المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حسن الخطاب مع العزيز الوهاب



عبد الله عبد الرحمن رمزي
2011-07-09, 06:04 AM
قال الامام ابن القيم رحمه الله في بيان تادب الانبياء مع الله سبحانه وتعالى :
وتأمل أحوال الرسل صلوات الله وسلامه عليهم مع الله ، وخطابهم وسؤالهم . كيف تجدها كلها مشحونة بالأدب قائمة به ؟

قال المسيح عليه السلام إن كنت قلته فقد علمته (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)ولم يقل : لم أقله . وفرق بين الجوابين في حقيقة الأدب . ثم أحال الأمر على علمه سبحانه بالحال وسره . فقال : تعلم ما في نفسي (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)ثم برأ نفسه عن علمه بغيب ربه وما يختص به سبحانه ، فقال ولا أعلم ما في نفسك (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)ثم أثنى على ربه . ووصفه بتفرده بعلم الغيوب كلها . فقال إنك أنت علام الغيوب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)ثم نفى أن يكون قال لهم غير ما أمره ربه به - وهو محض التوحيد - فقال : ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)ثم أخبر عن شهادته عليهم مدة مقامه فيهم . وأنه بعد وفاته لا اطلاع له عليهم ، وأن الله عز وجل وحده هو المنفرد بعد الوفاة بالاطلاع عليهم . فقال : وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu). ثم وصفه بأن شهادته سبحانه فوق كل شهادة وأعم . فقال : وأنت على كل شيء شهيد (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)ثم قال : إن تعذبهم فإنهم عبادك (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)وهذا من أبلغ الأدب مع الله في مثل هذا المقام . أي شأن السيد رحمة عبيده والإحسان إليهم . وهؤلاء عبيدك ليسوا عبيدا لغيرك . فإذا عذبتهم - مع كونهم عبيدك - فلولا أنهم عبيد سوء من أبخس العبيد ، وأعتاهم على سيدهم ، وأعصاهم له - لم تعذبهم . لأن قربة العبودية تستدعي إحسان السيد إلى عبده ورحمته . فلماذا يعذب أرحم الراحمين ، وأجود الأجودين ، وأعظم المحسنين إحسانا عبيده ؟ لولا فرط عتوهم ، وإباؤهم عن طاعته ، وكمال استحقاقهم للعذاب .

وقد تقدم قوله : إنك أنت علام الغيوب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)أي هم عبادك . وأنت أعلم بسرهم وعلانيتهم . فإذا عذبتهم : عذبتهم على علم منك بما تعذبهم عليه . فهم عبادك وأنت أعلم بما جنوه واكتسبوه . فليس في هذا استعطاف لهم ، كما يظنه الجهال . ولا تفويض إلى محض المشيئة والملك المجرد عن الحكمة ، كما تظنه القدرية . وإنما هو إقرار واعتراف وثناء عليه سبحانه بحكمته وعدله ، وكمال علمه بحالهم ، واستحقاقهم للعذاب .

ثم قال : وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)ولم يقل : الغفور الرحيم [ ص: 359 ] وهذا من أبلغ الأدب مع الله تعالى . فإنه قاله في وقت غضب الرب عليهم ، والأمر بهم إلى النار . فليس هو مقام استعطاف ولا شفاعة . بل مقام براءة منهم . فلو قال : فإنك أنت الغفور الرحيم لأشعر باستعطافه ربه على أعدائه الذين قد اشتد غضبه عليهم . فالمقام مقام موافقة للرب في غضبه على من غضب الرب عليهم . فعدل عن ذكر الصفتين اللتين يسأل بهما عطفه ورحمته ومغفرته إلى ذكر العزة والحكمة ، المتضمنتين لكمال القدرة وكمال العلم .

والمعنى : إن غفرت لهم فمغفرتك تكون عن كمال القدرة والعلم . ليست عن عجز عن الانتقام منهم ، ولا عن خفاء عليك بمقدار جرائمهم ، وهذا لأن العبد قد يغفر لغيره لعجزه عن الانتقام منه . ولجهله بمقدار إساءته إليه . والكمال : هو مغفرة القادر العالم . وهو العزيز الحكيم . وكان ذكر هاتين الصفتين في هذا المقام عين الأدب في الخطاب .

وفي بعض الآثار حملة العرش أربعة : اثنان يقولان : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك . لك الحمد على حلمك بعد علمك . واثنان يقولان : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك . لك الحمد على عفوك بعد قدرتك . ولهذا يقترن كل من هاتين الصفتين بالأخرى . كقوله : والله عليم حليم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)وقوله : فإن الله كان عفوا قديرا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu).

وكذلك قول إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم : الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)ولم يقل : وإذا أمرضني . حفظا للأدب مع الله .

وكذلك قول الخضر عليه السلام في السفينة فأردت أن أعيبها (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu). ولم يقل : فأراد ربك أن أعيبها . وقال في الغلامين : فأراد ربك أن يبلغا أشدهما (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu).

وكذلك قول مؤمني الجن : وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)ولم يقولوا : أراده بهم . ثم قالوا : أم أراد بهم ربهم رشدا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu).

وألطف من هذا قول موسى عليه السلام رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)ولم يقل : أطعمني .

[ ص: 360 ] وقول آدم عليه السلام ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu)ولم يقل : رب قدرت علي وقضيت علي .

وقول أيوب عليه السلام . مسني الضر وأنت أرحم الراحمين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=119&ID=389#docu). ولم يقل : فعافني واشفني .

عامر الفضل
2011-07-09, 09:32 AM
جزاك الله خيرا

عبد الله عبد الرحمن رمزي
2011-07-09, 04:50 PM
شكرا لك ... بارك الله فيك ...

عبد الله عبد الرحمن رمزي
2012-01-05, 04:59 PM
يرفع للفائدة