تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من يختار للمحبة و الصحبة



أبو هارون الجزائري
2007-08-16, 08:45 PM
من يختار للمحبة و الصحبة
قال القرافي :" ما كل أحد يستحق أن يعاشر و لا يصاحب و لا يسارر "
و قال علقمة : "اصحب من إن صحبته زانك ، و إن أصابتك خصاصة عانك و إن قلت سدّد مقالك ، و إن رأى منك حسنة عدّها ، و إن بدت منك ثلمة سدّها ، و إن سألته أعطاك ، و إذا نزلت بك مهمة واساك ، و أدناهم من لا تأتيك منه البوائق ، و لا تختلف عليك منه الطرائق"
و يقول الشيخ أحمد بن عطاء : "مجالسة الأضداد ذوبان الروح ، و مجالسة الأشكال تلقيح العقول ، و ليس كل من يصلح للمجالسة يصلح للمؤانسة ، و لا كل من يصلح للمؤانسة يؤمن على الأسرار ، و لا يؤمن على الأسرار إلا الأمناء فقط."
و يكفي في مشروعية التحري لاختيار الأصدقاء قوله صلى الله عليه و سلم : " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " (رواه أبو داود و غيره)
قال الأوزاعي : "الصاحب للصاحب كالرقعة للثوب ، إذا لم تكن مثله شانته"
قيل لابن سماك : "أيّ الإخوان أحقّ بإبقاء المودة؟قال:الوا ر دينه ، الوافي عقله ، الذي لا يملَّك على القرب ،و لا ينساك على البعد ،إن دنوت منه داناك ، و إن بعدت منه راعاك ، و إن استعضدته عضدك ،و إن احتجت إليه رفدك،و تكفي مودة فعله أكثر من مودة قوله."
و قال بعض العلماء : "لا تصحب إلا أحد رجلين : رجل تتعلّم منه شيئا في أمر دينك فينفعك ، أو رجل تعلمه شيئا في أمر دينه فيقبل منك ، و الثالث فاهرب منه."
قال علي رضي الله عنه :

إنّ أخاك الصِّدق من كان معك *** و من يضُرُّ نفسه لينفعك
و من إذا ريب الزّمان صدعك *** شتّت نفسه ليجمعك
و قال بعض الأدباء: "لا تصحب من الناس إلا من يكتم سرّك،و يستر عيبك، فيكون معك في النوائب،و يُؤثرك بالرّغائب،و ينشر حسنتك،و يطوي سيّئتك ، فإن لم تجده فلا تصحب إلا نفسك."
و قد ذكر العلماء فيمن تُؤثر صحبته و محبته خمس خصال :
أن يكون عاقلا ، حسن الخلق ، غير فاسق ، و لا مبتدع ، و لا حريص على الدنيا.
1) أما العقل : فهو رأس المال و هو الأصل فلا خير في صحبة الأحمق
قال علي رضي الله عنه :

فلا تصحب أخا الجهل *** و إياك و إياه
فكم من جاهل أردى *** حليما حين آخاه
يُقاس المرء بالمرء *** إذا ما المرء ماشاه
و للشيء على الشيء *** مقاييس و أشباه
و للقلب على القلب *** دليل حين يلقاه
و العاقل الذي يفهم الأمور على ما هي عليه ، إما بنفسه و إما إذا فُهِّم
2) أما حسن الخلق : فلا بدّ منه إذ ربّ عاقل يدرك الأشياء على ماهي عليه ، و لكن إذا غلبه غضب أو شهوة أو بُخل أو جبن أطاع هواه ، و خالف ما هو المعلوم عنده ، لعجزه عن قهر صفاته ، و تقويم أخلاقه ، فلا خير في صحبته
قال أبو حاتم ابن حبان رحمه الله : "الواجب على العاقل أن يعلم أنه ليس من السرور شيء يعدل صحبة الإخوان ، و لا غم يعدل غم فقدهم ، ثم يتوقى جهده مفاسدة من صافاه ، و لا يسترسل إليه فيما يشينه،و خير الإخوان من إذا عظمته صانك ،و لا يعيب أخاه على الزّلّة،فإنه شريكه في الطبيعة، بل يصفح،و ينتكب محاسدة الإخوان،لأن الحسد للصديق من سقم المودة ،كما أن الجود بالمودة أعظم البذل ، لأنه لا يظهر ودّ صحيح من قلب سقيم."
3) أما الفاسق : فلا فائدة في صحبته ، فمن لا يخاف الله لا تؤمن غائلته و لا يوثق بصداقته ، بل يتغيّر بتغيّر الأعراض
قال تعالى :" و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه " ( الكهف 28)
و قال تعالى :"فأعرض عمّن تولّى عن ذكرنا و لم يرد إلا الحياة الدنيا"(النجم 29) ، و قال النبي صلى الله عليه
و سلم :"لا تصاحب إلا مؤمنا و لا يأكل طعامك إلا تقي "( رواه الترمذي و أبو داود)
قال أبو حاتم رحمه الله في"روضة العقلاء":"العاقل لا يصاحب الأشرار،لأن صحبة صاحب السوء قطعة من النار،تعقب الضغائن، لا يستقيم ودّه ، و لا يفي بعهده ، و إن من سعادة المرء خصالا أربعا:أن تكون زوجته موافقة ، وولده أبرار ، و إخوانه صالحين ،و أن يكون رزقه في بلده .و كل جليس لا يستفيد المرء منه خيرا ، تكون مجالسة الكلب خيرا من عشرته ،و من يصحب صاحب السوء لا يسلم،كما أن من يدخل مداخل السوء يتهّم "
قال بعضهم :

ابل الرجال إذا أردت إخاءهم *** و توسّمنّ أمورهم و تفقّد
فإذا ظفرت بذي الأمانة و التُّقى *** فبه اليدين قرير عين فاشدد
4) أما المبتدع : ففي صحبته خطر سراية البدعة و تعدي شؤمها إليه ، فالمبتدع مستحق للهجر و المقاطعة ، فكيف تؤثر صحبته.(1)
5) أما الحريص على الدنيا : فصحبته سمّ قاتل ، لأنّ الطّباع مجبولة على التشبّه و الاقتداء ، بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري صاحبه ، فمجالسة الحريص على الدنيا تحرّك الحرص ، و مجالسة الزاهد تزهدّ في الدّنيا ، فلذلك تكره صحبة طلاب الدنيا ، و يستحب صحبة الراغبين في الآخرة

الناس شتىّ إذا ما أنت ذقتهم *** لا يستوون كما لا يستوي الشّجر
هذا له ثمر حلو مذاقته *** و ذاك ليس له طعم و لا ثمر
المصدر: الكاتب الأصلي أم عائش من شبكة أنا المسلم وهذه القطعة نقلتها بدوري من موقع صيد الفوائد.
ـــــــــــــ
(1). المبتدع في دين الله يهجر ولا كرامة إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع أو بتعبير أدق بعد إقامة الحجة ونفي الشبهة . وهذ الأمر يرجع البث فيه للفطاحلة الربانيين لا للمقلدة وأنصاف العلم!
ليكن أمرك بالمعروف معروفا، ونهيك عن المنكر غير منكر.

أبوعبدالله بن إبراهيم
2007-08-17, 03:24 PM
بارك الله فيك أخي الكريم

أبو هارون الجزائري
2007-08-17, 08:04 PM
وفيك بارك أخي الكريم.

أم حمزة
2009-04-05, 06:39 PM
جزاك الله خيرا

أبو الخطاب السنحاني
2009-04-05, 08:54 PM
قال ذو النون المصري :
من علامة حب الله متابعة حبيب الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وأفعاله وأمره وسنته .

وقال :
إنما دخل الفساد على الخلق من ستة أشياء ،
الأول : ضعف النية بعمل الآخرة .
والثاني : صارت أبدانهم مهيئة لشهواتهم .
والثالث : غلبهم طول الأمل مع قصر الأجل .
والرابع : آثروا رضاء المخلوقين على رضاء الله .
والخامس : اتبعوا أهواءهم ونبذوا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ،
والسادس : جعلوا زلات السلف حجة لأنفسهم ودفنوا أكثر مناقبهم .

أبو هارون الجزائري
2009-04-06, 12:22 AM
الأخت أم معاذ والأخ أبو الخطاب السنحاني، بارك الله فيكما على حسن التفاعل.

شهاب الدين السعدي
2009-04-06, 01:30 AM
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
قال يحيى بن معاذ : من علامة الحب في الله ألا ينقص بالجفاء ولا يزيد بالود

أبو هارون الجزائري
2009-04-06, 02:06 PM
وفيك بارك أخي شهاب الدين السعدي،

وشكرا على الإضافة.

أشجعي
2009-04-06, 02:59 PM
ما شاء الله كلام جميل فعلاً
بارك الله فيك شيخي

أبو هارون الجزائري
2009-04-06, 03:11 PM
وفيك بارك أخي الكريم أشجعي،

الظاهر أ ن الموضوع قد لاقى إقبالا من القراء والفضل يرجع إلى الأخت أم حمزة على رفعه. غفر الله لي، أخطأت في كنيتها عند شكرها وكَنَّيتها بأم معاذ عوض أم حمزة، وسبحان من لا يسهو.

رضا الحملاوي
2011-04-16, 02:16 AM
بارك الله فيك

أبوأحمد المالكي
2011-04-16, 10:45 PM
اسلام عيكم
بارك الله فيك على الموضوع , وهوجدير بالكتابة والتنبيه لأخواننا , ولكن أين هم أولئك
بل هم أعز من بيض الأنوق والكبريت الأحمر في زماننا , أصلح الله أحوالنا

أبو هارون الجزائري
2011-04-17, 12:04 AM
أخي رضا و أبو أحمد، بارك الله فيكما ،،

الكمال عزيز

أعجبتني مقولة تنسب للإمام الأوزاعي: "الصاحب للصاحب كالرقعة للثوب، إن لم تكن مثله تشينه"

و هذا المثل جميل، فقد تكون الرقعة جميلة و الثوب جميل، لكنهما ليسا من نفس النوع، فلا يحصل الكمال. بمعنى أن الإنسانين قد يكونان من خيار الناس، لكن ليس بينهما تناغم. و هذا ما يندهش الناس له عند حصول الطلاق بين الزوجين الخيرين، لكن إذا عرف السبب بطل العجب. ببساطة، ليس بينهما تناغم.

و على المرء ألا يحمل نفسه ما لا يستطيع، فيذل نفسه. كأن تجده لا يرد طلب طالب، فيعد الناس بكذا و كذا في كل زمان و مكان، لكن إذا حانت الساعة فلا يستطيع أن يفي بأي وعد، لأنه ببساطة حمل نفسه ما لا تطيق، و لن يجني من ذلك إلا غضب الناس عليه، و اتهامهم إياه بسوء العشرة.

فالنبي عليه الصلاة و السلام حينما أتاه رجل و طلب الضيافة، و لم يستطع النبي صلى الله عليه وسلم استضافته رفض، و نظر إلى من حواليه من أصحابه سائلا إياهم استضافة ضيفه، فانبرى أحد الصحابة لهذا الأمر.

الحاصل، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحمل نفسه ما لم تطق.

و تجدر الإشارة في هذا المقام إلى شخصية أخرى يستحسن تجنب صحبتها و هي الشخصية المتواكلة و الشخصية المتشائمة.

فالمتواكلة حتى و إن كان صاحبها لا يؤذي بشكل مباشر، فإنه سيؤذيك بتواكله، بمعنى أنه سيصبح عبئا عليك، يأتيك في كل حين لتقضي حوائجه، حتى و إن مدحك و شكرك و دعا لك ـ و هذا يطرب النفس طبعا ـ لكن في النهاية سيرهقك، لأن حاله حال الطفل الصغير.

أما المتشائمة، فهي الشخصية المثبطة تغرس في من يستمع إليها الوهن، فإذا أخبرتها بكونك تنوي الدراسة مثلا، تقول لك: من فاته التعليم وقت شبابه، فكبر عليه أربعا لوافته. كأن طلب العلم محصور بوقت معين.

و قد كان النبي صلى الله عليه و سلم يتجول في معسكر جيشه متحريا للمثبطين و إذا عثر عليهم ردهم إلى ديارهم، كما تذكر كتب السير.

و أختم كلامي بمثل شعبي عندنا " لعندو صحاب بزاف ما عندوش صحاب" بمعنى من كثر أصحابه فلا أصحاب له، لأن المرء ببساطة في هذه الحالة لا يستطيع أن يعطي الصحبة حقها، و الصحبة إذا لم تعطها حقها لن تثمر.

تخيل أن من تراهم أصحابك عشرة، و معك دلو من الماء لا يكفي إلا لسقاية شجرة واحدة، فإذا وزعت الماء على الأشجار العشر، لم تحي منها واحدة.