أم محمد الظن
2011-05-03, 11:56 PM
مقتطفات من دروس السيرة النبوية للشيخ إبراهيم شاهين
*إبراهيمu ، اسمه أب رحيم ، و الآية التي عبرت عن هذا الاسم ، قوله تعالى﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 114] .
*مولده:ولدته أمه، ولم يظهر عليها حمل ، بعد أن عُلم سيأتي ولد يحطم الأصنام ، ويعكر صفو أهل العراق على ما هم عليه من عقيدة أو من ديانة ،فدخلت مغارة من مغارات الجبل فولدته وسدتها عليه ، فكان في حياته يمص أصبعه ، فكأن الله تعالى فجر الأصبع له لبنا وعسلا ،وهذه دلالة اشارية على شيء في حياة إبراهيم مستقبلية، أن إبراهيمu لما بدأت حياته بهذه الكيفية ، دل على أنه ليس في حاجة إلى استرزاق من الناس ،وهي تربية على الخلة ، فإن الخُلة هي حب الحبيب بما يليق بحبه ، ولذلك اتخذه الله تعالى خليلا، والذي يتخذ خليلا لا يسترزق الناس، ولا يعتمد على شيء من دنيا الناس ، ولذلك بدأ حياته بهذه الكيفية ، وهو طفل رضيع يمص أصبعه فكانت أمه تختلس وترضعه ولم يعلم النمروذ بذلك ، حتى كان يشب شبابا لم يشبه الغلمان.
* كان اليوم بيومين ، والشهر بشهرين ، والسنة بسنتين ، حتى خرج وهو كبير عنده سنة ونصف في عمر الزمن ، وفي عمر الله تعالى الذي قواه كان كبيرا أضخما من سنة ونصف ، حتى قال لأمه أريد أن أبصر الضوء الحياة ، يعني أريد أن أنظر إلى العالم ، فنظر إلى البقر وإلى الحيوانات وإلى الخيل والبغال وإلى الناس وهي تمضي وهي تروح ، قال : سبحان الله ، لابد لهؤلاء الخلق من خالق .
*وبدأ ينظر في الكون ، في الشمس والقمر والنجوم ، وبدأت حياته الدعوية في التأمل أولا ، والمقارنة ، وكان بكر أبيه.
* بدأ آزر يستخدم ابنه ، وكان نجارا ، وكان من دولاب الإدارة ، من الجهاز الحاكم ، إبراهيم u وكان وهو شابا صغيرا يأخذ الأصنام ، فيقول نجربهم لماذا يعبد الناس هؤلاء ، فيأخذهم إلى الفرات وينزلهم في الماء ، ويلعب بهم ويسخر منهم ، وينادي بأعلى صوته : يا من يريد أن يشتري شيئا لا يضره ولا ينفعه .
*بدأ الناس يعلمون أن إبراهيم يكره هذه الأصنام، وبدأ صدامه مع الملك، مع النمروذ، بعد أن استعلن إبراهيمu بالتوحيد ، وهاجم أصنامهم ، فجمعوا له الحطب وقرروا قتله وحرقه على أعين الناس جميعا ، وقد مكن الله تعالى منهم ، لم يفر إبراهيم ولم يحفظ بعيدا عنهم ، ولكن تمكنوا من أن يمسكوه ووضعوه في النار وجلس في النار إبراهيم u ، وقد شبه الله ملك من الملائكة على شبه إبراهيم ، يجلس معه يسريه ويسليه في النار .
كانوا يتناقشان ويتكلمان وهما في النار ، وأخبروا النمروذ بذلك ، قال اصنعوا لي صرحا لعلي أطلع على إبراهيم وجليسه أنظر ماذا يقولون ، فصنع ونظر إلى إبراهيم ، فقال النمروذ : والله نعم الرب ربك يا إبراهيم ، سأعطيه فداءا ، وسأعطيه نحرا ، أو نقرا ، كم من الكباش وكم من الإبل وكم من كذا ، فقال له إبراهيم : إن الله لا يتقبل إلا من المتقين ، ولكن وحد الله تعالى ، حتى يقبل هذا النذر منك ، قال : إذن لا تساكنني في البلد ، اخرج منها ، لم نعرف أن نقتل ، إذن أنظر لك مكان تعيش فيه .
*فخرج إبراهيم بليل خائفا يترقب ، قامت الأكمنة على مفارز البلاد ،حتى يأتون بإبراهيم ، لأن سيخرج فسيفسد الدنيا ، هذا لا يخرج أصلا نحبسه حتى يموت على ما هو عليه دون أن يصل إلى شيء، و دون أن يوصل عقيدته إلى أي طرف آخر ،خرج مع ابن أخيه لوط، وهو الوحيد الذي آمن له، وخرج به ،كانت الأوامر في الأكمنة ، شاب عنده ستة عشر عامًا، سنة ،ويصارع ويناطح الكفر أي قوة ، وأي تمرس ، وأي عجب ، شاب صغير يتمرس في مصارعة الكفر ، خرج ولوط وأول كمين قابلهم ، كانت الأوامر العليا في الأكمنة ، شاب صغير السن يتكلم السريانية ، فعبر البحر ، ( الفرات) ، وفي المعبر الثاني بعد الفرات ، وجد الكمين ، فأخذ ينظرون في الملامح والصور والوصف هو هو ، ولكن نسأله (سين وجيم) لنري لهجته،فكلموه بالسريانية فما نطق أبدا ، وأنطق الله تعالى لسانه وأطلقه بالعبرانية ،قالوا إذن ليس هو ، هذا ما يعرف السريانية، وهذا الموقف نستفيد منه أن الله تعالى أطلق لسانه بالعربية فأول من تكلم بالعربية هو إسماعيل u فهو أبو العرب مطلقا ، إذن أخذ من أبيه إبراهيم هذا الإطلاق الأول وكان الإطلاق لإبراهيم من الكمين الأول أن الله تعالى حماه بحماية ربانية إذ أطلق لسانه باللغة العبرانية ، فخرج إلى أرض التيمن التي هي أرض فلسطين .
وانتبه جدا أن إبراهيم u عاش حياة من الشدة في الرزق والشدة في البلاء لدرجة ، حتى مكن الله له تمكينا ضخما جدا ، في نهاية عمره ، وسع الله تعالى له في الرزق ، حتى أن الضيف يأتيه فيذبح له عجلا حنيذا ،دخل إلى أرض التيمن وهي أرض فلسطين ، وتزوج بابنة عمه قبل أن يمضي سارة بنت هاران ، وسارة والاسم كما قال ابن القيم : تعالى في زاده : (لكل صاحب اسم من اسمه فتوحات )، لذلك سارة،كانت سارة لزوجها فعلا ، وهذا الاسم من واقع حياتها ما كانت تبخل بالسرور على زوجها ، وكانت من أفضل نساء حواء مطلقا قيمة في تبعلها لزوجها ، قالوا في الكتب : (لم تعص له أمرا) ، إبراهيم عاش سنين طوال جدا ،و أنجب منها إسحاق بعد مائة وعشرون عاما ،هذا قبل إسحاق ، طبعا وهو قد أنجب إسماعيل على ثمانين عاما، ولذلك الفيصل بين إسحاق وإسماعيل قالوا عشرون سنة وقالوا أربع عشر سنة .
اشترطته سارة على إبراهيم u.
ولكنها قبل أن تتزوجه اشترطت ألا يتزوج غيرها، طول حياتها، فتزوج سارة ، وقالوا : ( أشبه امرأة بأمها حواء سارة بنت حوران )كانت من أجمل النساء ، وهي جدة يوسف بن يعقوب من أين ليوسف بن يعقوب هذا الجمال؟ ، هذه جدته ، الذي حاز شطر الحسن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم على الجميع السلام .
انظر إلى الجدة سارة أنجبت أجمل الناس ، يوسف بن يعقوب ، قمر الدنيا في زمانه وفرقدها ، u .
فعاش عمرا مديدا معها ، وهي عقيم لا تلد ، حتى وصلا إلى أرض فلسطين وهو فقير ، ووصل إلى هذه الأرض ، وهذه الأرض دائما مهد الصراعات ، وبوتقة الحروب والقتال ، فيها نزاعات ، وصل إلى بلد بعيدة اسمها( السبع) ، بلد قفر ليس فيها شيء ، اكتسب من بعض الهدايا غنيمات وبقرات ، فحفر بئرا ، فكانت بئر (سبع )، فعرفت لما سميت بئر سبع الموجودة في فلسطين بهذا الاسم ، لأنه البئر الذي حفره فيها إبراهيم ، لذلك هي بجوار الخليل ، المكان الذي عاش فيه ودفن فيه إبراهيم u .
فحفر البئر فامتلأ ماءا ، فكان يشرب هو وغنمه وإبله وأثناء دخول إبراهيمu في أرض سيناء كما في الحديث "وبينما هاجر إبراهيم عليه السلام بسارة ، دخل بها قرية فيها ملك من الملوك أو جبّار من الجبابرة ، فقيل : دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء ، فأرسل إليه أن يا إبراهيم ، من هذه التي معك ؟ ، قال : أختي ، ثم رجع إليها فقال : لا تُكذّبي حديثي ؛ فإني أخبرتهم أنك أختي ، والله ما على الأرض مؤمن غيري وغيرك ، فأرسل بها إليه ، فقام إليها ، فقامت توضّأ وتصلي فقالت : اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تُسلّط عليّ الكافر ، فغُطّ حتى ركض برجله ، فقالت : اللهم إن يمت يُقال هي قتلته ، فأُرسل ، ثم قام إليها فقامت توضأ تصلي وتقول : اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تُسلّط علي هذا الكافر ، فُغطّ حتى ركض برجله ، فقالت : اللهم إن يمت يقال هي قتلته ، فأُرسل في الثانية أو في الثالثة فقال : والله ما أرسلتم إلي إلا شيطاناً ، أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر ، فرجعت إلى إبراهيم uفقالت : أشعرت أن الله كَبَتَ الكافر ، وأخدمَ وليدةً ؟ ) رواه البخاري.)
أبلغ عنه مخبر الملك، قال له: دخل رجل أرض مصر معه امرأة من أجمل النساء، قال: علي بها ،فجاءوا بها إليه فدخل فصلى إبراهيم u ، وجاءوا بها إلى فرعون مصر ، وقالت له : تأذن لي أن أتوضأ وأصلي ، فتوضأت سارة وصلت وقالت وهي تدعو دعاء لله تعالى ، كانت تقول : ( اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تُسلّط علي هذا الكافر) فبعد أن صلت بدأ يقرب منها ، فشلت يده ، فقال لهذا المخبر : أتيت لي بشيطان وليس إنسان ،فقال أنت مباركة صالحة ، ادع الله تعالى لي أن يفك يدي ، وأنا لن أقربك ، فدعت الله تعالى ،فقالت : (فقالت : اللهم إن يمت يُقال هي قتلته ، فأُرسل ،)، اللهم إنك قتلته وأنا معه اتهموني، فأحس بالعافية فمد يده ثانية، فدعت عليه، فشلت، ثالثة فشلت، قال أنت مباركة، والله لا أعود، ادع الله لي ، فدعت .
فقال له المخبر : كانت تريد أن تعجن و لاتعرف، فكافأها مكافأة شديدة جدا بالإبل والجمال والغنم والبر - القمح - وهدايا جمة ولأنها امرأة لا تحسن أن تطبخ أو تخبز فأخدمها هاجر أمكم ، وهي ملكة مصر ، أو ابنة ملك مصر أسرت في معركة بين مصر العليا ومصر السفلى ، كان بين طيبة ومنف صراع دائم ، فأسرت هاجر ، يقول ابن القيم:( لكل صاحب اسم من اسمه فتوحات )، هاجر ، لم هذه التسمية ، لأنها ستنجب أكبر مهاجرين في الأرض ، ستهاجر من مصر إلى فلسطين ومن فلسطين إلى مكة ، وستنجب محمد r الذي هاجر وأتباعه الهجرتين ، فأنت أنت المهاجر ، ابن المهاجر ولذلك عليك بزاد المهاجر إلى ربه ، كما قال ابن القيم : تعالى ، انظر إلى التسمية ، من أين جاءت ، هاجر ، من الهجرة ، ولذلك جاءت الهجرة من بنيها ، فلما قالوا : أنها من مصر ، من قرية من قري الصعيد، و أخدمها سارة، قال أبو هريرة: "تلك أمكم يا بني ماء السماء"،أي يا من تعيشون على المطر.
مايستفاد من الحديث:
الفائدة الأولى: فيه إخوة الإسلام، لقول إبراهيم: لما دخل علي الملك قال من هذه منك ؟ قال:( أختي)، فهذا كذب أم صدق؟
هذا تعريض ، « إن لكم في المعاريض مندوحة عن الكذب » ، هو عرض ، فقال لها : ليس في الأرض مسلم إلا أنا وأنت ، لأنه لو قال لو قلت له أني زوجك لقتلني ، ولكن لو قلتي أني أخيك ، إذن من الممكن الأخ يزوج أخته ، ولا يصلح له مضرة ، إذن نتعلم كيفية المعاريض لوقت المحن حتى لا تجيب صراحة ، ولا تكذب ، ولا تصرح ، ولكن الإجابة تكون في المعاريض ، فإبراهيم u ، عرض.
الفائدة الثانية: أن المعاريض مندوحة عن الكذب ، وهي مباحة ، وفيها الرخصة في الانقياد للظالم ، في المسألة رخصة للانقياد للظالم ، لما قبضوا عليها انقادت وأخذوها له ، فإذا غلبت ستنقاد لأن المعارضة هنا فيها القتل ، فيها الانقياد للظالم .
الفائدة الثالثة:وفيها قبول صلة الملك الكافر، لما أهداه هدية، فقبلها إبراهيم u وقبلتها سارة .
الفائدة الرابعة:وفيه إجابة الدعاء مع إخلاص النية، لله تعالى، فأجابها الله تعالى.
الفائدة الخامسة:وفيه كفاية الرب لمن أخلص في الدعاء بعمله الصالح كقضية الثلاثة الذين انحطت عليهم الصخرة، ودعوا الله تعالى بعملهم الصالح فالإنسان يدعو وقت الحرج بالعمل الصالح فيكفيه الله تعالى.
الفائدة السادسة:وفي الحديث ابتلاء الصالح وإن كانوا أنبياء، والشدة عليهم.
الفائدة السابعة: أن من نابه أمر فيفزع إلى الصلاة، لقوله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ﴾ [البقرة: 45]
الفائدة الثامنة: مشروعية الوضوء في الأمم الأخرى.
ونترك إبراهيم في مصر قليلا ، حتى تحدث فيها البركة للدرس القادم إن شاء الله تعالى .
نسألكم الدعاء ( أختكم أم محمد الظن)
*إبراهيمu ، اسمه أب رحيم ، و الآية التي عبرت عن هذا الاسم ، قوله تعالى﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 114] .
*مولده:ولدته أمه، ولم يظهر عليها حمل ، بعد أن عُلم سيأتي ولد يحطم الأصنام ، ويعكر صفو أهل العراق على ما هم عليه من عقيدة أو من ديانة ،فدخلت مغارة من مغارات الجبل فولدته وسدتها عليه ، فكان في حياته يمص أصبعه ، فكأن الله تعالى فجر الأصبع له لبنا وعسلا ،وهذه دلالة اشارية على شيء في حياة إبراهيم مستقبلية، أن إبراهيمu لما بدأت حياته بهذه الكيفية ، دل على أنه ليس في حاجة إلى استرزاق من الناس ،وهي تربية على الخلة ، فإن الخُلة هي حب الحبيب بما يليق بحبه ، ولذلك اتخذه الله تعالى خليلا، والذي يتخذ خليلا لا يسترزق الناس، ولا يعتمد على شيء من دنيا الناس ، ولذلك بدأ حياته بهذه الكيفية ، وهو طفل رضيع يمص أصبعه فكانت أمه تختلس وترضعه ولم يعلم النمروذ بذلك ، حتى كان يشب شبابا لم يشبه الغلمان.
* كان اليوم بيومين ، والشهر بشهرين ، والسنة بسنتين ، حتى خرج وهو كبير عنده سنة ونصف في عمر الزمن ، وفي عمر الله تعالى الذي قواه كان كبيرا أضخما من سنة ونصف ، حتى قال لأمه أريد أن أبصر الضوء الحياة ، يعني أريد أن أنظر إلى العالم ، فنظر إلى البقر وإلى الحيوانات وإلى الخيل والبغال وإلى الناس وهي تمضي وهي تروح ، قال : سبحان الله ، لابد لهؤلاء الخلق من خالق .
*وبدأ ينظر في الكون ، في الشمس والقمر والنجوم ، وبدأت حياته الدعوية في التأمل أولا ، والمقارنة ، وكان بكر أبيه.
* بدأ آزر يستخدم ابنه ، وكان نجارا ، وكان من دولاب الإدارة ، من الجهاز الحاكم ، إبراهيم u وكان وهو شابا صغيرا يأخذ الأصنام ، فيقول نجربهم لماذا يعبد الناس هؤلاء ، فيأخذهم إلى الفرات وينزلهم في الماء ، ويلعب بهم ويسخر منهم ، وينادي بأعلى صوته : يا من يريد أن يشتري شيئا لا يضره ولا ينفعه .
*بدأ الناس يعلمون أن إبراهيم يكره هذه الأصنام، وبدأ صدامه مع الملك، مع النمروذ، بعد أن استعلن إبراهيمu بالتوحيد ، وهاجم أصنامهم ، فجمعوا له الحطب وقرروا قتله وحرقه على أعين الناس جميعا ، وقد مكن الله تعالى منهم ، لم يفر إبراهيم ولم يحفظ بعيدا عنهم ، ولكن تمكنوا من أن يمسكوه ووضعوه في النار وجلس في النار إبراهيم u ، وقد شبه الله ملك من الملائكة على شبه إبراهيم ، يجلس معه يسريه ويسليه في النار .
كانوا يتناقشان ويتكلمان وهما في النار ، وأخبروا النمروذ بذلك ، قال اصنعوا لي صرحا لعلي أطلع على إبراهيم وجليسه أنظر ماذا يقولون ، فصنع ونظر إلى إبراهيم ، فقال النمروذ : والله نعم الرب ربك يا إبراهيم ، سأعطيه فداءا ، وسأعطيه نحرا ، أو نقرا ، كم من الكباش وكم من الإبل وكم من كذا ، فقال له إبراهيم : إن الله لا يتقبل إلا من المتقين ، ولكن وحد الله تعالى ، حتى يقبل هذا النذر منك ، قال : إذن لا تساكنني في البلد ، اخرج منها ، لم نعرف أن نقتل ، إذن أنظر لك مكان تعيش فيه .
*فخرج إبراهيم بليل خائفا يترقب ، قامت الأكمنة على مفارز البلاد ،حتى يأتون بإبراهيم ، لأن سيخرج فسيفسد الدنيا ، هذا لا يخرج أصلا نحبسه حتى يموت على ما هو عليه دون أن يصل إلى شيء، و دون أن يوصل عقيدته إلى أي طرف آخر ،خرج مع ابن أخيه لوط، وهو الوحيد الذي آمن له، وخرج به ،كانت الأوامر في الأكمنة ، شاب عنده ستة عشر عامًا، سنة ،ويصارع ويناطح الكفر أي قوة ، وأي تمرس ، وأي عجب ، شاب صغير يتمرس في مصارعة الكفر ، خرج ولوط وأول كمين قابلهم ، كانت الأوامر العليا في الأكمنة ، شاب صغير السن يتكلم السريانية ، فعبر البحر ، ( الفرات) ، وفي المعبر الثاني بعد الفرات ، وجد الكمين ، فأخذ ينظرون في الملامح والصور والوصف هو هو ، ولكن نسأله (سين وجيم) لنري لهجته،فكلموه بالسريانية فما نطق أبدا ، وأنطق الله تعالى لسانه وأطلقه بالعبرانية ،قالوا إذن ليس هو ، هذا ما يعرف السريانية، وهذا الموقف نستفيد منه أن الله تعالى أطلق لسانه بالعربية فأول من تكلم بالعربية هو إسماعيل u فهو أبو العرب مطلقا ، إذن أخذ من أبيه إبراهيم هذا الإطلاق الأول وكان الإطلاق لإبراهيم من الكمين الأول أن الله تعالى حماه بحماية ربانية إذ أطلق لسانه باللغة العبرانية ، فخرج إلى أرض التيمن التي هي أرض فلسطين .
وانتبه جدا أن إبراهيم u عاش حياة من الشدة في الرزق والشدة في البلاء لدرجة ، حتى مكن الله له تمكينا ضخما جدا ، في نهاية عمره ، وسع الله تعالى له في الرزق ، حتى أن الضيف يأتيه فيذبح له عجلا حنيذا ،دخل إلى أرض التيمن وهي أرض فلسطين ، وتزوج بابنة عمه قبل أن يمضي سارة بنت هاران ، وسارة والاسم كما قال ابن القيم : تعالى في زاده : (لكل صاحب اسم من اسمه فتوحات )، لذلك سارة،كانت سارة لزوجها فعلا ، وهذا الاسم من واقع حياتها ما كانت تبخل بالسرور على زوجها ، وكانت من أفضل نساء حواء مطلقا قيمة في تبعلها لزوجها ، قالوا في الكتب : (لم تعص له أمرا) ، إبراهيم عاش سنين طوال جدا ،و أنجب منها إسحاق بعد مائة وعشرون عاما ،هذا قبل إسحاق ، طبعا وهو قد أنجب إسماعيل على ثمانين عاما، ولذلك الفيصل بين إسحاق وإسماعيل قالوا عشرون سنة وقالوا أربع عشر سنة .
اشترطته سارة على إبراهيم u.
ولكنها قبل أن تتزوجه اشترطت ألا يتزوج غيرها، طول حياتها، فتزوج سارة ، وقالوا : ( أشبه امرأة بأمها حواء سارة بنت حوران )كانت من أجمل النساء ، وهي جدة يوسف بن يعقوب من أين ليوسف بن يعقوب هذا الجمال؟ ، هذه جدته ، الذي حاز شطر الحسن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم على الجميع السلام .
انظر إلى الجدة سارة أنجبت أجمل الناس ، يوسف بن يعقوب ، قمر الدنيا في زمانه وفرقدها ، u .
فعاش عمرا مديدا معها ، وهي عقيم لا تلد ، حتى وصلا إلى أرض فلسطين وهو فقير ، ووصل إلى هذه الأرض ، وهذه الأرض دائما مهد الصراعات ، وبوتقة الحروب والقتال ، فيها نزاعات ، وصل إلى بلد بعيدة اسمها( السبع) ، بلد قفر ليس فيها شيء ، اكتسب من بعض الهدايا غنيمات وبقرات ، فحفر بئرا ، فكانت بئر (سبع )، فعرفت لما سميت بئر سبع الموجودة في فلسطين بهذا الاسم ، لأنه البئر الذي حفره فيها إبراهيم ، لذلك هي بجوار الخليل ، المكان الذي عاش فيه ودفن فيه إبراهيم u .
فحفر البئر فامتلأ ماءا ، فكان يشرب هو وغنمه وإبله وأثناء دخول إبراهيمu في أرض سيناء كما في الحديث "وبينما هاجر إبراهيم عليه السلام بسارة ، دخل بها قرية فيها ملك من الملوك أو جبّار من الجبابرة ، فقيل : دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء ، فأرسل إليه أن يا إبراهيم ، من هذه التي معك ؟ ، قال : أختي ، ثم رجع إليها فقال : لا تُكذّبي حديثي ؛ فإني أخبرتهم أنك أختي ، والله ما على الأرض مؤمن غيري وغيرك ، فأرسل بها إليه ، فقام إليها ، فقامت توضّأ وتصلي فقالت : اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تُسلّط عليّ الكافر ، فغُطّ حتى ركض برجله ، فقالت : اللهم إن يمت يُقال هي قتلته ، فأُرسل ، ثم قام إليها فقامت توضأ تصلي وتقول : اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تُسلّط علي هذا الكافر ، فُغطّ حتى ركض برجله ، فقالت : اللهم إن يمت يقال هي قتلته ، فأُرسل في الثانية أو في الثالثة فقال : والله ما أرسلتم إلي إلا شيطاناً ، أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر ، فرجعت إلى إبراهيم uفقالت : أشعرت أن الله كَبَتَ الكافر ، وأخدمَ وليدةً ؟ ) رواه البخاري.)
أبلغ عنه مخبر الملك، قال له: دخل رجل أرض مصر معه امرأة من أجمل النساء، قال: علي بها ،فجاءوا بها إليه فدخل فصلى إبراهيم u ، وجاءوا بها إلى فرعون مصر ، وقالت له : تأذن لي أن أتوضأ وأصلي ، فتوضأت سارة وصلت وقالت وهي تدعو دعاء لله تعالى ، كانت تقول : ( اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تُسلّط علي هذا الكافر) فبعد أن صلت بدأ يقرب منها ، فشلت يده ، فقال لهذا المخبر : أتيت لي بشيطان وليس إنسان ،فقال أنت مباركة صالحة ، ادع الله تعالى لي أن يفك يدي ، وأنا لن أقربك ، فدعت الله تعالى ،فقالت : (فقالت : اللهم إن يمت يُقال هي قتلته ، فأُرسل ،)، اللهم إنك قتلته وأنا معه اتهموني، فأحس بالعافية فمد يده ثانية، فدعت عليه، فشلت، ثالثة فشلت، قال أنت مباركة، والله لا أعود، ادع الله لي ، فدعت .
فقال له المخبر : كانت تريد أن تعجن و لاتعرف، فكافأها مكافأة شديدة جدا بالإبل والجمال والغنم والبر - القمح - وهدايا جمة ولأنها امرأة لا تحسن أن تطبخ أو تخبز فأخدمها هاجر أمكم ، وهي ملكة مصر ، أو ابنة ملك مصر أسرت في معركة بين مصر العليا ومصر السفلى ، كان بين طيبة ومنف صراع دائم ، فأسرت هاجر ، يقول ابن القيم:( لكل صاحب اسم من اسمه فتوحات )، هاجر ، لم هذه التسمية ، لأنها ستنجب أكبر مهاجرين في الأرض ، ستهاجر من مصر إلى فلسطين ومن فلسطين إلى مكة ، وستنجب محمد r الذي هاجر وأتباعه الهجرتين ، فأنت أنت المهاجر ، ابن المهاجر ولذلك عليك بزاد المهاجر إلى ربه ، كما قال ابن القيم : تعالى ، انظر إلى التسمية ، من أين جاءت ، هاجر ، من الهجرة ، ولذلك جاءت الهجرة من بنيها ، فلما قالوا : أنها من مصر ، من قرية من قري الصعيد، و أخدمها سارة، قال أبو هريرة: "تلك أمكم يا بني ماء السماء"،أي يا من تعيشون على المطر.
مايستفاد من الحديث:
الفائدة الأولى: فيه إخوة الإسلام، لقول إبراهيم: لما دخل علي الملك قال من هذه منك ؟ قال:( أختي)، فهذا كذب أم صدق؟
هذا تعريض ، « إن لكم في المعاريض مندوحة عن الكذب » ، هو عرض ، فقال لها : ليس في الأرض مسلم إلا أنا وأنت ، لأنه لو قال لو قلت له أني زوجك لقتلني ، ولكن لو قلتي أني أخيك ، إذن من الممكن الأخ يزوج أخته ، ولا يصلح له مضرة ، إذن نتعلم كيفية المعاريض لوقت المحن حتى لا تجيب صراحة ، ولا تكذب ، ولا تصرح ، ولكن الإجابة تكون في المعاريض ، فإبراهيم u ، عرض.
الفائدة الثانية: أن المعاريض مندوحة عن الكذب ، وهي مباحة ، وفيها الرخصة في الانقياد للظالم ، في المسألة رخصة للانقياد للظالم ، لما قبضوا عليها انقادت وأخذوها له ، فإذا غلبت ستنقاد لأن المعارضة هنا فيها القتل ، فيها الانقياد للظالم .
الفائدة الثالثة:وفيها قبول صلة الملك الكافر، لما أهداه هدية، فقبلها إبراهيم u وقبلتها سارة .
الفائدة الرابعة:وفيه إجابة الدعاء مع إخلاص النية، لله تعالى، فأجابها الله تعالى.
الفائدة الخامسة:وفيه كفاية الرب لمن أخلص في الدعاء بعمله الصالح كقضية الثلاثة الذين انحطت عليهم الصخرة، ودعوا الله تعالى بعملهم الصالح فالإنسان يدعو وقت الحرج بالعمل الصالح فيكفيه الله تعالى.
الفائدة السادسة:وفي الحديث ابتلاء الصالح وإن كانوا أنبياء، والشدة عليهم.
الفائدة السابعة: أن من نابه أمر فيفزع إلى الصلاة، لقوله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ﴾ [البقرة: 45]
الفائدة الثامنة: مشروعية الوضوء في الأمم الأخرى.
ونترك إبراهيم في مصر قليلا ، حتى تحدث فيها البركة للدرس القادم إن شاء الله تعالى .
نسألكم الدعاء ( أختكم أم محمد الظن)