المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من قراءاتي (1) : معنى قول الإمام أحمد : من ادعى الإجماع فهو كاذب



سليمان الخراشي
2007-09-21, 11:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

هذه بعض المختارات العلمية المتنوعة التي تمر بي ، وأجد أن صاحبها أجاد في توضيح مسألة تخطر ببال كثير من طلبة العلم أو غيرهم ، فأنقلها لتعم الفائدة ، ولكي أستفيد من تعليقات الإخوة الكرام :
قال الشيخ عبدالله رمضان في " الرد على الجديع " ، ص 111-115
عن مقولة الإمام أحمد : " من ادعى الإجماع فهو كاذب " التي احتج بها الجديع :
" الجواب الأول:
إثبات أن الإمام أحمد صرح بحجية الإجماع، وقال به في مسائل:
لقد صرح الإمام أحمد بحجية الإجماع وتحريم مخالفته، واحتج به في مسائل كثيرة:
وبيانه كما يلي:
1-فهذا القاضي أبو يعلى الفراء: وهو إمام الحنابلة في عصره، وكان عالم عصره في الأصول والفروع، ولد 380هـ، قال في كتابه (العدة في أصول الفقه): (الإجماع حجة مقطوع عليه، يجب المصبر إليها، وتحرم مخالفته.. وقد نصَّ أحمد –رحمه الله- على هذا في رواية عبدالله -ابنه- وأبي الحارث: "في الصحابة إذا اختلفوا لم يُخرج عن أقاويلهم، أرأيت إن أجمعوا: له أن يخرج من أقاويلهم؟! هذا قولٌ خبيث قول أهل البدع، لا ينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا"). انتهى
وقول الإمام أحمد هذا قد ذكره أيضاً الإمام ابن تيمية في "المسودة في أصول الفقه"، (ص282).
2-وقال القاضي أبو يعلى الفراء أيضاً عن الإمام أحمد: (وادعى الإجماع في رواية الحسن بن ثواب، فقال: أذهب في التكبير من غداة يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، فقيل له: إلى أي شيء تذهب؟
قال: بالإجماع، عمر وعلي وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عباس). انتهى
وعلّق القاضي أبو يعلى على ذلك قائلاً: (جعله إجماعاً، لانتشاره عنهم، ولم يظهر خلافه، وقد صرح به أبو حفص البرمكي فيما رأيته بخطه على ظهر الجزء الرابع من شرح مسائل الكوسج، فقال: قال أحمد بن حنبل في رواية محمد بن عبيد الله بن المنادى: "أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المصحف".
قال أبو حفص: فبان بهذا أن الصحابة إذا ظهر الشيء من بعضهم ولم يظهر من الباقين خلافهم: أنه عنده إجماع). انتهى كلام القاضي أبو يعلى.
وذكر هذه الرواية أيضاً الإمام ابن تيمية في "المسودة في أصول الفقه"، (ص283).
3-وقال الإمام داود في مسائله عن الإمام أحمد: (سمعت أحمد قيل له: إن فلاناً قال: قراءة فاتحة الكتاب –يعني: خلف الإمام- مخصوص من قوله: ( وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له) [الأعراف:204] فقال: عمن يقول هذا؟! أجمع الناس أن هذه الآية في الصلاة). انتهى.
وقال الإمام ابن تيمية: (فإنه –أي الإمام أحمد- قال في القراءة خلف الإمام: أدعي الإجماع في نزول الآية، وفي عدم الوجوب في صلاة الجهر). انتهى
قلت: وهذا إسناد صحيح بفضل الله تعالى، وهو صريح في أن الإمام أحمد يحتج بالإجماع، وينكر على من اخترع قولاً يخالف ما نقل عن الذين سبقوه.
4-قال عبدالله ابن الإمام أحمد، في مسائله التي رواها عن أبيه (ص443): (قلت لأبي: إذا لم يكن عن النبي في ذلك شيء مشروع يخبر فيه عن خصوص أو عموم؟ قال أبي: ينظر ما عمل به الصحابة، فيكون ذلك معنى الآية.
فإن اختلفوا: ينظر أي القولين أشبه بقول رسول الله، يكون العمل عليه). انتهى قلت: وهذا إسناد صحيح بفضل الله تعالى، وهو صريح في أن الإمام أحمد قطع وجزم بأن ما بلغنا من عمل الصحابة يكون هو معنى الآية، ولا يجوز الخروج عما بلغنا من عملهم، ويتعين تفسير الآية به والعمل بما يترتب على ذلك من أحكام شرعية.
5-وقال القاضي أبو يعلى في كتابه "العدة" في أصول الفقه: (إجماع أهل كل عصر حجة.. وهذا ظاهر كلام أحمد في رواية المروزي، وقد وصف أخذ العلم، فقال - القائل هو الإمام أحمد-: "ينظر ما كان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن: فعن أصحاب، فإن لم يكن: فعن التابعين). انتهى
وذكر الإمام ابن تيمية قول الإمام أحمد في: "المسودة في أصول الفقه"، (ص285).
وكلام الإمام أحمد صريح في وجوب الالتزام بما نقل إلينا من أقوال الصحابة –رضي الله عنهم- وعدم جواز الخروج عنه، وصريح أيضاً في وجوب الالتزام وعدم الخروج عما نقل إلينا من أقوال التابعين؛ إذا لم نجد في المسألة قولا للصحابة رضي الله عنهم.
وهناك نصوص أخرى صريحة عن الإمام أحمد، احتج فيها بالإجماع، ولكن فيما ذكرنا الكفاية لمن عقل وتدبر.
الجواب الثاني: بيان معنى قول الإمام أحمد : (من ادعى الإجماع فهو كاذب) .
قال الإمام أحمد في رواية ابنه عبدالله: (من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس قد اختلفوا، هذه دعوى بشر المريسي والأصم). انتهى
وهنا نسأل ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: هل الإمام أحمد قصد بقوله هذا عدم جواز الإجماع في مسألة ما؟
الجواب: الإمام أحمد لم يقصد ذلك قطعاً؛ لأنه هو نفسه قد صرح بالإجماع في مواضع كثيرة، ذكرنا بعضها هنا.
السؤال الثاني: هل الإمام أحمد قصد أنه يمكننا مخالفة ما بلغنا من أقوال السابقين والخروج عنها؟
والجواب: أن الإمام أحمد لم يقصد ذلك قطعاً؛ لأنه هو نفسه صرح بأنه لا يجوز الخروج عن أقاويل الصحابة التي بلغتنا.
السؤال الثالث: إذا فماذا قصد الإمام أحمد بقوله: (من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس قد اختلفوا، هذه دعوى بشر المريسي والأصم).
الجواب: واضح من كلام الإمام أحمد أنه وجّه النقد إلى دعوى الإجماع الصادرة من مثل بشر المريسي والأصم.
فهل تعلمون من هو "بشر المريسي" ؟!!
قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان": (بشر بن غياث المريسي مبتدع ضال، لا ينبغي أن يروى عنه ولا كرامة..
قال الخطيب: حكي عنه أقوال شنيعة أساء أهل العلم قولهم فيه، وكفره أكثرهم لأجلها.. قال أبو زرعة الرازي: بشر المريسي زنديق.. وكان إبراهيم بن المهدي لما غلب على الخليفة ببغداد حبس بشرا وجمع الفقهاء على مناظرته في بدعته.. وقال هارون الرشيد أنه قال: بلغني أن بشراً يقول: القرآن مخلوق، علي إن أظفرني الله به أن أقتله. ونقل عنه أنه كان ينكر عذاب القبر وسؤال الملكين والصراط والميزان). انتهى
وأما الأصم: فهو أبو بكر الأصم، شيخ المعتزلة.
قال الحافظ ابن رجب في آخر (شرح الترمذي): (وأما ما روي من قول الإمام أحمد: "من ادعى الإجماع فقد كذب" فهو إنما قال إنكارا على فقهاء المعتزلة الذين يدّعون إجماع الناس على ما يقولونه، وكانوا أقل الناس معرفة بأقوال الصحابة والتابعين). انتهى
وقال الإمام ابن تيمية: (إنما فقهاء المتكلمين كالمريسي والأصم يدعون الإجماع ولا يعرفون إلا قول أبي حنيفة ومالك ونحوهما، ولا يعلمون أقوال الصحابة والتابعين). انتهى
وقال الإمام ابن الهمام في "التحرير في أصول الفقه" مع شرح تلميذه العلامة ابن أمير الحاج- : (ويحمل قول أحمد: "من ادعاه –أي الإجماع- كاذب" على استبعاد انفراد اطلاع ناقله عليه؛ إذ لو لم يكن كاذباً؛ لنقله غيره أيضاً، كما يشهد به لفظه في رواية ابنه عبدالله.. لا إنكار تحقق الإجماع في نفس الأمر؛ إذ هو أجل أن يحوم حوله، قلت: ويؤيده ما أخرج البيهقي عنه، قال:"أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة" يعني ( وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) [الأعراف:204] ، فهذا نقل للإجماع، فلا جرم أن قال أصحابه: إنما قال هذا على جهة الورع لجواز أن يكون هناك خلاف لم يبلغه، أو قال هذا في حق من ليس له معرفة بخلاف السلف؛ لأن أحمد أطلق القول بحجة الإجماع في مواضع كثيرة). انتهى
وقال الإمام محمد بن الحسن البدخشي في شرحه على "منهاج الوصول إلى علم الأصول"، (2/613): (وأما قول أحمد: "من ادّعى الإجماع فهو كاذب" كأنه استبعد الاطلاع عليه ممن يدعيه دون أن يعلمه غيره، لا إنكار حجته). انتهى
قلت: والإمام أحمد عندما عَلِمَ أقوال الصحابة والتابعين نجده صرّح بالإجماع، ولم يجد حرجا في ذلك، كما سبق بأسانيد صحيحة عنه رحمة الله تعالى. وبذلك نفهم كلام الإمام أحمد بن حنبل، إمام أهل السنة ".

عبد الله آل سيف
2007-09-22, 03:29 AM
جزاك الله خيرا .

أبو مالك العوضي
2007-09-22, 04:00 AM
جزاكم الله خيرا

ويا ليت قومي يعلمون!

صار كل من يهرف بما لا يعرف يحتج بهذه المقولة للإمام أحمد.

أبو شيماء الطالب
2007-09-22, 08:44 AM
جزاك الله خيراً شيخنا الفاضل ..
وأعتقد أن من يستدل بعبارة الشافعي ـ التي هي لمناظِره في الرسالة ـ أن الإجماع في الضروريات ، كالصلوات الخمس وتحريم الزنا .... أكثر ممن يستدل بعبارة الإمام أحمد ،،، مع احتجاج الإمام الشافعي بالإجماع كثيراً في الأم ..

عبد المحسن بن عبد الرحمن
2007-09-22, 09:09 AM
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع القيم

الحمادي
2007-09-22, 09:27 AM
بارك الله فيكم
هذه الكلمة للإمام أحمد فهمها بعض الناس خطأً، وقد تكلم عن معناها كثير من أهل العلم في كتب الأصول
وغيرها، وأودُّ أن أضيف إلى ما ذكره الأخ الباحث الشيخ عبدالله رمضان:
(نقد مراتب الإجماع لابن تيميَّة) وحملَ كلامَ الإمام أحمد على معنىً جيد، وهو أنَّ من ادَّعى العلمَ بعدم المخالف
فقد كذب، بخلاف من ادَّعى عدمَ العلم بالمخالف

ويُنظر توجيهات أخرى في:
(شرح الكوكب المنير لابن النجار) وغيره من كتب الأصول

ابومحمد البكرى
2007-09-22, 11:22 AM
جزاك الله خيراً

أبو حاتم الرازي
2007-09-22, 01:36 PM
جزاك الله خيرا

إضافة لعل لها تعلقاً بالموضوع

نقل الإجماع عن عالم في مسألة ليست هي عين المسألة المختلف فيها كمن نقل الإجماع على نجاسة الدم مستدلا بنجاسة حتى اليسير !

معترك النظر
2007-09-22, 10:21 PM
أحسن الله إليكم

المستفيد
2007-09-22, 11:39 PM
رفع الله قدركم ..

فريد المرادي
2007-09-23, 10:02 PM
جزاكم الله خيراً شيخنا الفاضل ...

قال الشاطبي في (الاعتصام) عن كلمة الإمام أحمد تلك :

(( يعني أحمد أن المتكلمين في الفقه على أهل البدع إذا ناظرتهم بالسنن والآثار قالوا : هذا خلاف الإجماع ، وذلك القول الذي يخالف ذلك الحديث لا يحفظونه إلا عن بعض فقهاء المدينة أو فقهاء الكوفة مثلاً ، فيدعون الإجمَاعَ من قلة معرفتهم بأقاويل العلماء واجترائهم على رد السنن بالآراء )) .

و لو تفضلتم ـ فضيلة الشيخ ـ بإفادتنا عن كتاب الشيخ عبدالله رمضان " الرد على لجديع " بارك الله فيكم ...

سليمان الخراشي
2007-09-24, 01:28 AM
بارك الله فيكم جميعًا .. وسررتُ بمشاركاتكم .
- من كلام الإمام أحمد المهم : ( وقد نصَّ أحمد –رحمه الله- على هذا في رواية عبدالله -ابنه- وأبي الحارث: "في الصحابة إذا اختلفوا لم يُخرج عن أقاويلهم، أرأيت إن أجمعوا: له أن يخرج من أقاويلهم؟! هذا قولٌ خبيث قول أهل البدع، لا ينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا ) .
ففيه رد على من يُحدثُ قولا لم يقله السلف ؛ لأن معناه عدم كمال الدين الذي تدينوا به .

الأخ الكريم : فريد : الكتاب ستراه مصورًا على الألوكة قريبًا - إن شاء الله - .

-

عبد الباسط بن يوسف الغريب
2007-09-24, 06:57 AM
جزاك الله خيرا وتأكيدا لذلك
قال ابن القيم رحمه الله :وهذا كثير جدا ولم يكن يقدم على الحديث الصحيح عملا ولا رأيا ولا قياسا ولا قول صاحب ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعا ويقدمونه على الحديث الصحيح وقد كذب أحمد من ادعى هذا الإجماع ولم يسغ تقديمه على الحديث الثابت وكذلك الشافعي أيضا نص في رسالته الجديدة على أن ما لا يعلم فيه بخلاف لا يقال له إجماع ولفظه ما لا يعلم فيه خلاف فليس إجماعا وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول ما يدعي فيه الرجل الإجماع فهو كذب من ادعى الإجماع فهو كاذب لعل الناس اختلفوا ما يدريه ولم ينته إليه فليقل لا نعلم الناس اختلفواهذه دعوى بشر المرسى والاصم ولكنه يقول لا نعلم الناس اختلفوا أو لم يبلغني ذلك هذا لفظه
ونصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف ولو ساغ لتعطلت النصوص وساغ لكل من لم يعلم مخالفا في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دعوى الإجماع لا ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده
إعلام الموقعين (1|30)
قال شيخ الإسلام :وفي مثل هذه المسائل قال الإمام أحمد من ادعى الإجماع فهو كاذب فإنما هذه دعوى بشر وابن علية يريدون أن يبطلوا السنن بذلك يعني الإمام أحمد رضي الله عنه أن المتكلمين في الفقه من أهل الكلام إذا ناظرتهم بالسنن والآثار قالوا هذا خلاف الإجماع وذلك القول الذي بخالف ذلك الحديث لا يحفظونه إلا عن فقهاء المدينة وفقهاء الكوفة مثلا فيدعون الإجماع من قلة معرفتهم بأقاويل العلماء واجترائهم على رد السنن بالآراء حتى كان بعضهم ترد عليه الأحاديث الصحيحة في خيار المجلس ونحوه من الأحكام والآثار فلا يجد معتصما إلا أن يقول هذا لم يقل به أحد من العلماء وهو لا يعرف إلا أن أبا حنيفة ومالكا وأصحابهما لم يقولوا بذلك ولو كان له علم لرأى من الصحابة والتابعين وتابعيهم ممن قال بذلك خلقا كثيرا وإنما ذكرنا ذلك على سبيل المثال .
الفتاوى الكبرى (6|282)

سليمان الخراشي
2008-02-20, 10:01 PM
بارك الله فيكم ..

وهنا إضافة للشيخ ابن سحمان - رحمه الله - قالها في الرد على أحدهم :
( والجواب أن يقال : الإجماع الذي نفاه الإمام أحمد وكذب من ادعاه : الإجماع الذي يدعيه أهل البدع مما يخالف الكتاب والسنة ، فأما ما وافق الكتاب والسنة فحاشا وكلا ، كما قال ابن القيم رحمه الله فيما نقله عنه حيث قال : وصار من لا يعرف الخلاف من المقلدين إذا احتج عليه بالكتاب والسنة قال : هذا خلاف الإجماع ! وهذا هو الذي أنكره أئمة الإسلام وعابوه من كل ناحية على من ارتكبه وكذبوا من ادعاه.
فأي دليل فيما نقلته على من يحكي إجماع أهل السنة والجماعة ؟ وإنما عابوا وكذبوا دعوى من ادعى ما يخالف الكتاب والسنة ، وقد كان من المعلوم بالضرورة أن أهل العلم والأئمة الراسخين يحكون الإجماع ويحتجون به لأنفسهم وينصرون به أقوالهم ، وقد جمع ابن هبيرة وابن حزم مسائل الإجماع مرتبة على أبواب الفقه وحكوها من أنفسهم لأنفسهم ، وفي كتب الفقه كالإقناع والمغني والفروع والمقنع من ذكر الإجماع والاحتجاج به ما لا يخفى على صغار الطلبة . والطرق التي يعرف بها الإجماع القطعي معروفة عند أهل العلم مقررة في محلها لا تخفى على مثل شيخنا ، فإذا احتج بالإجماع قبل منه وأخذ عنه فإن القول ما قالت حذامِ .
ومن الطرق التي يُعرف بها الإجماع :كون الحكم معلوماً بالضرورة من دين الإسلام ، فإذا عرفت هذا علمت يقيناً أن الشيخ محمد ابن عبدالوهاب لم يخالف إمامه ؛ لأن نص إمامه أحمد رحمه الله فيمن حكى إجماعاً يخالف الكتاب والسنة ، وقد حكي الإمام أحمد رحمه الله الإجماع على أن هذه الآية وهي قوله (وإذا قرئ القرآن فاستعموا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) أنها نزلت في الصلاة ، وحكى ابن القيم رحمه الله في أعلام الموقعين قولا الإمام الشافعي رحمه الله : أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد كائناً من كان.
وقد كان من المعلوم عند أهل العلم أن الإجماع هو الأصل الثالث وأن الأمة لا تجتمع على ضلالة ، وما أظن أن هذا الكلام يصدر من مثل الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني رحمه الله ؛ لأن هذا الكلام الذي نقله عن ابن القيم في الإعلام لا يدل على ما ادعاه من نفي الإجماع مطلقاً ، فكيف يحتج به هذا الرجل وهو لا يدل على مقصوده بشيء من الدلالات ؟! والله أعلم وحسبنا الله ونعم الوكيل ) . انتهى من " تنبيه ذوي الألباب السليمة " ، ص 144-145.

ابن الرومية
2008-02-21, 11:46 AM
قال الشاطبي في (الاعتصام) عن كلمة الإمام أحمد تلك :
(( يعني أحمد أن المتكلمين في الفقه على أهل البدع إذا ناظرتهم بالسنن والآثار قالوا : هذا خلاف الإجماع ، وذلك القول الذي يخالف ذلك الحديث لا يحفظونه إلا عن بعض فقهاء المدينة أو فقهاء الكوفة مثلاً ، فيدعون الإجمَاعَ من قلة معرفتهم بأقاويل العلماء واجترائهم على رد السنن بالآراء )) .
.
.............

قال شيخ الإسلام :وفي مثل هذه المسائل قال الإمام أحمد من ادعى الإجماع فهو كاذب فإنما هذه دعوى بشر وابن علية يريدون أن يبطلوا السنن بذلك يعني الإمام أحمد رضي الله عنه أن المتكلمين في الفقه من أهل الكلام إذا ناظرتهم بالسنن والآثار قالوا هذا خلاف الإجماع وذلك القول الذي بخالف ذلك الحديث لا يحفظونه إلا عن فقهاء المدينة وفقهاء الكوفة مثلا فيدعون الإجماع من قلة معرفتهم بأقاويل العلماء واجترائهم على رد السنن بالآراء

أمجد الفلسطيني
2008-02-21, 12:21 PM
ليست سرقة (ابتسامة) ولكن في ذاك العصر كانت سطوة أهل البدع حاكمة فمن الذي يتجرأ بالنقل عن ابن تيمية مصرحا باسمه إلا القليل القليل

أبو مالك العوضي
2008-02-21, 12:26 PM
فائدة نفيسة من الأخ ابن الرومية.
والشاطبي قد نقل عن شيخ الإسلام بغير تصريح في غير موضع كما أشار شيخنا الفاضل أمجد.

ابن الرومية
2008-02-21, 01:04 PM
بارك الله فيك شيخنا أبا مالك كانت فقط اقتناصا لتلك الفائدة لعلها تنفع من يتتبع هذا الموضوع منذ مدة (http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3483) :)
شيخنا أمجد ....بعد محنة الشاطبي مع المالكية هؤلاء أنفسهم بعد حين لن يصرحوا فقط باسم شيخ الاسلام بل سيصرح بعض أكابرهم بانه المرجع الأوحد في علم البدع فسبحان مبدل الأحوال :)

شرياس
2008-02-22, 09:30 PM
ذكر بعض أهل العلم أن مراد الإمام أحمد هو أن الإجماع متعذر بعد عهد الصحابة فلا يمكن معرفة أقوال جميع العلماء بعد أن انتشروا في الأمصار فلا إجماع عند الإمام أحمد إلا إجماع الصحابة وقد ذكر ذلك الشيخ عبدالعزيز الراجحي في شرح لمعة الإعتقاد في باب حقوق النبي (ص) فصل ( الإجماع وحكمه ) وأتذكر أنني قرأت عن ابن تيمية نحو هذا الكلام لكنني نسيت المصدر .

شرياس
2008-02-22, 09:45 PM
" والإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح , إذ بعدهم كثر الإختلاف وانتشرت الأمة "
شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية [ شرح العقيدة العقيدة الواسطية ( 2 / 328 ) طبعة دار ابن الجوزي ]

أمجد الفلسطيني
2008-02-22, 11:05 PM
في المسودة ص 282:
مسألة:
إجماع أهل كل عصر حجة نص عليه وهو قول جماعة الفقهاء والمتكلمين وقال داود وابنه أبو بكر وأصحابه من أهل الظاهر إجماع التابعين ومن بعدهم ليس بحجة وقيل إن أحمد أومأ إليه
قال ابن عقيل وعن أحمد نحوه وصرف شيخنا كلام أحمد على ظاهره يعنى إلى موافقة داود
قال القاضى إجماع أهل كل عصر حجة ولا يجوز اجتماعهم على الخطأ وهذا ظاهر كلام أحمد فى رواية المروذى وقد وصف أخذ العلم فقال:
"ينظر ما كان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فان لم يكن فعن أصحابه فان لم يكن فعن التابعين"
قال وقد علق القول فى رواية أبى داود فقال الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه وهو بعد فى التابعين مخير قال وهذا محمول من كلامه على آحاد التابعين لا على جماعتهم وقد بين هذا فى رواية المروذى فقال إذا جاء الشىء عن الرجل من التابعين لا يوجد فيه شىء عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يلزم الاخذ به.

عبد الله السعدي
2008-02-23, 12:49 PM
جزاكم الله خيراً وزادكم علماً وكرماً
لقد استفدت من هذا الموضوع ايما استفادة

أمجد الفلسطيني
2008-02-23, 11:11 PM
قال الشيخ العلامة أحمد شاكر معلقا على كلام الشافعي : يعني أن الإجماع لا يكون إجماعاً إلا في الأمر المعلوم من الدين بالضرورة كما أوضحنا ذلك وأقمنا الحجة عليه مراراً في كثير من حواشينا على الكتب المختلفة . انتهى

بالنسبة لكلام شاكر رحمه الله ينظر هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=16688

سليمان الخراشي
2008-04-24, 07:09 PM
بارك الله فيكم ..

وهذه إضافة من الشيخ محمد الخضر حسين - رحمه الله - ، قالها في كتابه " نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم " ، ( ص 62-63) :
قال - رحمه الله - : ( الإمام أحمد والإجماع :
قال المؤلف في ص 22: "ولا نقول مع القائل: من ادّعى الإجماع فهو كاذب". وكتب في أسفل الصحيفة عازياً هذه المقالة إلى الإمام أحمد بما نصه: "روي ذلك عن الإمام أحمد بن حنبل. راجع تاريخ التشريع الإسلامي لمؤلفه محمد الخضري".
انتزع المؤلف هذه الكلمة المروية عن الإمام أحمد من تاريخ التشريع الإسلامي للشيخ محمد الخضري ، وأطلقها في طليعة الباب لتثير في نفوس القارئين شكاً، وتجعلهم على ريبة من حجية الإجماع ! أطلق هذه الكلمة كأنه يجهل موردها، ويجهل أن الإمام أحمد لا يعني بها الإجماع المعروف في الأصول، وإنما يعني بها الرد على بعض الفقهاء الذين ينظرون إلى الواقعة، حتى إذا لم يطلعوا على خلاف في حكمها سمّوه إجماعاً. قال ابن القيم في كتاب إعلام الموقعين: "ولا يقدم -يعني الإمام أحمد- عدم علمه بالمخالف، الذي يسميه كثير من الناس إجماعاً ويقدمونه على الحديث الصحيح، وقد كذّب أحمد من ادعى هذا الإجماع، وكذلك الشافعي أيضاً نص في رسالته الجديدة على أن ما لا يعلم فيه خلاف لا يقال له إجماع ، وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول: ما يدعي فيه الرجل الإجماع فهو كذب، من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا، ... ولكن يقول: لا نعلم الناس اختلفوا أو لم يبلغني ذلك هذا لفظه... فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دعوى الإجماع، لا ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده".
فالإمام أحمد بن حنبل إنما ينكر على الفقيه أن يسمي عدم علمه بالخلاف إجماعاً ، وعلى مثل هذا جرى ابن حزم في كتاب الأحكام، فقال: "تحكم بعضهم فقال: إن قال عالم : لا أعلم هنا خلافاً فهو إجماع، وإن قال ذلك غير عالم فليس إجماعاً. وهذا قول في غاية الفساد ، ولا يكون إجماعاً ولو قال ذلك محمد بن نصر المروزي" ) .

أبويحيى بن يحيى
2008-05-23, 06:09 PM
جزى الله خيرا فضيلة الشيخ الخراشي

و لو تكرم علينا بإبداء رأيه في هذا الموضوع
http://majles.alukah.net/showthread.php?p=113171

نكون له شاكرين

أبو سليمان التميمي
2008-05-26, 12:22 AM
بارك الله فيكم ..
وهنا إضافة للشيخ ابن سحمان - رحمه الله - قالها في الرد على أحدهم :
( والجواب أن يقال : الإجماع الذي نفاه الإمام أحمد وكذب من ادعاه : الإجماع الذي يدعيه أهل البدع مما يخالف الكتاب والسنة ، فأما ما وافق الكتاب والسنة فحاشا وكلا ، كما قال ابن القيم رحمه الله فيما نقله عنه حيث قال : وصار من لا يعرف الخلاف من المقلدين إذا احتج عليه بالكتاب والسنة قال : هذا خلاف الإجماع ! وهذا هو الذي أنكره أئمة الإسلام وعابوه من كل ناحية على من ارتكبه وكذبوا من ادعاه.
فأي دليل فيما نقلته على من يحكي إجماع أهل السنة والجماعة ؟ وإنما عابوا وكذبوا دعوى من ادعى ما يخالف الكتاب والسنة ، وقد كان من المعلوم بالضرورة أن أهل العلم والأئمة الراسخين يحكون الإجماع ويحتجون به لأنفسهم وينصرون به أقوالهم ، وقد جمع ابن هبيرة وابن حزم مسائل الإجماع مرتبة على أبواب الفقه وحكوها من أنفسهم لأنفسهم ، وفي كتب الفقه كالإقناع والمغني والفروع والمقنع من ذكر الإجماع والاحتجاج به ما لا يخفى على صغار الطلبة . والطرق التي يعرف بها الإجماع القطعي معروفة عند أهل العلم مقررة في محلها لا تخفى على مثل شيخنا ، فإذا احتج بالإجماع قبل منه وأخذ عنه فإن القول ما قالت حذامِ .
ومن الطرق التي يُعرف بها الإجماع :كون الحكم معلوماً بالضرورة من دين الإسلام ، فإذا عرفت هذا علمت يقيناً أن الشيخ محمد ابن عبدالوهاب لم يخالف إمامه ؛ لأن نص إمامه أحمد رحمه الله فيمن حكى إجماعاً يخالف الكتاب والسنة ، وقد حكي الإمام أحمد رحمه الله الإجماع على أن هذه الآية وهي قوله (وإذا قرئ القرآن فاستعموا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) أنها نزلت في الصلاة ، وحكى ابن القيم رحمه الله في أعلام الموقعين قولا الإمام الشافعي رحمه الله : أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد كائناً من كان.
وقد كان من المعلوم عند أهل العلم أن الإجماع هو الأصل الثالث وأن الأمة لا تجتمع على ضلالة ، وما أظن أن هذا الكلام يصدر من مثل الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني رحمه الله ؛ لأن هذا الكلام الذي نقله عن ابن القيم في الإعلام لا يدل على ما ادعاه من نفي الإجماع مطلقاً ، فكيف يحتج به هذا الرجل وهو لا يدل على مقصوده بشيء من الدلالات ؟! والله أعلم وحسبنا الله ونعم الوكيل ) . انتهى من " تنبيه ذوي الألباب السليمة " ، ص 144-145.
جزاك الله خير يا شيخ سليمان
وارجو التاكد من المرجع هل هو صحيح(انتهى من " تنبيه ذوي الألباب السليمة " )

أبو حمزة مأمون السوري
2010-12-27, 11:41 PM
موضوع محلى بالدرر والفوائد .. جزى الله خيراً كل من أسهم فيه

عبد الله السبري
2013-08-11, 02:41 PM
أمثلة لنقل الإمام أحمد رضي الله عنه للإجماع:

المغني - (ج 8 / ص 74)
( أنه بيع دين بدين ، ولا يجوز ذلك بالإجماع .
قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن بيع الدين بالدين لا يجوز .
وقال أحمد : إنما هو إجماع .
وقد روى أبو عبيد في الغريب ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ } .
وفسره بالدين بالدين .
إلا أن الأثرم روى عن أحمد ، أنه سئل : أيصح في هذا حديث ؟ قال : لا )

الشرح الكبير لابن أبي عمر - (ج 2 / ص 101)
(وإن نسي صلاة حضر فذكرها في السفر وجبت عليه أربعا بالاجماع حكاه الامام أحمد وابن المنذر )

مستفاد