مشاهدة النسخة كاملة : ( دعوة لمدارسة آية )
أحمد الكويكبي
2010-09-29, 06:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
مشائخنا الكرام ، الإخوة الأعضاء ، أرجو منكم الإفادة فضلاً لا أمراً .
الله - عز وجل - يقول في كتابه : ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية (http://majles.alukah.net/#docu). . . الآية )
سؤالي أيها الأفاضل : هل هذه الآية منسوخة بآيات المواريث أم أن للجمع بينهما مسرحه ؟
شاكر ومقدر ومثمن إفادتكم .
شجرة الدرّ
2010-09-29, 07:50 AM
قال القرطبي - رحمه الله - في تفسيره ما يلي :
" اختلف العلماء في هذه الآية هل هي منسوخة أو محكمة ، فقيل:
هي محكمة ، ظاهرها العموم ومعناها الخصوص في الوالدين اللذين لا يرثان كالكافرين والعبدين وفي القرابة غير الورثة، قاله الضحاك وطاوس والحسن، واختاره الطبري..
وعن الزهري أن الوصية واجبة فيما قل أو كثر .
وقال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الوصية للوالدين اللذين لا يرثان والأقرباء الذين لا يرثون جائزة..
وقال ابن عباس والحسن أيضا وقتادة : الآية عامة ، وتقرر الحكم بها برهة من الدهر، ونسخ منها كل من كان يرث بآية
الفرائض..
وقد قيل : إن آية الفرائض لم تستقل بنسخها بل بضميمة أخرى ، وهي قوله عليه السلام: " إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" .. رواه أبو أمامة ، أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح..
فنسخ الآية إنما كان بالسنة الثابتة لا بالإرث ، على الصحيح من أقوال العلماء ..
ولولا هذا الحديث لأمكن الجمع بين الآيتين :
بأن يأخذوا المال عن المورث بالوصية، وبالميراث إن لم يوص، أو ما بقي بعد الوصية، لكن منع من ذلك هذا الحديث والإجماع ..
والشافعي وأبو الفرج وإن كانا منعا من نسخ الكتاب بالسنة فالصحيح جوازه بدليل أن الكل حكم الله تبارك وتعالى ومن عنده وإن اختلفت في الأسماء، وقد تقدم هذا المعنى .. ونحن وإن كان هذا الخبر بلغنا آحادا لكن قد انضم إليه إجماع المسلمين أنه لا تجوز وصية لوارث . فقد ظهر أن وجوب الوصية للأقربين الوارثين منسوخ بالسنة وأنها مستند المجمعين .. والله أعلم.
وقال ابن عباس والحسن:
نسخت الوصية للوالدين بالفرض في سورة " النساء" وثبتت للأقربين الذين لا يرثون، وهو مذهب الشافعي وأكثر المالكيين وجماعة من أهل العلم ،،، وفي البخاري عن ابن عباس قال: كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين، فنسخ من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع..
وقال ابن عمر وابن عباس وابن زيد :
الآية كلها منسوخة، وبقيت الوصية ندبا، ونحو هذا قول مالك رحمه الله، وذكره النحاس عن الشعبي والنخعي. وقال الربيع بن خثيم : لا وصية .. قال عروة بن ثابت: قلت للربيع بن خثيم أوص لي بمصحفك، فنظر إلى ولده وقرا " وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ " [الأنفال: 75]. ونحو هذا صنع ابن عمر رضي الله عنه .. " أهـ .
... ...
أحمد الكويكبي
2010-10-02, 03:11 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
أحسن الله إليكم ؛ فقد أثريتم الموضوع .
شجرة الدرّ
2010-10-07, 08:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أحسن الله إليكم ؛ فقد أثريتم الموضوع .
وإياكم .. أسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل والصالح ..
لعل الراجح أنها محكمة .
وبيان ذلك : أنّ الذي يحضره الموت فإنه - كما يحصل كثيراً - يفكّر في أن يوصي بكثير من ماله للفقراء فيفعل ذلك .
فقال سبحانه : (( كُتب عليكم إذا حضر أحدَكم الموتُ إن ترك خيراً الوصيةُ للوالدين والأقربين بالمعروف ..))
فكتب ربنا على أحدنا -إن ترك خيراً- الوصيةَ للوالدين والأقربين بالمعروف ،
ثم إن أراد أوصى لغيرهم .
فلا يوصي بأملاك ثمينة للفقراء ويترك للوالدين والأقربين ما هو دونها -وإن كثر- .
أو يوصي بأكثر ماله لغير الوالدين والأقربين .
كل ذلك يخالف الآية الكريمة .
وقد بينت السنة النبوية ذلك .
أحمد الكويكبي
2010-10-10, 09:59 PM
أحسن الله إليك يا شيخ حمد .
ما رأيكم بصنيع الإمام السعدي - رحمه الله - في تفسيره مع هذه الآية ؟
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أنه إذا مات المسلم الذي يعيش في بلاد الكفر ، فإنّ عليه أن يوصي ؛ لئلا تقسِّم تركتَه تلك الدولة بغير ما أنزل الله ، حين لا يجدون وصية له .
لعل الراجح أنها محكمة .
وبيان ذلك : أنّ الذي يحضره الموت فإنه - كما يحصل كثيراً - يفكّر في أن يوصي بكثير من ماله للفقراء فيفعل ذلك .
وخاصة إذا فرط في حياته كما لو قتَل ، ولعل هذا هو مناسبة ذكر الأمر بالوصية بعد آيتي القصاص .
ومن فوائد الآية الكريمة :
أن من ترك خيراً وأراد أن يوصي ، فلا يتجاوز أقرباءه من غير الورثة إلى غيرهم ؛ قد يكون ذلك قطعاً للرحم .
واالجملة الكريمة ((إن ترك خيراً)) تحتمل معنى : إن ترك عملاً صالحاً وجب عليه ، كما قال سبحانه : ((فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره)) .
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.