فريد المرادي
2011-04-20, 03:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فهذا هو الاختيار الثاني أزفه إليكم اليوم ، وهو عبارة عن مقال للشيخ الأديب الأريب علي الطنطاوي رحمه الله نشره في يومية " النصر " الدمشقية ، وذلك قبل الثورة المصرية عام 1952م بفترة وجيزة ، ولكنك لا تكاد تطالعه اليوم إلا وتقول : ما أشبه الليلة بالبارحة ، عسى أن نستفيد منه جميعا ، خاصة في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها أمتنا الإسلامية ، أسأل الله التوفيق والسداد .
فريد المرادي ( 16 جمادى الأولى 1432هـ )
********
قال رحمه الله في كتابه " مقالات في كلمات " ( ج1 / ص 204-26 ) تحت عنوان ( محاربة الشيوعية ) :
جاء في ( نصر ) الأمس ( أن أئمة الأزهر يعدون فتوى تؤكد أن الدين الإسلامي يتعارض مع الشيوعية ، وأنهم سيقولون في ختام منشورهم أن المسلم الحقيقي لا يمكن أن يكون شيوعيا ) .
وأقول أنا : نعم ، ولكن لا يمكن أيضا أن يكون ( إنكليزيا ) ولا ( أمريكيا ) ولا يستغل مبادئ الدين الصحيحة ، لخدمة أغراض السياسة الباطلة ، ونحن نكره الشيوعية ، ولا نرجو منها خيرا ، ولكننا نكره معها الديمقراطية ، لأنا لم نجد فيها خيرا ، وما من مصيبة نزلت بنا في هذي البلاد ، وفي فلسطين إلا كان سببها الإنكليز أولا ، وتلاميذهم الأمريكان ثانيا ...
فلا تنسوا هذا يا سادتنا العلماء !
ثم ... خبروني يا أيها العلماء الأجلاء ، الذين سيصدرون هذا المنشور ، ثم يأوون إلى بيوتهم العامرة ، فينامون على فرش الحرير ، مستريحة ضمائرهم ، مطمئنة نفوسهم إلى أنهم قاموا بما يجب عليهم ، فدفعوا عن مصر خطر الشيوعية ، وأنقذوها من شرورها ...
خبروني ، هل أنتم جادون ؟
هل تعتقدون أن الشيوعية تحارب بالفتاوى والمنشورات ؟
وهل تقنع بذلك هذه القطعان البشرية ، التي تعيش في مصر دون عيش السوائم ؟
هؤلاء الحفاة العراة الجياع ، الذين يسكنون عشش الترجمان وبولاق ، وسفوح المقطم ؟
هؤلاء الرجال الذين كنت أراهم يغتسلون في النيل عراة كما خلقهم الله تحت جسر الملك الصالح ، الذي يلتقي عنده خطا ترام وخطا أتوبيس ، ولا يخلو ساعة من الناس ؟
هؤلاء الذين ينامون الليل كله تحت المقاعد العامة في العتبة الخضراء ، وفي أصول الجدران ؟
هؤلاء الذين يفتك بأجسادهم المرض ، ويقتل نفوسهم الجهل ؟
هؤلاء الذين يفتقرون ، فلا يملك المليون منهم جنيهاً واحداً ، ليملك الواحد من غيرهم مليوناً ؟
هؤلاء الذين يعمل الآلاف منهم في عزبة الباشا أو البك سنة ، يجوعون ويتعبون ، لقدموا له ما ينفقه هو أو ولده في ( الأريزونا ) و ( الأوبرج ) في ليلة واحدة ، أو ليال معدودات . [ كتب في الهامش : كان هذا كله على عهد فاروق ، ومن اجله قامت هذه الثورة ]
هؤلاء الذين أبصرت بعيني أولادهم ينبشون أكوام الزبل ، كالكلاب ليلقوا فيها شيئًا يأكلونه ، على حين أنَ من كلاب الأغنياء ما له خادم خاص لخدمته ، ونظام ( رجيم ) خاص لطعامه ، وطبيب خاص لعلاجه ، ومخصصات من الحليب ، واللحم والشوكولاطة تقدم له كل يوم . [ أكاد أضحك هنا ، ولكنه ضحك كالبكاء ]
أتظنون يا سادتي العلماء ، أن هؤلاء يسمعون بمنشوركم ، حتى يلعنوا الشيوعية ومن جاء بها ، ويحمدوا الله على البعد عنها ؟
لا والله ، إنهم سيصيرون من الشيوعيين إن أوهموهم أن في الشيوعية خلاصهم ، وسيكونون مع الشياطين إن أخبروهم أن في ذلك نجاتهم .
فإن أردتم أن تحاربوا الشيوعية حقا ، فحاربوها بنشر العدالة الإجتماعية ، وأذيعوا في الناس مؤكدين أن الدين يحارب هذا الظلم ، كما يحارب الشيوعية ... وإلا فاسكتوا !
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فهذا هو الاختيار الثاني أزفه إليكم اليوم ، وهو عبارة عن مقال للشيخ الأديب الأريب علي الطنطاوي رحمه الله نشره في يومية " النصر " الدمشقية ، وذلك قبل الثورة المصرية عام 1952م بفترة وجيزة ، ولكنك لا تكاد تطالعه اليوم إلا وتقول : ما أشبه الليلة بالبارحة ، عسى أن نستفيد منه جميعا ، خاصة في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها أمتنا الإسلامية ، أسأل الله التوفيق والسداد .
فريد المرادي ( 16 جمادى الأولى 1432هـ )
********
قال رحمه الله في كتابه " مقالات في كلمات " ( ج1 / ص 204-26 ) تحت عنوان ( محاربة الشيوعية ) :
جاء في ( نصر ) الأمس ( أن أئمة الأزهر يعدون فتوى تؤكد أن الدين الإسلامي يتعارض مع الشيوعية ، وأنهم سيقولون في ختام منشورهم أن المسلم الحقيقي لا يمكن أن يكون شيوعيا ) .
وأقول أنا : نعم ، ولكن لا يمكن أيضا أن يكون ( إنكليزيا ) ولا ( أمريكيا ) ولا يستغل مبادئ الدين الصحيحة ، لخدمة أغراض السياسة الباطلة ، ونحن نكره الشيوعية ، ولا نرجو منها خيرا ، ولكننا نكره معها الديمقراطية ، لأنا لم نجد فيها خيرا ، وما من مصيبة نزلت بنا في هذي البلاد ، وفي فلسطين إلا كان سببها الإنكليز أولا ، وتلاميذهم الأمريكان ثانيا ...
فلا تنسوا هذا يا سادتنا العلماء !
ثم ... خبروني يا أيها العلماء الأجلاء ، الذين سيصدرون هذا المنشور ، ثم يأوون إلى بيوتهم العامرة ، فينامون على فرش الحرير ، مستريحة ضمائرهم ، مطمئنة نفوسهم إلى أنهم قاموا بما يجب عليهم ، فدفعوا عن مصر خطر الشيوعية ، وأنقذوها من شرورها ...
خبروني ، هل أنتم جادون ؟
هل تعتقدون أن الشيوعية تحارب بالفتاوى والمنشورات ؟
وهل تقنع بذلك هذه القطعان البشرية ، التي تعيش في مصر دون عيش السوائم ؟
هؤلاء الحفاة العراة الجياع ، الذين يسكنون عشش الترجمان وبولاق ، وسفوح المقطم ؟
هؤلاء الرجال الذين كنت أراهم يغتسلون في النيل عراة كما خلقهم الله تحت جسر الملك الصالح ، الذي يلتقي عنده خطا ترام وخطا أتوبيس ، ولا يخلو ساعة من الناس ؟
هؤلاء الذين ينامون الليل كله تحت المقاعد العامة في العتبة الخضراء ، وفي أصول الجدران ؟
هؤلاء الذين يفتك بأجسادهم المرض ، ويقتل نفوسهم الجهل ؟
هؤلاء الذين يفتقرون ، فلا يملك المليون منهم جنيهاً واحداً ، ليملك الواحد من غيرهم مليوناً ؟
هؤلاء الذين يعمل الآلاف منهم في عزبة الباشا أو البك سنة ، يجوعون ويتعبون ، لقدموا له ما ينفقه هو أو ولده في ( الأريزونا ) و ( الأوبرج ) في ليلة واحدة ، أو ليال معدودات . [ كتب في الهامش : كان هذا كله على عهد فاروق ، ومن اجله قامت هذه الثورة ]
هؤلاء الذين أبصرت بعيني أولادهم ينبشون أكوام الزبل ، كالكلاب ليلقوا فيها شيئًا يأكلونه ، على حين أنَ من كلاب الأغنياء ما له خادم خاص لخدمته ، ونظام ( رجيم ) خاص لطعامه ، وطبيب خاص لعلاجه ، ومخصصات من الحليب ، واللحم والشوكولاطة تقدم له كل يوم . [ أكاد أضحك هنا ، ولكنه ضحك كالبكاء ]
أتظنون يا سادتي العلماء ، أن هؤلاء يسمعون بمنشوركم ، حتى يلعنوا الشيوعية ومن جاء بها ، ويحمدوا الله على البعد عنها ؟
لا والله ، إنهم سيصيرون من الشيوعيين إن أوهموهم أن في الشيوعية خلاصهم ، وسيكونون مع الشياطين إن أخبروهم أن في ذلك نجاتهم .
فإن أردتم أن تحاربوا الشيوعية حقا ، فحاربوها بنشر العدالة الإجتماعية ، وأذيعوا في الناس مؤكدين أن الدين يحارب هذا الظلم ، كما يحارب الشيوعية ... وإلا فاسكتوا !