أم محمد الظن
2010-08-07, 10:54 PM
إن الْحَمْد لِلَّه تَعَالَى نَحْمَدُه وَنَسْتَعِيْن بِه وَنَسْتَغْفِرُه وَنَعُوْذ بِاللَّه تَعَالَى مِن شُرُوْر أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَات أَعْمَالِنَا مَن يَهْدِى الْلَّه تَعَالَى فَلَا مُضِل لَه وَمَن يُضْلِل فَلَا هَادِى لَه وَأَشْهَد أَن لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه وَحْدَه لَا شَرِيْك لَه وَأَشْهَد أَن مُحَمَّداً عَبْدُه وَرَسُوْلُه.
أَمَّا بَعــــــد.
فَإِن أَصْدَق الْحَدِيْث كِتَاب الْلَّه تَعَالَي وَأَحْسَن الْهَدْي هَدْي مُحَمَّدٍ صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم ، وَشَّر الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعِه وَكِل بِدْعَةٍ ضَلَالَة وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي الْنَّار ، الْلَّهُم صَلّى عَلَى مُحَمّدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد ، وَبَارِك عَلَى مُحَمدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد
عَلَي نَفْسِهَا جَنَت بَرَاقِش الْجُزْء الْثَّانِي لِلْشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق الْحُوَيْنِي :فهذه هي الحلقة الثانية للرد على رجل مغمورٍ يقبعُ تحت خط الفقر العلمي في معرفة سنة النبي ﷺ ومعرفة كتبها الأصلية وعلى رأسها صحيح الإمام البخاري_ رحمه الله تعالى_ وكنتُ عنونت في المرة الماضية لهذا الرد بعنوان طويل:
وَهُو الِاعْتِرَاض عَلَى الْبُخَارِي نَفِقٌ مُظْلِم مِن دَخَلَه بِغَيْر مِصْبَاح اِرْتَطَم وَجْهُه بِالْحَائِط هكذا قلت واعتذرت عن طول العنوان على أساس أن العناوين تُصان عن الإسهاب وفضلّتُ أن أضع عنواناً آخر قصيراً وهو مثلٌ مشهورٌ قلت قصته في الحلقة الماضية ألا وهو – أعني العنوان –( عَلَى نَفْسِهَا جَنَت بَرَاقِش)
تَفْسِيْر عُنْوَان الْحَلَقَة: حديث مشهور ولكن لا يصح عن النبي ﷺ مع شهرته الواسعة والتي طبَّقت الآفاق تقريبا الا وهو" من حسنِ إسلامِ المرءِ تركُهُ ما لا يعنيه " هذا كثير من الناس يظنه حديثاً صحيحاً ولكن الصحيح فيه الإرسال وليس الإتصال .
مِن اعُتِرَاضَات الْمُعْتَرِض عَلَي صَحِيْح الْبُخَارِي:كما قلت في المرة الماضية أحد المحامين اعترض على صحيح البخاري بإعتراضات وهو واضح أنه رجل قرآني هكذا يسمي نفسه والقرآن من هؤلاء براء ، هم الذين يُنكرون حُجية السنة ويزعُمُ أن صحيح البخاري فيه مئات الأحاديث الشاذة ، قال أن العلماء قالوا مائة حديث شاذ،لكنه يقول: ليس مائة فقط بل مئات الأحاديث الشاذة في صحيح البخاري !
إِنْكَار الْشَّيْخ لِمَقُولَة الْمُعْتَرِض بِأَن مَن الْعُلَمَاء مَن قَال بِصَحِيْح الْبُخَارِي مِائَة حَدِيْث شَاذ: طبعاً لم يقل أحدٌ من العلماء قط ولا ينبغي أن يتورط في هذا عالم ،أن في صحيح البخاري مائة حديث شاذ، أبداً ما قال هذا أحد قط ونحن نرفع عقيرتنا بالتحدي أن يأتي بإسم عالمٍ واحدٍ قال أن البخاري فيه مائة حديث شاذ .
القصة التي دندن بها وأطال فيها الكلام وأنا عالجتُها في هذه المواضيع ، لكن الشِق ألحديثي من معالجتي لم يهضمهُ كثيرٌ من الناس ولذلك طالبوا أن أعيد الكلام مرةً أُخرى عليه حتى يستوعبوا لأنني قلت أن للبخاري شُفُوف نظر لا يكاد يُدرِكه إلا رجلٌ مدمن النظر في صحيح البخاري ، فقمتُ بعمل لوحة ( خريطة ) بحيث أوضح الشق ألحديثي الذي لا يستطيع هذا المعترض ولا مائةٌ مثله أن يصل إلى فهم مراد البخاري إلا إذا جثا بركبتيه السنين الطِوال وتعلَّمَ تحت أقدام أهل العلم .
ذَكَر الْشَّيْخ _ حَفِظَه الْلَّه_ طَرْفَا مِن كَلَام الْمُعْتَرِض عَلَي صَحِيْح الْبُخَارِي:بال سبة للقصة ، وأنا سأعيد طرفاً منها لأني على اللوحة سوف أشرحها لتكون واضحة جداً لمن يتابعني هذه المرة ,هو يقول أن البخاري أودع في صحيحه حديثاً يُنكر أن المعوذتين من كتاب الله ويقول أن البخاري بهذا يهدمُ كتاب الله ، وأنا لا يمكن أحافظ على السنة وأهدم القرآن ! بل الصحيح أحفظ القرآن , وإذا كانت السنة تُعارِض القرآن, فالقرآن مُقدَّم , وهذه كلمة حق أُريد بها باطل ,لأنَّهُ لا يوجَد حديثٌ صحيحٌ يُعارِض آية إطلاقاً ، في كتاب الله ، ولا يمكن أن يجد المرء حديثاً صحيحاً يُعارض حديثاً آخر صحيحاً ، بل لابد أن يكون بينهما توافقٌ بأي وجه من وجوه الجمع المعروفة عند علماء أصول الفقه .
هَل فِعْلَا فِي صَحِيْح الْبُخَارِي حَدِيْث فِيْه أَن الْمُعَوِّذَتَي ْن لَيْسَتَا مِن كِتَاب الْلَّه وَأَن الْبُخَارِي أَوْرَد هَذَا الْحَدِيْث لِيُنْكِر أَن الْمُعَوِّذَتَي ْن مِن كِتَاب الْلَّه ؟ الجواب : أن هذا كذب على البخاري. وَذَكَرْت الْأَدِلَّة: أن البخاري يثبت بما أورده في صحيحه أن المعوذتين من كتاب الله ويرد على ابن مسعود ، هو يرد على ابن مسعود، بأدلة لكن ، قبل أن أدخل في هذه الأدلة أريد أن أُسس شيئاً آخر أنا ذكرتُه في الحلقة السابقة لكن بعض الناس لم يهضمه ,قلتُ أن السِّياق أحياناً يأتي بمعنى المراد ،ويأتي بمعنى ثانوي ، ومقصود المؤلف هو المعنى المراد وليس الثانوي ، مثلما ذكرت الأحاديث الماضية ذكرت حوالي ثلاث، أربع أحاديث منها : حديث عُبيد بن عُمير عندما قال : بلغ عائشة رضي الله عنها أن عبد الله بن عمرو بن العاص يقول لنسائه إذا إغتسلن من الجنابة أن يصل الماء إلى أصول الشعر
فقالت:" يَا عَجَبا لِابْن عُمَر هَذَا ، أَفَلَا يَأْمُرُهُن أَن يَحْلِقْن رُؤُوْسَهُن " إلى آخر الحديث الذي ذكرته في المرة الماضية ، وقلت مُراد مسلم من هذا الحديث هو تبني قول عائشة وليس تبني قول عبد الله بن عمرو بن العاص، لأن عبد الله بن عمرو مذهبه أن يصل الماء إلى أصول شعر المرأة في غُسل الجنابة إنما عائشة ضد هذا، مسلم أراد قول عبد الله بن عمرو بن العاص أم قول عائشة؟ أراد قول عائشة، إذن المعنى المؤسس أي المعنى الرئيسي الذي أراد مسلم هو قول عائشة وليس قول عبد الله بن عمرو بن العاص إنما جاء قول عبد الله بن عمرو بن العاص_ رضي الله عنهما_ في السياق وليس مراداً به الإحتجاج ، الذي يغفل هذا المعنى يقع في ورطة فقهية .
مَاحُجَّة مِن أَبَاح لِلْمَرْأَة الْسَّفَر بِلَا مَحَرَّم؟مثلما أفتى بعض الناس لبعض النساء الجواز بالسفر بلا محرم ، وما حجته ؟ في حديث في صحيح البخاري من حديث عدي بن حاتم أن النبي ﷺ قال له: " يَا عَدِي هَل سَمِعْت بِالْحَيْرَة ؟- إسم مكان مدينة– قَال: نُبِّئْت عَنْهَا وَلَم أَرَهَا ، قَال: يُوْشِك إِن طَالَت بِك حَيَاة أَن تَرَى الْظَّعِيْنَة – (الْظَّعِيْنَة)ه ي المرأة التي تركب على الجمل في هودج ,عندما تُزف إلى زوجِها , فيقول لعدي بن حاتم – " يُوْشِك أَن تَرَى الْظَّعِيْنَة تَخْرُج مِن الْحِيِرَة إِلَى الْكَعْبَة لَا تَخَاف إِلَّا الْلَّه "، قال :هذه مسافة سفر والمرأة خرجت من مدينة الحيرة إلى الكعبة بدون محرم ، إذن هذا يدل على جواز السفر بدون محرم .
هَل الْنَّبِي ﷺ عِنَدَمّا قَال هَذَا الْكَلَام لِعَدِي بْن حَاتِم كَان يَقْصِد أَن يُثْبِت حُكْم سَفَر الْمَرْأَة بِلَا مَحْرَم؟ الجواب :إطلاقاً بل أراد أن يقول يوشك أن يعيش الناس الأمان لدرجةِ أن المرأة تخرج من الحيرة إلى الكعبة لا يلقاها لص ، ولذلك عدي بن حاتم قال : " فَقُلْت فِي نَفْسِي أَيْن دُعَّار طَيِّء الَّذِيْن سَعَّرُوا الْبِلَاد؟: (دُعَّار طَيِّء )أي هم قُطَّاع الطرق – فعدي ابن حاتم يتعجب في نفسه والنبي ﷺ يقول له:" يُوْشِك أَن تَرَى الْظَّعِيْنَة تَخْرُج مِن الْحِيِرَة إِلَى الْكَعْبَة لَا تَخَاف إِلَّا الْلَّه "، فسأل في نفسه فأين اللصوص إذن؟! الَّذِيْن سَعَّرُوا الْبِلَاد ونشروا فيها الفساد فالنبي ﷺ لم يكن بصدد أن يُثبت في هذا الحديث أن المرأة يجوز لها أن تسافر بلا محرم وإلا لو تبنينا هذا فهذا سيوقعنا في ورطات أخرى وهي (مثلا مثل:حديث كعب بن مالك في الصحيحين) لما تخلَّف عن غزوة تبوك في هذا الحديث لما رجع النبي ﷺ من تبوك ، ثم(جاء كعب بن مالك ومُرارة بن الربيع وهلال ابن أمية الواقفي) ، هؤلاء الثلاث وبعدما اعتذر المنافقون وقالوا : إن بيوتنا عورة وهذا الكلام وكل واحد اعتذر بعذر ، قالوا: يا رسول الله لم يكن لنا عذر ، فأمر المسلمين بمقاطعة هؤلاء الثلاثة ولا أحد يكلمهم .(هلال ابن أمية الواقفي) ربط نفسه في إحدى عمدان السرير وقال: أنا سابقى هكذا مربوطاً إلى أن يفكني النبي جرَّاء هذا الذنب.
(كعب بن مالك) كان أشَّب القوم ، كان يصلي فوق ظهر بيته ، كان يذهب إلى المسجد يجد النبي ﷺ ليس مغتبطاً منه وجميع الصحابة متنحين عنه, فكان يصلي على ظهر البيت خمسين ليلة .
إِشْكَال :فَهَل يُمْكِن لِأَحَد أَن يَقُوْل : أَن صَلَاة الْجَمَاعَة لَيْسَت بِوَاجِبَة بِدَلِيْل أَن كَعْب بْن مَالِك تَرْك صَلَاة الْجَمَاعَة وَصَلَّى عَلَى ظَهْر بَيْتِه خَمْسِيْن لَيْلَة ؟!
يعني ممكن أن يأتي من يقول أن هذا الحديث يصرف الأحاديث الكثيرة في وجوب صلاة الجماعة ؟ لا، لأن هذه حكاية لا يوجد فيها إثبات حكم .
فكذلك حديث عدي بن حاتم لم يتعرض أصلاً لحكم سفر المرأة بغير محرم لأننا عندنا أحاديث محكمة يقول فيها النبي ﷺ: " لَا يَحِل لِاِمْرَأَة تُؤْمِن بِالْلَّه وَالْيَوْم الْآَخِر أَن تُسَافِر إِلَا مَع ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا " هذا الكلام سيق ابتداءً لبيان حكم سفر المرأة بلا محرم فلا أستطيع أن أحتج بحديث عدي بن حاتم على أنه يحل للمرأة أن تسافر بلا محرم لأنه لم يكن مقصوداً للنبي ﷺ في هذا الحديث أن يبين حكم سفر المرأة ، إنما كان المقصود أن يبين الأمن الذي سيعُم البلاد كلها لدرجة أن المرأة التي تحتاج عادةً في السفر إلى محرم حتى تأمن على نفسها وعلى عرضها، هذه المرأة تخرج من الحيرة إلى الكعبة لا تخاف إلا الله إذن هذا هو المعنى الرئيس ، أما المعنى الثانوي الذي جعلوه رئيساً وأخذوا منه حكماً وعطلوا به حديث النبي ﷺ! " لَا يَحِل لِاِمْرَأَة تُؤْمِن بِالْلَّه وَالْيَوْم الْآَخِر أَن تُسَافِر إِلَا مَع ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا " هذا المعنى غير مقصود .إذن كما قال العلماء السياق من المقيدات هذه مسألة أردت أن أبينها أيضاً لأنها عملت إشكالا عند بعض الناس .نرجع إلى قصة المعوذتين ، قلتُ: إن الإمام البخاري رحمه الله رد على ابن مسعود بعدة أشياء .
مَا يَدُل عَلَي أَن الْبُخَارِي_ رَحِمَه الْلَّه_ لَم يَتَبَّن قَوْل ابْن مَسْعُوْد. الدليل الأول:أنه قال (بَاب سُوْرَة قُل أَعُوْذ بِرَب الْفَلَق) ،( بَاب سُوْرَة قُل أَعُوْذ بِرَب الْنَّاس) ، وكما قلت: روى هذا الحديث في كتاب التفسير مثلما قال: باب سورة البقرة ، باب سورة آل عمران ، قال : باب سورة قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس إذن هو يثبت أنها سورة من القرآن .
الدليل الثاني:الذي يدلك على أن البخاري لم يتبن قول ابن مسعود : أنه روى هذا الحديث في موضعين وراء بعضهم وهذه الفائدة أنا لم أذكرها الحلقة السابقة ، بسبب قصة الجريدة التي أساءت إلى النبي ﷺ ، والإنسان عندما يكون متعصباً يمكن أن تفوته بعض الفوائد .
سورة الفلق قبل سورة الناس ، فانظر فقط ماذا فعل البخاري لما روى الحديث في سورة الفلق وماذا زاد عندما روى الحديث في سورة الناس :
في سورة الفلق قال البخاري رحمه الله : حدثنا قُتيبة – وهو قُتيبة ابن سعيد – قال: حدثنا سُفيان – هو ابن عُيينة – عن عاصمٍ وعبدة ابن أبي لُبابة عن زِرٍ ابن حُبيشٍ ، قال:" سَأَلْت أَبَا الْمُنْذِر عَن الْمُعَوِّذَتَي ْن ، فَقَال: سَأَلْت رَسُوْل الْلَّه ﷺ عَنْهُمَا فَقَال : قِيَل لِي قُل فَقُلْت –"ملحوظة:،نلاحظ أنه لم يأت بسيرة ابن مسعود ولا اعتراض ابن مسعود إنما اختصر الحديث أو هكذا رواه قُتيبة فبدأ به قبل أن يذكر اعتراض ابن مسعود في الرواية الأخرى.
مِّمَّا يُدَلِّك عَلَى أَن الْبُخَارِي تَبْنِي قَوْل أُبَي بْن كَعْب وَلَا يَتَبَنْي قَوْل ابْن مَسْعُوْد :فالحديث في المرة الأولى من اعتراض ابن مسعود ، عندما روى الحديث مرة أخرى في باب سورة قل أعوذ برب الناس ، قال حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان ابن عيينة أيضا عن عبدةَ بن أبي لُبابة عن زِرٍ بن حُبيش ثم قال ( حاء) تحويل يعني ، وحدثنا عاصم – ابن عيينة يقول حدثنا عاصم – عن زر بن حبيش قال:" قُلْت ، يَا أَبَا الْمُنْذِر إِن أَخَاك ابْن مَسْعُوْد يَقُوْل كَذَا وَكَذَا ،"_ لم يرض يقول ما هذه الكذا والكذا استعظاماً لإنكار ابن مسعود .الإمام البخاري أنا ذكرت المرة السابقة هذا هو الشق الحديثي الذي إستشكله الناس لأنني قلت هكذا دون أن أقوم بعمل خريطة ، قلت : أن هذا الحديث رواه(أحمد والشافعي و الحُميدي وسعدان بن نصر )، كلهم قالوا:" عَن زِر بْن حُبَيْش قُلْت : يَا أَبَا الْمُنْذِر إِن أَخَاك يَحُكُّهُمَا مِن الْمُصْحَف،" حتى في رواية أحمد بن حنبل لم يأت سيرة ابن مسعود والتصرف هذا كله من سفيان ابن عيينة .
مَاذَا تَقُوْل رِوَايَة أَحْمَد بْن حَنْبَل؟: يقول حدثنا سفيان - قال :" يَا أَبَا الْمُنْذِر إِن أَخَاك يَحُكُّهُمَا "–لم يرض أن يقول أخاك من – فأحمد بن حنبل ماذا يقول :" قِيَل لِسُفْيَان ،ابْن مَسْعُوْد ؟قَال: فَلَم يُنْكِر ؟طالما لم يتكلم وهو في سياق السؤال إذن هذا إقرار طالما ابن عُيينة لم يكن يريد أن يسميه أيضاً – أي يسمي ابن مسعود –إن أخاك يحكهما فقالوا لسفيان : ابن مسعود؟ فلم ينكر ، أي لم يقل هو ابن مسعود .
إذن رواية( الشافعي وأحمد و الحُميدي) فيهما أن ابن مسعود كان يحك المعوذتين من المصحف ، البخاري لم يرض أن يأتي برواية واحد من هؤلاء ، إنما أتى برواية قُتيبة ابن سعيد وعلي ابن المديني –
يُرِيَنَا الْشَّيْخ عَلَى الْخَرِيْطَة الْمُوَضِّحَة الْقِصَّة :
نرى هنا كما هو مبين في الرسم : المتن كذا وكذا ، وفي الجانب الآخر يحكهما من المصحف، طبعا الحديث يرويه أُبِي بْن كَعْب وَيَرْوِيْه عَنْه زِرٍ ابْن حُبَيْش ثُم عَاصِم ابْن أَبِي الْنَّجُوْد وَعَبْدةَ ابْن أَبِي لُبَابَة وَيَرْوِيْه سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة إذن الإسناد متحد من عند سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة وأنت صاعد إلى أُبِي بْن كَعْب ، سُفْيَان عن عَاصِم وَعَبْدةَ عن زِرٍ عن أُبِي من تحت سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة علي بن ألمديني وعبد الجبار ابن العلاء - عبد الجبار ابن العلاء روايته هذه موجودة في مُستخرج الإسماعيلي ، عبد الجبار ابن العلاء وعلي ابن المديني كلاهما عن سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة عن عَاصِم وَعَبْدةَ عن زِرٍ ابْن حُبَيْش عن أُبِي بْن كَعْب أن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا : إذن علي ابن المديني أبهم مسألة حك المعوذتين وعبد الجبار ابن العلاء كذلك أبهم قصة حك المعوذتين ،( الذي صرح أن ابن مسعود كان يحك المعوذتين من المصحف : الشافعي ، أحمد بن حنبل، الحميدي) هؤلاء الثلاثة يروون الحديث عن سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة عن عاصم وعبدة عن زِرٍ ابْن حُبَيْش عن أُبِي بْن كَعْب أن ابن مسعود كان يحكهما من المصحف ، علي الناحية اليُمني
قُتيبة ابن سعيد وسعدان ابن نصر هؤلاء الاثنان لم يأتوا بسيرة حك ابن مسعود للمعوذتين .إذن أعود بعدما بينا هذا الكلام ماذا أقول ؟
أَقُوْل أَن الْبُخَارِي اخْتَار رِوَايَة عَلِي بْن الْمَدِيْنِي الَّتِي فِيْهَا إِبْهَام الْصُّوَرَة الْمَحْكُوكَة وَقَال كَذَا وَكَذَا وَلَم يَقُل يَحُكُّهُمَا مِن الْمُصْحَف :وأنا قلت لكم المرة السابقة أن أحمد بن حنبل والحميدي كلاهما من مشايخ البخاري ولو شاء البخاري أن يروي الحديث عنهما لروى لكنه إختار رواية علي بن المديني لإبهامها وإختار رواية قُتيبة ابن سعيد التي لم يذكر فيها أصلا اعتراض ابن مسعود ، هذه هي الصنعة الحديثية ، أي الصناعة الحديثية التي تخفى على مثل هذا الجاهل القابع تحت خط الفقر العلمي ، وجاء ليعترض على الإمام العلم الكبير المفرد الذي يستحق عن جدارة قول القائل:
إِذَا نَحْن أَثْنَيْنَا عَلَيْك بِصَالِحٍ
فَأَنْت كَمَا نُثْنِي وَفَوْق الَّذِي نُثْنِي
وَإِن جَرَت الْأَلْفَاظُ يَوْمَا بمِدحَةٍ
لِغَيْرِك إِنْسَانَاً فَأَنْت الَّذِي نَعْنِي
ألا وهو الإمام البخاري_ رحمة الله عليه_ .والإمام البخاري حقيقٌ أيضاً بقول القائل في مالك رحمه الله :
يَدْعُ الْجَوَاب فَلَا يُرَاجِع هَيْبَةً
وَالْسَّائِلُوْ ن نَوَاكِسُ الْأَذْقَانِ
عَزُّ الْوَقَارِ وَعَزُّ سُلْطَان
التُقَى فَهُو الْمَهِيبُ وَلَيْس ذَا سُلْطَانِ
ونحن نعتذر للبخاري عن اعتراض هؤلاء وعن اعتراض الجهلة الذين سبقوهم في القرون الماضية .هذا فيما يتعلق بالمعوذتين .
الْقِّصَة الْثَّانِيَة الَّتِي اعْتَرَض عَلَيْهَا وَلَيْسَت فِي صَحِيْح الْبُخَارِي إِنَّمَا انْفَرَد بِهَا مُسْلِم: قصة الصلاة الوسطى ، أنا ذكرت طرفاً منها ولم أذكر الطرف الآخر , يقول أن البخاري بيحرف كتاب الله لأنه أتانا بقرآن لا نعرفه وهو ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى( صلاة العصر) وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾
فَقَال أَن (صَلَاة الْعَصْر )هَذِه لَيْسَت مَوْجُوْدَة فِي الْقُرْآَن فَكَيْف يَأْتِي بِهَا الْبُخَارِي؟أول اً: البخاري لم يرو هذا الحديث ، كما قلت إنما هو من مفاريد مسلم، يرويه عن أبي يونس مولى عائشة عن عائشة رضي الله عنها أنها أمرته أن يكتب لها مصحفاً وقالت :" إذا أتيت إلى هذه الآية فآذني فلما وصل إلى الآية ، قال لها أنا وصلت إلى الآية التي في سورة النساء ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ قالت له اكتب ( وصلاة العصر) وفي رواية بدون الواو ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى( صلاة العصر) وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾كلمة ( صلاة العصر) كانت قرآناً يُتلى ثم نُسخت نسخ تلاوة مثلما قلت لكم المرة السابقة ، إن النسخ إما أن يكون نسخ حكم مع بقاء التلاوة أو نسخ تلاوة مع بقاء الحكم ، فهذه الآية مثالٌ لنسخ التلاوة مع بقاء الحكم والدليل على ذلك: هو الحديث الذي رواه مسلمٌ رحمه الله من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه البراء ابن عازب مثلما يروى مسلم في صحيحه من حديث أبي وائل شقيق ابن سلمة أن رجلاً راجع البراء في كلمة صلاة العصر هذه ، فقال كنا نقرأها زمان النبي ﷺ ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَ ىو( صلاة العصر) وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾
ثم نُسخت – هذا كلام البراء ابن عازب في صحيح مسلم فكأن الرجل يراجعه مرة أخرى قال: "قد قلت لك ". قلت لك : أي أنها نُسخت إذن عائشة عندما زودت ( وصلاة العصر) لأنها كانت قرآناً يُتلى ثم نُسخ تلاوته فكتبت هذا كما يقول العلماء كتابة تفسير في مصحفها الخاص وليس مصحف الإمام الذي كتبه عثمان ابن عفان وزعه على الأنصار وأمر بحرق جميع المصاحف بعد ذلك .إذن لا إشكال في هذا الحديث وإن البخاري رحمة الله عليه لم يأت بقرآن جديد كما يقول هذا الذي يقبع تحت خط الفقر العلمي واعترض على الإمام البخاري رحمة الله عليه .
وَمِمَّا اعْتَرَض الْمُعْتَرِض عَلَي الْبُخَارِي: قصة القردة لما رجمت القرد ، القصة أنا قلتها قبل ذلك ، لكن أنا سأقصها ثانية لأن هذا هو محل الإعتراض .
قال المعترض: أنا أرضي أن يكون البخاري كتاب تاريخ وليس كتاب سنة ، إذا كان كتاب تاريخ يقولوا : قرد ،رجم، هو حر هذا كتاب تاريخ ، لكن أنا لن أقبله ككتاب سنة !!
الْفِرَق بَيْن كِتَابَة الْتَّارِيْخ وَكِتَابَة الْسُّنَّة وَلِمَاذَا يُرِيْد أَن يَكُوْن الْبُخَارِي كِتَاب تَارِيْخ التاريخ :يؤخذ من أفواه الناس الجالسين على المصاطب والأرصفة إنما السنة لها قيود كتاب التاريخ بالضبط تشبه اليوم الجرائد ، حدثت حادثة في مكان معين ماذا يفعل الصحفي؟ يذهب إلى مكان الحادث يقابل كسير وعُوير وثالث ما فيه خير!!أو زعيط وعيط ونطاط الحيط !!مثلما نقول نحن، يقول ماذا حدث؟ فكل واحد يقول علي حسب رؤيته , فالصحفي يكتب كل ما يقوله الناس ، دون أن يعلم أن الرجل صادق أم كاذب , دقيق في النقل أم مجازف؟ كذََّاب يخترع ما يقول أم نقل الحقيقة ؟ (المؤرخون لا يبحثون إطلاقاً عن صدق القائل ، أهو عدلٌ ضابط أم مغفل أم كذاب ؟ المؤرخون لا يبحثون في هذا الباب إطلاقاً عن قانون الرواية لكن يروي الحدث كما هو)
تبرئة الْإِمَام ابْن جَرِيْر الْطَّبَرِي نَفْسِه مَن الرِّوَايَات الْبَاطِلَة الَّتِي ذَكَرَهَا فِي تَارِيْخ الْأُمَم وَالْمُلُوك:لأج ذلك الإمام الكبير شيخ المؤرخين ابن جرير الطبري في تاريخ الأمم والملوك كتاب التاريخ الخاص به ، قال في المقدمة كلاماً معناه – طبعاً لا أحفظ كلام الطبري بنصه – (ولعل ناظراً في كتابنا هذا يرى فيه ما يُستبشع – أي كلام فظيع لا يحكى – فليعلم أن هذا ليس من قِبلنا – أنا لست مسؤولا عنه إنما أدينا ما سمعناه .)
يريد الطبري أن يقول أنا بريء من الروايات الباطلة التي لا تُعقل ، وهذا الكلام ليس من عندي هذا الكلام مثلما سمعته كتبته وهذه هي سيرة المؤرخين ينقلون الحدث فقط إنما السنة هذه لها قصة أخرى علم الحديث كله مؤسسٌ على موسوعة حفظ السنة الراوي فيما يتعلق بأحاديث النبي ﷺ لا نقبل منه نقيراً ولا قِطميراً ولا نصف كلمة إلا إذا كان ضابطاً حافظاً ولو كان عدلاً صادقاً ، فالعلماء أمسكوا السنة ، نقحوها ونفوا عنها الكذب ونفوا عنها الخطأ وقدموها صافية إلى الأمة لماذا؟ لأن في آخرها قال رسول الله ﷺ والحجة بكلامه لازمة ومخالفته تساوي النار لأجل ذلك العلماء تحروا غاية التحري في نقل حديث النبي عليه الصلاة والسلام ولم يتحروا في نقل حكايات الناس ولا الأحداث الجارية في التاريخ ,أظن ذلك ظهر الفرق بين كتاب التاريخ وبين كتاب السنن أو كتاب الصحيح .
هذا الذي يقبع تحت خط الفقر العلمي وهو لا يستطيع القراءة مثلما قلت لكم ( يطوقونه ) وهي (يطوقونه) لا يعرف يقرأ وسيء الفهم كما حدث في قصة البقرة ، وأنا سأمر علي قصة البقرة سريعاً لأجل شيء نسيت أقوله أيضاً وفاتني أن أقوله ، هذا الإنسان يريد أن يجعل كتاب البخاري كتاب تاريخ لأجل من لا يعجبه يرميه!وما يعجبه يأخذه .
قصة القرود: هو يقول إذا كان كتاب تاريخ على العين والرأس لا يوجد عنده مشكلة يكتب فيه قرد يكتب فيه بقرة قصة البقرة بتتكلم أيام النبي هو حر لو كتاب تاريخ .
نأتي على قصة الذين رجموا القرده ، هذا الحديث يرويه الإمام البخاري في باب ذكر أيام الجاهلية ورواه مختصراً جداً إنما الإسماعيلي في مُستخرجه عن البخاري روى القصة بطولها من أكثر من طريق عن عيسى بن حِطان .البخاري قال: عن عمرو بن ميمون قال: "رأيت الرجم في الجاهلية أن القرود رجمت قردة ، "والبخاري رواه مختصراً هكذا ، وإنما الإسماعيلي رواه بطوله ماذا قال:" سُئِلَ عمر ابن ميمون حَدِّّثَنَا عن أعجب شيء رأيته في الجاهلية ، فقال: أرسلني أهلي إلى النخل "– لأن القردة كانوا يصعدون على النخلة يأكلون من البلح – فأهله أرسلوه لكي يحفظ النخل من القرود ، فهو جالس لكي يحفظ النخل من القرود وجد المنظر الآتي( قرد عجوز ويمد يده وقردة تنام على ذراع العجوز فجاء قرد شاب فبصبص لها )– أصل البصبصة: تحريك الذنب من ذوي الأربع ( فبصبص لها فانسلت بخفة من على ذراع القرد العجوز وذهبت مع هذا القرد – وعمر بن ميمون يقول : أنه زنا بها -جاءت القردة وبنفس الخفة وتضع رأسها على ذراع القرد العجوز فاستيقظ وشمها وصرخ قال: فاجتمعت القرود وقام قرد منهم كأنه يخطب ، وقال بعد قليل جاءوا بالقرد الذي فعل الفعلة بعينه أعرفه فحفروا له حفرة ورجموه بالحجارة حتى قتلوه ، فلقد رأيت الرجم في الجاهلية والإسلام .)هذه هي القصة ، السؤال هنا:
هَل رَأَى عَمْرُو بْن مَيْمُوْن هَذَا الْمَنْظَر أَم لَا إذا قلت لم ير هذا المنظر إذن أنت تكذبه تكذبه بأي دليل؟ تقول: الإسناد إليه لم يصح مع أن عمرو بن ميمون هذا مخضرِّم أدرك الجاهلية والإسلام ، فلا تستطيع أن تقول لم يقله عمرو بن ميمون ولم يري عمرو إلا إذا لم يثبت الإسناد إلى قصة عمرو ، لكن الإسناد ثابت إلى عمرو بن ميمون بإسنادين : إسناد عند الإسماعيلي وإسناد عند البخاري ، فجاء من وجهين مختلفين .إذن عمرو بن ميمون يقينا رأى هذا المنظر.
الْمُعْتَرِض يَقُوْل: كَيْف يَكُوْن الْرَّجَم فِي غَيْر الْمُكَلَّف؟ ابن عبد البر سبق إلى ذكر هذا الاعتراض، قال: ( إن هذا حديث منكر عند أهل العلم لأن فيه إسناد الرجم إلى غير المكلفين ،فإن صح ذلك فكأنها طائفة من الجن والجن مكلف )– يعني ابن عبد البر لم يقل منكر وسكت – وأنت تعرف أن الجن يتشكل .
الْحَافِظ ابْن حَجَر عِنْدَمَا رَد عَلَى ابْن عَبْد الْبَر:قال إن عبد البر لم يقف على رواية البخاري إنما وقف على رواية الإسماعيلي فقط، ورواية الإسماعلي فيها راو إسمه عيسى ابن حِطان ، وعيسى هذا لم يوثقه إلا ابن حبان والعجلي وتوثيقهما لين ، فنظر ابن عبد البر إلى هذا الإسناد وحده ورأى إن قصة الرجم في غير المكلفين فأنكرها ، وأنا لا أعلم أحداً سبق ابن عبد البر إلى هذا الإنكار ، لكن ابن عبد البر لما رأى الرجم في غير المكلفين قال أن هذا الكلام غير مقنع لكن على طريقة أهل العلم يقول :ولو صح ذلك – إذن إحتاط لنفسه لأن ابن عبد البر لا يدَّعي ولا يمكن لأحدٍ أن يدَّعي في كل الدنيا أنه يحفظ كل الأسانيد وكل الأحاديث، فيحتاط لنفسه ويقول : ولو صح ذلك ، أي لإحتمال أن يكون هناك إسناد أنا لا أعرفه يصح به الحديث فتأويله أن هؤلاء جماعة من الجن ، هذا كلام ابن عبد البر .
أَمَّا بَعــــــد.
فَإِن أَصْدَق الْحَدِيْث كِتَاب الْلَّه تَعَالَي وَأَحْسَن الْهَدْي هَدْي مُحَمَّدٍ صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم ، وَشَّر الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعِه وَكِل بِدْعَةٍ ضَلَالَة وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي الْنَّار ، الْلَّهُم صَلّى عَلَى مُحَمّدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد ، وَبَارِك عَلَى مُحَمدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد
عَلَي نَفْسِهَا جَنَت بَرَاقِش الْجُزْء الْثَّانِي لِلْشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق الْحُوَيْنِي :فهذه هي الحلقة الثانية للرد على رجل مغمورٍ يقبعُ تحت خط الفقر العلمي في معرفة سنة النبي ﷺ ومعرفة كتبها الأصلية وعلى رأسها صحيح الإمام البخاري_ رحمه الله تعالى_ وكنتُ عنونت في المرة الماضية لهذا الرد بعنوان طويل:
وَهُو الِاعْتِرَاض عَلَى الْبُخَارِي نَفِقٌ مُظْلِم مِن دَخَلَه بِغَيْر مِصْبَاح اِرْتَطَم وَجْهُه بِالْحَائِط هكذا قلت واعتذرت عن طول العنوان على أساس أن العناوين تُصان عن الإسهاب وفضلّتُ أن أضع عنواناً آخر قصيراً وهو مثلٌ مشهورٌ قلت قصته في الحلقة الماضية ألا وهو – أعني العنوان –( عَلَى نَفْسِهَا جَنَت بَرَاقِش)
تَفْسِيْر عُنْوَان الْحَلَقَة: حديث مشهور ولكن لا يصح عن النبي ﷺ مع شهرته الواسعة والتي طبَّقت الآفاق تقريبا الا وهو" من حسنِ إسلامِ المرءِ تركُهُ ما لا يعنيه " هذا كثير من الناس يظنه حديثاً صحيحاً ولكن الصحيح فيه الإرسال وليس الإتصال .
مِن اعُتِرَاضَات الْمُعْتَرِض عَلَي صَحِيْح الْبُخَارِي:كما قلت في المرة الماضية أحد المحامين اعترض على صحيح البخاري بإعتراضات وهو واضح أنه رجل قرآني هكذا يسمي نفسه والقرآن من هؤلاء براء ، هم الذين يُنكرون حُجية السنة ويزعُمُ أن صحيح البخاري فيه مئات الأحاديث الشاذة ، قال أن العلماء قالوا مائة حديث شاذ،لكنه يقول: ليس مائة فقط بل مئات الأحاديث الشاذة في صحيح البخاري !
إِنْكَار الْشَّيْخ لِمَقُولَة الْمُعْتَرِض بِأَن مَن الْعُلَمَاء مَن قَال بِصَحِيْح الْبُخَارِي مِائَة حَدِيْث شَاذ: طبعاً لم يقل أحدٌ من العلماء قط ولا ينبغي أن يتورط في هذا عالم ،أن في صحيح البخاري مائة حديث شاذ، أبداً ما قال هذا أحد قط ونحن نرفع عقيرتنا بالتحدي أن يأتي بإسم عالمٍ واحدٍ قال أن البخاري فيه مائة حديث شاذ .
القصة التي دندن بها وأطال فيها الكلام وأنا عالجتُها في هذه المواضيع ، لكن الشِق ألحديثي من معالجتي لم يهضمهُ كثيرٌ من الناس ولذلك طالبوا أن أعيد الكلام مرةً أُخرى عليه حتى يستوعبوا لأنني قلت أن للبخاري شُفُوف نظر لا يكاد يُدرِكه إلا رجلٌ مدمن النظر في صحيح البخاري ، فقمتُ بعمل لوحة ( خريطة ) بحيث أوضح الشق ألحديثي الذي لا يستطيع هذا المعترض ولا مائةٌ مثله أن يصل إلى فهم مراد البخاري إلا إذا جثا بركبتيه السنين الطِوال وتعلَّمَ تحت أقدام أهل العلم .
ذَكَر الْشَّيْخ _ حَفِظَه الْلَّه_ طَرْفَا مِن كَلَام الْمُعْتَرِض عَلَي صَحِيْح الْبُخَارِي:بال سبة للقصة ، وأنا سأعيد طرفاً منها لأني على اللوحة سوف أشرحها لتكون واضحة جداً لمن يتابعني هذه المرة ,هو يقول أن البخاري أودع في صحيحه حديثاً يُنكر أن المعوذتين من كتاب الله ويقول أن البخاري بهذا يهدمُ كتاب الله ، وأنا لا يمكن أحافظ على السنة وأهدم القرآن ! بل الصحيح أحفظ القرآن , وإذا كانت السنة تُعارِض القرآن, فالقرآن مُقدَّم , وهذه كلمة حق أُريد بها باطل ,لأنَّهُ لا يوجَد حديثٌ صحيحٌ يُعارِض آية إطلاقاً ، في كتاب الله ، ولا يمكن أن يجد المرء حديثاً صحيحاً يُعارض حديثاً آخر صحيحاً ، بل لابد أن يكون بينهما توافقٌ بأي وجه من وجوه الجمع المعروفة عند علماء أصول الفقه .
هَل فِعْلَا فِي صَحِيْح الْبُخَارِي حَدِيْث فِيْه أَن الْمُعَوِّذَتَي ْن لَيْسَتَا مِن كِتَاب الْلَّه وَأَن الْبُخَارِي أَوْرَد هَذَا الْحَدِيْث لِيُنْكِر أَن الْمُعَوِّذَتَي ْن مِن كِتَاب الْلَّه ؟ الجواب : أن هذا كذب على البخاري. وَذَكَرْت الْأَدِلَّة: أن البخاري يثبت بما أورده في صحيحه أن المعوذتين من كتاب الله ويرد على ابن مسعود ، هو يرد على ابن مسعود، بأدلة لكن ، قبل أن أدخل في هذه الأدلة أريد أن أُسس شيئاً آخر أنا ذكرتُه في الحلقة السابقة لكن بعض الناس لم يهضمه ,قلتُ أن السِّياق أحياناً يأتي بمعنى المراد ،ويأتي بمعنى ثانوي ، ومقصود المؤلف هو المعنى المراد وليس الثانوي ، مثلما ذكرت الأحاديث الماضية ذكرت حوالي ثلاث، أربع أحاديث منها : حديث عُبيد بن عُمير عندما قال : بلغ عائشة رضي الله عنها أن عبد الله بن عمرو بن العاص يقول لنسائه إذا إغتسلن من الجنابة أن يصل الماء إلى أصول الشعر
فقالت:" يَا عَجَبا لِابْن عُمَر هَذَا ، أَفَلَا يَأْمُرُهُن أَن يَحْلِقْن رُؤُوْسَهُن " إلى آخر الحديث الذي ذكرته في المرة الماضية ، وقلت مُراد مسلم من هذا الحديث هو تبني قول عائشة وليس تبني قول عبد الله بن عمرو بن العاص، لأن عبد الله بن عمرو مذهبه أن يصل الماء إلى أصول شعر المرأة في غُسل الجنابة إنما عائشة ضد هذا، مسلم أراد قول عبد الله بن عمرو بن العاص أم قول عائشة؟ أراد قول عائشة، إذن المعنى المؤسس أي المعنى الرئيسي الذي أراد مسلم هو قول عائشة وليس قول عبد الله بن عمرو بن العاص إنما جاء قول عبد الله بن عمرو بن العاص_ رضي الله عنهما_ في السياق وليس مراداً به الإحتجاج ، الذي يغفل هذا المعنى يقع في ورطة فقهية .
مَاحُجَّة مِن أَبَاح لِلْمَرْأَة الْسَّفَر بِلَا مَحَرَّم؟مثلما أفتى بعض الناس لبعض النساء الجواز بالسفر بلا محرم ، وما حجته ؟ في حديث في صحيح البخاري من حديث عدي بن حاتم أن النبي ﷺ قال له: " يَا عَدِي هَل سَمِعْت بِالْحَيْرَة ؟- إسم مكان مدينة– قَال: نُبِّئْت عَنْهَا وَلَم أَرَهَا ، قَال: يُوْشِك إِن طَالَت بِك حَيَاة أَن تَرَى الْظَّعِيْنَة – (الْظَّعِيْنَة)ه ي المرأة التي تركب على الجمل في هودج ,عندما تُزف إلى زوجِها , فيقول لعدي بن حاتم – " يُوْشِك أَن تَرَى الْظَّعِيْنَة تَخْرُج مِن الْحِيِرَة إِلَى الْكَعْبَة لَا تَخَاف إِلَّا الْلَّه "، قال :هذه مسافة سفر والمرأة خرجت من مدينة الحيرة إلى الكعبة بدون محرم ، إذن هذا يدل على جواز السفر بدون محرم .
هَل الْنَّبِي ﷺ عِنَدَمّا قَال هَذَا الْكَلَام لِعَدِي بْن حَاتِم كَان يَقْصِد أَن يُثْبِت حُكْم سَفَر الْمَرْأَة بِلَا مَحْرَم؟ الجواب :إطلاقاً بل أراد أن يقول يوشك أن يعيش الناس الأمان لدرجةِ أن المرأة تخرج من الحيرة إلى الكعبة لا يلقاها لص ، ولذلك عدي بن حاتم قال : " فَقُلْت فِي نَفْسِي أَيْن دُعَّار طَيِّء الَّذِيْن سَعَّرُوا الْبِلَاد؟: (دُعَّار طَيِّء )أي هم قُطَّاع الطرق – فعدي ابن حاتم يتعجب في نفسه والنبي ﷺ يقول له:" يُوْشِك أَن تَرَى الْظَّعِيْنَة تَخْرُج مِن الْحِيِرَة إِلَى الْكَعْبَة لَا تَخَاف إِلَّا الْلَّه "، فسأل في نفسه فأين اللصوص إذن؟! الَّذِيْن سَعَّرُوا الْبِلَاد ونشروا فيها الفساد فالنبي ﷺ لم يكن بصدد أن يُثبت في هذا الحديث أن المرأة يجوز لها أن تسافر بلا محرم وإلا لو تبنينا هذا فهذا سيوقعنا في ورطات أخرى وهي (مثلا مثل:حديث كعب بن مالك في الصحيحين) لما تخلَّف عن غزوة تبوك في هذا الحديث لما رجع النبي ﷺ من تبوك ، ثم(جاء كعب بن مالك ومُرارة بن الربيع وهلال ابن أمية الواقفي) ، هؤلاء الثلاث وبعدما اعتذر المنافقون وقالوا : إن بيوتنا عورة وهذا الكلام وكل واحد اعتذر بعذر ، قالوا: يا رسول الله لم يكن لنا عذر ، فأمر المسلمين بمقاطعة هؤلاء الثلاثة ولا أحد يكلمهم .(هلال ابن أمية الواقفي) ربط نفسه في إحدى عمدان السرير وقال: أنا سابقى هكذا مربوطاً إلى أن يفكني النبي جرَّاء هذا الذنب.
(كعب بن مالك) كان أشَّب القوم ، كان يصلي فوق ظهر بيته ، كان يذهب إلى المسجد يجد النبي ﷺ ليس مغتبطاً منه وجميع الصحابة متنحين عنه, فكان يصلي على ظهر البيت خمسين ليلة .
إِشْكَال :فَهَل يُمْكِن لِأَحَد أَن يَقُوْل : أَن صَلَاة الْجَمَاعَة لَيْسَت بِوَاجِبَة بِدَلِيْل أَن كَعْب بْن مَالِك تَرْك صَلَاة الْجَمَاعَة وَصَلَّى عَلَى ظَهْر بَيْتِه خَمْسِيْن لَيْلَة ؟!
يعني ممكن أن يأتي من يقول أن هذا الحديث يصرف الأحاديث الكثيرة في وجوب صلاة الجماعة ؟ لا، لأن هذه حكاية لا يوجد فيها إثبات حكم .
فكذلك حديث عدي بن حاتم لم يتعرض أصلاً لحكم سفر المرأة بغير محرم لأننا عندنا أحاديث محكمة يقول فيها النبي ﷺ: " لَا يَحِل لِاِمْرَأَة تُؤْمِن بِالْلَّه وَالْيَوْم الْآَخِر أَن تُسَافِر إِلَا مَع ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا " هذا الكلام سيق ابتداءً لبيان حكم سفر المرأة بلا محرم فلا أستطيع أن أحتج بحديث عدي بن حاتم على أنه يحل للمرأة أن تسافر بلا محرم لأنه لم يكن مقصوداً للنبي ﷺ في هذا الحديث أن يبين حكم سفر المرأة ، إنما كان المقصود أن يبين الأمن الذي سيعُم البلاد كلها لدرجة أن المرأة التي تحتاج عادةً في السفر إلى محرم حتى تأمن على نفسها وعلى عرضها، هذه المرأة تخرج من الحيرة إلى الكعبة لا تخاف إلا الله إذن هذا هو المعنى الرئيس ، أما المعنى الثانوي الذي جعلوه رئيساً وأخذوا منه حكماً وعطلوا به حديث النبي ﷺ! " لَا يَحِل لِاِمْرَأَة تُؤْمِن بِالْلَّه وَالْيَوْم الْآَخِر أَن تُسَافِر إِلَا مَع ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا " هذا المعنى غير مقصود .إذن كما قال العلماء السياق من المقيدات هذه مسألة أردت أن أبينها أيضاً لأنها عملت إشكالا عند بعض الناس .نرجع إلى قصة المعوذتين ، قلتُ: إن الإمام البخاري رحمه الله رد على ابن مسعود بعدة أشياء .
مَا يَدُل عَلَي أَن الْبُخَارِي_ رَحِمَه الْلَّه_ لَم يَتَبَّن قَوْل ابْن مَسْعُوْد. الدليل الأول:أنه قال (بَاب سُوْرَة قُل أَعُوْذ بِرَب الْفَلَق) ،( بَاب سُوْرَة قُل أَعُوْذ بِرَب الْنَّاس) ، وكما قلت: روى هذا الحديث في كتاب التفسير مثلما قال: باب سورة البقرة ، باب سورة آل عمران ، قال : باب سورة قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس إذن هو يثبت أنها سورة من القرآن .
الدليل الثاني:الذي يدلك على أن البخاري لم يتبن قول ابن مسعود : أنه روى هذا الحديث في موضعين وراء بعضهم وهذه الفائدة أنا لم أذكرها الحلقة السابقة ، بسبب قصة الجريدة التي أساءت إلى النبي ﷺ ، والإنسان عندما يكون متعصباً يمكن أن تفوته بعض الفوائد .
سورة الفلق قبل سورة الناس ، فانظر فقط ماذا فعل البخاري لما روى الحديث في سورة الفلق وماذا زاد عندما روى الحديث في سورة الناس :
في سورة الفلق قال البخاري رحمه الله : حدثنا قُتيبة – وهو قُتيبة ابن سعيد – قال: حدثنا سُفيان – هو ابن عُيينة – عن عاصمٍ وعبدة ابن أبي لُبابة عن زِرٍ ابن حُبيشٍ ، قال:" سَأَلْت أَبَا الْمُنْذِر عَن الْمُعَوِّذَتَي ْن ، فَقَال: سَأَلْت رَسُوْل الْلَّه ﷺ عَنْهُمَا فَقَال : قِيَل لِي قُل فَقُلْت –"ملحوظة:،نلاحظ أنه لم يأت بسيرة ابن مسعود ولا اعتراض ابن مسعود إنما اختصر الحديث أو هكذا رواه قُتيبة فبدأ به قبل أن يذكر اعتراض ابن مسعود في الرواية الأخرى.
مِّمَّا يُدَلِّك عَلَى أَن الْبُخَارِي تَبْنِي قَوْل أُبَي بْن كَعْب وَلَا يَتَبَنْي قَوْل ابْن مَسْعُوْد :فالحديث في المرة الأولى من اعتراض ابن مسعود ، عندما روى الحديث مرة أخرى في باب سورة قل أعوذ برب الناس ، قال حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان ابن عيينة أيضا عن عبدةَ بن أبي لُبابة عن زِرٍ بن حُبيش ثم قال ( حاء) تحويل يعني ، وحدثنا عاصم – ابن عيينة يقول حدثنا عاصم – عن زر بن حبيش قال:" قُلْت ، يَا أَبَا الْمُنْذِر إِن أَخَاك ابْن مَسْعُوْد يَقُوْل كَذَا وَكَذَا ،"_ لم يرض يقول ما هذه الكذا والكذا استعظاماً لإنكار ابن مسعود .الإمام البخاري أنا ذكرت المرة السابقة هذا هو الشق الحديثي الذي إستشكله الناس لأنني قلت هكذا دون أن أقوم بعمل خريطة ، قلت : أن هذا الحديث رواه(أحمد والشافعي و الحُميدي وسعدان بن نصر )، كلهم قالوا:" عَن زِر بْن حُبَيْش قُلْت : يَا أَبَا الْمُنْذِر إِن أَخَاك يَحُكُّهُمَا مِن الْمُصْحَف،" حتى في رواية أحمد بن حنبل لم يأت سيرة ابن مسعود والتصرف هذا كله من سفيان ابن عيينة .
مَاذَا تَقُوْل رِوَايَة أَحْمَد بْن حَنْبَل؟: يقول حدثنا سفيان - قال :" يَا أَبَا الْمُنْذِر إِن أَخَاك يَحُكُّهُمَا "–لم يرض أن يقول أخاك من – فأحمد بن حنبل ماذا يقول :" قِيَل لِسُفْيَان ،ابْن مَسْعُوْد ؟قَال: فَلَم يُنْكِر ؟طالما لم يتكلم وهو في سياق السؤال إذن هذا إقرار طالما ابن عُيينة لم يكن يريد أن يسميه أيضاً – أي يسمي ابن مسعود –إن أخاك يحكهما فقالوا لسفيان : ابن مسعود؟ فلم ينكر ، أي لم يقل هو ابن مسعود .
إذن رواية( الشافعي وأحمد و الحُميدي) فيهما أن ابن مسعود كان يحك المعوذتين من المصحف ، البخاري لم يرض أن يأتي برواية واحد من هؤلاء ، إنما أتى برواية قُتيبة ابن سعيد وعلي ابن المديني –
يُرِيَنَا الْشَّيْخ عَلَى الْخَرِيْطَة الْمُوَضِّحَة الْقِصَّة :
نرى هنا كما هو مبين في الرسم : المتن كذا وكذا ، وفي الجانب الآخر يحكهما من المصحف، طبعا الحديث يرويه أُبِي بْن كَعْب وَيَرْوِيْه عَنْه زِرٍ ابْن حُبَيْش ثُم عَاصِم ابْن أَبِي الْنَّجُوْد وَعَبْدةَ ابْن أَبِي لُبَابَة وَيَرْوِيْه سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة إذن الإسناد متحد من عند سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة وأنت صاعد إلى أُبِي بْن كَعْب ، سُفْيَان عن عَاصِم وَعَبْدةَ عن زِرٍ عن أُبِي من تحت سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة علي بن ألمديني وعبد الجبار ابن العلاء - عبد الجبار ابن العلاء روايته هذه موجودة في مُستخرج الإسماعيلي ، عبد الجبار ابن العلاء وعلي ابن المديني كلاهما عن سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة عن عَاصِم وَعَبْدةَ عن زِرٍ ابْن حُبَيْش عن أُبِي بْن كَعْب أن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا : إذن علي ابن المديني أبهم مسألة حك المعوذتين وعبد الجبار ابن العلاء كذلك أبهم قصة حك المعوذتين ،( الذي صرح أن ابن مسعود كان يحك المعوذتين من المصحف : الشافعي ، أحمد بن حنبل، الحميدي) هؤلاء الثلاثة يروون الحديث عن سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة عن عاصم وعبدة عن زِرٍ ابْن حُبَيْش عن أُبِي بْن كَعْب أن ابن مسعود كان يحكهما من المصحف ، علي الناحية اليُمني
قُتيبة ابن سعيد وسعدان ابن نصر هؤلاء الاثنان لم يأتوا بسيرة حك ابن مسعود للمعوذتين .إذن أعود بعدما بينا هذا الكلام ماذا أقول ؟
أَقُوْل أَن الْبُخَارِي اخْتَار رِوَايَة عَلِي بْن الْمَدِيْنِي الَّتِي فِيْهَا إِبْهَام الْصُّوَرَة الْمَحْكُوكَة وَقَال كَذَا وَكَذَا وَلَم يَقُل يَحُكُّهُمَا مِن الْمُصْحَف :وأنا قلت لكم المرة السابقة أن أحمد بن حنبل والحميدي كلاهما من مشايخ البخاري ولو شاء البخاري أن يروي الحديث عنهما لروى لكنه إختار رواية علي بن المديني لإبهامها وإختار رواية قُتيبة ابن سعيد التي لم يذكر فيها أصلا اعتراض ابن مسعود ، هذه هي الصنعة الحديثية ، أي الصناعة الحديثية التي تخفى على مثل هذا الجاهل القابع تحت خط الفقر العلمي ، وجاء ليعترض على الإمام العلم الكبير المفرد الذي يستحق عن جدارة قول القائل:
إِذَا نَحْن أَثْنَيْنَا عَلَيْك بِصَالِحٍ
فَأَنْت كَمَا نُثْنِي وَفَوْق الَّذِي نُثْنِي
وَإِن جَرَت الْأَلْفَاظُ يَوْمَا بمِدحَةٍ
لِغَيْرِك إِنْسَانَاً فَأَنْت الَّذِي نَعْنِي
ألا وهو الإمام البخاري_ رحمة الله عليه_ .والإمام البخاري حقيقٌ أيضاً بقول القائل في مالك رحمه الله :
يَدْعُ الْجَوَاب فَلَا يُرَاجِع هَيْبَةً
وَالْسَّائِلُوْ ن نَوَاكِسُ الْأَذْقَانِ
عَزُّ الْوَقَارِ وَعَزُّ سُلْطَان
التُقَى فَهُو الْمَهِيبُ وَلَيْس ذَا سُلْطَانِ
ونحن نعتذر للبخاري عن اعتراض هؤلاء وعن اعتراض الجهلة الذين سبقوهم في القرون الماضية .هذا فيما يتعلق بالمعوذتين .
الْقِّصَة الْثَّانِيَة الَّتِي اعْتَرَض عَلَيْهَا وَلَيْسَت فِي صَحِيْح الْبُخَارِي إِنَّمَا انْفَرَد بِهَا مُسْلِم: قصة الصلاة الوسطى ، أنا ذكرت طرفاً منها ولم أذكر الطرف الآخر , يقول أن البخاري بيحرف كتاب الله لأنه أتانا بقرآن لا نعرفه وهو ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى( صلاة العصر) وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾
فَقَال أَن (صَلَاة الْعَصْر )هَذِه لَيْسَت مَوْجُوْدَة فِي الْقُرْآَن فَكَيْف يَأْتِي بِهَا الْبُخَارِي؟أول اً: البخاري لم يرو هذا الحديث ، كما قلت إنما هو من مفاريد مسلم، يرويه عن أبي يونس مولى عائشة عن عائشة رضي الله عنها أنها أمرته أن يكتب لها مصحفاً وقالت :" إذا أتيت إلى هذه الآية فآذني فلما وصل إلى الآية ، قال لها أنا وصلت إلى الآية التي في سورة النساء ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ قالت له اكتب ( وصلاة العصر) وفي رواية بدون الواو ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى( صلاة العصر) وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾كلمة ( صلاة العصر) كانت قرآناً يُتلى ثم نُسخت نسخ تلاوة مثلما قلت لكم المرة السابقة ، إن النسخ إما أن يكون نسخ حكم مع بقاء التلاوة أو نسخ تلاوة مع بقاء الحكم ، فهذه الآية مثالٌ لنسخ التلاوة مع بقاء الحكم والدليل على ذلك: هو الحديث الذي رواه مسلمٌ رحمه الله من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه البراء ابن عازب مثلما يروى مسلم في صحيحه من حديث أبي وائل شقيق ابن سلمة أن رجلاً راجع البراء في كلمة صلاة العصر هذه ، فقال كنا نقرأها زمان النبي ﷺ ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَ ىو( صلاة العصر) وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾
ثم نُسخت – هذا كلام البراء ابن عازب في صحيح مسلم فكأن الرجل يراجعه مرة أخرى قال: "قد قلت لك ". قلت لك : أي أنها نُسخت إذن عائشة عندما زودت ( وصلاة العصر) لأنها كانت قرآناً يُتلى ثم نُسخ تلاوته فكتبت هذا كما يقول العلماء كتابة تفسير في مصحفها الخاص وليس مصحف الإمام الذي كتبه عثمان ابن عفان وزعه على الأنصار وأمر بحرق جميع المصاحف بعد ذلك .إذن لا إشكال في هذا الحديث وإن البخاري رحمة الله عليه لم يأت بقرآن جديد كما يقول هذا الذي يقبع تحت خط الفقر العلمي واعترض على الإمام البخاري رحمة الله عليه .
وَمِمَّا اعْتَرَض الْمُعْتَرِض عَلَي الْبُخَارِي: قصة القردة لما رجمت القرد ، القصة أنا قلتها قبل ذلك ، لكن أنا سأقصها ثانية لأن هذا هو محل الإعتراض .
قال المعترض: أنا أرضي أن يكون البخاري كتاب تاريخ وليس كتاب سنة ، إذا كان كتاب تاريخ يقولوا : قرد ،رجم، هو حر هذا كتاب تاريخ ، لكن أنا لن أقبله ككتاب سنة !!
الْفِرَق بَيْن كِتَابَة الْتَّارِيْخ وَكِتَابَة الْسُّنَّة وَلِمَاذَا يُرِيْد أَن يَكُوْن الْبُخَارِي كِتَاب تَارِيْخ التاريخ :يؤخذ من أفواه الناس الجالسين على المصاطب والأرصفة إنما السنة لها قيود كتاب التاريخ بالضبط تشبه اليوم الجرائد ، حدثت حادثة في مكان معين ماذا يفعل الصحفي؟ يذهب إلى مكان الحادث يقابل كسير وعُوير وثالث ما فيه خير!!أو زعيط وعيط ونطاط الحيط !!مثلما نقول نحن، يقول ماذا حدث؟ فكل واحد يقول علي حسب رؤيته , فالصحفي يكتب كل ما يقوله الناس ، دون أن يعلم أن الرجل صادق أم كاذب , دقيق في النقل أم مجازف؟ كذََّاب يخترع ما يقول أم نقل الحقيقة ؟ (المؤرخون لا يبحثون إطلاقاً عن صدق القائل ، أهو عدلٌ ضابط أم مغفل أم كذاب ؟ المؤرخون لا يبحثون في هذا الباب إطلاقاً عن قانون الرواية لكن يروي الحدث كما هو)
تبرئة الْإِمَام ابْن جَرِيْر الْطَّبَرِي نَفْسِه مَن الرِّوَايَات الْبَاطِلَة الَّتِي ذَكَرَهَا فِي تَارِيْخ الْأُمَم وَالْمُلُوك:لأج ذلك الإمام الكبير شيخ المؤرخين ابن جرير الطبري في تاريخ الأمم والملوك كتاب التاريخ الخاص به ، قال في المقدمة كلاماً معناه – طبعاً لا أحفظ كلام الطبري بنصه – (ولعل ناظراً في كتابنا هذا يرى فيه ما يُستبشع – أي كلام فظيع لا يحكى – فليعلم أن هذا ليس من قِبلنا – أنا لست مسؤولا عنه إنما أدينا ما سمعناه .)
يريد الطبري أن يقول أنا بريء من الروايات الباطلة التي لا تُعقل ، وهذا الكلام ليس من عندي هذا الكلام مثلما سمعته كتبته وهذه هي سيرة المؤرخين ينقلون الحدث فقط إنما السنة هذه لها قصة أخرى علم الحديث كله مؤسسٌ على موسوعة حفظ السنة الراوي فيما يتعلق بأحاديث النبي ﷺ لا نقبل منه نقيراً ولا قِطميراً ولا نصف كلمة إلا إذا كان ضابطاً حافظاً ولو كان عدلاً صادقاً ، فالعلماء أمسكوا السنة ، نقحوها ونفوا عنها الكذب ونفوا عنها الخطأ وقدموها صافية إلى الأمة لماذا؟ لأن في آخرها قال رسول الله ﷺ والحجة بكلامه لازمة ومخالفته تساوي النار لأجل ذلك العلماء تحروا غاية التحري في نقل حديث النبي عليه الصلاة والسلام ولم يتحروا في نقل حكايات الناس ولا الأحداث الجارية في التاريخ ,أظن ذلك ظهر الفرق بين كتاب التاريخ وبين كتاب السنن أو كتاب الصحيح .
هذا الذي يقبع تحت خط الفقر العلمي وهو لا يستطيع القراءة مثلما قلت لكم ( يطوقونه ) وهي (يطوقونه) لا يعرف يقرأ وسيء الفهم كما حدث في قصة البقرة ، وأنا سأمر علي قصة البقرة سريعاً لأجل شيء نسيت أقوله أيضاً وفاتني أن أقوله ، هذا الإنسان يريد أن يجعل كتاب البخاري كتاب تاريخ لأجل من لا يعجبه يرميه!وما يعجبه يأخذه .
قصة القرود: هو يقول إذا كان كتاب تاريخ على العين والرأس لا يوجد عنده مشكلة يكتب فيه قرد يكتب فيه بقرة قصة البقرة بتتكلم أيام النبي هو حر لو كتاب تاريخ .
نأتي على قصة الذين رجموا القرده ، هذا الحديث يرويه الإمام البخاري في باب ذكر أيام الجاهلية ورواه مختصراً جداً إنما الإسماعيلي في مُستخرجه عن البخاري روى القصة بطولها من أكثر من طريق عن عيسى بن حِطان .البخاري قال: عن عمرو بن ميمون قال: "رأيت الرجم في الجاهلية أن القرود رجمت قردة ، "والبخاري رواه مختصراً هكذا ، وإنما الإسماعيلي رواه بطوله ماذا قال:" سُئِلَ عمر ابن ميمون حَدِّّثَنَا عن أعجب شيء رأيته في الجاهلية ، فقال: أرسلني أهلي إلى النخل "– لأن القردة كانوا يصعدون على النخلة يأكلون من البلح – فأهله أرسلوه لكي يحفظ النخل من القرود ، فهو جالس لكي يحفظ النخل من القرود وجد المنظر الآتي( قرد عجوز ويمد يده وقردة تنام على ذراع العجوز فجاء قرد شاب فبصبص لها )– أصل البصبصة: تحريك الذنب من ذوي الأربع ( فبصبص لها فانسلت بخفة من على ذراع القرد العجوز وذهبت مع هذا القرد – وعمر بن ميمون يقول : أنه زنا بها -جاءت القردة وبنفس الخفة وتضع رأسها على ذراع القرد العجوز فاستيقظ وشمها وصرخ قال: فاجتمعت القرود وقام قرد منهم كأنه يخطب ، وقال بعد قليل جاءوا بالقرد الذي فعل الفعلة بعينه أعرفه فحفروا له حفرة ورجموه بالحجارة حتى قتلوه ، فلقد رأيت الرجم في الجاهلية والإسلام .)هذه هي القصة ، السؤال هنا:
هَل رَأَى عَمْرُو بْن مَيْمُوْن هَذَا الْمَنْظَر أَم لَا إذا قلت لم ير هذا المنظر إذن أنت تكذبه تكذبه بأي دليل؟ تقول: الإسناد إليه لم يصح مع أن عمرو بن ميمون هذا مخضرِّم أدرك الجاهلية والإسلام ، فلا تستطيع أن تقول لم يقله عمرو بن ميمون ولم يري عمرو إلا إذا لم يثبت الإسناد إلى قصة عمرو ، لكن الإسناد ثابت إلى عمرو بن ميمون بإسنادين : إسناد عند الإسماعيلي وإسناد عند البخاري ، فجاء من وجهين مختلفين .إذن عمرو بن ميمون يقينا رأى هذا المنظر.
الْمُعْتَرِض يَقُوْل: كَيْف يَكُوْن الْرَّجَم فِي غَيْر الْمُكَلَّف؟ ابن عبد البر سبق إلى ذكر هذا الاعتراض، قال: ( إن هذا حديث منكر عند أهل العلم لأن فيه إسناد الرجم إلى غير المكلفين ،فإن صح ذلك فكأنها طائفة من الجن والجن مكلف )– يعني ابن عبد البر لم يقل منكر وسكت – وأنت تعرف أن الجن يتشكل .
الْحَافِظ ابْن حَجَر عِنْدَمَا رَد عَلَى ابْن عَبْد الْبَر:قال إن عبد البر لم يقف على رواية البخاري إنما وقف على رواية الإسماعيلي فقط، ورواية الإسماعلي فيها راو إسمه عيسى ابن حِطان ، وعيسى هذا لم يوثقه إلا ابن حبان والعجلي وتوثيقهما لين ، فنظر ابن عبد البر إلى هذا الإسناد وحده ورأى إن قصة الرجم في غير المكلفين فأنكرها ، وأنا لا أعلم أحداً سبق ابن عبد البر إلى هذا الإنكار ، لكن ابن عبد البر لما رأى الرجم في غير المكلفين قال أن هذا الكلام غير مقنع لكن على طريقة أهل العلم يقول :ولو صح ذلك – إذن إحتاط لنفسه لأن ابن عبد البر لا يدَّعي ولا يمكن لأحدٍ أن يدَّعي في كل الدنيا أنه يحفظ كل الأسانيد وكل الأحاديث، فيحتاط لنفسه ويقول : ولو صح ذلك ، أي لإحتمال أن يكون هناك إسناد أنا لا أعرفه يصح به الحديث فتأويله أن هؤلاء جماعة من الجن ، هذا كلام ابن عبد البر .