مشاهدة النسخة كاملة : أنى .. استعمالاتها ودلالاتها اللغوية ..
القرشية
2010-09-28, 08:23 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرغب - وبشدة - ممن فتح الله عليه وآتاه بسطة في علم النحو أن يكرمني من شريف علمه باستعمالات ودلالات " أنى " اللغوية؛ لأنه لدي دراسة قرآنية في معانيها في القرآن.
نفع الله بكم.. ورزقكم الإخلاص والقبول..وجعل ماتكتبون في ميزان حسناتكم.. ومضاعفة أجوركم ..
أبو حاتم ابن عاشور
2010-09-28, 10:33 AM
قال السمين الحلبي في كتابه الدر لمصون عند قوله تعالى ((نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)) آية (223) من سورة البقرة:
"قوله : { أنى شِئْتُمْ } « أنَّى » ظرفُ مكانٍ ، ويُسْتَعْمَلُ شرطاً واستفهاماً بمعنى « متى » ، فيكونُ ظرفَ زمانٍ ويكونُ بمعنى كيف ، وبمعنى مِنْ أين ، وقد فُسِّرت الآية الكريمةُ بكلٍّ من هذه الوجوهِ . وقال النحويون : « أنَّى » لتعميم الأحوال . وقال بعضُهم : إنما تجيءُ سؤالاً وإخباراً عن أمرٍ له جهاتٌ ، فهي على هذا أعمُّ مِنْ « كيف » ومِنْ « أين » ومِنْ « متى » . وقالوا : إذا كانت شرطيةً فهي ظرفُ مكانٍ فقط . واعلم أنها مبنيةٌ لتضمُّنها : إمَّا معنى حرفِ الشرطِ أو الاستفهامِ ، وهي لازمةُ النصب على الظرفيةِ . والعاملُ فيها هنا قالوا : الفعلُ قبلها وهو : « فأتوا » قال الشيخ : « وهذا لا يَصِحُّ ، لأنَّها : إمَّا شرطيةٌ أو استفهاميةٌ ، لا جائزٌ أن تكونَ شرطيةً لوجهين ، أحدُهما : من جهة المعنى وهو أنَّها إذا كانَتْ شرطاً كانت ظرف مكانٍ كما تقدَّم ، وحينئذ يقتضى الكلامُ الإِباحةَ في غير القُبُل وقد ثبت تحريمُ ذلك . والثاني : من جهةِ الصناعةِ . وهو أنَّ اسمَ الشرط لا يعملُ فيه ما قبله ، لأنَّ له صدرَ الكلام ، بل يعمل فيه فعلُ الشرط ، كما أنه عاملٌ في فعلِ الشرطِ الجزمَ . ولا جائزٌ أن تكون استفهاماً؛ لأنَّ الاستفهامَ لا يعملُ فيه ما قبلَه لأنَّ له صدرَ الكلام ، ولأنَّ » أنَّى « إذا كانَتْ استفهاميةً اكتفَتْ بما بعدَها من فعلٍ واسم نحو : { أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ } [ الأنعام : 101 ] { أنى لَكِ هذا } [ آل عمران : 37 ] وهذه في هذه الآية مفتقرةٌ لِما قبلَها كما ترى ، وهذا موضعٌ مُشْكِلٌ يَحْتَاجُ إلى تأمُّلٍ ونظرِ.
ثم الذي يظهرُ أنها هنا شرطيةٌ ويكونُ قد حُذِف جوابُها : لدلالة ما قبله عليه ، تقديرُه : أنَّى شِئْتُم فَأْتُوه ، ويكون قد جُعِلَت الأحوالُ فيها جَعْلَ الظروفِ ، وأُجْرِيَتْ مُجراها تشبيهاً للحالِ بظرفِ المكانِ ولذلك تُقَدَّرُ ب (في) ، كما أُجْرِيت (كيف) الاستفهاميةُ مُجْرى الشرطِ في قولِهِ : { يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ } [ المائدة : 64 ] وقالوا : كيف تصنع أصنع ، فالمعنى هنا ليس استفهاماً بل شرطاً ، فيكونُ ثَمَّ حَذْفٌ في قوله : { يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ } أي : كيف يشاء ينفق ، وهكذا كلُّ موضعٍ يُشْبِهُه . وسيأتي له مزيدٌ بيانٍ . فإنْ قلتَ : قد أَخْرَجْتَ (أنَّى) عن الظرفيةِ الحقيقيةِ وجعلتَها لتعميمِ الأحوالِ مثل كيف ، وقلت : إنها مقتضيةٌ لجملةٍ أخرى كالشرطِ ، فهل الفعلُ بعدها في محلِّ جزمٍ اعتباراً بكونِها شرطيةً ، أو في محلِّ رفعٍ كما تكونُ كذلك بعد (كيف) التي تُسْتَعْمَل شرطية؟ قلت : تَحْتَمِل الأمرين ، والأرجحُ الأولُ لثبوتِ عمل الجزم ، لأنَّ غايةَ ما في البابِ تشبيهُ الأحوالِ بالظروفِ للعلاقةِ المذكورةِ ، وهو تقديرُ (في) في كلٍّ منهما » ولم يَجْزِمْ ب (كيف) إلا بعضُهم قياساً لا سماعاً." انتهى
كمال أحمد
2010-09-28, 03:13 PM
والأرجحُ الأولُ لثبوتِ عمل الجزم ، لأنَّ غايةَ ما في البابِ تشبيهُ الأحوالِ بالظروفِ للعلاقةِ المذكورةِ ، وهو تقديرُ (في) في كلٍّ منهما » ولم يَجْزِمْ ب (كيف) إلا بعضُهم قياساً لا سماعاً." انتهى
قوله: (والأرجح الأول لثبوت عمل الجزم) هذه الجملة لا تستقيم - عندي - إلا على هذا الوجه: (والأرجح الثاني لعدم ثبوت عمل الجزم)، فإن كان هذا صحيحا، فهذا معناه أنها محرفة، وفي رأيي المتواضع أن كتاب السمين يحتاج مراجعة شاملة، لكثرة ما نلاقي من مثل هذا. والله أعلم.
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.