تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تكون مؤلفا ؟ للذكور والإناث



إبراهيم اليحيى
2010-06-10, 10:57 PM
كيف تكون مؤلفا، للذكور والإناث؟ سؤال كبير ولكن قبل الإجابة عليه أود القول إنه من المعلوم بحسب الاستقراء أسرع وسيلة لأن يخرج لك إنتاج فكري معين هي إما أن تكون شاعرا فتتكون عبر الزمن القصير مجموعة قصائد تهذبها وتغربلها وتنشرها في ديوان شعر، أو تكون من المكثرين لقراءة الأدب وخاصة القصة والرواية فتنتج لنا قصة قصيرة أو طويلة أو مسرحية أو رواية، وسواء هذا أو ذاك فأنت وإن كنت معدودا ضمن أصحاب الإنتاج الفكري والعلمي إلا أنه في الغالب سيكون عدد النسخ التي تطبعها محدودا والقراء لإنتاج معدودين ثم يذوب العمل كما يذوب الملح في الماء، وهو على كل حال محسوب لك، لكنه يفتقد أشياء علمية كثيرة أولها أن الأكابر لا يقرأون لك ثانيها أن غالب هذه الأعمال ذات نكهة موسومة بالبساطة والسطحية إن لم يكن صاحبها على إطلاع واسع. ثم ليس كل منا شاعر أو قاص أو روائي فأين يذهب البقية من أصحاب التخصصات الأخرى؟.
وإذا قضى المرء عمره في القراءة سيطول به الزمان حتى يخرج لنا نصا يصنف ضمن الأعمال الإنتاجية أيا كان شكلها، ولا أبالغ إذا قلت إن لدي الحل السحري في أن تنتج وأنت في مرحلة مبكرة من عمرك.
ومن المعلوم أن أشكال الإنتاج الفكري والعلمي كثيرة وكثيرة جدا، فالتأليف المحض شكل من أشكالها لكن التأليف يدخل من ضمنه الشرح والاختصار والتهذيب والتصنيف والجمع والإعداد والتحشية والتعليق والتحقيق.
ولعل السؤال الكبير أعلاه: كيف تكون مؤلفا ؟ الموجه للرجل والمرأة والصغير والكبير والموظف والمتقاعد.
إجابته: أن تكون محققا للتراث، فإن تراثنا المخطوط يحتاج لجهود كبيرة ليخرج للناس محققا تحقيقا علميا رصينا.
ولعل سائل يسأل: لماذا أحقق التراث؟
الإجابة: سؤال وجيه، وإليك فوائد تحقيق التراث:
1 ـ إخراج تراث الأمة، للإفادة منه في حاضرها ومستقبلها.
2 ـ قربة إلى الله بعد انقطاع العمل (أو علم ينتفع به).
3 ـ سعة الإطلاع؛ فإن المحقق الجيد والجاد لابد له أن يدرس العمل دراسة وافية وبرجوعه للمصارد يستفيد هو أولا ثم يفيد الآخرين.
4 ـ دعاء المستفيدين لمحقق التراث حال حياته وبعد وفاته.
5 ـ بقاء ذكره بعد وفاته بعشرات السنين بل مئات السنين، لأن العلم رحم بين أهله.
6 ـ لذة وحلاوة تحقيق التراث لن يذوقها أو يتذوقها إلا من عايشها ويعايشها.
7 ـ إضافة للمحقق بأن يكون هذا النوع من الإنتاج ضمن سيرته الذاتية.
8 ـ إرغام الأكابر على قراءة تحقيقك ليس لأن اسمك على الغلاف بل لأنك تقدم نصا تراثيا يستحق العناية من أهله، فبالتالي أنت تقدم نفسك للأكابر.
9 ـ صرف الأوقات في ما ينفع ويفيد.
10 ـ تتأهل بعد زمن من التحقيقات بالأعمال البحثية المحكمة، والتأليف المحض.
هذا ما حضرني على عجالة بخصوص الهدف من تحقيق التراث، ولابد لي أن أشرح لك المراد بالتراث والآلية المنهجية المناسبة للمبتدئ ولكن في الحلقة القادمة إن شاء الله إن كان هناك ما يدعو لها

فوزى محمد أمين ملطان
2010-06-14, 04:15 PM
جزاك الله كل خير

محمد العيسى
2010-06-14, 04:36 PM
اكمل فنحن في أشد الحاجة..بارك الله فيك

إبراهيم اليحيى
2010-06-22, 05:10 PM
جزاكم الله خير.

الحلقة الثانية: وأقدم اعتذاري على التأخير.
قبل الشروع فيها أود إخباركم أن هذه الحلقات ستكون خلاصتها ويضاف إليها غيرها مشروع بعنوان (كيف تحقق مخطوطا) للمبتدئين. عسى أن يرى النور في معرض الرياض القادم 1432هـ.
التتمة:
تحقيق المخطوط أو تحقيق التراث:
التحقيق في اللغة: ضبط الشيء وإحكامه، ومنه ثوب محقق إذا كان مُحكم النسج.
التحقيق في الإصطلاح: ضبط النص وإحكامه كما أراده مؤلفه، أو أقرب ما يكون إلى ذلك.
المخطوط: كل ما خط باليد قبل أو بعد عصر الطباعة، وأحيانا الكتب المطبوعة طباعة حجرية أو طبعة قديمة نادرة تعامل معاملة المخطوط في التحقيق. ويجوز في المخطوط التذكير والتأنيث وفي الكتاب الواحد يلتزم المرء نسق واحد إما يذكر أو يؤنث.
التراث: كل ما ورثته من علوم ومعارف مكتوبة على وعاء، وتراثنا يقسم إلى أقسام:
1 ـ التراث الشرعي: وله النصيب الأوفى في التحقيق والعناية.
2 ـ التراث اللغوي: وهو يلي الشرعي في التحقيق والعناية.
3 ـ التراث الأدبي والتاريخي: وهو دون الذي قبله، ويراد به كتب الأدب على وجه العموم وكتب التواريخ. أما كتب التراجم والرجال فهي تلحق الفن المناسب لها، وكتب الطبقات التي ليست لها فن تندرج تحت هذا القسم من التراث.
4 ـ التراث العلمي: وهو دون الدون، ويراد به الفنون العلمية التطبيقية والبحتة، كالطب والصيدلة والفلك والرياضيات والهندسة والكيمياء والفيزياء ....إلى آخر القائمة.

تسلسل عمل المحقق:
1 ـ استحضار النية الصالحة في أن تزيل عن نفسك الجهل وتنفع الآخرين بنشر العلم والمعرفة.
2 ـ تختار مخطوطا: ولهذا شروط:
أ ـ أن يكون عدد أوراق المخطوط الذي يعد باكورة تحقيقاتك لا يتجاوز العشر ورقات وإن تجاوزها فلا يكون بعيدا.
ب ـ التخصص الذي ترغب الإنخراط فيه أو تحقيق أحد مخطوطاته، لا يكون بالتشهي بل لا بد أن تكون متخصص في المجال الذي ترغب التحقيق فيه أو على الأقل تكون عارفا ومحبا للتخصص ولديك من تستشيره من أهل الذكر في تخصصك.
ج ـ القاعدة المقررة عند أهل هذا الشأن ـ أعني مقعدي علم التحقيق ـ أن يبدأ المرء بتحقيق الأصول قبل الفروع والمتون قبل مختصراتها ويقولون: الأهم ثم المهم. هذا نعم مع المنتهي مناسب جدا، لكن مع المبتدئ لا بد أن نحور القاعدة ونقول: المبتدئ عليه أن يحقق المخطوطات المتأخرة وهي في الغالب فروع ويحرص المبتدئ على تحقيق نسخة المؤلف وتكون واضحة وكاملة الأركان كي لا يقع في أعباء المقابلة فيترك المجال بسبب تقعيد معقد.
3 ـ تتأكد هل المخطوط الذي تنوي العمل عليه محقق أم لا، وبإمكانك مطالعة كتاب أستاذنا عصام الشنطي (أدوات تحقيق النصوص) المصادر العامة مع سؤال أهل الاختصاص والبحث في الشبكة العنكبوتية، لعلك تخرج بنسبة 90% من المعلومة هل حقق أم لا.
4 ـ تبدأ بنسخ المخطوط من أوله إلى آخره كلمة كلمة.
5 ـ إضاءة النص: يراد بها الكتابة الحديثة لرسم الكلمات، ووضع علامات الترقيم المناسبة، وبعضهم يزيد في ذلك فيجيز وضع التبويب والفصول بين معقوفتين وهو عندي غير مناسب على الأقل على المبتدئ. لا بد أن نكرس في ذهن المحقق فكرة أن للنص المحقق احتراما بالغ الأهمية.
6 ـ التعليق على النص: ولي في هذا الحقل موضوع مطول نسبيا حول التعليق على النص ومدارسه، ولعلي أشير هنا للتعليق على النص بحسب التوجه الذي أميل إليه حاليا.
التعليق على النص يشمل:
ـ تحقيق الآيات القرآنية أي عزوها إلى السورة ورقم الآية وهذه مما يتسامح فيها فتكون داخل النص.
ـ تحقيق الأحاديث من خلال تخريجها التخريج المناسب لها وبحسب الكتاب المحقق، وأنسب التخريجات المتوسطة وهي ذكر راوي الحديث إن لم يذكر في المتن وذكر المصدر الأصلي ودرجة الحديث إن كان في غير الصحيحين ورقمه في الكتب المنضبطة الترقيم.
ـ تحقيق الأبيات الشعرية: وهذا يذكر نسبة البيت لصاحبه وموقعه من ديوانه بذكر اسم القصيدة.
ـ تحقيق الكلمات الغامضة: وهذا كل كلمة غامضة من واجب المحقق أن يذكر بيانها في الحاشية أسفل. بلد أو زي أو آلة أو بناء أو خلاف ذلك. تذكر المصدر والجزء والصفحة إلا إذا كان الكتاب مرتب على المواد فإنك تذكر الكتاب والمادة فقط.
ـ تحقيق الأعلام: والأعلام ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
أ ـ أعلام مشهورون فهؤلاء لا يعرف بهم ولا كلمة قولا واحدا.
ب ـ أعلام مغمورون فهؤلاء يعرف بهم قولا واحدا. ويكون ذلك بإيجاز شديد مع ذكر المصدر الجزء والصفحة لمن أراد المزيد. وتكون المادة مع اسم العلم تاريخ وفاته، وكل كتاب يحكمك طريقة التعريف.
ج ـ أعلام بين بين وهذا التقدير راجع للمحقق نفسه، فهؤلاء منزع الخلاف وعلى كل حال لو عرف بهم بإيجاز شديد لعل ذلك يكون من خدمة النص.
7 ـ دراسة النص: ولي في هذا الحقل موضوع مطول، لعلي أدرجه هنا باختصار شديد على شكل نقاط:
ـ مقدمة يسيرة كتمهيد للقارئ. ويذكر فيها أهمية الكتاب وقيمته العلمية وماذا يضيف إلى معلوماتنا.
ـ الدافع وراء نشر هذا الكتاب. ويلحق بها إن وجد من ألف قبل المؤلف في نفس المجال الدقيق.
ـ ترجمة المؤلف إن كان من غير المشاهير تطول ويسلط الضوء على الجانب الذي يتناوله الكتاب، وإن كان من المشاهير فيترجم له باختصار مع تسليط الضوء على الجانب الذي يتناوله الكتاب والإحالة لطالب المزيد.
ـ منهج المؤلف.
ـ مصادر المؤلف.
ـ نسخ الكتاب الذي اعتمدت عليها في التحقيق إن كان عملك على أكثر من نسخة، أما إن كان عملك على نسخة واحدة بخط المؤلف فما عليك ألا أن توصفها توصيف دقيق جدا بحسب قواعد فهرسة المخطوطات للمنجد.
ـ المنهج الذي اتبعه المحقق في عمله.
ـ إرفاق نماذج لصور المخطوطات التي تم بناء العمل عليها.
8 ـ الكشافات: هي التي اشتهر أمرها بالفهارس وهناك فرق بين مصطلح الكشاف والفهرس بينه استاذنا الدكتور كمال عرفات نبهان في كتابه الماتع (تكشيف نصوص التراث العربي والأجنبي) والكشافات تبين عن كنوز النص المحقق فكم من كلمة أو علم تريد معرفته في كتاب ما لا تستطيع العثور عليه بيسر وسهولة وسرعة إلا عن طريق الكشافات.
9 ـ المصادر و المراجع: ولها طريقتان إما ترتب بحسب العناوين وهذا الشائع عندنا، وإما ترتب بحسب المؤلفين وهذا عليه غالب المستشرقين ولهم وجهة نظر معقولة نوعا ما وهي أن الكتب الكثيرة تجمع تحت مؤلف واحد، وأن هذا النوع من الترتيب كنوع تكريم للمؤلف نفسه باعتباره مدخلا.
وأي الترتيبين سلكت عليك أن تتنبه للإحالات أثناء التعليق على النص فإن كانت الطريقة الأولى وهي ترتيب المصادر والمراجع على العناوين فإنك تذكر الكتاب والجزء والصفحة أو الكتاب ومادته، وإن كانت الطريقة الثانية وهي ترتيب المصادر والمراجع على المؤلفين فإنك تذكر اسم المؤلف مختصرا وعنوان كتابه مختصرا أيضا والجزء والصفحة أو المادة.
10 ـ فهرس المحتويات وهذا لا يستهان به فهو في غاية الأهمية، وبعضهم يجعله في البداية والأكثر والأشهر في النهاية، ولم أرى مخطوطا في نهايته فهرس للموضوعات وإنما أكثر مخطوطات المنسوخة بأخرة قد وضعت فهارسها في البداية. ويفضل أن يدرج المحقق على ما درج عليه أسلافه الذين عاصر بعضهم.


بعد هذا السرد يسرني استقبال الأسئلة حول التحقيق ومشاكله نفع الله بالجميع.