المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خَاطرةٌ عَنِ .. (القلب)!..



ربوع الإسـلام
2010-10-26, 08:03 AM
قد لا يُدرك أحدنا عِظَم وجلال نعمةٍ من النعمِ حتى يُسلبها ، حينها فقط يَعظُم قدرها ، ويَري تقصيره في عدم شُكرها ، ويتجلى قدر فضل الله عليه بمنحه إياها ..

وإنّ مِنْ أعظم نعمِ الله ، أن يُرزقّ العبدُ قلبًا مُوحدًا لله طاهرًا ، خاليًا مِنْ شوائب الشِّرك وآفاته ، نقيًا من آلام الهوى ومُعضلاته ..
فإنَّها من أعظم النِّعم التي تُوجب الشُّكر في كُلِّ وقتٍ وحينٍ ..

وتتجلَّى قدرُ تلك النِّعمة بدخول مُفسداتها ، فمتى ما دخلَ القلب الهوى أفسده ، واصطحب معه كُلَّ همّ وغمّ ، وبدخوله - أعني الهوى - فُتح باب المعاصي على مصراعيه ، بل إنْ شئت فقُل كُسِر! ، فتراها تنهمرُ على صاحب الهوى تترى ؛ لتحكمه به وسيطرته عليه ، إلا من رحم الله ..

فالمحبُّ - في غير طاعة الله - يُعذَّب بمحبوبه ، والعذابُ أنواع ودرجات ، يزيد وينقص على قدر التَّعلّق بالمحبوب ..

أنت القتيلُ بكلّ مَنْ أحببته ** فاختر لنفسك في الهوى مَنْ تصطفي

ومما تورثه الهموم ، فمتى ما دخلتِ الهموم القلب انعكس ذلك على إخوانه ؛ فإنّ صلاحَ الجسد قد قُيّض بصلاح سيد الأعضاء ..
" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب " رواه البخاري و مسلم

وإنَّ في كلام الحبيب لدُرر ، لمَنْ أبصر وأمعن النظر ، واعتبر ..

فيا مَنْ أشرب قلبه كؤوس الهوى ، حتى صار عبدًا لها من دون الله ، أما آن الأوان لتفيق من سكرتك؟! ، وتتهيأ للقاء محبوبك الحقّ وآخرتك ؟!

يقول الإمام ابن القيم في الفوائد (يا بائعًا نفسه بهوى مَنْ حبُّه ضنى ، ووصلُه أذى ، وحسنُه إلى فناءٍ ، لقد بعت أنفس الأشياء بثمنٍ بخسٍ ، كأنَّك لم تعرف قدر السِّلعة ولا خِسَّة الثَّمن)

خلِّ قلبك ممن سواه ، فـ "التّخلية قبل التَّحلية" ، يقول ابن القيِّم في الفوائد (قبول المحل لما يوضع فيه مشروط بتفريغه من ضده) إلى أن قال : (والقلب المشغول بمحبة غير الله وإرادته والشوق إليه لا يمكن شغله بمحبة الله وإرادته والشوق إلى لقائه إلا بتفريغه من تعلّقه بغيره) اهـ

وإنِّما تكون التَّخلية بالمجاهدة والصبر ، مع لزوم فعل الأمر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر ، والتحبب إليه بالطاعات و النوافل والقربات ، "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين"
وأفرض الجهاد جهاد الهوى والنفس كما صرّح بذلك العلماء ..

فإن خُلّيَ القلب من دنس الهوى ، صار متهيئًا لاستقبال المحبة العظمى ، إلا وهي محبة الحق الأعلى ..

أما مَنْ رزق هذه النّعمة ، نعمة القلب الموحِّد الطَّاهر مِنْ دنسِ الهوى ، فاحمد الله على نعمه ، وتفانى في عبادته وشكره ، فشكرك مُوجبٌ للزيادة ، مُستجلبٌ لعطاء الذي خزائنه لا تنفذ ، ونعمه لا تُعد ..

أختكم / ربوع الإسلام
سُطِّر في :
22/12/2009
والله المستعان ..

مروة عاشور
2010-10-26, 06:04 PM
لِمَ تؤخرين عنّا هذه الدرر؟

أحسن الله إليك وشكر لك هذا الانتقاء الفريد وتلك التذكرة القيمة..

ما أجمل أن يطالع الإنسان بين خِلان الخير ما يذكره إذا نسي وينبهه إذا غفل!

وقد ورد في الحديث الذي رواه سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن جبريل أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال:
((يا محمد عش ما شئت فإنك ميت, واعمل ما شئت فإنك مجزي به, واحبب من شئت فإنك مفارقه...))؛ رواه أحمد, وصححه الألباني.

ولو فكر العاشق في منتهى *** حسن الذي يسبيه لم يسبه

لكن الغفلة تحول دون هذا التفكر!!

نسأل الله أن يملأ قلوبنا بحبه وأن يصلنا بحبل طاعته, وأن يعصمنا من الزلل.

الحضرمية
2010-10-26, 06:38 PM
جزاك الله خيرا أخيتي على هذه الدرر الرائعة أسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا

أمة الوهاب شميسة
2010-10-31, 07:02 PM
ما شاء الله
كلام جميل
بارك الله فيك

ربوع الإسـلام
2010-11-07, 12:42 PM
أخيتي / التوحيد .. أيتها الشريفة النبيلة ، جزاكِ الله عن حسن ظنّك بالفقيرة جزيلَ الخير والأجر ، وما نُؤخِّر أخية (كُليماتنا) إلا لأننا لا نجدُ في النّفس تطبيقها في غالب الأمر ؛ فما أكثرَ القول ، وما أقلَّ العمل والحول !
وتالله إنّ كاتبة الموضوع لأحوجُ إليه مِنْ غيرها ، وراجيةً وداعيةً ربها ألا يجعل عظيمَ حظها القول المُجرد ..
والله المستعان ..

جوزيتِ عنّا الخير ، وكُفيت البأس والضير ..آمين

ربوع الإسـلام
2010-11-07, 12:59 PM
جزاك الله خيرا أخيتي على هذه الدرر الرائعة أسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا
آمين ، وإياكِ .. وجزاكِ مثله وأضعافه أيتها الكريمة ..

ما شاء الله
كلام جميل
بارك الله فيك
وفيكِ أخية الإسلام الفاضلة ..
حياك الله تعالى ..

نبض الامة
2010-11-11, 07:39 PM
{ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكـا }
* * *
جميلٌ ما سطّرت ورائع ما حبّر قلمك ..
رفع الله قدرك وأعلى مقامك وزادك علما وفهما وحياء وعفة ..

ربوع الإسـلام
2010-12-26, 09:16 AM
وإياكِ أيتها الحبيبة نبض ، اشتقنا إليكِ ، جمعني الله بكِ في جنانه ..

أم هانئ
2010-12-26, 11:44 AM
ماشاء الله لا قوة إلا بالله

نفع الله بك أختنا الكريمة آمين

أمة الوهاب شميسة
2010-12-27, 01:16 PM
عدت مرة أخرى لأقرأ هذه السطور مما جاد به يراعك .... فعلا الذكرى تنفع المؤمنين ...

ربوع الإسـلام
2011-01-01, 10:16 PM
ماشاء الله لا قوة إلا بالله

نفع الله بك أختنا الكريمة آمين
أخيتي النبيلة الأصيلة / أمّ هانئ ، يعلم الله كم أسعدني مروركِ ، كما يعلم سبحانه محبتي في الله لكِ ؛ فأسأل الله تعالى أن يجمعني بكِ في جناته جنّات النّعيم .. اللهم آمين ..

ربوع الإسـلام
2011-01-01, 10:25 PM
عدت مرة أخرى لأقرأ هذه السطور مما جاد به يراعك .... فعلا الذكرى تنفع المؤمنين ...
حيهلا بالشريفة الكريمة ، وطئت سهلاً أخيتي رغم تواضعه وبخس قدر كاتبه إلا أنه شُرف بالأشراف أمثالكم ..
أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكنّ الإخلاص والعمل والأجر ، والله المستعان..

الحافظة
2011-03-04, 01:54 AM
جزاك الله خيراا على ماخطت يداك أختاه
وجعله ربي في ميزان حسناتك ووفقك ربي لمرضاته



قال تعالى :- ((يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ))




وفي توضيح معنى القلب السليم قال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله :-

"والقلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل، والحقد والحسد، والشح والكبر، وحب الدنيا والرياسة، فسلم من كل آفة تبعده من الله، وسلم من كل شبهة تعارض خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطعه عن الله، فهذا القلب السليم في جنَّة معجلة في الدنيا، وفي جنَّة في البرزخ، وفي جنَّة يوم المعاد،

ولا يتم له سلامته مطلقاً حتى يسلم من خمسة أشياء:
من شرك يناقض التوحيد،
وبدعة تخالف السنة،
وشهوة تخالف الأمر،
وغفلة تناقض الذكر،
وهوى يناقض التجريد،

حكمة
2011-05-03, 04:08 PM
أعادني الحنين إلى هنا ؛ حيث قلمك النابض ..
وكلما اشتقت إليكِ أجد نفسي أتنفس أريج ربوع كلماتك
يكابدنا الشوق لأختا أحببناها في الله، ونكابده بعريض الدعاء
اللهم يسر لها أمرها وفرج عنها همها
وأسمعنا عنها كل خير هي وأهل ليبيا الطيبين
اللهم آمين
أختك حكمة

أم تقى و هدى
2011-10-20, 10:23 AM
كلمات قيمة بارك الله فيك
فالمحبُّ - في غير طاعة الله - يُعذَّب بمحبوبه ، والعذابُ أنواع ودرجات ، يزيد وينقص على قدر التَّعلّق بالمحبوب ..

مبادرة للخير
2011-11-01, 04:19 AM
جزاك الله خيرا أخيتي ربوع الإسلام
حقيقة يا لها من خاطرة تكاد تنطق .. دخلت القلب وخاطبت الفؤاد، ونسأل الله أن ينفعنا بها
زادك الله علما وفهما
نسأل الله لنا و لك قلبا سليما ثابتا على الحق يارب العالمين

أم أويس وفردوس
2011-11-01, 12:07 PM
جـــزاكِ الله الجنة بغير حساب..

فجر الأقصى
2014-06-16, 09:10 PM
جزاك الله خيرا أخيتي على هذه الدرر الرائعة أسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا

أم علي طويلبة علم
2014-06-18, 12:34 AM
وإنِّما تكون التَّخلية بالمجاهدة والصبر ، مع لزوم فعل الأمر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر ، والتحبب إليه بالطاعات و النوافل والقربات ، "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين"


جزاكِ الله خيرا وبارك فيك ،،