مشاهدة النسخة كاملة : وقفات مع فضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز التخيفي
أبو عثمان السلفي
2007-10-04, 01:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومَن والاه:
أما بعد:
فقد سمعتُ شريطاً –وهي المادة الصوتية الوحيدة على (صفحات الويب)!- لفضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن سعد التخيفي(1)-سدده الله-، بعنوان: «التصحيح والتضعيف بين المتقدمين والمتأخرين»(2)، فبدأ فضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز التخيفي محاضرته بلفظ حديثٍ لا أصل له في كتب السنة؛ فقال: «في الحديث الصحيح عن النبي –صلى الله عليه وسلم- «خير القرون قرني»... »! [د: 6:45]
قال الألباني –رحمه الله-: «وبهذه المناسبة لا بد لي من وقفة أو جملة معترضة قصيرة, وهي أن الشائع اليوم على ألسنة المحاضرين والمرشدين والواعظين رواية الحديث بلفظ: «خير القرون قرني». هذا اللفظ لا نعرف له أصلاً في كتب السُّنّة مع أن هذا الحديث دخل في زمرة الأحاديث المتواترة لكثرتها, وإنما اللفظ الصحيح الذي جاء في «الصحيحين» وغيرهما إنما هو بلفظ: «خير الناس قرني»، ليس: (خير القرون قرني)، إنما هو: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم» إلى آخر الحديث ... ». [«سلسلة الهدى والنور»- شريط (رقم 396)]
وجاء في موقع (الإسلام: سؤال وجواب):
«ومما هو جدير بالتنبيه أن لفظ الحديث الوارد في السؤال وهو: «خير القرون قرني»: لا أصل له بهذا اللفظ، وإن كثر استعماله في كتب أهل السنة، ثم هو خطأ من حيث المعنى، إذ لو كان هذا لفظه لقال بعده: «ثم الذي يليه»! لكن لفظ الحديث: «ثم الذين يلونهم»، ولفظ الحديث الصحيح: «خير الناس قرني»، و«خير أمتي قرني». والله أعلم».
قال أبو عثمان: فنرجو من فضيلة الشيخ أن يخرج الحديث الذي ذَكره، مع ذِكر حكم المتقدمين عليه، وبيان موافقته أو مخالفة لهم!!
والله الموفق.
ومِن باب التنبيه والأمانة العلمية أنْ أقول:
رُوي الحديث بلفظ: «خير القرون القرن الذي أنا فيهم، ثمّ الثاني، ثمّ الثالث، ثمّ الرابع لا يعبأ اللهُ بهم شيئاً». رواه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (4/172) وقال: «غريب مِن حديث الأعمش، لم يروه عنه إلا إسحاق».
يتبع -بمشيئة الله-.
ــــــــــ
(1) المعلومات عن فضيلة الدكتور في (صفحات الويب) شحيحة جدًّا، ومما قيل عنه –سدده المولى-: «شيخنا الشيخ عبدالعزيز مِن المحدثين المعروفين بالعلم والفضل، وحسن السمت، وهو شيخ شيخنا عبدالله السعد».
وقيل –أيضاً-: «أنه أول مَن قال بمنهج المتقدمين وشهره في عصرنا، وأكثر مِن استعماله الشيخ عبدالله السعد إلا أنَّ تقريرات الشيخ عبدالله السعد كانت أقوى وأشمل».
ووعد أحد طلبة العلم بكتابة ما يتيسر له عن فضيلة الشيخ الدكتور التخيفي –عجّل الله خروجها!-، فـ«معرفة سير الأفراد مِن العلوم التي يُحتاج إليها، إذ به يَعرفُ الخلفُ أحوالَ السّلف...». [انظر مقدمة «إرشاد الطالبين»]، ولو سلكتُ منهج الإمام (ابن حبان) في «ثقاته» لما حرصتُ على ترجمة فضيلة الشيخ التخيفي الذي دافع عن منهجه بتعجل لا نرضاه له –كما سيأتي-!
(2) وحبذا لو يقوم أحد طلبة الشيخ بتلخيص المحاضرة فيما يتعلق بعنوان المحاضرة–فقط-، فإني وجدت عنوان المحاضرة في واد، وما ذكره الشيخ في وادٍ آخر.
فالعنوان يوحي أن الشيخ سيتكلم عن «الحكم بتصحيح الحديث، أو تضعيفه في اجتهاد الأئمة المتقدمين، ثم في اجتهاد والمتأخرين» -كما صرح بذلك في بداية الشريط-.
وذكر في نهاية الشريط (د:53): (منهج المتأخرين في وصف شرائط الصحيح)؛ فقال: «ليسوا على وصف المتقدمين، دون المتقدمين في شرائط الصحيح وفي قوة الأحاديث، المتأخرون أمر آخر؛ لهم علم ولهم حفظ، ولهم فضل، ولهم جهادهم في حمل السنة في الذب عنها، ولكنهم دون المتقدمين في هذه الأوصاف كلها.
ومن خصائص المتقدمين التي تميز حديثهم عن المتأخرين أذكر لكم بعض[...] حتى يتميز لك هذا الموضوع، فمن الأمور التي يتميز المتقدمين عن المتأخرين: أن معرفتهم بالسنة متوناً وأسانيد ورواة وعللاً وطرق فوق المتأخرين[...]، ومن ذلك –أيضاً- أن شيوخهم الذين أخذوا عنهم المرويات -من الطبقة التي قبلهم- أقدم وأحفظ من شيوخ المتأخرين، وأسانيدهم -غالباً- المتأخرون نازلة، أسانيدهم طويلة نازلة، بينما أسانيد المتقدمين -غالباً- عالية، وكلما كان السند عالياً كان مظنة لحفظه.. وإتقانه، بخلاف الأسانيد النازلة مظنة أن يقع فيها الخلل،.. المتأخرين حفاظ كبار، وأعلام، مثل: ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم بن عبدالله صاحب «المستدرك»، ومثل ضياء المقدسي صاحب «المختارة»، هؤلاء لهم مؤلفات، ولهم دواوين، وهم متبحرون في السنة، أبو حاتم، محمد بن حبان البستي...، وغيرهم من أمثالهم هؤلاء لهم معرفة، ولهم حفظ ولهم دراية، وهم أئمة كبار، ومعرفتهم واسعة لكن الأمور ليست [....] المتقدم.
أولاً: ابن حبان والحاكم صاروا يتوسعون في أمور العدالة، وأوصاف الرواة، فابن حبان...» إلخ.
وسيأتي الكلام على الحاكم وابن حبان –هذا أولاً-، وثانياً: لم ننبّه على الأخطاء اللغويّة!! وما أكثرها!
فائدة: قد يظن البعض أن جميع الأحاديث قد حُكِمَ عليها صحة وضعفاً، والأمر ليس كذلك كما لا يخفى على طلبة العلم –وقد يَخفى!-، وقد ذَكر الشيخ الألباني حديثاً ضعيفاً في «السلسلة الضعيفة» (2/427)، كان مِن دواعي تخريجه له وبيان علته أنه قال: «ففي هذه الحديث -ومثله كثير- لأكبر دليل على جهل مَن يزعم أنه ما مِن حديث إلا وتكلم عليه المحدثون تصحيحاً وتضعيفاً!».
فائدة أخرى: وقال –رحمه الله- بعد استدراكاته على بعض الأئمة-: «...مصداقاً لقول القائل: «كم ترك الأول للآخر», ورداً على بعض [المقلدة] المغرورين القائلين: إن علم الحديث قد نضج بل واحترق. هداهم الله سواء السبيل». [«السلسلة الضعيفة» (3/160) و (12/511)]
فائدة منهجية: وقال –أيضاً- في المصدر السابق (3/180): «...فتأمل كيف يقع الخطأ مِن الفرد, ثم يغفل عنه الجماعة ويتتابعون وهم لا يشعرون, ذلك ليصدق قول القائل: «كم ترك الأول للآخر», ويظل البحث العلمي مستمراً، ولولا ذلك لجمدت القرائح, وانقطع الخير عن الأمة».
أما ما قاله فضيلة الشيخ التخيفي -عن اتساع المرويات- (د:24): « ثم بعد ذلك في (عهد متأخر) من نفس عهد المتقدمين رأوا أن الموضوع ليس هكذا، أن هناك مجموعات حديثية في الأمصار كثيرة، مجموعات مرويات ألوف الأحاديث ليس يسعهم أن يهملوها... بل لا بد من جمعها مع تمحيصها وفحصها؛ لأنهم لو أهملوها سوف تنتشر ويعمل الناس بالحديث الضعيف ويعملون بالباطل، فلم يروا أن يسعهم أن يهملوا هذه المرويات الكثيرة، وهكذا فعل سفيان الثوري، وهكذا فعل الأعمش، وهكذا فعل الذين جمعوا المرويات بكثرة، ثم بعد ذلك معمر بن راشد الأزدي ثم ابن المبارك... »، فيحتاج إلى نظر إذا قصد أن علم الحديث نضج واحترق! وأن الحُكْمَ على الأحاديث مُعلّبٌ جاهز!!
وقد نبتت -في هذا العصر- نابتة(!) تدعو إلى الإلتزام بقبول ما صحَّحه المتقدمون، وتضعيف ما ضعّفوه؛ دون مناقشة، ومِن غير جدال –تسليماً مُطلقاً-!!
وثمرةُ هذا –ولا بُدَّ- الاقتصار على تصحيحاتهم وتضعيفاتهم، وسدّ باب الاجتهاد المنضبط في هذا!!
وإلا؛ فما مصير الأحاديث والآثار التي لم يحكم عليها أولئك الأئمة المتقدمون؟!
وكيف سيحكم هؤلاء المعاصرون –ولا أقول: المتأخرون!- عليها؟!
والرّد عليهم بالتفصيل ليس هذا موضعه –الآن-؛ ولكن أكتفي بـ(هامش) علمي كتبه الإمام الألباني قبل (60سنة) عام (1368هـ = 1947م)، في ردِّ قولٍ للحافظ ابن الصلاح لم يحالفه الصواب فيه؛ فقال الألباني:
«في هذا الكلام إشارة إلى ما نقله العراقي وغيره عنه -أعني: ابن الصلاح- أنه لا يجوز للمتأخرين الإقدام على الحكم بصحة حديث لم يصححه أحد مِن المتقدمين؛ لأن هذا اجتهاد؛ وهو -بزعمه- قد انقطع منذ قرون، كما زعموا مثل ذلك في الفقه -أيضاً!-.
وليت شعري لِمَ ألّف هو وغيره في أصول الحديث؟! ولم ألّفوا في أصول الفقه؟! أللتسلية والفُرجة وتضييع الوقت؟! أم للعمل بمقتضاها، وربط الفرع بأصولها؟! وهذا يستلزم الاجتهاد الذي أنكروه؟! ونحمد اللهَ تعالى أننا لا نُعْدَمُ في كل عصر مِن علماء يردون أمثال هذه الزلات مِن مثل هذا العالم، وقد رد عليه الحافظ ابن حجر، وشيخه العراقي في شرحه عليه وغيرهما، كالسيوطي في «ألفيته».
فقال بعد أن ذكر رأي ابن الصلاح في أحاديث «المستدرك»:
جرياً على امتناع أن يصححا .... في عصرنا كما إليه جنحا
وغيره جـوزه وهو الأبر ..... فاحكم هنا بما له أدّى النّظر».
[«صحيح سنن أبي داود» -الكتاب الأم- (1/17)]
ـ وهذه بعض الردود الألبانية (الصوتية) على هذه البدعة العصرية:
[قمت بعدم وضع الروابط الصوتية في هذا المجلس، والسبب ما ذكرته في الملحوظة الآتية:]
ملحوظة: هذه الفتاوى مأخوذة من (الباحث في فتاوى الألباني الصوتية)، وقد نشرتها في إحدى المنتديات قبل أكثر من شهر؛ فحُجبت هذه المواد الصوتية مِن قِبَل (مجلس المشرفين)؛ للنظر فيها! وما زلنا ننتظر!!
الحمادي
2007-10-05, 04:33 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومَن والاه:
أما بعد:
فقد سمعتُ شريطاً –وهي المادة الصوتية الوحيدة على (صفحات الويب)!- لفضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن سعد التخيفي(1)-سدده الله-، بعنوان: «التصحيح والتضعيف بين المتقدمين والمتأخرين»(2)، فبدأ فضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز التخيفي محاضرته بلفظ حديثٍ لا أصل له في كتب السنة؛ فقال: «في الحديث الصحيح عن النبي –صلى الله عليه وسلم- «خير القرون قرني»... »! [د: 6:45]
قال الألباني –رحمه الله-: «وبهذه المناسبة لا بد لي من وقفة أو جملة معترضة قصيرة, وهي أن الشائع اليوم على ألسنة المحاضرين والمرشدين والواعظين رواية الحديث بلفظ: «خير القرون قرني». هذا اللفظ لا نعرف له أصلاً في كتب السُّنّة مع أن هذا الحديث دخل في زمرة الأحاديث المتواترة لكثرتها, وإنما اللفظ الصحيح الذي جاء في «الصحيحين» وغيرهما إنما هو بلفظ: «خير الناس قرني»، ليس: (خير القرون قرني)، إنما هو: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم» إلى آخر الحديث ... ». [«سلسلة الهدى والنور»- شريط (رقم 396)]
وجاء في موقع (الإسلام: سؤال وجواب):
«ومما هو جدير بالتنبيه أن لفظ الحديث الوارد في السؤال وهو: «خير القرون قرني»: لا أصل له بهذا اللفظ، وإن كثر استعماله في كتب أهل السنة، ثم هو خطأ من حيث المعنى، إذ لو كان هذا لفظه لقال بعده: «ثم الذي يليه»! لكن لفظ الحديث: «ثم الذين يلونهم»، ولفظ الحديث الصحيح: «خير الناس قرني»، و«خير أمتي قرني». والله أعلم».
قال أبو عثمان: فنرجو من فضيلة الشيخ أن يخرج الحديث الذي ذَكره، مع ذِكر حكم المتقدمين عليه، وبيان موافقته أو مخالفة لهم!!والله الموفق.
ومِن باب التنبيه والأمانة العلمية أنْ أقول:
رُوي الحديث بلفظ: «خير القرون القرن الذي أنا فيهم، ثمّ الثاني، ثمّ الثالث، ثمّ الرابع لا يعبأ اللهُ بهم شيئاً». رواه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (4/172) وقال: «غريب مِن حديث الأعمش، لم يروه عنه إلا إسحاق».
يتبع -بمشيئة الله-.
ــــــــــ
(1) المعلومات عن فضيلة الدكتور في (صفحات الويب) شحيحة جدًّا، ومما قيل عنه –سدده المولى-: «شيخنا الشيخ عبدالعزيز مِن المحدثين المعروفين بالعلم والفضل، وحسن السمت، وهو شيخ شيخنا عبدالله السعد».
وقيل –أيضاً-: «أنه أول مَن قال بمنهج المتقدمين وشهره في عصرنا، وأكثر مِن استعماله الشيخ عبدالله السعد إلا أنَّ تقريرات الشيخ عبدالله السعد كانت أقوى وأشمل».ووعد أحد طلبة العلم بكتابة ما يتيسر له عن فضيلة الشيخ الدكتور التخيفي –عجّل الله خروجها!-، فـ«معرفة سير الأفراد مِن العلوم التي يُحتاج إليها، إذ به يَعرفُ الخلفُ أحوالَ السّلف...». [انظر مقدمة «إرشاد الطالبين»]، ولو سلكتُ منهج الإمام (ابن حبان) في «ثقاته» لما حرصتُ على ترجمة فضيلة الشيخ التخيفي الذي دافع عن منهجه بتعجل لا نرضاه له –كما سيأتي-!(2) وحبذا لو يقوم أحد طلبة الشيخ بتلخيص المحاضرة فيما يتعلق بعنوان المحاضرة–فقط-، فإني وجدت عنوان المحاضرة في واد، وما ذكره الشيخ في وادٍ آخر.فالعنوان يوحي أن الشيخ سيتكلم عن «الحكم بتصحيح الحديث، أو تضعيفه في اجتهاد الأئمة المتقدمين، ثم في اجتهاد والمتأخرين» -كما صرح بذلك في بداية الشريط-.
وذكر في نهاية الشريط (د:53): (منهج المتأخرين في وصف شرائط الصحيح)؛ فقال: «ليسوا على وصف المتقدمين، دون المتقدمين في شرائط الصحيح وفي قوة الأحاديث، المتأخرون أمر آخر؛ لهم علم ولهم حفظ، ولهم فضل، ولهم جهادهم في حمل السنة في الذب عنها، ولكنهم دون المتقدمين في هذه الأوصاف كلها.
ومن خصائص المتقدمين التي تميز حديثهم عن المتأخرين أذكر لكم بعض[...] حتى يتميز لك هذا الموضوع، فمن الأمور التي يتميز المتقدمين عن المتأخرين: أن معرفتهم بالسنة متوناً وأسانيد ورواة وعللاً وطرق فوق المتأخرين[...]، ومن ذلك –أيضاً- أن شيوخهم الذين أخذوا عنهم المرويات -من الطبقة التي قبلهم- أقدم وأحفظ من شيوخ المتأخرين، وأسانيدهم -غالباً- المتأخرون نازلة، أسانيدهم طويلة نازلة، بينما أسانيد المتقدمين -غالباً- عالية، وكلما كان السند عالياً كان مظنة لحفظه.. وإتقانه، بخلاف الأسانيد النازلة مظنة أن يقع فيها الخلل،.. المتأخرين حفاظ كبار، وأعلام، مثل: ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم بن عبدالله صاحب «المستدرك»، ومثل ضياء المقدسي صاحب «المختارة»، هؤلاء لهم مؤلفات، ولهم دواوين، وهم متبحرون في السنة، أبو حاتم، محمد بن حبان البستي...، وغيرهم من أمثالهم هؤلاء لهم معرفة، ولهم حفظ ولهم دراية، وهم أئمة كبار، ومعرفتهم واسعة لكن الأمور ليست [....] المتقدم.
أولاً: ابن حبان والحاكم صاروا يتوسعون في أمور العدالة، وأوصاف الرواة، فابن حبان...» إلخ.
وسيأتي الكلام على الحاكم وابن حبان –هذا أولاً-، وثانياً: لم ننبّه على الأخطاء اللغويّة!! وما أكثرها!
فائدة: قد يظن البعض أن جميع الأحاديث قد حُكِمَ عليها صحة وضعفاً، والأمر ليس كذلك كما لا يخفى على طلبة العلم –وقد يَخفى!-، وقد ذَكر الشيخ الألباني حديثاً ضعيفاً في «السلسلة الضعيفة» (2/427)، كان مِن دواعي تخريجه له وبيان علته أنه قال: «ففي هذه الحديث -ومثله كثير- لأكبر دليل على جهل مَن يزعم أنه ما مِن حديث إلا وتكلم عليه المحدثون تصحيحاً وتضعيفاً!».
فائدة أخرى: وقال –رحمه الله- بعد استدراكاته على بعض الأئمة-: «...مصداقاً لقول القائل: «كم ترك الأول للآخر», ورداً على بعض [المقلدة] المغرورين القائلين: إن علم الحديث قد نضج بل واحترق. هداهم الله سواء السبيل». [«السلسلة الضعيفة» (3/160) و (12/511)]
فائدة منهجية: وقال –أيضاً- في المصدر السابق (3/180): «...فتأمل كيف يقع الخطأ مِن الفرد, ثم يغفل عنه الجماعة ويتتابعون وهم لا يشعرون, ذلك ليصدق قول القائل: «كم ترك الأول للآخر», ويظل البحث العلمي مستمراً، ولولا ذلك لجمدت القرائح, وانقطع الخير عن الأمة».
أما ما قاله فضيلة الشيخ التخيفي -عن اتساع المرويات- (د:24): « ثم بعد ذلك في (عهد متأخر) من نفس عهد المتقدمين رأوا أن الموضوع ليس هكذا، أن هناك مجموعات حديثية في الأمصار كثيرة، مجموعات مرويات ألوف الأحاديث ليس يسعهم أن يهملوها... بل لا بد من جمعها مع تمحيصها وفحصها؛ لأنهم لو أهملوها سوف تنتشر ويعمل الناس بالحديث الضعيف ويعملون بالباطل، فلم يروا أن يسعهم أن يهملوا هذه المرويات الكثيرة، وهكذا فعل سفيان الثوري، وهكذا فعل الأعمش، وهكذا فعل الذين جمعوا المرويات بكثرة، ثم بعد ذلك معمر بن راشد الأزدي ثم ابن المبارك... »، فيحتاج إلى نظر إذا قصد أن علم الحديث نضج واحترق! وأن الحُكْمَ على الأحاديث مُعلّبٌ جاهز!!
وقد نبتت -في هذا العصر- نابتة(!) تدعو إلى الإلتزام بقبول ما صحَّحه المتقدمون، وتضعيف ما ضعّفوه؛ دون مناقشة، ومِن غير جدال –تسليماً مُطلقاً-!!
وثمرةُ هذا –ولا بُدَّ- الاقتصار على تصحيحاتهم وتضعيفاتهم، وسدّ باب الاجتهاد المنضبط في هذا!!
وإلا؛ فما مصير الأحاديث والآثار التي لم يحكم عليها أولئك الأئمة المتقدمون؟!
وكيف سيحكم هؤلاء المعاصرون –ولا أقول: المتأخرون!- عليها؟!
والرّد عليهم بالتفصيل ليس هذا موضعه –الآن-؛ ولكن أكتفي بـ(هامش) علمي كتبه الإمام الألباني قبل (60سنة) عام (1368هـ = 1947م)، في ردِّ قولٍ للحافظ ابن الصلاح لم يحالفه الصواب فيه؛ فقال الألباني:
«في هذا الكلام إشارة إلى ما نقله العراقي وغيره عنه -أعني: ابن الصلاح- أنه لا يجوز للمتأخرين الإقدام على الحكم بصحة حديث لم يصححه أحد مِن المتقدمين؛ لأن هذا اجتهاد؛ وهو -بزعمه- قد انقطع منذ قرون، كما زعموا مثل ذلك في الفقه -أيضاً!-.
وليت شعري لِمَ ألّف هو وغيره في أصول الحديث؟! ولم ألّفوا في أصول الفقه؟! أللتسلية والفُرجة وتضييع الوقت؟! أم للعمل بمقتضاها، وربط الفرع بأصولها؟! وهذا يستلزم الاجتهاد الذي أنكروه؟! ونحمد اللهَ تعالى أننا لا نُعْدَمُ في كل عصر مِن علماء يردون أمثال هذه الزلات مِن مثل هذا العالم، وقد رد عليه الحافظ ابن حجر، وشيخه العراقي في شرحه عليه وغيرهما، كالسيوطي في «ألفيته».
فقال بعد أن ذكر رأي ابن الصلاح في أحاديث «المستدرك»:
جرياً على امتناع أن يصححا .... في عصرنا كما إليه جنحا
وغيره جـوزه وهو الأبر ..... فاحكم هنا بما له أدّى النّظر».
[«صحيح سنن أبي داود» -الكتاب الأم- (1/17)]
ـ وهذه بعض الردود الألبانية (الصوتية) على هذه البدعة العصرية:
[قمت بعدم وضع الروابط الصوتية في هذا المجلس، والسبب ما ذكرته في الملحوظة الآتية:]
ملحوظة: هذه الفتاوى مأخوذة من (الباحث في فتاوى الألباني الصوتية)، وقد نشرتها في إحدى المنتديات قبل أكثر من شهر؛ فحُجبت هذه المواد الصوتية مِن قِبَل (مجلس المشرفين)؛ للنظر فيها! وما زلنا ننتظر!!
هذه بعض التعقيبات على الوقفات المذكورة:
أولاً/ سبق تنبيهك مراراً إلى البعد عن أسلوب الغمز في إخوانك المسلمين، فكيف إذا تناول الغمز
أحد العلماء! لكن من شبَّ على شيء شاب عليه
ثانياً/ الإكثار من التعجبات أصبح سمة عليك في المجلس العلمي، وهو قبل ذلك سمةٌ على من تنقل مقالات أحياناً
ثالثاً/ لا بأس بالاستدراك على الشيخ التخيفي -رفع الله قدره- أو غيره من أهل العلم، والاستدراك
عليهم لا يحط من أقدارهم، ولا يؤثر على مكانتهم
إلا أنَّ المهمَّ أن يكون الاستدراكُ عليهم بعلم وأدب، ومن الأدب التماسُ العذر لهم فيما أخطؤوا فيه
وأم التشنيع عليهم والغمز فيهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة= فهو من أساليب السَّفَلة
وكم كتبت من استدراكات على الشيخ العلامة الألباني -رحمه الله- وقيّدتها على كتبه، ولم يكن هذا
حاطاً من مكانته في قلبي، ولم أسجل كلمة تحط من قدره -رحمه الله- وما يكون لي أن أفعل هذا
رابعاً/ استدراكك على الشيخ عبدالعزيز التخيفي في محلِّه، وأحسنت في هذا
لكنك أسأت في طريقتك، وفي أسلوب الاستدراك، وفي طريقة الغمز التي استعملتَها
ووقوع الشيخ في هذا الخطأ أو غيره لا يقتضي منك هذا، ولا يخفى عليك أنَّ جمعاً من أهل العلم ذكروا هذا اللفظ في كتبهم، فهل يلحقهم اللوم والغمز المضمَّن في كلامك!!
ومن هؤءلا الذين أوردوا الحديث بلفظ: (خير القرون...) ابن بطال وابن تيمية وابن كثير وابن رجب وابن حجر وغيرهم كثير
فالمسألة لا تحتمل كل الكلام المذكور، مع أهمية الاستدراك والتنبيه عليه، لكن قد جعل الله لكل شيء قدراً
خامساً/ مناقشة المنهج الذي يطرحه الشيخ لا يكون بمثل هذه الطريقة، وقد أشرت في النص الذي نقلتَه عني أنَّ تقريرات الشيخ عبدالله السعد أشمل وأقوى من تقريرات شيخنا الشيخ عبدالعزيز التخيفي، فهلا عمدتَ إلى تقريرات الشيخ عبدالله السعد فناقشتها!! خاصة وقد أشرت إلى ذلك، بل نقلتَ ذلك في مشاركتك
سادساً/ قولك: (ظهرت نابتة...) وتسميتك لهذا المنهج بـ (البدعة العصرية):
أحب أن أبيِّن لك أنَّ مناقشةَ هذه المناهج العلمية لا يفيد فيها مثل هذا الكلام الإنشائي الضعيف بل يكون بكلام علمي وبحجة وبرهان
ومن تسمِّيهم (نابتة) لم يقولوا بقبول قول الأئمة بإطلاق، بل قالوا بقبول قولهم إذا لم يختلفوا، وهؤلاء الأئمة درجات في علم العلل كما هم درجات في علم الجرح والتعديل
فإذا اتفقوا كان واجباً على الباحث أن يتلمَّسَ طريقتهم، ويجتهدَ في فهم كلامهم، ويحاولَ الوقوف على طريقة تعليلهم وإذا اختلفوا فينظر الباحث في الترجيح بين أقوالهم بمقتضى منهجهم في التعليل أو الجرح والتعديل
وأما طريقة بعض المعاصرين في محاكمة كلام الأئمة المتقدمين ببعض قواعد المصطلح وقواعد الجرح والتعديل فهي طريقةٌ غلط، وهي حرفيةٌ تدلُّ على القصور عند ذلك المتأخِّر في فهم تصرفات الأئمة
وأما ما ذكرتَ من كون بعض الناس يظنُّ أنه قد حكمَ الأئمةُ على جميع الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً، فلا أظنك تتحدث في هذا الكلام إلا عن بعض الجهلة، وإلا فكلُّ من درس علم الحديث يعلم أنَّ هناك أحاديث كثيرة لم يحكم عليها الأئمة صراحة تصحيحاً أوتضعيفاً
سابعاً/ إشارتك إلى كثرة الأخطاء اللغوية في محاضرة الشيخ؛ وأودُّ أن أفيدك بأمر يتعلق بسيرة الشيخ:
الشيخ وفقه الله ليس ممن يتكلف تنسيقَ الكلام وتنميقه، بل هو في دروسه وفي حديثه مع طلاب العلم يتكلم من غير تكلف، ويجتهد في تيسير المسألة وتوضيحها للطلاب
وإذا كنتَ تريد معرفةَ جودة لغة الشيخ وأسلوبه فانظر في رسائله العلمية وبحوثه، وأحدها مطبوع
ضمن مجلة البحوث التابعة لإدارة الإفتاء بالسعودية
والتساهل في الكلام مقبولٌ ومستعملٌ عند كثير من العلماء بالشريعة واللغة أيضاً
بينما لا يقبل ذلك التساهل في الكتابة كما هو معلوم
ولذا فإجهاد نفسك بمتابعة الأخطاء اللغوية لا داعيَ له، لكن من لم تكن له نيةٌ حسنة فسيجتهد في تتبع الأخطاء قدرَ الطاقة
الحمادي
2007-10-05, 04:34 AM
مشاركة مكررة
علي أحمد عبد الباقي
2007-10-05, 02:25 PM
بارك الله في أخينا أبي محمد عبد الله الحمادي فقد رد ردًا مهذبًا محترمًا على هذا الغمز واللمز ، ولي وقفة مع سطور قليلة مما كتب أبو عثمان :
[CENTER][B]
ولو سلكتُ منهج الإمام (ابن حبان) في «ثقاته» لما حرصتُ على ترجمة فضيلة الشيخ التخيفي الذي دافع عن منهجه بتعجل لا نرضاه له –كما سيأتي-! [/SIZE][/RIGHT]
يا (أبا عثمان) يبدو أنك نسيت أنك دخلت متخفيًا تحت اسم مستعار لا يرفع عنك جهالة عينك، من أنت حتى ترضى أو لا ترضى.
بديهيات علم الحديث الذي تتكلم فيه تحكم بأنك نكرة لا تُعْرف فمن (أبو عثمان السلفي) .
ولو سلكنا منهج علماء الحديث لأعرضنا عن الرد عليك ، لأنك مجهول العين والحال، فاكشف عن شخصك نعرفك، ويعرفك الناس.
أمَّا إن كنت تريدُ النقاشَ في مسألةِ منهج المتقدمين والمتأخرين فحدد نقاط النقاش وأوضح عن رأيك بدليله والنقاش مفتوح والكلام لا يكون إلا بدليل.
[CENTER][B]
وحبذا لو يقوم أحد طلبة الشيخ بتلخيص المحاضرة فيما يتعلق بعنوان المحاضرة–فقط-، فإني وجدت عنوان المحاضرة في واد، وما ذكره الشيخ في وادٍ آخر.
فالعنوان يوحي أن الشيخ سيتكلم عن «الحكم بتصحيح الحديث، أو تضعيفه في اجتهاد الأئمة المتقدمين، ثم في اجتهاد والمتأخرين» -كما صرح بذلك في بداية الشريط-.
[/SIZE][/RIGHT]
الأستاذ (أبو عثمان) لا أدري كلامك هذا المقصود منه الحكم على الشيخ بأن محاضراته لا فائدة منها ، أم تريد أن تقول أن القائلين بالتفريق بين المنهجين ليس لديهم شيء مقنع .
أرجو أن تكون شجاعًا وصريحًا وتكتب ما تريد بلا مراوغة.
إن كنت تريد أن تحكم على علم الشيخ التخيفي فليست هذه هي طريقة أهل العلم في تناول أحدٍ بالدراسة ؛ تأتي إلى محاضرة واحدة وتقيم غمزك ولمزك عليها، هل محاضرة واحدة تكفي في تتبع الشيخ والكلام عليه.
وإن كنت تريد أن تناقش قضية المتقدمين والمتأخرين فاسمح لي : ((أخطأت الحفرة)) فما هكذا تورد الإبل !!
والنقاش في هذه القضية لابد وأن يكون منظمًا وتكون له بداية وخط سير واضح يسير فيه النقاش ولا يصح أن يُطرح الموضوع هكذا ، ثم يدخل الناس يخبطون خبط عشواء ، حدد موضوعك أولًا ، ما هو طرحك في هذا الموضوع ما هي ثمرته ، إلى أي شيء تهدف من طرحه وفي ضوء هذا يكون النقاش معك. بارك الله فيك .
وأما بخصوص تعريضك بالمجلس العلمي في قولك :
[CENTER][B]
هذه الفتاوى مأخوذة من (الباحث في فتاوى الألباني الصوتية)، وقد نشرتها في إحدى المنتديات قبل أكثر من شهر؛ فحُجبت هذه المواد الصوتية مِن قِبَل (مجلس المشرفين)؛ للنظر فيها! وما زلنا ننتظر!![/SIZE][/RIGHT]
في الحقيقة لا أدري لماذا تنتظر ، معنى أنَّها حجبت منذ أكثر من شهر = أنها لا توافق شروط المجلس ، ومجلس المشرفين ليس ملزمًا بأن يشرح لك وجهة نظره ، وهذا موجود في شروط المجلس بإمكانك مراجعتها إن أحببت فلا داعي لهذا الأسلوب.
أبو عثمان السلفي
2007-10-06, 10:05 AM
الألباني
قال الشيخ عبدالعزيز التخيفي عن الشيخ الألباني بعد ثناء عاطر عليه (د:65): «...لكنه خالف المتقدمين في بعض المسائل، خالفهم في مسائل، والله أعلم تكون قد خفيت عليه، خالف[...] المتقدمين في بعض المسائل، ولذلك صار يتعقب الترمذي، ويتعقب الأئمة، ويتعقب مسلم(1)، في أشياء خفيت عليه –رحمه الله تعالى-...».
وقال (د:69): «ثم الترمذي تصحيحه معتد غالباً، جامع الترمذي تصحيحه غالباً معتمد(2)، قد يكون أشياء يسيرة فاتت الإمام الترمذي أشياء يسيرة، عند النظر قد تكون أشياء يسيرة بالنسبة لمجموع حديث الجامع حوالي أربعة آلاف حديث –خمسة آلاف حديث- غالبها مثل ما قال الترمذي، غالب ما في جامع الترمذي مستقيم، وعلى ما ذكروه صحاح وحسان، أما أن الترمذي قد يُخالف في الاجتهاد أو النظر هذا أمر واسع، قد يخفى عليه شيء وإن كان هذا الشيء نادر لأن علمه متبحر، ومعرفته واسعة، وبصيرته نافذة، وبعض المعاصرين صار يتعقب الترمذي، وعند التحقيق والنظر: الصواب مع الترمذي؛ لأنه خالفوا في أشياء لا يحسنونها والصواب مع الترمذي إلا النادر النادر» (3).
قال أبو عثمان: مِن بعض تعقبات الشيخ الألباني على مسلم قوله:
«وأبو الزبير مدلّس، وقد عنعنه، لكن حديثه في الشواهد لا بأس به، لا سيما وقد صرّح بالتحديث في رواية ابن لهيعة عنه، وأما مسلم فقد احتج به!». [«السلسلة الصحيحة» (1/472)]
قال –رحمه الله-:«...وقد أخرجه مسلم من طريق سفيان عن أبي الزبير عن جابر هكذا معنناً.
وأبو الزبير مدلس معروف بذلك، ولا يحتج بحديثه إلا ما صرّح بالتحديث، وقد صرح به في رواية ابن جريج هذه، وهي فائدة هامة.... ». [ «السلسلة الصحيحة» (1/747)]
ونقل قول الذهبي في ترجمة أبي الزبير: «وفي «صحيح مسلم» عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر، ولا هي من طريق الليث عنه، ففي القلب منها شيء». [«السلسلة الضعيفة» (9/319)]
أما الترمذي فعلى سبيل المثال –أيضاً-:
قال –رحمه الله- متعقباً تحت حديث «كان يذكرُ اللهَ على كل أحيانه»: «وقال الترمذي: «حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ». قلت: بلى قد تابعه الوليد بن القاسم بن الوليد الهمداني, وهو ثقة حسن الحديث إذا لم يخالف.
أخرجه الإمام أحمد .... وفيه فائدة هامة وهي تصريح زكريا بسماعه من خالد, فإنه قد قيل فيه: إنه يدلس عن الشعبي, وبعضهم كأبي داود و غيره أطلق ولم يقيده بالشعبي. والله أعلم.
وفي «العلل» (1/51): «سألت أبا زرعة عن حديث خالد بن سلمة ... ( فذكره ) ? فقال: ليس بذاك, هو حديث لا يروى إلا من هذا الوجه. فذكرت قول أبي زرعة لأبي -رحمه الله- ? فقال: الذي أرى أن يذكر الله على الكنيف وغيره على هذا الحديث».
قلت [أي: الألباني]: فقد (اختلف الإمامان) أبو زرعة وأبو حاتم في هذا الحديث, فضعفه الأول, وصححه الآخر, كما يدل عليه احتجاجه بالحديث وعدم موافقته على قول أبو زرعة, وذلك عجيب منه, فقد ذكروا في ترجمة البهي عنه أنه قال: « لا يحتج به و هو مضطرب الحديث ». والحق أن الحديث قوي لم يتكلم فيه غير أبي حاتم وقد صحح الحديث مسلم ووثق البهي ابن سعد وابن حبان ». [«السلسلة الصحيحة» باختصار (1/762-763)]
وقال –متعقباً الترمذي-: «وأما الترمذي فقال: «حديث غريب . والضحاك هو ابن عبد الرحمن بن عرزب ويقال ابن عرزم أصح ». ولا أدري لماذا استغربه الترمذي واستغرابه يعني التضعيف غالباً مع أن رجاله كلهم ثقات, فالسند صحيح كما قال الذهبي تبعاً للحاكم». [«السلسلة الصحيحة» (2/77)]
وقال: «..فقوله [أي: ابن حجر] المتقدم في راويه (دراج) يستلزم أن يكون الحديث ضعيفاً.
وهو الصواب الذي تقتضيه قاعدة: «الجرح المفسر مقدم على التعديل» التي يتفرع عنها: أن التضعيف مقدم على التصحيح إذا تبينت العلة، كما هنا.
ولذلك، فقد أخطأ من قلد الترمذي في تحسينه - ولا سيما وهو من المتساهلين كابن حبان والحاكم - كالمعلق على «جامع الأصول» (11/ 699)، والمعلق على «الأمثال الحكم» للماوردي ( ص99 ) قال: « ويرى الألباني أن الحديث ضعيف، ضعيف الجامع (6/79)» !!
ولم يقدم أي دليل في مخالفته لهذا التضعيف الذي يقتضيه قواعد هذا العلم الشريف كما ألمحت إليه آنفا! ». [«السلسلة الضعيفة» (12/332)]
وقال -أيضاً-: «... فلا يهمنَّك تصحيحُ مَن صحح الحديث؛ فإنه إما لتساهل عرف به كالترمذي وابن حبان.... ». [«السلسلة الضعيفة» (12/902)]
يتبع -بمشيئة الله-
ــــــــــــ
(1) لم ينفرد الإمام الألباني بتضعيف أحاديث يسيرة في «صحيح مسلم» أو «صحيح البخاري»، وهو مسبوق من بعض المتقدمين والمتأخرين، وحسب أصول وقواعد علم الحديث ومصطلحه، ولو لا خشية الإطالة لذكرت هذه الأحاديث، وبعضها لا يخفى على فضيلة الشيخ التخيفي أو مَن هو دونه مِن طلبة العلم، فكلامُه مجازفة خطيرة، بعيد عن الحقيقة العلمية، إن لم يكن مغالطة مكشوفة!
أمّا قوله –سدده المولى- في (د: 36) عن أحاديث «صحيح البخاري» بعد أن ذكر تمحيصَ وتدقيقَ العلماء لها وقالوا: الصواب مع البخاري في كلها إلا أحرف يسيرة.. لأنها في ألفاظ أو في أسماء؛ قال: «أحرف يسيرة مثل لو تقرأ في «هدي الساري» تجد أشياء مثل ذلك: يقول: حديث صح عن ابن مسعود والبخاري خَلّه لابن عباس، وهو صحيح عند الطريقين، ولكن الأولى أن يكون عن ابن عباس –مثلاً-، فهو بس اختلاف في اسم، وإلا فهو صحيح وهم كلهم صحابة...، ومن الأشياء التي يراها من أهل الشام اسمه مالك بن بحينة سمّها البخاري عبدالله بن مالك بن بحينة، هو اسمه مالك بن بحينة، سمها باسم عبدالله.. أحرف يسيرة».
قلت: هذه غريبة مِن فضيلة الشيخ التخيفي! وزَلَّة عسيرة ليست باليسيرة!!
فهل متون أحاديث «صحيح البخاري» ليست داخلة في هذه (الأحرف اليسيرة)؟!
(2) قال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (5/491): «...والحديث مما تساهل الهيثمي في نقده, فقال في «مجمع الزوائد» (2/100-101): «رواه الطبراني في «الأوسط», وكثير ضعيف, وقد حسن الترمذي حديثه»!
قلت: وهذا من تساهل الترمذي –أيضاً-, بل إنه قد يصحح حديثه أحياناً, ولذلك قال الذهبي: «فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي»... ».
(3) «روى الترمذي حديث: «مكتوب في التوراة صفة محمد، وعيسى يدفن معه». قال: أبو مودود: وقد بقي في البيت موضع قبر. وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
كذا قال! وخالفه شيخه البخاري؛ فقال عقبه: «هذا لا يصح عندي، ولا يتابع عليه».
ذكره في ترجمة (محمد بن يوسف) هذا، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان... ». [«السلسلة الضعيفة» (14/1061)]
وهناك أمثلة كثيرة على تعقب العلماء المتقدمين والمتأخرين على الترمذي، فقول الشيخ التخيفي: «والصواب مع الترمذي إلا النادر النادر»؛ قولٌ نادرٌ نادر!
الحمادي
2007-10-06, 01:07 PM
ما شاء الله، مناقشة دقيقة ومتكاملة!
لم تزد إلا أمثلةً تشملها تعقيباتي السابقة على وقفاتك
أبو ربيع السلفي
2007-10-06, 06:01 PM
الشيخ الحمادي وفقه الله الملاحظ على كثير من تعقيباتك أنك تستعمل سوط السلطة معرضا عن البرهان والحجة فهل يشترط فيمن يكتب في هذا المنتدى أن يكون موافقا لأصحابه ومعظما لمشايخهم أظن أن الإجابة ستكون والله أعلم لا يشترط إذا لماذا نترك مناقشة الحجج والبراهين ونلجأ إلى الأساليب العاطفية كقولك هذا غمز وهذا لمز فإذا كنتم تضللون الكاتب في بعض المسائل التي يعتقدها فلماذا تنكرون عليه المعاملة بالمثل أرجو أن تتقبل النصيحة من أخ محب فوالله ما أردت إلا أن نستفيد من الحوار العلمي الهادف ولو كان أسلوب المخالف لنا لا يرضينا فالواجب أن نتجاوز عن بعض ذلك حتى نستفيد من الحوار
الحمادي
2007-10-06, 06:45 PM
الشيخ الحمادي وفقه الله الملاحظ على كثير من تعقيباتك أنك تستعمل سوط السلطة معرضا عن البرهان والحجة
فهل يشترط فيمن يكتب في هذا المنتدى أن يكون موافقا لأصحابه ومعظما لمشايخهم أظن أن الإجابة ستكون والله أعلم لا يشترط إذا لماذا نترك مناقشة الحجج والبراهين ونلجأ إلى الأساليب العاطفية كقولك هذا غمز وهذا لمز فإذا كنتم تضللون الكاتب في بعض المسائل التي يعتقدها فلماذا تنكرون عليه المعاملة بالمثل أرجو أن تتقبل النصيحة من أخ محب فوالله ما أردت إلا أن نستفيد من الحوار العلمي الهادف ولو كان أسلوب المخالف لنا لا يرضينا فالواجب أن نتجاوز عن بعض ذلك حتى نستفيد من الحوار
أصلحك الله وهداك
أين استعمالي لأسلوب السلطة في تعقيباتي السابقة؟
لو كنتُ فاعلاً هذا لحذفتُ الموضوعَ مباشرة، وكان من حقِّه أن يحذف؛ لسوء أدب كاتبه، وليس
هذا غريباً على كتاباته
وأودُّ إشعارك بأنَّ بعض المشرفين كانوا يرون حذف الموضوع، وكنت ممن يرى إبقاءه مع مناقشته
هل تعقيبي على أسلوبه السيء في مخاطبة أحد العلماء يعدُّ استعمالاً لأسلوب السلطة؟
لو كنتُ عضواً لفعلت مثلَ هذا، مع أنَّ مهمتي في الإشراف تستلزمُ مني توجيهَ الحوار، وبيانَ خطأ
المخطيء في طريقة معالجته لموضوع معيَّن، أو نحو ذلك
ولا يلزم المشرفَ أن يناقش كلَّ ما يُكتَب، فكلامي السابق هو توجيهٌ وليس حواراً فتنبَّه وفقك الله
آمل منك مراجعة كلامك جيداً، وأبشرك أنني طلبتُ الإقالةَ من الإشرافَ فطب نفساً
عدنان البخاري
2007-10-06, 07:48 PM
/// لستُ ممَّن يجامل أويُحابي، وللحقِّ فإنَّ الشيخ عبدالله الحمادي لم يستخدم سوط سلطة ولا غيرها في التعامل في هذا الموضوع، بل أعلم الكاتب المذكور بما يجب في حقِّه من واجب الإشراف، ومنع مثل هذه الأساليب في مناقشة أقوال أهل العلم.
/// ولو جاء من يطعن في أحد الشيوخ المحبوبين عند طائفةٍ أخرى لفعل معه مثل ما فعل مع صاحب الموضوع.
/// الملاحظ أنَّ كثيرًا من الأدعياء للسَّلفية صارت سوء الألفاظ والتهجُّم مزيَّة لهم، فلذا يتحسَّسون ممَّن ينتقدهم، أويحذِّرهم إن كان مشرفًا يجب عليه مراقبة من يحتاج لذلك.
أبو عثمان السلفي
2007-10-08, 10:05 AM
الحاكم
* قال الشيخ عبدالعزيز التخيفي (د: 61): « الحاكم بن عبدالله يتكلموا أنه متساهل في المستدرك، والمستدرك يعني (غالب أحاديثه مستقيمة)، لكن في أحاديث الحاكم تساهل فيها وهي ضعيفة قد يكون أشياء يسيرة إما ضعيفة جداً أو موضوعة».
وقال في (د: 62): « بالنسبة للحاكم في مستدركه عنده أحاديث فيها ضعف تكلموا عليها، وتساهل في أشياء أنه حكم عليه، اعتذروا عنه اعتذارات أنه كان أراد أو كان يُملي الكتاب فتوفي قبل إكمال إتمام الكتاب، فالأشياء التي أملاها مستقيمة، والأشياء التي توفي قبل إملائها وتنقيحها ومراجعتها في ضعف. هذا من أحسن ما ذكروه في جواب عن ذلك».
قوله: (غالب أحاديثه مستقيمة)! و (أشياء يسيرة إما ضعيفة جداً أو موضوعة)!! فيها نظر:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية(1): «وكثيرًا ما يصحح الحاكم أحاديث يُجزم بأنها موضوعة لا أصل لها».[«مجموع الفتاوى» (22/426)]
وقال: «تصحيح الحاكم دون تحسين الترمذي، وكثيراً ما يصحح الموضوعات فإنه معروف بالتسامح في ذلك». [«مجموع الفتاوى» (23/108)]
فقولُ مَن نَقْبَلُ؟!
قول مَن يقول: (نادراً)، أو مَن يقول: (كثيراً)!!!
وقال الألباني -رحمه الله-: «إن «مستدرك الحاكم» فيه أوهام كثيرة في الرجال والأسانيد كما يعرف ذلك من له عناية بدراسته ومعرفة برجاله، كما وقعت له أخطاء كثيرة في تصحيح كثير من أسانيده، وعلّلوا ذلك بأنه لم يتح له أن يبيضه». [«السلسلة الصحيحة» (1/536)، وانظر «صحيح سنن أبي داود» -الكتاب الأم- (2/257)]
وقال: «إن كتاب الحاكم فيه كثير من التصحيفات في رجال كتابه كما هو معروف عند الخبيرين به، فخلافه مرجوح عند التعارض كما هو الواقع هنا» . [«السلسلة الصحيحة» (2/243)]
وقال عن مذهب الحاكم في (زيادة الثقة): «فالعجب من الحاكم كيف لم يخرجه . لا يقال: إنما لم يخرجه لأن كهمساً أرسله, فقال: عن عبد الله بن بريدة أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره . أخرجه النسائي . لا يقال هذا لأن من مذهبه أن زيادة الثقة مقبولة, وهو الصواب على تفصيل معروف في علم المصطلح». [«السلسلة الصحيحة» (4/14)]
قال أبو عثمان: لقد أحصيت ما تعقبه الإمام الألباني على الحاكم في «السلسلة الضعيفة» فجاوزت (550 حديثاً)، أما تعقباته في «الصحيحة» وباقي كتبه فحدّث ولا حرج.
والله المستعان.
* أمثلة من كلام الذهبي في الحاكم:
قال الذهبي في الحاكم وقد صحح حديثاً في فضل علي –رضي الله عنه- في موضعين: «قلت: العجب من الحاكم وجرأته في تصحيح هذا وأمثاله من البواطيل، وأحمد هذا دجال كذاب».
وقال في الموضع الثاني: «قلت: بل والله موضوع، وأحمد الحراني كذاب، فما أجهلك على سعة معرفتك؟!»(2) [انظر «السلسلة الضعيفة» (6/527-528)]
وقال: «...واستشهاد الحاكم بحديث عمر هذا وحديث ابن علوان من أكبر الأدلة على تساهله في التصحيح, هذا التساهل الذي استغله الغماري فطعن بسببه على الذهبي ونسبه إلى التعنت الشديد لحكمه على الحديث بالوضع, ثم ألحق به الحافظ العسقلاني لموافقته الذهبي على الوضع كما تقدم!!». [انظر «السلسلة الضعيفة» (12/408-409)، وانظر (14/765)]
يتبع -بمشيئة الله-
ـــــــــــــــ
(1) قال عنه الشيخ عبدالعزيز التخيفي (د: 71): «من المتقدمين في كتبه...».
وهذا القول منه –غفر الله له- يبين أن الحكم على محدّث بأنه مِن (المتقدمين) أو (المتأخرين) إنّما هو راجعٌ إلى فهمهِ هو! لا إلى واقع الأمر!! فضلاً عن اختلاف دُعاة هذا المنهج(!) في الحكم على المحدثين بهذا أو ذاك!!!
(2) انظر الباعث على مثل هذه الشدة في مقدمة «السلسلة الضعيفة» (1/30) .
عبدالكريم الشهري
2007-10-08, 05:27 PM
[ قوله: (غالب أحاديثه مستقيمة)! و (أشياء يسيرة إما ضعيفة جداً أو موضوعة)!! فيها نظر:
.[/COLOR]
جزيت خيرا
قولك في قوله:" غالب احاديثه مستقيمه": فيه نظر هو محل بحث .
وقد ذكر الذهبي في السير نسب الصحة والضعف في هذا الكتاب على وجه التقريب
على ان ما استدركت به عليه من كلام اهل العلم في كثرة تصحيحه لاحاديث لا تثبت لا ينقض غلبة الاستقامة على حديثه فالكثرة لا يلزم منها انتفاء الغلبه فتنبه وبالله التوفيق.
أبو عثمان السلفي
2007-10-16, 10:12 AM
ابن حبان
قال الشيخ عبدالعزيز التخيفي (د:59): «ابن حبان يفرق بين أمرين: بين توثيق الروي وبين الاحتجاج بالرواي، فيراهم كلهم عدول ولكن لا يحتج بهم في الصحاح، كتاب الثقات جَمع فيه فأوعى خلق كبير، كل المسلمين حطهم في الكتاب، من أمة محمد مسلم حطه، أخذ التاريخ الكبير للبخاري وأدخله في كتابه، وغيره وغيره، ليش. قال: مسلمين. لكن لا يحتج بهم في الأحاديث الصحيحة فهم عدول(1) لكن لا يحتج بهم..
ولذلك «صحيح ابن حبان» من أحسن كتب الصحاح وهو نظيف ليس فيه أحاديث موضوعة ولا ساقطة؛ لأنه لا يحتج بالمجاهيل هؤلاء إذا جاء الاحتجاج يضع شرائط ويضع أوصاف.
ابن حبان في «كتاب الثقات» قد تسمع أن ابن حبان متساهل، لكن ليس كذلك(2)، هو في تعديل الرواة قد يكون في وصف من التساهل لكن في الاحتجاج بهم فهو ليس كذلك وضع شرائط يحتج بالراوي، فهو من حيث العدالة يتوسع ولكنه يحتاط في موضوع الضبط والإتقان، ولذلك تجد عنده تمييز للمتون في كتابه «الصحيح» كتاب معتمد ولا تكاد تجد أحاديث أنها ضعيفة أو ساقطة(3) في «صحيح ابن حبان»، فيقولون متساهل! لو طلب منهم الأدلة قد لا يجدون الأدلة تُذكر كافية في ذلك، أما أنه أخطأ في حديث أو حديثين أو عشر ليس شيء، أما الدليل والبرهان أنه متساهل ليس كذلك إلا شيء أنه [...] حديث حسان صحاح».
قال الألباني: «وشرط ابن حبان في التوثيق فيه تساهل كثير، فإنه يوثق المجاهيل؛ مثل: ربيعة بن ناجد هذا الذي لم يرو عنه غير أبي صادق». [«السلسلة الصحيحة» (2/275)]
وقال: «..إن ابن حبان متساهل في التوثيق، فإنه كثيراً ما يوثق المجهولين، حتى الذين يصرح هو نفسه أنه لا يدري من هو، ولا مَن أبوه! كما نقل ذلك ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي»، ومثله في التساهل الحاكم كما لا يخفى على المتضلع بعلم التراجم والرجال فقولهما عند التعارض لا يُقام له وزن، حتى ولو كان الجرح مبهماً، لم يُذكر له سبب, فكيف مع بيانه كما هو الحال في ابن صلاح هذا ?! فقد ضعفه ابن عدي.. »إلخ [«السلسلة الضعيفة» (1/80)]
وقال: «..وأما ابن حبان فأوردهم في «الثقات» على قاعدته في توثيق المجهولين, ثم أخرج حديثهم في صحيحه كما ترى, فلا تغتر بذلك, فإنه قد شذ في ذلك عن التعريف الذي اتفق عليه جماهير المحدثين في الحديث الصحيح وهو: «ما رواه عدل, ضابط, عن مثله». فأين العدالة, وأين الضبط في مثل هؤلاء المجهولين، لاسيما وقد رووا منكراً من الحديث خالفوا به الصحيح الثابت عنه -صلى الله عليه وسلم- من غير طريق كما سيأتي بيانه، ولقد بدا لي شيء جديد يؤكد شذوذ ابن حبان المذكور... »إلخ. [«السلسلة الضعيفة» (2/328)]
وقال: «إن الكلام الذي لا يقدح إنما يسلم لو قيل في رجل ثبت أنه ثقة, والأمر هنا ليس كذلك, لأن توثيق ابن حبان مما لا يوثق به عند التفرد كما هو الشأن هنا لما عرفت من تساهله فيه, فلذلك لا يقبل توثيقه هذا إذا لم يخالف ممن هو مثله في العلم بالجرح والتعديل, فكيف إذا كان مخالفه هو (الإمام البخاري)? فكيف إذا كان مع ذلك هو نفسه يقول فيه كما تقدم: «يخطىء»?! ». [«السلسلة الضعيفة» (3/270)]
وقال: «ومن المعلوم تساهل ابن حبان في التوثيق كما نبهنا عليه مراراً, ولهذا نرى الذهبي والعسقلاني وغيرهما من المحققين لا يحتجون بمن يتفرد ابن حبان بتوثيقه, ولا يوثقونه». [«السلسلة الضعيفة» (3/266)]
وقال: «وتوثيق ابن حبان لا يعتمد عليه؛ كما سبق التنبيه عليه مراراً وبخاصة إذا خُولِف! » [«السلسلة الضعيفة» (1/301)، وانظر على سبيل المثال: (2/300، 321، 396)، (3/247)، (4/142، 210، 289، 294، 309، 324، (5/22، 26، 69، 73، 83، 122، 133، 277، 403، 448، 519،)، (10/465، 472، 649، 676)، (12/764)]
وقال –رحمه الله- تحت حديث باطل، أخرجه ابن حبان!-: «لو أن ابن حبان أورده في كتابه ساكتاً عليه كما هو غالب عادته لما جاز الاعتماد عليه؛ لما عرف عنه من التساهل في التوثيق، فكيف وهو قد وصفه بقوله: (يخطئ ويخالف)، وليت شعري مَن كان هذا وصفه، فكيف يكون ثقة، ويُخرّج حديثه في «الصحيح»?!». [«السلسلة الضعيفة» (1/316)]
ونقل عن ابن حبان في ترجمة رجل: «كان سيئ الحفظ، كثير الوهم، ممن يرفع المراسيل ولا يعلم، ويسند الموقوف ولا يفهم، فلما كثر ذلك منه في حديثه ؛ صار ساقط الاحتجاج به اذا انفرد».
ثم قال الشيخ الألباني –مباشرة-: «وهو القائل في ترجمة أحد «ضعفائه» (1/ 327 - 328): «والشيخ إذا لم يرو عنه ثقة ؛ فهو مجهول، لا يجوز الاحتجاج به... » (!).
وقد أخل بهذا الشرط كثيراً في «ثقاته»، في عشرات المترجمين عنده وهذا منهم، وهذه فائدة مهمة قل من يعرفها ؛ فتنبه لها! لتكون على بينة بخطأ بعض الناشئين الذين يعتدون بتوثيق ابن حبان، ويتطاولون على الحفاظ الذين نسبوه إلى التساهل، مثل: الذهبي والعسقلاني وغيرهما». [«السلسلة الضعيفة» (14/538)]
وقال عن رجل: «ولم يوثقه غير ابن حبان والطبراني كما يأتي، وهما من المتساهلين، ولذلك ؛ قال فيه الذهبي - في ترجمة يحيى بن سعيد الآتي من «الميزان» -: «أحد المتروكين الذين مشاهم ابن حبان؛ فلم يصب» ». [«السلسلة الضعيفة» (12/316)]
وقال منتقداً أمّعة ابن حبان وهاويه(!) –كما سماه الشيخ-: «هل يمكن أن يفهم أحد من سيئاتك هذه إلا أنك متحيز لابن حبان تحيزاً له قرنان، وأنه لا يحملك على ذلك إلا حبك للظهور والمخالفة، وإن مما يؤكد ذلك أنك أعللت الحديث بخلافهما [أي: الذهبي وابن حجر] فقلت: «إسناده ضعيف، ابن جريج قد عنعن، وهو موصوف بالتدليس»!
وأما النكارة التي في متنه فلا أنت سلمت بها، ولا أنت دفعتها، وهذا أمر طبيعي جداً منك، يمنعنك منه أمران: الجهل، وبطر الحق!
والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله» [«السلسلة الضعيفة» (14/1005)]
يتبع -بمشيئة الله-
ــــــــــ
(1) نقل الشيخ -رحمه الله- عن شيخ الإسلام ابن تيمية – وهو مِن المتقدمين عند الشيخ التخيفي- في ذلك نصاً فصلاً؛ فقال: «وكأني بشيخ الإسلام ابن تيمية عنى ابن حبان بالرد عليه بقوله في «الفتاوى» (5/357): «وأَمّا قولُ مَن يقول: الأَصل في المسلمينَ العدالةُ؛ فهو باطلٌ; بل الأَصل في بني آدم الظلم والجهل؛ كما قال –تعالى-: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً}، ومجردُ التكلمِ بالشهادتين لا يُوجبُ انتقالَ الإنسان عن الظلم والجهل إلى العدل » ». [انظر«صحيح موارد الظمآن» (1/15-16)]
(2) تكلم الشيخ الألباني عن ابن حبان في بعض كتبه، منها: «تمام المنة»، و «الرد على التعقيب الحثيث» الذي طبع سنة (1377هـ -1958م)، فقال في «صحيح مواد الظمآن» (1/17): «وفي ظني أنني كنت –في العصر الحاضر- مَن أشاع بين طلاب العلم حقيقة توثيق ابن حبان: كتابة، ومحاضرة، وتدريساً في (الجامعة الإسلامية) في المدينة النبوية، وفي المجالس العلمية وغيرها؛ حتى تنبّه لذلك مِن طلاب العلم مَن شاء الله.
ثم ابتلينا ببعضهم ممن جازنا (جزاء سِنّمار)! فنسبني إلى قلة الفهم لتوثيق ابن حبان، والاضطراب فيه، مع تظاهره بالاحترام والتبجيل! لكن القول لا يغني عن العمل: {يا أيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون}».
(3) وهذه –أيضاً- مِن مجازفات الشيخ التخيفي –سدده المولى-، وإليكم هذه الإحصائيات من «التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان وتمييز سقيمه من صحيحه، وشاذه من محفوظه»:
(الأحاديث الضعيفة = 307 حديثاً)، (ضعيف جداً = 6 أحاديث)، (الأحاديث المنكرة = 33حديثاً)، (الشاذ = 22 حديثاً)، (الموضوع = 2) ، (الباطل = 1)، (مقطوع = 1)، (الزيادات الضعيفة والشاذة والمنكرة = 148 زيادة)، (المدرجة=7).
والله المستعان.
أمجد الفلسطيني
2007-10-16, 10:06 PM
أحسن الله إليك أخي
/// بالنسبة لتساهل الترمذي وابن حبان
فليس مراد من وصمهما بالتساهل طرح أحكامه والتقليل من شأنها
فهذا الفهم الخاطيء الذي جرى عليها كثير من المعاصرين هو الذي أشار له الشيخ عبد العزيز
ووصم الترمذي وابن حبان بالتساهل فيه بحث
والكلام فيه يطول
ولا تثريب على الشيخ فيما ذهب إليه فالمسألة تحتمل
فليس في هذا حط من قدر الشيخ ولا علاقة له بمسألة المتقدمين والمتأخرين
إلا من جانب إهدار أحكامهما والتهوين من شأنه
وهذا بعض الكلام عن تساهل ابن حبان والترمذي :
منهج ابن حبان في بعض كتبه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . أما بعد :
فقد اشتهر عند كثير من علماء عصرنا أن ابن حيان متساهل في التصحيح يوثق ما يضعفه العلماء ويصحح ما يرغب عنه أهل التحقيق حتى أدى ذلك إلى عدم الاعتماد على آرائه وأقواله ، وهذا حيد عن الصواب ورغوب عن التحقيق . ولذا سنتكلم عن كتبه الثلاثة على وجه الاختصار :
1/ الصحيح 2/ المجروحين 3/ الثقات
إنصافاً لهذا الإمام وإيضاحاً لبعض طلاب العلم من أهل هذا العصر الذين يطلقون الكلام على عواهنه دون رجوع إلى كلام المتقدمين إنما غالب اعتمادهم على الذهبي وابن حجر وهما من المتأخرين مع أنهما لم يتفوها بكثير من كلام المعاصرين .
1/ كتابه الصحيح :
أما الصحيح فقد حصل لنا استقراء وقراءة لكتابه وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
1ـ الصحيح الذي يوافقه عليه جمهور أهل العلم ، وهذا ولله الحمد هو الغالب على كتابه ، يعرف ذلك من قرأه وأمعن النظر فيه .
2ـ مما تنازع العلماء فيه وأورده ـ رحمه الله ـ في صحيحه ، فهذا لا عتب عليه فيه ، لأنه إمام له مكانته العلمية يعدل ويجرح وينتقد كغيره من العلماء . ومن هؤلاء ممن خرج لهم في صحيحه ممن تنازع العلماء فيهم : محمد بن إسحاق ، ومحمد بن عجلان ، والعلا بن عبد الرحمن ، والمطلب بن حنطب وغيرهم . وهؤلاء فيهم أن أحاديثهم لا تنزل عن مرتبة الحسن ، مع العلم أن مسلماً قد أخرج في صحيحه لمحمد بن عجلان وابن إسحاق(قال الحاكم : أخرج مسلم لمحمد بن عجلان (13) حديثاً كلها في الشواهد ، ( ميزان الاعتدال ) . أما ابن إسحاق فقد أخرج له مسلم خمسة أحاديث كلها أيضاً في الشواهد .)
3ـ أن يكون ـ رحمه الله ـ قد وهم فيه كتخرجه لسعيد بن سماك بن حرب ، فإنه قد روى عن أبيه عن جابر بن سمرة : ( أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقرأ ليلة الجمعة في صلاة المغرب ، بقل يا أ]ها الكافرون ، وقل هو الله أحد ) وهذا حديث متروك ، سعيد بن سماك قال عنه أبو حاتم : متروك الحديث . ولكن هذا لا يدل على أن ابن حبان متساهل لأنه بشر يخطئ ويصيب والعبرة بكثرة الصواب وهو كثير كما قدمنا قال الشاعر :
…………………… كفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه
وقد انتقد شئ كثير على البخاري ومسلم في توثيقهم لبعض الضعفاء ومن ذلك :
( إسماعيل بن أبي أويس )(ومثله مصعب بن شيبة خرج له مسلم حديث عشر من الفطرة وهو ضعيف الحديث على القول الصحيح كما ذهب إليه أحمد وانظر (3/147) شرح مسلم . أخرج له البخاري في الأصول ، وهو ضعيف الحديث على القول الصحيح ، ومع ذلك من أمعن في كتب الرجال كتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب والجرح والتعديل لابن أبي حاتم وغيرها ولم يعتمد على المختصرات والله الهادي إلى سواء السبيل .
2/ كتاب المجروحين :
هذا كتاب عظيم فرد في بابه ، حتى قال جماعة من العلماء : ( كل رجل يزثقه ابن حبان فعض عليه بالنواجذ ، وأما يضعفه فتوقف عليه ) فهذا يفيد أهمية توثيق ابن حبان ـ رحمه الله ـ
ورماه الحافظان الذهبي وابن حجر : بالتشديد في نقد الرجال .
ومما يدلنا على ذلك أنه تكلم في عارم محمد بن الفضل السدوسي مع أنه إمام ثقة أخرج له السبعة .
وقال في كثير بن عبدالله بن عمر بن عوف المزني : منكر الحديث يروي عن أبيه عن جده (( نسخة موضوعة ، لا يحل ذجرها في الكتب ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب ومع ذلك فقد صحح الترمذي حديثه : ( الصلح جائز بين المسلمين ) ، فالترمذي إذا متساهل على هذا عند أهل عصرنا وقد فعلوا وما ذخروا .
3/ كتاب الثقات :
وقد حصل لنا إستقراء للكتاب ، وأنه على أقسام :
1ـ أن يوثق من ضعفه بنفسه في كتابه المجروحين ، فله حالتان :
ـ أن يكون تغير اجتهاده ، إحساناً للظن في أئمة الإسلام .
ـ أن يكون قد وهم فيه ، ومن الذي يسلم من الوهم ويعرى من الخطأ .
ولقد وقفت على كتاب لبعض من يتصدى للتصحيح والتضعيف من أهل عصرنا ممن يلمز ابن حبان ولا يعتد في تصحيحه فوجدت في كتابه خمسين خطأ له ، فلو كان كل عالم يخطئ تطرح أقواله لكان هذا أولى بالطرح .
2ـ أن يوثقه ابن حبان ويضعفه غيره فهذا سبيله سبيل الإجتهاد ، وهناك جماعة وثقهم أحمد وضعفهم البخاري فهل يقول عاقل أن أحمد متساهل .
وهناك جماعة وثقهم ابن معين وابن المديني وضعفهم غيرهم فهل يقول أحد بأنهما متساهلان .
ولو فتحنا هذا الباب ورمي أئمة الحديث بالتساهل مع بذلهم وجهدهم وتعبهم ، لفتحنا باباً عظيماً للتجرأ على هداة الإسلام والعلماء الأعلام .
3ـ أن لا يروي عن الراوي إلا راو واحد () بشرط أن يكون ثقة أما إن كان ضعيفاً فابن حبان لا يوثقه كما نص على ذلك ـ رحمه الله ـ في كتاب المجروحين في ترحمه ( سعيد بن زياد الداري )) .ولا يأتي بما ينكر عليه من حديثه ، فابن حبان يرى أنه
ثقة لأن المسلمين كلهم عدول لذلك أودع من هذه صفته في كتابه الثقات .
وهذا اجتهاد منه ، خالفه فيه الجمهور ، ولكن قوله هذا ليس بحد ذاك من الضعف ، بل في قوله هذا قوة خصوصاً في التابعين بل إن ابن القيم ـ رحمه الله ـ قال : ( المجهول إذا عدله الراوي عنه الثقة ثبتت عدالته وإن كان واحداً على أصح القولين )(ـ زاد المعاد (( 5/456))
وأكثر المعاصرين شنع عليه من جهة هذه المسألة فقط ، فلا يكاد يمر ذكر ابن حبان في كتبهم إلا ويوصف بأنه من المتساهلين في التصحيح فلا يعتمد عليه والأولى على منهجهم تقييد تساهله في هذه المسألة لا أنه يعمم وتهضم مكانة الرجل العلمية حتى جر ذلك إلى طرح قراءة كتبه ، وخاض في ذلك من يحسن ومن لا يحسن دون بحث وتروي .
4ـ أن يروي عن الراوي اثنان فصاعداً ولا يأتي بما ينكر من حديثه فيخرج له ابن حبان في ثقاته وهذا لا عتب عليه فيه لأنه هو الصواب .
مع العلم أن العلماء اختلفوا في ذلك على أقوال :
1- القبول مطلقاً ( وهو الراجح ) . 2- الرد مطلقاً . 3- التفصيل .
والصواب الأول بشرط أن لا يأتي بما ينكر عليه .
ورجحناه لوجوه :
1ـ أن رواية اثنين فصاعداً تنفي الجهالة على القول الصحيح وقد نص على ذلك ابن القيم(زاد المعاد ((5/38)) ، وذكره الإمام الدار قطني في سننه ((3/174)) عن أهل العلم .
2ـ أنه لم يأتي بما ينكر من حديثه فلا داعي لطرح حديثه بل طرح حديثه في هذه الحالة تحكم بغير دليل .
3ـ أن الإمامين الجليلين الجهبذين الخريتين البخاري ومسلماً قد خرجا في صحيحهما لمن كانت هذه صفته(وأيضاً مما يؤكد أن الراوي إّا روى عنه اثنان ولم يأت بما ينكر من حديثه أنه حجة ( اتفاق الحديث على تصحيح حديث حميده بن عبيد بن رفاعة في حديث الهرة انظر عون المعبود ((1/140))
مثاله :
ـ ( جعفر بن أبي ثور ) الراوي عن جابر بن سمرة : ( الوضوء من أكل لحوم الإبل ) هذا الحديث أخرجه مسلم وتلقته الأمة بالقبول حتى قال ابن خزيمة : لا أعلم خلافاً بين العلماء في قبوله .
مع أن فيه جعفر بن أبي ثور لم يوثقه أحد إلا ابن حبان ، ولكنه لكا لم يأتي بما ينكر من حديثه
وروى عنه اثنان فصاعداً قبل العلماء حديثه ، وممن روى عنه : عثمان بن عبدالله بن موهب وأشعث بن أبي الشعثاء وسماك بن حرب .
( أبو سعيد مولى عبدالله بن عامر بن كريز ) الراوي عن أبي هريرة حديث : ( لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ….. الحديث في مسلم ) .
أبو سعيد أخرج له مسلم في صحيحه مع العلم أنه لم يوثقه إلا ابن حبان ولكنه لم يرو عنه إلا الثقات ولم يأت بما ينكر .
احتمل العلماء حديثه وقد روى عنه داود بن قيس والعلاء بن عبدالرحمن ومحمد بن عجلان وغيرهم.
وفي الصحيحين من هذا الضرب شئ كثير جداً .
حتى قال الذهبي في ترجمة مالك بن الخير الزيادي : (( قال ابن القطان : هو ممن لم تثبت عدالته .
قال الذهبي : يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة .
وفي رواة الصحيحين عدد كثير ما علمت أن أحداً نص على توثيقهم ، والجمهور على أنه من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح )) .
تمت والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
***************
وقفة مع من وصف الإمام الترمذي بالتساهل في التصحيح والتحسين للشريف العوني
يقول الشيخ حاتم الشريف حفظه الله:
(فالوقفة الأولى مع منهج الترمذي في التصحيح والتحسين ، واتهامه بالتساهل ، ثم بعدم الاعتماد عليه في ذلك!
قلت: فهذه المقالة نسيت مكانة الترمذي بين جهابذة المحدثين ونقاده ، وغفلت عن تباين اجتهادات المحدثين في التصحيح والتضعيف...أحيان ، وأن الاختلاف في ذلك لا يدل على تساهل المصحح أو تشدد المضعف ، ما دام أن الأمر اجتهاد ممن له حق الاجتهاد ، على أسس وأصول متفق عليها ، تختلف النتائج عليها ، بسبب تفاوت العلم بكل جزئية ، لا بسبب التساهل والتشدد.
لذلك فإن تصحيح الترمذي أو تحسينه لأحاديث رواة خالفه فيهم جمع من الحفاظ بتضعيف أحاديثهم ، لا يصح أن يكون دليلا على تساهله. وإلا لما نجا من هذا الاستدلال على التساهل أحد يذكر من نقاد الحديث ، إذ لا يخلو أن يوثق العالم منهم راويا ويصحح أحاديثه ، بينما يخالفه في ذلك بالتضعيف غيره ، ويكون الصواب مع من ضعفه.
وإن جرينا على مثل هذا المنوال ، وعكسنا قاعدتهم السابقة ، فيحق للترمذي أن يكون متشددا في التصحيح ، لأنه –وفي عدد كثير- يحسن أحاديث في الصحيحين أو أحدهما!! بل وجدته قال عن حديث في الصحيحين كليهما ، قال: "غريب" وعن غير حديث في أحدهما قال أيضا: "غريب"!!!
والمعروف أن الترمذي إذا قال: "غريب" ، ولم يقرنه بصحة أو حسن ، فإنه يعني به تضعيف ذلك الحديث. وذلك هو ما ذكره مغلطاي بن قليج الحافظ علاء الدين المصري (ت762) في كتابه (الإعلام بسنته عليه السلام شرح سنن ابن ماجه). وحققه أيضا الدكتور نور الدين عتر في كتابه: (الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه والصحيحين).
وعلى هذا: فهل يكون الترمذي متشددا في التصحيح أيضا؟! فيكون بذلك متشددا متساهلا؟!!
وقد دافع الدكتور نور الدين عتر في كتابه السابق ذكره ، عن اتهام الترمذي بالتساهل فأحسن الدفاع عن الترمذي ، وطول في ذلك. لكنه لم يذكر ما سبق ، مما يصلح أن يكون دليلا على تشدد الترمذي عن من ندفع قولهم بتساهله!) المرسل الخفي 1/312
ويقول حفظه الله:
(وزاد الذهبي عليه فوائد ، حيث قال في (الموقظة): "الثقة من وثقه كثير ولم يضعف ، ودونه: من لم يوثق ولا ضعف ، فإن خرج حديث هذا في (الصحيحين) فهو موثق بذلك ، وإن صحح له مثل الترمذي وابن خزيمة ، فجيد أيضا، وإن صحح له كالدارطني والحاكم ، فأقل أحواله: حسن حديثه".
ثم تكلم الذهبي –رحمه الله-كلاما نفيسا على ما نستفيده من تخريج صاحبي الصحيح في الحكم على الراوي ، على تفصيل تخريجهما له ، إن كان في الأصول ، أو الشواهد والمتابعات ، وإن كان ممن تكلم فيه من متعنت ، أو منصف ، أو لم يتكلم فيه ، ففصل رحمه الله وأبدع! لكن ما سبق يكفيني هنا.
ومن أهم ما جاء في كلام الإمام الذهبي تنصيصه على الترمذي ، وأن من صحح له فإنه (ثقة) ، أو كما عبر هو (جيد).
ثم إن هذا ينسف ما سبق أن ذكرناه من اتهام الترمذي بالتساهل ، حيث إن الإمام الذهبي هو أعظم من وصف الترمذي بذلك ، فتمسك به المتمسكون من غير موازنة كلام الذهبي ببعضه ، بل أخذوا بعض كلام الذهبي ، فردوا به تصحيح الترمذي جملة وتفصيلا!!
وقد وجدت لأبي الحسن ابن القطان تطيبقا عمليا لهذه الطريقة في معرفة الثقات حيث قال في (بيان الوهم والإيهام): "وحبيب بن سليم العبسي قد روى عنه وكيع وعيسى بن يونس وأبو نعيم قاله أبو حاتم ولم يزد وأرى أن الترمذي وثقه بتصحيح حديثه".
وفي موطن آخر ، ذكر ابن القطان حديثا صححه الترمذي ، وفي إسناده من جُهِّل ، فقال متعقبا: "وزينب كذلك ثقة ، وفي تصحيح الترمذي إياه-يعن الحديث-توثيقها ، وتوثيق سعد بن إسحاق ولا يضر الثقة أن لا يروي عنه إلا واحد") المرسل الخفي 1/314.
وعلى ملتقى أهل الحديث كلام كثير حول هذه المسائل
أبو عثمان السلفي
2007-10-18, 09:05 AM
الضياء المقدسي
قال الشيخ عبدالعزيز التخيفي (د: 62) بعد كلامه على الحاكم: «كذلك المختارة للضياء المقدسي أحاديثه مستقيمة وقوية غالباً».
قال الألباني متعقباً حديثاً ضعيفاً في «المختارة»: «وإنما تكلمت عليه هنا لكيلا يغتر أحد بإخراج الضياء له في «المختارة»؛ فإن ذلك من تساهله الذي تبين لي من طول ممارستي لكتابه، وتخريج أحاديثه، حتى كاد يصير عندي قريباً من الحاكم في التساهل وتصحيح الأحاديث الضعيفة ؛ بل هو في ذلك كابن حبان ؛ فإنه يغلب عليهما تصحيح أحاديث المجهولين!!». [«السلسلة الضعيفة» (12/797)]
وقال عن حديث ضعيف في «المختارة»: «فإيراد الضياء له في «المختارة» لا يجعله عندنا من الأحاديث المختارة, بل هذا يؤيد ما ذكرته مراراً من أن شرطه في هذا الكتاب قائم على كثير من التساهل من الإغضاء عن جهالة الرواة تارة, وعن ضعفهم تارة أخرى». [«السلسلة الضعيفة» (2/128)، وانظر (3/405)، و«ضعيف سنن أبي داود» (9/293)]
وسَأل الدكتور الفاضل عبدالرحمن الفريوائي –حفظه الله- الشيخَ الإمام الألباني –رحمه الله- عن قول شيخ الإسلام في «المختارة» للضياء المقدسي؛ مِثل قوله: «هو خير من صحيح الحاكم»، و«هو أصح مِن صحيح الحاكم» وغير ذلك، قال: «ولما كان للشيخ الألباني –حفظه الله- فضل التخصص في الحديث وعلومه، وكان الكتاب مِن مراجعه المهمة، بل عكف على تحقيقه، وتخريج أحاديثه، والحكم عليها في ضوء دراسته الخاصة، طلبتُ منه رأيه فيما قاله شيخ الإسلام في هذا الباب؛ فأجاب –حفظه الله- ما لفظه:
إن كلام شيخ الإسلام سليمٌ مِن وجه تقريباً مِن حيث خلوه مِن أحاديثَ موضوعة، ومِن رواة وضاعين وكذابين، لكنه متساهل كالحاكم في اختياره لأحاديث المجهولين واعتماده عليها، وهذا قسم كبير جداً في الأحاديث المختارة، فإذاً بذاك الاعتبار كلام سليم، لكن كلام شيخ الإسلام الحافظ ابن تيمية لا ينبغي أن يفهم على أن الكتاب موصوف بثبوت، ولا أقول بصحة أحاديثه؛ لأن كلمة ثبوت كما تعلمون تشمل الصحيح والحسن، فيوجد كثير من الأحاديث الضعيفة بسبب الجهالة، وبعضها بسبب ضعف بعض رواة أسانيد الكتاب، أو أسانيد الأحاديث، هذا رأيي فيما سألت». [«شيخ الإسلام وجهوده في الحديث وعلومه» (1/574-575)]
تنبيه:
فضيلة الشيخ التخيفي –سدده الله- يعتبر الحاكم، وابن حبان، وابن خزيمة، والمقدسي و... و.... مِن المتأخرين، ثُمَّ يُرجّح أحكامهم الحديثية؛ ففي أيّ اعتبار قَبِلَها وهي تسير على منهج خالف المتقدّمين؟!
أم...؟!
يتبع -بمشيئة الله-.
أبو عثمان السلفي
2007-10-20, 01:41 PM
نُبذة حول منهج الألباني
وأختم بإشارات يسيرة (جدّاً جدًّا) على منهج إمام الدنيا المحدث العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في تصحيحه وتضعيفه للأحاديث، متضمناً إشارات أُخرى في الرد على (نابتة العصر):
قال –رحمه الله- في «السلسلة الصحيحة» (6/594): «...فرجعت إلى المصادر القديمة التي هي عمدة المتأخرين في التراجم كالبخاري وابن أبي حاتم وغيرهما, فوجدتُ... ».
وقال: «واعلم أيها القارىء الكريم؛ أن مثل هذا التحقيق يكشف لطالب هذا العلم الشريف أهمية تتبع طرق الحديث, والتعرف على هوية رواته, فإن ذلك يساعد مساعدة كبيرة جداً على الكشف عن علة الحديث التي تستلزم الحكم على الحديث بالسقوط, وهذا ما لا يفعله جماهير المشتغلين بهذا العلم قديماً وحديثاً, وحسبك دليلاً على هذا الذي أقول, موقف المنذري والهيثمي والمناوي مِن هذا الحديث وتقويتهم إياه.
وقد اغتر بهم بعض المتأخرين من المقلدين... ». [«السلسلة الضعيفة» (4/264) ]
وقال: «إن حديث الترجمة منكر, وإن تعددت طرقه, وكثر رواته, لمخالفتهم لمن هم أكثر عدداً, وأقوى حفظاً, فلا جرم أن أعرض عنه الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم, وهو مثال صالح من الأمثلة الكثيرة التي تؤكد أن قاعدة تقوية الحديث بكثرة الطرق ليست على إطلاقها, وأن تطبيقها لا يتيسر أو لا يجوز إلا لمن كان على معرفة قوية بأسانيد الأحاديث ورواتها، كما يدل من جهة أخرى على تساهل ابن حبان في «صحيحه» بإخراجه لهذا الحديث المنكر فيه ». [«السلسلة الضعيفة» (5/133)]
وقال ناصحاً بالاستعانة بأهل الاختصاص في علم الحديث، وفي الوقت نفسه منتقداً جماهير الكتاب في عدم اهتمامهم في بيان مرتبة الحديث الذي يستدلون به: «... والسبب واضح؛ وهو أنهم (لا يعلمون)، ولكن هذا ليس عذراً لهم ؛ لأن بإمكانهم أن يستعينوا بأهل الاختصاص من المعروفين بتخصصهم في علم الحديث، والعارفين بصحيحه وضعيفه، سواء كانوا من الأئمة السابقين كالإمام أحمد والبخاري ومسلم ونحوهم، أو مِن الحفاظ اللاحقين كالحافظ الزيلعي والذهبي والعراقي والعسقلاني وأمثالهم». [«السلسلة الضعيفة» (10/439)]
وقال –أيضاً- منتقداً الشيخ عبدالقادر السندي –رحمه الله-: «...لأن مثل هذه المخالفة مِن مثل هذا المتأخر زَمنًا وَعِلْمًا مما لا سبيل إليه إلا بالرجوع إلى أهل الاختصاص الحفاظ؛ الذين بوسعهم الاطلاع على تدليسات الراوي ثم إيداعه في المنزلة التي يستحقها بالنظر إلى تدليسه قلة وكثرة، لذلك؛ أقول للشيخ السندي: (ليس هذا عشك فادرجي).
نعم؛ للمتمكن في هذا العلم أن يُرجح قولاً على قول للمتقدمين، وأما أن يعارضهم برأي من عنده، ليس بالرجوع إلى قواعدهم، فهذا مما لا يجوز أن يقع فيه طالب العلم كما صنع هذا السندي». [«السلسلة الضعيفة» (12/915)]
وقال ناصحاً لأحد أفاضل كبار العلماء حيث بنى على حديثٍ منكرٍ: «خطبةً مِن خُطَبِه، وقدّم له بمقدمة وجيزة ووصفه بـ (الحديث العظيم) تقليداً لابن تيمية وابن القيم، وسكوت الشيخ إسماعيل الأنصاري عليه في تعليقه على «الوابل الصيب»؛ فلعل الفاضل يعيد النظر في الحديث، ويتبع فيه أقوال الأئمة النقاد الذين أجمعوا على استنكاره، فإنهم المرجع في هذا الأمر؛ لاختصاصهم به، والفاضل معنا في ذلك، والحمد لله. وبالله التوفيق». [«السلسلة الضعيفة» (14/1241) ]
وقال –متراجعاً-: ((..وأقره الذهبي في «تلخيصه»، وأكده بقوله: «لا أعرف زيداً هذا».
وتبعه ابن الملقن في «مختصر الاستدراك» (1/ 513)، وتبعه المعلق عليه، واستشهد بي!(1) فقد كنتُ قد خرَّجتُ الحديث تخريجاً مختصراً في «غاية المرام» (197/ 328)، لم تتيسر لي يومئذ ما تيسر لي الآن من المصادر والمراجع، والحمد لله، فكان لا بد من الاعتماد على من تقدم من الحفاظ، وبخاصة منهم الذهبي النقاد.
ثم تبين لي أن الرجل ثقة، وتعجبت كل العجب من تتابع الحفاظ على عدم معرفتهم إياه؛ مع أنه مترجم في كتب التراجم القديمة التي هي المرجع في كثير من الترجمات الواردة في كتب الحفاظ المتأخرين كالذهبي، والمزي، والعسقلاني، وغيرهم...)). [«السلسلة الضعيفة» (14/351)]
وقال: «وأرى أن هذا أمر لا بد منه، أن يستفيد المتأخر من المتقدم من أهل العلم، ولا يغتر بما عنده ؛ كما عليه كثير من الناشئين اليوم! ومن نافلة القول أن أذكر الشرط في ذلك، وهو ما لم يظهر خطؤه». [«السلسلة الضعيفة» (14/336) ]
وقال: «فالعجب مِن بعض المشتغلين بهذا العلم في العصر الحاضر، من الذين لا يعبأون باجتهادات الحفاظ الذين سبقونا في هذا المجال، وتعقيباتهم على بعض الحفاظ المتقدمين، وبخاصة من كان معروفاً بالتساهل فى التوثيق كابن حبان مثلاً! فقد رأيت اتفاق رأي الحافظ ابن حجر مع الذين حكموا بجهالة (أبي سليمان الليثي)، وترجيحه لضعف الراوي عنه، مع هذا كله ترى الأخ الداراني في تعليقه على «موارد الظمآن» (8/ 100) يعرض عن ذلك كله، ويقول: «إسناده حسن»! تقليداً لابن حبان! الذي لا يكاد يخالفه في توثيقه للمجهولين والضعفاء إلا فيما ندر!». [«السلسلة الضعيفة» (14/321)]
وقال: «فالعلة إذن هو ابن عقيل الذي دارت عليه الطرق ؛ فإنه مختلف فيه(2) - كما في «الفتح» (10/10) - والذي استقر عليه رأي الحفاظ المتأخرين هو تسليك حديثه وتحسينه...». [«السلسة الضعيفة» (13/1035)]
وقال عن (شهر بن حوشب): «اختلفت فيه أقوال الحفاظ المتقدمين منهم والمتأخرين، وغاية ما قيل في حديثه أنه حسن ؛ وذلك يعني: أن في حفظه ضعفاً، وذلك مما صرح به مَن جرحه – كأبي حاتم وابن عدي وغيرهما -، وهو الراجح الذي دل عليه تتبع أحاديث... ». [«السلسلة الضعيفة» (14/769)]
وقال عن (سعيد بن زكريا المدائني أبو عمر، أو أبو عمرو): «وهذا هو الذي يصدق عليه قول الهيثمي المتقدم: «اختلف في ثقته وجرحه» ؛ فقد ذكروا في ترجمته نحو عشرة أقوال متضاربة: ما بين موثق، ومضعف، ومتوسط، ولعل أقربها ما رواه الأثرم عن الإمام أحمد قال: «كتبنا عنه، ثم تركناه. فقلت له: لم ؟ قال: لم يكن به - أرى - في نفسه بأس، ولكن لم يكن صاحب حديث».
وهذا جرح مفسر ؛ فمثله قد يحسن حديثه ؛ إن وجد له شاهد أو متابع.... ». [«السلسلة الضعيفة» (14/988)]
والأمثلة على الاختلاف في الحكم على الرواة مشهورة ومعلومة، وما ذكرناه إلا نتفاً يسيرة مِن ذلك.
والحمد لله ربّ العالمين.
ــــــــــ
(1) هل سيرجع المعلقُ على «المختصر» كما رجعَ الشيخ؟
(2) الرواة المختلف فيهم كثرٌ جداً بين أئمة المتقدمين -أنفسهم-، فضلاً عن اختلافهم في تصحيح أو تضعيف حديث –ما-، فما مَخْرَجُ القوم مِن هذه الورطة؟!
أبو حازم البصري
2008-03-05, 03:20 PM
الإنصاف عزيز.
وإياك أعني فاهمي يا جارة.
ابن رجب
2008-04-06, 11:15 PM
هذه بعض التعقيبات على الوقفات المذكورة:
أولاً/ سبق تنبيهك مراراً إلى البعد عن أسلوب الغمز في إخوانك المسلمين، فكيف إذا تناول الغمز
أحد العلماء! لكن من شبَّ على شيء شاب عليه
ثانياً/ الإكثار من التعجبات أصبح سمة عليك في المجلس العلمي، وهو قبل ذلك سمةٌ على من تنقل مقالات أحياناً
ثالثاً/ لا بأس بالاستدراك على الشيخ التخيفي -رفع الله قدره- أو غيره من أهل العلم، والاستدراك
عليهم لا يحط من أقدارهم، ولا يؤثر على مكانتهم
إلا أنَّ المهمَّ أن يكون الاستدراكُ عليهم بعلم وأدب، ومن الأدب التماسُ العذر لهم فيما أخطؤوا فيه
وأم التشنيع عليهم والغمز فيهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة= فهو من أساليب السَّفَلة
وكم كتبت من استدراكات على الشيخ العلامة الألباني -رحمه الله- وقيّدتها على كتبه، ولم يكن هذا
حاطاً من مكانته في قلبي، ولم أسجل كلمة تحط من قدره -رحمه الله- وما يكون لي أن أفعل هذا
رابعاً/ استدراكك على الشيخ عبدالعزيز التخيفي في محلِّه، وأحسنت في هذا
لكنك أسأت في طريقتك، وفي أسلوب الاستدراك، وفي طريقة الغمز التي استعملتَها
ووقوع الشيخ في هذا الخطأ أو غيره لا يقتضي منك هذا، ولا يخفى عليك أنَّ جمعاً من أهل العلم ذكروا هذا اللفظ في كتبهم، فهل يلحقهم اللوم والغمز المضمَّن في كلامك!!
ومن هؤءلا الذين أوردوا الحديث بلفظ: (خير القرون...) ابن بطال وابن تيمية وابن كثير وابن رجب وابن حجر وغيرهم كثير
فالمسألة لا تحتمل كل الكلام المذكور، مع أهمية الاستدراك والتنبيه عليه، لكن قد جعل الله لكل شيء قدراً
خامساً/ مناقشة المنهج الذي يطرحه الشيخ لا يكون بمثل هذه الطريقة، وقد أشرت في النص الذي نقلتَه عني أنَّ تقريرات الشيخ عبدالله السعد أشمل وأقوى من تقريرات شيخنا الشيخ عبدالعزيز التخيفي، فهلا عمدتَ إلى تقريرات الشيخ عبدالله السعد فناقشتها!! خاصة وقد أشرت إلى ذلك، بل نقلتَ ذلك في مشاركتك
سادساً/ قولك: (ظهرت نابتة...) وتسميتك لهذا المنهج بـ (البدعة العصرية):
أحب أن أبيِّن لك أنَّ مناقشةَ هذه المناهج العلمية لا يفيد فيها مثل هذا الكلام الإنشائي الضعيف بل يكون بكلام علمي وبحجة وبرهان
ومن تسمِّيهم (نابتة) لم يقولوا بقبول قول الأئمة بإطلاق، بل قالوا بقبول قولهم إذا لم يختلفوا، وهؤلاء الأئمة درجات في علم العلل كما هم درجات في علم الجرح والتعديل
فإذا اتفقوا كان واجباً على الباحث أن يتلمَّسَ طريقتهم، ويجتهدَ في فهم كلامهم، ويحاولَ الوقوف على طريقة تعليلهم وإذا اختلفوا فينظر الباحث في الترجيح بين أقوالهم بمقتضى منهجهم في التعليل أو الجرح والتعديل
وأما طريقة بعض المعاصرين في محاكمة كلام الأئمة المتقدمين ببعض قواعد المصطلح وقواعد الجرح والتعديل فهي طريقةٌ غلط، وهي حرفيةٌ تدلُّ على القصور عند ذلك المتأخِّر في فهم تصرفات الأئمة
وأما ما ذكرتَ من كون بعض الناس يظنُّ أنه قد حكمَ الأئمةُ على جميع الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً، فلا أظنك تتحدث في هذا الكلام إلا عن بعض الجهلة، وإلا فكلُّ من درس علم الحديث يعلم أنَّ هناك أحاديث كثيرة لم يحكم عليها الأئمة صراحة تصحيحاً أوتضعيفاً
سابعاً/ إشارتك إلى كثرة الأخطاء اللغوية في محاضرة الشيخ؛ وأودُّ أن أفيدك بأمر يتعلق بسيرة الشيخ:
الشيخ وفقه الله ليس ممن يتكلف تنسيقَ الكلام وتنميقه، بل هو في دروسه وفي حديثه مع طلاب العلم يتكلم من غير تكلف، ويجتهد في تيسير المسألة وتوضيحها للطلاب
وإذا كنتَ تريد معرفةَ جودة لغة الشيخ وأسلوبه فانظر في رسائله العلمية وبحوثه، وأحدها مطبوع
ضمن مجلة البحوث التابعة لإدارة الإفتاء بالسعودية
والتساهل في الكلام مقبولٌ ومستعملٌ عند كثير من العلماء بالشريعة واللغة أيضاً
بينما لا يقبل ذلك التساهل في الكتابة كما هو معلوم
ولذا فإجهاد نفسك بمتابعة الأخطاء اللغوية لا داعيَ له، لكن من لم تكن له نيةٌ حسنة فسيجتهد في تتبع الأخطاء قدرَ الطاقة
شكر الله لكم ,,
ابن رجب
2008-04-06, 11:17 PM
الشيخ الحمادي وفقه الله الملاحظ على كثير من تعقيباتك أنك تستعمل سوط السلطة معرضا عن البرهان والحجة فهل يشترط فيمن يكتب في هذا المنتدى أن يكون موافقا لأصحابه ومعظما لمشايخهم أظن أن الإجابة ستكون والله أعلم لا يشترط إذا لماذا نترك مناقشة الحجج والبراهين ونلجأ إلى الأساليب العاطفية كقولك هذا غمز وهذا لمز فإذا كنتم تضللون الكاتب في بعض المسائل التي يعتقدها فلماذا تنكرون عليه المعاملة بالمثل أرجو أن تتقبل النصيحة من أخ محب فوالله ما أردت إلا أن نستفيد من الحوار العلمي الهادف ولو كان أسلوب المخالف لنا لا يرضينا فالواجب أن نتجاوز عن بعض ذلك حتى نستفيد من الحوار
لي عام أو يزيد قليل ولم أجد هذا في الشيخ عبدالله الحمادي ,, فكن منصفا
ابن رجب
2008-04-06, 11:30 PM
نُبذة حول منهج الألباني
وأختم بإشارات يسيرة (جدّاً جدًّا) على منهج إمام الدنيا المحدث العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في تصحيحه وتضعيفه للأحاديث، متضمناً إشارات أُخرى في الرد على (نابتة العصر):
قال –رحمه الله- في «السلسلة الصحيحة» (6/594): «...فرجعت إلى المصادر القديمة التي هي عمدة المتأخرين في التراجم كالبخاري وابن أبي حاتم وغيرهما, فوجدتُ... ».
وقال: «واعلم أيها القارىء الكريم؛ أن مثل هذا التحقيق يكشف لطالب هذا العلم الشريف أهمية تتبع طرق الحديث, والتعرف على هوية رواته, فإن ذلك يساعد مساعدة كبيرة جداً على الكشف عن علة الحديث التي تستلزم الحكم على الحديث بالسقوط, وهذا ما لا يفعله جماهير المشتغلين بهذا العلم قديماً وحديثاً, وحسبك دليلاً على هذا الذي أقول, موقف المنذري والهيثمي والمناوي مِن هذا الحديث وتقويتهم إياه.
وقد اغتر بهم بعض المتأخرين من المقلدين... ». [«السلسلة الضعيفة» (4/264) ]
وقال: «إن حديث الترجمة منكر, وإن تعددت طرقه, وكثر رواته, لمخالفتهم لمن هم أكثر عدداً, وأقوى حفظاً, فلا جرم أن أعرض عنه الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم, وهو مثال صالح من الأمثلة الكثيرة التي تؤكد أن قاعدة تقوية الحديث بكثرة الطرق ليست على إطلاقها, وأن تطبيقها لا يتيسر أو لا يجوز إلا لمن كان على معرفة قوية بأسانيد الأحاديث ورواتها، كما يدل من جهة أخرى على تساهل ابن حبان في «صحيحه» بإخراجه لهذا الحديث المنكر فيه ». [«السلسلة الضعيفة» (5/133)]
وقال ناصحاً بالاستعانة بأهل الاختصاص في علم الحديث، وفي الوقت نفسه منتقداً جماهير الكتاب في عدم اهتمامهم في بيان مرتبة الحديث الذي يستدلون به: «... والسبب واضح؛ وهو أنهم (لا يعلمون)، ولكن هذا ليس عذراً لهم ؛ لأن بإمكانهم أن يستعينوا بأهل الاختصاص من المعروفين بتخصصهم في علم الحديث، والعارفين بصحيحه وضعيفه، سواء كانوا من الأئمة السابقين كالإمام أحمد والبخاري ومسلم ونحوهم، أو مِن الحفاظ اللاحقين كالحافظ الزيلعي والذهبي والعراقي والعسقلاني وأمثالهم». [«السلسلة الضعيفة» (10/439)]
وقال –أيضاً- منتقداً الشيخ عبدالقادر السندي –رحمه الله-: «...لأن مثل هذه المخالفة مِن مثل هذا المتأخر زَمنًا وَعِلْمًا مما لا سبيل إليه إلا بالرجوع إلى أهل الاختصاص الحفاظ؛ الذين بوسعهم الاطلاع على تدليسات الراوي ثم إيداعه في المنزلة التي يستحقها بالنظر إلى تدليسه قلة وكثرة، لذلك؛ أقول للشيخ السندي: (ليس هذا عشك فادرجي).
نعم؛ للمتمكن في هذا العلم أن يُرجح قولاً على قول للمتقدمين، وأما أن يعارضهم برأي من عنده، ليس بالرجوع إلى قواعدهم، فهذا مما لا يجوز أن يقع فيه طالب العلم كما صنع هذا السندي». [«السلسلة الضعيفة» (12/915)]
وقال ناصحاً لأحد أفاضل كبار العلماء حيث بنى على حديثٍ منكرٍ: «خطبةً مِن خُطَبِه، وقدّم له بمقدمة وجيزة ووصفه بـ (الحديث العظيم) تقليداً لابن تيمية وابن القيم، وسكوت الشيخ إسماعيل الأنصاري عليه في تعليقه على «الوابل الصيب»؛ فلعل الفاضل يعيد النظر في الحديث، ويتبع فيه أقوال الأئمة النقاد الذين أجمعوا على استنكاره، فإنهم المرجع في هذا الأمر؛ لاختصاصهم به، والفاضل معنا في ذلك، والحمد لله. وبالله التوفيق». [«السلسلة الضعيفة» (14/1241) ]
وقال –متراجعاً-: ((..وأقره الذهبي في «تلخيصه»، وأكده بقوله: «لا أعرف زيداً هذا».
وتبعه ابن الملقن في «مختصر الاستدراك» (1/ 513)، وتبعه المعلق عليه، واستشهد بي!(1) فقد كنتُ قد خرَّجتُ الحديث تخريجاً مختصراً في «غاية المرام» (197/ 328)، لم تتيسر لي يومئذ ما تيسر لي الآن من المصادر والمراجع، والحمد لله، فكان لا بد من الاعتماد على من تقدم من الحفاظ، وبخاصة منهم الذهبي النقاد.
ثم تبين لي أن الرجل ثقة، وتعجبت كل العجب من تتابع الحفاظ على عدم معرفتهم إياه؛ مع أنه مترجم في كتب التراجم القديمة التي هي المرجع في كثير من الترجمات الواردة في كتب الحفاظ المتأخرين كالذهبي، والمزي، والعسقلاني، وغيرهم...)). [«السلسلة الضعيفة» (14/351)]
وقال: «وأرى أن هذا أمر لا بد منه، أن يستفيد المتأخر من المتقدم من أهل العلم، ولا يغتر بما عنده ؛ كما عليه كثير من الناشئين اليوم! ومن نافلة القول أن أذكر الشرط في ذلك، وهو ما لم يظهر خطؤه». [«السلسلة الضعيفة» (14/336) ]
وقال: «فالعجب مِن بعض المشتغلين بهذا العلم في العصر الحاضر، من الذين لا يعبأون باجتهادات الحفاظ الذين سبقونا في هذا المجال، وتعقيباتهم على بعض الحفاظ المتقدمين، وبخاصة من كان معروفاً بالتساهل فى التوثيق كابن حبان مثلاً! فقد رأيت اتفاق رأي الحافظ ابن حجر مع الذين حكموا بجهالة (أبي سليمان الليثي)، وترجيحه لضعف الراوي عنه، مع هذا كله ترى الأخ الداراني في تعليقه على «موارد الظمآن» (8/ 100) يعرض عن ذلك كله، ويقول: «إسناده حسن»! تقليداً لابن حبان! الذي لا يكاد يخالفه في توثيقه للمجهولين والضعفاء إلا فيما ندر!». [«السلسلة الضعيفة» (14/321)]
وقال: «فالعلة إذن هو ابن عقيل الذي دارت عليه الطرق ؛ فإنه مختلف فيه(2) - كما في «الفتح» (10/10) - والذي استقر عليه رأي الحفاظ المتأخرين هو تسليك حديثه وتحسينه...». [«السلسة الضعيفة» (13/1035)]
وقال عن (شهر بن حوشب): «اختلفت فيه أقوال الحفاظ المتقدمين منهم والمتأخرين، وغاية ما قيل في حديثه أنه حسن ؛ وذلك يعني: أن في حفظه ضعفاً، وذلك مما صرح به مَن جرحه – كأبي حاتم وابن عدي وغيرهما -، وهو الراجح الذي دل عليه تتبع أحاديث... ». [«السلسلة الضعيفة» (14/769)]
وقال عن (سعيد بن زكريا المدائني أبو عمر، أو أبو عمرو): «وهذا هو الذي يصدق عليه قول الهيثمي المتقدم: «اختلف في ثقته وجرحه» ؛ فقد ذكروا في ترجمته نحو عشرة أقوال متضاربة: ما بين موثق، ومضعف، ومتوسط، ولعل أقربها ما رواه الأثرم عن الإمام أحمد قال: «كتبنا عنه، ثم تركناه. فقلت له: لم ؟ قال: لم يكن به - أرى - في نفسه بأس، ولكن لم يكن صاحب حديث».
وهذا جرح مفسر ؛ فمثله قد يحسن حديثه ؛ إن وجد له شاهد أو متابع.... ». [«السلسلة الضعيفة» (14/988)]
والأمثلة على الاختلاف في الحكم على الرواة مشهورة ومعلومة، وما ذكرناه إلا نتفاً يسيرة مِن ذلك.
والحمد لله ربّ العالمين.
ــــــــــ
(1) هل سيرجع المعلقُ على «المختصر» كما رجعَ الشيخ؟
(2) الرواة المختلف فيهم كثرٌ جداً بين أئمة المتقدمين -أنفسهم-، فضلاً عن اختلافهم في تصحيح أو تضعيف حديث –ما-، فما مَخْرَجُ القوم مِن هذه الورطة؟!
امام الدنيا ,, هذا كلام الشيخ لايرتضيه لنفسه ,, فدع المبالغات .
وقال: «واعلم أيها القارىء الكريم؛ أن مثل هذا التحقيق يكشف لطالب هذا العلم الشريف أهمية تتبع طرق الحديث, والتعرف على هوية رواته, فإن ذلك يساعد مساعدة كبيرة جداً على الكشف عن علة الحديث التي تستلزم الحكم على الحديث بالسقوط, وهذا ما لا يفعله جماهير المشتغلين بهذا العلم قديماً وحديثاً, وحسبك دليلاً على هذا الذي أقول, موقف المنذري والهيثمي والمناوي مِن هذا الحديث وتقويتهم إياه.
]وقد اغتر بهم بعض المتأخرين من المقلدين... ». «السلسلة الضعيفة» (4/264) .
ماهذا أيها الناقل ..
وفي الاخير لم نستفد من وقفاتك هذه .
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.