مشاهدة النسخة كاملة : لا يمسه الا المطهرون
المجلسي الشنقيطي
2007-08-15, 08:13 AM
الحمد لله وبعد
يقول ربنا تبارك و تعالى ...إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه الا المطهرون تنزيل من رب
العالمين.
اختلف السلف رضوان الله عليهم في تفسير المطهرون على قولين - حسب علمي - فمنهم من قال
إنهم الملائكة ....و عليه فيكون الكتاب المكنون الذي لا يمسه الا المطهرون هو اللوح المحفوظ أو
الصحف المذكورة في سورة عبس في قوله تعالى ...كلا إنه تذكره..فمن شاء ذكره...في صحف
مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة. وهذه الآية شاهدة لهذا القول....واستدل مالك
بها ..فعلى هذا فالآية خبر محض.
أما القول الثاني فالمطهرون هم المطهرون من الجنابة و الحدث...وعليه فتكون الآية نهيا جاء في
صورة الخبر و هو بليغ....ومن أساليب العرب في الامر و النهي...ومثاله.... لن يجعل الله
للكافرين على المومنين سبيلا....ويشهد لحملها على الامر بالطهارة في صيغة الخبر قوله صلى الله
عليه و سلم...والا يمس القرآن الا طاهر.
ومن المعلوم أنه اذا احتملت الآية تفسيرين او أكثر...و لاتعارض ...حملت عليهما جميعا....
وفي موضوعنا لا تعارض بين المعنيين البتة....و لايكذب احدهما الثاني..بل لكل منهما شاهد معصوم يشهد له....وقد درج
الشيخ الشنقيطي في الاضواء على هذا المعنى في تفسير قوله تعالى من كان يظن أن لن ينصره الله في
الدنيا و الاخرة فليمدد بسبب الى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ......فذكر
تفسيرين...لكل منهما شاهد معصوم....بل و فسر رحمه الله تعالى في سورة ص قوله تعالى جند ما
هنالك مهزوم من الاحزاب بقول لم يسبق اليه ودلت عليه الادلة.....و اشار الى ان السلف
لم يفسروها بذلك بل فسروها بغروة بدر....الا ان الاية تحتمل ما فسرها به ايضا.. ثم ذكر القاعدة في حمل الاية على
أكثر من معنى....
ثم ينظر بعد ذلك للخروج من الخلاف في سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و في آثار اصحابه
كيف تعاملوا مع المصحف ..هل كانوا يرون. وجوب الطهارة ..حملا على عموم الاية و الحديث ام
يرون غير ذلك...
أرجو من المشايخ الفضلاء التصحيح واثراء المسألة ..وخصوصا مسالة مس المصحف...
عبد المحسن بن عبد الرحمن
2007-08-15, 08:45 AM
الذي يظهر أن الآية لا تصلح للاستدلال في مسألة مس المصحف ، إذ المقصود الملائكة ، وشيخنا ابن باز رحمه الله وهو ممن يرى وجوب الطهارة لمس المصحف ، يقول : إن المقصود بها الملائكة هذا هو الصواب وليس المراد بها الطهارة من الحدث .اهـ
والمسألة تحتاج إلى بسط أكثر ، إذ لا يوجد حسب علمي ما يصلح للاستدلال به على وجوب الطهارة لمس المصحف ، والله أعلم .
أمجد الفلسطيني
2007-08-15, 11:31 AM
بارك الله فيكم
المسألة مبحوثة بكثرة لكن لا بأس بتذاكر بعض الجوانب منها
ففي الحديث المستفيض "لا يمس القرآن إلا طاهر"
استدل الجمهور بهذا الحديث على مذهبهم من وجهين أو أكثر :
الأول : أن كلمة "طاهر" لفظ مشترك بين الطهارة المعنوية والحسية ولا مرجح لأحدهما على الآخر فيحمل المشترك هنا على جميع معانيه إذ لا تعارض بينها فينتج حرمة مس المصحف من الكافر والمحدث
الثاني : أن مادة "طهر" استعملها الشارع في معنى الطهارة الحسية أكثر من المعنوية كما هو واضح في نصوص الكتاب والسنة
مثل قوله "ولا تقربوهن حتى يطهرن" "فيه رجال يحبون أن يتطهروا"
وفي السنة " إني كرهت أن أذكر الله إلى على طهارة" و "طهور إناء أحدكم" و "إذا أويت إلى فراشك وأنت طاهر" وغيرها كثير وكذا هو في لسان الصحابة والعلماء
إذا تقرر ذلك فحمله على هذا المعنى أولى من الآخر لأن الشريعة استعملته أكثر من غيره فإذا أطلق في لسان الشارع انصرف إلى هذا المعنى والله أعلم
أبو عثمان السلفي
2007-08-15, 12:55 PM
جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر». [«إرواء الغليل»]
عبد المحسن بن عبد الرحمن
2007-08-15, 02:34 PM
الإخوة الكرام
كل ما ورد صريحا في وجوب مس المصحف على طهارة ، فإنه غير صحيح .
ويصح أن يقال في أدلة هذه المسألة :
الصحيح غير صريح ، والصريح غير صحيح .
عبد المحسن بن عبد الرحمن
2007-08-15, 02:44 PM
بارك الله فيكم
المسألة مبحوثة بكثرة لكن لا بأس بتذاكر بعض الجوانب منها
ففي الحديث المستفيض "لا يمس القرآن إلا طاهر"
استدل الجمهور بهذا الحديث على مذهبهم من وجهين أو أكثر :
الأول : أن كلمة "طاهر" لفظ مشترك بين الطهارة المعنوية والحسية ولا مرجح لأحدهما على الآخر فيحمل المشترك هنا على جميع معانيه إذ لا تعارض بينها فينتج حرمة مس المصحف من الكافر والمحدث
الثاني : أن مادة "طهر" استعملها الشارع في معنى الطهارة الحسية أكثر من المعنوية كما هو واضح في نصوص الكتاب والسنة
مثل قوله "ولا تقربوهن حتى يطهرن" "فيه رجال يحبون أن يتطهروا"
وفي السنة " إني كرهت أن أذكر الله إلى على طهارة" و "طهور إناء أحدكم" و "إذا أويت إلى فراشك وأنت طاهر" وغيرها كثير وكذا هو في لسان الصحابة والعلماء
إذا تقرر ذلك فحمله على هذا المعنى أولى من الآخر لأن الشريعة استعملته أكثر من غيره فإذا أطلق في لسان الشارع انصرف إلى هذا المعنى والله أعلم
بارك الله فيك أخي الفاضل على مداخلتك القيمة
وهذا الحديث المشهور وهو الكتاب الذي بعثه النبي (ص) إلى أهل اليمن ، أورده أبو داود رحمه الله في كتاب المراسيل ، ولا يصح إلى النبي (ص) ، قال ابن معين : ليس يصح ، ولم يجزم الإمام أحمد بصحته فقال : أرجو أن يكون صحيحا .
نعم قد ذهب بعض أهل العلم إلى صحته ، والجواب عن هذا الحديث على فرض صحته ، من وجهين :
الوجه الأول : أن النبي (ص) قال : " ولا يمس القرآن إلا طاهر " ، وكلمة " طاهر " من الألفاظ المشتركه كما ذكرتَ في مداخلتك وفقك الله ، ومما يرجح أن المقصود بهذا المؤمن ، أن أهل اليمن كانوا على غير الإسلام ، وهذا الكتاب موجه لهم .
الوجه الثاني : أنه لم يرد عن النبي (ص) في حديث صحيح ، أنه أمر أصحابه بالوضؤ من مس المصحف ، مع الحاجة الملحة إلى ذلك ، وكما هو معلوم بأن تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز .
عبد المحسن بن عبد الرحمن
2007-08-15, 02:48 PM
جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر». [«إرواء الغليل»]
جزاك الله خيرا يا أبا عثمان
وهذا الحديث الذي تذكر حديث ضعيف لا تقوم به حجة ، وقد ضعفه الشيخ الألباني ، ومن قبله ابن حجر والنووي ، وغيرهم .
بارك الله فيك .
المجلسي الشنقيطي
2007-08-15, 03:46 PM
الحمد لله
الحمد لله
بارك الله في الاخوة الكرام..الا اني لا أرى مانعا من حمل الآية على المعنيين...وهذا قرره العلماء...
فمن جعله نهيا في صورة الخبر فله دليله...و المطلوب من المكلفين الطاعة
ومن جعله خبرا محضا عن الملائكة فله دليله
ولا تعارض البتة بين المعنيين ...فتحمل الآية عليهما جميعا..
فلا يصح ان يقال ليس في الآية دليل على مس المصحف ..
الثاني : أن مادة "طهر" استعملها الشارع في معنى الطهارة الحسية أكثر من المعنوية كما هو واضح في نصوص الكتاب والسنة
كلام قوي ...ومفيد..
محمد العبادي
2007-08-15, 04:07 PM
جزاكم الله خيرا
كلا التفسيرين للاّية - والله أعلم - دليل على وجوب الطهارة لمس المصحف ، فعلى تفسير ( المطهرون ) بالملائكة ، فإن فيه دليلا على وجوب التطهر بدليل الإشارة .
وعلى التفسير الثاني فالأمر واضح .
وجزاكم الله خيرا .
أبو مالك العوضي
2007-08-15, 06:58 PM
الحديث صححه الألباني كما في الصحيحة (لا يمس القرآن إلا طاهر)، وجمهور أهل العلم على تصحيحه، وعلى تلقي هذه الصحيفة بالقبول.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه ليس بين الصحابة ولا بين التابعين اختلاف في هذه المسألة
وهو مشهور من قول الفقهاء السبعة.
والصحابة والتابعون الذين روي عنهم خلاف ذلك إما أنهم من صغار التابعين كالزهري، وإما أن الرواية عنهم بذلك فيها نظر كابن عباس.
وأما القول بأن لفظ (طاهر) مشترك ولا قرينة، فهو قول واضح الخطأ؛ لأن القرينة هنا واضحة جدا، إذ لفظ (طاهر) مستفيض في النصوص الشرعية بمعنى الطهارة الشرعية الكاملة، ولم أقف على نص واحد فيه استعمال (طاهر) بمعنى مؤمن كما ذكر الشوكاني.
ولم يذهب أحد من سلف الأمة إلى أن الجنب يمس القرآن، ولذا وقع المتأخرون الذين يرجحون جواز المس بغير وضوء في شذوذ؛ لأنهم اضطروا إلى تعميم قولهم في الجنابة كالحدث.
والمسألة في بحثها مبنية على مراتب:
المرتبة الأولى: النقاش في صحة الحديث.
المرتبة الثانية: النقاش في دلالة الحديث على المطلوب.
المرتبة الثالثة: النقاش في ثبوت عمل السلف بهذا الحديث.
أما المرتبة الثالثة فلا ينازع فيها إلا مكابر؛ لأن هذا مستفيض عنهم استفاضة واضحة حتى نقل فيها الإجماع.
وهذه المرتبة تدل على على صحة المرتبة الثانية لأن عمل السلف على معنى الحديث يدل على صحة فهمه.
وهذه المرتبة تدل على المرتبة الأولى؛ لأن جريان عمل السلف على الحديث يدل على تلقيهم له بالقبول.
وبالجملة فلا يشك منصف في بعد قول المتأخرين الذين يعملون بالبراءة الأصلية في هذا الباب.
أبو الفضل المصرى
2007-08-15, 07:46 PM
المشايخ الكرام .
ألا يصح أن نقول (أن مس المصحف أمر تعم به البلوى فلو كان محرماً على غير المتوضيء والجنب لجاء بسند صحيح لقوله تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شئ)...)
عبد المحسن بن عبد الرحمن
2007-08-15, 08:56 PM
الوجه الثاني : أنه لم يرد عن النبي (ص) في حديث صحيح ، أنه أمر أصحابه بالوضؤ من مس المصحف ، مع الحاجة الملحة إلى ذلك ، وكما هو معلوم بأن تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز .
المشايخ الفضلاء :
هل ورد عن النبي (ص) أنه أمر أصحابه رضي الله عنهم بذلك .
أبو عبد الرحمن السعدي
2007-08-15, 09:13 PM
أحسنت أخي عبد المحسن
والصحابة والتابعون الذين روي عنهم خلاف ذلك إما أنهم من صغار التابعين كالزهري، وإما أن الرواية عنهم بذلك فيها نظر كابن عباس.
.
يكفينا منك هذه في بيان المبالغة في كلامك السابق أخي الكريم ...
وأزيد على كلامك المقتبس فأقول :
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما قصة إرسال الكتاب إلى هرقل وفيه آية ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سواءٍ بينَنا وبينَكم )
قال ابن حزم في المحلى (1/83) " فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث كتابا وفيه هذه الآية إلى النصارى وقد أيقن أنهم يمسون ذلك الكتاب " .
وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه بهذا الحديث في معرض الاستدلال على جواز قراءة القرآن بدون طهارة .
وهذا يدل على إن ابن حزم على منهج المتقدمين !! في احتجاجه بالحديث على جواز مس المصحف بدون طهارة .
أما من نفى استعمال (طاهر) بمعنى مؤمن فهذا مبني على عدم القول بمفهوم الموافقة وما أظنك ممن ينفيه
المجلسي الشنقيطي
2007-08-15, 10:02 PM
الحمد لله
النزاع أخي الكريم في مس ( لمصحف ) بارك الله فيك...و ليس في مس صحيفة فيها آية كحديث هرقل....او في قراءة القرآن عن ظهر قلب...
أرجو أن تنتبه لهذا بارك الله فيك....
أما قول الاخ ابي الفضل ان مس المصحف امر تعم به البلوى...فالذين فهموا من الآية الحكم يعضدها الحديث..فالآية عندهم نهي بصورة الخبر....اي انه امر شرعي مطلوب ..وليس خبرا محضا...وعدم حدوثه احيانا لا ينقض الآية...
فقد جاءت في القرآن أوامر بصورة الخبر كقوله تعالى ...ولن يجعل الله للكافرين على المومنين سبيلا....وكقوله تعالى
لا تجد قوما يومنون بالله و اليوم الاخر يوادون من حاد الله و رسوله....وكقوله تعالى ان الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا بأموالهم و انفسهم في سبيل الله و الذين آووا و نصروا أولئك بعضهم اولياء بعض...وغيرها...فكل هذه أوامر و نواهي بصيغة الخبر...و لا يرد القرآن تخلفها....وهي كقولك لتنهى عن العقوق ...الصالح لا يعق والديه...
أبو عبد الرحمن السعدي
2007-08-15, 11:38 PM
الحمد لله
النزاع أخي الكريم في مس ( لمصحف ) بارك الله فيك...و ليس في مس صحيفة فيها آية .
طيب بارك الله فيك مادام أن هنالك فرقا لم نتبه له فهلَّا بينت لنا متى عرف الناس هذا المصحف الذي تعنيه !
المجلسي الشنقيطي
2007-08-16, 03:23 AM
طيب بارك الله فيك مادام أن هنالك فرقا لم نتبه له فهلَّا بينت لنا متى عرف الناس هذا المصحف الذي تعنيه !
الحمد لله
اعلم أخي الكريم أنه قد يجيء الاشارة للحكم في القرآن و لم يعمل به بعد...وهو ليس حكما بالمعنى الاصولي
بل هو اشارة الى العمل أنه سيكون...كقوله تعالى في المزمل وهي مكية ففف علم أن سيكون
منكم مرضى و آخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله و آخرون يقاتلون ققق
و فسر الصحابة قوله تعالى ففف سيهزم الجمع و يولون الدبر ققق ببدر و لم تكن هجرة بعد
والقمر مكية وقال تعالى ففف جند ما هنالك مهزوم من الاحزاب ققق فسروها ببدر مع ان
السورة مكية....فها انت ترى ان القرآن كما قال العلماء الايات القرآنية تنزل احيانا وفيها
اشارات الى الحكم قبل تشريعه بمدة قد تطول او تقصر..انظر البرهان للزركشي...
اذا علم هذا ...فحتى لو فرض ولم يعلم الناس المصحف بلفظه فهذا لا يخرج الآية
عن كونها دليلا لمن استدل بها...وانت تعلم الحديث الذي ذكره الاخوة.
عبدالله أبو مجاهد
2014-03-01, 04:09 PM
لكن هل يمكن أن تأتي بمثال (غير هذه المسألة) أشار القرآن إليها لم يقع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
أنس صلاح
2014-03-02, 04:09 AM
قال ابن المنذر في الأوسط (2/ 224): اختلف أهل العلم في مسِّ الحائض والجنب المصحف، فكره كثير منهم ذلك منهم ابن عمر، وكذلك الحسن البصري كره للجنب مسِّ المصحف؛ إلا أن يكون به عِلاقته، وروي ذلك عن الشعبي وطاوس والقاسم وعطاء.
وقال عطاء: لا بأس أن تأتيك الحائض بالمصحف بِعِلَاقَتِهِ. (وهو الوعاء)
وقال الحكم، وحماد في الرجل يمسُّ المصحف وليس بطاهر قالا: إذا كان في عِلاقة فلا بأس.
وكره عطاء، والزهري، والقاسم، والنخعي مسِّ الدراهم التي فيها ذكر الله تعالى على غير وضوء، وكره مالك أن يُحمل المصحف بِعِلَاقَتِهِ، أو على وسادة أحد إلا وهو طاهر، قال: ولا بأس أن يحمله في الخروج، والتابوت، والغِرَارَة، ونحو ذلك من على غير وضوء.
وقال الأوزاعي، والشافعي: لا يحمل المصحف الجنب، والحائض.
وقال الشافعي: ولا يمسُّ مصحفًا إلا طاهرًا، الطهارة التي تجزيه للصلاة المكتوبة؛ لأن كُلًّا صلاة، ولا يحل مسُّ مصحفٍ إلا بطهارةٍ، وسواء خاف فوت شيء من هذه الصلوات، أو لم يخفه يكون ذلك سواء في المكتوبات.
وقال أحمد وإسحاق: لا يقرأ في المصحف إلا متوضئ، وكره أحمد أن يمسَّ المصحف أحد على غير طهارة، إلا أن يتصفحه بعود أو بشيء.
قال: ورخَّص بعض من كان في عصرنا للجنب، والحائض في مسِّ المصحف، ولبس التعويذ، ومسِّ الدراهم والدنانير التي فيها ذكر الله تعالى على غير طهارة ...، ورُويَ عن الحسن، وقتادة: أنهما كانا لا يريان بأسًا أن يمسَّ الدراهم على غير وضوء، ويقولان: جُبلوا على ذلك.
واحتجت هذه الفرقة بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: (أعطني الخمرة، قالت: إني حائض قال: إن حيضتك ليست بيدك)، وبقول عائشة: كنت أغسل رأس النبي صلى الله عليه وسلم وأنا حائض، قال: وفي هذا دليل على أن الحائض لا تُنجس ما تمسُّ؛ إذْ ليس جميع بدنها نجس، وإذا ثبت أن بدنها غير نجس إلا الفرج، ثبت أن النجس في الفرج بكون الدم فيه، وسائر البدن طاهر.
قلت: وممن أجاز ذلك أيضًا حماد بن أبي سليمان، والحكم بن عتيبة، واستدلوا بما رُويَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى قيصر بسم الله الرحمن الرحيم {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} [آل عمران: 64]، وقد عُلم من حالهم أنهم يمسُّونه، ويتداولونه على غير طهارة، قالوا: ولأن الطهارة لمَّا لم تجب لقراءة القرآن؛ فأولى ألَّا تجب بحمل ما كتب فيه القرآن، قالوا: ولأن كلما لم يكن ستر العورة مستحقًا فيه، لم تكن الطهارة مستحقة فيه؛ كأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكتب الفقه.
وانظر: الأوسط لابن المنذر (2/224- 227)، وأحكام القرآن للجصاص (3/555)، ومسائل أحمد رواية ابنه عبد الله (3/208)، ومسائل أحمد، وإسحاق للكوسج (2/753)، والاستذكار لابن عبد البر (8/9، وما بعدها)، والمحلى لابن حزم (1/77، وما بعدها)، ومعرفة السنن والآثار للبيهقي (1/317، وما بعدها)، وتفسير البغوي (8/23)، والمبسوط للسرخسي (3/152)، والحاوي للماوردي (1/143، وما بعدها)، وأحكام القرآن لابن العربي (4/174)، والمغني لابن قدامة (1/199-202)، وعمدة القاري شرح صحيح البخاري (3/ 259- 263)، وابن كثير في التفسير (13/390، 391).
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.