أم همام
2011-06-14, 01:46 AM
وهج من نور آية (1)
جولة إيمانية نتناول فيها آية من كتاب الله نتفيأ ظلالها الوارفة ونستنير بهديها المنير ونسير على صراطها القويم ونتفكر في معانيها السامية ومضامينها الإيمانية... ودوري سيقتصر فقط على الاختيار وقليل من التعليق لربط جوانب الموضوع ولن آتي بشئ من عندي ..وإنما هو بحث وتنقيب لكلام أهل العلم ..أعدكم أن أجعلها مختصرة قدر الإمكان ... أسأل الله أن يطرح فيها البركة وأن يسهل لها طريقاً إلى قلوبكم ... ولقاؤنا الأول يدور حول آية من آيات الإخلاص.
قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ..} الزمر (2)(3)
(إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق)أساس الحق الذي أٌنزل به الكتاب , هو الوحدانية المطلقة التي يقوم عليها الوجود ، وهذا الكتاب مشتملاً على الحق لهداية الخلق، على أشرف الخلق، عظمت فيه النعمة وجلَّت، ووجب القيام بشكرها، وذلك بإخلاص الدين للّه، فلهذا قال: { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أنزل إليه الكتاب بالحق ، وهو منهجه الذي يدعو إليه الناس كافة . . عبادة الله وحده , وإخلاص الدين له , وقيام الحياة كلها على أساس هذا التوحيد .
{ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } هذا تقرير للأمر بالإخلاص، وبيان أنه سبحانه كما أنه له الكمال كله، وله التفضل على عباده من جميع الوجوه، فكذلك له الدين الخالص الصافي من جميع الشوائب، فهو الدين الذي ارتضاه لنفسه، وارتضاه لصفوة خلقه وأمرهم به، لأنه متضمن للتأله للّه في حبه وخوفه ورجائه، وللإنابة إليه في عبوديته، والإنابة إليه في تحصيل مطالب عباده.
فالإخلاص هو حقيقة الدين و لب العبادة و مفتاح دعوة الرسل ( و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )
وتوحيد الله وإخلاص الدين له , ليس كلمة تقال باللسان فحسب ; إنما هو منهاج حياة كامل . يبدأ من تصور واعتقاد في الضمير ; وينتهي إلى نظام يشمل حياة الفرد والجماعة .
إن قضية الاعتقاد والإخلاص، ينبغي أن نتنبه لها لا سيما في هذا الزمن، لأننا نشهد ما يزاحمها من الأعمال، ونشهد أن الناس في تفريط، الذين يذهبون إلى غير الله، أو يتوجهون إلى غير الله، في طلب نفع، أو دفع ضر.
والقلب الذي يوحد الله , يدين لله وحده , ولا يطأطأ رأسه بذل لأحد سواه , ولا يسأل الناس شيئا مما لا يقدرون عليه ولا يتوكل على أحد سواه، فالله وحده هو القوي عنده , وهو القاهر فوق عباده . والعباد كلهم ضعاف أذلاء , لا يملكون له نفعاً ولا ضراً .
فهو أحد شرطٌي قبول الأعمال، فالأعمال لا تُقبل إلا إذا كانت خالصةً لله عز وجل، فأمرٌ هذه مكانته، جدير بنا أن نتواصى به، فما هو الإخلاص ؟
الإخلاص والإيمان لزيمان كما في حديث مصعب بن عمير أن رجلا نادى محمدا صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد ما الإيمان قال الإخلاص رواه النسائي وصححه الألباني .
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم : (أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه).
قال صاحب المنازل : " الإخلاص : تصفية العمل من كل شوب " أي لا يمازج العمل ما يشوبه من شوائب إرادات النفس : إما طلب التزين في قلوب الخلق ، و إما طلب مدحهم ، و الهرب من ذمهم ، أو طلب تعظيمهم ، أو طلب أموالهم ، أو خدمتهم و محبتهم ، و قضائهم حوائجه ، أو غيرذلك من العلل و الشوائب التي عقد متفرقاتها هو إرادة سوى الله بعمله كائناً من كان" .
وقال ابن القيم: "الإخلاص والتوحيد شجرة في القلب؛ فروعها الأعمال، وثمرها طِـيب الحياة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، وكما أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة فثمرة التوحيد والإخلاص في الدنيا كذلك".
وقال الفضيل:"ترك العمل من أجل الناس رياء ، و العمل من أجل الناس شرك ، و الإخلاص أن يعافيك الله منهما ". هذه بعض تعاريف الإخلاص التي أمر الله بها إذ لا يتسع المجال للبسط أكثر من ذلك ، ولكن أين نحن من هذا الإخلاص؟! فينبغي على المسلم أن يحتسب الأجر، وأن يستصحب النية الصالحة الخالصة لوجه الله في كل عملٍ من الأعمال.
ولهذا كانت النية الصالحة عزيزة على النفوس، وتحتاج إلى مجاهدة ، كما قال بعض السلف لما سُئِلَ عن أهم الأعمال قال: "الإخلاص ولا تستطيعه النفوس إلا بالمجاهدة".
وكان معروف الكرخي يقول: [[يا نفس! أخلصي تتخلصي ]]
ومن أعظم أسباب غياب الإخلاص في أعمال كثير منا هو طلب الدنيا ومحبة المدح والثناء فإن الإخلاص لا يقر في قلب مليء بمحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس قال ابن القيم رحمه الله: " فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولاً فاذبحه بسكين اليأس وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
جولة إيمانية نتناول فيها آية من كتاب الله نتفيأ ظلالها الوارفة ونستنير بهديها المنير ونسير على صراطها القويم ونتفكر في معانيها السامية ومضامينها الإيمانية... ودوري سيقتصر فقط على الاختيار وقليل من التعليق لربط جوانب الموضوع ولن آتي بشئ من عندي ..وإنما هو بحث وتنقيب لكلام أهل العلم ..أعدكم أن أجعلها مختصرة قدر الإمكان ... أسأل الله أن يطرح فيها البركة وأن يسهل لها طريقاً إلى قلوبكم ... ولقاؤنا الأول يدور حول آية من آيات الإخلاص.
قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ..} الزمر (2)(3)
(إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق)أساس الحق الذي أٌنزل به الكتاب , هو الوحدانية المطلقة التي يقوم عليها الوجود ، وهذا الكتاب مشتملاً على الحق لهداية الخلق، على أشرف الخلق، عظمت فيه النعمة وجلَّت، ووجب القيام بشكرها، وذلك بإخلاص الدين للّه، فلهذا قال: { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أنزل إليه الكتاب بالحق ، وهو منهجه الذي يدعو إليه الناس كافة . . عبادة الله وحده , وإخلاص الدين له , وقيام الحياة كلها على أساس هذا التوحيد .
{ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } هذا تقرير للأمر بالإخلاص، وبيان أنه سبحانه كما أنه له الكمال كله، وله التفضل على عباده من جميع الوجوه، فكذلك له الدين الخالص الصافي من جميع الشوائب، فهو الدين الذي ارتضاه لنفسه، وارتضاه لصفوة خلقه وأمرهم به، لأنه متضمن للتأله للّه في حبه وخوفه ورجائه، وللإنابة إليه في عبوديته، والإنابة إليه في تحصيل مطالب عباده.
فالإخلاص هو حقيقة الدين و لب العبادة و مفتاح دعوة الرسل ( و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )
وتوحيد الله وإخلاص الدين له , ليس كلمة تقال باللسان فحسب ; إنما هو منهاج حياة كامل . يبدأ من تصور واعتقاد في الضمير ; وينتهي إلى نظام يشمل حياة الفرد والجماعة .
إن قضية الاعتقاد والإخلاص، ينبغي أن نتنبه لها لا سيما في هذا الزمن، لأننا نشهد ما يزاحمها من الأعمال، ونشهد أن الناس في تفريط، الذين يذهبون إلى غير الله، أو يتوجهون إلى غير الله، في طلب نفع، أو دفع ضر.
والقلب الذي يوحد الله , يدين لله وحده , ولا يطأطأ رأسه بذل لأحد سواه , ولا يسأل الناس شيئا مما لا يقدرون عليه ولا يتوكل على أحد سواه، فالله وحده هو القوي عنده , وهو القاهر فوق عباده . والعباد كلهم ضعاف أذلاء , لا يملكون له نفعاً ولا ضراً .
فهو أحد شرطٌي قبول الأعمال، فالأعمال لا تُقبل إلا إذا كانت خالصةً لله عز وجل، فأمرٌ هذه مكانته، جدير بنا أن نتواصى به، فما هو الإخلاص ؟
الإخلاص والإيمان لزيمان كما في حديث مصعب بن عمير أن رجلا نادى محمدا صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد ما الإيمان قال الإخلاص رواه النسائي وصححه الألباني .
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم : (أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه).
قال صاحب المنازل : " الإخلاص : تصفية العمل من كل شوب " أي لا يمازج العمل ما يشوبه من شوائب إرادات النفس : إما طلب التزين في قلوب الخلق ، و إما طلب مدحهم ، و الهرب من ذمهم ، أو طلب تعظيمهم ، أو طلب أموالهم ، أو خدمتهم و محبتهم ، و قضائهم حوائجه ، أو غيرذلك من العلل و الشوائب التي عقد متفرقاتها هو إرادة سوى الله بعمله كائناً من كان" .
وقال ابن القيم: "الإخلاص والتوحيد شجرة في القلب؛ فروعها الأعمال، وثمرها طِـيب الحياة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، وكما أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة فثمرة التوحيد والإخلاص في الدنيا كذلك".
وقال الفضيل:"ترك العمل من أجل الناس رياء ، و العمل من أجل الناس شرك ، و الإخلاص أن يعافيك الله منهما ". هذه بعض تعاريف الإخلاص التي أمر الله بها إذ لا يتسع المجال للبسط أكثر من ذلك ، ولكن أين نحن من هذا الإخلاص؟! فينبغي على المسلم أن يحتسب الأجر، وأن يستصحب النية الصالحة الخالصة لوجه الله في كل عملٍ من الأعمال.
ولهذا كانت النية الصالحة عزيزة على النفوس، وتحتاج إلى مجاهدة ، كما قال بعض السلف لما سُئِلَ عن أهم الأعمال قال: "الإخلاص ولا تستطيعه النفوس إلا بالمجاهدة".
وكان معروف الكرخي يقول: [[يا نفس! أخلصي تتخلصي ]]
ومن أعظم أسباب غياب الإخلاص في أعمال كثير منا هو طلب الدنيا ومحبة المدح والثناء فإن الإخلاص لا يقر في قلب مليء بمحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس قال ابن القيم رحمه الله: " فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولاً فاذبحه بسكين اليأس وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين