المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكليات الاساسية للشريعة الاسلامية تابع _6



عمرو علي عبد المالك
2011-07-10, 06:12 PM
وإذا أخذنا قوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّتَعْبُدُو اْإِلاَّإِيَّاه ُ} الإسراء: 23 نجد فيه قضية كلية كبرى هي لزوم عبادة الله، مع إفراده وحده بهذه العبادة.
وتحت هذه القضية الكلية تندرج قضايا جزئية لها، تتمثل في العبادات والتكاليف العبادية، من صلاة وزكاة وصوم وحج وعمرة...
كما يدخل في جزئياتها كل ما تم إبطاله من أشكال العبادة والعبودية لغير الله ـ من بشر أوحجر، أو حي أو ميت ـ سواء كانت قلبية أو قولية أو فعلية.
ثم نجد أن هذه العبادات المطلوبة، أو تلك المحظورة، هي قضايا أو عناوين كلية لما تحتها وضمنها من أحكام تفصيلية، وقد يكون لبعض التفاصيل تفاصيل وفروع دونها... وهكذا.
ومن الأمثلة التوضيحية للكليات والجزئيات، واختلاف مراتبها في العموم والخصوص، ما يتضمنه هذا النص للإمام عز الدين بن عبد السلام:"وقد يقع في الأدلة ما يدل على التكليف إجمالًا، كالتبشير والإنذار إذا لم يتعلقا بفعل معين، كقوله تعالى {إِنَّاأَرْسَلْ َاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًاوَنَذِي رًا} [فاطر: 24]... فالبشارة تدل على الأمر من غير تعيين مأمور به، والنذارة تدل على النهي من غير تعيين مَنهي عنه.
ومن الأدلة ما يدل على الأمر بنوع من الفعل، أو النهي عن نوع من الفعل، ومنها ما ينتظم المأمورات بأسرها، أو المنهيات بأسرها، ومنها ما يدل على الجميع[1] (http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn1)...
فمن ذلك قوله تعالى {وَتَعَاوَنُواْ َلَى الْبرِّوَالتَّق ْوَى وَلاَتَعَاوَنُو اْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، عام للتعاون على كل بر وتقوى، وعام للنهي عن التعاون على كل إثم وعدوان.
ومنه قوله {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] عام في جميع المستلذات، إلا ما استثني، ولا يجوز حمل الطيبات هنا على الحلال، إذ لا جواب فيه؛ فإنه لا يصح أن يقال: يسألونك ماذا أحل لهم، قل: أحلَّ لكم الحلال."([2] (http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn2)).


أساليب عرض الكليات في القرآن

للقرآن أساليبه المتميزة في عرض مضامينه وأداء وظائفه، ذلك أنه يخاطب ويعالج الكيان البشري بكل مكوناته وبكل متطلباته دفعة واحدة، ولذلك تمتزج فيه ـ في الموضع الواحد ـ عناصر متعددة للخطاب، أو عناصر متعددة للمعالجة والعلاج، فتجد أسس العقيدة مع جزئيات التشريع، وتجد القصص مع المواعظ، وتجد الحِجَاج المنطقي مع ذكر الجنة والنار، وتجد مشاهد الطبيعة مع تكاليف العبادة...
والكليات القرآنية التي هي موضوعنا، يعرضها القرآن الكريم ضمن هذه الأساليب المتنوعة المندمجة.
- فكثير من هذه الكليات جاء على لسان الرسل والأنبياء، أو ضمن صفاتهم ومواقفهم، أو جاء حكاية عما في كتبهم وشرائعهم. وجميع هذه الصيغ والأساليب، مرماها ومقتضاها: التعليم والتوجيه والتشريع.
من ذلك ـ مثلا ـ ما جاء على لسان نبي الله صالح عليه السلام خطابا لقومه: {وَلاتُطِيعُواأ مْرَالْمُسْرِف ينَ(151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلايُصْلِحُونَ } [الشعراء: 151 ـ 152] ومثله ما جاء على لسان موسى عليه السلام خطابا لأخيه هارون:{وَأَصْلِح ْوَلاَتَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 142]. وجاء في وصف الأنبياء عموما {وَجَعَلْنَاهُم أَئِمَّةًيَهْدُ ونَ بِأَمْرِنَاوَأَ وْحَيْنَاإِلَيْ هِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِوَإِيت َاءالزَّكَاةِوَ كَانُوالَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 73]، {إِنَّهُمْ كَانُوايُسَارِع ُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَار َغَبًاوَرَهَبًا وَكَانُوالَنَاخ َاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].
ومعلوم أننا مأمورون باتباع الأنبياء والاقتداء بأفعالهم وصفاتهم.
ومن الكليات الأساسية التي جاءت محكية عن الرسل والكتب جميعًا، ما في قوله تعالى {لَقَدْأَرْسَلْ َارُسُلَنَابِا ْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَامَع َهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25].
وجاء على لسان ذي القرنين {أَمَّامَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّإِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًانُّكْرً ا(87) وَأَمَّامَنْ آمَنَوَعَمِلَ صَالِحًافَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْأَمْرِنَا يسرا.