تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأدبُ في نَقْدِ العِلَمَاءِ للأَئِمةِ الكِبارِ ( دعوة للمشاركة )



مهند المعتبي
2007-09-24, 10:00 PM
كنتُ طرحتُ إشكالاً عن إفرادِ يومِ الجُمُعةِ بالصِّيام .. وأفادني الأخُ الفاضلُ : شريف شلبي ..
فرجعتُ إلى شرحِ النووي على مسلمٍ ؛لأراجعَ المسألةَ ؛ فرأيتُ نقدَ النوويِّ للإمامِ مالكٍ في هذه المسألةِ .. الأفضلُ من النَّقدِ أدبُ الطرحِ العلميِّ ـ الذي قد نفتقد إليه في كثيرٍ من نقاشاتنا ـ ، وماهو على النوويِّ ـ وكثيرٍ من العلماءِ النُبلاء ـ بمُستَغرَبٍ ؛ فقد أُرضِعُوا مع التَّعلمِ التأدبَ ، ومع الإخلاصِ معرفةَ قدرِ النفسِ ....
أعتذرُ إذْ أسْهَبْتُ ،، بل أرجو أن يذكرَ الإخوةُ النبلاءُ ما يقفون عليه من أدبِ الكبارِ مع الكبارِ ـ وهي كثيرةٌ كثيرةٌ ـ (1)..


وهاكمُ كلام النوويِّ : (وفي هذه الأحاديث الدلالةُ الظاهرةُ لقولِ جمهور أصحاب الشافعي وموافقيهم ، أنه يكره افراد يوم الجمعة بالصوم ، الا أن يوافق عادةً له ، فان وصله بيوم قبله أو بعده أو وافق عادة له بأن نذر أن يصوم يوم شفاء مريضه أبدا فوافق يوم الجمعة لم يكره لهذه الأحاديث .
وأما قول مالك في الموطأ : "لم أسمع أحداً من أهل العلم والفقه ومن به يقتدى نهى عن صيام يوم الجمعة ، وصيامه حسن ، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه وأراه كان يتحراه " فهذا الذي قاله هو الذي رآه ، وقد رأى غيرُه خلافَ ما رأى هو ، والسنةُ مقدمةٌ على ما رآه هو وغيره ، وقد ثبت النهى عن صوم يوم الجمعة فيتعين القولُ به ، ومالكٌ معذورٌ فانه لم يبلغه ، قال الداودي ـ من أصحاب مالك ـ : لم يبلغ مالكًا هذا الحديث ، ولو بلغه لم يخالفه ..) ا . هـ



آمل أن نستفيد مما تقفون عليه ، وأن لا تُناقش المسائلُ العلميةُ ؛ كهذه المسألةِ ، أو هل بلغَ مالكاً الحديثُ .. فذلك مخرجٌ للموضوعِ عن أصله ..
وفقَّ اللهُ الجميعَ .

____________________
(1) ثمةَ شريطٌ نافعٌ ـ أظنُّ أكثركم سمعه ـ : (( أخلاقُ الكبارِ )) ؛ للشيخ خالد السبت .

ابومحمد البكرى
2007-09-28, 08:01 AM
بارك الله فيك

مهند المعتبي
2007-09-29, 05:39 AM
وفيك بارك اللهُ أخي الفاضل أبا محمدٍ البكريَّ ..
___________________________

وهذا أُنموذجٌ لنقد إمامٍ من أئمة النقدِ في عصره ، الإمامِ شمسِ الدين الذهبيِّ ـ رحمه الله ـ لابنِ حزمٍ ـ رحمه الله ـ ، حيث قال في السِّيَر :


( قُلْتُ:وَمِنْ تَوَالِيفه:كِتَ ب(تَبديل اليَهُوْد وَالنَّصَارَى لِلتَّورَاة وَالإِنجيل)، وَقَدْ أَخَذَ المنطق - أَبعدَهُ الله مِنْ عِلمٍ - عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ المَذْحِجِيّ، وَأَمعَنَ فِيْهِ، فَزلزله فِي أَشيَاء، وَلِي أَنَا مَيْلٌ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ لمَحَبَّته فِي الحَدِيْثِ الصَّحِيْح، وَمَعْرِفَتِهِ بِهِ، وَإِنْ كُنْتُ لاَ أُوَافِقُهُ فِي كَثِيْرٍ مِمَّا يَقولُهُ فِي الرِّجَالِ وَالعلل، وَالمَسَائِل البَشِعَةِ فِي الأُصُوْلِ وَالفروع، وَأَقطعُ بخطئِهِ فِي غَيْرِ مَا مَسْأَلَةٍ، وَلَكِن لاَ أُكَفِّره، وَلاَ أُضَلِّلُهُ، وَأَرْجُو لَهُ العفوَ وَالمُسَامحَة وَللمُسْلِمِيْن َ ، وَأَخضعُ لِفَرْطِ ذكَائِهِ وَسَعَة علُوْمِهِ ... )

للزيادة والفائدة ..

مهند المعتبي
2007-09-29, 06:01 AM
قال شيخُ الإسلامِ ـ رحمه الله ـ :

( نعوذ بالله سبحانه مما يقضي إلى الوقيعة في أعراض الأئمة أو انتقاض بأحد منهم أو عدم المعرفة بمقاديرهم وفضلهم أو محادتهم وترك محبتهم وموالاتهم ونرجو من الله سبحانه أن تكون ممن يحبهم ويواليهم ويعرف من حقوقهم وفضلهم ما لا يعرفه أكثر الاتباع وأن يكون نصيبنا من ذلك أوفر نصيب وأعظم حظ ولا حول ولا قوة إلا بالله ،

لكن دين الإسلام إنما يتم بأمرين :
أحدهما : معرفة فضل الأئمة وحقوقهم ومقاديرهم وترك كل ما يجر إلى ثلمهم .
والثاني : النصيحة لله سبحانه ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم وإبانة ما أنزل الله سبحانه من البينات والهدى .

ولا منافاة أن الله سبحانه بين القسمين لمن شرح الله صدره وإنما يضيق عن ذلك أحد رجلين : رجل جاهل بمقاديرهم ومعاذيرهم أو رجل جاهل بالشريعة وأصول الأحكام ) .

الفتاوي الكبرى ( 3 / 177 ـ 178 )

مهند المعتبي
2007-09-29, 06:13 AM
قال شيخُ الإسلامِ ـ رحمهُ الله ُ ـ :


( ومن له فى الأمةِ لسانُ صدقٍ عامٍ بحيث يُثنى عليه ويُحمد فى جماهيرِ أجناسِ الأمةِ ، فهؤلاء هم أئمةُ الهدى ومصابيحُ الدجى ، وغلطهُم قليلٌ بالنسبةِ إلى صوابهم ، وعامتُه من مواردِ الاجتهاد التى يعذرون فيها ، وهم الذين يتبعون العلمَ والعدلَ فهم بُعَداءُ عن الجهلِ والظلمِ ، وعن اتباعِ الظنِّ وما تهوى الأنفس ) .

المجموع ( 11 / 43 )

ابوسلمان
2007-09-29, 07:01 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... بارك الله فيك ...
ابوسلمان

الباجي
2007-09-29, 12:28 PM
وفقك الله وأحسن إليك.
هذا أمر إنما يتم - بعد توفيق الله - بالتواضع ... ومعرفة أقدار الناس ... وقبل ذلك معرفة الإنسان بقدر نفسه ... ثم بحسن التربية ... بالجلوس بين يدي العلماء الربانيين ... أما الدعوى فيحسنها كل أحد ... فما أحوجنا إلى العمل ... وقلة الكلام ... ولكن في التذكير نفع كبير ...

من أمتع ما قرأت في ذلك رسالة الإمام مالك الشهيرة إلى الإمام الليث ابن سعد - رحمهما الله - وهي هنا:

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=591522&postcount=1
ثم أختها في الفضل والأدب رسالة الإمام الليث ردًا على رسالة الإمام مالك وهى هنا بطولها الماتع المفيد:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=621418&postcount=9

أبو حماد
2007-09-29, 12:51 PM
للذهبي الكثير من هذا في سير أعلام النبلاء، ومثله أيضاً لشيخ الإسلام، ولابن قدامة كذلك، بل هو السائد الغالب على أهل العلم عليهم رحمة الله، أنهم أصحاب قول حسن وأدب مع المخالفين لهم، والتماس المعاذير لديهم هو الأصل، على وفق ما قرره وبينه شيخ الإسلام في رسالته النفيسة: رفع الملام عن الأئمة الأعلام.

وليد الدلبحي
2007-09-29, 01:02 PM
إذا صفت القلوب، وحسنت النيات، وعمل الإنسان بما يعلم، تأدب في خطابه، وعرف لكل إنسان حقه، وبحث عما يرضي الله، وإبتعد عن ما يسخطه جل في علاه، وهذا خلق السلف رحمهم الله تعالى.

مهند المعتبي
2007-09-29, 01:14 PM
الإخْوةَ الفُضَلاءَ : أبا سَلمَان ، والباجيَ ، وأبا حمَّادٍ ، ووَليداً الدلبحيَّ ..
جزاكم الله خيراً على إضَاءَاتِكُم ، نَفعَ اللهُ بكم .
________
قالَ الذَّهَبيُّ ـ عند ترجمتِهِ للقاضي عِيَاضٍ ـ :
( ....قَالَ ـ أي القاضي شمسُ الدين صاحبُ "وفيات الأعيان" : وَمِنْ تَصَانِيْفِهِ كِتَابُ (الإِكمَالِ فِي شَرحِ صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) كَمَّل بِهِ كِتَاب (المُعْلَم) لِلمَازَرِي، وَكِتَاب (مشَارق الأَنوَار) فِي تَفْسِيْر غَرِيْب الحَدِيْث، وَكِتَاب (التَّنبيهَات) فِيْهِ فَوَائِد وَغَرَائِب، وَكُلّ تَوَالِيْفِهِ بَدِيْعَة، وَلَهُ شعر حسن .
قُلْتُ: تَوَالِيفه نَفِيْسَة، وَأَجَلهَا وَأَشرفهَا كِتَاب (الشفَا) لَوْلاَ مَا قَدْ حشَاه بِالأَحَادِيْث المفتعلَة، عَمَلَ إِمَامٍ لاَ نَقد لَهُ فِي فَن الحَدِيْث وَلاَ ذوق، وَاللهُ يُثيبه عَلَى حسن قصدهِ، وَيَنْفَع بِـ (شِفَائِهِ) وَقَدْ فَعَلَ، وَكَذَا فِيْهِ مِنَ التَّأْوِيْلاَت البعيدَة أَلوَان، وَنبينَا - صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِ وَسلاَمه - غنِيٌّ بِمدحَة التنزِيل عَنِ الأَحَادِيْث، وَبِمَا تَوَاتر مِنَ الأَخْبَار عَنِ الآحَاد، وَبِالآحَاد النّظيفَة الأَسَانِيْد عَنِ الوَاهيَات، فَلِمَاذَا يَا قَوْم نَتشبع بِالمَوْضُوْعَا ت؟ فَيتطرق إِلَيْنَا مَقَالُ ذَوِي الغل وَالحسد، وَلَكِن مَنْ لاَ يَعلم معذور...)

مهند المعتبي
2007-09-30, 11:37 AM
إحْسَانُ الإمامِ الذَّهبيِّ الظنَّ بالإمَامِ مالكٍ في كلامهِ على بعضِ الرجالِ ..

( قَالَ الخَطِيْبُ : ذَكرَ بَعْضُهُم : أَنَّ مَالِكاً عَابَه جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي زَمَانِهِ بِإِطلاَقِ لِسَانِه فِي قَوْمٍ مَعْرُوْفِيْنَ بِالصَّلاَحِ ، وَالدِّيَانَةِ ، وَالثِّقَةِ ، وَالأَمَانَةِ .

قُلْتُ : كَلاَّ ، مَا عَابَهُم إِلاَّ وَهُم عِنْدَهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ ، وَهُوَ مُثَابٌ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِنْ أَخْطَأَ اجْتِهَادُه - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ - ....)

مهند المعتبي
2007-09-30, 11:47 AM
إعتذارُ الإمامِ الذهبيُّ للإمامِ ابنِ خُزيمَةَ ـ رحمهما اللهُ ـ
قال الذهبيُّ ـ رحمهُ اللهُ تعالى ـ :
( وَلابْنِ خُزَيْمَةَ عَظَمَةٌ فِي النُّفُوْسِ ، وَجَلاَلَةٌ فِي القُلُوْبِ ؛ لِعِلمِهِ وَدِينِهِ وَاتِّبَاعِهِ السُّنَّةَ.
وَكِتَابُه فِي ( التَّوحيدِ ) مُجَلَّدٌ كَبِيْرٌ ، وَقَدْ تَأَوَّلَ فِي ذَلِكَ حَدِيْثَ الصُّورَةِ ، فَلْيَعْذُر مَنْ تَأَوَّلَ بَعْضَ الصِّفَاتِ ، وَأَمَّا السَّلَفُ ، فَمَا خَاضُوا فِي التَّأْوِيْلِ ، بَلْ آمَنُوا وَكَفُّوا ، وَفَوَّضُوا عِلمَ ذَلِكَ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِه ، وَلَوْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ - مَعَ صِحَّةِ إِيْمَانِهِ ، وَتَوَخِّيْهِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ - أَهْدَرْنَاهُ ، وَبَدَّعنَاهُ ، لَقَلَّ مَنْ يَسلَمُ مِنَ الأَئِمَّةِ مَعَنَا ، رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ ) .

مهند المعتبي
2007-09-30, 11:50 AM
وقالَ أيضاً في ترجَمةِ الحافظ ابنِ عبدِالبَرِّ ـ رحمه الله تعالى ـ :


( فَإِنَّهُ مِمَّنْ بلغَ رُتْبَة الأَئِمَّة المُجْتَهِدين ، وَمَنْ نَظَرَ فِي مُصَنَّفَاتِهِ ، بانَ لَهُ مَنْزِلَتُهُ مِنْ سعَة العِلْم ، وَقُوَّة الفَهم ، وَسَيَلاَن الذّهن ، وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذ مِنْ قَوْله وَيُتْركُ إِلاَّ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِن إِذَا أَخْطَأَ إِمَامٌ فِي اجْتِهَادِهِ ، لاَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ ننسَى مَحَاسِنهُ ، وَنُغطِي معَارِفه ، بَلْ نستغفرُ لَهُ، وَنَعْتَذِرُ عَنْهُ ) .

مهند المعتبي
2007-10-07, 12:36 AM
قال الحافظُ الذَّهبيُّ ـ رحمهُ اللهُ ـ في ترجمته للحافظ أبي عمرو بن الصلاح ـ صاحبِ "علوم الحديث" ـ :

( قُلْتُ : كَانَ ذَا جَلاَلَةٍ عَجِيْبَةٍ ، وَوقَارٍ وَهَيْبَةٍ ، وَفَصَاحَةٍ ، وَعلمٍ نَافِعٍ ، وَكَانَ مَتينَ الدّيَانَةِ ، سَلفِيَّ الجُمْلَةِ ، صَحِيْحَ النِّحْلَةِ ، كَافّاً عَنِ الخوضِ فِي مَزلاَّتِ الأَقدَامِ ، مُؤْمِناً بِاللهِ ، وَبِمَا جَاءَ عَنِ اللهِ مِنْ أَسمَائِهِ وَنُعوتهِ ، حَسَنَ البِزَّةِ ، وَافِرَ الحُرْمَةِ ، مُعَظَّماً عِنْدَ السُّلْطَانِ .
وَكَانَ مَعَ تَبحُّرِهِ فِي الفِقْهِ مُجَوِّداً لِمَا يَنقُلُه ، قَوِيَّ المَادَّةِ مِنَ اللُّغَةِ وَالعَرَبِيَّةِ ، مُتَفَنِّناً فِي الحَدِيْثِ، مُتَصَوِّناً ، مُكِبّاً عَلَى العِلْمِ ، عَدِيْمَ النَّظِيْرِ فِي زَمَانِهِ ،
وَلَهُ مَسْأَلَةٌ لَيْسَتْ مِنْ قَوَاعِدِهِ شَذَّ فِيْهَا ، وَهِيَ صَلاَةُ الرَّغَائِبِ قَوَّاهَا وَنَصَرهَا مَعَ أَنَّ حَدِيْثَهَا بَاطِلٌ بِلاَ تَرَدُّدٍ ، وَلَكِنَّ لَهُ إِصَابَات وَفَضَائِل... )

الرضاب المعسول
2007-10-07, 03:16 AM
بسم الله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:


هذه بعض الوصايا ربما تفيد في هذا المقام أذكرها للفائدة :ينبغي للإنسان أن يعرف قدر أهل العلم رحمهم الله، ، وأن يعرف للعالم حقه، ولا خير في إنسان لا يعرف لأهل العلم حقهم وقدرهم، قال الله عز وجل في كتابه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43

فهم الذين أخذوا عن العلماء حتى اتصل سندهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا خير في إنسانٍ أياً كان ينتقص من قيمة العلماء، فمن انتقص من قيمة العلماء فقال: لا حاجة إلى قول فلان أو علان، فهذا قد ضل السبيل، ولم يعرف لأهل العلم فضلهم، ولا يعرف الفضل إلا صاحب الفضل. نسأل الله العظيم أن يرزقنا وإياكم الأدب مع العلماء، وحفظ حقوق العلماء الأحياء منهم والأموات، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والله تعالى أعلم

قال بعض العلماء: أخشى على من أساء الأدب في مجلس العلم أن يحبط عمله وهو لا يشعر، قالوا: كيف ذاك؟ قالوا: لأن الله تعالى يقول: وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2] ، ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (العلماء ورثة الأنبياء) ، وحبوط العمل في مجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أجل النبوة، ومن الذي ورث النبوة وحفظها غير العلماء؟!


شيخ الإسلام رحمة الله عليه قارع أهل البدع وأهل الأهواء، وسبحان الله العظيم! يأتي إلى كلامهم ويقول: قال منهم فلان كذا وكذا، فإن كان مراده -انظروا إلى الإنصاف، انظروا إلى الأمانة، انظروا إلى العلم، انظروا إلى التجرد لله، إنسان يريد النصيحة- فإن كان مراده كذا وكذا فهو حق، قال الله قال رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن كان مراده كذا وكذا فهو باطل، قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. هذا العلم

ويقول معاذ : (إنكم تسمعون عن العالم الفلتة فلا تعجلوا عليه عله أن يراجع نفسه فيرجع عنها).


أذكر قصة أختم بها هذه النصيحة: رجل أعرفه من أهل العلم والفضل يقول: جلست مع أحد العلماء، فذكر لي أن شخصاً في مجلسه نال من قاضٍ من القضاة واتهمه بالرشوة في القضاء، فلما انتهى قال له ذلك العالم الموفق: والله إني لأعلم الشيخ الذي تكلمت فيه، وأنه أبرأ مما تقول إن شاء الله، ولكن لا آمن والله عليك سوء الخاتمة، فيقسم لي بالله العظيم، يقول هذا الرجل: والله رأيته بعيني في سوء خاتمته -نسأل الله السلامة- كانت من أسوأ ما تكون. فالله الله لينتبه الإنسان .

والله تعالى أعلم

من وصايا الشيخ محمد المختار الشنقيطي
حفظه الله

مهند المعتبي
2007-10-13, 06:07 AM
بارك الله فيك أخي الفاضلَ : الرضاب المعسول على هذه التوجيهات السديدة ..

للزيادة ...

مهند المعتبي
2007-10-18, 04:28 AM
مُناقشة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ للشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ
قِمَّـةُ الأدبِ مع غزارةِ العلم !



فإن قيل : قد ذكر الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني في حاشية كتابه : ( صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ) ص ( 145 ) من الطبعة السادسة ما نصه :
( ولست أشك في أن وضع اليدين على الصدر في هذا القيام - يعني بذلك القيام بعد الركوع - بدعة ضلالة ؛ لأنه لم يرد مطلقا في شيء من أحاديث الصلاة وما أكثرها ولو كان له أصل لنقل إلينا ولو عن طريق واحد ويؤيده أن أحدا من السلف لم يفعله ولا ذكره أحد من أئمة الحديث فيما أعلم ) انتهى.

والجواب عن ذلك أن يقال : قد ذكر أخونا العلامة الشيخ ناصر الدين في حاشية كتابه المذكور ما ذكر والجواب عنه من وجوه :

الأول : أن جزمه بأن وضع اليمنى على اليسرى في القيام بعد الركوع بدعة ضلالة خطأ ظاهر لم يسبقه إليه أحد فيما نعلم من أهل العلم وهو مخالف للأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها , ولست أشك في علمه وفضله وسعة اطلاعه وعنايته بالسنة زاده الله علما وتوفيقا ولكنه قد غلط في هذه المسألة غلطا بينا وكل عالم يؤخذ من قوله ويترك , كما قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله : ( ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر ) يعني النبي صلى الله عليه وسلم , وهكذا قال أهل العلم قبله وبعده , وليس ذلك يغض من أقدارهم , ولا يحط من منازلهم , بل هم في ذلك بين أجر وأجرين , كما صحت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حكم المجتهد إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر..............إلخ

أما قول أخينا العلامة : ( إنه لم يرد مطلقا في شيء من أحاديث الصلاة وما أكثرها ولو كان له أصل لنقل إلينا ولو عن طريق واحد )
فجوابه أن يقال : ليس الأمر كذلك بل قد ورد ما يدل عليه من حديث سهل ووائل وغيرهما كما تقدم , وعلى من أخرج القيام بعد الركوع من مدلولها الدليل الصحيح المبين لذلك ,
وأما قوله وفقه الله : ( ويؤيده أن أحدا من السلف لم يفعله ولا ذكره أحد من أئمة الحديث فيما أعلم )
فجوابه أن يقال : هذا غريب جدا ! , وما الذي يدلنا على أن أحدا من السلف لم يفعله , بل الصواب أن ذلك دليل على أنهم كانوا يقبضون في حال القيام بعد الركوع , ولو فعلوا خلاف ذلك لنقل ؛ لأن الأحاديث السالفة تدل على شرعية القبض حال القيام في الصلاة سواء كان قبل الركوع أو بعده , وهو مقتضى ترجمة الإمام البخاري رحمه الله التي ذكرناها في أول هذا المقال , كما أن ذلك هو مقتضى كلام الحافظ ابن حجر عليها , ولو أن أحدا من السلف فعل خلاف ذلك لنقل إلينا , وأكبر من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه أرسل يديه حال قيامه من الركوع ولو فعل ذلك لنقل إلينا كما نقل الصحابة رضي الله عنهم ما هو دون ذلك من أقواله وأفعاله عليه الصلاة والسلام , وسبق في كلام ابن عبد البر رحمه الله أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف القبض , وأقره الحافظ ولا نعلم عن غيره خلافه , فاتضح بما ذكرنا أن ما قاله أخونا فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين في هذه المسألة حجة عليه لا له عند التأمل والنظر ومراعاة القواعد المتبعة عند أهل العلم , فالله يغفر لنا وله ويعاملنا جميعا بعفوه , ولعله بعد اطلاعه على ما ذكرنا في هذه الكلمة يتضح له الحق فيرجع إليه , فإن الحق ضالة المؤمن متى وجدها أخذها وهو بحمد الله ممن ينشد الحق ويسعى إليه ويبذل جهوده الكثيرة في إيضاحه والدعوة إليه.

استفدت ذلك من الأخ / العوضي نقلها من
http://www.iislamqa.com/paging_fataw...=3666&tid=5252

بن عبد الغنى
2007-10-18, 07:41 AM
شيخنا مهند المعتبى جزاك الله خيرا فالحديث عن الأعلام من ائمة الهدى يجعل المرء يعرف قدره ولايخدعنه الشيطان وتسول له نفسه أنه شىء (وانا اتحدث عن مثلى من الصغار ) رزقنا الله مما عندكم معشر العلماء

مهند المعتبي
2007-10-18, 10:18 AM
شيخنا مهند المعتبى
جزاك الله خيرا فالحديث عن الأعلام من ائمة الهدى يجعل المرء يعرف قدره ولايخدعنه الشيطان وتسول له نفسه أنه شىء (وانا اتحدث عن مثلى من الصغار ) رزقنا الله مما عندكم معشر العلماء

جزاكَ اللهُ خيراً أخي الفاضلَ بنَ عبد الغني ـ عفى الله عني وعنك ـ..

أماََّ أنا ، فواللهُ لستُ بشيخٍ ، ولكنَّ المنتديات تمشيخُ الصغار ، وقد تهضم المخلصين الكبار..

وفقك اللهُ لما يُحب ويرضى ..
ورزقني وإياك العلم النافع والعمل الصالح ،، والأدب العظيم !

مهند المعتبي
2007-10-25, 05:18 PM
صورةٌ مشرقةٌ من نقدِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيمية للعلاَّمة ( ابن حزمٍ ) ـ رحمهما اللهُ ـ
قال ـ رحمهُ اللهُ ـ في الفتاوي ( 4/ 19 ـ 20 ) :
( .. وإن كان أبو محمد بن حزم في مسائل الإيمان والقدر أقوم من غيره وأعلم بالحديث وأكثر تعظيما له ولأهله من غيره .
لكن قد خالط من أقوال الفلاسفة والمعتزلة في مسائل الصفات ما صرفه عن موافقة أهل الحديث في معاني مذهبهم في ذلك فوافق هؤلاء في اللفظ وهؤلاء في المعنى .
وبمثل هذا صار يذمه من يذمه من الفقهاء والمتكلمين وعلماء الحديث باتباعه لظاهر لا باطن له ، كما نفى المعاني في الأمر والنهي والاشتقاق وكما نفى خرق العادات ونحوه من عبادات القلوب مضموما إلى ما في كلامه من الوقيعة في الأكابر والإسراف في نفي المعاني ودعوى متابعة الظواهر
وإن كان له من الإيمان والدين والعلوم الواسعة الكثيرة ما لا يدفعه إلا مكابر ويوجد في كتبه من كثرة الاطلاع على الأقوال والمعرفة بالأحوال ، والتعظيم لدعائم الإسلام ولجانب الرسالة ما لا يجتمع مثله لغيره فالمسألة التي يكون فيها حديث يكون جانبه فيها ظاهر الترجيح وله من التمييز بين الصحيح والضعيف والمعرفة بأقوال السلف ما لا يكاد يقع مثله لغيره من الفقهاء .. )

إمام الأندلس
2007-11-12, 07:12 PM
بسم الله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
هذه بعض الوصايا ربما تفيد في هذا المقام أذكرها للفائدة :ينبغي للإنسان أن يعرف قدر أهل العلم رحمهم الله، ، وأن يعرف للعالم حقه، ولا خير في إنسان لا يعرف لأهل العلم حقهم وقدرهم، قال الله عز وجل في كتابه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43
فهم الذين أخذوا عن العلماء حتى اتصل سندهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا خير في إنسانٍ أياً كان ينتقص من قيمة العلماء، فمن انتقص من قيمة العلماء فقال: لا حاجة إلى قول فلان أو علان، فهذا قد ضل السبيل، ولم يعرف لأهل العلم فضلهم، ولا يعرف الفضل إلا صاحب الفضل. نسأل الله العظيم أن يرزقنا وإياكم الأدب مع العلماء، وحفظ حقوق العلماء الأحياء منهم والأموات، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والله تعالى أعلم
قال بعض العلماء: أخشى على من أساء الأدب في مجلس العلم أن يحبط عمله وهو لا يشعر، قالوا: كيف ذاك؟ قالوا: لأن الله تعالى يقول: وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2] ، ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (العلماء ورثة الأنبياء) ، وحبوط العمل في مجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أجل النبوة، ومن الذي ورث النبوة وحفظها غير العلماء؟!
شيخ الإسلام رحمة الله عليه قارع أهل البدع وأهل الأهواء، وسبحان الله العظيم! يأتي إلى كلامهم ويقول: قال منهم فلان كذا وكذا، فإن كان مراده -انظروا إلى الإنصاف، انظروا إلى الأمانة، انظروا إلى العلم، انظروا إلى التجرد لله، إنسان يريد النصيحة- فإن كان مراده كذا وكذا فهو حق، قال الله قال رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن كان مراده كذا وكذا فهو باطل، قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. هذا العلم
ويقول معاذ : (إنكم تسمعون عن العالم الفلتة فلا تعجلوا عليه عله أن يراجع نفسه فيرجع عنها).
أذكر قصة أختم بها هذه النصيحة: رجل أعرفه من أهل العلم والفضل يقول: جلست مع أحد العلماء، فذكر لي أن شخصاً في مجلسه نال من قاضٍ من القضاة واتهمه بالرشوة في القضاء، فلما انتهى قال له ذلك العالم الموفق: والله إني لأعلم الشيخ الذي تكلمت فيه، وأنه أبرأ مما تقول إن شاء الله، ولكن لا آمن والله عليك سوء الخاتمة، فيقسم لي بالله العظيم، يقول هذا الرجل: والله رأيته بعيني في سوء خاتمته -نسأل الله السلامة- كانت من أسوأ ما تكون. فالله الله لينتبه الإنسان .
والله تعالى أعلم
من وصايا الشيخ محمد المختار الشنقيطي
حفظه الله
كلام رائع..

أبو عبدالله السعيدي
2008-01-01, 12:24 AM
أخي أبا ريّان رفع الله قدركم ...
المصيبة تأتي من أصحاب الانتقاد، وليس النقد لإن أهل النقد المقصد الأساس عندهم هو اصلاح الخطأ وتقويم الزلل، لذلك يسلكون المنهج الأقوم والطريق الأمثل في هذا الباب، لكن هناك منهم أهل انتقاد وليسو أهل نقد دفعهم التعصب لأرائهم ومقالاتهم ومشايخهم إلى هذا التجاوزأو المغامرة في حق مخالفيهم عفر الله لنا ولهم ، وما أجمل ماقاله قاضي قضاة القطر اليماني محمد بن علي الشوكاني في حق سلفهم وقد عانى كثيرا، وكلامه هذا هو ينطبق في حق هولاء المعاصرين.
قال الشوكاني في السيل الجرار 4/858
" هاهنا تسكب العبرات ، ويناح على الإسلام وأهله، بما جناه التعصب في الدين على غالب المسلمين من الترامي بالكفر، لا لسنة ، ولا للقرآن، ولا لبيان من الله وبرهان، بل لما غلت مراجل العصبية في الدين، وتمكن الشيطان الرجيم من تفريق كلمة المسلمين، لقنهم إلزامات بعضهم ببعض بماهو شبيه الهباء في الهواء، والسراب بالقيعة، فيالله وللمسلمين من هذه المغامرة التي هي أعظم فواقر الدين"

مهند المعتبي
2008-02-04, 11:26 AM
بارك الله فيك أخي الفاضل / أبا عبد الله ..
________

http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif قال الذهبيُّ - رحمه الله - في ترجمته لابن القطَّان الفاسي :
( .. قُلْتُ : عَلَّقت مِنْ تَأْلِيْفِه كِتَابَ (الوَهْمِ وَالإِيهَامِ) فَوَائِد تَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ ذَكَائِهِ، وَسَيَلاَنِ ذِهْنِهِ، وَبصره بِالعلل، لَكنَّه تَعَنَّتَ فِي أَمَاكنَ، وَلَيَّنَ هِشَام بن عُرْوَةَ، وَسُهَيْل بن أَبِي صَالِحٍ، وَنَحْوهُمَا .. )
http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif وقال في ترجمته لابن عدي الجرجاني ( صاحب الكامل في الجرح والتعديل ) :
( .. وَجرَّحَ وَعدَّلَ وَصحَّحَ وَعلَّلَ، وَتقدَّمَ فِي هَذِهِ الصِّنَاعَةِ عَلَى لحنٍ فِيْهِ، يظْهَرُ فِي تَأَلِيفِهِ ..)
ما أدقَّ عباراته - رحمه الله - !