المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسافة قصر الصلاة في السنة النبوية.....أ.د. شرف القضاة



أبو الخير الأحمدي
2007-09-27, 01:26 PM
مسافة قصر الصلاة في السنة النبوية

أ.د. شرف القضاة
كلية الشريعة – الجامعة الأردنية

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ؛
فقد أجمع العلماء على مشروعية قصر الصلاة الرباعية للمسافر، ولكنهم اختلفوا في بعض المسائل الفرعية، ومن هذه المسائل الخلافية المسافة التي تقصر فيها الصلاة، وقد اختلفوا فيها اختلافا كثيرا، حتى ذكر ابن المنذر وغيره في ذلك نحوا من عشرين قولا .
ولما كانت هذه المسألة تعتمد اعتمادا كاملا على النصوص الشرعية، إذ لا مجال فيها للرأي، بل تعتمد على الأحاديث النبوية فقط، ، فليس في القرآن الكريم بيان لمسافة القصر، أردت في هذا البحث أن أبين ما صح من الأحاديث في ذلك، لأن بعض الأقوال تستدل بأحاديث غير صحيحة، ثم أبين الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ونميزها عن غير المرفوعة، ثم أحاول أن أفهم هذه الروايات الصحيحة فهما متكاملا دون أن أغفل شيئا منها، وذلك للوصول إلى القول الراجح في هذه المسألة، متبعا في ذلك ما قرره العلماء من قواعد في علوم الحديث بعامة، وفي علم مختلف الحديث بخاصة، وفي أصول الفقه كذلك.

ــــــ

مختصر المناقشة والترجيح:
بعد هذا الاستعراض المفصل لمذاهب الصحابة والتابعين وأشهر العلماء وأدلتها ومناقشتها نجد أنها كلها -عدا رأي واحد- ضعيفة بسبب المآخذ الهامة عليها، فلا يخلو رأي منها من اعتماد حديث غير صحيح، أو يعتمد حديثا غير مرفوع يعارض المرفوع، أو يعتمد حديثا في سفر المرأة أو المسح على الخفين مع وجود الحديث الصحيح المرفوع في المسألة نفسها، أو اعتمد أحاديث تبين متى يبدأ المسافر القصر في السفر الطويل، أو اشترط الإجماع لتقييد النص، وهكذا.

ولذلك فإن الرأي الراجح ينبغي أن يخلو من كل هذه المآخذ، فإن وجدنا في مسافة السفر الذي تقصر فيه الصلاة حديثا صحيحا مرفوعا يقيد النصوص المطلقة الواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة فإنه لا بد من الأخذ به، وإن خالف أقوال بعض الصحابة.
وإن الدليل الذي تتوفر فيه كل هذه الشروط هو حديث أنس الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه فقال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ كِلَاهُمَا عَنْ غُنْدَرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الْهُنَائِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ شُعْبَةُ الشَّاكُّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ .
فالحديث صحيح، مرفوع، وهو وارد في المسألة نفسها، وبخاصة أن أنس رضي الله عنه ذكره جوابا عن سؤال عن مسافة قصر الصلاة، لا عن المسافة التي يُبتدأ منها القصر في السفر الطويل، وهو من فقهاء الصحابة يعلم جيدا عن أي شيء يتحدث، وكيف يعبر عن ذلك، وهو من أكثر الصحابة معرفة بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسافة القصر، فهو خادمه وملازمه، وهو يبين بقوله "كان إذا" أن القصر في هذه المسافة كان من عادته صلى الله عليه وسلم، فإن هذه الألفاظ تدل على التكرار.
وأما ما انتقد به هذا الرأي فلا يصح، وقد ناقشناه سابقا، ونختصره هنا:
1. أن في الحديث شكا، وقد بينا أننا اعتمدنا الفراسخ وليس الأميال، لأن الأميال تندرج في الفراسخ، وليس العكس، وهو الأحوط، وتأكد هذا بفعل أنس رضي الله عنه، حيث لم يرو عنه أنه قصر في ثلاثة أميال أو ما يقاربها، بينما ثبت عنه أنه قصر في خمسة فراسخ.
2. أن الحديث لبيان أين يبدأ المسافر القصر، وقد بينا أن هذا لو كان صحيحا لاشترطوه، ولكنهم لم يشترطوا ابتعاد المسافر عن آخر بنيان البلد مسافة ثلاثة أميال أو فراسخ ليجوز له القصر.
وقد تأكد ما في حديث أنس بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما قصر في عرفة وصلى معه أهل مكة، ولم يأمرهم بالإتمام كما أمرهم به في مكة، فكان هذا تطبيقا عمليا آخر لما ذكره أنس رضي الله عنه، وقد بينا سابقا أن المسافة من مكة إلى عرفة اثنا عشر ميلا، وما دام قد ثبت قصره صلى الله عليه وسلم في تسعة أميال كما في حديث أنس، وثبت قصره في اثني عشر ميلا فإننا نأخذ بأقل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، وهكذا فإن الراجح في مسافة القصر هو تسعة أميال، وإن أرجح ما قيل في التسعة الأميال أنها تساوي ثمانية عشر كيلومترا، وأقصى ما قيل فيها هو سبعة وعشرون كيلومترا، والله أعلم.
وهذا هو الذي رجحه عدد من المحققين:
قال ابن حجر: وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه، وقد حمله من خالفه على أن المراد به المسافة التي يبتدأ منها القصر لا غاية السفر، ولا يخفى بعد هذا الحمل .
وقال الشوكاني: فالمتيقن هو ثلاثة فراسخ لأن حديث أنس المذكور في الباب متردد ما بينهما وبين ثلاثة أميال والثلاثة الأميال مندرجة في الثلاثة الفراسخ فيؤخذ بالأكثر احتياطا .
وقال الصنعاني: نعم يحتج به على التحديد بالثلاثة الفراسخ إذ الأميال داخلة فيها فيؤخذ بالأكثر وهو الاحتياط .

أهم نتائج البحث
1. الراجح في مقدار الميل أنه اثنان من الكيلومترات، وهو أيضا متوسط ما قيل فيه، فإن أقل ما قيل فيه هو: كيلومتر واحد، وأكثر ما قيل فيه هو: ثلاثة كيلومترات.
2. الأحاديث الموقوفة في مسافة القصر كثيرة، وبينها اختلاف كبير جدا، مما يدل على أنها أقوال وأفعال اجتهادية، ولذلك فلا يصح اعتماد بعضها دون بعض.
3. في المسألة حديثان صحيحان مرفوعان من فعله صلى الله عليه وسلم، أولهما: حديث أنس في القصر في ثلاثة أميال أو فراسخ، والراجح رواية الفراسخ، ولا يصح جعلها شرطا لبداية القصر فهذا لم يصح عن أحد من العلماء.
وثانيهما: حديث القصر في عرفة في الحج، والصحيح أنه كان لأهل مكة بسبب السفر.
4. لم أجد أحدا من الصحابة رضي الله عنهم قال بالقصر في مطلق السفر، وإنما ذلك قول لبعض المتأخرين، ثم عاد هؤلاء فقدروا مطلق السفر بالأميال أو الزمان.
5. لم يصح عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم القصر في ميل واحد، أو ثلاثة أميال، لا ابن عمر ولا غيره، لا إلى قباء أو العوالي ولا إلى غيرهما، مما يؤكد أن ما روي عن ابن عمر في القصر في الميل والساعة إنما يراد به ابتداء القصر في السفر الطويل.
6. لا يصح الاحتجاج في هذه المسألة بأحاديث سفر المرأة دون زوج أو محرم، ولا بأحاديث المسح على الخفين.
7. لا يصح اشتراط الإجماع لتقييد النصوص الواردة في السفر، بل يكفي في دليل واحد صحيح مرفوع.
8. الراجح مشروعية القصر في تسعة أميال فصاعدا، وهي على الأرجح ثمانية عشر كيلومترا، وعلى الأحوط سبعة وعشرون كيلومترا، تبدأ من آخر البلد التي يسافر منها إلى بداية البلد التي يسافر إليها.
والحمد لله رب العالمين

البحث كاملا ملف pdf
مع المرفقات

ريهان يحيى
2007-09-27, 11:12 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم ونفع بكم

أبو الخير الأحمدي
2007-10-11, 06:13 PM
شكرا لكم ... بارك الله فيكم ...

أبو الخير الأحمدي
2008-03-07, 07:32 AM
للفائدة

عبد الله عبد الرحمن رمزي
2008-04-08, 06:46 AM
ما الجواب عن هذا الاثرعند عبد الرزاق
باب في كم يقصر الصلاة

عبد الرزاق عن ابن عيينة عن ابن دينار عن عطاء قال : : (سألت ابن عباس أقصر الصلاة إلى عرفة ؟ قال : لا ، قلت : إلى منى ؟ قال : لا ، ولكن إلى جدة وإلى عسفان وإلى الطائف ، فإن قدمت على أهل لك أو على ماشية فأتم الصلاة .).

أبو الخير الأحمدي
2009-06-11, 02:06 PM
للفائدة

أبو الخير الأحمدي
2009-12-26, 12:08 PM
جزاكم الله خيرا يرفع للفائدة