المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأخطاء المكرورة عند المحققين ... وما أرانا نقول إلا معارا



أبو مالك العوضي
2007-02-03, 09:00 PM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد

فعلى هامش ما نقابله كثيرا من أخطاء المحققين، وبجانب ما نقرؤه كثيرا من تعقبات بعض على بعض في تحقيق هذا الكتاب أو ذاك، و ........ ولستَ بمستبق أخا لا تلمه على شعث، و ...... والعذر عند كرام الناس مقبول، و ........ وكل يؤخذ من قوله ويترك ..... !

إلا أن في الخاطر أمرا أرغب في سَطْرِه من قديم، ولكن تحولُ دون ذلك شواغل وعوائق كثيرة، والله المستعان!

ثم قدر الله أن أقف اليوم على هذا الخطأ، وهو الذي يقابلني مرارا وتكرارا، وكنت أقرأ في بعض كتب أهل اللغة، فوقفت فتذكرت هذا الموضوع الذي كاد يغيب في مطاوي الذاكرة، بل كاد يروغ وتذهب أمثلته من الفؤاد!

وأكاد أوقن أنه ما من أحد منا إلا وقد قابل مثل هذا النوع من الأخطاء التي تجد كثيرا من المحققين يتتابعون عليها (ولا أريد أن أقول: يتتايعون)

والمثال الذي يحضرني دائما في هذا الباب قوله تعالى: { تَنبُتُ بالدهن }

فكثيرا ما كنت أقرأ لأهل العلم في سياق كلامهم أن الباء قد تأتي زائدة ويمثلون بقوله تعالى : (تنبت بالدهن) وأجد المحقق قد ضبطها بفتح التاء وضم الباء!!

وأرجع إلى نفسي متعجبا متحيرا، وأقول: وأين الزيادة في هذا الموضع؟
على هذه القراءة لا زيادة للباء.

وإنما يصح كلامهم في الزيادة على قراءة أبي عمرو وابن كثير { تُنْبِتُ بالدهن }.

ولكن المحقق لا يقف طويلا لينظر في ضبط الآية وهل يتوافق مع سياق الكلام، بل يضبط على قراءة حفص المشهورة عندنا والسلام!

ولعلي وقفتُ على هذا الخطأ في أكثر من عشرين موضعا!

واليوم أذكر لكم مثالا آخر لعله من النوادر:

قرأت في (كتاب ليس لابن خالويه):
(( وقد يجيء المصدر على غير المصدر ... ))

فتذكرت ما كنت قرأته قديما في (معترك الأقران) للسيوطي:
(( ... فيه وجهان أحدهما أن يكون مصدرا على غير الضمير ))
قال المحقق: هذا في الأصلين، وفي القرطبي: ... على غير المصدر.

وفي تفسير القرطبي:
(( { فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا } القبول والنبات مصدران على غير المصدر، والأصل تقبلا وإنباتا )).

وفي تفسير البغوي:
(( .... وقيل هذا مصدر على غير [اللفظ] ))
قال المحقق: في ب (الصدر)

قلت: هذا هو الصواب المشهور عند أهل العلم (مصدر على غير الصدر) والصدر هو (الفِعْل) وهي عبارة مشهورة عند العلماء كما وردت في أدب الكاتب لابن قتيبة وغيره، ويستعملها أبو حيان في البحر المحيط، ووردت على الصواب في مواضع من تفسير القرطبي وغيره من كتب أهل العلم.

فلعل الأمر اشتبه على الناسخ فظن الكلمة مصحفة فجعلها على أقرب صورة لها.

وأما ناسخ معترك الأقران فلعله اشتبه عليه خط السيوطي فظن الكلمة ظنا بعيدا جدا ولو كتبتا كلمة (الصدر) بخط سيء لاشتبهت بكلمة (ضمير) اشتباها كبيرا ولقربت منها جدا والله تعالى أعلم.

ثم ظهر لي وجه آخر حسن وهو أن كلمة (المصدر) اتصلت في الكتابة فظُنَّت (المضمر) وهي بمعنى (الضمير)، وعليه فيحتمل أن يكون الخطأ من السيوطي نفسه، وربما يكون من الناسخ حيث غير كلمة (المضمر) إلى الضمير والله أعلم.

والعلماء يعبرون عن ذلك بألفاظ مختلفة:

= فتارة يقولون: مصدر على غير الصدر
= وصرح به بعضهم فقال: مصدر على غير صدره
= وبعضهم يقول: مصدر على غير فعله
= وتارة : مصدر على غير الفعل
= وتارة : مصدر على غير بناء الفعل

وإلى لقاء مع خطأ آخر مكرور

وما أرانا نقـول إلا معـارا ........ أو معـادا من قـولنا مكـرورا


أخوكم ومحبكم/ أبو مالك العوضي

أبو مالك العوضي
2007-02-03, 09:06 PM
وهذا مثال آخر من هذا الباب ذكره الدكتور (رمضان عبد التواب) في < مناهج التحقيق >:

(( ... ويكفي للتدليل على هذه القضية مراجعة النص الذي اقتبسه الإمام السيوطي في القبائل التي تؤخذ عنها اللغة عن كتاب (الألفاظ والحروف) لأبي نصر الفارابي الفيلسوف المشهور.

يقول السيوطي في كتابه المزهر عن الفارابي:
( وبالجملة فإنه لم يؤخذ لا من لخم ولا من جذام لمجاورتهم أهل مصر والقبط، ولا من قضاعة وغسان وإياد لمجاورتهم أهل الشام، وأكثرهم نصارى يقرءون بالعبرانية، ولا من نغلب واليمن فإنهم كانوا بالجزيرة مجاورين لليونان، ولا من بكر لمجاورتهم للقبط والفرس ).

إن مراجعة كتاب (الألفاظ والحروف) للفارابي الذي نشره محسن مهدي في بيروت سنة 1969م لا تغني شيئا في إصلاح التحريف الواقع في المزهر؛ لأن بكتاب الفارابي نقصا في مخطوطته، ترتب عليه ضياع نصوص كثيرة، منها هذا النص الوارد في المزهر.

ويقف المرء حائرا أمام هذا النص؛ إذ كيف لليمن أن تكون بالجزيرة مجاورة لليونان؟ ثم كيف لبكر أن تمتد بجناحيها في شمالي الجريرة العربية فتجاور في الشرق الفرس في إيران، كما تجاور في الغرب القبط في مصر؟

ويتحير الباحث ويزداد عجبه حين يرى مجموعة كبيرة من علمائنا الأفاضل يقتبسون هذا النص من المزهر ويضعونه في بحوثهم دون أن يخطر على بالهم أن به تحريفات فاحشة، وثوقا منهم بنص قد طبع محققا، هو نص المزهر؛

فهذا هو الشيخ محمد علي الدسوقي في كتابه (تهذيب الألفاظ العامية) (ص 42) والمستشرق الألماني أوجست فيشر في كتابه (المعجم اللغوي التاريخي) (ص 12-13) وأدَّى شير في كتابه (الألفاظ الفارسية المعربة) (ص 3) والأستاذ عبد الوهاب حمودة في كتابه (القراءات واللهجات) (ص 29) والدكتور مهدي المخزومي في كتابه (مدرسة الكوفة) (ص 54) والدكتور صبحي الصالح في كتابه (دراسات في فقه اللغة) (ص 114) والدكتورة بنت الشاطئ في كتابها (لغتنا والحياة) (ص 32) والأستاذ أحمد عبد الغفور عطار في كتابه (الفصحى والعامية) (ص 28) والدكتور إبراهيم السامرائي في كتابه (العربية بين أمسها وحاضرها) (ص 22) – كل هؤلاء العلماء الأفاضل يقتبسون نص المزهر ولا يقفون أمام عبارته التي لا يقبلها العقل؛ لأنهم وثقوا فيه!

وحين توقفت أنا أمام هذا النص، قبل نحو عشرين عاما، رأيت أن أراجع من أجله كتب السيوطي اللغوية، في محاولة للعثور فيها على هذا النص مرة أخرى، إذ تعودنا ذلك من كثير من المؤلفين، حين يستخدمون النص الواحد في أكثر من كتاب من مؤلفاتهم لمناسبات شتى .. وقد صدق حدسي؛ إذ وجدت النص نفسه مرة أخرى، في كتاب (الاقتراح في أصول النحو) للسيوطي، وفيه صواب العبارة: (ولا من تغلب والنمر، فإنهم كانوا بالجزيرية مجاورين لليونانية، ولا من بكر لأنهم كانوا مجاورين للنبط والفرس)
فانظر كيف حرفت كلمة (النمر) فصارت في نشرة المزهر (اليمن)، كما حرفت أختها (النبط) فصارت في هذه النشرة كذلك (القبط) . )) انتهى.


قلت: راجعت مخطوطتين أزهريتين للمزهر إحداهما حديثة وبها هذا الخطأ نفسه! والثانية أقدم منها وهي على الصواب والوجه

أبو مالك العوضي
2007-02-03, 09:08 PM
ومن الأخطاء المكرورة كذلك محاكمتهم المتقدمين على مصطلحات المتأخرين!

ومما يحضرني في هذا الباب كلمة (حرف)، فالمتقدمون يستعملونها بمعنى (كلمة)، وقد وقفت على تحقيقات لعدة محققين خطئوا المصنف في قوله ذلك، وقالوا: (لم نر من زعم أن هذه الكلمة حرف غير المصنف)!!

مع أن المصنف لا يقصد الحرفية بالمعنى الاصطلاحي عند النحويين، وإنما يقصد المعنى المشهور عند المتقدمين، بمعنى كلمة مطلقا.

وبعض المحققين يتفلسف أحيانا ويقول: [هكذا قال المؤلف (حرف) بمعنى كلمة، وهو اصطلاح جرى عليه في هذا الكتاب]!

ولو كان المحقق مستشرقا، أو رجلا أعجميا، لالتمسنا له العذر، وقلنا: هذا رجل بعيد عن كتبنا، ولا يفهم اصطلاحاتنا، ولكن أن يصدر مثلُ هذا الكلام من بني جلدتنا ومن يتكلمون بألسنتا، ثم يزعمون بعدُ أنهم من أهل التحقيق، وممن تسنموا جبال التصحيح والإخراج!

أبو مالك العوضي
2007-02-03, 09:09 PM
ومن الأخطاء المكرورة أيضا ما ينقله كثير من المحققين والباحثين والمؤلفين في مقدمات كتبهم، أو في صفحة الغلاف.

وهذه صورته:

(( قال العماد الأصفهاني: إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر ))

والصواب أن هذا الكلام للقاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني الملقب بأستاذ البلغاء من رسالة له بعث بها إلى العماد الأصفهاني يعتذر إليه من كلام استدركه عليه.

أبو مالك العوضي
2007-02-03, 09:16 PM
ومن الأخطاء المكرورة أيضا تصحيف (البدائه) إلى (البداية)

فإن المصنفين في علوم الأدب وعلم الكلام وعلم أصول الفقه يستعملون هذه العبارة أو نحوها (وهذا معروف ببدائه العقول) فيصحفها المحقق إلى (ببداية العقول)

والعبارة الأخيرة محتملة عقلا، ولكن استعمال أهل العلم يجعل العبارة الأولى هي الصواب قطعا؛ لأنهم يستعملون مشتقاتها كثيرا فيقولون: (يعرف هذا ببديهة العقل) ، (وهذا واضح بالبداهة) أو (بداهةً بلا فكر) أو (بديهة بغير نظر)، وهي عبارات مشهورة في كلام أهل العلم.

والله أعلم

الحمادي
2007-02-04, 01:11 AM
بارك الله فيكم يا أبا مالك


ومن الأخطاء المكرورة أيضا تصحيف (البدائه) إلى (البداية)
فإن المصنفين في علوم الأدب وعلم الكلام وعلم أصول الفقه يستعملون هذه العبارة أو نحوها (وهذا معروف ببدائه العقول) فيصحفها المحقق إلى (ببداية العقول)
والعبارة الأخيرة محتملة عقلا، ولكن استعمال أهل العلم يجعل العبارة الأولى هي الصواب قطعا؛ لأنهم يستعملون مشتقاتها كثيرا فيقولون: (يعرف هذا ببديهة العقل) ، (وهذا واضح بالبداهة) أو (بداهةً بلا فكر) أو (بديهة بغير نظر)، وهي عبارات مشهورة في كلام أهل العلم.
والله أعلم

مرَّ عليَّ قبيل أيام تصحيفاً كهذا في مجموع فتاوى ابن تيمية.

أبو سمية السلفي
2007-02-04, 09:35 AM
ومن الأخطاء المكرورة أيضا ما ينقله كثير من المحققين والباحثين والمؤلفين في مقدمات كتبهم، أو في صفحة الغلاف.
وهذه صورته:
(( قال العماد الأصفهاني: إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر ))
والصواب أن هذا الكلام للقاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني الملقب بأستاذ البلغاء من رسالة له بعث بها إلى العماد الأصفهاني يعتذر إليه من كلام استدركه عليه.

أحسن الله إليكم أبا مالك .
بالفعل ، هذه كلمة في غاية الشهرة يكثر ذكرها في مقدمات كثير من المصنفات الحديثة ، فحبذا لو تدلنا على موضع رسالة البيساني من كتب أهل العلم .
وجزاكم الله خيراً

هشام بن سعد
2007-02-04, 10:01 AM
بسم الله والحمد لله
موضوع دسم أخي أبو مالك .. بارك الله في جهودك.

أبو مالك العوضي
2007-02-04, 12:10 PM
شيخنا الكريم الحمادي
شكرا على مروركم الكريم

أخي الكريم أبا سمية السلفي
تجد هذا الكلام في مقدمة كشف الظنون، وغيرها كأبجد العلوم

أخي الكريم هشام بن سعد
جزاك الله خيرا على التشجيع، وأسأل الله أن يستعملنا في طاعته

أبو عبد الله القاضي
2007-02-04, 02:05 PM
درر من دررك
حفظك الله أبا مالك
لا تحرمنا هذه الفوائد
============

إبراهيم المديهش
2007-02-05, 12:31 AM
جزاك الله خيرا أبا مالك على هذا الموضوع، فهورائع جدا، يستحق أن يفرد ببحوث متتابعة ، وأضيف من أغلاط المحققين للكتب 1) إقحام تصحيحات في أصل الكتاب 2) ترجمة جميع الأعلام الوارده مما له حاجه ،ومما ليس له حاجه 3) الدراسة الموسعة عن المؤلف والموضوع ،وقد تأخذ نصف حجم الكتاب 4) إخراج الكتب المقررة في الجامعات ،للحصول على الربح،مع وجود الحاجة في كتب أخرى 5) الإطالة بذكر أسماء الكتب والأبواب في معرض التخريج ،وعدم الاكتفاء بالرقم والجزء والصفحة،إلا إذا كان في التبويب فائدة فقهية ونحوه ( ملاحظة :/ بعض ما ذُكر من لوازم الدراسة الأكاديمية) .

أبو مالك العوضي
2007-11-28, 08:56 PM
وفقكم الله، وجزاكم خيرا

ومن الأخطاء المكرورة التي تدل على بُعْد كثير من المحققين عن التحقق من علوم العربية:

(( ..... ولا يمكن أحدٌ أن يفعل كذا .... ))

هذه العبارة أو نحوها وردت في كتب كثيرة من كلام علمائنا الأجلاء، وترى المحقق ينص في الحاشية على أن الأصل ( أحدًا )، ومع ذلك يصلح الكلمة بالرفع ويضعها في صلب الكتاب، وكأن هذا الموضع وهم فاحش لا وجه له !
مع أن العبارة لا تحتمل الرفع أصلا، وليس للكلام وجه إلا النصب قولا واحدا؛ لأنه مفعول !

وبعض المحققين الفضلاء غير العبارة وقال في الحاشية:
(( في جميع النسخ: أحدا )) !!

وبعضهم يغير دون أن يشير وكأن هذا الخطأ لا يحتاج إلى بيان لوضوحه !

ويلحق بهذا الخطأ خطأ آخر لصيق به، وهو نحو قولهم:
(( .... يمكنني فعلَ كذا .... )) بنصب (فعل).

وهذا خطأ والصواب الرفع؛ لأنه فاعل، فالذي (يمكن) هو الفعل نفسه وليس الشخص، وإنما الشخص مفعول، وسواء قدم أو أخر فحكمه النصب، وحكم الفاعل الرفع.

ولا يشك أحد أن الياء في (يمكنني) مفعول مقدم، وكذلك الكاف في (يمكنك)، وكذلك الهاء في (يمكنه).
فإذا وضعت الظاهر موضع المضمر فحكمه النصب أيضا على المفعولية ولا فرق بين الظاهر والمضمر، فتقول: (يمكن محمدًا)، (يمكن فلانا)، (يمكن أحدا) ... إلخ.

أبو مالك العوضي
2007-11-28, 08:57 PM
من الأخطاء المكرورة أيضا عند المحققين:

تحريف ( مُرَتَّبَيْن ) إلى ( مَرَّتَين )، كأن يقال مثلا: (إن حدث كذا ثم كذا لم يقع الحكم إلا بهما مرتبين).

وقفتُ على هذا الخطأ في تحقيق (القواعد لابن اللحام)، و(الفروق للقرافي)، و(الصعقة الغضبية للطوفي).

أبو مالك العوضي
2007-11-28, 08:58 PM
ومن الأخطاء المشهورة أيضا عند المحققين وعند غيرهم من المؤلفين المعاصرين ضبط (اللحيين) بكسر اللام، ظنا منهم أن المراد بهما اللحية والشارب، وهو خطأ بين؛ إذ الشارب لا يسمى لحية، ولا يطلق عليهما اسم واحد تغليبا كباقي أنواع المثنيين، ولو فرض ذلك لكان ينبغي أن يقال لهما: اللحيتان، وهو ما لم يسمع ولعله لم يخطر على بال أحد.

والصواب ضبطها بفتح اللام، و(اللَّحْي) هو الفك، والإنسان له (فكان) وهما (اللَّحْيان).

ولعل الاشتباه أيضا دخل عليهم من رؤيتهم بعض الأعلام باسم (اللِّحْياني) بكسر اللام، فقد يُظن أنه منسوب إلى (لِحيان) على لفظ المثنى، وهو ظن واضح البطلان؛ لأنه لم يعهد عند العرب النسب إلى المثنى، وكذلك فالجمهور على أن النسب يرد الألفاظ إلى أصولها، وإنما زيدت الألف والنون هاهنا للتكثير والمعنى عظيم اللحية، كما يقال (رقباني) لعظيم الرقبة، ونحو ذلك.

أبو مالك العوضي
2007-11-28, 08:58 PM
ومن الأخطاء المكرورة أيضا ( .... ابن جرير عن عطاء ....)

وهو غالبا سهو من الناسخ أو من الطابع، والصواب (ابن جريج عن عطاء).

وهذا النوع من الأخطاء لا أحب أن أنبه عليه في المعتاد؛ لأنه في معظم الأحيان يكون سبق قلم، ولكن نبهت عليه هاهنا لأنه يتكرر عند المحققين، وقد يخفى على بعض القراء.

وقد وقع نحوُه في (لسان المحدثين) لشيخنا الفاضل (محمد خلف سلامة) وفقه الله، ونفعنا بعلمه.

أبو مالك العوضي
2007-11-28, 08:59 PM
ومن الأشياء التي ينبغي التنبيه عليها - وإن كانت ليست من محض الخطأ- قولهم:
(( أصابته حرفة الأدب ))، أو نحو ذلك من العبارات، ومنه قول الشاعر:
لقد علمت وما لي ما أعيش به ............. أن التي أدركتني حرفة الأدب

وأكثر المحققين يضبطونها بكسر الحاء (حِرْفة)، وهو ضبط له وجه صحيح، ولكن معظم القراء سيختلط عليه الأمر، فيظن المقصود بالحرفة الصناعة، ولا يدري أن ( الحرفة ) هنا معناها نقص الحظ، ومنه رجل محارَف أي خلاف مبارك.

والأفضل في مثل هذا الموضع ضبط الكلمة بالضم، وهو الضبط المشهور، وذلك لسببين:
الأول: ما أسلفتُه من أن أكثر القراء سيخطئ في فهم المراد.
الثاني: أنه ينفي الظِنة عن المحقق بأنه يجهل المراد أيضا.

وأمثال هذه النكتة كثير في ضبط الكلم، ومنها ما يجوز فيه وجهان أو أكثر، ومنها ما لا يجوز فيه إلا وجه واحد.

من ذلك ما يرد كثيرا في أشعار العرب -وخصوصا في الجاهلية- من الوصف بكلمة ( طفلة )، فكثير من المحققين يضبطها بكسر الطاء، وهو خطأ، والصواب ( طَفلة ) بفتح الطاء، وهي الرخصة الناعمة.
وحتى لو افترضنا أن فيها لغة بالكسر، فإن الأولى بمنهج التحقيق والمحققين أن تُضبط الكلمة بالفتح حتى يُعلم المراد.

والله أعلم.

أبو مالك العوضي
2007-11-28, 09:01 PM
= ومن الأخطاء المكرورة عند المحققين: ( جذاذ النخل أو الزرع )

وقد بحثت في الشاملة بحثا سريعا، فوجدت مثل هذا الخطأ قد تكرر كثيرا جدا، وراجعت بعض المواضع على المطبوع فوجدته مطابقا لذلك!
وسبب الخلط عند بعضهم اشتباه ذلك بقوله تعالى: { فجعلهم جذاذا }، وإنما ذلك للتقطيع والتكسير المبالغ، وليس كذلك الحصاد، وقد حكى بعض أهل العلم لغة الإهمال في نوادر اللغة، ولكن هذا لا ينفي الخطأ؛ لأن ضبط الكتب إنما يكون على اللغات المعروفة المشهورة، حتى لا ننسب إلى العلماء ما لم يقولوا به، إلا أن يظهر من القرائن والأدلة ما يفيد ضد ذلك.

والصواب ( جِداد ) بالدال المهملة، أو ( جِزاز ) بالزاي، ويُنظر في ذلك معجمات اللغة المختلفة، وكتب شروح الحديث، وكتب غريب الحديث أيضا.

وأكتفي هنا بنقل واحد مفيد لإمام العربية؛ قال:
(( وجاءوا بالمصادر حين أرادوا انتهاء الزمان على مثال فِعَال، وذلك: الصرام، والجزاز، والجداد، والقطاع، والحصاد )).

[الكتاب لسيبويه 4 / 12 - هارون]

أبو مالك العوضي
2007-11-28, 09:01 PM
= ومن أخطائهم المكرورة: ( استشكالهم ما ليس بمُشْكِل )

وهو مبحث طويل الذيل، كثير الفروع، وسببه غالبا قصور باع المحقق، وقلة اطلاعه، فيظن خطأ ما ليس بخطأ، ويحسب حسنا ما ليس بالحسن.

ومن الأمثلة المشهورة في هذا الباب:
ما يتكرر كثيرا في كلام أهل العلم من نحو (هذا الكتاب في ست مجلدات) أو (يقع في أربع مجلدات) أو نحو ذلك.

فيأتي المحقق فيقول في الحاشية:
(( هكذا بالأصل، والصواب "ستة" أو "أربعة"؛ لأن المعدود مذكر )) !

وقد يلبس لباس العلماء أحيانا فيقول:
(( ولعل المؤلف نظر إلى الجمع على رأي بعض )) !

ولا يدري المحقق أن المفرد مؤنث أصلا، وهو ( مجلدة )، وهو استعمال شائع عند العلماء، ولا يقتصر استعمالهم على (مجلد).

فزال الإشكال بالكلية، وتبين أن سبب المشكلة ما عند المحقق من قصور أو تقصير.

أبو مالك العوضي
2007-11-28, 09:02 PM
= ومن الأخطاء المكرورة عند المحققين : < تغيير (أولاً) إلى (أوْ لا) أو العكس (أوْ لا) إلى (أوّلا) >

ويحتمل أن يكون هذا التغيير من الطابع أو الناسخ، ولكن العهدة في جميع الأحوال تعود على المحقق، لا سيما إن لم يكن هناك قرينة تدل على أن الخطأ من غيره، ويعظم الإشكال إذا كان السياق محتملا للأمرين !.

وهذا مثال على ما سبق:

(( ....... لأن البصريين غير الأخفش يمنعون توكيد النكرة مطلقا، أفاد أولا ومن الكوفيين من يجيز مطلقا، أفاد أولا )).

والصواب في الموضعين (أوْ لا)، أي (أفاد أو لم يفد).

أبو مالك العوضي
2007-11-28, 09:03 PM
= ومن الأخطاء المكرورة أيضا عند المحققين، فيما يرد على ألسنة المحدثين والعلماء: لا يصلح العلم أو الحديث إلا لمن أقرح البن قلبه.

فترى بعض المحققين يغير كلمة (البُنّ) إلى (البُرّ)، وبعضهم يغيرها إلى (البَزّ).

والصواب هو (البُنّ)، وهو شيء من الكوامخ، إدام يطعمه الغرباء لفقرهم.

وقد نبه على هذا الخطأ: العلامة (أبو محفوظ الكريم المعصومي) في بحوثه وتنبيهاته ص 484 وما بعدها [ وقع في الفهرس الهجائي 784 خطأ !!]
ونبه عليه كذلك العلامة (عبد الفتاح أبو غدة) في صفحات من صبر العلماء ص 151

أبو مالك العوضي
2007-11-28, 09:03 PM
= ومن الأخطاء المكرورة أيضا تغيير ( قاله ) إلى ( قال )، أو العكس.

فإن من الأساليب المشهورة عند أهل العلم -وخاصة المتأخرين- أنهم يذكرون القول ثم يتبعونه بذكر قائله، كما تراه كثيرا في منار السبيل مثلا؛ (قاله في الكافي) (قاله في الشرح) .... إلخ.

ولكن أحيانا يكون ما بعد هذا الكلام يوهم أنه مقول القول، وتتحرف (قاله) إلى (قال)، فيصير مقول القول هو ما بعد (قال) لا ما قبلها، فينقلب المعنى رأسا على عقب !

وهذا الخطأ شديد الخطر جدا؛ لأن فيه نسبة القول إلى غير قائله، والقارئ النابه أحيانا ينتبه إلى مثل هذه الأخطاء، ولكنها أحيانا تكون مشكلة لا تظهر بادي الرأي.

ومن مُثُل ذلك ما جاء في كتاب الفروق للقرافي:

(( ..... فالرأفة أمر يهجم على القلب قهرا عند حصول أسبابها فيتعين الحمل [أي حمل الآية: ولا تأخذكم بهما رأفة] على الثمرة والآثار، وهو تنقيص الحد فيصير معنى الآية لا ننقص الحد. قال ابن عباس: ويكون من مجاز التعبير بالسبب عن المسبب )).

هكذا وقع النص في طبعتين مختلفتين للفروق !!
ومن الواضح أن كلمة (قال ابن عباس) خطأ وأن الصواب (قاله ابن عباس)؛ لأن جملة (ويكون من مجاز التعبير ... إلخ) لا يمكن أن تصدر عن ابن عباس، ولا عن أحد من الصدر الأول أصلا.

ومن الطريف أن كتاب الفروق قد حقق في رسائل علمية، وقد وقفتُ على هذه الرسائل ووجدت النص على الصواب فيها !!
ولم يشر المحقق إلى وجود اختلاف بين النسخ المخطوطة، وذلك يدل على أن الخطأ إنما هو من الطباعة، وليس من النسخ المخطوطة !!

وهذا الكلام يعيدنا مرة أخرى إلى ما ذكره الدكتور رمضان عبد التواب من أن معرفة أصول التحقيق والتثبت من صحة النصوص من أهم الأشياء لطالب العلم عموما؛ وليس خاصا بالقائمين على تحقيق التراث.

والله المستعان.

أبو مالك العوضي
2007-11-28, 09:04 PM
ومن الأخطاء المكرورة أيضا:

= ما يرد في كتب الأخبار عن المازني النحوي في قصته مع الواثق:
( ..... وتقدير "بَغِيّ" "بَغَوِيّ" ..... )

وأترك تصحيحه للإخوة من باب المطارحة، ولعله واضح.

أبو مالك العوضي
2007-11-28, 09:04 PM
ومن الأخطاء المكرورة أيضا:

= ما يستشهد به بعض العلماء على ثبوت الواو في (أبو) من باب الحكاية بما يروى عن علي رضي الله عنه: (وكتب علي بن أبو طالب).
فيأتي المحقق فيظن أن في الكلام خطأ، فيغيرها إلى (أبي).

وقد نبه على هذه الفائدة الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله، وذكر أن هذا الخطأ وقع في (تفسير ابن كثير).

قلت: وقد وقع في مصادر سابقة على ابن كثير كثيرا، مثل (تفسير مقاتل) و(المصنف) لابن أبي شيبة، و(المستدرك) الحاكم، و(صناعة الكتاب) لأبي جعفر النحاس، وغيرها.

والخطأ في هذه المسألة على نوعين:
- يسير، وذلك حين لا يكون في سياق الكلام ما يدفع ذلك.
- شنيع، وهو أن يكون سياق كلام المؤلف أصلا في الاحتجاج على ثبوت الواو في (أبو) على الحكاية !!

مازن أمين
2008-01-05, 12:26 AM
أخواني الفاضل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
قال الأخ الفاضل ( أبو مالك العوضي ) أن لفظة " لا يسع أحد " هي خطأ والصواب " أحدا " مع أن الأخ الفاضل ذكر في السطور التي تلتها : ولا يشك أحد أن الياء في (يمكنني) مفعول مقدم.
سؤالي هو : أرجوا تفصيل الإجابة أكثر ، ولماذا تم رفع أحد التي بعد كلمة يشك في كلامه السابق

مازن أمين
2008-01-05, 12:33 AM
أخواني الأفاضل أنا مازن أمين غير الأخ مازن أمين المسجل لديكم مع احرامي له ولكم ، لذا أردت التوضيح

أبو مالك العوضي
2008-01-05, 07:04 AM
وفقك الله يا أخي الفاضل

فرق كبير بين (يشك أحد) و(يسع أحدا)، فإن الفعل (شك) فعل لازم، والذي يشك هو الشخص نفسه، أما الفعل (وسع) فهو متعد، والذي يسع هو الشيء لا الشخص، فالبيت هو الذي يسعني، فالبيت فاعل و(أحد) مفعول في مثل قولنا: لا يسع البيت أحدا، فإذا قدمت البيت قلت: (البيت لا يسع أحدا).

أم الفضل
2008-01-05, 09:51 AM
بارك الله فيكم
_ ماالفرق بين المكرورة ، والمكررة وأيهما أصح؟
- هل الصحيح إثبات الكلمة الصواب من النسخ في صلب النص المراد تحقيقه ، والإشارة في الحاشية لما عداها من الخطأ، لأن بعض المحققين يعكس الأمر؟

مازن أمين
2008-01-05, 11:49 AM
بارك الله فيك أخي ( أبو مالك ) وجزاك الله خيرا

أبو مالك العوضي
2008-01-05, 02:54 PM
بارك الله فيكم
_ ماالفرق بين المكرورة ، والمكررة وأيهما أصح؟
- هل الصحيح إثبات الكلمة الصواب من النسخ في صلب النص المراد تحقيقه ، والإشارة في الحاشية لما عداها من الخطأ، لأن بعض المحققين يعكس الأمر؟

كرَّ الشيءُ: رجع، وكررت الشيء رجعته، يتعدى بنفسه، فالكرور بمعنى التكرار.
وكرّر: مضعف ما سبق، فهو يفيد التأكيد مثلا، فالمكرورة والمكررة صواب.

المحققون في هذه المسألة مدرستان:
- مدرسة الالتزام بالنص ولو كان خطأ، والتعليق في الحاشية.
- مدرسة التلفيق، بأن يوضع ما يكون أقرب إلى الصواب في المتن، مع الإشارة للأصل في الحاشية.
والأمر في ذلك قريب؛ والمهم البيان.

أم الفضل
2008-01-06, 10:35 AM
أحسن الله إليك

مازن أمين عثمان
2008-01-06, 09:21 PM
أخي الفاضل ( أبو مالك ) : قرأت موضوعا عن صفات الله تعالى وكان العنوان هكذا " السميع البصير نموذج " .
سؤالي حول كلمة " نموذج " بهذا الرسم هل تصحّ

علي الفضلي
2008-01-07, 07:00 AM
بارك الله تعالى في اللُّغوي أبي مالك ، وإن قلتُ : أحسنت ، فلم آت بجديد ، فلا أكاد أدخل موضوعا بل درة من دررك إلا استفدت ، فجزاكم الله خيرا .

مازن أمين عثمان
2008-01-14, 10:07 PM
أتمنى من استاذي الجليل ( أبو مالك ) أن يجيب سؤالي ، وجزاه الله خيرا

أبو مالك العوضي
2008-01-14, 10:30 PM
الأستاذ ( مازن )
حقيقة الأمر ليس لي علم بجواب سؤالك.

ذرة ضوء
2008-01-19, 02:27 AM
شكر الله لك ما أبديت، وفي انتظار ما أبقيت.
ولدي سؤال عن أفضل كتاب حول أصول التحقيق؟

أبو مالك العوضي
2008-01-19, 02:30 AM
يصعب الجواب عن هذا السؤال، ولا سيما ممن لم يقرأ كل كتب المعاصرين في هذا الشأن.
وعلى أية حال ينبغي للمحقق أن لا يعتمد على كتاب واحد؛ لأن أساس عمل لمحقق يعتمد على سعة الاطلاع.
وينظر هنا ( عدة المحقق ) :
http://www.wadod.net/list.php?cat=4

محمد يحيى البهجاتي
2008-04-02, 08:30 PM
السلام عليكم
الأخ أبو مالك العوضي
والله أنا أحبك في الله
وأشهد الله على محبة الصالحين-ولا أحسبك الا منهم_
ادع لي
والله المستعان والسلام

أبو يحيى الأركاني
2008-04-03, 07:57 AM
أخي الفاضل واصل إبداعك ودررك فآذننا لك صاغية وجزاك الله خيرا

ابو الحارث الانباري
2008-04-15, 11:04 PM
بارك الله فيك يا أبا مالك وأنار عقلك بالعلم والمعرفة

العالم المتعلم
2008-05-24, 01:39 PM
موضوع فائق الأهمية..
والتصحيف من المعضلات الكبيرة في تناول التراث.. نظرا لغياب المعلم المباشر..
تتبعت الموضوع.. ونرجو أن يجمع بعد في كتاب نستطيع تحميله..
شكرا جزيلا جدا

محمد محيسن
2008-05-28, 11:13 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
موضوع مفيد جدا !.
أخانا أبا مالك جزاك الله خيرا .
هل يجوز أن نقول المكررة بدل المكرورة ؟! ولماذا ؟ .

أبو مالك العوضي
2008-05-29, 12:10 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
نعم يجوز يا أخي الكريم؛ (كرَرت الشيء) بالتخفيف و(كرَّرته) بالتثقيل للتأكيد .

عبدالله السلمي
2008-06-12, 08:06 PM
بارك الله لك في علمك وعملك ونفعك الله بما علمت ونفع بك ورزقنا وإياك الإخلاص أخي الفاضل أبا مالك
ولعلي أشير - وأترك لأخبي أبي مالك التفصيل _ إلى ما جاء في تفسير ( يا حسرة على العباد ) - سورة يس - من تفسير الشيخ السعدي - رحمه الله وأجزل له الثواب_
فأظن أنه حدث تصحيف في بعض النسخ .
أترك لأهل العلم توضيحه

أبو مالك العوضي
2009-07-09, 05:08 AM
هذا إن كان عجيبا، فأعجب منه أن يقول المؤلف: (وذلك أنها [أي الباء] مرة تكون زائدة مثل قوله تعالى: {تنبت بالدهن} على قراءة من قرأ تنبت بضم التاء وكسر الباء من أنبت ... )

ومع ذلك يضبطها المحقق ( تَنبُت )!!!

ولست أدري أي بيان أبين من هذا الذي ذكره المؤلف؟!

أبو مالك العوضي
2009-07-09, 05:09 AM
ومن الأخطاء المكرورة ما يقع للمحققين من الإشكال في كلمة ( لنا ) .

فهذه الكلمة يستعملها المتأخرون على عادتهم في الاختصار، والمقصود بها ( مما يُستدل به على صحة قولنا كذا وكذا ).

والخلل في هذه الكلمة يظهر للناظر من علامات الترقيم الخاطئة التي يضعها المحقق، كهذا المثال من الفروق للقرافي إذ قال:
(( فهذا القسم الثالث لا يكون عندهم صدقا ولا كذبا ولا يحتملهما مع أنه خبر فيصير الحد غير جامع عندهم فيكون فاسدا لنا.
قوله عليه الصلاة والسلام { كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع } فجعله إذا حدث بكل ما سمعه كاذبا ))

والصواب أن يكون:
(( ... فيكون فاسدا.
لنا قوله .... )) إلخ. أي دليلنا قوله ... إلخ.

ومثاله أيضا من ألفية العراقي قوله:

وإن يحدث من وراء ستر .............. عرفته بصوت او ذي خبر
صح، وعن شعبة: لا ترو. لنا .............. (إن بلالا) و(حديث أمنا)


فقول شعبة (لا ترو) فقط وانتهى الكلام، ثم يبدأ العراقي فيقول: لنا -أي دليلنا- حديث (إن بلالا يؤذن بليل)، وتحديث أمنا عائشة من وراء الستر.

وهذا يشبه طريقتهم أيضا في كلمة ( ثالثها )، كأن يقال: ( وهل يجوز كذا؟ ثالثها كذا وكذا )، والمقصود بها: ( في هذه المسألة ثلاثة أقوال: القول الأول يجوز، والقول الثاني لا يجوز، والقول الثالث كذا وكذا ).

وهذه الاختصارات مشهورة أهل العلم من المتأخرين، ولكنها تشتبه على المحققين الذين لم يعتادوا تلك التعبيرات.

وقد تشتبه هذه العبارات أيضا على بعض كبار المحققين إذا كان جل عملهم على كتب المتقدمين، أو على الكتب الأدبية التي تخلو من هذه العبارات، (كما حصل مع محققي المزهر للسيوطي)، وهذا يدلك على أهمية التخصص.

أبو مالك العوضي
2009-07-09, 05:09 AM
= ومن الأخطاء المكرورة عند المحققين ( التخريج المتسرع للآيات القرآنية ):

فيأتي المحقق مثلا فيخرج قوله تعالى: {لعلكم تعقلون} من سورة البقرة، مع أن المؤلف يتحدث عن سورة الأنعام !
ويخرج قوله تعالى: {فعال لما يريد} من سورة هود، مع أن المؤلف يتكلم عن البروج !
ويخرج قوله تعالى: {أولئك على هدى من ربهم} من سورة البقرة، مع أن المؤلف يتكلم عن سورة لقمان !
ويخرج قوله تعالى: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا} من سورة الإسراء، مع أن المؤلف يتكلم عن سورة الفرقان.

وغير ذلك كثير من الآيات التي تتكرر أو يتكرر جزء منها بنصه في آيات متعددة.

والسبب في هذا الخطأ التسرع في استعمال البرامج الحاسوبية التي تساعد في البحث ؛ فيأخذ المحقق النتيجة الأولى مباشرة فيضعها في بحثه من غير تأمل في الموضع الذي يتحدث عنه المؤلف.

أبو مالك العوضي
2009-07-09, 05:09 AM
ومن الأخطاء المكرورة عند المحققين:
الاعتماد على ما شاع عند ضبط الألفاظ دون تكلف النظر في كتب اللغة.

وإن المحقق إذا ترك اللفظ غفلا من غير ضبط ، أمكن أن يُلتمس له عذر؛ كأن يقال: إن اللفظ واضح، أو لعله معروف عند طلبة العلم، أو لأن الرجوع إلى معجمات اللغة سهل.

لكنْ أن تُضبط الكلمة بضبط خاطئ، ليس له وجه إلا الاعتماد على ما شاع دون تثبت، فإن هذا لا يليق بالمحقق ، وكان الأولى به أن لا يضبط اللفظ مطلقا.

كمثل من يضبط ( عَنوة ) بضم العين ، و ( حَساء ) بكسر الحاء ، و ( شَغاف ) بكسر الشين ، و ( حرَص ) بكسر الراء ، و ( رُِضوان ) بفتح الراء ، و ( قِنديل ) بفتح القاف ، و ( كذَب ) بكسر الذال ، و ( رجَعنا ) بكسر الجيم ، و ( يهرُب ) بفتح الراء ، و ( يأمُل ) بفتح الميم ، و ( يهلِك ) بفتح اللام ، و ( تراجِم ) بضم الجيم ، وغير ذلك كثير.

وأعجب من هذا أن يشير في مقدمة الكتاب إلى ذلك عند ذكر منهجه في التحقيق؛ كقول بعض الفضلاء:

"راعيت قواعد الإملاء الحديثة في الكلمات المخالفة ؛ مثل ( مشايخ )، فكتبتها ( مشائخ )".

والصواب ( مشايخ ) كما هو معروف ؛ الياء أصلية .

أبو مالك العوضي
2009-07-09, 05:09 AM
ومن الأخطاء المكرورة - وخاصة في الرسائل العلمية - ضعف الاستقراء عند بيان منهج المؤلف ومذهبه:

فتجد المحقق في مقدمة الكتاب يرى أن المؤلف بصري المذهب في النحو مثلا، ويستدل على ذلك بأن المؤلف استعمل مصطلحات (الظرف) و(اسم الفاعل) و(ضمير الشأن) وغيرها من مصطلحات البصريين !!

أو يرى أن المؤلف كوفي المذهب في النحو، ويستدل على ذلك بأنه نقل عن الفراء، أو وافق الكسائي، أو استعمل كلمة (الخفض) وغيرها من اصطلاحات الكوفيين !!

وسبب فساد هذه الطريقة أنها لم تبن على الاستقراء، وإنما بنيت على مسائل مفردة مأخوذة اعتباطا، والحكم الصحيح ينبغي أن يكون مبنيا على الاستقراء.

نعم.. لو استقرى المحقق جميع المسائل التي ذكرها المؤلف في جميع كتبه ثم وجدها جميعا توافق هذا المذهب، لكان كلامه صحيحا، ولكن الواقع غير هذا.

وكذلك ينبغي ملاحظة العصر الذي يوجد فيه المؤلف؛ فإن مسألة اختلاف الاصطلاحات بين الكوفيين والبصريين يمكن أن تدل على المذهب في الصدر الأول، أما عند المتأخرين فقد صارت هذه الاصطلاحات مشاعا يستعملها العلماء على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم.

فهذا شبيه بالمحقق الذي يرى المؤلف مثلا يرفع خبر (ما) فيقول: هذا المؤلف من بني تميم !!
أو يرى المؤلف مثلا يستعمل (ذو الطائية) فيقول: هذا المؤلف من بني طيء !!

أو يرى شيخ الإسلام وافق الظاهرية مثلا في قول فيقول: شيخ الإسلام ظاهري !!
أو يرى ابن حزم مثلا يحتج بالقياس ردا على المخالف فيقول: ابن حزم يقول بالقياس !!
أو يرى البخاري مثلا يروي عن بعض الخوارج فيقول: البخاري خارجي !!

ومثل هذا كثير، وانظر هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=86836

وإذا كانت الأمثلة السابقة واضحة، فليس كذلك الأمر دائما، ولذلك فلا تستغرب إن رأيت بعض هذه الأخطاء عند عالم كبير أو محقق نحرير.

والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.

أبو مالك العوضي
2009-07-09, 05:10 AM
نقل الأزهري في تهذيب اللغة عن أبي بكر بن الأنباري قوله :

(( والفرق بين ألف القطع وألف الوصل أن ألف الوصل فاء من الفعل وألف القطع ليست فاء ولا عينا ولا لاما، وتدخل عليها الألف واللام التي هي للتعريف، تقول: الأبوان والأزواج، وكذلك ألف الجمع في السَّتَه. )).

وتتابع العلماء على نقل هذا الكلام عن الأزهري بنحوه، كما في لسان العرب، وتاج العروس.

ولقد تعجبت جدا من صنيع المحققين في هذه الكتب الثلاثة التي هي أشهر المعجمات العربية على الإطلاق، فما وجدت واحدًا منهم أشار مجرد إشارة إلى ما في الكلام من خلل، فضلا عن أن يصحح ما فيه، مع أن الكلام واضح كالشمس أنه لا يستقيم.

وبقيت على هذا مدة لا أستطيع إقامة العبارة، ولا معرفة محل الخلل فيها، مع كثرة التأمل وتقليب أوجه النظر، حتى وقفت على رسالة ابن الأنباري في الألفات، فإذا فيها حل الإشكال والحمد لله.

قال ابن الأنباري :

(( وكان أبو جعفر محمد بن سعدان، وخلف بن هشام البزار يلقبان ألف القطع ألف الأصل، وليس ذلك بصحيح عندنا، من قبل أن ألف الوصل [كذا في الأصل، وصحح في حاشية المخطوط] هي التي تكون فاء من الفعل وألف القطع ليست فاء من الفعل ولا عينا ولا لاما، وما هذا صفته فهو زائد غير أصلي )).

فابن الأنباري هنا يفرق بين (ألف الأصل) و(ألف القطع)، وهو تفريق قديم لم يشتهر عند المتأخرين، فألف الأصل عند ابن الأنباري هي التي تكون من بنية الكلمة مثل ألف (أتى)، وألف القطع هي التي لا تسقط في الدرج ولكنها لا تكون من بنية الكلمة مثل ألف (أكرم).
وهو تفريق اصطلاحي، وكلاهما عند المتأخرين تسمى ألف القطع.

وأما عن التحريف في ختام العبارة، فسببه جمع ما تفرق من كلام ابن الأنباري؛ لأنه قسم كلامه عن الألفات إلى (ألفات الأفعال) ثم (ألفات الأسماء)، فكلامه السابق الذكر كان عن ألفات الأفعال، ثم بعد أكثر من عشر صفحات !! تكلم عن ألفات الأسماء.

قال عن ألفات الأسماء:

(( وألف القطع في الأسماء المجموعة تعرف بحسن دخول الألف واللام عليها .... وتدخل عليها الألف واللام، فتقول الأوزان، وكذلك ألسنة والألسنة، وأبيات والأبيات، وأثواب والأثواب )).

فظهر أن كلمة (الستة) تحريف (ألسنة).

وخلاصة ما سبق أن الإشكال في الكلام المنقول عن ابن الأنباري سببه أمران:
- الأول: تحريف (الأصل) إلى (الوصل) وتحريف (ألسنة) إلى (الستة)
- الثاني: جمع ما تفرق من كلامه في موضعين متباعدين.

والله تعالى أعلم.


http://majles.alukah.net/showthread.php?p=152556

أبو مالك العوضي
2009-07-09, 05:10 AM
ومن الأخطاء المكرورة عند المحققين أن المحقق يحكم على رجال السند حتى على المتكلم نفسه !!

فيأتي إلى سند صحيح متصل إلى الواقدي من قول الواقدي نفسه، فيقول: السند ضعيف جدا لأن الواقدي متهم !
ويأتي إلى سند لا مغمز فيه إلى الكلبي من قول الكلبي نفسه، فيقول: لا يصح؛ لأن الكلبي متروك !
ويأتي إلى سند إلى ابن إسحاق من قوله فيقول: إسناده حسن للخلاف في ابن إسحاق !

ومثل هذا كثير جدا.

أبو مالك العوضي
2009-07-09, 05:10 AM
ومن الأخطاء المكرورة عند المحققين والمؤلفين أيضا:

= عدم التحاشي من التناقض:

ويتصور وقوعه عندما يكون بين مسألتين من مسائل العلم ارتباط وتلازم، ثم يقع اختلاف بين العلماء في المسألة الأولى وكذلك في المسألة الثانية، فيختار المحقق أو المؤلف قولا في المسألة الأولى وقولا في المسألة الثانية ولا ينتبه لوقوع التناقض بين القولين.

- مثاله ما ذكره بعضهم أن عيسى بن عمر النحوي توفي سنة 149هـ، وأن سيبويه ولد سنة 148، ومع ذلك يقول: إن عيسى بن عمر من شيوخ سيبويه!!

وهذا الأمر لا يخلو منه إنسان؛ لأن النقص ملازم للبشر.

أبو مالك العوضي
2009-07-09, 05:11 AM
ومن الأخطاء المكرورة عند المحققين الخلط بين (ذا) و(ذي) التي بمعنى صاحب نصبا وجرا، وبين (ذا) و(ذي) اللتين للإشارة بمعنى (هذا) و(هذي).

قال الشيخ حافظ حكمي رحمه الله في سلم الوصول:

وسم ذا النوعَ من التوحيد .............. توحيد إثبات بلا ترديد


ضبطها بعضهم بكسر عين (النوع)؛ لأنه حسب أن (ذا) بمعنى صاحب، والصواب أنها بمعنى (هذا).


وقال السفاريني رحمه الله في الدرة المضية:

بأن ذي الأمةَ سوف تفترق ......... بضعا وسبعين اعتقادا والمحق
ما كان في نهج النبي ......


ضبطها بعضهم بكسر (الأمة)؛ لأن ظن أن (ذي) بمعنى صاحب، والصواب أنها بمعنى (هذي).

والله أعلم.

عبد الله الحمراني
2009-07-09, 02:24 PM
ومن الأخطاء المكرورة عند المحققين أن المحقق يحكم على رجال السند حتى على المتكلم نفسه !!

فيأتي إلى سند صحيح متصل إلى الواقدي من قول الواقدي نفسه، فيقول: السند ضعيف جدا لأن الواقدي متهم !
ويأتي إلى سند لا مغمز فيه إلى الكلبي من قول الكلبي نفسه، فيقول: لا يصح؛ لأن الكلبي متروك !
ويأتي إلى سند إلى ابن إسحاق من قوله فيقول: إسناده حسن للخلاف في ابن إسحاق !

ومثل هذا كثير جدا.
ومن نحو ذلك ما وقع لأحد المحققين!! أنه لمَّا وجد في النص المحقق: (ابن لبون) علَّق عليها في الحاشية: صحابي مشهور لم نقف له على ترجمة. ولما وقف على (بنت لبون) علق عليها في الحاشية: صحابية مشهورة لم نقف لها على ترجمة.

أبو بكر العروي
2009-07-10, 11:29 AM
ومن نحو ذلك ما وقع لأحد المحققين!! أنه لمَّا وجد في النص المحقق: (ابن لبون) علَّق عليها في الحاشية: صحابي مشهور لم نقف له على ترجمة. ولما وقف على (بنت لبون) علق عليها في الحاشية: صحابية مشهورة لم نقف لها على ترجمة.

أضحك الله سنك يا شيخنا الفاضل.
لم يرض هذا المحقق أن جعل العجماوين في عداد الصحابة حتى جعلهما من مشاهيرهم، ورغم شهرتهما لم يقف لهما على ترجمة!!
والله ما لأدري ما أقول، ويحضرني الآن قول جرير:

وابن اللبون إذا ما لُزّ في قرن ***** لم يستطع صولة البزل القناعيس

أبو جهاد الأثري
2010-06-23, 09:46 AM
وفقكم الله، وجزاكم خيرا

ومن الأخطاء المكرورة التي تدل على بُعْد كثير من المحققين عن التحقق من علوم العربية:

(( ..... ولا يمكن أحدٌ أن يفعل كذا .... ))

هذه العبارة أو نحوها وردت في كتب كثيرة من كلام علمائنا الأجلاء، وترى المحقق ينص في الحاشية على أن الأصل ( أحدًا )، ومع ذلك يصلح الكلمة بالرفع ويضعها في صلب الكتاب، وكأن هذا الموضع وهم فاحش لا وجه له !
مع أن العبارة لا تحتمل الرفع أصلا، وليس للكلام وجه إلا النصب قولا واحدا؛ لأنه مفعول !

وبعض المحققين الفضلاء غير العبارة وقال في الحاشية:
(( في جميع النسخ: أحدا )) !!

وبعضهم يغير دون أن يشير وكأن هذا الخطأ لا يحتاج إلى بيان لوضوحه !



بارك الله فيك ونفع بك، ألا يمكن أن تكون العبارة : (( ..... ولا يُمَكَّنُ أحدٌ أن يفعل كذا .... ))؟

والسياق هو الحاكم، وأنت لم تذكره هنا.

أبو مالك العوضي
2010-06-23, 09:50 AM
وفقك الله وسدد خطاك

لم أذكر السياق لأني أحلت على عبارة شائعة في كلام أهل العلم، بخلاف العبارة التي تفضلت بذكرها.

أبو وائل الجزائري
2010-06-23, 10:47 AM
ومن الأخطاء المكرورة أيضا:

= ما يرد في كتب الأخبار عن المازني النحوي في قصته مع الواثق:
( ..... وتقدير "بَغِيّ" "بَغَوِيّ" ..... )

وأترك تصحيحه للإخوة من باب المطارحة، ولعله واضح.
أحسب التحريف أتى من ضبط هذه الكلمة حسبما توهمه من قرأ هذه الكلمة إذ انصرف ذهنه الى النسب كما في نسبة في الامام البَغَوِي , وخبر المازني هو في بيان أصل كلمة(بغيّ) ووزنها ,فهو يذهب الى أن أصلها:بَغُويٌ أي هي على وزن فَعُول,ثم أدغمت الواو في الياء,وغيره كابن جنّي يرى أن أصلها:بغِييٌ على وزن فَعيل ثم أدغمت الياء في مثلها,وابن جني يخطئ مذهب المازني ويقول:لو كانت فعولا لقيل: بَغُوٌّ.والله اعلم.
ينظرمعنى هذا, تفسير الكشاف تفسير سورة مريم عند قول الله تعالى( لاهب لك)

القارئ المليجي
2010-06-23, 11:52 AM
الأخ "أبو وائل الجزائري"
إلى أن يدخل أبو مالك، أقول لك: أصبت - بارك الله فيك.
أنا قرأت هذا الموضوع الشائق من أوله، ولا زلت أبحث عن جواب ما أثاره أبو مالك، إلى أن جاءت إفادتك.
بوركت.

أبو وائل الجزائري
2010-06-23, 03:40 PM
وفيك بارك الله استاذي الفاضل المليجي هذا من فضل الله سبحانه.

القارئ المليجي
2010-06-29, 01:02 PM
نرجو أن يواصل الأستاذ الفاضل أبو مالك .. فالأخطاء المكرورة لا تنتهي، والله المستعان.
أستأذن في إضافة بعض الأخطاء المكرورة تنشيطًا للصفحة:
1- في ترجمة المفضل بن سلمة بن عاصم (صاحب كتاب الفاخر) يزيد بعض المتأخرين والمحققين كلمة: "الضبي".
وهو ليس ضبّيًّا، وليس في ترجمته عند المتقدمين هذا النسب.
وإنما الضبي: المفضل بن محمد صاحب المفضليات.
وقد نبه على هذا محقق كتاب الفاخر.
أمَّا عن من زاد في نسبه: "الضبي"، فمصنفون ومحقِّقون، يراجع مثلاً:
سير أعلام النبلاء ج 14 الطبقة السابعة عشر رقم 211 ، 212. ت أكرم البوشي.
وفيات الأعيان ت: د/ إحسان عباس رقم 579.

أبو مالك العوضي
2010-06-29, 01:06 PM
جزاك الله خيرا على الفائدة.
ويشبه هذا أيضا ما يتكرر كثيرًا في كتب البلاغة:
(( قال عوف بن محلم الشيباني:
إن الثمانين وبلغتها .......... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان))
والصواب أن هذا البيت لعوف بن محلم الخزاعي الشاعر العباسي المتوفى 220 هـ، أما عوف بن محلم الشيباني فهو جاهلي.
وقد كنت أتوقع أن ينبه على مثل هذا الخطأ الشيخ عبد المحسن العسكر في ( إصلاح الإيضاح ) لكنه لم يفعل.

أبو مالك العوضي
2010-09-18, 03:17 PM
ومن الأخطاء المكرورة أيضا عند المحققين: تغيير (بن) إلى (عن) والعكس، وكذلك تغيير (من) إلى (بن).

والأول تراه كثيرا في التحقيقات الحديثية.

وأما الثاني فقد رأيت منه مثالا طريفا؛ إذ قال المحقق:
(الحارث بن حلزة بن بكر بن وائل بن أسد بن ربيعة بن نزار)

والصواب (من) في الموضعين.

والله تعالى أعلم.

أبو مالك العوضي
2010-09-18, 03:18 PM
= ومن الأخطاء المكرورة والمشهورة جدا عند المحققين:

أن يرد في النص لفظ يحتاج إلى شرح وبيان للمراد به في السياق خاصة، إلا أنك ترى المحقق يعلق عليه تعليقا لغويا مجردا لا يسمن ولا يغني من جوع ! وكثيرا ما يكون بعيدا عن معنى اللفظ نفسه فضلا عن المراد بالسياق.

فمثلا إذا جاء في الكتاب قول امرئ القيس:
وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش* ............. إذا هي نصته ولا بمعطل
يقول المحقق: الفحش القول السيء، وقد فحش يفحش فحشا وتفاحش، والاسم الفحشاء !!

وإذا جاء قول لبيد:
وجلا السيول عن الطلول كأنها ............. زبر تجد* متونها أقلامها
يقول المحقق: جد في أمره يجد أي اجتهد، والجديد ضد القديم !

وإذا جاء في النص: (والله لو غيرُك يقول هذا لأعضضته*)
يقول المحقق: عضه وعض عليه أمسكه بأسنانه وشده بها !

أبو مالك العوضي
2010-09-18, 03:18 PM
ومن الأخطاء المكرورة عند المحققين: خفاء المقصود بـ ( ابن علية )

فترى هذا الاسم يرد كثيرا في كتب الأصول والفقه، فيعلق عليه المحقق بترجمة (إسماعيل بن علية).

لأن المشهور بهذا الإطلاق هو الإمام المحدث إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المشهور بإسماعيل بن علية.

والصواب أن المقصود هو ابنه ( إبراهيم بن علية ) وهو فقيه متكلم أصولي؛ لكنه معروف بالتجهم والأقوال الشاذة؛ وكانت له مناظرات مع الشافعي؛ لذلك ترى ابن عبد البر وغيره لا يعتد بخلافه عند حكاية الأقوال، وقد صرح ابن عبد البر باسمه في بعض المواضع من الاستذكار وغيره.

وقد وقع هذا الخطأ أيضا لبعض العلماء؛ فقد جاء في مراقي السعود:

وابن علية يرى للصوري ............ كالقيس للخيل على الحمير

ذكر الشارح أنه (إسماعيل بن علية)، وكذلك وقع أيضا في بعض كتب الأصول، والصواب أنه (إبراهيم) كما سبق.

فالخلاصة أنك حيث وجدتَ ذكر (ابن علية) في الأقوال الفقهية والأصولية فهو الابن (إبراهيم بن علية) وحيث وجدته في الأسانيد والرجال فهو الأب (إسماعيل بن علية).

وهذا يذكرنا بضرورة مراعاة اختلاف الفنون عند اشتباه أسماء الأعلام المنتسبة إليها؛ فمثلا إذا وجدت ذكر أبي حنيفة مطلقا في كتب اللغة فهو الدينوري، وأما في الفقه فهو النعمان المعروف، وإذا وجدت الليث في كتب الحديث فهو ابن سعد أو ابن أبي سليم، أما في اللغة فهو الليث بن المظفر تلميذ الخليل، وإذا وجدت الفارابي في كتب اللغة فهو أبو إبراهيم صاحب ديوان الأدب، أما الفيلسوف المعروف فهو أبو نصر، وهكذا.

والله أعلم.

أبو مالك العوضي
2010-09-18, 03:19 PM
= يرد كثيرا في كلام العلماء أمثال قولهم ( وقد اعترض على كذا بكذا وكذا ، وأجيب بكذا )

وبعض المحققين يضبطها بضم الباء (أُجِيبُ) ؛ على أن الكلام منسوب للمتكلم بصيغة المضارع المبني للمعلوم.

والمعروف أن مثل هذا بفتح الباء (أُجِيبَ) بصيغة الماضي المبني للمفعول.

والله أعلم.

القارئ المليجي
2010-09-18, 04:22 PM
وهذا يذكرنا بضرورة مراعاة اختلاف الفنون عند اشتباه أسماء الأعلام المنتسبة إليها؛ فمثلا إذا وجدت ذكر أبي حنيفة مطلقا في كتب اللغة فهو الدينوري، وأما في الفقه فهو النعمان المعروف، وإذا وجدت الليث في كتب الحديث فهو ابن سعد أو ابن أبي سليم، أما في اللغة فهو الليث بن المظفر تلميذ الخليل، وإذا وجدت الفارابي في كتب اللغة فهو أبو إبراهيم صاحب ديوان الأدب، أما الفيلسوف المعروف فهو أبو نصر، وهكذا.
والله أعلم.
جزيت خيرًا يا أستاذنا.
وإذا وجدت الليث في كتب القراءات فهو أبو الحارث الليث بن خالد يروي عن الكسائي.
وكذلك وإذا وجدت نافعًا المدني في كتب الحديث فهو مولى ابن عمر.
وإذا وجدت نافعًا المدني في كتب القراءات فهو ابن عبد الرحمن بن أبي نعيم.
وقد سمعتُ واحدًا من المُحاضرين يذكر الإمام نافعًا القارئ فيقول، وهو الذي يقع في أصح الأسانيد: مالك عن نافع عن ابن عمر .. !

التلميد
2010-10-28, 02:10 AM
لا تنس حفظك الله مواصلة هذا الموضوع و تدوينه وطبع ما نجز منه ففيه من الخير ما لا يعلمه إلا الله
وخصوصا لنا معشر الطلاب ،وأحيطك علما أني دائما أقف عند بعض الهوامش متأكدا من عدم صوابه فأضع نقطة استفهام مخافة أن أصلحها وآتي بأطم منها
كنت قبل الأمس أطالع العلل في النحو لأبي الحسن الوارق ت381 هـ
فعلق المعلق على هذا البيت المكتوب بهذه الصورة:
فلاَ زاَلَ قبر بين بصرى وجاسم *** عليه من الوسمي خود(1) ووابل
فقال الوسمي مطر الربيع الأول: الخود الحسنة الخلق والشابة الناعمة.
فتعجبت وقلت ياساتر نقطة طلعت فوق عن محلها غيرت (كده) ص 276
واليوم كنت أطالع شرح ناظر الجيش ج 1ص 324 فأورد هذا الشاهد:
على جرداء يقطع أبهراها *** حزام السرج في خيل سراع
فعلق أحد الفضلاء تعليقا لعلك تنظره (فقد استنوقت) فالله الله حفظ الله

أبو الوليد بن عبد الرحمان
2017-04-20, 08:22 PM
لا تنس حفظك الله مواصلة هذا الموضوع و تدوينه وطبع ما نجز منه ففيه من الخير ما لا يعلمه إلا الله

وقريب من ذلك أيضا ماوقع في تحقيق الشيخ علي بن أحمد الرازحي لكتاب "الموقظة" للحافظ الذهبي رحمه الله.

فقد وردت هذه العبارة من كلام المؤلف : "وأشباه ذلك من المتروكين، والتلقي، وبعضهم أضل من بعض.(3)" (ص 37 من الموقظة).

فعلق المحقق في الهامش بما يلي - متعقبا أبا غدة في تحقيقه للكتاب - :
(( (3) هكذا العبارة في المخطوط وغَيَّرها أبو غدة إلى : ( وأشباه ذلك من المتروكين و الهلكى، وبعضهم أفضل من بعض.).
أما كلمة "التلقي" الذي يظهر أن صوابها "الهلكى" والله أعلم)).

والذي يظهر لي هنا أن صواب كلمة "التلقي" هو "التلفى" جمع تالف وهي من ألفاظ الجرح في الحديث.

والله أعلم.