تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وجهة نظر دكتور أحمد مختار عمر في النقد اللغوي



فريد البيدق
2011-02-19, 02:38 PM
.. من "معجم الصواب اللغوي"

المقدمة
على الرغم من كثرة ما تحويه المكتبة العربية من مؤلفات تتناول أوجه الخطأ والصواب في اللغة فإننا لم نجد واحدًا منها وافيًا بالغرض، مستجيبًا لحاجة المثقف العام، محققًا لمطلب ابن اللغة الذي يبحث عن المعلومة السريعة، والرأي الموجز، وينشد التيسير الذي لا يضيّق واسعًا، ولا يخطّئ صوابًا.
وأهم ما لاحظناه من عيوب في أعمال السابقين ما يأتي:
1 - عدم شمول أي منها لكثير من الألفاظ والعبارات والأساليب التي تشيع في لغة العصر الحديث.
2 - تشدُّد بعض منها في قضية الخطأ والصواب، ورفضه لكثير مما يمكن تصحيحه بوجه من الوجوه، مما أربك الدارسين، وأوقعهم في متاهات «قل ولا تقل». وقديمًا قيل: «أنحى الناس من لا يخطئ أحدًا». ومن ذلك تخطئتهم كلمتي «مَتْحَف» و «مَعْرَض» مع ما وجده مجمع اللغة لهما من تخريج سديد. وتخطئتهم النسب إلى الجمع على لفظه، وفتح همزة «إن» بعد القول و «حيث» مع صحتها بشيء من التوسع.
3 - انشغال بعض منها بقضايا تراثية، وألفاظ مهجورة قد جاوزها الزمن، ولم يعد لها وجود في لغة العصر الحديث.
4 - تقليدية الكثير منها، واعتماده على آراء السابقين التي يقوم بترديدها دون تمحيص.
5 - وقوف معظمها عند فترة زمنية معينة لا تتجاوز القرن الرابع الهجري، مما استبعد من المعجم اللغوي مئات من الألفاظ والعبارات والتراكيب التي جدت بعد ذلك، ودخلت اللغة، ولم تدخل المعاجم.
6 - وقوع بعضها في الخطأ بقبولها ما هو خطأ محض، ورفضها ما هو صواب محض؛ كتخطئة زهدي جار الله «تعاليا إلى هنا»، ونصه على أن الصواب: «تعالا إلى هنا»، (الكتابة الصحيحة ص 256)، ولم يقل بذلك أحد سواه، وتخطئته جمع مكفوف على مكفوفين ذاكرًا أن الصواب مكافيف (السابق 313) وهو ما لم يقل به أحد، ولا يصح القول به.
ويعد من هذا مصطلح «نزع الخافض» الذي لم يرد في معجمنا إلا خمس مرات اقتضاها السياق، وفضلنا عليه «حذف حرف الجر».
4 - الاقتصار في المادة المعروضة على ما يشيع في لغة العصر الحديث على ألسنة المثقفين وفي كتاباتهم سواء استخلصناه بأنفسنا من لغة الإعلام، وكتابات الأدباء، أو وجدناه مذكورًا في دراسات السابقين.

5 - فتح باب الاستشهاد حتى يومنا هذا، وهو ما سبق أن طبقه مجمعنا اللغوي في معاجمه، وبذلك فتح الباب أمام الجميع لتخطي الحدود الزمانية والمكانية التي أقيمت خطأ بين عصور اللغة المختلفة.
وإذا كان مجمع اللغة العربية بالقاهرة قد توقف زمنيًّا عند الثمانينيات من القرن العشرين فإن معجمنا قد استوعب ما شاع في لغة العصر الحديث حتى لحظة إنجازه، وبذلك احتوى على أعداد هائلة من الكلمات والاستعمالات التي خلا منها المعجم الوسيط. وإذا كان المعجم الوسيط يستشهد- على استحياء- بعدد محدود من المولدين والمعاصرين فقد فتحنا في معجمنا الباب على مصراعيه، ولذا نجد فيه أسماء، مثل: طه حسين، والعقاد، ومحمود تيمور، وتوفيق الحكيم، وأبي القاسم الشابي، وميخائيل نعيمة، والطيب الصالح، ونجيب محفوظ .. وغيرهم من المعاصرين سواء كانوا أمواتًا أو أحياء. كما نجد فيه أسماء لكتاب عاشوا بعد عصر الاستشهاد مثل: ابن طفيل، وابن خلدون، وإخوان الصفا، وابن رشد، وابن جني، وابن سينا، وابن عبد ربه ..

6 - إجازة استعمال اللفظ على غير استعمال العرب ما دام جاريًا على أقيستهم من مجاز، واشتقاق، وتوسيع للدلالة وغيرها. وقديمًا قال ابن جني: «للإنسان أن يرتجل من المذاهب ما يدعو إليه القياس ما لم يُلْوِ بنص» (الخصائص 1/ 189)، وقال: «لو أن إنسانًا استعمل لغة قليلة عند العرب لم يكن مخطئا لكلام العرب، لكنه يكون مخطئا لأجود اللغتين» (السابق 2/ 12).
7 - التوسع في فكرة التجمعات الحرة، والاختيارات الأسلوبية التي سمحت بتحريك الكلمات من مواقعها دون التزام بترتيب معين ما لم يكن هناك نص نحوي يعارض ذلك. وبناء عليه صوّبنا تقديم الظرف «فقط» على متعلقه في مثل قولنا: «ليس فقط على المستوى المحلي».
8 - التوسع في فكرة تعدد المتعلقات مما سمح بعدم التقيد بظرف معين أو حرف معين مع الفعل المعين. وبناء عليه صوبنا جملاً مثل: «وزع الجوائز على الفائزين» بالإضافة إلى « ... بين الفائزين».
9 - اعتمدنا شيوع الاستعمال قياسًا مرجِّحًا للتصحيح أو التفصيح أو القبول، وإن كنا قد سمحنا بإدخال بعض الكلمات غير الشائعة بقصد الترويج لها لسدها فراغًا لا تسده كلمة أخرى، مثل استخدام الجُرادة، والنُّجادة، والأُكالة، والفُراطة وغيرها مما يدل على بقايا الأشياء.
10 - إذا كانت المعاجم السابقة قد ظهرت في شكل ورقي فقط، فقد حرصنا على تقديم هذا المعجم في شكلين: أحدهما ورقي، والآخر إلكتروني، وتتميز النسخة الإلكترونية باحتواء كل مدخل على مصادره اللغوية التي رجعنا إليها، بالإضافة إلى الإمكانيات الهائلة في استدعاء المعلومة المطلوبة بسرعة.

أبوالليث الشيراني
2011-02-19, 10:02 PM
فكرة مطروحة بجرأة عجيبة !

وأخاف أن تكون بذرة للتوسع الممجوج ؛ إذ العلماء من قديم يحاولون وضع سقوف عليا , وقواعد راسخة جذورها حتى لا تقتلع بسهولة , وها هو يفتح الباب على مصراعيه , بشروط ضعيفة في بعضها , معتمداً على نُتَفٍ الشذوذات النحوية .

لست أتحدث عن فضله في نفسه , ولكن : يريبني هذا الأمر كثيراً .
والعالم يسير إلى انحدارٍ سريع , فمن الأجدر المحافظة على العزيمة وترك الرخصة قدر المستطاع , حتى يبقى رونق اللغة الحقيقيّ !
وها هو يقول : إن العلماء انشغلوا بقضايا تراثيّة أكثر منها حقيقيّة واقعيّة , ولعمري هل بعد التراث من أصلٍ يُعَوَّلُ عليه ؟!
وقد أخرج ابن جرير, عن عكرمة, بسند صحيح, في مسند عمر, عن ابن عباس, أنه قال: «الشعر ديوان العرب, هو أول علم العرب, عليكم شعر الجاهلية, وشعر الحجاز» 2/637. وهو نص يوحي بالخلوص للمحتد , والتمسك بالأصل قدر المستطاع .
والتاريخ يشهد في كل فنونه , وعلومه , وحوادثه كذلك , كما أن ما ذهب إليه المؤلف قد يفسد أساس بلاغة لغة العرب وتميّزها عن سائر اللغات بالإعجاز والإيجاز !
وعلّته في ذلك التوسع = توسّع المباحث على الدارسين , وتشعّبها , وكثرة الخلاف بين أهل العصر الحديث فيما نقوله ولا نقوله , والأحرى في هذه الحالة أن يقفو طريقة الأُوَلِ من متقدمي أساطين اللغة , ودوواين العلم ؛ لما رأوا نشوب الخلاف بين المصرين القديمين (الكوفة والبصرة) إلى غيرهما من الأمصار , وتفرّق ذلك في نواحي البسيطة = فلجؤوا إلى الجمع والتنقيح قدر ما اسطاعوا , فظهر لنا ابن مالك , ومن تبعه إلى عصرنا .
أما اللجوء إلى الشاذّ الضعيف وتقويته بأدلّة لا تنهض , فذلك مريب , وما زلت حدث السنّ , ولست أعلم رأي الكبار من أمثالكم في هذه القضيّة !
بارك الله فيك أيها الأستاذ.

فريد البيدق
2011-02-21, 09:03 PM
كما قلت أيها الحبيب، كما قلت!

أحمد الابراهيمي
2011-02-23, 07:47 PM
شكرا جزيلا على المجهودات الجبارة ....وفقكم الله .

فريد البيدق
2011-02-23, 08:37 PM
شكر الله تعالى لك أخي الحبيب الأستاذ أحمد!

أبو عبد الله المصري
2013-04-13, 03:37 PM
جزاك الله خيرا أخي الحبيب .