المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تـشـبـيـة الـمـسـلـم بـالـنـخـلـة



أبو أنس البرجس
2011-03-23, 08:28 AM
تــشــبــيــة الــمــســلــم بــالــنــخــلـ ـة



عَن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ, لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا, وَلَا, وَلَا, وَلَا, تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ, وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ, فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هِيَ النَّخْلَةُ. فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَبَتَاهُ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا, قَالَ عُمَرُ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. (1)



شرح المفردات:

( لَا يَتَحَاتّ وَرَقهَا ) أي : لَا يَتَنَاثَر وَيَتَسَاقَط. (2)

و"(لَا)" مُكَرَّر أَيْ : لَا يُصِيبهَا كَذَا وَلَا كَذَا, ذكر النَّفْي ثَلَاث مَرَّات عَلَى طَرِيق الِاكْتِفَاء, فَقِيلَ فِي تَفْسِيره: وَلَا يَنْقَطِع ثَمَرهَا, وَلَا يُعْدَم فَيْؤُهَا, وَلَا يَبْطُل نَفْعهَا. ومَعْمُول النَّفْي مَحْذُوف عَلَى سَبِيل الِاكْتِفَاء.(3)

وجه الشبه بين النخلة والمؤمن:

قال الحافظ في الفتح: بَرَكَة النَّخْلَة مَوْجُودَة فِي جَمِيع أَجْزَائِهَا, مُسْتَمِرَّة فِي جَمِيع أَحْوَالها, فَمِنْ حِين تَطْلُع إِلَى أَنْ تَيْبَس تُؤْكَل أَنْوَاعًا, ثُمَّ بَعْد ذَلِكَ يُنْتَفَع بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا, حَتَّى النَّوَى فِي عَلْف الدَّوَابّ وَاللِّيف فِي الْحِبَال وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى, وَكَذَلِكَ بَرَكَة الْمُسْلِم عَامَّة فِي جَمِيع الْأَحْوَال, وَنَفْعه مُسْتَمِرّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ حَتَّى بَعْد مَوْته. (4)

فوائد الحديث(5):

1- فِيهِ التَّحْرِيض عَلَى الْفَهْم فِي العِلْم.

2- وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب الْحَيَاء مَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى تَفْوِيت مَصْلَحَة, وَلِهَذَا تَمَنَّى عُمَر أَنْ يَكُون اِبْنه لَمْ يَسْكُت.

3- وَفِيهِ دَلِيل عَلَى بَرَكَة النَّخْلَة وَمَا ُتثمرهُ.

4- وَفِيهِ ضَرْب الْأَمْثَال وَالْأَشْبَاه لِزِيَادَةِ الْإِفْهَام, وَتَصْوِير الْمَعَانِي لِتَرْسَخ فِي الذِّهْن, وَلِتَحْدِيدِ الْفِكْر فِي النَّظَر فِي حُكْم الْحَادِثَة.

5- وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ تَشْبِيه الشَّيْء بِالشَّيْءِ لَا يَلْزَم أَنْ يَكُون نَظِيره مِنْ جَمِيع وُجُوهه, فَإِنَّ الْمُؤْمِن لَا يُمَاثِلهُ شَيْء مِن الْجَمَادَات وَلَا يُعَادِلهُ.

6- وَفِيهِ تَوْقِير الْكَبِير, وَتَقْدِيم الصَّغِير أَبَاهُ فِي الْقَوْل, وَأَنَّهُ لَا يُبَادِرهُ بِمَا فَهِمَهُ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ الصَّوَاب.

7- وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِم الْكَبِير قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ بَعْض مَا يُدْرِكهُ مَنْ هُوَ دُونه; لِأَنَّ الْعِلْم مَوَاهِب, وَاَللَّه يُؤْتِي فَضْله مَنْ يَشَاء.


--------------------------------------------------------------------------------

(1) صحيح البخاري، برقم: ( 4698).

(2) شرح صحيح مسلم للنووي، 17/ 155.

(3) فتح الباري شرح صحيح البخاري، 1/ 146.

(4) فتح الباري شرح صحيح البخاري للعسقلاني، 1/ 145.

(5) فتح الباري شرح صحيح البخاري للعسقلاني، 1/ 146- 147.



الشارح الشيخ الدكتور/ فالح بن محمد بن فالح الصغير

أبو عبد البر طارق
2011-03-23, 09:15 AM
جزاك الله خيرا

وقد ذكر ابن القيم في الزاد و إعلام الموقعين و مفتاح دار السعادة , فوائد أخرى للحديث المذكور

ابو قتادة السلفي
2011-03-23, 02:56 PM
سبق لي ان حظرت محاضرة للشيخ سعد البريك في احدى الدورات ذكر على الحديث فوائد جمّة جدا

أبو أنس البرجس
2011-03-23, 05:46 PM
( أبو عبد البر طارق )

( ابو قتادة السلفي )

جزاكم الله خير على المرور