المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سنن ابن حزم الظاهري



الدكتور مجيد الخليفة
2011-07-13, 06:12 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد
فإن الاعتناء بالسنن مما تتفاخر به الأقلام ، وتحنُّ له القراطيس والصحف ، وهو خير ما تصرف به الأعمار في زمن كثر فيه القيل والقال ، وكاد تضيع فيه الأحاديث والآثار ، ليس من حيث تدوينها ، بل من حيث حفظها والعمل بها ، فالعاملون قليلون في عصر الغربة ، وقد بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء .
وقد كانت عنايتي بمؤلفات ابن حزم قبل ما يزيد من عشرين عاماً ، عندما كنت طالباً في مرحلة الماجستير ، فأطلعت على كثرة مؤلفاته منذ ذلك الوقت ، وعلمت أن ابن حزم من العلماء القلائل الذين ظهروا في تاريخ الإسلام من ذوي الهمة في التأليف والتصنيف بمختلف المعارف والعلوم ، وكان اهتمامي في بداية الأمر على مؤلفاته في الملل والنحل ، خاصة كتابه المشهور في ( الفصل في الملل والأهواء والنحل ) ، الذي يعد من أهم الكتب التي كتبت في بابه ، واعتنت بمجاله ، فكان ذلك دافعاً لي أن أخصص دراستي للماجستير حول ابن حزم ، عندما كنت طالباً في جامعة بغداد سنة 1417/ 1997م حول الإمام ابن حزم الظاهري ، وكان عنوانها ( ابن حزم الأندلسي ومنهجه في دراسة العقائد والفرق الإسلامية ) ، وقد جعلتني تلك الدراسة اطلع على معظم مؤلفاته المطبوعة ، خاصة موسوعته الفقهية ( المحلى ) ، وقرأت في حينها قول العز بن عبد السلام : (( ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل ( المحلى ) لابن حزم ، وكتاب المغني للشيخ موفق الدين )) .
وقد نال الإمام ابن حزم الظاهري الثناء الجميل والحسن من عدد من العلماء الذين نظروا إلى علومه معارفه ، وتمسكه بالكتاب والسنة ، وتقيده بالنص الذي جرَّ إليه في بعض الأحيان النقد من قبل خصومه ، قال مؤرخ الأندلس ومعاصر ابن حزم : (( كان كالبحر لا تكف غواربه، ولا يروى شاربه، وكالبدر لا تجحد دلائله، ولا يمكن نائله ،كان حامل فنون من حديث وفقه وجدل ونسب، وما يتعلق بأذيال الأدب، مع المشاركة في كثير من أنواع التعاليم القديمة من المنطق والفلسفة، له في بعض تلك الفنون كتب كثيرة، غير أنه لم يخل فيها من غلط وسقط )) .
ووقع تحت يدي في تلك الأيام كتاب ( معجم فقه ابن حزم ) للشيخ محمد المنتصر الكتاني رحمه الله ، فأعجبت به أيما أعجاب ، ووقع في خلدي أن أجمع حديث الإمام ابن حزم الظاهري ، ووقع في خلدي أن اسميه بـ ( سنن ابن حزم الظاهري ) ، فيكون مرتباً على حسب الأبواب والمواضيع الفقيه ، مخالفاً لما قام به بعض العلماء من جمع مسند الإمام الشافعي ، ومسند الإمام أبي حنيفة ، ولم تكن هذه بالمهمة السهلة ، خاصة مع تقلب الأمور والأحوال ، ولم يفت ذلك في تحقيق أمنيتي ، قبل أن تأتي منيتي ، فشمرت عن ساعد الجد ، مستعيناً بالواحد الأحد ، وبدأت بجمع حديث ابن حزم المسند المرفوع مما تبقى من مؤلفاته ، ومع ذلك فإني اعترف بأني لست من فرسان هذا الميدان ، ولكن طمعاً في أن يكتب لنا أجر كتابة السنة ، وتتبع الحديث والآثار ، قبل أن تحين الساعة ، ونكون ذكراً بعد عين .
ومن المعروف أن أبا محمد ابن حــزم صاحب إسناد خاص ، ســواء إلى الكتب السنة المشهورة مثــل ( صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وسنن أبي داود ، وسنن النسائي ، ومسانيد : أحمد والطيالسي والبزار وإسحاق بن راهويه وابن سنجر وعلي بن المديني وغيرها ، كما له سند خاص إلى مصنف ابن أبي شيبة ، ومصنف عبد الرزاق ) وغيرها من كتب الحديث ، وله بعض الإفراد مما اعتنى بذكره في مصنفاته ، خاصة في كتابه الموسوعي ( المحلى ) ، وهو مع ذلك كله ناقد للحديث ، عارف بطرقه ورجاله ، واقف على علله ومضانه ، فهو الحافظ الذي لا يشق غباره ، والمحدث الذي تأخذ بالحسبان آرائه ، على ما يقال عنه من تشدد وبعض الوهم ، ومن سلم من ذلك ، فكل رجل يؤخذ منه ويرد إلا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .
أما عملنا في هذا الكتاب فكان وفقاً للأمور الآتية :
أولاً : نص الكتاب :
1.سمينا كتابنا هذا بـ ( سنن ابن حزم الظاهري ) لأننا اقتصرنا على حديثه المسند المرفوع مع ترتيب الكتاب على الأبواب الفقهية .
2. اعتمدنا على تحقيق الشيخ أحمد شاكر لكتاب المحلى ، ثم رتبنا سنن ابن حزم حسب كتب وأبواب المحلى الفقهية ، وقد أضفنا له كتاب السنة ، وكتاب العلم .
3.اعتمدنا في تسمية الكتب والأبواب على لفظ ابن حزم في كتبه ، خاصة المحلى ، لموافقة ذلك مذهبه الظاهري ، ولم نقم بالتغيير في اللفظ إلا في بعض الحالات ، وبما لا يخل بالمعنى.
4. تتبعنا الحديث المسند المرفوع في كتب الإمام ابن حزم ، وعمدتنا في ذلك كتاب المحلى ، مع ما وصل إليه أيدينا من تراثه المطبوع .
5. بالنسبة لكتب ابن حزم الأخرى فقد تتبعنا الحديث المسند فيها ، وحاولنا وضعها في مكانها المناسب لترتيب المحلى ، فعلى سبيل المثال وضعنا ما جاء في كتابه ( الفصل ) في كتاب التوحيد ، وما جاء في كتابه ( الإحكام ) في كتاب السنة وهكذا .
6. ضبطنا النص ضبطاً تاماً ، مع جعل المرفوع القولي بين قوسين ، وتميزه بالخط الأسود .
7. حاولنا جهد المستطاع مقارنة نصوص الأحاديث بالمراجع الواردة فيها من دواوين السنة ، فأضفنا ما سقط منها من الإسناد أو المتن بقوسين معقوفين [ ... ] ، مع التنبيه إلى ذلك.
8. ميزنا المصادر التي روى من خلالها ابن حزم بالخط الأسود ، مع بيان طريق المتن في هوامش الكتاب .
9. رقمنا الأحاديث ترقيماً موحداً ، مع ترقيم الكتب ، وترقيم أبواب كل كتاب .
10. تختلف صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب إلى آخر من تراث ابن حزم ، ولذلك اعتمدنا لرسول الله صيغة : (( صلى الله عليه وسلم )) ، وللصحابي : (( رضي الله عنه )) ، ولمن كان هو ووالده من الصحابة : (( رضي الله عنهما )) ، وللصحابة : ((رضي الله عنهم )) ، وللصحابيات : (( رضي الله عنها )).
ثانياً التخريج :
1. صدرنا كل حديث عند بداية التخريج بدرجته من حيث الصحة أو الضعف .
2. قمنا بتخريج الحديث من كتب السنة المشهور ، فإذا كان الحديث في أحد الصحيحين أكتفينا بالتخريج ، أما إن لم يكن في أحد الصحيحين ، فنقلنا أقوال الأئمة في تصحيح الحديث أو تضعيفه .
3. اتخذنا مساراً وسطاً في العزو إلى كتب السنة ، فلم نفرط باستعراض الكتب وبيان العلل ، ولم نقصر في ذلك ، واتخذنا مذهباً وسطاً بين ذلك .
4.إن كان هناك كلام للإمام ابن حزم على بعض الأحاديث نقلناه في متن الكتاب بعبارة : (( قال أبو محمد )) ، ثم تعقبنا هذا الكلام في الهامش .
5. اعتنينا بذكر أسانيد ابن حزم إلى الكتب المشهورة ، وميزناها باللون الأسود ، مع الإشارة إلى السقط في الإسناد إن وجد .
6. اعتبرنا سكوت ابن حزم على بعض الأحاديث واحتجاجه بها دلالة على تصحيحها ، إلا أن تكون هناك علة ظاهرة لم يشر إليها ابن حزم ، فنبهنا عليها .
7. لا نلجأ لذكر الحديث أكثر من مرة إلا إذا كانت هناك فائدة في ذكره ، كأن يكون جاء بسندٍ آخر ، أو كانت هناك زيادة في متنه عما ذكر أولاً ، أو ما شابه ذلك .
8. غالباً ما قمنا بترتيب المصادر في الهامش وفقاً لأسبقيتها ، مع تقديم الطريق التي جاءت منها الحديث ثم صحيح البخاري ثم مسلم ثم مسند الإمام أحمد والسنن الأربعة ، ثم المصادر الأخرى.
والكتاب يطبع حاليا بدار ابن حزم ببيروت ، وسيخرج إلى النور بإذن الله تعالى العام القادم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

ماجد مسفر العتيبي
2011-07-13, 09:53 AM
ما شاء الله لا قوة إلا بالله جزاك الله كل خير يا شيخ على هذا العمل العظيم وأسال الله ان
ينفعك به في الدنيا والاخرة وان يبارك فيه وليتك يا شيخ تحدثنا عن مجموع احاديث هذا الكتاب

كما اتمنى يا شيخ في موضوعاً مستقل عن كتاب ابن حزم (الفصل في الملل والاهواء والنحل)

الدكتور مجيد الخليفة
2011-07-13, 04:12 PM
الأخ الفاضل ماجد بن مسفر العتيبي ..حفظه الله
الأخوة القراء الأكارم .. وفقهم الله
ننقل لكم آخر حديث من سنن ابن حزم الظاهري ، وفيه رقم آخر حديث من الكتاب مع منهجنا في التخريج .. علما أن عدد صفحات الكتاب بحجم (a4 ) بلغ ( 1673 ) صفحة ونتوقع أن يطبع بثلاثة أجزاء ...
نسأل الله السداد
مثال :
.3354.حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الدِّينَوَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الْطَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنِيْ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْطَّائِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ ، حَدَّثَنَا أَبِيْ ، حَدَّثَنَا ضَمْضَمِ ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ : زَعَمَ أَيُّوْبَ بْنِ مِكْرَزٍ : أَنْ غُلَاما مِنْ الْأَزْدِ قَالَ لَهُ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ أَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنْ الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ الْحَلَالَ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ الْنَّفْسُ ، وَإِنَّ الْإِثْمَ مَا حَاكَ فِيْ صَدْرِكَ وَكَرِهْتَهُ ، أَفْتَاكَ الْنَّاسُ مَا أَفْتَوْكَ )) . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَفِيْهِ مَجْهُوْلُوْنَ( ) .

ملاحظة : لم استطع ضبط الحركات في هذا المنتدى لاختلاف ملف الوورد لدي .. فاعتذر للأخوة الكرام
ـــــــــ
( 3354) ضعيف : أخرجه أحمد من طريق حماد بن سلمة عن الزبير أبي عبد السلام عن أيوب بن عبد الله بن مكرز عن وابصة بن معبد ... به ، المسند ، رقم ( 17540 ) ؛ ومن طريق حماد أيضاً أخرجه الدارمي ، كتاب البيوع ، باب دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، رقم ( 2533 ) ؛ أبو يعلى من طريق حماد كذلك ... به ، المسند : 3/160 ؛ الطبراني من طريق أحمد بن حنبل ، المعجم الكبير : 22/148 ؛ الطحاوي من طريق حجاج بن محمد قال : ثنا حماد بن سلمة ... به ، مشكل الآثار : 5/133 ؛ قال الهيثمي : (( وفيه أيوب بن عبد الله بن مكرز ، قال ابن عدي : لا يتابع على حديثه ، ووثقه ابن حبان )) ، المجمع : 1/423 ؛ أما سند ابن حزم فليس فيه من يوسم بالجهالة ، ولكنه منقطع كما قال .
(•) قال جامعه الفقير إلى عفو ربه : (( انتهيت من جمعه وتصحيحه عند منتصف الليل من يوم الجمعة 4 جمادى الأولى من سنة 1432من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ، ونسأله تعالى أن يجعله لنا ذخراً يوم القيامة ، ويرزقنا به في مثل ذلك اليوم السلامة )) .

أبو محمد الطنطاوي
2011-07-13, 08:16 PM
بارك الله فيكم فضيلة الدكتور مجيد الخليفة وبارك في عملكم المفيد بإذن الله للإسلام والمسلمين والباحثين المنصفين .
حبذا لو نبهتم فور انتهاء الطباعة وطرح الكتاب في الأسواق وأرجو أن ينزل عندنا في مصر مبكراً.

أبو عبيدة الكاتب
2011-07-19, 02:04 PM
ما شاء الله ... جهد مبارك .
إلا أنه ينقصه -في نظري- جمع الآثار ، ولا سيما الواردة عن الصحابة
لأن الفقه لا ينفك عنها ، وأهمية أقوال الصحابة لا تخفى على أحد ...
أضف إلى ذلك أن لها أثرا في نقد الحديث تصحيحا و إعلالا ، فقد يروى الحديث من طريق صحابي أو من طريق أهل بلد ويكون قولهم على خلافه مما يدل على أن الخبر معلول .
تنبيهات رائقة في هذا الباب (باب علاقة فقه البلدان بعلل الحديث) .
و الله أعلم .