المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حتى لا تكون كلاً .. يجب أن يطالع هذا البحث ....



ابن رجب
2007-08-13, 11:25 AM
حتى لا تكون كلاً
طريقك إلى التفوق والنجاح ..‏


http://www.saaid.net‏/ ‏



الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ، وبعد أيها ‏القارئ الكريم فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . ‏
ثم لا يخفاك أن العهد والميثاق قد أُخذ من الله على الناس على أن يعبدوه ولا ‏يشركوا به شيئاً ، وأن يجعلوا الحياة كلها محراباً لذكره وتوحيده والالتزام بشرعه ، ‏وكان من مفردات ذلك الالتزام ، النصح لكل مسلم والتعاون على البر والتقوى وبيان ‏الهدى للناس وتعليمهم الخير ، وما وظيفة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم إلا ذلك .‏
وقد استرعى انتباهي أثناء رحلة الحياة المحدودة مشكلة مستفحلة في حياة كثير من ‏الناس ، وهذه المشكلة هي : تعطيل كثير من القوى والطاقات والإمكانات التي وهبها ‏الله للإنسان مما يؤدي إلى أن يصبح الإنسان حينئذٍ كلاً كما وصفه القرآن أينما توجه لا ‏يأت بخير . ‏
أو يسيء الإنسان استخدام هذه القوى والطاقات فتقل فاعليته وأثره في الحياة ، ‏وتنبت المشكلات في دروبه وطريقه ، ويقل إنتاجه وعطاؤه ، ويكاد أن يتلاشى إبداعه ‏في الحياة ، ويصبح أسير نمطية قاتلة لكل عطاء وتطور يُستهلك ، ويدور في جزئيات ‏المعيشة ، ويغرق في جداولها ، وتتشعب به دروبها ، تذهب نفسه حسرات على توافه ‏الأمور ، وينشغل هماً دائماً بنمطية قاتلة . ‏
والسبب في ذلك كله تعطيل ما وهبه الله من نعم أو عدم الاهتداء إلى الاستخدام ‏الأمثل لهذه النعم فإذا تعطل الأفراد بهذه الصورة المذكورة تحولت الأمة إلى مجموعة من ‏الفارغين أو المرضى أو في أحسن الأحوال إلى مجموعة من التقليديين الذين تستهلكهم ‏حياتهم طاقاتهم دون أن يضيفوا إلى الحياة جديدة أو يرفعوا بعلمهم رأساً ، فتفقد الأمة ‏دورها وريادتها وشهودها الذي كلفها به الوحي وتسلم زمام الركب لغيرها من أمم ‏الأرض ، فيتخذ الناس رؤساء جهالاً فيضلوا ويضلوا . ‏
وهذا هو الذي تعاني منه البشرية اليوم حين تحول المسلم عبر القرون إلى إنسان ‏عادي غير مؤهل للرقي بنفسه وبالناس من حوله فتحولت الأمة إلى العيش على جانب ‏الطريق تنظر في السائرين ولا تشارك في السير بعد أن كانت تقود القافلة . ‏
فتصدى لقيادة ركب البشرية حينئذٍ الغرب وهم أمة جاهلة بوظيفة الإنسان ودوره ‏المناط به في الحياة جاهلة بحقيقة هذا الكون والعلاقة القائمة بينه وبدايته ونهايته وغاية ‏وجوده . ‏
جاهلة بعالم الغيب وما فيه ، فأصبحت أمة تقود جانباً من الإنسان على حساب ‏الجانب الآخر وتنظر إليه بعين واحدة فضلت كما أخبر من لا ينطق عن الهوى صلى الله ‏عليه وسلم . ‏
وأصدق الأسماء كما أخبر عليه الصلاة والسلام حارث وهمام ، فإنسان صاحب ‏قدرة وإرادة زود بهما ليعمر الحياة ويقيم العدل والقسط في الأرض فيسعد ويسعد ‏الآخرين . ‏
فإن عطلهما فهو الكلّ ، وإن قصر في الاستفادة منهما فهو الكافر بنعمة ربه الغامط ‏لها ، وإن أساء استخدامها فهو الفساد في الأرض لا غير . ‏
ولو تأملت لوجدت كثيراً من الناس يشكون مر الشكوى ويعانون من مشكلات ‏الحياة ولو تريثوا قليلاً لوجدوا الحل منهم قريباً والمفتاح في نفوسهم كامناً . ‏
أيها القارئ الكريم : من خلال التأمل في الحياة والاختلاط بالناس والسعي ‏لمساعدتهم في حل مشكلاتهم ومعايشة كثير من عقبات الحياة والقراءة في بعض ما كتب ‏في هذه المعاني وتسجيل بعض الشوارد في ذلك في أزمنة مختلفة أخرجت هذه الكلمات ‏راجياً أن تساهم في مشكلة أو إزالة عقبة من طريق إنسان أو زيادة فاعلية أو تحريك ‏راكد وإيقاظ راقد . ‏
وهذه الأفكار ليست أكثر من فوائد استفيدت من قراءات أو تجارب حياتية واقعية ‏حاولت أن أعرضها جميعاً – حسب الطاقة – على أنوار الوحي لينفي زيفها ويقر ما ‏فيها من حق ، أو على صريح العقل الذي لا مرية فيه مستشعراً في كل ذلك سنن الله في ‏الحياة التي أقام الله عليها أمر الوجود . ‏
وهذه الأفكار المسطرة على وجازتها يُمكن أن يستفيد منها صاحب الفكرة والمبدأ ‏وحامل الرسالة والقضية . ‏
ويُمكن أن يستفيد منها الموظف رئيساً أو مرؤوساً . ‏
ويُمكن أن يستفيد منها كل فرد في أسرة : زوج أو زوجة ، أب أو ابن . ‏
ويُمكن أن يستفيد منها رجل الأعمال وصاحب المال والمفاوض والمحاور والمخطط ، ‏ومن يخشى الإحباط واليأس أو أصابه البطر والكبر وغيرهم . ‏
ولكن شرط ذلك كله أن تتحول الأفكار إلى عمل وأن تؤخذ بالتدرج وأن تنزل ‏على مواضعها وتداوي بها عللها على الحقيقة ( وما النجاح إلا القوة والحق والعزيمة ‏والثبات ، وما الفشل إلا الباطل والعجز وضعف الهِمَّة واضطراب الرأي ) . ‏
وقد قسمتُ هذا الكتاب إلى ثلاثة أقسام هي : ‏
وقفات مع الذات لتطويرها وزيادة فاعليتها . ‏
أنت والآخرون : نحو علاقات أفضل واتصال أكمل . ‏
هل تسعى إلى النجاح في عملك ؟ . ‏
وفي الختام هذا التصدير والبيان أسأل الله اللطيف الرحيم أن يستعملنا في طاعته ‏ويوفقنا لرضاه وأن يجعلنا هداة مهتدين ، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله . ‏


‏*************************** ******‏


http://www.saaid.net‏/‏







وقفات مع الذات ‏
لتطويرها وزيادة فاعليتها



http://www.saaid.net‏/ ‏
قيمة الحياة في أهدافها


لم يخلق الله – سبحانه وتعالى – الحياة عبثاً ولم يوجد الإنسان هملاً، قال ‏الله تعالى: ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ..) الآية، وقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ ‏الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الآية.‏
والعاقل يدرك بما وهبه الله من عقل وما أودع فيه من فطرة أن الكون الذي ‏بني على نظام دقيق والإنسان الذي خلق في أحسن تقويم لا بد أن يكون وراء ‏خلقهما هدف عظيم وغاية سامية، وبالتالي فإن إضاعة الإنسان لأي وقت من ‏حياته وإبقائه في دائرة الفراغ والضياع يتنافى مع هذه الحقائق فلا بد أن يجعل ‏الإنسان لكل وقت من حياته هدفاً ولكل عمل غاية وأن يبرمج حياته على هذا ‏الأساس ولو تأملت في سير الناجحين في الحياة لرأيت أن النجاح في حياتهم ‏كان بمقدار ما كانوا يرسمون لحياتهم من أهداف.‏
قال الحسن البصري عن عمر بن عبدالعزيز – رحمهم الله - : ( ما ظننت ‏عمر خطا خطوة إلا وله فيها نية).‏
وقال سلمان – رضي الله عنه - : ( إني لأحتسب نومتي كما احتسب ‏قومتي).‏


والأهداف في حياة الإنسان تنقسم إلى قسمين :‏
‏1- أهداف كبرى كلية دائمة أو أهداف استراتيجية كما يقال.‏
‏2- أهداف صغرى جزئية مرحلية أو أهداف تكتيكية.‏
ولا بد أن تكون الأهداف الصغرى خادمة للأهداف الكبرى ودائرة في ‏فلكها ووسيلة لها وطريقاً للوصول إليها.‏


وأكبر هدف وأعظم غاية وأسمى مقصد يُمكن أن يسعى له الإنسان في ‏الحياة ، هو السعي لرضوان رب العالمين بالوسائل التي شرعها الله لذلك.‏
وفي هذا المبحث سأحاول أن أضع بعض الأفكار التي تساعد الإنسان على ‏تحديد أهدافه في جوانب حياته المختلفة، وهذه الأفكار هي:‏
‏1- حذار أن تعود نفسك على القيام بأعمال لا هدف لها، فالنفس ‏كالطفل إذا تعودت على شيء لزمته.‏
وقد يتساءل البعض هل يعني أن تكون الحياة كلها جداً لا مكان فيها ‏للترويح والاستجمام ؟
والجواب : لا، بالطبع، فالنفس لا تطيق ذلك، ولكن ليكن حتى طلبك ‏للترويح في وقته المناسب، وبالكيفية المناسبة فيصبح هدفاً مقصوداً ومشروعاً ‏وضمن منظومة الأهداف المطلوبة.‏
فمثلاً تريد أن تسافر إلى قرية (س) في يوم الأحد وستبقى في القرية ثلاثة ‏أيام. فما هي أهدافك من هذا العلم.‏
لتكن مثلاً:‏
‏1- زيارة أختك وزوجها وأطفالها، وتقديم بعض الهدايا لهم.‏
‏2- الاطلاع على مسجد في قرية قريبة طلب منك المساعدة في ترميمه.‏
‏3- التعرف على متنزه قريب في القرية ذكر لك جماله.‏
‏4- المرور على رجل كبير السن في القرية وسؤاله عن بعض الأحداث ‏التاريخية التي عايشها والاستفادة من تجاربه في الحياة.‏
‏5- استطلاع إمكانية إقامة عمل استثماري في القرية بالاشتراك مع بعض ‏أصدقائك فيها.‏
‏6- إلقاء درس أو موعظة في مسجد القرية إذا كان ذلك مناسباً.‏
وهكذا كل عمل تزمع القيام به لا بد أن يسبقه بلورة هدف أو أكثر لهذا ‏العمل وتقوم بعملية ترتيب لها حسب أهميتها ثم تقسم وقت العمل لتحقيقها ‏مرتبة، ثم في نهاية العمل تنظر كم نسبة ما أنجزته من أهداف العمل إلى ‏مجموعها.‏
وحين تعوَّد نفسك على هذا النمط من الحياة ستصبح حياتك تلقائياً حياة ‏منظمة، وذات أهداف لا تقبل بالفوضى ولا يسيطر عليها الفراغ ولا تضيع ‏فيها الأوقات (الحياة).‏
‏2- عند تحديد الأهداف يجب مراعاة الإمكانات المتاحة والمتوقعة ثم تحديد ‏الأهداف على مقدارها فلا تكون الأهداف خيالية في طموحها بينما الإمكانات ‏المعدة لها أو تلك التي يُمكن إعدادها متواضعة جداً أي أن يكون الهدف ممكن ‏الحصول والتحقيق فمثلاً عندما تريد إقامة عمل تجاري يجب أن تنظر كم المال ‏الذي يمكنك توفيرها لهذا العمل التجاري، ثم حدد حجم هذا العمل بناءاً على ‏مقدار هذا المال.‏
أو عندما تريد البحث عن وظيفة فانظر ما هي الشهادة الدراسية التي ‏تحملها والخبرات العملية التي تتمتع بها ثم على ضوء ذلك حدد نوعية ومرتبة ‏الوظيفة التي تسعى لها.‏
وفي المقابل يجب الحذر من إهداء أو تجميد الموارد والإمكانات المتاحة ‏والإنشغال بأهداف متواضعة جداً مع إمكان القيام بغيرها، فكلا الأمرين – ‏التعلق بالأهداف الخيالية أو الإنشغال بالأهداف المتواضعة – مضيعة للوقت ‏وإهدار للطاقات.‏
‏3- يجب أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه مناسباً للزمن الذين قدرته ‏لإنجازه ؛ لأن من أخطر مقاتل الأهداف الجيدة عدم وجود الوقت الكافي ‏لإنجازها كمن يريد أن يحصل على الشهادة الجامعية في تخصص الطب مثلاً ‏خلال عام واحد بعد تخرجه من الثانوية.‏
ومن ذلك أيضاً من يسرف ويبذّر في إعطاء الأوقات الواسعة جداً ‏للأهداف التي يُمكن إنجازها في أقل من ذلك كمن يُمكنه التخرج من الجامعة ‏مثلاً خلال أربع سنوات ولكنه يماطل ويسوف ويتأخر فلا يحقق هذا الهدف إلا ‏في ثمان سنوات !‏
والإحساس بقيمة الزمن وأهميته هو بداية تحريك النفوس وبعث الهمم ‏لاستدراك الفائت أو اغتنام الحاضر والاستعداد للمستقبل، وليس هناك خسارة ‏أشد من خسارة الوقت وهي خسارة لا يمكن تعويضها والزمن قيمة تتضاءل ‏أمامها قيمة المال والدرهم والدينار في نظر أصحاب العقول الراجحة والبصائر ‏النافذة.‏
‏4- يجب أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه هدفاً مشروعاً فالأهداف ‏الممكنة كثيرة ولا تضيق الحياة إلا على العاجزين ولم يعدم يونس عليه السلام ‏عملاً، وهو في بطن الحوت إذ كان من المسبحين.‏
ولكن من الأهداف ما يجوز أن يتصدى الإنسان لتحقيقه وإنجازه ومنها ما ‏لا يجوز له أن يسعى له أو يفكر فيه فكل سعي في الأرض للفساد والإفساد وإن ‏كان هدفاً ممكناً وقد يعود على فاعله بلذة أو نفع عاجل لكنه في موازين الحق ‏والهدى مردود وباطل، كما قال تعالى: ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ ‏فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( من عمل عملاً ليس ‏عليه أمرنا فهو ردٌ ).‏
وهذا لا يتأتى إلا إذا عاش الإنسان في ظلال الإيمان وأنوار الوحي منطلقاً ‏بجهده لعمارة الدنيا حتى ينال جزاء سعيه في الآخرة، أما القلب الذي لم يشرق ‏عليه نور الرسالة المحمدية فهو قلب مظلم بوار والعياذ بالله ديدنه الفساد في ‏الأرض وإن ظن أنه يحسن صنعاً.‏
فالسعي لكسب المال وتنمية الثروة للتمتع بطيبات الحياة والإنفاق في وجوه ‏البر هدف ممكن لكل من بذل جهده في ذلك ولكن يُمكن أن يكون عن طريق ‏مشروع في تجارة أو زارعة أو صناعة ، ويمكن أن يكون عن طريق الغش ‏والرشوة والاحتيال والربا والمخدرات.‏
فالجميع جمع الثورة وحصَّل المال، لكن أين الثرى من الثريا، الأول جمع ‏ماله من الحلال فهو سعادة له في الدنيا ونجاة له في الآخرة إن أحسن إنفاقه ‏أيضاً، والآخر جمعه من الحرام فهو شقاء له في الدنيا وجحيم وعذاب في ‏الآخرة.‏
ومثال آخر من يريد أن ينجح في الدراسة بالجد والاجتهاد والمثابرة ‏والاعتماد على النفس بعد التوكل على الله ودعائه واللجوء إليه، وفي مقابله من ‏يريد أن ينجح ولكن بالغش والاحتيال والاعتماد على زملائه، وشتان بين ‏الصورتين.‏
‏5- يجب أن يكون الهدف محدداً واضحاً، لا غموض فيه ولا لبس ؛ لأن ‏عدم تحديد الهدف أو عدم وضوحه يجعل الإنسان غير قادر على الوصول إلى ما ‏يريد أو عدم معرفة ما يريد فمثلاً من يريد أن يتخرج من الجامعة لكنه لم يحدد ‏أي تخصص يريد، ولا في أي جامعة ، ولا متى سيكون ذلك، فيكون هدفه غير ‏محدد ويصعب عليه الوصل إليه.‏
وكمن يريد إيجاد بديل لعمله الوظيفي إذا تقاعد ويقف عند هذا فقط، أو ‏يريد السفر فقط دون أن يحدد وجهته أو طبيعة العمل الذي يسعى لتحقيقه في ‏سفره.‏
إذاً فلا بد من وضوح الهدف وتحديده بدقة حتى لا يختلط بغيره ويتعذر ‏تحقيقه والسعي له.‏
ومن وضوح الهدف أن يكون إيجابياً لا سلبياً، أي أن تحدد ما تريده ‏بوضوح، إذ إنّ من الأخطاء التي تقع فيها كثير من الناس عند سؤاله عن هدفه ‏أنه يذكر لك ما لا يريده، أماّّ ما يريده فهو غير واضح في ذهنه أو لم يفكر فيه ‏أصلاً.‏
ومن وضوح الهدف أن تتخيل أكبر قدر ممكن من تفاصيله كأنه منجز ‏متحقق حاصل بين يديك.‏
‏6- من شروط تحقق الأهداف وضع خطة عملية للوصول إليها، فالهدف ‏مهما كان عظيماً وممكناً ومشروعاً ومحدداً ما لم يبين سبيل الوصول إليه يبقى ‏أفكاراً وآمالاً فقط، أما تحققه في الواقع فلا بد له من خطة توصل إليه.‏
وهذا هو مفترق الطريق بين الجادين والهازلين في الحياة أن الهدف عند أهل ‏الجد والعزائم بمجرد أن يتحدد يتبعه التفكير والإعداد لكيفية تحقيقه والوصول ‏إليه وما هو مدى البعد والقرب منه، وما هي العوائق الموجودة في الطريق أو ‏التي يتوقع حصولها ؟ ، وكيف يُمكن تجاوز هذه العوائق والتغلب عليها.‏
أمَّا أهل التسويق والبطالة فما أكثر الأهداف الخيالية عندهم التي لا يخطون ‏خطوة واحدة في سبيل تحقيقها.‏
فمن يضع له هدفاً مثلاً أن يوجد له منزلاً سكنياً خلال سنتين فلا بد له من ‏وضع خطة للوصول إلى هذا الهدف تشتمل على توفير المبالغ المالية والبحث عن ‏الأرض المناسبة ووضع التصاميم الهندسية اللازمة والتعاقد مع المقاول وشراء ‏الاحتياجات ورسم جميع هذه الخطوات بالدقة والتفصيل.‏
وهذا يختلف عمن يريد أن يبني منزلاً سكنياً فقط ثم لا يفكر في شيء بعد ‏ذلك.‏
ومن وضع له هدف تأليفِ كتاب مثلاً فلا بد له من تحديد موضوعه ثم ‏الاطلاع الأولي على مصادره ثم وضع مخطط له يحتوي على أبوابه وفصوله ‏ومباحثه ومسائلة وأمثلته وغير ذلك.‏
وينبغي عند وضع خطة تحقيق الهدف مراعاة أن تكون عملية مرنة منطقية ‏كما سيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله في مبحث لاحق.‏
‏7- بعد إنجاز الخطة وتوفير الاحتياجات وتحديد زمن التنفيذ يكون التنفيذ ‏للخطة من أجل الوصول للهدف وتحدد جهة التنفيذ وجهة الإشراف ومعيار ‏قياس التقدم نحو الهدف وقد تكون جهة التنفيذ هي جهة الإشراف، وسيواجه ‏الإنسان أثناء تقدمه نحو هدفه كثيراً من العقبات التي قد تستدعي منه تعديل ‏بعض خططه والنظر في الأهداف المرحلية التي توصله للهدف الرئيسي من ‏العملية كلها.‏
ولا بد أن يكون المناط به تنفيذ العمل مؤمناً به إيماناً جازماً ، وأن يعقد ‏العزم على الوصول إليه بلا أدنى تردد، وأن يعقد العزم على أنه المسئول عن ‏تحقيقه لا غيره وإلاّ فالفشل هو مصير العمل لتحقيق الهدف.‏
‏8- يجب أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه هدفاً محتاجاً إليه وأولى من ‏غيره بالعمل.‏
فقد يكون الإنسان يسعى لأهداف تتوفر بيها جميع الشروع السابقة لكنه ‏لا يحتاج إليها بل حاجته لأهداف أخرى أكثر إلحاحاً كمن يريد أن يعدَّ له ‏استراحة يقيم فيها أسبوعياً في إجازة نصف العام وهو لم يبني منزلاً سكنياً يقيم ‏في طوال العام.‏
وهذا اختلال في الأوليات عنده حيث يقدم ما حقه التأخير ويؤخر ما ‏حققه التقديم، وربَّما تمادى الحال بمن هذه صفته إلى أن يقضي حياته في توافه ‏الأمور وصغارها بينما كان يُمكن أن يعمل غير ذلك ويترك أثر بل آثاراً يناله ‏نفعها وينال غيره في الدنيا والآخرة.‏
وهذا يقودنا إلى الإشارة إلى قضية أخرى وهي أن الإنسان لا يد أن يكون ‏في تحديد أهدافه والسعي لتحقيقها صاحب طموح ونفس توَّاقه لمعالي الأمور، ‏فالحياة محدودة والفرص قد لا تتكرر، ومن قضى أوقاته ومضت حياته في ‏الاشتغال بتوافه الحياة وصغارها عاش في قاعها، ولم يتسنى له الرقي إلى ذراها ‏وقممها.‏
فمثلاً إنسان يتمتع بذكاء عال جداً ويتخرج من الثانوية بتقدير ممتاز ولديه ‏قدرات أن يواصل دراسته حتى يحصل على شهادة الدكتوراه لكنه يرضى بما ‏تحقق له في الثانوية ويبحث له عن وظيفة محددة، هذا قد قتل قدراته ووأد ‏إمكاناته ، والسبب أن أهدافه متواضعة، وطموحه محدود. ‏
وإنسان آخر يقضي أوقاته في اللهو والبطالة ومجالسة الكسالي والفارغين، ‏ولو قضى هذه الأوقات في عبادة ربه من صلاة وقراءة وذكر وسعي على ‏الأرملة والمساكين والتميم، وفي مزاولة حرفة واكتساب رزق حلال لكان حاله ‏غير حالة لكنه عدم الطموح والرضى بالدون ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ‏قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ …).‏
‏9- إذا حددت هدفك العام وتوافرت فيه المواصفات والشروط المتقدمة، ‏فالواجب عليك أن تجزىء هذا الهدف العام إلى أهداف جزئية مرحلية صغيرة ‏لكما تحقق هدف منها اقتربت أكثر نحو استكمال هدفك حتى يتم تحقيقه ‏باستكمال تحقيق الأهداف المرحلية الصغرى، وهذا يستدعي منك تقسيم ‏هدفك الرئيسي العام إلى أهداف مرحلية صغرى أن تحدد الخطوات العملية التي ‏يتم من خلالها تحقيق كل هدف مرحلي على حدى.‏
فمثلاً من أراد أن يؤلف كتاباً في فن معين في موضوع محدد يلزمه لتحقيق ‏ذلك عدد من الأهداف المرحلية وهي :‏
‏1- وضع مخطط للكتاب.‏
‏2- حصر مصادرة ومراجعة.‏
‏3- كتابته وإعداده.‏
‏4- نشره وطباعته.‏
وكل هدف من هذه الأهداف المرحلية يحتاج لعدة خطوات عملية ‏لتحقيقه.‏
فمثلاً هدف وضع مخطط الكتاب يحتاج للخطوات الآتية:-‏
‏1- أن يطلع على الأبحاث السابقة في الموضوع نفسه.‏
‏2- أن يسجل ما يلقاه من مباحث ومسائل مما له علاقة بموضوعه.‏
‏3- أن يطلع على الكتب المتخصصة في طرائق البحث ويسجل ما له علاقة ‏بموضوعه.‏
‏4- أن يجمع شتات ما كتبه وينسقه وينظمه ويصيغه.‏
‏5- أن يعرض ما كتبه من مخطط على بعض المتخصصين في هذا الفن ممن ‏هم أعلم منه بذلك.‏
‏6- أن يستفيد من ملحوظاتهم وتوجيهاتهم ويعد مخطط كتابه على الصورة ‏النهائية.‏
وهدف حصر مصادر ومراجع الكتاب يحتاج منه إلى الخطوات الآتية:‏
‏1- أن يقوم بالبحث والتفتيش في مكتبته الخاصة ويسجل ما له علاقة ‏ببحثه من المصادر.‏
‏2- أن يقوم بزيارة أكبر قدر ممكن من المكتبات التجارية للبحث فيها ‏وشراء ما يحتاجه منها.‏
‏3- أن يطلع على موجودات المكتبات العامة وفهارسها ويسجل ويحصر ما ‏له علاقة بكتابه.‏
‏4- يقوم بزيارة المكتبات الخاصة لزملائه وأصدقائه ويبحث فيها ويستعير ‏ما له علاقة ببحثه.‏
‏5- يطالع فهارس المصادر في الأبحاث المشابهة ويسجل ما له علاقة ببحثه.‏
‏6- يبحث في فهارس دور النشر والرسائل الجامعية فقد يجد ما يصلح ‏مصدراً لكتابه.‏
ثم ينتقل للهدف المرحلي الثالث وهو كتابه المؤلف وإعداده، وله أيضاً ‏خطوات عملية تؤدي إليه.‏
ثم ينتقل للهدف المرحلي الرابع وهو طباعة الكتاب ونشره ، وله أيضاً ‏خطوات عملية تؤدي إليه.‏
وقد آثرت عدم ذكر الخطوات العملية لهذين الهدفين اختصاراً واكتفاءاً ‏بالتمثيل بما تقدم، فإذا تحققت الأربعة الأهداف المرحلية من خلال خطواتها ‏العملية فقد وصلت لهدفك الرئيسي في الموضوع وهو تأليف كتاب في موضوع ‏محدد في علم من العلوم.‏
ومما ينبغي ملاحظته في الأهداف المرحلية والخطوات العملية المؤدية إليها أن ‏يكون لكل خطوة بديل أو أكثر بحيث لو لم تتمكن من هذه الخطوة لحاولت ‏التقدم عن طريق البديل الآخر لها، بل لو رأيت أن الهدف العام لا يمكن تحقيقه ‏فليكن لك أهدفا بديلة تستثمر في تحقيقها ما بذلت من جهد.‏
فمثلاً لو رأيت أن الموضوع كُتب فيه ولم تطلع على ذلك إلاّ بعد البحث ‏والعمل والتعب، أو ظهر لك أن المعلومات المتوافرة لا تكفي لتأليف كتاب ‏فيمكنك حينئذٍ أن تستعيض عن ذلك بكتابة مقال أو بحث علمي حول ‏الموضوع في إحدى الدوريات المتخصصة.‏
وهذا المثال الذي أسهبت في بيانه بعض الشيء يمكن أن يطبق على أي ‏هدف تسعى له في الحياة ولكن بالصورة المناسبة له.‏
‏10- من عوامل النجاح في تحقيق الأهداف أن يكتم أمرها وأمر السعي ‏والعمل لتحقيقها عمن لا حاجة إلى علمه بها، وكما ورد في الأثر ( استعينوا ‏على قضاء حوائجكم بالكتمان)، ومن عجز عن حفظ سره فلا يلوم غيره إذا ‏أفشاه، وكم من الأهداف ضاعت وفشل في تحقيقها أو سرقت بسبب إفشاء ‏أسرارها عن أصحابها.‏
‏* * *‏


تنظيم الحياة شرط لنجاحها


لقد بنى الله سبحانه وتعالى الكون كله على نظام دقيق مذهل لا مكان فيه ‏للفوضى والاضطراب، قال سبحانه : ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً )، وقال ‏سبحانه: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ).‏
وفي ضمن هذا الإحكام ولحكمة باهرة أعطى سبحانه الإنسان قدراً من ‏الحرية والاختيار ابتلاءً وامتحاناً وخلال هذا القدر من الحرية يستطيع الإنسان ‏أن ينظم حياته أو أن يبقيها فوضى مضطربة ودواعي التنظيم لحياة الإنسان تحيط ‏به في كل ذرة من هذا الكون في تقلب الليل والنهار واختلاف الفصول ‏والأحوال ونضوج الثمار وتوالد الحيوان، فالنظام هو سمة وعنوان الكون كله ‏من الذرة إلى المجرة.‏
وجاء شرع الله مرسخاً لهذه الحقيقة الكونية في تعاليمه وأحكامه في ‏العبادات والمعاملات.‏
فإذا لم يستجب الإنسان لكل لهذه الدواعي والمؤثرات وينظم ما بقي من ‏حياته مما أعطي حق الاختيار فيه فهو الاضطراب والصراع مع جميع المخلوقات ‏من حوله وهوالضنك والتعب والتعاسة في حياته وهو الإخفاق وقلة الإنتاج ‏وضآلة العطاء في أعماله، ثم النهاية أن يصاب الفوضوي بالإحباط واليأس ‏والتوتر والقلق حين يرى الناس وقد قطعوا شوطاً بعيداً في الحياة وهو ما زال ‏يراوح في مكانه، والنتيجة النهائية لذلك كله ضياع الوقت الذي هو إهدار ‏الحياة ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.‏
ويمكننا أن نعرّف التنظيم تعريفاً مبسطاً سهلاً فنقول إنه استخدام الوسائل ‏الممكنة لتحقيق الأهداف المنشودة من خلال خطة محكمة.‏
وهذا يستدعي الإلمام بالأمور الآتية :‏
‏1- حجم الوسائل المطلوبة.‏
‏2- معرفة أهمية كل وسيلة.‏
‏3- معرفة وتحديد مكان كل وسيلة من العمل.‏
‏4- ضبط الوقت الذين يحتاج فيه إلى كل وسيلة.‏
وقبل ذلك كله صياغة الأهداف بعناية، وليكن جميع ذلك من خلال خطة ‏واضحة المعالم.‏


بعض أسباب الفوضى وعدم التنظيم للحياة:‏
‏1- التهاون في استغلال الوقت وتضييعه في التوافه من الأمور، وما أصيب ‏العاقل بمثل مصيبة ضياع الأوقات؛ لأن اللحظة التي تمر لن تعود ابداً ، وكما ‏ورد في الأثر أنه ما من يوم ينشق فجره إلاّ وماد ينادي: يا أبن آدم أنا خلق ‏جديد وعلى عملك شهيد لا أعود لك إلى يوم القيامة فتزود مني بخير، فالعاقل ‏يدرك ان الزمن هو أنفاسه التي تتردد، وأن الدقيقة إذا مضت وانقضت فهي ‏نقص من حياته كما قال الشاعر :‏
دقات قلب المرء قائلة له ‏ ‏ إن الحياة دقائق وثوان‏
ولذلك ينطلق العاقل في حياته مستثمراً لكل لحظة منها أجدى وأفضل ‏استثمار لعلمه أن الله سيسأله عن عمره فيمَ أفناه، وعن شبابه فيمَ أبلاه.‏
أما أهلا الفوضى والبطالة فليس في حياتهم أرخص من الأوقات يقضونها في ‏اللهو والتوافه لا يعتنون بها ولا يفكرون في استغلالها بل يتنادون لقتلها، وما ‏علم المساكين أنهم يقتلون أنفسهم، وكما قيل: الوقت كالسيف إن لم تقطعه ‏قطعك، وما فاز وسبق فرد أو أمة على غيره إلاّ بإدراكه لقيمة الوقت ومبادرته ‏للاستفادة منه بكل ما يستطيع.‏
وما أعظم ما قاله أحد السلف لآخر حين دعاه إلى بعض ما تضيعُ به ‏الأوقات فقال له: أوقف الشمس حتى أستجيب لك.‏
والنفس إذا تعودت الحرص على الأوقات واستغلالها فيما ينفع ويفيد دفعها ‏ذلك إلى تنظيم جميع أمور الحياة التي ظرفها الزمان، ولتكن حكمتك (الوقت ‏هو الحياة فلا تضيعها وساعد غيرك على الاستفادة منها).‏
‏2- عدم التفريق بين الأهم والأقل أهمية ؛ إذ أن بعض الناس يشتغل ‏بالكماليات والثانويات أو المندوبات والمباحات، ويستفنذ وقته فيها، ويهدر ‏ويفرّط في الضروريات والكليات والفرائض والواجبات، فهو كمن بذل جهده ‏تقصيراً كبيراً في قواعد واعمده وجدران ذلك المنزل فآل به الأمر إلى أن انهدم ‏المنزل على من فيه ولم ينفعه تزويق الألوان ولا بهارج الأصباغ.‏
وهكذا حياة بعض الناس تجري وراء المظاهر الفارغة والمراءات الكاذبة ‏والمناسبات والمجلات ، وإذا فتشت في حياتهم لتبحث فيها عن علم محقق أو ‏عمل زاك مبارك أعوزك ذلك، وهؤلاء وإن عاشوا فترة من الحياة في غررو ‏لكنهم يستيقظون إذا انصرفت عنهم الحياة ونسيهم الناس أو حل بهم الأجل ‏وانتقلوا للدار الآخرة، حينئذٍ يدرك الإنسان أن الزبد يذهب جفاء، ولا يمكث ‏إلاّ ما ينفع الناس، وإن من المقاتل التي يرمي بها الباطل أهل الجد والنشاط هو ‏صرفهم عن العمل لمعالي الأمور إلى استغلال نشاطهم في صغائر الحياة فتتكاثر ‏عليهم الصغار وتتراكم في الانتظار الكبار فلا يكون إلا الفوضى والاضطراب.‏
واعلم أن صغار الأمور رجالها في الحياة كثير والزحام عليها شديد، أمّا ‏معالي الأمور وعظائمها فطريقها شبه خالٍ من السالكين فيممه إن كنت ذا همة ‏وعزيمة.‏
‏3- سوء التوقيت في إنجاز العمل إما بتقديمه عن وقته المناسب أو تأخيره ‏عنه، ولله درُّ الصدِّيق حين قال في وصيته للفاروق رضي الله عنهما: واعلم أن ‏لله عملاً في الليل لا يقبله في النهار، وأن لله عملا في النهار لا يقبله في الليل.‏
والمتأمل في هذا الكون يتبين له أن الله قد جعل لكل شيء وقتاً محدداً لا ‏يتقدم ولا يتأخر عنه كتقلب الليل والنهار وطلوع الشمس وغروبها واختلاف ‏الفصول وإثمار الأشجار وتكاثر الحيوان، وغير ذلك.‏
وعلى هذا السنن الإلهي كان شرع الله المنزل كأوقات الصلوات والصيام ‏والحج والزكاة وغيرها من الأعمال، وبالتالي فيجب أن ينسجم الإنسان مع هذا ‏الكون، وأن يجري على أحكام هذا الوحي فينظم حياته ويجعل كل شيء في ‏موضعه المناسب ومخالفة ذلك ليست إلاّ أعمالاً لا فائدة منها كمن يرجو الثمرة ‏قبل وقتها وإلاّ أعمالاً قد مضى وقتها وانتهت فائدتها، وربمّا تعب الإنسان ‏وكدح وعمل ولكن الفوضى في عدم ضبط الأعمال بأوقاتها أفقدته ثمرة عمله.‏
‏4- عدم اكتمال العمل، فكثير من الناس تمضي حياتهم في أعمال ومشاريع ‏يخطون خطواتها الأولى ثم يتركونها إلى غيرها قبل اكتمالها، وهكذا إلى غيرها، ‏وتنقضي أيامهم في بذر لا يرى حصاده ولا تجنى ثماره وتتراكم الأعمال وتكثر ‏الأعباء والحياة محدودة والإمكانات مثل ذلك وإذا بالأيام تولت والإنسان يجري ‏وراء سراب.‏
‏5- تكرار العمل الواحد أكثر من مرة ظناً منه أنها لم ينفذه قبل ذلك ، ‏فمثلاً الإنسان الذي يعد بحثاُ علمياً ثم يمر به حديث نبوي فيخرجه ثم يمر به ‏فيخرّجه مرة أخرى ثم مرة ثالثة، وربمّا أكثر من ذلك فيضيع الأوقات ويهدر ‏الجهد ولا جديد في العمل.‏
فالتعود على تكرار العمل بعد الفراغ منه دون حاجة لذلك يقلل إنتاج ‏الإنسان في الحياة، ويضيع عليه كثيراً من الفرص التي كان يُمكن أن يفعل فيها ‏الشيء الكثير لدنياه وآخرته.‏
وهذا الأمر وإن كان من نتائج الفوضى في الحياة إلاّ أن التعود على هذا ‏الأمر يصبح سبباً لغيره مما يتلوه من فوضى في أعمال جديدة، ولذلك كما قيل ‏‏: السيئة تقود إلى مثلها والحسنة سبب لأختها.‏
‏6- عدم ترتيب العمل عند تنفيذه وإنجازه ترتيباً منطقياً منظماً، فبعض ‏الناس ينطلقون إلى إنجاز العمل وسواء عندهم بدؤوا بالمقدمة أو الخاتمة كمن ‏يبني منزلاً فيبدأ بإعداد مستلزمات السقف قبل أن يبدأ في إعداد القواعد ‏والأساسات أو من يبدأ الأعداد لقطف الثمار قبل بذر البذور وزرع الأشجار.‏
نعم ، الإعداد للأمور قبل مفاجأتها وضيق أوقاتها مطلوب ولكن بعد أن ‏تفرغ من الإعداد والعمل لما ينبغي أن يسبقها زماناً أو عقلاً ومنطقاً، وإلاّ فرَّبما ‏قضى الإنسان كثيراً من الأوقات، وبذل كثيراً من الجهود والإمكانات في ‏أعمال ربّما لا ينتفع بها لعدم مجئيها في وقتها ومكانها، ويضطر لتكرارها مرة ‏أخرى ولو تريث قليلاً ونظم عمله ورتب جهده لما خسر كل هذا من حياته ‏وجهده وإمكاناته، والسبب في ذلك كله الفوضى والعشوائية الغوغائية، وصلى ‏الله وسلم على من قال : ( إن الله يحق من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه ).‏
‏7- تنفيذ العمل بصورة ارتجالية وعدم التخطيط له قبل إنجازه بوقت ‏كاف.‏
وهذا ولا شك من أهم أسباب الفوضى في الحياة وعدم تنظيم الإنسان ‏لحياته، إذا بالتخطيط يحدد الإنسان أهدافه من كل عمل يقوم به ووسائله ‏لتحقيق تلك الأهداف وكيفية استغلال تلك الوسائل ومكان كل شيء من ‏العمل.‏
وبدون ذلك فإنما هو الكدح والاضطراب والسير في ظلام لا تُعرف نهايته ‏ولا ماذا سيوصل إليه بعد ذلك، ولأهمية أمر التخطيط في حياة الفرد والجماعة ‏فسأفرد له شيئاً من الحديث وحده.‏


كيف تنظم يومك ؟
إذا نجح الإنسان في تنظيم يومه نجح في تنظيم حياته وكثير من الناس ‏يواجهون أعباء الحياة يومياً بدون تنظيم ولا تخطيط لأعمالهم فيرهقون أنفسهم، ‏ولا يبلغون أهدافهم ومحاولة مني في مساعدتك أيها القارىء الكريم في تنظيم ‏يومك إليك هذه الأفكار التي أرجو أن تتحول إلى برنامج وعمل:‏
‏1- أعد قائمة بأعمالك اليومية في مساء اليوم الذي قبله أو في صباح اليوم ‏نفسه واحتفظ بهذه القائمة في جيبك وكلما أنجزت عملاً فأشر عليه بالقلم.‏
‏2- أوجز عبارات الأعمال في الورقة بما يذكر بها فقط.‏
‏3- قدر لكل عمل وقتاً كافياً وحدد بدايته ونهايته.‏
‏4- قسم الأعمال تقسيماً جغرافياً بمعنى أن كل مجموعة أعمال في مكان ‏واحد أو في أماكن متقاربة تنجز متتالية حفظاً للوقت.‏
‏5- اجعل قائمتك مرنة بحيث يُمكن الحذف منها والإضافة إليها إذا ‏استدعى الأمر ذلك.‏
‏6- اترك وقتاً في برنامجك للطوارئ التي لا تتوقعها مثل ضيف يزورك بدون ‏موعد أو طفل يصاب بمرض طارئ أو سيارة تتعطل عليك في الطريق وأمثال ‏ذلك.‏
‏7- بادر لاستغلال بعض هوامش الأعمال الطويلة لإنجاز أعمال قصيرة ‏مثلاً عند الانتظار في عيادة الطبيب اقرأ في كتاب أو أكتب رسالة أو اتصل إذا ‏وجد هاتف لإنجاز بعض الأمور وهكذا.‏
‏8- عندما يكون وضع برنامجك اليومي اختيارياً ، نوَّع أعمالك لئلا تصاب ‏بالملل فاجعل جزءاص منها شخصياً وآخر عائلياً وثالثاً خارج البيت .. إلخ.‏
‏9- اجعل جزءاً من برنامج اليومي لمشاريعك الكبيرة كتطوير ذاتك ‏وثقافتك والتفكير الهادىء لمشاريعك المستقبلة وأمثال ذلك.‏
‏10- حبذا لو صممت استمارة مناسبة لكتابة برنامجك اليومي عليها، ثم ‏صورت منها نسخاً ووضعتها في ملف لديك وجعلت لكل يوم منها واحدة.‏


‏***‏
الحياة المنظمة هي القائمة على التخطيط


سبق الإشارة إلى أن التخطيط شرط للسير في الحياة بنظام وتجنب الفوضى ‏والاضطراب في الحياة، وللتخطيط مبادئ وضوابط ودراسات توسع فيها ‏المعاصرون توسعاً كبيراً وسأكتفي هنا بإيراد بعض المبادئ العامة السهلة التي ‏يُمكن أن يستفيد الإنسان منها ويحاول أن يطور حياته بها مهما كانت ثقافته ‏وإمكاناته، وإليك هذه المبادئ والإرشادات العامة.‏
‏1- لا تباشر التخطيط – وبخاصة في الأمور المهمة – إلاّ بعد الحصول على ‏قدر كاف من الراحة والهدوء واعتدال المزاج والشعور بالثقة وعدم القلق ‏والتوتر والإحباط ؛ لأن التخطيط يحتاج منك إلى جميع قواك الذهنية من تفكير ‏وتذكر وخيال، وهذا لا يتأتى إلاّ عندما يكون الإنسان في الحالة الذهنية ‏والنفسية والجسمية المناسبة لذلك، وهذا في الأحوال الطبيعية أماّ في الأحوال ‏الاضطرارية فللضرورات أحكامها.‏
‏2- توفر المعلومات عن الواقع القائم وعن العمل الذين تسعى لإقامته ‏وإيجاده ، فلا بد من الإلمام بالواقع وتوصيفه كما هو عليه من غير زيادة ولا ‏نقصان ؛ لأن الواقع سيكون منطلقاً للمستقبل الذي تخطط له، والمراد هنا واقع ‏العمل الذي تريد التخطيط له وتطويره وإنجازه لا واقع الحياة كلها فلذلك ‏حديث آخر، ولا بد كذلك من إيجاد المعلومات التفصيلية عن العمل الذي ‏يخطط له من حيث أهدافه ووسائله وفائدته ومدى الحاجة إليه.‏
‏3- تحديد الأهداف المراده من العمل الذي تخطط له وليكن تحديد ‏الأهداف بالصورة التي سبق الإشارة إليها في مبحث سابق من مراعاة ‏للأولويات وإيجاد للبدائل وتوازن وواقعية ووضوح وغير ذلك من الأمور.‏
‏4- معرفة وحصر ما تحتاج إليه من وسائل وإمكانات بشرية ومادية لتنفيذ ‏خطتك وتحقيق أهدافك ومعرفة ما هو الموجود منها، وما هو غير المتاح الآن ؟ ‏، وكيف يُمكن إيجاده ؟ ، ويراعى في ذلك الوسيطة بين الإشراف والتقتير في ‏المقدار ، وأن تكون الوسيلة مشروعة غير محرمة.‏
‏5- تحديد زمان ومكان تنفيذ العمل وإنجازه ، ويجب أن يكون تحديد ‏هذين العنصرين واضحاً وضوحاً لا لبس فيه فإن لم يتم ذلك فستبقى الخطة ‏ناقصة حتى يتم استكمال ذلك ، إذ لا بد لكل عمل في الحياة من زمان ومكان، ‏ولا يمكن أن يتم بدونهما، وهذا يستدعي أن تحدد زمان ومكان ودور كل ‏وسيلة من وسائل العمل، وكل مرحلة من مراحله.‏
‏6- تحديد من يقوم بتنفيذ العمل إما بتحديد عينه وشخصه سواء كان فرداً ‏أو مجموعة أفراد أو بتحديد أوصافه المناسبة لهذا العمل ثم بعد ذلك يبحث عمن ‏تنطبق عليه هذه الأوصاف ويسند إليه أمر تنفيذ العمل، إذ إن كل عمل يحتاج ‏إلى إنسان فيه من المواصفات ما ليس فيمن يحتاجه العمل الآخر، فعمل الحدادة ‏يحتاج إنساناً صفاته وخبراته غير من يحتاجه عمل التجارة، والزراعة تحتاج ‏إنساناً تختلف صفاته عن صفاته من يصلح للحدادة والنجارة وهكذا.‏


وقد يخفق التنفيذ لأسباب عديدة منها:‏
أ – عدم حصر الاحتياجات بدقة وترك اكتشافها ثم توفيرها للمصادفات، ‏فمثلاً لو أردت القيام برحلة عائلية أو مع بعض الزملاء وأخذت بعض لوازم ‏الرحلة بدون حصر شامل لذلك وعند الوصول لمكان الرحلة تكتشف بعد كل ‏فترة نقص شيء من احتياجاتكم وتضطر لركوب السيارة والذهاب لإحضاره، ‏وهكذا دواليك حتى انتهت الرحلة القصيرة دون أن تستمتع بها، والسبب في ‏ذلك عدم الدقة والشمول في حصر احتياجاتك وتوفيرها.‏
ب- عدم توزيع الوسائل والإمكانات على مراحل العمل توزيعاً صحيحاً ‏فيقدم ما حقه التأخير ويؤخر ما حقه التقديم، وهكذا دواليك.‏
ج- عدم وعدم الأشياء والإمكانات عند تخزينها وحفظها في أماكنها ‏المناسبة بصورة منظمة يسهل الوصول إليها عند الاحتياج لها كمن لديه مكتبة ‏ثرية غنية بالكتب ولكنها غير منظمة وعند الاحتياج لأي كتاب تبذل جهداً ‏ووقتاً في البحث عنه، وقد لا تعثر عليه بعد ذلك أيضاً.‏
د- تعقيد الخطة وعدم مرونتها وبساطتها مما يؤدي إلى صعوبة فهمها ‏واستيعابها وبالتالي عدم القدرة على تنفيذها.‏
هـ- عدم الإيمان بالعمل والحماس له مما يحول العاملين إلى أناس تقليديين ‏يكتفون بالصورة الظاهرة من العمل.‏
و- عدم قدرة العاملين على ممارسة العمل لعدم وجود التدريب الكافي.‏
ز- الانقطاع عن العمل وعدم الاستمرار فيه إلى نهاية على مقتضى الخطة.‏
‏7- كذلك يجب أن تشتمل الخطة على بيان من يقوم بالإشراف على تنفيذ ‏العمل، ومهمته هي متابعة من ينفذ والتأكد من أنه التزم بالخطة الموضوعة له، ‏وكذلك مساعدته في تجاوز ما قد يعرض له من عقبات لم تكن في الحسبان ‏وتوفير ما يحتاجه من إمكانات مادية وبشرية لتنفيذ العمل المناط به، وقد يكون ‏المخطط هو المنفذ وهو المشرف أيضاً، وقد يكون لكل عمل منها جهة مختلفة ‏عن الأخر وبخاصة في الأعمال الكبيرة.‏
ويُمكن أن يستفاد في تخفيف الأعباء حينئذٍ عمن يقوم بالتنفيذ والإشراف ‏عن طريق التفويض للآخرين، وسيأتي الحديث عن ذلك بصورة أكثر تفصيل إن ‏شاء الله.‏
‏8- تحديد طريقة التقويم وكيفية إعداد التقارير عن التقدم في العمل ومدى ‏توافق ذلك مع الخطة والفترة الزمنية المحددة لكل مرحلة من مراحل العمل، ‏وبيان معايير الإنجاز التي على أساسها يقاس النجاح أو الفشل في العمل.‏


وهذه المعايير ترتكز على أربعة أمور هي :‏
أ ) مقدار الكمية المنفذة من العمل.‏
ب) جودة ما نفذ من كمية.‏
ج) مقدار الجهد والتكلفة المادية المبذولة في هذه الكمية.‏
د) مقدار الزمن الذي استغرق في إنجاز هذا المكنية فمثلاً لو نفذ من العمل ‏ما نسبته 30% في فترة زمنية تبلغ 50% من زمن التنفيذ وبتكلفة تبلغ 40% ‏من تكلفة العمل، فالعمل يحكم عليه بالفشل حينئذٍ ولا بد من تدارك النقص في ‏ذلك.‏
وكذلك لا بد من تحديد الجهة التي يسند إليها إعداد تقارير التقويم ‏والإنجاز.‏
والخطة الناجحة هي التي تجيب على الأسئلة التالية:‏
‏ أين نحن الآن ؟ ولماذا ؟ وأين يجب أن نكون ؟ وكيف ؟ ومتى يكون ذلك ‏؟ ومن سيقوم به ؟


نموذج تخطيط لشأن عائلي :‏
‏1- موضوع الخطة : ميزانية المنزل.‏
‏2- هدف الخطة:‏
أ- ضبط عملية الصرف على العائلة بطريقة متوازنة تتناسب مع الدخل ‏المتوفر للعائل.‏
ب- شمول الانفاق على جميع الاحتياجات.‏
ج- ترتيب النفقة حسب الأوليات.‏
‏3- عدم أفراد العائلة 10‏
أ) عدد الأطفال 5‏
ب) عدد الطلاب 3‏
ج) عدد النساء 1‏
د) عدد الرجال 1‏
‏4- المدى الزمني للميزانية 3 شهور.‏
‏5- المبلغ المتوفر للميزانية خمسة عشر ألف ريال. (15000).‏
‏6- عناصر صرف الميزانية:‏
أ) الضروريات وتبلغ نسبتها 80% من الميزانية ومقداره 12000 ريال ‏موزعة كالآتي:‏
الطعام وتبلغ نسبته 35% من الميزانية ومقدارها 5625 ريال.‏
الشراب: وتبلغ نسبته 5% من الميزانية ومقدارها 750 ريال.‏
الملابس وتبلغ نسبتها 10% من الميزانية ومقدارها 1500 ريال.‏
العلاج : وتبلغ نسبته 7% من الميزانية ومقدارها 1050 ريال.‏
السكن: وتبلغ نسبته 15% من الميزانية ومقدارها 2250 ريال.‏
الطاقة من غاز وكهرباء ونسبتها 5% من الميزانية ومقدارها 750 ريال.‏
الاحتياجات المدرسية ونسبتها 3% من الميزانية ومقدارها 450 ريال.‏
فيكون مجموع ما سينفق على الضروريات 80% من الميزانية ومقدارها ‏‏12000 ريال.‏
ب) الكماليات وتبلغ نسبتها 20% من الميزانية ومقدارها 3000 ريال ‏موزعة كالآتي:‏
الضيافة: وتبلغ نسبتها 8% من الميزانية ومقدارها 1200 ريال.‏
الهدايا: وتبلغ نسبتها 4% من الميزانية ومقدارها 600 ريال.‏
الهاتف: وتبلغ نسبته 4% من الميزانية ومقدارها 600 ريال.‏
أجور التنقلات : وتبلغ نسبته 4% من الميزانية ومقدارها 600 ريال.‏
فيكون مجموع ماسينفق في الكماليات 20% من الميزانية ومقدارها 3000 ‏ريال.‏
‏7- من يقوم بعملية صرف الميزانية : ربة المنزل.‏
‏8- من يقوم بالإشراف والتقويم : رب المنزل.‏
‏9- فترات المراجعة والتقويم : كل خمسة عشر يوم.‏


ماهي الملحوظات على هذه الميزانية ؟ :‏
المتأمل في هذه الخطة لميزانية منزل دخله الشهري خمسة آلاف ريال يظهر له ‏عليها بعض الملحوظات، وهي :‏
أ- عدم تخصيص مبلغ للأعمال الخيرية.‏
ب- عدم أدخار أي مبلغ للطوارىء والمشاريع المستقبلية كشراء سيارة ‏مثلاً.‏
ج- عدم تخصيص أي مبلغ للكتاب والشريط وما يشابهها مما له صلة ‏بالناحية العلمية والثقافية في حياة الأسرة، وعلى هذا فلا بد من إعادة النظر في ‏الميزانية لاقتطاع بعض المبالغ من بنودها المذكورة أو توفير مبالغ إضافية لهذه ‏الثلاثة الأمور.‏


‏***‏



يتبع بإذن الله ..

ابن رجب
2007-08-13, 11:29 AM
الاستغلال الأمثل للزمن

إن أخطر مشكلة تواجه الأمم والأفراد هي مشكلة ضياع الأوقات، إذ أن ‏ذلك يعني ضياع الحياة، وكل فائت قد يستدرك إلاّ فائت الزمن ؛ ولذلك تذكر ‏دائماً هذه العبارات واكتبها أمامك بخط عريض:‏
‏(الوقت لا يتوالد ، لا يتمدد ، لا يتوقف، لا يرجع للوراء، بل للأمام ‏دائماً)‏
وأعلم أن أول شروط النجاح في الحياة هو إدارة وقتك بفعالية والزمن في ‏الحقيقة لا يُمكن أن يدار من قبل الإنسان حتى وإن كثرت في كتاباتهم عبارة ‏إدارة الوقت، إذ أن الزمن يتحرك بقدر الله ولكن الذي يمكن أن يدار هو ‏استغلالنا للوقت أثناء جريانه وقد أعاد وأبدأ القرآن الكريم في التحذير من ‏ضياع الأوقات وكذلك السنة الشريفة فضلاً عن الحكماء والعلماء وأصحاب ‏التجارب في الحياة.‏

والعناصر التي يمكن تقسيم الوقت بينها في الحياة هي :‏
‏1- الضروريات ، وهي ( أداء الفرائض – الأكل – الشرب – النوم – ‏العلاج – النكاح).‏
‏2- العلاقات ، وهي مع ( الأهل والأقارب – الأصدقاء – الزملاء – ‏الجيران).‏
‏3- التطوير والاستجمام، وهي ( القراءة – الكتابة – الرياضة – النزهة – ‏النوافل من الطاعات).‏
‏4- الطوارئ، وهي (المناسبات – الحوادث – الأزمات) ‏
‏5- العمل المخصص للكسب سواء كان وظيفة أو تجارة أو زراعة أو مهنة ‏والأوقات المخصصة له أما منتجة أو ضائعة.‏
ولكل فقرة من هذه الفقرات تفصيل طويل ليس هذا محل بيانه، ولكن ‏نكتفي بالإشارة السابقة لكل قسم منها :‏

توجيهات عامة في التعامل مع الزمن
‏1- احرص على شراء حاجياتك من مكان واحد وفي وقت واحد ‏وبكميات كبيرة حتى لا تعود للشراء في وقت قريب، ومثل ذلك المدارس ‏والعلاج والنزهات.‏
‏2- بالنسبة للعمل الوظيفي قسمه إلى الأقسام التالية وحافظ على هذا ‏التقسيم قدر الإمكان.‏
أ- القسم الأول لمقابلة مرؤوسيك ورؤسائك في العمل لمناقشتهم في قضايا ‏العمل.‏
ب- القسم الثاني لمقابلة المراجعين لمكتبك وسماع طلباتهم.‏
ج- القسم الثالث لإنجاز المعاملات والأوراق التي يجب عليك إنجازها في ‏ذلك اليوم.‏
د- القسم الرابع للرد على المكالمات الهاتفية الواردة للمكتب، وتذكر أن ‏الهاتف وسيلة لقضاء الحاجات فاستعمله بقدرها ولا تجعله وسيلة لقتل الأوقات.‏
‏3- بالنسبة للزيارات منك أو إليك احرص على أن تكون بموعد سابق ‏وبقدر الحاجة منها وأن تقضي وقتها فيما يفيد مع الاستفادة من هوامش الوقت ‏في إنجاز بعض الأعمال الثانوية.‏
‏4- أما الانتقال من مكان إلى آخر فليكن بأكثر الوسائل توفيراً للوقت ‏والمال والجهد، وإذا استطعت أن يكون في غير أوقات الازدحام وعبر الطرق ‏غير المزدحمة فلا تفرط في ذلك، وإذا أمكنك إنجاز بعض الأعمال أثناء انتقالك ‏بالطيارة أو القطار أو الحافلة وما شابهها وإلاّ فاجعله فرصة للراحة والنوم ‏استعداداً لما بعد السفر من أعمال واحرص على الحجز قبل السفر بوقت كاف ‏وبخاصة في المواسم.‏
‏5- فترات الانتظار الاضطرارية مثل الانتظار عند الإشارة أو الطبيب أو ‏انتظار الضيوف أو انتظار الطعام عندما تكون ضيفاً وأمثال ذلك يضيع فيها ‏كثير من الأوقات.‏

ولتلافي هذه المشكلة عليك بالآتي ‏
حاول تقليل فترات الانتظار بترتيب مواعيدك، والالتزام بها واختيار ‏الأوقات التي يقل فيها الزحام واسلك لقضاء غرضك أقصر الطرق واقلها ‏ازدحاما ً وأرشد الآخرين للالتزام بدورهم وعدم تجاوزه، وأخيراً استفد من ‏انتظارك في القراءة أو الكتابة أو الذكر أو التفكر.‏
‏6- اجعل في برنامجك أوقاتاً خاصة للتطوير الذاتي من خلال القراءة ‏والدراسة وأخذ الدورات التخصصية المناسبة والاعتكاف للعبادة وصيام النوافل ‏وأشباه ذلك.‏
‏7- اجعل في برنامجك أوقاتاً خاصة للترفيه والتنزه المشروع ولا تحسبن ذلك ‏مما يضيع فإنه إذا أحسن الاستفادة منه وكان بقدره وفي زمنه المناسبين كان له ‏أجمل الأثر في تنشيط النفس وإزالة ما قد يصيبها من كلل وملل وسأم.‏
‏8- لا تتردد في استعمال عبارة ( ارجعوا هو أزكى لكم) وفي الرد بكلمة ‏‏( لا ) عندما يتسلط الفارغون لإضاعة وقتك والقضاء على أثمن ما تملك .‏
‏9- أحذر من ضياع حياتك أمام وسائل الترفيه بل كن حازماً في ضبط ‏ذلك وبخاصة مع أطفالك ومن تعولهم، وعودهم على احترام النظام والترتيب ‏لحياتهم باستغلال الوقت وتحمل المسئولية.‏
‏10- ضع علبة احتياطية لمفاتيحك يسهل الوصول إليها وبعيدة عن متناول ‏الأطفال والفضوليين، ورتب ما تحمله من مفاتيح في جيوبك بشكل ثابت بحيث ‏يسهل الوصول إليها في أي ظرف بمجرد اللمس ولا تجمع المفاتيح كلها في ‏ميدالية واحدة، بل اجعل كل مجموعة مفاتيح متقاربة في العمل في ميدالية ‏خاصة بها ؛ لأن كثيراً من الأوقات تضيع في البحث عن المفاتيح وربما كسرت ‏الأبواب وتعطلت الأعمال.‏

كيف تقلل إهدار الأوقات ؟
‏1- دوِّن في دفتر محلوظات صغير ما يضيع من وقتك خلال يوم وهكذا ‏لمدة أسبوع، ثم لمدة شهر ثم قم بإحصاء ما ضاع منك خلال عام ، ثم انظر كم ‏نسبة الضائع من حياتك.‏
ويُمكن أن تكون الورقة التي يسجل فيها الوقت الضائع هكذا وقت ضائع في ‏الساعة يوم شهر مقدار الوقت الضائع سببه مكانه مع من
‏2- قم بعملية تقسيم لأوقاتك على أعمالك كما هي في الواقع ثم انظر أي ‏الأعمال يستأثر من الأوقات بأكثر من حاجته وأي الأعمال لا يأخذ كفايته ثم ‏أعد التوازن إلى برنامجك على ضوء ما توصلت إليه من نتائج.‏
‏3- قم في أوقات الهدوء والاسترخاء بالتعرف على ميولك النفسية ورصد ‏أثرها في تسريب وضياع وقتك في توافه الأمور لتقوم بعد ذلك بمحاولة ‏الإصلاح ومجاهدة النفس.‏

السيطرة على الذات واكتساب الثقة

العوامل المؤثرة في شخصيتك :‏
‏1- عوامل ذاتية هي أكثر العوامل تأثيراً في الشخصية وكذلك هي أكثر ‏العوامل استجابة لجهود الإنسان في تطويرها وتعديلها والرقي بها أو الانحطاط، ‏ومن هذه العوامل:‏
العقيدة والدين، الثقافة والمعلومات، الأخلاق والسلوك، المهارات ‏والخيرات، الصحة البدنية والنفسية، المظهر الخارجي، تنظيم الحياة ، الهوايات، ‏الآمال والطموحات المستقبلية.‏
‏2- عوامل مادية خارجية مثل: المال ، السيارة ، المنزل، المكتبة، الغذاء، ‏الرياضة، الوظيفة.‏
‏3- عوامل إنسانية، ويراد بها العلاقات مع الآخرين مثل الزواج، اليتيم، ‏العلاقات مع الأقارب، الأصدقاء ، الزملاء في العمل، الجيران، المنزلة ‏الاجتماعية، العلاقات العارضة في سفر أو سوق ، أو غير ذلك.‏
‏4- الأحداث والحوادث مثل: الأمراض، حوادث السيارات، الاضطرابات ‏الاجتماعية، الحروب العسكرية، الكوارث الاقتصادية ، الحوادث الطبيعية ‏كالزلازل والفيضانات.‏
وهذه الحوادث إما مؤلمة أو مسعدة وإما مقصودة أو غير مقصودة.‏
وأي من هذه العوامل إما أن يكون أثره في النفس والشخصية إيجابياً وإما ‏أن يكون سبباً، ويستطيع الإنسان أن يصمم له استمارة تحليل لشخصيته، ويضع ‏جميع هذه العوامل فيها ثم ينظر ويسجل ما يتمتع به من إيجابيات أو سلبيات في ‏كل عامل منها ثم يقوم بعملية إحصاء نهائية لهذه الإيجابيات والسلبيات فيحدد ‏نقاط القوة والضعف في شخصيته.‏
والواقع أنني أختصر الحديث في هذه القضية اختصاراً شديداً، ولكنني أردت ‏الإشارة إلى ذلك فقط.‏

‏***‏

إدارة الذات

إن أول طريق النجاح في الحياة هو نجاحك في إدارة ذاتك والتعامل مع ‏نفسك بفعالية، وإن الفشل مع النفس يؤدي غالباً إلى الفشل في الحياة عموماً ‏وربما إلى الفشل في الآخرة والعياذ بالله ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا ‏بِأَنْفُسِهِم ) ، والتغيير قد يكون إيجابياً للأفضل، وقد يكون سلبياً للأسوأ، وقد ‏يظهر لنا أن بعض الناس نجح في الحياة وإن فشل في إدارة ذاته.‏
والحقيقة إن ذلك وهم خادع وطلاء ظاهر تحته الشقاء والتعاسة التي ‏ستنكشف عند أول هزة وبئس النجاح المزعوم الذي في داخل صاحبه غياهب ‏من الشقاء وأكداس من التعاسة وإن مرحت بصاحبه المراكب الفارهة وتبوأ في ‏نظر الناس المناصب العالية أو امتلك الثروات الطائلة.‏
وإليك أيها القارئ الكريم بعض القواعد العامة التي إذا حولها الإنسان إلى ‏عمل في حياته تحقق له بإذن الله ما يُمكن أن نطلق عليه إدارة الذات بفعالية :‏
‏1- أدِّ حقوق الله – سبحانه وتعالى – عليك واستعن به فيما ينوبك من ‏أمور الحياة ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) ؛ لأن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين ‏ربه أصلح الله له أمور حياته، وإذا تعرف الإنسان إلى ربه وقت الرخاء وجده ‏وقت الشدة (احفظ الله يحفظك) ومن ضيع حقوق ربه فهو لما سواها أضيع ( ‏نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ).‏
ورحم الله القائل: ( في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه ‏وحشة لا يزيلها إلاّ الأنس به، وفيه حزن لا يذهبه إلاّ السرور بمعرفته وصدق ‏معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلاّ الفرار إليه، وفيه فاقة لا يسدها إلاّ محبته والإنابة ‏إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تُسدّ تلك ‏الفاقة أبداً).‏
كن مع الله يكن معك، وحينئذٍ فلن تخيب سعيك إن شاء الله.‏
‏2- أملأ ذهنك بالتفاؤل وتوقع النجاح بإذن الله ، وليكن الاستبشار دائماً ‏، مسيطراً على فكرك وشعورك ( بشروا ولا تنفروا ).‏
‏3- عوّد نفسك على أن تكون أهدافك في كل عمل تقوم به سامية ‏واضحة كما تقدم معنا في الحديث عن الأهداف.‏
‏4- ألزم نفسك بالتخطيط لأمور حياتك المختلفة وابتعد عن الفوضى ‏والارتجالية في أعمالك قدر الإمكان ، نظم جهدك واتجه لهدف واضح محدد ‏واحذر الفوضى في مسيرتك لهدفك، وقد تقدم الحديث عن التخطيط في الحياة ‏في مكان سابق.‏
‏5- حوّل خططك في السعي نحو أهدافك إلى عمل ملموس وواضح حي، ‏وابتعد عن التسويف والبطالة، وسيأتي عن ذلك مزيد حديث إن شاء الله.‏
‏6- احذر من ضياع شيء من وقتك دون عمل فهو ضياع الحياة، واحرص ‏على أن تتقدم نحو أهدافك كل يوم ولو خطوة واحدة، فمن سار على الدرب ‏وصل، وقد تقدم الحديث عن الاستغلال الأمثل للزمن قبل قليل.‏
‏7- نظم أمورك بكتابة مواعيدك والتزاماتك والتعود على حفظها، وكذلك ‏تنظيم وتصنيف أشياءك في منزلك ومكتبك وسيارتك وغيرها بطريقة مناسبة ‏تسهل عليك التعامل معها، وقد سبق الحديث عن ذلك أيضاً في مبحث (تنظيم ‏الحياة شرط لنجاحها).‏
‏8- قاوم محاولات النفس للهروب من الأعمال الجادة المهمة إلى المتعة ‏واللهو باستمرار، وسيأتي عن ذلك مزيد بيان إن شاء الله.‏
‏9- لا تنسى أن الأعمال أكثر من الأوقات، وحنيئذٍ فإياك أن تضيع ‏أوقاتك في التوافه من الأمور بل قدم الأهم من الأعمال على ما سواه.‏
‏10- ليكن شعارك المبادرة والمسارعة إلى كل خير ومفيد مضى لا يعود ‏أبداً والحياة سباق وهي أقصر من أن تنتظر أو تؤجل أو تسوف فيها.‏
‏11- إذا رأيت من عاداتك سيئاً أو معوقاً عن التقدم لأهدافك فعالجه ‏واستبدله بخير منه، ولا يكن للعادات عليك من سلطان إلاّ بقدر ما فيها من حق ‏ونفع، والعادة هي ما يفعله الإنسان بصورة آلية متكررة دون جهد فكري أو ‏مشقة بدنية والعادات مكتسبة ؛ ولذلك يُمكن تغييرها واستبدالها عند الحاجة ‏لذلك، وإن كان في الأمر مشقة، فمن عوَّدَ نفسه فعل الخير والعمل والإنتاج ‏اعتاد ذلك، ومن عوَّدها الفساد في الأرض أو البطالة والكسل والخمول اعتاد ‏ذلك.‏
‏12- اجعل القيم والمبادئ الاعتقادية فوق المساومات ولتكن موجهة لكل ‏نشاط في حياتك ، وإن لم تكن كذلك والعياذ بالله فأنت أول من يحتقر نفسك ‏وإن يجلك الآخرون ومدحوا.‏
‏13- اجعل البحث عن الحق ديدنك، واحذر النفاق بجميع صوره ‏واشكاله، واصدع بكملة الحق بأدب وعفة وصدق ونَمِّ في نفسك القدرة على ‏الحسم عند مفترق الطرق بين الحق والباطل.‏
‏14- واجه نتائج أعمالك بشجاعة وصبر وثبات ومسئولية محتسباً كل ما ‏يصيبك عند ربك، ولتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطاك لم يكن ‏ليصيبك رفعت الأقلام وجفت الصحف، واحذر من كثرة الشكوى والضجر ‏فهما من صفات الضعفاء (شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع) ( إِنَّمَا يُوَفَّى ‏الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ).‏
‏15- لا تجعل شخصيتك كالزجاج الشفاف الذي يسهل كشف ما وراءه ‏ومعرفة حقيقته، لكل عابر سبيل، ففي الحياة الكثير من الفضوليين والمتطفلين بل ‏والاشرار، واجعل لذلك باباً موثقاً وحارساً أميناً يأتمر بامرك فيفتح ذلك في ‏الوقت المناسب وبالقدر المناسب ولمن هو أهل لذلك ويغلق عند الحاجة لذلك.‏
وهذا يستدعي منك أن تتمرَّن على ضبط مشاعرك وأحاسيسك وعدم ‏الاسترسال في إبرازها ما لم يكن في ذلك مصلحة، وان تحتفظ بهدوئك ورباطة ‏جأشك في المواقف المثيرة والجادة، وأن تختار كلماتك بعناية فيها، وخلاصة ‏القول ليكن التعبير عن اشتعال عواطفك مدروساً.‏
‏16- اجعل مثلك الأعلى وقدوتك الدائم محمداً صلى الله عليه وسلم إذ أنه ‏هو الذي بلغ أعلى درجات الكمال الإنسان، ولن تبحث عن حل لمشكلة في ‏أي جانب من جوانب حياتك إلاَّ وجدت ذلك الحل في سيرته العطرة صلى الله ‏عليه وسلم، وهذا يستدعي منك أن تكون دائم المطالعة لسيرته والبحث في ‏طريقته.‏
‏17- تسلّح بروح الفكاهة والمرح دائماً من غير إسفاف ولا مبالغة ، وإذا ‏ادلهمت الخطوب فابتسم لها ؛ لأن الحزن والتقطيب منهكان للنفس منهكان ‏للجسد مشوشان للفكر.‏
‏18- احذر من الخيال الجامح المحلّق في سماء الأوهام كما تحذر من التشاؤم ‏المفرط المحطم للآمال، وكن وسطاً بين طرفين، زاوج بين الخيال والواقع.‏
وألْجِم نزوات العواطف بنظرات العقل، وأنر أشعة العقل بلهب العواطف، ‏وألزم الخيال صدق الحقيقة والواقع ، واكتشف الحقائق في أضواء الخيال الزاهية ‏البراقة.‏
‏19- لا تغرق في الكماليات فتهلك في الترف بل تزود من المتاع بما ‏يكفيك في مسيرك نحو أهدافك ، ولا يثقل على كاهلك ( اخشوشنوا فإن النعم ‏لا تدوم)، ومن أصبح أسير الشهوات والملذات صعب عليه تركها وأصبحت ‏إرادته هشة ضعيفة.‏
‏20- أخيراً اعلم أن في كل إنسان صفات ضعف وصفات قوة وهو أعلم ‏الناس بحقيقة نفسه ما لم يكابر أو يجهل ، فالعاقل الموفق هو من وجّه حياته ‏وعمله وتخصصه نحو ما فيه من صفات القوة ونأى بنفسه وحياته عن نقاط ‏الضعف في شخصيته.‏
فكم من جوهرة تخطف الأبصار بأصفى الأشعة وأبهاها مستكنة في أغوار ‏المحيطات المظلمة، وكم من زهرة استقامت على عودها في الصحراء مضيعة ‏شذاها العطري مع سافيات البيداء ولو أُكتشفت هذه وتلك لكان لهما شأن ‏آخر.‏

‏***‏
كيف تسيطر على نفسك ؟

ليس أشق على الإنسان من مجاهدة النفس وتغيير مرذول طباعها وتحليتها ‏بمكارم الأخلاق وحسن العادات وفضائل السلوك، قال تعالى : ( ومن يوق شح ‏نفسه فأولئك هم المفلحون)، وقال عليه الصلاة والسلام: ( ليس الشديد ‏بالصرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب)، وقال الشاعر :‏
لولا المشقة ساد الناس كلهمو ** الجود يفقر والإقدام قتّال
وكل سلوك شخصي أو نمط خلقي وراءه خصيصة نفسية منظمة له ودافعة ‏إليه، وحتى يستطيع الإنسان أن يتحكم في سلوكياته ويرتقي بأخلاقه ويضبط ‏تصرفاته، فلا بد أن يلتفت قبل ذلك إلى الدوافع والخصائص النفسية، فما كان ‏منها وراء السلوك المعوج والخلق الذميم فيعرضه لعملية التهذيب والتقليم والقلع ‏والإزالة.‏
وما كان يطمح إليه من خلق نبيل وسلوك سوي قويم فَلْيَسْعَ إلى إيجاد ‏وتنمية الدوافع والخصائص النفسية الموجهة له يوجدها إن لم تكن موجودة ‏وينميها إن كانت موجودة لكنها ضعيفة، وهذا ولا شك عملية شاقة وقد ‏تكون مؤلمة ؛ لأنها تهديد وتغيير للواقع النفسي والسلوكي والأخلاقي، والنفسي ‏تقاوم أي تغيير أو تهديد لواقعها مهما كان هذا الواقع ؛ لأنه مرتبط بقناعات ‏عقدية أو فكرية أو لذات وأفراح قلبية أو بدنية أو عادات مستحكمة ؛ ولهذا ‏فبداية التغيير تكون من الأساسات التي قامت عليها هذه الأخلاق ‏والسلوكيات.‏
وبالمران والمجاهدة والإلحاح وتغيير القناعات العقلية والعمل الدؤوب تسلس ‏النفس قيادها وتعطي زمامها ويسهل حينئذٍ السيطرة عليها وتوجيهها باستمرار ‏إلى الأفضل.‏
قال أحد العارفين : ما زلت أسوق النفس إلى الله وهي تبكي حتى سارات ‏إليه وهي تضحك.‏
أفرض على نفسك رقابة ذاتية ومحاسبة دائمة في أفكارك وعاداتك ‏وسلوكك وأخلاقك وحركاتك وكلماتك (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ‏وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا )، وإليك بعض الصور التي تنقلت فيها النفس ‏ويفقد الإنسان السيطر عليها أثناءها لعلك تحذر بعد ذلك هذه الصور.‏

بعض صور أنفلات النفس وعدم السيطرة عليها:‏
إنَّ سبب كل بلاء وشقاء هو انفلات النفس وعدم السيطرة عليها حتى ‏يحجب الهوى العقل، ولهذا الانفلات صور كثيرة لكني أورد أمثلة لهذا الانفلات ‏ليحذر منها، وأحاول بعد ذلك أن أبين كيف يُمكن مواجهة هذه الأمثلة :‏
‏1- التسويف في تنفيذ الأعمال والتأجيل لما يجب المبادرة إليه إيثاراً للدعه ‏والسكون والراحة والركون.‏
‏2- التردد والاضطراب عند محاولة الإقدام على أي عمل تحت ستار ‏الخوف من الفشل أو عدم العمل ما لم يتوقع حصول النجاح الكامل يقيناً.‏
‏3- عدم تحمل النقد والغضب لأتفه الأسباب ، فإذا غضب حطم كل ‏شيء ، لا يراعي أي عواقب أو يحتسب لأي خسائر.‏
‏4- الشرود الذهني وعدم التركيز الفكري أثناء العمل.‏
‏5- تحميل النفس ما لا تطيق من العمل مما يؤدي إلى القلق والاضطراب ‏وعدم تركيز الجهد وفقدان التوازن.‏
‏6- عدم الثقة في النفس وفي القدرة على عمل أي شيء.‏
‏7- الممل والسأم وعدم الاستمرار في أي عمل.‏
وهذه بعض المعالجات لهذه الصور السابق ذكرها التي يبتلى بها بعض الناس ‏في حياتهم.‏

كيف تقلل من السلبية في حياتك والتسويف في إنجاز أعمالك ؟
‏1- خذ قدراً كافياً من النوم بدون إسراف، وحبذا لو نمت مبكراً على ‏وضوء.‏
‏2- استيقظ مبكراً ولا تكثر من التململ في فراشك.‏
‏3- لا تفوتك صلاة الفجر في وقتها مع الجماعة.‏
‏4- لا تنس أذكار الصباح فهي مفتاح السعادة ليومك.‏
‏5- خطط برنامجك اليومي في هدوء ، وحبذا لو أعدت النظر فيه مرة ‏أخرى وتمتع قليلاً بالتأمل في أكثر فقراته متعه لك.‏
‏6- احرص على تنويع برنامجك وعلى أن يكون فيه أشياء محببة إليك، ‏وتتوقع أن تحقق فيه نسبة عالية من النجاح وحاول أن تبدأ بها.‏
‏7- انطلق لتنفيذ برنامجك مبتدئاً بدعاء الخروج ودعاء الركوب إن ركبت ‏في ذهابك لعملك.‏
‏8- ابتسم إلى كل من تلقاه من إخوانك في يومك بعد إلقاء السلام عليه.‏
‏9- احرص على إنجاز عملك أولاً بأول بحيث تتمكن من إنهاء برنامجك مع ‏نهاية يومك لا يبقى منه شيء للغد.‏
‏10- إذا عدت لمنزلك فداعب من تلقاه من أهلك وأطفالك ، وحبذا لو ‏أحضرت لهم بعض الهدايا وكافيء من حقق منهم نجاحاً في يومه ولو بكلمة ‏وشجع من أخفق وساعده على تجاوز إخفاقه.‏
‏11- ضمِّن برنامج وقتاً للراحة والاسترخاء أو النزهة وإن قل.‏
‏12- شارك الجيران والأصدقاء والأقارب في مناسباتهم الاجتماعية بالطريقة ‏المناسبة.‏

مواجهة التردد والاضطراب

‏1- تأمل في الحياة بعين البصيرة لتعلم يقيناً أن الدنيا لا كمال فيها، ولكن ‏ما غلب صلاحه على نقصه فهو غاية ما يطلب في الحياة.‏
وهذا هو التفكير الواقعي الحق وليس وراءه إلاَّ العيش في الخيالات ‏والأوهام.‏
‏2- تذكر دائماً أن المطلوب منك والمقدور لك هو العمل وبذل الأسباب، ‏أمَّا النتائج النهائية فهي بيده الله سبحانه وتعالى.‏
‏3- اقرأ سير العظماء وفتش في حياتهم لترى أن فيها نقصاً وفشلاً وليست ‏كلها نجاحات.‏
‏4- قم بعملية حصر واستقراء لما فيك من صفات كمال وقوة ليظهر لك ‏بعض نعم الله عليك ولتعلم أن فيك غير صفات الضعف والنقص.‏
‏5- استذكر الأنشطة والأعمال التي حققت فيها نجاحاً علياً وعاود هذا ‏الاستذكار كلما شعرت بالتردد والإحباط والاضطراب.‏
‏6-إن كنتَ تنشد الكمال والمثالية فإن طريق ذلك هو العمل ومحاولة ‏الوصول وليس التوقف والانتظار.‏
‏7-استخدم عقلك ووازن بين الأمرين إما أن تعمل شيئاً أي شيء أو لا ‏تعمل على الإطلاق ، وتأمل أيهما أفضل فليس أمامك خيار ثالث.‏
‏8- إذا تعرضت للفشل في بعض أعمالك فقل : قدر الله وما شاء فعل وإنا ‏لله وإنا له راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني ‏خيراً منها.‏
واحتسب ما أصابك عند ربك واستغفر لذنبك.‏
ثم قم بدراسة أسباب الفشل في هدوء وطمأنينة وكرر المحاولة مرة أخرى ‏ما لم ترى الانصراف لعمل آخر.‏

التعامل مع النقد :‏
لا شك أن الإنسان في مسيرة حياته يلقى محباً ومبغضاً ومؤيداً وناقداً، ‏والنقد يختلف باختلاف أهداف ودوافع من صدر منه، فيمكن أن يصدر من ‏عدو أو صديق قريب أو بعيد.‏
والواجب على الإنسان أن يعوِّد نفسه على الحِلمْ وسعة الصدر، والصبر ‏على الأذى، وعدم الغضب لأتفه الأسباب، وإذا غضب أن يكون متحكماً فيه ‏وإلاّ لضر الإنسان نفسه قبل غيره ولنشر حوله أجواء من الكراهية والتوجس ‏وصادر آراء الآخرين وحريتهم في التعبير عنها، وفي ذلك من الضرر الاجتماعي ‏ما لا يوصف.‏
ويُمكن أن يقسم النقد إلى قسمين :‏
أ) نقد بناء موضوعي :‏
وهو الذي يخلو من التجريح الشخصي، ويركزعلى جوانب النقص في ‏العمل بدون مبالغة ويبين كيفية استكمالها ويشيد بجوانب الكمال في العمل.‏
المواقف من النقد البناء :‏
‏1- إيجاد الأجواء المناسبة والمشجعة على النقد البناء.‏
‏2- الفرح والترحيب به والبحث عنه ( رحم الله من أهدى لنا عيوبنا).‏
‏3- النظر فيه بإمعان وروية مع غض النظر عن قائله.‏
‏4- السعي لاستكمال النقص وتصويب الأخطاء التي اشار إليها الناقد.‏

ب) نقد ظالم مغرض :‏
وهو الذي يستغل النقص في العمل لمصادرة العمل بالكلية والنيل ممن قام ‏به وتجريحه والتشفي منه ورميه بما ليس فيه مع عدم الاهتمام بتصويب العمل أو ‏التبني لما فيه من كمال وحق.‏
الموقف من النقد الظالم :‏
‏1- محاولة معرفة أسباب هذه النقد ( حسد – أنانية – خوف من العمل ‏‏– انتصار للنفس وأخذ بالبثأر – أو غير ذلك ).‏
‏2- السعي لإزالة الأسباب إن أمكن ذلك.‏
‏3- معرفة الأهداف من النقد وإحسان التعامل معها.‏
‏4- عدم الاشتغال بالرد على النقد إلاّ بقدر ما قد يعيق العمل أو يشوه ‏صورته.‏
‏5- عدم الانشغال بالانتصار للنفس وترك العمل ونسيانه.‏
‏6- الاستفادة من النقد في تصويب العمل وإصلاحه ومعالجة جوانب ‏النقص فيه.‏
‏7- احتساب الإنسان ما يصيبه من الأذى وما يتعرض له من النقد عند الله ‏سبحانه وتعالى.‏
وليتذكر الإنسان دائماً قوله سبحانه وتعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ‏وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ) الآية، فما كان لله يبقى ويدوم وما ‏كان لغيره يذهب ويزول.‏

‏***‏


معالجة الشرود الذهني
وعدم التركيز الفكري أثناء العمل

الشرود الذهني مشكلة يشكو منها الكثير من الناس هذه المشكلة تتفاقم ‏كلما تقدم العمر وكثرت مشكلات الحياة وهي مشكلة تعطل أفضل قوى ‏الإنسان التي يتميز بها على سائر المخلوقات وهي العقل والفكر وعند السعي ‏لمعالجة هذه المشكلة لا بد من البحث عن أسبابها أولاً .‏

بعض أسباب الشرود الذهني :‏
‏1- وجود مشكلة ملحة خارج العمل، وقد تكون هذه المشكلة عائلية – ‏مالية – معيشية – اجتماعية – عاطفية..الخ.‏
‏2- توقع حدوث أمر مخيف والانشغال به.‏
‏3- المعاناة من مشكلة صحية.‏
‏4- وقوع أمر يؤدي إلى الفرح الشديد.‏
‏5- التعود على العيش أسير الخيالات والأوهام غير الواقعية والتعلق بها.‏
‏6- أن يكون في محيط العمل وبيئته ما يشغل الفكر ويؤدى لعدم الارتياح، ‏ومن أمثله ذلك: الترتيب غير المناسب والمزعج لمكان العمل، أو ضيق المكان، أو ‏شدة الحر أو البرد في مكان العمل، أو شدة الضوضاء فيما حول مكان العمل، ‏أو وجود روائح كريهة في مكان العمل، أو الشعور بالجوع أو الظمأ ‏الشديدين، أو عدم الارتياح لعبض زملاء العمل ، أو كثرة الزوار لك أو ‏لزملائك في العمل.‏


علاج مشكلة الشرود الذهني أثناء ممارسة عمل من الأعمال:‏
إن بناء القدرة على التركيز الذهني والعقلي يحتاج إألى تمرين هادىء ‏وطويل لكنه صارم ودقيق كما يفعل الإنسان عند بناء وتقوية عضلاته بحيث ‏يستطيع بعد ذلك تركيز قواه الذهنية وحصر تفكيره العقلي في أي وقت أراد ، ‏وفي أي موضوع أيضاً.‏
إن التركيز الذهني هو تعريض الذهن زمناً كافياً لمؤثر أو جملة مؤثرات ‏كي تنطبع عليه انطباعاً واضحاً على أن يغلق الإنسان ذهنه دون كافة المؤثرات ‏الأخرى، والمؤثرات هي المعلومات التي يتم استيعابها من خلال إحدى الحواس ‏الخمس: البصر ، السمع ، الذوق، الحس ، الشم. ثم يتم معالجتها على ضوء ما ‏سبقها في الذهن من معلومات وخبرات وتجارب وما يؤمن به الإنسان من ‏مبادىء وقيم.‏
وأعلم أن اكتساب صفة التركيز الذهني تعود على الإنسان بأعظم ‏الفوائد في حياته، يقول أحد علماء النفس المشهورين : ليست العبقرية أكثر من ‏تركيز الذهن. وقال آخر : إن حصر الاهتمام هو أول مقومات العبقرية.‏
ويقول ثالث : إن صب الاهتمام في العمل والمشكلة التي هي قيد البحث ‏ثم نسيان الأمر بتاتأً بمجرد حسمه والوصول إلى قرار فيه بحيث تستعيد قوة ‏تركيز ذهنك كاملة غير منقوصة من أهم أسباب النجاح في الحياة.‏
وإليك بعض الأفكار والخطوات التي تساعد على استبعاد الشرود ‏الذهني ومن ثم بناء القدرة الذاتية عل التركيز وهي :‏
‏1- حاول استبعاد كل ما يشتت فكرك ويشغل ذهنك من الواقع المادي ‏المحيط بك مما ورد ذكره في الأسباب قبل قليل.‏
‏2- عوِّد نفسك على أن تعيش لحظتك، وأن تحصر نفسك فيما أنت فيه ‏فقط انس أو تناس كل ما عداه (من أصبح آمناً في سربه معافى في بدنه جمع له ‏قوت يومه وليلته فكأنما جمعت له الدنيا بحذافيرها).‏
ما مضى فات والمؤمل غيب * * ولك الساعة التي أنت فيها
‏3- إذا كنت تشعر بالإجهاد فتوقف عن العمل بعض الوقت، وخذ ‏لحظات من الاسترخاء في مكان جيد التهوية، وحبذا لو استلقيت على ظهرك ‏وأغمضت عينيك وأوقفت تفكيرك وأخذت نفساً عميقاً عدة مرات ثم عد ‏لعملك بعد ذلك.‏
‏4- إذا كنت تشعر بالخمول فجدد التهوية في موقعك وتحرك قليلاً من ‏مكانك ومارس بعض التمارين الرياضية الخفيفة لبضع دئقائق.‏
‏5- أعطِ نفسك قدراً كافياً من الراحة قبل بدء التفكير وممارسة العمل.‏
‏6- لا تبدأ التفكير في المسائل المهمة بعد تناول الطعام مباشرة ولا أثناء ‏الجوع الشديد والظمأ المفرط.‏
‏7- بادر لعلاج ما تعاني منه من مشكلات صحية، وإذا كنت تعاني من ‏شيء منها فلا تبالغ في أمره ولا تعطيه من تفكيرك أكبر من حجمه.‏
‏8- مارس تمرين تقوية التركيز الذهني، والذي يُمكن تلخيص خطواته في ‏الآتي:‏
أ- قم بعملية حصر للقضايا التي تحتاج منك إلى تفكير ورتبها حسب ‏أهميتها أو استعجالها واحتفظ بذلك مكتوباً في ورقة لديك.‏
ب- عندما تصبح معتدل المزاج مرتاح البال في مكان مريح بعيداً عن ‏الضوضاء والإزعاج استخرج ورقتك وتناول أو قضية فيها بالتفكير.‏
ج- استعرض القضية الأولى من جميع جوانبها وركّز قواك الذهنية فيها ‏وكأنك غائب عن كل ما عداها في الوجود لبضع دقائق وحاول الإجابة على ‏الأسئلة الآتية عن القضية موضوع التفكير ( لماذا ، متى، أين ، كيف، من ، مع ‏‏) :‏
لماذا هذا العمل الذي أريد القيام به ؟ ومتى الوقت المناسب له ؟ وأين ‏سيكون ؟ وكيف ينفذ ؟ من يقوم بالعمل ؟ مع من ؟.‏
د- حدد ما توصلت إليه في نقاط مختصرة وسجل ذلك على الورق أول ‏بأول.‏
هـ- ألف نظرة على ما كتبت ثم أغمض عينيك وحاول استذكار ما ‏كتبت.‏
و- أعد عملية النظر والاستذكار عدة مرات على فترات زمنية مختلفة، ‏وأضف ما قد تتوصل إليه من جديد إلى ما سبق وأن خلصت إليه.‏
ز- استخرج ما كتب بعد كل فترة زمنية انظر فيه وحاول إلقاءه على ‏غيرك واطلب منهم تزويدك بملحوظاتهم إن كانوا قادرين على ذلك.‏
ح- انتقل إلى قضية أخرى وتعامل معها كما تعاملت مع غيرها.‏
أخيراً لا تنس أن تحول أفكارك إلى عمل.‏
‏9- تمارين أخرى لتقوية التركيز الذهني:‏
أ- اختر موضوعاً تحبه وأرغم نفسك على التفكير فيه وحده فقط لمدة ربع ‏ساعة، وحاول يومياً على الأقل أن تحفظ فيه شيئاً جديداً ( آية – حديث – ‏باب فقهي – ترجمة شخصية ..).‏
ب- قف كل يوم مرة أمام أحد رفوف مكتبتك فإن لم يوجد فأمام ‏دولاب مطبخك فإن لم يوجد فأمام دولاب عرض بضائع في متجر قريب، ثم ‏انظر إلى الأشياء واحدة بعد أخرى بتمعن وتدقيق وهدوء، ثم انصرف عن ذلك ‏واكتب على ورقة موجودات الدولاب مرتبة، ثم ارجع إلى الدولاب وراجع ما ‏كتبت على الواقع.‏
ج- انظر إلى شيء ما بضع دقائق ثم اصرف نظرك عنه ودع شخصاً آخر ‏يوجه لك أسئلة عنه وأنت تتذكر وتجاوب.‏
د- عد الأرقام تنازلياً من 100 إلى واحد، وأحداً واحداً، هكذا : 100 ، ‏‏99 ، 98، … إلخ.‏
ثم عدها مرة أخرى اثنين اثنين، هكذا 100، 98، 96، 94 …إلخ.‏
ثم عدها مرة أخرى ثلاثة ثلاثة، هكذا : 1000، 97، 94، 91، …إلخ.‏
ثم عدها مرة أخرى أربعة أربعة ، هكذا : 100 ، 96 ، 92، 000 إلخ.‏
ثم عدها مرة أخرى خمسة خمسة ، هكذا : 100 ، 95 ، 90 ، …إلخ.‏
ثم عدها مرة أخرى ستة ستة ، هكذا : 100 ، 94 ، 88 ، … إلخ.‏
ثم عدها مرة أخرى سبعة سبعة، هكذا : 100 ، 93، 86، … الخ.‏
ثم عدها مرة أخرى ثمانية ثمانية، هكذا : 100 ، 92 ، 84، …إلخ.‏
ثم عدها مرة أخرى تسعة تسعة، هكذا : 100، 91، 82، … إلخ.‏
وكرر هذا التمرين كل يوم مرة لمدة شهر على الأقل.‏
هـ- خذ ورقة ودوِّن عليها الأرقام من 1 إلى 10 هكذا :‏
‏1-‏
‏2-‏
‏3-‏
‏4-‏
‏5-‏
‏6-‏
‏7-‏
‏8-‏
‏9-‏
‏10-‏
ثم دوِّن أمام كل رقم أي كلمة تخطر ببالك ، ثم اختر أي حرف من ‏حروف الهجاء واكتب أمام كل كلمة ما تستطيع من كلمات مرادفة للكلمة ‏الأولى التي كتبتها أمام الرقم أو تتفرع عنها بشرط أن تبدأ بذلك الحرف الذي ‏اخترته.‏
ثم انتقل إلى الرقم الآخر وقم بالعمل نفسه ولكن بشرط المحافظة على ‏الحرف الذي اخترته، وهكذا حتى تنتهي من جميع الأرقام.‏
ثم كرر العملية بكلمات أخرى وحروف أخرى، وهكذا.‏

استعادة التوازن بعد ضغوط العمل:‏
إن للإنسان طاقات محدودة لا يستطيع أن يبذل أكثر منها ولا أن يتحمل ‏فوق قدرته ولكن بعض الناس تحت إغراء كثرة الفرص المتاحة أو علو الهمة ‏وزيادة الحيوية والنشاط يندفع للعمل فيحمِّل نفسه فوق طاقتها مما يؤدي إلى ‏القلق والاضطراب وعدم الانتاج ويصبح كما ورد ( إن المنبت لا أرضاً قطع ‏ولا ظهراً أبقى).‏
وهذه المشكلة التي تواجه الكثير من الناشطين أصحاب الهمم العالية ‏تحتاج إلى علاج، وللمساهمة في هذا إليك بعض الإشارات:‏
‏1- استكثر من التزود بالطاقة الإيمانية، فهي الوقود الذي يعبر به الإنسان ‏رحلة الحياة بسلام، وكلما زاد إيمانه كلما زادت طاقته وتحمله وإمكاناته، ‏ووسائل زيادة الإيمان ورفع مستواه ليس هذا محل تفصيلها لكن القاعدة العامة ‏أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.‏
‏2- لا تلزم نفسك بما لا تطيق ، وراع في برنامجك وقتك وإمكاناتك ‏وظروفك وإلاّ فقد حكمت بالفشل على عملك والقلق والشقاء على نفسك.‏
‏3- احرص أن تبني برنامجك حسب الأولويات فتهتم بالضروري وما لا ‏يُمكن تأجيله وتؤخرها ما دون ذلك؛ لأن الحياة المعاصرة فيها من التشعب ‏وكثرة الأعمال ما يجعل الإنسان في دوامة لا يعلم ما الذي يبدأ به، وما الذي ‏يؤجل لكن إذا جعلت معيارك تقديم الأهم أو الأنفع أو الأعجل حسب ‏الظروف أمكنك أن تختار بين هذه الأعمال على أسس موضوعية.‏
‏4- عليك بتنويع الأعمال التي تضمنها برنامجك والتي ستمارسها؛ لأن ‏البقاء على عمل واحد دائماً يصيب النفس بالملل ولخمول والرتابة، ومن ثم يثقل ‏العمل على النفس ويستكثر وإن لم يكن كثيراً.‏
‏5- عند تقييمك لعملك احرص على أن يكون التقييم موضوعياً بمعنى ألا ‏تقع فميا يقع فيه بعض أصحاب الطموحات المبالغ فيها من النظر فقط ‏للإخفاقات وتناسي الإنجازات وعدم رؤيتها أو تذكرها إلا أثناء تحقيقها ثم ‏نسيانها بعد ذلك ؛ إذ في ذلك جحود لنعم الله عليك والاستمرار في هذا ‏المسلك يؤدي إلى الشهور بالإحباط والقلق والفقر الدائم الذي لا يزيله من ‏النفس شيء.‏
‏6- لا تنسى ان تعطي نفسك حقها عليك، وأن تجعل ذلك جزءاً من ‏برنامجك لا يمُكن إلغاؤه لحساب غيره من الأعمال الأخرى، ويتمثل هذا الحق ‏في إجازات دورية تجمّ فيها النفس وتريحها من عناء العمل وفترات للاسترخاء ‏وممارسة بعض الهوايات المباحة والعناية بتغذية جسمك وعلاجه مما قد ينوبه من ‏أمراض ؛ لأن النفوس كالمطايا إذا حمَّلت بدون إطعامها وسقيها والعناية بها ‏كلت وضعفت وسقطت، وحبذا لو أعطيت نفسك جائزة ومكافأة على كل ‏إنجاز أو نجاح يمن الله به عليك ويجريه على يديك، ولتكن هذه الجائزة إجازة أو ‏هدية أو أشباه ذلك.‏


يتبع باذن الله ..

ابن رجب
2007-08-13, 11:34 AM
كيف تكتسب الثقة في نفسك ؟
إن الثقة بالنفس هي طريق النجاح في الحياة، وإن الوقوع تحت وطأة ‏الشعور بالسلبية والتردد وعدم الاطمئنان للإمكانات هو بداية الفضل وكثير من ‏الطاقات أهدرت وضاعت بسبب عدم إدراك أصحابها لما يتمتعون به من ‏إمكانات أنعم الله بها عليهم لو استغلوها لاستطاعوا بها أن يفعلوا الكثير.‏
وإليك بعض الخطوات التي يُمكن بها التخلص من كثير من الأفكار ‏والمشاعر السلبية في حياتك، سواء كانت في الفكر أو السلوك أو الأخلاق أو ‏العادات أو الكلمات أو غيرها ؛ لترفعها من على كاهلك وتحرر نفسك من ‏وطأتها وتنطلق بالنفس نحو الحياة بثقة أكبر وآمال مشرقة أوسع.‏
‏1- حدد - بتجرد وبلا مبالغة – أهم الأفكار والصفات السلبية في حياتك.‏
‏2- أفراد كل فكرة أو صفة على حدة.‏
‏3- فكّر فيها تفكيراً منطقياً تحليلياً يؤدي إلى معرفتها وذلك بمعرفة أسبابها ‏وحقيقتها وهل هي واقع حقيقي فعلاً أو وهم وخيال.‏
‏4- إن كانت من الأوهام فحرر نفسك منها وإن كانت واقعاً حقيقياً ‏فتخلص من أسبابها وقلصها إلى أدنى قدر ممكن، وأعلم أن الصفة كلما كانت ‏أكثر رسوخاً في حياتك كلما كانت استبعادها يحتاج لجهد أكبر وزمن أطول.‏
‏5- اربط ذهنك وفكرك بشكل مركز – وليكن في لحظات صفاء وبعد عن ‏الشواغل والقلق – بموقف إيجابي مهمّ في حياتك مستعيداً كل تفاصيله من صوت ‏وصورة ومشاعر وأجواء محيطة، فإذا بلغت الذورة من النشاط الذهني والارتياح النفسي ‏والانشراح القلبي وغبت عن واقعك أو كدت فحرك شيئاً من جوارحك حركة معينة ‏متميزة تماماً كأن تكبر أو تسبح أو تهلل مشيراً مع ذلك بأصبعك إشارة خاصة، وليكن ‏هذا الموقف مثلاً خبر نجاحك أو يوم زواجك أو ليلة قمتها لله أو سماعك خبراً ساراً ‏للمسلمين أو أول يوم رأيت فيه أحد الحرمين أو نحو ذلك.‏
‏6- كرر ذلك مرات ومرات حتى يرتبط هذا الموقف الإيجابي بكل مشاعره ‏وتداعياته النفسية والشعورية بهذه الحركة آلياً فبمجرد صدور هذه الحركة منك ‏تنتقل آلياً إلى تلك الحالة النفسية الإيجابية العالية، وإن لم تتذكر الموقف المادي ‏الذي كان سبباً لها.‏
‏7- إذا وردت عليك أي من تلك المشاعر أو الأفكار السلبية في أي موقف ‏فما عليك إلاّ أن تغمض عينيك قليلاً وتخرج من تلك الأفكار ثم تتخيل أمامك ‏لوحة كتب عليها بخط بارز ولون صارخ كلمة (قف)!.‏
تأمل هذه الكلمة بعض الوقت وكرر النظر فيها مرة بعد أخرى حتى ‏كأنك لم تعد ترى غيرها.‏
‏8- تجاوزها بنظرك متخيلاً وراءها حدائق غناء وأنهاراً جارية وطيوراً ‏مغردة ونسيماً من الهواء عليلاً وتمتع به قليلاً كل ذلك وأنت مغمض لعينيك.‏
‏9- انتقل إلى المثير الإيجابي وحرك الجارحة التي أصبحت مفتاحاً له كما في ‏الفقرة رقم (5) واستغرق فيه قليلاً حتى تتبدل حالتك النفسية وتختفي مشاعرك ‏السلبية تماماً.‏
‏10- عد للتفكير فيما كنت فيه من شأن ومن عمل.‏
‏11- إذا عادت الأفكار السلبية للإلحاح مرة أخرى فتوقف عن العمل تماماً ‏في هذه اللحظات، وعش فقط في ذكريات الحالة الإيجابية.‏
‏12- لا تنس اللجوء إلى الله ابتداءاً ونهاية ؛ لأنه هو الذي أضحك وأبكى، ‏فبالتوبة والاستغفار ودوام ذكر الله تحيا القلوب.‏

‏***‏

كيفية صنع القرارات

إن من أهم أسباب النجاح في الحياة إجادة صنع القرارات واتخاذها في ‏الوقت المناسب في أي جانب من جوانب الحياة المختلفة، سواء في تعاملك مع ‏نفسك أو في تعاملك مع غيرك وكثير من الناس يعملون، ويجتهدون ثم في لحظة ‏حاسمة من مراحل عملهم يحتاجون لقرار صائب حاسم لكنهم بترددهم وعدم ‏إقدامهم على اتخاذ ذلك القرار أو بسبب عدم معرفتهم وتأهلهم لاتخاذ القرار ‏يضيعون عملهم السابق كله وربما ضاعت منهم فرص لن تتكرر لهم مرة ‏أخرى.‏
وهناك عدد من الخطوات التي يسلكها الإنسان ليصل إلى صنع القرار ، وهي :‏
‏1- جمع المعلومات الكاملة والصحيحة عن الموضوع الذي يحتاج إلى اتخاذ ‏قرار فيه، إذ أن محاولة اتخاذ القرار مع نقص المعلومات عنه أو مع عدم صحتها ‏سيؤدي إلى اتخاذ قرار خاطيء وبالتالي ستكون النتائج سيئة وغير صحيحة.‏
فمثلاً طالب نجح من الثانوية وله رغبة في التسجيل في قسم من أقسام ‏الجامعة ولكنه محتار في أي الأقسام يسجل فالواجب عليه أن يجمع المعلومات ‏اللازمة عن كل قسم من حيث عدد الساعات فيه ونظام الدارسة والمواد ‏والمناهج التي تدرس في والأعمال التي يُمكن أن يمارسها المتخرج من كل قسم ‏وشروط القبول في كل قسم.‏
‏2- حصر وتحديد الخيارات الممكنة والمتاحة بناءً على المعلومات المتوافرة عن ‏الموضوع ، ففي المثال السابق نفترض أن الأقسام المتاحة للطالب خمسة أقسام، وبعد جمع ‏المعلومات عن الأقسام المختلفة استقر أمامه ثلاثة خيارات هي التي تصلح ويجد في نفسه ‏استعداد للدراسة فيها ويتوقع أن يحقق نجاحاً في الأعمال الخاصة بها بعد التخرج وإن ‏كانت شروط القبول في قسمين آخرين متوفرة فيه.‏
‏3- ترجيح الأفضل من الخيارات الممكنة والمتاحة، فمثلاً في المثال السابق ‏تبين أن الخيارات الممكنة هي ثلاثة أقسام لا غير ولكنه بالترجيح بينها ترجح ‏لديه أحد الأقسام إما لطبيعة الدراسة فيه وإما لمدتها وإما لنوعية العلم الذي ‏يمارسه بعد التخرج وإما لهذه الأمور مجتمعة جمعيها، وبالتالي استقر رأيه أن ‏يسجل في قسم كذا.‏
‏4- إذا احتار في الترجيح ولم يظهر له أولوية لأحد الخيارات، فعليه ‏بالاستخارة الشرعية ثم الاستشارة لأهل الخبرة في ذلك.‏
‏5- تنفيذ القرار : بعد الخطوات السابقة يكون الإنسان قد اتخذ قراره ‏وحدد خياره ولم يبق عليه إلاّ تنفيذ القرار وهو ثمرة لكل ما سبق وبدونه لا ‏يُمكن أن يكون لها قيمة والتنفيذ قد يكون ممن اتخذ القرار، وقد يكون من ‏اختصاص أو صلاحيات شخص أو جهة أخرى كما أن جمع المعلومات ودراسة ‏الخيارات قد يكون من جهة اتخاذ القرار وقد يكون من جهة استشارية أخرى ‏توفر كل ذلك لمن يريد أن يتخذ القرار.‏
وفي مثالنا السابق تنفيذ القرار هو إجراءات التسجيل في القسم الذي وقع ‏عليه الاختيار، وذلك بمعرفة مواعيد التسجيل والأوراق المطلوبة والاختبارات ‏والمقابلات التي لا بد من اجتيازها والجهة التي يتم التقديم لها ومكانها وتنفيذ ‏ذلك أولاً بأول ومتابعته حتى يتم التسجيل، ويبدأ الطالب الدراسة في القسم ‏الذي وقع عليه اختياره.‏

‏***‏

وقفات مع الفكر والتفكير

إن القدرة على التفكير من خصائص الإنسان التي كرّمه الله بها، فإذا ‏أحسن الإنسان استخدام هذه الصفة ارتقى في سلم النجاح، وإذا عطل الفكر ‏كان ذلك من أهم أسباب الفشل في الحياة، بل يمكنك أن تقول: إذا خلت ‏الحياة من التفكير خلت من النجاح.‏
‏(والتفكير هو عملية معالجة للمعلومات، فهناك كم كبير من الصور ‏والأصوات والإحساس من الخارج عن طريق الحواس ومن الداخل من الذاكرة. ‏والتفكير هو عملية تصنيف ومقارنة وتقييم لهذه المعلومات على ضوء منظومة ‏الإيمان والاعتقاد والقيم … وبالتالي صياغة استراتيجية ينتج عنها تعبير لغوي أو ‏سلوكي كما ينتج عنها تأثيرات فسيولوجية في العضلات والتنفس ولو البشرة ‏وتعبيرات الوجه..).‏
يقول الانجليزي برناردشو: إن بعض الناس يفكر في العام مرتين أو ثلاثاً فقط.‏
وللفكر صفات محمودة وصفات مذمومة ولكي يحاول الإنسان أن يخلص ‏تفكيره من الصفات المذمومة ويتحلى بالصفات الايجابية النافعة أذكر لك أهم ‏أنواع الفكر سواء كان سلبياً أم إيجابياً.‏

أنواع التفكير:‏
‏1- التفكير التوليدي : وه والفكر الذي يبدع ويضيف للحياة جديداً أي ‏الذي يولد المشاريع الناجحة والحلول الجيدة والقرارات الصائبة القادر على ‏استخراج الذهب من التراب واللؤلؤ من أعماق البحار، ويُمكن أن نسميه ‏الفكر الاجتهادي.‏
‏2- التفكير النقدي : وهو القادر على رؤية النقص والأخطاء والعيوب ‏في أي عمل قائم وإن لم يكن قادراً على إيجاد البدائل المناسبة لما ينقده.‏
‏3- التفكير الاستيعابي: وهو الفكر القادر على استيعاب ما يبدعه ‏الآخرون وإن لم يكن قادراً على الإبداع والتجديد والإضافة والعطاء، ويُمكن ‏أن نسميه الفكر المقلد.‏
‏4- التفكير الغامض: وهو التفكير المشوش العاجز عن إدراك العلاقات بين ‏الأشياء وحجم كل شيء في الموضوع الذي يفكر فيه ويعجز أيضاً عن التعبير ‏عما يدور في نفسه من أفكار بصورة واضحة.‏
‏5- التفكير المتشكك : وهو تفكير المؤامرة الذي يتشكك في كل عمل ‏وفي كل شخص ويعتقد أن وراء كل شيء مؤامرة، وأنه المقصود من وراء كل ‏مؤامرة ، وأنه لا جدوى من أي عمل ولا فائدة من أي محاولة.‏
‏6- التفكير المبالغ: وهو التفكير الذي يعطي كل شيء أضعاف حجمه ‏الحقيقي سواء كان ساراً أو ضاراً أي يصوّر لك أن الحبة قبه كما يقال ، فعند ‏سماعك له تذهل من ضخامة الأمر وهوله الذي سيكون له من الآثار الشيء ‏الكثير وعند مباشرتك للأمر ورؤيتك له تجد الأمر عادياً وأقل من العادي.‏
‏7- التفكير السطحي: وهو التفكير الذي يكتفي بظواهر الأشياء، ولا ‏ينفذ إلى معرفة حقائقها وجوهرها كمن يحكم على الإنسان بملابسه أو بسيارته ‏دون أن يعرف حقيقة تفكيره وأخلاقه وسلوكه وثقافته وتعامله وغير ذلك مما ‏به يتفاوت قدر الناس.‏
‏8- التفكير الادعائي : وهو التفكير الذي يدعي صاحبه أنه فعل وفعل مما ‏لم يفعله لكنه مع كثرة التمادي في الدعاوي الفارغة والبطولات الخيالية يصدق ‏نفسه في النهاية فما يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ، ‏وما يزال يكذب ويكذب حتى يصدّق نفسه.‏
وأكثر من يقع في حبائل هذا التفكير الوبائي هم الفارغون الذين لا ‏يعملون فيخدعون أنفسهم ويرضونها بالدعاوى العريضة الفارغة ويكتفون ‏بذلك.‏
‏9- التفكير التحليلي السببي : وهو التفكير المتمعن الذي يميل صاحبه إلى ‏البحث عن أسباب كل حادث ومقدماته ونتائجه ومقاصد القائمين عليه وما ‏هو الموقف المناسب حيال هذا الحادث وما هو دوره هو فيه.‏
‏10- التفكير التبريري القدري : وهو التفكير الذي يبادر صاحبه إلى ‏إخلاء نفسه من أي مسئولية حيال أي أمر يقع ويقلى بتبعة ذلك على الأقدار ‏ويبرر كل تصرف منه مهما كانت نتائجه.‏
‏11- التفكير الجزئي : وهو التفكير الذي ينظر صاحبه إلى الحدث مبتوراً ‏من سياقه ومنفصلاً عن قاعدته الكلية العامة الذي هو في الحقيقة جزء منها.‏
‏12- التفكير الكلي التجميعي : وهو التفكير الذي يهتم بالنظر في الأمور ‏الكلية العامة غير ملتفت إلى التفاصيل والجزئيات في الأشياء والأحداث.‏

ماهو التفكير المثالي ؟
بعد هذا الاستعراض السريع لبعض أنواع التفكير مع عدم التوسع في ‏ذكرها، وفي ضرب الأمثلة لها أشير إلى ما يمكن أن نسميه التفكير المثالي ‏مستنبطاً ذلك من الأنواع السابقة.‏
فالتفكير المثالي: هو التفكير التوليدي النقدي الاستيعابي السببي الكلي ‏التمعن مع ملاحظة أن كل شيء بقدر ، وأن هذا لا ينفي البحث عن الأسباب ‏، فالله هو خالق الأسباب والمسببات.‏


خصائص الفكر المثالي:‏
والمرء القادر على التفكير المثالي له خصائص يتميز بها عن غيره، وهذه ‏الخصائص هي:‏
‏1- الرؤية النافذة لحقائق الأشياء وجوهرها وعدم الاكتفاء بالنظرة ‏السطحية للأمور.‏
‏2- الصدق والجد والمثابرة في التفكير والاستغراق في ذلك بعمق حتى يصل ‏الإنسان إلى الصورة المثالية التي ذكرها قبل قليل.‏
‏3- الاستقلال عن التقليد للآخرين لمجرد ذلك حيث أن البعض يكوِّن ‏تفكيره آخر كلام سمعه أو آخر كتاب طالعه؛ ولذلك تجده ينتقل من الفكر إلى ‏نقيضه فهو كالإسفنجة التي تتشرب أي سائل توضع فيه.‏
‏4- المزاوجة بين العالم الخارجي من حولك والذي سيكون موضوع ‏تفكيرك من خلال ما تتلمسه بأحاسيسك وبين مشاعرك الداخلية وخبراتك ‏وتجاربك ومعلوماتك السابقة وليكن هذا المزج والتزواج بتوازن.‏
‏5- التميز والوضوح في اللفظ الذي يعبر عن هذه الرؤية إذا أن الفكر ‏الناضج ما لم يعبر عنه بلغة بليغة فصيحة بينه ويبقى كالدرة المدفونة في التراب ‏بل إن دقة ووضوح التعبير دليل على دقة ووضوح التفكير.‏
‏6- التقويم للمشاعر والانفعالات وعدم الانسياق وراءها دائماً ؛ إذ قد ‏تكون مضللة وخاطئة وغير صائبة، فمثلاً رجل رأى سائقاً يتوقف في الطريق ‏وينزل من سيارته ويحمل طفلاً والدماء تنزف منه وحين تأمل الرجل في الطفل ‏عرف أنه ابنه فانهال على السائق ضرباً ظاناً أنه آذى ابنه بالسيارة، بينما الحقيقة ‏أن الذي آذاه سائق آخر فرَّ وتركه ينزف في الطريق فهرع هذا السائق لإنقاذه.‏


عوامل تحديد تصورنا للشيء :‏
هناك عدد من العوامل الفطرية أو الكسبية والذاتية أو الخارجية التي تؤثر ‏في تحديد ومقدار تصور الشيء الذي هو موضوع التفكير، وأهم هذه العوامل ‏هي:‏
‏1- العقل وقدراته، والناس يتفاوتون تفاوتأً كبيراً في قدراتهم العقلية إما ‏بسبب التفاوت في أصل الخلقة وإما بسبب التفاوت في إعداد العقل وصقله ‏وتنمية قدراته، فمن الناس المتوقد الذهن الألمعي الفكر الثاقب النظر الذي يدرك ‏الأمر على حقيقته لأدنى إشارة، ومنهم البليد الذي لا يفهم الحقائق الواضحة ‏البينة وبينهما درجات متفاوته.‏
‏2- الحواس ومدى قدرتها وسلامتها ؛ إذ إن الحواس هي الواسطة بين ‏العقل والشيء موضوع التفكير فما لم تكن الحواس سليمة فسيكون نقلها غير ‏صحيح، وبالتالي سيكون التصور للشيء تصوراً مغلوطاً أو ناقصاً والناس ‏يتفاوتون في مدى صحة وسلامة وقدرة حواسهم ويتفاوت تبعاً لذلك صحة ‏تصورهم للشيء.‏
‏3- الثروة اللغوية المختزنة والتي يعبر بها عن الشيء ويُمكن بها وصف ‏وتحديد الشيء فكلما اتسعت الثروة اللغوية المختزنة كلما كانت قدرة المرء على ‏تصور الشيء وتحديده أكبر.‏
‏4- المعتقدات والقيم الموجودة لدى المرء الذي يقوم بالتفكير والتصور، ‏وهذه المعتقدات تشمل الإيمان بالغيب، والانتماء والهوية والإيمان بما حول المرء ‏من أشياء وحقيقتها والإيمان بإمكانات الإنسان وقدراته وحقيقة دوره ووظيفته.‏
‏5- واقع الشيء ذاته الذي هو موضوع التفكير والذي يراد الوصول إلى ‏تصوره وتحديده، وهذا الواقع كلما كان العلم به أعمق وأشمل وأدق كلما كان ‏التصور أكثر صحة.‏

معوقات التفكير:‏
‏1- العيش في الخيالات والأوهام والأحلام الفارغة والتعامي عن حقائق ‏الواقع، والخيال مفيد إذا كان بقدر ما يسعى الإنسان إليه من تطوير للواقع ‏وإبداع وتجديد في حدود الممكن أما إذا حلق بصاحبه في أجواء المستحيلات ‏وعاش في ظلاله فقط معرضاً عن العمل فهو الداء القائل للفكر والمرض الفاتك ‏بالعقل.‏
‏2- الاستسلام للعجز وظن عدم القدرة على فعل شيء ، فيعطل الإنسان ‏حينئذٍ فكره وعقله طائعاً مختاراً ولن يظفر منك عدوك بمثل هذه الهدية التي ‏تقدمها للشيطان مجاناً.‏
‏3- التردد والاضطراب عند تعارض الأفكار وتعدد الخيارات وعدم القدرة ‏على الحسم والاختيار حتى تفوت جميع الفرص وتتلاشى شتى الخيارات.‏
‏4- المحاكاة والتقليد للآخرين في كل عمل يأتيه الإنسان وتعويد النفس ‏على الكسل والخمول والتخوف والتهيب من التجديد والاستقلال في الفكر.‏
‏5- المعاشرة والمصاحبة لأهل البطالة واللهو ممن يتصفون بأي من الصفات ‏السابقة ؛ لأن الإنسان إذ صحب النابهين المبدعين قبس من أنوارهم كما أنه إذا ‏صحب الخاملين تأثر بخمولهم.‏
‏6- إشغال العقل والفكر بما لم يخلق له وما ليس في مقدوره فكما أن عدم ‏التفكير للعقل وجحد للنعمة فكذلك محاولة إشغاله بما ليس من اختصاصه ‏تحميل له بما لا يطيق كمثل محاولة العلم بما اختص الله به من علم الغيب في ‏الآخرة والأقدار وكيفيات صفات الله سبحانه وتعالى.‏
‏7- الفراغ وعدم إشغال النفس بالعمل النافع المفيد؛ لأن الفكر جوَّال لا ‏يُمكن أن يهدأ ويسكن فإن لم تشغله بالحق شغلك بالباطل.‏
‏8- عدم القناعة بالعمل الذي تمارسه وتشغل نفسك بالتفكير فيه بل تؤديه ‏إما اضطراراً وإما تصنعاً للناس ورياءً فيكره الفكر على التفكير في الأمر مع عدم ‏القناعة به فلا يتعمق فيه ولكن يكتفي بما به يتحقق الحد الأدنى من العمل في ‏صورته التقليدية البسيطة النمطية بعيداً عن أي إبداع أو تجديد أو ابتكار.‏
‏9- التواكل الطفيلي بمعنى أن يعوّد الإنسان نفسه على أن يفكر الآخرون ‏نيابة عنه حتى في أخص أموره فيصاب بالترهل الفكري والجمود العقلي ويصبح ‏كالنبات الطفيلي الذي يعيش على أغصان شجرة أخرى، وبمجرد أن يذبل ذلك ‏الغصن أو يقطع تنتهي حياة ذلك النبات الطفيلي، وهذا شيء والمشاورة ‏والاستفادة الإيجابية من الآخرين شيء آخر.‏
‏10- بلادة الحواس ؛ لأن بوابات الفكر ومنافذ العقل هي الحواس من سمع ‏وبصر وذوق وحس وشمّ.‏
فإذا عوَّد الإنسان حواسه على دقة الملاحظة وسرعة الاستجابة نشطت ‏للعمل وكانت نعم العون للتفكير، وإذا عوَّدها على الخمول والكسل تعطلت ‏عن أداء وظائفها وأصبح حال صاحبها كما قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ ‏كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا ‏وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ).‏
‏11- الابتلاء بالجدل المذموم والمراء ؛ لأنه يدفع صاحبه إلى المماحكة ‏بالباطل ويثير البغضاء والشحناء ولعاً بالغلبة ويشيع الاختلاف بدل الائتلاف، ‏وكل هذا مشغله للنفس ومشوش على الفكر وصارف له عن الإبداع والعطاء.‏

‏***‏

الذاكرة والقراءة

رُبَّمَا كان دماغ الإنسان أعجب وأعقد جهاز عُرف حتى الآن بما فيه من أقسام ‏مختلفة سواء في مراكز الإبصار والسمع والحس والشك والذوق ، أو مراكز اللغة ‏والحركة والاختزان للمعلومات والتوجيه للمشاعر والحفاظ على التوازن في كل ذلك . ‏
والذاكرة تختزن المعلومات في الدماغ بعد تمريرها من خلال إحدى الحواس الخمس ‏إلى مراكز الذاكرة ، وكلما كانت الحواس التي من خلالها تم استيعاب المعلومات أكثر ‏كلما كان إمكانية الاحتفاظ بالمعلومة أكبر ، وأكثر الحواس ترسيخاً للمعلومات في ‏الذاكرة هي حاسة الإبصار ، ولذلك إذا كانت وسيلة حفظ المعلومة حاسة أخرى غير ‏الإبصار ، فحاول أن تقرن المعلومة المسموعة أو المتذوقة أو المشمومة بصورة مرئية . ‏
وأعطِ نفسك وقتاً كافياً لاستيعاب الصورة بكل تفاصيلها من خلال التدقيق ‏والتركيز والحرص . ‏
وصقل الذاكرة وتقويتها أو إضعافها له أسباب خلقية تكوينية إمَّا وراثية وإمَّا بسبب ‏صحة الأم أثناء الحمل وتغذيتها وما قد تتناوله من أدوية أو تستنشقه من غازات ، وله ‏أسباب كسبية مثل تغذية المرء نفسه وتهوية المكان الذي يقيم ويمارس عملية التفكير ‏والحفظ والاستذكار فيه ومثل التمارين التي سبق الحديث عنها في مبحث التركيز الذهني ‏‏. ‏
والقراءة لها الشأن الأكبر في اكتساب العلوم والمعارف والثقافات بل هي الوسيلة ‏التقليدية لذلك والتي لا يعرف كثير من الناس غيرها ، وكلما طور الإنسان من طريقته ‏وأساليبه في القراءة والتعامل مع الحرف كانت استفادته من ذلك أكبر . ‏
والإنسان القارئ الذي يجعل القراءة جزءاً من حياته وتصبح هواية ملازمة له هو ‏الذي يستطيع بعد فترة وجيزة من حياته أن يتميز على أقرانه في تفكيره وأسلوب تعامله ‏مع الحياة بل وفي نظر الآخرين أيضاً ، وبإدمان القراءة سيصبح تناول الكتاب بالنسبة ‏لك ليس وسيلة للعلم والمعرفة والثقافة والتجول في الكون فحسب بل سيصبح أيضاً متعة ‏وترويحاً ونزهة لايدانيها شيء آخر على الإطلاق . ‏
ولنزى كم من المعلومات يُمكنك استيعابها والحصول عليها بالقراءة ، إليك بعض ‏هذه الأرقام : ‏
يستطيع الإنسان أن يقرأ في الدقيقة (500) كلمة علماً أن البعض يستطيع أن يقرأ ‏إلى حدود (900) كلمة لكن هذا نادر . ‏
وأل (500) كلمة تساوي صفحتين من كتاب متوسط الحجم ، أي أن الإنسان ‏يستطيع في ساعة من الزمن أن يقرأ مقدار 120 صفحة ، فإذا كان الكتاب المتوسط ‏يبلغ 400 صفحة ، فهذا يعني أنك تحتاج إلى ثلاث ساعات وعشرين دقيقة لقراءته . ‏
ولنفترض أنك تحتاج إلى أربع ساعات لقراءته فلو أعطيت كل يوم ساعة للقراءة ‏لقرأت في كل أربعة أيام كتاباً أي في السنة يُمكنك أن تقرأ حوالي تسعين كتاباً . ‏
وتأمل أي أثر سيكون في حياتك إذا قرأت في كل عام تسعة كتب مختارة فضلاً عن ‏تسعين كتاباً ، كم يا ترى من الأوقات الثمينة تضيع مناً في اللهو والعبث والضياع ولا ‏ندرك مقدار الخسارة فيها إلاً إذا غربت شمس الحياة وأذنت بالمغيب . ‏
وأفضل أحوال القراءة هو أن تقرأ قراءة صامتة متمعنة في جو هادئ وارتياح نفسي ‏، وألا يكون بعد الأكل حتى الشبع مباشرة أو أثناء الشعور بالجوع الشديد ، وأن تكون ‏الإضاءة والتهوية والحرارة والبرودة جيدة ومناسبة، وأن تكون الجلسة مريحة ومعتدلة، ‏وحبذا أن يكون في يد القارئ قلم يخط به بعض الخطوط تحت العبارات المهمة ويكتب ‏به بعض العناوين ويرقم به بعض الأرقام ويلخص بعض الأفكار وكذلك اختيار الوقت ‏المناسب بعد النوم الكافي. ‏

‏*************************** ****‏

صحتك
إن نفسك أمانة لديك والمحافظة عليها واجب عليك سواء في ذلك صحة الروح من ‏الشبهات والجفاف الإيماني أو صحة العقل من الخرافات والأساطير أو صحة البدن من ‏الأمراض والأوبئة والمحافظة على قوته وحيويته ، والمحاور التي يُمكن الحديث عن صحة ‏البدن من خلالها هي : ‏
قواعد عامة للصحة . ‏
الغذاء . ‏
النوم . ‏
الرياضة . ‏
قواعد عامة للصحة : ‏
‏1.‏ وثق علاقتك بالله وأنزل حاجتك به وحافظ على الأذكار المشروعة في الصباح ‏والمساء والنوم والاستيقاظ وأمثال ذلك . ‏
‏2.‏ حذار من الإسراف ، فهو داء قاتل ، ولتعلم أن السمنة هي العدو اللدود لبدنك . ‏
‏3.‏ إذا شكوت من مرض فعالجه قبل استفحاله ، وإذا أمكن المعالجة والتداوي ‏بالأشياء الطبيعية فلا تلجأ للكيماويات . ‏
‏4.‏ تجنب تعاطي المسكنات والمهدئات إلاَّ لحاجة ملحة . ‏
‏5.‏ التدخين هلاك محقق ، فما ظنك بالمخدرات أو المسكرات . ‏
‏6.‏ كن في سكن جيد التهوية ونظيفاً . ‏
‏7.‏ النظافة في كل شيء من أسباب السعادة في الحياة . ‏
‏8.‏ حافظ على التطعيمات والتحصينات الدورية . ‏
‏9.‏ احذر من وسوسة بعض الأطباء، ورُبَّما تكون أفضل الأطباء لعلاج نفسك أحياناً ‏‏. ‏
‏10.‏ ليس هنا علاج سحري لكل مرض، وعليه فلابد من التكيف مع بعض الآلام . ‏
‏11.‏ احتسب كل ما يصيبك عند ربك لعل المرض مطهر لك من الذنوب . ‏
الغذاء : ‏
‏﴿ فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً * فَأَنْبَتْنَا ‏فِيهَا حَبّاً *وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً *مَتَاعاً لَكُمْ ‏وَلِأَنْعَامِ ُمْ ﴾. ‏
قواعد ذهبية في التغذية والغذاء : ‏
‏1.‏ العقلاء يأكلون ليعيشوا ويعيشون لأهداف سامية ( الطعام لديهم وسيلة ) ‏والشهوانيون يعيشون ليأكلوا فقط . ‏
‏2.‏ لا تأكل حتى تجوع ، فإدخال الطعام على الطعام داء قاتل . ‏
‏3.‏ نوِّع طعامك واجعل أكثره نباتياً وبخاصة من الفواكه والخضروات الطازجة ، ‏وقلل من اللحوم والدهون ، وحبذا لو جعلت تناولك للحوم في الأسبوع مرة أو ‏مرتين فقط . ‏
‏4.‏ ابتعد عن تناول المصنعات والمعلبات والمحفوظات قدر المستطاع . ‏
‏5.‏ لا تملأ بطنك ، نصيحة لم يجمع الأطباء على مثلها عبر العصور . ‏
‏6.‏ ‏ لا تتهاون في نظافة طعامك ، فالطعام الملوث سُمٌّ لا غذاء . ‏
‏7.‏ لا تأكل بين الوجبات ما لم يأمرك بذلك الطبيب . ‏
‏8.‏ أكثر من شرب الماء وتأكد من أنه نقي ، وحبذا لو عوَّدت نفسك على عدم ‏الشرب أثناء الأكل وبعده مباشرة . ‏
‏9.‏ احذر من الإفراط في استعمال الملح والسكريات المصنعة فلذلك عواقب وخيمة ‏على الصحة إذا تقدم العمر . ‏
‏10.‏ حبذا لو تركت شرب الشاء والقهوة والمشروبات الغازية أو قللت منها قدر ‏الإمكان واستبدلت مكانها الماء النقي والعصيرات الطازجة . ‏
‏11.‏ كل بيمينك بعد غسلها وسمِّ الله ولا تأكل أو تشرب واقفاً لغير حاجة ، وبعد ‏الفراغ نظف فمك ويديك واحمد الله . ‏
النوم : ‏
قال تعالى : ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم ْ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ . ‏
النوم أحد الأسرار الإلهية العجيبة التي أودعها الله في خلقه ، والتي لا يستغني عنها ‏الإنسان بحال من الأحوال ، فبعد أن يبلغ التعب بالإنسان غايته والجهد مداه يتغشاه ‏النوم ثم يستيقظ فإذا بحيويته قد تجددت ونشاطه ونظارته قد عادت والناس في تعاملهم ‏مع النوم أصناف شتى . ‏
وسأحاول في هذه الأسطر القليلة أن أشير إلى بعض القواعد المثلى في التعامل مع ‏قضية النوم ليؤدي لك وظيفته ولا يكن وسيلة تعويق وتثبيط لك عن أداء ما أوجب الله ‏عليك نحو ربك ونحو نفسك ونحو الحياة عموماً .‏
وإليك هذه القواعد : ‏
‏1.‏ لا تنس حق جسمك من الراحة مهما كانت الظروف ، فإن المنّبت لا أرضاً ‏قطع ولا ظهراً أبقى ، فتحميل النفس ما لا تطيق من السهر تدمير لطاقتها ‏وتعويق لعملها . ‏
‏2.‏ أفضل قاعدة في التعامل مع النوم عرفها الإنسان هي: نم مبكراً واستيقظ مبكراً. ‏
‏3.‏ لقد ثبت علمياً أن أفضل أوقات النوم ما كان بعد صلاة العشاء ، وأن الساعة ‏من النوم في أول الليل تعادل ساعتين من آخره ولا يقوم مقامها ساعات من نوم ‏النهار . ‏
‏4.‏ لا تنم بعد الأكل مباشرة . بل اجعل بينهما فترة من الاسترخاء . ‏
‏5.‏ أسوأ أوقات النوم ما كان في أول النهار أو بين العصر والمغرب ، ولكل قاعدة ‏استثناء كما يقال . ‏
‏6.‏ لا تكن من الذين يقضون أغلب حياتهم في الفراش بل اذهب إلى الفراش عند ‏الحاجة إلى النوم وغادره عند عدم الحاجة إليه . ‏
‏7.‏ لا تعود نفسك على عادات مستحكمة عند النوم مثل طبيعة الفراش ومقدار ‏الضوء وعدم الإزعاج ، بل حاول أن تُكْسِب نفسك القدرة على النوم في أيّ ‏ظرف .‏
‏8.‏ يستطيع الإنسان أن يتعود على الاكتفاء بقدر قليل من النوم بالتدرج في ذلك . ‏
‏9.‏ لا تنس دعاء النوم والاستيقاظ ودوام ذكر الله كلما صحوت من نومك . ‏

الرياضة : ‏
إن من أفضل وسائل حفظ حيوية الجسد وقدرته على القيام بأعباء الحياة بالإضافة ‏للتغذية الجيدة والنوم الكافي ممارسة الرياضة باعتدال وبالقدر الكافي . ‏
والرياضة المعتدلة التي يمارسها الإنسان باعتبارها وسيلة من وسائل الحفاظ على قوة ‏بدنه وصحته لا باعتبارها غاية وجود له في الحياة ، عليها يوالي ومن أجلها يعادي ، ‏ويجعل كل شيء في الحياة من أجلها ، وهذه بعض التوجيهات العامة في التعامل مع ‏الرياضة :‏
‏1.‏ اجعل الرياضة جزءاً من برنامجك الذي لا تنساه في جميع أحوالك وأقل ذلك ‏المشي والسباحة . ‏
‏2.‏ لا تدمن الرياضة فتصبح غاية لك لا وسيلة وتترك من أجلها حينئذٍ ‏مسئولياتك تجاه ربك وعملك وعائلتك وتسبب لك إشكالات مع الآخرين ‏‏.‏
‏3.‏ استشر أخصائياً في تحديد تمارين منوعة لجميع الجسد شريطة أن تكون سهلة ‏ولا تأخذ منك وقتاً ثم حافظ عليها في سفرك وحضرك . ‏
‏4.‏ لا تتردد في السباحة إذا تهيئت لك ، فهي من أفضل وأمتع الرياضات .‏
‏5.‏ احذر من التمارين الخطرة والعفيفة ، فقد تؤذيك وتأثم بسببها . ‏
‏6.‏ لا تمارس الرياضة بعد الأكل مباشرة حين تشكو من شدة الجوع . ‏
‏7.‏ لا تنس مراقبة الله في أقوالك وأفعالك وأنت تمارس الرياضة . ‏



أنت والآخرون
نحو علاقات أفضل واتصال أكمل


http://www.saaid.net‏/ ‏
التواصل مع الآخرين والتأثير فيهم

كلمة الاتصال مصطلح شاع لدى الإداريين والاجتماعيين وكثر استعماله والعناية به ‏وتوسع أهل العصر في الدراسات التي تعتني به وتتحدث عنه . ‏
والمراد به : سلوك أفضل السبل والوسائل لنقل المعلومات والمعاني والأحاسيس ‏والآراء إلى أشخاص آخرين والتأثير في أفكارهم وتوجهاتهم وإقناعهم بما تريد سواء كان ‏ذلك بطريقة لغوية أو غير لغوية . ‏
والاتصال له ثلاثة عناصر رئيسة هي : ‏
‏1.‏ المرسل . ‏
‏2.‏ المستقبل . ‏
‏3.‏ الرسالة . ‏
وحتى تكون عملية الاتصال ناجحة ومؤثرة لابد من توافر شروط النجاح في كل ‏عنصر من هذه العناصر الثلاثة . ‏
مراحل الاتصال : ‏
للاتصال مراحل لابد من المرور بها ليتحقق النجاح في عملية الاتصال والتأثير ، ‏وهذه المراحل تتخلص في الخطوات الآتية : ‏
‏1.‏ وجود رغبة ومثير وحافز لدى المرسل الذي هو مصدر الرسالة ، وهذا ‏يستدعي أن يكون له هدف واضح ، وأن يكون هذا الهدف مرغوباً فيه وإلا ‏لكانت عملية الاتصال باهتة ، وعليه فلابد من أن يكون المرسل مؤمناً بهدفه ‏بقوة قد خالط لحمه ودمه ، فتكلم عنه قلبه قبل لسانه وعبر عنه كل ذرة في ‏كيانه ، وكلما كان الإيمان بالهدف أشد كلما كان التحريض على تبليغ ‏الرسالة أكمل وأبلغ . ‏
‏2.‏ تحديد صيغة الرسالة ، بعد أن يحدد المرسل هدفه الذي يتوخاه من عملية ‏الاتصال يحدد صيغة الرسالة المناسبة لتحقيق هذا الهدف والرسالة تختلف من ‏هدف إلى آخر ، ومن مستقبل إلى آخر ، فالرسالة التي تهدف لنقل الأخبار ‏غير الرسالة التي تهدف للإقناع بفكرة معينة غير الرسالة التي تهدف للإمتاع ‏فقط ، وكذلك الرسالة التي تستهدف شريحة جامعية غير الرسالة التي ‏تستهدف شريحة من العوام الأميين الذين لا يقرأون ولا يكتبون . ‏
‏ ولابد عند تحديد صيغة الرسالة من توقع رد فعل المستقبل وتعديل صيغة الرسالة ‏لتحقيق رد الفعل الذي ترغب فيه والرسالة الناجحة هي التي تجيب من خلالها ‏على الأسئلة الآتية : ‏
أ – ماذا أريد من هذه الرسالة ؟ ‏
ب – متى أريد ذلك ؟ ‏
جـ - أين أريده ؟ ‏
د – كيف أريد أن يتحقق ؟ ‏
هـ - لماذا أنا أريده ؟ ‏
وهذه الأسئلة يجب أن تكون لنفسك أنت وأن تجيب عليها مع نفسك وتعدل ‏في صيغة رسالتك بناءً على هذه الإجابة . ‏
‏3.‏ إنجاز الرسالة فعلاً وتنفيذها على أرض الواقع ، أي بعد تحديد صيغة الرسالة ‏وتصميمها من الناحية النظرية ينتقل الإنسان إلى الجانب العلمي وهو تنفيذ ‏الرسالة ومباشرة إرسالها للمستقبل . ‏
وهذا يستدعي منك دربة وإجادة ، وأول خطوات التنفيذ هي لفت انتباه ‏المستقبل وإثارته بحركة أو نكتة أو كلمة أو صرخة أو ذكر هدف محبوب لدى ‏المستقبل كمدخل لرسالتك التي تريد تبليغها ، وهو ما يسمى لدى علماء البلاغة ‏‏(( براعة الاستهلال )) وإذا نجح الإنسان في استهلاله فقد نجح غالباً في تبليغ ‏رسالته . ‏
ثم الانتقال لإرسال رسالتك مع ربطها بالمثير السابق واحرص على تجنب الهجوم ‏المباشر على الأفكار والمسلمات التي يعتز بها الآخر ، بل حاول إقناعه عبر ‏المفاهيم المشتركة بينكما والوسائل التي من خلالها يتم تبليغ الرسالة هي : ‏
أ – اللغة . ‏
ب – نبرات الصوت . ‏
جـ – تعابير الوجه . ‏
د – حركة الجسم من يدين وغيرها . ‏
هـ - الوسائل الخارجية المصاحبة . ‏
وسيأتي لذلك مزيد بيان إن شاء الله . ‏
‏4.‏ استقبال الرسالة ، أثناء تنفيذك للرسالة يبدأ الطرف الآخر المستهدف بالرسالة ‏في عملية الاستقبال لرسالتك والتفاعل معها سلباً أو إيجاباً ، وهناك كثير من ‏الأمور التي تؤثر في كيفية استقبال الإنسان لأي رسالة توجه إليه ، من هذه ‏الأمور : ‏
معتقدات المستقبل ، ثقافته ، حالته النفسية ، راحته البدنية ، الأمن أو الخوف ‏الذي يعيشه ، انطباعه عن المرسل للرسالة ، ميوله ورغباته ، حاجته للرسالة ‏وإشباعها لهذه الحاجة وملائمتها لمستواه ، حسن إصغائه . ‏
‏5.‏ رد فعل المستقبل حيال الرسالة ، وهو الهدف الذي يسعى المرسل لبلوغه ‏والوصول إليه ، فإذا كان رد الفعل إيجابياً والرسالة مقبولة فهو الغاية التي ‏يطمح إليها المرسل، وإذا كان سلبياً ، فهذا يعني عدم النجاح في الاتصال ‏وتبليغ الرسالة والتأثير في المستقبل . ‏

‏*************************** *‏
أنواع الاتصال : ‏
الاتصال والتأثير في الناس له أنواع وأساليب متعددة وكلما أجاد الإنسان هذه ‏الأساليب كلما كان النجاح أسرع إليه في حياته .‏
فالذي يجيد التعامل مع الآخرين والتأثير فيهم وإقناعهم بما يريد هو الذي تفتح له ‏الأبواب وتمهد الطرق للوصول إلى أهدافه وبلوغ غاياته والنجاح في حياته ، ويستطيع ‏أن يجند كل من حوله لخدمة أهدافه والسعي معه لتحقيقها ، سواء كان الذين حوله من ‏عائلته أو زملائه أو جيرانه أو أصدقائه . ‏
وإيصال الرسالة إمَّا أن يكون بالكلام وإمَّا أن يكون بغيره ، وكلما تضافرت ‏الأساليب من كلام وغيره على تحقيق الهدف وإيصال الرسالة كلما كان الأثر أبلغ . ‏

الاتصال بالكلام : ‏
إن الكلام هو أكثر وسائل الاتصال والتأثير شيوعاً وكلما نجح الإنسان في إجادة ‏فن الكلام وامتلاك زمام الفصاحة والبلاغة كلما كان أقدر على التأثير في الآخرين ‏وتوجيههم الوجهة التي يريدها . ‏
وهل كانت معجزة القرآن الكريم التي خضعت لها رقاب العرب إلا في بلاغته ‏وفصاحته في المقام الأول مع صور الإعجاز الأخرى ؟ ، ولقد بلغ النبي صلى الله عليه ‏وسلم الذروة من ذلك حتى بلغ تأثيره أعلى الدرجات وأرقى المقامات . ‏
وهذه بعض التوجيهات التي بالأخذ بها يُمكن الإنسان أن ينجح إلى حد كبير في ‏إبلاغ رسالته بواسطة الكلام . ‏
‏1.‏ انتقاء الكلمات البليغة المؤثرة له أبلغ الأثر في إيصال المعاني للمستقبل ، وكما قال ‏صلى الله عليه وسلم : (( إن من البيان لسحراً )) ، وهل أسر القرآن عقول ‏العرب وقلوبهم إلا بالبلاغة التي كانت بينهم وبين نفوسهم ، ويسلِّمُون أزمة ‏أرواحهم لهذه الكلمات طوعاً أو كرهاً . ‏
ومن أفضل الوسائل لاكتساب البلاغة حفظ كتاب الله والإكثار من حفظ سنة ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ أشعار وعبارات البلغاء الفصحاء ، ‏ويُمكنك وضع برنامج لذلك بأن تجعل لك دفتراً خاصاً ، وكلما سمعت أو ‏قرأت عبارة جيدة وجديدة بالنسبة لك دونتها في دفترك ثم بحثت عن معناها إن ‏لم تعرفه ثم حفظتها ثم كررت استعمالها كثيراً حتى تصبح من مفرداتك ، وحاول ‏أن تضيف بهذه الطريقة في كل يوم لك عبارة جديدة أو بيت شعر . ‏
‏2.‏ الإلمام بمصطلحات الموضوع الذي تتحدث فيه له دور كبير في قبول رسالتك ‏واحترام حديثك وبخاصة من قبل المتخصصين في هذا الفن . ‏
‏3.‏ حدد حجم الكلام الذي تريد أن تقوله فلا إيجاز مخل ولا إسهاب ممل . ‏
ثم حدد الزمن المناسب الذي تريد أن تتحدث فيه ؛ إذ قد يكون سوء اختيار ‏الوقت سبباً في عدم قبول الطرف الآخر لكلامك ، واعلم أن لكل مقام مقالاً ‏ولكل حال أسلوباً يختلف عن أسلوب حال آخر . ‏
‏4.‏ الوضوح والبيان في الكلام من أهم أسباب تفاعل الطرف الآخر مع الكلام ، أمَّا ‏عندما يكون الكلام غامضاً وطلاسماً فلن يتفاعل معه الآخرون . ‏
‏5.‏ نبرات الصوت وتفاعلها مع معاني الكلمات من أهم الوسائل في إيصال الرسالة ‏إلى الآخرين ، وقد تسمع كلاماً واحداً من شخصين مختلفين فتتفاعل مع أحدهما ‏وتتأثر وتتحمس له غاية الحماس بينما لا يحرك فيك الآخر شعرة واحدة . ‏
وقد قام فريق من الباحثين بعمل دراسات في بريطانيا سنة 1970 م حول تأثير ‏الكلام على الآخرين ، فوجدوا أن للكلمات والعبارات نسبة 7% من التأثير ، ‏وأن لنبرات الصوت 38% ، وأن لتعبيرات الجسم الأخرى من عيوب ووجه ‏وأيدي وجسم 55%، وهو ما سأتحدث عنه قليل لكن بعد الفراغ من الحديث ‏عن الاتصال بالكلام. ‏
من عيوب الاتصال بالكلام : ‏
‏1.‏ الكلام بسرعة فائقة لا تمكن المستمع من استيعاب كلام المتحدث ، وقد وصف ‏كلام أبلغ البشر عليه الصلاة والسلام بأنه لو عده العاد لاستطاع ذلك ، ورُبَّما ‏كرر الكلمة ثلاث مرات لتفهم عنه . ‏
‏2.‏ الغمغمة في الكلام وعدم الوضوح في العبارة . ‏
‏3.‏ الكلام على وتيرة واحدة ، سواء كان الموقف يستدعي الضحك والفرح أو ‏الحزن والبكاء أو الحماس أو الهدوء ، وهذا من أسوأ عيوب الكلام . ‏
‏4.‏ الإغراق في الكنايات والمجازات والاستطرادات حتى تُنسى الحقيقة ، ولا يعد ‏السامع يعلم في أي موضوع يتحدث المتكلم بل قد ينسى هو موضوعه الذي ‏يتحدث فيه ثم يقول للسامع : ما هو الموضوع الذي كنا نتكلم فيه ؟ . ‏

ابن رجب
2007-08-13, 11:39 AM
كيف تطور أسلوبك في الكلام ؟ : ‏
‏1.‏ لكي تكتسب القدرة على الكلام بنجاح استمع جيداً إلى المتحدثين ‏المشهورين بالقدرة على التأثير في مستمعيهم وحاول تقليدهم في طريقتهم ‏ابتداءً ثم اختط لنفسك طريقة خاصة بعد ذلك . ‏
‏2.‏ اطلب من بعض من حولك أن يسجل كلامك بدون علمك ثم استمع إلى ‏نفسك وانقد طريقتك في الكلام واطلب من غيرك أن يقيّمك . ‏
‏3.‏ بعد كل مرة تعتلي فيها منبراً حاول تسجيل ما تراه من ملحوظات على ‏كلامك ثم اجتنبها في حديثك القادم . ‏


التعبير يغير الكلام : ‏
كما أن الكلام وسيلة للتعبير وإيصال الرسالة للآخرين فهناك وسائل أخرى قادرة ‏على تبليغ الرسالة منك لغيرك أو من غيرك إليك ، وقد تكون هذه الوسائل أدق وأصدق ‏في التعبير من الكلام ؛ لأن الكلام يُمكن أن يكون خلاف الواقع أمَّا غيره فقد لا ‏يستطيع الإنسان أن يكذب فيه . ‏
وقد قال العرب قديماً : (( رُبَّ إشارة أبلغ من عبارة )) والتعبير قد يكون بالعيون ، ‏وقد يكون باليدين ، وقد يكون بقسمات الوجه ، وقد يكون بحركات الكفين أو ‏الرجلين أو الرأس بل قد يكون التعبير عن حالتك النفسية من خلال لباسك ، وإليك ‏شيء من التفصيل لبعض هذه الوسائل . ‏
لغة العيون : ‏
‏ قال تعالى : ﴿ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى ‏عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ﴾ .‏
إن العيون لتبدي في نواظرها ما في القلوب من البغضاء والإحن
وقال الشاعر : ‏
وقال الآخر : ‏


العين تبدي الذي في قلب صاحبها ‏ من الشناءة أو حب إذا كانا
إن البغيض له عين يصدقها
‏ ‏ لا يستطيع لِما في القلب كتمانا
فالعين تنطق والأفواه صامتة
‏ حتى ترى من صميم القلب تبيانا


نعم ، إن العيون ليست وسيلة فقط لرؤية الخارج بل هي وسيلة بليغة للتعبير عنا في ‏الداخل أي ما في النفوس والقلوب ونقله للخارج . ‏
فهناك النظرات القلقة المضطربة وغيرها المستغيثة المهزومة المستسلمة ، وأخرى ‏حاقدة ثائرة ، وأخرى ، ساخرة ، وأخرى مصممة وأخرى سارحة لا مبالية ، وأخرى ‏مستفهمة وأخرى محبة .. ، وهكذا تتعدد النظرات المعبرة وقد سمى القرآن بعض ‏النظرات ( خائنة الأعين ) . ‏
والإنسان في تعامله مع لغة العيون يتعامل معها كوسيلة تعبير عما في نفسه للآخرين ‏، وكذا يتعامل معها كوسيلة لفهم ما في نفوس الآخرين . ‏


التعبير الأمثل بالعيون : ‏
إذا أردت إيصال مرادك بعينك فاحرص على الأمور الآتية : ‏
‏1.‏ أن تكون عيناك مرتاحتين أثناء الكلام مما يشعر الآخر بالاطمئنان والثقة في سلامة ‏موقفك وصحة أفكار . ‏
‏2.‏ تحدث إليه ورأسك مرتفع إلى الأعلى ؛ لأن طأطأة الرأس أثناء الحديث يشعر ‏بالهزيمة والضعف والخور . ‏
‏3.‏ لا تنظر بعيداً عن المتحدث أو تثبت نظرك في السماء أو الأرض أثناء الحديث ؛ ‏لأن ذلك يشعر باللاَّمبالاة بمن تتحدث معه أو بعدم الاهتمام بالموضوع الذي ‏تتحدث فيه . ‏
‏4.‏ لا تطيل التحديق بشكل محرج فيمن تتحدث معه . ‏
‏5.‏ احذر من كثرة الرمش بعينيك أثناء الحديث ؛ لأن هذا يشعر بالقلق والاضطراب ‏‏. ‏
‏6.‏ ابتعد عن لبس النظارات القاتمة أثناء الحديث مع غيرك ؛ لأن ذلك يعيق بناء الثقة ‏بينك وبينه . ‏
‏7.‏ احذر من النظرات الساخرة الباهتة إلى من يتحدث إليك أو تتحدث معه ؛ لأن ‏ذلك ينسف جسور التفاهم والثقة بينك وبينه ، ولا يشجعه على الاستمرار في ‏التواصل معك ، ورُبَّ نظرة أرثت حسرة . ‏


كيف تفهم ما في نفوس الآخرين من خلال نظرات عيونهم ؟ : ‏
لقد قام علماء النفس بالكثير من التجارب للوصول إلى معرفة دلالات حركات ‏العيون عما في النفوس ، ورحم الله ابن القيم الذي قال : إن العيون مغاريف القلوب بها ‏يعرف ما في القلوب وإن لم يتكلم صاحبها . ‏
وكان مما وصلوا إليه كما ذكر الدكتور محمد التكريتي في كتابه ( آفاق بلا حدود ‏‏) أن النظر أثناء الكلام إلى جهة الأعلى لليسار يعني أن الإنسان يعبر عن صور داخلية في ‏الذاكرة ، وإن كان يتكلم وعيناه تزيغان لجهة اليمين لجهة اليمين للأعلى فهو ينشيء ‏صوراً داخلية ويركبها ولم يسبق له أن رآها ، أمَّا إن كانت عيناه تتجهمان لجهة اليسار ‏مباشرة فهو يستذكر كلاماً سبق وأن سمعه ، فإن كان نظره لجهة اليمين مباشرة فهو ‏ينشيء كلاماً عن إحساس داخلي ومشاعر داخلية وإن نظر لجهة اليسار من الأسفل فهو ‏يستمع إلى نفسه ويحدثها في داخله كمن يقرأ مع نفسه مثلاً . ‏
هذا في حالة الإنسان العادي ، أمَّا الإنسان الأعسر فهو عكس ما ذكرنا تماماً . ‏
وبناء على هذه المعلومات يُمكنك أن تحدد من أي الأنماط يتحدث الإنسان وهو ‏يتحدث معك بل ويُمكنك عند قراءة قصيدة أو قطعة نثرية أن تحدد النمط الذي كان ‏يعيشه صاحبها عند إعداده لها هل هو النمط السمعي أو الصوري من الذاكرة أو مما ‏ينشئه أو من الأحاسيس الداخلية ، وذلك من خلال تأمل كلامه وتصنيفه في أحد ‏الأصناف السابقة . ‏


التعبير بالوجه : ‏
كما يستطيع الإنسان أن يعبر بعينيه عما يريد ويستطيع أن يستكشف ما في ‏نفوسٍ الآخرين من خلال التأمل في نظرات عيونهم فإنه يستطيع أيضاً أن يفعل ذلك من ‏خلال تأمل قسمات الوجه سواء كان ذلك من بشرة الوجه أو شكل الشفتين أو حال ‏الخدين أو الجبين .‏
وتأمِّل معي قليلاً هذه الآيات الكريمة ، قال تعالى : ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ‏ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ ، قال تعالى : ﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ ‏‏﴾ الآية ، وقال تعالى : ﴿ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً ﴾ ، وغير ‏ذلك من الآيات كثير . ‏
فالتجهُّم والعبوس يقيم الحواجز بينك وبين الآخرين ولذلك عليك أن تتعلم كيف ‏تسيطر على أفكارك ومشاعرك ليكون عبوسك حينئذٍ مقصوداً ومتحكماً فيه ويؤدي ‏رسالة محددة في وقتها المناسب . ‏
وأكثر مظاهر التجهُّم هو تقطيب الجبين وفلطحة الخدين وتكشير الأسنان ‏بالإضافة لزم الشفتين وتقوس السفلى منهما مع جفافهما واسوداد البشرة . ‏
وعموماً فهذه بعض الأفكار العامة حول قضية التعبير بقسمات الوجه : ‏
‏1.‏ اجعل الابتسامة رسولك إلى قلوب الآخرين فهي مفتاح لأبواب النفوس كما أنها ‏تجلب الراحة والهدوء للمبتسم نفسه (( وتبسمك في وجه أخيك صدقة )) . ‏
‏2.‏ عندما تشعر أن الآذان قد أغلقت أمامك وتعطل استقبال رسالتك فعطر الجو ‏بنكتة يتلوها ابتسامة . ‏
‏3.‏ حذار من الابتسامة الساخرة أو الباردة، فهي تحول بين الآخرين وبين الثقة فيك . ‏
‏4.‏ حاول التعرف على ما في نفس الآخر من خلال رصد ابتسامته وملاحظة جبينه ‏وحركات عينيه . ‏
‏5.‏ حاول أن تعوِّد نفسك على أن تكون ابتسامتك وسيلة لإبلاغ رسالتك كما تريد ‏وإن كانت مشاعرك خلاف ذلك . ‏
‏6.‏ عوِّد نفسك على الاستمتاع بالطرائف المضحكة لتتعود على الضحك أحياناً . ‏
التعبير بأعضاء الجسم الأخرى :‏
كما أن الوجه يعبر عما في النفس ، فإن حركات اليدين والقدمين وحركات ‏الكتفين وكيفية الجلوس أو المشي تعبر عما في نفس الإنسان وتعطي تقريراً دقيقاً عن ‏حالته النفسية ومن صور التعبير باليدين الآتي :‏
‏1.‏ عندما تلاحظ إنساناً وضع يديه وراء ظهره متشابكتين فهذا يعني شعوره بالعجز ‏أو عدم الثقة في الآخرين . ‏
‏2.‏ أمَّا عندما يضع الإنسان يديه متشابكتين أمامه أثناء الجلوس فهذا يعني شعوره ‏بالثقة المفرطة في النفس واللاَّمبالاة بالآخرين . ‏
‏3.‏ إشارات اليدين والأصابع المتوافقة مع الكلام تزيد الكلام وضوحاً ، وكما قالت ‏العرب : رُبَّ إشارة أبلغ من عبارة . ‏
‏4.‏ لاحظ حركات أقدام الآخرين أثناء الحديث معهم فهي تعبر عما في نفوسهم ‏وتحكِّم أنت في حركات قدميك أثناء حديثك ما لم تقرر إرسال رسالة من خلال ‏هذه الحركة. ‏
‏5.‏ هز الكتفين للأعلى بصورة سريعة يعني التجاهل واللاَّمبالاة أو الجهل بالشيء ‏والحيرة حياله . ‏


كيف تكسب احترام الآخرين باللباس ؟ : ‏
اللباس قد يؤثر في نفسية لابسه ، كذلك هو إحدى الوسائل التي تعطي الآخرين ‏انطباعاً أولياً محدداً عمن يلبسه ؛ لأن اللباس يعبر عن قيم ونفسية صاحبه ، فاللباس ‏يعطي انطباعاً للآخرين من خلال لونه وبساطته ونظافته وتناسقه ومرونته ، وأهم ‏القواعد التي ينبغي الأخذ بها في أمر اللباس هي : ‏
‏1.‏ يجب أن يكون اللباس ملتزماً بالضوابط الشرعية للرجل أو للمرأة ، وهذه ‏الضوابط محلها كتب الفقه . ‏
‏2.‏ احرص على أن يكون لباسك مقبولاً اجتماعياً فقد يكون اللباس شرعياً لكنه ‏اجتماعياً غير مقبول كمن يصر على لبس البدلة في مجتمع بدوي لا يعرف غير ‏الثوب . ‏
‏3.‏ لكي يكون لباسك مريحاً لك وللآخرين حافظ على نظافته دائماً . ‏
‏4.‏ الأناقة غير المبالغ فيها مما يكسب الإنسان احترام الآخرين . ‏
‏5.‏ البساطة وعدم التكلف من علامات الذوق الناضج . ‏
‏6.‏ مراعاة الزمن والمكان مما ينبغي عدم إغفاله في اللباس فللصيف ملابسه وللشتاء ‏ملابسه وليوم زواجك ملابسه التي تختلف عن يوم نزهتك . ‏
الإصغاء وحسن الاستماع : ‏
حسن الاستماع وإجادة الإصغاء أحد ركني الاتصال الناجح فلا يكفي أن تنجح ‏في إرسال رسالتك بل لابد من النجاح أيضاً في استقبال رسالة الآخر واستيعاب رد فعله ‏وفهم ما يريده والاستفادة منه أو التأثير فيه وحسن توجيهه بعد ذلك وحسن الإصغاء ‏أدب من أعلى الآداب السلوكية التي يتصف بها الإنسان إذا نبل ونجح في تسيير نفسه ‏والسيطرة على ذاته وهو كذلك مهارة إنسانية راقية لابد منها للتعلم واكتساب المعارف ‏والعلوم ، وقد دلت الدراسات أن الاستيعاب لما يصدر من الآخرين يتفاوت بين 40% ‏إلى 75% بعد الانتهاء من الرسالة مباشرة ، وأن أكبر الأسباب في هذا التفاوت هو ‏الاختلاف في الإصغاء والاستماع ، وأهم وسائل الإصغاء هي : ‏
‏1.‏ السمع بالإذن . ‏
‏2.‏ البصر بالعين . ‏
‏3.‏ الانتباه والتركيز بالقلب والعقل .‏


‏ آثار عدم حسن الإصغاء : ‏
‏1.‏ قد يؤدي عدم حسن الإصغاء إلى فقد ثقة الآخرين واحترامهم لك ، فعندما ‏يتحدث معك إنسان وتتشاغل عنه بالاتصال بالتلفون أو الحديث مع جليسك أو ‏الكتابة في أوراقك تصيبه بالإحباط وبالتالي عدم الثقة فيك ، وقد أثر عن الأحنف ‏قوله : ( إن الرجل ليحدثني بالأمر أعرفه من قبل أن تلده أمه فأصغي إليه حتى ‏ينتهي من حديثه وأريه أني أسمعه لأول مرة ) . ‏
‏2.‏ عدم فهم ما يريده الآخرون ، وبالتالي الفشل في التعامل معهم ؛ لأن النجاح في ‏التعامل مع العدو أو الصديق يستدعي معرفة مراده ، ولا يُمكن فهم مقصده ‏ومراده إلا بالإصغاء لكلامه والتركيز في فهمه . ‏
‏3.‏ إضاعة كثير من الفرص التي تؤدي إلى النجاح في الحياة حيث أن الفرص تتاح ‏للإنسان من خلال الاحتكاك بالآخرين وفهم كلامهم واستيعاب مقاصدهم ‏ومراميهم ، فإذا فشل الإنسان في الإصغاء لهم فشل في فهمهم ، والتالي فاته ‏الكثير من الفرص . ‏
‏4.‏ عدم التعود على اكتساب المعلومات بطريقة مختصرة وبقاء المعلومات ناقصة لدى ‏من لا يجيد الاستماع والإصغاء مع ظنه أن معلوماته كاملة . ‏
‏5.‏ اتخاذ القرارات الخاطئة بسبب نقص المعلومات ؛ لأن القرار لا يُمكن أن يكون ‏صحيحاً إلا إذا كانت المعلومات كاملة وصحيحة . ‏
‏6.‏ شعور المتحدث بالإحباط لعدم الإصغاء إليه ، وبالتالي عدم استعداده للمشاركة ‏بفعالية فيما يناط به من أعمال بعد ذلك . ‏


الإنصات والاستماع والإصغاء الجيد : ‏
لكي تكتسب مهارة الإنصات الجيد والاستماع الحسن وتحوز ما يترتب عليه من ‏فضائل ومكاسب وثمرات فلابد من مراعاة الأمور الآتية : ‏
‏1.‏ أن تكون في وضع نفسي وبدني مريح أثناء الاستماع لغيرك بألاً تشكو من ‏مرض مؤلم أو سهر مجهد أو جوع مفرط ، وألاً يكون بعد الأكل مباشرة أو ‏أثناء الانشغال بأمر يسيطر على فكرك ، وأن تكون في مكان جيد التهوية معتدل ‏الحرارة .‏
‏2.‏ ألاً يكون هناك ضوضاء وأصوات مزعجة في المكان الذي تجلس فيه أو حوله ؛ ‏لأن ذلك يشتت الذهن ويشغل الحواس . ‏
‏3.‏ أن تكون جلستك أثناء الإصغاء جلسة مريحة تستطيع أثناءها أن تركز بجميع ‏حواسك مع المتحدث لتستوعب أكبر قدر ممكن من كلامه . ‏
‏4.‏ اربط ما تسمعه من معلومات بما تراه من صور ومشاهد ليتظافر السمع والبصر ‏على استيعاب المعلومات . ‏
‏5.‏ ركز على حركات جسم المتحدث وتعابير وجهه ونبرات صوته لترسخ معاني ‏كلامه في نفسك وليكون فهمك لما يريد أكثر دقة . ‏
‏6.‏ لا تطيل الجلسة أكثر مما تستطيع أن تستوعب وأجِّل بقية الحديث لوقت آخر ، ‏فإن النفوس إذا ملت كلت . ‏
‏7.‏ لا تقاطع المتحدث وتستعجل النتائج قبل الوصول إليها وعندما يحصل التباس في ‏الفهم فسجل ذلك ثم استوضح عنه في نهاية الحديث . ‏
‏8.‏ لا تكثر من الالتفات والتثاؤب والتشاغل والسرحان بعيداً أثناء الحديث . ‏
‏9.‏ لا تتكلم مع غير المتحدث إلا لضرورة ، وحبذا لو استأذنت من المتحدث ‏لتتحدث معه أو مع غيره . ‏
‏10.‏ استخدم القلم والأوراق لتسجيل وتلخيص الأفكار الرئيسة والنقاط الدقيقة التي ‏تسمعها من المتحدث ثم حاول بعد ذلك حفظها لتلم بموضوع الحديث وتحتفظ ‏بما فيه من معلومات . ‏


معوقات الاتصال : ‏
هناك بعض الأمور التي تؤدي إلى إعاقة الاتصال وعدم نجاحه بغض النظر عن ‏نوعه ، وهذه الأمور منها ما يكون في المرسل ومنها ما يكون في المستقبل ومنها ما قد ‏يكون في الرسالة ، وسأذكر جملة منها ثم أفصِّل في ذكر واحد منها : ‏
‏1.‏ عدم وضوح الهدف من الرسالة . ‏
‏2.‏ خطأ المرسل في توقع رد فعل المستقبل وقدرته على فهم الرسالة . ‏
‏3.‏ تبليغ الرسالة بصورة غامضة أو خاطئة . ‏
‏4.‏ تنفيذ عملية الاتصال في وقت غير مناسب . ‏
‏5.‏ الفشل في استخدام المثيرات والمرغبات أو في ربط موضوع الرسالة بها . ‏
‏6.‏ عدم حسن الإصغاء والاستماع وعدم الاهتمام بالرسالة . ‏
‏7.‏ الخطأ في تفسير الرسالة وعدم فهمها على وجهها الصحيح . ‏
‏8.‏ المبادرة للرد قبل استعمال الرسالة . ‏
‏9.‏ الخجل الذي يؤدي إلى عدم قدرة المرسل على تبليغ رسالته بالصورة الصحيحة ، ‏وإليك شيء من التفصيل عن هذه العائق : ‏
من عوائق الاتصال « الخجل » : ‏
‏ الخجل هو الشعور بالحرج والاضطراب عند مواجهة الناس عموماً ، وعلى ‏هذا فهو يختلف عن الحياء الذي هو شعور بالانقباض والحرج عن فعل ما يشين ‏أو ذكره ، وعلى هذا فالحياء محمود والخجل مذموم . ‏
من مظاهر الخجل : ‏
‏1.‏ توتر الأعصاب عند لقاء الآخرين . ‏
‏2.‏ التلعثم في الكلام وعدم القدرة على التفاهم معهم . ‏
‏3.‏ اضطراب الجوارح واحمرار الوجه . ‏
‏4.‏ عدم الثقة بالنفس في مباشرة كثيرة من الأعمال بحضور الآخرين : ‏


علاج مرض الخجل : ‏
‏1.‏ اندمج اجتماعياً ضمن مجموعة من زملائك أو جيرانك أو أقاربك وشاركهم في ‏أنشطتهم من رحلات ومناسبات وأمثالها . ‏
‏2.‏ مارس بعض الأعمال الرياضية الجماعية مع إحدى المجموعات أحياناً . ‏
‏3.‏ ألْقِ بعض النكت المضحكة على الآخرين وشاركهم في الضحك . ‏
‏4.‏ حاول أن تتعرف على من تلقاهم في بعض المناسبات مثل الطائرة أو الحافلة أو بعض ‏الأماكن العامة وحاورهم وتعرف على أفكارهم . ‏
‏5.‏ عند عرض أفكارهم حاول أن تقنع نفسك بأنك تتحدث لوحدك وليس أمامك أحد ‏عند الحديث .‏
‏6.‏ حافظ على صلاة الجماعة في المسجد وتول الإمامة وبخاصة في الصلاة الجهرية عندما ‏تتاح لك فرصة لذلك . ‏
‏7.‏ احرص على أن تشارك الآخرين في الحديث عندما يكون موضوع الحديث في ‏الجوانب التي تعلم تفوقك فيها . ‏
‏8.‏ إذا أحسست بتوتر أعصابك فحاول أن تسترخي قليلاً ثم تعود للحديث مع الآخرين ‏‏. ‏
‏9.‏ قبل مواجهتك للآخرين خطط لكلماتك وأفعالك وتوقع رد فعل المستقبل وعدم ‏خططك على ضوء ذلك ثم تمرن على ما ستقوله ، وحاول أن تطبقه أكثر من مرة ثم ‏نفذ ما خططت له مباشرة وبصدق وأدب مع الآخرين ، وإذا تكرر هذا منك عدة ‏مرات فسيزول الخجل بإذن الله . ‏
‏10.‏ راجع مبحث (( كيف تكتسب الثقة في نفسك )) فهو معالجة عامة لمثل هذا ‏العائق وغيره . ‏


‏*************************** *******‏


بناء العلاقات مع الآخرين


إن الحديث عن الاتصال والتواصل مع الآخرين والتأثير فيهم والاستفادة مما ‏لديهم يستلزم الحديث عن فن بناء العلاقات وأساليب المجاملة والكياسة في ‏التعامل مع الناس، وهذه هي أهم القواعد التي يجب اتباعها في بناء العلاقات مع ‏الناس : ‏
‏1.‏ أصلح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الآخرين ؛ لأن القلوب بيد الله ‏يصرفها كيف يشاء سبحانه ، فهو الذي أضحك وأبكى ، قال تعالى : ﴿... ‏فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِ ينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ ‏أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ ‏عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ .‏
‏2.‏ أثبتت الدراسات النفسية أن لكل إنسان نمطاً خاصاً به ، وأن الأنماط عموماً هي ‏إمَّا نمط صوري أي الإنسان ينظر للعالم ويتعامل معه من خلال الصورة أو نمط ‏سمعي أي ينظر للعالم ويتعامل معه من خلال الكلمة المسموعة أو صاحب نمط ‏إحساسي ينظر للعالم من خلال أحاسيسه ومشاعره الداخلية . ‏
فمعرفة نمط الإنسان الذي تتعامل معه ثم محاولة الدخول له من خلال النمط ‏المناسب له يعجل بالانسجام والتوافق بينك وبينه وإقامة الثقة فيما بينكما ، ‏وسيأتي مزيد حديث عن هذا الموضوع بعد قليل إن شاء الله . ‏
‏3.‏ ضع نفسك في مكان الآخرين ثم أسمعهم من الكلام ما تحب أن تسمعه ‏وتصرّف معهم بما تحب أن يعاملك به الآخرون .‏
‏4.‏ ابتسم دائماً وبخاصة عند المواقف الصعبة والأحداث المخيفة . ‏
‏5.‏ احتفظ بهدوئك ورباطة جأشك عند الاستفزاز وتذكر وصية المصطفى صلى الله ‏عليه وسلم : (( لا تغضب ، لا تغضب ، لا تغضب )) . ‏
‏6.‏ ضع في حسابك دائماً مشاعر الآخرين وحقوقهم وحاجاتهم ، وتذكر قوله ‏سبحانه وتعالى : ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ . ‏
‏7.‏ اختر كلماتك بعناية وبخاصة في أول لقاء وكن متهللاً عند التفوه بكلماتك مع ‏الآخرين ، واحذر من جمود القسمات وغلظة الوجه حتى وإن كانت كلماتك ‏أرق من النسيم ، قال الشاعر : ‏
‏8.‏
إذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت كبرق العارض المتهلل
‏9.‏ إذا كانت الأجواء غير مناسبة للحديث في موضوع ما فأنه الحديث بلباقة وأجِّلْهُ ‏إلى وقت آخر يكون أكثر مناسبة . ‏
‏10.‏ رصع حديثك بالنكت والطرائف والأمثال ولا تجعلها تطغى على حديثك ‏ولا تقل إلا حقاً ، فإن ذلك يضفي جواً من التفاعل على الحديث . ‏
‏11.‏ الهدية الجميلة وإن صغرت والمسارعة لمساعدة الآخرين وإن قلت من أهم ‏وسائل كسب القلوب وبناء العلاقة بين الناس ، قال عليه الصلاة والسلام : ‏‏((تهادوا تحابوا)).‏
‏12.‏ إفشاء السلام ورد التحية بأحسن منها مفتاح القلوب ، فاحرص على ‏امتلاك هذا المفتاح ولا تكن كبعض الناس الذي إذا حياه الآخرون نظر إليهم ‏بتجهم مستغرباً لماذا يسلمون عليه وهو لا يعرفهم ولا يعرفونه . ‏
‏13.‏ الوفاء بالوعد وصدق الحديث يجعل الآخرين يحبونك وإن لم تستطع أن ‏تفعل لهم ما يريدون وليس في صفات الإنسان أرذل من الكذب واستمرائه ، ‏فهو يسقط هيبته ويجعل الناس يفقدون الثقة فيه ، ولا تنس أن الكذب هو ‏طريق الفجور والنار ، ومن صفات أهل النفاق والعياذ بالله . ‏
‏14.‏ الكرم بالميسور وإن قل يبوِّؤُك أعلى المنازل في قلوب الناس ، ولا يُمكن ‏أن ينال الإنسان محبة الناس وهو من الموصوفين بالبخل والشح ﴿ وَمَنْ يُوقَ ‏شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ .‏
‏15.‏ البساطة وعدم التكلف في التعامل ، مع التنظيم لأمور الحياة وعدم الفوضى ‏يكسبك احترام غيرك حتى ولو كان من أعدائك . ‏
‏16.‏ النظافة في البدن والفم والملبس والأناقة غير المبالغ فيها وطيب الرائحة مما ‏يريح المتعامل معك ولا ينفره منك . ‏


تصنيف الناس


الإنسان عموماً مزيج مركب معقد من العواطف والعقلانية والذاتية ‏والموضوعية والداخلي والخارجي والحذر والجرأة والسماحة والفظاظة والعطاء ‏والإمساك والسمو والارتكاس وغير ذلك من النوازع البشرية المتصارعة أو ‏المتوافقة . ‏
ويزيد نسبة هذا السلوك أو تلك الصفة ويقلل غيرها عموماً أكثر تعقيداً : ‏منها الوراثة والتربية والمؤثرات البيئية والمنظومة الاعتقادية والقيم والأعراف ‏الاجتماعية والمكتسبات الثقافية المعرفية والخبرات والتجارب العلمية والظروف ‏الاقتصادية والحالة الأمنية للشخص ، وغير ذلك من العوامل التي تفوق الحصر . ‏
والتصنيف الذي سأورده هنا لا يعني حصر الناس بشكل قاطع فيما ‏سأذكره من تصنيفات ؛ إذ قد يوجد أناس لا يدخلون تحت هذا التصنيف أو ‏تختلف نسبة ومقدار كل صفة من الصفات التي سأذكرها لهم . ‏


أ) – العقلاني الاجتماعي الصوري وأهم صفاته : ‏
‏1.‏ رؤية العالم من خلال الصور والرؤية بالعين حين أنه عند الحديث عن المعاني ‏المجردة يحولها إلى صور مشاهدة . ‏
‏2.‏ يميل إلى إقامة علاقة مع الآخرين ويتفهم حاجاتهم . ‏
‏3.‏ سرعة الكلام عند الحديث بسبب تأثره بالنمط الصوري القائم على الصور ‏المتلاحقة والضوء . ‏
‏4.‏ يتميز بخلو البال من الحساسيات المفرطة . ‏
‏5.‏ يهتم بالتفصيلات وينشغل بالمشكلات اليومية . ‏
‏6.‏ يمتلك قدرة على الاندماج في الآخرين ، ويستطيع كسب ثقتهم واحترامهم . ‏
‏7.‏ يفضل العمل في النهار ، وأن يكون عمله واضحاً مشاهداً من الناس . ‏
‏8.‏ لا يصلح للأعمال الانفرادية ولا يصبر على ذلك . ‏
‏9.‏ يجد متعة في الأنشطة الجماعية ويبدع فيها . ‏
‏10.‏ يكون كريماً في الإنفاق ويعطي ثقته للآخرين بصورة سريعة . ‏


ب) – العقلاني الانطوائي السمعي وأهم صفاته : ‏
‏1.‏ يهتم كثيراً باختيار الألفاظ والعبارات . ‏
‏2.‏ كلامه بطيء ويركز على نبرات صوته عند الكلام . ‏
‏3.‏ يحب الاستماع كثيراً . ‏
‏4.‏ يميل للمعاني التجريدية النظرية كثيراً . ‏
‏5.‏ يحب الوحدة والانفراد ويكره الضوضاء والصخب . ‏
‏6.‏ قدراته محدودة على بناء علاقات مع الآخرين والاندماج في الأعمال الجماعية . ‏
‏7.‏ يبالغ في الحسابات الدقيقة لكل عمل يكلف به ولا يحب المغامرة والأعمال غير ‏المحسوبة
‏8.‏ يتفوق في أعمال الأبحاث والتخطيط حيث الحاجة للتفرغ والهدوء وعدم وجود ‏العدد الكثير من الناس . ‏
‏9.‏ يقول ما يؤمن به بقوة مفترضاً أن الآخرين يسلمون بمنطقه سلفاً . ‏
‏10.‏ ينظر للعالم من خلال الكلمة واللغة وحتى لو أراد التعبير عن الصور المشاهدة ‏الجامدة حولها إلى متكلمة . ‏


جـ) – العاطفي الانطوائي الحسي وأهم صفاته : ‏
‏1.‏ كلامه أكثر بطئاً من سابقيه . ‏
‏2.‏ يخرج صوته عميقاً مصحوباً بأنه أو آهة أو نفس عميق . ‏
‏3.‏ يستشعر ثقل المسئولية أكثر من غيره، ولذلك ينفعل للمبادئ ويندفع للعمل لهما ‏‏.‏
‏4.‏ يسيطر عليه الخجل والتردد عند المواجهة لغيره ويكره التجديد والمغامرة في أي ‏عمل أو الانتقال لعمل جديد . ‏
‏5.‏ يشكك دائماً في قدراته وإمكاناته . ‏
‏6.‏ لا يحب الاتصال بالناس وإن اختلط بهم كان حاد الطبع يثور لأتفه الأسباب ‏لكنه لا يظهر ذلك إلا أحياناً . ‏
‏7.‏ كثير التنظير والنقد لغيره في حالات انفراده أو في أثناء التواصل مع دائرة ضيقة ‏من الناس . ‏
‏8.‏ لا ينجح في قيادة غيره وينقاد في الظاهر بسهولة ولكنه شديد التدمر في الباطن ‏من أي شخص يوجهه . ‏


د) – العاطفي الاجتماعي وأهم صفاته : ‏
‏1.‏ أنه ذو حركة دائمة ونشاط متجدد . ‏
‏2.‏ صاحب مزاج متقلب لا يثبت على شيء . ‏
‏3.‏ أنه حاد في حبه وبغضه مبالغ في مدحه ونقده لغيره غير موضوعي في أحكامه . ‏
‏4.‏ لا يصلح لعمل قيادي أو طويل المدى لكنه يصلح للأعمال القصيرة القريبة . ‏
‏5.‏ يبدع في تحريك الأجواء الراكدة ولكن لفترات محدودة . ‏
‏6.‏ لا ينجح في بناء علاقات دائمة لكنه يحقق نجاحاً ملحوظاً في بناء علاقات قصيرة ‏وبخاصة مع قليلي الثقافة والطموح . ‏
‏7.‏ يكون في الغالب صادقاً في أقواله ومباشراً في أفكاره لا يجيد التورية ولا المواربة . ‏
‏8.‏ لا يطيق الوحدة والانفراد وبالتالي لا يناسبه ولا ينجح في العمل الذي من لوازمه ‏الانفراد أو الهدوء . ‏
هذه الأنماط هي الغالبة على الناس كما ذكرت حسب ما أثبتته الدراسات ‏النفسية ، وقد يكون هناك أنماط أخرى فقد يكون الإنسان عاطفياً انطوائياً ‏سمعياً ، وقد يكون عقلانياً انطوائياً صورياً ، وقد يكون عقلانياً اجتماعياً حسياً ‏أو سمعياً أو غير ذلك من التركيب المختلف للصفات ، وأنت ترى أن الكمال ‏في الناس عزيز ، وأن كل إنسان فيه صفات إيجابية وأخرى سلبية ؛ ولذلك عند ‏تعاملك مع الآخرين عليك أن تحدد ابتداءً من أي الأنماط هو ثم تحاول أن ترصد ‏أهم صفاته ثم تضع لك خطة للتعامل معه . ‏
والإنسان يستطيع بالمجاهدة والمصابرة وبأساليب وطرائق ليس هنا مجال ‏التفصيل فيها أن يجمع في شخصه أكثر من نمط نفسي إنساني ، وبالتالي يُمكنه ‏أن يكتسب كثيراً من الصفات الإيجابية في أكثر من نمط ، وأن يتخلص من ‏الصفات السلبية التي في نمطه الخاص به . ‏
ويستطيع أيضاً أن يربي ، ويهذب غيره ليحقق فيه ما ذكرت ولكن بجهد ‏أكثر ومصابرة أكبر وعمليات التربية والتهذيب هذه هي التي بها يمتاز الناس ‏بعضهم على بعض بعد ذلك ، وقال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ ‏سُبُلَنَا ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ‏وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ . ‏


‏*************************** **********‏






هل تسعى ‏
إلى النجاح في عملك ؟ ‏


وقفات في قضايا العمل


لابد للإنسان من عمل يؤديه في الحياة ، وهذا العمل إمَّا خير وإمَّا شر ، والحياة ‏على قصرها هي ميدان التنافس الحقيقي بين الأفراد والأمم ، والعاقل هو من أدرك هذه ‏الحقيقة وبادر لاستغلال الحياة ووجه جهوده للعمل الأمثل المنتج بأرقى الأساليب ‏وأكثرها عطاءً وإنتاجاً . ‏
والعمل قد يكون وظيفة ، وقد يكون مهنة، وقد يكون تجارة وأعمالاً حرة أخرى . ‏
ولكل منها شروط النجاح الخاصة به ، ولكن قبل ذلك هناك توجيهات عامة في ‏قضايا العمل لابد من الإلمام ، وأخذ النفس بها للنجاح في أي عمل ، وهي : ‏
‏1.‏ اتق الله حيثما كنت ولا تأكل إلا حلالاً ، وتذكر أن أيُّما لحم نبت بالسحت فالنار ‏أولى به ، فليكن عملك مشروعاً ولتؤديه بصدق وأمانة . ‏
‏2.‏ احذر ضياع وقتك ، فإن ذلك يعني فشلك في عملك أي عمل كان . ‏
‏3.‏ اقتل الهم والقلق والاضطراب بالعمل ، واعلم أنه الدواء الناجح الذي يجيده كل ‏إنسان وقليل من يعمل به . ‏
‏4.‏ عدم تكليف نفسك ما لا تطيق أو ما لا تحسن من العمل ، فإما أن تتجه للعمل ‏الذي تحسنه وتتوفر لديك إمكانات القيام به أو تؤهل نفسك وتسعى لتوفير ‏الإمكانات المطلوبة قبل الإقدام على العمل . ‏
‏5.‏ المرونة في التعامل مع الأحداث والأشخاص فما لم يكن في الأمر مؤاخذة شرعية أو ‏سيؤدي إلى نتائج حاسمة ومصيرية في العمل ، فتعامل مع الناس وواجه المواقف ‏والأحداث بمرونة وكياسة ، ولا مانع من التوقف أو التراجع خطوة للوراء استعداداً ‏للتقدم بعد ذلك خطوات . ‏
وهذا يستدعي منك حسن الخلق وسلامة المنطق وحسن اختيار الكلمات في التعامل ‏مع الآخرين . ‏
‏6.‏ لا تعود نفسك على إصدار الأحكام السريعة والوقوع تحت تأثير الانطباعات ‏الأولية في الأحداث وعند مقابلة الأشخاص بل ألزم نفسك باتباع طريقة التأني ‏والتثبت وجمع المعلومات وتحليل المواقف والكلمات قبل إصدار الأحكام . ‏
‏7.‏ ستقف في أحيان كثيرة في حياتك عند خيارات مختلفة ورُبَّما عند مفترق طرق ‏متعددة ، وقد تكون حاسمة ، وهذا يستلزم منك التفكير في العواقب والنتائج ‏والترجيح بين المصالح والمفاسد لأي من هذه الخيارات ثم حسم الموقف وتحديد ‏الخيار الذي ستسلكه بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى وعدم المساومة على ‏مبادئ الحق والهدى . ‏
‏8.‏ لا تهمل تنمية وتطوير القدرات والاستفادة من منجزات العلم والمدنية في تطوير ‏أعمالك وزيادة إنتاجك وتحسين أدائك ، وذلك من خلال التدريب والقراءة ‏وحضور الندوات والدورات ومتابعة ما يجد في الساحة مما له علاقة بعملك مثل ‏أجهزة الحاسوب ( الكمبيوتر ) والهاتف والفاكس ونظم المعلومات ومراكز ‏الأبحاث ومؤسسات التدريب وغير ذلك . ‏
‏9.‏ احذر من التسويف والتأجيل وتراكم الأعمال وسارع لإنجاز أعمالك أولاً بأول ‏والتصدي للمسئوليات ومباشرتها بلا توجس ولا قلق ، فذلك شرط للنجاح في أي ‏عمل تريد ممارسته . ‏
‏10.‏ قد تفاجأ في عمالك بأوضاع خاطئة فلا تصاب بالإحباط واليأس والاستسلام لها ‏بل بادر لإصلاحها بأسلم الطرق وأكثرها هدوءاً . ‏



‏*************************** ********‏


شروط النجاح الوظيفي ‏


الوظيفة إحدى أهم صور العمل التي يمارسها كثير من الناس ، سواء في إدارات ‏حكومية أو في شركات عامة أو مؤسسات خاصة ، وهناك بعض الشروط التي لابد من ‏توافرها للنجاح الوظيفي ، وهي : ‏
‏1.‏ تأكد من إنسجامك مع العمل الوظيفي الذي تمارسه ورغبتك فيه ؛ لأنه ما لم ‏يكن هناك انسجامٌ ورغبة في العمل فلن يتمكن الإنسان من العطاء والإبداع ، ‏وبالتالي لن يتحقق النجاح الوظيفي . ‏
‏2.‏ لابد من توافر المهارات المطلوبة لسير العمل في حدها الأدنى ؛ إذ إن لكل عمل ‏خصائصه التي يلزم من يقوم بهذا العمل أن يلم بها أولاً في جوانبها النظرية ‏وثانياً بالتدريب والممارسة . ‏
‏3.‏ استفد من خبرات من هم أقدم منك في العمل حتى وإن كانوا أقل منك تعليماً ‏وأدنى شهادة ، فالخبرة العملية لها أهمية قصوى في العمل . ‏
‏4.‏ استشر رئيسك فيما يعترضك من مشكلات واعرض عليه مدى تقدمك في ‏العمل ، واستمع جيداً لتوجيهاته ، واصغ لسماع رأيه ، وليكن لك مواعيد ‏محددة دائمة معه . ‏
‏5.‏ ليكن لك لقاءات منتظمة مع العاملين معك من مرؤوسيك وزملائك في العمل ‏لتدارس شئون العمل والتعرف على ما لديهم من مشكلات والتعاون معهم في ‏حل هذه المشكلات ، وقدم لهم التشجيع والأفكار والآراء البناءة وساعدهم في ‏تبني ذلك . ‏
‏6.‏ قم بتوزيع يوم عملك الوظيفي على المهام المطلوب إنجازها ، وليكن هذا ‏التوزيع ثابتاً دائماً حتى يستفيد منه الآخرون الذين يتعاملون معك ، فمثلاً ‏يُمكن تقسيم يومك الوظيفي بين الأمور الآتية : ‏
وقت لاستعراض ودراسة المعاملات والتقارير ، وليكن في أو الدوام مثلاً . ‏
ثم يعقبه مقابلة المراجعين من خارج الإدارة إن كان في عملك مثل ذلك ، ثم يأتي ‏بعده موعد الاجتماعات مع الموظفين أو العاملين معك أو استقبالهم أو مقابلة ‏رؤسائك في العمل ، ثم استقبال المكالمات الهاتفية ، ثم ليكن نهاية المطاف القيام ‏بالزيارات والجولات الميدانية إن كان العمل يستدعي مثل هذا . ‏
ويُمكن أن يضع الإنسان لوحة على بابه يحدد فيها برنامجه اليومي بالساعة والدقيقة ‏بحيث يعرف المتعاملون معه متى يمكنهم الدخول إليه ومتى لا يمكنهم ذلك ، ‏وهذا النموذج الذي ذكرته ليس إلزامياً ؛ إذ يُمكن أن يختلف ذلك من عمل ‏إلى آخر . ‏
‏7.‏ يقوم المتخصصون في علم الإدارة : إن الدقة في العمل والاهتمام بتفاصيله ‏والمتابعة له حتى النهاية هي ثالوث الإتقان للعمل الوظيفي إذا أخذت بتوازن ‏أي بدون إهمال لشيء منها أو المبالغة فيه . ‏
‏8.‏ كن قدوة لغيرك من العاملين معك في النزاهة والصدق والعدالة والالتزام ‏بأوقات الدوام الرسمي والتنفيذ للوائح ونظم المؤسسة والتفاعل الإيجابي معها ‏وتقديم المقترحات البناءة حولها . ‏


‏*************************** *****‏


التفويض في العمل الوظيفي


الموظف الناجح هو الذي يتمكن من استقطاب فريق عمل فعَّال حوله ثم ينفخ فيهم ‏روح المبادرة والتضحية والعطاء وينمي مهاراتهم وقدراتهم ويسند إلى كل فرد منهم ما ‏يناسبه من عمل . ‏
والتفويض هو أحد المبادئ الأساسية لمن أراد النجاح في وظيفته ونقيضه المركزية التي ‏تعطل الطاقات وتقتل الإبداع ويمكننا أن نعرّف التفويض : بأنه إسناد بعض العمل إلى ‏غيرك تحت إشرافك ومسئوليتك . ‏


فوائد التفويض : ‏
‏1.‏ الاستفادة من الطاقات والتخصصات وعدم تعطيلها . ‏
‏2.‏ تخفيف الأعباء عن المدير أو الرئيس وتوزيعها بين العاملين حوله . ‏
‏3.‏ سرعة إنجاز العمل حيث يشارك في إنجازه الكثير من العاملين . ‏
‏4.‏ جودة الأداء ؛ لأن ممارسة التخصص وتخفيف العبء يؤدي غالباً إلى الإتقان . ‏
‏5.‏ كثرة الإنتاج ؛ لأنه كلما كان الإنجاز أسرع اُستغل باقي الوقت لتحقيق ‏إنجازات جديدة فيكثر الإنتاج . ‏


شروط التفويض الناجح : ‏
‏1.‏ أن يكون المفوضِّ يملك صلاحية إعطاء التفويض وإلاَّ لكان ذلك مخالفاً لنظم ‏ولوائح المؤسسة التي يعمل فيها . ‏
‏2.‏ أن يكون المفوَّض لديه الرغبة والمهارة لا داء العمل الذي يسند إليه . ‏
‏3.‏ تحديد حدود التفويض بدقة زماناً ومكاناً ووسائل وصلاحيات وسلطات وغير ‏ذلك.‏
‏4.‏ تحديد كيفية الاتصال وزمانه بين المفوِّض والمفوَّض ، وهذا الاتصال يجب أن ‏يقسم بين المهام الآتية ، الإشراف والتوجيه والتقويم من قبل المسئول والطلب ‏والاستيضاح والاستفسار من قبل المفوَّض . ‏
‏5.‏ يجب أن تكون العلاقة بين طرفي التفويض وسطاً بين المركزية التي يفقد المفوَّض ‏فيها أي سلطة والانفلات الذي يفقد المسئول فيه حقه في الإشراف والمتابعة ‏وتحمل المسئولية . ‏


‏*************************** ********‏
‏ ‏


الاجتماعات في العمل


تعد الاجتماعات إحدى أهم الوسائل التي يتم من خلالها إدارة العمل غير الفردي ‏، سواء كان هذا العمل مؤقتاً أو مستمراً ودائماً ، وقد دلت بعض الدراسات الحديثة ‏على أن ما بين 40% إلى 75% من وقت العمل يذهب ويقضى في الاجتماعات . ‏
مع أن المنتج والجدي فقط من هذه الاجتماعات هو ما نسبته 25% منها ، وأنت ‏ترى أن الاجتماعات لها بالغ الأهمية في قضايا العمل ، وأن الكثير منها يذهب سدى ‏فكيف يُمكن الاستفادة من الاجتماعات واستبعاد سلبياتها ذلك ما سنحاول إلقاء الضوء ‏عليه في السطور الآتية : ‏


فوائد الاجتماعات : ‏
‏1.‏ إن وجود الاجتماعات في أي مؤسسة يساعد على تبادل الخبرات بين العاملين . ‏
‏2.‏ من خلال الاجتماعات يتم تقديم أحدث وأصح المعلومات من أوثق المصادر ‏للمسؤلين بصورة خاصة وللعاملين عموماً . ‏
‏3.‏ تعطى الفرصة للجميع للمشاركة في اتخاذ القرارات وبالتالي الحماس لتنفيذها ‏وتحمل المسئولية في ذلك . ‏
‏4.‏ بالاجتماعات تكرّس روح الفريق في العمل الذي لا غنى عنه في الأعمال الكبيرة . ‏


أنواع الاجتماعات : ‏
يمكننا أن نقسم الاجتماعات في أي عمل إلى أقسام عديدة يُمكن حصرها في ‏الآتي : ‏
‏1.‏ اجتماعات تبادل المعلومات ، هذه الاجتماعات الغرض منها هو تبادل المعلومات ‏بين العاملين بصورة جماعية مما يوفر الوقت والجهد أفضل مما لو تمت بصورة فردية ‏‏. ‏
‏2.‏ اجتماعات اتخاذ القرارات ، وهي تختلف عن سابقتها بأن هذه الاجتماعات تكون ‏لأخذ القرارات في القضايا موضوع البحث . ‏
‏3.‏ اجتماعات البحث والدراسات ، وهذه الاجتماعات الغاية منها التباحث والتدارس ‏من خلال ما يسمى بالعصف الذهني والفكري ، ويُمكن في هذه الاجتماعات ‏تكون أكثر من مجموعة عمل وكل مجموعة تكلف ببحث ودراسة موضوع ‏وجانب جزئي خاص بها ضمن الموضوع العام الذي يبحث . ‏
‏4.‏ اجتماعات طارئة ، والمراد بها الاجتماعات التي تدعو إليها حاجة طارئة غير متوقعة ‏وغير متضمنة في خطط المؤسسة . ‏
‏5.‏ اجتماعات روتينية دورية متضمنة في برنامج العمل في المؤسسة . ‏
‏6.‏ اجتماعات مظهرية شكلية احتفالية إعلامية ومثلها ما يسمى بالاجتماعات ‏البروتوكولية، وهذا النوع يختلف عن سابقاته بأنه اجتماع غير منتج بعكس ‏السابقات.‏
‏7.‏ اجتماعات علمية تعليمية ، وهي التي يتلقى فيها التلاميذ العلم على يد معلمهم ‏وأستاذهم . ‏


الاجتماع المنتج : ‏
لكي يكون الاجتماع منتجاً ومثمراً ، ويستفاد منه الفائدة القصوى لابد من ‏جودة الإعداد له وحسن الإدارة أثناءه ودقة المتابعة بعده ، وعلى هذا يمكننا أن نقسم ‏عوامل النجاح إلى ثلاثة أقسام قسم لمرحلة التحضير للاجتماع وقسم أثناءه وقسم بعد ‏الانتهاء منه . ‏


‏ عوامل النجاح أثناء الإعداد للاجتماع ( قبله ) : ‏
‏1.‏ استبعد الاجتماع عندما لا يكون له حاجة ؛ إذ أنه يصبح حينئذٍ مضيعة للوقت ‏وإهداراً للجهود والإمكانات . ‏
‏2.‏ يجب تحديد هدف الاجتماع بوضوح قبل الدعوة للاجتماع . ‏
‏3.‏ لابد من تحديد زمان ومكان الاجتماع بوضوح لا لبس فيه ، وينبغي مراعاة أن ‏يكون ذلك مناسباً لأغلبية المشاركين في الاجتماع . ‏
‏4.‏ يجب إعداد جدول أعمال الاجتماع قبل الاجتماع بوقت كافٍ ويكون إعداده ‏من قبل لجنة تحضيرية خاصة بذلك أو يكون من قبل الجهة المسئولة عن الاجتماع ‏والداعية له . ‏
‏5.‏ من لوازم نجاح الاجتماع إبلاغ المشاركين بهدف الاجتماع وجدول أعماله ‏وزمانه ومكانه وما قد يطلب من بعضهم بصورة خاصة ، ويكون ذلك قبل ‏الاجتماع بوقت كافٍ يمكنهم خلاله الاستعداد للاجتماع ويقدر وقت كل ‏اجتماع بما يناسبه . ‏
‏6.‏ يلزم الجهة التي تعد للاجتماع أن تجهز له ما يحتاج إليه من أوراق وأقلام وغذاء ‏وماء وأجهزة عرض وملفات معلومات ووسائل نقل وأماكن نوم إن طال ‏الاجتماع وأمثال ذلك . ‏
‏7.‏ لنجاح الاجتماع لابد أن يعد المسئول عن إدارته خطة لذلك . ‏
‏8.‏ ينبغي لكل مشارك في الاجتماع أن يعد نفسه بدنياً ونفسياً وفكرياً ومعلوماتياً ‏للاجتماع ، وأن يستعرض نفسيات المشاركين في الاجتماع وكيف سيتعامل ‏معهم . ‏


‏ عوامل النجاح أثناء الاجتماع : ‏
‏1.‏ التزام الجميع بالحضور في الوقت والمكان المحددين سلفاً . ‏
‏2.‏ الحضور للاجتماع بنشاط وحيوية ، وألا يكون مرهقاً . ‏
‏3.‏ السلام على الجميع عند الحضور وتحيتهم بتحية الإسلام . ‏
‏4.‏ افتتاح الاجتماع بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله ثم تلاوة شيء من ‏القرآن إن أمكن . ‏
‏5.‏ التعريف بالحضور إن لم يسبق بينهم تعارف وبيان مهمة كل واحد في ‏الاجتماع. ‏
‏6.‏ اختيار مسئول الاجتماع ومقرره إن لم يسبق بيان ذلك . ‏
‏7.‏ تذكير الحاضرين بجدول الأعمال وترتبيه في العرض وزمن كل فقرة من الجدول ‏إن أمكن ذلك . ‏
‏8.‏ تحديد نهاية الاجتماع ليكون الجميع على بينة من أمرهم . ‏
‏9.‏ إتاحة الفرصة للجميع للمشاركة في الحوار والنقاش بالعدل والسوية . ‏
‏10.‏ عدم الخروج من أي فقرة من فقرات جدول الأعمال قبل اتخاذ قرار محدد ‏وواضح فيها وتسجيل ذلك أولاً بأول ولابد أن تكون القرارات بالإجماع أو ‏الأغلبية من الحاضرين أو حسب لوائح ونظم المؤسسة . ‏
‏11.‏ لفت نظر أي عضو يخرج في حديثه عن موضوع الاجتماع ، أو يعود ‏للحديث فيه بعد اتخاذ قرار فيه، أو يسيء إلى غيره، وليكن هذا التذكير بأدب ‏ولطف في العبارة. ‏
‏12.‏ في نهاية الاجتماع تعلن القرارات والنتائج التي تم التوصل إليها وما يخص ‏كل عضو منها . ‏
‏13.‏ ‏ إنهاء الاجتماع في وقته المحدد وعدم تمديده إلا لضرورة أو بموافقة ‏الحاضرين . ‏


عوامل النجاح بعد الاجتماع : ‏
‏1.‏ تزويد كل عضو بما يخصه من قرارات الاجتماع . ‏
‏2.‏ تبليغ الجهات التي لم تحضر الاجتماع بما يجب عليها تنفيذه من قراراته . ‏
‏3.‏ حسن توديع المشاركين في الاجتماع . ‏
‏4.‏ وضع خطة تنفيذية لتنفيذ قرارات الاجتماع ودوام متابعة ذلك وتقويم مدى ‏التقدم نحو تحقيق هدف الاجتماع . ‏


أسباب فشل الاجتماعات : ‏
‏1.‏ عدم وضوح الهدف من الاجتماع لدى المشاركين فيه أو عدم قناعتهم بهذا ‏الهدف . ‏
‏2.‏ عدم التخطيط الكافي للاجتماع من حيث إدارته أو وضع جدول أعماله أو تجهيز ‏احتياجاته . ‏
‏3.‏ سوء التبليغ للمشاركين بجدول الأعمال وهدف الاجتماع وزمانه ومكانه . ‏
‏4.‏ عدم حضور المشاركين في الزمان أو المكان لهما . ‏
‏5.‏ اختيار وقت غير مناسب للاجتماع أو غير كاف له . ‏
‏6.‏ عدم أهلية المشاركين في الاجتماع إماً لإرهاق بدني أو عدم قناعة نفسية أو عدم ‏توفر المعلومات الكافية لديهم مما يفقدهم القدرة على المساهمة والعطاء وإثراء ‏الموضوع . ‏
‏7.‏ الاشتغال أثناء الاجتماع بغير جدول أعماله كالهاتف مثلاً والإكثار من الخروج ‏والدخول . ‏
‏8.‏ عدم التوصل لقرارات محددة في موضوعات الاجتماع أو عدم وضوح القرارات ‏لدى المشاركين . ‏
‏9.‏ الغلظة والقسوة أو التسيب والإهمال في إدارة الاجتماع . ‏
‏10.‏ فقدان التنفيذ الناجح والكفء للقراءات الصادرة عن الاجتماع . ‏


وسائل بناء الثقة بينك ‏
وبين زملائك في العمل


بالإضافة لما سبق بيانه في موضوع بناء العلاقات مع الآخرين ، الذي أوضحتُ ‏فيه كيفية التعامل مع الآخرين عموماً من أجل كسب ثقتهم وبناء العلاقات معهم ، فإن ‏لزملاء العمل خصوصية من حيث كثرة الاحتكاك بهم وضرورة حسن العلاقة بينهم ‏لنجاح العمل ، وأهم الخطوات التي يجب الأخذ بها لتحقيق هذه الغاية ، هي : ‏
‏1.‏ كن حريصاً على عملك أميناً في القيام بها يجب عليك فيه لتنال احترام زملائك . ‏
‏2.‏ تمتع بالأخلاق العالية والسلوك المستقيم في التعامل مع زملائك ، كن بشوش ‏الوجه عف اللسان تعفوا عمن أخطأ ، وتثني على من أحسن . ‏
‏3.‏ احرص على نظافة لباسك وطيب رائحتك لتريح من حولك . ‏
‏4.‏ أظهر اهتمامك بزملائك من خلال مشاركتهم أفراحهم وأحزانهم وإبداء الرأي ‏والنصيحة لهم وتقديم الهدايا في المناسبات والمساعدة المادية إذا استطعت ذلك لمن ‏يحتاج منهم مع دوام السؤال عنهم وعن أسرهم وأحوالهم ، وبخاصة إذا كنت ‏أنت المسئول عنهم في العمل ، ولا تتردد في مساعدتهم فيما قد يعرض لهم من ‏مشكلات في العمل . ‏
‏5.‏ شاركهم في بعض المباريات الرياضية أو الرحلات الترفيهية خارج مكان العمل ‏وبعيداً عن أجوائه ولكن لا تكثر من ذلك . ‏
‏6.‏ احذر أن تبدو غامضاً أمام زملائك ، وتحدث عن نفسك وحياتك وأفكارك ‏وأحوالك أمامهم ولكن لا تكثر من ذلك فتبدو ممجوجاً أنانياً في نظرهم ، ولا ‏تتعمق في ذلك وتنشر أسرارك فتصبح تحت رحمة الأشقياء منهم بدلاً من كسب ‏ثقتهم . ‏
‏7.‏ احرص على تجنب ذكر ما يثير حساسيات زملائك في العمل مثل ما تتنابز به ‏القبائل أو الأسر أو المناطق أو ما قد يكون صدر منه أو من بعض أقاربه مما يشين ‏أو ما قد يكون فيه من عيوب خلْقية أو غيره . ‏
فإن ذلك يثير في النفس حقداً وغضباً في الغالب وإن كان كامناً لكنه يوجه كثيراً من ‏سلوكيات الشخص الآخر نحوك بعد ذلك ، وإذا احتاج الأمر لنصيحة أو إصلاح فله ‏أسلوبه وطريقته . ‏
‏8.‏ لا تطلق لعواطفك العنان في توجيه تعاملك مع زملائك سلباً أو إيجابياً بل كن ‏متوسطاً في كل ذلك حكيماً في وضع الأمور في مواضعها ، لا تدري لعل الله ‏يحدث بعد ذلك أمراً . ‏



‏*************************** ****‏



يتبع باذن الله ...

ابن رجب
2007-08-13, 11:44 AM
التعامل مع ‏
الأشخاص المشاكسين في العمل

مهما بذل الإنسان من جهود وتحلى به من أخلاق واستخدم من وسائل علمية ‏ونفسية لكسب ثقةٍ الآخرين وبناء علاقات حسنة معهم فسيلقى بعد ذلك حتماً أناساً ‏متعبين لمن حولهم ولأنفسهم أيضاً فكيف يكون التعامل مع هؤلاء الصنف من الناس ‏عندهم تبتلى بهم كزملاء لك في العمل ؟ : ‏
أ) – أن يؤهل الإنسان نفسه لتحمل المشكلات والصبر على المزعجات ومواجهة ‏آثارها ، وذلك بالآتي : ‏
‏1.‏ بناء الثقة في النفس كما تقدم في حديث سابق . ‏
‏2.‏ الاعتناء بالجسم في الأكل والنوم والرياضة كما تقدم معنا . ‏
‏3.‏ أن توجد في نفسك الشعور بالإيجابية والثبات والتفاؤل ، وقد تقدم أيضاً الحديث ‏عنه. ‏
‏4.‏ التعود على الحديث والحوار مع الناس بثبات . ‏
‏5.‏ عدم الهروب من المشكلات بل مواجهتها بطرق علمية وأسلوب عقلاني هادئ . ‏
‏6.‏ استبعاد الانفجارات المؤذية والانفعالات المثيرة في مواجهة المشكلات . ‏
ب) – دراسة المشكلة والتخطيط لحلها ، وذلك على النحو الآتي : ‏
‏1.‏ قبل التفكير في المشكلة توضأ وأكثر من ذكر الله وتنفل لله بركعتين واسأل الله ‏أن يمدك بعونه وتوفيقه . ‏
‏2.‏ قم بعملية استرخاء تريح فيها أعصابك وجسمك بعيداً عن الضوضاء . ‏
‏3.‏ ابدأ التفكير في الزميل المشكلة ، وليكن بداية التفكير في ذلك هو أن تحاول ‏تحديد أي تصرفاته يثير المشكلات بالنسبة لك ، وما هي دوافعه إلى هذا ‏التصريف ، هل المشكلة مثلاً عباراته النابية أو تعاليه على الآخرين أو شكه في ‏تصرفاتهم أو نقده لأعمالهم باستمرار أو حسده لهم على مراكزهم وإنجازاتهم أو ‏غير ذلك من التصرفات والدوافع ، المهم هو تحديد المشكلة بدقة . ‏
‏4.‏ معرفة الأثر الحقيقي لما يثيره هذا الزميل من مشكلات عليك وعلى عملك ، ‏فمثلاً هل أصبحت تتضايق من أجواء العمل فأصبحت تفكر في الانتقال لعمل ‏آخر هرباً من مواجهة هذه المتاعب ؟ ، هل أصبحت تتغيب عن عملك ؟ ، هل ‏نسيت أهدافك من ممارسة هذا العمل ؟ ، هل قلَّ إنتاجك أو تضاءلت جودة ‏عملك ؟ ، غير ذلك من الآثار التي لا يُمكن حصرها هنا . ‏
‏5.‏ بناء على ما تقدم حدد أفضل السبل وأنجح الخيارات لتجاوز هذه المشكلة ‏وتجنب آثارها عليك وعلى عملك ، وكن موضوعياً هادئاً في اختيارك للحل ‏مراعياً لما يترتب على ذلك من مصالح ومفاسد أو مكاسب ومضار . ‏
فقد يكون الحل هو تجاهل المشكلة ومصدرها أو السعي لنقله من مقر عملك إلى ‏مكان آخر أو انتقالك أنت إلى عمل آخر أو مواجهة هذا الإنسان والحوار معه . ‏
‏6.‏ لنفترض أن الحل الذي قررت اختياره هو البقاء في عملك ومواجهة هذا ‏الشخص والحوار معه لتغيير أسلوبه . ‏
عند ذلك رتب أفكارك واستحضر حججك وأمثلتك وحدد كلماتك وحركاتك ‏ونظرات عينيك ونبرات صوتك التي ستواجهه بها لتحقق مجتمعة ما تريد فعله وما ‏تطمح إلى تغييره في هذا الشخص . ‏
‏7.‏ توقع رد فعله بعد مخاطبتك له ، وليكن هذا التوقع مبنياً على معرفتك السابقة ‏بنفسيته وأنماطه السلوكية في التعامل مع الآخرين . ‏
‏8.‏ عدم خطتك بناء على ما توقعته من رد فعله ، وليكن هدفك إنهاء أو تقليل ما ‏يثيره حولك من مشكلات ، واحذر أن تؤدي محاولتك إلى إثارة الجدل واشتداد ‏الخصومة وتزايد المشكلة ، بل احرص على أن تحسمها أو تقلل آثارها فقط . ‏
‏9.‏ بعد أن تصبح خطتك في صورتها النهائية اكتبها في ورقة وراجعها أكثر من مرة، ‏ولا تكتفي بما تختزنه الذاكرة عن المشكلة وسبل مواجهتها إلا بعد تجربة مثمرة ‏وطويلة في حل المشكلات بالطريقة السابقة . ‏
‏10.‏ يُمكنك أن تستشير من تثق في عقله ودينه من زملاء العمل أو غيرهم فيما ‏تنوي فعله وسجل ملحوظاته ونصائحه في ورقة خاصة ثم فكر بعد ذلك في ‏مدى إمكانية الاستفادة منها . ‏

جـ) – الخطوات العلمية لحل المشكلة مع صاحبها ومصدرها : ‏
بعد أن قمت بإعداد نفسك لمواجهة المشكلات عموماًُ ثم تلوث ذلك بإعداد ‏خطتك المناسبة لحل هذه المشكلة لم يبق إلا تنفيذ ما أعددته علمياً ، وأهم الخطوات ‏لذلك هي : ‏
‏1.‏ اختر الزمان والمكان المناسبين للحديث في الموضوع مع الطرف الآخر ، ‏وذلك حين يكون فارغاً هادئاً مستعداً للحوار ، وتتوقع منه أن يكون أقرب ‏للموضوعية ، وأن يتفهم حاجات ، وتتوقع منه أن يكون أقرب للموضوعية ‏، وأن يتفهم حاجات الآخرين ، ويتنازل عن بعض مواقفه من أجلهم .‏
‏2.‏ تفاوض مع الشخص باحترام وانتقاء للعبارات واطلب مساعدته في حل ‏المشكلة بعد معرفة رأيه في تشخيصك لها . ‏
‏3.‏ اطرح ما تراه من حلول ومقترحات للمشكلة والتي سبق وأن أعددتها ، ‏وليكن طرحك بأسلوبك مناسب وبين له ما في هذه الحلول من فوائد ‏للجميع . ‏
‏4.‏ تجاوب مع ما قد يطرحه من أفكار ومقترحات مفيدة وإيجابية، وأظهر ‏العطف على ما بيديه من حاجة وضعف ، واقترح له بدائل لما يظنه من فوائد ‏في إثارته للمشكلات أمامك . ‏
‏5.‏ اختم اللقاء بتحديد النقاط المشتركة التي أمكن التوصل إليها مع بيان واجب ‏كل واحد منكما حيالها . ‏
‏6.‏ حدد موعد لقاء آخر إذا بقي هناك من الأمور ما يستحق البحث والحوار . ‏
‏7.‏ تابع تنفيذ ما تم التوصل إليه وتحقيقه مع تقويم وقياس مدى التقدم في ذلك . ‏
‏8.‏ يجب أن تكون أعصابك هادئة وتتمتع براحة بدنية ونفسية أثناء الحوار ، ‏وحبذا أن يسبقه فترة استرخاء كافية . ‏
‏9.‏ قدم مكافأة للشخص الآخر على ما تلاحظه من تعاون وتقدم من جانبه في ‏حل المشكلة ولما يبديه من التزام بما تم الاتفاق عليه ، وآظهر العطف عليه ‏والاحترام له والابتسام في وجهه والثناء على مسلكه الجديد أمام زملاء العمل ‏والإهداء له إذا كان ذلك مناسباً ومساعدته في حل مشكلات عمله وتقديم ‏المساعدة له في ذلك . ‏


‏*************************** ****‏

رفع الإنتاجية

‏ إن زيادة الإنتاج وجودته هي الغاية من أي عمل يمارسه الإنسان في الحياة ، وما لم ‏يقابل العمل إنتاج متجدد فهو جهد ضائع وطاقة مهدرة ؛ ولذلك فإن من أهم ما يسعى ‏الأفراد والمؤسسات إليه باستمرار هو زيادة إنتاجهم ولعلاقة ذلك بالعمل رأيت أن أذكر ‏بعض الإرشادات العامة التي يُمكن أن تساعد الآخذ بها على زيادة الإنتاج ورفع مستواه ‏في أي عمل كان . ‏

عناصر وأسس التأثير في الإنتاج : ‏
‏1.‏ المال . ‏
‏2.‏ الأفكار المبدعة . ‏
‏3.‏ الإدارة الناجحة . ‏
‏4.‏ اليد المدربة العاملة . ‏
‏5.‏ الموارد الأولية . ‏
‏6.‏ الآلات والأجهزة . ‏
‏7.‏ التسويق الجيد للإنتاج . ‏

كيف يُمكن رفع الإنتاج ؟ : ‏
‏1.‏ لابد من إيجاد قواسم مشتركة بينك وبين العمل قبل الإقدام على ممارسة ‏العمل ، وهذا يستدعي منك دراسة العمل والقناعة بجدواه وأهميته لتصبح ‏أهداف العمل أهدافاً شخصية لك لا يمكنك التنازل عن تحقيقها . ‏
‏2.‏ فهم العمل ومعرفة احتياجاته وطبيعته شرط للرقي بها . ‏
‏3.‏ توفير الحاجات الأساسية للعمل من تأهيل وتدريب شخصي للعاملين ‏وإمكانات مادية من الآلات ومعدات ومواد خام وتذليل للمعوقات . ‏
‏4.‏ إخلاء الذهن من الشواغل الأخرى وتفريغ كامل الفكر أثناء العمل له . ‏
‏5.‏ من أهم وسائل رفع الإنتاج ما يقوم به رؤساء العمل ومسئولوه من مكافأة ‏أصحاب الإنتاج العالي والإنجاز السريع المتقن وبذل التشجيع والحوافز لهم ، ‏وهذه المكافآت قد تكون شهادات شكر وتقدير ، على أنه ينبغي مراعاة ‏وجود آلية دقيقة وموضوعية لتقييم إنتاج العاملين بعيداً عن المحسوبية والمحاباة ‏في هذا الحقل تماماً . ‏
‏6.‏ إشعار العاملين بالأمن الوظيفي وحماية مستقبلهم وحقوقهم وحقوق أسرهم ‏من بعدهم ؛ لأن شعور العامل بأنه قد يكون عرضة لقرارات تعسفية غير ‏عادية ولا منصفة في أي وقت يحول بينه وبين التفرغ الذهني بل والبدني ‏للعمل والإنتاج . ‏
‏7.‏ ألزم نفسك بألا يذهب شيء من وقت العمل لغيره ؛ لأن ذلك أولاً من ‏الأمانة التي ستسأل عنها بين يدي الله ؛ ولأنه ثانياً يؤثر على الإنتاج سلباً ‏وإيجاباً أبلغ تأثير . ‏
‏8.‏ استفد من تجارب وخيرات من سبقوك لمثل هذا العمل بالاتصال الشخصي ‏والمكاتبة والاستشارة في بعض الموضوعات المحددة . ‏
‏9.‏ تابع كل جديد في مجال عملك ، واحرص على الاستفادة منه ، ومن أفضل ‏الوسائل لهذه المتابعة دوام الاطلاع على المجلات والدوريات المتخصصة في ‏هذا المجال ومكاتبة مراكز التدريب والأبحاث والمعارض وزيارتها إذا سنحت ‏الفرصة . ‏
‏10.‏ اهتم بتنمية خصائص الإبداع والتجديد والابتكار لديك بصورة عامة وفي ‏مجال عملك بصورة خاصة من خلال القراءات والدورات التدريبية وحضور ‏الندوات والمحاضرات المهمة بهذا الجانب .‏
‏11.‏ أعط نفسك حقها من الإجازات والراحة الكافية . ‏
‏12.‏ احتفظ بعلاقات أخوية حسنة ودائمة مع رؤسائك وزملائك ومرؤوسيك ‏في العمل . ‏

مظاهر ودلائل ضعف الإنتاج في العمل : ‏
‏1.‏ عدم وجود خطة ناجحة واضحة للعمل بل يخبط العامل فيه خبط عشواء . ‏
‏2.‏ عدم تنفيذ الخطة الموضوعية واستبدالها بالاجتهادات الشخصية . ‏
‏3.‏ الانشغال بأمور أخرى أثناء وقت العمل . ‏
‏4.‏ الحضور متأخراً والانصراف مبكراً عن وقت الدوام الرسمي للمؤسسة . ‏
‏5.‏ الإكثار من الاعتذارات والإجازات والتوسل لذلك بأي وسيلة . ‏
‏6.‏ كراهة مقابلة المسئول والمناقشة والحوار معه في أمور العمل . ‏
‏7.‏ كثرة النسيان لما يكلف به الموظف أو العامل أو تظاهره بذلك . ‏

أسباب قلة الإنتاج في العمل : ‏
‏1.‏ عدم الاقتناع بالعمل من قبل العامل . ‏
‏2.‏ عدم فهم العمل واستيعابه والتوائم معه . ‏
‏3.‏ عدم القدرة على إنجاز العمل وأدائه على الوجه المطلوب إمَّا لأسباب ذاتية في ‏العمل أو لنقص في الإمكانات المتوفرة له أو لوجود معوقات لم يتم تذليلها ‏وتجاوزها . ‏
‏4.‏ تقديم غير العمل عليه أو مزاحمته له في اهتمام العامل . ‏
‏5.‏ عدم الجدية في حياة العامل . ‏
‏6.‏ إحساس العامل بعدم التقدير لمن ينتجون وينجزون في المؤسسة . ‏
‏7.‏ وجود المشكلات مع زملاء العمل من رؤسائه ومرؤسية وغيرهم . ‏


الإدارة في سطور

ما من عمل إلا ويحتاج إلى إدارة ، فالإدارة هي التي يحتاجها الجميع ، ويتخصص ‏فيها البعض فرب الأسرة والموظف والتاجر والفلاح والراعي كل منهم يحتاج إلى الإدارة ‏في عمله ، وهذه بعض الأفكار العامة في قضايا الإدارة ، وبالذات إدارة العاملين في ‏الأعمال الوظيفية . ‏
ما هي الإدارة ؟ : ‏
هي التخطيط ثم التنفيذ لاستغلال الإمكانات الممكنة والتنسيق بينها لتحقيق ‏الأهداف المتوخاة في ظل التوجيه والرقابة . ‏
أنواع الإدارة : ‏
نتيجة لتطور علم الإدارة وكثرة الدراسات والأبحاث فيه استطاع الدارسون لعلم ‏الإدارة تمييز أنواع كثيرة من الأساليب الإدارية وهذا التمييز قائم على رصد للواقع في ‏حياة الناس ، وهذه أهم هذه الأنواع : ‏
‏1.‏ الإدارة باللوائح : وهي القائمة على الغلو في تطبيق النظم واللوائح دون ‏مراعاة لما قد يترتب على هذا الغلو من إضرار بالعاملين أو إهدار للأهداف ‏التي من أجلها قام العمل ووجدت المؤسسة ، وهذه الإدارة تفتقد لروح ‏الإبداع والتجديد والابتكار وتعادي المغامرة والتطوير وهي إدارة تقليدية . ‏
‏2.‏ إدارة رد الفعل : وهي الإدارة القائمة على انتظار ما يفعله الآخرون ثم تقوم ‏هي بعد ذلك برد الفعل فهي دائماً متأثرة بغيرها في موقف التابع أو المدافع لا ‏تخطيط ولا لوائح ولا نظم ، فضلاً عن التطوير والتجديد . ‏
‏3.‏ إدارة الأزمات : وهي الإدارة المتخصصة في مواجهة الطوارئ والأزمات ‏التي هي غير دائمة . ‏
‏4.‏ إدارة الجاذبية الشخصية : وهي الإدارة التي تقوم على ما يتمتع به المسئول ‏من جاذبية وقوة شخصية فهي تدور حول شخص المدير لا حول العمل ‏ولوائحه وخططه وأهدافه
‏5.‏ إدارة التنازل في كل موقف : وهي التي تقوم على التنازل عن الحقوق ‏والرضى بالواقع والخشية من مواجهة المشكلات ، والحرص على استرضاء ‏الآخرين . ‏
‏6.‏ إدارة الأنباء السارة : وهي التي تقوم على افتعال أو تضخيم الإنجازات ‏والأنباء السارة للمؤسسة أو العاملين مع تجاهل المشكلات وعدم الموضوعية ‏في النظر للأمور حتى تقع الكارثة . ‏
‏7.‏ إدارة التفويض المطلق : وهي الإدارة التي تقوم على تسليم زمام الأمور ‏للموظف في كل شيء وعدم متابعته ولا محاسبته . ‏
‏8.‏ إدارة المشاركة : وهي التي تقوم على المشاركة بين المدير والعاملين حوله في ‏تحمل المسئولية واتخاذ القرار وتنفيذه بعد ذلك . ‏
‏9.‏ إدارة الأهداف : وهي التي تقوم على إبراز الأهداف للعاملين بشكل واضح ‏ثم تقسيم تحقيق هذه الأهداف والسعي لها على العاملين بحيث يسعى كل فرد ‏باستمرار لتحقيق هدف محدد واضح ضمن مجموعة أهداف العمل والمؤسسة ‏‏. ‏

شروط نجاح العملية الإدارية : ‏
‏1.‏ توفر المعلومات وحسن ترتيبها وتصنيفها على جميع مستويات العمل . ‏
‏2.‏ تسهيل الاتصالات بين العاملين في المؤسسة وعدم إقامة الحواجز بين المسئول ‏والعاملين . ‏
‏3.‏ إيجاد الحوافز المشجعة وإكرام المبرزين ولفت نظر المقصرين . ‏
‏4.‏ الثقة المتبادلة بين العاملين من مسئولين وغيرهم والعلاقات الأخوية الطيبة والمودة ‏والألفة بينهم مع الانضباط والطاعة المبصَّرة في العمل مما يؤدي إلى العمل بروح ‏الفريق المتعاون . ‏
‏5.‏ معرفة قدرات وطاقات العاملين وتوجيهها التوجيه السليم . ‏
‏6.‏ تحديد الاختصاصات والصلاحيات وعدم تداخلها واضطرابها . ‏
‏7.‏ الحزم في مواجهة المشكلات واتخاذ القرارات . ‏
‏8.‏ وقبل ذلك كله وضوح الأهداف من العمل لدى جميع العاملين في المؤسسة كل ‏حسب موقعه . ‏

أنواع المديرين : ‏
‏1.‏ المدير المهتم بالعمل المهمل للعاملين ، وهو الحريص على أداء الدوام كاملاً ‏والتطبيق الحرفي للوائح والنظم التي وضعت لحماية العمل لكنه لا يخطر على باله ‏حقوق العاملين ولا حاجاتهم ولا كسب ودهم ولا مراعاة ظروفهم ، وهذا ينجح ‏مؤقتاً لكن مآله إلى تفجر المشكلات وإثارة الضغائن وفشل العمل . ‏
‏2.‏ المدير المهتم بالعاملين على حساب العمل ، وهو عكس السابق تماماً وفشله في ‏النهاية أشد من سابقه . ‏
‏3.‏ المدير السلبي الذي لا يهتم إلا بنفسه لا يفكر في العمل ولا العاملين إلا بمقدار ما ‏يخدم مصالحه أو نزواته الشخصية وهو الدمار للعباد والبلاد . ‏
‏4.‏ المدير المتوازن الذي يعطي العمل حقه والعامل ولا ينسى في غمرة العمل حقوق ‏نفسه وهو المدير الناجح . ‏

صفات المدير الناجح : ‏
‏1.‏ الأمانة : وهي شرط لنجاح كل عمل لكنها في المسئول أكثر ضرورة ؛ لأنه ‏مؤتمن على حقوق المؤسسة وحقوق الموظفين فما لم يكن أميناً ضاعت الحقوق ‏وفشل العمل وأخفقت الإدارة ، وإذا كان الإخلاص للعمل شرطاً لنجاحه فإن ‏الإخلاص لا يوجد إلا حيث وجدت الأمانة . ‏
‏2.‏ العلم والخبرة : العمل بالإدارة والعلم بالتخصص الذي هو مجال العمل والخبرة ‏العملية في هذا التخصص ؛ إذ بدون العلم يبقى المدير تقليدياً يمارس ما تعلمه في ‏ميدان العمل عبر السنين ، وبدون الخبرة يبقى علم المدير نظرياً لا يسعفه عند ‏الحاجة إليه في المواقف العلمية . ‏
‏3.‏ القوة والقدرة على التنفيذ : فمن لا يمتلك القوة لا يستطيع أن يضبط العاملين ‏معه بل يسيرونه هم حسب رغباتهم ومصالحهم ، ومن لا يملك الصلاحيات ‏والقدرة على تنفيذ القرارات ليس أكثر من ديكور وضع على مكتب . ‏
‏4.‏ التواضع في التعامل مع الموظفين والجمهور الذي له علاقة بالمؤسسة ، فكما أنه ‏يجب أن يكون المدير قوياً في غير عنف فكذلك يجب أن يكون متواضعاً في غير ‏ضعف ليكسب القلوب فيسعى الجميع للتعاون معه . ‏
‏5.‏ الحلم والصبر : وهما شرطان لكل من تصدرّ في هذه الحياة وبدونهما فلا سيادة ‏ولا ريادة . ‏
‏6.‏ الصدق : لأن الكاذب لا يثق به أحد ، وبالتالي يفقد احترام الآخرين وتعاونهم . ‏
‏7.‏ المشاروة : لأن المستبد قد يسيّر أجساد الناس للعمل لكن بدون قلوبهم ولا ‏إخلاصهم ولا طاقاتهم ، وقد يسيِّرهم باستمرار لكن في أعمال يكثر خطؤها ‏ويقل صوابها . ‏
‏8.‏ الاعتراف بالخطأ إذا تبين : والاعتذار والرجوع عنه وعدم الإصرار عليه . ‏
‏9.‏ الدهاء والفراسة فلا يخدع بسهولة وإن كان صدقه يمنعه من خديعة الآخرين . ‏

‏*************************** *****‏

فن التفاوض

التفاوض والحوار من لوازم الحياة البشرية يحتاجه الإنسان في بيته ومع أسرته ‏ويحتاجه في عمله مع زملائه أو مع مجموعات أخرى تمثل مصالح ورأى جهات أخرى ‏غير جهة عمله ، وتعلم التفاوض لتحقيق أفضل النتائج أصبح علماً يدرس في الجامعات ، ‏وقد برع فيه الغربيون في هذا العصر وحققوا من خلاله كثيراً من النجاحات في السيطرة ‏على العالم وبخاصة فيما يسمى بالمفاوضات السياسية أو الاقتصادية .‏
وقد برع المسلمون الأوائل في فنون المفاوضات والحوار والجدل والمناظرة ، وألفُوا ‏في ذلك الكتب وفرَّقوا بين كل فنٍّ وآخر مستندين إلى أصول هذه الفنون في كتاب الله ‏وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن الأجيال اللاحقة في القرون المتأخرة قصروا في ‏ذلك كما وقع التقصير في غيره من الأمور التي بسببها عم التخلف . ‏
ولا يُمكن في مثل هذه العجالة أن يُستقصى موضوع التفاوض والحوار ، ولكن ‏يكفي ذكر بعض الجوانب المهمة فيه ، والتي من خلال الاطلاع عليها يُمكن القارئ أن ‏يحسّن من قدرته في موضوع التفاوض . ‏

وأهم هذه الجوانب هي : ‏
أ) – التحضير للمفاوضات ، وذلك بدراسة المشكلة والتخطيط للتفاوض حولها ، ويتم ‏هذا التحضير من خلال العناصر الآتية : ‏
‏1.‏ تحديد المشكلة بصورة واضحة التي هي محل الخلاف بينك وبين الطرف الآخر ‏الذي سيتفاوض معك ؛ إذ أن الدخول في المفاوضات بدون الإلمام بالمشكلة على ‏حقيقتها سيعني الفشل أو الهزيمة . ‏
‏2.‏ معرفة أطراف الخلاف ؛ إذ أن عدم معرفة الجهة الأخرى التي ستفاوضك ‏سيجعلك تفاجأ عند إجراء المفاوضات فقد يواجهك طرف واحد وقد يواجهك ‏أكثر من طرف وكل طرف يمثل جهة لها مصالحها وأفكارها الخاصة بها . ‏
‏3.‏ معرفة رأي كل طرف على حدة، وما هي نقاط الاتفاق مع كل رأي والاختلاف ‏معه؟ ، وما هي عناصر الاتفاق بينهم والاختلاف ؟ ، وما مدى إمكانية التفاهم ‏مع بعضهم وإن أدى ذلك لعدم التفاهم مع البعض الآخر ؟ . ‏
‏4.‏ دراسة الأشخاص أو الشخص الذي سيمثل كل جهة في المفاوضات ؛ لأنه مهما ‏كانت آراء وأفكار ومصالح الجهة فإن الاختلاف بين من يتولى تمثيل تلك الجهة ‏والتفاوض باسمها وبين غيره في النواحي الشخصية سيؤثر ، ولا شك في سير ‏المفاوضات . ‏
وهذه الدراسة يجب أن تشمل الجوانب الشخصية المختلفة من النواحي التاريخية ‏والسلوكية والفكرية والثقافية والخلقية والنفسية ، وأي جوانب أخرى يُمكن أن تدرس ‏في شخصية المفاوض ، والذي سيكونُ أكثر معرفة وعلماً بالآخر من المفاوضين هو الذي ‏سينجح في الغالب في الغالب في السيطرة على الآخر واحتوائه . ‏
ب) – وضع الخطة المناسبة للتفاوض ؛ لأنه بعد التحضير للمفاوضات بالدراسات ‏السابقة ينبغي وضع خطة عملية لسير المفاوضات ، وأهم عناصر هذه الخطة هي : ‏
‏1.‏ تحديد أهدافك من المفاوضات بشكل واضح وترتيب هذه الأهداف على ‏دراجات بين أقصى طموح تسعى إليه وأدنى حد يُمكن أن تقبل به ، وفي هذا ‏أوصي بالرجوع لمبحث صناعة الأهداف في أول هذا الكتاب . ‏
‏2.‏ توقع الأهداف التي يسعى الآخرون لتحقيقها من خلال المفاوضات ، وما هو ‏الحد الأدنى الذي يمكنهم القبول به ؟ . ‏
‏3.‏ إيجاد بدائل مقنعة ومقبولة لدى الآخرين لتقديمها لهم في حالة عدم قبولك ‏بأهدافهم . ‏
‏4.‏ وضع الأساليب المناسبة للتأثير على الآخرين لإقناعهم بقبول ما تطمح إليه من ‏أهداف ، ومحاولة إقناعهم بأن تحقيق أهدافك إمَّا يخدم مصالحهم أو على الأقل ‏لن يؤدي للإضرار بها . ‏
واحرص على عدم استفزازهم في الجوانب الشخصية أثناء المفاوضات . ‏
‏5.‏ كسب الأشخاص المفاوضين تمهيداً لكسب القضية والنجاح في المفاوضات ، ‏ويُمكن الرجوع في ذلك لفصول سابقة من الكتاب . ‏
‏6.‏ التركيز والاهتمام بالأهداف والغاية والتغاضي عن الشكليات والمواقف ‏الاستعراضية والبيانات الإعلامية ما لم يكن ذلك هدفاً في حد ذاته . ‏
‏7.‏ توقع الاحتمالات المختلفة أثناء التفاوض وتجهيز الحلول المناسبة لها والاحتفاظ ‏بها إلى وقت الحاجة . ‏
‏8.‏ وضع الحلول الوسط الممكنة والمقبولة من الطرفين عند تعذر التفاهم وقبول أحد ‏الطرفين بما يطمح إليه الآخر شريطة ألا ينزل ذلك عن الحد الأدنى المقبول من ‏الأهداف
‏9.‏ التدرب الكافي على تنفيذ الخطة الموضوعة قبل بدء المفاوضات . ‏
جـ) – مباشرة العملية التفاوضية وأهم مراحلها هي : ‏
مرحلة الاستطلاع والتعرف على الفريق المفاوض والاحتكاك به عن قرب والتأكد ‏من صحة دراساتك السابقة وخطتك التي تسير على ضوئها ومراجعة ما قد يحتاج إلى ‏مراجعة وتعديل من ذلك . ‏
مرحلة المواجهة للمشكلة والتباحث والحوار حولها وهي أهم مراحل التفاوض ، ‏وينبغي في هذه المرحلة ترتيب الأفكار وحسن الإصغاء والصبر على ما قد يبدر من ‏الآخرين من جفاء وخشونة ، كذلك ينبغي قبول ما عنده من حق والاعتراف بالخطأ ‏والرجوع عنه قدر الإمكان ومراعاة مستوى وثقافة من تخاطبه وتنويع أساليب الحديث ‏والعرض لقضيتك والاستفهام عما قد يشكل عليك من كلامه قبل الإجابة . ‏
وخلال ذلك كله حاول البحث عن نقطة مشتركة بينك وبينه مهما كانت صغيرة ‏للانطلاق منها نحو تفاهم أكبر واتفاق أعماق . ‏
مرحلة اتخاذ القرار عند الاتفاق على أي شيء ، أمَّا عند تأزم الموقف وعدم الوصول ‏لحل ، فينبغي توقف المفاوضات وتأجيل البحث عن حل إلى وقت آخر . ‏
مرحلة التقييم والدراسة لنتائج المفاوضات والإعداد للجولات القادمة إن كان هناك ‏جولات قادمة أو السعي لتنفيذ ما اتفق عليه . ‏
ومما يجدر ذكره أن التحضير للمفاوضات والتخطيط لها قد يتولاه فريق متكامل غير ‏من سيقول بإجراء المفاوضات وقد يقوم بالعملية كلها جهة واحدة . ‏

تطوير العمل ‏
‏( الرؤية المستقبلية ) ‏

إن القائمين على إدارة العمل أي عمل وبخاصة الأعمال التجارية على اختلاف ‏أنواعها وبصورة أدق المؤسسات الكبرى يحتاجون إلى التخطيط البعيد المدى ولعقود من ‏الزمن لتطوير أعمالهم والرقي بها والتقدم الدائم نحو أهدافها والتوسع في أعمالها وارتياد ‏آفاق المنافسة والإبداع والابتكار .‏
وعلى هذا فمل من يتصدى لمثل هذه الأعمال لأبدَّ أن يكون لديه إلمام بكيفية بناء ‏الرؤية المستقبلية للعمل الذي هو معنٌّي به . ‏
وهذا هو الفارق بين أصحاب الأعمال الرائدة الدائمة المتطورة وبين أصحاب ‏الأعمال التي قد تحقق نجاحاً محدوداً مؤقتاً لكنها بعد ذلك تخفق في الاستمرار مع ‏مستجدات الزمن وتقلبات الأيام . ‏

وإليك خلاص بعض الدراسات التي قام بها بعض المتخصصين في هذا المجال مستفادة ‏من بعض الترجمات في هذا الباب : ‏
الفرق بين الثابت والمتغير في الأهداف : ‏
إنَّ أي عمل يقيمه ويمارسه الإنسان فرداً أو جماعة لابُدَّ أن يكون له غاية وهدف من ‏ذلك العمل ، والأهداف والغايات منها الثابت الدائم الباقي ببقاء العمل ومنها المرحلي ‏المتغير الذي هو محدود بزمان محدد وبتحقيقه يتم الانتقال إلى هدف آخر . ‏
وهذه الأهداف المرحلية هي محطات في طريق السعي الدائم لتحقيق الهدف الأسمى ‏والأكبر ، وإن أول شروط النجاح في بناء الرؤية المستقبلية هي التفريق بين الهدف الثابت ‏الدائم الذي تسعى لتحقيق المزيد منه باستمرار وبين الأهداف المرحلية المتغيرة المنتهية ‏بنهاية مرحلة معينة . ‏
تعريف الرؤية المستقبلية : ‏
هي التطوير المستمر للمتغيرات في سبيل الإنجاز الأكثر للثوابت والحافظ الأشمل عليها. ‏
وعلى هذا فنحن في حاجة إلى حديث عن الثوابت في العمل ماذا تعني ، وحديث ‏بعد ذلك عن المتغيرات ماذا تعني ؟ . ‏

القيم والأهداف الدائمة والثوابت : ‏
لكل عمل يقام هدف وغاية دائمة بدوام العمل ، وهذه الغايات والأهداف والقيم ‏الثابتة لابد أن تكون قليلة في عددها لكنها بالغة الأهمية والإحاطة في توجيه العمل ‏وتبريره في كل زمان أو مكان يمارس فيه هذا العمل ، والإهمال أو التفريط لهذه الغاية أو ‏ذلك الهدف يعني الانتهاء فوراً من أي مبرر لوجود هذا العمل . ‏
ولنضرب مثالاً يفهمه كل مسلم فنقول : غاية وجود الإنسان عبادة الله سبحانه ‏وتعالى : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، فإذا أهملت هذه الغاية أي لم يعبد ‏الإنسان ربه إما تخلى عن العبادة بالكلية أو عبد غير الله، فإن وجوده حينئذٍ يصبح لا ‏معنى له ولا تبرير له على الإطلاق . ‏
وهذا الغاية والهدف دائم ما دامت الحياة ، فهو من الثوابت التي لا يطرأ عليها التغيير ‏أبداً ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ .‏
ولو أردنا أن نطبق هذا في عالم الأعمال فقلنا مثلاً : إن مجموعة من الناس أنشأوا ‏شركة لممارسة عمل من الأعمال فلابدَّ أن يكون في أذهانهم وبصورة واضحة هدفاً ‏وغاية ثابتة دائمة بدوام الشركة ، وهذا الهدف لو افترضنا أن الشركة استمرت 50 عاماً ‏لا يجوز أن يكون مدة تحققه عشر سنوات فقط وبعدها يبحث عن هدف آخر غيره ؛ ‏لأنه يصبح حينئذٍ من المتغيرات لا من الثوابت والغايات الثابتة يجب أن تكون المرشد ‏الدائم لكل من يعمل في الشركة مثل النجم القطبي للمسافر نحو الشمال يراه دائماً أمامه ‏مهما تواصل سيره والغاية الثابتة الدائمة لأي عمل هي التي تربط أجزاء المؤسسة مع ‏بعضها وتوحد العاملين فيها في سيرهم لتحقيق تلك الغايات والأهداف . ‏
‏ وهي غايات وأهداف متجددة بمعنى أنها مستمرة ويجب كما قلت قبل أن تكون ‏محدودة العدد ؛ لأن الكثرة من علامات التغير ، وفي عالم الأعمال قد لا تتجاوز هذه ‏الغايات أربع غايات وقل أن تصل إلى ست . ‏
وعلى هذا فيجب التفريق بين الغايات الجوهرية الدائمة والخبرات العملية والخطط ‏والسياسات العامة في العمل . ‏
إن الغايات الثابتة يجب أن تقاوم اختيارات الزمن ويجب أن تطرح السؤال الآتي على ‏كل غاية تحددها لعملك: هل يُمكن أن أتخلى عن هذه الغاية في يوم من الأيام مع ‏استمرار العمل؟
إن كانت الإجابة بنعم ، فانقل هذه الغاية أو ذلك الهدف من سلم الثوابت إلى إطار ‏المتغيرات القابلة للتطوير والتغيير ، إن إحدى الطرق المتبعة لمعرفة الغاية أو الهدف ‏الجوهري لمؤسستك أو عملك هي وصف عملك ثم السؤال بعد ذلك بكلمة لماذا ، ثم ‏السؤال أيضاً بعد الإجابة وتكرار ذلك خمس مرات . ‏
فمثلاً يُمكن أن تقول : نحن في الشركة عملنا خدمة العملاء في مجال نظافة منازلهم ‏لماذا ؟ للمساهمة في الصحة العامة . لماذا ؟ لزيادة الرقي الحضاري للأمة . لماذا ؟ لزيادة ‏قوتها وفاعليتها في الحياة . لماذا ؟ لإسعاد البشرية . لماذا ؟ لننال رضوان الله . ‏
إذاً يُمكنك أن تقول : الهدف الجوهري لنا هو أن ننال رضوان الله من خلال ‏الأعمال المشار إليها في الإجابات السابقة ، أو يُمكن أن تقول : مؤسستنا تقوم بأعمال ‏التدريب والتأهيل في مجال الحاسوب ( الكمبيوتر ) لماذا ؟ لإعداد أفراد المجتمع للاستفادة ‏من منتجات المدينة المعاصرة . لماذا ؟ لنساهم في زيادة قوة الأمة . لماذا ؟ لئلا يهيمن ‏عليها أعداؤها . لماذا ؟ في زيادة قوة الأمة . لماذا ؟ لئلا يهيمن عليها أعداؤها . لماذا ؟ ‏لنعيش أحراراً . لماذا ؟ لنحصل على السعادة . إذاً يُمكن أن يكون الهدف الجوهري ‏للمؤسسة هو البحث عن السعادة للناس.‏
وعلى هذا فأنت ترى أن زيادة المال لا يصلح أن يكون هدفاً جوهرياً دائماً ؛ لأن ‏حقيقة المال أنه وسيلة لا غاية ، وعندما تكون الغاية سليمة وصحيحة فقد تكسب المال ‏وقد تنفقه في سبيل الوصول لهذه الغاية . ‏
والغاية الثابتة الجوهرية هي مصدر الإلهام والإرشاد للعاملين وليست علامة تميز ‏للمؤسسة ، فقد يشاركك في الهدف النهائي الكثير من المؤسسات ولكن بوسائل أخرى ‏، وإنما يكون التميُّز في الصدق والتضحية في سبيل تحقيق الهدف الجوهري الثابت . ‏
ومن فوائد تحديد الهدف الثابت للمؤسسة بوضوح أنها تجذب للعمل في المؤسسة من ‏تتطابق قيمهم وتطلعاتهم الشخصية مع هذا الهدف الثابت الجوهري وتضطر من تختلف ‏قيمهم وأهدافهم الشخصية مع أهداف المؤسسة إلى تركها والبحث عن غيرها . ‏

الأهداف والغايات المرحلية : ‏
انطلاقاً نحو الهدف الثابت تحدد المؤسسة لها أهداف مرحلية ثم ترتبها تصاعدياً ثم ‏تبدأ بالهدف الأول فتصفه وصفاً دقيقاً ملتزماً بالضوابط المذكورة في أول مبحث في هذا ‏الكتاب وتحدد له الإمكانات المطلوبة والفترة الزمنية المناسبة ، ومن ثمَّ ينطلق الفريق ‏العامل نحو خط النهاية المحدد كهدف مرحلي ثم ينتقل منه إلى هدف آخر وهكذا . ‏
وينبغي أن يكون الهدف جزئياً وواقعياً في نفس الوقت والشركات العالمية الكبرى ‏تجعل لها فيما بين كلٍ عشر سنوات وثلاثين سنة هدفاً واحداً كبيراً وصعباً وجريئاً ثم ‏تنطلق من خلاله لتحقيق هدفها الثابت المركزي ثم تنتقل لهدف مرحلي آخر وهكذا ، ‏من خلال التفريق بين الثابت والمتغير في عملك يتحقق التطوير ويُمكنك النفاذ برؤيتك ‏للمستقبل البعيد نسبياً والتعامل معه في خططك وكأنه حاضر قائم . ‏
إن من أخطر ما يتعرض له المخططون هو خلطهم بين الثابت والمتغير في عمل ‏مؤسساتهم فإما أن يتنازلوا عن الأهداف الثابتة الدائمة ويجعلوها عرضة للتغيير ، فتفقد ‏مؤسستهم مبرر وجودها وعامل استمرارها ، وإمَّا أن يعطوا الأهداف المتغيرة المرحلية ‏صفة الثبات والاستمرار فتصاب مؤسستهم بالجمود فالذبول ومن ثم الزوال . ‏
وقد يكون الخطر في أنهم بعد الفراغ من تحقيق هدف مرحلي والنجاح في ذلك، ‏يعجزون عن إيجاد أهداف أخرى ويتوقفون يتلفتون في أماكنهم ، ويجترون حكايات ‏النجاح السابق . ‏
وقد يكون تحديد الهدف المرحلي الجزئي ناجحاً ولكن مدى الالتزام بالسعي لتحقيقه ‏فيكون الإخفاق . ‏
احذر أن تصل مؤسستك إلى قمة من قمم النجاح وأنت لم تحدد بعد القمة الأخرى ‏التي ستواصل التسلق نحوها ، ولتعلم أن الرؤية المستقبلية أهم شروط نجاحها والوصول ‏إليها هو العقول المبدعة والمنفذون المتحمسون والتنظيم الفائق ، وكلما توفر ذلك ‏فستؤمن مسيرتك لمدة عقد من الزمن على الأقل . ‏

وقفة الوداع

وبعد أيها القارئ الكريم فقد محضتك النصح وبذلت لك الجهد فما لقيت من ‏صواب فالفضل فيه لله وحده وما لقيت من خطأ فأستغفرُ الله منه وإليك إصلاحه ‏والمأمول منك ستره ولا تبخل على من نصح وبذل بدعوة بظهر الغيب ولك مثل ذلك .‏
وإني لأرجو أن تكون مع فراغك من قراءة هذه السطور قد اكتسبت القدرة على ‏إجادة صنع الأهداف وحاولت تنظيم حياتك بالتخطيط لأمورك والاستغلال الأمثل ‏لوقتك فاستطعت السيطرة على ذاتك وإدارة بثقة ونجاح متجاوزاً ما يثيره النقاد حولك ‏مركزاً لذهنك وفكرك مع الحرص على التوازن في حياتك والقدرة على اتخاذ القرارات ‏الصائبة والتنمية لمواهبك الفكرية بالقراءة الناجحة المفيدة على أن تكون غير مهمل ‏لصحتك وقادراً على التواصل مع الآخرين والتأثير فيهم وبناء العلاقات معهم بعد المعرفة ‏بأصنافهم وصفاتهم . ‏
ولعل ذلك يقودك إلى النجاح في عملك بعد استكمالك لشروطه وحسن إدارتك له ‏وتفوقك في التعامل مع قضايا التفويض والاجتماعات والتعامل مع المشاكسين من زملاء ‏العمل ليؤدي كل ذلك لرفع إنتاجك وقدرتك على التفاوض مع غيرك وبناء الرؤية ‏المستقبلية لعملك . ‏
فإن تحقق لك هذا أو بعضه فهو ما تأمل النفس وترجو أن يكون وإن لم تصل إلى ‏شيء من ذلك فحاول مرة أخرى ولعل وعسى . ‏
وتولاك الله برعايته وأسبغ عليك نعمة وغفر لنا ولك واللهم لك الحمد وعليك الثناء ‏في الانتهاء كما كان ذلك في الابتداء لا تزال به اللسان صادحة والأقلام صارخة والحمد ‏نعمة منك مستفادة لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك . ‏

‏*********************‏
انتهاء .

مكاوي
2008-07-27, 12:35 AM
بارك الله فيك ونفع بك أخي الكريم

زين العابدين الأثري
2008-07-27, 12:57 AM
فعلا الكتاب رائع , وأنصح به .

أم نور الهدى
2010-10-01, 02:40 AM
جزاكم الله خير الجزاء ..

خلوصي
2011-05-11, 02:51 PM
جزاكم الله خيرا
توقيعك جميل في وجازته .. هل هو من صياغتك أخي الكريم ؟

علي الغامدي
2011-05-11, 03:06 PM
جزاك الله خير

أبو الحسن الرفاتي
2011-05-11, 03:44 PM
جزاكم الله خير

أبو البراء محمد علاوة
2019-01-14, 02:38 AM
جزاكم الله خيرًا