المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لدي استفسار في مسألة متعلقة بموضوع الصفات وأبحث عن شخص من أهل العلم أسأله فيها



زوجة وأم
2007-10-09, 11:30 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي استفسار في مسألة متعلقة بالصفات وهي ليست من المسائل التي تـُطرح وتُناقش غالبا في المنتديات لكنها تطرأ احيانا خاصة في المنتديات الأنجليزية ولم امر عليها من قبل سوى قبل شهر تقريبا ورأيتها اليوم ايضا ولدي فيها اسئلة
وأفضل ان لا اسأله في المنتدى وان اسأل احد اهل العلم فيها ممن هو متخصص في العقيدة ومسائل الصفات
يمكنني ان اراسله عن طريق الإيميل او الخاص
فمن استطيع مراسلته ليجيب على استفساراتي؟


جزاكم الله خيرا

نضال مشهود
2007-10-09, 12:37 PM
لعل الأفضل أن يطرح السؤال هنا مباشرة كي يعم النفع ، والله الموفق للسداد .

زوجة وأم
2007-10-09, 02:27 PM
السؤال متعلق بصفة الخلق

قرأت في احدى المنتديات أن الله يخلقُ منذ الأزل
وفي منتدى آخر أن الله دائما يخلق يعني يخلق بإستمرار ولا يتوقف عن خلق الأشياء
يعني فعل الخلق وليس اتصافه بها
فمن المعلوم ومن غير شك ان الله دائما خالق ويخلق ما يشاء ولا يعجز ابدا عن خلق الأشياء، وهو متصف بهذه الصفة منذ الأزل
ولكن المسألة متعلقة بالفعل
يعني فهمت منها أن الله يخلق الأشياء بإستمرار، دائما ومنذ الأزل

فهل هذا اعتقاد أهل السنة؟
وإذا كان الجواب لا
فما اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسألة ؟

بارك الله فيكم

أسـامة
2007-10-09, 10:26 PM
مجموع الفتاوى – العقيدة – كتاب الأسماء والصفات (الجزء الثاني) – فصل في الصفات الاختيارية – فصل: في وصفه تعالى بالصفات الفعلية

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ : رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

فَصْلٌ

وَصْفُهُ تَعَالَى " بِالصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ " - مِثْلُ الْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالْبَاعِثِ وَالْوَارِثِ وَالْمُحْيِي وَالْمُمِيتِ –

قَدِيمٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَعَامَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ : مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّ ةِ وَالصُّوفِيَّةِ .
ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ الكلاباذي حَتَّى الْحَنَفِيَّةِ والسالمية والكرامية .
وَالْخِلَافُ فِيهِ مَعَ " الْمُعْتَزِلَةِ " وَ " الْأَشْعَرِيَّة ِ " .
وَكَذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ " فِي الْإِرْشَادِ " وَبَسَطَ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّ أَسْمَاءَهُ الْفِعْلِيَّةَ - وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً - فَإِنَّهَا مَجَازٌ قَبْلَ وُجُودِ الْفِعْلِ وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ الْقَاضِي فِي " الْمُعْتَمَدِ " فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ مَعَ السالمية ؛ وَالْقَاضِي إنَّمَا ذَكَرَ لِلْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ مَآخِذَ :

أَحَدُهَا :
أَنَّهُ مِثْلُ قَوْلِهِمْ : خُبْزٌ مُشْبِعٌ وَمَاءٌ مَرْوِيٌّ وَسَيْفٌ قَاطِعٌ ؛ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَجَازِ ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ مَا يَصِحُّ نَفْيُهُ .
كَمَا يُقَالُ عَنْ الْجَدِّ لَيْسَ بِأَبٍ ؛ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ عَنْ السَّيْفِ الَّذِي يَقْطَعُ لَيْسَ بِقَطُوعِ وَلَا عَنْ الْخُبْزِ الْكَثِيرِ وَالْمَاءِ الْكَثِيرِ لَيْسَ بِمُشْبِعِ وَلَا بِمَرْوِيٍّ ؛ فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ . هَذَا تَعْلِيلُ الْقَاضِي .
قُلْت : وَهَذَا لِأَنَّ الْوَصْفَ بِذَلِكَ يَعْتَمِدُ كَمَالَ الْوَصْفِ الَّذِي يَصْدُرُ عَنْهُ الْفِعْلُ لَا ذَاتُ الْفِعْلِ الصَّادِرِ .
وَعَلَى هَذَا فَيُوصَفُ بِكُلِّ مَا يَتَّصِفُ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ .
قُلْت : وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي قَوْلِ أَحْمَدَ : " لَمْ يَزَلْ اللَّهُ عَالِمًا مُتَكَلِّمًا غَفُورًا " هَلْ قَوْلُهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا مِثْلُ قَوْلِهِ غَفُورًا أَوْ مِثْلُ قَوْلِهِ عَالِمًا ؟ عَلَى " قَوْلَيْنِ " .

الْمَأْخَذُ الثَّانِي :
أَنَّ الْفِعْلَ مُتَحَقِّقٌ مِنْهُ فِي الثَّانِي مِنْ الزَّمَانِ كَتَحَقُّقِنَا الْآنَ أَنَّهُ بَاعِثٌ وَارِثٌ قَبْلَ الْبَعْثِ وَالْإِرْثِ وَهَذَا مَأْخَذُ أَبِي إسْحَاقَ بْنِ شاقلا وَالْقَاضِي أَيْضًا وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَفْعَلَ .
وَهَذَا يُشْبِهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَصْفَ النَّبِيِّ قَبْلَ النُّبُوَّةِ ؛ بِأَنَّهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَخَاتَمُ الرُّسُلِ .
وَوَصْفَ عُمَرَ بِأَنَّهُ فَاتِحُ الْأَمْصَارِ كَمَا قِيلَ وُلِدَ اللَّيْلَةَ نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَكَمَا قَالَ : { اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ } " .
وَقَدْ ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ الْأُصُولِيِّين َ أَنَّ إطْلَاقَ الصِّفَةِ قَبْلَ وُجُودِ الْمَعْنَى مَجَازٌ بِالِاتِّفَاقِ وَحِينَ وُجُودِهِ حَقِيقَةٌ وَبَعْدَ وُجُودِهِ وَزَوَالِهِ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ ؛ لَكِنَّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ مَرْدُودَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَنْ يَتَحَقَّقُ وُجُودَ الْفِعْلِ مِنْهُ وَبَيْنَ مَنْ يُمْكِنُ وُجُودُ الْفِعْلِ مِنْهُ .
ثُمَّ قَدْ يُقَالُ : كَوْنُهُ خَالِقًا فِي الْأَزَلِ لِلْمَخْلُوقِ فِيمَا لَا يَزَالُ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِهِ مُرِيدًا فِي الْأَزَلِ وَرَحِيمًا وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ إطْلَاقِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِطْلَاقِ الْوَصْفِ عَلَى مَنْ سَيَقُومُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ ؛ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ : يَكُونُ الْخَالِقُ بِمَنْزِلَةِ الْقَادِرِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ الْخَالِقُ بِمَنْزِلَةِ الرَّحِيمِ وَهَذَا الْفَرْقُ يَعُودُ إلَى الْمَأْخَذِ الثَّالِثِ .

وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ " فِي ذَاتِهِ " حَالُهُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ وَحَالُهُ بَعْدَ أَنْ يَفْعَلَ سَوَاءٌ لَمْ تَتَغَيَّرْ ذَاتُهُ عَنْ أَفْعَالِهِ وَلَمْ يَكْتَسِبْ عَنْ أَفْعَالِهِ صِفَاتِ كَمَالَ كَالْمَخْلُوقِ .
وَهَذَا الْمَأْخَذُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَيْضًا فَقَالَ : وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ كَوْنُهُ الْآنَ خَالِقًا وَالْخَالِقُ ذَاتُهُ وَذَاتُهُ كَانَتْ فِي الْأَزَلِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَالِقًا وَصَارَ خَالِقًا لَلَزِمَهُ التَّغَيُّرُ وَالتَّحْوِيلُ وَاَللَّهُ يَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّحِيمِ وَالْحَلِيمِ .

الْمَأْخَذُ الرَّابِعُ :
أَنَّ الْخَلْقَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ لَيْسَتْ هِيَ الْمَخْلُوقَ وَجَوَّزَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنْ يُقَالَ : هُوَ قَدِيمُ الْإِحْسَانِ وَالْإِنْعَامِ وَيَعْنِي بِهِ أَنَّ الْإِحْسَانَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ غَيْرُ الْمُحْسِنِ بِهِ وَمَنَعَ أَنْ يُقَالَ : يَا قَدِيمَ الْخَلْقِ لِأَنَّ الْخَلْقَ هُوَ الْمَخْلُوقُ وَهَذَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لِأَصْحَابِنَا وَهُوَ قَوْلُ الكرامية وَالْحَنَفِيَّة ِ وَتُسَمِّيهَا فِرْقَةُ التَّكْوِينِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ الْخَلْقَ هُوَ الْمَخْلُوقُ كَقَوْلِ الْأَشْعَرِيَّة ِ .
قَالَ الْقَاضِي فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : مَسْأَلَةٌ وَالْخَلْقُ غَيْرُ الْمَخْلُوقِ فَالْخَلْقُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ وَالْمَخْلُوقُ هُوَ الْمَوْجُودُ الْمُخْتَرِعُ لَا يَقُومُ بِذَاتِهِ قَالَ : وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ وَأَنَّ الصِّفَاتِ الصَّادِرَةَ عَنْ الْأَفْعَالِ مَوْصُوفٌ بِهَا فِي الْقِدَمِ .
قُلْت : ثُمَّ هَلْ يَحْدُثُ فِعْلٌ فِي ذَاتِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ إرَادَةٍ عِنْدَ وُجُودِ الْمَخْلُوقَاتِ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنِ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مَبْنِيٌّ عَلَى " الصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ " مِثْلُ الِاسْتِوَاءِ وَالنُّزُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِصِفَاتِهِ قَدِيمًا بِهَا ؛ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ صِفَةُ كَمَالٍ ؛ لَكِنَّ أَعْيَانَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ هَلْ هِيَ قَدِيمَةٌ أَمْ الْكَمَالُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِنَوْعِهَا ؟ .
وَتَلْخِيصُ الْكَلَامِ هُنَا أَنَّ كَوْنَهُ خَالِقًا وَكَرِيمًا هَلْ هُوَ لِأَجْلِ مَا أَبْدَعَهُ مُنْفَصِلًا عَنْهُ مِنْ الْخَلْقِ وَالنِّعَمِ ؟ أَمْ لِأَجْلِ مَا قَامَ بِهِ مِنْ صِفَةِ الْخَلْقِ وَالْكَرَمِ ؟

الثَّانِي هُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ والكرامية وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَصْحَابِنَا فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ؛ بَلْ فِي أَصَحِّهِمَا وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُقَالُ : إنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَرِيمًا وَغَفُورًا وَخَالِقًا .

كَمَا يُقَالُ : لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا وَيَكُونُ فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ " قَوْلَانِ " كَمَا فِي تَفْسِيرِ الْمُتَكَلِّمِ " قَوْلَانِ " هَلْ هُوَ يَلْحَقُ بِالْعَالِمِ أَوْ بِالْغَفُورِ ؟

و " الْأَوَّلُ " هُوَ قَوْلُ الْأَشْعَرِيَّة ِ ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَلْقَ هُوَ الْمَخْلُوقُ .
وَعَلَى هَذَا : فَقَوْلُ أَصْحَابِنَا : كَانَ خَالِقًا فِي الْأَزَلِ إمَّا بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ كَمَا يُقَالُ : سَيْفٌ قَاطِعٌ أَوْ بِمَعْنَى وُجُودِ الْفِعْلِ قَطْعًا فِي الْحَالِ الثَّانِي كَمَا يُقَالُ : هَذَا فَاتِحُ الْأَمْصَارِ وَهَذَا نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ ؛ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَالْخَلْقُ مِنْ الصِّفَاتِ النِّسْبِيَّةِ الْإِضَافِيَّةِ .
وَإِذَا جَعَلْنَا الْخَلْقَ صِفَةً قَائِمَةً بِهِ فَهَلْ هِيَ الْمَشِيئَةُ وَالْقَوْلُ أَمْ صِفَةٌ أُخْرَى ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ .

" الثَّانِي " قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِي نَ ؛ كَمَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الرَّحْمَةِ وَالرِّضَا وَالْغَضَبِ هَلْ هِيَ الْإِرَادَةُ أَمْ صِفَةٌ غَيْرُ الْإِرَادَةِ ؟ عَلَى " قَوْلَيْنِ " أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ الْإِرَادَةَ .
فَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَهُوَ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ .
وَأَمَّا قَوْلُنَا : هُوَ مَوْصُوفٌ فِي الْأَزَلِ بِالصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ مِنْ الْخَلْقِ وَالْكَرَمِ وَالْمَغْفِرَةِ ؛ فَهَذَا إخْبَارٌ عَنْ أَنَّ وَصْفَهُ بِذَلِكَ مُتَقَدِّمٌ ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يُخْبِرُ بِهِ عَنْهُ وَهَذَا مِمَّا تَدْخُلُهُ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ وَهُوَ حَقِيقَةٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ؛ وَأَمَّا اتِّصَافُهُ بِذَلِكَ فَسَوَاءٌ كَانَ صِفَةً ثُبُوتِيَّةً وَرَاءَ الْقُدْرَةِ أَوْ إضَافِيَّةً . فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ مَا تَقَدَّمَ .

أسـامة
2007-10-09, 10:41 PM
لمزيد من الفائدة... مبحث هام للأخت الفاضلة / كاملة الكواري، بعنوان:
إعلام الناشئة المؤلفة بالفرق بين قول ابن تيمية وقول الفلاسفة
وقد أوضحت هذه الأقوال وتفنيدها، في كتيب صغير ، وهذه المباحث تحتاج إلى طالب متمكن في العقيدة لفهمها بشكل جيد.
قد قام بتفريغها أخوة على شبكة أنصار أهل البيت (هنـا (http://www.ansar.org/arabic/kamela1.htm))
وهو تمهيد وخمسة مباحث وخاتمة، وهو بحث قَـيِّم للتوسع في المسألة... ومعرفة الأقوال ومن ثم الردّ عليها.

زوجة وأم
2007-10-09, 11:59 PM
جزاك الله خيرا اخي الفاضل لكن سؤالي لم يكن عن كون الله متصفا بأنه الخالق منذ الأزل
سؤالي عما إذا كان اهل السنة يؤمنون بأن الله عز وجل يخلق الأشياء بإستمرار (بدون توقف) منذ الأزل

فهذا يلزم منه وجود مخلوقات منذ الأزل

اما كون الله عز وجل متصفا بأنه الخالق، فلا اشكال في ذلك، فلا يلزم أن يخلق الله شيئا حتى يتصف بأنه الخالق، هو متصف بأنه الخالق لقدرته على أن يخلق ما يشاء متى شاء حتى وإن لم يفعله.

المقدادي
2007-10-10, 12:18 AM
أخي الكريم العقيدة هذه مقدمات مبسطة للمسألة التي تقصدها و هي مسألة حوادث لا أول لها - و جوازها لا منعها - و التي شنّع المبتدعة فيها على شيخ الإسلام

المقدمة الأولى : إن الله أول بلا ابتداء .

الثانية : كان الله ولا شيء معه .

الثالثة : لم يزل الله فاعلاً خالقاً .

فتحصل من ذلك :

إن وجود الباري أسبق من وجود كل مخلوق .

أن كل مخلوق مسبوق بمخلوق قبله .

أن ذلك ـ يعني الثاني ـ لا إلى أول لأن الله هو الأول .


يعني أن المخلوق ليس أزلياً ، ولكن المخلوق الأول لن تصل إليه أبداً لأن الأزل لا يحد .

زوجة وأم
2007-10-10, 12:18 AM
لمزيد من الفائدة... مبحث هام للأخت الفاضلة / كاملة الكواري، بعنوان:
إعلام الناشئة المؤلفة بالفرق بين قول ابن تيمية وقول الفلاسفة
وقد أوضحت هذه الأقوال وتفنيدها، في كتيب صغير ، وهذه المباحث تحتاج إلى طالب متمكن في العقيدة لفهمها بشكل جيد.
قد قام بتفريغها أخوة على شبكة أنصار أهل البيت (هنـا (http://www.ansar.org/arabic/kamela1.htm))
وهو تمهيد وخمسة مباحث وخاتمة، وهو بحث قَـيِّم للتوسع في المسألة... ومعرفة الأقوال ومن ثم الردّ عليها.

جزاك الله خيرا
بحثها مهم .. ما شاء الله

اقوم بتحميلها الآن وسأقرأه إن شاء الله
بارك الله فيك

المقدادي
2007-10-10, 12:23 AM
أخي الكريم العقيدة هذه مقدمات مبسطة للمسألة التي تقصدها و هي مسألة حوادث لا أول لها - و جوازها لا منعها - و التي شنّع المبتدعة فيها على شيخ الإسلام
المقدمة الأولى : إن الله أول بلا ابتداء .
الثانية : كان الله ولا شيء معه .
الثالثة : لم يزل الله فاعلاً خالقاً .
فتحصل من ذلك :
إن وجود الباري أسبق من وجود كل مخلوق .
أن كل مخلوق مسبوق بمخلوق قبله .
أن ذلك ـ يعني الثاني ـ لا إلى أول لأن الله هو الأول .
يعني أن المخلوق ليس أزلياً ، ولكن المخلوق الأول لن تصل إليه أبداً لأن الأزل لا يحد .

و الاشاعرة يتفقون مع اهل السنة في حوادث لا نهاية لها فيقال لهم : كما عقلتم حوادث لا آخر لها و لم يخالف ذلك عندكم ان الله تعالى هو الآخر فاعقلوا حوادث لا اول لها و لا يخالف ذلك ان الله تعالى هو الأول و انتهى الموضوع !

زوجة وأم
2007-10-10, 12:25 AM
الحمد لله فهمت كلامك بخصوص ان المخلوق ليس ازليا حيث ان له بداية، فالله خلقه بعد ان لم يكن

لكن لم افهم هذا الجزء

أن كل مخلوق مسبوق بمخلوق قبله .


يجب ان يكون هناك مخلوق اول .. بمعنى اول شيء خلقه الله عز وجل
فكيف نقول بأن كل مخلوق مسبوق بمخلوق قبله
وما الدليل على هذا القول؟

زوجة وأم
2007-10-10, 12:28 AM
و الاشاعرة يتفقون مع اهل السنة في حوادث لا نهاية لها فيقال لهم : كما عقلتم حوادث لا آخر لها و لم يخالف ذلك عندكم ان الله تعالى هو الآخر فاعقلوا حوادث لا اول لها و لا يخالف ذلك ان الله تعالى هو الأول و انتهى الموضوع !
عفوا أخي الفاضل
ماذا تقصد "بالحوادث" هنا؟
هل تقصد المخلوقات؟
ام شيئا آخر؟

اما بالنسبة لحوادث لا نهاية لها فلا اشكال في ذلك
ولله الحمد

المقدادي
2007-10-10, 12:50 AM
الحمد لله فهمت كلامك بخصوص ان المخلوق ليس ازليا حيث ان له بداية، فالله خلقه بعد ان لم يكن
لكن لم افهم هذا الجزء
يجب ان يكون هناك مخلوق اول .. بمعنى اول شيء خلقه الله عز وجل
فكيف نقول بأن كل مخلوق مسبوق بمخلوق قبله
وما الدليل على هذا القول؟


اخي هذا مبني على مسألة ان الله عزّ وجل لم يكن معطلاً عن الفعل بل هو الفعال لما يريد و من يقول بامتناع حوادث لا اول لها فهو يقول بتعطيل صفة الخلق لله تعالى وقد قال عزّ وجل { أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}:

وكون الفاعل لم يزل يفعل فعلاً بعد فعل فهذا من كمال الفاعل.


و قد أخبرنا الله تعالى عن بعض المخلوقات الموجودة قبل خلق السماوات والأرض وما بينهما، لكنه لم يخبرنا عن وقت خلقها، ولم يخبرنا هل هي أول المخلوقات أم لا؟

و نحن هنا نتكلم عن جواز لا عن وجوب حوادث لا اول لها لان القول بامتناعها يقضي بأن الله كان معطلا عن الفعل





و بما انك فهمت مسألة حوادث لا نهاية لها فالأمر سهل فطبق هذه على تلك

المقدادي
2007-10-10, 12:57 AM
عفوا أخي الفاضل
ماذا تقصد "بالحوادث" هنا؟
هل تقصد المخلوقات؟
ام شيئا آخر؟
اما بالنسبة لحوادث لا نهاية لها فلا اشكال في ذلك
ولله الحمد

نعم المخلوقات

و كلامنا هنا عن نوع المخلوقات لا عينها ( اي ليس عن احادها )

فكما أن آحاد حوادث نعيم أهل الجنة له آخر ، فإن نوعها باقي سرمدي , و مع ذلك لم يكن ذلك منافيا ان الله تعالى هو الآخر الذي لا شيء بعده




و راجع رد الحافظ السرمري على السبكي في مسألة حوادث لا اول لها و قصيدته موجودة في المجلس العلمي بعنوان : الحمية الاسلامية في الانتصار لمذهب شيخ الاسلام ابن تيمية

زوجة وأم
2007-10-10, 05:58 AM
اخي هذا مبني على مسألة ان الله عزّ وجل لم يكن معطلاً عن الفعل بل هو الفعال لما يريد و من يقول بامتناع حوادث لا اول لها فهو يقول بتعطيل صفة الخلق لله تعالى وقد قال عزّ وجل { أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}:
وكون الفاعل لم يزل يفعل فعلاً بعد فعل فهذا من كمال الفاعل.

لا اشكال في هذا
لكن أفعال الله عز وجل كثيرة
وهناك فرق بين أن نقول أن الله لم يزل يفعل فعلا وبين ان نقول أن الله لم يزل يخلق خلقا
فالأول لا يلزم منه أن الله يخلق الأشياء في كل لحظة (وإن كان هذا لا يستحيل في العقل حيث ان افعالنا مخلوقة وفي كل لحظة يولد طفل وتنبت نبتة وتولد بهيمة) ولكن يلزم منه أن الله يفعل فعلا قد يكون غير الخلق.
وملاحظة مهمة
أنا لا احاول ان احكم عقلي هنا، لهذا سألت ما هو اعتقاد أهل السنة اولا، ثم اريد الدليل على هذا الإعتقاد
فهل هناك دليل على ان الله لا يتوقف عن الخلق، ويفعله منذ الأزل؟
اقصد الفعل نفسه وليس اتصافه بأنه الخالق كما وضحت سابقا.
فإن كان الدليل هو ما قلته بأنه من الكمال أن يكون فاعلا ولا يتعطل عن الفعل فما هو الدليل على ان هذا الفعل هو الخلق؟ لماذا لا نقول يفعل فعلا (قد يكون الخلق او الكلام او غيره) بدل يخلق خلقا ؟


و قد أخبرنا الله تعالى عن بعض المخلوقات الموجودة قبل خلق السماوات والأرض وما بينهما، لكنه لم يخبرنا عن وقت خلقها، ولم يخبرنا هل هي أول المخلوقات أم لا؟

نعم صحيح
لكن سؤالي هو:
ألا يوجد هناك مخلوق هو أول المخلوقات وليس قبله مخلوق
فالله عز وجل هو الأول بلا ابتداء
فيجب ان يكون هناك مخلوق هو اول مخلوق خلقه الله عز وجل صح؟
لهذا لم افهم قولك بأن كل مخلوق يسبقه مخلوق قبله
فأول مخلوق لا يكون قبله مخلوق لأنه اول مخلوق


و نحن هنا نتكلم عن جواز لا عن وجوب حوادث لا اول لها لان القول بامتناعها يقضي بأن الله كان معطلا عن الفعل
و بما انك فهمت مسألة حوادث لا نهاية لها فالأمر سهل فطبق هذه على تلك


نعم المخلوقات

و كلامنا هنا عن نوع المخلوقات لا عينها ( اي ليس عن احادها )
أخي الفاضل
ظننتك قصدت عندما قلت "حوادث لا أول لها" انك تقصد أفعال الله عز وجل والتي ليست مخلوقة
فإذا كان كذلك فلا اشكال
لكن انت تقول مخلوقات
وتقول (لان القول بامتناعها يقضي بأن الله كان معطلا عن الفعل)
وهنا يرد سؤالي السابق وهو:
الله يفعل أفعالا كثيرة فلماذا نقول انه يجب أن يخلق باستمرار حتى لا يكون معطلا عن الفعل؟
فهناك أفعال أخرى لله عز وجل

وكما ذكرت
ما هو الدليل على هذا غير القول بـ(وكون الفاعل لم يزل يفعل فعلاً بعد فعل فهذا من كمال الفاعل.) فهذا لا اشكال فيه

المقدادي
2007-10-10, 09:16 AM
بارك الله فيكم

قد أجبتُ عن أكثر استشكالاتك في مشاركاتي السابقة

فمثلا : قولك :


وهنا يرد سؤالي السابق وهو:
الله يفعل أفعالا كثيرة فلماذا نقول انه يجب أن يخلق باستمرار حتى لا يكون معطلا عن الفعل؟



لم يقل احد ان الله تعالى يجب ان يخلق بإستمرار بل قلتُ لك أعلاه :





بواسطة المقدادي
نحن هنا نتكلم عن جواز لا عن وجوب حوادث لا اول لها لان القول بامتناعها يقضي بأن الله كان معطلا عن الفعل

و الحادث هو ما كان بعد ان لم يكن

فهو من الله تعالى فعل له كإستوائه على عرشه و اما في المفعول فهو مخلوق كالسموات و الارض

و الفعل إسم شامل لصفاته الإختيارية , فهو اذا شاء تكلم و اذا شاء خلق و هكذا

و من قال بأن الله تعالى لم يتكلم الا في الازل و لم يكلم نبيه موسى عليه السلام بل أسمعه كلامه القديم كما تقول بعض الفرق المخالفة فهو ايضا عطل هذه الصفة

و هكذا
و لكن مسألة الخلق هنا لها علاقة بمسألة خلق العالم و افتراق الناس فيه , و سأوضحه بعد قليل


اما قولك:



لا اشكال في هذا
لكن أفعال الله عز وجل كثيرة
وهناك فرق بين أن نقول أن الله لم يزل يفعل فعلا وبين ان نقول أن الله لم يزل يخلق خلقا
فالأول لا يلزم منه أن الله يخلق الأشياء في كل لحظة (وإن كان هذا لا يستحيل في العقل حيث ان افعالنا مخلوقة وفي كل لحظة يولد طفل وتنبت نبتة وتولد بهيمة) ولكن يلزم منه أن الله يفعل فعلا قد يكون غير الخلق



أولا : أفعاله تعالى كلها بمشيئته

ثانيا : يجب التفريق بين الفعل و المفعول فالفعل صفة لله تعالى و المفعول مخلوق

قال الإمام البخاري في آخر الصحيح في كتاب الرد على الجهمية:

((باب: ما جاء في تخليق السموات والأرض ونحوهما من الخلائق ، وهو فعل الرب وأمره فالرب بصفاته وفعله وأمره وكلامه هو الخالق المكون غير مخلوق ، وما كان بفعله وأمره وتخليقه وتكوينه فهو مخلوق مفعول مكون))


وأوضح وفصل في خلق أفعال العباد فقال-:

((اختلف الناس في الفاعل والفعل والمفعول

فقالت القدرية: الأفاعيل كلها من البشر

وقالت الجبرية الأفاعيل كلها من الله

وقالت الجهمية الفعل والمفعول واحد ولذلك قالوا كن مخلوق

وقال السلف التخليق فعل الله وأفاعيلنا مخلوقة ففعل الله صفة الله والمفعول من سواه من المخلوقات انتهى من فتح الباري 13/439 .


و كلامه واضح إن شاءالله

ثالثا : الأفعال نوعان: لازمة ومتعدية فالفعل اللازم لا يقتضي مفعولاً، والفعل المتعدي يقتضي مفعولاً، و الفعل اللازم كالاستواء و غيره و الفعل المتعدي كالتخليق و هو الذي يقتضي مفعولا اي مخلوقا كالسموات و الارض


و عليه : فالله تعالى فعّال لما يريد كما قال في كتابه , و الكلام و الخلق و غيرها كلها بمشيئته تعالى

و قولك : " نقول أن الله لم يزل يخلق " فزد عليه : إذا شاء , و هذا ما ورد عن الأئمة في صفات أفعاله تعالى

بمعنى : انه تعالى ما دام متصفا بصفة الخلق فممكن أن يخلق وممكن أن لايخلق و ذلك راجع لمشيئته وإرادته سبحانه و تعالى












و قولك :
[QUOTE=العقيدة;55411]
وملاحظة مهمة
أنا لا احاول ان احكم عقلي هنا، لهذا سألت ما هو اعتقاد أهل السنة اولا، ثم اريد الدليل على هذا الإعتقاد
فهل هناك دليل على ان الله لا يتوقف عن الخلق، ويفعله منذ الأزل؟اقصد الفعل نفسه وليس اتصافه بأنه الخالق كما وضحت سابقا.
فإن كان الدليل هو ما قلته بأنه من الكمال أن يكون فاعلا ولا يتعطل عن الفعل فما هو الدليل على ان هذا الفعل هو الخلق؟ لماذا لا نقول يفعل فعلا (قد يكون الخلق او الكلام او غيره) بدل يخلق خلقا ؟








المظلل باللون الاحمر تم الجواب عنه بأعلاه


اما الدليل هو قوله تعالى :

{ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}:

و صيغة المضارع تفيد الاستمرارية كما لا يخفى

قولك : "ولا يتعطل عن الفعل فما هو الدليل على ان هذا الفعل هو الخلق؟ لماذا لا نقول يفعل فعلا (قد يكون الخلق او الكلام او غيره) بدل يخلق خلقا "

وأصل هذه المسألة هو الرد على الفلاسفة

فالناس كانوا منقسمين في مسألة العالم الى قسمين :

الاول : يرى انه لا يوجد اله في هذا الكون و لا خالق فيعتقدون قدم العالم و هم الدهرية

و الثاني : يرى ان الله تعالى موجود و هو الخالق و هو الذي خلق العالم و هم الرسل الكرام و اتباعهم

فأتي جماعة من الفلاسفة المتأخرين و أحدثوا قولا ثالثا و هو ان هناك اله في هذا الكون و ان العالم قديم ملازم لذاته لا ينفك عنه

فلما أتت بعض الفرق المخالفة - كالاشاعرة و غيرهم - لترد عليهم لم تستطع الا ان تمنع حوادث لا اول لها خوفا من استلزام القول بقدم العالم فعطلوا الله تعالى عن صفة الخلق فرأوا انهم بهذا ردوا على الفلاسفة

و لكن شيخ الاسلام ابن تيمية رأى ان هذا مخالف لصريح القرآن و السنة و انه ليست بهذه الطريقة يُرد على الفلاسفة سيما وان القول بجواز حوادث لا اول لها – و هو الذي قرره – لا محذور فيه بل لو قارن منصف بين هذا القول و قول من منعه لعلم ان قول من اجازه أقرب الى المنقول و المعقول ممن منعه

هذه الحكاية بإختصار

و قولك :

نعم صحيح
لكن سؤالي هو:
ألا يوجد هناك مخلوق هو أول المخلوقات وليس قبله مخلوق
فالله عز وجل هو الأول بلا ابتداء
فيجب ان يكون هناك مخلوق هو اول مخلوق خلقه الله عز وجل صح؟
لهذا لم افهم قولك بأن كل مخلوق يسبقه مخلوق قبله
فأول مخلوق لا يكون قبله مخلوق لأنه اول مخلوق

قد قلتُ سابقا :




بواسطة المقدادي
فتحصل من ذلك :

إن وجود الباري أسبق من وجود كل مخلوق .

أن كل مخلوق مسبوق بمخلوق قبله .

أن ذلك ـ يعني الثاني ـ لا إلى أول لأن الله هو الأول .


يعني أن المخلوق ليس أزلياً ، ولكن المخلوق الأول لن تصل إليه أبداً لأن الأزل لا يحد .

فأنا لم انكر وجود مخلوق أول و لكن ذكرت لك كل مخلوق يسبقه مخلوق في الماضي كما ان كل مخلوق يعقبه مخلوق في المستقبل و لم يمنع هذا ان يكون الله تعالى هو الآخر الذي لا شيء بعده

فالمقصود بحوادث لا اول لها نوعها لا آحادها و لهذا فإن بعض الجهلة من المبتدعة ظن ان لازم قول شيخ الاسلام هو القول بقدم العالم ! وهذا جهل من هؤلاء

فشيخ الاسلام لا ينازع أصلا في كون الحادث المعين له أول , فلا معنى لإلزامه بما لا يلتزمه أصلا بل له اقوال صريحة في الرد على معتقدي قدم العالم


قولك :


" أخي الفاضل
ظننتك قصدت عندما قلت "حوادث لا أول لها" انك تقصد أفعال الله عز وجل والتي ليست مخلوقة
فإذا كان كذلك فلا اشكال
لكن انت تقول مخلوقات
وتقول (لان القول بامتناعها يقضي بأن الله كان معطلا عن الفعل)
فهناك أفعال أخرى لله عز وجل
وكما ذكرت
ما هو الدليل على هذا غير القول بـ(وكون الفاعل لم يزل يفعل فعلاً بعد فعل فهذا من كمال الفاعل.) فهذا لا اشكال فيه "


ملاحظة مهمه :

هناك فرق بين مسألة قيام الافعال الاختيارية بذاته تعالى و التي يسميها المبتدعة حلول حوادث و يقصدون بها صفات الله تعالى الفعلية كالاستواء على العرش و النزول و غيرها
و بين مسألة حوادث لا اول لها

فالمسألة الاولى عن صفات الله الفعلية تعالى

و المسألة الثانية عن المفعولات و هي المخلوقات

و الحادث هو ما كان بعد ان لم يكن و لا يلزم ان يكون الحادث مخلوقا

فإستواء الله تعالى على عرشه كان بعد خلق العرش و لا يقول عاقل انه منذ الازل !!

و مع ذلك فالاستواء ليس مخلوقا بل هو صفة فعل لله تعالى



و ان اردت خلاصة الموضوع في مسألة حوادث لا اول لها فهي كالآتي :

و هو ان يقال : هل كان الله تعالى في الأزل قادراً على ان يخلق أم لا؟

فإن قيل : " إنه غير قادر على ان يخلق ثم خلق " كان ذلك تعطيلاً لله سبحانه و تعالى من الفعل. و انتهى النقاش مع مثل هذا الشخص

وإن قيل :"إن الفعل كان ممكناً ولكن تأخر" قيل له : هل التأخر واجب أم جائز؟


فإن كان واجباً : فمن الذي أوجبه؟!


وإن كان جائزاً فهذا قول بحوادث لا أول لها لأن الرب أزلي ومنذ كان خالقاً أمكن إن يخلق فهذا هو القول بحوادث لا أول لها



و الله أعلم

علي أحمد عبد الباقي
2007-10-10, 12:02 PM
ما شاء الله ولا قوة إلا بالله فهم عالي من أخينا المقدادي لعقيدة أهل السنة ، وخصوصًا لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية ، وأنا أوافق على كل ما قال عدا نقتتين صغيرتين :
الأولى قوله :


و قولك : " نقول أن الله لم يزل يخلق " فزد عليه : إذا شاء , و هذا ما ورد عن الأئمة في صفات أفعاله تعالى
بمعنى : انه تعالى ما دام متصفا بصفة الخلق فممكن أن يخلق وممكن أن لايخلق و ذلك راجع لمشيئته وإرادته سبحانه و تعالى.

بارك الله فيك هنا خلط بين آحاد المخلوقات وبين جنس المخلوقات ، فآحادها على التخيير ، فالله عز وجل إذا شاء خلق الناس وإذا شاء لم يخلقهم .
لكن لا يجوز أن يكون الله بلا خلق ، قال تعالى : {أفمن يخلق كمن لا يخلق }. فجنس صفة الخلق واجبة لله تعالى ، ولا يمكن أن نتصور إله بلا خلق.
والله أعلم .
وقولك :


اما الدليل هو قوله تعالى :
{ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}:
و صيغة المضارع تفيد الاستمرارية كما لا يخفى
هذا دليل على أن جنس صفة الخلق واجبة وأن الله لم يزل يخلق ولا يزال يخلق ، لذلك فجنس صفة الخلق واجبة بينما آحادها على التخيير .


قد قلتُ سابقا :
فأنا لم انكر وجود مخلوق أول و لكن ذكرت لك كل مخلوق يسبقه مخلوق في الماضي كما ان كل مخلوق يعقبه مخلوق في المستقبل و لم يمنع هذا ان يكون الله تعالى هو الآخر الذي لا شيء بعده
فشيخ الاسلام لا ينازع أصلا في كون الحادث المعين له أول , فلا معنى لإلزامه بما لا يلتزمه أصلا بل له اقوال صريحة في الرد على معتقدي قدم العالم

شيخنا الفاضل فرق بين كون الحادث المعين له أول ، وبين كون جنس المخلوقات له أول ، فشيخ الإسلام يقول بأن المخلوقات جميعًا حادثة وليس قديمة لكن يقول إنها متسلسلة لا إلى أول ولتقريب المسألة .
نحن نقول الجنة أزلية ، لكن الله آخر ليس بعده شيء فهل نقول هناك مخلوق آخر المخلوقات ، لو قلنا بهذا لزم القول بفناء الجنة والنار .
لكن نقول المخلوقات حادثة متسلسلة لا إلى أول . والله أعلم .
المخلوقات نوعًا وجنسًا مسبوقة بعدمها ومسبوقة بخالقها ، لذلك فالعالم حادث وليس قديم.
لكن كل مخلوق يسبقه غيره لا إلى أول ، وكذلك كل مخلوق يعقبه مخلوق لا إلى آخر ، والله أعلم .


و ان اردت خلاصة الموضوع في مسألة حوادث لا اول لها فهي كالآتي :
و هو ان يقال : هل كان الله تعالى في الأزل قادراً على ان يخلق أم لا؟
فإن قيل : " إنه غير قادر على ان يخلق ثم خلق " كان ذلك تعطيلاً لله سبحانه و تعالى من الفعل. و انتهى النقاش مع مثل هذا الشخص
وإن قيل :"إن الفعل كان ممكناً ولكن تأخر" قيل له : هل التأخر واجب أم جائز؟
فإن كان واجباً : فمن الذي أوجبه؟!
وإن كان جائزاً فهذا قول بحوادث لا أول لها لأن الرب أزلي ومنذ كان خالقاً أمكن إن يخلق فهذا هو القول بحوادث لا أول لها
و الله أعلم
إن تأخر المعلول عن العلة عند أهل السنة تأخر رتبة بلا فاصل زمني ، لذلك غير ممكن في العقول أن يكون الله ولا خلق فمعنى أن الله لم يزل يخلق أنه لم يخلو أبدًا عن صفة الخلق لكن المخلوقات متأخرة عن الله تعالى تأخر المعلول عن العلة.
لذلك قولك بأن الخلق على التخيير وليس الوجوب هذا في آحاد المخلوقات بينما هو على الوجوب في جنسها ، فلا يمكن أن نتصور الله عز وجل معطلا عن الخلق ، قال تعالى : { أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}:
والله أعلى وأعلم ، ولا شك أن هذه قضايا شاكة ، والكلام فيها على هذه الطريقة ليس من هدي سلف الأمة ، لكن تكلم بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله للرد على المبتدعة والفلاسفة، وإن كنت قد أخطأت في شيء من ذلك فأنا راجع عنه إلى عقيدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه سلف الأمة . بارك الله فيكم ونفع بكم .

زوجة وأم
2007-10-10, 12:21 PM
بارك الله فيكم
قد أجبتُ عن أكثر استشكالاتك في مشاركاتي السابقة
فمثلا : قولك :
لم يقل احد ان الله تعالى يجب ان يخلق بإستمرار بل قلتُ لك أعلاه :
و الحادث هو ما كان بعد ان لم يكن
فهو من الله تعالى فعل له كإستوائه على عرشه و اما في المفعول فهو مخلوق كالسموات و الارض
و الفعل إسم شامل لصفاته الإختيارية , فهو اذا شاء تكلم و اذا شاء خلق و هكذا
و من قال بأن الله تعالى لم يتكلم الا في الازل و لم يكلم نبيه موسى عليه السلام بل أسمعه كلامه القديم كما تقول بعض الفرق المخالفة فهو ايضا عطل هذه الصفة
و هكذا
و لكن مسألة الخلق هنا لها علاقة بمسألة خلق العالم و افتراق الناس فيه , و سأوضحه بعد قليل
اما قولك:
أولا : أفعاله تعالى كلها بمشيئته
ثانيا : يجب التفريق بين الفعل و المفعول فالفعل صفة لله تعالى و المفعول مخلوق
قال الإمام البخاري في آخر الصحيح في كتاب الرد على الجهمية:
((باب: ما جاء في تخليق السموات والأرض ونحوهما من الخلائق ، وهو فعل الرب وأمره فالرب بصفاته وفعله وأمره وكلامه هو الخالق المكون غير مخلوق ، وما كان بفعله وأمره وتخليقه وتكوينه فهو مخلوق مفعول مكون))
وأوضح وفصل في خلق أفعال العباد فقال-:
((اختلف الناس في الفاعل والفعل والمفعول
فقالت القدرية: الأفاعيل كلها من البشر
وقالت الجبرية الأفاعيل كلها من الله
وقالت الجهمية الفعل والمفعول واحد ولذلك قالوا كن مخلوق
وقال السلف التخليق فعل الله وأفاعيلنا مخلوقة ففعل الله صفة الله والمفعول من سواه من المخلوقات انتهى من فتح الباري 13/439 .
و كلامه واضح إن شاءالله
ثالثا : الأفعال نوعان: لازمة ومتعدية فالفعل اللازم لا يقتضي مفعولاً، والفعل المتعدي يقتضي مفعولاً، و الفعل اللازم كالاستواء و غيره و الفعل المتعدي كالتخليق و هو الذي يقتضي مفعولا اي مخلوقا كالسموات و الارض
و عليه : فالله تعالى فعّال لما يريد كما قال في كتابه , و الكلام و الخلق و غيرها كلها بمشيئته تعالى
و قولك : " نقول أن الله لم يزل يخلق " فزد عليه : إذا شاء , و هذا ما ورد عن الأئمة في صفات أفعاله تعالى
بمعنى : انه تعالى ما دام متصفا بصفة الخلق فممكن أن يخلق وممكن أن لايخلق و ذلك راجع لمشيئته وإرادته سبحانه و تعالى

الذي فهمته من كلامك كله أن اعتقاد أهل السنة والجماعة أن الله يخلق متى شاء
وليس أن الله يخلق بإستمرار بدون توقف
يعني يجب وضع "متى شاء" وهذا ما كان في نفسي
فالثاني (بدون متى شاء) يُفهم منه ان هذا واجب على الله (انه يخلق الأشياء باستمرار بدون توقف وهذا ينافي ان يكون على إرادته ومشيئته)
أما لو قلنا "يخلق ما شاء متى شاء" فيُفهم منه انه لا يجب عليه ذلك وأنه يجوز ان يخلق بإستمرار إذا أراد ذلك.

هل كلامي وفهمي صحيح؟



اما الدليل هو قوله تعالى :
{ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}:
و صيغة المضارع تفيد الاستمرارية كما لا يخفى

نعم هذا دليل على ما قلته فوق انه يخلق متى شاء ويجوز ان يخلق بإستمرار إذا شاء ذلك.
وهو ينقض قول الأشاعرة بأن الله تكلم في الأزل وانتهى .. فلو كان كذلك لكانت صيغة الماضي وليس المضارع.

لدي سؤال: هل الأشاعرة يقولون هذا في كل افعال الله عز وجل ام فقط الكلام؟
يعني انه خلق في الأزل وانتهى
وانه استوى في الأزل وانتهى
وانه علم في الأزل وانتهى وهكذا




قولك : "ولا يتعطل عن الفعل فما هو الدليل على ان هذا الفعل هو الخلق؟ لماذا لا نقول يفعل فعلا (قد يكون الخلق او الكلام او غيره) بدل يخلق خلقا "
وأصل هذه المسألة هو الرد على الفلاسفة
فالناس كانوا منقسمين في مسألة العالم الى قسمين :
الاول : يرى انه لا يوجد اله في هذا الكون و لا خالق فيعتقدون قدم العالم و هم الدهرية
و الثاني : يرى ان الله تعالى موجود و هو الخالق و هو الذي خلق العالم و هم الرسل الكرام و اتباعهم
فأتي جماعة من الفلاسفة المتأخرين و أحدثوا قولا ثالثا و هو ان هناك اله في هذا الكون و ان العالم قديم ملازم لذاته لا ينفك عنه
فلما أتت بعض الفرق المخالفة - كالاشاعرة و غيرهم - لترد عليهم لم تستطع الا ان تمنع حوادث لا اول لها خوفا من استلزام القول بقدم العالم فعطلوا الله تعالى عن صفة الخلق فرأوا انهم بهذا ردوا على الفلاسفة
و لكن شيخ الاسلام ابن تيمية رأى ان هذا مخالف لصريح القرآن و السنة و انه ليست بهذه الطريقة يُرد على الفلاسفة سيما وان القول بجواز حوادث لا اول لها – و هو الذي قرره – لا محذور فيه بل لو قارن منصف بين هذا القول و قول من منعه لعلم ان قول من اجازه أقرب الى المنقول و المعقول ممن منعه
هذه الحكاية بإختصار
و قولك :
قد قلتُ سابقا :
فأنا لم انكر وجود مخلوق أول و لكن ذكرت لك كل مخلوق يسبقه مخلوق في الماضي كما ان كل مخلوق يعقبه مخلوق في المستقبل و لم يمنع هذا ان يكون الله تعالى هو الآخر الذي لا شيء بعده
فالمقصود بحوادث لا اول لها نوعها لا آحادها و لهذا فإن بعض الجهلة من المبتدعة ظن ان لازم قول شيخ الاسلام هو القول بقدم العالم ! وهذا جهل من هؤلاء
فشيخ الاسلام لا ينازع أصلا في كون الحادث المعين له أول , فلا معنى لإلزامه بما لا يلتزمه أصلا بل له اقوال صريحة في الرد على معتقدي قدم العالم
قولك :
ملاحظة مهمه :
هناك فرق بين مسألة قيام الافعال الاختيارية بذاته تعالى و التي يسميها المبتدعة حلول حوادث و يقصدون بها صفات الله تعالى الفعلية كالاستواء على العرش و النزول و غيرها
و بين مسألة حوادث لا اول لها
فالمسألة الاولى عن صفات الله الفعلية تعالى
و المسألة الثانية عن المفعولات و هي المخلوقات
و الحادث هو ما كان بعد ان لم يكن و لا يلزم ان يكون الحادث مخلوقا
فإستواء الله تعالى على عرشه كان بعد خلق العرش و لا يقول عاقل انه منذ الازل !!
و مع ذلك فالاستواء ليس مخلوقا بل هو صفة فعل لله تعالى
و ان اردت خلاصة الموضوع في مسألة حوادث لا اول لها فهي كالآتي :
و هو ان يقال : هل كان الله تعالى في الأزل قادراً على ان يخلق أم لا؟
فإن قيل : " إنه غير قادر على ان يخلق ثم خلق " كان ذلك تعطيلاً لله سبحانه و تعالى من الفعل. و انتهى النقاش مع مثل هذا الشخص
وإن قيل :"إن الفعل كان ممكناً ولكن تأخر" قيل له : هل التأخر واجب أم جائز؟
فإن كان واجباً : فمن الذي أوجبه؟!
وإن كان جائزاً فهذا قول بحوادث لا أول لها لأن الرب أزلي ومنذ كان خالقاً أمكن إن يخلق فهذا هو القول بحوادث لا أول لها
و الله أعلم

عندما بدأت اقرأ كلامك (الجزء الأول منه) لم استوعبه وقلت ساعيد قراءته فيما بعد إذا لم استوعبه اول مرة لكن عندما وصلت للجزء الأخير وهو الذي باللون الأزرق بدأت افهمه قليلا ثم الجملة الأخيرة التي تحتها خط هي التي سهلت علي فهم المسألة كلها ، ولو ان مسألة الأزل نفسها صعب استيعابها كليا حيث ان عقولنا محدودة ، ولا يجب استيعابه كليا لكن فهمه عموما ممكن ومعقول ولله الحمد
بارك الله فيك على شرحها لي خاصة الجزء الأخير الذي هو اوضحها

اما بالنسبة لقول أهل البدع
فلولا ان لعن المسلم حرام للعنتهم لإضطراري للخوض في هذه المسائل لفهمها والتكلم في الله عز وجل بهذه الطريقة للرد على باطلهم !

اعوذ بالله من الضلال وأهل البدع

والله المستعان

زوجة وأم
2007-10-10, 12:32 PM
ولا شك أن هذه قضايا شاكة ، والكلام فيها على هذه الطريقة ليس من هدي سلف الأمة ، لكن تكلم بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله للرد على المبتدعة والفلاسفة،

نعم
هذا الذي جعلني اسال فيها للرد عليهم
فهم يثيرون مثل هذه المسائل ويضللون بها الناس
وانا اكره الكلام في هذه المسائل ولكن مضطر ان اتكلم فيها وافهمها بسببهم !

علي أحمد عبد الباقي
2007-10-10, 12:59 PM
نعم
هذا الذي جعلني اسال فيها للرد عليهم
فهم يثيرون مثل هذه المسائل ويضللون بها الناس
وانا اكره الكلام في هذه المسائل ولكن مضطر ان اتكلم فيها وافهمها بسببهم !
أفهم هذا بارك الله فيك وأقدر جهدك ، وعلم الله أني أحبُّك في الله ، أسأل الله أن ينفع بك وأن يبارك فيك .
وقول الفاضل (العقيدة) :

الذي فهمته من كلامك كله أن اعتقاد أهل السنة والجماعة أن الله يخلق متى شاء
وليس أن الله يخلق بإستمرار بدون توقف
يعني يجب وضع "متى شاء" وهذا ما كان في نفسي
فالثاني (بدون متى شاء) يُفهم منه ان هذا واجب على الله (انه يخلق الأشياء باستمرار بدون توقف وهذا ينافي ان يكون على إرادته ومشيئته)
أما لو قلنا "يخلق ما شاء متى شاء" فيُفهم منه انه لا يجب عليه ذلك وأنه يجوز ان يخلق بإستمرار إذا أراد ذلك.
هل كلامي وفهمي صحيح؟

بارك الله فيك ، نعم الله يخلق باستمرار وهو خلاق عليم ، لكن عبارة ((يخلق ما شاء متى شاء )) لا تعني أنه يخلق على التخيير فإن شاء خلق مطلقًا وإن شاء لم يخلق، وإنما معناها أنه إن شاء خلق الإنسان وإن شاء خلق غيره وإن شاء خلق هذا الأمر الساعة وإن شاء خلقه بعد قرن ، فهذا كما سبق متعلق بعين كل مخلوق يخلقه الله إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء ، سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
لكن لا يجوز أن يتعطل الله من صفة الخلق فهو دائم الخلق لم يزل يخلق ولا يزال يخلق سبحانه وتعالى . والله أعلم .

زوجة وأم
2007-10-10, 04:37 PM
نعم فهمت بارك الله فيك

المقدادي
2007-10-10, 06:12 PM
بارك الله فيكم و نفع الله بكم شيخنا علي أحمد





هنا خلط بين آحاد المخلوقات وبين جنس المخلوقات ، فآحادها على التخيير ، فالله عز وجل إذا شاء خلق الناس وإذا شاء لم يخلقهم .
لكن لا يجوز أن يكون الله بلا خلق ، قال تعالى : {أفمن يخلق كمن لا يخلق }. فجنس صفة الخلق واجبة لله تعالى ، ولا يمكن أن نتصور إله بلا خلق.
والله أعلم .
.

جزاكم الله خيرا , و لكن انا قد ذكرت سابقا :



فكما أن آحاد حوادث نعيم أهل الجنة له آخر ، فإن نوعها باقٍ سرمدي , و مع ذلك لم يكن ذلك منافيا ان الله تعالى هو الآخر الذي لا شيء بعده

فميزت بين الجنس و النوع

و كلامي هنا نفس كلامك شيخنا الفاضل فأنا قلت : " فممكن أن يخلق وممكن أن لايخلق و ذلك راجع لمشيئته " اي ان المشيئة تتعلق بصفات الله تعالى الاختيارية كالكلام و غيره و لهذا كان ائمة السلف يقولون ان الله يتكلم كما يشاء اذا شاء


و انت قلتَ : " فالله عز وجل إذا شاء خلق الناس وإذا شاء لم يخلقهم "

الا ان كان هناك أمر غاب عني فأرجو توضيحه








فرق بين كون الحادث المعين له أول ، وبين كون جنس المخلوقات له أول ، فشيخ الإسلام يقول بأن المخلوقات جميعًا حادثة وليس قديمة لكن يقول إنها متسلسلة لا إلى أول ولتقريب المسألة .
نحن نقول الجنة أزلية ، لكن الله آخر ليس بعده شيء فهل نقول هناك مخلوق آخر المخلوقات ، لو قلنا بهذا لزم القول بفناء الجنة والنار .
لكن نقول المخلوقات حادثة متسلسلة لا إلى أول . والله أعلم .
المخلوقات نوعًا وجنسًا مسبوقة بعدمها ومسبوقة بخالقها ، لذلك فالعالم حادث وليس قديم.
لكن كل مخلوق يسبقه غيره لا إلى أول ، وكذلك كل مخلوق يعقبه مخلوق لا إلى آخر ، والله أعلم .

معذرة شيخنا الكريم لم أفهم وجه الاعتراض هنا :

هل تقصد ان الحادث المعين لا أول له ؟ بمعنى ان كل مخلوق لا اول له ؟

و لكن الامام ابن القيم في شفاء العليل ذكر إجابة طائفة من اهل السنة التزموا بالتسلسل فقالوا في معرض ردهم على المخالفين :

" وأما التسلسل الممكن فالتسلسل في مفعولاته من هذا الطرف ، كما يتسلسل في طرف الأبد ، فإنه إذا لم يزل حياً قادراً مريداً متكلماً ، وذلك من لوازم ذاته ، فالفعل ممكن له بوجوب هذه الصفات له ، وأن يفعل أكمل من أن لا يفعل ، ولا يلزم من هذا أنه لم يزل الخلق معه ، فإنه سبحانه متقدم على كل فرد فرد من مخلوقاته تقدماً لا أول له ، فلكل مخلوق أول ، والخالق سبحانه لا أول له ، فهو وحده الخالق ، وكل ما سواه مخلوق كائن بعد أن لم يكن . "


اما ان كان هناك أمر آخر لم أفهمه فأرجو التوضيح جزاكم الله خيرا




تأخر المعلول عن العلة عند أهل السنة تأخر رتبة بلا فاصل زمني ، لذلك غير ممكن في العقول أن يكون الله ولا خلق فمعنى أن الله لم يزل يخلق أنه لم يخلو أبدًا عن صفة الخلق لكن المخلوقات متأخرة عن الله تعالى تأخر المعلول عن العلة.
لذلك قولك بأن الخلق على التخيير وليس الوجوب هذا في آحاد المخلوقات بينما هو على الوجوب في جنسها ، فلا يمكن أن نتصور الله عز وجل معطلا عن الخلق ، قال تعالى : { أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}:


نعم - أحسن الله إليكم - و انا لم اخالف في ذلك و أصل مسألة حوادث لا أول لها التي قررها شيخ الاسلام انها جائزة لا واجبة و هذا كله في آحادها

و لكن يظهر انني لم اعبّر بشكل جيد عن كلامي فحصل بعض القصور و الله المستعان



و جزاكم الله خيرا

المقدادي
2007-10-10, 06:24 PM
الذي فهمته من كلامك كله أن اعتقاد أهل السنة والجماعة أن الله يخلق متى شاء
وليس أن الله يخلق بإستمرار بدون توقف
يعني يجب وضع "متى شاء" وهذا ما كان في نفسي
فالثاني (بدون متى شاء) يُفهم منه ان هذا واجب على الله (انه يخلق الأشياء باستمرار بدون توقف وهذا ينافي ان يكون على إرادته ومشيئته)
أما لو قلنا "يخلق ما شاء متى شاء" فيُفهم منه انه لا يجب عليه ذلك وأنه يجوز ان يخلق بإستمرار إذا أراد ذلك.
هل كلامي وفهمي صحيح؟


بارك الله فيك , و قد اجاب الشيخ علي عن ذلك فأغنى عن الإعادة فكما قال : اذا تعالى شاء خلق هذا الأمر الساعة وإن شاء خلقه بعد قرن , فهذا عائد الى مشيئته سبحانه و تعالى فكما ان الله تعالى لم يزل متكلما اذا شاء كلّم سيدنا موسى عليه السلام في ذلك الوقت و كلّم غيره في غير ذلك الوقت و هكذا ففهمك صحيح ان قصدت هذا , فلم يكن الله تعالى متكلما بعد ان لم يكن كذلك كما يقول الكرامية و لم يكن تعالى خالقا بعد ان لم يكن كذلك



















لدي سؤال: هل الأشاعرة يقولون هذا في كل افعال الله عز وجل ام فقط الكلام؟
يعني انه خلق في الأزل وانتهى
وانه استوى في الأزل وانتهى
وانه علم في الأزل وانتهى وهكذا

الذي أعرفه من عقيدتهم انهم لا يثبتون صفات الافعال بل هي حادثة عندهم , و لذلك يرجعون التعلقات كلها عندهم الى الارادة

اما الاستواء فهم يتخذون التأويل مخرجا لهم , اما من يفوض منهم فلا يدري ما معنى استوى انما هو بمثابة الحروف المعجمية : ا س ت و ى

و لكن مذهب محققيهم هو التأويل في هذه الصفات كالاستواء و النزول

اما العلم فلهم فيه تفصيل ليس هذا محله , و لكن بالمجمل العام : فصفاته تعالى قديمة عندهم لهذا اضطروا ان يأتوا بتأويلات متكلفة ليتخلصوا من حرجهم هذا فقالوا ان الله تعالى لم يكلّم موسى عليه السلام حين ناداه بل أسمعه الكلام النفسي - فهو إلهام لا تكليم على التحقيق عندهم -

و هكذا كلما أتوا لصفة صرفوها بمستشنعات التأويل و التحريف و الله المستعان


هذا ما اعرفه و الله أعلم






عندما بدأت اقرأ كلامك (الجزء الأول منه) لم استوعبه وقلت ساعيد قراءته فيما بعد إذا لم استوعبه اول مرة لكن عندما وصلت للجزء الأخير وهو الذي باللون الأزرق بدأت افهمه قليلا ثم الجملة الأخيرة التي تحتها خط هي التي سهلت علي فهم المسألة كلها ، ولو ان مسألة الأزل نفسها صعب استيعابها كليا حيث ان عقولنا محدودة ، ولا يجب استيعابه كليا لكن فهمه عموما ممكن ومعقول ولله الحمد
بارك الله فيك على شرحها لي خاصة الجزء الأخير الذي هو اوضحها

جزاك الله خيرا و بورك فيك و رزقنا الله وإياكم الإخلاص في القول و العمل

علي أحمد عبد الباقي
2007-10-10, 10:05 PM
إلا إن كان هناك أمر غاب عني فأرجو توضيحه

لا يا أخي بارك الله فيك ، كلامك جيد وإنما قصدت زيادة الإيضاح. وأرجو أن لا أكون قد فعلت العكس .


معذرة شيخنا الكريم لم أفهم وجه الاعتراض هنا :
هل تقصد ان الحادث المعين لا أول له ؟ بمعنى ان كل مخلوق لا اول له ؟

لا يا أخي بارك الله فيك فكل مخلوق له أول ، وهو مسبوق بعدمه وبخالقه .
كل ما أردت قوله ولعلي لم أحسن التعبير أن كل مخلوق يسبقه مخلوق آخر وهكذا تسلسل ولا يمكن أن نأتي إلى مخلوق بعينه فنقول هذا أول مخلوق ولا يمكن تصور ذلك ، وهذا ما عبر عنه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله : (( لا إلى أول)) فلا يمكن تصور أول للمخلوقات وهذا ما جعل الفلاسفة يلزمون شيخ الإسلام بالقول بقدم العالم .
لكن حاشاه عن ذلك وإنما قال بأن المخلوقات تتسلسل لا إلى أول ، لكن جنس هذه المخلوقات مسبوق بعدم نفسه ومسبوق بخالقه جل وعلا وما كان مسبوقًا بغيره فليس قديمًا . والله أعلم .
وأعرف أننا غير مختلفين فيما سبق بارك الله فيك ونفع بك .

المقدادي
2007-10-10, 10:55 PM
جزاكم الله خيراً و أحسن إليكم

المقدادي
2007-10-10, 11:35 PM
للفائدة :


قال الإمام الحافظ أبو المظفر يوسف السرمري الحنبلي رداً على السبكي :


أما حوادث لا مبدا لأولها *** فذاك من أغرب المحكي وأعجبهِ

قصّرتَ في الفهمِ فاقصر في الكلامِ فما *** ذا عشك ادرج فما صقر كعنظبهِ

لو قلتَ قال كذا ثم الجوابُ كذا *** لبان مخطئ قولٍ من مصوِّبهِ

أجملتَ قولاً فأجملتُ الجوابَ ولو *** فصّلتَ فصّلتُ تبياناً لأغربهِ

إن قلتَ كان ولا علم لديه ولا *** كلام لا قدرة أصلاً كفرتَ بهِ

أو قلتَ أحدثها بعد استحالتها ***في حقه سَمْتُ نقصٍ ما احتججتَ بهِ

وكيف يوجدها بعد استحالتها *** فيه أيقدر ميت رفع منكبهِ

أو قلت فعل اختيار منه ممتنع *** ضاهيت قول امرئ مغوِ بأنصبهِ

ولم يزل بصفات الفعل متصفا *** وبالكلام بعيداً في تقربهِ

سبحانه لم يزل ما شاء يفعله *** في كل ما زمن مامن معقبهِ

نوع الكلام كذا نوع الفعال قديـ *** ـم لا المعيّن منه في ترتبهِ

وليس يفهم ذو عقل مقارنة الـ *** ـمفعول مع فاعل في نفس منصبهِ

يحب يبغض يرضى ثم يغضب ذا *** من وصفه، أرضِهِ بُعداً لمغضبهِ

والخلق ليس هو المخلوق تحسبه *** بل مصدر قائم بالنفس فادر بهِ

وقول كن ليس بالشيء المكوَّن والصـ *** ـغير يعرف هذا مع تلعبهِ

فالمصطفى قال كان الله قبل ولا *** شيء سواه تعالى في تحجبهِ

الخلال
2007-10-11, 06:15 AM
ولكن تبقى الإشكالات الآتية :

1- كونه قد ورد في الصحيح أنّ أول الخلق القلمُ ! فهذا يدلُّ في ظاهره على بطلان حوادث لا أول لها ، كما أشار لذلك الشيخ ناصر الألباني .

2- إشكاليةُ ربطِ كمال اللهِ عزوجل بوجود خلقهِ ، فمن المعلوم من الدين بالضرورة أنَّ الله عز وجل لو لم يخلق الخلق _وليس عدم اتصافه بها_ لا ينقص ذلك من كماله ، لأنَّ كمالَهُ ذاتي وليس متعلقاً بغيره .

3- ولو سحبنا الكلام في صفة الخلق على باقي الصفات لوردت إشكاليَّةٌ أخرى ، فمثلاً صفة التواب تستلزم وجود من يتوب عليهم أزلاً ، وكذا المغفرة وغيرها ، فمن أين لنا أنّ هناك بشراً في الأزل وقد علمنا أن أول البشر آدم ؟

4- حديث كان الله ولا شيء معه ، حديث صريح في منع وجود حوادث لا أول لها .

أنا أميل لكلام الشيخ ناصر الدين الألباني .

أسامة السلفي
2007-10-11, 07:38 AM
الأخوة الكرام - بارك الله فيكم
المسألة تحتاج إلى تحرير وبحث، والشيخ / الألباني - رحمه الله، لم يضع تفصيلاً للمسألة، ويا ليته كان قد فعل.
كما أن هناك أيضًا فارق ليس بخفي بين: ( لا إلى أول ) وبين ( لا أول له ).
والأسلم هو السكوت حتى نكون على بينة من أمرنا.
فهذه المسائل مزلات عظيمة للأقدام لما فيها من مضلات للأفهام.
ألهمنا الله الصبر والعلم والتقى.
فالحذر الحذر، سلمنا الله وإياكم.

المقدادي
2007-10-11, 08:34 AM
الاخ الفاضل الخلال :



قد تم إستيفاء الرد على جميع ما طرحته في ثنايا المشاركات السابقة و لعلك لم تفهم المسألة جيدا و الا ما طرحت استشكالاتك هذه :



1- كونه قد ورد في الصحيح أنّ أول الخلق القلمُ ! فهذا يدلُّ في ظاهره على بطلان حوادث لا أول لها ، كما أشار لذلك الشيخ ناصر الألباني .

ذكرت سابقا اننا لا نعرف ما هو أول مخلوق بالتحديد

و الاستدلال بهذا الحديث أُجيب عنه :

بأن هذا الحديث لا يخلو معناه من أمرين :

1 - أنه عند أول خلقه قال له تعالى :" اكتب "

2 - انه أول مخلوق من هذا العالم

فعلى التقديرين فليس فيه أنه أول مخلوق حيث ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، وعرشه على الماء " فهذا صريح أن التقدير وقع بعد خلق العرش ، والتقدير وقع عند أول خلق القلم . و قد قال العلامة المحدّث المباركفوري في شرح الترمذي (6/369) : -

"فالأولية إضافية "


2- إشكاليةُ ربطِ كمال اللهِ عزوجل بوجود خلقهِ ، فمن المعلوم من الدين بالضرورة أنَّ الله عز وجل لو لم يخلق الخلق _وليس عدم اتصافه بها_ لا ينقص ذلك من كماله ، لأنَّ كمالَهُ ذاتي وليس متعلقاً بغيره .


لم يربط أحد منا الكمال لله تعالى بوجود خلقه بل قلنا ان غاية الكمال في إتصافه تعالى بأفعاله و انها بمشيئته تعالى و الله تعالى قال : : {أفمن يخلق كمن لا يخلق }. فبيّن تعالى ان الذي يخلق ليس كمن لا يخلق فالذي يخلق كامل بعكس الذي لا يستطيع الخلق

فتعطيل صفة الخلق و الزعم ان الله تعالى ممتنع عليه الخلق منذ الازل ثم خلق : هذا هو التعطيل


اما من قال بجواز ذلك فهذا أثبت لله تعالى ما يستحقه من جلال نعوته وصفاته




3- ولو سحبنا الكلام في صفة الخلق على باقي الصفات لوردت إشكاليَّةٌ أخرى ، فمثلاً صفة التواب تستلزم وجود من يتوب عليهم أزلاً ، وكذا المغفرة وغيرها ، فمن أين لنا أنّ هناك بشراً في الأزل وقد علمنا أن أول البشر آدم ؟

كلامنا هنا في جواز حوادث لا اول لها اي المفعولات = المخلوقات

و لم نتطرق الى مسألة أفعاله تعالى الاختيارية الأخرى , و لا إشكال لمن رُزق الفهم , فكما عرفت ان ربك لم يزل متكلما إذا شاء قل في باقي صفاته الفعلية مثل هذا
فالمغفرة و التوبة و غيرها من الصفات الفعلية المتعلقة بمشيئة الله وقدرته وهي غير متعدية كصفة الرزق و الخلق و قد سبق ووضحتُ أعلاه الفرق بين الافعال المتعدية و الافعال اللازمة
قال تعالى :

(( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيمُ ))


فبيّن تعالى انه تاب على نبينا آدم عليه السلام بعد تلقيه كلمات من ربه

و لا يقول عاقل ان الله تعالى تاب على نبينا آدم عليه السلام منذ الأزل !

فالتوبة و المغفرة و الرحمة صفات فعلية قديمة النوع حادثة الآحاد فالله عز وجل يرحم من خلقه من شاء ومتى شاء، و يتوب على خلقه متى شاء







4- حديث كان الله ولا شيء معه ، حديث صريح في منع وجود حوادث لا أول لها .


ليس صريحا و هذا الحديث محمول على المعية المقارنة لله من أعيان المخلوقات والقائل به كافر بالله كما هو قول الفلاسفة ولهذا قال ابن حبان في صحيحه (14/10] : ولا شيء معه لأنه خالقها ا0هـ


و هذا خارج عن كلامنا فقد سبق و قُرر أعلاه الاتي :


قول الفلاسفة ان الله تعالى كان مع الخلق منذ الأزل فقال بقدم العالم

قول أهل السنة : مذ كان الله تعالى فهو الفعال

قول المتكلمين : كان ثم خلق

ثم ان الموجود في صحيح البخاري رواية : كان الله و لا شيء قبله و كان الله و لا شيء غيره

و رواية كان الله و لا شيء معه ليست موجودة فيه


أنا أميل لكلام الشيخ ناصر الدين الألباني .


الشيخ الالباني رحمه الله يُفهم من كلامه في السلسلة الصحيحة انه لا يجيز تسلسل الحوادث الى مالانهاية أيضاً حيث قال " و لكنه مع ذلك يقول بتسلسل الحوادث إلى ما لا بداية له . كما يقول هو و غيره بتسلسل الحوادث إلى ما لا نهاية ، فذلك القول منه غير مقبول"

فهل تقول أنت بامتناع حوادث الى ما لا نهاية ؟

علما بأن الشيخ الالباني تراجع عن هذا كما نقل عنه تلميذه الشيخ عصام هادي و اعتذر بأنه لم يفهم كلام شيخ الاسلام و سآتيك بالرابط لاحقا


و الله اعلم

الخلال
2007-10-11, 02:19 PM
و الاستدلال بهذا الحديث أُجيب عنه :

بأن هذا الحديث لا يخلو معناه من أمرين :

1 - أنه عند أول خلقه قال له تعالى :" اكتب "

2 - انه أول مخلوق من هذا العالم

أخي الكريم


قوله عليه الصلاة والسلام : (أول ما خلق الله القلم ثم خلق النون وهي الدواة وذلك قوله تعالى: "ن والقلم" ثم قال له اكتب } .

نحن ندَّعي بأنَّ لفظ القلم خبرُ أول ، ولذلك لا نقول بتفسيرك الأول ، وأما تفسيرك الثاني فهو تخصيصٌ بلا مخصِّص .


لم يربط أحد منا الكمال لله تعالى بوجود خلقه بل قلنا ان غاية الكمال في إتصافه تعالى بأفعاله و انها بمشيئته تعالى

كيف لم تربط كمالَ الله عزوجل بوجود خلقه ؟! فهل تقول بجواز أن لا يخلق اللهُ خلقاً أصلاً ؟ إنْ قلتَ : نعم ، بطل إستدلالك بالآية ، وإن قلت: لا ، فقد تم الربط بين الكمال والخلق .

قلتَ
:{أفمن يخلق كمن لا يخلق }. فبيّن تعالى ان الذي يخلق ليس كمن لا يخلق فالذي يخلق كامل بعكس الذي لا يستطيع الخلق

إذن الكلام عن اتصافه بها بالقوة لا بالفعل ، لأنَّ الكلامَ في الآية لا يستلزم وجود الخلق حقيقة ، بل تصح المعارضة بوجود الإستطاعة فحسب ، كما ذكرتَ أنت في حق المخلوق .

قلتَ :
فتعطيل صفة الخلق و الزعم ان الله تعالى ممتنع عليه الخلق منذ الازل ثم خلق : هذا هو التعطيل

ما معنى التعطيل ؟

هل هو تعطيل اتصاف الله عزوجل بالخالقية ؟

هذا لا يقول به أحد من المسلمين !

أم هو عدم وجود آثار الصفة في الأزل ؟

فهذا حقٌ ، وهو محل الخلاف .

والخلاصة أخي كالتالي :

1- إما أن نقول إنّ وجود حوادث لا أول لها واجبٌ ، فهذا يلزم عنه باطلان :

اللازمُ الأول : أنَّ الله عزوجل ليس مختاراً وليست له الإرادة المطلقة ، فإنّ إيجاب وجود الخلق يستلزم نفي الإختيار .

اللازم الثاني : أنّ كمال الله عزوجل يتعلق بوجود الخلق ، إذ لو كان الخلق واجباً لستلزم عدمه نقصاً ، لأنّ وجوده كمالٌ في حق الله _كما استدللتَ بالآية _ وكل ما كان كمالاً وجب إثباته في حق الله تعالى ، فعلى هذا لا يجوز أن لا يخلق الله شيئاً ، وهذا لازم شنيع .

2- أو نقول إنَّ الحوادث جائزة وليست بواجبة ، فهذا ليس ممتنعاً عقلاً ، وإلا للزم أن نقول بإمتناعه أبداً ، وإنما منْعُهُ من جهة النقل فحسب ، ومن ذلك حديث { أول ما خلق الله القلم} وحديث { كان الله ولا شيء معه} .

ولا يلزم من ذلك أن نعطل صفة الخلق ، لأن التعطيل هو أن تنفي الإستطاعة أي استطاعة الخلق ، وعلى هذا يستبين معنى قول الله عزوجل { أفمن يخلق كمن لا يخلق} .


و رواية كان الله و لا شيء معه ليست موجودة فيه

صحيح أنها ليست في الصحيح ، لكن ذكرها ابن حجر في الفتح في معرض الاحتجاج فيما أذكر .

علي أحمد عبد الباقي
2007-10-11, 04:15 PM
بسم الله الرحمن الرحيم .
في صحيح البخاري / كتاب التفسير / باب سورة (حم) السجدة .
قال البخاري - رحمه الله - : (( وقال المنهال : عن سعيد قال: قال رجل لابن عباس: إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي ؛ قال :{فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}. (المؤمنون/101) .......... وقال تعالى : {وكان الله غفورًا رحيمًا} ، {عزيزًا حكيمًا} ، {سميعًا بصيرًا} ، فكأنَّه كان ثم مضى .
وكان جواب ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك قوله:
(( سمَّى نفسه ذلك ، وذلك قوله، أي: لم يزل كذلك ، فإن الله لم يُرد شيئًا إلَّا أصاب به الذي أراد ، فلا يختلف عليك القرآن ، فإنَّ كلًا من عند الله . انتهى من الصحيح .
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــ
وهذا ما نقول به ، ونعتقده في جميع الصفات الفعلية، مع اعتقادنا بأن الله أول بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء، وكل ما عداه فهو من خلقه ، وكل ما عدا الله فهو حادث مخلوق ، والله وحده هو القديم الباقي جل جلاله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (16/95) :
((فيقال: بل كلُّ مخلوقٍ فهو محدثٌ مسبوقٌ بعدمِ نفسه ، وما ثَمَّ قديمٌ أزلىٌّ إلا الله و حده . و إذا قيل: (لم يزل خالقًا) ، فإنَّما يقتضى قِدَم نوْعِ الخلقِ.
ودوام خالقيته لا يقتضى قدم شيء من المخلوقات فيجب الفرق بين أعيان المخلوقات الحادثة بعد أن لم تكن فإن هذه لا يقول عاقل إن منها شيئًا أزليًّا)).
ولا شك أن المسألة شائكة والوقوف عند كتاب الله وسنة رسوله وما نقل عن سلف الأمة أولى بنا. والله أعلى وأعلم .

الخلال
2007-10-11, 04:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم .
في صحيح البخاري / كتاب التفسير / باب سورة (حم) السجدة .
قال البخاري - رحمه الله - : (( وقال المنهال : عن سعيد قال: قال رجل لابن عباس: إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي ؛ قال :{فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}. (المؤمنون/101) .......... وقال تعالى : {وكان الله غفورًا رحيمًا} ، {عزيزًا حكيمًا} ، {سميعًا بصيرًا} ، فكأنَّه كان ثم مضى .
وكان جواب ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك قوله:
(( سمَّى نفسه ذلك ، وذلك قوله، أي: لم يزل كذلك ، فإن الله لم يُرد شيئًا إلَّا أصاب به الذي أراد ، فلا يختلف عليك القرآن ، فإنَّ كلًا من عند الله . انتهى من الصحيح .
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــ
وهذا ما نقول به ، ونعتقده في جميع الصفات الفعلية، مع اعتقادنا بأن الله أول بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء، وكل ما عداه فهو من خلقه ، وكل ما عدا الله فهو حادث مخلوق ، والله وحده هو القديم الباقي جل جلاله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (16/95) :
((فيقال: بل كلُّ مخلوقٍ فهو محدثٌ مسبوقٌ بعدمِ نفسه ، وما ثَمَّ قديمٌ أزلىٌّ إلا الله و حده . و إذا قيل: (لم يزل خالقًا) ، فإنَّما يقتضى قِدَم نوْعِ الخلقِ.
ودوام خالقيته لا يقتضى قدم شيء من المخلوقات فيجب الفرق بين أعيان المخلوقات الحادثة بعد أن لم تكن فإن هذه لا يقول عاقل إن منها شيئًا أزليًّا)).
ولا شك أن المسألة شائكة والوقوف عند كتاب الله وسنة رسوله وما نقل عن سلف الأمة أولى بنا. والله أعلى وأعلم .

بارك اللهُ بك شيخنا ، فالمسألة إن لم يوردها مبتدع فهي من فضول العلم .

المقدادي
2007-10-11, 04:56 PM
اخي الكريم الخلال :

ما زلتَ تورد ما تم الجواب عنه في المشاركات السابقة !!




قوله عليه الصلاة والسلام : (أول ما خلق الله القلم ثم خلق النون وهي الدواة وذلك قوله تعالى: "ن والقلم" ثم قال له اكتب } .
نحن ندَّعي بأنَّ لفظ القلم خبرُ أول ، ولذلك لا نقول بتفسيرك الأول ، وأما تفسيرك الثاني فهو تخصيصٌ بلا مخصِّص .

لم تُجب على إيرادي السابق حول سبق خلق العرش للقلم

و لم تعطنا معنى آخر للحديث ! فأبطلتَ المعنى الاول و الثاني و لم تعطنا المعنى الثالث !




كيف لم تربط كمالَ الله عزوجل بوجود خلقه ؟! فهل تقول بجواز أن لا يخلق اللهُ خلقاً أصلاً ؟ إنْ قلتَ : نعم ، بطل إستدلالك بالآية ، وإن قلت: لا ، فقد تم الربط بين الكمال والخلق .


هذا دليل واضح و جلي انك لم تستوعب كلامي و كلام الشيخ علي بأعلاه

فقد ذكرنا ان الله تعالى متصف بالخلق فجنس الخلق واجب عليه , اما آحاده فهو على التخيير و لا يبطل هذا من إستدلالي بالآية فتأمل




قلتَ

إذن الكلام عن اتصافه بها بالقوة لا بالفعل ، لأنَّ الكلامَ في الآية لا يستلزم وجود الخلق حقيقة ، بل تصح المعارضة بوجود الإستطاعة فحسب ، كما ذكرتَ أنت في حق المخلوق .

بل إتصافه بالفعل فالخلق صفة فعلية و هذا راجع للمشيئة و قد سبق توضيح ذلك فراجع المشاركات




ما معنى التعطيل ؟
هل هو تعطيل اتصاف الله عزوجل بالخالقية ؟
هذا لا يقول به أحد من المسلمين !
أم هو عدم وجود آثار الصفة في الأزل ؟
فهذا حقٌ ، وهو محل الخلاف .

يا اخي قد قلنا مرارا و تكرارا ان التعطيل ان تقول ان الخلق ممتنع عليه منذ الأزل

فكان الله تعالى ممتنعا عن الخلق ثم خلق لا انه تعالى متصف بأنه فعّال منذ الأزل




والخلاصة أخي كالتالي :
1- إما أن نقول إنّ وجود حوادث لا أول لها واجبٌ ، فهذا يلزم عنه باطلان :
اللازمُ الأول : أنَّ الله عزوجل ليس مختاراً وليست له الإرادة المطلقة ، فإنّ إيجاب وجود الخلق يستلزم نفي الإختيار .
اللازم الثاني : أنّ كمال الله عزوجل يتعلق بوجود الخلق ، إذ لو كان الخلق واجباً لستلزم عدمه نقصاً ، لأنّ وجوده كمالٌ في حق الله _كما استدللتَ بالآية _ وكل ما كان كمالاً وجب إثباته في حق الله تعالى ، فعلى هذا لا يجوز أن لا يخلق الله شيئاً ، وهذا لازم شنيع .
2- أو نقول إنَّ الحوادث جائزة وليست بواجبة ، فهذا ليس ممتنعاً عقلاً ، وإلا للزم أن نقول بإمتناعه أبداً ، وإنما منْعُهُ من جهة النقل فحسب ، ومن ذلك حديث { أول ما خلق الله القلم} وحديث { كان الله ولا شيء معه} .

هذا تكرار للكلام اخي الكريم فقد سبق و قلنا اننا لا نوجب ذلك بل نجوّزه و انت نفسك اعترفت بأنه ليس ممتنعا عقلا , اما نقلا فالرواية التي أوردتها لا تساعدك لأن المقصود بها أعيان المخلوقات و هذا الذي قال به الفلاسفة فكفروا بذلك

فليس ذلك ممتنعا عقلا كما قلتَ و لا نقلا

و من قال بالامتناع لزمه التعطيل , لأن قال بأن الله تعالى امتنع عليه الخلق في الأزل ثم خلق

و الله أعلم و رد العلم إليه أسلم

الخلال
2007-10-11, 05:22 PM
أخي الكريم

هذه هي النقطة الفاصلة


فقد ذكرنا ان الله تعالى متصف بالخلق فجنس الخلق واجب عليه

وأما أنا فأقول : لا يجب على الله شيء .

المقدادي
2007-10-11, 05:45 PM
أخي الكريم
هذه هي النقطة الفاصلة
وأما أنا فأقول : لا يجب على الله شيء .
يعني ان صفة التخليق عندك غير واجبة لله تعالى ! فليست أزلية ! و هذا تعطيل للصفة كما لا يخفى

هذا ما يُفهم من كلامك

قال الإمام البخاري رادا على من قال بهذا :

((اختلف الناس في الفاعل والفعل والمفعول

فقالت القدرية: الأفاعيل كلها من البشر

وقالت الجبرية الأفاعيل كلها من الله

وقالت الجهمية الفعل والمفعول واحد ولذلك قالوا كن مخلوق

وقال السلف التخليق فعل الله وأفاعيلنا مخلوقة ففعل الله صفة الله والمفعول من سواه من المخلوقات انتهى من فتح الباري 13/439 .


فالتخليق صفة فعلية لله تعالى لا تنفك عن ذاته تعالى

أسـامة
2007-10-11, 05:49 PM
يا أخوة يا كرام...
ليعرف كل واحد منكم مذهب السلف... لئن اتبعه لما استخدم مثل هذه المصطلحات أصلاً.
هذه المصطلحات إنما استحدثت بسبب الطرق الكلامية والمسائل الفلسفية.

فهل يصح أن أصف الله بالقديم، بالطبع لا، لأنه يتضمن نقصا، حيث إن القديم قد يراد به الشيء الحادث (حتى عاد كالعرجون القديم)، (إنك لفي ضلالك القديم)... وأصَّل هذه المسائل أئمة أهل السنة كالشنقيطي وابن باز والعثيمين والألباني رحمهم الله... وما هم منكم ببعيد.

لمعرفة الحق من الباطل... لن تستخدم المسائل الكلامية فضلاً عن مصطلحاتها.

كلام الأخ الخلال... هو تمام الرأي الذي أقول به... وأتفق معه تمامًا.

وكلام شيخ الإسلام... قد يفهم منه أكثر من معنى، لذا دخل الفلاسفة من هذا الباب، نظرًا لعلة في كلامه... مختلطة
وهو: هل يعني بـ (الخلق) الصفة التي لله أم (الخلق) الذين هم مخلوقات الله؟

فلا يتخيل أصلاً أن يكون ربًا ولا يملك صفات ربوبيته...
ولكن توهم أيضًا جماعة أخرى، بأنه إذا نفى الأثر بأنه قد وقع في التعطيل.
بمعنى تعطيل الصفة عن العمل... ولئن أعملها لأصبحا كليهما متساو في الوجود.
فأيهما أضَلّ؟

هل يقول أحدكم بالأول أو الثاني؟ نعوذ بالله من الضلال.

أسـامة
2007-10-11, 06:05 PM
أخي الحبيب
أهل السنة يقسمون الصفات إلى:
1- صفات ذاتية.
2- صفات فعلية.
3- صفات ذاتية فعلية.

- كلام الأخ الخلال... هو إثباتها كصفة ذاتية لا تنفك عنه... وأنه قادر على الخلق متى شاء وكيف شاء... فلا يقال تعطيل.

ولكن يتحدث عن الأثر الواقع عن هذه الصفة.
لا يلزم الله به، فإن ألزمه لكان نقصًا لأنه يفعل ما يريده وما لا يريده... وهذا ممتنع عن الله.

إذن الإثبات الذاتي بالنقل... والاثبات الفعلي أيضًا بالنقل...
فإن اتفقنا على هذا... أخرجنا التوهم اللفظي منه ويدخل فيها شبهة التعطيل.

والمبحث هذا فيه مزلات عظيمة... رحمنا الله وإياكم من الضلال.

وكل عام وأنتم بخير...
ويرجى أن نتقي الحديث فيه حتى ننتهي من دراسته جيدًا من كلام أهل السنة، وأيضًا سؤال أهل العلم هنا وهناك... والله الموفق.
وإن وقف أحدكم على قول، فليضعه هنا دون زيادة مملة ولا تقصير مخل.
[وبلا تعليق بجانبه ولا سبعون سطرًا معظمه اقتباس] (ابتسامة)

أحسن الله إليكم... ادعو لي... فإني أحتاج الدعاء.

المقدادي
2007-10-11, 06:18 PM
بارك الله فيك أخي اسامة و عيد مبارك على الجميع و يسر الله أموركم و امورنا و تقبل منا و منكم سائر الأعمال



ولكن يتحدث عن الأثر الواقع عن هذه الصفة.
لا يلزم الله به، فإن ألزمه لكان نقصًا لأنه يفعل ما يريده وما لا يريده... وهذا ممتنع عن الله.


من قال منا ان ذلك يلزم الله تعالى ؟ أرجو ان تتحفني بالموضع من كلامي او كلام غيري



قال العلامة/ عبد الرحمن بن ناصر البراك في سياق جواب له عن هذه المسألة مع مسألة أخرى حول كلام للإمام الدارمي :



" وكأن السائل يُعرض بالإمام ابن تيمية حيث يقول بقدم جنس العالم أو جنس المخلوقات، أو بتسلسل الحوادث، أو بدوام الحوادث بالأزل، وهذه عبارات مؤداها واحد، ومعنى هذا: أن الله لم يزل يخلق ويفعل ما يشاء، فما من مخلوق إلا وقبله مخلوق إلى ما لا نهاية؛ لأن الله لم يزل موجودًا، ولم يزل على كل شيء قدير، ولم يزل فعَّالاً لما يريد، فيقتضي ذلك أن المخلوقات لم تزل أو أقل ما يقال إنه يمكن ذلك، فإنه لا يلزم تسلسل الحوادث؛ لأنه لا يستلزم أن يكون شيء من الموجودات مشاركًا لله في قدمه؛ لأن كل مخلوق حادث بعد أن لم يكن، فهو مسبوق بعدم نفسه، والله تعالى- لم يسبق وجوده عدم، بل هو- سبحانه وتعالى- قديم أزلي، فلا بداية لوجوده، ولا نهاية، ومن أسمائه الأول والآخر، فهو الأول فليس قبله شيء ، والآخر الذي ليس بعده شيء، والذين ينكرون على ابن تيمية هذا القول- وهو ليس قول ابن تيمية وحده، بل قول كل من يؤمن بأن الله لم يزل على كل شيء قديرًا، ولم يزل فعَّالاً لما يريد- فالذين ينكرون هذا القول لم يفهموا حقيقته، ولو فهموا حقيقته لما أنكروه، فالذين ينكرون تسلسل الحوادث في الماضي أو دوامها في الماضي، وأن ذلك ممتنع يلزمهم أن الله كان غير قادر، ثم صار قادرًا، وغير فاعل ثم صار فاعلاً، وهذا يقول به كثير ممن يقول بامتناع حوادث لا أول لها، ومن قال بامتناع دوام الحوادث في الماضي وقال مع ذلك بأن الله لم يزل قادرًا وفاعلاً كان متناقضًا ويلزمه الجمع بين النقيضين.
وبسبب اعتقاد أن دوام الحوادث في الماضي أو المستقبل ينافي أوليته- سبحانه- وآخريته، قيل بامتناع الحوادث في الماضي وفي المستقبل فنتج عن ذلك القول بفناء الجنة والنار، وهذا ما ذهب إليه جهم بن صفوان ومن تبعه، وهذا ضرب من الكفر بما أخبر الله به، ورسوله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء، كما في عبارة الإمام الطحاوي، أما ما سوى الله فكلٌّ مسبوق بعدم نفسه، ومن شاء – سبحانه وتعالى- بقاءه على الدوام، وأنه لا يفنى فهو باقٍ بإبقاء الله وبمشيئته– سبحانه وتعالى- فلا يكون شيء من المخلوقات مشابهًا لله في خصائصه؛ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)[الشورى:11]. "



المجيب العلامة/ عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-



http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=3 3575

زوجة وأم
2007-10-11, 06:19 PM
أخي الفاضل المقدادي
لو توضح لنا ما المقصود بـ "جنس الخلق" في جملتك هذه


فقد ذكرنا ان الله تعالى متصف بالخلق فجنس الخلق واجب عليه


ربما يساعد هذا على حل الإشكال
لأنني اظن بأنني فهمته شيئا غير الذي قصدته أنت والأخ علي
وربما حصل نفس الشيء مع الأخ الخلال والله أعلم

المقدادي
2007-10-11, 06:26 PM
أخي الفاضل المقدادي
لو توضح لنا ما المقصود بـ "جنس الخلق" في جملتك هذه
ربما يساعد هذا على حل الإشكال
لأنني اظن بأنني فهمته شيئا غير الذي قصدته أنت والأخ علي
وربما حصل نفس الشيء مع الأخ الخلال والله أعلم


جنس الخلق أي الصفة التي يتصف بها تعالى فهي أزلية و هو ما يصطلح عليه بعض أهل العلم بقولهم : قديم النوع

زوجة وأم
2007-10-11, 06:33 PM
نعم هذا ما اعتقدته بعد ان قرأت ردك الأخير على الأخ الخلال
وقد كنت قبل ذلك اعتقد انك والأخ علي تقصدون بالخلق في "جنس الخلق" = المخلوقات

أرجو أن تسجل هذا عندك عند توضيح هذه المسألة ومناقشتها مع اي شخص ان تبين لهم ما المقصود بـ "جنس الخلق"
حتى لا يحصل سوء فهم من الطرف الآخر، خاصة من لغتهم العربية فيها ضعف مثلي.

بارك الله فيكم

أسـامة
2007-10-11, 06:34 PM
ببساطة... دون مراجعة لما قرأته ولا اقتباس
أنت تقول بأن لا يتصور وجود خالق بلا خلق... كما لا يتصور وجود عالم بلا علم.
وهذا الذي بيننا وبين المعتزلة وأفراخهم.
هل يُقصد [خلق] (صفة الله) أم (مخلوقات)؟ حتى لا يكون تعطيلا.
أنت قلت: جنس الخلق أي الصفة التي يتصف بها تعالى فهي أزلية، وإن شئت قلت ذاتية لأن الأزل غير محدود عند أصحاب القول به، وتحديده من قبل بعض أهل العلم لا يستند إلى مستند.

والآن... دعنا نقول الخلاصة...

الاسم: الخالق.
الصفة: الخلق (القدرة على الخلق).
الأثر: أن الله يخلق بها.

هل يلزم الله من وجود الأول والثاني وجود الثالث، لما أنه اسم لازم؟

إن ألزمناه... به لزمنا القول بقِدِم العالم... وهذا باطل.
إن قلت لا... فنكون جميعًا متفقون.

المقدادي
2007-10-11, 06:36 PM
و فيكم بورك و المعذرة ان حصل تقصير في التوضيح و ما انا لا ناقل لكلام أهل العلم و فهمهم

المقدادي
2007-10-11, 06:39 PM
والآن... دعنا نقول الخلاصة...

الاسم: الخالق.
الصفة: الخلق (القدرة على الخلق).
الأثر: أن الله يخلق بها.

هل يلزم الله من وجود الأول والثاني وجود الثالث، لما أنه اسم لازم؟

.

يا اخي ليس لازماً و لم نتكلم أصلا في اللزوم بل كلامنا في الإمكان منذ الأزل الذي نقوله نحن و الامتناع الذي يقوله غيرنا

أسـامة
2007-10-11, 07:06 PM
الحمد لله رب العالمين...
الشكر موصول للفاضل / العقيدة.. بهذا السؤال الذي أوضح إشكالية... لأن كلمة (جنس) إنما تستعمل كـ جنس البشر، جنس الحيوان، جنس الخلق... أي: نوعيته... فتحمل على المحمل الثاني لا الأول.
إذن اتضح الإشكال والحمد لله رب العالمين...
بارك الله في الشيوخ الأفاضل / العقيدة، المقدادي، عليّ، الخلال.
حفظكم الله جميعًا

زوجة وأم
2007-10-11, 07:24 PM
جزاكم الله خيرا
ولكن لست شيخا ولا حتى من قريب
بل طالب علم مبتدئ ما زال في بداية طريق طلب العلم
ونسأل الله ان يرزقنا الإخلاص في القول والعمل
والله المستعان

أسـامة
2007-10-11, 07:38 PM
قُلتُ: من تواضع لله رفعه... رفع الله شأنك... وثبتنا وإياكم على الحق.
وكلنا هذا الرجل [طالب علم]... علمنا الله وإياكم العلم النافع، وهدانا إلى العمل الصالح

الخلال
2007-10-11, 09:57 PM
جنس الخلق أي الصفة التي يتصف بها تعالى فهي أزلية و هو ما يصطلح عليه بعض أهل العلم بقولهم : قديم النوع

إذن لا خلاف بيني وبينك .

والأوْلى أخي الفاضل أن تعبر بـ "يجب لله" بدلاً من "يجب عليه" وأظن الفرق واضحاً .


أخي الفاضل أسامة
بارك اللهُ بك على هذا الأسلوب الراقي في الحوار ، ودمتَ برعايته .

نضال مشهود
2007-10-13, 06:11 AM
جنس الخلق أي الصفة التي يتصف بها تعالى فهي أزلية و هو ما يصطلح عليه بعض أهل العلم بقولهم : قديم النوع

لا أخي الفاضل ،
بل يراد بمصطلح "جنس الخلق" : جنس المخلوقات .
وأما القدرة على التخليق أو وقوع التخليق فيعبرون عن ذلك بـ "أصل الصفة" و "الخالقية"

نضال مشهود
2007-10-13, 06:29 AM
والآن... دعنا نقول الخلاصة...

الاسم: الخالق.
الصفة: الخلق (القدرة على الخلق).
الأثر: أن الله يخلق بها.

هل يلزم الله من وجود الأول والثاني وجود الثالث، لما أنه اسم لازم؟

إن ألزمناه... به لزمنا القول بقِدِم العالم... وهذا باطل.
إن قلت لا... فنكون جميعًا متفقون.

شيئ من التصحيح :

الموصوف : الخالق .
الصفة : القدرة على الخلق أزلا وأبدا
الصفة : إرادة الخلق شيئا بعد شيء
الأثر: وجود مخلوق شيئا بعد شيء

ومعلوم أن وجود المخلوق المعين يسبقه حصول الإرادة المعينة له من الخالق .
لكن بما أن الخالق قديم أبدي ، فليس لتسلسل الآثار والمخلوقات بداية ولا نهاية .
وقد يسمى هذا : "قدم حنس المخلوق" . وليس ذلك بباطل أصلا ، بل هو عين الحق - بخلاف قدم مخلوق معين أو مخلوقات معينة .
و"الجنس" من "الكليات" ، فلا يوجد في الخارج إلا معيّنا بطريق البدل - وكل واحد من أعيانه حادث مسبوق بالعدم ومسبوق بالإرادة .

وخلاصة الكلام أن نقول :
إن الله تعالى فعال لما يريد ، وهو الخلاق العليم ، قديم الإحسان ودائم الجود والامتنان ، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له "كن!" فيكون .

وأما وقوع ذلك ، فنحن نعلم بالخبر أن الله قد خلق خلائق فبل السماوات والأرض كالوح والقلم والعرش والماء . وأما ما خلقه الله قبل العرش والماء فلا سبيل للعباد إلى معرفته ، كما لا سبيل لهم إلى معرفة ما خلقه الله تعالى بعد دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار .

أسـامة
2007-10-13, 06:46 AM
شيئ من التصحيح :

لا بأس



الموصوف : الخالق .
الصفة : القدرة على الخلق أزلا وأبدا
الصفة : إرادة الخلق شيئا بعد شيء
الأثر: وجود مخلوق شيئا بعد شيء

رأيت وكأنك تنكر أنه اسمًا فقلت: الموصوف... فهل تقول بأن الاسم لا يثبت عندك؟
جميع الصفات يشترك فيها القدرة والإرادة، إلا إذا كنت تختلف في هذا فلنناقشه سويًا، إن لا، فلما التفصيل؟ يُرجي التوضيح.
ما معنى الأزل؟ هل تقصد بهذا السرمدية؟ أي لا أول له ولا آخر؟
وهل تعني بـ {شيئًا بعد شيء} خلقًا من بعد خلق؟ أم شيء آخر؟ يُرجي التوضيح.



ومعلوم أن وجود المخلوق المعين يسبقه حصول الإرادة المعينة له من الخالق .
لكن بما أن الخالق قديم أبدي ،

ما معنى كلمة قديم؟ وهل كان حادثًا فأصبح قديم؟ أم هذه صفة يونانية؟ وهل تثبتها لله فضلاً عن أن تسميه بها؟


أماالنقطة الأخيرة تحتاج إلى مزيد توضيح:


فليس لتسلسل الآثار والمخلوقات بداية ولا نهاية .
وقد يسمى هذا : "قدم حنس المخلوق" .
لكن هذا "الجنس" لا يوجد في الخارج إلا معيّنا بطريق البدل - وكلها حادث مسبوق بالعدم ومسبوق بالإرادة.

1- قِدَم جنس المخلوق
2- كلها حادث مسبوق بالعدم ومسبوق بالإرادة.
فهل هذا على سبيل الجمع بين المتناقضات؟

نضال مشهود
2007-10-13, 10:44 PM
الأخ أسامة . . . رعاك الله ؛



رأيت وكأنك تنكر أنه اسمًا فقلت: الموصوف... فهل تقول بأن الاسم لا يثبت عندك؟
يعنى أنت ما تراني أنا إلا من أخبث الناس على وجه الأرض ؟
سمى الله تعالى نفسه بذلك الاسم الشريف وأنا أنكره . . . ؟!
يا أخي - سامحك الله - ما عدلت من قولك "الاسم" إلى قولي "الموصوف" إلا لاقتضاء المقام وتناسب السياق . فـ"الصفة" يقابله "الموصوف" كما أن "الاسم" يقابله "المسمى" . فأنا قلت "الموصوف" ثم عرفته باسمه ، وهذا هو المناسب كما أن قلنا بعده "الصفة" ثم ذكرنا اسم الصفة .

جميع الصفات يشترك فيها القدرة والإرادة، إلا إذا كنت تختلف في هذا فلنناقشه سويًا، إن لا، فلما التفصيل؟ يُرجي التوضيح.
ليس كذلك ! بل من صفاته تعالى ما لا تعلق لها بالقدرة أصلا ولا الإرادة ، كالحياة والوجه واليد والعظمة .وإنما تتعلق بهما ما كان من الصفات الفعلية الاختيارية . أظنه واضح .

ما معنى الأزل؟ هل تقصد بهذا السرمدية؟ أي لا أول له ولا آخر؟
معنى "الأزل" معروف . وهو ما لا أول له من الزمان أو ما لا يسبقه العدم . فما الأزل إلا عبارة عن عدم البداية .

وهل تعني بـ {شيئًا بعد شيء} خلقًا من بعد خلق؟ أم شيء آخر؟ يُرجي التوضيح.
يُعنى به ما كان أحادها حادث وجنسه دائم .

ما معنى كلمة قديم؟ وهل كان حادثًا فأصبح قديم؟ أم هذه صفة يونانية؟ وهل تثبتها لله فضلاً عن أن تسميه بها؟
معنى القديم في هذا الموضع معروف ، وهو ما لا يسبقه غيره . فما هذه اللفظة إلا ترجمة اصطلاحية - أو لغوية واصطلاحية - لاسمه تعالى "الأول" - وقد فسره الرسول (ص) بقوله : "فليس قبلك شئء" . فهذا من باب الخبر عنه تعالى لا باب الوصف والمدح والثناء .
وجدير بالذكر أن لكل من القدم والأولية معنى مطلق ومعنى نسبي . فالمطلق كأن قيل : "الخالق قديم بلا ابتداء" وأن قيل : "هو الأول فليس قبله شيء" . وأما النسبي فضد "الجديد" و"المتأخر" ، نحو قوله تعالى : "حتى عاد كالعرجون القديم" وقوله : "قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم" وقوله : "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون" وقوله : "أ فعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد" وقوله : "ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون"



أماالنقطة الأخيرة تحتاج إلى مزيد توضيح:


1- قِدَم جنس المخلوق
2- كلها حادث مسبوق بالعدم ومسبوق بالإرادة.
فهل هذا على سبيل الجمع بين المتناقضات؟
كلا . . . أبدا !! بل هو على سبيل التفريق بين المختلفين وعدم القياس عند وجود الفارق المؤثر .
مفتاحه أن تفهم الفرق بين "الجنس" و "الأعيان" أو بين "النوع" و "الأفراد" ، وعندها تزول عنك الاشتباه بإذن الله تعالى .

زوجة وأم
2007-10-14, 12:51 AM
شيئ من التصحيح :
لكن بما أن الخالق قديم أبدي ، فليس لتسلسل الآثار والمخلوقات بداية ولا نهاية .
وقد يسمى هذا : "قدم حنس المخلوق" . وليس ذلك بباطل أصلا ، بل هو عين الحق - بخلاف قدم مخلوق معين أو مخلوقات معينة .
و"الجنس" من "الكليات" ، فلا يوجد في الخارج إلا معيّنا بطريق البدل - وكل واحد من أعيانه حادث مسبوق بالعدم ومسبوق بالإرادة .


أرجو منك توضيح هذا الجزء أكثر

أسـامة
2007-10-14, 07:29 AM
الله المستعان...
- يُعْدَل عن استخدام الاسم، في حال عدم ثبوت الاسم، ويستخدم بعض أهل العلم كلمة الموصوف لما اقتضه الصفة دون إثبات الاسم.
ولاقتضاء المقام يدخل ضمنًا إثبات الاسم، لأن الحديث مرتبط أيضًا بالأسماء اللازمة في عمومها، وبالأخص على أثر الصفة الفعلية، والتي قد وصفنافي مشاركة سابقة أن جميع الصفات (الفعلية) المرتبطة بالصفات (الذاتية) تدخل تحت المشيئة والقدرة وهذا الواضح أيضًا من سياق الحديث.

ودعك من كل هذا... وليكون التركيز على:
- قولك:
وقد يسمى هذا : "قدم حنس المخلوق" . وليس ذلك بباطل أصلا ، بل هو عين الحق - بخلاف قدم مخلوق معين أو مخلوقات معينة .
لا يتصور أصلاً وجود جنس بلا آحاد له... فماذا تعني بقولك؟ يرجي التوضيح.

- قل لي قال الله قال رسول الله... وأما ما اصطلح عليه أهل الزيغ الذين لا يهندون بقرآن ولا سنة، فلهم مصطلحاتهم، ولا أستصيغ أيّ منهما.
لا يقول لي: قال شيخ الإسلام كذا... شيخ الإسلام له كتبه في العقيدة التي قد أملى فيها عقيدته السلفية الناصعة، كالواسطية مثلاً، لا يستخدم فيها الهذيان اليوناني فيما يعتقده، وإنما استخدم عباراتهم للرد عليهم.

نضال مشهود
2007-10-14, 10:45 AM
أرجو منك توضيح هذا الجزء أكثر
سلام الله عليكم أخي الفاضل (العقيدة) ورحمته وبركاته .
هاكم البيان مختصرا :

لكن بما أن الخالق قديم أبدي ، فليس لتسلسل الآثار والمخلوقات بداية ولا نهاية .
إن الله هو الحي القيوم الخلاق العليم فعال لما يريد .
فمعنى هذا أنه تعالى موصوف بالخالقية وصفا لازما من الأزل إلى الأبد ،
فإذا أراد شيئا من الخلق كوّنه متى شاء وكيف شاء ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمه .
فيمتنع عقلا وشرعا أن يكون هناك وقت معين يكون الرب قبله معطلا عن التخليق - سواء قيل : معطلا عن القدرة على الخلق (وهو قول المعتزلة) ، أو قيل : معطلا عن إرادة الخلق ، أو قيل : معطلا عن فعل التخليق ، أو قيل : معطلا عن صلاحية التخليق صلاحية تنجيزية (وهو قول الأشاعرة) .
كما أنه يمتنع عقلا وشرعا أن يكون هناك وقت معين يكون الرب بعده موقوف عن التخليق - سواء قيل : موقوف عن القدرة على الخلق ، أو قيل : موقوف عن إرادة الخلق ، أو قيل : موقوف عن فعل التخليق .
وأثر هذا التخليق هو وجود المخلوق عقبه من غير تأخير بمدة من الزمان ، بل وجود المخلوق تابع لحصول التخليق مباشرة كحصول الانكسار عقب الكسر والانقطاع عقب القطع . فإنما أمره تعالى إذا أراد شيئا أن يقول له "كن!" فيكون . وهكذا كل مرة من التخليق : أراد الله شيئا ، فكوّنه ، فتوجد ذلك المكوَّن بعد التكوين مباشرة . فكل واحد من المخلوقات مسبوق بإرادة الله له وتكوينه إياه . لكن ليس هناك مخلوق معين هو أول المخلوقات بإطلاق - بحيث لا يكون قبله مخلوق أصلا . فإن هذا القول يستلزم تعطيل الله تعالى عن الخالقيه قبل ذلك الزمن الذي خلق فيه ذلك المخلوق . وهو ممتنع عقلا وشرعا كما سبق . فإن الذي لم يخلق شيئا من الخلق منذ الأزل لا يوصف بالخلاق - فيتعالى الله سبحانه عن وصف الظالمين الذين لا يقدرونه حق قدره علوّا كبيرا .
وهذا معنى قولنا "ليس لتسلسل الحوادث بداية ولا نهاية". أى : ليس لتسلسل وجود المخلوقات وأعراضهم حد من الزمن في الماضي ولا في المستقبل ، لأن تسلسل فعل التخليق من الله تعالى - تخليق بعد تخليق - لا بداية له ولا نهاية ، فيلزم منه تسلسل آثارها التي هي وجود المخلوقات واحدا تلو الآخر منذ الأزل وإلى الأبد . وهو تعالى لم يزل ولا يزال يخلق ما يشاء من المخلوقات متى شاء وكيف شاء وهو على كل شيئ قدير .

وقد يسمى هذا : "قدم حنس المخلوق" . وليس ذلك بباطل أصلا ، بل هو عين الحق - بخلاف قدم مخلوق معين أو مخلوقات معينة .
و"الجنس" من "الكليات" ، فلا يوجد في الخارج إلا معيّنا بطريق البدل - وكل واحد من أعيانه حادث مسبوق بالعدم ومسبوق بالإرادة .
يراد بوجود جنس المخلوق : وجود مخلوق ما من غير تعيين .
فمثلا : قبل أن يخلق الله العرش والماء هناء مخلوق ما هو العماء أو السحاب ، فليس الله إذ ذاك وحيدا لا مخلوق له ، بل هناك خالق ومخلوق وهما الله والعماء ( أو هما : الله والعماء مع الهواء ). وبعد أن يخلق الله الماء والعرش ، يوجد هناك أيضا خالق ومخلوق ، وهما : الله والعرش مع الماء . ثم بعده صار أن يوجد من الموجودات : الله الخالق ، والعرش مع الماء مع اللوح مع القلم المخلوقات . وهكذا ، فما من وقت من الأوقات إلا ويكون هناك مخلوق ما لله تعالى قليل أو كثير ، وكل من هذه المخلوقات مدبر مربوب ، فكل يوم هو في شأن - جل جلاله .

وأما "قدم مخلوق معين أو مخلوقات معينة" فأن يقال مثلا : "العرش قديم مع الله تعالى" ، أو قيل : "العقل الثاني قديم كقدم العقل الأول" ، أو قيل : "الباري قديم مع بعض مخلوقاته من العرش والماء واللوح والقلم" ، أو قيل : "العقول العشرة والنفوس التسع والأفلاك التسعة كلها قديم" ، أو قيل : "المجردات والمفارقات كلها قديم كقدم العلة الأولى" ، أو غير ذلك من القيل والقال الذي يقطع كل عاقل - فضلا عن مسلم - أنه من المعلوم بطلانه بالضرورة والبداهة عقلا ونقلا .

أرجو أن قد اتضح المقصود ، والله الموفق للسداد .

نضال مشهود
2007-10-14, 11:56 AM
الله المستعان...
- يُعْدَل عن استخدام الاسم، في حال عدم ثبوت الاسم، ويستخدم بعض أهل العلم كلمة الموصوف لما اقتضه الصفة دون إثبات الاسم.
ولاقتضاء المقام يدخل ضمنًا إثبات الاسم، لأن الحديث مرتبط أيضًا بالأسماء اللازمة في عمومها، وبالأخص على أثر الصفة الفعلية، والتي قد وصفنافي مشاركة سابقة أن جميع الصفات (الفعلية) المرتبطة بالصفات (الذاتية) تدخل تحت المشيئة والقدرة وهذا الواضح أيضًا من سياق الحديث.

أخي الكريم أسامة . . . أكرمك الله ،
أنصحك أن تتأمل جيدا قبل الرد والاعتراض ، حتى لا تضع الكلام في غير محله ولا ترد شيئا هو ليس مناقضا لما تنصره .
أنا قلت : ( الموصوف : الخالق ) .
فقولي "الموصوف" هو ذكر للذات الإلهية ، وقولي : "الخالق" هو تسمية تلك الذات بأحد أسمائها .
فأين هذا من "إنكار الأسماء" . . . ؟!
ثم إن هذه المباحثة إنما ترتكز في "الصفات" ، فأيهما أنسب ؟ أن نقول : (الاسم : .... ، الصفة : ....) أم نقول : (الموصوف : .... ، الصفة : ... ) ؟
فإن أردت الزيادة والتوسعة ، فليكن هكذا : (المسمى والموصوف : .... ؛ الاسم : .... ، الصفة : ....)
أو هكذا : (المسمى والموصوف والفاعل : .... ؛ الاسم : .... ، الصفة : .... ، الفعل : .... ، المفعول به : .... ) .


ودعك من كل هذا... وليكون التركيز على . . .
عليك أولا أن تدعه مسلّما لصاحبه من غير تعليق قبل أن تأمر بذلك غيرك ، وإلا فقد جنيت - والله المستعان .


لا يتصور أصلاً وجود جنس بلا آحاد له... فماذا تعني بقولك؟ يرجي التوضيح.
أما وجوده في الذهن والعلم ، فقد يتصور الإنسان جنس الشيء من غير تعيين لأفراده .
وأما وجوده في الخارج ، فالجنس لا يوجد في الخارج جنسا ، بل يوجد فردا أو أفرادا . لأن الكلي أو المطلق لا يوجد في الخارج إلا جزئيا أو معينا مشخصا . فليس في الخارج مخلوق مطلق بلا تعيين ، بل فيه مخلوق معين أو مخلوقات معينة . وكل من هذه المخلوقات مسبوقة بأختها في الماضي لا إلى أول . كما أن حدوثها ملحوقة بحدوث أختها لا إلى آخر . فأعيان تلك المخلوقات الحادثة هي التي تسمى "آحادها" ، وسلسلتها الدائمة التي لم تزل ولا تزال هي التي تسمي بـ"قدم جنس المخلوق" .
والفرق بين هذا وهذا قد أوضحته في جوابي للأخ (العقيدة) قبل قليل .

- قل لي قال الله قال رسول الله... وأما ما اصطلح عليه أهل الزيغ الذين لا يهندون بقرآن ولا سنة، فلهم مصطلحاتهم، ولا أستصيغ أيّ منهما.
لا يقول لي: قال شيخ الإسلام كذا... شيخ الإسلام له كتبه في العقيدة التي قد أملى فيها عقيدته السلفية الناصعة، كالواسطية مثلاً، لا يستخدم فيها الهذيان اليوناني فيما يعتقده، وإنما استخدم عباراتهم للرد عليهم.
وكأني بك - يا أخي - أظن بشيخ الإسلام ظن السوء ، بحيث أحسبه رحمه الله لا يفرق بين المعانى المحققة وبين الترهات المزوقة من تلك المباحث المعقدة . وما الذي يفعله شيخ الإسلام إلا التبيين والتوضيح لمعانى الكتاب والسنة ! فتارة يبينها بألفاظ مأثورة عن الرسول (ص) وسلف الأمة رضي الله عنهم ، وتارة يبينها بألفاظ مألوفة معروفة مشهورة عند كثير من الناس وإن لم ينطق بها أحد من أهل القرون الأولى ، وتارة يبينها بمصطلحات الفلاسفة أو المتكلمين لاعتياد هؤلاء لها . فطرق التبيين والتوضيح فيه سعة - بخلاف الإطلاقات الملزمة التي يوالى من أجلها أو يعادى ، فهذا الأخير لا يكون إلا بألفاظ مأثورة من الكتاب والسنة أو ما يقوم مقام ترجمتها من عبارات السلف أو غيرها .
ثم إنك قبل قليل قد استخدمت مصطلح (الوجود) ومصطلح (الجنس) ومصطلح (الآحاد) ومصطلح (اللزوم) ومصطلح (العموم) ومصطلح (الخصوص) ومصطلح (الفعلية) ومصطلح (الذاتية) وغيرها من المصطلحات التي لم نجد في ألفاظ الكتاب والسنة نطقا بها . فهل هذا من باب (الكيل بالمكيالين) أم (التحدث باللسانين) ؟ نسأل الله العافية !

أخي الكريم :
قال الله تعالي : ( لا إلله إلا هو الحي القيوم ، لا تأخذه سنة ولا نوم )
وقال : ( إن ربك فعال لما يريد )
وقال : ( إن ربك هو الخلاق العليم )
وقال : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )
وقال : ( أفمن يخلق كمن لا يخلق ، أفلا تذكرون ؟ )
وقد قال الإمام البخاري في صحيحه :
باب قول الله : كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ، مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ، وقوله : لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا . وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين لقوله : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ . وذكر عنده حديث ابن مسعود ررر : عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة .
ففيه تنبيه على ما سبق .

أفلم يكن هذا القدر من النصوص يكفنا . . . ؟
فما الذي جعلنا نخصص اتصاف الله تعالى بهذه الصفات الكمالية وقتا دون وقت ، أو دهرا دون ما قبله وبعده . . . ؟

أسـامة
2007-10-14, 12:29 PM
مهلاً... مهلاً...
إنها ليست مبارزة
العموم والخصوص وما قد استخدمته من ألفاظ لا تخرج من أقوال السلف، وكأنما تجده في الرسالة مثلاً للشافعي رحمه الله.
والبيان بين أهل السنة يختلف مع غيرهم، لذا قلت لك، لا يحسن بنا أن نستخدم لسانهم، ولا أن نطعم الأقوال بشيء من القرآن أو السنة... ولكن بيان ما في فيهما.
والفرق بينهما واضح جليّ.
ـــــــــــــــ ــ
والآن أجمع لك بعضًا من أقوالك:


وقد يسمى هذا : "قدم حنس المخلوق" . وليس ذلك بباطل أصلا ، بل هو عين الحق - بخلاف قدم مخلوق معين أو مخلوقات معينة .


و"الجنس" من "الكليات" ، فلا يوجد في الخارج إلا معيّنا بطريق البدل - وكل واحد من أعيانه حادث مسبوق بالعدم ومسبوق بالإرادة .



الفرق بين "الجنس" و "الأعيان" أو بين "النوع" و "الأفراد"


يراد بوجود جنس المخلوق : وجود مخلوق ما من غير تعيين .


فمثلا : قبل أن يخلق الله العرش والماء هناء مخلوق ما هو العماء أو السحاب ، فليس الله إذ ذاك وحيدا لا مخلوق له ، بل هناك خالق ومخلوق وهما الله والعماء ( أو هما : الله والعماء مع الهواء ). وبعد أن يخلق الله الماء والعرش ، يوجد هناك أيضا خالق ومخلوق


فما من وقت من الأوقات إلا ويكون هناك مخلوق ما لله تعالى قليل أو كثير


أما وجوده في الذهن والعلم ، فقد يتصور الإنسان جنس الشيء من غير تعيين لأفراده .
وأما وجوده في الخارج ، فالجنس لا يوجد فيه جنسا ، بل يوجد فردا أو أفرادا .

تمعن في هذه الأقوال.
والله الموفق.

نضال مشهود
2007-10-14, 12:54 PM
أين النقد المفصل ؟ لم نر من المشاركة الأخيرة إلا (المبارزة) .

أسـامة
2007-10-14, 01:20 PM
الله المستعان...
بمجرد تجريد بعض الأقوال.. تصفها بالمبارزة؟ إن كان كهذا... فهو في دين الله له مسمى آخر
اسمه: المراء، والمراء في الجدال على سبيل المغالبة.
وهذا ما كان إلا عرضًا له... ولن أتبعه بشيء... فما قلت إلا: تمعن... واقبل أو ارفض ما فيه.
سلمنا الله جميعًا.

زوجة وأم
2007-10-14, 09:30 PM
لكن ليس هناك مخلوق معين هو أول المخلوقات بإطلاق - بحيث لا يكون قبله مخلوق أصلا
هل معنى كلامك أن هناك مخلوقات أزلية؟ موجودة مع الله عز وجل منذ الأزل؟

نضال مشهود
2007-10-15, 12:20 AM
هل معنى كلامك أن هناك مخلوقات أزلية؟ موجودة مع الله عز وجل منذ الأزل؟

لا يا أخي . . . ليس في كلامي شيئا من ذلك أصلا .
كل مخلوق حادث (وجوده مسبوق بعدمه) - فإن القديم لا يسمى مخلوقا ،
لكن سلسلة التخليق - سلسلة الأفعال التكوينية - من الله تعالى دائمة منذ الأزل إلى الأبد ،
وذلك بحصول إرادات له تعالى واحدة بعد أخرى لتكوين ما اقتضته تلك الإرادات من المخلوقات .
فينتج هذا : دوام سلسلة حدوث المخلوقات واحدا تلو الآخر منذ الأزل إلى الأبد .
و "الأزل" ليس نقطة زمنية معينة ، وإنما هو عبارة عن (عدم البداية) - كما أن "الأبد" عبارة عن عدم النهاية .
فهذا المعنى هو المعبر عنه بقولنا : حوادث لا أول لجنسها .

فمثلا : الآن يريد الله تعالى خلق الأرض ، فتوجد الأرض بأمره ،
وقبل ذلك أراد الله خلق السماء ، فيوجد السماء بأمره ،
وقبل ذلك أراد الله خلق الدخان ، فيوجد الدخان عندئذ بأمره ،
وقبل ذلك خلق الله اللوح والقلم ، وقبلهما خلق العرش والماء ، وقبلهما خلق العماء والهواء ،
وهكذا لا إلى أول . فالله قبل أن يخلق العماء والهواء قد خلق من مخلوقاته ما يشاء متى شاء وكيف شاء .
ولا بداية لهذه السلسلة في الماضي ، كما أنه لا نهاية لها في المستقيل .

ولتوضيح أكثر تلاحظ هذه الصورة :

الماضي <----- أ -- ب -- ج -- د -- هـ -- و -- ز -----> المستقبل

أ ب ج د هـ و ز : هي مخلوقات معينة حادثة الوجود في أزمان معينة .
فأنت ترى أن كل حادث في هذا الخط الزمني مسبوق بحادث قبله لا إلى بداية ،
كما أنه ملحوق بحادث بعده لا إلى نهاية .

فقبل (د) وُجِدت (ج)
وقبل (ج) وجدت (ب)
وقبل (ي) وجدت (أ)
وقبل (أ) وجدت غيرها . . . وهكذا إلى الأزل ( أي لا إلى البداية)

وبعد حدوث (د) تحدث (هـ)
ثم تحدث (و)
ثم تحدث (ز)
وهكذا متسلسلا إلى الأبد (أي متسلسلا إلى ما لا نهاية له) .

والله أعلى وأعلم .

نضال مشهود
2007-10-15, 12:53 AM
الله المستعان...
بمجرد تجريد بعض الأقوال.. تصفها بالمبارزة؟ إن كان كهذا... فهو في دين الله له مسمى آخر
اسمه: المراء، والمراء في الجدال على سبيل المغالبة.
وهذا ما كان إلا عرضًا له... ولن أتبعه بشيء... فما قلت إلا: تمعن... واقبل أو ارفض ما فيه.
سلمنا الله جميعًا.
نعم . سلمك الله وإيانا من المراء والخوض بالباطل أو القول عن جهل أو الانتساب الساذج إلى أهل الفضائل .
ونعوذ به تعالى من علم بلا تحقيق ، ونظر بلا توثيق ، وقلب بلا تصديق ، وعمل بغير إخلاص ولا توفيق .

أسـامة
2007-10-15, 01:39 AM
سؤال: هل فعل التخليق اختياري تابع للمشيئة؟

نضال مشهود
2007-10-15, 03:02 AM
سؤال: هل فعل التخليق اختياري تابع للمشيئة؟
كل فعل من أفعاله تعالى تابع لمشيئته . فهو سبحانه فعال لما يريد كما مرّ مرارًا .

زوجة وأم
2007-10-15, 08:40 AM
ولكنك ترفض القول بأن هناك مخلوق هو أول المخلوقات !
ما دليلك على ذلك شرعا؟
وأفهم أنك تقول بأن ذلك ممتنع عقلا لهذا السبب الذي ذكرته انت في ردودك السابقة:

فيمتنع عقلا وشرعا أن يكون هناك وقت معين يكون الرب قبله معطلا عن التخليق - سواء قيل : معطلا عن القدرة على الخلق (وهو قول المعتزلة) ، أو قيل : معطلا عن إرادة الخلق ، أو قيل : معطلا عن فعل التخليق ، أو قيل : معطلا عن صلاحية التخليق صلاحية تنجيزية (وهو قول الأشاعرة) .
نحن لا نقول بأن الله عز وجل كان معطلا عن التخليق، ولكننا نقول بأنه يفعل ما يشاء متى شاء ولا يجب عليه ان يخلق منذ الأزل حتى يكون خالقا ولكنه يخلق متى شاء ولا يتعطل عن التخليق والقدرة على ذلك منذ الأزل ولكنه يخلق متى شاء
وأنت لا تدري أنه شاء أن يخلق منذ الأزل في كل لحظة، ولهذا نقول بجواز ذلك لكن لا نقول بوجوبه لأن الله يخلق بمشيئه، ونحن لا علم لنا بمشيئة الله عز وجل (إذا شاء ان يخلق منذ الأزل ام لا)
لكنه بدون شك شاء ان يخلق المخلوقات فهو خلق العرش والقلم والعالم والجنة والنار ..الخ
وهذه كلها تكفي لإثبات أن الله عز وجل خالق وأنه قادر على الخلق متى شاء، ولا يلزم أن يخلق منذ الأزل حتى لا تتعطل صفة الخالقية فهي مرتبطة بمشيئته ... يعني هذا لا يمتنع في عقلي
فما دليلك على قولك من الشرع؟



لكن ليس هناك مخلوق معين هو أول المخلوقات بإطلاق - بحيث لا يكون قبله مخلوق أصلا . فإن هذا القول يستلزم تعطيل الله تعالى عن الخالقيه قبل ذلك الزمن الذي خلق فيه ذلك المخلوق . وهو ممتنع عقلا وشرعا كما سبق .
الدليل على ذلك شرعا؟
أن هذا الإعتقاد (أن هناك مخلوق هو أول المخلوقات وأنه لا يسبقه إلا الله عز وجل فلا يسبقه مخلوق قبله) يستلزم تعطيل الله عز وجل عن الخالقية قبل ذلك الزمن؟
فكلامك هذا يستلزم وجوب ذلك على الله في فهمي
الوجوب ينافي المشيئة


فإن الذي لم يخلق شيئا من الخلق منذ الأزل لا يوصف بالخلاق - فيتعالى الله سبحانه عن وصف الظالمين الذين لا يقدرونه حق قدره علوّا كبيرا .

لغتي العربية فيها ضعف
ولكنني أفهم أن معنى "الخلاق": الذي يكثر من فعل الخلق صح؟
ام أن فهمي لها خطأ؟



فمثلا : قبل أن يخلق الله العرش والماء هناء مخلوق ما هو العماء أو السحاب ، فليس الله إذ ذاك وحيدا لا مخلوق له ، بل هناك خالق ومخلوق وهما الله والعماء ( أو هما : الله والعماء مع الهواء ). وبعد أن يخلق الله الماء والعرش ، يوجد هناك أيضا خالق ومخلوق ، وهما : الله والعرش مع الماء . ثم بعده صار أن يوجد من الموجودات : الله الخالق ، والعرش مع الماء مع اللوح مع القلم المخلوقات . وهكذا ، فما من وقت من الأوقات إلا ويكون هناك مخلوق ما لله تعالى قليل أو كثير ، وكل من هذه المخلوقات مدبر مربوب ، فكل يوم هو في شأن - جل جلاله .


يعني أفهم من كلامك هذا أنه منذ الأزل كان مع الله مخلوقات؟
لم تكن هناك اي لحظة كان فيها الله وحده وليس معه شيء؟
إذا كان كذلك فما هو دليلك شرعا؟

ومن من السلف أو علماء أهل السنة قالوا بكلامك هذا؟ (عدم وجود مخلوق هو أول المخلوقات لا يسبقه إلا الله عز وجل ... الخ)

أسـامة
2007-10-15, 03:12 PM
جزاكم الله خيرًا أيها الفضلاء...
هناك عمدة في هذا الموضوع... وهو كلام لشيخ الإسلام، وهو أيضًا متناسب مع السؤال الأخير الذي قد سألته... وأيضًا مع ما قد خَطَّه الشيخ / العقيدة - جزاه الله خيرًا.
رجاء من الأخوة الفضلاء أن يقرأ كل واحد كلام شيخ الإسلام بشكل جيد، لأن هناك مسائل سوف تُطْرح، فيجب تصور هذا الكلام بشكل جيد.
بارك الله فيكم.
لأن ما سيأتي بعده، هو العمق لهذه المسائل بعد تصورها. والله المستعان.
كذلك متابعة أقوال الشيوخ الفضلاء... في المشاركات السابقة.
الشيخ /عليّ، المقدادي، العقيدة، الخلال، نضال.
والحمد لله الذي جمعنا على العقيدة السلفية وجعلنا أخوة في دينه، فنسأل الله أن يبارك لنا في أوقاتنا التي نتدارس فيها عقيدتنا، وأن يهدينا إلى الحق.

أسـامة
2007-10-15, 03:14 PM
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام

أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحرَّاني ثم الدمشقي

الحديث – كتاب الحديث

رسالة في شرح حديث عمران بن حصين – رضي الله عنه

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينهُ وَنَسْتَغْفِرُه ُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.



فَصْلٌ

فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
{ يَا بَنِي تَمِيمٍ اقْبَلُوا الْبُشْرَى
قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتنَا فَأَعْطِنَا
فَأَقْبَلَ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْيَمَنِ اقْبَلُوا الْبُشْرَى؛ إذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ
فَقَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالُوا: جِئْنَاك لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَك عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ
فَقَالَ: كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَفِي لَفْظٍ مَعَهُ وَفِي لَفْظٍ غَيْرُهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ }
وَفِي لَفْظٍ: { ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ } ثُمَّ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: أَدْرِكْ نَاقَتَك فَذَهَبْت فَإِذَا السَّرَابُ يَنْقَطِعُ دُونَهَا فَوَاَللَّهِ لَوَدِدْت إنِّي تَرَكْتهَا وَلَمْ أَقُمْ.
قَوْلُهُ: { كَتَبَ فِي الذِّكْرِ } يَعْنِي: اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ كَمَا قَالَ: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ } أَيْ: مِنْ بَعْد اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ يُسَمَّى مَا يُكْتَبُ فِي الذِّكْرِ ذِكْرًا كَمَا يُسَمَّى مَا يُكْتَبُ فِيهِ كِتَابًا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: { إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } { فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ }.
وَالنَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّ مَقْصُودَ الْحَدِيثِ إخْبَارُهُ بِأَنَّ اللَّهَ كَانَ مَوْجُودًا وَحْدَهُ ثُمَّ إنَّهُ ابْتَدَأَ إحْدَاثَ جَمِيعِ الْحَوَادِثِ وَإِخْبَارُهُ بِأَنَّ الْحَوَادِثَ لَهَا ابْتِدَاءٌ بِجِنْسِهَا وَأَعْيَانِهَا مَسْبُوقَةٌ بِالْعَدَمِ وَإِنَّ جِنْسَ الزَّمَانِ حَادِثٌ لَا فِي زَمَانٍ وَجِنْسِ الْحَرَكَاتِ والمتحركات حَادِثٌ وَإِنَّ اللَّهَ صَارَ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ الْأَزَلِ إلَى حِينِ ابْتَدَأَ الْفِعْلَ؛ وَلَا كَانَ الْفِعْلُ مُمْكِنًا.
ثُمَّ هَؤُلَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: وَكَذَلِكَ صَارَ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءِ بَلْ وَلَا كَانَ الْكَلَامُ مُمْكِنًا لَهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْكَلَامُ أَمْرٌ يُوصَفُ بِهِ بِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ لَازِمٌ لِذَاتِهِ بِدُونِ قُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ.
ثُمَّ هَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ الْمَقْرُوءِ عَبَّرَ عَنْهُ بِكُلِّ مِنْ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقَانِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ هُوَ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ لَازِمَةٌ لِذَاتِهِ لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ وَكُلُّ أَلْفَاظِ الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ: إنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الرَّسُولِ هَذَا؛ بَلْ إنَّ الْحَدِيثَ يُنَاقِضُ هَذَا وَلَكِنَّ مُرَادَهُ إخْبَارُهُ عَنْ خَلْقِ هَذَا الْعَالَمِ الْمَشْهُودِ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ كَمَا أَخْبَرَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَقَالَ تَعَالَى: { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: { قَدَّرَاللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ }
فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ تَقْدِيرَ خَلْقِ هَذَا الْعَالَمِ الْمَخْلُوقِ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ حِينَئِذٍ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ.
كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ؛ عَنْ عِمْرَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَمِنْ هَذَا: الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو داود والترمذي وَغَيْرُهُمَا عَنْ عبادة بْنِ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
{ أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ: اُكْتُبْ قَالَ: وَمَا أَكْتُبُ. قَالَ: مَا هُوَ كَائِنٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ }
فَهَذَا الْقَلَمُ خَلَقَهُ لِمَا أَمَرَهُ بِالتَّقْدِيرِ الْمَكْتُوبِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ مَخْلُوقًا قَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا خُلِقَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ وَخَلَقَهُ بَعْدَ الْعَرْشِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ كَمَا ذَكَرْت أَقْوَالَ السَّلَفِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا: بَيَانُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ الْكِتَاب وَالسُّنَّةِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي وُجُوهٌ:

أَحَدُهَا
أَنَّ قَوْلَ أَهْلِ الْيَمَنِ: { جِئْنَاك لِنَسْأَلَك عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ }
إمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ الْمُشَارُ إلَيْهِ هَذَا الْعَالَمُ أَوْ جِنْسُ الْمَخْلُوقَاتِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُوَ الْأَوَّلَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَابَهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ عَنْ أَوَّلِ خَلْقِهِ هَذَا الْعَالَمِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَجَابَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَوَّلَ الْخَلْقِ مُطْلَقًا؛ بَلْ قَالَ: { كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ }
فَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَمْ يَذْكُرْ خَلْقَ الْعَرْشِ مَعَ أَنَّ الْعَرْشَ مَخْلُوقٌ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَقُولُ: " وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ " وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ: الْعَرْشُ وَغَيْرُهُ وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ: الْعَرْشُ وَغَيْرُهُ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ قَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَلْقِ الْعَرْشِ.
وَأَمَّا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ فَلَمْ يُخْبِرْ بِخَلْقِهِ؛ بَلْ أَخْبَرَ بِخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَعُلِمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَوَّلِ خَلْقِ هَذَا الْعَالَمِ لَا بِأَوَّلِ الْخَلْقِ مُطْلَقًا.
وَإِذَا كَانَ إنَّمَا أَجَابَهُمْ بِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُمْ إنَّمَا سَأَلُوهُ عَنْ هَذَا لَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْ أَوَّلِ الْخَلْقِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَجَابَهُمْ عَمَّا لَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْهُ وَلَمْ يُجِبْهُمْ عَمَّا سَأَلُوا عَنْهُ بَلْ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ لَفْظَهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا؛ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَكَرَهُ أَوَّلَ الْخَلْقِ وَإِخْبَارِهِ بِخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بَعْدَ أَنْ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ يَقْصِدُ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ تَرْتِيبِ بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى بَعْضٍ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْ مُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ وَإِنَّمَا سَأَلُوهُ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ فَعُلِمَ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْ مَبْدَأِ خَلْقِ هَذَا الْعَالَمِ فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ كَمَا نَطَقَ فِي أَوَّلِهَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ { خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ }.
وَبَعْضُهُمْ يَشْرَحُهَا فِي الْبَدْءِ أَوْ فِي الِابْتِدَاءِ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ فِيهَا الْإِخْبَارَ بِابْتِدَاءِ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَنَّهُ كَانَ الْمَاءُ غَامِرًا لِلْأَرْضِ وَكَانَتْ الرِّيحُ تَهُبُّ عَلَى الْمَاءِ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ هَذَا مَاءً وَهَوَاءً وَتُرَابًا وَأَخْبَرَ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: { ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }
وَقَدْ جَاءَتْ الْآثَارُ عَنْ السَّلَفِ بِأَنَّ السَّمَاءَ خُلِقَتْ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ وَهُوَ الدُّخَانُ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَابَهُمْ عَمَّا سَأَلُوهُ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا ابْتِدَاءَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ: { جِئْنَا لِنَسْأَلَك عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ } " كَانَ مُرَادُهُمْ خَلْقَ هَذَا الْعَالَمِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي:
أَنَّ قَوْلَهُمْ: " هَذَا الْأَمْرِ "
إشَارَةٌ إلَى حَاضِرٍ مَوْجُودٍ وَالْأَمْرُ يُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَفْعُولُ بِهِ وَهُوَ الْمَأْمُورُ الَّذِي كَوَّنَهُ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَهَذَا مُرَادُهُمْ فَإِنَّ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: كُنْ لَيْسَ مَشْهُودًا مُشَارًا إلَيْهِ بَلْ الْمَشْهُودُ الْمُشَارُ إلَيْهِ هَذَا الْمَأْمُورُ بِهِ
قَالَ تَعَالَى: { وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا }
وَقَالَ تَعَالَى: { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ } وَنَظَائِرُهُ مُتَعَدِّدَةٌ.
وَلَوْ سَأَلُوهُ عَنْ أَوَّلِ الْخَلْقِ مُطْلَقًا لَمْ يُشِيرُوا إلَيْهِ بِهَذَا؛ فَإِنَّ ذَاكَ لَمْ يَشْهَدُوهُ.
فَلَا يُشِيرُونَ إلَيْهِ بِهَذَا بَلْ لَمْ يَعْلَمُوهُ أَيْضًا؛ فَإِنَّ ذَاكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِخَبَرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخْبِرْهُمْ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ قَدْ أَخْبَرَهُمْ بِهِ لَمَا سَأَلُوهُ عَنْهُ فَعُلِمَ أَنَّ سُؤَالَهُمْ كَانَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْعَالَمِ الْمَشْهُودِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ:
أَنَّهُ قَالَ: { كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ } وَقَدْ رُوِيَ: " مَعَهُ " وَرُوِيَ: " غَيْرُهُ " وَالْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ فِي الْبُخَارِيِّ وَالْمَجْلِسُ كَانَ وَاحِدًا وَسُؤَالُهُمْ وَجَوَابُهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَعِمْرَانُ الَّذِي رَوَى الْحَدِيثَ لَمْ يَقُمْ مِنْهُ حِينَ انْقَضَى الْمَجْلِسُ؛ بَلْ قَامَ لَمَّا أُخْبِرَ بِذَهَابِ رَاحِلَتِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمَجْلِسِ وَهُوَ الْمُخْبِرُ بِلَفْظِ الرَّسُولِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَالَ أَحَدُ الْأَلْفَاظِ وَالْآخَرَانِ رَوَيَا بِالْمَعْنَى.
وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي ثَبَتَ عَنْهُ لَفْظُ " الْقَبْلِ "؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: { أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَك شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَك شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَك شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَك شَيْءٌ } وَهَذَا مُوَافِقٌ وَمُفَسِّرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ }.
وَإِذَا ثَبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَفْظُ [ الْقَبْلِ ] فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ وَاللَّفْظَانِ الْآخَرَانِ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَبَدًا وَكَانَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ إنَّمَا يَرْوُونَهُ بِلَفْظِ الْقَبْلِ: { كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ } مِثْلُ الحميدي والبغوي وَابْنُ الْأَثِيرِ وَغَيْرُهُمْ.
وَإِذَا كَانَ إنَّمَا قَالَ: { كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ } لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا اللَّفْظِ تَعَرُّضٌ لِابْتِدَاءِ الْحَوَادِثِ وَلَا لِأَوَّلِ مَخْلُوقٍ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ:
أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: { كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ غَيْرُهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ } فَأَخْبَرَ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِلَفْظِ الْوَاوِ لَمْ يَذْكُرْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ثُمَّ وَإِنَّمَا جَاءَ ثُمَّ فِي قَوْلِهِ؛ " خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ".
وَبَعْضُ الرُّوَاةِ ذَكَرَ فِيهِ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِثُمَّ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَهَا بِالْوَاوِ.
فَأَمَّا الْجُمَلُ الثَّلَاثُ الْمُتَقَدِّمَة ُ فَالرُّوَاةُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَهَا بِلَفْظِ الْوَاوِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ لَفْظَ الْوَاوِ لَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فَلَا يُفِيدُ الْإِخْبَارَ بِتَقْدِيمِ بَعْضِ ذَلِكَ عَلَى بَعْضٍ وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ التَّرْتِيبَ مَقْصُودٌ إمَّا مِنْ تَرْتِيبِ الذِّكْرِ لِكَوْنِهِ قَدَّمَ بَعْضَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضٍ وَإِمَّا مِنْ الْوَاوِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ فَإِنَّمَا فِيهِ تَقْدِيمُ كَوْنِهِ عَلَى كَوْنِ الْعَرْشِ عَلَى الْمَاءِ وَتَقْدِيمُ كَوْنِ الْعَرْشِ عَلَى الْمَاءِ عَلَى كِتَابَتِهِ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ وَتَقْدِيمُ كِتَابَتِهِ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ عَلَى تَقْدِيمِ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَيْسَ فِي هَذَا ذِكْرُ أَوَّلِ الْمَخْلُوقَاتِ مُطْلَقًا بَلْ وَلَا فِيهِ الْإِخْبَارُ بِخَلْقِ الْعَرْشِ وَالْمَاءِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كُلَّهُ مَخْلُوقًا كَمَا أَخْبَرَ بِهِ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ لَكِنْ فِي جَوَابِ أَهْلِ الْيَمَنِ إنَّمَا كَانَ مَقْصُودُهُ إخْبَارَهُ إيَّاهُمْ عَنْ بَدْءِ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَهِيَ الْمَخْلُوقَاتُ الَّتِي خُلِقَتْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ لَا بِابْتِدَاءِ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ
أَنَّهُ ذَكَرَ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهَا وَوُجُودِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِابْتِدَاءِ خَلْقِهَا وَذَكَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى خَلْقِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ قَوْلُهُ: " وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ " أَوْ " ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ " فَعَلَى التَّقْدِيرَيْن ِ أَخْبَرَ بِخَلْقِ ذَلِكَ وَكُلُّ مَخْلُوقٍ مُحْدَثٌ كَائِنٌ بَعْدَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ كَانَ قَدْ خُلِقَ مِنْ مَادَّةٍ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
{ خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورٍ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخَلَقَ آدَمَ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ }.
فَإِنْ كَانَ لَفْظُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ثُمَّ خَلَقَ " فَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ عَرْشِهِ عَلَى الْمَاءِ وَمِنْ كِتَابَتِهِ فِي الذِّكْرِ وَهَذَا اللَّفْظُ أَوْلَى بِلَفْظِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَمَامِ الْبَيَانِ وَحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِلَفْظَةِ التَّرْتِيبِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ الْوَاوَ فَقَدْ دَلَّ سِيَاقُ الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ مَقْصُودَهُ إنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ وَكَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ سَائِرُ النُّصُوصِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ عُلِمَ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُ.
الْإِخْبَارَ بِخَلْقِ الْعَرْشِ وَلَا الْمَاءِ؛ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَقْصِدَ إنَّ خَلْقَ ذَلِكَ كَانَ مُقَارِنًا لِخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى خَلْقِ ذَلِكَ إلَّا مُقَارَنَةَ خَلْقِهِ لِخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ - وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ - عَلِمَ أَنَّ مَقْصُودَهُ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حِينَ كَانَ الْعَرْشُ عَلَى الْمَاءِ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْعَرْشُ كَانَ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حَيْثُ قَالَ:
{ قَدَّرَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ }
فَأَخْبَرَ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ السَّابِقَ لِخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حِينَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ.

الْوَجْهُ السَّادِسُ
إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ:
{ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ شَيْءٌ }؛ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ: " وَلَا شَيْءَ مَعَهُ "؛ أَوْ غَيْرُهُ".
فَإِنْ كَانَ إنَّمَا قَالَ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِوُجُودِهِ تَعَالَى قَبْلَ جَمِيعِ الْحَوَادِثِ.
وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثَ فَقَوْلُهُ:
{ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مَعَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ }:
إمَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ حِينَ كَانَ لَا شَيْءَ مَعَهُ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ؛ أَوْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ.
فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ كَانَ مَعْنَاهُ " لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ " مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَهُوَ هَذَا الْعَالَمُ وَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ اللَّهُ قَبْلَ هَذَا الْعَالَمِ الْمَشْهُودِ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ؛ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ كَانَ لَا شَيْءَ مَعَهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَلَيْسَ فِي هَذَا إخْبَارٌ بِأَوَّلِ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ مُطْلَقًا بَلْ وَلَا فِيهِ إخْبَارُهُ بِخَلْقِ الْعَرْشِ وَالْمَاءِ بَلْ إنَّمَا فِيهِ إخْبَارُهُ بِخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّ كَوْنَ عَرْشِهِ عَلَى الْمَاءِ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ ذَكَرَهُ بِحَرْفِ الْوَاوِ وَالْوَاوِ لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ وَالتَّشْرِيكِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.
وَإِذَا كَانَ لَمْ يُبَيِّنْ الْحَدِيثَ أَوَّلَ الْمَخْلُوقَاتِ وَلَا ذَكَرَ مَتَى كَانَ خَلْقُ الْعَرْشِ الَّذِي أَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْمَاءِ مَقْرُونًا بِقَوْلِهِ: { كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ }
دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْصِدْ الْإِخْبَارَ بِوُجُودِ اللَّهِ وَحْدَهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَبِابْتِدَاءِ الْمَخْلُوقَاتِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ إذَا لَمْ يَكُنْ لَفْظُهُ دَالًّا عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَصَدَ الْإِخْبَارَ بِابْتِدَاءِ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ.

الْوَجْهُ السَّابِعُ
أَنْ يُقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْزِمَ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بِدَلِيلِ يَدُلُّ عَلَى مُرَادِهِ فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُ هَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُجْزِ الْجَزْمَ بِأَحَدِهِمَا إلَّا بِدَلِيلِ فَيَكُونُ إذَا كَانَ الرَّاجِحُ هُوَ أَحَدُهُمَا فَمَنْ جَزَمَ بِأَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْآخَرَ فَهُوَ مُخْطِئٌ.

الْوَجْهُ الثَّامِنُ:
أَنْ يُقَالَ: هَذَا الْمَطْلُوبُ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ أَجَلَّ مِنْ أَنْ يُحْتَجَّ عَلَيْهِ بِلَفْظِ مُحْتَمَلٍ فِي خَبَرٍ لَمْ يَرْوِهِ إلَّا وَاحِدٌ وَلَكَانَ ذِكْرُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ؛ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ؛ لِمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ الِاشْتِبَاهِ وَالنِّزَاعِ وَاخْتِلَافِ النَّاسِ.
فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي السُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ؛ لَمْ يَجُزْ إثْبَاتُهُ بِمَا يَظُنُّ أَنَّهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ بِسِيَاقِهِ وَإِنَّمَا سَمِعُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
{ كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ }
فَظَنُّوهُ لَفْظًا ثَابِتًا مَعَ تَجَرُّدِهِ عَنْ سَائِرِ الْكَلَامِ الصَّادِرِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَظَنُّوا مَعْنَاهُ الْإِخْبَارَ بِتَقَدُّمِهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَبَنَوْا عَلَى هَذَيْنِ الظَّنَّيْنِ نِسْبَةَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْمُقَدِّمَتَي ْنِ عِلْمٌ بَلْ وَلَا ظَنٌّ يَسْتَنِدُ إلَى أَمَارَةٍ.
وَهَبْ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْزِمُوا بِأَنَّ مُرَادَهُ الْمَعْنَى الْآخَرُ فَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يُوجِبُ الْجَزْمَ بِهَذَا الْمَعْنَى وَجَاءَ بَيْنَهُمْ الشَّكُّ وَهُمْ يَنْسُبُونَ إلَى الرَّسُولِ مَا لَا عِلْمَ عِنْدَهُمْ بِأَنَّهُ قَالَهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } وَقَالَ تَعَالَى: { قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }. وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَجُوزُ.

الْوَجْهُ الْعَاشِرُ
أَنَّهُ قَدْ زَادَ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ: " وَهُوَ الْآنَ عَلَى مَا عَلَيْهِ كَانَ " وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ إنَّمَا زَادَهَا بَعْضُ النَّاسِ مِنْ عِنْدِهِ وَلَيْسَتْ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ.
ثُمَّ إنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَتَأَوَّلُهَا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ الْآنَ مَوْجُودٌ بَلْ وُجُودُهُ عَيْنُ وُجُودِ الْمَخْلُوقَاتِ كَمَا يَقُولُهُ أَهْلُ وَحْدَةِ الْوُجُودِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: عَيْنُ وُجُودِ الْخَالِقِ هُوَ عَيْنُ وُجُودِ الْمَخْلُوقِ. كَمَا يَقُولُهُ ابْنُ عَرَبِيٍّ؛ وَابْنُ سَبْعِينَ؛ والقونوي؛ والتلمساني؛ وَابْنُ الْفَارِضِ؛ وَنَحْوُهُمْ.
وَهَذَا الْقَوْلُ مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ شَرْعًا وَعَقْلًا أَنَّهُ بَاطِلٌ.

الْوَجْهُ الْحَادِي عَشَرَ
أَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَجْعَلُونَ هَذَا عُمْدَتَهُمْ مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ: أَنَّ الْحَوَادِثَ لَهَا ابْتِدَاءٌ وَأَنَّ جِنْسَ الْحَوَادِثِ مَسْبُوقٌ بِالْعَدَمِ إذْ لَمْ يَجِدُوا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَنْطِقُ بِهِ؛ مَعَ أَنَّهُمْ يَحْكُونَ هَذَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا فِي كُتُبِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُبْتَدَعِ فِي الْإِسْلَامِ الَّذِي ذَمَّهُ السَّلَفُ؛ وَخَالَفُوا بِهِ الشَّرْعَ وَالْعَقْلَ.
وَبَعْضُهُمْ يَحْكِيهِ إجْمَاعًا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ بِذَلِكَ نَقْلٌ لَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ قَوْلَ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.
وَبَعْضُهُمْ يَظُنُّ أَنَّ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَوَافَقَ الْفَلَاسِفَةَ الدَّهْرِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ نَظَرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْكَلَامِ فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا إلَّا قَوْلَيْنِ: قَوْلَ الْفَلَاسِفَةِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ إمَّا صُورَتُهُ وَإِمَّا مَادَّتُهُ سَوَاءٌ قِيلَ: هُوَ مَوْجُودٌ بِنَفْسِهِ؛ أَوْ مَعْلُولٌ لِغَيْرِهِ.
وَقَوْلَ مَنْ رَدَّ عَلَى هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ: الجهمية؛ وَالْمُعْتَزِلَ ةِ؛ والكرامية؛ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ الرَّبَّ لَمْ يَزَلْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا وَلَا يَتَكَلَّمُ بِشَيْءِ ثُمَّ أَحْدَثَ الْكَلَامَ وَالْفِعْلَ بِلَا سَبَبٍ أَصْلًا.
وَطَائِفَةٌ أُخْرَى كالكلابية وَمَنْ وَافَقَهُمْ يَقُولُونَ: بَلْ الْكَلَامُ قَدِيمُ الْعَيْنِ إمَّا مَعْنًى وَاحِدٌ وَإِمَّا أَحْرُفٌ وَأَصْوَاتٌ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ قَدِيمَةُ الْأَعْيَانِ وَيَقُولُ هَؤُلَاءِ: إنَّ الرَّبَّ لَمْ يَزَلْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا وَلَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ثُمَّ حَدَثَ مَا يَحْدُثُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ إمَّا قَائِمًا بِذَاتِهِ أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْهُ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ [ وَ ] إمَّا مُنْفَصِلًا عَنْهُ عِنْدَ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ قِيَامَ ذَلِكَ بِذَاتِهِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَشْبَهُ بِمَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاسِ إلَّا هَذَانِ الْقَوْلَانِ وَكَانَ مُؤْمِنًا بِأَنَّ الرُّسُلَ لَا يَقُولُونَ إلَّا حَقًّا يَظُنُّ أَنَّ هَذَا قَوْلَ الرُّسُلِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ.
ثُمَّ إذَا طُولِبَ بِنَقْلِ هَذَا الْقَوْلِ عَنْ الرُّسُلِ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْكِنْ لِأَحَدِ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةِ وَلَا حَدِيثٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لَا نَصًّا وَلَا ظَاهِرًا بَلْ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْقُلَ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ.
وَقَدْ جَعَلُوا ذَلِكَ مَعْنَى حُدُوثِ الْعَالَمِ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ مَسَائِلِ أُصُولِ الدِّينِ عِنْدَهُمْ.
فَيَبْقَى أَصْلُ الدِّينِ الَّذِي هُوَ دِينُ الرُّسُلِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَعْلَمُونَ بِهِ أَنَّ الرَّسُولَ قَالَهُ وَلَا فِي الْعَقْلِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ بَلْ الْعَقْلُ وَالسَّمْعُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ.
وَمَنْ كَانَ أَصْلُ دِينِهِ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ دِينُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الرَّسُولَ جَاءَ بِهِ كَانَ مِنْ أَضَلِّ النَّاسِ فِي دِينِهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي عَشَرَ
أَنَّهُمْ لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ هَذَا هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ أَخَذُوا يَحْتَجُّونَ عَلَيْهِ بِالْحَجِّ الْعَقْلِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ لَهُمْ وَعُمْدَتُهُمْ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ الْحُجَجِ مَبْنَاهَا عَلَى امْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا وَبِهَا أَثْبَتُوا حُدُوثَ كُلِّ مَوْصُوفٍ بِصِفَةِ وَسَمَّوْا ذَلِكَ إثْبَاتًا لِحُدُوثِ الْأَجْسَامِ فَلَزِمَهُمْ عَلَى ذَلِكَ نَفْيُ صِفَاتِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ وَلَا قُدْرَةٌ وَلَا كَلَامٌ يَقُومُ بِهِ بَلْ كَلَامُهُ مَخْلُوقٌ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ وَكَذَلِكَ رِضَاهُ وَغَضَبُهُ وَالْتَزَمُوا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ الْعَرْشِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اللَّوَازِمِ الَّتِي نَفَوْا بِهَا مَا أَثَبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَكَانَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ تَكْذِيبًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَسَلَّطَ أَهْلُ الْعُقُولِ عَلَى تِلْكَ الْحُجَجِ الَّتِي لَهُمْ فَبَيَّنُوا فَسَادَهَا.
وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا سُلِّطَ لِلدَّهْرِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ لَمَّا عَلِمُوا حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ وَأَدِلَّتِهِمْ وَنَسَوْا فَسَادَهُ.
ثُمَّ لَمَّا ظَنُّوا أَنَّ هَذَا قَوْلُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ بَاطِلٌ قَالُوا: إنَّ الرَّسُولَ لَمْ يُبَيِّنْ الْحَقَائِقَ سَوَاءٌ عَلِمَهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْهَا وَإِنَّمَا خَاطَبَ الْجُمْهُورَ بِمَا يُخَيَّلُ لَهُمْ وَمَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ.
فَصَارَ أُولَئِكَ الْمُتَكَلِّمُو نَ النفاة مُخْطِئِينَ فِي السَّمْعِيَّاتِ وَالْعَقْلِيَّا تِ وَصَارَ خَطَؤُهُمْ مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ تَسَلُّطِ الْفَلَاسِفَةِ لَمَّا ظَنَّ أُولَئِكَ الْفَلَاسِفَةُ الدَّهْرِيَّةُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْمَطْلُوبِ إلَّا قَوْلَانِ: قَوْلُ أُولَئِكَ الْمُتَكَلِّمِي نَ وَقَوْلُهُمْ.
وَقَدْ رَأَوْا أَنَّ قَوْلَ أُولَئِكَ بَاطِلٌ فَجَعَلُوا ذَلِكَ حُجَّةً فِي تَصْحِيحِ قَوْلِهِمْ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْفَلَاسِفَةِ الدَّهْرِيَّةِ عَلَى قَوْلِهِمْ بِقِدَمِ الْأَفْلَاكِ حُجَّةٌ عَقْلِيَّةٌ أَصْلًا وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ هَذَا أَنَّهُمْ لَمْ يُحَقِّقُوا مَعْرِفَةَ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أسـامة
2007-10-15, 03:16 PM
الْوَجْهُ الثَّالِثَ عَشَرَ:
أَنَّ الْغَلَطَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بِنُصُوصِ الْكِتَاب وَالسُّنَّةِ بَلْ وَالْمَعْقُولِ الصَّرِيحِ؛ فَإِنَّهُ أَوْقَعَ كَثِيرًا مِنْ النُّظَّارِ وَأَتْبَاعَهُمْ فِي الْحَيْرَةِ وَالضَّلَالِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا إلَّا قَوْلَيْنِ: قَوْلَ الدَّهْرِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِالْقِدَمِ وَقَوْلَ الجهمية الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُعَطَّلًا عَنْ أَنْ يَفْعَلَ أَوْ يَتَكَلَّمَ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَرَأَوْا لَوَازِمَ كُلِّ قَوْلٍ تَقْتَضِي فَسَادَهُ وَتَنَاقُضَهُ فَبَقُوا حَائِرِينَ مُرْتَابِينَ جَاهِلِينَ وَهَذِهِ حَالُ مَنْ لَا يُحْصَى مِنْهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّازِيَّ وَغَيْرُهُ.
وَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ ذَلِكَ أَنَّهُمْ نَظَرُوا فِي حَقِيقَةِ قَوْلِ الْفَلَاسِفَةِ فَوَجَدُوا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ الْمَفْعُولُ الْمُعَيَّنُ مُقَارِنًا لِلْفَاعِلِ أَزَلًا وَأَبَدًا وَصَرِيحُ الْعَقْلِ يَقْتَضِي بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْفَاعِلُ عَلَى فِعْلِهِ وَأَنَّ تَقْدِيرَ مَفْعُولِ الْفَاعِلِ مَعَ تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُقَارِنًا لَهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ الْفَاعِلُ عَلَيْهِ؛ بَلْ هُوَ مَعَهُ أَزَلًا وَأَبَدًا: أَمْرٌ يُنَاقِضُ صَرِيحَ الْعَقْلِ.
وَقَدْ اسْتَقَرَّ فِي الْفِطَرِ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ الْمَفْعُولِ مَخْلُوقًا يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ.
وَلِهَذَا كَانَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِمَّا يُفْهِمُ جَمِيعَ الْخَلَائِقِ أَنَّهُمَا حَدَثَتَا بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُونَا وَأَمَّا تَقْدِيرُ كَوْنِهِمَا لَمْ يَزَالَا مَعَهُ مَعَ كَوْنِهِمَا مَخْلُوقَيْنِ لَهُ فَهَذَا تُنْكِرُهُ الْفِطَرُ وَلَمْ يَقُلْهُ إلَّا شِرْذِمَةٌ قَلِيلَةٌ مِنْ الدَّهْرِيَّةِ كَابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِ.
وَأَمَّا جُمْهُورُ الْفَلَاسِفَةِ الدَّهْرِيَّةِ كَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ فَلَا يَقُولُونَ: إنَّ الْأَفْلَاكَ مَعْلُولَةٌ لِعِلَّةِ فَاعِلَةٍ كَمَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ؛ بَلْ قَوْلُهُمْ وَإِنْ كَانَ أَشَدَّ فَسَادًا مِنْ قَوْلِ مُتَأَخِّرِيهِم ْ فَلَمْ يُخَالِفُوا صَرِيحَ الْمَعْقُولِ فِي هَذَا الْمَقَامِ الَّذِي خَالَفَهُ هَؤُلَاءِ.
وَإِنْ كَانُوا خَالَفُوهُ مِنْ جِهَاتٍ أُخْرَى وَنَظَرُوا فِي حَقِيقَةِ قَوْلِ أَهْلِ الْكَلَامِ الجهمية وَالْقَدَرِيَّة ِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ فَوَجَدُوا أَنَّ الْفَاعِلَ صَارَ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ شَيْءٍ أَوْجَبَ كَوْنَهُ فَاعِلًا وَرَأَوْا صَرِيحَ الْعَقْلِ يَقْتَضِي بِأَنَّهُ إذَا صَارَ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا فَلَا بُدَّ مِنْ حُدُوثِ شَيْءٍ وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِي الْعَقْلِ أَنْ يَصِيرَ مُمْكِنًا بَعْد أَنْ كَانَ مُمْتَنِعًا بِلَا حُدُوثٍ وَأَنَّهُ لَا سَبَبَ يُوجِبُ حُصُولَ وَقْتَ حَدَثَ وَقْتَ الْحُدُوثِ؛ وَأَنَّ حُدُوثَ جِنْسِ الْوَقْتِ مُمْتَنِعٌ فَصَارُوا يَظُنُّونَ إذَا جَمَعُوا بَيْنَ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ قَبْلَ الْفِعْلِ وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَصِيرَ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَيَكُونُ الْفِعْلُ مَعَهُ فَيَكُونُ الْفِعْلُ مُقَارِنًا غَيْرَ مُقَارَنٍ بِأَنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ حَادِثًا مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ فَامْتَنَعَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الْفَاعِلِ مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ وَوَجَبَ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الْفَاعِلِ مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ وَوَجَدُوا عُقُولَهُمْ تَقْصُرُ عَمَّا يُوجِبُ هَذَا الْإِثْبَاتَ وَمَا يُوجِبُ هَذَا النَّفْيَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ مُمْتَنِعٌ فَأَوْقَعَهُمْ ذَلِكَ فِي الْحَيْرَةِ وَالشَّكِّ.
وَمِنْ أَسْبَابِ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا حَقِيقَةَ السَّمْعِ وَالْعَقْلِ فَلَمْ يَعْرِفُوا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَلَمْ يُمَيِّزُوا فِي الْمَعْقُولَاتِ بَيْنَ الْمُشْتَبِهَات ِ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَقْلَ يُفَرِّقُ بَيْنَ كَوْنِ الْمُتَكَلِّمِ مُتَكَلِّمًا بِشَيْءِ بَعْدَ شَيْءٍ دَائِمًا وَكَوْنِ الْفَاعِلِ يَفْعَلُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ دَائِمًا وَبَيْنَ آحَادِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ فَيَقُولُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْعَالِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا بِالْفَاعِلِ وَأَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ وَيَمْتَنِعُ كَوْنُ الْفِعْلِ الْمُعَيَّنِ مَعَ الْفَاعِلِ أَزَلًا وَأَبَدًا وَأَمَّا كَوْنُ الْفَاعِلِ لَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ فِعْلًا بَعْدَ فِعْلٍ فَهَذَا مِنْ كَمَالِ الْفَاعِلِ فَإِذَا كَانَ الْفَاعِلُ حَيًّا وَقِيلَ: إنَّ الْحَيَاةَ مُسْتَلْزِمَةٌ الْفِعْلَ وَالْحَرَكَةَ كَمَا قَالَ ذَلِكَ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَالْبُخَارِيِّ والدارمي وَغَيْرِهِمَا وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ وَبِمَا شَاءَ وَنَحْوَ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ: كَانَ كَوْنُهُ مُتَكَلِّمًا أَوْ فَاعِلًا مِنْ لَوَازِمِ حَيَاتِهِ وَحَيَاتُهُ لَازِمَةٌ لَهُ فَلَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا فَعَّالًا؛ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْحَيَّ يَتَكَلَّمُ وَيَفْعَلُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ وُجُودَ كَلَامٍ بَعْدَ كَلَامٍ وَفِعْلٍ بَعْدَ فِعْلٍ فَالْفَاعِلُ يَتَقَدَّمُ عَلَى كُلِّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِ وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ وَلَا نَقُولُ: إنَّهُ كَانَ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ وَلَا قُدْرَةَ حَتَّى خُلِقَ [ لَهُ قُدْرَةٌ ] وَاَلَّذِي لَيْسَ لَهُ قُدْرَةٌ هُوَ عَاجِزٌ وَلَكِنْ نَقُولُ: لَمْ يَزَلْ اللَّهُ عَالِمًا قَادِرًا مَالِكًا لَا شِبْهَ لَهُ وَلَا كَيْفَ.
فَلَيْسَ مَعَ اللَّهِ شَيْءٌ مِنْ مَفْعُولَاتِهِ قَدِيمٌ مَعَهُ.
لَا بَلْ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ لَهُ وَكُلُّ مَخْلُوقٍ مُحْدَثٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ قُدِّرَ إنَّهُ لَمْ يَزَلْ خَالِقًا فَعَّالًا.
وَإِذَا قِيلَ: إنَّ الْخَلْقَ صِفَةُ كَمَالٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ } أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ خالقيته دَائِمَةً وَكُلُّ مَخْلُوقٍ لَهُ مُحْدَثٌ مَسْبُوقٌ بِالْعَدَمِ وَلَيْسَ مَعَ اللَّهِ شَيْءٌ قَدِيمٌ؟
وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الْكَمَالِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَطِّلًا غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الْفِعْلِ ثُمَّ يَصِيرَ قَادِرًا وَالْفِعْلُ مُمْكِنًا لَهُ بِلَا سَبَبٍ.
وَأَمَّا جَعْلُ الْمَفْعُولِ الْمُعَيَّنِ مُقَارِنًا لَهُ أَزَلًا وَأَبَدًا فَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ تَعْطِيلٌ لِخَلْقِهِ وَفِعْلِهِ فَإِنَّ كَوْنَ الْفَاعِلِ مُقَارِنًا لِمَفْعُولِهِ أَزَلًا وَأَبَدًا مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ.
فَهَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةُ الدَّهْرِيَّةُ وَإِنْ ادَّعَوْا أَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ دَوَامَ الْفَاعِلِيَّةِ فَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ مُعَطِّلُونَ لِلْفَاعِلِيَّة ِ وَهِيَ الصِّفَةُ الَّتِي هِيَ أَظْهَرُ صِفَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى وَلِهَذَا وَقَعَ الْإِخْبَارُ بِهَا فِي أَوَّلِ مَا أُنْزِلَ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ أَوَّلَهُ: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } { خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ } { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } { الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ } { عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }.
فَأَطْلَقَ الْخَلْقَ ثُمَّ خَصَّ الْإِنْسَانَ وَأَطْلَقَ التَّعْلِيمَ ثُمَّ خَصَّ التَّعْلِيمَ بِالْقَلَمِ وَالْخَلْقُ يَتَضَمَّنُ فِعْلَهُ وَالتَّعْلِيمُ يَتَضَمَّنُ قَوْلَهُ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ بِتَكْلِيمِهِ وَتَكْلِيمُهُ بِالْإِيحَاءِ؛ وَبِالتَّكَلُّم ِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَبِإِرْسَالِ رَسُولٍ يُوحِي بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ
قَالَ تَعَالَى: { وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ }
وَقَالَ تَعَالَى: { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ }
وَقَالَ تَعَالَى: { وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا }
وَقَالَ تَعَالَى: { الرَّحْمَنِ } { عَلَّمَ الْقُرْآنَ } { خَلَقَ الْإِنْسَانَ } { عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } { الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ }.
وَهَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةُ يَتَضَمَّنُ قَوْلُهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ وَلَمْ يُعَلِّمْ فَإِنَّ مَا يُثْبِتُونَهُ مِنْ الْخَلْقِ وَالتَّعْلِيمِ إنَّمَا يَتَضَمَّنُ التَّعْطِيلَ فَإِنَّهُ عَلَى قَوْلِهِمْ لَمْ يَزَلْ الْفَلَكُ مُقَارِنًا لَهُ أَزَلًا وَأَبَدًا فَامْتَنَعَ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ فَإِنَّ الْفَاعِلَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى فِعْلِهِ وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا يُعَلِّمُ شَيْئًا مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمُ فَرْعُ الْعِلْمِ فَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْجُزْئِيَّاتِ يَمْتَنِعُ أَنْ يُعَلِّمَهَا غَيْرَهُ وَكُلُّ مَوْجُودٍ فَهُوَ جُزْئِيٌّ لَا كُلِّيٌّ كَذَا الْكُلِّيَّاتُ إنَّمَا وُجُودُهَا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ فَإِذْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ الْمَوْجُودَاتِ فَامْتَنَعَ أَنْ يُعَلِّمَ غَيْرَهُ شَيْئًا مِنْ الْعِلْمِ بِالْمَوْجُودَا تِ الْمُعَيَّنَةِ.
وَمَنْ قَالَ مِنْهُمْ: لَا يَعْلَمُ لَا كُلِّيًّا وَلَا جُزْئِيًّا فَقَوْلُهُ أَقْبَحُ.
وَمَنْ قَالَ: يَعْلَمُ الْكُلِّيَّاتِ الثَّابِتَةَ دُونَ الْمُتَغَيِّرَة ِ فَهُوَ عِنْدَهُمْ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ الْحَوَادِثِ وَلَا يَعْلَمُهَا لِأَحَدِ مِنْ خَلْقِهِ كَمَا يَقْتَضِي قَوْلُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْهَا فَعَلَى قَوْلِهِمْ لَا خَلْقَ وَلَا عِلْمَ وَهَذَا حَقِيقَةُ قَوْلِ مُقَدِّمِهِمْ أَرِسْطُو فَإِنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ أَنَّ الرَّبَّ مُبْدِعٌ لِلْعَالَمِ وَلَا جَعَلَهُ عِلَّةً فَاعِلَةً بَلْ الَّذِي أَثْبَتَهُ أَنَّهُ عِلَّةٌ غائية يَتَحَرَّكُ الْفَلَكُ لِتَشَبُّهِهِ بِهِ كَتَحْرِيكِ الْمَعْشُوقِ لِلْعَاشِقِ وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ فَعِنْدَهُ لَا خَلْقَ وَلَا عِلْمَ.
وَأَوَّلُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } { خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ } { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } { الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ } { عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }.

الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ:
أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ لِدَعْوَةِ الْخَلْقِ إلَى عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ مَعْرِفَتَهُ لِمَا أَبْدَعَهُ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَهِيَ الْمَخْلُوقَاتُ الْمَشْهُودَةُ الْمَوْجُودَةُ: مِنْ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَأَخْبَرَ [ فِي ] الْكِتَابِ الَّذِي لَمْ يَأْتِ مِنْ عِنْدِهِ كِتَابٍ أَهْدَى مِنْهُ بِأَنَّهُ خَلَقَ أُصُولَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ الْمَوْجُودَةِ الْمَشْهُودَةِ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ.
وَشَرَعَ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَجْتَمِعُوا كُلَّ أُسْبُوعٍ يَوْمًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فِيهِ وَيَحْتَفِلُونَ بِذَلِكَ وَيَكُونُ ذَلِكَ آيَةً عَلَى الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ.
وَلَمَّا لَمْ يُعْرَفْ الْأُسْبُوعُ إلَّا بِخَبَرِ الْأَنْبِيَاءِ فَقَدْ جَاءَ فِي لُغَتِهِمْ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ أَسْمَاءُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ تَتْبَعُ النُّصُوصَ فَالِاسْمُ يُعَبِّرُ عَمَّا تَصَوَّرَهُ فَلَمَّا كَانَ تَصَوُّرُ الْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالْحَوْلِ مَعْرُوفًا بِالْعَقْلِ تَصَوَّرَتْ ذَلِكَ الِاسْمَ وَعَبَّرَتْ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الْأُسْبُوعُ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي مُجَرَّدِ الْعَقْلِ مَا يُوجِبُ مَعْرِفَتَهُ فَإِنَّمَا عَرَفَ بِالسَّمْعِ صَارَتْ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ أَهْلِ السَّمْعِ الْمُتَلَقِّينَ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَحِينَئِذٍ فَأَخْبَرُوا النَّاسَ بِخَلْقِ هَذَا الْعَالَمِ الْمَوْجُودِ الْمَشْهُودِ وَابْتِدَاءِ خَلْقِهِ وَأَنَّهُ خَلَقَهُ فِي سِتَّةِ أَيَّامِ وَإِمَّا مَا خَلَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا سَيَخْلُقُهُ بَعْدَ قِيَامِ الْقِيَامَةِ وَدُخُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ مَنَازِلَهُمَا.
وَهَذَا مِمَّا لَا سَبِيلَ لِلْعِبَادِ إلَى مَعْرِفَتِهِ تَفْصِيلًا.
وَلِهَذَا قَالَ { عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامًا فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُمْ بِبَدْءِ الْخَلْقِ إلَى دُخُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مَنَازِلَهُمَا.
وَقَوْلُهُ: " بَدَأَ الْخَلْقَ " مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: { قَدَّرَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }
فَإِنَّ الْخَلَائِقَ هُنَا الْمُرَادُ بِهَا الْخَلَائِقُ الْمَعْرُوفَةُ الْمَخْلُوقَةُ بَعْدَ خَلْقِ الْعَرْشِ وَكَوْنِهِ عَلَى الْمَاءِ.
وَلِهَذَا كَانَ التَّقْدِيرُ لِلْمَخْلُوقَات ِ هُوَ التَّقْدِيرُ لِخَلْقِ هَذَا الْعَالَمِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْقَلَمِ: { إنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: اُكْتُبْ قَالَ: وَمَاذَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ: اُكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ }.
وَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: { إنَّ اللَّهَ قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ }
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الصَّحِيحِ: { كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ }
يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ كَتَبَ كُلَّ مَا أَرَادَ خَلْقَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ لَفْظَ كُلِّ شَيْءٍ يَعُمُّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِحَسَبِ مَا سِيقَتْ لَهُ
كَمَا فِي قَوْلِهِ: { بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }
و { عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
وَقَوْلِهِ: { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ }
وَ { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ }
{ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ }
وَ { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ }
{ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ }

وَأَخْبَرَتْ الرُّسُلُ بِتَقَدُّمِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ
كَمَا فِي قَوْلِهِ: { وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا }.
{ سَمِيعًا بَصِيرًا }.
{ غَفُورًا رَحِيمًا } وَأَمْثَالَ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " كَانَ وَلَا يَزَالُ ".
وَلَمْ يُقَيِّدْ كَوْنَهُ بِوَقْتِ دُونَ وَقْتٍ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يُحْدِثَ لَهُ غَيْرُهُ صِفَةً بَلْ يَمْتَنِعُ تَوَقُّفُ شَيْءٍ مِنْ لَوَازِمِهِ عَلَى غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِغَايَةِ الْكَمَالِ وَذَاتُهُ هِيَ الْمُسْتَوْجِبَ ةُ لِذَلِكَ.
فَلَا يَتَوَقَّفُ شَيْءٌ مِنْ كَمَالِهِ وَلَوَازِمِ كَمَالِهِ عَلَى غَيْرِهِ بَلْ نَفْسُهُ الْمُقَدَّسَةُ وَهُوَ الْمَحْمُودُ عَلَى ذَلِكَ أَزَلًا وَأَبَدًا وَهُوَ الَّذِي يَحْمَدُ نَفْسَهُ وَيُثْنِي عَلَيْهَا بِمَا يَسْتَحِقُّهُ.
وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ بَلْ هُوَ نَفْسُهُ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ كَمَا قَالَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:
{ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِمُعَافَاتِك مِنْ عُقُوبَتِك وَأَعُوذُ بِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك؛ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك }.
وَإِذَا قِيلَ: لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا ثُمَّ تَكَلَّمَ أَوْ قِيلَ: كَانَ الْكَلَامُ مُمْتَنِعًا ثُمَّ صَارَ مُمْكِنًا لَهُ كَانَ هَذَا مَعَ وَصْفِهِ لَهُ بِالنَّقْصِ فِي الْأَزَلِ وَأَنَّهُ تَجَدَّدَ لَهُ الْكَمَالُ وَمَعَ تَشْبِيهِهِ لَهُ بِالْمَخْلُوقِ الَّذِي يَنْتَقِلُ مِنْ النَّقْصِ إلَى الْكَمَالِ: مُمْتَنِعًا؛ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ لَا يَصِيرُ مُمْكِنًا بِلَا سَبَبٍ وَالْعَدَمُ الْمَحْضُ لَا شَيْءَ فِيهِ فَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْمُمْتَنِعُ فِيهِ يَصِيرُ مُمْكِنًا بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ.
وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ: كَلَامُهُ كُلُّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ لَازِمٌ لِذَاتِهِ لَيْسَ لَهُ فِيهِ قُدْرَةٌ وَلَا مَشِيئَةٌ كَانَ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ تَعْطِيلًا لِلْكَلَامِ وَجَمْعًا بَيْنَ الْمُتَنَاقِضَي ْنِ إذْ هُوَ إثْبَاتٌ لِمَوْجُودِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ بَلْ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مَعَ أَنَّهُ لَا مَدْحَ فِيهِ وَلَا كَمَالَ.
وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ: كَلَامُهُ كُلُّهُ قَدِيمُ الْعَيْنِ وَهُوَ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ قَدِيمَةٌ لَازِمَةٌ لِذَاتِهِ لَيْسَ لَهُ فِيهِ قُدْرَةٌ وَلَا مَشِيئَةٌ كَانَ هَذَا مَعَ مَا يَظْهَرُ مِنْ تَنَاقُضِهِ وَفَسَادِهِ فِي الْمَعْقُولِ لَا كَمَالَ فِيهِ إذْ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَلَا قُدْرَتِهِ وَلَا إذَا شَاءَهُ.
أَمَّا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: لَيْسَ كَلَامُهُ إلَّا مَا يَخْلُقُهُ فِي غَيْرِهِ فَهَذَا تَعْطِيلٌ لِلْكَلَامِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَحَقِيقَتُهُ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ كَمَا قَالَ ذَلِكَ قُدَمَاءُ الجهمية وَهُوَ سَلْبٌ لِلصِّفَاتِ؛ إذْ فِيهِ مِنْ التَّنَاقُضِ وَالْفَسَادِ حَيْثُ أَثْبَتُوا الْكَلَامَ الْمَعْرُوفَ وَنَفَوْا لَوَازِمَهُ - مَا يَظْهَرُ بِهِ أَنَّهُ مِنْ أَفْسَدِ أَقْوَالِ الْعَالَمِينَ بِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا أَنَّهُ يَأْمُرُ وَيُنْهِي؛ وَيُخْبِرُ وَيُبَشِّرُ؛ وَيُنْذِرُ وَيُنَادِي؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُومَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا: إنَّهُ يُرِيدُ وَيُحِبُّ وَيُبْغِضُ؛ وَيَغْضَبُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُومَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَفِي هَذَا مِنْ مُخَالَفَةِ صَرِيحِ الْمَعْقُولِ وَصَحِيحِ الْمَنْقُولِ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ هَذَا الْعَالَمِ فَهُمْ أَبْعَدُ عَنْ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ؛ وَلِهَذَا أَنْكَرُوا الْكَلَامَ الْقَائِمَ بِذَاتِهِ وَاَلَّذِي يَخْلُقُهُ فِي غَيْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ عِنْدَهُمْ إلَّا مَا يَحْدُثُ فِي النُّفُوسِ مِنْ الْمَعْقُولَاتِ والمتخيلات وَهَذَا مَعْنَى تَكْلِيمِهِ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَهُمْ فَعَادَ التَّكْلِيمُ إلَى مُجَرَّدِ عِلْمِ الْمُكَلِّمِ.
ثُمَّ إذَا قَالُوا مَعَ ذَلِكَ: إنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّاتِ فَلَا عِلْمَ وَلَا إعْلَامَ وَهَذَا غَايَةُ التَّعْطِيلِ وَالنَّقْصِ وَهُمْ لَيْسَ لَهُمْ دَلِيلٌ قَطُّ عَلَى قِدَمِ شَيْءٍ مِنْ الْعَالَمِ بَلْ حُجَجُهُمْ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى قِدَمِ نَوْعِ الْفِعْلِ؛ وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ الْفَاعِلُ فَاعِلًا أَوْ لَمْ يَزَلْ لِفِعْلِهِ مُدَّةٌ؛ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ لِلْمَادَّةِ مَادَّةٌ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدِلَّتِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى قِدَمِ الْفَلَكِ وَلَا قِدَمَ شَيْءٍ مِنْ حَرَكَاتِهِ؛ وَلَا قِدَمَ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مِقْدَارُ حَرَكَةِ الْفَلَكِ.
وَالرُّسُلُ أَخْبَرَتْ بِخَلْقِ الْأَفْلَاكِ وَخَلْقِ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مِقْدَارُ حَرَكَتِهَا مَعَ إخْبَارِهَا بِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ مَادَّةٍ قَبْلَ ذَلِكَ وَفِي زَمَانٍ قَبْلَ هَذَا الزَّمَانِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَسَوَاءٍ قِيلَ: أَنَّ تِلْكَ الْأَيَّامَ بِمِقْدَارِ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُقَدَّرَةِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا؛ أَوْ قِيلَ: إنَّهَا أَكْبَرُ مِنْهَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرُهُ أَلْفُ سَنَةٍ فَلَا رَيْبَ أَنَّ تِلْكَ الْأَيَّامَ الَّتِي خُلِقَتْ فِيهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ غَيْرُ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَغَيْرُ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مِقْدَارُ حَرَكَةِ هَذِهِ الْأَفْلَاكِ.
وَتِلْكَ الْأَيَّامُ مُقَدَّرَةٌ بِحَرَكَةِ أَجْسَامٍ مَوْجُودَةٍ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ.
وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ { اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }
فَخُلِقَتْ مِنْ الدُّخَانِ وَقَدْ جَاءَتْ الْآثَارُ عَنْ السَّلَفِ إنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ؛ وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي كَانَ الْعَرْشُ عَلَيْهِ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ }
فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي مُدَّةٍ وَمِنْ مَادَّةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقُرْآنُ خَلْقَ شَيْءٍ مِنْ لَا شَيْءٍ بَلْ ذَكَرَ أَنَّهُ خَلَقَ الْمَخْلُوقَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا كَمَا قَالَ: { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا } مَعَ إخْبَارِهِ أَنَّهُ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ.
وَقَوْلُهُ: { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } فِيهَا قَوْلَانِ.
فَالْأَكْثَرُون َ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ خَالِقٍ بَلْ مِنْ الْعَدَمِ الْمَحْضِ؟
كَمَا قَالَ تَعَالَى: { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ }
وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: { وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ }
وَقَالَ تَعَالَى: { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ }.
وَقِيلَ: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ مَادَّةٍ؟
وَهَذَا ضَعِيفٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: { أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّقْسِيمَ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ خَالِقٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ؟
وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ غَيْرِ مَادَّةٍ لَقَالَ: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ؟
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَا خَالِقُهُمْ لَا مَادَّتُهُمْ.
وَلِأَنَّ كَوْنَهُمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ مَادَّةٍ لَيْسَ فِيهِ تَعْطِيلُ وُجُودِ الْخَالِقِ فَلَوْ ظَنُّوا ذَلِكَ لَمْ يَقْدَحْ فِي إيمَانِهِمْ بِالْخَالِقِ بَلْ دَلَّ عَلَى جَهْلِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَظُنُّوا ذَلِكَ وَلَا يُوَسْوِسُ الشَّيْطَانُ لِابْنِ آدَمَ بِذَلِكَ بَلْ كُلُّهُمْ يَعْرِفُونَ أَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِم ْ وَلِأَنَّ اعْتِرَافَهُمْ بِذَلِكَ لَا يُوجِبُ إيمَانَهُمْ وَلَا يَمْنَعُ كُفْرَهُمْ.
وَالِاسْتِفْهَا مُ اسْتِفْهَامُ إنْكَارٍ مَقْصُودُهُ تَقْرِيرُهُمْ إنَّهُمْ لَمْ يُخْلَقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ فَإِذَا أَقَرُّوا بِأَنَّ خَالِقًا خَلَقَهُمْ نَفَعَهُمْ ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا أَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ مَادَّةٍ لَمْ يُغْنِ ذَلِكَ عَنْهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا.

الْوَجْهُ الْخَامِسَ عَشَرَ:
أَنَّ الْإِقْرَارَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَتَكَلَّمُ بِمَا يَشَاءُ هُوَ وَصْفُ الْكَمَالِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ؛ وَمَا سِوَى ذَلِكَ نَقْصٌ يَجِبُ نَفْيُهُ عَنْهُ فَإِنَّ كَوْنَهُ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا ثُمَّ صَارَ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ أَوْ الْفِعْلِ مَعَ أَنَّهُ وَصْفٌ لَهُ؛ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ نَاقِصًا عَنْ صِفَةِ الْقُدْرَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ وَاَلَّتِي هِيَ مِنْ أَظْهَرِ صِفَاتِ الْكَمَالِ فَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِي الْعَقْلِ بِالْبُرْهَانِ الْيَقِينِيِّ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا ثُمَّ صَارَ قَادِرًا فَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ جَعَلَهُ قَادِرًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إلَّا الْعَدَمُ الْمَحْضُ امْتَنَعَ أَنْ يَصِيرَ قَادِرًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَصِيرَ عَالِمًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ هَذَا بِخِلَافِ الْإِنْسَانِ فَإِنَّهُ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ وَلَا قَادِرٍ ثُمَّ جَعَلَهُ غَيْرُهُ عَالِمًا قَادِرًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالُوا: كَانَ غَيْرَ مُتَكَلِّمٍ ثُمَّ صَارَ مُتَكَلِّمًا.
وَهَذَا مِمَّا أَوْرَدَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد عَلَى الجهمية؛ إذْ جَعَلُوهُ كَانَ غَيْرَ مُتَكَلِّمٍ ثُمَّ صَارَ مُتَكَلِّمًا.
قَالُوا: كَالْإِنْسَانِ قَالَ: فَقَدْ جَمَعْتُمْ بَيْنَ تَشْبِيهٍ وَكُفْرٍ.
وَقَدْ حَكَيْت أَلْفَاظَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: كَانَ فِي الْأَزَلِ قَادِرًا عَلَى أَنْ يَخْلُقَ فِيمَا لَا يَزَالُ كَانَ هَذَا كَلَامًا مُتَنَاقِضًا لِأَنَّهُ فِي الْأَزَلِ عِنْدَهُمْ لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَ وَمَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْفِعْلُ فِي الْأَزَلِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا فِي الْأَزَلِ؛ فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَادِرًا وَبَيْنَ كَوْنِ الْمَقْدُورِ مُمْتَنِعًا جَمْعٌ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَإِنَّهُ فِي حَالِ امْتِنَاعِ الْفِعْلِ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا.
وَأَيْضًا يَكُونُ الْفِعْلُ يَنْتَقِلُ مِنْ كَوْنِهِ مُمْتَنِعًا إلَى كَوْنِهِ مُمْكِنًا بِغَيْرِ سَبَبٍ مُوجِبٍ يُحَدِّدُ ذَلِكَ وَعَدَمٍ مُمْتَنِعٍ.
وَأَيْضًا فَمَا مِنْ حَالٍ يُقَدِّرُهَا الْعَقْلُ إلَّا وَالْفِعْل فِيهَا مُمْكِنٌ وَهُوَ قَادِرٌ وَإِذَا قُدِّرَ قَبْلَ ذَلِكَ شَيْئًا شَاءَهُ اللَّهُ فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَمْ يَزَلْ قَادِرًا وَالْفِعْلُ مُمْكِنًا؛ وَلَيْسَ لِقُدْرَتِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ أَوَّلَ فَلَمْ يَزَلْ قَادِرًا يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَ فَلَمْ يَكُنْ الْفِعْلُ مُمْتَنِعًا عَلَيْهِ قَطُّ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِي الْأَزَلِ وَالْأَزَلُ لَيْسَ شَيْئًا مَحْدُودًا يَقِفُ عِنْدَهُ الْعَقْلُ بَلْ مَا مِنْ غَايَةٍ يَنْتَهِي إلَيْهَا تَقْدِيرُ الْفِعْلِ إلَّا وَالْأَزَلُ قَبْلَ ذَلِكَ بِلَا غَايَةٍ مَحْدُودَةٍ حَتَّى لَوْ فُرِضَ وُجُودُ مَدَائِنَ أَضْعَافِ مَدَائِنِ الْأَرْضِ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ مِنْ الْخَرْدَلِ مَا يَمْلَؤُهَا؛ وَقُدِّرَ إنَّهُ كُلَّمَا مَضَتْ أَلْفُ أَلْفُ سَنَةٍ فَنِيَتْ خَرْدَلَةٌ فَنَى الْخَرْدَلُ كُلُّهُ وَالْأَزَلُ لَمْ يَنْتَهِ وَلَوْ قُدِّرَ أَضْعَافُ ذَلِكَ أَضْعَافًا لَا يَنْتَهِي.
فَمَا مِنْ وَقْتٍ يُقَدَّرُ إلَّا وَالْأَزَلُ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَمَا مِنْ وَقْتٍ صَدَرَ فِيهِ الْفِعْلُ إلَّا وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُمْكِنًا.
وَإِذَا كَانَ مُمْكِنًا فَمَا الْمُوجِبُ لِتَخْصِيصِ حَالِ الْفِعْلِ بِالْخَلْقِ دُونَ مَا قَبْلَ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَتَنَاهَى؟.
وَأَيْضًا فَالْأَزَلُ مَعْنَاهُ: عَدَمُ الْأَوَّلِيَّةِ لَيْسَ الْأَزَلُ شَيْئًا مَحْدُودًا فَقَوْلُنَا: لَمْ يَزَلْ قَادِرًا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِنَا: هُوَ قَادِرٌ دَائِمًا وَكَوْنُهُ قَادِرًا وَصْفٌ دَائِمٌ لَا ابْتِدَاءَ لَهُ فَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ: لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ وَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ مَا شَاءَ يَقْتَضِي دَوَامَ كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا وَفَاعِلًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَإِذَا ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي قِدَمَ شَيْءٍ مَعَهُ كَانَ مِنْ فَسَادِ تَصَوُّرِهِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ خَالِقَ كُلِّ شَيْءٍ فَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ مَسْبُوقٌ بِالْعَدَمِ فَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ قَدِيمٌ بِقِدَمِهِ.
وَإِذَا قِيلَ: لَمْ يَزَلْ يَخْلُقُ كَانَ مَعْنَاهُ لَمْ يَزَلْ يَخْلُقُ مَخْلُوقًا بَعْدَ مَخْلُوقٍ كَمَا لَا يَزَالُ فِي الْأَبَدِ يَخْلُقُ مَخْلُوقًا بَعْدَ مَخْلُوقٍ نَنْفِي مَا نَنْفِيهِ مِنْ الْحَوَادِثِ وَالْحَرَكَاتِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ.
وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إلَّا وَصْفُهُ بِدَوَامِ الْفِعْلِ لَا بِأَنَّ مَعَهُ مَفْعُولًا مِنْ الْمَفْعُولَاتِ بِعَيْنِهِ.
وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ نَوْعَهَا لَمْ يَزَلْ مَعَهُ فَهَذِهِ الْمَعِيَّةُ لَمْ يَنْفِهَا شَرْعٌ وَلَا عَقْلٌ بَلْ هِيَ مِنْ كَمَالِهِ قَالَ تَعَالَى: { أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }
وَالْخَلْقُ لَا يَزَالُونَ مَعَهُ وَلَيْسَ فِي كَوْنِهِمْ لَا يَزَالُونَ مَعَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا يُنَافِي كَمَالِهِ وَبَيْنَ الْأَزَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمَاضِي حَدَثَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ إذْ كَانَ كُلُّ مَخْلُوقٍ فَلَهُ ابْتِدَاءٌ وَلَا نَجْزِمُ أَنْ يَكُونَ لَهُ انْتِهَاءٌ.
وَهَذَا فَرْقٌ فِي أَعْيَانِ الْمَخْلُوقَاتِ وَهُوَ فَرْقٌ صَحِيحٌ لَكِنْ يَشْتَبِهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ النَّوْعُ بِالْعَيْنِ كَمَا اشْتَبَهَ ذَلِكَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فِي الْكَلَامِ فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ كَلَامِهِ قَدِيمًا بِمَعْنَى إنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ وَبَيْنَ كَوْنِ الْكَلَامِ الْمُعَيَّنِ قَدِيمًا.
وَكَذَلِكَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْفِعْلِ الْمُعَيَّنِ [ قَدِيمًا وَبَيْنَ كَوْنِ نَوْعِ الْفِعْلِ ] الْمُعَيَّنِ قَدِيمًا كَالْفَلَكِ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ مَسْبُوقٌ بِالْعَدَمِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا سِوَاهُ وَهَذَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْآثَارُ وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَعْقُولَاتُ الصَّرِيحَةُ الْخَالِصَةُ مِنْ الشُّبَهِ كَمَا قَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَّا مُطَابَقَةَ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ لِلنَّقْلِ الصَّحِيحِ.
وَإِنْ غَلِطَ أَهْلُ الْفَلْسَفَةِ وَالْكَلَامِ أَوْ غَيْرِهِمْ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ الصِّدْقُ الْمَعْلُومُ بِعَقْلِ أَوْ سَمْعٍ يَصْدُقُ بَعْضُهُ بَعْضًا لَا يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا
قَالَ تَعَالَى { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } بَعْدَ قَوْلِهِ: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ } وَإِنَّمَا مَدَحَ مَنْ جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِالْحَقِّ الَّذِي جَاءَهُ.
وَهَذِهِ حَالُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ إلَّا الصِّدْقَ وَلَمْ يَرُدَّ مَا يَجِيئُهُ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الصِّدْقِ بَلْ قَبِلَهُ وَلَمْ يُعَارِضْ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَدْفَعْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ بِخِلَافِ حَالِ مَنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَنَسَبَ إلَيْهِ بِالسَّمْعِ أَوْ الْعَقْلِ مَا لَا يَصِحُّ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ فَكَذَّبَ مَنْ جَاءَ بِحَقِّ مَعْلُومٍ مِنْ سَمْعٍ أَوْ عَقْلٍ
وَقَالَ تَعَالَى عَنْ أَهْلِ النَّارِ: { لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ } فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ لَهُمْ سَمْعٌ أَوْ عَقْلٌ مَا دَخَلُوا النَّارَ
وَقَالَ تَعَالَى: { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }
وَقَالَ تَعَالَى: { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ } أَيْ: أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ سَيُرِي عِبَادَهُ الْآيَاتِ الْمَشْهُودَةَ الْمَخْلُوقَةَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّ الْآيَاتِ الْمَتْلُوَّةَ الْمَسْمُوعَةَ حَقٌّ.
وَمِمَّا يُعْرَفُ بِهِ مَنْشَأُ غَلَطِ هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْن ِ غَلَطُهُمْ فِي الْحَرَكَةِ وَالْحُدُوثِ وَمُسَمَّى ذَلِكَ.
فَطَائِفَةٌ - كَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ - قَالَتْ: لَا يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ جِنْسُ الْحَرَكَةِ وَالزَّمَانِ وَالْحَوَادِثِ حَادِثًا؛ وَأَنْ يَكُونَ مَبْدَأَ كُلِّ حَرَكَةٍ وَحَادِثٍ صَارَ فَاعِلًا لِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَأَنْ يَكُونَ الزَّمَانُ حَادِثًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ حَادِثًا مَعَ أَنَّ قَبْلَ وَبَعْدَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي زَمَانٍ وَهَذِهِ الْقَضَايَا كُلُّهَا إنَّمَا تَصْدُقُ كُلِّيَّةً لَا تَصْدُقُ مُعَيَّنَةً ثُمَّ ظَنُّوا أَنَّ الْحَرَكَةَ الْمُعَيَّنَةَ وَهِيَ حَرَكَةُ الْفَلَكِ هِيَ الْقَدِيمَةُ الْأَزَلِيَّةُ وَزَمَانُهَا قَدِيمٌ فَضَلُّوا ضَلَالًا مُبِينًا مُخَالِفًا لِصَحِيحِ الْمَنْقُولِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين.
وَطَائِفَةٌ ظَنُّوا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جِنْسَ الْحَرَكَةِ وَالْحَوَادِثِ وَالْفِعْلِ إلَّا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ الْجَمِيعِ لَمْ يَزَلْ مُعَطَّلًا ثُمَّ حَدَثَتْ الْحَوَادِثُ بِلَا سَبَبٍ أَصْلًا وَانْتَقَلَ الْفِعْلُ مِنْ الِامْتِنَاعِ إلَى الْإِمْكَانِ بِلَا سَبَبٍ وَصَارَ قَادِرًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ بِلَا سَبَبٍ وَكَانَ الشَّيْءُ بَعْدَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي غَيْرِ زَمَانٍ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ صَرِيحَ الْعَقْلِ.
وَهُمْ يَظُنُّونَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمِلَلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ مَنْقُولًا عَنْ مُوسَى؛ وَلَا عِيسَى؛ وَلَا مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ؛ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِمْ إنَّمَا هُوَ مِمَّا أَحْدَثَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَانْتَشَرَ عِنْدَ الْجُهَّالِ بِحَقِيقَةِ أَقْوَالِ الرُّسُلِ وَأَصْحَابِهِمْ فَظَنُّوا أَنَّ هَذَا قَوْلُ الرُّسُلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ وَصَارَ نِسْبَةُ هَذَا الْقَوْلِ إلَى الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ يُوجِبُ الْقَدْحَ فِيهِمْ: إمَّا بِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَقِّ فِي هَذِهِ الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ وَإِمَّا بِعَدَمِ بَيَانِ الْحَقِّ.
وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُوجِبُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ أَنْ يَعْزِلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَآثَارَ السَّلَفِ عَنْ الِاهْتِدَاءِ.
وَإِنَّمَا ضَلُّوا لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ.
فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا.

نضال مشهود
2007-10-16, 01:05 PM
مهلاً... مهلاً...
... والآن أجمع لك بعضًا من أقوالك:
تمعن في هذه الأقوال.
والله الموفق.
الأخ أسامة . . . رعاك الله ؛
أنا قلت :

وقد يسمى هذا : "قدم حنس المخلوق" . وليس ذلك بباطل أصلا ، بل هو عين الحق - بخلاف قدم مخلوق معين أو مخلوقات معينة .
وفيما نقلته من كلام شيخ الإسلام رحمه الله :

أَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَجْعَلُونَ هَذَا عُمْدَتَهُمْ مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ: أَنَّ الْحَوَادِثَ لَهَا ابْتِدَاءٌ وَأَنَّ جِنْسَ الْحَوَادِثِ مَسْبُوقٌ بِالْعَدَمِ إذْ لَمْ يَجِدُوا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَنْطِقُ بِهِ؛ مَعَ أَنَّهُمْ يَحْكُونَ هَذَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا فِي كُتُبِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُبْتَدَعِ فِي الْإِسْلَامِ الَّذِي ذَمَّهُ السَّلَفُ؛ وَخَالَفُوا بِهِ الشَّرْعَ وَالْعَقْلَ. وَبَعْضُهُمْ يَحْكِيهِ إجْمَاعًا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ بِذَلِكَ نَقْلٌ لَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ قَوْلَ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.
وأنا قلت :

و"الجنس" من "الكليات" ، فلا يوجد في الخارج إلا معيّنا بطريق البدل - وكل واحد من أعيانه حادث مسبوق بالعدم ومسبوق بالإرادة .
وفيما نقلته من كلام شيخ الإسلام رحمه الله :

وَكُلُّ مَوْجُودٍ فَهُوَ جُزْئِيٌّ لَا كُلِّيٌّ كَذَا الْكُلِّيَّاتُ إنَّمَا وُجُودُهَا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ
وأنا قلت :

الفرق بين "الجنس" و "الأعيان" أو بين "النوع" و "الأفراد"
وفيما نقلته من كلام شيخ الإسلام رحمه الله :

وَذَلِكَ أَنَّ الْعَقْلَ يُفَرِّقُ بَيْنَ كَوْنِ الْمُتَكَلِّمِ مُتَكَلِّمًا بِشَيْءِ بَعْدَ شَيْءٍ دَائِمًا وَكَوْنِ الْفَاعِلِ يَفْعَلُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ دَائِمًا وَبَيْنَ آحَادِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ فَيَقُولُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْعَالِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا بِالْفَاعِلِ وَأَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ وَيَمْتَنِعُ كَوْنُ الْفِعْلِ الْمُعَيَّنِ مَعَ الْفَاعِلِ أَزَلًا وَأَبَدًا وَأَمَّا كَوْنُ الْفَاعِلِ لَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ فِعْلًا بَعْدَ فِعْلٍ فَهَذَا مِنْ كَمَالِ الْفَاعِلِ
وأنا قلت :

يراد بوجود جنس المخلوق : وجود مخلوق ما من غير تعيين .
وفيما نقلته من كلام شيخ الإسلام رحمه الله :

وَالرُّسُلُ أَخْبَرَتْ بِخَلْقِ الْأَفْلَاكِ وَخَلْقِ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مِقْدَارُ حَرَكَتِهَا مَعَ إخْبَارِهَا بِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ مَادَّةٍ قَبْلَ ذَلِكَ وَفِي زَمَانٍ قَبْلَ هَذَا الزَّمَانِ
وقال :
فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي مُدَّةٍ وَمِنْ مَادَّةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقُرْآنُ خَلْقَ شَيْءٍ مِنْ لَا شَيْءٍ
وأنا قلت :

فمثلا : قبل أن يخلق الله العرش والماء هناك مخلوق ما هو العماء أو السحاب ، فليس الله إذ ذاك وحيدا لا مخلوق له ، بل هناك خالق ومخلوق وهما الله والعماء ( أو هما : الله والعماء مع الهواء ). وبعد أن يخلق الله الماء والعرش ، يوجد هناك أيضا خالق ومخلوق
وفيما نقلته من كلام شيخ الإسلام رحمه الله :

فَهَذَا الْقَلَمُ خَلَقَهُ لِمَا أَمَرَهُ بِالتَّقْدِيرِ الْمَكْتُوبِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ مَخْلُوقًا قَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا خُلِقَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ وَخَلَقَهُ بَعْدَ الْعَرْشِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ كَمَا ذَكَرْت أَقْوَالَ السَّلَفِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وأنا قلت :

فما من وقت من الأوقات إلا ويكون هناك مخلوق ما لله تعالى قليل أو كثير
وفيما نقلته من كلام شيخ الإسلام رحمه الله :

وَأَخْبَرَتْ الرُّسُلُ بِتَقَدُّمِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: { وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا }. { سَمِيعًا بَصِيرًا }. { غَفُورًا رَحِيمًا } وَأَمْثَالَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " كَانَ وَلَا يَزَالُ ". وَلَمْ يُقَيِّدْ كَوْنَهُ بِوَقْتِ دُونَ وَقْتٍ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يُحْدِثَ لَهُ غَيْرُهُ صِفَةً بَلْ يَمْتَنِعُ تَوَقُّفُ شَيْءٍ مِنْ لَوَازِمِهِ عَلَى غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِغَايَةِ الْكَمَالِ وَذَاتُهُ هِيَ الْمُسْتَوْجِبَ ةُ لِذَلِكَ. فَلَا يَتَوَقَّفُ شَيْءٌ مِنْ كَمَالِهِ وَلَوَازِمِ كَمَالِهِ عَلَى غَيْرِهِ بَلْ نَفْسُهُ الْمُقَدَّسَةُ وَهُوَ الْمَحْمُودُ عَلَى ذَلِكَ أَزَلًا وَأَبَدًا وَهُوَ الَّذِي يَحْمَدُ نَفْسَهُ وَيُثْنِي عَلَيْهَا بِمَا يَسْتَحِقُّهُ.
وأنا قلت :

أما وجوده في الذهن والعلم ، فقد يتصور الإنسان جنس الشيء من غير تعيين لأفراده . وأما وجوده في الخارج ، فالجنس لا يوجد فيه جنسا ، بل يوجد فردا أو أفرادا .
وفيما نقلته من كلام شيخ الإسلام رحمه الله :

فَطَائِفَةٌ - كَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ - قَالَتْ: لَا يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ جِنْسُ الْحَرَكَةِ وَالزَّمَانِ وَالْحَوَادِثِ حَادِثًا؛ وَأَنْ يَكُونَ مَبْدَأَ كُلِّ حَرَكَةٍ وَحَادِثٍ صَارَ فَاعِلًا لِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَأَنْ يَكُونَ الزَّمَانُ حَادِثًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ حَادِثًا مَعَ أَنَّ قَبْلَ وَبَعْدَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي زَمَانٍ وَهَذِهِ الْقَضَايَا كُلُّهَا إنَّمَا تَصْدُقُ كُلِّيَّةً لَا تَصْدُقُ مُعَيَّنَةً ثُمَّ ظَنُّوا أَنَّ الْحَرَكَةَ الْمُعَيَّنَةَ وَهِيَ حَرَكَةُ الْفَلَكِ هِيَ الْقَدِيمَةُ الْأَزَلِيَّةُ وَزَمَانُهَا قَدِيمٌ فَضَلُّوا ضَلَالًا مُبِينًا مُخَالِفًا لِصَحِيحِ الْمَنْقُولِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين.
وقد مر فيما سبق قوله رحمه الله :

الْكُلِّيَّاتُ إنَّمَا وُجُودُهَا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ

واسم رسالته تلك : رسالة في شرح حديث عمران بن حصين رضي الله عنه .
فالظاهر أنها موجهة إلى أهل السنة وغيرهم ، فلا يختص استعمال هذه المصطلحات بكلامنا مع أهل الكلام والفلسفة - بل حسب الحاجة .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أسـامة
2007-10-16, 01:31 PM
هذا معناه [ أنا لم أخطيء ]، لمجرد وجوده ضمن كلام قاله أحد الأئمة، وهذا لا يقتضي التسليم له بالصحة.
لذا قلنا آنفًا... تدارس... وليس ترديد.
وجزاكم الله خيرًا.

نضال مشهود
2007-10-16, 02:01 PM
ولكنك ترفض القول بأن هناك مخلوق هو أول المخلوقات !
ما دليلك على ذلك شرعا؟
وأفهم أنك تقول بأن ذلك ممتنع عقلا لهذا السبب الذي ذكرته انت في ردودك السابقة:
الأدلة ذكرتها أكثر من مرة ، فلتراجع رضي الله عنك .

نحن لا نقول بأن الله عز وجل كان معطلا عن التخليق، ولكننا نقول بأنه يفعل ما يشاء متى شاء ولا يجب عليه ان يخلق منذ الأزل حتى يكون خالقا ولكنه يخلق متى شاء ولا يتعطل عن التخليق والقدرة على ذلك منذ الأزل ولكنه يخلق متى شاء . وأنت لا تدري أنه شاء أن يخلق منذ الأزل في كل لحظة، ولهذا نقول بجواز ذلك لكن لا نقول بوجوبه لأن الله يخلق بمشيئه، ونحن لا علم لنا بمشيئة الله عز وجل (إذا شاء ان يخلق منذ الأزل ام لا)
لكنه بدون شك شاء ان يخلق المخلوقات فهو خلق العرش والقلم والعالم والجنة والنار ..الخ
وهذه كلها تكفي لإثبات أن الله عز وجل خالق وأنه قادر على الخلق متى شاء، ولا يلزم أن يخلق منذ الأزل حتى لا تتعطل صفة الخالقية فهي مرتبطة بمشيئته ... يعني هذا لا يمتنع في عقلي
ما معنى (الجواز) ؟
هل تقول أنه من الممكن أن لا تخلق الله تعالى شيئا من المخلوقات منذ الأزل إلى حين خلقه ذلك المخلوق الأول ؟ وما دليلك على إمكانية ذلك عقلا وشرعا ؟
أنا أعلم أن هذا القول هو ما أدى إليه اجتهاد الباحثة كاملة الكواري في أحد أبحاثها ، وقد نسبته إلى شيخ الإسلام - تفهما لا نقلا مصرحا - ، لكنني حتى الآن لا أجد مصداقية ذلك في أي كتاب من كتبه رحمه الله . بل الظاهر خلافه .

الدليل على ذلك شرعا؟
أن هذا الإعتقاد (أن هناك مخلوق هو أول المخلوقات وأنه لا يسبقه إلا الله عز وجل فلا يسبقه مخلوق قبله) يستلزم تعطيل الله عز وجل عن الخالقية قبل ذلك الزمن؟
فكلامك هذا يستلزم وجوب ذلك على الله في فهمي
الوجوب ينافي المشيئة
لا يا أخي الكريم !
الوجوب هنا هو وجوب أن لا يكون الله تعالى معطلا عن إرادة الخلق ، لأنه ليس من يخلق كمن لا يخلق . فمن لا يقدر على الخلق ناقص ، ومن لا يخلق منذ الأزل ناقص أيضا لتعطله عن الإرادة والرحمة والترزيق والإحسان والجود والامتنان .

لغتي العربية فيها ضعف .
ولكنني أفهم أن معنى "الخلاق": الذي يكثر من فعل الخلق صح؟
ام أن فهمي لها خطأ؟
أما العربية فلست أنا من أهلها .
لكن أنقل لك بعض ما قاله أهل العلم رحمهم الله :
قال الشيخ الشنقيطي في تفسيره : (والخلاق والعليم : كلاهما صيغة مبالغة) ؛ وقال ابن عجيبة صاحب (البحر المديد) : (والخلاق أبلغ من الخالق باعتبار اللغة ، وأفعال الله تعالى كلها عظيمة كثيرة) ؛ وقال الإمام الطبري : (فإنه تعالى الخلاق، الذي جميع المخلوقات، متقدمها ومتأخرها، صغيرها وكبيرها، كلها أثر من آثار خلقه وقدرته، وأنه لا يستعصي عليه مخلوق أراد خلقه) ؛ وقال ابن كثير : (فإنه الخلاق الذي لا يعجزه خلق ما يشاء) . قلت : وهذا وصف لازم له تعالى كما قال تعالى : (أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون) . وليس عندنا دليل واحد على تخصيص ذلك وقتا دون وقت ، فالتمسك بالظاهر والعموم أولى .

يعني أفهم من كلامك هذا أنه منذ الأزل كان مع الله مخلوقات؟
لم تكن هناك اي لحظة كان فيها الله وحده وليس معه شيء؟
إذا كان كذلك فما هو دليلك شرعا؟
ومن من السلف أو علماء أهل السنة قالوا بكلامك هذا؟ (عدم وجود مخلوق هو أول المخلوقات لا يسبقه إلا الله عز وجل ... الخ)
لم يزل الله تعالى ولا يزال فعال لما يريد . ومن جملة أفعاله تعالى : الخلق والكلام .
فمع هذا كيف يقال إنه في وقت من الأوقات يجوز أن يكون الله معطلا عن فعل التخليق منذ الأزل ؟ ولعلك - بارك الله فيك - تراجع كتب شيخ الإسلام ونقوله عن السلف مثل نقله قول الإمام أحمد وغيره عن صفة الكلام وكلام ابن عباس ررر عن صفة الغفران والرحمة . والله أعلم .

نضال مشهود
2007-10-16, 02:04 PM
هذا معناه [ أنا لم أخطيء ]، لمجرد وجوده ضمن كلام قاله أحد الأئمة، وهذا لا يقتضي التسليم له بالصحة.
لذا قلنا آنفًا... تدارس... وليس ترديد.
وجزاكم الله خيرًا.

فما المانع أخي الكريم من (التسليم) ؟ والأدلة قد ظهرت ظهورا بينا .
وقد مر اعتبارك لكلامه رحمه الله (عمدة في الباب) .
أم أن عندك غيره ؟

أسـامة
2007-10-16, 02:18 PM
جزاك الله خيرًا...
كل هذا ليس بجديد... وأما الأدلة فتعارض أدلة أخرى... وهذا ما ذكرناه آنفًا من قبل هذا الخوض، بأن هذه المسألة شائكة.
وأما اقحام كلام شيخ الإسلام لموافقة الفلاسفة، فمردود.
وأما التسليم له في حال تعارض مع أصول أخرى... ففيه نظر.
وذكرنا أن هذا تدارس... وكلمة العمدة، لا تعني التسليم، ولكن تعني أن هنا كلام يرتكز عليه الكثير، وهذا لا يعني أن هناك مقولة واحدة في هذا الباب.
وإلا ويتضح لك كلام بعض الأئمة، كمثل قولهم: وما علمنا عن شيخ الإسلام إلا وأن عقيدته سلفية ناصعة، إلا وأننا نختلف معه في شيء منها.
وهذا الكلام تجده على لسان الإمام الذهبي وابن كثير وغيرهم.
وهو شيخهم وشيخنا بل وشيخ الإسلام - رحمه الله... وتدارس المسألة يختلف تمامًا عن التقليد، إلا بالتقليد فيما هو مُسَّلم به، وهذا يسمى الاتباع، أما غير المسَّلمات فمن يقول بهذا؟ لا أحد بلا شك و لا أظتك أنت تقول بهذا.

زوجة وأم
2007-10-16, 06:06 PM
أنا قلت :

اقتباس:
وقد يسمى هذا : "قدم جنس المخلوق" . وليس ذلك بباطل أصلا ، بل هو عين الحق - بخلاف قدم مخلوق معين أو مخلوقات معينة .
وفيما نقلته من كلام شيخ الإسلام رحمه الله :

اقتباس:
أَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَجْعَلُونَ هَذَا عُمْدَتَهُمْ مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ: أَنَّ الْحَوَادِثَ لَهَا ابْتِدَاءٌ وَأَنَّ جِنْسَ الْحَوَادِثِ مَسْبُوقٌ بِالْعَدَمِ إذْ لَمْ يَجِدُوا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَنْطِقُ بِهِ؛ مَعَ أَنَّهُمْ يَحْكُونَ هَذَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا فِي كُتُبِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُبْتَدَعِ فِي الْإِسْلَامِ الَّذِي ذَمَّهُ السَّلَفُ؛ وَخَالَفُوا بِهِ الشَّرْعَ وَالْعَقْلَ. وَبَعْضُهُمْ يَحْكِيهِ إجْمَاعًا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ بِذَلِكَ نَقْلٌ لَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ قَوْلَ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.


لاحظ أخي الكريم انك قلت جنس (المخلوق)
وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: جنس (الحوادث)

وهناك فرق بين هذا وذاك
فكل مخلوق حادث وليس كل حادث مخلوق

أما قولك بأنك ذكرت الأدلة الشرعية لقولك فأين هو؟
لم اراك تذكر آيات واحاديث سوى حديث العماء


ما معنى (الجواز) ؟
هل تقول أنه من الممكن أن لا تخلق الله تعالى شيئا من المخلوقات منذ الأزل إلى حين خلقه ذلك المخلوق الأول ؟
لما لا إذا لم يشأ الله ذلك ؟
حيث أن الله عز وجل يفعل ما يشاء متى شاء
(ملاحظة: أنا لا اقول هذا جزما لأنني لم أرى الأدلة الواضحة بعد في المسألة كلها
فأنا متوقف حاليا في هذه المسألة
وأناقشها للتدارس)


وما دليلك على إمكانية ذلك عقلا وشرعا ؟

أخي الفاضل ما دليلك أنت على قولك؟
ففي أمور الدين يجب ان يكون لديك دليل لإثبات قولك وليس نفيه.
هذا ما أعرفه
وإن كنت اخطأت فأرجو تصويبي

زوجة وأم
2007-10-16, 06:16 PM
ومن لا يخلق منذ الأزل ناقص أيضا لتعطله عن الإرادة والرحمة والترزيق والإحسان والجود والامتنان .


راجعت كلامك هذا وهو معقول
إلا ان صفة الإرادة لا تتعطل بعدم وجود الخلق لكن ربما الصفات الأخرى التي ذكرتها

لكن ما لم استعوبه هو قولك بوجود جنس المخلوقات منذ الأزل وعدم وجود مخلوق أول لا يسبقه إلا الله عز وجل
فهذا في عقلي يستلزم وجود مخلوقات مع الله منذ الأزل يعني متساوية في وجودها مع الله
وهذا يناقض قولنا (كان الله ولا شيء معه)

زوجة وأم
2007-10-16, 06:21 PM
لم يزل الله تعالى ولا يزال فعال لما يريد . ومن جملة أفعاله تعالى : الخلق والكلام .
فمع هذا كيف يقال إنه في وقت من الأوقات يجوز أن يكون الله معطلا عن فعل التخليق منذ الأزل ؟ ولعلك - بارك الله فيك - تراجع كتب شيخ الإسلام ونقوله عن السلف مثل نقله قول الإمام أحمد وغيره عن صفة الكلام وكلام ابن عباس ررر عن صفة الغفران والرحمة . والله أعلم .

أين أجد هذه النقولات في كتبه؟

أسـامة
2007-10-16, 07:24 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم أيها الفضلاء.

عرض موجز للمسائل الأخيرة.

صفة الخلق:
صفة ذاتية فعلية لله تعالي. (ولا يوجد خلاف في هذه النقطة)

التخليق:
بلا أدنى شك أنها فعلية إختيارية لله تعالى.
ولا يصح فيها الإلزامات.

إن كان لله تعالى القدرة والمشيئة على أن يخلق وقتما شاء وكيفما شاء، فيكون الفعل تحت المشيئة، إن شاء فعل وإن لم يشأ فلا... فإن أثبتنا لله عز وجل فعله، لأثبتنا مشيئته بما شاء (فأين الدليل؟) أم ألزمناه بما لم يشأ؟ (فهذا باطل).
فلا يستلزم دفع تعطيل بشيء هو تحت المشيئة دون إخبار به، فيخرج من شبهة التعطيل إلى القول على الله بلا علم... وكلاهما باطل.
فما كان تعطيلاً في أصله ليُدفع ... ولا حق فيُتَّبع.

المخلوق:
إن وقع ظن أحد الأخوة أنه قديم سواءً بآحاده أو نوعه أو جنسه، فقد ذهب بعيدًا، وفصل الآحاد عن الجنس والنوع للمخلوق، فلا يستند إلى دليل يقام به حُجَّة.
فأرجو أن لا يكون فيه إلتباس.

وأما الخلاف الواقع:
هي مسألة الإرادة المثبتة للفعل الاختياري كيّ لا يكون تعطيلاً.
ورأيت كثيرًا من الفضلاء قد أحجموا عن الحديث في هذه المسألة إحجام فطنة منهم، ولا أرى نفسي إلا أن أكون معهم لأن هذه المسألة ليس فيها قول معتمد.
نسأل الله أن يعلمنا ما جهلنا، ويعصمنا من الزلات.

نضال مشهود
2007-10-16, 11:52 PM
الأخ أسامة . . . حفظك الله ؛

قلت إن استدلالات شيخ الإسلام تعارضها (أدلة أخرى) وألمحت إلى مخالفتها لـ(أصول أخرى) . فهلا أوضحت لنا تلك الدلائل والأصول حتى لا تلقى هذه الدعوى على عواهنها ؟ وأشرت ضمنيا أن هناك أقوال أخرى من أئمة أهل السنة تضاد ما أدت إليه بحوث الشيح رحمهم الله - أي بخصوص هذه المسألة بالذات . فمن هم ، وأين النقول عنهم فتوى أو استدلالا ؟ أرجوا الاعتناء بهذه النقطة ، فإنها بيت القصيد . ولسنا في هذا الأمر - ولله الحمد - بمقلدين ، وإنما ذكر الأئمة تلك المسائل بدلائلها فاتبعناهم على ذلك وقلنا بموجبها .

وأما قولتك العجيبة :
وأما اقحام كلام شيخ الإسلام لموافقة الفلاسفة، فمردود. فلا أرى لذكرها حاجة ، فأين أقوال معطلي الإرادة من كلام شيخ الإسلام . . . ؟ اللهم سلّم !

قولك :
إن كان لله تعالى القدرة والمشيئة على أن يخلق وقتما شاء وكيفما شاء، فيكون الفعل تحت المشيئة، إن شاء فعل وإن لم يشأ فلا... فإن أثبتنا لله عز وجل فعله، لأثبتنا مشيئته بما شاء (فأين الدليل؟) أم ألزمناه بما لم يشأ؟ (فهذا باطل). فلا يستلزم دفع تعطيل بشيء هو تحت المشيئة دون إخبار به، فيخرج من شبهة التعطيل إلى القول على الله بلا علم... وكلاهما باطل. فما كان تعطيلاً في أصله ليُدفع ... ولا حق فيُتَّبع.

إن الجزم - يا أخي - بوجود أول المخلوقات أولية مطلقة لهو تعطيل الله سبحانه وتعالى عن (إرادة التخليق) فيما لم يزل - تعطيلا مطلقا - بحيث إنه تعالى منذ الأزل إلى حين خلقه ذلك المخلوق الأول - على مقتضى هذا القول - لم يكن يريد شيئا من الخلق ولو مرة واحدة ، وهو فيما لم يزل إلى ذلك الوقت لم يخلق مخلوقا ولو مرة ، ولا يرزق مرزوقا ، ولا يرحم مرحوما ، ولا يحسن أحدا غيره ، ولا يرب مربوبا ، ولا يدبر أمر مدبّر ، ولا يجود على فقير ، ولا . . ولا . . . فلم يكن عندئذ خلاّقا بالفعل ، ولا رزّاقا بالفعل ، ولا قيّوما بالفعل ، ولا رحيما بالفعل ، ولا جوادا بالفعل ، ولا ولا . . .

وأما القول بالجواز فهه شبيه بذلك - وإن كان أخف منه ضررا . فليس معنى التجويز إلا " تجويز أن يكون الله معطلا عن وقوع تلك الأفعال المتعدية منه تعالى" . فأيهما أصدق في العقل والشرع والفطرة : (منع التعطيل) أم (جوازه) ؟ أظن أن الإجابة ظاهرة في قلوبكم اليقظة .

وأما قولك :
إن وقع ظن أحد الأخوة أنه قديم سواءً بآحاده أو نوعه أو جنسه، فقد ذهب بعيدًا، وفصل الآحاد عن الجنس والنوع للمخلوق، فلا يستند إلى دليل يقام به حُجَّة . فأرجو أن لا يكون فيه إلتباس.

فهو عندي عين البعد والالتباس . فإنه ليس المراد بذلك القول : فصل الآحاد عن الجنس (أو بعبارة أدق : فصل الجنس عن آحاده) . بل المراد أن كل واحد من المخلوقات حادث مسبوق بالعدم ، لكن جنسها تابع لجنس التخليق . والتخليق نفسه : فعل دائم الجنس والنوع ، حادث الآحاد والأفراد . تماما كما قال تبارك وتعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) . فصلاحية حصول الإرادة منه تعالى دائمة لا يختص بوقت دون وقت - فضلا عن تعطله تعالى عنها في الأزل أو جواز تعطله عنها فيه .

والله أعلى وأعلم ، وله الحمد في الأولى والآخرة .

نضال مشهود
2007-10-17, 12:38 AM
راجعت كلامك هذا وهو معقول
إلا ان صفة الإرادة لا تتعطل بعدم وجود الخلق لكن ربما الصفات الأخرى التي ذكرتها
لله الحمد من قبل ومن بعد .
أردت بـ(الإرادة) هنا : إرادة التخليق .

لكن ما لم استعوبه هو قولك بوجود جنس المخلوقات منذ الأزل وعدم وجود مخلوق أول لا يسبقه إلا الله عز وجل . فهذا في عقلي يستلزم وجود مخلوقات مع الله منذ الأزل يعني متساوية في وجودها مع الله . وهذا يناقض قولنا (كان الله ولا شيء معه)
ليس وجود تلك المخلوقات بمتساو مع الله ، فإن كل منها مسبوق بالعدم ، مخلوق لمدبر العالم . لكن بما أن إحسان الله تعالى ورحمته وجَوده دائمة منذ الأزل ، فجنس مفعولات تلك الأفعال المتعدية دائمة أيضا ، وإن كان آحادها حادثة . وأما قول القائل : (كان الله ولا شيء معه) فإنما يناقض هذا لو أريد به أن (كان الله ولا شيء معه من الخلق مطلقا - لا العرش ولا الماء ولا العماء ولا الهواء ولا غيرها من المخلوقات ألبتة) . فأما إن أريد به ما أراده الرسول صلى الله عليه وسلم - والله أعلم - من أن الله عند كون عرشه على الماء لم يكن معه شيء من هذا العالم المشهود ، أو أريد به أن الله لا يسبقه شيء من مخلوقاته ، فهذا حق وليس فيه نقض لما أثبتناه - لأن الله هو الأول الذي ليس قبله شيء ، أي ليس لوجوده تعالى بصفاته الذاتية : (قبل) ولا (بعد) .

وأما النقولات عن أئمة السلف ، فلي عودة لإتيانك بها - ولا أظنه كثيرا . والله الموفق للسداد .

زوجة وأم
2007-10-17, 01:01 AM
قررت ان انسحب من مناقشة هذا الموضوع
وسأتوقف فيها إن شاء الله
فلا أرى فائدة كبيرة من مناقشتها
بل أرى أنها تضرني أكثر مما تنفعني
وأخشى أن أتكلم عن الله بغير علم سبحانه وتعالى

وإذا ذكر أهل البدع هذه المسألة (ويظهر لي ان ذلك نادر الحدوث والله أعلم) أتركها لأهل الإختصاص ولا ادخل فيها

ووفقكم الله لما يحبه ويرضاه

أسـامة
2007-10-17, 02:07 AM
أخي نضال...
لربما قلت آنفًا... أنه يجب التفطن... ودعني أطرح عليك طرحًا.
جميع المخلوقات آحاد... وجميعها مربوب... وجميعها كانت لم تكن شيئًا.
فخلقها الله تعالى.
هلا أخرجت جميع الآحاد... ماذا بقي؟
لا داعي للرد...
فلا أرى أننا في مدارسة فعلية... بارك الله فيكم.
وكما فعل الفاضل المتفطن / العقيدة... أتبعه أيضًا بالانسحاب.
غفر الله لنا ولكم.

المسندي
2007-10-17, 01:58 PM
كما لا سبيل لهم إلى معرفة ما خلقه الله تعالى بعد دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار .


سبحان الله هذا رجمُ بالغيب !
وما يدريك وما دليلك غفر الله لك .

علي أحمد عبد الباقي
2007-10-17, 02:30 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حقيقة الأمر أن مسألة الصفات الفعلية ، وقضية التسلسل هي من أعوص المسائل في باب الصفات ، لذلك لا يحسن إطالة الكلام فيها أكثر من ذلك .
والحمد لله الجميع هنا متفق على إثبات تلك الصفات ، وأن الله يفعلها متى شاء وكيف شاء ، ولم يزل الله متصفًا بتلك الصفات ، ولا يزال متصفًا بها سبحانه وتعالى .
مع الإقرار والتسليم بأن الله خالق كل شيء وأن ماعداه مخلوق ، وأن كل مخلوق مسبوق بعدم نفسه ومسبوق بخالقه سبحانه وتعالى.
وأن الله أول بلا ابتداء ، وآخر بلا انتهاء سبحانه وتعالى ، لا رب غيره ولا معبود بحق سواه .
والحمد لله رب العالمين .

أبو صهيب صلاح الدين
2007-10-18, 03:39 PM
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
لقد اطلعت على استفسارك أخي العقيدة و لعل الجواب أبسط مما تتصوره :
صفة الخلق من صفات الله الفعلية و هي متعلقة بمشيئته عز و جل , يخلق ما شاء و متى شاء , و هو متصف بصفة الخلق منذ الأزل . فهناك فرق بين الصفة و الفعل.
أرجو أن أكون قد أجبت عن استفسارك أخي زادك الله علما و فهما.
ملحوظة: لم أطلع على جميع الردود على استفسارك .

نضال مشهود
2007-10-28, 03:16 PM
سلان الله عليكم - إخوتي الكرام - ورحمته وبركاته .
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ؛
وبعد : فأعتذر أنا قبلا على التأخر في الرد - وعسى الله أن يزيدنا الحرص والعزم في المستقبل للتفقه في الدين علما وعملا .

قررت ان انسحب من مناقشة هذا الموضوع
وسأتوقف فيها إن شاء الله
فلا أرى فائدة كبيرة من مناقشتها
بل أرى أنها تضرني أكثر مما تنفعني
وأخشى أن أتكلم عن الله بغير علم سبحانه وتعالى
وإذا ذكر أهل البدع هذه المسألة (ويظهر لي ان ذلك نادر الحدوث والله أعلم) أتركها لأهل الإختصاص ولا ادخل فيها
ووفقكم الله لما يحبه ويرضاه.
نسأل الله أن يبارك الله فيك أخي الكريم ويصرفك عما لا يعنيك ويجنبك من الفتن ما ظهر منها وما بطن . الحقيقة ، أن المسألة - كما أشار إليه فضيلة المشرف الشريف - من محارات العقول ، فلا يقدم فيه إلا من استعد للغوص في بحار المعاني متمسكا فيه بهدي الكتاب والسنه وكلام أئمة الأمة رضي الله عنهم أجمعين . فإن أنت قررت - أخي الفاضل - أن تبتعد عن هذه المسألة خوفا من الضرر والفساد في الدين ، فحق لك ذلك . ولعله أسلم وأصلح لك ولمن يخاطبك من هؤلاء المذكورين . إلا أن مثلي ومثل كثير من الناس ممن لهم عادة التعايش مع هذه القضايا العقدية والتعامل مع شبهات هؤلاء المبطلين من أهل الكلام والفلسفة - أو حتى التعامل مع تفاسير بعض الآيات وشروح بعض الأحاديث المتعلقة بهذا الأمر - لا يسعنا الإعراض عن مدارسة هذه المسألة والتعمق في فروع قضاياها ، بغية الوصول إلى الحق المنشود والرشد المطلوب كي تنشرح بها الصدور وتطمئن بها العقول فزالت عنها الشبهات وذهبت منها الشطحات وأقبلت على ما في النصوص البينات من المعاني المحكمات الطيبات .

فأحثك - بناء على هذا - أن لا تدع رد بدعهم بالكلية ، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم سمات أهل السنة في كل الأزمان . بل يكفيك أن ترد عليهم بأن تمنعهم من دعوى استحالة قيام الأفعال الاختيارية بذات الله تعالى أزلا وأبدا ، وتمنعهم كذلك من دعوى حدوث الخلق بلا سبب حادث . والأدلة العقلية والنقلية في هذا الأمر - بحمد الله - كثيرة جدا ، وهي إلى القوة ما هي . وأما مسألة "وقوع التخليق" منه تعالى قبل زمن معين في الماضي فيكفيك أن تقول : إنه غير مستحيل ! - بغض النظر عن وقوعه بالفعل أو عدم وقوعه .

هذا ما لزم ، والله الموفق للسداد . . .

نضال مشهود
2007-10-28, 03:33 PM
سبحان الله هذا رجمُ بالغيب !
وما يدريك وما دليلك غفر الله لك .
وما يدريك - سامحك الله وإيانا - أنه رجم بالغيب ؟
أفلا يلزم المعترض أن يأتي بالبينة قبل الوصف والحكم والقضاء ؟!
الدليل - أخي المتحمس - قول ربنا جل في علاه : (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) . يقول المفسرون : أي إلا بما بيّن . وقد قال الفاروق ررر : قام فينا رسول الله مقاما فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم واهل النار منازلهم . وفي حديث القلم المشهور : أن الله لما خلقه قال اكتب ، قال وماذا أكتب ، قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة .
فالذي لم يبين الله تعالى أمره في الكتاب ولم يكن يكتبه عند خلقه القلم ولا بينه الرسول (ص) في حديثه ، كيف يتاح للعباد أن يعرفوا ذلك ؟ وهل لهم مصادر العلم بذلك غير ما ذكرت ؟! يقول الرب سبحانه : (ويخلق ما لا تعلمون) . وقال في أمر النار أو عموما : (إلا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد) .
فلذلك يقول شيخنا ابن تيمية - ذلك النحرير الفاضل المحقق رحمه الله - كما في الفتاوى (18/231) :
(فأخبروا الناس بخلق هذا العالم الموجود المشهود وإبتداء خلقه وأنه خلقه فى ستة أيام وأما ما خلقه قبل ذلك شيئا بعد شىء فهذا بمنزلة ما سيخلقه بعد قيام القيامة ودخول أهل الجنة وأهل النار منازلهما وهذا مما لا سبيل للعباد إلى معرفته تفصيلا) .
أرجو أن قد اتضح لك الأمر والله المستعان . . .

نضال مشهود
2007-10-28, 04:18 PM
أخي نضال...
لربما قلت آنفًا... أنه يجب التفطن... ودعني أطرح عليك طرحًا.
جميع المخلوقات آحاد... وجميعها مربوب... وجميعها كانت لم تكن شيئًا.
فخلقها الله تعالى.
هلا أخرجت جميع الآحاد... ماذا بقي؟
لا داعي للرد...
فلا أرى أننا في مدارسة فعلية... بارك الله فيكم.
وكما فعل الفاضل المتفطن / العقيدة... أتبعه أيضًا بالانسحاب.
غفر الله لنا ولكم.
أخي أسامة سامحك الله ؛
كيف يحق لك أن تطرح طرحا خبيثا ثم تمنع غيرك من أعضاء هذه الملتقى المباركة أن يردوا عليه ؟ وتقرر أنت الانسحاب من (المدارسة) التى لم تكن تتفاعل أنت فيها والتى زعمت جورا أو خطأ أن غيرك أيضا لم يكونوا يدارسونها بالفعل ؟!
فالذي ألقيته - أخي في الله - ليس شيئا جديدا ! بل هي شبهة قديمة عنيقة مشهورة مكشوفة لهؤلاء المجادلين الذين يحاولون قصدا أو جهلا أن ينكروا قيام الأفعال الاختيارية بالله تعالى . قالوا : كل فعل من الأفعال حادث كائن بعد أن لم يكن ، فالمجموع إذن حادث ، فليس للباري تعالى فعل في الأزل ، لبطلان حوادث لا أول لها مطلقا (!)
وقد رد (العمدة) على أمثال هذه الشبهات في غير ما موضع . ففي الدرء ، وفي المنهاج ، وفي الجواب ، وفي الصفدية ، وفي نقض التأسيس ، وفي النبوات ، وفي كثير من تفاسير الآيات وشروح الأحاديث الموجودة بالفتاوى .

قديما يقول الآمدي رحمه الله : (وإذا لم يكن شيء من الأبعاض موجودا في الأزل ، فالجملة غير موجود في الأزل . فإنه لا وجود للجملة دون وجود أبعاضا) . وهذا عين ما طرحته سابقا - وكنت أرجو رجاء شديد أن لا تناقض منهجك الأول الذي طالبت به غيرك : (قل لي قال الله قال رسول الله!) .

والرد على أمثال هذه الشبهة الخبيثة سهلة ميسرة - بحمد الله سبحانه . منها هذه الكلمات من (العمدة) : فتبين أن الجواب فيه مغلطة وحقيقة الجواب أنه يجب الحكم على الجملة بما يحكم به على أفرادها ، وقد بين هو وغيره فساد هذا الجواب . وقبله : والمنتفي إنما هو وجود شيء من أبعاضها في الأزل ولا يلزم من انتفاء كون الواحد من أبعاضها قديما أزليا أن لا يكون موجودا .

والحمد لله رب العالمين .