المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم سب المخلوقات التي لا تصرف لها ( الدهر والريح وغيرهما )



أبو عبد العزيز بن محمد
2010-12-03, 08:06 AM
حكم سب المخلوقات التي لا تصرف لها ( الدهر والريح وغيرهما )

بسم الله الرحمن الرحيم
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( قال الله تعالى يؤذيني ابن آدم؛ يسب الدهر، وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار ) . وفي رواية : ( لا تسبوا الدهر؛ فإن الله هو الدهر ) رواه الشيخان، وهذا الحديث من الأحاديث التي أوردها الشيخ محمد بن عبدالوهاب في كتابه المفيد: كتاب التوحيد، وعندما شرح لنا أحد مشايخي هذه الحديث من كتاب التوحيد سألته فقلت له: هل يدخل في هذا الحديث سب غير الدهر من المخلوقات، فقال: لا، فاستشكلت هذا، لأن سبب النهي عن سب الدهر أنه لا تصرف له فكان سبه سبا لمدبره وخالقه وهذا ينطبق على كل مخلوق لا تصرف له، ثم وجدت الإجابة على ما استشكلته عند الشيخ صالح الفوزان في كتابه المفيد الجميل: ( الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد ) فأنا أنقل لكم كلام الشيخ مع بعض الزيادات وأميز كلامي من كلام الشيخ.
قال الشيخ صالح الفوزان: (فدل الحديث على أن من سب الدهر؛ فقد آذى الله سبحانه؛ لأن السب يتجه إلى مدبر الحوادث والوقائع وخالقها، والدهر إنما هو ظرف ومحل وخلق مدبر ليس له شيء من التدبير، ولهذا قال الله : " وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار "فقوله سبحانه : " أقلب الليل والنهار " : تفسير لقوله : " وأنا الدهر " ، وكذا قوله : " فإن الله هو الدهر " : معناه أن الله هو المتصرف الذي يصرف الدهر وغيره؛ فالذي يسب الدهر إنما يسب من خلقه، وهو الله تعالى وتقدس .) انتهى كلامه حفظه الله .
ويشبه هذا سب الريح فكلاهما سب لمخلوق لا تصرف له وإنما التصرف لله سبحانه، لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( لا تسبوا الريح؛ فإذا رأيتم ما تكرهون؛ فقولوا اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به )، قال الشيخ حفظه الله: (وذلك لأن الريح إنما تهب بأمر الله وتدبيره؛ لأنه هو الذي أوجدها وأمرها؛ فمسبتها مسبة للفاعل، وهو الله سبحانه؛ كما تقدم في سب الدهر.) انتهى كلامه
وهذا الحكم ليس خاصا بالدهر والريح بل هو عام في كل المخلوقات المدبرة التي لا تصرف لها، قال الشيخ في معرض الكلام عن الشرك الأصغر:
(مما ينقص التوحيد أيضا ويسيء إلى العقيدة : مسبة الدهر ومسبة الريح وما أشبه ذلك من إسناد الذم إلى المخلوقات فيما ليس لها فيه تصرف، فيكون هذا الذم في الحقيقة موجها إلى الله سبحانه؛ لأنه الخالق المتصرف) انتهى كلامه.
وسب الدهر فيه مشابهة للمشركين، قال الله تعالى: { وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ } قال الشيخ: (أي : لا يفنينا إلا مرور الليالي والأيام، فنسبوا الإهلاك إلى الدهر على سبيل الذم له، وإنما قالوا هذا القول عن جهل وتخرص لا عن علم وبرهان).
وقال الشيخ في ختام الموضوع: (وأما سب هذه المخلوقات؛ ففيه مفاسد :
منها : أنه سب ما ليس أهلا للسب؛ فإنها مخلوقات مسخرة ومدبرة .
ومنها : أن سب هذه الأشياء متضمن للشرك؛ فإنه إنما سبها لظنه أنها تضر وتنفع من دون الله .
ومنها : أن السب إنما يقع على من فعل هذه الأفعال، وهو الله .)
أخوكم أبو عبد العزيز