المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الله قد رفع السماء بلا عمدٍ



زهرة المدائن
2011-02-18, 06:18 PM
ما حكم (لا) في قولي: الله قد رفع السماء بلا عمدٍ؟ وهل وجودها كعدمها في أنها لا تمنع الجر بالباء؟ وما حكمها في قوله تعالى: (لئلا يكونَ) بالنصب بأَنْ المظهرة قبلها؟ ولماذا لم تمنع (لا) عمل ما قبلها فيما بعدها؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا

وليد العدني
2011-02-18, 09:04 PM
زيادة ( لا ) :
زيدت في قولـه تعالى : } لِئَلّا يَعلَمَ أَهلُ الكِتابِ .. {([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)) أي : ليعلم أهل الكتاب([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))، ومن هذا قول الشاعر([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)):

تَذَكَّرتُ لَيلى فَاعتَرَتني صَبابَةٌ
وَكادَ ضَميرُ القَلبِ لا يَتَقَطَّعُ



فالمعنى : يتقطع .
وتزاد ( لا ) المذكــورة بعـــد حــــرف العطف لتوكيد النفـــي ، كما في قولــه تعـالى : } وَلا تَسـتَوي الحَســَــنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ... {([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)) ، " وتزاد لتوكيد الإضراب بعد الإيجاب ، كقولـه([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)):

وَجهُكَ البَدرُ لا بَلِ الشَّمسُ لَو لَم
يُقضَ لِلشَّمسِ كَسفَةٌ أَو أُفولُ


ولتوكيد تقرير ما قبلها بعد النفي ، ومنع ابن درستويه([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)) زيادتها بعد النفي ، وليس بشيء ؛ لقولـه([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7)):

وَما هَجَرتُكِ لا بَل زادَني شَغَفًا
هَجرٌ وَبُعدٌ تَراخى لا إِلى أَجَلِ "([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8))



وفي شعر أبي تمام وردت زيادتها في مواضع معروفة مألوفة ، كقولـه([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)):

- فَلَو كانَ ما يُعطيهِ غَيثًا لأمطَرَت
سَحائِبُهُ مِن غَيرِ بَرقٍ وَلا رَعدِ

- وَكُنتُ بِها المُمَنَّعَ غَيرَ وَغدٍ
وَلا نَكدٍ إذا حَلَّ العَظيمُ



وزيدت لتوكيد الإضراب بعد الإيجاب كما في قوله([10] (http://majles.alukah.net/#_ftn10)):

- بِأَحاظي الجُدودِ لا بَل بِوَشــ
ـكِ الجِدِّ لا بَل بِسُؤددِ الأَجدادِ


- لَهفَ نَفسي عَلَيَّ لا بَل عَلَيكا
إِذ تَجولُ العُيونُ في خَدَّيكا



ومن زيادتها بعد النفي قولـه تعــالى : } ... غَيرِ المَغضـــوبِ عَلَيهِم وَلا الضّــــــالّين َ {([11] (http://majles.alukah.net/#_ftn11))، " فـ ( لا ) زائدة ، لتوكيد النفي . قــالوا : وتعين دخــولــها في الآيــة ، لئلا يتوهم عطف ( الضالين ) على ( الذين ) "([12] (http://majles.alukah.net/#_ftn12)).
والحقيقة أننا لا نحتاج لمثل هذا التعليل القائم على دفع التوهم ؛ إذ هناك نماذج كثيرة ، المعنى فيها واضح بيّن ومع ذلك جيء بـ ( لا ) زائدةً ، إذن العرب تؤكد النفي بالنفي ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، منها قول أبي تمام([13] (http://majles.alukah.net/#_ftn13)):

- فَلَو كانَ ما يُعطيهِ غَيثًا لَأَمطَرَت
سَحائِبُهُ مِن غَيرِ بَرقٍ وَلا رَعدِ


- آثارُ أَيدي آلِ مُصعَبٍ الَّتي
بُسِطَت بِلا مَنٍّ وَلا إِخلافِ



ولم يكتف أبو تمام بزيادتها مع المعطوف بل زادهــا في بعض أبياته مع المعطوف عليه ، ومن ذلك قوله([14] (http://majles.alukah.net/#_ftn14)):

- مِثلُ السَّبيكَةِ لَيسَ عَن أَعراضِها
بِالغَيبِ لا نَدُسًا وَلا بَحّاثا


- كانَت حَوادِثُ في موقانَ ما تَرَكَت
لِلخُرَّميةِ لا رَأسًا وَلا ثَبَجا



وهذا شبيه بزيادتها بعد النفي في قول الشاعر([15] (http://majles.alukah.net/#_ftn15)):

قد يكسِبُ المالَ الهِدانُ الجافي
بِغَيرِ لا عَصفٍ ولا اصطِرافِ



وربما ساعد اختلافُ الكلمتين في اللفظ على اجتماعهما في موضع واحد دالتين على النفي دون فصل بينهما([16] (http://majles.alukah.net/#_ftn16)).
([1]) الحديد : من الآية 29

([2]) الكشاف : 2 / 89 ، 4 / 483 ، وينظر : التفسير الكبير للرازي : 29 / 216

([3]) الجنى الداني : 302 ، وقائل البيت مجهول .

([4]) فصلت : من الآية 34

([5]) البيت بلا نسبة في : مغني اللبيب : 1 / 113 ، همع الهوامع : 5 / 257 ، شرح الأشموني : 3 / 168

([6]) عبد الله بن جعفر بن درستويه ، صحب المبرد ، ولقي ابن قتيبة ، كان شديد الانتصار للبصريين في النحو واللغة . مات سنة 347هـ . ( ينظر : بغية الوعاة : 2 / 36 )

([7]) البيت بلا نسبة في : مغني اللبيب : 1 / 113 ، همع الهوامع : 5 / 257 ، شرح الأشموني : 3 / 168

([8]) مغني اللبيب : 1 / 113 ، وينظر : همع الهوامع : 5 / 257 ، شرح الأشموني : 3 / 168

([9]) الديوان : 2 /120

([10]) نفسه : 1 / 367 ، 4 /246

([11]) الفاتحة : من الآية 7

([12]) الجنى الداني : 301

([13]) الديوان : 2 / 120 ، 2 / 393

([14]) نفسه : 1 / 316 ، 1 / 329

([15]) البيت بلا نسبة في : معاني القرآن : 1 / 176 ، الخصائص : 2 / 283 ، الإنصاف في مسائل الخلاف : 2 / 581 ، خزانة الأدب : 8 / 486

([16]) ينظر: معاني القرآن : 1 / 176 ، الإنصاف في مسائل الخلاف : 2 / 581 ، خزانة الأدب : 8 / 486
****************************** ****************************** ***********************
هذا مقتبس من رسالة ماجستير من جامعة تعز 2008م موسومة بـ : ( التوكيد في شعر أبي تمام - دراسة نحوية ) لكاتب هذه السطور ، وإشراف أ.د عباس السوسوة .


أعود - إن شاء الله - للإجابة عن الآيتين المذكورتين قريبًا . وبارك الله فيكم

وليد العدني
2011-02-19, 02:36 AM
في قولنا : ( الله رفع السماء بلا عمدٍ ) ، يقال عن ( لا ) هنا : معترضة بين الجار والمجرور ، لأنها تفيد معنى النفي ولا يُستغنى عنها ، والحرف الزائد يفيد التوكيد ويمكن أن يستغنى عنه ؛ لذلك وصفها بالزائدة فيه نوع من التساهل في الإعراب .
والكوفيون يجعلونها اسمًا بمنزلة ( غير ) ، فيكون المعنى : بغير عمدٍ .
من يجعلها معترضة يقول في إعرابها : ( لا : اسم بمعنى ( غير ) مجرور بالباء ، وظهر إعرابه على ما بعده بطريق العارية ، و( لا ) مضاف ، و( عمد ) مضاف إليه .
ويجعلون نظير هذا ( أل ) الموصولة ( الـضارب ، الـمضروب ) فالإعراب يكون لما بعدها بطريق العارية .
أعتقد أن جعلها اسمًا بمنزلة ( غير ) - على رأي الكوفيين - هو الأفضل والأوضح ، وإلا ما معنى أن نعربها ( مضافًا ) ، ومعلوم أن المضاف لا يكون إلا اسمًا . والله تعالى أعلم

أما في قوله تعالى : ( لئلا يكونَ ... ) فهي حرف يفيد النفي . والله أعلم