احمد زكريا عبداللطيف
2010-11-08, 12:42 AM
لا تحقرن من المعروف شيئا
http://majles.alukah.net/imgcache/2010/11/31.jpgبقلم/ أحمد زكريا
إن من رحمة الله بالخلق أنه - سبحانه- جعل للجنة أبوابا كثيرة.. وللرحمة مداخل شتى.. فلا يتوقف الأمر على العظيم من الأعمال.. والجليل من الأفعال.. مثل الجهاد في سبيل الله.. والأمر بالمعروف.. والنهي عن المنكر.. والدعوة إلى الله – عز وجل.
بل فتح أبواب رحمته.. وخزائن فضله لأصحاب الأعمال الصغيرة – في أعين الناس – إذا صفت النوايا وصح القصد.
ألم يغفر الله لبغي من بني إسرائيل سقت كلبا؟!!
ألم يشكر الله صنيع رجل سقى كلبا.. فشكر الله له.. فغفر له.. فأدخله الجنة؟!!
ألم تقرأ هذا الحديث العجيب؟!!
كما ورد في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة قال:
"مرَّ رجل من بني إسرائيل بشجرة كان غصنها في الطريق.. فقال: أرفعه لا يؤذي المسلمين ، فكسر الغصن وحوله عن الطريق.. فشكر الله له وأدخله الجنة".
ولذلك كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم جامعة مانعة:
"اتقوا النار ولو بشق تمرة"
وكان دعوته:
"كل معروف صدقة"
وهذا من فضل الله العظيم على خلقه.. أنه يقبل القليل من العمل وينميه.. ويعفو عن الكثير من الزلل ويمحوه.
ولذلك جعل الشرع الحنيف أعمالا في نظرنا هينة.. لكنها عند الله عظيمة.. وهي أعمال يقدر عليه كل أحد.. وتناسب قدرات الجميع حتى لا يحتج محتج.. بفقر أو ضعف.. أو سواه.
فالأبواب مشرعة والطرق مفتحة.. والأمل يحدو الجميع في رحمة الله.
ومن أعظم القربات عند الله – جل وعلا – إدخال السرور على المسلمين.. وهذا يملكه الكثير منا.. على اختلاف وظائفهم وقدراتهم.. ومكانتهم.. فمسح دمعة يتيم.. ومواساة أرملة.
ومن عجيب حكمة شيخنا الدكتور ناجح في الدعوة أنه كان يقول:
"لأن تأتي بالخبز كل يوم لأرملة.. أفضل من خطب ودروس..يعوزها الإخلاص".
فانظر – رحمك الله – إلى عبقرية الشيخ الدعوية.. فهذا عمل لا يكلف شيئا ً.. ولا يعرض صاحبه لأي مخاطر.. ومع ذلك هو باب من أبواب الجنة التي غفل عنها الكثيرون منا.
وكان من توجيهات شيخنا – حفظه الله –:
"لو اشترى المسلم بجنيه حلوى وأهداها للأطفال اليتامى والفقراء.. لكان أولى وأوجب,, من أعمال قد تورث العجب والكبر والخيلاء".
ولذلك فاقنا السلف فطنة وفهما ً لمعنى العبادة.. فانظر كيف يتنافس الشيخان أبي بكر وعمر على خدمة عجوز عمياء.
فيا من يريد الجنة.. ويهفو للقاء ربه.. والنظر إلى وجهه الكريم.. وإلى الشرب من يد الحبيب (صلى الله عليه وسلم).. اسمع إلى قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
"أحب الناس إلى الله أنفعهم - يعني للناس - وأحب الأعمال إلي الله عز وجل سرور تدخله علي مسلم.. أو تكشف عنه كربة.. أو تقضى عنه دينا ً.. أو تطرد عنه جوعا ً.. ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد - يعني النبوي – شهرا".. انظر: صحيح الجامع.
ومن أعظم تلك القربات التي لا تكلف شيئاً طلاقة الوجه.. وحسن الخلق.
لذلك بوب الإمام المنذري - رحمه الله – بابا رائعا ً في ذلك.
قال الإمام المنذري (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1001409&spid=1142) رحمه الله: "الترغيب في طلاقة الوجه وطيب الكلام وغير ذلك".
عن أبي ذر (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000045&spid=1142) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق).. رواه مسلم (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000005&spid=1142).
وعن جابر بن عبد الله (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000644&spid=1142) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك).. رواه أحمد (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000033&spid=1142) و الترمذي (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000009&spid=1142).
وعن أبي ذر (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000045&spid=1142) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة).. رواه الترمذي (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000009&spid=1142) وحسنه.
إن الشريعة العظيمة تحث وتدعو المسلم إلى أن يفعل الخير أكثره وأقله ما استطاع.. ولا يحتقر شيئاً من الخير يصنعه.. فكل خير يثاب عليه.. وما دام الثواب موجوداً فينبغي ألا يستقل فعل شيء من أمور الخير.
ولذا أسوق لك قارئي العزيز هذه القصة العجيبة،لندرك منها بعض هذه المعاني.
فعن أبي بردة قال: لما حضر أبا موسى الوفاة قال:
يا بَنِيَّ اذكروا صاحب الرغيف.
قال: كان رجل يتعبد في صومعة أراه.. - قال: سبعين سنة- لا ينزل إلا في يوم أحد.
قال: فنزل في يوم أحد.
قال: فشبَّه الشيطان في عينه امرأة، فكان معها سبعة أيام أو سبع ليال.
قال: ثم كُشف عن الرجل غطاؤه، فخرج تائباً، فكان كلما خطا خطوة صلى وسجد، فآواه الليل إلى دكان عليه اثنا عشر مسكيناً، فأدركه الإعياء، فرمى بنفسه بين رجلين منهم.
وكان ثمَّ راهب يبعث إليهم كل ليلة أرغفة، فيعطي كل إنسان رغيفاً، فجاء صاحب الرغيف فأعطى كل إنسان رغيفاً.. ومرَّ على ذلك الذي خرج تائباً، فظن أنه مسكين، فأعطاه رغيفاً.
فقال المتروك لصاحب الرغيف: مالك لم تعطني رغيفاً، ما كان إليّ عنه غنى؟
فقال: أتراني أمسكته عنك؟
سل هل أعطيت أحدا منكم رغيفين؟
قالوا: لا.
قال : تراني أمسكته عنك؟
والله لا أعطيك الليلة شيئاً، فعمد التائب إلى الرغيف الذي دفعه إليه، فدفعه إلى الرجل الذي ترك..فأصبح التائب ميتاً.
فوزنت السبعون سنة بالسبع ليالي فلم تزن، فوزن الرغيف بالسبع ليالي فرجح الرغيف.
فقال أبو موسى: يا بَنِيَّ اذكروا صاحب الرغيف".. أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» بإسناد رجاله ثقات.
وله شاهد من حديث عبد الله بن مسعود بنحوه، أخرجه ابن أبي شيبة، والبيهقي في «الشعب» بإسناد رجاله ثقات.
فالأثر ثابت إن شاء الله.
وإليك بعض فوائد القصة:
أهمية القصص الحق في التربية الربانية والثبات على الحق، وأنها من جند الله أنزلها في كتابه الكريم.. واستعملها الرسول العظيم (صلى الله عليه وسلم) في تثبيت المؤمنين على الطاعات وعدم القنوط من رحمة رب العالمين، ولذلك ذكر بها أبو موسى بنيه وهو في سياق الموت.
لا ينبغي للعبد أن يغتر بعمله ولا يأمن مكر الله، فهذا الرجل عبد الله سبعين سنة ومع ذلك تعرض لفتنة الشهوات؛ فالحي لا تؤمن عليه الفتنة.
شدة خطورة فتنة النساء على الرجال، فأعظم فتنة على الرجال هي النساء:
"فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة في بني إسرائيل كانت في النساء".
وهذا واضح في سقوط هذا العابد في فتنة النساء بعد ما شبه الشيطان في عينه تلك المرأة.
المعصية لها حجاب يحول بين القلب ونور الله ولها غطاء يغطي على العقل، ولذلك وصفت الليالي التي قضاها الرجل في المعصية بالغطاء.
المتقون إذا وقعوا في معصية واقترفوا ذنباً تداركتهم رحمة الله فكشف عنهم الغطاء: "إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ" [الأعراف:201].
ولذلك ورد في القصة «ثم كشف عن الرجل غطاؤه".
من تمام التوبة أن يتبع العبد المخطئ السيئات الحسنات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، ولذلك كان الرجل التائب يصلي ويسجد.
من تصدق بصدقة يبتغي بها وجه الله قبلت منه، وإن وقعت في يد غير محتاج لها، فصاحب الرغيف أعطى الرجل التائب وهو يظنه مسكيناً وهو ليس كذلك.
ويدل على ذلك جملة أحاديث، منها قصة الرجل الذي تصدق على الزانية والغني.
لا تحقرن من المعروف شيئا ً.. فإنك لا تعلم أي خير ينفعك ويقيك عذاب يوم عظيم.
وتأمل كيف وزن الرغيف الذي تصدق به التائب بالسبع الليالي التي عصى الله فيها؛ فرجح الرغيف مع أن السبع الليالي رجحت سبعين سنة طاعة.
لا ينبغي أن يقنط من رحمة الله، فهذا العبد وقع في المعصية.. ثم خرج تائباً.. ثم أطاع فصلى وسجد.. ثم تصدق فختم له على طاعة فلم يقنط من رحمة الله.
فيها تحقيق دقيق لقول الله تعالى: "يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" [الشعراء: 88-89].
وتصدق قليلاً وأجر كثيراً.. ففي ذلك تحقيق قوله تعالى: "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" [يونس: 26].
هذا العبد الذي عبد الله سبعين سنة.. ثم عصى الله سبع ليالي.. ثم خرج تائباً صدق الله في توبته فصدقه الله.. فمات تائباً وغفر له.
وهذه الأحاديث التي تضمنت هذه القصص فيها حض على الخير وترغيب في الصدقة ومحاربة شح النفس.. وليس طريقاً للذين يحبون الشهوات يقدمون بسببها على الكبائر والموبقات مغترين برحمة الله.
فمن الذي يضمن حسن الخاتمة ويأمن سوء العاقبة.
وبالجملة فالطريق ممهد.. ومفتوح لمن أراد الله بصدق.. وطرح حظ نفسه جانبا.. وآثر مرضاة الله على هواه.. فلا يبالي بلمز اللامزين وطعن الطاعنين.. فهو يزرع الخير.. ولا ينتظر مدحة من أحد.. ولا يبالي بمذمة الناس.. طالما سار على الطريق المستقيم.
وأخيرا ً
أذكر نفسي وإخواني بوصية شيخ الإسلام – رحمه الله -:
"إذا عاملت الحق فأخرج الخلق.. وإن عاملت الخلق فأخرج النفس"
http://majles.alukah.net/imgcache/2010/11/31.jpgبقلم/ أحمد زكريا
إن من رحمة الله بالخلق أنه - سبحانه- جعل للجنة أبوابا كثيرة.. وللرحمة مداخل شتى.. فلا يتوقف الأمر على العظيم من الأعمال.. والجليل من الأفعال.. مثل الجهاد في سبيل الله.. والأمر بالمعروف.. والنهي عن المنكر.. والدعوة إلى الله – عز وجل.
بل فتح أبواب رحمته.. وخزائن فضله لأصحاب الأعمال الصغيرة – في أعين الناس – إذا صفت النوايا وصح القصد.
ألم يغفر الله لبغي من بني إسرائيل سقت كلبا؟!!
ألم يشكر الله صنيع رجل سقى كلبا.. فشكر الله له.. فغفر له.. فأدخله الجنة؟!!
ألم تقرأ هذا الحديث العجيب؟!!
كما ورد في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة قال:
"مرَّ رجل من بني إسرائيل بشجرة كان غصنها في الطريق.. فقال: أرفعه لا يؤذي المسلمين ، فكسر الغصن وحوله عن الطريق.. فشكر الله له وأدخله الجنة".
ولذلك كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم جامعة مانعة:
"اتقوا النار ولو بشق تمرة"
وكان دعوته:
"كل معروف صدقة"
وهذا من فضل الله العظيم على خلقه.. أنه يقبل القليل من العمل وينميه.. ويعفو عن الكثير من الزلل ويمحوه.
ولذلك جعل الشرع الحنيف أعمالا في نظرنا هينة.. لكنها عند الله عظيمة.. وهي أعمال يقدر عليه كل أحد.. وتناسب قدرات الجميع حتى لا يحتج محتج.. بفقر أو ضعف.. أو سواه.
فالأبواب مشرعة والطرق مفتحة.. والأمل يحدو الجميع في رحمة الله.
ومن أعظم القربات عند الله – جل وعلا – إدخال السرور على المسلمين.. وهذا يملكه الكثير منا.. على اختلاف وظائفهم وقدراتهم.. ومكانتهم.. فمسح دمعة يتيم.. ومواساة أرملة.
ومن عجيب حكمة شيخنا الدكتور ناجح في الدعوة أنه كان يقول:
"لأن تأتي بالخبز كل يوم لأرملة.. أفضل من خطب ودروس..يعوزها الإخلاص".
فانظر – رحمك الله – إلى عبقرية الشيخ الدعوية.. فهذا عمل لا يكلف شيئا ً.. ولا يعرض صاحبه لأي مخاطر.. ومع ذلك هو باب من أبواب الجنة التي غفل عنها الكثيرون منا.
وكان من توجيهات شيخنا – حفظه الله –:
"لو اشترى المسلم بجنيه حلوى وأهداها للأطفال اليتامى والفقراء.. لكان أولى وأوجب,, من أعمال قد تورث العجب والكبر والخيلاء".
ولذلك فاقنا السلف فطنة وفهما ً لمعنى العبادة.. فانظر كيف يتنافس الشيخان أبي بكر وعمر على خدمة عجوز عمياء.
فيا من يريد الجنة.. ويهفو للقاء ربه.. والنظر إلى وجهه الكريم.. وإلى الشرب من يد الحبيب (صلى الله عليه وسلم).. اسمع إلى قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
"أحب الناس إلى الله أنفعهم - يعني للناس - وأحب الأعمال إلي الله عز وجل سرور تدخله علي مسلم.. أو تكشف عنه كربة.. أو تقضى عنه دينا ً.. أو تطرد عنه جوعا ً.. ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد - يعني النبوي – شهرا".. انظر: صحيح الجامع.
ومن أعظم تلك القربات التي لا تكلف شيئاً طلاقة الوجه.. وحسن الخلق.
لذلك بوب الإمام المنذري - رحمه الله – بابا رائعا ً في ذلك.
قال الإمام المنذري (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1001409&spid=1142) رحمه الله: "الترغيب في طلاقة الوجه وطيب الكلام وغير ذلك".
عن أبي ذر (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000045&spid=1142) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق).. رواه مسلم (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000005&spid=1142).
وعن جابر بن عبد الله (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000644&spid=1142) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك).. رواه أحمد (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000033&spid=1142) و الترمذي (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000009&spid=1142).
وعن أبي ذر (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000045&spid=1142) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة).. رواه الترمذي (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1142&ftp=alam&id=1000009&spid=1142) وحسنه.
إن الشريعة العظيمة تحث وتدعو المسلم إلى أن يفعل الخير أكثره وأقله ما استطاع.. ولا يحتقر شيئاً من الخير يصنعه.. فكل خير يثاب عليه.. وما دام الثواب موجوداً فينبغي ألا يستقل فعل شيء من أمور الخير.
ولذا أسوق لك قارئي العزيز هذه القصة العجيبة،لندرك منها بعض هذه المعاني.
فعن أبي بردة قال: لما حضر أبا موسى الوفاة قال:
يا بَنِيَّ اذكروا صاحب الرغيف.
قال: كان رجل يتعبد في صومعة أراه.. - قال: سبعين سنة- لا ينزل إلا في يوم أحد.
قال: فنزل في يوم أحد.
قال: فشبَّه الشيطان في عينه امرأة، فكان معها سبعة أيام أو سبع ليال.
قال: ثم كُشف عن الرجل غطاؤه، فخرج تائباً، فكان كلما خطا خطوة صلى وسجد، فآواه الليل إلى دكان عليه اثنا عشر مسكيناً، فأدركه الإعياء، فرمى بنفسه بين رجلين منهم.
وكان ثمَّ راهب يبعث إليهم كل ليلة أرغفة، فيعطي كل إنسان رغيفاً، فجاء صاحب الرغيف فأعطى كل إنسان رغيفاً.. ومرَّ على ذلك الذي خرج تائباً، فظن أنه مسكين، فأعطاه رغيفاً.
فقال المتروك لصاحب الرغيف: مالك لم تعطني رغيفاً، ما كان إليّ عنه غنى؟
فقال: أتراني أمسكته عنك؟
سل هل أعطيت أحدا منكم رغيفين؟
قالوا: لا.
قال : تراني أمسكته عنك؟
والله لا أعطيك الليلة شيئاً، فعمد التائب إلى الرغيف الذي دفعه إليه، فدفعه إلى الرجل الذي ترك..فأصبح التائب ميتاً.
فوزنت السبعون سنة بالسبع ليالي فلم تزن، فوزن الرغيف بالسبع ليالي فرجح الرغيف.
فقال أبو موسى: يا بَنِيَّ اذكروا صاحب الرغيف".. أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» بإسناد رجاله ثقات.
وله شاهد من حديث عبد الله بن مسعود بنحوه، أخرجه ابن أبي شيبة، والبيهقي في «الشعب» بإسناد رجاله ثقات.
فالأثر ثابت إن شاء الله.
وإليك بعض فوائد القصة:
أهمية القصص الحق في التربية الربانية والثبات على الحق، وأنها من جند الله أنزلها في كتابه الكريم.. واستعملها الرسول العظيم (صلى الله عليه وسلم) في تثبيت المؤمنين على الطاعات وعدم القنوط من رحمة رب العالمين، ولذلك ذكر بها أبو موسى بنيه وهو في سياق الموت.
لا ينبغي للعبد أن يغتر بعمله ولا يأمن مكر الله، فهذا الرجل عبد الله سبعين سنة ومع ذلك تعرض لفتنة الشهوات؛ فالحي لا تؤمن عليه الفتنة.
شدة خطورة فتنة النساء على الرجال، فأعظم فتنة على الرجال هي النساء:
"فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة في بني إسرائيل كانت في النساء".
وهذا واضح في سقوط هذا العابد في فتنة النساء بعد ما شبه الشيطان في عينه تلك المرأة.
المعصية لها حجاب يحول بين القلب ونور الله ولها غطاء يغطي على العقل، ولذلك وصفت الليالي التي قضاها الرجل في المعصية بالغطاء.
المتقون إذا وقعوا في معصية واقترفوا ذنباً تداركتهم رحمة الله فكشف عنهم الغطاء: "إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ" [الأعراف:201].
ولذلك ورد في القصة «ثم كشف عن الرجل غطاؤه".
من تمام التوبة أن يتبع العبد المخطئ السيئات الحسنات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، ولذلك كان الرجل التائب يصلي ويسجد.
من تصدق بصدقة يبتغي بها وجه الله قبلت منه، وإن وقعت في يد غير محتاج لها، فصاحب الرغيف أعطى الرجل التائب وهو يظنه مسكيناً وهو ليس كذلك.
ويدل على ذلك جملة أحاديث، منها قصة الرجل الذي تصدق على الزانية والغني.
لا تحقرن من المعروف شيئا ً.. فإنك لا تعلم أي خير ينفعك ويقيك عذاب يوم عظيم.
وتأمل كيف وزن الرغيف الذي تصدق به التائب بالسبع الليالي التي عصى الله فيها؛ فرجح الرغيف مع أن السبع الليالي رجحت سبعين سنة طاعة.
لا ينبغي أن يقنط من رحمة الله، فهذا العبد وقع في المعصية.. ثم خرج تائباً.. ثم أطاع فصلى وسجد.. ثم تصدق فختم له على طاعة فلم يقنط من رحمة الله.
فيها تحقيق دقيق لقول الله تعالى: "يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" [الشعراء: 88-89].
وتصدق قليلاً وأجر كثيراً.. ففي ذلك تحقيق قوله تعالى: "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" [يونس: 26].
هذا العبد الذي عبد الله سبعين سنة.. ثم عصى الله سبع ليالي.. ثم خرج تائباً صدق الله في توبته فصدقه الله.. فمات تائباً وغفر له.
وهذه الأحاديث التي تضمنت هذه القصص فيها حض على الخير وترغيب في الصدقة ومحاربة شح النفس.. وليس طريقاً للذين يحبون الشهوات يقدمون بسببها على الكبائر والموبقات مغترين برحمة الله.
فمن الذي يضمن حسن الخاتمة ويأمن سوء العاقبة.
وبالجملة فالطريق ممهد.. ومفتوح لمن أراد الله بصدق.. وطرح حظ نفسه جانبا.. وآثر مرضاة الله على هواه.. فلا يبالي بلمز اللامزين وطعن الطاعنين.. فهو يزرع الخير.. ولا ينتظر مدحة من أحد.. ولا يبالي بمذمة الناس.. طالما سار على الطريق المستقيم.
وأخيرا ً
أذكر نفسي وإخواني بوصية شيخ الإسلام – رحمه الله -:
"إذا عاملت الحق فأخرج الخلق.. وإن عاملت الخلق فأخرج النفس"