المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "لا يدخل بيتك إلا مؤمن و لا يأكل طعامك إلا تقي" فهل الحديث على إطلاقه؟



أبو هارون الجزائري
2011-04-04, 02:42 PM
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: (لا يدخل بيتك إلا مؤمن، ولا يأكل طعامك إلا تقي). هل هذا حديث صحيح، وإن كان صحيح فكيف أعرف المؤمن والتقي، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (التقوى هاهنا) . يشير إلى قلبه، والتقوى والإيمان مكانهما القلب ، والله المطلع؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ،،

أما بعد:

فلفظ الحديث الثابت عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - : (لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي).

ومعناه لا تتخذ الفساق أصحاباً ، وإنما تتخذ الأخيار، أهل الصفات الحميدة ، أهل المحافظة على الصلوات ، الذين يحفظون ألسنتهم وجوارحهم عن محارم الله ، هذا معنى ذلك (لا تصاحب إلا مؤمنا).

والمؤمن من أظهر أعمال الخير، والقلوب لا يعلم ما فيها إلا الله - سبحانه وتعالى - وليس للناس إلا الظاهر ، فمن أظهر الاستقامة على دين الله بالمحافظة على الصلوات ، وأداء حق الله ، وترك محارم الله فهذا يقال له مؤمن ويقال له مسلم ، ويقال له متقي أيضاً حسب ما ظهر من أعماله ، أما القلوب فإلى الله - عز وجل - لا يعلم ما فيها إلا الله ، وإنما يؤخذ الناس بما أظهروا من الأعمال ،

وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (التقوى هاهنا) يعني أن أصل التقوى في القلب متى صلح القلب صلحت الجوارح ، ومتى فسد القلب فسدت الجوارح ، والنبي يشير إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يعتني بقلبه ، وأن يجتهد في صلاح قلبه وطهارته حتى تصلح أعماله وأقواله؛ كما في الحديث الآخر يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم). وفي اللفظ الآخر يقول - صلى الله عليه وسلم -: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) متفق على صحته.

فالقلب هو الأساس ، فمتى عمر بتقوى الله ومحبته وخشيته سبحانه والخوف منه والنصح له ولعباده استقامت الجوارح على دين الله وعلى فعل ما أوجب الله وعلى ترك ما حرم الله.

وقوله: (ولا يأكل طعامك إلا تقي) أي لا تدعو إلى طعامك إلا الأخيار لا تدعوا الفساق والكفار ، قال العلماء هذا فيما يختار يختاره الإنسان ويتخذه عادةً له. أما الضيوف فلهم شأن آخر ، الضيوف لا مانع من أن يقدم لهم الطعام ، وإن كانوا ليسوا أتقياء ، وإن كانوا فجاراً وإن كانوا كفاراً ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقدم عليه الضيوف من الكفرة وغير الكفرة فيطعمهم ويكرمهم - عليه الصلاة والسلام - تعريفاً لهم على الإسلام ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) . فإكرام الضيف مأمور به شرعاً ولو كان غير مسلم ، وفي إكرامه دعوة إلى الإسلام ، وتوجيه له إلى الخير ليعرف محاسن الإسلام ومكارم الأخلاق ، أما أن تتخذ أصحاباً ليسو مسلمين يأكلون طعامك ويصحبونك فلا ، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر الصحيح: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ، ونافخ الكير ، فحامل المسك أما أن يحذيك - يعني يعطيك - وإما أن تبتاع منه - يعني تشتري منه - وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ، أما نافخ الكير فإما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة) .

ويقول عليه الصلاة والسلام: (المرء على دين خليله - يعني صاحبه - فلينظر أحدكم من يخالل). فالمؤمن ينظر في أصحابه وأخلائه ويختار الأخيار الطيبين أهل الصلاح ، أهل الاستقامة ، أهل السمعة الحسنة حتى يعينوه على طاعة الله ، وحتى يستشيرهم فيما يشكل عليه ، وحتى يتعاون معهم في الخير ، ولا يتخذ أهل الفسق والكفر أصحاباً وأولياء ؛ لأنهم يضرونه ويجرونه إلى أباطيلهم ، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي) .

يعني حسب الاستطاعة ، وفي الاختيار ، أما إذا هجم الضيف فإن الإنسان يكرم الضيف بما يليق بمقامه ، ويدعوه إذا كان فاجراً أو كافراً يدعوه إلى الخير ، ينصح له ، يدعوه إلى طاعة الله والاستقامة على دينه إن كان فاسقاً ، يدعوه إلى الإسلام إن كان كافراً ، وقد جاء وفد ثقيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة وهم كفار، فأكرمهم ودعاهم إلى الله - عز وجل - حتى أسلموا ، فالضيف له شأن آخر.

وكذلك قد يدعى الإنسان إلى وليمة فيجتمع بأناس لا خير فيهم فلا يضره ذلك ، لكونه لم يقصد صحبتهم ، وإنما جمعه معهم الطعام كما يجمعه معهم السوق ، والمساجد، ونحو ذلك وهم فساق.

فالحاصل أن الشيء الذي ينهى عنه هو أن يتخذ الفاجر أو الكافر صاحباً وصديقاً يأكل طعامه ، ويزوره ويتزاور معه ونحو ذلك ، أما ما قد يعرض للإنسان من مجيء الضيف إليه أو اتصاله بغير مسلم من دعوته إلى الله ، أو لشراء حاجة منه ، فقد اشترى النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكفرة، واشترى من اليهود حاجات - عليه الصلاة والسلام -، وقد دعاه اليهود فأكل طعامهم ، وأحل الله لنا طعامهم ، فهذه أمور ينبغي أن يعلمها المؤمن ، وأن تكون منه على بينة حتى لا ينهى عما أذن الله فيه ، وحتى لا يحرم ما أحل الله - سبحانه وتعالى - ، والله المستعان.

المصدر: موقع الشيخ بن باز ـ رحمه الله و رفعه في عليين ـ

بن مصدق
2011-04-04, 03:52 PM
أحسن الله إليك و عاملك بلطفه و بارك فيك و أثابك خيرا

أبو هارون الجزائري
2011-04-04, 05:38 PM
و فيك بارك أخي الكريم، و لك بالمثل ،،

أبو أسماء الحنبلي النصري
2011-04-06, 04:25 AM
جزاك الله خيرا.
عوام المسلمين من الجهال أصبح يفتخر أن له صديقا نصرانيا أو رافضيا أو علمانيا !! خدعوه بالديمقراطية والانفتاح والإنسانية ، والتحرر ، والتزمت ، ورجل فاهم، والأرهابيين ،والدين يسر ، والأمر سهالات! ،وجار الرسول يهودي!
والله المستعان.

أبو هارون الجزائري
2011-04-06, 07:11 PM
جزاني و إياك أخي أبو أسماء ،،

ما ذكرته أخي هو من ضعف النفس و السعي في رفع الخسيسة.

لكن عزة المؤمن من عزة الله، لكن ضعاف الإيمان لا يفقهون.

فائدة،

ففف يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين و لكن المنافقين لا يعلمون. ققق

استئناف ثان على أسلوب التعداد والتكرير ولذلك لم يعطف . ومثله يكثر في مقام التوبيخ . وهذا وصف لخبث نواياهم إذ أرادوا التهديد وإفساد إخلاص الأنصار وأخوتهم مع المهاجرين بإلقاء هذا الخاطر في نفوس الأنصار بذرا للفتنة والتفرقة وانتهازا لخصومة طفيفة حدثت بين شخصين من موالي الفريقين ، وهذا القول المحكي هنا صدر من عبد الله بن أبي ابن سلول حين كسع حليف المهاجرين حليف الأنصار كما تقدم في ذكر سبب نزول هذه السورة ، وعند قوله تعالى هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله ، فإسناد القول إلى ضمير المنافقين هنا كإسناده هناك.

وصيغة المضارع في حكاية هذه المقالة لاستحضار الحالة العجيبة كقوله تعالى يجادلنا في قوم لوط . والمدينة هي مدينتهم المعهودة وهي يثرب.

والأعز : القوي العزة وهو الذي لا يقهر ولا يغلب على تفاوت في مقدار العزة إذ هي من الأمور النسبية . والعزة تحصل بوفرة العدد وسعة المال والعدة ، وأراد ب الأعز فريق الأنصار فإنهم أهل المدينة وأهل الأموال وهم أكثر عددا من المهاجرين فأراد ليخرجن الأنصار من مدينتهم من جاءها من المهاجرين.

وقد أبطل الله كلامهم بقوله ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وهو جواب بالطريقة التي تسمى القول بالموجب في علم الجدل وهي مما يسمى بالتسليم الجدلي في علم آداب البحث.

والمعنى : إن كان الأعز يخرج الأذل فإن المؤمنين هم الفريق الأعز . وعزتهم بكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيهم وبتأييد الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأولياءه لأن عزة الله هي العزة الحق المطلقة ، وعزة غيره ناقصة، فلا جرم أن أولياء الله هم الذين لا يقهرون إذا أراد الله نصرهم ووعدهم به. فإن كان إخراج من المدينة فإنما يخرج منها أنتم يا أهل النفاق.

وتقديم المسند على المسند إليه في ولله العزة لقصد القصر وهو قصر قلب ، أي العزة لله ولرسوله وللمؤمنين لا لكم كما تحسبون.

وإعادة اللام في قوله ولرسوله مع أن حرف العطف مغن عنها لتأكيد عزة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأنها بسبب عزة الله ووعده إياه ، وإعادة اللام أيضا في قوله وللمؤمنين للتأكيد أيضا إذ قد تخفى عزتهم وأكثرهم في حال قلة وحاجة.

والقول في الاستدراك بقوله ولكن المنافقين لا يعلمون نظير القول آنفا في قوله ولكن المنافقين لا يفقهون.

وعدل عن الإضمار في قوله ولكن المنافقين لا يعلمون . وقد سبق اسمهم في نظيرها قبلها لتكون الجملة مستقلة الدلالة بذاتها فتسير سير المثل.

وإنما نفي عنهم هنا العلم تجهيلا بسوء التأمل في أمارات الظهور والانحطاط فلم يفطنوا للإقبال الذي في أحوال المسلمين وازدياد سلطانهم يوما فيوما وتناقص من أعدائهم فإن ذلك أمر مشاهد فكيف يظن المنافقون أن عزتهم أقوى من عزة قبائل العرب الذين يسقطون بأيدي المسلمين كلما غزوهم من يوم بدر فما بعده.

المصدر: تفسير التحرير و التنوير لمحمد الطاهر بن عاشور ـ رحمه الله ـ