وأكثر ؟
وكذا مسألة ذكر كل من هب ودب للتكثر !!! كما زعمت ... ولها مجال آخر إن شاء الله .
أسال الله أن يعفوا عني وعنك .. اللهم آمين .

مساعد أحمد الصبحي
2011-09-25, 09:14 AM
وأرجوا أن تقرأ هنا ما جاء في أصل البحث المشار إليه .. مع أنه مر مرارا .. ففي في التذكير منفعة ...
تحت عنوان : روايات السير والمغازي والتفسير ومغايرتها عن روايات الأحكام والعقائد ...
فهو بحث مهم جدا .



ما تريد إثباته ليس مجرد تفسير للآية بل زيادة مختلف في ثبوتها على حديث رواه البخاري عن الثقات الأثبات بدون هذه الزيادة !

وأقول بداهة : هل يمكن عقلا وحسا بل طبيعة أن يخرم الثقات الأثبات الذين روى عنهم البخاري هذه الزيادة .. ثم لا نعلمها الا بالمراسيل والاسانيد المنقطعة الواهية !
وأهل العلم يردون زيادة الثقة إذا احتف بها من القرائن ما يوهنها .. فكيف بالمراسيل ! بل المتهمين !

أخي : تريث وتأمل وتثبت

فإن هذا العلم دين .. فانظر عمن تأخذ دينك !

عادل سليمان القطاوي
2011-09-25, 09:48 PM
أخي الكريم / مساعد .. حياك الله ...
ولنعما ذكرت به ... إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ... قاله ابن سيرين رحمه الله فيما رواه مسلم والدارمي وابن أبي شيبة بسند صحيح عنه ..
وهذا مدخل اقول لك فيه : لقد أخذت ديني [ أو بالأخص هذه المسألة ] من كبار العلماء الذين رووه عن كبار الرواة من التابعين والأئمة ... وإن لم أجد إلا أنه اختيار ابن تيمية وابن حجر لكفاني عذرا أمام الله تعالى .. هذا أولا .

وثانيا : أرى حيدة منك فيما أثرته أولا في مشاركتك الأولى .. باتهامك لي بل وازدرائك لأنني وصفت الواقدي ومقاتل بالإمامة .. وقد رأيت مثل الإمام الذهبي قد سبقني إلى مثل هذا .. بل هناك أئمة كبار وصفوهم بالإمامة والعلم في فنهم وإن كذبوهم في رواية الأخبار ..
فلم تعقب ببنت شفة ...
ولا أدري : هل هذا فقط كل ما رأيته من خطأ في هذا البحث وما كتب في هذا المقال ؟
وهل أنت موافق لما هو موجود ولكن وصف هذين العالمين بالإمامة هو ما جعلك تقول ليس هذا من مذهب السلف ؟

ثم أحلتك على بحث موجود هنا بخصوص حكم نقل كلام مثل هؤلاء الائمة من تفسير ومغازي والتغاضي عن الضعف فيما كان من فنهم .. وهو بحث موثق بنقول عن علماء السلف والخلف .. فلم أرى لك تعليقا عليه ..
والغريب أن نقلت هذه الفقرة .. ثم قفزت منها إلى أصل الموضوع وناقشتني حديثيا !!
وعموما لا ضير طالما أن نقاشنا في سبيل إظهار الحق .. نسأل الله أن يثبتنا عليه ..
ولأن هذه المسألة التي أثرتها قتلناها بحثا في المشاركات أعلاه ..
إلا أنني هنا اشير باشارات قليلة تغني عن نقولات سابقة :

- ليس كل زيادة لم يروها أهل الصحيح تكون باطلة مردودة ..فالمعيار في الزيادة على السند إن صح صحت .
- المروي في هذه القصة فيها الموصول عن ابن عباس والمرسل عن جمع من التابعين .. وضعف الموصول جبره صحة المراسيل وإن كنا توسعنا في بيان هذا أعلاه فلا حاجة إلى إعادته .
- القصة يشهد لها ظاهر كتاب الله تعالى ، ونقلها الائمة من السلف غير منكرين لها ، ولم يعلم من السلف من أنكرها أو ردها ..
- القصة ليس فيها ما يناقض العصمة النبوية كما ذكره ابن تيمية وابن عثيمين وبينهما جمع من كبار العلماء فيما نقلناه أعلاه .
- أول من اثار الشبه في رد هذه القصة بعض علماء الاشعرية لمذهبهم في عصمة الأنبياء وردهم للأحاديث الصحيحة التي تثبت وقوع بعض الذنوب منهم كما هو مذهب السلف وأهل السنة قاطبة .

وقولك : هل يمكن عقلا وحسا .. الخ مثل هذا الفخ هو ما أوقع الاشاعرة والمعتزلة وأضرابهم في بلايا في المعتقد خرجوا به عن مذهب السلف وردوا من أجل العقل والحس والذوق ما جاء في ظاهر الكتاب وصحيح السنة ..
وقلت : أهل العلم يردون زيادة الثقة اذا احتف بها من القرائن ما يوهناه ... الخ فما بالك اذا احتف بها من القرائن ما يصححها كما هو ظاهر الكتاب العزيز ... واقرأ تفسير السعدي تجد ما يسرك ...

أرجوا ألا يتهم بعضنا بعضا لمجرد خلاف وجد بين فريقين من العلماء .. فلا ضير عليك إن لم تأخذ بهذا .. ولا ضير علي إن لم أرى معك حجة غير كلام الخلف ...
ولا حرمنا الله من أمثالك ممن يبصرون إخوانهم وينصحونهم إذا وجدوا في كلامهم ما لم يروه صحيحا على رأيهم ...
فالدين النصيحة .. وقد وفت ذمتك ، وأفرغت وسعك .. واجتهدت طاقتك في النصح .. فجزاك الله خيرا ..
والعاصم الله .
سدد الله خطاك وإياي على مذهب سلفنا الصالح وتوفانا عليه .. اللهم آمين .

مساعد أحمد الصبحي
2011-09-26, 12:42 AM
أخي الكريم / مساعد .. حياك الله ...
ولنعما ذكرت به ... إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ... قاله ابن سيرين رحمه الله فيما رواه مسلم والدارمي وابن أبي شيبة بسند صحيح عنه ..
وهذا مدخل اقول لك فيه : لقد أخذت ديني [ أو بالأخص هذه المسألة ] من كبار العلماء الذين رووه عن كبار الرواة من التابعين والأئمة ... وإن لم أجد إلا أنه اختيار ابن تيمية وابن حجر لكفاني عذرا أمام الله تعالى .. هذا أولا .

أرجوا ألا يتهم بعضنا بعضا لمجرد خلاف وجد بين فريقين من العلماء .. فلا ضير عليك إن لم تأخذ بهذا .. ولا ضير علي إن لم أرى معك حجة غير كلام الخلف ...
ولا حرمنا الله من أمثالك ممن يبصرون إخوانهم وينصحونهم إذا وجدوا في كلامهم ما لم يروه صحيحا على رأيهم ...
فالدين النصيحة .. وقد وفت ذمتك ، وأفرغت وسعك .. واجتهدت طاقتك في النصح .. فجزاك الله خيرا ..
والعاصم الله .
سدد الله خطاك وإياي على مذهب سلفنا الصالح وتوفانا عليه .. اللهم آمين .

بارك الله فيك
وجزاك خيرا على أدبك الجم

وأسأل الله الكريم أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه
وأتوقف هنا ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمر ابراهيم الموصلي
2011-09-29, 05:27 PM
السلام عليكم
الاخ القطاوي هل تعتقد ان النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ ب "
"تِلْكَ الغَرَانِيْقُ العُلَى وإنّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى"
أم ان المشركين وقع في مسامعهم هذا الشئ ولم يقله الرسول صلى الله عليه وسلم؟

عادل سليمان القطاوي
2011-09-29, 09:18 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
أهلا وسهلا أخي الطيب / ابراهيم ، حفظك الله ...
لا توصل الأمر إلى الإعتقاد ...
وهذا الذي طرحته نصف الطريق إلى قبول القصة ....
إذ إن الروايات وردت بهذا وبهذا ..
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وإذا كان التمني لا بد أن يدخل فيه القول ففيه قولان :
" الأول " أن الإلقاء هو في سمع المستمعين ولم يتكلم به الرسول وهذا قول من تأول الآية بمنع جواز الإلقاء في كلامه .
و" الثاني " - وهو الذي عليه عامة السلف ومن اتبعهم - أن الإلقاء في نفس التلاوة كما دلت عليه الآية وسياقها من غير وجه كما وردت به الآثار المتعددة ولا محذور في ذلك إلا إذا أقر عليه فأما إذا نسخ الله ما ألقى الشيطان وأحكم آياته فلا محذور في ذلك وليس هو خطأ وغلط في تبليغ الرسالة إلا إذا أقر عليه . اهـ

عمر ابراهيم الموصلي
2011-09-29, 10:33 PM
جزاك الله خيرا.
هل المشركين سجدوا لله ام من اجل ذكر الغرانيق؟؟.

عادل سليمان القطاوي
2011-09-30, 09:11 PM
وجزاك الله مثله يا أخ عمر ...
المشركون سجدوا يقينا كما في الروايات الصحيحة لأصل القصة أو روايات قصة الغرانيق ..
وإن كان سجودهم لله ، فلا يستغرب هذا الفعل منهم لأنهم قالوا كما حكى الله عنهم ( إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ) أي الأصنام .
وإن كان سجودهم من أجل أنهم سمعوا ذكر الغرانيق ، فلا يستغرب فإنما هو يشركون الآلهة مع الله ..

وسواء سمعوا ذكر الغرانيق في آذانهم من وحي الشيطان لهم ، أو سمعوه قراءة من النبي صلى الله عليه وسلم على طريق الخطأ تلبيسا من الشيطان .. فالنتيجة واحدة .. وهي عصمة الوحي والرسول من الخطأ ، فنسخ الله ما ألقي الشيطان وأحكم آياته ..
قال تعالى : ( وَمَاأَرْسَلْنَ ا مِن ْقَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ) الحج-52/55

والله أعلم .

عمر ابراهيم الموصلي
2011-10-02, 08:34 PM
وقال برهان الدين البقاعي في «النكت الوفية على الألفية » (ص: 99) مبيناً طريقة كبار الحفاظ في تعارض الوصل والإرسال في الحديث والرفع والوقف وزيادة الثقات وناقداً لابن الصلاح الذي خلط في هذه المسألة طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين فقال :
(إن ابن الصلاح خلط هنا طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين ، فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظراً آخر لم يحكه وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه وذلك أنهم يحكمون بحكم مطرد وإنما يدورون في ذلك مع القرائن ) اهـ .
وقال أبو الفرج بن رجب في بيان منهج أئمة الحديث في قضية التفرد في الحديث والتفرد في بعض الألفاظ في الحديث:
( وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه أنه(1) لا يتابع عليه ، ويجعلون ذلك علة فيه اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً ولهم في كل حديث نقد خاص ، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه) اهـ من «شرح العلل ».
قال أبو عبد الله الحاكم في "المدخل إلى الإكليل" (ص:47) :
( القسم الثالث من الصحيح المختلف فيه : خبر يرويه ثقة من الثقات ، عن إمام من أئمة المسلمين ، فيسنده ، ثم يرويه عنه جماعة من الثقات فيرسلونه .
ومثاله : حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من سمع النداء فلم يجب ، فلا صلاة له إلا من عذر " .
هكذا رواه عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير ، وهو ثقة ، وقد وقفه سائر أصحاب سعيد بن جبير .
وهذا القسم مما يكثر ، ويستدل بهذا المثال على جملة من الأخبار المروية هكذا ، فهذه الأخبار صحيحة على مذهب الفقهاء ، فإن القول عندهم فيها قول من زاد في الإسناد أو المتن إذا كان ثقة .
فأما أئمة الحديث فإن القول فيها عندهم قول الجمهور الذي أرسلوه ، لما يخشى من الوهم على هذا الواحد ) ا.هـ .


قال ابن رجب في كتابه "مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة" _ كما في كتاب "سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث" ليوسف بن عبد الهادي (ص:42) ، بعد أن ذكر حديث طاوس عن ابن عباس قال : كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم . فأمضاه عليهم _ :
( فهذا الحديث لأئمة الإسلام فيه طريقان :
أحدهما : وهو مسلك الإمام أحمد ومن وافقه ، ويرجع إلى الكلام في إسناد الحديث بشذوذه وانفراد طاوس به ، وأنه لم يتابع عليه ، وانفراد الراوي بالحديث وإن كان ثقة هو علة في الحديث يوجب التوقف فيه ، وأن يكون شاذا ومنكرا إذا لم يرو معناه من وجه يصح ، وهذه طريقة أئمة الحديث المتقدمين ، كالإمام أحمد ويحيى القطان ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم ، وهذا الحديث لا يرويه عن ابن عباس غير طاوس ) ا.هـ


وانت ايها الاخ القطاوي اذا رجعت الى كتب العلل ترى هذا المنهج .
وانصحك ان تقرأ كتاب "احاديث معلة ظاهرة الصحة " فان كنت لم تقرأه فقد فات علما عظيما.

عادل سليمان القطاوي
2011-10-03, 12:24 AM
الأ خ الكريم / عمر / حفظه الله .
هذا الموضوع فيه مسألتان :
الأولى : أن عرض موضوع زيادة الثقة في هذه الصورة التي عرضتها لا ينتهي بمثل هذه البساطة ، ففيه نقاش طويل ...
ومما لا شك فيه أن المسألة فيها خلاف بين العلماء لا يهدر بجرة قلم ، أو باختيار رأي على أنه هو الصواب جزما بلا خلاف ..
وأرى أن جمهور أهل الحديث الذين هم أهل الصناعة فيه ، أطبقوا على أن زيادة الثقة لا ترد باطلاق ولا تقبل باطلاق .. وإنما بما يحف الرواية نفسها من قرائن ..
وأنا لم أدعي قبول زيادة الثقة مطلقا ..
وإنما كان بناء قبول زيادة الثقة في هذه الرواية على قرائن منها مجيئها في روايات أخرى ضعيفة وروايات مرسلة صحيحة ..
فمجرد مخالفة أحد الرواة لمن هو أوثق منه أو أكثر عددا لا يستلزم الضعف بل قد يكون من باب صحيح وأصح ، إذا تتابعت الروايات بمثل ما انفرد به الثقة عن جمع منهم ..
والعلماء في باب زيادة الثقة خلطوا بين طريقتين : طريقة المحدثين وطريقة الأصوليين ..
كما تنوعت آراؤهم بين قبول الزيادة وردها ، والراجح في هذا الباب أنهم لا يحكمون فيها بحكم عام مطرد ، وإنما يحكمون على ذلك بالقرائن والدلائل الكثيرة من أدلة الترجيح .
وإن كان الشاذ عند المحدثين هو مخالفة الثقة لمن هو أرجح منه ، فلابد من إضافة قيد مهم وهو قولنا : [ إذا تعسر الجمع بين روايتهما ] . وهو قيد مهم تغافله الناس وأهملوه ..
فأما إذا تيسر الجمع بين رواية الجمع الثقات والثقة الذي أتى بزيادة سواء في السند أو المتن فلا إشكال حينئذ .
وبيانه : أن ثلاثة من الثقات رووا القصة موقوفة على سعيد بن جبير ، وراو ثقة وصلها عن ابن عباس .. مخالفا الثقات الثلاثة في إرسالها ..
والمرسل عن ابن جبير الذي هو تلميذ ابن عباس ومن أشهر الرواة عنه في التفسير وغيره ..
فالأمر قريب لا سيما وقد جاءت موصولة من أوجه أخرى ضعيفة ، ومرسلة من أوجه أخرى صحيحة ..
فلا يلام من صحح الموصول بناءاً على أن علة المخالفة جاءت من ثقة وليس من راوٍ ضعيف الحفظ ، وتتابعت الروايات المرسلة الصحيحية عن التابعين بمثله .
وهذا عين ما فعله الضياء المقدسي في المختارة وابن حجر والسيوطي وغيرهم ممن صححوا القصة ، فقد رأوا أن مخالفة الثقة أمية بن خالد في الوصل والإرسال قد قوتها رواية أبو بكر المقريء على جهالة حالٍ فيه ، مع مراسيل صحيحة عن جمع من التابعين ..
نعم : رواية أمية الموصولة تخالف رواية الثقات الذين أرسلوها .. وهي بهذا تعتبر رواية ضعيفة وعلتها ما أشرنا إليه .. لكن قوتها رواية أبو بكر المقريء والمراسيل الصحيحة ..
بالإضافة إلى قيد مهم جعل من صحح القصة لا يتشدد في أسانيد هذه الروايات كتشدده في أحاديث الأحكام والأصول وهذا القيد هو :
الأمر الثاني : أن موضوعنا هذا ( قصة الغرانيق ) في غير أحاديث الأحكام وإنما هو في السيرة والتفسير ، أي أنه خبر تاريخي لا ينبني عليه حكم ، ويقبل في مثل هذا ما لا يقبل في غيره ، وقد أشبعنا القول في هذه المسألة ونقلنا أقوال علماء السلف بما يغني عن إعادته .

وقد أشرت من قبل أن العلماء الذي ضعفوا القصة أو ردوها لم يتشبثوا كثيرا بالنقد الحديثي قدر ما تشبثوا بقضية مخالفة القصة للعصمة النبوية ..
فكثير ممن ذهب إلى رد القصة صرحوا بأن فيها طعن في العصمة – وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره أنه لا شيء فيها البتة – فذهبوا يبحثون عن علل تسقط الاستدلال بهذه القصة رأساً ، مع أن مثل هذه العلل لو جاءت في غير هذه القصة لصححوها بضميمة رواية واحدة مرسلة ، غير أنهم متمسكين برد القصة من أجل ما رأوه من طعن في العصمة ، ورحم الله الجميع ، وشكر لهم غيرتهم .
شكر الله لك ، وزادك حرصا .

ابو عبد الاله المسعودي
2011-10-03, 01:00 AM
وإن كان الشاذ عند المحدثين هو مخالفة الثقة لمن هو أرجح منه ، فلابد من إضافة قيد مهم وهو قولنا : [ إذا تعسر الجمع بين روايتهما ] . وهو قيد مهم تغافله الناس وأهملوه ..
فأما إذا تيسر الجمع بين رواية الجمع الثقات والثقة الذي أتى بزيادة سواء في السند أو المتن فلا إشكال حينئذ .

الأخ الكريم القطاوي هذا القيد مَنْ أضافه ؟؟
- هل هم أهل الحديث ؟؟ فسمهم لنا
- أم هم أهل الأصول ؟؟ فسمهم لنا
- أم من خلطوا بين الطريقتين ؟؟ ..فسمهم لنا
- أم استفدته بمفردك من تطبيقات أهل الحديث، أو أهل الأصول
أو من خلطوا بين الصناعتين، فبين لنا كيف استنبطته ؟؟
وبارك الله فيك.

عمر ابراهيم الموصلي
2011-10-03, 03:07 PM
وإن كان الشاذ عند المحدثين هو مخالفة الثقة لمن هو أرجح منه ، فلابد من إضافة قيد مهم وهو قولنا : [ إذا تعسر الجمع بين روايتهما ] . وهو قيد مهم تغافله الناس وأهملوه ..
فأما إذا تيسر الجمع بين رواية الجمع الثقات والثقة الذي أتى بزيادة سواء في السند أو المتن فلا إشكال حينئذ .
.
أخي الفاضل انت هدمت ما ذكرته بهذا القول .
ففي المقترح للامام الوادعي
السؤال155 في تفصيل زيادة الثقة ذكر ابن حجر -رحمه الله تعالى- وابن الصلاح وغيرهما أن زيادة الثقة على ثلاث مراتب، وقال: ننظر إذا وقعت ما هي فيه أو أنّها مخالفة لما هي فيه أو أنّها لم تخالف لكن خالفت غير الذي سيقت فيه، ساق على هذا تفصيلاً ذكره الأرناؤوط في تحقيقه "لجامع الأصول"، يقول: إذا كان يمكن الجمع بين الزيادة وبين الأصل عن طريق الجمع المعروف بالأصول: المطلق والمقيد والعموم والخصوص، فلا مانع، وبهذا يمكن أن يجمع بين كثير من الزيادات، ولا يدّعى الشذوذ؟

الجواب: هم يشترطون في رد الزيادة أن تكون منافية، لكن الذي يظهر أن الزيادة نفسها -كون أنّها زيادة- تنافي، من الأمثلة على هذا الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي موسى وفيه زيادة في بيان كيفية الصلاة: ((إذا قرأ فأنصتوا)) فالإمام الدارقطني ينتقد هذه الزيادة ويقول: إنه تفرد بها سليمان التيمي، ويوافقه النووي رحمه الله تعالى على هذا ويقول: إن الحفاظ -إشارة إلى جمع، إضافة إلى الدارقطني- ضعفوا هذه الزيادة. فالذي يظهر أن الزيادة بمجردها تعتبر منافاة)).

عادل سليمان القطاوي
2011-10-04, 12:30 PM
الأخ الكريم / أبو عبد الإله .. حفظه الله .
شرفنا بحضورك معنا في هذا النقاش ..
وكنت أتمنى أن تكون أول مشاركاتك خاص بمناقشة أصل الموضوع .. لكنك تجاهلت القضية برمتها ، ووقع صيدك على جملة استهجنتها وجعلتها مولدة من قبلي وكأنك لم تقرأها من قبل .
وأنا لن أرد على التفصيل الذي سألته في أسئلتك الستة السالفة لأنها تحتاج لدراسة ..
غير أنني أقول اجمالا :
وجود المخالفة بين رواية الثقة والثقات هي أصل الحديث الشاذ .. فإن لم توجد المخالفة فزيادة الثقة مقبولة في الجملة ..
إذا : فإن لم توجد المخالفة نقول فالجمع بين الروايتين كذا وكذا ..
وإن وجدت المخالفة قلنا تعذر الجمع .. ونحكم عليها بالشذوذ ..
فبداية البحث عن مخالفة الثقة تكون ببيان وجه المخالفة .. وعندها يكون إعمال أوجه الجمع ..
وهذا بدهي لا أرى من استهجنه غيرك .. لكي تقول من قاله ومن ومن !!!
فالاختلاف بين الروايتين بين ثقة وثقات مثلا يعمل فيها بالترجيح لأن المخالف هنا ثقة ..
والأصل في الترجيح هو تقوية إحدى الروايتين على الأخرى بمرجح معتمد ، وهو يقع في الروايات التي تتعارض ولا يمكن الجمع بينها.
والأصل عند الاختلاف بين الروايات أن يجمع بينها برابط يزيل الاختلاف ، فالترجيح إنما يصار إليه عند تعذر الجمع لأن الجمع أولى منه إذا أمكن .

وأوجه الجمع كثيرة جدا ... وبخصوص مخالفة الثقة فأهم أوجه الجمع أن يبحث عن ضبطه واتقانه ثم كثرة عدد من خالفهم ثم وجه المخالفة فإن وجدت المخالفة بين روايته وبين غيره وإلا فاعمال أوجه الجمع والترجيح متعينة حينئذ .
قال ابن الصلاح في مقدمته في نوع الشاذ :
إذا انفرد الراوي بشيء نُظِرَ فيه ؛ فإن كان ما انفرد به مخالفًا لما رواه مَنْ هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبطُ، كان ما انفرد به شاذًّا مردودًا. وإن لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره، وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره، فَيُنْظَر في هذا الراوي المنفرد: فإن كان عدلا حافظًا موثوقًا بإتقانه وضبطِه؛ قُبِلَ ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه، كما فيما سبق من الأمثلة؛ وإن لم يكن ممن يوثَق وإتقانه لذلك الذي انفرد به؛ كان انفراده به خارِمًا له مُزَحزِحًا له عن حيِّز الصحيح. اهـ

ويوضح هذه المسألة صراحة قول الامام ابن حجر في مقدمة الفتح (1/345) في الفصل الثامن :
ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددا أو أضبط ممن لم يذكرها فهذا لا يؤثر التعليل به إلا إن كانت الزيادة منافية بحيث يتعذر الجمع إما إن كانت الزيادة لا منافاة فيها بحيث تكون كالحديث المستقل فلا ، اللهم إلا إن وضح بالدلائل القوية أن تلك الزيادة مدرجة في المتن من كلام بعض رواته فما كان من هذا القسم فهو مؤثر.. اهـ
وقال في الفصل التاسع من المقدمة (1/ 382) :
وأما المخالفة وينشأ عنها الشذوذ والنكارة فإذا روى الضابط والصدوق شيئا فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عددا بخلاف ما روى بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين فهذا شاذ وقد تشتد المخالفة أو يضعف الحفظ فيحكم على ما يخالف فيه بكونه منكرا وهذا ليس في الصحيح منه الا نزر يسير قد بين في الفصل الذي قبله بحمد الله تعالى. اهـ

وقال في النكت على مقدمة ابن الصلاح :
فمثال ما وقعت العلة في الإسناد ولم تقدح مطلقا : ما يوجد مثلا من حديث مدلس بالعنعنة ، فإن ذلك علة توجب التوقف عن قبوله فإذا وجد من طريق أخرى قد صرح بالسماع تبين أن العلة غير قادحة. ، وكذا إذا اختلف في الإسناد على بعض رواته، فإنظاهر ذلك يوجب التوقف عنه، فإن أمكن الجمع بينهما على طريق أهل الحديث بالقرائن التي تحف الإسناد تبين أن تلك العلة غير قادحة . اهـ

وأحيانا كثيرة يقدم وجه الجمع على تغليط بعض الرواة من الثقات المخالف لمن هم أوثق منه كما قال الحافظ ابن حجر عن وجه الجمع من ابن عبد البر للاختلاف الواقع في قصة طلاق ابن عمر : وهذا الجمع الذي ذكره ابن عبد البر وغيره يتعين وهو أولى من تغليط بعض الثقات . اهـ

وقد جاء عن الحافظ ابن حجر أيضا توضيح هذه المسألة في نزهة النظر ص 39 فقال :
وإما أن تكون ( الزيادة ) منافية بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى فهذه هي التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها . اهـ
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير في شرح ألفية العراقي عن مخالفة الثقة :
"ما انفرد دون الثقات ثقة خالفهم فيه " أي فيما انفرد به "صريحاً" المخالفة صريحة ، بأن لا يمكن الجمع بينهما ، "فهو رد عندهم" أي مردود عندهم، أي المحدثين، ويكون حينئذ من قبل الشاذ . اهـ

وقال الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي في توجيه النظر إلى أصول الأثر (1/180) عند تعريف الشاذ من الحديث :
مخالفة الثقة في روايته من هو أرجح منه عند تعسر الجمع بين الروايتين . اهـ

فمجرد الزيادة من الثقة لا تعد بذاتها شذوذا إلا إذا وجدت المخالفة بين روايته وبين رواية الثقات ، وحينئذ قد تعذر الجمع لوجود المخالفة الصريحة ..
والحكم في قبول زيادة الثقة إنما هو بالقرائن والملابسات للرواية نفسها وليس القبول أو الرد بحكم مطرد على كل زيادة الثقة ..
والأصل أن حديث الثقة ليس ضعيفا ،ولكنه من باب صحيح وأصحّ ، كما نص عليه الإمام السيوطيّ في تدريب الراوي 1/65.
وأخيرا : فمسألة التوفيق بين زيادة الثقة المقبولة ، والشذوذ الذي هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه ، من عويصات المسائل ، ومن المسائل التي يختلف فيها اجتهاد الإمام الواحد فضلاً عن اجتهاده مع اجتهاد أئمة آخرين . كما قال فضيلة الدكتور الشيخ سعد بن عبد الله آل حميد .

فلا يأتي أحد الأخوة هنا فيقرر! ويختار! ويرجح! ثم يفرض رأيه جازما بأنه الصواب ولا صواب غيره .. مقدما رأي شيخه أو رأي من قرأ له وأقنعه ، مع أن المسألة فيها خلاف عريض وقع من قديم بين جهابذة المحدثين ومتأخريهم ..
ويكفي أن تقرأ الاختلاف في تعريف الحديث الشاذ وحده عند الأئمة .. وبين من قبل زيادة الثقة مطلقا وبين من ردها مطلقا .، وهما رأيان متناقضان . وغير ذلك من المسائل العويصة التي لا ينتهي النقاش فيها بسطر فيه الجزم بالصواب ، والقول بأن الصحيح هو كذا فقط ..
ومثل هذه الأمور التي وقع فيها الخلاف اذا اختار أحدنا رأيا فلا يجرحه الآخر ويستهزيء به ويستجهله .. من أين أتيت بكذا ... ومن قال كذا .. الى غير ذلك ..
نسأل الله السلامة .. وشكر الله للجميع .

الأخ الكريم / عمر حفظه الله ..
لم أفهم وجه الاختلاف مما نقلته من كلامي !!
ففي الجملة الأولى قلت: إذا تعسر الجمع فهو شاذ ..
وفي الثانية قلت إذا تيسر الجمع فلا إشكال ..
فبين لي من كلامي ما هذا الذي هدمته ؟
وما نقلته من كلام الإمام الوادعي - رحمة الله عليه – :
أن الزيادة كونها زيادة تنافي !!
أو الزيادة بمجردها تعتبر منافاة ! أمر يحتاج إلى بحث ..
فهل كل زيادة من ثقة تعتبر منافية لمن لم يذكرها ؟
أرجوا أن تبحث هذه المسألة وتبين لنا من قاله من علماء الحديث ..
ويحتمل أنه قال ذلك عما أورده من مثل .. فليست كل الزيادات مقبولة ولا كلها مقبولة إذ لكل رواية قرائن غير الأخرى . والله أعلم .
وشكر الله لكم .

ابو عبد الاله المسعودي
2011-10-06, 01:05 AM
بارك الله فيك أخي القطاوي وجزاك الله خيرا
اعلم أن سؤالي كان علميّاً، الغايةُ منه إثراء المسألة، ومناقشتها علميا
وما كنتُ أحبُّ لك أن تخلط نقولاتك العلمية التي جلبتها في جوابك بما يخرجه
عن حدّ الجواب العلميّ...مثل قولك


ووقع صيدك على جملة استهجنتها وجعلتها مولدة من قبلي وكأنك لم تقرأها من قبل .

وقولك:



ومثل هذه الأمور التي وقع فيها الخلاف اذا اختار أحدنا رأيا فلا يجرحه الآخر ويستهزيء به ويستجهله .. من أين أتيت بكذا ... ومن قال كذا .. الى غير ذلك ..
نسأل الله السلامة ..

فمثل هذه الأجوبة عندما أقرؤها تزهدّني في المشاركة في المواضيع بكتابة تعليق أو تعقب أو
استفسار، وتدفعني إلى عدم قراءة المواضيع أصلاً..والسلام

معاذ عبد الرحمن
2011-10-06, 01:32 AM
السلام عليكم

سؤال لمن يقول ان القصة باطلة ولا تصح عقلا ومخالفة للقران ؟
ايتنى بتفسير شافى للايات
لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)


-----
ان كان ذكر فى المشاركات السابقة فدلنى على موضعه فلا املك الوقت لقراءة كل المشاركات بتمعن
وجزاكم الله خيرا

عادل سليمان القطاوي
2011-10-06, 08:10 PM
الأخ الكريم / أبو عبد الاله المسعودي .. حفظه الله ..
يعز علي أن أرى مثلك وقد اعتراه الغضب من أسلوبي ..
وأعتذر عما بدا لك مما رأيته قد أغضبك ..
غير أني أحق منك بهذا ..
فإن سؤالك فيه نوع استفزاز .. وهو قولك :


الأخ الكريم القطاوي هذا القيد مَنْ أضافه ؟؟ [ 1 ]
- هل هم أهل الحديث ؟؟ فسمهم لنا [ 2 ]
- أم هم أهل الأصول ؟؟ فسمهم لنا [ 3]
- أم من خلطوا بين الطريقتين ؟؟ ..فسمهم لنا [ 4 ]
- أم استفدته بمفردك من تطبيقات أهل الحديث، [ 5 ]
أو أهل الأصول [ 6 ]
أو من خلطوا بين الصناعتين، [ 7 ]
فبين لنا كيف استنبطته ؟؟ [ 8]
وبارك الله فيك.

فهذه ثماني أسئلة عن مسألة واحدة ...
وقد كان يكفيك أن تسأل فقط من أين لي بهذا القيد وكفى .. أو كسؤالك الأول : هذا القيد من اضافه ؟
وكما رأيت في ردي على مشاركتك .. فقد أحلتك إلى كلام الأئمة ، واعترفت أنت بعد ذلك أنها نقول علمية ..
كما بينت لك أنها مسألة بديهية لا تحتاج إلى كل هذه الاسئلة الثمانية التي عرضتها ..
فإن كنت قد فهمت منها بعض الازدراء والتنقص - وذلك لوضوح المسألة ، وكثرة الاسئلة ثانيا - فسامحني على أسلوبي الفظ !! ..
وعفا الله عما سلف ...
ولتتفضل بمشاركاتك لتثري الموضوع ، ولتنفع إخوانك بما فتح به الله عليك..
وأعتذر مرة أخرى .. وأهلا وسهلا بك .

مساعد أحمد الصبحي
2011-10-07, 08:17 AM
المعذرة فقد اضطررت للعودة من أجل الاجابة على هذا الاستشكال الذي لم يُلتفت إليه !
/// وحتى لا يُظن أن من أنكر قصة الغرانيق فليس لديه تفسير شافٍ لهذه الآيات ...

السلام عليكم
سؤال لمن يقول ان القصة باطلة ولا تصح عقلا ومخالفة للقران ؟
ايتنى بتفسير شافى للايات
لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)


قال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان : " ... أَيْ : أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قِرَاءَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشُّبَهَ وَ الْوَسَاوِسَ لِيَصُدَّ النَّاسَ عَنِ اتِّبَاعِ مَا يَقْرَؤُهُ ، وَيَتْلُوهُ الرَّسُولُ أَوِ النَّبِيُّ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَا إِشْكَالَ .

وَأَمَّا التَّقْدِيرُ الثَّانِي : فَهُوَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ أَيْ قِرَاءَتِهِ مَا لَيْسَ مِنْهَا لِيَظُنَّ الْكُفَّارُ أَنَّهُ مِنْهَا .
وَقَوْلُهُ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ يُسْتَأْنَسُ بِهِ لِهَذَا التَّقْدِيرِ .

وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قِصَّةَ الْغَرَانِيقِ قَالُوا : سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ بِمَكَّةَ ، فَلَمَّا بَلَغَ : أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ : تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى ، فَلَمَّا بَلَغَ آخِرَ السُّورَةِ سَجَدَ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُشْرِكُونَ وَالْمُسْلِمُون َ . وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : مَا ذَكَرَ آلِهَتَنَا بِخَيْرٍ قَبْلَ الْيَوْمِ ، وَشَاعَ فِي النَّاسِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ أَسْلَمُوا بِسَبَبِ سُجُودِهِمْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، حَتَّى رَجَعَ الْمُهَاجِرُونَ مِنَ الْحَبَشَةِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ قَوْمَهُمْ أَسْلَمُوا ، فَوَجَدُوهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ أَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا أَنْ يَقُولَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي الْآيَةِ قَوْلًا ، وَيَكُونُ فِي الْآيَةِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ الْقَوْلِ ، وَمَثَّلْنَا لِذَلِكَ : بِأَمْثِلَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي زَعَمَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ : وَهُوَ أَنَّ الشَّيْطَانَ أَلْقَى عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، هَذَا الشِّرْكَ الْأَكْبَرَ وَالْكُفْرَ الْبَوَاحَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُمْ : تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَا وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى ، يَعْنُونَ : اللَّاتَ وَالْعُزَّى ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ، الَّذِي لَا شَكَّ فِي بُطْلَانِهِ فِي نَفْسِ سِيَاقِ آيَاتِ «النَّجْمِ» الَّتِي تَخَلَّلَهَا إِلْقَاءُ الشَّيْطَانِ الْمَزْعُومِ قَرِينَة قُرْآنِيَّة وَاضِحَة عَلَى بُطْلَانِ هَذَا الْقَوْلِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ بَعْدَ مَوْضِعِ الْإِلْقَاءِ الْمَزْعُومِ بِقَلِيلٍ قَوْلَهُ تَعَالَى ، فِي اللَّاتِ وَالْعُزَّى ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى : {...إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} وَلَيْسَ مِنَ الْمَعْقُولِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسُبُّ آلِهَتَهُمْ هَذَا السَّبَّ الْعَظِيمَ فِي سُورَةِ النَّجْمِ مُتَأَخِّرًا عَنْ ذِكْرِهِ لَهَا بِخَيْرٍ الْمَزْعُومِ ، إِلَّا وَغَضِبُوا ، وَلَمْ يَسْجُدُوا ; لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْكَلَامِ الْأَخِيرِ ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ دَلَّتْ آيَاتٌ قُرْآنِيَّةٌ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا الْقَوْلِ ، وَهِيَ الْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ سُلْطَانًا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَإِخْوَانِهِ مِنَ الرُّسُلِ ، وَأَتْبَاعِهِمُ الْمُخْلِصِينَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} وَعَلَى الْقَوْلِ الْمَزْعُومِ أَنَّ الشَّيْطَانَ أَلْقَى عَلَى لِسَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ الْكُفْرَ الْبَوَاحَ ، فَأَيُّ سُلْطَانٍ لَهُ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ .
وَمِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ الْقَوْلِ الْمَزْعُومِ قَوْلُهُ تَعَالَى {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} ، وَقَوْلُهُ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وَقَوْلُهُ تَعَالَى : {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} فَهَذِهِ الْآيَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْقَوْلِ الْمَزْعُومِ .
مَسْأَلَةٌ :
اعْلَمْ : أَنَّ مَسْأَلَةَ الْغَرَانِيقِ مَعَ اسْتِحَالَتِهَا شَرْعًا ، وَدَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَى بُطْلَانِهَا لَمْ تَثْبُتْ مِنْ طَرِيقٍ صَالِحٍ لِلِاحْتِجَاجِ ، وَصَرَّحَ بِعَدَمِ ثُبُوتِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ ، وَالْمُفَسِّرُو نَ يَرْوُونَ هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلْبِيَّ مَتْرُوكٌ ، وَقَدْ بَيَّنَ الْبَزَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : أَنَّهَا لَا تُعْرَفُ مِنْ طَرِيقٍ يَجُوزُ ذِكْرُهُ إِلَّا طَرِيقَ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، مَعَ الشَّكِّ الَّذِي وَقَعَ فِي وَصْلِهِ ، وَقَدِ اعْتَرَفَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ مَعَ انْتِصَارِهِ ، لِثُبُوتِ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِأَنَّ طُرُقَهَا كُلَّهَا إِمَّا مُنْقَطِعَةٌ أَوْ ضَعِيفَةٌ إِلَّا طَرِيقَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ .
وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ طَرِيقَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، لَمْ يَرْوِهَا بِهَا أَحَدٌ مُتَّصِلَةً إِلَّا أُمَيَّةَ بْنَ خَالِدٍ ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً فَقَدْ شَكَّ فِي وَصْلِهَا .
فَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أُمَيَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا أَحْسَبُ ، ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَقَالَ الْبَزَّارُ : لَا يُرَى مُتَّصِلًا إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، تَفَرَّدَ بِوَصْلِهِ أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ ، وَهُوَ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ ، وَقَالَ الْبَزَّارُ : وَإِنَّمَا يُرْوَى مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالْكَلْبِيُّ مَتْرُوكٌ .
فَتَحَصَّلَ أَنَّ قِصَّةَ الْغَرَانِيقِ ، لَمْ تَرِدْ مُتَّصِلَةً إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي شَكَّ رَاوِيهِ فِي الْوَصْلِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ لِظُهُورِ ضَعْفِهِ ، وَلِذَا قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ : إِنَّهُ لَمْ يَرَهَا مُسْنَدَةً مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ .
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ : وَلَمْ يَصِحَّ شَيْءٌ مِنْ هَذَا ، وَلَا يَثْبُتُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، وَمَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ ، بَلْ بُطْلَانِهِ فَقَدْ دَفَعَهُ الْمُحَقِّقُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ ; كَقَوْلِهِ {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ} الْآيَةَ ، وَقَوْلِهِ {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} فَنَفَى الْمُقَارَبَةَ لِلرُّكُونِ فَضْلًا عَنِ الرُّكُونِ ، ثُمَّ ذَكَرَ الشَّوْكَانِيُّ عَنِ الْبَزَّارِ أَنَّهَا لَا تُرْوَى بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ ، وَعَنِ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ قَالَ : هِيَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ ، وَذَكَرَ عَنْ إِمَامِ الْأَئِمَّةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ : أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ وَأَبْطَلَهَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ ، وَالْفَخْرُ الرَّازِيُّ وَجَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ ، وَقِرَاءَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُورَةَ النَّجْمِ وَسُجُودُ الْمُشْرِكِينَ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ قِصَّةِ الْغَرَانِيقِ ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَهُوَ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ فَلَا إِشْكَالَ ..." إلى آخر كلامه رحمه الله وجزاه عنا خير الجزاء وأوفره وأكمله ... آمين
"

مساعد أحمد الصبحي
2011-10-07, 10:40 AM
ثم قال الشنقيطي رحمه الله : " ...وَنَحْنُ وَإِنْ ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ يُسْتَأْنَسُ بِهِ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّ مَفْعُولَ الْإِلْقَاءِ الْمَحْذُوفِ تَقْدِيرُهُ :أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قِرَاءَتِهِ مَا لَيْسَ مِنْهَا ; لِأَنَّ النَّسْخَ هُنَا هُوَ النَّسْخُ اللُّغَوِيُّ ، وَمَعْنَاهُ الْإِبْطَالُ وَالْإِزَالَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ : نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ ، وَنَسَخَتِ الرِّيحُ الْأَثَرَ ، وَهَذَا كَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَنْسَخُ شَيْئًا أَلْقَاهُ الشَّيْطَانُ ، لَيْسَ مِمَّا يَقْرَؤُهُ الرَّسُولُ أَوِ النَّبِيُّ ، فَالَّذِي يَظْهَرُ لَنَا أَنَّهُ الصَّوَابُ ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً وَاضِحَةً ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ لَهُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْآيَةِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ : هُوَ أَنَّ مَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِي قِرَاءَةِ النَّبِيِّ : الشُّكُوكُ وَالْوَسَاوِسُ الْمَانِعَةُ مِنْ تَصْدِيقِهَا وَقَبُولِهَا ، كَإِلْقَائِهِ عَلَيْهِمْ أَنَّهَا سِحْرٌ أَوْ شِعْرٌ ، أَوْ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ، وَأَنَّهَا مُفْتَرَاةٌ عَلَى اللَّهِ لَيْسَتْ مُنَزَّلَةً مِنْ عِنْدِهِ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى : أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الْإِلْقَاءِ الْمَذْكُورِ امْتِحَانُ الْخَلْقِ ، لِأَنَّهُ قَالَ {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} ثُمَّ قَالَ {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} فَقَوْلُهُ {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ} الْآيَةَ ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يُلْقِي عَلَيْهِمْ ، أَنَّ الَّذِي يَقْرَؤُهُ النَّبِيُّ لَيْسَ بِحَقٍّ فَيُصَدِّقُهُ الْأَشْقِيَاءُ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِتْنَةً لَهُمْ ، وَيُكَذِّبُهُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ لَا الْكَذِبُ ; كَمَا يَزْعُمُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فِي إِلْقَائِهِ : فَهَذَا الِامْتِحَانُ لَا يُنَاسِبُ شَيْئًا زَادَهُ الشَّيْطَانُ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْقِرَاءَةِ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ ، فَمَعْنَى نَسْخِ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ : إِزَالَتُهُ وَإِبْطَالُهُ ، وَعَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِي الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ .
وَمَعْنَى يُحْكِمُ آيَاتِهِ : يُتْقِنُهَا بِالْإِحْكَامِ ، فَيُظْهِرُ أَنَّهَا وَحْيٌ مُنَزَّلٌ مِنْهُ بِحَقٍّ ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ مُحَاوَلَةُ الشَّيْطَانِ صَدَّ النَّاسِ عَنْهَا بِإِلْقَائِهِ الْمَذْكُورِ ، وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ يُسَلِّطُ الشَّيْطَانَ فَيَلْقَى فِي قِرَاءَةِ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ ، فِتْنَةً لِلنَّاسِ لِيَظْهَرَ مُؤْمِنُهُمْ مِنْ كَافِرِهِمْ بِذَلِكَ الِامْتِحَانِ ، جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ قَدَّمْنَاهَا مِرَارًا ... كَقَوْلِهِ {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} أَيْ : لِأَنَّهَا فِتْنَةٌ ، كَمَا قَالَ {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ} الْآيَةَ ; لِأَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالُوا : ظَهَرَ كَذِبُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ الشَّجَرَ لَا يَنْبُتُ فِي الْمَوْضِعِ الْيَابِسِ ، فَكَيْفَ تَنْبُتُ شَجَرَةٌ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ! إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ ، كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ مِرَارًا ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى . "

فاستشفِ بهذا التفسير يشفك الله إن شاء سبحانه وتعالى

وإن لم تستشفِ به فشأنك إذا !

عادل سليمان القطاوي
2011-10-08, 01:23 AM
شكر الله لك ..

عادل سليمان القطاوي
2011-10-08, 09:19 AM
الأخ الكريم / مساعد .. حفظه الله ...
أهلا وسهلا بك .... وعودا حميدا .. ولا حرمنا الله من مشاركاتك المفيدة ..

وبالنسبة لما نقلته في مشاركتيك أعلاه ..
فموقف الإمام الشنقيطي رحمه الله معروف في رد هذه القصة وإبطالها ..
وهذا الذي ذهب إليه الشيخ رحمه الله تعالى ، أشار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يشبه التأويل للآية ..
فقال : في مجموع الفتاوى (15/190-192) :
إلقاء الشيطان المذكور في قوله : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) إلى قوله (صراط مستقيم )... للناس فيه اقولان مشهوران ؛بعد اتفاقهم على أن التمني هو التلاوة والقرآن كما عليه المفسرون من السلف كما في قوله : ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون)وأما من أول النهي على تمني القلب فذاك فيه كلام آخر؛ وإن قيل : إن الآية تعم النوعين؛ لكن الأول هو المعروف المشهور في التفسير وهو ظاهر القرآن ومراد الآية قطعا لقوله بعد ذلك : ( فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم * ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض) . وهذا كله لا يكون في مجرد القلب إذا لم يتكلم به النبي ؛ لكن قد يكون في ظنه الذي يتكلم به بعضه النخل ونحوها وهو يوافق ما ذكرناه . وإذا كان التمني لا بد أن يدخل فيه القول ففيه قولان :
الأول : أن الإلقاء هو في سمع المستمعين ولم يتكلم به الرسول وهذا قول من تأول الآية بمنع جواز الإلقاء في كلامه .
والثاني : - وهو الذي عليه عامة السلف ومن اتبعهم - أن الإلقاء في نفس التلاوة كما دلت عليه الآية وسياقها من غير وجه كما وردت به الآثار المتعددة ولا محذور في ذلك إلا إذا أقر عليه فأما إذا نسخ الله ما ألقى الشيطان وأحكم آياته فلا محذور في ذلك وليس هو خطأ وغلط في تبليغ الرسالة إلا إذا أقر عليه . ولا ريب أنه معصوم في تبليغ الرسالة أن يقر على خطأ كما قال : ( فإذا حدثتكم عن الله بشيء فخذوا به فإني لن أكذب على الله ) ولولا ذلك لما قامت الحجة به فإن كونه رسول الله يقتضي أنه صادق فيما يخبر به عن الله والصدق يتضمن نفي الكذب ونفي الخطأ فيه . فلو جاز عليه الخطأ فيما يخبر به عن الله وأقر عليه لم يكن كل ما يخبر به عن الله . والذين منعوا أن يقع الإلقاء في تبليغه فروا من هذا وقصدوا خيرا وأحسنوا في ذلك ؛ لكن يقال لهم : ألقى ثم أحكم فلا محذور في ذلك. فإن هذا يشبه النسخ لمن بلغه الأمر والنهي من بعض الوجوه فإنه إذا موقن مصدق برفع قول سبق لسانه به ليس أعظم من إخباره برفعه . اهـ

وقال في (10/ 290-292) :
وهذه العصمة الثابتة للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة ؛ فإن " النبي " هو المنبأ عن الله و " الرسول " هو الذي أرسله الله تعالى وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا والعصمة فيما يبلغونه عن الله ثابتة فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين . ولكن هل يصدر ما يستدركه الله فينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم الله آياته ؟ هذا فيه قولان .
والمأثور عن السلف يوافق القرآن بذلك .
والذين منعوا ذلك من المتأخرين طعنوا فيما ينقل من الزيادة في سورة النجم بقوله [ تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ] وقالوا : إن هذا لم يثبت ..
ومن علم أنه ثبت ، قال : هذا ألقاه الشيطان في مسامعهم ولم يلفظ به الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولكن السؤال وارد على هذا التقدير أيضا .
وقالوا في قوله : ( إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) هو حديث النفس .
وأما الذين قرروا ما نقل عن السلف فقالوا :
هذا منقول نقلا ثابتا لا يمكن القدح فيه ، والقرآن يدل عليه بقوله :
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) .

<FONT size=3>فقالوا الآثار في تفسير هذه الآية معروفة ثابتة في كتب التفسير والحديث ، والقرآن يوافق ذلك فإن نسخ الله لما يلقي الشيطان وإحكامه آياته إنما يكون لرفع ما وقع في آياته وتمييز الحق من الباطل حتى لا تختلط آياته بغيرها . وجعل ما ألقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم إنما يكون إذا كان ذلك <U>

عادل سليمان القطاوي
2011-10-08, 09:28 AM
تصحيح للنقل الأخير من الفتاوى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وقال في مجموع الفتاوى أيضا (10/ 290-292) :
وهذه العصمة الثابتة للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة ؛ فإن " النبي " هو المنبأ عن الله
و " الرسول " هو الذي أرسله الله تعالى وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا والعصمة فيما يبلغونه عن الله ثابتة
فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين . ولكن هل يصدر ما يستدركه الله فينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم الله آياته ؟
هذا فيه قولان .
والمأثور عن السلف يوافق القرآن بذلك .
والذين منعوا ذلك من المتأخرين طعنوا فيما ينقل من الزيادة في سورة النجم بقوله [ تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ]
وقالوا : إن هذا لم يثبت ..
ومن علم أنه ثبت ، قال : هذا ألقاه الشيطان في مسامعهم ولم يلفظ به الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولكن السؤال وارد على هذا التقدير أيضا .
وقالوا في قوله : ( إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) هو حديث النفس .
وأما الذين قرروا ما نقل عن السلف فقالوا :
هذا منقول نقلا ثابتا لا يمكن القدح فيه ، والقرآن يدل عليه بقوله :
( وَمَ اأَرْسَلْنا مِن ْقَبْلِك َمِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّإ ِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ *
لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ *
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) .
فقالوا الآثار في تفسير هذه الآية معروفة ثابتة في كتب التفسير والحديث ، والقرآن يوافق ذلك فإن نسخ الله لما يلقي الشيطان وإحكامه آياته إنما يكون لرفع ما وقع في آياته وتمييز الحق من الباطل حتى لا تختلط آياته بغيرها . وجعل ما ألقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم إنما يكون إذا كان ذلك ظاهرا يسمعه الناس لا باطنا في النفس، والفتنة التي تحصل بهذا النوع من النسخ من جنس الفتنة التي تحصل بالنوع الآخر من النسخ .
وهذا النوع أدل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده عن الهوى من ذلك النوع فإنه إذا كان يأمر بأمر ثم يأمر بخلافه وكلاهما من عند الله وهو مصدق في ذلك فإذا قال عن نفسه إن الثاني هو الذي من عند الله وهو الناسخ وإن ذلك المرفوع الذي نسخه الله ليس كذلك كان أدل على اعتماده للصدق وقوله الحق وهذا كما قالت عائشة رضي الله عنها لو كان محمد كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية : ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) ألا ترى أن الذي يعظم نفسه بالباطل يريد أن ينصر كل ما قاله ولو كان خطأ؟
فبيان الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله أحكم آياته ونسخ ما ألقاه الشيطان هو أدل على تحريه للصدق وبراءته من الكذب وهذا هو المقصود بالرسالة فإنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم تسليما ولهذا كان تكذيبه كفرا محضا بلا ريب . اهـ

عادل سليمان القطاوي
2011-10-08, 09:37 AM
وقول الإمام الشنقيطي في دفع إيهام الإضطراب :
وهذه الآية لا تعارض بينها وبين الآيات المصرحة بأن الشيطان لا سلطان له على عباد الله المؤمنين المتوكلين , ومعلوم أن خيارهم الأنبياء كقوله تعالى ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ , إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ )
وقوله تعالى ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ )
وقوله ( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُم ْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ )
وقوله ( وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي )
ووجه كون الآيات لا تعارض بينها :
أن سلطان الشيطان المنفي عن المؤمنين المتوكلين في معناه وجهان للعلماء :
الأول : أن معنى السلطان الحجة الواضحة, وعليه فلا إشكال إذ لا حجة مع الشيطان البتة كما اعترف به فيما ذكر الله عنه في قوله ( وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي )
الثاني : أن معناه أنه لا تسلط له عليهم بإيقاعهم في ذنب يهلكون به ولا يتوبون منه , فلا ينافي هذا ما وقع من آدم وحواء وغيرهما فإنه ذنب مغفور لوقوع التوبة منه, فإلقاء الشيطان في أمنية النبي سواء فسرناها بالقراءة أو التمني لإيمان أمته لا يتضمن سلطانا للشيطان على النبي بل هو من جنس الوسوسة وإلقاء الشبه لصد الناس عن الحق كقوله ( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ) الآية . اهـ


فأقر رحمه الله أنه لا خلاف بين الآية موضوع البحث وبين الآيات التي تنفي سلطان الشيطان ..
لكنه رحمه الله اختار أن إلقاء الشيطان في أمنية النبي ، من جنس الوسوسة وإلقاء الشبه لصد الناس عن الحق !!


وهذا يقوله هروبا من القول بجواز الإلقاء في كلامه .. فهو تأويل لظاهرها مع مخالفة فهم السلف وتفسيرهم لها .
كما أن نفيه للسلطان في هذه الحالة آكد لأن النبي لم يتعمده أولا ، ولأن الله أحكمه ثانيا فلم يقره على الباطل .
كما قال شيخ الإسلام : وجعل ما ألقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم إنما يكون إذا كان ذلك ظاهرا يسمعه الناس لا باطنا في النفس .


ومجمل كلام شيخ الإسلام رحمه الله في هذا المقام :
أن من قال أن هذا الإلقاء هو في مسامع المشركين ولم يتلفظ به النبي يعتبر تأويلا للآية وخروجا عن نصها الظاهر .
فقول الشيخ الشنقيطي أن إلقاء الشيطان في أمنية النبي من جنس الوسوسة وإلقاء الشبه لصد الناس عن الحق !! تأويل مثل من قال أن الإلقاء هو في سمع المستمعين ولم يتكلم به الرسول لاشتراكهم في القول بمنع جواز الإلقاء في كلامه .


كما أن القول بأن الإلقاء إنما هو بالوسوسة والشبه قد خالف نص الآية من وجهين :
الأول : أن القول بأن ما يلقيه الشيطان من جنس الوسوسة والشبه ، من يراد به ؟ إن أريد به النبي صلى لله عليه وسلم ، فباطل بداهة .. لأنه لو كان في خاطره صلى لله عليه وسلم فلا يترتب عليه سبب الفتنة للكفار لأنه غير معلوم أو مسموع لهم .
وإن أريد به المستمعين ، فقد استمعه المؤمنون والكفار ، فإن كان لهما معا أو لأحدهما انفرادا عن الآخر ، فكيف يتجه عليه القول بالنسخ ؟ وأي شيء ينسخه الله ؟ هل ينسخ الشبه والوساوس من قلوب الكفار ؟
الثاني : أنه مخالف لتفسير السلف قاطبة ولم يعرف لهم مخالف ممن عاصرهم كما قال شيخ الإسلام : والذي عليه عامة السلف ومن اتبعهم ، أن الإلقاء في نفس التلاوة كما دلت عليه الآية وسياقها من غير وجه كما وردت به الآثار المتعددة ..
وقال أبو المظفر السمعاني [ وهو من أئمة أهل السنة الكبار حتى قال عنه الذهبي : تعصب لأهل الحديث والسنة والجماعة ، وكان شوكا في أعين المخالفين ، وحجة لأهل السنة ] في تفسيره (3/449):
الأكثرون من السلف ذهبوا إلى أن هذا شيء جرى على لسان الرسول بإلقاء الشيطان من غير أن يعتقد، وذلك محنة وفتنة من الله (وعادة) [ قوله (وعادة) أي في رسل الله وأنبيائه ]، والله تعالى يمتحن عباده بما شاء، ويفتنهم بما يريد، وليس عليه اعتراض لأحد وقالوا: إن هذا وإن كان غلطا عظيما، فالغلط يجوز على الأنبياء، إلا أنهم لا يقرون عليه. اهـ


وقال الإمام ابن جرير مستخلصا :
واختلف أهل التأويل في معنى قوله تمنى في هذا الموضع، وقد ذكرت قول جماعة ممن قال: ذلك التمني من النبيّ صلى الله عليه وسلم ما حدثته نفسه من محبته، مقاربة قومه في ذكر آلهتهم ببعض ما يحبون، ومن قال ذلك محبة منه في بعض الأحوال أن لا تذكر بسوء. وقال آخرون: بل معنى ذلك: إذا قرأ وتلا أو حدّث.
وهذا القول [ يعني الأخير ] أشبه بتأويل الكلام، بدلالة قوله:( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ) على ذلك; لأن الآيات التي أخبر الله جلّ ثناؤه أنه يحكمها، لا شك أنها آيات تنزيله، فمعلوم أن الذي ألقى فيه الشيطان هو ما أخبر الله تعالى ذكره أنه نسخ ذلك منه وأبطله، ثم أحكمه بنسخه ذلك منه.
فتأويل الكلام إذن: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ إلا إذا تلا كتاب الله، وقرأ، أو حدّث وتكلم، ألقى الشيطان في كتاب الله الذي تلاه وقرأه، أو في حديثه الذي حدث وتكلم( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ) يقول تعالى: فيذهب الله ما يلقي الشيطان من ذلك على لسان نبيه ويبطله. اهـ
وقال الإمام القرطبي في تفسيره (12/85) :
قوله تعالى : " ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة " يرد حديث النفس . وقد قال ابن عطية (5/6) : لا خلاف أن إلقاء الشيطان إنما هو لألفاظ مسموعة ، بها وقعت الفتنة . اهـ
وقال البيضاوي في تفسيره : ( ليجعل ما يلقي الشيطان ) علة لتمكين الشيطان منه وذلك يدل على أن المُلقَى أمر ظاهر عرفه المحق والمبطل .


فما ذهب إليه الإمام الشنقيطي من أن هذا الإلقاء هو بالشبه والوساوس ليس بجديد .. بل هو عين رأي المتأخرين ..
مع أنه أمر بدهي معلوم بالضرورة من فعل الشيطان ، ولا يحتاج إلى أن القول بنسخه وإبطاله .
بقيت جملة للإمام الشنقيطي - رحمه الله – وهي قوله : أنها كلمة شرك أكبر وكفر بواح ..
وهذا حق لا شك .. ولها تقديران :
فإن كانت من كلام الشيطان في الوحي ، فلا تعدوا أن تكون لغوا من قبله ، قد جرت به الفتنة ، وقد أحكم الله آياته ونسخ ما ألقاه الشيطان .
وإن كانت مما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن أثر الشيطان ، وهو منه صلى الله عليه وسلم على سبيل الخطأ والسهو لم يتعمده يقينا ، بل هو معصوم وإخوانه من تعمد مثل هذا ، ومن الإقرار عليه .. والقرينة التي ذكرها الشيخ تؤيد هذا ، وهي قراءته بعد ذلك ( إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وأباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ) ..
ومع ذلك فقد أحكم الله آياته ونسخ ما ألقاه الشيطان .


وفي الأخير .. قد بين شيخ الإسلام رحمه الله أن الخلاف ها هنا محير حتى قال في مجموع الفتاوى (19/8) :
كثر نزاعهم مع ذكائهم في مسائل ودلائل يجعلها أحدهم قطعية الصحة ويجعلها الآخر قطعية الفساد بل الشخص الواحد يقطع بصحتها تارة وبفسادها أخرى وليس في المنزل من عند الله شيء أكثر ما في الباب أنه ( إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ) فغاية ذلك غلط في اللسان يتداركه الله فلا يدوم .
وجميع ما تلقته الأمة عن الرسول صلى الله عليه وسلم حق لا باط لفيه ؛ وهدى لا ضلال فيه ؛ ونور لا ظلمة فيه . وشفاء ونجاة . والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله . اهـ

عادل سليمان القطاوي
2011-10-08, 09:43 AM
وكما تفضلت بنقل ما قاله الإمام الشنقيطي وهو ممن رد القصة وأبطلها ..
فسأنقل لك – غير ما تقدم أعلاه - ما قاله الإمام السعدي في تفسيره ، وهو ممن قبل القصة ..
غير أن تفسير الأخير ينصر مذهب السلف في تفسيرهم لهذه الآية ..
ولا نريد بهذا أن نحط من قدر الإمام الشنقيطي رحمه الله ، فهو علم من أعلام أهل السنة ..
وكذلك ليس المراد المفاضلة بين الرجلين أو بين تفسيريهما ..
وإنما الأمر للمدارسة وبيان منهج أمثالهم من العلماء الكبار في البحث والاستدلال والترجيح ..


قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تفسيره :
يخبر تعالى بحكمته البالغة ، واختياره لعباده ، وأن الله ما أرسل قبل محمد ( مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى ) أي : قرأ قراءته ، التي يذكر بها الناس ، ويأمرهم وينهاهم ، ( أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) أي : في قراءته ، من طرقه ومكايده ، ما هو مناقض لتلك القراءة ، مع أن الله تعالى قد عصم الرسل بما يبلغون عن الله ، وحفظ وحيه أن يشتبه ، أو يختلط بغيره. ولكن هذا الإلقاء من الشيطان ، غير مستقر ولا مستمر ، وإنما هو عارض يعرض ثم يزول ، وللعوارض أحكام ، ولهذا قال : ( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ) أي : يزيله ويذهبه ويبطله ، ويبين أنه ليس من آياته ، و ( يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ) أي : يتقنها ، ويحررها ، ويحفظها ، فتبقى خالصة من مخالطة إلقاء الشيطان ( وَاللَّهُ عَزِيزٌ ) أي: كامل القوة والاقتدار ، فبكمال قوته ، يحفظ وحيه ، ويزيل ما تلقيه الشياطين ( حَكِيمٌ ) يضع الأشياء مواضعها ، فمن كمال حكمته ، مكن الشياطين من الإلقاء المذكور ، ليحصل ما ذكره بقوله ( لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً ) لطائفتين من الناس ، لا يبالي الله بهم ، وهم الذين ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) أي : ضعف وعدم إيمان تام وتصديق جازم ، فيؤثر في قلوبهم أدنى شبهة تطرأ عليها ، فإذا سمعوا ما ألقاه الشيطان ، داخلهم الريب والشك ، فصار فتنة لهم .( وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ) أي: الغليظة ، التي لا يؤثر فيها زجر ولا تذكير ، ولا تفهم عن الله وعن رسوله لقسوتها ، فإذا سمعوا ما ألقاه الشيطان ، جعلوه حجة لهم على باطلهم ، وجادلوا به وشاقوا الله ورسوله ، ولهذا قال( وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) أي : مشاقة لله ، ومعاندة للحق ، ومخالفة له ، بعيد من الصواب ، فما يلقيه الشيطان ، يكون فتنة لهؤلاء الطائفتين ، فيظهر به ما في قلوبهم ، من الخبث الكامن فيها ، وأما الطائفة الثالثة ، فإنه يكون رحمة في حقها ، وهم المذكورون بقوله ( وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ) لأن الله منحهم من العلم ، ما به يعرفون الحق من الباطل ، والرشد من الغي ، فيميزون بين الأمرين ، الحق المستقر ، الذي يحكمه الله ، والباطل العارض الذي ينسخه الله ، بما على كل منهما من الشواهد ، وليعلموا أن الله حكيم ، يقيض بعض أنواع الابتلاء ، ليظهر بذلك كمائن النفوس الخيرة والشريرة ( فَيُؤْمِنُوا بِهِ ) بسبب ذلك ، ويزداد إيمانهم عند دفع المعارض والشبه.
( فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ) أي: تخشع وتخضع ، وتسلم لحكمته ، وهذا من هدايته إياهم ( وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا ) بسبب إيمانهم ( إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) علم بالحق ، وعمل بمقتضاه ، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وهذا النوع من تثبيت الله لعبده.
وهذه الآيات ، فيها بيان أن للرسول صلى الله عليه وسلم أسوة بإخوانه المرسلين ، لما وقع منه عند قراءته صلى الله عليه وسلم : ( والنجم ) فلما بلغ ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى ) ألقى الشيطان في قراءته " تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى " فحصل بذلك للرسول حزن وللناس فتنة ، كما ذكر الله ، فأنزل الله هذه الآيات .


وقال في القواعد الحسان في تفسير القرآن (ص: 143) :
ومن هذا الباب [ وهو : القاعدة الرابعة والستون: الأمور العارضة التي لا قرار لها بسبب المزعجات أو الشبهات قد تَردُ على الحق وعلى الأمور اليقينية ولكن سرعان ما تضمحل وتزول ]
بل من صريحه قوله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) أيْ يلقي من الشبه ما يعارض اليقين.
ثم ذكر الحكم المترتبة على الإلقاء ولكن نهاية الأمر وعاقبته أن الله يبطل ما يلقي الشيطان ، ويحكم الله آياته ، والله عليم حكيم ، فقد أخبر الله بوقوع هذا الأمر لجميع الرسل والأنبياء ، لهذه الحكم التي ذكرها ، فمن أنكر وقوع ذلك بناء على أن الرسل لا ريب ولا شك أنهم معصومون ، وظن أن هذا ينافي العصمة ، فقد غلط أكبر غلط ، ولو فهم أن الأمور العارضة لا تؤثر في الأمور الثابتة لم يقل إلا قولاً يخالف فيه الواقع ويخالف بعض الآيات ويطلب التأويلات المستبعدات . اهـ


وبعد .. أيها الحبيب ..
فالاستشفاء إنما هو بالقرآن وحده ، وليس باختيار تفسير على تفسير ، أو قبول رأي من أجل استحسانه على رأي مخالف له ..
بل الذي أراه أنا – على ضعفي وجهلي – أن قبول ما جاء عن السلف في تفسير الآية هو من تمام الاستشفاء بالقرآن ..


شكر الله لك ... وجزاك الله خيرا وبرا ..
وسعدت بوجودك . ولا حرمنا من مشاركاتك الطيبة .

عادل سليمان القطاوي
2011-10-08, 03:09 PM
فائدة : في مجمل تفسير السلف الصحيح للآية ..
وأقول الصحيح لأنه تفسير السلف بلا مخالف لهم ممن عاصرهم :
(1) تفسيرالتمني في الآية بالتلاوة والقراءة هو الصحيح الثابت من جهة النقل واللغة وهو ظاهر نص الآية .. وإن كان التمني يطلق على تمني القلب أحيانا فتعلق الآية بالمعنى الأول هو الصحيح الظاهر لأمرين :
الأول : ما جاء في القرآن لمعنى التمني بأنه التلاوة كما في قوله تعالى من سورة البقرة ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) الآية [78]
والثاني : قولهم في التمني : أنه تلاوة الكتاب ، ومنه قول حسان بن ثابت في عثمان بن عفان رضي الله عنه : تمنى كتاب الله أول ليله ... وآخـرها لاقى حمام المقادر.
وقول الآخر: تمنى كتاب الله آخر ليلة ... تمنى داود الزبور على رسل.


(2) أن إلقاء الشيطان إنما هو لشيء مسموع ظاهر وليس من باب الوسوسة ، ويؤيده أمران :
الأول : وقوع النسخ والإبطال لهذا الذي ألقاه الشيطان كما قال تعالى في الآية ( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) فلو كان وسوسة لما كان للتصريح بالنسخ فائدة .
الثاني : حصول الفتنة من جراء هذا الإلقاء كما قال تعالى ( لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) فلو كان بالوسوسة لما حصلت الفتنة لعدم ظهوره .
ولاشك حينئذ أنه لا يصح أن يقال أن إلقاء الشيطان إنما هو بالوسوسة القلبية ..
وقد نقلنا عن السلف وكثير من الخلف أن الإلقاء لشيء مسموع ظاهر ، كما قاله ابن جرير والقرطبي وابن عطية والسمعاني وقرره شيخ الإسلام ابن تيمية ونقلنا كلامه تأييدا لهذا ، والجمهور على هذا القول ..
وما خالف في هذين المعنيين [ تفسير التمني والإلقاء ] إلا بعض المتأخرين الذين ردوا قصة الغرانيق وأبطلوها فأولوا الآيات وهربوا من ظاهرها لكي لا يقال بجواز الإلقاء في كلام النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي .. ومن ثم القول بأن هذه القصة تناقض العصمة .. وقد أشبعنا الرد في موضوع العصمة أعلاه .
ولو علموا أن ظاهر القرآن يؤيد رواية الغرانيق إذ إنها من الأخبار وليست من الأحكام لقالوا بصحة المروي عن السلف في ذلك .
والله أعلم .

أم البراء وعائشة
2011-10-22, 10:27 PM
جزاك الله عنا خير الجزاء أخانا الفاضل عادل أجدت
بارك الله فيك

أحمد الأقطش
2011-10-25, 06:01 PM
ما جاء في القرآن لمعنى التمني بأنه التلاوة كما في قوله تعالى من سورة البقرة ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) الآية [78]



قد يظنّ القارئ لكلامك - حفظك الله - أنَّ هذا المعنى هو محلّ اتفاقٍ بين السلف بلا خلاف! والحقُّ غير هذا. فقوله سبحانه {أَمَانِيَّ} اختلفت في تفسيره أقوال السلف كما هو واضحٌ في كتب التفاسير. فيكفي أن تستعرض ما ذكره ابن جرير الطبري في تفسيره لهذه الآية حين قال: ((واختلف أهلُ التأويل في تأويل قوله {إلاَّ أَمَانِيَّ} ...
- عن ابن عباس: {إلاَّ أَمَانِيَّ} يقول: "إلاَّ قولاً يقولونه بأفواههم كذباً" ...
- عن مجاهد: {لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلاَّ أَمَانِيَّ}: "إلاَّ كذباً" ..
- عن قتادة: {إلاَّ أَمَانِيَّ} يقول: "يتمنون على الله الباطل وما ليس لهم" ..
- عن ابن عباس قوله {لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلاَّ أَمَانِيَّ}: يقول: "إلاَّ أحاديث" ..
- عن مجاهد: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلاَّ أَمَانِيَّ} قال: "أناسٌ مِن يهود لم يكونوا يعلمون مِن الكتاب شيئاً، وكانوا يتكلَّمون بالظنِّ بغير ما في كتاب الله، ويقولون: (هو مِن الكتاب) أمانيّ يتمنَّونها" ...
- عن أبي العالية: {إلاَّ أَمَانِيَّ}: "يتمنَّون على الله ما ليس لهم" ..
- قال ابن زيد في قوله {إلاَّ أَمَانِيَّ}: "تمنَّوا فقالوا: (نحن مِن أهل الكتاب)، وليسوا منهم".

قال أبو جعفر: وأَوْلَى ما روينا في تأويل قوله {إلاَّ أَمَانِيَّ} بالحقِّ وأشبهه بالصواب: الذي قاله ابن عباس - الذي رواه عنه الضحاك - وقولُ مجاهد إنَّ الأُمِّيين الذين وصفهم الله بما وصفهم به في هذه الآية، أنَّهم لا يفقهون مِن الكتاب الذي أنزله الله على موسى شيئاً، ولكنهم يتخرَّصون الكذب ويتقوَّلون الأباطيل كذباً وزوراً. و(التمنِّي) في هذا الموضع هو تخلُّق الكذب وتخرُّصه وافتعاله ... والذي يدلُّ على صحة ما قلنا في ذلك وأنه أَوْلَى بتأويل قوله {إلاَّ أَمَانِيَّ} مِن غيره مِن الأقوال: قولُ الله جلَّ ثناؤه {وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ}. فأخبر عنهم جلَّ ثناؤه أنهم يتمنَّون ما يتمنَّون مِن الأكاذيب ظناً منهم لا يقيناً. ولو كان معنى ذلك أنهم (يتلونه)، لم يكونوا ظانِّين! وكذلك لو كان معناه (يشتهونه). لأنَّ الذي يتلوه إذا تدبَّره، عَلِمَهُ. ولا يستحقُّ الذي يتلو كتاباً قَرَأَهُ - وإنْ لَمْ يتدبَّره بتركه التدبُّر - أَنْ يقال: هو ظانٌّ لِما يتلو! إلاَّ أن يكون شاكَّاً في نفس ما يتلوه، لا يدري أحقٌّ هو أم باطلٌ. ولم يكن القوم الذين كانوا يتلون التوراة على عصر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مِن اليهود فيما بلغنا شاكِّين في التوراة أنها مِن عند الله!)). اهـ
والله أعلى وأعلم

مساعد أحمد الصبحي
2012-01-13, 05:52 PM
السلام عليكم
وبما أنه قد طال هذا الموضوع جدا حتى أربت مشاركاته على المئة فقد رأيت أن أفتح موضوعا جديدا أفصل فيه رأيي بما يثبت أن من يقبلون هذه القصة لا متعلق لهم بآيات إلقاء الشيطان الواردة في سورة الحج
ينظر للأهمية هذا الرابط: http://majles.alukah.net/showthread.php?t=95091

هشام محمد مصطفى
2013-03-02, 06:05 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة أستاذى العزيز عادل سليمان ارجو من حضرتك اعطائى نسخة كاملة من كتابك إتحاف النبلاء واى مؤلفات لك عن الغرانيق لاننى اجرى بحثا عنها وأعجبت باسلوبك العلمى وسعة إطلاعك بالموضوع وشكرا

عادل سليمان القطاوي
2013-03-16, 08:01 PM
الأخ الكريم: أحمد الأقطش.. نفع الله بك .
تفسير التمني بالتلاوة محل اتفاق بين السلف فيما نقله جمع من العلماء رحمهم الله تعالى ..
وليس تفسير ( أماني ) بالتلاوة محل اتفاق .. وإن كان أحد أوجه تفاسيرها ..
فوجب التنبيه .. إذ إنني جئت بآية البقرة استئناسا للدليل الذي هو اتفاق السلف على معنى قوله ( تمنى ) في آية الحج بالتلاوة ..
قال البغوي : وأكثر المفسرين قالوا : معنى قوله : ( تَمَنَّى ) أي : تلا وقرأ كتاب الله ..
( أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) أي : في تلاوته ، قال الشاعر في عثمان حين قتل:
تَمَنّى كتَابَ الله أوّل لَيْلة ... وآخرَها لاقَى حمَامَ المَقَادرِ .
وقال الضحاك : ) إِذَا تَمَنَّى ) : إذا تلا. . قال ابن جرير : هذا القول أشبه بتأويل الكلام.
الثاني : أن تفسيرها بالتلاوة عليه دليل لغوي صريح نقل بالاستفاضة بلا نكير :
قال الامام ابن حجر : قوله: ويقال أمنيته قراءته ( إلا أماني ) يقرؤون ولا يكتبون هو قول الفراء قال : التمني التلاوة .. قال : ومن شواهد ذلك قول الشاعر : تمنى كتاب الله أول ليلة - تمنى داود الزبور على رسل ..
قال الفراء : والتمني أيضا حديث النفس . اهـ

فالدليل قائم على أن قولهم في التمني : هو تلاوة الكتاب ، وعليه دليلان، أحدهما قول حسان في عثمان بن عفان رضي الله عنه: تمنى كتاب الله أول ليله ... وآخـرها لاقى حمام المقادر.
والثاني قول الآخر: تمنى كتاب الله آخر ليلة ... تمنى داود الزبور على رسل.
وقال الإمام أبو جعفر ابن النّحّاس [ت 338 هـ] (رحمه الله) في الناسخ والمنسوخ (ص 574( :
ألقى الشيطان في أمنيته أي في سره ، والقول الآخر عليه أكثر أهل التأويل قال سعيد بن جبير في أمنيته في قراءته وقال مجاهد في قوله وقال الضحاك الأمنية التلاوة قال أبو جعفر فهذا معروف في اللغة منه ( لا يعلمون الكتاب إلا أماني ). اهـ
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية:
إلقاء الشيطان المذكور في قوله : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) إلى قوله ( صراط مستقيم ) ... وللناس فيها قولان مشهوران ؛ بعد اتفاقهم على أن التمني هو التلاوة والقرآن كما عليه المفسرون من السلف كما في قوله : ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون). اهـ

وقال الامام الألباني في أول رسالته : إن هذه القصة قد ذكرها المفسرون عند قوله تعالى : ( ومآ أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلآ إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) الآية .. وقد اختلفوا في تفسير قوله تعالى : ( تمنى ) و ( أمنيته ) وأحسن ما قيل في ذلك : إن ( تمنى ) من " الأمنية " وهي التلاوة كما قال الشاعر في عثمان رضي الله عنه حين قتل : تمنى كتاب الله أول ليلة ... وآخرها لاقى حمام المقادر
وعليه جمهور المفسرين والمحققين وحكاه ابن كثير عن أكثر المفسرين بل عزاه ابن القيم إلى السلف قاطبة فقال في إغاثة اللهفان (1/93) : والسلف كلهم على أن المعنى إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته . اهـ
فقد حكي عن السلف قاطبة تفسيرهم للتمني بالتلاوة ...

وأما ما تفضلت به مما نقلته عن الامام ابن جرير ...
فتحرير المسألة يكون حول كلامه في الآية موضوع النزاع .. وهاك قوله :
قال رحمه الله في تفسيره جامع البيان في تأويل القرآن (18/ 667):
واختلف أهل التأويل في معنى قوله تمنى في هذا الموضع، وقد ذكرت قول جماعة ممن قال: ذلك التمني من النبيّ صلى الله عليه وسلم ما حدثته نفسه من محبته، مقاربة قومه في ذكر آلهتهم ببعض ما يحبون، ومن قال ذلك محبة منه في بعض الأحوال أن لا تذكر بسوء.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إذا قرأ وتلا أو حدّث.
*ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله:( إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) يقول: إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:( إِذَا تَمَنَّى ) قال: إذا قال.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله:( إِلا إِذَا تَمَنَّى ) يعني بالتمني: التلاوة والقراءة.
وهذا القول أشبه بتأويل الكلام، بدلالة قوله:( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ) على ذلك; لأن الآيات التي أخبر الله جلّ ثناؤه أنه يحكمها، لا شك أنها آيات تنزيله، فمعلوم أن الذي ألقى فيه الشيطان هو ما أخبر الله تعالى ذكره أنه نسخ ذلك منه وأبطله، ثم أحكمه بنسخه ذلك منه.
فتأويل الكلام إذن: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ إلا إذا تلا كتاب الله، وقرأ، أو حدّث وتكلم، ألقى الشيطان في كتاب الله الذي تلاه وقرأه، أو في حديثه الذي حدث وتكلم( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ) يقول تعالى: فيذهب الله ما يلقي الشيطان من ذلك على لسان نبيه ويبطله. اهـ من ابن جرير .

فحاصل ما تفضلت بنقله عن ابن جرير أن يكون اختيارا منه لتفسير الأمنية في سورة البقرة بالتخرص والكذب في هذا المكان فقط .. بدليل قوله :
[ و"التمني" في هذا الموضع، هو تخلق الكذب وتخرصه وافتعاله. ] ولم يسقطه على الآية موضوع الخلاف . بل رجح أن يكون معنى تمنى هو تلى لا غير .
وثانيا: أن هذا اجتهاد منه رحمه الله ، وهو اجتهاد في آية غير الآية محل النزاع .. وتفسيره لقوله ( إذا تمنى ) مرجحا أن تفسيره إذا تلى.
وثالثا: أنه وإن اختار تفسير ( أماني ) بالتخرص والكذب، فقد نقل في أول كلامه نصوصا تفيد عدم حصر اختياره فيما نقله من آثار عن السلف .
رابعا: أنه قد نقل جمع من العلماء – كما نقلناه أعلاه - اتفاق السلف على تفسير التمني بالتلاوة ، ولفظ التمني هو موضوع النزاع لا قوله ( أماني ).
شكر الله لك ونفع بك .