المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله



أم محمد الظن
2010-05-26, 07:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



تفريغ محاضرات

فك الوثاق

بشرح كتاب الرقاق

فضيلة الشيخ

أبي إسحاق الحويني

حفظه الله
[1]

ترجمة الإمام أبي عبد الله البخاري وثناء شيوخه عليه.

_____________________________

إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
______________________________ ______
أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه في أول كتاب الجزية والموادعة من حديث جبير بن حية -رحمه الله- قال:" ندبنا عمرُُ بن الخطابِ -رضي الله عنه- إلى غزو كسرى، وأمَّر علينا النعمان بن مقرِّن، فلما وصلنا إلى أرض العدو خرج علينا عاملُ كسرى في أربعين ألفًا وقال لترجُمانِهِ: ليكلمني أحد منكم، فقال له المغيرةُ بن شعبه -رضي الله عنه- سل عما شئت، قال ما أنتم؟ _ولم يقل لهم من أنتم احتقارًا لهم_ فقال المغيرة نحن ناسٌ من العرب كنا في بلاءٍ شديد وشقاءٍ شديد، فبينما نحن كذلك إذ بعث رب السماوات والأرضيين تعالى ذكره وجلت عظمته رسولاً من أنفسِنا نعرفُ أباه وأمه فدعانا إلى عبادة الله -سبحانه وتعالى- قال: كنا نلبَس الشعر ُوالوبر ونعبدُ الشجرَ والحجر حتى أتانا رسول ربِنا تعالى ذكرُهُ وجلت عظمته فدعانا إلى الله -سبحانه وتعالى- وأمرنا أن نقاتلَكُم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية، وأخبرنا نبينا -صلى الله عليه وآله وسلم- عن رسالة ربنا -تبارك وتعالى- أن من مات منا دخل جنةً لم ير مثلها قط، ومن عاش منا ملك رِقَابَكُم"
من آخر كلام المغيرة -رضي الله عنه- آخذ الخيط في هذه الحلقة التي أجعلها مقدمة بين يدي شرحي لكتاب الرقاق من صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري _رحمه الله تعالى ورضي عنه_.
مشكلتنا الكبيرة هي ضعف الانتماء. نحن أمة ولادة، ليست هناك أمةٌ من الأمم على الإطلاق فيها من نباهة الرجال وصدق انتمائهم مثل ما لأمتنا.
تلخيص المغيرة القضية كلها وتبين دور الأمة وما بعثت له.
لخص المغيرة القضية كلها وبين دور هذه الأمة وأنها بعثت لتعم عبادة الله -عز وجل- الأرض، وأنه لا يجوز أن يرفع رأسه في الأرض إلا هذه الأمة التي وحدَّت ربها -عز وجل- وأن الكافر لا يجوز أن يرفع رأسه لأنه لا يستحق أن يأكل وأن يشرب من هذا الخير الذي جعله الله -عز وجل- بين يديه إما أن يدفع الجزية صاغرًا وإما أن يعبد الله -تبارك وتعالى.
هذه الرجولة والرجولة معنى كبير ليست مرادفاً للذكورة، إن بعض النساء فيه من صفات الرجولة ما ليس عند الذكور.
الرجولة:نباهةٌ وفداءٌ ونجدةٌ ونبلٌ ومروءة.
كان الصحابة الأوائل الذين قاموا بهذا الدين رجالاً كما وصفهم الله -عز وجل-﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾.... (الأحزاب23) وفي مسند الإمام أحمد -رحمه الله- بسندٍ صحيحٍ وصححه بن حبان وغيره من حديث جابر -رضي الله عنه- قال( ظل رسول الله ﷺ عشر سنين يدعو الناس إلى الله ويتتبع الناس في بيوتهم وفي المواسم –أي في مواسم الحج- يقول من يؤويني ومن ينصرني حتى أبلِّغ رسالة ربي وله الجنة؛ حتى إن الرجل ليخرج من مُضَرَ فيأتيه قومه فيقولون له احذر غلام قريش لا يفتنك، وكان يمشي بينهم يدعو إلى الله -عز وجل- يشيرون إليه بالأصابع –أي احتقارًا له- كما قال الله تعالى ﴿ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾(القلم51).
( يُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ )أي ينظرون إليكم النظر الشظر احتقارًا ويقولون إنه لمجنون.
قال جابر -رضي الله عنه- (حتى بعثنا الله -عز وجل- إليه من يثرب، فأتيناه فآمنا به وصدقناه، وكان الرجل منا يسمع منه الكلام فينقلب إلى أهله فيتلوه عليهم فقلَّ بيت من بيوت المدينة –طيبة- إلا وفيه نفر من المسلمين يظهرون الإسلام، ثم إإتمرنا جميعًا وكانوا سبعين رجلاً فقلنا إلى متى يُطرد النبي ﷺ فيه جبال مكة ويُخاف. _هذا معنى الرجولة: إلى متى يطرد وإلى متى يخاف_ فواعدناه شعب العقبة فلما وافوه في موسم الحج، قالوا يا رسول الله علام تبايعنا؟ قال: تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر ولا تخافون في الله لومة لائم، وإذا أتيت إليكم تمنعوني مما تمنعون منه نساءَكُم وأبناءَكُم ولكم الجنة؛ فقام أسعد بن ظُرارة –وكان أصغر السبعين- فقال: هلم، قال: للذين معه على رسلكم، فوالله إنا لم نضرب إليه آباط المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله ولكن إخراجه هو مفارقة العرب كافة وقتل خيارِكم وأن تعضَكُم السيوف فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك وإما إذا آنستم منكم جبنًا فيبنوا فهو أعذر لكم.
المراد بكلام أسعد بن ظُرارة-رضي الله عنه-:
يقول إن تبني هذه الدعوة معناها أننا سنفارق العرب وسنقاتل العرب فيقتل خيارنا وأن تمسنا السيوف، إما أنكم رجال تصبرون على ذلك ولكم الجنة، وإذا خشيتم من أنفسكم جبنًا فبينوا من الآن حتى يكون أعذر لكم عند الله -عز وجل- أي لا تقل أنا رجل ولست برجل لا تقل أنا أستطيع وأنت غير مستطيع.
( فلما قال أسعد ذلك قالوا أمط عنا يدك يا أسعد فوالله لا نقيل هذه البيعة ولا نسليها فقمنا إليه فأخذ علينا وشرط ويعطينا على ذلك الجنة)
أمتنا أمة ولادة، نحن أمة متخصصة في صناعة الرجال، نحن أمة جنباتها ملآنة بالمواهب فما الذي جرى؟! إننا نسمع اليوم أصوتًا ينعق أصحابها بسب السلف الأوائل، وتحقيرهم وإظهارهم كأنهم قوم لا يفهمون.
يحدث فضيلة الشيخ ,عن برنامج رآه في بعض القنوات الفضائية عن الإمام البخاري عنوان الحلقة (النقل والعقل)
قبل أن آتي إلى هنا كنت عند بعض إخواني فرأيت في بعض القنوات الفضائية برنامجًا يعني لم يستغرق نظري إليه أكثر من خمس دقائق ثم انصرفت عنه، في هذه الدقائق الخمس كان الحوار عن الإمام البخاري، وكانت الحلقة فيما يبدو عن النقل والعقل،.
فأورد المتحدث مسألتين، وتكلم عن البخاري وأن ليس كل كلام جاء في البخاري نسلم به..
المقطع الأول من كلامه كان يتعلق بحديث المسور بن مخرمة وهو مروان بن الحكم في صلح الحديبية،.
هذا حديث رواه الإمام البخاري -رحمه الله- في هذا الحديث لما جاء عروة بن مسعود الثقفي وكان إذ ذاك كافرًا وكان فيه مفاوضات بديل بن ورقاء جاء قبل عروة بن مسعود وفاوض النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال له ما قالت قريش، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال لبديل نحن ما جئنا لقتال وإن شاءت قريش ماددتهم مدة أخرى على أن يخلوا بيني وين البيت، بيني وبين الناس، وإلا والله لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرج سالفتي –أي صفحة العنق- سأقاتلهم ولو لم يبق معي أحد، ولو قاتلت أنا وحدي، سأقاتل على هذا الأمر؛ قال بُديل: سأبلغهم ما قلت؛ ثم جاء الدور على عروة بن مسعود الثقفي، قبل أن ينطلق عروة جاء أشراف قريش، قال لهم: ألستم بالوالد –أنتم مني بمنزلة الوالد- قالوا بلى، قال: ألست بالولد-أنا منكم بمنزلة الولد- قالوا بلى، قال هل تتهمونني، قالوا لا، قال دعوني حتى أذهب إليه، فجاء عروة بن مسعود الثقفي إلى النبي ﷺ وهو جالس مع أصحابه وفيهم أبو بكر -رضي الله عنه- فبدأ عروة كلامه متنفخًا متبجحًا قال: يا محمد إنها واحدة من ثنتين سيحدث حرب وقتال بينك وبين قومك، فهل رأيت أحدًا اجتاح قومه قبلك؟ وإن كانت الأخرى فوالله ما أرى حولك إلا أوباشًا خليقًا أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر أنحن نفر وندعه! انصص بظر اللات، فلما سمع عروة هذا الكلام انزعج فهذا سب بليغ لآلهتهم فقال من هذا؟ قال النبي ﷺ إنه ابن أبي قحافة، فقال عروة له لولا أن لك علي يدًا لأجبتك انتهى الكلام .
رأى عروة أعجب من العجب.
جيء بوضوء، النبي -عليه الصلاة والسلام- يتوضأ، رأى عروة أعجب من العجب، ما سقطت قطرة ماء على الأرض، الصحابة يتلقفون بقايا وضوءه ﷺ ما تنخم النبي ﷺ نخامة فوقعت في يد رجل إلا دلك بها وجهه وجلده، ولا يرفعون الصوت عنده، ولا يحدون النظر إليه تعظيمًا له، رأى عروة هذا المنظر فرجع إلى قومه –
أن تستحضر الآن طريقة كلامه الأولى، كما قلت جاء متنفخًا من مركز قوة، قريش منعته عن الوصول إلى البيت وحبسته-
رجع عروة إلى قريش ورفع التقرير التالي:[ قال يا قوم والله لقد وفدت على الملوك وفدت على كسرى وقيصر والنجاشي فوالله ما رأيت أصحاب ملك يعظمون مليكهم كتعظيم أصحاب محمدٍ محمدًا، فوالله ما سقطت قطرة ماء على الأرض، ولا تنخم نخامة فوقعت في يد رجل إلا دلك بها وجهه وجلده، ولا يحدون النظر إليه تعظيمًا له، ولا يرفعون الصوت عنده، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها].
من قليل كان يقول لمحمد _صلي الله عليه وسلم _ ما أرى حولك إلا أوباشا أي لا تتكثر بهم فإنهم أوباش من رعاع الناس وسقطتهم فلا تتكئ عليهم فلما رأى هذا المنظر علم أن أمثال الذين يتقاتلون على نخامته ﷺ لا يسلمونه أبدًا حتى تخرج الروح.
اعتراض المتكلم علي الحديث وسبب تكذيبه له:
اعتراض المتكلم، يقول بأي شيء نقدم الإسلام إلى الناس نخامة! هذا شيء يقرف، تقع النخامة في يد رجل يدلك بها وجهه وجهه وجلده! هذا شيء يقرف ! هذا الحديث مكذوب .
لماذا كذبه؟
لأنه لم يذق طعم الحب الذي ذاقه الصحابة ومن ذاق عرف، ويا لائمي لو كان قلبك عند قلبي لعذرتني.
ثم ضرب_ فضيلة الشيخ_ مثلاً في دنيا الناس.
مثلا في دنيا الناس الآن الأم لما أبنها الصغير يلفظ الطعام من فمه, ومع ذلك تأكله الأم ولا تشعر بهذا القرف الذي يتكلم عنه هذا المتكلم. الإنسان العاشق، الإنسان المحب لا يسيره إلا مراضي من يحب، كل شيء يأتيه من حبيبه فهو حسن، لا يرى في حبيبه عيبًا إذا كانت محبته كاملة، فمن رأى في حبيبه عيبًا فمحبته معلولة،.

أم محمد الظن
2010-05-26, 07:47 PM
أكثر الذين يعترضون على أحاديث النبي ﷺ بلا كتاب منير ولا بينة واضحة.
فيعترض بمثل هذا، لكنه كما قلت لا ذاق ولا عرف. إن أكثر هؤلاء يعترضون على أحاديث النبي ﷺ بلا كتاب منير ولا بينة واضحة وليس عندهم من الأصول العلمية التي كانت عند علمائنا ما يتكئون عليه في تسديد الفهم، لم يقرءوا بل لعل واحد من هؤلاء لا يحسن أن يقرأ في كتاب الله آية على الوجه الذي نزلت به
الحديث الثاني - الذي كذبه: وقال هذا مكذوب حديث عمرو بن ميمون- قال:" رأيت الرجم في الجاهلية –قبل أن يسلم- رأيت قردة زنت، فاجتمعت القرود ورجمتها ورجمتها معهم" يقول هذا الكلام مكذوب, لأن الرجم في بني آدم وليس في الحيوانات وليس في القرود،.
القصة هكذا أوردها الإمام البخاري مختصرة، لكن هذه القصة أوردها –أبو بكر الإسماعيلي- في مستخرجه على البخاري من طريق آخر عن عمرو بن ميمون مطولة.
الشاهد:
هل يمكن لإنسان أن يتصور أن البخاري -رحمه الله- مع ما رزقه من الفهم العالي جدًا كما سيمر بنا وسترون إن شاء الله -عز وجل- العجب العاجب من تبويبات البخاري ومن فهم الإمام البخاري لأحاديث النبي ﷺ هذا الإمام الذي عقدت عليه الخناصر وصار كلمة إجماع وصار اسمه مع مدار القرون كالشمس في رابعة النهار يجهل أن الحيوانات غير مكلفة!؟
في أي موضع روى البخاري هذا الحديث؟
هل أورده في كتاب الحدود مثلاً في باب الرجم؟
حتى يُقال أورده في باب الرجم إذاً هو يرى أن القرود لما رجمت كانت مكلفة! لا.
أين وضع البخاري هذا الحديث في صحيحه،؟
وضعه في كتاب مناقب الأنصار تحت تبويب باب القسامة في الجاهلية.
ما قصد البخاري قط أن يقول إن القرود رجمت لأنه لو أراد هذا المعنى لوضعه في كتاب الحدود باب الرجم. الإسناد صحيح لأنه ورد من طريق آخر.
المتكلم يقول:مهما كان الإسناد صحيحًا فالمتن فيه علة، ماهي العلة؟ قال: القرود غير مكلفة.
الشيخ حفظه الله يعقب علي تكذيب المتكلم لحديث عمر بن ميمون:
صح الإسناد إلى عمرو –إلى القائل-إذاً قال هذا القول، لأنه صح الإسناد إليه، فعمرو بن ميمون قال هذا الكلام، يبقى في رؤية عمرو نفسه، إذا أخطأ عمرو بن ميمون في توصيف القصة لا يُقال الحديث كذب ، إنما يُقال أخطأ عمرو بن ميمون فقط، تكذب من؟ عمرو بن ميمون الصادق الأمين، رجل أمانته في الذروة وضبطه كالمسمار في الساج، نقل كلامًا أو نقل منظرًا رآه بعينيه، أتقول هو كذاب، لا يحل لك أن تقول ذلك إذا ثبت السند إليه أنه قال هذا الكلام، لكن ممكن تقول غلط عمرو بن ميمون لكن لا تقول الحديث كذب، ولا تقول البخاري فيه أحاديث مكذوبة، إنما تقول غلط عمرو بن ميمون،.
هل عمرو بن ميمون غلط؟ وهل هذا التابعي الجليل كان يجهل أن الرجم موضوع عن الحيوانات وأنه لا يكون إلا في المكلفين؟
لا لكن المنظر الذي رآه عمرو رأى فيه شبهًا بما يكون عند بني آدم فلا قصد زنا ولا قصد حدًا، هذا هو الموضوع ونحن نعرف أن القرد شبيه ببني آدم في كثير من حركاته، حتى قال القائل أن الإنسان أصله قرد , عندما تنظر إلى القرد تجد حركاته وأكله وشربه يمشي على رجلين مثل بني آدم وإن كان لا يسير مسافة طويلة، له أصابع مثل بني آدم، يأكل ويقشر الأكل مثل بني آدم بالضبط.
وعلماء الحيوان يقولون: أن عند القرد من الغيرة على العرض مثل بني آدم ويقولون أن القرد إذا تزوج لا يعدو إلى امرأة أخرى أو إلى قردة أخرى فيه مواصفات.
تفصيل قصة القردة :
عمرو بن ميمون رأى أن القصة الذي لا يعرفها في تفصيل أبو بكر الإسماعيلي يقول إن كان فيه قرد عجوز وزوجته قردة شابة نائمة على ذراعه جاء قرد شاب بصبص لها_ وأصل البصبصة تحريك الذيل فانسلت برفق وخفة من على ذراع القرد العجوز وذهبت مع القرد الشاب،.
يقول عمرو بن ميمون فواقعها وأنا أنظر .
بعدما قضت مأربها قامت رجعت بخفة ,ووضعت رأسها على يد القرد العجوز، فعندما أحس القرد برأسها على ذراعه وشمها صرخ، جعل يصرخ ويشير إليها، قال فأتت القرود بالقرد الذي واقعها وأنا أعرفه، حفروا لهما حفرة في الأرض وظلوا يرجموهم بالحجارة إلى أن ماتوا، هذا الذي رآه عمرو بن ميمونة وهو حق وصدق، هذا توصيف عمرو لأن هذا رجم، .
ما هو رجم الزاني المحصن ؟
الرجم الذي اتفق عليه علماء المسلمين من أهل السنة والجماعة:
إذا زنا وثبت عليه الزنا بالطرائق الشرعية المعروفة يحفر له وللزانية معه حفرة إلى نصف الجسم، لا يظهر إلا بعض الصدر والرأس ثم يُرجم بالحجارة حتى يموت، هذا الرجم الذي اتفق علماء المسلمين من أهل السنة والجماعة على إثباته بالأدلة الصحيحة الكثيرة، فعندما تنظر إلى حقيقة الرجم عند بني آدم وإلى حقيقة ما رآه عمرو بن ميمونة تستطيع تقول هذا رجم،.
لكن ما قصد عمرو زنا ولا قصد حداً، إنما هذه مسألة شبه.
البخاري لا يعترض عليه باتهام، خذا مثل هذا الزخم في الفضائيات وفي الإذاعات وفي الجرائد والمجلات هذا الزخم كثير جدًا أناس يعترضون وليس عندهم حجة بينه. إذا كان الكلام يمكن تأويله على وجه صحيح فلا يرد وهذا كلام معروف عند أهل العلم.
يقول الشيخ _ حفظه الله_ أمتنا أمة عظيمة ولادة ومنها_ الإمام البخاري-
قصدي إخواننا أن أمتنا أمة عظيمة ولادة، من هذه الأمة ذاك الإمام –الإمام البخاري- وقبل أن أدلف وأدخل على كتاب الرقاق أنا أريد أن أبين من هو البخاري، إن أكثر الناس يعرف لقبه ولا يعرف اسمه فضلاً عن حياة البخاري، و حياة البخاري لا أستطيع أن أسهب فيها، أنا ترجمت للبخاري قبل ذلك من حوالي ثلاث سنوات في مسجد ترجمة مسهبة استغرقت ثماني ساعات –ثمان مجالس- في ترجمة الإمام البخاري وأنا ما أسهبت وما أخذت راحتي في الكلام، فأنا لا أستطيع بطبيعة الحال أن أتوسع ذاك التوسع الكبير في ترجمة البخاري، لكن لعل الترجمة قد تستغرق منا الحلقة القادمة أيضًا، وما بأس بذلك فإن هذا فيه شحذ للهمم،.يعرف قدر عمل المرء بجلالة العامل، كلما كان العامل جليلاً كبير القدر كان الذي يخرج منه على مثل وزنه،.

على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ


وتأتي على قدر الكرام المكارمُ

السبب الذي من أجله سيذكر الشيخ _حفظه الله_ ترجمة الإمام البخاري.
وأقول هذا تحفيزًا للشباب وتحفيزًا لطلبة العلم ليعلموا أن الزود عن دين الله -عز وجل- لم يكن في عصر نحن في أمس الحاجة إليه كهذا العصر الذي قُنِنَ فيه المروق والزندقة والكفر والفجور، وتصدر الآن قوانين في جنبات الأرض أن لكل إنسان أن يتكلم بما يريد، يقولون هذه حرية رأي، لا تحجب رأيي، أنا أقول و إن لم يعجبك رد، إنما لا تمنعني، و هذا فيه من الخلل والخطل ما لا يخطر لك على بال، هذا فيه تضييع الدين كله، وتضييع مكارم الأخلاق لأن كل إنسان يتكلم بما يريد، كيف يتكلم بما يريد، لا يجوز لأحد أن يتكلم إلا بحق، أن يتكلم كلامًا صوابًا، عندما نرجع إلى السلف الأوائل ونضرب المثل بهم بعض الناس يمتعطون ويشمئز:
حتى قال قائلهم يومًا وقد ذكر بعض الصحابة: قال[ هؤلاء أعراب يبولون على أعقابهم.]فهل رأيت أناس ينظرون إلى أصحاب نبيهم ﷺ بمثل هذه النظرة؟
إلى أمثال هؤلاء أقول وأضرب المثل الآتي:
عندما نضرب المثل بالصحابة وأنا إنما أضربه على سبيل الاستئناس وإلا فالحجة عندي قائمة بسير السلف الصالحين وعندهم من الهمة العالية ما أقول لولا أن الإسناد صحيح لكدت لا أصدق، لكن صح الإسناد إليهم وسنذكر نماذج من هؤلاء الصحابة والتابعين والعلماء.لكن هناك صنف من الناس عندما تضرب له المثل بالكافرين يخضع ويمكن أن يقتنع، فأنا عندما أضرب المثل أقصد به هؤلاء.
سبب ضياع الدنيا و أي ملة أو مذهب.
مالذي ضيع الدنيا؟ الذي يضيع أي ملة أو مذهب؟ ترك الانتماء، الانتماء أساسه الحب، صدق الانتماء هو طوق النجاة حتى نخرج من هذه العثرة التي نعيشها الآن.
تناقلت المجلات العلمية هذا الخبر، لكن قبل ذكر الخبر ذكر الكاتب الذي ترجم هذه المقالة الكلام الآتي قال: أرسلت اليابان بعثات إلى أوروبا، وأرسل العرب بعثات إلى أوروبا في نفس التوقيت، فتقدمت اليابان ولا زال العرب يركبون ظهر السلحفاة.
فما هو السر؟

أم محمد الظن
2010-05-26, 07:48 PM
سرد الشيخ _حفظه الله _ لقصة أوساهير الياباني ليدلل بها على أن صدق الانتماء طوق النجاة:
ذكرأن طالبًا اسمه "أوساهير" خرج من اليابان إلى ألمانيا ليدرس علم المحركات. يقول أوساهير لو استمعت إلى نصائح أساتذتي الألمان لما خرجت بشيء- ذهب ليحصل علي الدكتوراه في المحركات- يقول: عندما ذهب للجامعة أعطوه كتب نظرية وما أدخلوه معملاً من المعامل، يقول أن أي صناعة الوحدة الأساسية فيها –أي صناعة لها وحدة أساسية و هي الموديل- هذا المحرك كيف يعمل؟ لا أدري ما وحدته الأساسية؟ لا أدري.طالب يحضر دكتوراه على نفقة الدولة له راتب، أخذ راتبه في هذا الشهر، ذهب إلى معرض محركات إيطالي، اشترى محرك 2 حصان استوعب راتبه كله. اشترى المحرك كان ثقيلًا جدًا، ذهب به إلي السكن، قال وضعته أمامي على المنضدة وأنا أنظر إليه كأنه تاج من الجوهر وأقول لو استطعت أن أفك لغز هذا المحرك لغزونا أوروبا، كان الذي يعنيه منذ خرج "محنة اليابان" بعد الحرب العالمية ما حدثت وانكسار الإمبراطورية اليابانية وتوقيع معاهدة الاستسلام أمام الحلفاء وكان منظرًا لا ينساه أبدًا أهل اليابان هذا الانكسار "توقيع وثيقة الاستسلام" ثم حرمان اليابان من الصناعات العسكرية وإطلاق يدها في الصناعات السلمية. هذا الشاب كان يتجرع آنذاك مرارة الهزيمة، كل الذي كان يعنيه هو مجد اليابان، ما قصد لا دكتوراه ولا قصد أن يصير شيئًا في البلد. كان لهم أستاذ في البعثة، أتي بالمحرك ووضعه على المنضدة وجلس يفكر كيف يفكه كيف يفهمه أنزل خرائط المحركات، درسها دراسة جيدة، بدأ يفك الإطار الخارجي –جسم المحرك من الخارج- وبدأ يرسم كل قطعة يفكها من المحرك ويعطيها رقمًا –كي يعرف يركبها مرة ثانية فك المحرك كله وركبه كله وشغله اشتغل، قال كاد قلبي أن يتوقف من الفرح. استغرقت هذه المسألة منه ثلاثة أيام، ذهب إلى أستاذه في البعثة وقال له أنا فعلت كذا وكذا، قال له حسنًا هناك محرك عطلان، إن كنت فعلاً اجتهدت وفهمت اعرف لي سبب عطل هذا المحرك ، أخذ المحرك، فكه فوجد إن به تروس متآكلة بدأ يشتغل يدوي بالمطرقة والمبرد بدأ يعمل تروس، ركب التروس، قام بتشغيله اشتغل. أخذت هذا الأمر منه عشرة أيام، نسي أن عنده دكتوراه، المجد الشخصي نسيه لأن عنده هم كبير اسمه اليابان المهزومة. فأستاذه الذي كان بمثابة الأب الروحي له قال له يجب أن تلتحق بمصانع صهر النحاس والحديد والألومونيوم، التحق بهذه المصانع، وكان يخدم العمال، لأنه يريد أن يأخذ منهم علم. مع أنه من أسرة ساموراي –لها مجد في اليابان- لكن طالما المسألة تتعلق بمجد اليابان أنزل تحت النعال. ظل في المصنع ثمان سنوات يعمل في مصانع صهر الحديد والنحاس والألومونيوم. الميكادو -رئيس اليابان أو رئيس الطائفة - سمع بجد هذا الطالب بعث له خمسة الآف جنيه إسترليني. كان يحلم أن ينشئ مصنعًا للمحركات على أرض اليابان، عندما أخذ الخمسة آلاف لم يشتري شيئاً لنفسه, لأن عنده هم كبير، هذا الهم أنساه همه الخاص، اشترى معدات مصنع بالخمسة الآف جنيه إسترليني؛ لكن بقيت مشكلة: من أين يأتي بأجرة الشحن ,انتظر أول الشهر، أخذ راتبه وبعض المدخرات عنده ودفع أجرة شحن هذا المصنع. عندما نزل على أرض اليابان الميكادو بعث له، قال له أريد أن أراك، فقال له أنا لا أستحق أن تراني حتى أنشئ مصنعًا على أرض اليابان. قابل الميكادو,بعد تسع سنوات كاملة يعمل في دأب وصمت مع مجموعة معه وبعد تسع سنوات أخذ عشر محركات وذهب إلى الميكادو في قصره، شغل له المحركات فجاء هديرها عاليًا -أصوات المحركات- فعندما سمعها الميكادو انحنى تحية وقال هذه أعذب موسيقى سمعتها في حياتي صوت محرك ياباني خالص، الآن غزونا أوروبا.
وأنا أضرب المثل لأمثال هؤلاء، رجل مجده الشخصي ذاب في مجد الأمة. هذا واحد ولا يساوي قلامة ظفر عندنا، لكن عندما يُضرب المثل للأسد بالكلب يحمر أنف الأسد من الغيظ
ولا ترد الأسود حياض ماء *** إذا كان الكلاب يلُغن فيه.
عندنا نماذج مبهرة، لكن المشكلة أن أكثر الأمة لا تعرف هذه النماذج ولم تطّلع عليها بسبب العقوق الذي فشي في أجيال المتأخرين للسلف الفاضلين.
من هذا الخيط ألتقط الكلام وأدلف إلى ترجمة الإمام البخاري -رحمه الله- صاحب الكتاب الذي أجمع أهل العلم الفاقهين الفاهمين الذي يعرفون ما يقولون أنه ليس هناك كتاب بعد كتاب الله -عز وجل- أصح ولا أمتن ولا أجود من كتاب الإمام البخاري -رحمه الله- وأنا أرجو ألا يتصور من يسمعني أن الدرس درس علمي لطلبة العلم فقط.لأ، هذا الدرس للجميع وسأحاول إن شاء الله أن أيسر طرح المادة، لكن أنا أحتاج منك إذا سمعتني ألا تلتفت إلى غيري، أعطني قلبك، أعطني أذنك، ركز معي، سوف تستفيد إن شاء الله -تبارك وتعالى.
ترجمة الإمام البخاري_ رحمه الله_.
اسمه ونسبه:الإمام البخاري اسمه محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة، وبردزبة هكذا ضبطها الأمير أبو نصر بن ماكولة رحمة الله عليه، وبردزبة باللغة البخارية -لغة بخارى- تعادل الزراع باللغة العربية.
مولده: ولد الإمام البخاري -رحمة الله عليه- في شوال سنة مائة وأربعة وتسعين هجرية،.
ماوقع له في مطلع حياته وهو صبي صغير:
ذالك أنه فقد بصره. وطبعًا كل ما سأذكره عن الإمام البخاري صحيح، الكلام الذي سأذكره إسناده صحيح لأن الإمام الذهبي -رحمة الله عليه- نقل جل ترجمة البخاري من كتاب شمائل البخاري لأبي جعفر محمد بن حاتم الوراق الذي كان يكتب للبخاري -رحمه الله- فالإمام الذهبي يقول أن كل -جل- ما أنقله عن البخاري فمن هذا الكتاب. وهنجار له كتاب اسمه تاريخ بخارى أيضًا ذكر فيه شيء من ترجمة الإمام البخاري -رحمة الله تعالى عليه. وقع للبخاري في بداية حياته -وهو صغير - حدث أنه فقد عينيه فبكته أمه طويلاً، فنامت في ذات يوم بعدما غلبها البكاء على صبيها فرأت إبراهيم الخليل -عليه السلام- في المنام فقال لها يا هذه إن الله -عز وجل- رد بصر ولدك إليه من كثرة بكائك أو قال من كثرة دعائك، شك أحد رواة هذا الخبر وأظنه البلخي كما ذكر الذهبي -رحمه الله- فاستيقظت الأم وإذا ابنها -الإمام محمد بن إسماعيل- قد رد الله تعالى عليه بصره. أمه هي التي ربته..
وأنا أريد أن أقف قليلاً على هذه الجزئية. لماذا ضاع شبابنا؟
ضاع شبابنا باختصار لأن الأمهات تركن أجلّ مهنة والتي لا يستطيعها رجال الأرض جميعًا حتى لو أرادوا، تركوا مهمة تربية النشء وأصغت المرأة المسلمة إلى أعدائها الذين أوهموها أنها صارت كالبهيمة تحمل وتلد وترضع، قالوا لها أنت نصف المجتمع، نريدك في كل مكان، نريدك قاضية وعمدة ونريدك في كل المجالات فخرجت المرأة وتركت الثغر خاليًا وزاحمت الرجال فيما لا تحسنه كثيرًا مع الرجال. وهذا الثغر الذي تركته المرأة خاليًا لا يستطيع رجال الأرض أن يملؤه فدخل أعداؤنا من الثغر الخالي كما زحف خالد بن الوليد في يوم أحد على المسلمين لما تركوا الرماة الجبل وكانوا حامية المسلمين وكانوا ظهور المسلمين وخالفوا وصية النبي ﷺ لما قال لهم لا تبرحوا مكانكم ولو رأيتم الطير تتخطف العسكر، لكنهم لما رأوا فرار المشركين نزلوا ليحرزوا الغنائم وتركوا الجبل خاليًا فدار خالد بن الوليد دورته ودخل من الثغر الخالي وكانت المحنة التي يعرفها أكثركم إن شاء الله تعالى.
فأوهموها إنها تحمل تلد ترضع تساوي البهيمة فاغترت وخرجت. النساء العاملات تطلع من البيت تأخذ الولد تذهب به إلي الحضانة وتذهب إلى العمل، هذه الحضانة مكان إقامة فقط , حتى تخرج الأم من العمل وتأخذ الولد لأنها ليس عندها وقت فراغ، عهدت بتربية الولد إلى غيرها، ولا يربي أبدًا مثل الأم. ضمة الأم ولدها إلى صدرها يمد جسور الود والرأفة والرحمة بين الولد وبين الأم.
هناك أمهات أخرجوا لنا أئمة كبار( أم الإمام سفيان الثوري )
أم الإمام سفيان الثوري -سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري- أبو عبد الله إمام الحديث والفقه والزهد، كانت أمه تقول له عند خروجه من الكتاب؟ تقول له يا بني إذا كتبت عشرة أحاديث فانظر هل تجد في نفسك زيادة؟ فإن وجدت وإلا فلا تتعلم تقول له عندما تكتب الحديث انظر هل أخذت شيئًا الحديث إلى واقعك وإلى حياتك أم أنت تكتب لمجرد الكتابة، إذا كنت فعلاً تستفيد مما تكتب وتتدين بما تكتب أكمل، وإلا أرح نفسك لا تتعلم. كل المسألة أنك تقيم حجج الله عليك عارف ولا تعلم. قالت لسفيان:[ يا بني اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي].أشتغل بالغزل وأبيعه وأصرف عليك فكان سفيان -رحمة الله عليه_. نساء عرفن لماذا خلقن.
عظه وعبرة:
الدنيا خطوة رجل مؤمن، قفزة واحدة تكون في الآخرة -مدة حياتك. ما تقول لربك إذا لقيته؟ تقوله ضيعت نسلي. يلقى المرء ربه خائنًا لم يعلم ولده ميثاق العبودية الذي أخذه الله على الناس. ألا تفعل ما نهاك وأن تقف على حدود ما أمرك. الذي يعلم هذا الكلام الأم الواعية.
حفصة بنت سيرين أم الهزيل :
ظلت ثلاثين سنة لا تخرج من بيتها إلا لضرورة. لكن تمكث في بيتها، المكث في البيت يصفي القلب ولا يجعل المرء يتلبس بشرور المجتمع الخارجي. المرأة التي تجلس في بيتها ملكة متوجة لأنها لم تلابس الشر الذي في الخارج فهذا يعينها على سلامة قلبها وتسديد رميتها وقصدها.
جارية الحسن بن صالح بن حي.
أنظر مثلاً أنا أذكر الآن في كتاب الثقات للعجلي -رحمه الله- في ترجمة الحسن بن صالح بن حي كان عنده جارية ثم باعها. الحسن بن صالح وعلي بن صالح أخوان وأمهم والجارية بيت علم وعبادة. كان الحسن وعلي وأمهما قسموا الليل ثلاثة أقسام الحسن يقول الثلث الأول، وعلي يقوم الثلث الثاني، وأمهم تقوم الثلث الأخير، فلما ماتت الأم اقتسم الحسن وعلي الليل، كل واحد يقوم نصفه، فلما مات علي قام الحسن بالليل كله. الجارية في بيت فاضل ,مثل هذا تعودت ,تقوم الليل الحسن باع الجارية فاشتراها أهل بيت فالجارية كالعادة متعودة ,علي قيام الليل في ساعة معينة من الليل فاستيقظت وظلت تنادي على أهل الدار: يا أهل الدار الصلاة الصلاة. قالوا لها أوأذن للفجر؟ فقالت لهم ولا تقومون الليل؟ قالوا نعم.في الصباح رجعت إلى الحسن، قالت ردني إليك فإنك بعتني إلى قوم سوء لا يقومون الليل، فردها الحسن بن صالح.
بنت سعيد بن المسيب لما تزوجها أبو وداعة:
ثم في اليوم الثاني أراد الخروج فقالت إلى أين؟ قال ذاهب إلى مجلس سعيد. قالت له اجلس أعلمك علم سعيد.
بنت الإمام مالك :
كان يُقرأ الموطأ على الإمام، مالك ما كان يقرأ على أحد، أي أحد يرد أن يقرأ الموطأ يأتي إما يقرأ بنفسه إما يأتي بأحد يقرأ له، كانت بنت مالك تجلس خلف الباب فإذا أخطأ القارئ تدق عليه، الباب أي أنه أخطأ، فيقول له مالك ارجع فإنك أخطأت قولاً واحدًا.
عندما تكون المرأة مهتمة بالعلم الشرعي، تحب العلم الشرعي إما قراءة أو سماعًا، فهذا يورثها محبة لدينها وانتماءًا إليه. فعندما تعرف أن هذه الأمة لن تنتصر إلا بسلامة نشئها، وتعرف لماذا خلقت فهذا بداية النجاة. وعندنا كثير.
ابن عساكر -رحمه الله-
كان له ثمانين شيخة من شيوخه أخذ العلم عنها.
أم الإمام البخاري.
فأم الإمام البخاري ربت الإمام والورع الذي عند الإمام والزهد وسماحة النفس والخلق فضلاً عن العلم كله بسبب تربية هذه الأم الفاضلة، عندما مات والد الإمام البخاري وهذا بركة أكل الحلال، دعي ابنه الإمام محمد بن اسماعيل، قال له يا بني تركت لك ألف ألف درهم -مليون درهم- ما أعلم درهمًا فيه شبهة. والد الإمام البخاري لم يكن أحد العلماء ولكنه كان بصحبة أهل العلم يحبهم ويسير معهم ويحضر مجالسهم، كان يحضر مجالس مالك وحماد بن زيد وابن المبارك وصافحه بكلتا يديه مثلما البخاري سنأتي أيضاً علي هذه المسألة ونقف عندها بعض الوقت.
حفظه للقرآن:
الإمام البخاري -رحمة الله عليه- كعادة الصبية بدأ بحفظ القرآن، أتمه وهو ابن سبع سنوات وليس من الحكمة في تعليم الصغار أن نحفظهم شيء بجانب القرآن، فليمض القرآن أولاً، يحفظ الأول القرآن ولا يشتغل لا بحديث ولا بحفظ أي شيء آخر من المتون حتى يتم حفظ القرآن أولاً.
ماحدث له وهو ابن إحدى عشر سنة .
وهو ابن عشر سنين أو إحدى عشر سنة حدث له موقف في بلده، كان في بخارى شيخ كبير الحجم اسمه الداخلي الداخلي جالس يحدث فحدث عن أبي الزبير عن إبراهيم النخعي، فاعترض البخاري، قال له إن أبا الزبير لم يحدث عن إبراهيم، قال له اسكت يا غلام، قال البخاري قال انظر في أصلك الأصل ( الكتاب) لأن الداخلي كان يحدث من حفظه، فدخل الداخلي نظر في الكتاب وجد أن الأمر كما قال هذا الغلام، قال كيف قلت يا غلام قال إنما هو فلان عن فلان. أصبت يا غلام وأصلح الأصل الذي عنده.
قال له محمد بن أبي حاتم الوراق ابن كم لما رددت على الداخلي؟ قال كنت ابن إحدى عشرة سنة. زمان الأسانيد هذه أنساب الكلام لم يكن أحد يتكلم إلا بإسناد،.

أم محمد الظن
2010-05-26, 07:49 PM
عدد شيوخ البخاري
الإمام البخاري -رحمة الله عليه- شيوخه تجاوزوا ألف شيخ، كتب عن كل شيخ أكثر من عشرة آلاف حديث عند البخاري أكثر من مليون حديث. بعض الناس يقول كيف يكون مليون حديث كم عدد الأحاديث؟ أقول كل كلام سواء كان حديثًا مرفوعًا أو كان من قول الصحابة أم قول التابعين أو تابعيهم أو كان في السيرة هذا حديث، لايلزم أن الأحاديث تكون منسوبة إلى النبي ﷺ مرفوعة، بل كل كلام يروى بسند كان يسمى حديثًا ما فيه حديث عندنا اسمه حديث مرفوع وحديث موقوف وحديث مقطوع، كل ما يقال فيه مرفوع إلى النبي -ﷺ، الموقوف إلى الصحابة -رضي الله عنهم، المقطوع إلى التابعين.
فأنت نفسك اليوم لو عندك حافظة و تنقل أقوال الناس وكل واحد قال كلمة نقلتها بسند أكيد سيكون عندك أكثر من مليون، المسألة مسألة عادية،
مدي حفظهم للأسانيد:
لكن الغريب في المسألة أنهم كانوا يحفظون الأسانيد كما نحفظ نحن ﴿قل هو الله أحد﴾، لا يختلط لهم إسناد في إسناد، ولا كلام في كلام أبدًا. هذا طبعًا عند الحفظة أمثال الإمام البخاري -رحمة الله عليه- ابن أحد عشر سنة يرد على الداخلي والداخلي هذا كان كبير الحجم كما قلت في بخارى آنذاك. حاولت أن آخذ نتفًا من ترجمة الإمام البخاري من كتاب سير أعلام النبلاء للحافظ شمس الدين الذهبي -رحمه الله- بحيث أنني رجوت أن أعلق ممكن أقرأ الفقرة أو الكلام ثم أعلق عليه تعليقًا يسيرًا حتى نستطيع أن نصل إلى آخر ترجمة البخاري -رحمه الله._
يقول في ذكر ثناء الناس على البخاري، نريد أن نبين من الذي امتدح البخاري ستجد أن أكثر الذين امتدحوا البخاري هم شيوخه وليس أقرانه ولا تلامذته ومدح الشيخ للتلميذ هذا شيء عظيم لأن الشيخ فوق، والتلميذ هو الذي يرجو الشيخ ويرجو أن الشيخ يعطف عليه وليس العكس لا يوجد مذلة ولا حاجة لهؤلاء المشايخ أن يثني على تلميذ لكن التلميذ في حاجة ماسة أن يثني عليه شيخه.
يقول أبو عمر سليم بن مجاهد:
كنت عند محمد بن سلام البيكاندي -أحد شيوخ البخاري- فقال لو جئت قبل لرأيت صبيًا يحفظ سبعين ألف حديث، قال - سليم بن مجاهد- فخرجت في طلبه حتى لحقته فقلت له أنت الذي يقول إني أحفظ سبعين ألف حديث، قال نعم وأكثر ولا أجيئك بحديث عن الصحابة والتابعين إلا عرفتك مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم ولست أروي حديثًا من حديث الصحابة أو التابعين إلا ولي من ذلك أصل أحفظه من كتاب الله -عز وجل- ومن سنة رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا عند أي رجل مارس العلم ودرس آلة العلم يعلم أنه في غاية الصعوبة إن ليس مجرد الحديث السرد لا مثلاً إذا قال عن أبي هريرة -رضي الله عنه- يقول لك من هو أبو هريرة وما اسمه وأخباره في الجاهلية وأخباره في الإسلام ومولده ووفاته، يعطيك ترجمة كاملة عن صحابي الحديث أو عن أي راو من الذين رووا هذا الحديث إلى الصحابة، والمتن الذي رواه يستطيع الإتيان بشواهد لهذا المتن من كتاب الله -عز وجل- ومن سنة رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- و لا يستقل بهذا إلا رجل أوتي من الفهم أعلاه.
يقول محمد بن يوسف:كنت عند أبي رجاء، قتيبة بن سعيد وهو أحد شيوخ البخاري وأحد شيوخ الإمام أحمد بن حنبل أيضًا، فسئل عن طلاق السكران فلما سئل قتيبة عن طلاق السكران فإذا هو أبصر الإمام البخاري -رحمه الله- فقال لسائله هذا أحمد بن حنبل وابن ألمديني وابن راهوايه قد ساقهم الله إليك وأشار إلى محمد بن إسماعيل البخاري.
وكان مذهب الإمام البخاري: أن المرء إذا غُلب على عقله حتى لا يذكر ما يحدث به أنه لا يجوز من أمره شيء، وهذا هو المذهب الصحيح الراجح أن المسائل بالنية وما انعقد عليه القلب وليس بمجرد اللفظ.
أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه كلاهما من العلماء المجتهدين الذين يطلق عليهم العلماء اسم المجتهد المطلق، فمذهب أحمد بن حنبل موجود ومشهور، لكن مذهب إسحاق بن راهويه اندثر،
المذاهب الأربعة ليست منحصرة في أربعة فقط:.
الأئمة ليسوا محصورين في أربعة، وليست مذاهب الأئمة في الفقه محصورة في أربعة فقط، بل هي كثيرة، لكن أصحاب الأئمة الأربعة قاموا بمذاهبهم ونقحوها وقعدوا القواعد لها وأتوا بالأدلة على الجزئيات التي قال الأئمة أن فيها أحكام شرعية إلى آخره.
إسحاق بن راهويه نفسه كان يجري في مضمار أحمد في الفقه:
.بل قال الإمام أحمد -رحمه الله- لم يعبر إلينا الجسر أحد من خرسان -إلى بغداد أي- مثل إسحاق بن راهويه، وإن كان يخالفنا في أشياء فلا زال النظراء يختلفون.
فهذا من الأدب فلا مانع أن يختلف معه ، إذا كانت المسألة فرعية يمكن يسوغ فيها الاختلاف، الفهم نعمة من الله، ممكن الرجل الكبير الجليل يضل عن مسألة يعرفها بعض تلاميذه.
وفي ترجمة الإمام البخاري قصة حدثت مع إسحاق بن راهوية الذي نتكلم عنه الآن إسحاق ابن إبراهيم -رحمه الله تعالى- جاءه رجل فاستفتاه عن طلاق السكران -نعم- احتار إسحاق ولم يستطيع الإتيان بالدليل كان البخاري جالس، فقال له لا يقع طلاقك، لأن النبي ﷺ قال:" إن الله تجاوز لأمتي ما وسوست به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم." فهذا تكلم بمعزل عن القلب - أي هو غير مريد لما يقول_.
مثلاً : حدثت مشادة بين رجل وزوجته يريد أن يقول لها اخرجي الآن قال لها أنت طالق، ما قصدها ولا كان يريد أن يقولها، لكن من شدة غضبه قال هذه الكلمة وقلبه بمعزل كامل عن هذا المعنى. هذا لا يقع طلاقه.
فالإمام البخاري عندما قال هذا الكلام سُرَ إسحاق، وإسحاق هذا مجتهد مطلق ومع ذلك قد يعزب عنه ما يدركه بعض تلاميذه، فالمسألة مسألة مواهب واستحضار والأدلة الجزئية في العلم لا تتناهى كثيرة جدًا.
فالأمر كما قال الشافعي -رحمه الله- ما منا من أحد إلا وتعزب عنه سنة لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أي تغيب عنه.
قتيبة بن سعيد شيخ البخاري لما سئل عن مسألة قال جاءك أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وعلي بن ألمديني. أحمد وإسحاق فقهاء من أهل الحديث، علي بن ألمديني لم يكن فقيهًا لكنه من أجل شيوخ البخاري في الحديث.
البخاري يقول "ما استصغرت نفسي بين يدي أحد إلا بين علي بن ألمديني". مادور علي بن ألمديني في الفتوى، يريد أن يقول له هذا الحديث تصحيحاً وتضعيفًا وهذا الفقه لأنه لا يجوز لأحد أن يحتج على حكم شرعي بحديث ضعيف، لا بد أن يكون الحديث صحيحًا.
البعض يقول أن بدعة صحيح وضعيف أوجدها الشيخ الألباني وما رد به الشيخ حفظه الله.
وبعض الناس يتكلم قائلاً إن بدعة صحيح وضعيف هذه الذي أوجدها الشيخ الألباني -رحمه الله- والأئمة قبل ذلك كانوا يحتجون بالأحاديث الضعيفة، يقول إن سنن أبي داود فيها ضعيف والنسائي والترمذي وابن ماجه فيها ضعيف، يقولك باب أقول ردًا على مثل هذا الكلام، يقول باب كذا ويضع تحته حديث ضعيف.
رد الشيخ حفظه الله : يكفي في ردي هذا أن الشافعي -رحمه الله- في خمسين مسألة قال لو صح الحديث لقلت به..
الحافظ بن حجر العسقلاني: جمع هذه المسائل في كتاب، لم أر الكتاب ولا أعلم بوجوده في أي خزانة من خزانات العالم في حسب اطلاعي، لكن الحافظ بن حجر ذكر اسم الكتاب في فتح الباري في شرح صحيح البخاري، اسمه (المنحة فيما علق الشافعي الحكم به على الصحة). فالشافعي كما يقول هذا المتكلم أن الأئمة القدامى لايوجد أحد يقول صحيح وضعيف، إنما يأخذون بأي شيء يأتي لهم وهذا كذب صريح على الأئمة.
ويكفي -كما قلت- كلام الشافعي، أمامه حديث قال لو صح لقلت به معني هذا أنه لم يصح الحديث عنده فلم يقل به. فهو لما قال له علي بن ألمديني قصد صحيح الحديث وضعيفه، لأن علي بن ألمديني طبيب العلل في علم الحديث، البخاري لقي كما ذكرت لكم أكثر من ألف شيخ أجلاء فضلاء كبار ومع ذلك يقول ما استصغرت نفسي بين يدي أحد إلا بين يدي علي بن ألمديني.
ويقول عبد الله بن سعيد بن جعفر: لما مات أحمد بن حرب النيسابوري ركب محمد وإسحاق يشيعان جنازته، محمد أي البخاري ، وإسحاق بن راهويه شيخ البخاري فكنت أسمع أهل المعرفة بنيسابور ينظرون ويقولون محمد أفقه من إسحاق، محمد بن إسماعيل أفقه من شيخه إسحاق بن راهويه، وطبعًا إسحاق بن راهوايه في الحديث كالمسمار في الساج قمة من القمم حفظًا وجلالة وإتقانًا فضلاً عن فقهه الذي اشتهر به.
يقول عمر بن حفص الأشقر سمعت عبدان :عبدان لقب لشيخ البخاري أحد شيوخ البخاري اسمه عبد الله بن عثمان ابن جبلة، هو محدث وأبوه محدث، لقبه عبدان لأنه كان له كنيتين كل كنية عبد، أبو عبد الله، وأبو عبد الرحمن، فقيل عبدان- يقول عبدان -أحد شيوخ البخاري- ما رأين بعيني شابًا أبصر من هذا وأشار إلى محمد بن إسماعيل البخاري.
وقال نعيم بن حماد : أحد شيوخ البخاري وهو الذي روى عنه البخاري حديث القرد، البخاري حدث به عن شيخه نعيم بن حماد، طبعًا بن حماد فيه كلام من جهة حفظه، ولكنه متابع عند أبي بكر الإسماعيلي- قال نعيم بن حماد: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة.
وقال عبد الله بن يوسف: للبخاري يا أبا عبد الله انظر في كتبي، عبد الله بن يوسف التنيسي الذي يروي عن الليث بن سعد وعن مالك بن أنس أحد شيوخ البخاري، قال عبد الله بن يوسف للبخاري: يا أبا عبد الله انظر في كتبي وأخبرني بما فيه من السقط، قال: نعم. جعل البخاري مراجعًا لكتبه، ما ذاك إلا لجلالة البخاري عنده، وإلا ما يسمح أي شيخ للتلميذ أن يفعل بكتبه ما يشاء.
ويقول محمد بن أبي حاتم الوراق: اجتمع أصحاب الحديث فسألوني أن أكلم إسماعيل بن أبي أويس، إسماعيل هذا أحد شيوخ البخاري وابن أخت الإمام مالك بن أنس، فإسماعيل كان عسرًا أي عسير في التحديث فالجماعة أصحاب الحديث يريدون أن يتوسطوا لإسماعيل بن أبي أويس، فكلموا الإمام البخاري أنه يجعل إسماعيل يزودهم في الحديث، قال ففعلت - البخاري يقول لما طلبوا مني ذلك فعلت، فدعا إسماعيل الجارية وأمرها أن تخرج صرة دنانير وقال يا أبا عبد الله فرقها عليهم، فقلت له -البخاري يقول لشيخه- إنما أرادوا الحديث، قال: قد أجبتك إلى طلبك بالزيادة -زيادة الحديث - غير أني أحب أن يضم هذا إلى ذاك ليظهر أثرك فيهم. يرفع الإمام البخاري حتى يظهر أثرك فيهم ويعلمون حظوتك عندي.
يقول أحمد بن عبد السلام :قال ذكرنا قول البخاري -قول البخاري لعلي بن ألمديني-( ما استصغرت نفسي بين يدي أحد إلا بين يدي علي،) نقلوا هذا الكلام لعلي بن ألمديني، فقال علي بن ألمديني وهو شيخ البخاري دعوا هذا فإن محمدًا ما رأى مثل نفسه.
يقول محمد بن أبي حاتم الوراق: سمعت أبا عبد الله يقول -البخاري - ذاكرني أصحاب عمر بن علي الفلاس بحديث، وعمر بن علي من شيوخ البخاري فضلاً عن أنه كان ناقدًا، لم يكن راوي فقط إنما كان أحد نقاد الحديث وهو من العلماء المتكلمين في الرواة، مثل أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والدار قطني الذين يقولون فلان ثقة فلان كذاب فلان سيء الحفظ فلان مختلط إلى آخره، رجل فضلاً عن أنه راوية إلا أنه كان مميزًا أيضًا.
فأجلس البخاري مع أصحاب عمرو بن علي الفلاس الذين هم في طبقة البخاري وحدثوا بحديث فالبخاري قال لا أعرفه أي لا أعرف هذا الحديث فسروا بذلك، فذهبوا لعمرو بن علي الفلاس يبشروه قال لهم كل حديث لا يعرفه محمد بن إسماعيل فليس بحديث، وهذا شهادة بالحفظ الكامل من مثل عمرو بن علي الفلاس للإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى.
يقول أيضاً محمد بن حاتم الوراق عن علي بن حجر: علي بن حجر وهو أيضا من شيوخ البخاري قال: أخرجت خرسان ثلاثة، أبو زُرعه الرازي ومحمد بن إسماعيل وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ومحمد عندي أبصرهم وأعلمهم وأفقههم.الدارمي أحد شيوخ البخاري, وهو صاحب السنن المشهورة المعروفة بسنن الدارمي.
قال وأوردت على علي بن حجر كتاب أبي عبد الله: فلما قرأه قال كيف خلفت ذلك الكبش؟وكان يلقب البخاري بالكبش يحيى بن صاعد، يحيى بن صاعد هذا كان إمامًا كبيرًا في الحديث لما كان يذكر البخاري ما كان يسميه إلا الكبش النطاح، الكبش النطاح لأنه إذا نطح واحد يسقطه أرضًا يعني لا يثبت له أحد في المناظرة ولا في المذاكرة فعلي بن حجر يلقبه بالكبش، ويحيى بن صاعد يلقبه بالكبش.
يقول عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي - أحمد بن حنبل- يقول ما أخرجت خرسان مثل محمد بن إسماعيل.
وبُندار -محمد بن بشار. أحمد بن حنبل شيخ البخاري. وبُندار لقب له،( ومعنى بُندار) أي( الميزان). لأن محمد بن بشار أخذ علم علماء بلده قبل أن يأخذ علم الناس في الخارج، فلقبوه بُندارًا فهذا لقب، عندما تجد في أي حديث، سند من الأسانيد قال حدثنا بُندار أو عن بُندار يكون محمد بن بشار، مثل غُندر ، غُندر هذا لقب لراوٍ ثقة كبير اسمه محمد بن جعفر لقبه بغُندر ابن جريج -عبد الملك بن جريج- وهو من طبقة الإمام مالك رحمة الله علي الجميع. كان محمد بن جعفر يتكلم فيقول اسكت يا غُندر، (غُندر بلغة أهل الحجاز)أي( المشاغب)، فلقب بغُندر. فهذه ألقاب، علماء الحديث لهم كتب في الألقاب،مثل ابن منده وغيره كل لقب من ألقاب المحدثين يأتي باللقب ثم يخبر من هو وأحيانًا قد يترجم له ترجمة خفيفة.

أم محمد الظن
2010-05-26, 07:50 PM
الكلام في ثناء العلماء على شيوخ البخاري كثير جدًا، وأنا الحقيقة إنما أنتقي بعض ما ذكره الإمام الذهبي من ثناء شيوخ البخاري رحمة الله تعالى عليه، و وهذا الكلام له تتمة
وكما ذكرت لكم في بداية الحلقة ربما تأخذ من ترجمة البخاري -رحمة الله عليه- الحلقة القادمة أيضًا حتى نقف على النكات التربوية في حياة الإمام البخاري -رحمة الله عليه- وأنا لا أريد أن أكلف إخواني شططًا المنتظرين على الهاتف من مدة فأنا سأفسح المجال لبعض أسئلتهم وإن شاء الله نكمل في المرة القادمة بإذن الله تعالى، الكلام معنا طويل لاتملوا ولا تستعجلوا نريد نرتب هذا الدرج، نريدكم تستطعموا العلم، ونسير علي الطريق الصحيح من زمان طويل نسمع كلام متناثر لكن نريد نطلب علم صح.
توضيح الشيخ حفظه له لعنوان الحلقات (فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق)
وفي نفس الوقت أريد أن أقول إن هناك بعض الناس سألوا عن العنوان الموضوع للحلقات (فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق) فظنوه كتابًا لي موجود في الأسواق. لا فهذا اسم الشرح الذي سأضعه إن شاء الله على كتاب الرقاق من صحيح البخاري، أي نسخة من نسخ صحيح البخاري كافية، من يريد يتابع معي وسيرى خيرًا كثيرًا في هذه المتابعة يأتي بصحيح البخاري إما المتن فقط أي الأحاديث مجرده من الشرح وإما المتن والشرح و أفضل كتاب في شرح البخاري (فتح الباري شرح صحيح البخاري) للإمام المصري وهذه ليست عصبية أرجو ألا يتصور أحد أنها عصبية للإمام المصري أحمد بن علي بن حجر العسقلاني -رحمة الله عليه- أنفق الحافظ بن حجر خمسًا وعشرين سنة من حياته في شرح هذا الكتاب. خمسة وعشرين سنة ربع قرن ابن حجر العسقلاني يشرح كتاب البخاري ولذلك نفس الحافظ في أول حديث مثل آخر حديث وأتى فيه بالعجب العاجب.
مراد الشوكاني بقوله لا هجرة بعد الفتح.
حتى قيل للشوكاني -رحمه الله- ألا تشرح صحيح البخاري فقال لا هجرة بعد الفتح -أي بعد فتح الباري- هو أطلق الحديث و المستمع يفهم ماذا يريد أن يقول قال لا هجرة بعد الفتح، فهذا الشرح نفيس جدًا. فيحبذا يكون عندك المتن وعندك شرح الحافظ بن حجر العسقلاني تحته.
وأسأل الله -تبارك وتعالى- أن يسدد رميتي وأن يعينني على تيسير هذا الكتاب الجليل وعلى بيان فضله وأن علماء المسلمين لما زكوه بحق فهو يستحق هذا وزيادة.
إجابة الأسئلة:
س:أقسم زوجي أنه سيتزوج عليّ، هل عليه كفارة ؟
ج: نعم عليه كفارة قال : النبيﷺ " من حلف علي يمين ٍفرأي غيرها خيراُ منها فليكفر عن يمينه وليأت التي هي خير" وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام والإطعام من أوسط ماتطعمون أَهْلِيكُمْ:كما قال تعالي( فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ﴾المائدة89
س: عندي تعب في معدتي، يجعلني أتقيئ في أثناء الصيام فهل يجوز صيامي وصلاتي أم لا؟
لاشيء في ذلك قال النبي ﷺ" من ذرعه القيء فلاشيء عليه"وكذلك الصلاة, والوضوء من القيء مستحب.
س: يسأل أنه يكسل عن الصلاة وعن كيفية الثبات علي الهداية؟
هذه مسألة غير متصورة لأن الصلاة هي الفارق بين الإسلام والكفر, فلاشيء اسمه يكسل أحد عن الصلاة فالصلاة لا تسقط إلا بالجنون أو كان نائماً والنوم عذر مؤقت عندما يستيقظ يصلي,أما المجنون إذا كان جنونه متصلاً تسقط الصلاة عنه, إذا كان جنونه متقطع يُجن ويُفيق يُلزم بالصلاة , كي لا يتصور السائل أن ترك الصلاة مسألة بسيطة أو هينة حتى لو كان لا يُحس بالصلاة يُصلي ولايترك الصلاة, ويُستعان علي الالتزام بأشياء من أهمها, الصُحبة الصالحة الإيجابية لأن الصُحبة علي ثلاثة أنواع: طرفان ووسط يوجد صًحبة إيجابيةً ويوجد صُحبة سلبية فهذا طرفان ,وسط صُحبة طيبة لكن ليس لها تأثير صاحب إيجابي تشعر كلما التقيت به ترتقي , وصاحب سلبي يشدك إلي أسفل ويوجد صاحب طيب لكن لا تأثير له مقابلته كعدمها لذلك نقول الصُحبة السلبية تُنفي تماماُ أما الصاحب الذي لا تأثير له فلا بأس به , وجوده أفضل من جليس السوء لكن من الأفضل البحث عن صُحبة إيجابية, فعندما تسمع أن هناك درس أو خطبة جمعة من أحد الشيوخ يؤثر فيك يُعلي من همتك سافر له ولو لم يكن في بلدك,إن قلبك يستحق أن تجوب الأرض تطلب عافيته, إذا كنت تريد أن تتنزه تذهب قلبك يستحق أكثر من ذلك مجالس العلم , الأذكار الموظفة, وأنت لا تستطيع الثبات علي هذه المسألة,إلا إذا كان هناك صُحبة إيجابية, ترفعُك إلي فوق, وأسأل الله أن يُقيض من الصُحبة الصالحة من ينفعُك.
س:أنا لا أقرأ القرآن إلا أثناء ذهابي للعمل وبعد الانتهاء يراودني إحساس بأنني قرأته رياءاً فمالعمل مع أن هذا الإحساس يمنعني من القراءة لعدة أيام سواء في البيت أو في الشارع؟
هذا أكبر خطأ فماذا يريد الشيطان أكثر من ذلك, يأتي علي أهل الديانة ويشككه في العمل, من أجل أن يترك العمل, وهذا نوع من الوسواس,القهري اقرئي,لا تتركي ورد القرآن, ولا عمل البر أبداُ, بدعوي أن هذا فيه رياء, الإنسان يقرأ القرآن في الخارج,إذا أحب أن يُثني عليه الناس, قبل فعل الفعل فهذا هو الرياء, فإذا ورد هذا الأمر قبل إخراج المصحف فلا يخرجه , أما إذا لم يردالخاطر أخرج مصحفي وأقرأ مباشرةُ, وهذا الضابط بين الرياء والإخلاص.
س: مالذي يحق للرجل من المباشرة إذا كانت زوجته حائض أو نفساء؟
إذا كانت زوجتك حائضا أو نُفساء , تجنب الفرج ولك مادون ذلك, ليس هناك جناح عليك في أي شيء تفعله, إلا القُبل والدُبر كما نصت عليه الأحاديث.
س:أصلي إماماً راتباً بالناس ولكن في بعض الأوقات تنزل مني قطرات ماء فما الحكم ؟
إذا كان من العذر الدائم له, يأخذ حكم أهل الأعذار, ولكنه مادام أنه يقول كل يومين أو ثلاثة فحُقَ له أن يحتاط لنفسه,فلابد من دخول الخلاء قبل الفرض بمدة,حتى يستطيع مع الحركة أن يتخلص من قطرة البول التي تنزل, ثم يُعيد الاستنجاء مرًة أخري ثم يُصلي, طالما أنه إمام راتب فلابد أن يحتاط, ويصلي بالناس صلاةً صحيحةً, وإذا كان من أهل الأعذار فصلاتًه صحيحةً أيضاً, والقاعدة تقول:" من صحت صلاته لنفسه, صحت لغيره."
تنبيه الشيخ _حفظه الله علي بدعة عيد الأم_:
عيد الأم بدعة, والاحتفال به لا يجوز, وأريد أن أقول أن أي إعلانات سواء في قناة الناس أو في قنوات أخري تتكلم عن عيد الأم وعن شراء العباءات, من أجل عيد الأم كل هذا لايجوز أيضاً,لأن بعض الناس كثيراً مايحدثني أن هناك مخالفات في الإعلانات, أو غيرها فيرد الشيخ معقباً أنه ليس عنده تلفاز, ولا يشاهد شيئاً عن البرامج التي تعرضها القناة,أي أخ يتصل بي ويقول الإعلان الفلاني فيه مخالفة فأبلغ القائمين علي العمل مباشرةً, والحقيقة أن يبدون تعاونا في ذلك الأمر لكن للأسف هذا الأمر لم يُعرض علينا حتى نبدي فيه الرأي ولو عرضوه علينا لأبدينا فيه الرأي, فنرجو من الأخوة القائمين تكثيف الجُهد, ولا يعرضون شيئاً علي القناة إلا إذا كان مشروعاً,لأن الناس أصبحت تثق بحمد الله في هذه القناة, وفي غيرها من القنوات الجادة مثل قناة الحكمة الفضائية ونسأل الله عز وجل أن يُكثر من سواد هذه القنوات كي نعلم المسلمين دينَهم, فأي شيء يُعرض علي هذه القناة لا سيما مع ظهورها وظهور المشايخ الأجلاء فيها يُعطي نوع من المصداقية, فكل شيء يُعرض يقولون أكيد الشيوخ يعرفون هذا,لأنهم لو لم يعرفونه ماسمحوا بظهوره والواقع خلاف هذا, أنا والمشايخ إذا وصلنا شيء ننبه عليه ولا نخشى في الله لومة لائم.
والله _عز وجل أسأل_ أن يجعل ماقلناه زاداً إلي حسن المصير إليه, وعتاداً إلي يُمنِ القدومِ عليه, إنه بكل جميلٍ كقيل, وهو حسبُنا ونعم الوكيل, وصلي الله وسلم وبارك علي نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.



* * *
تابعونا ونسألكم الدعاء

زين العابدين الأثري
2010-05-26, 08:11 PM
تسجيل متابعة

بارك الله فيكم

أم محمد الظن
2010-05-26, 10:41 PM
وفيكم اللهم بارك

الطير الحنون
2010-05-31, 01:27 AM
هل يوجد تفريغ لكل السلسلة؟؟؟
بارك الله فيك علي تفريغ درس الشيخ بعنوان ايها التائه قف من بركسل (بلجيكيا)

الطير الحنون
2010-05-31, 02:01 AM
نرجوا من الاخت وضع رابط للشروح بنظام الورد او اي نظام
بجميع اروس المفرغة لو سمحت

أم علي طويلبة علم
2010-05-31, 10:02 PM
بارك الله فيك أختي أم محمد الظن ونفع الله بك الأمة

أم محمد الظن
2010-06-19, 09:16 PM
أخي الطائر الحنون لقد انتهيت من ثلاثين درس من السلسة وجاري إكمالها ان شاء الله
http://alheweny.org/aws/play.php?catsmktba=8962
هذا رابط فك الوثاق المفرغ

أم محمد الظن
2010-06-19, 09:21 PM
[2]تابع ثناء شيوخه عليه


فلا زلنا مع ترجمة الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري -رحمه الله- بمناسبة أننا سنشرح جزءًا من كتابه الصحيح ألا وهو كتاب الرقاق، وقد اخترت لهذا الشرح اسمًا على عادة العلماء الأوائل أنهم كانوا يختارون اسمًا لشروحهم، وقد سميته "فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق". وذكرت شيئًا من ترجمة الإمام في المرة الماضية وثناء شيوخه عليه، و أستكمل اليوم إن شاء الله ذكر بعض ثناء الشيوخ عليه لأنني كما قلت في المرة الماضية ثناء الشيخ على التلميذ شيء عظيم لأن الشيخ لاسيما في هذه الأزمان لا يحتاج أن يجامل تلميذه، وبثناء الشيوخ على التلميذ يحظى التلميذ بمكانته، وقد كان الإمام -رحمة الله عليه- محل إجماع من أهل العلم، ما أعلم أحدًا غمز الإمام البخاري -رحمه الله- إلا ما يكون بسبب داء المعاصرة، والمعاصرة حرمان كما يقول أهل العلم ولربما ذكرنا شيئًا من هذا في موطنه إن شاء الله تعالى.
يستكمل الشيخ _ حفظه الله_ بعض ثناء شيوخ الإمام البخاري عليه.
قال محمد بن أبي حاتم الوراق: و هو أبو جعفر وهو تلميذ البخاري وهو الذي كان يكتب ما يمليه عليه الإمام من تصانيفه لاسيما الجامع الصحيح.
قال محمد بن أبي حاتم الوراق: سمعت محمد بن إسماعيل -أي البخاري -رحمه الله- يقول: لما دخلت البصرة صرتُ إلى بُندار،( وبُندار) كما ذكرت في المرة الماضية اسمه محمد بن بشار وبُندار لقب له، والبُندار (هو الميزان )لأنه جمع علم شيوخ بلده ثم رحل بعد ذلك إلى طلب العلم.
يقول البخاري: أنه لما دخل البصرة ووافى مجلس بُندار و هو محمد بن بشار، قال فلما وقع بصره عليّ، قال: من أين الفتى؟. لم يكن بُندارٌ يعرف البخاري ولم يلقه قبل ذلك. فقال: من أين الفتي؟، قال: فقلت له من أهل بخارى، فقال لي: كيف تركت أبا عبد الله؟. يسأله عن البخاري, أي يسأل البخاري عن البخاري لأنه لم يلتق بالبخاري قبل ذلك. قال البخاري: فأمسكت -أي لم أعرفه بنفسي، لم أقل له أنا البخاري_ فقال له التلاميذ في الحلقة يرحمك الله هذا أبو عبد الله أي هذا هو البخاري الذي تسأل عنه. قال: فقام وأخذ بيدي وعانقني وقال مرحبًا بمن أفتخر به منذ سنين. وهذا كما قلت إنما سمع فقط عن البخاري فكيف لو جالسه وناظره ورأى ما عنده من العلم.
قال محمد بن بشار أيضًا -بُندار: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زُرعة الرازي( بالري) والدارمي عبد الله بن عبد الرحمن (بسمرقند،) ومحمد بن إسماعيل البخاري (ببخارى) ومسلم (بنيسابور)، مسلم و هو الإمام مسلم بن الحجاج -رحمة الله عليه.
البخاري كان يذهب لشيخ اسمه عبد الله بن منير يقول: خرج رجل من أصحاب عبد الله بن منير إلي بُخَاريَ في حاجة له، فلما رجع قال له بن منير: لقيت أبا عبد الله؟ قال لا، فطرده من مجلسه وقال ما فيك خير إذ قدمت بخارى ولم تصل إلى أبا عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. وكان الحقيقة عبد الله بن منير يقول: محمد بن إسماعيل أستاذي برغم أنه هو شيخ الإمام البخاري -رحمه الله تعالى.
وكان ابن صاعد يسمي البخاري الكبش النطاح. لأن البخاري لم يكن يثبت له أحد في المناظرة، إذا حصل نوع من المناظرة في الحديث سواء كان في الحفظ أو في علل الأحاديث أو في أسماء الرواة أو كناهم ,ما كان أحد يثبت للبخاري أبدًا، فشبهه ابن صاعد بالكبش النطاح.
قال ابن أبي حاتم الوراق: سُئٍلَ عبد الله بن عبد الرحمن و هو الإمام الدارمي، الإمام الدارمي أحد شيوخ الإمام البخاري. لما مات الدرامي وبلغ نعيه البخاري .
بكي البخاري وأنشد قائلاً

إن عشت تُفجعُ بالأحبة كُلِهِم
وفناءُ نفسِكَ لا أبَ لكَ أفجعُ.

( إن عشت تُفجعُ بالأحبة كُلِهِم )أي أن الإنسان طويل العمر عنده مشكلة ، أنه يودع كل يوم حبيبًا، إذا أنه من آخرهم حياتًا، فدائمًا إذا دفن رجلاً يحبه يحزن عليه حتى يذهب بعضه ثم يدفن رجلاً يحبه ثم يدفن رجلاً يحبه، فهو قد عاين الأحباب جميعًا إذ طال عمره.
(وفناءُ نفسِكَ لا أبَ لكَ أفجعُ) أي فناء نفسك أفجع، أو ينبغي أن تتفجع عليها أكثر من تفجعك على من تحب.
سُئِلَ الإمام الدارمي -رحمه الله- وله كتاب اسمه السُنن، سُنن الدارمي مشهور- عن حديث محمد بن كعب (لا يكذب الكاذب إلا من مهانة نفسه عليه) وهذا الحديث لا يصح، وقيل له محمد يزعم أن هذا صحيح أي إلى محمد بن كعب، أي ليس مرفوعًا إلى النبي -ﷺ، الكلام هنا منسوب إلى محمد بن كعب، وإلا فالحديث المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال هذا الكلام لا يصح إذ تفرد بروايته الديلمي، ومفاريد الديلمي عادة إما مكذوبة إما منكرة وإما ضعيفة. فقيل له أن محمدًا -أي البخاري- يزعم أن هذا صحيح، فقال: محمد أبصر مني، هذا كلام شيخه عنه، لأن همه النظر في الحديث أما أنا فمشغول مريض، ثم قال: محمد أكيس خلق الله، إنه عقل عن الله ما أمره به ونهى عنه في كتابه وعلى لسان نبيه -ﷺ. إذا قرأ محمد القرآن شغل قلبه وبصره وسمعه وتفكر في أمثاله وعرف حلاله وحرامه.
والإمام الدارمي أيضًا طلب كتاب البخاري في الأدب المفرد: البخاري له كثيرة، سنذكر شيئًا من مصنفاته في موطنها، من هذه الكتب كتاب اسمه الأدب المفرد،.
سبب تسمية الأدب المفرد بهذا الاسم.
وسُميَ الأدب المفرد بهذا الاسم:لأن البخاري في صحيحه أفرد كتابًا سماه كتاب الأدب، فحتى لا يختلط على الناس في العزو تقول أخرج البخاري في الأدب، هل الأدب الذي في الصحيح أو الأدب الذي أفرده عن الجامع الصحيح من أجل ذلك سماه كتاب الأدب المفرد.
طلب الدارمي -رحمه الله- كتاب الأدب للإمام البخاري -رحمه الله- فأراد أن ينظر فيه وينظر كيف صنف البخاري كتابه هذا وحبسه عنده ثلاثة أشهر، فلما قال القائل فلما أخذ مني الكتاب هل وجدت فيه حشوًا أو حديثًا ضعيفًا؟ فقال ابن إسماعيل لا يقرأ على الناس إلا الحديث الصحيح، وهل يُنكَرُ على محمد!.
كلام شيوخ البخاري -رحمه الله- كلام كثير في هذا، وطبعًا إذا كان هذا كلام شيوخه فكيف بأقرانه؟ فكيف بتلاميذه,؟.
مثل الإمام مسلم بن الحجاج -رحمه الله- صاحب الصحيح: لما سأل البخاري عن علة حديث، وذكرها له البخاري، قال له دعني أقبل قدميك يا أستاذ الأستاذين وطبيب الحديث في علله، أشهد أنه لا يبغضك إلا حاسد. هذا كلام الإمام مسلم -رحمه الله- مع شيخه الإمام البخاري.
ابن خُزيمة و يعتبر من تلاميذ البخاري ومن أقرانه في نفس الوقت مثل مسلم يقول: [ما أعلم تحت أديم السماء أحدًا أعلم بالحديث وأحفظ من محمد بن إسماعيل البخاري.] هذا فضلاً أو ناهيك عن تلاميذه الآخرين مثل الإمام الترمذي الذي تخرج به.
ورع الإمام البخاري -رحمه الله- وعبادته وفضله:
كان -الإمام البخاري_ يقول:[إني لأرجو أن ألقى الله -تبارك وتعالى- ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا.]
الإمام الذهبي -رحمه الله- علق على كلام البخاري:قال صدق: فمن نظر إلى كلامه في الرواة علم ذلك. لأن البخاري -رحمه الله- كان يستخدم الكلام اللطيف، حتى في الجرح -جرح الرواة، يقول مثلاً في الراوي" فيه نظر"لا يقول "كذاب "مثلاً،" مغفل" أو ما يشبه هذه العبارات التي تشعر بالقوة، في الجرح، أن يقول ليس بثقة -لا- كان قليلاً ما يستخدم هذه العبارات، كانت عباراته على أية حال عبارات رقيقة، أقوى عبارة استخدمها البخاري أن يقول البخاري "منكر الحديث" فكان يقول أرجو أن ألقى الله -عز وجل- وأنه لا يحاسبني أني اغتبت أحدًا.
إشكال وإيضاحه:
هل الكلام في رواة الحديث يعد من الغيبة المحرمة؟
يوجد راوي سيء الحفظ، حفظه ليس مضبوطاً، يمكن يدخل الكلام في بعضه، يدخل الأحاديث في بعضها،الحديث المكذوب يجعله صحيحًا أو يجعل كلام الناس فينسبه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- مثلما,حدث لثابت بن موسى الزاهد
ضرب الشيخ_ حفظه الله _ مثلاً لراويٍ سيء الحفظ(ثابت بن موسى الزاهد)
كان ثابت بن موسى الزاهد، رجلاً مغفلاً سيء الحفظ، في ذات مرة من المرات وكان متعبدًا وشغلته العبادة عن حفظ الحديث لأن حفظ الحديث يحتاج إلى مداومة النظر ويحتاج إلى نهمة الطالب وهذا تثبيت الحفظ كما قال البخاري -رحمه الله- فانشغل ثابت بن موسى بهذه العبادة ولم يضبط الحديث، ذات يوم من الأيام ثابت بن موسى الزاهد دخل مسجدًا من المساجد وكان أحد المحدثين واسمه شَرِيك بن عبد الله النَخعي كان يحدث الطلبة بحديث، فقال لهم حدثنا الأعمش عن أبي سفيان -أبو سفيان طلحة بن نافع- عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: وبعد كلمة قال:دخل ثابت بن موسى الزاهد من باب المسجد ، فخاطبه شَرِيك( بيتبسط معه) فقال له "من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار"، يمزح معه يريد أن يقول له أنت وجهك منور وأنت طول الليل أكيد تصلي ، فظن ثابت أن هذا هو الحديث، أن هذا "من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار" هو كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام- فخرج من المسجد وجعل يقول حدثنا شريك قال حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال:قال رسول الله ﷺ "من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار."
هل قال: النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الكلام؟
لا لم يقله الذي قال هذا هو شريك، كان يمزح معه، لكنه لم يضبط المسألة لأنه كان سيء الحفظ فجعل كلام شريك من كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام.
الذي يترتب علي ترك كل راوٍ سيء الحفظ لسوء حفظه.
فلو تركنا كل راو سيء الحفظ نتركه لسوء حفظه إذاً لضاعت الشريعة كلها، فما كان العلماء يقبلون أي خبر من أي راوٍ من الرواة إلا إذا كان حافظًا ضابطًا وإلا ستضيع السنة كلها،.
الدور الذي قام به علماء الحديث حيال حفظ السنة.
1-قام علماء الحديث ونظروا في الرواة الذين نقلوا إلينا الأحاديث وسألوا عن كل راو أهل بلده وأهل العلم، فقيل فلان كذاب أو ثقة أو سيء الحفظ أو ساقط العدالة فكان علماء الحديث يكتبون هذا الكلام ودونوه في كتب. 2- ترتيب كل الرواة الذين رووا الأحاديث على حروف الهجاء، من بدأ اسمه بحرف الألف، من يبدأ أسمهم بحرف الباء، حرف التاء... إلى آخر الثمانية وعشرين حرف.
3-ويذكرون أقوال أهل العلم في كل راو. بذلوا مجهودًا خارقًا حتى يحفظوا سنة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-
فبعض الناس قال: كونك تقول الراوي سيء الحفظ تكون قد اغتبت هذا الراوي، وبدأ يظهر حزب من الأحزاب مضاد لعلماء الجرح والتعديل الذين يقولون في الرواة سيء الحفظ أو مغفل إلى آخر عبارات الجرح.
قال أحد الشعراء الذي كان يقف لابن معين و لعلماء الجرح والتعديل:

أرى الخيرَ في الدنيا يقلُ كثيرُهُ
وينقُصُ نقصًا والحديثَ يزيدُ.
فلو كان خيرًا كان كالخيرِكُلِهِ
ولكن شيطانَ الحديثِ مَرِيدُ.
ولابن معينٍ في الرواةِ مقالةٌ
سيُسألُ عنها والمليكُ شهيدُ
فإن تكُ حقًا فهي في الأصلِ غِيبةٌ
وإن تكُ زورًا فالقِصاصُ شَدِيدُ

يشير بآخر هذا الكلام إلى حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام-( لما سُئِلَ فقيل يا رسول الله ما الغيبة؟ قال الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، قال أرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) وبهته من البهتان_ أي الكذب_إذاً معني الحديث هذا أن كل علماء الجرح والتعديل دخلوا في باب الغيبة، لأنه العالم قال أن فلان هذا سيء الحفظ وهو كان فعلاً سيء الحفظ، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال (فإن كان فيه ما تقول فقد اغتبته).
كيف نخرج من هذه المسألة؟
لأن هناك أحاديث للنبي -عليه الصلاة والسلام- وصف بعض الناس بما فيه وكان قدحًا كما في حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت( استأذن رجل على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال بئس أخو العشيرة، أو قال بئس رجل العشيرة، فلما دخل الرجل ألان النبي ﷺ له الكلام وأجلسه)ثم بعد انصراف الرجل, استشكلت عائشة هذا. (قال بئس أخو العشيرة) أي ذمة وسبه فلما دخل عليه ألان له الكلام، كيف يحدث هذا فحدث عندها استشكال فسألت رسول الله ﷺ قالت: يا رسول الله قلت ما قلت وصنعت ما صنعت -قلت فيه كلامًا شديدًا وصنعت فيه معروفًا واستعملت اللطف وحسن الخلق معه.
فقال( يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من يُتقى لفحشه)
إذا عندنا حديثان ظاهرهما التعارض. (..ما الغيبة؟ قال: ذكرك أخاك بما يكره، قال: أرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته)، الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال (بئس أخو العشيرة) أليس هذا حق؟ نعم حق. فهذا على مقتضى الكلام الأول يعتبر غيبه! قال: لا. كيف ذلك إذاً وفق لنا بين الأحاديث، وهل هناك تعارض بين الحديثين؟لا.
الأوجه التي تجوز فيها الغيبة.
بعض العلماء وهو الإمام محمد بن عوجان المالكي وهو أحد تلاميذ الحافظ بن حجر العسقلاني صاغ الأوجه التي تجوز فيها الغيبة في بيتين من الشعر رائقين
"القدحُ ليس بغِيبةٍ في ستةٍ. أي إذا ذكرت أخاك بما يكره لا يكون غيبة محرمة في ستة أشياء . يقول

القدحُ ليس بغِيبةٍ في ستةٍ



متظلمٍ ومُعَرِفٍ ومُحَذِرِ



ومُجَاهِرٍ فسقًا ومستفتيٍ



ومن طلب الإعانَةَ في إزالةِ مُنكَرِ"



جرح الرواة أن تقول هذا فيه كذا وهذا صفته كذا يدخل تحت قوله (ومُعَرِفٍ) أن أعرف هذا الراوي بأنه سيء الحفظ أو أنه ليس أهلاً للرواية، هذا ليس بغيبة، لأنه ضرب من النصيحة،.
إنما الغيبة ما قصدت به هضم حق المجروح، وأنك تُنزل منه.:
مثل ما حدث من عائشة -رضي الله عنها- (دخلت صفية أو زينب على النبي ﷺ فقالت عائشة للنبي ﷺ حسبك منها أنها قصيرة، فقال -عليه الصلاة والسلام لها- لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته) _أي لغيرت طعمه_ولما استطاع الناس أن ينتفعوا به. فهذا وصف، لكن عائشة -رضي الله عنها- قصدت أن تنتقص بهذا الوصف صفية أو زينب؛.
بخلاف ما إذا قال عالم الحديث أن هذا كذاب أو أن هذا سيء الحفظ أو أن هذا مختلط، الذي دفعه إلى ذلك هو صيانة حديث رسول الله ﷺ أن يدخل منه ما ليس فيه،.
فجرح الرواة لا يعد من الغيبة المحرمة بإجماع أهل العلم،.
لم يختلف أحد من أهل العلم الذين يرجع إلى قولهم في أن هذا إنما هو داخل في باب النصيحة وليس داخلاً في باب الغيبة المحرمة.
لكن الإمام البخاري -رحمه الله- كان يستخدم العبارات اللطيفة في مثل هذا ولا يستخدم العبارات القوية مثلما يستخدمها بقية الأئمة من شيوخه ومن أقرانه.
يقول محمد ابن أبي حاتم الوراق عن البخاري: ما اغتبت أحدًا قط منذ علمت أن الغيبة تضر بأهلها. أي أن يقصد تنقيص المغتاب، لكن الكلام في رواة الحديث كما قلنا ليس من هذا الضرب.
قال أبو جعفر الوراق: وكان أبو عبد الله يصلي في وقت السحر ثلاثة عشرة ركعة وكان لا يوقظني في كل ما يقوم فقلت أراك تحمل نفسك شيئًا كثيرًا في هذا ولم توقظني، قال أنت رجل شاب ولا أحب أن أفسد عليك نومك.
قال غُنجار: وغُنجار هذا له كتاب اسمه تاريخ بخارى، ذكر فيه ترجمة للإمام البخاري -رحمه الله- قال:" كان محمد بن إسماعيل يصلي ذات ليلة فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة فلما قضى صلاته قال: انظروا أي شيء آذاني".
الإمام البخاري كعادته كان يستعمل الحديث في العبادة.: لم يكن مجرد رجل يجمع الأحاديث وكان منفصلاً عنها -لا- وهذا كان ديدن علماء الحديث الذين جعل الله _سبحانه وتعالي_ لهم لسان صدق في الأمة، كانوا يتدينون بالحديث.
الإمام أحمد بن حنبل كان كلما كان يروي خبر من الأخبار كان ينفذه. حتى جاء على الحديث أن أبا طيبة الحجام حجم النبي ﷺ فدعي أحمد بن حنبل بالحجام فحجمه فأعطاه أجره حتى يتأسى بالنبي ﷺ مع أنه لم يكن له حاجة للحجامة.
فكان الإمام البخاري -رحمه الله- يستعمل الأخبار التي كان يرويها، في حياته، وهذه بركة العلم.
كما قال مجاهد بن جبر -رحمه الله-" ليس العلم بكثرة المسائل ولكن العلم الخشية" أي أن هذا العلم ينبغي أن يحملك على أن تخشى الله -تبارك وتعالى.
اجتهاد أصحاب رسول الله ﷺ في العبادة:
هناك في الصحابة من فعل مثلمحمد بن إسماعيل وصبر علي لسعه الزنبور سبع عشرة وخبره خبر عجيب جدًا رواه الإمام أحمد بن حنبل وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن جابر -رضي الله عنه-
فذكر أن النبي ﷺ أغار على قوم من المشركين ثم أسروا امرأة رجل من المشركين فلما جاء صاحب المرأة -زوج المرأة من المشركين- أين امرأتي قالوا له أن المسلمون أغاروا علينا وأخذوا زوجتك فأقسم الرجل ليُريقنَ في أصحاب رسول الله ﷺ دمًا، بدأ يبحث أين ذهب المسلمون،ليستنق ذ المرأة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- وصل إلى مكان من الأماكن و عرس الجيش، فقال النبي ﷺ من يكلأنا الليلة -أي يحرسنا - فقام رجلان( رجل مهاجري ورجل أنصاري) في رواية خوات بن جبير عند البيهقي في دلائل النبوة أن الأنصاري (كان عباد بن بشر) والمهاجري (كان عمار بن ياسر) فقال الأنصاري عباد بن بشر لعمار بن ياسر تكفيني أول الليل وأكفيك آخره وإلا تكفيني أخره وأكفيك أوله، قال عمار بن ياسر اكفيني أول الليل، نام عمار بن ياسر وقام عباد بن بشر يصلي، وهو يصلي وصل الرجل المشرك صاحب المرأة وجد واحدا واقفاً ووجد خيام عرف أنه النبي ﷺ مع الصحابة والذي يقف هو الحارس الذي يحرس المسلمين، عرف هذا المشرك أن هذا الواقف هو ربيئة القوم -أي طليعته- والذي يقوم على حماية الجيش، كان مع المشرك السهم والنبل فضربه بسهم، فوقع في رجل عباد بن بشر فانتزعه عباد ورماه وأكمل صلاته فضربه بسهم ثانٍ فانتزعه ورماه ولم يقطع الصلاة فضربه بسهم ثالث فانتزعه ورماه ثم ركع، وأيقظ المهاجري عمار بن ياسر الذي كان ينام بجانبه فلما استيقظ عمار إذا عباد بن بشر يموج دمًا، فعندما عرف المشرك أنه أيقظ من بجانبه وأنهم سيتبعونه فهرب، فعمار بن ياسر يقول له، أو المهاجري يقول له يرحمك الله هلا أيقظتني عندما رماك قال والله لولا أنني على ثغر من ثغور المسلمين وأخشى أن يضيع أو أن أضيع الأمانة، لأن النبي ﷺ قال من يكلؤنا؟ فالمفروض أنه لا ينشغل بالصلاة عن حماية المسلمين، لكنه ما أحب أن يقف بل أراد أن يصلي وإذا استدعى الأمر أنه يمكن يخرج من الصلاة أو أنه يتمها سريعًا لولا أنني على ثغر من ثغور المسلمين أخشى أن أضيعه فوالله ما خرجت من صلاتي حتى لو تقطعت نفسي. فهذا الصبر الذي يمكن أن يصبره الإمام البخاري على لدغ هذا الزنبور أعتقد أنه أخذه من مثل حكاية جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنهما.
يقول محمد بن أبي حاتم الوراق: ركبنا إلى الرمي، كان العلماء قديماً يتعلمون الرمي، لأنهم كانوا يرابطون على الثغور برغم أن دولة الإسلام كانت منتشرة وما كان هناك عدو يستطيع أن ينظر إلى المسلمين مجرد نظرة، لكن وردت أحاديث كثيرة في فضل الرباط، أنك تأتي على الثغور المتاخمة للعدو وتذهب بنية الرباط فكان علماء الشريعة جميعًا يذهبون إلى هذا الرباط ويظل بالأيام الطويلة أو الأشهر الطويلة ويرجع إلى بيته ثم يرجع إلى الثغور وهكذا.
بعض العلماء كابن المبارك رابط عشرين سنة: ليس معني ذلك أنه ظل مرابطاً عشرين سنة ولكنه يذهب ويرجع يذهب مثلاً أسبوع ويرجع ثم بعد شهر يرجع أسبوع وهكذا أي على مدار عشرين عامًا كان يرابط.
فكانوا يتعلمون الرمي حتى إذا جد الجد يستطيعون أن يدافعوا عن بيضة الإسلام.
مايدل علي أن الإمام البخاري كان يتدين بما وصله من العلم.
يقول محمد بن أبي حاتم الوراق: أنهم خرجوا إلى الرمي مرة مع الإمام البخاري والإمام البخاري كان ماهرًا في الرمي، كان هناك قنطرة على نهر والقنطرة مثبته بأوتاد فالإمام البخاري يضرب بسهمه فوقع في وتد القنطرة فأخل به، فعندما حدث ذلك ترك الرمي وقال :لمحمد بن أبي حاتم الوراق اذهب إلى صاحب القنطرة فقل له إما أن نرفع الوتد ونضع وتداً مكانه وإما أعطيك غرامة ما أفسدت، كان صاحب القنطرة ( اسمه حميد بن الأخضر) فلما ذهب محمد بن أبي حاتم الوراق لحميد بن الأخضر يخبره بما قاله الإمام محمد بن إسماعيل ضرب وتد القنطرة وأخل به ويريد أن يدفع عوض عن هذا فوجد حميد بن الأخضر في نفسه وقال ما كنت أتمنى أن البخاري يحتشمني في وتد، فإن كل ملكي فداءً له والله ولو قلت نفسي لكذبت لكن كل مالي فداءً لمحمد بن إسماعيل البخاري،.
فعندما وصل هذا الكلام للإمام محمد بن إسماعيل البخاري فمن سروره بسقوط المظلمة حدث الغرباء بخمسمائة حديث وتصدق بثلاث مائة درهم مع أن إصلاح الوتد قد لا يتكلف ثلاث مائة درهم كان ممكن يصلحه أو كان ممكن البخاري لا يخرج الصدقة، لكن إمام يتدين بما وصله من العلم ويعلم أن المفلس يوم القيامة يأتي بصلاة وصيام وحج وسائر أعمال البر لكنه يأتي وقد ظلم هذا وشتم هذا وسفك دم هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت أخذ من سيئاتهم ثم طرحت عليه ثم طرح في النار، كما قال رسول الله -ﷺ، .حدثهم بخمسمائة حديث، فهذا يعتبر الغنيمة الباردة بالنسبة لطلبة الحديث،

أم محمد الظن
2010-06-19, 09:22 PM
مايدل علي أن بعض علماء الحديث كان عسيرًا في الرواية من باب تربية الطالب.
كان بعض علماء الحديث لا يعطي الحديث للطالب إلا وتكاد روحه أن تخرج مثل الأعمش -رحمه الله- سليمان بن مهران الأعمش وكان من تلاميذه شعبة بن الحجاج وسفيان الثوري وزهير بن معاوية وهشام الدستوائي، جماعة من الكبار فطاحل،.يذكر الخطيب البغدادي في كتاب شرف أصحاب الحديث:أن الأعمش اشترى كلبًا لأصحاب الحديث، عندما يسمع دبيب أرجلهم ناحية البيت يطلق الكلب عليهم فتصور شعبة لما يجري أمام كلب أو سفيان الثوري,هم يجرون أمام الكلب والكلب يرجع ويدخل البيت فيعاودون الكرة مرة أخرى ويرجعون يطلع عليهم الكلب وهكذا، في يوم من الأيام اقتربوا من البيت بحذر حتى لا يخرج عليهم الكلب فهجموا عليه في داره، فلما رآهم بكى، قالوا ما يبكيك يا أبا محمد، قال مات الذي كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
الأعمش حديثه يملأ دواوين السنة.لكنه كان عسيرًا من باب تربية الطالب، حتى قال له مرة رجل يا أبا محمد (الأعمش) حديث كذا وكذا ما إسناده فأخذ بحلقه ولزقه في الحائط وقال هذا إسناده.
وذات مرة تلميذه أبو بكر بن عياش قالوا له يا أبا بكر حدثنا بحديث قال لهم اختاروا السند أو المتن فقالوا له أنت عندنا إسناد، فقال لهم كان إبراهيم يدحرج الدن._الدن _شيء مستدير فشح عليهم أن يعطيهم ما ينفعهم،.
كان خطه عند بعض علماء الحديث أن يكون عسيرًا في الرواية ولا يكاد يحدث بالحديث إلا بشق الأنفس، وطبعًا لهم في باب التربية كلام في هذا.
فكون البخاري -رحمة الله عليه- من باب الشكر لله -عز وجل- وأنه خرج من هذه المظلمة، وتد! وما قصد البخاري عامدًا أن يفسد هذا الوتد، إنما سهمه الذي ذهب إلى الوتد وكان ممكن يصلحه ومع ذلك فرحًا بخروجه من المظلمة وأنه لا يسأل عنها يوم القيامة حدث بخمسمائة حديث ثم تصدق بثلاث مائة درهم.
قال محمد بن أبي حاتم الوراق :وكان البخاري يركب إلى الرمي كثيرًا فما أعلمني رأيته في طول ما صحبته أخطأ سهمه أبدًا إلا مرتين، فكان يصيب الهدف في كل مرة وكان لا يُسبَق. كان موجود عند العلماء مسألة الرمي، مسألة الجري مسألة العدو،كان ينفع في القتال آنذاك.
ما يدل علي أدب الإمام الشافعي -رحمه الله-
والإمام الشافعي كان مشهورًا أيضًا بالرمي كما حكاه عمرو بن سواد، عمرو بن سواد أحد شيوخ مسلم. يقول: عمرو بن سواد قال لي الشافعي كانت نهمتي في الرمي وفي العلم، أما الرمي فكنت أصيب فيه عشرة من عشرة ثم سكت.لم يرض يتكلم عن العلم. فقال عمرو بن سواد والله إنك لفي العلم لأكبر منك في الرمي. وهذا يدل علي أدب الإمام الشافعي -رحمه الله- أنه لم يذكر شيئًا من العلم لأنه لا يصح للمرء أن يمدح نفسه في العلم، بل العالم حقًا هو الذي يدع الناس يحكمون عليه ويحكمون على علمه.
قال محمد بن أبي حاتم الوراق وأملى علي البخاري ذات يوم حديثًا كثيرًا فكأنه أحس أنني مللت، فقال له فإن أصحاب التجارة في تجارتهم وأصحاب الملاهي في ملاهيهم وأنت مع رسول الله ﷺ وأصحابه، قال فحفزني.
مايدل علي سماحة نفس الإمام البخاري رحمه الله.
أما سماحة نفس الإمام البخاري فهذا خبر غريب جدًا، يتلخص في أن رجلاً اقترض من الإمام البخاري خمسة وعشرين ألف درهم، ثم أخذ الدراهم ومشي، فالبخاري أرسل له لايرد عليه، فالبخاري كان في بلد اسمها فرابر، وفي بلد اسمها آمل بجانب فرابر، فوصل للإمام البخاري أن من اقترض منه نزل في آمل، فقال من كان حول البخاري , نكتب إلى عامل آمل (المحافظ) يأتي لك بهذا الرجل ، فقال لهم لا إنني إذا كتبت إليه كتابًا طلب مني في مقابله كتابًا آخر،ولا أبيع دنياي بديني.
فائدة : الباء تلحق دائمًا بالمتروك، مثال ذلك : يقول" استبدلت الثوب القديم بثوب جديد،" هذا خطأ والصحيح أن تقول:" استبدلت الثوب الجديد بثوب قديم ",لأن الباء باء الاستبدال تُلحَق دائمًا المتروك الذي تركته الثياب القديمة فالمفروض إن الباء هذه تلتحق بالشيء الذي تركته أنت،.
كما قال تعالى ﴿وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ﴾ .. (النساء2)هل تركوا الخبيث أم تركوا الطيب إنما تركوا الطيب, لذلك التحقت الباء بالمتروك.
وكما قال الله تعالى ﴿أَتَسْتَبْدِلُ نَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ﴾.(البقرة61) مالذي تركوه؟ تركوا الخير -المن والسلوى- فالتحقت الباء بالمتروك.
فالبخاري يقول أنا لا أبيع دنياي بديني. خشي الإمام البخاري أنه إذا كتب شفاعة للأمير أن الأمير في يوم من الأيام يطلب منه مايقابل هذه الشفاعة وهذه نفعت الإمام البخاري في بحث محنته الذي سنذكره إن شاء الله تعالى بعد ذلك.
ثم يكمل فضيلته مايدل علي سماحة نفس الإمام البخاري : ثم قال لهم أنه لا يحل لي أن أروع مسلمًا، الإمام البخاري -رحمه الله-استعمل الأخلاق النبوية والوساطة النبوية في مثل هذا، كما رواه أبو داوود والإمام أحمد بسند صحيح عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب رسول الله ﷺ أنهم كانوا في مسير معه -عليه الصلاة والسلام-ثم ارتاحوا، فنام رجل منهم وكان له نبل، قال فأخذنا منه نبله وهو نائم، فلما استيقظ ولم يجد نبله فزع، فقال فضحكنا، فقال -عليه الصلاة والسلام- مم تضحكون؟ قالوا يا رسول الله لا إلا أنا أخذنا نبله وهو نائم فلما استيقظ فزع، فقال ﷺ إنه لا يحل أن يُروَع مسلم.
الإمام البخاري حياته كلها مثل سائر الأئمة الكبار الذين جعل الله لهم لسان صدق في الأمة كانوا يستعملون الأخبار، كل شيء عنده إنما يستعمله بدليل، كانوا يتدينون بهذا العلم لذلك عزوا وسادوا.
أبى الإمام البخاري أنه يلاحق الرجل المدين بسبب شيئين:
السبب الأول: أنه لو كتب كتاباً لهم ستكون له بمثابة كسر العين وذلك كي يظل طوال عمره إنسان فاضل ليس لأحد جميل عليه لذلك يبتعد عنهم .
علماء السلف في مسألة قربهم من السلطان كان لهم مذهبان:
1-فطائفة تقول لا يجوز :لأحد أن يقرب من الوالي أو الأمير وكان سفيان الثوري مثلاً -أحد رأس هذه الطائفة- يقول:" إذا رأيت العالم عند الأمير فاعلم أنه لص" وكان يقول:" إذا دعاك الأمير لتقرأ عليه ﴿قل هو الله أحد﴾ فلا تذهب،"
وكان من هذا الدرب محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، و عبد الله بن المبارك -رحمه الله- وله أبيات شهيرة في ذلك، كان يقول فيها:

إن الملوك بلاءٌ حيثما حلوا
فلا يكن لك في أكنافهم ظِلُ.
ماذا تؤملُ من قومٍ إذا غضبوا
جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فاستغن بالله عن دنياهم ُأبدًا
إن الوقوفَ على أبوابهم ذلُ.


2-وعلى المقابل كان هناك أئمة آخرون: يرون أن القرب من الأمير بركة وخير لأنه إذا لم يغلب على الأمير أهل الفضل والديانة غلب عليه أهل الفسق والفجور، والأمير إنما ينصت إلى قول البطانة دائمًا، فإذا كانت البطانة خيرة كان الأمير خيرًا، وإذا كانت البطانة سيئة كان الأمير على مثل ذلك، ومن هذه الطائفة الإمام مالك والإمام الأوزاعي والإمام الشافعي رحمة الله على الجميع.
ضابط المسألة: إذا كان المرء يعلم من نفسه أنه إن اقترب افتتن وبدل وغير فهذا لا يحل له أن يقترب لسلامة نفسه إذا وافى ربه يوم القيامة، أما إذا كان يعلم أنه لا يبدل ولا يغير ولا يغتاط بشيء من دنياهم ويستطيع أن يسدد الأمير في النصيحة فهذا لا بأس به أن يقترب من الأمير.
فالإمام البخاري -رحمة الله عليه- لما رفض هذا كتبوا من ورائه كتابًا إلى (محافظ خوارزم) الذي كان الرجل عندما عرف البخاري قريب منه هرب لبلد بعيد فهم عرفوا أنه ذهب للمكان الفلاني وقالوا له أن هناك رجل أخذ دينًا من محمد ابن إسماعيل وهرب به واقبض عليه، فعلاً قبضوا عليه، فلما علم البخاري -رحمه الله- وجد وجدًا شديدًا وغضب جدًا وقال لا تكونون أشفق علي من نفسي وذهب عند الأمير وأطلق هذا الرجل الغريب وصالحه على أن يدفع في السنة عشرة دراهم. يقول محمد بن أبي حاتم الوراق ولم يدفع هذا الرجل لا قليلاً ولا كثيرًا . الإمام البخاري يترجم بهذا الحديث ما رواه هو في صحيحه وكذلك رواه مسلم معه أيضًا من حديث حذيفة بن اليمان عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال (تلقت الملائكة روح رجل لم يعمل خيرًا، فقيل له: ماذا عملت؟ قال: ما عملت شيئًا غير أنني كنت ذا مال، وكنت أداين الناس - يقرض الناس المعسرين- فكنت أرسل فتياني فأقول لهم أنظروا الموسر وتجاوزا عن المعسر، فتجاوز الله عنه."
وفي حديث أبي مسعود ألبدري عند مسلم والترمذي وغيرهما في هذا الباب قال الله -عز وجل-" أنا أحق بهذا منك، تجاوزا عنه." .
وكذلك رواه الشيخان من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-فهذا لا يكون إلا من سماحة النفس.
نصيحة وجهها الشيخ _حفظه الله_ لأصحاب الأموال.
نقول لإخواننا من أصحاب الأموال إذا أقرضت رجلاً أو إذا اشترى منك شيئًا فأعسر فأنظره إذا لم تطب نفسك أن تتجاوز عنه أنظره وإن تجاوزت عنه كان ذلك في رصيدك، أنت يمكن عندما تأخذ الأموال من الرجل المعسر وتضمها إلى أموالك الورثة يأخذوها، لكنك إذا تجاوزت عنه وكنت عندك نية أن تتجاوز عنه كان ذلك في رصيدك لم يشاركك فيه أحد من الناس قط.
ماتولي الإمام البخاري -رحمة الله عليه-بيعاً ولاشراءاً قط.
ويقول الإمام البخاري -رحمة الله عليه- ما توليت شراء شيء ولا بيعه قط فقلت له كيف وقد أحل الله البيع؟ قال لما فيه من الزيادة والنقصان، فخشيت إن توليت أن أستوي بغيري، فقلت من كان يتولى ذلك؟ قال: كنت أُكفي ذلك.
كلام الإمام البخاري هذا يحتاج إلى وقفة. البيع والشراء فيه نوع من الفصال. أنت رجل إمام مشهور معروف، عندما تذهب للشراء فتدور بينك وبين البائع ملاحاة في الثمن فيبيع لك بأي ثمن، لأنه يريد البيع صادف أنك تخطب جمعة أو تعطي درساً وهذا الرجل رآك ويمكن تكون تتكلم أنت عن السماحة في البيع والشراء ، أو عن طيب النفس يقول هذا الرجل الذي أتعبني وأخذ مني البضاعة واستطاع أن يغلبني فيقع هذا الكلام موقعًا سيئًا في نفس المستمع.
العلم لايصل إلا بحشمة.
العالم يترك كثيرًا من المباحات حتى تظل حشمته كما هي، لأن العلم لا يصل إلا بحشمة،لابد أن يكون العالم محترم كي يصل العلم.لا بد أن يكون فقيه النفس يبتعد عن كثير من المباحات برغم أنها مباحة لأنها تؤثر في حشمته.
ماجعل الإمام البخاري رحمه الله لايتصدر للبيع والشراء:
رأى الإمام البخاري -رحمة الله عليه- أن التصدر للبيع والشراء والفصال في البيع والشراء يستوي فيه حينئذ مع غيره، فأراد الإمام ألا تنقص شيء من حشمته فجعل غيره هو الذي يتولي مسألة البيع ومسألة الشراء. يعني لله در الإمام البخاري -رحمه الله- ما كان أفقهه.
العالم كثيرا ما يمر بمشاكل مالية، لأنه ينفق ,كل ما يملك في طلب العلم. الإمام البخاري والده كان رجلاً تاجرًا وكان رجلاً غنيًا، يوم نام على فراش الموت -والد الإمام البخاري- دعى محمدًا ولده - البخاري- وقال له يا بني إني تركت لك ألف ألف درهم. مليون درهم، ما أعلم درهمًا فيه شبهة الذي وصل والد البخاري لهذه المرتبة وأن ماله حلال أنه كان دائمًا بجوار أهل العلم، كان يحضر دروس مالك وحماد بن زيد وعبد الله بن المبارك وهذه الطبقة، كلما عن له شيء في البيع كان يسأل أهل العلم، فالمخالف للشرع كان يسقطه وإلا فقد الصفقة كلها.
الإمام البخاري كان له أخ اسمه أحمد، هما الاثنين ورثوا المليون درهم، أنفق البخاري هذا المال كله في طلب العلم حتى أنه في يوم من الأيام أفلس ولم يجد ثيابًا يلبسها.
يقول محمد بن أبي حاتم الوراق سمعت البخاري يقول: خرجت إلى أدهم بن أبي إياس فتخلفت عني نفقتي فجعلت أتناول الحشيش -حشيش الأرض لأنه لا يجد طعامًا يأكله- ولا أخبر بذلك أحدًا فلما كان اليوم الثالث أتاني آت لم أعرفه فناولني صرة دنانير وقال أنفقه على نفسك.
مسألة الفقر وشهرتها عند أهل العلم:
مسألة الفقر والورطة كانت مشهورة عند أهل العلم جميعًا، قل عالم إلا وأفلس، كل هذا بسبب أنه كان ينفق في رحلاته الطويلة إلى البلدان المختلفة ليلقى أهل العلم، كان ينفق كل ما معه، وبعض العلماء كاد أن يموت كأبي حاتم الرازي وله قصة عجيبة غريبة لعلنا نذكرها إذا جاء وقت نتكلم فيه عن رحلة أهل الحديث وبذلهم أنفسهم في طلب الحديث.
قصة لطيفة في الفقر الشديد( قصة قاضي المارستان، اسمه محمد بن عبد الباقي الحنبلي)
يحضرني الآن قصة لطيفة في الفقر الشديد الذي يقع فيه أهل العلم، ومع ذلك على مقتضى قانون العلم يجب عليهم أن يصبروا، هي قصة قاضي المارستان، اسمه محمد بن عبد الباقي الحنبلي، يقول محمد بن عبد الباقي الحنبلي أنه ظل في مكة حتى نفدت نفقته ثم جاع ولم يجد شيئًا قط ينفقه، خرج في الشوارع من شدة الجوع، وإذا به يجد صرة من الحرير ففتحها فوجد فيها عقداً أخذ الصرة وذهب إلى البيت، وهو جالس في البيت سمع مناديًا ينادي من وجد صرةً لونها كذا وكذا فله خمسين دينارًا. هو مفلس المهم خرج للرجل، قال له صف لي الصرة، قال له لونها كذا والخيط المشدودة به لونه كذا وفيها عقد فأعطى له الصرة، قال له هذه صرتك، فأحب أن يعطي له خمسين دينار فأنف أن يأخذ منه شيئًا وقال إنما يجب أن أبذل لك حقك بغير عوض، هذا حقك وهذه لقطة وأنا أمين عليها، فلم يستحل أن يأخذ من ماله شيئًا، ودخل بيته .
المهم ضاقت عليه القصة في مكة تمامًا، فركب البحر كي يذهب بلد أخري لعله يجد فيها سعة، الريح جاءت ضد المركب، فأصبحوا كالتائهين في البحر، غرق المركب وانكسر فتعلق بلوح، وهو بين الحياة والموت إلي أن رمي به الموج على الشاطئ وليس فيه حركة،.
بدأ يزحف على يديه ورجليه وجد مسجداً جلس بداخله ، فدخل رجل من أهل البلد، سأله هل تعرف تقرأ قرآن؟ قال له نعم. قال له ستكون إمامنا ثم في يوم من الأيام وجدوه يكتب،فسألوه هل تعرف الكتابة فأجابهم بالإيجاب فطلبوا منه تعليم أولادهم ويعطوه على ذلك أجرًا. قال فتمولت- صار عنده مال_. قالوا له حيث أنك أصبحت من أهل البلد ولن نفرط فيك و عندنا بنت يتيمة نريد نزوجها لك، وغصبوا عليه أنهم يزوجونها له، كي يقيم معهم في البلد، المهم في يوم الزفاف،جالس بجوارها فسلط بصره على صدرها، فبكت البنت, وقالت لا يرفع عينه عن صدرها، إنه لا يريد أن ينظر إلي، إنما ينظر إلي صدري، فقالوا له يا أخي كسرت قلب اليتيمة، لماذا لانتظر لها؟ قال إن لهذا العقد قصة، هذا العقد الذي كان داخل الصرة, فصاح الناس وكبروا وقالوا إن والد هذا الفتاة كان يقول اللهم لقني بالذي وجد العقد لأزوجه ابنتي، لما رأى أمانة محمد بن عبد الباقي قاضي المارستان كان يتمنى أن يلتقي به مرة أخرى ليزوجه ابنته وكان أمر الله قدرًا مقدورًا.
معاناة العلماء وإفلاس العلماء مسألة من المسائل الشهيرة،قل أن تجد عالمًا إلا وأفلس. أحيانًا كان يضطر العالم أن يبيع الكتاب، وطبعًا الكتاب مثل ابن من أبنائه العالم.
أبو الحسن ألفالي وبيع كتبه بسبب الفقر:
وأذكر من الذين باعوا كتبهم بسبب الحاجة أبو الحسن ألفالي علي بن أحمد بن علي بن سلَّك ألفالي وكان عنده نسخة من كتاب الجمهرة لابن دريد وكانت في غاية الجودة والإتقان، أفلس فاضطر أن يبيع هذا الكتاب بستين دينارًا، لكن كتب على جلدة الكتاب من ج الداخل ه

أنستُ بها عشرين حولاًَ وبعتُها
فقد طال شوقي بعدَها وحنيني.
وما كان ظني أنني سأبِيعُها
ولو خلدتني في السجون ِديوني .
ولكن لضعفٍ وافتقارٍ وصبيةٍ
صغارٍ عليهم تستهل شئوني.
فقلت ولم أملك سوابق عَبرةٍ
مقالةَ مكوي الفؤاد حزين
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك
كرائم من رب بهن ضنين.

كتب هذه الأبيات التي يتفجع بها على النسخة التي كان يحتفظ بها. الذي اشترى النسخة الشريف المرتضى -كما ذكر ابن خليكان في وفيات الأعيان- وأثناء فتحة للجلدة الجلدة وجد ماكتبه أبو الحسن ألفالي في رئاء لحاله وللنسخة، عندما قرأ هذه الأبيات أخد النسخة وأرجعها لأبي حسن ألفالي وأعطاه الستين دينار.
إملاق أهل العلم وفقرهم مسألة موجودة تقريبًا عند سائر أهل العلم الكبار وذلك بسبب أنهم كانوا ينفقون أموالهم في الرحلة، ليس لأنهم كانوا فقراء -لأ- لكن مؤنه العلم شديدة,لو أن رجلاً أراد أن يكون لنفسه مكتبة محترمة - الحد الأدنى من الكتب، كي يأتي بما يريد في كل فن من الفنون مجموعة من الكتب أقل مبلغ يمكن أن يدفعه الإنسان مائة وخمسين ألف جنيه عشان يعمل مكتبة محترمة، ويبقى عنده كتب كثيرة جدًا لا يستطيع الإتيان بها لكنه إذا توسع يعني وأحب يعمل مكتبه أكثر احترامًا وإن لم يأت بكل الكتب ممكن يكون ضعف هذا المبلغ.
يحث فضيلة الشيخ علي كفالة طالب العلم.
ما ينبغي للمسلمين لاسيما الأغنياء أن يكفلوا طلاب العلم وأن يكفوهم مؤنه الحاجة وأن يشتروا لهم الكتب ، ذكرت لكم أن بعض الكتب مثل سير أعلام النبلاء أو تأديب الكمال للمزي ثمنه أكثر من ألفين جنيهاً، مسند أحمد بألفين ومائتي جنيه، مسند أحمد كتاب واحد فقط، سير أعلام النبلاء في قرابة ألف وتسعمائة جنيه، فتح الباري أقل نسخة النسخة تتجاوز المائة وثلاثين جنيهًا أو مائة وأربعين جنيه. فالكتب أمرها صعب جدًا.
فالعلماء القدامى كان أموالهم تنفق إما على الرحلة، وهذا كان غالب ما ينفق على الرحلة في طلب الحديث، أو على استئجار النساخ أو على شراء الكاغد _ الأوراق_ وشراء الأحبار وهكذا.فما من عالم إلا وله في هذه المسألة شيء يقال.
الكلام عن البخاري كلام كثير جدًا، لكن أنا أريد أن آتي بحكاية واحدة فقط ثم ندخل في محنة البخاري، لأن ما من عالم إلا وله محنة من المحن، أي عالم رباني لازم تجد له محنة من المحن، فقبل ما أدخل في هذه المسألة أذكر شيئًا من سماحة الإمام البخاري
مايدل علي سماحة نفس الإمام البخاري_ رحمه الله_ .
-من سماحة نفسه، والذي حكي هذه المسألة أبو جعفر الوراق هو تلميذ الوراق ووراقه وناسخه، أبو جعفر الوراق ذكر مرة أمام البخاري أنه يريد أن يشتري بيت، فالبخاري قال له ينبغي أن تذهب إلى فلان ماسك أموال البخاري وتأتي منه ألف درهم، فذهب فأتي بألف درهم، فقال له وهو يمليه، قال له أنا أريد أطلب منك شيء قال له تقبلها! قال نعم ونعمى عين، قال له خذ الألف درهم هذه واستعن به على شراء الدار وسامحني واجعلني في حل، قال له لماذا ؟ قال له إني قرأت خبر سعد وعبد الرحمن، وكان ينبغي أن أقاسمك شطر مالي فسامحني واعذرني لأنني قصرت في هذا. ماهو خبر سعد وعبد الرحمن؟
خبر سعد وعبد الرحمن. البخاري -رحمة الله عليه- رواه في صحيحه من وجهين،:
الوجه الأول:عن عبد الرحمن بن عوف في كتاب البيوع، ورواه في مناقب لأنصار ورواه من حديث أنس بن مالك وكرره من حديث أنس في أحد عشر موضعًا من صحيحه،:
خلاصة الخبر:
هذا أن النبي ﷺ لما دخل المدينة فآخى بين المهاجرين والأنصار، فكان من الذين آخى بينهما سعد بن الربيع وعبد الرحمن بن عوف، سعد ين الربيع أنصاري، عبد الرحمن بن عوف مهاجري، و المهاجرين تركوا ديارهم وأموالهم وخرجوا مهاجرين في سبيل الله -عز وجل-، الأنصار كانوا في بلادهم وفي حاضرتهم. فلما آخى النبي ﷺ بين سعد بن الربيع وعبد الرحمن بن عوف، قال سعد لعبد الرحمن أنا أكثر أهل المدينة مالاً فخذ شطر مالي وعندي زوجتان فانظر إليهما واختر أعجبهما إليك أطلقها لك فإذا انقضت عدتها تزوجتها. هذه سماحة عجيبة، لأن ليس من طبيعة العرب أنهم يتنازلوا، واحد يتنازل عن عرضه وإلا يتنازل عن امرأته ، فقال له عبد الرحمن بارك الله لك في أهلك ومالك، ولكن دلني على السوق).
بقدر إكباري بسماحة سعد كان إكباري لنبل عبد الرحمن.
ذهب عبد الرحمن بن عوف إلى السوق فما هو إلا أيام حتى استطاع أن يجمع شيئًا ذا بال من المال، لم يمر عدة أيام بعد ذلك إلا ولقيه رسول الله ﷺ في بعض الطريق، النبي ﷺ لقي عبد الرحمن بن عوف وعليه أثر صفرة، فقال مهيم يا عبد الرحمن -مالحكاية _ فقال تزوجت يا رسول الله. هذا الكلام في خلال شهر مثلاً (تزوجت يا رسول الله، فقال له -عليه الصلاة والسلام- بكم أصدقتها(أمهرتها) قال أصدقتها نواة من ذهب، فقال له أولم ولو بشاة) عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- كان إذا تاجر في التراب ربح من البركة.
فالإمام البخاري يقول لابن أبي حاتم الوراق الصحيح أنني أقسم معك مالي كما فعل سعد بن الربيع مع عبد الرحمن بن عوف. المهم القصة الحقيقة طويلة، وفي الآخر محمد بن أبي حاتم الوراق أبى أن يأخذ هذا المال ورده للبخاري، فالبخاري -رحمة الله عليه- قال له حيث أنك رددت المال إليَّ فلا أقل من أن تقبل مني ثلاثمائة درهم كنوع من المواساة.
محنة الإمام البخاري -رحمة الله عليه.
نأتي أخيرًا إلى المحنة محنة الإمام البخاري -رحمة الله عليه. البلاء شيء مسلط على بني آدم، لابد أن تبتلى إما أن تبتلى في الله أو أن تبتلى في الدنيا، أهل العلم والفضل يفضلون البلاء في الله لأن كله أجر.
الذين يهربون من الالتزام,يقولون أن المؤمن مُصاب, ودائمًا عليه مشاكل أنت عندما هربت من مشاكل الالتزام هل نجوت! لابد أن يبتلى المرء بأي نوع من أنواع البلاء، فلأن يبتلى المرء في الله ليكونن خيرًا له من أن يبتلى في الدنيا.
والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول( أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء حتى إنه ليمشي على الأرض وما عليه خطيئة).
وفي نفس الوقت يعود هذا على قلبه بالخير لأن القلب إنما يقوى في المحن والعواصف، ترمي القلب في العواصف يقوى ولا يضعف، ويوزن المرء يوم القيامة بقلبه، فربنا -عز وجل- أناط البلاء بأوليائه حتى يأتون الله -عز وجل- يوم القيامة بقلب قوي سليم، فما من عالم رباني له في الناس قدم صدق إلا وتجد له عنوانًا في ترجمته بعنوان محنته.
البخاري -رحمه الله- امتحن مرتين:
في المرة الأولى مع شيخه الإمام محمد بن يحيى الزُهلي: وكان الزُهلي إمام نيسابور، كان ملكًا غير متوج لا ترد له كلمة وكان صاحب حشمة كاملة في نيسابور. فالإمام البخاري لما عزم أن يذهب إلى نيسابور وأبلغ محمد بن يحيى الزُهلي أنه قادم إلى نيسابور، قال محمد بن يحيى الزُهلي في درسه لتلاميذه -وكانوا بالألوف- قال غدًا يأتينا العبد الصالح محمد بن إسماعيل فمن أراد أن يستقبله فإني مستقبله. خرج الزُهلي يقابل البخاري والبلد كلها خرجت مع الزُهلي والناس من فرحتها بقدوم البخاري نثروا الدنانير على رؤوس الأشهاد ونثروا قطع السكر والحلوى ابتهاجًا بقدوم الإمام محمد بن إسماعيل البخاري إلى نيسابور، جاء البخاري إلى نيسابور ونزل في دار البخاريين وبدأ البخاري يعطي دروسًا في العلم ويُملي العلم على الطلبة.
كانت في ذلك الوقت هناك فتنة جسيمة اسمها فتنة خلق القرآن، هذه الفتنة التي امتحن فيها الإمام أحمد ورفعه الله -عز وجل- إلى مناط النجوم بسبب صبره في هذه المحنة.
كان أحمد بن أبي داوود ذاك الجهمي قد ملأ أذن المعتصم أمير المؤمنين بفكرة خلق القرآن:و نحن نعلم أن القرآن كلام الله -عز وجل- وكل صفات الله -عز وجل- أزلية وقديمة ليست محدثة الله -عز وجل- لم يأخذ اسم الخالق أو لم يكن له اسم الخالق لأنه خلق -لا- بل هو خالق قبل أن يخلق وهو متكلم قبل أن يتكلم بالقرآن مثلاً أو بالكتب فصفة الكلام صفة أزلية لله -تبارك وتعالى- ليست محدثة وليست مخلوقة،.
ابن أبي داوود قال القرآن مخلوق: مخلوق أي لم يكن الله متكلمًا به ثم تكلم به. هذا كلام خطير عند أهل العلم فلذلك الأئمة كلهم وقفوا لهذه الفكرة وصرحوا بكلام واضح: من قال القرآن مخلوق فهو كافر.
وكان ابن أبي داوود دهب يحتج بآيات بالقرآن،كل مبطل يمكن أن يحتج بآيات من القرآن، من السنة، لأن القرآن حماَّل ذوو وجوه يعني القرآن ممكن اللفظة تحتمل معنى وتحتمل معنيين وتحتمل ثلاثة،:
فاحتج ابن أبي داوود على الإمام أحمد بأن القرآن مخلوق بقوله تعالى ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾الزخرف3﴾ قال له جعلناه أي خلقناه كما قال تعالى ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ َ ﴾(الأنعام1) فجعل هنا بمعني خلق،
فاحتج عليه الإمام أحمد بقوله جعل ليس معناها خلق، قد تكون خلق وقد تكون على غير ذلك، احتج عليه بقوله تعالى ﴿فَجَعَلَهُم كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ﴾(الفيل5) هل خلقهم ﴿ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ﴾ ولا صيرهم، فأبلس ابن أبي داوود.
المهم كان فيه مناظرات وكان المعتصم متبني فكرة خلق القرآن واضطهد العلماء وعذبهم وسجنهم وقطع رواتبهم وعمل أشياء كانت سيئة جدًا.
فاتفق العلماء على أن من قال القرآن مخلوق يكون كافراً. لكن خرج حاجة جديدة اسمها (لفظي بالقرآن مخلوق) القرآن كلام الله غير مخلوق، حركة لساني هذه لو أنا قلت كده ﴿الحمد لله رب العالمين﴾
أليس هذا لفظي؟ أنا تلفظت بالقرآن، هل هذا مخلوق أم أزلي؟
مخلوق لأن حركة لساني الآن مخلوقة كان لساني واقفاً ثم تحرك ، تمام، فلم تكن الحركة موجودة ثم وجدت، فلفظي بالقرآن مخلوق أي( تلفظي)، لكن اللغة العربية حمالة .
فلفظي إما أن تشمل:
1- تشمل الملفوظ الذي هو القرآن نفسه.
2- أو تشمل حركة اللسان،.
فعندما يقول أحد( لفظي بالقرآن مخلوق) هل يقصد القرآن أم يقصد حركة اللسان؟ العلماء قالوا لا لجهمية يريدون إحداث شيئاً جديداً انكشفوا عندما قالوا القرآن مخلوق كفرناهم يريدون إحداث شيئاً جديداً يقول ( لفظي بالقرآن مخلوق)ونمررها لهم وهم يقصدوا الملفوظ وهو القرآن نفسه،إذا رجعت المقالة الأولي.
العلماء قالوا مثل أحمد بن حنبل والزُهلي وغيره: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع.
البخاري يعطي الدرس فوقف، أحد الحاضرين قال:له يا أبا عبد الله ما تقول( لفظي بالقرآن مخلوق،) سكت، فكرر عليه، سكت البخاري لم يتكلم، كرر عليه، أيضاً سكت، كرر عليه،:
فقال البخاري العبارة الآتية قال) القرآن كلام الله غير مخلوق وأفعالنا مخلوقة). كلام واضح جدًا ,( أفعالنا) _أي حركة ألسنتنا_ وكي لا يحدُث التباس قال :في الأول (القرآن كلام الله غير مخلوق وأفعالنا مخلوقة) الرجل شغب وصرخ وقال البخاري يقول (لفظي بالقرآن مخلوق،) وصل هذا الكلام إلي محمد بن يحيى الزُهلي، لم يستثبت الزُهلي بالمسألة وقال :من جالس محمد بن إسماعيل فهو مثله، انفض الناس عن الإمام البخاري.
عندما يقول الزُهلي عالم نيسابور لا يجلس له أحد انفض الناس عن البخاري، لم يبق مع البخاري إلا اثنان:" الإمام مسلم وأحمد بن سلمة
فأحمد بن سلمة يقول له يا أبا عبد الله أين هذا اليوم من اليوم الذي نثرت فيه الدنانير على رؤوس الأشهاد،:
قال البخاري له :ما يضرني إذا سلم لي ديني. بدأ الزُهلي يضيق على البخاري فخرج البخاري ليلاً من نيسابور إلى بخارى.
ويذكر ابن عدي وغيره بسنده إلى البخاري أن البخاري لما اهتم -ركبه الهم- بسبب هذه المسألة(قبض على لحيته وقال(اللهم ضاقت علي الأرض بما رحبت فاقبضني إليك.)
بعض الناس قد يستشكل دعاء البخاري -رحمه الله- مع نهي النبي ﷺ أن يتمنى الإنسان الموت،:
قال ﷺ كما في حديث أنس وغيره :" لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا محالة فاعلاً، أو إن كان لابد فاعلاً فليقل اللهم أحييني ما كانت الحياة خيرًا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرًا لي"فالبخاري هنا يقول( اللهم ضاقت علي الأرض بما رحبت فاقبضني إليك)
"كلام البخاري -رحمة الله عليه- يتوجه بوجهين:
الوجه الأول:أنه قد يكون نسي الحديث في غمرة الهم، الإنسان المهموم الحزين ينسى البديهيات وأقرب مثل إلى ذهني أتذكره الآن مثل عائشة -رضي الله عنها- لما أشاع الناس عنها الفاحشة في حديث الإفك المشهور تقول أن النبي ﷺ منذ علم بهذا لم يكن يكلمها، ذهبت إلي بيت أبيها وجلست هناك تبكي يومها وليلتها قالت: حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي، وكان النبي ﷺ يأتينا فلا يتكلم أكثر من أن يلقي السلام، ثم يقول كيف تيكم؟ تيكم اسم إشارة للبعيد، أي_إزيها _. وظل النبي ﷺ على هذا شهرًا كاملاً، لا يحدثها وكل الذي يفعله ﷺ أن يدخل ويقول كيف تيكم، فقالت عائشة لأبيها يا أبت أجب رسول الله -لأبي بكر -رضي الله عنه، أجب رسول الله، قال والله يا ابنتي لا أدري ما أقول، فقالت لأمها أجيبي رسول الله ﷺ فقالت يا بنيتي والله ما أدري ما أقول، قالت عائشة فقلت وأنا حديثة السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن، والله ما أجد لي معكم مثلاً إلا كما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.
الشاهد: قالت عائشة ونسيت اسمه، من أبو يوسف -عليه السلام- أليس يعقوب؟بلى يعقوب، لكنها من شدة الهم الذي وقعت فيه بسبب أنها اتهمت في عرضها وهي طاهرة الذيل -رضي الله عنها- ولا تجد دليلاً لبراءتها وكانت تنتظر أن يرى النبي ﷺ رؤيا يبرؤها الله -عز وجل- بها وما كانت تظن أبدًا أن ينزل فيها قرآن، كما قالت إني لكنت أحقر في نفسي أن ينزل الله فيّ قرآنًا. فلما تقول كما قال أبو يوسف ثم تقول ونسيت اسمه، فيمكن الإنسان في معرض الهم الشديد يمكن أن ينسى الشيء البدهي الذي يقوله ليل نهار،
هذا التخريج الأول لأن الإمام البخاري قال" اللهم ضاقت عليّ الأرض بما رحبت فاقبضني إليك،"
التخريج الثاني :أن يكون الإمام البخاري تأول لأن عندنا حديث للنبي -عليه الصلاة والسلام- في زمان الفتن التي هي( يمسي الرجل مؤمنًا ويصبح مؤمنًا ويمسي كافرًا يبيع دينه بعرض من الدنيا.)
في هذه الأثناء قال النبي ﷺ (يمر الحي على قبر الميت فيقول يا ليتني مكانك). تمنى الموت.
قال المتنبي:


كفى بك داءً أن ترى الموت شافيًا
وحسب المنايا أن يكن أمانيًا.


فالإمام البخاري لما خشي على نفسه الفتنة في الدين لأن بلاء الإمام البخاري مع شيخه محمد بن يحي الزُهلي, لم يكن في الدنيا,إنما كانت المسألة عقدية, تتعلق بالدين , فخشي الإمام البخاري علي نفسه,فربما يكون الإمام تمني الموتَ تخريجاً علي هذا الحديث," يمرُ الحي علي قبر الميت,فيقول ياليتني مكانك"
المحنة الأخرى التي تعرض لها الإمام البخاري:
أن أميرَ بُخاريَ الأمير (خالد ابن أحمد) أرسل إلي البخاري, وقال له تعالي اقرأ علي كُتبك وعلي أولادي,_أي أن البخاري يخُص الأمير وأولاده بدرس مخصوص في القصر بحيث أن أولاد الأمير لا يجلسون مع الناس_.
قال الإمام: "أنا لا أزل العلم, ولا أحملَهُ إلي أبواب أحد, فإن كان لك حاجةٌ فأتني"_,أنا لا أخص أحداً من الناس بشيء _وإن لم يعجبك فامنعني,حتى يكونَ لي حجةٌ لي عند الله يوم القيامة في كتمان العلم," وجدَ عليه الأمير , واستعان عليه ببعض الناس كحُريث ابن أبي الورقاء, تكلم في مذهب إمام البخاري , أي افتري عليه وشوش عليه, وألزمه بكلامٍ لايقوله الإمام البخاري _رحمة الله عليه_كنوع من الفرية علي البخاري,كي يشوه سمعته,.
الإمام مالك: لما طلب منه جعفر بن المنصور أن يقرأ عليه الموطأ أبي, حتى لما جاء أبو جعفر المنصور ورفع صوته في حلقة الإمام مالك,فقال له أيها الأمير إن الله عز وجل يقول(لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ )(الحجرات)2 وأشار إلي قبر النبيﷺفخفض أبو جعفرٍ من صوته.
فالإمام البخاري: أعز العلم ولم يَخُصَ به طائفةً من الناس,دون طائفة, وعز الله البخاري باستغنائه عنهم,.فالبخاري قبل أن يموت, ركب الدابة كان يريد أن يصل إلي بعض أهلهِ,فركب الدابةَ ولكنه شعر بضعفٍ شديد, ونزل منه عرقٌ شديدٌ جداً, فقال إني ضَعفتُ فأرسلوني,فأنزلو من علي الدابة فلم يمكث قليلاً حتى مات, عاش البخاري بعد الدعاء الذي قاله(اللهم ضاقت عليّ الأرض بما رحبت فاقبضني إليك،" ثلاثة أيام.فقط ومات في اليوم الرابع من دعائه,في ليلة عيد الفطر سنة(256) هجرية, وصلوا عليه في يوم عيد الفطر, ودفنوه ومات _رحمة الله عليه_ عن اثنين وستون عاما وثلاثة عشر يوماً.وهي قريبٌ من السن التي مات عنها رسول الله ﷺفالنبي_ صلي الله عليه وسلم_ مات عن ثلاثٍ وستين سنة, وكذلك أبو بكرٍ وعمر. رضي الله عن الجميع
وبهذا نكون قد أعطينا إطلالة ًسريعة علي ترجمة الإمام أبي. عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله.
سبب تصنيف البخاري_ رحمه الله _ لكتابه:
صنف الإمام البخاري ,هذا الكتاب بعد رؤية رآها, فقصها علي شيخهِ, إسحاق ابن إبراهيم ابن راهويه,. رأي في مجلس إسحاق ابن راهويه.
قال البخاري:" سمعت إسحاق يقول:لو جمعتم لنا كتاباً صحيحاً في سير النبيﷺ وأحوالهِ وأيامهِ قال البخاري: فوقع ذلك في قلبي,فبدأ يجمع الكتاب الصحيح, الذي صنفه,.
وعلي إثر هذا رأي رؤية,: رأي النبي_صلي الله عليه وسلم _يمشي, وكلما رفع قدمهُ وضع البخاري قدمهُ, علي قدم النبي ﷺ وهكذا فقصها علي بعض المعبرين,فقال: له (أنت تقتفي أثره,)
ورأي البخاري رؤية أخري:أنه جالسٌ بجوار النبي _صلي الله عليه وسلم _ومعه منشة ينش بها عن وجه النبي_عليه الصلاة والسلام_ فسأل المعبرين , فقالوا له أنت تذب الكذب عن سنته ﷺ وقد كان,.
بدأ الإمام البخاري يجمع الصحيح, وكان البخاري يحفظ ستمائة ألف حديث_ ليس المقصود أن الستمائة ألف كلهم مرفوعين إلي النبي _صلي الله عليه وسلم_بل كل كلام يروي بسند اسمه حديث كلام النبي ﷺ وكلام الصحابة والتابعين ومتبوعيهم فكل قول يسمي حديثاً.
بدأ من الأحاديث المرفوعة إلي النبي _عليه الصلاة والسلام_ ينخلها ويختار أقواها, ليس كل الأحاديث صحيحة وضعها البخاري في كتابه, لا إنما انتقي علي شرط له, .
فهو أول إمام جمع الأحاديث الصحيحة فقط,أما الذين كانوا قبل الإمام كانوا يجمعون الصحيح والضعيف, ويجعلونه علي الأبواب, كمشايخ البخاري ومشايخ شيوخه,.
الإمام مالك _رحمة الله عليه_أول من اعتني بذكر أعلب الصحيح في كتابه (الموطأ) إنما مصنفات الأئمة قبل ذلك كانت مصنفاتهم بدائية, كل باب يضع تحته مجموعة من الأحاديث السيوطي_ رحمه الله _أرخ لهذا التدرج التأليف, حتى وصل للبخاري رحمه الله,
يقول السيوطي في ألفية الحديث:
أولُ جامع ِ الحديثِ والأثر__ابنُ شِهاب آمراً له عمر.(ابن شهاب)_ أي الزهري_ جمع السنة بأمر عمر بن عبد العزيز.




أولُ جامع ِ الحديثِ والأثر
ابنُ شِهاب آمراً له عمر.
وأول ُ الجميعِ للأبوابِ
جماعةٌ في العصرِ ذو اقترابِ
كابن جريج وهشيم مالك
ومعمرٍ وولد المباركِ.
وأولُ الجميعِ باقتصارِ
علي الصحيحِ فقط البخاري.
ومسلمٌ ومن بعده والأولُ
علي الصواب في الصحيح أفضلُ.

وليس في الكتبِ أصح منهما__ بعد القران ولهذا قُدِما.
يقول السيوطي أول من جمع واقتصر علي الصحيح, هو الإمام البخاري_ رحمه الله, _ثم تلاه الإمام مسلم رحمه الله , وإن كان البخاري أفضل من مسلم, في قوة الحديث وفي شرط قبول الحديث.
إجابة الأسئلة:
س:ما صحة حديث" اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ؟ وهل يؤخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ؟
الجواب: هذا حديث ضعيفٌ لا يصح عن النبي- صلي الله عليه وسلم- ، وبالنسبة للأخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ، فنحن نقول أن الحافظ بن حجر العسقلاني اشترط ثلاثة شروط في الحديث الضعيف الذي يُعمَلُ به في فضائل الأعمال وهي:-
أولاً: ألا يعتقد ثبوته عند العمل به .
ثانيًا: أن يكون مندرجاً تحت أصل عام .
ثالثًا: ألا يكون شديد الضعف .
وكلمة شديد الضعف لا يعرفها إلا أهل الحديث ، وأنا أمامي حديث أعرف إذا كان ضعفه شديد أو خفيف كيف ، لابد أن أكون عالماً في الحديث ، أنظر في الإسناد وأنظر في أحوال الرواة ، فأعرف إذا كان شديد أو غير شديد ، فإذا كان هذا الشرط ، ألا يكون الضعف شديد لا يعرفهُا إلا عُلماء الحديث فهذه معناها باختصار شديد لا يحل لأحد غير عالم بالحديث أن يأخذ حديثًا ضعيفًا ليعمل به ، لأنه في هذه الحالة لا يعرف إذا كان الضعف شديد أو خفيف ، فيكون بذلك سد باب العمل بالأحاديث الضعيفة على كل العوام .
الحافظ بن حجر بهذه الشروط في الحقيقة إنما أغلق الباب , وكما أقول عندما تقصُر عبارة الناقد يكون الحديث ضعيف جدًا ، فيكون نفسه رِخو في الكلام فيقول في الحديث ضعيف فقط ، كما عند العراقي في تخريجه لأحاديث إحياء علوم الدين للغزالي ، وإحياء علوم الدين ، الحافظ العراقي له تخريج صغير وهو المطبوع على حاشية الكتاب ، كثيرًا ما يكون الحديث موضوعًا ، أو ضعيف جدًا أو متروك أو منكر أو باطل أو غير ذلك ، والحافظ العراقي يقول إسناده ضعيف ، فيظن بعض الناس طالما أن إسناده ضعيف ، يُعمل به في فضائل الأعمال ، فيأخذ الحديث ويتكلم به بالرغم أن الحديث في الواقع موضوع ، لكن عبارة الحافظ العراقي قَصُرَت ، لم يكن دقيقًا عندما قال إسناده ضعيف ، كان ينبغي أن يقول ضعيف جدًا أوأن يقول هو موضوع ..إلى آخره ، فهذه العبارة تَغُرّ العوام .
حاصل كلام الحافظ بن حجر في شروط العمل بالحديث الضعيف أنه بالشرط الأول أو بالشرط من هذه الشروط الثلاثة وهو ألا يكون الضعف شديدًا ، فيكون أغلق الباب على كل من ليس عالمًا بعلم الحديث .
س: كيف استشهد البخاري بأحاديث وهي ليست في صحيحه ؟
الجواب: نحن نقول البخاري لم يجمع الأحاديث الصحيحة كلها في كتابه ، إنما قال أخرجت من الأحاديث الصحيحة وتركت من الصِحَاح لحال الطول لأنه لو أراد أن يجمع كل الأحاديث الصحيحة في كتابٍ واحد لعظُمَ الكتابُ جدًا وكتاب البخاري اسمه الجامع الصحيح المختصر ، البخاري له شرط في أحاديثه كل الأحاديث التي وافقت شرطه أخذها ووضعها في كتابه ، والذي لم يوافق شرطه وليس ضعيف إنما على شرط مسلمٍ مثلاً ، أو على شرط إمامٍ آخر وهو صحيح .
فالبخاري التزم في كتابه بشرطٍ خاص هو ألزم نفسه به ، وترك من الصِحَاح أحاديث كثيرة ، وكتاب الأدب المفرد للإمام البخاري نفسه روى في هذا الكتاب أحاديث لم يرويها في كتاب الجامع الصحيح ، فالحاصل أن البخاري لم بُخرِّج كل الأحاديث الصحيحة ، إنما خرج بعضها والأحاديث في كتاب البخاري بدون المكرر تقريبًا ألفان وكسر فهل الأحاديث الصحيحة ألفان وكسر ، لا ، الأحادي الصحيحة تزيد علي عشرين ألفًا ، فالبخاري عندما يحتج بحديث في فقه أو في حالٍ أو في سلوكٍ فلا يلزم بالضرورة أن يكون هذا الحديث مما رواه في صحيحه .
س: ماصحة الحديث الذي يقول أن الله يجيب للعبد طلبه لكي لا يسمع صوته ؟
الجواب:هذا باطل ولا يصح عن النبي- صلي الله عليه وسلم- .
س: كيف أعرف إن كنت مستجاب الدعوة أم لا ؟
الجواب:هذه المسألة تحتاج إلى وحي ، لا أحد منا يستطيع أن يقول لإنسان أنت مُستجَاب الدعوة ، إنما يقوله نبي ، النبي إذا قال لرجل أنت مستجاب الدعوة ، فيكون مستجاب الدعوة ، أما فيما عدا ذلك فهذا افتراء على الله- عز وجل- لا يحل لأحد أن يتهجم عليه .
س: ما هو اسم الله الأعظم ؟
الجواب: قد ورد في حديث صحيح أن النبي- صلي الله عليه وسلم- علم عائشة دعاء " اللهم أني أسألك بأنك الله الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد " فقال النبي- صلي الله عليه وسلم- هذا قد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعا به أجاب ، فاسم الله الأعظم موجود في هذا الدعاء وهو في صورة الإخلاص كما هو واضح من سياق الكلام .
نسأل الله تبارك وتعالي أن يجعل ما قلناه زاداً إلي حسن المصير إليه, وعتاداً إلي يمن القدومِ عليه, إنه بكل جميلٍ كفيل, وهو حسبنا ونعم الوكيل, وصلي الله اللهم وسلم وبارك علي نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.
انتهي الدرس الثاني



* * *

أم محمد الظن
2010-06-23, 07:49 PM
[3ٍ]: مفاتيح صحيح البخاري (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=94309&scholar_id=32&series_id=5411)

قد تكلمنا في حلقتين سابقتين عن ترجمة الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالي وتكلمنا بشيء من الإيجاز عن حياته وجوانبها وعن ثناء الناس عليه واليوم إن شاء الله تعالي سنتكلم عن مفاتيح الكتاب مفاتيح صحيح البخاري لأنك لا تستطيع أن تلج بابًا إلا بمفتاح :
سبب بلوغ كتاب البخاري الذروة في الدقة والإتقان وحسن الصنعة
وكتاب الإمام البخاري كتاب بلغ الذروة في الدقة والإتقان وحسن الصنعة وكما قلت هذا محل إجماع بين أهل العلم جميعًا لا نعلم بينهم خلاف في هذا .
وهذا يرجع أولاً إلى قيمة الصحيح ووزنه بين أهل العلم ثم هو راجع إلى سداد فهمه أيضًا وإلى حافظته الكثيرة الواعية .
رجل من أهل بغداد قال أن محمد بن إسماعيل لا يحسنُ يصلى فبلغه هذا القول فقال لو شئتُ ألا أقوم من مجلسي هذا حتى أسرد عشرة ألاف حديث في الصلاة خصوصًا لفعلت .
رجل محفوظه عشرة ألاف حديث في الصلاة وحدها ، رجل يملك كيف يقال أنه لا يحسن يصلي ، هذا عند ه محفوظ عنده رأس مال ثم عنده جودة صحية وسيلان ذهن فصنف كتابه ليس في مدة يسيرة مع ثقل هذا الإمام وجودة فهمه وسيلان ذهنه الذي ذكرت وكثرة محفوظه ظل سبعة عشر عامًا يؤلف هذا الكتاب ، يبدل ويغير ويقدم ويؤخر .
فليس من السهل أبدًا على رجل يعرف قدر نفسه أن يعترض ببساطة وسهولة على هذا الإمام ولذلك لا تجد يجترأ علي الإمام إلا الجهلة إنما العلماء ، لا .
وهناك واقعة مشهورة ذكرها بن علي رحمه الله عن عدة من مشايخه في كتابه الذي صنفه في أسماء شيوخ محمد بن إسماعيل .
قال إن البخاري لما دخل بغداد ووصلها صيته قبل أن يدخل فلما دخل قالوا جاء البخاري جاء البخاري ، فبعض الناس ممن ينتقصون العلماء أرادوا أن يعملوا للبخاري اختبار ، فأتوا على مائة حديث بدلوا أسانيدها فجعلوا إسناد الحديث الأول وضعوه بدلًا من إسناد الحديث الثالث وإسناد الثاني وضعوه بدلاً من إسناد الحديث العاشر وهكذا ، أي لم يبقوا إسنادًا على حديث إلا بدلوا هذه الأسانيد وجعلوها على أحاديث أُخَر وأعطوا المائة حديث لعشرة كل واحد من العشرة أخذ عشرة أحاديث ، وقالوا عند ما ينتهي مجلس الإملاء فيقوم الأول فيقول ما تقول في الحديث حدثنا فلان عن فلان عن فلان أو رواه فلان عن فلان عن فلان أن النبي صلي الله عليه وسلم قال كذا وكذا ولما ينتهي الأول من الأحاديث العشرة يبدأ الثاني فيقول العشرة التي تليهم وهكذا حتى تمام المائة .
وبالفعل قام الأول وسأل البخاري في العشرة الأولى وفي كل هذا كلما سمع البخاري الحديث قال لا أعرفه لا أعرفه لا أعرفه فلما انتهي الأول من العشرة الأولي قام الثاني فلما انتهي من الأحاديث العشرة قال البخاري لا أعرفها حتى تمام المائة ، في كل ذلك يقول البخاري لا أعرفه لا أعرفه لا أعرفه .
الجماعة الجهلة حشو المحاضرات وحشو الدروس وغير ذلك قالوا أهذا هو البخاري ؟ يقولون البخاري البخاري وهو لا يعلم أي حديث ، كل حديث يقول لا أعرفه لا أعرفه ، أما أهل العلم فقالوا فطن الرجل اكتشف الملعوب ، اكتشف القصة .
وبعد أن انتهي العاشر من تمام المائة حديث قال البخاري للأول أما حديثك الأول فإسناده عند الثالث وأما حديثك الثاني إسناده عند الرابع وحديثك الثالث إسناده عند العاشر إلى آخره حتى رد كل المتون إلى أسانيدها الصحيحة فما قام البخاري من مجلسه حتى أذعنوا له بالفضل .
الحافظ بن حجر العسقلاني يعلق على هذا الخبر: فيقول ليس بعجيب أن يحفظ البخاري الصواب هذا يعرفه كثير من الناس ، إنما العجيب أن يحفظ الخطأ على ترتيب ما ألقوه ، فعندما يقول له حديثك الأول إسناده عند العاشر وحديثك الثاني إسناده عند التاسع أو الثامن ، كيف حفظ البخاري هذا كله بمجرد إلقاءٍ واحد ، ليس العجيب أن يعرف الصواب فإن الصواب يعرفه كثير من الناس بل العجيب أن يحفظ الخطأ على ترتيب ما ألقوه ، لذلك لم يقوم البخاري من هذا المجلس حتى أذعنوا له بالفضل .
وأضرب هذا المثل لأبين الفرق بين أهل العلم وبين الجهلة : الجاهل لا يفهم ، أول ما يرى شيئًا يعترض عليه إنما العالم هو الذي يعرف مسالك الدلالة سيوفق يحمل هذا على معني وهذا على معني على حسب الأصول الصحيحة
وأنا اليوم طالما سندخل في صحيح البخاري أريد أن أعطيك المفتاح ، لأنه بدون هذا المفتاح يظل الكتاب مغلقًا : لذلك هذا الدرس في منتهى الأهمية ؟ لماذا ؟ سيبنى عليه فهم الكتاب .
وأريد أن أنبه أن بعض الناس يخاف أن الكلام يكون مغلقًا فيقول أن هذا الكلام كلام عالي يحتاج إلى ناس متخصصين وأنا أقول لك لأ ، وأنا لي تجربة وأنت ربما تشعر بشيء من الصعوبة في بداية الكلام لكن أنا لي تجربة طويلة مع الناس في مسألة التدريس بحيث أنت تنتبه معي لا تشغل نفسك بالليل تناول العشاء وتهيئ نفسك وأول ما تأتي المحاضرة تجلس وتعطيني أذنك وقلبك قبل أذنك ولك على إن شاء الله عز وجل أن أصيرك مدمنًا بحيث أنك ستجد نفسك تعودت ولا تستطعم إلا مثل هذا الكلام ،:
وأنا أذكر بين يدي كلامي أحدث تجربتين وقعتا لي في هذا الأمر .
التجربة الأولي:
في مسجدي الذي أدرس فيه في يوم الاثنين ، أعطي في مرة شرح صحيح مسلم والاثنين الذي يليه أعطي درس في مصطلح الحديث في علم الحديث ولأنني أعلم أن كثير من الناس يأتون المسجد فيكونوا جُدُدًا لأول مرة يحضرون عندي وهو متصور أنه كلما دخل المسجد يستمع إلى محاضرة يفهمها من أولها إلى آخرها ، ولأنني أعرف هذا فأنبه في درس صحيح مسلم أقول الاثنين القادم إن شاء الله سنشرح مصطلح وأقول لماذا أنا أقول ذلك ؟ حتى لا يأتي أحد يقول أنه قادم من بلاد بعيدة ولم يفهم ودائمًا في درس صحيح مسلم أنبه على المحاضرة القادمة ، المهم في يوم من الأيام وكان يوم الاثنين وكنت أشرح كتاب في علوم الحديث للحافظ بن كثير في المصطلح .
بعد نصف ساعة من المحاضرة وكنت أتكلم في هذه الأيام عن الحديث الشاذ وهذا أصعب نوع من أنواع علم الأحاديث أو من أصعبها فتكلمت نصف ساعة فوجدت واحد قام من بين الحضور وقال يا عمي الشيخ أنا بعد مرور نصف ساعة لم أفهم ولا كلمة ، قل لي كلام أفهمه أنا أتيت إليك من محافظة كذا ، طبعًا المسجد كله ضحك ، لأنني أنبه في كل مرة وهذا كان أول مرة يحضر هذا الأخ بعد ما سمع الشرائط وغير ذلك فقال أنا اذهب شخصيًا وأحضر مباشرة .
فقلت له حاضر أعطيني خمس دقائق حتى أغير أوضاعي وأكلمك بكلام مفهوم وكان أمامي في سند أحد الأحاديث أحد الرواة الثقات ، واعتبرت هذا نوع من الفرجة لما رأيت أمامي الإسناد وقلت أن هذا سيكون مدخلي أن هذا الرجل يفهم أو يشعر بشيء من الرضا لو فهم الكلام الذي سأقوله والراوي هذا أحد شيوخ البخاري أيضًا اسمه الضحاك بن مخلد الشيباني وكنيته أبو عاصم ولقبه النبيل وهو مشهورٌ بكنيته أكثر من اسمه فتجد دائمًا في الأسانيد يقول أبوعاصم فنحن نعلم أنه أبو عاصم النبيل .
لماذا لُقِبَ الضحاك بن مخلد الشيباني بالنبيل؟
فوقفت عند لقب هذا الإمام الكبير النبيل ، ولماذا لقب بالنبيل ؟
فقلت لقب بالنبيل هذا على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه كان في مجلس, الإمام مالك صاحب المذهب المشهور وهم أثناء المجلس عند الإمام مالك فإذا برجل يقول الفيل ، الفيل ، فكل الحضور خرجوا يجرون من المجلس ليشاهدوا الفيل ، لكون رؤية الفيل شيء كبير ، ولو أن الفيل اليوم يمشي في الشارع لوجدت الناس ينظرون من البلكونات ليشاهدوه ، فما بالك بهذا الزمان ، الفيل نادر ، خرجوا ليشاهدوا الفيل ما عدا أبوعاصم الضحاك فقال له مالك لما لم تخرج كما خرج أصحابك ؟ وقال له ما أجد عنك عوضًا ، فقال له أنت نبيل ولذلك لُقِبَ بالنبيل .
القول لثاني: في لقبه ذكروا أن أبا عاصم النبيل هذا الضحاك كان رجلاً له هندام يلبس الملابس الثمينة والنظيفة وكان هناك رجلٌ أخر يُكني بأبي عاصم وكان غير نظيف , وفي حاله فجاء أبو عاصم صاحبنا صاحب الترجمة التي نتكلم فيها فأتي إلى أحد شيوخه يُقال له بن جريج وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج إمام أهل مكة ومن طبقة الإمام مالك .
المهم طرق أبو عاصم الباب فخرجت إليه جارية فدخلت وقالت لأبن جريج أبو عاصم بالباب قال لها فلان على الأخر ، قالت لا ، أبو عاصم النبيل والنبيل أي يلبس ملابس جيدة وطيبة ، فدخل أبو عاصم على بن جريج وهو يضحك فقال مما تضحك ؟ فحكي له حكاية الجارية فقال له بن جريج أنت النبيل فلُقِبَ بأبو عاصم النبيل .
الأمر الثالث: ذكروا أنه كان كبير الأنف والأنف هو أعلى شي في الوجه وأشرف شيء أيضًا في الوجه والأنفة والعزة من الأنف ولما واحد يحب أن يريك أنه أذل واحد يقول أن أنزلت أنفه الأرض وفي بعض دول الخليج لما واحد يطلب من واحد شيء فيقول له على خشمي أي على أنفي ونحن نقول هنا على عيني وهم هناك يقولون على خشمي فالأنف هذا شيء كبير .
فأبو عاصم هذا كان كبير الأنف فلما تزوج ودخل بامرأته فاقترب منها فقالت له نحي ركبتك عن وجهي فقال لها هذه ليست أذني هذا أنف ، كل هذا أنف لدرجة أنها تصورت أنه ركبه ولذلك لقب بالنبيل لأنه كان كبير الأنف .
فهذه كانت مدخلي للكلام عن الحديث ورواة الحديث وغير ذلك ، المهم أن الرجل شُد لما يسمع وبدأ يحس بأنه ينسجم أول محاضرة لم يفهم كل المحاضرة لكن طلع بهذه الفائدة وكم فائدة من تراجم الرواة ، وهذا الرجل الآن لا يغادر أبدًا أي درس في المصطلح حتى اليوم وحتى أخر درس أنا ألقيته في المصطلح منذ مدة دائمًا يحضر في دروس المصطلح .
التجربة الثانية:
التي أريد أن أحكيها حدثت لي في الكويت ، من حوالي ثلاث سنوات دعتني وزارة الأوقاف في الكويت لألقي أسبوعًا علميًا في موضوعات معينة .
وعملوا محاضرتين ، محاضرة ما بين المغرب والعشاء للعوام أتكلم فيها عن معاني الأحاديث ومحاضرة بعد العشاء لطلبة العلم في علم مصطلح الحديث ، والوزارة قالت أن الذي سيحضر مصطلح الحديث في حدود ثلاثين أو أربعين فجهزوا حوالي مائة كراسة بزيادة ، وما خطر ببالهم قط أن يزيد العدد عن مائة ، ولما جلست بعد صلاة المغرب لأعطي المحاضرة فالمسجد كان عن آخره أعطيت المحاضرة وبعد أن انتهيت من صلاة العشاء قام أحد الأخوة وقال يا جماعة الآن درس في مصطلح الحديث دري تخصصي ، فلم يقم أحد من المسجد وأنا أسقط في يدي ، لماذا ؟ أنا في بلدي ليس لدي مشكلة أنا مجرب صار لي خمسة وعشرون أعمل بهذا النظام لم أغير من طريقتي ولم أغير منهجي وبفضل الله عز وجل أستطيع أن أوصل المعلومة إلى المستمع مهما كانت المادة صعبة جدًا جدًا أستطيع مع كثرة الممارسة بعد توفيق الله عز وجل أن أوصل المعلومة للمستمع .
لكن أنا في بلد غريب لا أعرف الناس ولا أعرف كيف يستقبلون المعلومة فضربت أخماس في أسداس ماذا أفعل ؟ فقلت أعمل المحاضرة الأولى عن تاريخ السنة وتاريخ تدوين الحديث إلى آخره وبدأت في المحاضرة الثانية في اليوم التالي في شرح مصطلح الحديث ، ولم يقم أحد قط من المسجد ، أنا وجدت العوام وليس طلبة العلم لأن أنا قلت لهم كل واحد يحضر كراسة وقلم من أجل أن تكتبوا الفوائد ، فكنت أجد العوام هم الذين يحضرون الكراسات والأقلام ليكتبون ما أقول .
في خلال العشرة أيام عملنا ثقافة حديثيه عند كثير من الناس وبدأ الناس يطالبونني بأن أنا أمليهم أسماء كتب يعملوا مكتبات ، ليس لهم فقط وإنما لأولادهم لأنني تكلمت في ذلك في تلك المحاضرات عن وقف الأولاد لله عز وجل ، يكون عندك ولد وقف كما أنك تجعل مصحف وقف لله أو تجعل سبيل للمياه وقف لله يكون عندك وقف في أي حاجة فيكون عندك ولد وقف لله عز وجل ، تقول الولد هذا أنا أربيه وأنفق عليه وأهيأ له جميع المسائل ليكون من حرس الحدود وتكلمت في هذا المعني بما فتح الله عز وجل به ، وفي نهاية العشرة أيام أمليت عليهم أسماء كتب كثيرة وإلى الآن وأنا أتابع مع إخواننا هذه المحاضرات ما زال لها الأثر الحميد حتى اليوم .
وأنا أريد أن أقول أن قصدي أن أرتقي بذوق المشاهد : وأنا أعتقد أن العامي يمكن أن يكون مسددًا في ذوقه وأقصد بالعامي من ليس عالمًا في الشريعة مهما كان عالمًا في أي فن أخر ، وكل إنسان منا عامي في فن من الفنون أو أكثر أنا عامي بالنسبة للطب والهندسة والصيدلية والزراعة والتجارة والذرة وغير ذلك ، معلوماتي غير موثقة وأنا لست حجة في المجال إذا تكلمت أتكلم بمعلومات عامة معروفة .
كذلك الرجل عالم الذرة أو الطب أو الهندسة أوغير ذلك عامي في علم الشرعية ولا أقول عامي بقصد الشتم أو أقصد أن أحط من مقامه ، ولكن قصدي أن أرتقي بذوق المشاهد وربما يجد المشاهد بعض الصعوبة على حسب استقباله المعلومة في الأول ، وهذا شيء طبيعي جدًا أن يجد صعوبة ، لكن إذا صبر نفسه سينفتح له منجم عظيم يسدد ذوقه ويعلي من قدر فهمه .
اليوم إن شاء الله تعالي أريد أن أريكم نموذج من قدر الإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري : في هذا الأسبوع بعض الجرائد تشتم في البخاري ، يقولون أن البخاري يكره النبي صلي الله عليه وسلم ، لماذا ؟ لأنه كشف حياته الشخصية ، هل هناك أحد يحب النبي عليه الصلاة والسلام يكشف حياته الشخصية ؟ فكيف كشفها ؟ قال روي أن النبي ﷺ وعائشة كانوا يغتسلون من إناء واحد من الجنابة ، فهل هذا شخص يحب النبي يكشف هذا الكلام ؟ فما الذي في ذلك ؟ هل الذي يتكلم عفيف جدًا والله أعلم يكون يمشى مع امرأة أو صاحب امرأة أو غير ذلك ، ويأتي يتكلم عن العفة ويرمي الأحرار ، فما الذي في قول البخاري ؟ .
ولم يقل أحد مطلقًا أن وصف غسل الجنابة فيه خدش الحياء ، هذه أحكام شرعية والله عز وجل أمر نبيه ﷺ أن يبلغها للناس وأن يوضحها وديننا دين النصح ، هؤلاء الناس الدين عندهم في المسجد فقط لكن لا يحكم الحياة ،.
ومن يكن ذا فمٍ مرٍ مريضٍ يجد مرًا به الماءَ الزُلالاَ

وخذ عشرات الكتب التي تسير على هذا المنوال وتحصد في مثل هذا الجهل الكبير الذي انتم بعد أن تعرفوا قدر هذا الإمام ستعرفوا قدر هؤلاء من الجهل أيضًا .
اليوم سنتكلم عن شيء اسمه الترجمة لأن فقه البخاري كله في تراجم الكتاب ،
فما معني الترجمة ؟
الترجمة: المعني المتبادر الذي يعلمه الجميع هو أن تنقل كلامًا من لغة إلى لغة ، تنقل كلام من عربي إلى إنجليزي ، فرنسي ، إيطالي ، أسباني أو من هذه اللغات إلى اللغة العربية أو من هذه اللغات إلى بعضها فهذه اسمها ترجمة النقل نقل الكلام من لسان إلى لسان أخر .
الترجمة لغةً: هي البيان والتفسير والإفصاح .
الترجمة اصطلاحاً :_في مصطلح أهل العلم_ هي جمع أحاديث لها معني واحد تحت باب . .
مثال ذلك: قول البخاري رحمه الله( باب ما جاء في الصحة والفراغ وألا عيش إلا عيش الآخرة )وهذا أول باب في كتاب الرقاق كلام البخاري هذا اسمه ترجمة .
هذه الترجمة تحتها نص أو أكثر والنص هذا إما أن يكون قرءانًا أو أن يكون حديثًا للنبي عليه الصلاة والسلام أو أن يكون كلامًا للصحابة أو التابعين .
النص: عبارة عن هذه الثلاثة ، قرءان ، سنة ، كلامًا للصحابة أو التابعين ، يكتب الترجمة ويورد تحتها أحاديث مثل أول حديث في كتاب الرقاق حديث بن عباس ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ).
عندما يقول باب ما جاء في الصحة والفراغ فهذه هي الترجمة وهذا هو الركن الأول .
الركن الثاني: النص الذي جعل له ترجمة والذي قلناه الآن .
فنحن عندنا الترجمة والمُتَرجَم له وهو النص والمُِترجٍم الذي هو البخاري ، فتكون القسمة العقلية لأي ترجمة ثلاثة ، المُِترجٍم الذي هو الإمام ، والمُتَرجَم له وهو النص الذي أورده والترجمة وهي الكلام الذي وضعه الإمام البخاري له معني متعلق بالنص الذي تحته.

أم محمد الظن
2010-06-23, 07:51 PM
ولابد أن تكون الترجمة صحيحة أي لها علاقة بالنص الذي تحتها .
فلا يأتي مثلاً ويقول (باب ما جاء في الصحة والفراغ) ويقول وقول الله تعالي: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ) (البقرة:222) فتقول وما العلاقة بينهما لا يوجد علاقة بينهما . ، فهذه تسمى ترجمة فاسدة لأنه لابد أن تكون هناك مناسبة بين الترجمة ومابين النص الذي تحت الترجمة حتى وإن كانت المناسبة خفية ، فلابد أن تكون هناك مناسبة .
تراجم البخاري هي التي أعرضت وأظهرت لنا فقه الإمام البخاري ، وسأعطي أمثلة لكي تعلم من هو الإمام البخاري ولا أستطيع أن أحضر كل أطايب صنيع الإمام في الصحيح لأن الحلقة محدودة ، لكن في أثناء شرحنا لكتاب الرقاق سنبين كثيرًا من محاسن تراجم الإمام البخاري رحمة الله عليه.
في كتاب مواقيت الصلاة وركز معي لأن البخاري كان من عادته أن يترجم بالشيء الخفي له تراجم ظاهرة وتراجم خفية ، عادة البخاري حتى في كتبه مثل كتاب التاريخ الكبير يتكلم بالشفرة ، يريد من يفهمه ، البخاري لا يفهمه إلا رجل سيال الذهن لأن كل شغله أو أغلبه بالشفرة واستمع لما يأتي.
كتاب مواقيت الصلاة كتب(باب من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس ):
وأورد تحت هذا الباب ثلاثة أحاديث :
الحديث الأول: حديث أبو هريرة عن النبي_ صلي الله عليه وسلم: [ إذا أدرك أحدُكُم ركعةً من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته وإذا أدرك ركعةً من صلاة الصبح قبل أن تشرق الشمس فليتم صلاته ] .
وهذا النص مباشر للترجمة وهي باب من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس ، أي ما حكم صلاته ؟ أنت عرفت حكم الصلاة من الحديث الذي قاله [ إذا أدرك أحدكم ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته ]_وفي اللفظ الأخر_( فقد أدرك )، فهذه الترجمة مباشرة مع الحديث أم لا ؟ نعم مباشرة مع الحديث .
الإشكال في الحديثين القادمين :
حديث بن عمر عن النبي ﷺ قال: [ إنما بقاؤكُم فيما سلف قبلُكُم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس ، أُوتي أهل التوراة التوراة فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأُعطوا قيراطًا قيراطًا ثم أُوتي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا حتى صلاة العصر ثم عجزوا فأُعطوا قيراطًا قيراطًا ثم أوتينا القرءان فعمِلنا من صلاة العصر إلى غروب الشمس فأُعطينا قيراطين قيراطين ، فاعترض أهل الإنجيل وأهل التوراة قالوا ربنا كنا أكثر عملًا منهم وقد أعطيتنا قيراطًا قيراطًا _كانوا أقل منا عملًا وأخذوا قيراطين قيراطين _، فقال الله عز وجل هل ظلمتكم من أجوركم من شيء ؟ قالوا: لا ، قال فذلك فضلي أُوتيه من أشاء
حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: " مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قومًا على عمل من الصباح إلى الليل واشترط العمل ووضع الأجر ، فاليهود عملوا إلى نصف النهار ثم قالوا: لا حاجة لنا في أجرك وتركوا العمل والنصارى عملوا من صلاة الظهر إلى العصر ثم قالوا لك ما عملنا أي لا نحتاج منك شيئًا ولن نكمل ، ثم عملنا من صلاة العصر إلى غروب الشمس فاستوفينا أجر الفريقين جميعًا "
ما هي علاقة الترجمة بهذين الحديثين ؟
باب من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس ما حال صلاته ؟ صحيحة أم لا ، فجاء الجواب في حديث أبوهريرة الأول أي فليتم صلاته فقد أدرك ، فهذه مفهومة، الترجمة مع حديث أبوهريرة مفهومة .
لكن ما علاقة من أدرك سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس بحديث بن عمر وحديث أبي موسى ؟ .
فيأتي واحد لا يفهم لا يستطيع أن يصل إلى مراد البخاري فيقول هذه ترجمة فاسدة لأن هذين الحديثين ليس لهما علاقة بالتبويب ، ليس له علاقة بالترجمة .
وهل تعلم أن البخاري لماذا وضع هذين الحديثين ؟
في حديث بن عمر لما اعترض اليهود والنصارى كانوا أقل عملاً منا وأكثر أجرًا فقال لهم ربنا سبحانه وتعالي ( هل ظلمتكم من أجوركم من شيء ؟ قالوا: لا ، قال فذلك فضلي أوتيه من أشاء ) .
رجل أدرك ركعة واحدة من صلاة العصر وبعد أن قام ليأتي بالثانية أذن المؤذن لصلاة المغرب ، الثلاث ركعات التي سيأتي بهم المتبقية من صلاة العصر وقعوا في وقت العصر أم وقعوا في وقت المغرب ؟ بالطبع وقعوا في وقت المغرب ، العدل أن الثلاث ركعات لا يأخذ أجرهم ، لماذا ؟ لأنه أوقعها في غير الوقت لا سيما إذا تذكرنا قول الله تبارك وتعالي: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء:103] أي موقت بوقت ، وقت أول ووقت آخر ، تصليها قبل الوقت لا تصح ، تصليها بعد الوقت لا تصح إلا بعذر العدل أنك تأخذ أجر ركعة واحدة ولا تأخذ أجر الثلاثة الأخرى ، فكان من فضل الله سبحانه وتعالي علي العباد أنك إذا أدركت ركعة في الوقت وهب لك أكثر الصلاة كأنك صليتها في الوقت .
المناسبة التي أورد الإمام البخاري هذين الحديثين
فيريد أن يقول أن الله تبارك وتعالى يعامل هذه الأمة بالفضل لا بالعدل ، وهذه هي المناسبة التي أورد الإمام البخاري هذين الحديثين من أجلهما في كتاب المواقيت تحت هذا التبويب الذي ذكرته لكم .
أحيانًا الإمام يورد الترجمة بصيغة الاستفهام:
مثال ذلك: الترجمة التي أوردها في كتاب الأحكام من صحيحه قال( باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان ؟)
فلماذا يورد البخاري الترجمة أحيانًا بصيغة الاستفهام ؟
لأن المسألة فيها خلاف مع أن رأي البخاري الذي يرجحه يكون ظاهرًا من الأحاديث أو النصوص التي يوردها تحت هذا التبويب .
ونحن نقول أن الترجمة لها كم ركن ؟
لها ثلاثة أركان وأنا أريد أن تركز معي وربما وجدت صعوبة في أول محاضرتين ولكن هذا هو المفتاح الذي ستفهم من خلاله الكتاب كله إذا فهمت هذا الكلام ونحن نكرر أكثر من مرة .
الترجمة لها ثلاثة أركان: الركن الأول المترجم وهو البخاري والركن الثاني وهو المترجم له وهو النص والركن الثالث وهو الترجمة نفسها .
(باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان؟) فما اسم هذه ؟ اسمها الترجمة ومن الذي ترجم أو كتب هذه الترجمة ؟ البخاري ، فلدينا ركنين البخاري والترجمة التي وضعها وذكرناها ، الركن الثالث وهو النص الذي ترجمت له .
الإمام البخاري أورد تحت هذا التبويب ثلاثة أحاديث فيما أذكر .
الحديث الأول: حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه كتب إلى ابنه وهو في ساجيستان وكان قاضيًا قال يا بني لا تقضي بين اثنين وأنت غضبان فإني سمعت النبي ﷺ يقول: [ لا يقضين أحدكم بين اثنين وهو غضبان ] ، نعود إلى الترجمة باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان ؟ ، ما الجواب ؟ هل يقضي وهو غضبان أو يفتي ؟ ، لا ، الحديث يقول: [ لا يقضي أحدكم بين اثنين وهو غضبان ] فهذه الترجمة مباشرة .
ثم ذكر تحته حديث أبي مسعود ألبدري رضي الله عنه:
( أن رجلاً أتي النبي صلي الله عليه وسلم قال يا رسول الله إني لا أدرك صلاة الغداة مم يطول بنا فلان )، قال بن مسعود فما رأيت النبي صلى الله علي وسلم قط أشد غضبًا منه في موعظة يومئذ وقال ( يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيما رجل صلى بالناس فليوجز فإن فيكم الضعيف والكبير وذا الحاجة
وأورد أيضًا حديث بن عمر: أنه طلق امرأته وهي حائض: قال: فتغيظ عليه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وقال( ليمسكها حتى تحيض ثم تطهر فإن شاء أن يطلق فليطلق ) أي أنه يطلق في طهر لم يمسها فيه
ما دلال هذه الأحاديث ؟
الحديث الأول: حديث أبي بكرة أنهي المسألة [ لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان ] وحديث أبي مسعود فيه أن النبي صلي الله عليه وسلم غضب غضبًا شديدًا بسبب تطويل هذا الإمام وأنه تغيظ علي بن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض .
وهناك حديث أخر لزيد بن خالد الجهني :والإمام البخاري أورد هذا الحديث في كتاب العلم قال (باب الغضب في الموعظة والتعليم وإذا رأى ما يكره) وأورد أحاديث منها حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه في اللُقَطه أنه سأل النبي صلي الله عليه وسلم عن اللُقَطه شخصٌ ما وجد مالاً ماذا يعمل فيه ؟ قال: ( عرفها ، عرف وقاصها ووكاءها ) (الوكاء)_ الحبل التي تشد به القربة_ ،( والعفاص) أي الجلد ، وجدت حافظة بها نقود ، العفاص هو لون الحافظة من جلد من قماش ، والوكاء أي السوستة مثلاً أو إنها مربوطة بحبل ، الصفة الخارجية للذي وجدت ، ( عرف عفاصها ووكاءها سنة فإن جاء ربُها_أي صاحبها_وإلا فاستمتع بها ) إن جاء صاحبها فادفعها إليه وإلا فاستمتع بها ، فإن جاء ربها بعد ذلك ، بعد سنة بعد اثنين ، بعد ثلاثة بعد عشرة ردها إليه .
فقيل للنبي صلي الله عليه وسلم وضالة الغنم ؟ قال: ( هي لك أو لأخيك أو للذئب ) أي خذها ، لأنها إذا وجدها صاحبها أو أنت تأخذها فإن لم تأخذها أنت ولا صاحبها سيأخذها الذئب لأن الغنمة قليلة الحيلة لا تستطيع أن تصاول ذئبًا .
فقيل له يا رسول الله وضالة الإبل ؟ قال: فاحمرت وجنتاه من الغضب وقال:
( مالك ولها معها سقائُها وحذائُها تردُ الماء وترعى الشجر فدرها حتى يأتيها ربُها ) معها سقائها وحذائها ، والحذاء: هو الخف ، والجمل سريع جدًا أي إذا كان هناك وحش ، ذئب ، أسد ، نمر ، فهد ، غير ذلك ممكن أن يقاوم ويفلت وفي نفس الوقت معه غذاؤه وطعامه وشرابه ممكن يغيب عشرين يوم بدون أن يأكل أو يشرب ويأخذ من المخزون يطلع ويجتر ويبلع ثانية وغير ذلك .
لماذا غضب النبي عليه الصلاة والسلام في ضالة الإبل ؟
لأن الأصل في أموال الناس العصمة فلا يأخذ أحد حاجة أحد ، طالما أن الجمل فيه مظنة أن ينجوا وأن المدة تطول به حتى يبحث عنه صاحبه ويجده فليس لك شأن به ولا تقترب منه لأن الأصل في أموال الناس العصمة .
والنبي ﷺ لما سُئِلَ عن ضالة الإبل غضب حتى احمرت وجنتاه من الغضب وهذا قد يكون فيه شيئًا ظاهريً من التناقض ، نعود لتبويب البخاري.
هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان ؟
فالإمام أورد أحاديث كأنها متعارضة ، الأول: [ لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان ] ثم جاء بأحاديث كان النبي ﷺ كان غضبان فيها
انظر إلى البخاري ودقة البخاري ، ماذا قال في التبويب ؟ ربما البعض لم ينتبه والبعض انتبه لتبويب البخاري ،.
البخاري ذكر شيئين في التبويب قال: باب هل يقضي القاضي أو يفتي ؟ أصبح عندنا قضاء وعندنا فتوى ، فنص في القضاء أنه لا يجوز أن يفتي وهو غضبان ، وأما في الفتوى فيجوز أن يفتي وهو غضبان .
وهذه تحليل المسألة ، فالبخاري رحمة الله عليه يريد أن ينبه على هذه المسألة ، وكان من الممكن أن يقول باب لا يقضي وهو غضان ،.
وهناك بعض الناس يخلط ما بين القضاء وما بين الفتوى وهذه مسألة أريد أن أنبه عليها .
يأتي إلى رجل ويسألني سؤال فيقول مثلاً في الطلاق أو أي مسألة من المسائل وخاصة في الخصومات عمومًا ، فيقول لي أخي ظلمني وأخذ من كذا وكذا فأنا من وراءئه أخذت شيئًا لأخلص بها حقي ، هل أنا غلطان ؟ أقول له لا لست غلطان ، فيأتي أخوه يقول أنت كيف تفتي بأنه يأخذ حاجتي دون أن ترجع إلي ، لا ،.
ليس من شرط المفتي أن يأتي بالطرف الثاني ، الذي يأتي بالطرف الثاني القاضي الذي معه جهة تنفيذية تقوم بتنفيذ الحكم .
فأنا لو قلت بين اثنين الفتوى كذا وكذا فربما واحد لا يأخذ بكلامي ويتركني ويمشي ويقول أن هذا الكلام لا يعجبني ، إنما القاضي في المحكمة لما يصدر حكم هناك دولة خلفه وجهة تنفيذية تقوم بتنفيذ الحكم تقبض على المتهم أو تأخذ الحق وتنقله لآخر وغير ذلك .
القاضي لابد أن يسمع للجهتين إنما المفتي لا ، وهذا له دلائل .
في الإفتاء مثلاً: حديث عائشة في الصحيحين قالت:( جاءت هند بنت عتبة امرأة أبو سفيان فقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح فهل علي أن آخذ من ماله بغير إذنه أو غير علمه قال لها خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف .
الشاهد : لم يقل لها لا ، أو احضري لي أبو سفيان حتى نعمل مواجهة ونرى هل كلامك صحيح أم لا أم أنك تدعين عليه ، لا ، هذه فتوى .
إنما الحكم : سينقل حق من واحد لواحد لابد أن يكون الاثنين موجودين والنبي صلي الله عليه وسلم أشار إلى هذا قال: إنما أنا بشر لما جاءه اثنين متخاصمين كل منهم يقول هذا حقي فقال لهم النبي ﷺ قبل أن يقضي ( إنما أنا بشر أقضي بينكم على نحو ما أسمع وقد يكون بعضكم ألحن بحجته من الآخر _ يعرف يتكلم كويس ويرتب الكلام مع أنه ليس له حق والآخر عنده صعوبة في الكلام لا يتكلم كويس مع أنه صاحب الحق _فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فأخذه فإنما أقطع له به قطعة من النار فبكي كلاهما وقالا حقي لأخي يا رسول الله طالما المسألة فيها نار حقي لأخي يا رسول الله .
أنت ستأخذ الحق منه ستستمتع به قليلاً ثم تتركه للورثة ثم أنت الذي ستسأل عنه يوم القيامة ، فلا يوجد أحد غالي لدرجة أنك تدخل النار من أجله ، فبكي كلا وقال حقي لأخي يا رسول الله .
يأتي واحد ويقول لي في حال هند بنت عتبة وأبي سفيان سيوجد انتقال مال من واحد للثاني ، نقول له لا ، امرأة أبو سفيان لها حق النفقة وأبو سفيان كما في هذا الحديث لم يعطها حقها في النفقة فهي تأخذ حقها .
العلماء احتجوا بهذا الحديث كالبغوي أبي الحسين وغيره على أنه إذا كان لإنسان حق معلوم عند آخر وهذا الأخر جحد هذا الحق ولم يعطه إياه جاز له أن يأخذ حقه من هذا الأخر بأي وسيلة بدون علمه بشرط أن يأخذ حقه فقط أنه يجوز له ذلك بشرط أن يكون له حق أكيد .
فعندنا الآن قضاء وهو القاضي المعين الذي معه سلطة تنفيذية تقوم بتنفيذ الحكم فهذا لابد من وجود الاثنين وعندي فتوى فلا يلزمني كمفتي أن أحضر الطرف الآخر وإلا تعطل باب الفتوى إذا كان لابد من وجود الطرفين .
والإمام البخاري فرق ما بين الاثنين ، هل يقضي أو يفتي وهو غضبان ؟
بان لنا رأي الإمام البخاري أنه لا يقضي وهو غضبان ويجوز له أن يفتي وهو غضبان ، وإذا كانت المسألة واضحة فلماذا قال هل ؟
لماذا لم يجزم بالحكم فيما يتعلق بالقضاء لا سيما أنه قال في كتاب العلم قال باب الغضب في الموعظة والتعليم فجزم بالحكم؟
أنه يجوز الغضب من أجل الأحاديث الموجودة هذه أنا قلت أن الإمام البخاري أحيانًا يورد الترجمة بصيغة الاستفهام إذا كان الحكم فيه أخذ ورد ، وأحد أقران الإمام البخاري وهو الإمام أبو عبد الرحمن النسائي صاحب سنن النسائي المشهورة له رأي مخالف في هذه المسألة:
ففي كتاب القضاء له في أخر سننه قال( باب الرخصة للحاكم الأمين أن يقضي وهو غضبان )وهذا على خلاف الكلام الذي نقوله .
ثم أورد الإمام النسائي حديثًا يحتج به على هذه الترجمة أن القاضي يجوز له أن يفتي يجوز له أن يقضي وهو غضبان .
أورد حديثًا وهو في الصحيحين أن الزبير بن العوام اختصم مع جار له من الأنصار ممن شهد بدرًا في سقيا الأرض ، أرض الزبير بن العوام في العالي وأرض الأنصاري منخفضة ولم يكن لديهم رافعات للمياه والمفترض أن تكون المياه كثيرة وقوية حتى تصل لأعلى ، فالزبير يتناقش مع الأنصاري وقال له أنا أسقي الأول لأن أرضي في العالي وأنت لو سقيت قبلي أرضك منخفضة ستستوعب الماء كلها ولن أستطيع أن أسقي ، فقال له الأنصاري أنا لازم أسقي الأول ، فقال له الزبير نحن نحتكم للنبي عليه الصلاة والسلام .
والنبي عليه الصلاة والسلام لأنه يعلم المسألة قال:( أسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك ) ، فلم يعجب الأنصاري الحكم وقال للنبي ﷺ (أن كان ابن عمتك) ، فتحكم له علي ، فتلون وجه النبي صلي الله عليه وسلم وغضب وقال( اسق يا زبير ثم احبس الماء)، هذا لن يسقي أترك الماء حتى يصل إلى الحائط ، كيف يقال للنبي هذا أنك حابيته لكونه ابن عمتك ، فغضب وقضى واستوعب للزبير حقه في أصل الحكم ومنع الأنصاري .
فقال الزبير بن العوام فأحسب أنه نزلت هذه الآية فينا في هذه الواقعة( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَا ﴾ [ النساء:65 ]
فالإمام النسائي يقول القاضي النبي صلي الله عليه وسلم قضى وهو غضبان .
والإمام النسائي يُتعقب في مثل هذا ، لماذا ؟
لأنه ليس كل أحد كرسول الله صلي الله عليه وسلم ، غضبه كرضاه إن غضبه لا يزيل عن الحق لأنه معصوم .
والدليل علي ذلك الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود وأحمد وصححه أبو عبدالله الحاكم في المستدرك من حيث عبدالله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال: كنت أكتب كل شيء يقوله رسول الله ﷺ فنهتني قريش وقالت: إن رسول الله ﷺ بشر يرضى و يغضب _ أي قد يقول في غضبه ما لا يقول في رضاه ،_( قال: فأمسكت) ، لو النبي صلي الله عليه وسلم غضب لا يكتب خشية أن يقول شيئًا لا يريده بسبب الغضب ، قال( فذكرت ذلك لرسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : اكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق) فيكون غضبه كرضاه في الحق سواء .في الرضا يكون حاله على غير حاله في الغضب ، في الغضب يكون عنده موجده وهو يتكلم بخلاف الرضا لكن لا يقول إلا حقًا بأبي هو وأمي صلي الله عليه وسلم سواء في الغضب أو الرضا .
الإمام النسائي أجري الحكم على عمومه ، ونحن نقول لا ، غير النبي صلي الله عليه وسلم لا يقضي وهو غضبان ، لماذا ؟
لأنه عندما يقضي وهو غضبان يزيله هذا عن الإنصاف ، ويجري مجرى الغضب كل ما يخرج المرء عن الحق ، فمثلاً يحتاج إلى النوم والنوم يغلبه ولا يعي لا يجوز له القضاء ، لو سكر أو أكل الحشيش أو المخدرات أو عمل أي شيء تخل بعقله فلا يجوز له ، الفرح الشديد الذي قد يزيل المرء عن طبعه لا يجوز له أيضًا أن يقضي وهو شديد الفرح إن كان يزيله عن الإنصاف ، شديد الغضب بالنص ، أي كل ما ذكرته إنما يكون بالقياس لجامع العلة المشتركة وهو أن يزيله عن الإنصاف بين الغضب وبين ما ذكرت .
الإمام البخاري عندما يقول باب: هل يقضي أو يفتي وهو غضبان ؟ فالإمام البخاري له ملحظ في هذه المسألة ومن لم يلحظ هذا الموضوع يقول لأ ، البخاري متناقض لأنه أورد أدلة متناقضة في الباب الواحد .
كذلك يقول الإمام البخاري باب: هل يقال مسجد بني فلان ؟ واحد بني مسجد ويريد أن يسمي المسجد باسمه فهل هذا جائز ؟
أورد فيه حديث بن عمر( أن النبي صلي الله عليه وسلم سابق بين الخيل المضمرة من الحفياء إلى ثنية الوداع وبين التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق )
وذكر بن عمر أنه كان يسابق في هذه المسألة ، والحفياء: اسم مكان ، وثنية الوداع: اسم مكان ، مسافة من هنا إلى هنا ، سباق للخيل الخيل تجري بجوار بعضها .
الخيل المضمرة: التي ليس لها بطن ، والتي لم تضمر: التي أكلت ولها بطن وسيجففونها ويجعلوها مضمرة من أجل الكر والفر وغير ذلك .
فبقول بن عمر الخيل التي لم تضمر كانت المسافة من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق وهذا هو النص في المسألة :
والإمام البخاري عندما يقول: باب هل يقال مسجد بني زريق بعد هذا الحديث هل عرفت رأي البخاري يجوز أم لا ؟
واضح أن البخاري لا يرى بأسًا أن ينسب المسجد إلى من يبنيه ،
وما الدليل في هذه المسألة ؟
قال: مسجد بني زريق .
لماذا أورد البخاري بصيغة الاستفهام ؟
لأن المسألة فيها خلاف ، إبراهيم النخعي أحد الفقهاء الكبار من أهل الكوفة فيما رواه بن أبي شيبة في المصنف كان يكره أن يُقال مسجد بني فلان ويتلوا قوله تعالي:﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 18] .
اعترض بالآية
الجمهور قالوا: هذه أي عندما أقول مسجد بني فلان أو مسجد فلان هذه إضافة تمييز وليست إضافة ملك ، لأن لو قلنا مسجد فلان فهل يستطيع أن يعمل به ما يشاء ؟ لا ، المساجد لها حرمات ، والمساجد لها أحكام ، هو اسمه مسجد بني فلان ولكنه لا يستطيع أن يعمل بداخل المسجد شيء منهي عنه أن يعملها .
فالمسألة كلها مجرد تمييز فقط وليست إضافة ملك كما نقول مثلاً أو نذكر في بعض الأحاديث أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقول لبعض الصحابة يا بني كما قال للمغيرة بن شعبة لما كان يسأله عن الدجال كثير كما في صحيح مسلم ، قال: ( ما ينصبك منه يا بني ) .
فلما يأتي واحد ممن يأخذ المسألة على ظاهرها يقول هذا الكلام ليس مضبوط لماذا ؟ لقول الله تعالي:﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ [الأحزاب: 40] ، فكيف يقول له يا بني ؟ وهو ليس أبيه ولقوله تعالي:( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ [الأحزاب:5] وهو لما يقول يا بني وهو ليس ابن الرسول عليه الصلاة والسلام فيقول حصل تعارض .
مثل الجماعة الذين يعترضون على البخاري بنفس الأسلوب الذي أتكلم به الآن .
اعتراض البعض علي حديث متفق عليه :
فهناك من يعترض على حديث متفق عليه يقول حديث ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) قال هذا الحديث مكذوب مع أن هذا الحديث متواتر عن أبي هريرة رواه أكثر من أربعة وعشرين تابعي عن أبي هريرة ورواه مع أبو هريرة أنس بن مالك ، عبدالله بن عمر بن العاص ، حوالي ثمانية عشر صحابي الذين رووا هذا الحديث أي أن الحديث متواتر عن النبي ﷺ ومتواتر عن أبي هريرة .
فقال إن هذا الحديث مكذوب ، لماذا ؟
قال:لأن الله عز وجل يقول:﴿ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين ﴾ [ البقرة:256] فكيف يقال ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) والآية تقول: ﴿ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين ﴾ .
ويقول الله عز وجل:( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29] ويقول الله عز وجل:( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) [يونس: 99] ، يأتي لك بهذه الآيات ويعترض على الحديث بهذه القصة ، وكما قلت لا يعترض على البخاري إلا جاهل لا يعلم شيئا ،
هل هناك تعارض ؟
لا ، لا يوجد تعارض ، لماذا ؟ لأن قول الناس في الحديث ، أمرت أن أقاتل الناس ،.
هؤلاء الناس عبارة عن كم صنف ؟ .
الصنف الأول: المؤمنون ، الصنف الثاني: المنافقون ، الصنف الثالث: الكفار ، فهل يكون القول أمرت أن أقاتل المؤمنين؟
لا لأن لأن المنافق يقول لا إله إلا الله حتى ولو كان يبطن الكفر .
ولا يبقي في الناس إلا الكفار : وهذا منصوص رواية النسائي( أمرت أن أقاتل المشركين حتى يقولوا لا إله إلا الله )(فقول الناس) وإن كان ورد علي صيغة العموم لكن يراد به الخصوص .
الكلام طويل في هذه المسألة وربما تأتي مناسبة نتكلم فيها لكن أريد أن أقول لا يقول يا بني لأن:﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ ، لا يعترض على البخاري بمثل هذا .
فالإمام إبراهيم ألنخعي قال الآية ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ قال هذه معارضة .
الجمهور قال لا ،: لا توجد معارضة حصل نوع من الجمع .
والبخاري عندما يقول هل يقال مسجد بني فلان ؟
يجوز أن يقال مسجد بني فلان وإذا كان هذا يقال في المساجد فمن باب أولى أعمال البر ، فيمن أنشأ مستشفى ، أو من أنشأ داراً للأيتام أو غير ذلك فكتب اسمه عليها فلا بأس بذلك ، إذا كان في المسجد جائز ففي غيره أجوز .
يقول أيضًا الإمام البخاري في كتاب الطهارة باب( هل يمضمض من اللبن ؟ أنت شربت اللبن وأنت متوضئ وتريد الذهاب إلى الصلاة تتمضمض .
أورد فيه حديث بن عباس (أن النبي صلي الله عليه وسلم شرب لبنًا فمضمض وقال أن له دسمًا ،)
باب هل يمضمض من اللبن رأي البخاري بعد أن أورد الحديث يتمضمض أم لا ؟
نعم يتمضمض .
لماذا ؟
قال له دسم وكل ما يجري مجري اللبن كالطبيخ الذي عليه سمنه أو الذي عليه زيت فهذا عبارة عن دسم ن كل شيء فيه دسم في هذه الحالة يتمضمض
الإمام الترمذي نقل في السنن أن هذا الأمر أو أن هذا الحكم على الاستحباب واحتج الحافظ بن حجر بحديث رواه أبو داود عن أنس بسند حسن( أن النبي صلى اله عليه وسلم شرب اللبن ولم يتمضمض
فالإمام رحمة الله عليه يورد الترجمة بصيغة الاستفهام حتى يبين جريان الخلاف في المسألة .
والبخاري في هذا الباب سماء أغلب تراجم البخاري خفية لذلك أهل العلم اختلفوا فيها ، بعض العلماء مثل الاسماعيلى أو غيره يعترض على البخاري ، أبو الوليد الباجلي أكثر الناس اعتراضًا على البخاري في مسألة التراجم والعلماء يقولون له أنت لم تأخذ بالك ، البخاري يقصد كذا وكذا وذلك كما قلت لكم في بداية الحلقة أن البخاري كان يتكلم بالشفرة يحتاج أن الطالب يشغل ذهنه وكان يحب التراجم الخفية ، سبعة عشر سنة والبخاري يؤلف الكتاب مع سيلان الذهن وسعة الماد العلمية عنده .
ويأتي واحد لم يدرس أصول حديث ولم يدرس أصول فقه وليس عنده أي فكرة عن أي شيء ويقول البخاري غلطان والبخاري لا يفهم وجناية البخاري على سيد المرسلين ، الكلام السيئ الذي نسمعه اليوم وإن شاء الله تراجم البخاري تصل تقريبًا إلى عشرين نوعًا من التراجم ، ويمكن لكل نوع من هذه الأنواع ممكن يكون تحت منها أنواع أخرى فرعية من التراجم .
وهذا كله بإذن الله الكريم في الحلقات القادمة ونحن نتكلم عن الترجمة بأركانها الثلاثة مع كل حديث سنأتي لها بالنظائر من كتاب البخاري رحمة الله تبارك وتعالي عليه .
وأنا لا أقدر أن أوفي الموضوع حقه في هذه الحلقة لكن إن شاء الله لعلي أبسط شيئًا من هذا وأنبه أن طريقتي في شرح صحيح البخاري أنني أقرأ الحديث كله سندًا ومتنًا وممكن من خلال الإسناد نذكر بعض قواعد علوم الحديث ، وأنا أريد أن أعمل ثقافة أصولية عند الجماهير ثقافة أصولية في الحديث وثقافة أصولية في الفقه ، فعندنا أصول فقه وعندنا أصول حديث أبسطها جدًا بحيث أننا نضع قواعد ونرتب كما قلت في الدرج بحيث يكون عندك نوع من السداد في الفهم ، فهذه الثقافة أنا مضطر أن أبسطها جدًا .
إخواننا من أهل العلم سيجني أتسامح في تبسيط المعلومة وذلك لأنني أكلم عوام غير متخصصين وإلا أن لو كنت مع أحد من أهل العلم فلازم استخدم مصطلحات أهل العلم وقد تكون هذه المصطلحات مغلقة ولكي أفسرها تحتاج إلى حلقة فأحاول على قدر المستطاع أنني أنزل بالتعبير حتى وإن لم يكن دقيقًا من جهة الاصطلاح لكن بغية أن أبسطه لعوام الناس ، وشيئًا فشيئًا مع ارتقاء الذوق بإذن الله الكريم ممكن أستخدم كلام أهل الاصطلاح وكما قلت لك ركز معي وأنا أجعلك إن شاء الله مدمن ، بعد أن تمشي معي في الحلقات ستحب جدًا جدًا علم الحديث وسيشعر المشاهد أنه كان أعمي ثم أبصر بعد أن يعلم شيئًا من علوم الآلات علوم الحديث وعلوم أصول الفقه .
إجابة الأسئلة
س: ما الحكم إذا خالف الأدب الأمر وأيهما يقدم ؟
الجواب: مسألة إذا خالف الأدب الأمر ، الذي سمعه أنه يُقدَم الأدب على الأمر هذا الكلام يقوله الجماعة الذين يحتفلون بمولد النبي_ صلي الله عليه وسلم_ بالصورة التي نراها الآن ، وأن الصحابة الكرام لم يكونوا يحتفلون بالنبي _صلى الله عليه وسلم بهذا لأنهم كانوا يتدينون بسنته ليل نهار ، إنما بعدما صار الدين عبارة عن مظاهر جوفاء اكتفي كثير من الناس أنه يطبل ويزمر في يوم من السنة ويقول بحبك يا نبي ويطبل ويزمر ، مع أن الطبل حرمه عليه والزمر حرمه عليه وهذا الكلام ، ولكن يعبرون عن فرحتهم بالنبي بما أمرهم النبي_ صلى الله عليه وسلم_ ألا يفعلوه .
طبعًا احتجوا على هذا الكلام بحديث واقعة أبو بكر الصديق ، وهذه الواقعة رواها سهل بن سعد ألساعدي رضي الله عنه والحديث في الصحيحين "، أنه حدث مشكلة في بني عمرو بن عوف حتى تراشقوا بالحجارة ، فالنبي عليه الصلاة والسلام بعدما صلى الظهر أخذ جماعة من الصحابة وذهب ليصلحوا بين بني عمرو بن عوف وقال لبلال إذا تأخرت فليصلى أبو بكر ، وفعلاً تأخر النبي صلى الله عليه وسلم وأُذِنَ للعصر وجاء بلال ليستأذن أبي بكر الصديق ليقيم الصلاة أم لا ، فقال له أقم ، ودخل أبو بكر الصديق في القبلة ، كبر فما هو إلا أن سمع تصفيقًا كثيرًا من المسلمين الذين يصلون خلفه وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة ، فلما أكثروا من التصفيق التفت فإذا النبي _صلى الله عليه وسلم _يشق الصفوف ، فأشار إليه النبي_ صلى الله عليه وسلم_ إليه أن أثبت _،ابق مكانك في القبلة _، فرفع أبو بكر _رضي الله عنه_يديه فحمد الله_عز وجل_فرجع وقدم النبي_ عليه الصلاة والسلام_ .
بعدما انتهي النبي_صلي الله عليه وسلم_ من الصلاة قال له يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك ،فقال له ما كان لابن أبى قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله _صلى الله عليه وسلم _.
هم يقولون أبو بكر خالف الأمر ، أليس يقول له ما منعك أن تثبت إذ أمرتك قال له قف ، فلم يقف ورجع ، لماذا ؟ لأن هذا أدب أنه لا يصلى بالنبي_ عليه الصلاة والسلام _، قال قدم الأدب على الأمر ، فإذا تعارض أدب مع الأمر قٌدٍمَ الأدب .
طبعًا هذا الكلام لا يقول به أحد قط من أهل العلم ولا ينبغي أن يقول أحد هذا الكلام أبدًا ، لماذا لأن أهل العلم جميعًا ليس بينهم خلاف أعلمه يقولون الأدب هو التزام الأمر ، ومخالفة الأمر ليست من الأدب ، وإلا نحن نرد عليهم أيضًا على من يقولون بهذا بنفس واقعة لأبي بكر أيضًًا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه الواقعة رواها الشيخان_ البخاري ومسلم_ من حديث عائشة _رضي الله عنها_ ولها أكثر من طريق عن عائشة .
يرويها عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة ويرويها حمزة بن عبد الله بن عمر ويرويه الأسود بن يزيد ، يرويه عروة بن الزبير ، كل هؤلاء يرون هذا عن عائشة رضي الله عنها ، وهي تصف مرض النبي _صلى الله عليه وسلم _، أن الرسول _عليه الصلاة والسلام_لما ثقل به المرض قال: " مروا أبو بكر فليصلي بالناس قالت عائشة يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف" _كثير الأسف ، كثير الحزن لا يملك عينيه إذا قرأ القرءان ، والإنسان إذا بكي لا يُسمِع من خلفه "فلو أمرت عمر أن يصلي ، فقال إنكن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصلي بالناس "،_صواحب يوسف هم النسوة عندما تكلموا في امرأة العزيز {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }(يوسف30) فأرسلت إليهن ولم تقل لهن لماذا هي دعتهم ، إنما أرسلت إليهن على أساس أنها دعتهم للضيافة لكنها ما قصدت أن تضيفهم ، لا ، قصدت أن تقيم العذر لنفسها وهذا هو الذي تحتويه في بطنها .
لكن الظاهر أنها دعتهم كأي دعوة ، فلما جاءوا ورأوا يوسف وقطعوا أيديهن من مرة واحدة رأوه فيها ، فهي تريد أن تقول فكيف بي وأنا أعيش معه ليل نهار ولا زلت أقف على قدمي ، فهي في بطنها شيء أما دعوتها الظاهرة شيء آخر .
النبي _عليه الصلاة والسلام_ يقول لعائشة إنكن صواحب يوسف في بطونكم شيء وفي قلوبكم شيء وكلامكم مختلف وعائشة رضي الله عنها أفصحت لماذا لا تريد أن يصلي أبو بكر الصديق مكان النبي _صلى الله عليه وسلم_ في هذا المرض الشديد حتى لا يتشاءم المسلمون من أبي بكر ، فتقول له لو أمرت عمر ، فلما قال لها النبي هذا إنكن صواحب يوسف ، قالت لحفصة تقول للنبي _عليه الصلاة والسلام _إن أبا بكر رجل أسيف فلو أمرت عمر فقال: "إنكن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصلى بالناس ."
تقدم أبو بكر الصديق وصلى ، والنبي_ عليه الصلاة والسلام _وجد خفةً في بدنه اعتمد على العباس وعلي بن أبي طالب ومشى يهادي بينهم _أي لا يستطيع أن يقف على رجله _عليه الصلاة والسلام _، فلما رأى المسلمون النبي كادوا يفتنوا في الصلاة ، فلما علم أبو بكر بذلك أراد أن يتأخر ، فقال له النبي _صلى الله عليه وسلم_ اثبت فثبت ولم يرجع .
هل خالف أبو بكر سبيل الأدب في هذه المرة لما قال له أثبت فثبت ، نفس السابقة .
يقول القائل لماذا رجع في المرة الأولى ولم يرجع في المرة الثانية؟ ، وهذا من بركة الحديث وجمع طرق الحديث ، والعلماء إذا أرادوا أن يتكلموا في مسألة لا يأخذون حديث واحد ويتكلمون فيه إنما يجمعوا كل الأحاديث التي وردت في الباب ، ويسلطوا المعاني بعضها على بعض ويخرجوا بكلام مستقيم ، وإذا لم يجمع المرء الأحاديث الواردة في الباب يزل .
لما فتش العلماء في الواقعة الثانية التي ثبت فيها أبو بكر ولم يرجع ، وجدوا في مغازي موسى بن عقبة رحمه الله وهي أصح المغازي كما يقول الإمام مالك ، أن هذه الصلاة كانت صلاة الفجر وكانت الركعة التي دخل النبي عليه الصلاة والسلام فيها المسجد هي الركعة الثانية ، فالرسول_ عليه الصلاة والسلام _لو تقدم إلى الصلاة لاختل نظام الصلاة ، والمسلمين كانوا سيصلون ثلاث ركعات .
كما حدث لعبد الرحمن بن عوف مع النبي_ عليه الصلاة والسلام_ والحديث في صحيح مسلم ، لما النبي _عليه الصلاة والسلام _تأخر في شيء كهذا وكان عبد الرحمن بن عوف صلى بالناس ، وجاء النبي _عليه الصلاة والسلام في الركعة الثانية ، قال المغيرة بن شعبة راوي الحديث فأردت أن أًؤذنه وهذه الرواية في النسائي ، فنهاني رسول الله _صلى الله عليه وسلم _، وصلى خلف عبد الرحمن بن عوف _رضي الله عنه_ ، لأن عبد الرحمن بن عوف كان في الركعة الثانية .
إذن لما تأخر أبو بكر الصديق كان في بداية الصلاة ولم يكن ركع أما في المرة الثانية أبو بكر كان قد صلى ركعة ، وليس القصة قصة مخالفة الأمر ، بل العلماء يقولون الامتثال هو الأدب ، ولا يتصور أن يؤمر رجل بأمر من أي أحد يقول لأبنه أو لأخيه افعل كذا فيقول معذرة أنا لن أنفذ الأمر لأنني أرى أن من باب الأدب أنني أفعل غير الذي تقول فمن يقول أن هذا أدب ، أو أن عالم من علماء المسلمين ممكن يتورط ويقول مثل هذا الكلام .
الأدب هو الوقوف عند الأمر ، الامتثال هو الأدب بل خير من الأدب كما يقول بعض العلماء .

أم محمد الظن
2010-06-23, 07:52 PM
س: ما هي صحة قصة ثعلبة بن حاطب ؟
الجواب:كثير من خطباء المساجد يذكرون قصة ثعلبة بن حاطب عندما يفسرون قوله تعالى:{ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }[التوبة:75-77] كل كتب التفسير تورد قصة ثعلبة بن حاطب – رضي الله عنه- وقصة ثعلبة هذه مختصرها أن ثعلبة بن حاطب قال يا رسول الله أدعو الله أن يرزقني مالاً قال يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تقدر عليه ظل يلح علي النبي - صلي الله عليه وسلم- أدعوا لي الله أن يرزقني مالاً ، فقال: يا ثعلبة أفم لك فيَّ أسوة ؟ لو شئت لصارت الجبال معي ذهبا ، قال: له أدعو الله أن يرزقني مالًا ، فرفع النبي- صلى الله عليه وسلم- يديه وقال: اللهم ارزق ثعلبة مالاً .
كان عنده بعض الغنم وبدأت الغنم تلد وتتكاثر كالدود ، وضاقت المدينة بالغنم فأخذ الغنم وخرج خارج المدينة ، وأصبح لا يصلي جماعة إلا الظهر والعصر فقط ، والباقي لا يصليه جماعة لأن الغنم نمت وصارت كثيرة كالدود ترك الصلاة ولم يعد يصلي إلا الجمعة ، والغنم كثرت أكثر وأكثر فترك الجمعة كذلك ، لا يصلي الجمعة ، والنبي- عليه الصلاة والسلام- إذا ذكر ثعلبة يقول يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة ، حتى نزل قوله تعالي:{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] ، وفُرِضَت الزكاة ، فالرسول – عليه الصلاة والسلام- أرسل اثنين ، أرسل رجلاً يأتي بالصدقة من اثنين أحدهما من بني سليم ومن ثعلبة بن حاطب ، فأخذ رسول رسول الله –صلي الله عليه وسلم- وذهب إلى ثعلبة ، قال له يا ثعلبة عليك زكاة ، فقال له ثعلبة وما هذه الزكاة ؟ فقال له هذا كتاب رسول الله – صلي الله عليه وسلم- ، فنظر في الكتاب وقال والله إن هذه الجزية أو هذه أخت الجزية .
فقال له أنت ذاهب إلى مكان أخر ، فقال له أنا ذاهب إلى فلان ، فقال له اذهب له حتى أفكر وأشاور نفسي ، فذهب الرسول وأحضر الصدقة من رجل بني سليم ثم عاد إلى حاطب ، قال له أعطني الكتاب أنظر فيه ثانية ، فنظر في الكتاب وقال هذه الجزية ، أو هذه أخت الجزية ، اذهب إلى النبي وأنا سأفكر في هذه المسألة ، الرواية تقول أن النبي عندما قدم عليه الرسول وقبل أن يتكلم قال النبي: يا ويح ثعلبة فقال له أن ثعلبة قال كذا وكذا وقال أنها هذه الجزية ، أو هذه أخت الجزية ، فنزلت الآية:{ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ } .
أحد أقارب ثعلبة يجلس في المجلس عندما نزلت الآية ذهب إلى ثعلبة وقال له هلكت ، فقال له لما ؟ قال لقد أنزل الله فيك قرءاناً يقول كذا كذا كذا فجاء ثعلبة مسرعًا إلى النبي- عليه الصلاة والسلام- وقال يا رسول الله الغنم كلها تحت أمرك خذ ما تريد ، فرفض النبي أن يأخذ منه الغنم ، فجلس ثعلبة يحثوا التراب على رأسه ليأخذ الغنم ومات النبي وقد رفض يأخذ الزكاة من ثعلبة وجاء ثعلبة إلى أبي بكر الصديق رفض يأخذها وإلى عمر فرفض أن يأخذها وعثمان فرفض أن يأخذها ومات ثعلبة في خلافة عثمان ، وهذه هي القصة التي ذُكِرَت في كتب التفسير والخطباء يذكرونها على المنابر .
أن أقول هذه قصة باطلة ، لا تصح ، ليس لها إلا إسناد مشهور ، ربما يكون لها أسانيد أخرى ، لكن أشهر إسناد لها هو الذي رواه الطبري في التفسير ورواه بن أبي حاتم في التفسير ، ورواه الطبراني في المعجم الكبير وفي الأحاديث الطوال ، ورواه البيهقي في دلائل النبوة والبغوي في تفسيره من طريق مُعان بن رفاعة ألسلامي عن على بن يزيد الألهاني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامه رضي الله عنه .
مُعان بن رفاعة ألسلامي مختلف فيه ، الإمام أحمد وأبو داود قالوا لا بأس به ووثقه علي بن المدين ، وبن معين والدا رقطني وبن حبان والعقيلي والأسدي على ما أذكر قالوا أنه ضعيف فهو مختلف فيه .
علي بن يزيد الألهاني شيخه متروك ، تركه النسائي ، تركه ألأسدي، تركه الدار قطني والبرقاني ، وضعفه الأئمة بن معين وأحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازي وبن عدي وتكلموا فيه كلامًا شديدًا ووكزه بن حبان فقضى عليه ، وكلام بن حبان في على بن يزيد كلام شديد للغاية ، بل أذكر أن البخاري يقول منكر الحديث ، وهذا القول في اصطلاح البخاري تساوي ضعيف جدًا لأن منكر الحديث في اصطلاح غير البخاري ضعيف فقط ، إنما عند البخاري ضعيف جدًا .
كما صح عنه أنه قال: من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه فالإسناد ضائع وهذا من جهة الإسناد .
أما من جهة المتن ففيه علل :
أولاً: ثعلبة بن حاطب بدري و عندنا نصوص قاطعة في أهل بدر خصوصًا في الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن حاطب بن أبي بلتعة راسل جماعة من المشركين يخبرهم بأمر النبي- صلى الله عليه وسلم- وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- سيغزوهم كشف الأسرار العسكرية وأرسل هذا الخطاب لجماعة من المشركين يقول لهم فيه متى سيغزوهم النبي وأين سيذهبون وغير ذلك ، لماذا ؟لأن قرابة حاطب بن أبي بلتعة كانوا يعذبون في قريش ، فأراد أن يتخذ جميلاً عند القرشيين حتى يخفوا عن أقاربه ، وبدلاً من أن يضربوهم أو يعذبوهم يقولون حاطب له جميل عندنا أفشي سر النبي- صلي الله عليه وسلم- فنحن لن نعذب قرابته .
وأعطى هذه الرسالة لامرأة فوضعتها في ضفائرها وعقدت شعرها على هذه الورقة ن فنزل جبريل- عليه السلام- وأخبر النبي- عليه الصلاة والسلام- بالواقعة ، وحاطب كان يجلس بالمجلس ، فالنبي- صلى الله عليه وسلم- أرسل علي بن أبي طالب والمقداد بن الأسود وواحد معهم وقال اذهبوا إلى روضة خاف ، اسم مكان ستجدون ظعينة امرأة معها كتاب أحضروه فذهب علي بن أبي طالب والمقداد والأخر وجدوا بالفعل المرأة تجلس بالمكان الذي قال عليه النبي- صلى الله عليه وسلم- ، فقالوا له هات الكتاب الذي معك، قالت ما معي كتاب ، فقال لها علي لتخرجن الكتاب أو لنقلبن الثياب فالمرأة مباشرة أخرجت الكتاب من ضفائرها وأعطته لعلي بن أبي طالب .
أخذ علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- الكتاب وجاء إلى النبي- صلي الله عليه وسلم- وحاطب بن أبي بلتعة يجلس مع جماعة من الصحابة فيهم عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ، فتح الكتاب وقٌرئ الكتاب وإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى جماعة من المشركين كذا كذا كذا ، عندما سمع عمر بن الخطاب هذا الكلام أخرج السيف وأراد أن يضرب عنق حاطب ، فقال يا رسول الله دعني أقطع عنق هذا المنافق إنه خان الله ورسوله والمؤمنين ، فقال له رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شتتم فقد غفرت لكم " فبكى عمر- رضي الله عنه- .
وقال- صلي الله عليه وسلم-: " لا يلج النار أحدٌ شهد بدرًا والحديبية " ، ولما جاء غلام حاطب بن أبي بلتعة يشتكي حاطباً إلى النبي- صلي الله عليه وسلم أنه كان يقسو عليه ، وقال الغلام للنبي- صلي الله عليه وسلم-: والله يا رسول الله ليدخلن حاطب النار ، فقال- عليه الصلاة والسلام- " كذبت إنه شهد بدرًا " ، فأهل بدر شهد النبي - صلي الله عليه وسلم- أنهم في الجنة لا يدخلون النار ، والآية هنا تقول:{ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } ، ومثل هذا ألبدري يستحيل يدخل تحت هذه الآية بهذه النصوص التي ذكرتها .
ثانيًا: أن ثعلبة بن حاطب قُتِلَ يوم أحد وهذا هو الثابت المعروف في حين أن هذه الرواية تقول أنه مات في خلافة عثمان .
ثالثًا: أن الزكاة حق الله في المال ولا يجوز لأحد أبدًا ، للأمير إذا جاء رجل وقال خذ زكاة مالي ، فلا يقول لا أخذ منك الزكاة ، لأنه لو منع الزكاة لقاتله الإمام , كما فعل أبو بكر الصديق مع الذين منعوا الزكاة ، ماذا فعل معهم ؟ قاتلهم ، وقال: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فما بالك برجل يأتي بالزكاة فنقول له لن نأخذ منك الزكاة فكيف يكون ذلك ؟ هذا كلام غير متصور .
الإسناد ضائع في علي بن يزيد الألهاني ، وهذا يكفي أن يسقطه في الأرض السابعة ، وعلي بن يزيد الألهاني متروك الحديث ، ساقط ضعيف جدًا في الإسناد ، وهذا المتن فيه علل ومكن نأتي بعلل أخري في المتن ، لذلك نقول لإخواننا الخطباء لا يذكرن أحدًا منكم قصة ثعلبة فإن ثعلبة بدري فاضل ومات يوم أحد والقصة باطلة برمتها والحمد لله .

نسأل الله تبارك وتعالي أن يجعل ما قلناه زاداً إلي حسن المصير إليه, وعتاداً إلي يمن القدومِ عليه, إنه بكل جميلٍ كفيل, وهو حسبنا ونعم الوكيل, وصلي الله اللهم وسلم وبارك علي نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.
انتهي الدرس الثالث
* * *

الياس الهاني
2010-06-23, 09:27 PM
جزاك الله خيرا على هدا العمل

أم محمد الظن
2010-06-30, 07:02 AM
[4] التعريف بكتاب صحيح البخاري
فنحن اليوم مع صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالي وسنشرح كما ذكرنا قبل ذلك من هذا الكتاب الجليل كتاب الرِقاق وكنت اصطلحت على أن أسمي شرحي هذا [ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق من صحيح الإمام أبي عبد الله ] .
كتاب الإمام له اسم وهذا الاسم له دلالة اسم كتاب البخاري ( الجامعُ الصحيحُ المختصر المسند) فله أربع أوصاف للكتاب الجامع ، الصحيح ، المختصر ، المسند ، كل صفه من هذه الصفات الأربعة تحتها موضوع ، فمثلاً في عقد الزواج عندما يذهب الرجل ليتزوج بامرأة فيقول البكر البالغ العاقل كل واحدة من هذه الأوصاف يترتب عليها موضوع ، فإذا ثبت أنها ثيب وليست بكرًا انفسخ العقد لو ثبت أنها مجنونة انفسخ العقد وهكذا وهذا ليس من قبيل ذكر أوصاف مجرد أوصاف .وكتاب الإمام الجامع يدل على أنه جمع أنماطًا كثيرة من العلم ،
وصحيح الإمام البخاري كله يتألف من سبع وتسعين كتابًا :
كتاب بدء الوحي كتاب الإيمان ، كتاب العلم ، كتاب الطهارة ، كتاب الصلاة ، كتاب الجنائز كتاب الزكاة ، كتاب الصيام ، كتاب الحج ، كتاب الحدود ، كتاب البيوع كتاب الشفعة ، الرهن ، الوكالة ، الكفالة ، كتب النكاح ، كتاب الطلاق كتاب الأدب ، كتاب المغازي ، كتاب فضائل الصحابة ، كتاب الأنبياء بدء الخلق الجزية ، الموادعة ، فرض الخمس ، فنقول بعض أنواع من الكتب بلا ترتيب .
عدد الكتب التي في صحيح البخاري من أول الكتاب إلى آخره سبع وتسعون كتابًا .
أول كتاب بدأبه البخاري كتابه بدء الوحي وأخر كتاب ختم به كتاب التوحيد ، ودلالة ذلك:
أول كتاب حتى نفهم قدر الإمام أبي عبد الله وفهم الإمام أبي عبد الله أول كتاب في هذا الجامع اسمه كتاب بدء الوحي الكتاب رقم وأخر كتاب الكتاب رقم سبعة وتسعين اسمه كتاب التوحيد الذي ختم البخاري به كتابه ، أول كتاب كتاب بدء الوحي وأخر كتاب كتاب التوحيد ، دلالة ذلك لأن الإمام رحمة الله عليه يريد أن يقول من أراد أن يخرج من الدنيا علي التوحيد فعليه أن يبدأ في كل أموره بالوحي ، فالبوابة التي تدخل الإسلام من خلالها هو الوحي ،
الوحي ليس مقصورًا على القرءان وحده عند جماهير أهل العلم بل السنة أيضًا من جملة الوحي .
والعلماء عندما يذكرون قوله تعالي:﴿ إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9] يقولون جميعًا الذكر قرءان وسنة وليس الذكر هو القرءان وحده .
فالوحي هو الطريق الوحيد الذي يوصل إلى الله تبارك وتعالي :
في مقابل هذا الوحي لا يكون إلا الهوى والرأي الشخصي الذي ينطلق المرء منه
كما قال سفيان الثوري رحمه الله [ الحديث درج ] الحديث_ أي الوحي إشارة إلي أن الوحي قرءان وسنة_ [ الحديث درج ] أي مثل السلم .
[ والرأي مرج ] والمرج المكان المنبسط الواسع مثل السهول .
[ الحديث درج والرأي مرج ] فإذا كنت على الدرج تمشي على السلم فاحذر أن تزل قدمك فتندك عنقك ، فالذي تخطيء قدمه السلم يسقط على رأسه فورًا ، وإذا كنت في المرج( السهول) فسر حيث شئت .
يريد أن يقول أن المرء إذا تعان الوحي كان مقيدًا فلا يستطيع التصرف كيف شاء: لا يستطيع أن يقول أنا حر كما نبهنا من قبل مرارًا وتكرارًا بخلاف الهوى ، الخلاف الذي كالسهول ينطلق المرء من هواه.
وقد ذكر الله تبارك وتعالي الجهتين متقابلتين( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ ) هذا هو الوحي ( فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ) ﴿ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ )هذا الوحي ﴿ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ ﴾ هذا الهوى [ ص:26 ] ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ) هذا هو الوحي ( وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾[ الكهف:28] :
فأي إنسان يريد أن يخرج من الدنيا على التوحيد ويحقق التوحيد فعلا فعليه أن يبدأ بالوحي :
فكأنما أراد الإمام البخاري رحمه الله أن يقول: أنا جمعت أطراف العلم في كتابي هذا لكنه كتاب مقيد بالوحي لذلك بدأ بهذا الكتاب كتاب بدء الوحي وذكر فيه عدة أحاديث قليلة لا تصل إلى عشرة تقريبًا تصل إلى سبعة أحاديث ، فمن أراد أن يخرج من الدنيا على التوحيد وهذا ختام الكتاب ونهايته فعليه ببدء الوحي .
هل بين أول حديث في الكتاب وآخر حديث مناسبة؟
أول حديث في الكتاب وآخر حديث في الكتاب هل بينهما مناسبة ، أول حديث في الكتاب الحديث الشهير الذي نعرفه جميعًا وهو حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد اتفق الأئمة الستة عليه وأجمع العلماء علي صحته حديث ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ):
الإمام البخاري روى هذا الحديث في سبعة مواضع من صحيحه وأول موضع في الصحيح في بعض الحديث .
فأول حديث إنما الأعمال بالنيات دل ذلك على أن النية عمل مستقل لأن النية هي عمل القلب وعمل الملوك أشرف الأعمال لأن عمل الملوك عمل سيادي ، فأي أمير أو رئيس أو ملك أصدر قانونًا هذا القانون يعم الناس جميعًا ومن خالف هذا القانون فهناك جهات تنفيذية تعاقبه ومواد تعاقبه ، فعمل القلب أو الملك منتشر .
هذا القلب الذي هو ملك البدن هو متحكم في كل هذه الجوارح فمجرد عقده للعمل أي النية فهذا في حد ذاته عمل بل كل الجوارح تفتقر إلى مداخلة القلب في العمل ، إذا تخلى القلب عن الجارحة في العمل حبط وسقط ولا قيمة له .
والرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) فكل أبواب الشريعة مما يتعبد فيه رب العالمين جل ثناؤه لابد من دخول النية فيه ، يكون عندك عقد هذا القلب ينعقد على العمل فهذا أول حديث فكل الأحاديث كتاب الإيمان ، كتاب العلم ، كتاب الطهارة ، كتاب الصلاة ، كتاب الزكاة ... إلى آخر الكتب كتاب التوحيد يحتاج إلى عمل القلب .
أخر حديث في صحيح البخاري حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال:[ كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ]
فما العلاقة التي بين هذا الحديث وكل الأحاديث التي مضت؟
صحيح البخاري سبعة ألاف وزيادة بالمكرر سبعة ألاف ونيف ألفين ونيف بدون المكرر ، هذه الأحاديث التي مضت قبل الحديث الأخير[ كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) كل الأحاديث هذه سبقت هذا الحديث الأخير .
أربط لك المناسبة بقوله تعالي:﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾[ العنكبوت: 45] أي ذكر الله أكبر من الصلاة أو ذكر الله عز وجل ينهي عن الفحشاء أعظم مما تنهى عنه الصلاة ، ولذكر الله أكبر أي تأديتك للعبادة الذكر أعظم منها لأن الذكر متعلق بالقلب ، الذكر متعلق بالرب تبارك وتعالى وهو حياة القلب لأن الذكر متعلق بالمحبة لا يذكر أبدًا إلا محب .
ولذلك قلنا كثيرًا ونردد هذا المعنى ليستقيم في أذهان الناس لا يستطيع المحب حقًا أن يخالف حتى لو أمر بما لا يتصوره قبل الأمر ، فأحينًا الإنسان يتصور يقول أنا لو أمرت بكذا وكذا أنا لا أستطيع أن أعمل ذلك هذا شيء عظيم لا أستطيع أن أعمله فإذا حل وقت العمل إذا كانت هناك محبة خف العمل .
مثل المصائب :واحد مثلاً إذا كان له ابن يحبه جدًا فأحيانًا يمر على الإنسان خواطر فيقول هذا الولد إذا مات لا أستطيع أن أعيش من غيره وإذا بهذا الولد المحبوب الذي ملأ على والده أو على والدته قلبه أو قلبها إذا بهذا الولد يموت فتجده صابراً وتجده محتسباً وتجده متجلداً وعلى وجهه رضاً وسكينة وقبل أن يلابس الفعل ما تصور أبدًا أن يصبر وأول ما يذكر هذا الخطب تجد قلبه ينبض بشدة ولو نائم يقوم يأتيه أرق إذا لابس الفعل تجده صبر لذلك ربنا عز وجل يقول: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 66] إما قتل أو خروج من الدار أي جعل الخروج من الدار عديل القتل .
فالذي يطرد من بيته أو الذي يهدم عليه بيته ويعيش في العراء هذا مثل الذي قتل بالضبط أو قريب منه الاثنين معًا ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ ﴾ أي من قتل أنفسهم أو الخروج من الدار ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ، وَلَهَدَيْنَاهُ مْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾[النساء: 68،67،66 ] .
وما أجمل ما قاله سنون المحب: (ولو قيل طأ في النار أي ضع قدمك في النار أعلم أنه رضًا لك أو مدنٍ لنا من وصالك لقدمت رجلي نحوها فوطئتها سرورًا لأني قد خطرت ببالك)
فمجرد أن أخطر على بالك فتقول لي ضع رجلك في النار أضع رجلي في النار.
العلماء يوردون مثل هذه الأبيات ويأخذون بعض المعاني منها مع قطع النظر عن خصوص ألفاظها لأن هناك ألفاظ لا يجوز أن يتوجه المرء بها لرب العالمين تبارك وتعالى ، لكن يأخذون منها بعض معاني ،.
فيقول وكأنه يخاطب ربه تبارك وتعالى يقول يارب إذا ذكرتني مجرد أن تذكرني فقط في مقابل هذا لو قلت لي ضع رجلك في النار أضع رجلي في النار لمجرد أنك ذكرتني في ملأ من الملائكة .
كما حدث لسعد بن معاذ رضي الله عنه أو أبي بن كعب لما طلب النبي منه قال له اقرأ علي سورة البينة فقال:( يا أُبي إن الله أمرني أن تقرأ علي سورة البينة) فقال أُبي:يا رسول الله وسماني لك أي رب العالمين قال مر أُبياً وسماني لك ، قال: نعم فبكى أُبي )
فالإنسان المحب مستقيم باستمرار كل شيء ,يسيراً خفيفاً عليه ،:
فالذكر متعة القلب أن يجلس المرء فيذكر .كأنه يقال في ختام البخاري رحمه الله في صحيحه بهذا الحديث( أن كل ما تقدم متعلق بالأحكام الشرعية العملية التفصيلية بقي الذكر إن استقامت عبادتك واستقام قلبك ذاق معني الذكر لذلك قال في الحديث [ كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ] .
البخاري لم يرتب كتابه جزافًا باب وراء باب وانتهي الأمر، لا :، بل الأبواب يدل بعضها على بعض ويفسر بعضها بعضًا كما سنذكر إن شاء الله تبارك وتعالي نماذج كثيرة لهذا في كتاب الرقاق .
كتاب الرقاق هو الكتاب رقم واحد وثمانين في صحيح البخاري:
وقد قلنا أن كتاب البخاري سبعة وتسعين كتابًا بدءًا من كتاب بدء الوحي وحتى كتاب التوحيد . وكتاب الرقاق هو الكتاب رقم واحد وثمانين في صحيح البخاري .
أصل كلمة الرقاق: هي جمع رقيقة وهي المادة التي ترقق القلب ويرادف كلمة الرقاق: (كلمة الزهد).
و بعض العلماء ألفوا كتبًا مستقلة في المعاني التي ترقق القلب:
من أقدمها 1-كتاب المعافى ابن عمران وهو ليس مشهور 2-ومن أشهرها كتاب عبدالله بن المبارك 3-وكتاب وكيع بن الجراح4- وكتاب تلميذهما هناد بن الثري ،5- وكتاب الزهد لأسد بن موسي6- وكتاب الزهد للبيهقي الزهد الكبير للبيهقي 7-وكتاب الزهد لأبي داود8- وزهد الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالي ، فهذه كلها كتب الزهد كتب مستقلة صنفت في هذا الباب .
بعض الأئمة أدخلوا كتب الرقاق أو الرقائق الاثنين أيضًا في أسماء كتاب كبير مثل البخاري فكتاب الرقاق هذا كتاب من صحيح البخاري ، الإمام النسائي رحمه الله له في كتاب السنن الكبرى له كتاب الرقاق والإمام الدارمي له كذلك كتاب الرقاق وثمة أئمة آخرون فليس القصد أننا نستوعب من صنف في هذا الباب ، لكن هذه الكتب كما قلنا هي موجهة إلى القلب فيها أحاديث وأغلبها آثار وأقوال عن الصحابة والتابعين وتابعيهم من الأئمة المتبوعين الذين جعل الله لهم لسان الصدق في الأمة .
أما زهد القلب أو رقة القلب فهي زهده ورحمته وإنابته إلى الله تبارك وتعالي
المقصود من هذا الكتاب كله:
أن نرقق هذا القلب وكما نقول رقة القلب محمدةً له بخلاف الجوارح الرقة في الجوارح عبارة عن ضعف وعلة أما الرقة في القلب فهي قوة ومحمده كلما كان الإنسان رقيق القلب كلما كان أفضل له بخلاف إذا كان رقيق الجسم مادة حياة هذا غير مادة حياة هذا :
كما قال الشاعر:

لو أن سلمى أدركت تخددي
ورقة في عظم ساقي ويـدي
وبعد أهلي وجفاء عودي
عضت من الوجد أنامل أليد


(لو أن سلمى أدركت تخددي ): رقة الخد من كثرة البكاء ومن كثرة الهزال (ورقة في عظم ساقي ويدي) فهذه هي الرقة التي تكون في الجوارح تكون ضعفًا أما في القلب فتكون قوة ومحمدة ومتاع .
لا يستفيد عادة بمثل هذا الكلام إلا من كان نبيل الأصل : الإنسان الذي ليس عنده أصل لا يزيد إلا ضلالاً بالوحي وهذه من العجائب أن واحدًا معه كشاف أو مصباح كهربائي ولا يجد حفرة إلا يسقط فيها فما فائدة المصباح معه فهو رجل أعشى أو أعمي لا ينتفع بهذا المصباح .
فالوحي إنما ينتفع به من أراد الله عز وجل والدار الآخرة :
كما قال تبارك وتعالي ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) ( الأحزاب:21)
أي من كان يرجوا الله واليوم الأخر هو الذي سيتأسي بالنبي _صلي الله عليه وسلم _ولا يترك شيئًٍا يفعله إلا ويفعله ليس ككثير من الناس الين يكذبون الأحاديث الصحيحة وكل ما يرد شيء عن النبي _صلي اله عليه وسلم _يقولون ليس من الممكن أن يكون النبي يفعل ذلك .
هؤلاء لم يجربوا طعم الحب قط فلا يزدادون بنصوص الوحي إلا ضلالا وهذا ليس كلامي بل هذا هو كلام اله تبارك وتعالي قال تعالي:﴿ وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82] فانظر إلى القرءان الذي هو النور والهدى لا ينتفع به إلا أهل الإيمان يرد عليهم يزدادون به إيمانًا وبصيرة ، أما الذين كفروا فإذا سمعوا القرءان ازدادوا كفرًا لماذا ؟ لخسة معدنهم كما قال الله تبارك وتعالي:﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ﴾ [فصلت: 44] نفس الكلام .
لا يستفيد بهذا إلا رجل مخبت قلبه مقبل على ربه يتمني أن يعرف أي شيء من الوحي يقربه إلى الله :وأنا لا أقول هذا الكلام لأملأ الذهن بالمعلومات أو أنك تحصل المعلومات ، لا :
القصد الأعظم من هذا أن أذكر لك النص وما يستفاد من النص لتترجمه إلى واقع عمل يفي حياتك : خذ من النص أي شيء ، أي لا يمر بك نص صحيح إلا وتترجم بعض هذا النص إل حياتك ، خذ منه خمسة بالمائة ، عشرة بالمائة ، عشرون بالمائة لكن لا تتركه ، إنما تسمع النص وتتركه ثم تسمع النص وتتركه .
في احدي المرات ذهبوا إلى الفضيل بن عياض وقالوا يا أبا علي حدثنا ببعض الأحاديث: قل لنا حدثنا فلان عن فلان عن فلان فقال له إنك مفتون وهل علمت بكل ما سمعت لتزداد علمًا( حدثني الأعمش أنه قال: مثل الذي يسمع الحكمة أو الكلمة ولا يعمل بها كمثل رجل أمامه طعام فيأخذ اللقمة فيلقيها خلف ظهره قمتي يشبع ؟) وهذا كلام طبيعي أنت أمامك طعام كلما تأخذ لقمة تلقيها خلف ظهرك والمفروض أن هذه اللقمة تصل إلى فمك حتى تشبع لكن ترمي باللقمة وراء ظهرك باستمرار فمتى تشبع ؟
فيقول له لقد سمعت كثيرًا لكن ماذا عملت ؟ وكم نفذت مما سمعت ؟ تكثر حجج الله عليك .
فالإنسان إذا سمع النص يعاهد نفسه أنه إذا سمع النص لا يغادره إلا وقد عمل ببعض هذا النص: ، إن لم يكن بجميع النص لأن هذا يختلف حسب العزمات الناس يتفاوتون في هذا ، فيه واحد من أهل العزمات يسمع النص ينفذه كله ، يسمع النص ينفذ ثلاثة أرباعه ، ينفذ نصفه ، ينفذ ثلثه ، خذ خمسه ، خذ عشره ، خذ واحد على عشرين منه لكن لا تتركه ، لماذا ؟ لأنه إذا كان حالك كذلك صارت عندك ملكة تعودت كلما سمعت كلام تقول أنا أستطيع أن أنفذ هذه وهذه وهذه كلما مر نص أخذنا جزء منه والنص الثاني سنأخذ أحسن من الذي قبله والنص الثالث سنأخذ أكثر من الذي قبله بحيث يصير التعامل مع النصوص ملكه فيصير الدين عندك كأنك تتنفس .
ربنا عز وجل قال: ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )[ الحج : 78] ) والنبي صلي الله عليه وسلم قال:[ بعثت بالحنفية السمحة ] وكثير من الناس يقول أنني لا أشعر بهذه السماحة ، لا أشعر بسماحة الإسلام ، نعم لأنه قد دخلت أقوال غلط على النصوص و وخرج جماعة غير دارسين كلما تعطيه مسألة خذ بالأحوط ، فما معنى الأحوط باختصار ؟ الأحوط هذا أليس معناه الأخف أم الأشد ، طبعًا الأشد ،:
مثلاً :جاءني مال هذا المال به شبهه احتمال يكون أغلبه حرام احتمال يكون أغلبه حلال فكيف أتصرف في هذا المال ؟ هل أكل وأشرب منه ؟ فالذي ليس عنده علم يقول خذ بالأحوط فما معني الأحوط ؟ اصرف المال أم أتركه ، طبعًا تترك المال فهذا هو الأحوط يعني الأشد يصير الأشد فالأشد فالأشد ، الأحوط فالأحوط فالأحوط فالأحوط يساوي الأشد فالأشد فالأشد فالأشد فأين اليسر ؟
لذلك سفيان الثوري رحمه الله كان له كلمة جميلة جدًا يقول فيها [ إنما العلم الرخصة من ثقة أما التشديد فيحسنه كل أحد ] الأحوط فالأحوط فالأحوط أي أحد يقول ذلك لا تحتاج إلى علم ,
(فالعلم الرخصة من ثقة) وليس الرخصة التي هي في مقابل العزيمة إنما الرخصة ما يناسب حالك ، إذا رجل من العلماء أعطاك رخصة في شيء مختلف فيه فخذها وهذا هو العلم ، أما التشديد فيحسنه كل أحد .
نحن نحتاج إلى أي نص نقرأه نحاول ننقل منه لكي يكون العمل بالنص سجية عندنا يسهل علينا الإسلام إذا تعودنا أننا نعمل بالنصوص باستمرار .
الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله عليه: ما أودع في مسنده حديثًا إلا عمل به ومسند الإمام أحمد قرابة ثمانية وعشرون ألف حديث بالمكرر وروي ذات مرة حديثًا أظن حديث أنس رضي الله عنه( أن النبي ﷺ دعا الحجام فحجمه وأعطاه أجره) والإمام أحمد لم يكن نفذ هذا الحديث قبل ذلك أول ما وصل للحديث دعا الحجام وما كان به من حاجة للحجامة فحجمه وأعطاه أجره حتى يكون قد نفذ الحديث .
ليس القصد من هذه الدروس حشو الرأس بالمعلومات وأن تكون عندك مفردات :
قال مجاهد بن جرف ويحي بن أبي كثير وجماعة من التابعين وقالها من الأئمة المتأخرين عنهم الإمام مالك رحمه الله [ ليس العلم بكثرة المسائل إنما العلم الخشية ] ليس العلم كلما قلت لك نواقض الطهارة تقول لي واحد ، اثنين ، ثلاثة ، أربعة ، ليس العلم كلما قلت لك مفسدات الحج تقول واحد ، اثنين ثلاثة ، أربعة هو يريد أن يقول ذلك ، لأن هذا إن لم يكن مشفوعًا بعمل القلب بالتقرب على الله عز وجل لا يستفيد المرء به [ ليس العلم بكثرة المسائل إنما العلم الخشية ] أن يورثك هذا العلم مخافة الله تبارك وتعالي ، ولا يستفيد من هذه النصوص إلا رجل أصيل ، رجل نفيس النفس يريد أن يصل إلى الآخرة ، لكن الخسيس دنيء النفس لا يزيد بهذا إلا ضلالاً وعمى .
وتحضرني حكاية في هذا المعني ربما تكون مباشرة :
ذات مرة امرأة عربية وجدت ذئبًا صغيرًا مولود فخافت عليه وقالت هل أترك هذا الذئب يموت أنا أخذه وأربيه عندي وكان عندها شاة هذه الشاة فيها لبن وكانت ترضع الذئب من الماعز فتكون الماعز أمه لكونها أرضعته فصار الذئب يكبر وكانت الأعرابية تترك الذئب مع الماعز ، فذهبت لحاجة ثم عادت فوجدت الذئب قد فتح بطن الماعز ويأكلها:
فقالت ثلاثة أبيات من الشعر تخاطب الذئب فقالت له:






بقرت شويهتي وفجعت قلبي
وأنت لشاتنا ولدٌ ربيب
غُزِيتَ بدرها ورُبيتَ فينا
فمن أنباك أن أباك ذيبُ
إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ
فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديـبُ

فمن الذي أعلمك أن أباك كان ذئب ونحن قد أخذناك صغيرًا المفروض أنك رضعت ولم تري في حياتك إلا هذه الماعز فكان عليك أن تحن لها ولكن تفتح بطنها وتأكلها أيضًا فتقول له( غُزِيتَ بدرها) الدر _ اللبن _أي تغذيت على لبنها ،( ورُبيتَ فينا ) أي لم ترى غيرنا وغيرها( فمن أنباك أن أباك ذيبُ)
إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ _ فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديـبُ
أي أنه موجود في فترته خصال الذئب ترضعه لبن ماعز ترضعه أي شيء آخر هو ذئب ليس له حل :
والشاهد في البيت الأخير
إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ _ فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديـبُ
فنقول أنه لا يستفيد من الوحي قرءانًا وسنة إلا رجل يريد الله عز وجل ويريد الدار الآخرة ونحن نريد أن نضبط أنفسنا على ذلك ، كل حديث سنقوله لا تنتهي الحلقة قبل أن تعرف ما الذي ستأخذه من هذا الحديث سأنقل لحياتي أنا معني كذا ، إذا استطعت أن تأخذ الحديث كله فهذا ممتاز ، تأخذ أغلبه جيد جدًا ، خذ أي شيء لأنه فيما بعد الأحاديث ستتكرر المعاني فيها ، وليس المعني الذي يفوتنا لن يعود مرة أخري بل سيعود مرة أخري ربما تأخذ إذا طرق سمعك لأول مرة تأخذ جزء منه ثم يأتي نفس المعني تأخذ جزء وحتى ننتهي فإن شاء الله يكون المعني اكتمل على مدار عدة نصوص .
كتاب الرقاق في المرة السابقة قلنا أن الترجمة الإمام البخاري وتراجم البخاري وغير ذلك.

أم محمد الظن
2010-06-30, 07:04 AM
أن الترجمة لها ثلاثة أركان :-
المُترجِمُ ـ والمترجَمُ له ـ والترجمة .
أصل الترجمة: هي التعبير عن لسان بلسان تنقل من عربي إلي لغة أخري أو من لغة أخري إلى عربي و هي الإفصاح والإعراب والبيان ، ترجم عن مشاعرك تقول أنا شعوري كذا كذا كذا ترجمة فلان الفلاني تعني حياته وكل ما يتعلق بحياته .
ونحن نحتاج أن نطبق هذه الترجمة علي صحيح البخاري ,قلنا أن أركان الترجمة ثلاثة: 1-المُترجِمُ: الإمام البخاري ، 2-والترجمةُ: هي العنوان الذي وضعه الإمام 3- المُترجَمُ له: هو النص الذي جاء به الإمام.
(باب ما جاء في الرقاق وألا عيش إلا عيش الآخرة )، فهذه تسمي الترجمة: هذا هو العنوان الذي ترجم به الإمام البخاري ،.
والترجمة هو الكلام الذي عقده المُترجِمُ ( البخاري )على الحديث و( الحديث) اسمه المُترجَمُ له أي النص ، فعندنا البخاري المُترجَمُ ، وعندنا باب ما جاء في كذا وهذه اسمها الترجمة والنص هذا هو المُترجَمُ له وهذه هي الثلاثة أركان للترجمة .
لابد أن تكون الترجمة صحيحة ، فما علامة صحة الترجمة ؟
أن يكون هناك مناسبة ما بين الترجمة والحديث ، مثال ذلك: لو أن رجلا قال باب الصراط أو باب الميزان أو باب الشفاعة ثم جاء تحته وقال وقوله تعالى:
( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ) (البقرة:222) فهل هناك علاقة بينهما الاثنين ؟ لا توجد علاقة ، أنت تقول باب الصراط ثم أتيت بآية في الحيض فلا توجد أي مناسبة بينهما الاثنين ، فهل نقول أن هذه الترجمة فاسدة ولا صحيحة ؟ ترجمة فاسدة ، بل لابد أن يكون هناك علاقة ما بين الترجمة ومابين الحديث فإذا كانت هناك علاقة فهذه تسمي ترجمة صحيحة .
الترجمة: هذه إما أن تكون نصًا مباشرًا أو تكون استنباطًا ، أو تكون الترجمة جلية أو خفية الترجمة التي وضعها الإمام البخاري علي الكتاب على الحديث والترجمة
الترجمة من جهة الإدراك: إما أن تكون مطابقة للحديث أو غير مطابقة ، إما أن تكون كلية أو جزئية ، ولنطبق هذا علي هذا الحديث:
(باب ما جاء في الرقاق وألا عيش إلا عيش الآخرة ) قال حدثنا المكي بن إبراهيم أخبرنا عبد الله بن سعيد هو بن أبي هند عن أبيه عن بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ:( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) وقال عباسٌ العنبري حدثنا صفوان بن عيسي عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه سمعت بن عباس عن النبي _صلي الله عليه وسلم _مثله .
(باب ما جاء في الرقاق )قال( الصحة والفراغ) فما علاقته بالرقاق ، (وألا عيش إلا عيش الآخرة) ، قال لا البخاري أورد في هذا الباب ثلاثة أحاديث ،
الحديث الأول : قال رسول الله ﷺ:( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)
والحديث الثاني: قال حدثنا محمد بن بشار حدثنا غُندر حدثنا شُعبةُ عن معاوية بن قُرة عن أنسٍ عن النبي ﷺ قال: ( اللهم لا عيشَ إلا عيشُ الآخرة فأصلح الأنصار والمهاجرة ) فيكون هذا الحديث هو الشطر الثاني من الترجمة .
الحديث الأخير في هذا الباب قال البخاري _رحمه الله_ حدثني أحمد بن المقدام حدثنا الفضيل بن سليمان حدثنا أبو حازم حدثنا سهل بن سعد ألساعديُ قال كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في الخندق وهو يحفر ونحن ننقل التراب وبصر بنا فقال:( اللهم لا عيش إلا عيشُ الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة ) تابعه سهل بن سعد عن النبي_ صلي الله عليه وسلم _مثله
ذكر البخاري هنا ثلاثة أحاديث تحت هذا الباب( باب ما جاء في الرقاق وألا عيش إلا عيش الآخرة ):
فتكون ترجمة البخاري قُسِمت نصفين 1-النصف الأول ( باب ما جاء في الرقاق) 2-النصف الثاني ،( وألا عيش إلا عيش الآخرة) ، فأورد البخاري ثلاثة أحاديث حديث بن عباس رضي الله عنهما عن النبي_ صلي الله عليه وسلم_ :( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) ثم أورد حديث أنس بن مالك ( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة) ثم أورد حديث سهل بن سعد ألساعدي عن النبي صلي الله عليه وسلم في حفر الخندق وأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ).
فتكون الترجمة هذه مطابقة لما تُرجِمَ له ، النصف الثاني هذا مأخوذ من حديث (وألا عيش إلا عيش الآخرة) .
ما الرقاق ؟
البخاري جعل الترجمة قسمين الرقاق الأول( وألا عيش إلا عيش الآخرة) وأورد حديث بن عباس:( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) ، والبخاري رحمة الله عليه ابتدأ هذا الكتاب بداية بارعة ،.
وما سر براعة افتتاح هذا الكتاب؟
وعبد الله بن المبارك بدأ كتاب الزهد خاصته بهذا الحديث ، فما السر في البراعة في البداية قال العمر هذا هو رأس المال رجل تاجر عقله كله تجارة ليس عنده فلس فماذا يعمل في مخه ، لازم يكون المخ هذا فيه رأس مال ، تاجر ليس عنده رأس مال لا يستطيع أن يتاجر فضلاً عن أن يربح .
نحن كبشر ما هو رأس مالنا ؟ رأس مالنا العمر ، ، فهناك من يتاجر بعمره فيخسر رأس المال كما قال النبي _صلي الله عليه وسلم _كما في صحيح مسلم ( كل الناس يغدو ) ، (يغدو) أي ذاهب إلى السوق كلنا في الصباح ذاهبون إلى السوق لكي نتاجر( كل الناس يغدوا فبائع نفسه ) كل إنسان يبيع نفسه ( فموبقها أو معتقها ) أي يضيع نفسه فيهلكها أو يعتق نفسه من النار ، عندما تسيقظ في الصباح وتقول أصبحنا وأصبح الملك لله وتخرج من بيتك فأنت هكذا بعت نفسك ، دخلت السوق فأنت صرت سلعة تُباع وتُشتري ، فيا تري ماذا تعمل اليوم عندما دخلت السوق ، هل ستذهب وتبيع نفسك ؟ هل ستضيع نفسك ؟ فأنت ستبيع نفسك ستبيع نفسك فهل ستبيعها بالخسارة أم بالمكسب ؟
فمن يعمل في الشر فهذا ضيع نفسه ، باع نفسه صح لكنه ضيعها كما قال النبي صلي الله عليه وسلم ( فبائع نفسه فموبقها ) قيد نفسه أو( معتقها )من النار ، فنعرف أولاً أن رأس مال المرء في حياته عمره .
فكم عمرك ؟ نحن كمسلمين قال النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره ( أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلُهم من يتجاوز ذلك ) أو كما قال رسول الله_ صلي الله عليه وسلم ،_ عمرك ستين سنة وهذا رأس المال ، أنت عن كم سنة تحاسب إذا وقفت بين يدي ربك غدًا ؟ ، احسبها بدراسة الجدوى وأنا أريد أن يكون أكثر الناس ينتفع بهذا الكلام التجار التي كل حياتهم أرقام فلوس ، عندما نظر إلى حياته هل تعامل مع حياته كتعامله مع درهمه وديناره أم لا ؟ إذا كان ضل في الحسبة فعليه أن يراجع نفسه قبل أن يموت .
الفضيل بن عياض يريد أن يبين لك أنك طالما أنت تعيش أنت في الفرصة فيقول"لرجل معه أثناء المحاورة معه افترض الآن أن ملك الموت وقف على رأسك وسيقبض روحك وأنت طلبت مدة من الزمن لا يزال عندك عمل ، لا يزال عندك مظالم تريد أن تتخلص منها ، عندك ديون وعليك واجبات لم تعملها ، عليك أو لك أموال ، تريد أن تضبط حالك قبل أن تموت فقيل لك كم تدفع في هذه المسألة ؟ قال: أدفع ملء الأرض ذهبًا وأُمهلُ قليلاً .
كنت أقول بالنسبة لدراسة الجدوى إنسان رأس ماله ستون عامًا عن كم سنة يحاسب من هذه الستين ؟ قال صلي الله عليه وسلم ( رفع القلمُ عن ثلاث الصغير حتى يحتلم ) رفع القلم أي لا يؤاخذ حتى يحتلم ، الإنسان عندما يولد حتى يحتلم يأخذ كم سنة حوالي اثني عشر سنة وقد تزيد لكن نجعلها اثني عشر سنة ، فيكون عندنا اثني عشر سنة سقطت من أصل ستون عام ، والصنف الثاني الذي ذكره النبي في حديث رفع القلم( والنائم حتى يستيقظ ) ينام ثماني ساعات في اليوم في ستين سنة فهذه عشرون سنة زائد اثني عشر سنة فهذه اثنين وثلاثين سنة ، ممكن يزيد النوم أو يقل لكن المتوسط في هذه المسألة ثماني ساعات فهذه اثنين وثلاثين سنة لا يؤاخذ المرء عنها في مدة حياته فكم سنة بقيت ؟ سبع وعشرون عاماً.
الإنسان الذي عينه على الآخرة رق قلبه وانتبه لأننا نشرح الآن الترجمة التي وضعها الإمام البخاري على أحاديث هذا الباب ، فنرى علاقة الترجمة إذا كانت الترجمة مجزأة لأكثر من جزء فنرى علاقة الترجمة ببعضها وننزل الترجمة هذه على الأحاديث التي جاءت تحتها هل هي مناسبة ؟ أم غير مناسبة لنعرف إن كانت الترجمة صحيحة أم لا .فالإنسان رقيق القلب وقلنا أن:
رقة القلب هي: زهده ورحمته وإنابته إلى ربه جل ثناؤه فإذا كان القلب رقيقًا هكذا انتفع برأس المال ، سبعة وعشرون سنة وهذا العمر الحقيقي الفعلي الذي يؤاخذ المرء به بين يدي ربه تبارك وتعالي ، عينه على الآخرة هو هذا الذي يستثمر العمر ، إنما الذي يعيش للدنيا فقط قد وصفهم رب العالمين تبارك وتعالي:( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ )[ الأعراف: 179 ] هذا هو الجنس الذي يعيش لشهواته في الدنيا ليس عنده آخرة بدد رأس المال كله كما قال صلي الله عليه وسلم ( فبائع نفسه فموبقها ) الإنسان الذي يمشي في الشر ويندمج معه ويعيش طول حياته لا يرى إلا الدنيا فقط يمضي ولا يترك في الدنيا بصمة أنه كان موجود فيها ، يوجد ناس كعدمهم هذا إذا لم يكن شرهم مستطير ويزجرون باللعنات كفرعون وهامان وأُبي بن خلف وأبو جهل وأبو لهب وسائر الكفرة الذين ذُكِروا في القرءان أو ذُكِروا في السنة أو حتى ذُكِروا في كتب التاريخ من الملاعين الذين تلعنهم البشرية حتى الآن ، فهذا بدد .
ماقصده البخاري _ رحمه الله من كتاب الرِقاق_
البخاري عندما يقول باب ما جاء في الرقاق يريد أن يقول أن هذا الحديث وما تحته المقصود منه هو ترقيق القلب وألا عيش علي الحقيقة إلا عيش الآخرة :
كل الدنيا كدر فما أعجب إلا من راغب في ازدياد ، الإنسان يتمنى طول العمر مثلما البخاري سيعقد بابًا في الحرص علي الحياة في هذا الكتاب والرسول عليه السلام لما ذكر طول العمر لم يستحسنه إلا مع العمل الصالح ، قالﷺ ( خيركم من طال عُمره وحسن عمله ) لكن الإنسان سيء العمل هذا طول العمر جناية عليه , لأن كل يوم يمر عليه يكتسب فيه سيئات وقد بين النبي ﷺشيئًا من هذا المعني في قوله _عليه الصلاة والسلام _( لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه فلعله إن كان مسيئًا أن يُستعتب ولعله إن كان محسنًا أن يزداد إحسانًا ) .
إن كان مسيئًا يلحق يرجع لذلك كان المرض بين يدي الموت نعمه ، لماذا ؟ لأنه كل يوم يعلم أن حالته في النازل يعلم أنه سيموت فإن كان فيه مظلم فإنه يتخفف منها ، عليه ديون يسدها ، أي شيء يحتاج أن يتكلم فيه يقول ، إنما الذي يموت فجأة كما قال تعالي:( فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ )[ يس:50]، مالت فجأة كان يريد أن يقول كلمة حيل بينه وبينها كم من حسرات في بطون المقابر ، لو نشر هؤلاء الموتى الذين ماتوا قبلنا ونحن علي الأثر لو نشر هؤلاء من قبورهم لوجدت أن كثيرين كانوا يريدون أن يقولوا كلمة قبل أن يموتوا إنما قتلهم التسويف ، سوف أتوب سأتوب ومع ذلك أخذ بغتة
العيش الحقيقي ليس هو عيش الدنيا ، الدنيا كلها كدر كما قال الله عز وجل:
( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) [ البلد:4] ، ونضرب مثلاً لهذا الكبد لعل أكثر الناس لا يلحظه وهو رغيف الخبز ، رغيف الخبز الذي يوضع أمامك على المائدة هل تعرف كيف وصل إليك ؟ وكم من الأيدي العاملة بذلت من الجهد حتى يصل إليك هذا الرغيف ، وهذا رغيف .
نبتدئ الأول من الفلاح يحرث الأرض ثم يضع البذر ويرويها ثم ينقي الحشائش التي ليس بها فائدة حتى لا تأخذ السماد وغير ذلك ثم يرش المبيدات للقضاء على الحشرات والآفات التي تعلق بالنبات ، هذا المحصول يمكن أن يغيب في الأرض ستة أشهر أو سبعة أشهر أو ثمانية أشهر ، يربيه كما يربي الطفل الصغير حتى كبر وطاب واستوي على سوقه ، حصده ثم حمله إلى الفناء ثم درسه فصل الحب عن العصف والعصف هو القش كما في الأرز مثلاً فيفصل الحب من أعواد القش أو إذا كان فول فيخلص الحب من العود الذي هو فيه إذا كان قمح فهو يدرسها في بعضها ثم ماكينة الحصاد تفصل الحب عن العصف فهو زرعه أولاً وتعب عليه وغاب كم من الشهور في الأرض ثم أخذه وحصده واحضره إلي الجرن فدرسه وفصل الحب عن العصف ثم أخذنا القمح غسلناها ثم نشرناها في الشمس حتى تنشف وضعناها في أجولة وأرسلناها إلى الماكينة طحناها وعملنا عين أولى وعين ثانية وعين ثالثة هذا رده وهذا سن وغير ذلك ، وأحضرناه إلي البيت عجناه ، خبزناه ، وضعناه في الفرن ، أكلناه ، فهذا رغيف ، كم من الأيدي عملت حتى وصل إليك هذا الرغيف ؟ الجنة مختلفة تمامًا ، فالذي يريد أن يحيا في هذه الدنيا في هذا الكبد وهذا الهم والغم وفي الآخر يبدد رأس ماله ثم يلقي الله عارياً .
فلماذا هذه الحدوتة كلها ؟ سبعة وعشرين سنة هذه تأبيدة ، فيأخذ خمسة وعشرين سنة ثم يخرج ويستأنف حياته ، لو كان المرء ملكًا متوجًا الدنيا هذه كلها من أقصاها لأقصاها ملكه حتى لو كان الناس عبيدًا له وعاش سبعة وعشرين سنة يعمل ما يريده ومات ، فأنا أقول لك السبعة وعشرون سنة هذه تضيع كيف قال صلي الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة عند مسلم وغيره ( يؤتي بأنعم أهل الأرض ) أنعم أهل الأرض قل فيه ما شئت هذا الرجل المنعم الذي لم يمرض يومًا ولم يفتقر يومًا ولم يخالف أحدًا في الدنيا له أمرًا وكانوا يسجدون له تحت قدميه ، كل ما يتمناه عنده ( يؤتي بأنعم أهل الأرض ) أنا ممكن لساني لا يستطيع أن يعبر عن أنعم أهل الأرض ، أنت تخيل وافتح لخيالك هذا العنان
( فيُغمس في النار غمسةً واحدة ثم يقال له هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول لا وعزتك ما مر بي نعيم قط ) هذا لو عاش مثل إبليس من أول ما خلق الله الأرض إلى أن ينفخ في الصور ولو افترضنا أن إنسان هكذا له هذا العمر كله بالنعيم الذي أقوله والذي لا أستطيع أن أعبر عنه ، هذا المخلوق النبي عليه الصلاة والسلام يقول( فيُغمس في النار غمسةً واحدة ثم يقال له هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول لا وعزتك ما مر بي نعيم قط )، فما بالك إذا كانت مستقرًا له لا يخرج منها فهذا لأجل سبعة وعشرين سنة والله أخسر الخاسرين لذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم ، (مغبون فيهما) والمغبون هو الخاسر فيها كثير من الناس ، غمسة واحدة أنسته النعيم , أمس كان صحيحًا اليوم مريض نسي أنه كان صحيحًا ، لبث في مرضه سنين ثم عوفي وصار يجري في الدنيا فنسي أنه كان مريضُا الذي فات مات ، إنما الإنسان ابن اللحظة التي يعيش فيها ، فهو هذا الإنسان وهذا هو العمر .
مثل الطعام ، الذين يعملون من أجل أن يأكلوا ، كل حياتهم يعملوا وردية واثنين وثلاثة وأربعة حتى يصير في مستوى معيشة متميز ، يضيع صلاته حتى لو صلى مثلاً الفرض يصليه بدون خشوع, ولا يوجد سنن ولا تسبيح ولا ذكر ولا ورد ولا قراءة قرءان ، حياته كلها ينتهي من عمل يبدأ في عمل ويعود إلى البيت آخر النهار لا يستطيع أن يقف على قدميه ينام قي أول ثلاثين ثانية الذي في الغرفة المجاورة يسمع شخيره من شدة التعب ويقوم في الصباح ليجرى ثانية في هذه الطاحونة ، فهذا يعيش من أجل المستوى الاجتماعي ، يأكل كويس يسكن في مكان كويس ، يغير نظام الشقة ، نحن نسكن في حي شعبي نذهب إلى حي راقي وهكذا .
فمثل هؤلاء الناس الذين يريدون أحسن أكل وأفخم أكل ولازم أن يكون بمواصفات معينة ولازم يكون البروتين لها حساب والمواد الدهنية كذلك ومعه الورقة يقرأ منها .
هل تعرف استمتاعك بالطعام كم ؟
مدة بقاؤه في فمك فهذا هو الطعام ، تتمني تريد أن تأكل أكلة معينة ومنذ سنوات تتمني أن تأكلها ودبرت المال وأحضرت الأكلة ثم جلست تأكل وأنت مبسوط ، فهل أنت تضع اللقمة في فمك وتجلس تمضغ فيها براحتك وعلى مهل فهل تغيب خمسة دقائق في فمك فأنت لن تتحملها ، مدة بقاء الطعام في فمك ثلاثون ثانية لو أردت أن تحسب كم ساعة عمل حتى يحصل علي الأكلة التي يتمني الحصول عليها ، يعمل عشر ساعات ، تصور لو وضعت الأكلة التي يتمني أن يأكلها أمامه كم من الوقت يظل يأكل فيها وهو من كثرة النهم ولم يصدق أنه سيأكلها ممكن أن يأكلها في عشرة دقائق ، تصور عشر ساعات يعمل من أجل يستمتع بعشر دقائق ومدة بقاء الطعام في فمه ثلاثون ثانية ، هي لذات الدنيا جميعًا هكذا ، الذي فات مات .
فأنا أريد أقول أن هناك أهوال قادمة في مقابل رأس المال الذي نتكلم عنه ألا وهو العمر يموت المرء متى يبعث ؟ بعد كم سنة ؟ بعد مائة ، مائتين ، ثلاث مائة ، ألف ، ألفين ، الله أعلم ، وليكن واحداً ممن نتكلم عنهم ضيع رأس ماله عاش في الدنيا فاجرًا لشهوات نفسه لا أنزل الله كتابًا ولا أرسل رسولاً ، يعيش هكذا وهذا هو الصنف الذي نتكلم عنه لأجل أن نعمل دراسة جدوى صحيحة ، هذا نزل تحت التراب منذ كم عام ؟ الله أعلم ، مائة سنة ، مائتين سنة ، ألف سنة ، ألفين سنة ، ثم يبعث يوم القيامة خمسين ألف سنة واقف لا أكل ولا شراب والشمس تدنوا من رؤوس العباد والناس غرقى في العرق ، جاء رب العالمين إلى ساحة العرض غاضب اليوم غضب لم يغضب مثله قبله قط لدرجة أن الرسل تخاف على نفسها وكل رسول يقول نفس نفسي ، العباد كلهم في كرب يريدون من يخلصهم يذهبون من أول أدم حتى رسول الله ﷺ من شدة الكرب ، والصحف تتطاير هذا يأخذ بيمينه وهذا يأخذ بشماله وهو لا يعرف بأي يد سيأخذ كتابه هؤلاء يذهبون إلى النار وهؤلاء إلى الجنة وهو لا يعلم إلى أين هو ذاهب فيقف مرعوب أفئدتهم هواء ، وهواء أي لا يوجد قلب طار ثم بعد كل ذلك الرعب يحشر إلى النار وتكون مستقره ، لماذا ذلك ؟ سبعة وعشرين سنة ، والله لا أجد عاقلاً يعرف لغة الأرقام يمكن أن يقبل مثل هذا .
فمن أراد استثمار رأس المال استثمارًا حقيقيًا فلينظر إلى الآخرة إذ العيش على الحقيقة عيش الآخرة ،.
ويرحم الله الفضيل بن عياض قال: [ لو كانت الدنيا ذهبًا يفني والآخرة خزفًا يبقى لكان علي العاقل أن يختار الخزف الذي يبقي على الذهب الذي يفني ] .
هذا القلب إذا رق يستقيم المنفذ الطريق يتضح أمامه ، إذا رق هذا القلب فيعلم علمًا يقينيًا أنه لا عيش إلا عيش الآخرة فيستثمر رأس المال الصحة والفراغ وهذان هما رأس المال ، يستثمرهما حتى يصل إلى الآخرة بسلام .
هذه هي علاقة شطري الترجمة (باب ما جاء في الرقاق وألا عيش إلا عيش الآخرة ) ويبقي إن شاء الله معنا كلام طويل في هذا الباب ، ويبقى معنا علاقة الترجمة بالأحاديث التي أوردها الإمام البخاري في هذا الباب .
الدنيا معروف إلى زوال وأن الله جعلها لنا اختبارًا وابتلاءً ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ).
قال الفضيل بن عياض_رحمه الله_: في تفسير هذه الآية [ أخلصه وأصوبه ] فقالوا يا أبا علي ما أخلصه ؟ وما أصوبه ؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يك صوابًا لم يقبل وإذا كان صوابًا ولم يك خالصًا لم يقبل حتى يكون خالصًا وصوابًا ، أما الخالص فهو الذي لوجه الله تعالي ، وأما الصواب فأن يكون موافقًا لسنة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم .
ونذكر شيئًا من هذا الحديث تراجم الرواة ،:
الإمام البخاري رحمة الله عليه قال هنا حدثنا المكي بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الله بن سعيد هو بن أبي هند وكلمة هو بن أبي هند من الإمام البخاري يعرف من هو سعيد ، سعيد والد عبد الله ، سعيد بن من ؟ لأن هناك عبد الله بن سعيد بن الآباء كثيرون وحتى لا يلتبس أحيانًا فالإمام البخاري رحمة الله عليه أو أي إمام من أئمة السنة أحياناً يعرف بعض رواة الحديث ينسبهم فقوله هو بن أبي هند هذا من كلام الإمام البخاري رحمه الله
المكي بن إبراهيم: هذا هو أحد الأئمة الثقات الأثبات وثقه الإمام أحمد ووثقه يحي بن معين ووثقه العجلي وابن حبان وقال النسائي لا بأس به وقال أبو حاتم الرازي محله الصدق .
وتراجم هؤلاء العلماء نعرفها من كتب مخصصة لهذه التراجم .
وسأشرد أحيانًا أو كثيرًا لأبين لكم عظمة هذه الأمة وما الذي بذله العلماء علماء الحديث لصيانة السنة حتى إذا تكلم أي جاهل تكلم في السنة وقال هذه أحاديث مكذوبة وهي من أصح الأحاديث عند أهل العلم ، فهذا تعرف أنه جاهل لم يقرأ كتابًا ولا علم ماذا فعله العلماء .
يوجد عندنا الكتب الستة وهي
الصحيحان _البخاري ومسلم _والسنن الأربعة هي:1- سنن أبي داود السجيستاني سليمان بن الأشعث 2-وسنن أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي3- وسنن الترمذي محمد بن عيسى 4-وسنن الإمام بن ماجه محمد بن يزيد القزويني
صيغ للتعبير عن الصحيحين .
فإذا كان الحديث في البخاري ومسلم1- إما نقول أخرجه البخاري ومسلم2-أو نقول أخرجه الشيخان3- أو أخرجاه 4-أو متفق عليه فهذه أربع صيغ للتعبير عن الصحيحين .
فنحن عندنا الكتب الستة ، إذا قال رواه الستة فهو يقصد الصحيحين والسنن الأربعة .
في هذه الكتب الستة يوجد كتاب الترجمة هي التفسير والبيان ، فقصة حياة أي واحد منا تسمي ترجمة ،لأننا فسرنا وكشفنا وبينا جوانب حياة هذا الإنسان لذلك يسمونها ترجمة ، فعندما نقول فلان الفلاني ترجمه فلان ، ترجمه البخاري ، ترجمه بن أبي حاتم ، ترجمه بن حبان ، العجلي ، المزي أي أحد من أصحاب هذه الكتب ، ترجمه أي ذكر شيئًا يتعلق بهذا الراوي .
عناية العلماء بالكتب الستة ومنهم : عبد الغني المقدسي(( الكمال في أسماء الرجال )
اعتني علماء المسلمين بالكتب الستة, كبيرة من هذه العناية التي بذلها العلماء عبد الغني المقدسي ألف كتاباً اسمه ( الكمال في أسماء الرجال ) أسماء رجال الكتب الستة أي راو في الكتب الستة ننظر هو يبدأ بأي حرف فمثلاً المكي حرف الميم مع الكاف ميم كاف لأن هذا الكتاب مرتب على حسب حروف الهجاء ، يبدءون بالأحمدين لأجل النبي _ﷺ _ثم يأخذ بعد ذلك من اسمه أبان مثلاً أو آبى اللحم وهذا صحابي كان لا يأكل اللحم ولذلك سموه بآبي اللحم لقب بهذا ، يأخذ حرف الألف ثم يأخذ حرف الباء ولا يأخذ الألف فقط إنما ألف ألف ، ألف باء ، ألف تاء ، ألف ثاء ، ألف جيم وحتى نهاية الألف مع الثمانية والعشرين حرف ثم يبدأ بحرف الباء باء ألف ، باء باء ، باء تاء باء ثاء إلى آخر الثمانية والعشرون حرفًا ثم تاء ، تاء ألف ، تاء باء ، تاء تاء ، تاء ثاء ، حتى نهاية الثمانية والعشرين حرف وهكذا .في كل حرف يرتبه مع الثمانية والعشرين حرف ،
فكل راوٍ في هذه الكتب الستة مذكور له ترجمة في هذه الكتب .بدأ عبد الغني في (كتاب الكمال في أسماء الرجال) ثم جاء أبو الحجاج المزي هذب هذا الكتاب كتاب الكمال (سماه تهذيب الكمال في أسماء الرجال) فأضاف شيئًا كثيرًا على عبد الغني على كتاب الكمال ثم جاء الحافظ بن حجر قال المزي أطال المسألة ونحن نريد أن نختصر الكتاب الاختصار المفيد فسماه( تهذيب التهذيب الكمال في أسماء الرجال) .
فعندما أريد أن أعرف درجة أي راوٍ من هؤلاء الرواة حتى أستطيع أن أحكم علي حديثه أصل إلى هذه الكتب ، وأنظر بأي الحروف بدأ أحضره في الحرف الخاص به ثم أقرأ كلام العلماء عليه .
أما العلماء كيف جمعوا هذا الكلام ؟ فهذه قصة كبيرة إذا كنت أخرج ثم أعود فهذا الخروج هو لخدمة الموضوع والمسائل متشعبة وأنت دورك معي أنك تأخذ هذه المعلومات ثم ترتبها وتضع لها عناوين معينة بحيث إذا أردت أن تستدعي معلومة مثلاً أو أي شيء تكون قد وضعتها تحت عنوان من هذه العناوين .
فالمكي بن إبراهيم أحد كبار شيوخ البخاري .
وشيوخ البخاري ثلاثة طبقات :فالبخاري1:- له كبار شيوخه 2-وأواسط شيوخه 3-وصغار شيوخه والكبار يقسمون أيضًا ، كبير قوي وكبير بعده وكبير بعده والأواسط فهناك أكبر الأواسط ووسط الأواسط وصغير الأواسط وكذلك صغار شيوخه ينقسمون إلى كبار الصغار ن أواسط الصغار ، صغار الصغار ، فأنت من الممكن أن تفعل ذلك وكل طبقة من هذه يمكن أن تقسمها إلى ثلاثة طبقات الكبار والأواسط والصغار .
المكي بن إبراهيم هذا من كبار شيوخ البخاري مثل أبي نعيم الفضل بن لكي مثل أبي عاصم النبيل ، محمد بن عبد الله الأنصاري ، عبيد الله بن موسى مثلاً مجموعة من كبار شيوخ البخاري الذين رفعوه لأعلي بعضهم وصله للتابعين التي هي في ثلاثيات الإمام البخاري الذي يكون فيها بين البخاري والنبي ثلاثة فقط ، حدثنا فلان عن فلان عن الصحابة وهذه تسمي ثلاثيات الإمام البخاري ، وإن قابلنا منها شيء في كتاب الرقاق سنتكلم عن ثلاثية البخاري وثلاثيات الكتب الستة

أم محمد الظن
2010-07-02, 01:22 PM
إجابة الأسئلة:
س: الرد علي من يسبون أصحاب النبي- صلى اله عليه وسلم- ؟
الجواب: هذه المسألة مسألة في غاية المرارة أن تظهر في بلاد السنة ، أن يُسَب الصحابة في بلاد الروافض هذا يتوافق مع أصول مذهبهم , ولكن أريد أن أنبه على شيء ، إدعاء الكاتب للكلام أنه قد أتى بما يقول من كتب التراث ومن الصحيحين ، لم يأتي بشيء من عنده ، وأنا أريد أن أبين لكم والموضوع شديد الصلة بالكلام عن البخاري وعن صحيح البخاري والأسانيد وتصحيح الأسانيد تضعيفها وغير ذلك .
هناك فرق كبير جدًا بين أسانيد السنة وأسانيد التواريخ ، التواريخ عبارة عن أحداث ، وكيف يأتي المؤرخ بالمعلومة ؟ المؤرخ يكتب المعلومة عن كل من هب ودرج ، حدث أي حدث في بلد ما ، سنفترض جدلاً أن هناك بناية عظيمة انهارت ، أي صحفي يريد أن يغطي هذه المسألة هو يسأل أي أحد في مكان الحدث ، هل يعرفه ، يعرف أن هذا المتكلم صادق أم كاذب ؟ لا يعرف ، هل يعرف أي شيء عن ترجمته ، لا يعرف ، إنما يقول له قل لي ما الموضوع ؟ فيقول له : الموضوع كذا كذا كذا وأنا أقف وجدت شيء نزل ويكتب ما عنده ، يذهب لأخر ، وأنت ماذا رأيت ؟ يقول له: رأيت كذا كذا كذا ، ممكن يكون فيه أكبر الكذابين يقف ، أنا كرجل مؤرخ أو صحفي أكتب كل شيء أسمعه مع قطع النظر هي صحيحة أم لا ، وأنت ما اسمك ؟ يقول: اسمي كذا ، أكتب حدثني فلان الفلاني أنه بينما هو واقف حدث كذا وكذا وكذا .
ويبدأ المؤرخ أن يجمع كل ما هو متعلق بالواقعة من أي إنسان يقابله ، أئمة التاريخ الذين جمعوا التواريخ وعلى رأسهم إمام المؤرخين وإمام المفسرين المجتهد المطلق الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري- رحمه الله- له تاريخ الأمم والملوك ، مطبوع في عشر مجلدات ، قال في مقدمة ، لأن الكاتب قال أنا أتيت بهذا من تاريخ الطبري ، الطبري لما يقول حدثنا عن فلان عن فلان عن فلان ،هل الطبري – رحمة الله عليه- تعهد بصحة الأخبار الذي يأتي بها ، لا ، نص الإمام الطبري في مقدمة كتاب التاريخ على أن الأخبار الذي يستشنعها السامع ويستنكرها القارئ ليست من قبله هو ، إنما من قبل من حكاها .
فيقول أنا كل الذي علي أنني أديت إليك ما سمعت ، فأي إنسان يريد أن يأخذ معلومة من كتب التواريخ لابد أن يكون عليمًا بطرائق نقل الأخبار ما هي صفات الأخبار المقبولة ؟ وما هي صفات الأخبار المردودة ؟ لكن يدخل بصدره وليس عنده أي فكرة عن أي شيء ويدخل في تاريخ الطبري ، فهذا كحاطب ليل كما يقول العرب ، حاطب الليل رجل يجمع حطب فبينما هو يجمع الحطب إذا حية في وسط الحطب لدغته فمات .
من يدخل في كتب التواريخ لابد أن يكون عليمًا بطرق نقل الأخبار التي اتفق أهل العلم عليها ، فلماذا كل علم في الدنيا يُحتَرم ما عدا علم الشريعة ؟ كل واحد يدخل الشريعة بصدره وفعل ما يريد ويفهم ما يريد ، هذا الكلام غير متواضع عليه عند سائر أصحاب العلوم ، كل علم له رجاله ، وأي إنسان يحترم نفسه ولا يريد أن تلعنه الناس أو تصفه بالجهل يعرف هو يدخل على أي فن ، اليوم لو أن واحد ليس معه طب نهائيًا وفتح عيادة واكتشف أن هذا الإنسان يمارس مهنة الطب بدون ما يكون معه بكالوريوس فضلاً عن الشهادات المتخصصة الأخرى ، فهذا يدخل السجن ، لماذا ؟ يقول هذه أرواح الناس وليست لعب ، هذا عندما يعطى لواحد دواء خطأ يقتله ، وكذلك دين الناس ليس لعبه أيضًا ، الشريعة ليست لعبة أن يدخل أي أحد فيها ، وأن أي أحد يتكلم فيها كما يريد .
أي إنسان يريد أن يصون ماء وجهه فلا يذكر باللعنات فعليه أن يعرف مواضع قدميه ، كتب التواريخ غير كتب السنة ، أسانيد السنة حفظت والعلماء دققوا واشترطوا ألا يؤخذ حديثٌ من أحد إلا إذا كان دينًا ، خيرًا حافظًا ، لديه ذاكرة حفظ جيدة ، وليس كلما سئل قال أنا يتهيأ لي ، فنقول له لا ، ولا نقبل منه الخبر إلا إذا كان ضابطًا حافظًا .
أسانيد كتب التواريخ ليست كذلك ، الفتن يكثر فيها الافتراءات والكذب والأسانيد المعضلات والمرسلات ، فضلاً عن الأسانيد المكذوبة ، فأي إنسان يطلب النجاة لنفسه يوم القيامة لأنه كما قيل:
فلا تكتب بكفك غير شيء * يسرك في القيامة أن تراه .
إن الله عز وجل يزن يوم القيامة بالذرة وبمثقال الذرة ، هذا الذي يقولوه يسد عين الشمس ، الذي يقولوه في الصحابة ، الذين قال فيهم النبي- عليه الصلاة والسلام- " لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم ملء أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " .
معنى الكلام لو أن هذا السَّاب للصحابة كان يمتلك ملء الأرض ذهباً فأنفقه وجاء صحابي من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- وتصدق بمد من شعير ، والمد: ملء الكفين ، والنصيف: ملء كف واحد ، فهذا السَّاب المتأخر لو أنفق مثل أُحدٍ ذهبًا وأنفق صحابي مد شعير لكان هذا المد أفضل من هذا الجبل الذهب من هذا المتأخر السَّاب ، لأن النبي – صلي الله عليه وسلم- يقول لا تسبوا أصحابي لأن سب الصحابة باختصار كما قال الإمام مالك ، قال:[ هؤلاء أرادوا أن يطعنوا على رسول الله- صلي الله عليه وسلم فلم يجرئوا ولم يستطيعوا فنبذوا أصحابه ، وقالوا له صحابة سوء ] فالإنسان إذا كان صالح هل يصاحب أهل السوء والدون والسوقة والرعاع ؟ فهم عندما سبوا الصحابة وهناك من كتب أبو هريرة الأراجوز ، أهذا يقال على أبو هريرة في بلاد السنة ، فكيف يقول الروافض إذا كان هذا حال أهل السنة ؟ ، فهناك سب لأصحاب النبي- صلي الله عليه وسلم- ، وهذا السب في الحقيقة إنما يعود على النبي- صلي الله عليه وسلم- كما قال الإمام مالك- رحمه الله- والكلام في الحقيقة مر وطويل ولعلنا نستوفي هذا الكلام إن شاء الله تعالي .
س: ما حكم المال الحرام الذي تم جمعه قبل التوبة ؟
الجواب: التوبة تجوب بما قبلها بشرط إرجاع الحقوق إلى أهلها ، فهذا الذي سرق المال من الناس يجب عليه أن يرجع المال إليهم بأي طريقة ولا يلزم أن يكشف نفسه ، لو واحد له أموال يضع له هذه الأموال في مظروف ويعطيه لواحد ويقول له اذهب لفلان وقل لفلان أنك كان لك دين عند واحد وهذا هو الدين ، ولا يلزم أن تظهر نفسك ، والأموال الموجودة الذي هو كتبها باسم أبيه أو غير ذلك ، أنا أوصي الآباء وأقول لهم اتقوا الله- تبارك وتعالي- فلا أحد يمضي فيأخذ إلا عمله الصالح ، والنبي – عليه الصلاة والسلام- قال:" أيكم ماله أحب إليه أم مال وارثه ، قالوا يا رسول الله ما منا من أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه ، قال: فإن مالك ما قدمت ومال وارثك ما أخرت " فهذه العقارات أو هذه الأملاك التي كُتِبت باسم الأب ، نحن نُهيب بهذا الأب أن يتقي الله - سبحانه وتعالي- ، وإذا كان أصحاب هذه الأموال معروفه ، لأن هذه أموال مغصوبة ، يرجع الأموال إلى أصحابها ، أما إذا كانت الأموال غير معروفة فعليه أن يتصدق بها وأن يتوب إلى الله – تبارك وتعالي- .

* * *

أم محمد الظن
2010-07-02, 01:23 PM
[5]:( باب (ما جاء في الصحة والفراغ و ألا عيش إلا عيش الآخرة) (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=94311&scholar_id=32&series_id=5411)

____________
قال الإمام البخاري رحمه الله:( بابُ ما جاء في الصحة والفراغ وألا عيش إلا عيش الآخرة )، قال حدثنا المكي بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الله بن سعيد هو بن أبي هند عن أبيه عن بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ:( نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصحة والفراغ) .
قال البخاري قال عباس العنبري حدثنا صفوان بن عيسي عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه قال سمعت بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم مثله .
وقال أيضًا: حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا غُندر قال حدثنا شعبة عن معاوية بن قُرة عن أنس عن النبي_ صلي الله عليه وسلم_أنه قال: ( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فأصلح الأنصار والمهاجرة ) .
وقال البخاري أيضًا في أخر حديث في هذا الباب حدثني أحمد بن المقدام قال حدثنا الفضيل بن سليمان قال حدثنا أبو حازم قال حدثنا سهل بن سعد ألساعدي _ رضي الله عنه _قال كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في الخندق وهو يحفر ونحن ننقل التراب وبصر بنا فقال:( اللهم لا عيشَ إلا عيشُ الآخرة فاغفر للأنصارِ والمهاجرة ) تابعه سهل بن سعد عن النبي_ صلي الله عليه وسلم_ مثله .
وقد ذكرنا في المرة الماضية أن الإمام رحمة الله عليه بوب على هذه الأحاديث الثلاثة بقوله:(باب ما جاء في الصحة والفراغ وألا عيشَ إلا عيشُ الآخرة )وذكرنا أن الترجمةَ لها أصول ثلاثة وأنا أكرر الكلام في كل مرة حتى يستقيم لنا فهم طريقة الإمام البخاري رحمه الله ، لأنه فيما يُستقبل إن شاء الله_ عز وجل_ من الدروس سنخفف من المسألة على اعتبار أنها فهمت النسبة لمن يستمع إلى هذه الدروس .
قلنا: أن الترجمة لها ثلاثة أركان ، الركن الأول وأنا أحاول أن نرى الحديث قال الإمام _رحمه الله _باب ما جاء في( الرقاق )وفي بعض النسخ (باب ما جاء في الصحة والفراغ وألا عيش إلا عيش الآخرة ) وقلنا هذه اسمها الترجمة والترجمة هذه هي معني قائم عند الإمام البخاري ينتظم تحته أحاديث فيها نفس المعنى الذي أورده الإمام البخاري في الترجمة .
فالترجمة لها ثلاثة أركان:
الركن الأول: المُتَرجِم وهو الإمام البخاري .
الركن الثاني: الترجمة وهي العنوان الذي يضعه الإمام البخاري على الأحاديث الركن الثالث: المُتَرجَمُ له النص الذي أورده الإمام البخاري تحت هذه الترجمة .
وعندنا الآن ثلاثة أحاديث :
الحديث الأول: حديث بن عباس رضي الله عنهما وهو ما جاء في الصحة والفراغ .
الحديث الثاني: حديث أنس.
الحديث الثالث: وهو حديث سهل بن سعد ألساعدي والذي فيه المقطع الثاني من الترجمة وأنه (لا عيش إلا عيش الآخرة .)
وذكرنا أيضا أن الترجمة الصحيحة لابد أن تكون مناسبة لما تحتها من النصوص والإمام البخاري بوب هنا تبويبًا صريحًا ،( باب ما جاء في الصحة والفراغ) وأورد حديث بن عباس الخاص بهذه المسألة ،(وألا عيش إلا عيش الآخرة فعندنا حديث أنس بن مالك و عندنا حيث سهل بن سعد ألساعدي _رضي الله عنهما _، وهذا الحديث حديث بن عباس_ رضي الله عنهما_
حديث بن عباس_ رضي الله عنهما_لم يكرره الإمام البخاري في صحيحه وهذا هو الموضع الوحيد لهذا الحديث عند الإمام البخاري رحمة الله عليه .
وذكرنا أيضًا أن الإمام البخاري ربط ما بين (الصحة والفراغ )وما بين( لا عيش إلا عيش الآخرة ،) لأن العيش على الحقيقة هو عيش الآخرة الذي لا يبيد ولا ينتهي وأما الدنيا فلها نهاية .
وقد قال الفضيل بن عياض: ونعم ما قال ، قال [ لو كانت الآخرة خزفًا يبقى وكانت الدنيا ذهبًا يفني لكان على العاقل أن يقدم الخزف الذي لا يفني علي الذهب الذي يفني فكيف والآخرة ذهبُ لا يفني
هذا الحديث حديث الإمام البخاري الذي افتتح به كتاب الرقاق تابع فيه عبدا لله بن المبارك الإمام المبارك وكذلك وكيع بن الجراح وكلاهما افتتح كتاب الزهد له بهذا الحديث .
لماذا افتتح الإمام كتاب الرقاق بهذا الحديث ؟
لأن العمر هو رأس المال ، وأي رجل يتاجر لا بد أن يكون له رأس مال وهذا المال لابد أن يربح وإلا سيضطر المرء أن يأكل من رأس المال ولا يزال يفعل ذلك حتى يُفلِس ، والعاقل هو الذي يثمر رأس ماله على نحو ما سنذكره إن شاء الله تعالى .
لكن قبل أن ندخل في الكلام عن المتن كل الذي مضى هو محاولة للتوفيق ما بين الترجمة وما بين الحديث والنصوص التي جاءت تحتها ، لكن الكلام له ترتيب ، نقرأ الإسناد الأول ثم ننظر في حال رجال الإسناد ، إذا كان فيه أي أشياء حديثيه لطيفة سنحاول أن نذكرها بلا تعمق ، لماذا ؟ لأننا إن شاء الله سنحاول أن نعلم الناس علم الحديث من خلال أسانيد الإمام البخاري .
ولذلك أقول وأنبه لا تستثقلن شيئًا تسمعه لأول مرة ، فأنا زعيم إن شاء الله عز وجل أن أجعل هذا العلم من العلوم المحببة إلى نفسك إن شاء الله تبارك وتعالى وسأحاول كما قلت أن أذكر بعض أصول المصطلح غير مرتبة طبعًا على حسب ورودها في إسناد الإمام البخاري .لكن قبل أن ندخل في الكلام
ما معني كلمة إسناد ؟
الإسناد له تعاريف وأنا سأختار تعريفًا واحدًا وكما قلت في مرة سابقة وأنبه الآن أنني أحاول أن أحدث ثقافة حديثيه عند العوام ، ولذلك سوف أتساهل أحيانًا في تعريف المادة العلمية فأرجوا ألا يتعقبني فيها أحد علماء الحديث وأقول أنك لا تتكلم بمصطلحات المحدثين ، فأنني سأتساهل قليلاً في محاولة تيسير المادة العلمية على الجماهير ، أما إذا كنت في وسط علماء الحديث فلن أتكلم بطبيعة الحال إلا بمصطلح أهل الحديث محضًا ودقيقًا إن شاء الله .
الإسناد: هو سلسلة الرجال الموصلة إلى المتن .
المتن" أي الكلام نفسه كلام الرسول عليه الصلاة والسلام ، أو الكلام الذي ينتهي به الإسناد سواء كان كلام صحابي أو كان كلام تابعي أو تابع تابعي أو أي إنسان في الدنيا .الكلام اسمه متن وهذا المتن لم يصل إلينا هكذا إنما وصل إلينا عن طريق رجال رجال أدوه ، سلسلة الإسناد هذه أو مجموعة الرجال هذه أسمها الإسناد .
أي أن كل رجل أسند الكلام إلي قائله ، إلى شيخه مثلاً وشيخُهُ أسند الكلام إلى شيخِهِ وشيخُهُ أسند الكلام إلى شيخِهِ وهكذا لا يزال كل واحد يسند الكلام إلى من سمعه منه حتى يصل الإسناد إلي منتهاه إلى أخر واحد قال الكلام سواء كان الحديث مرفوعًا إلى النبي _عليه الصلاة والسلام_ أو إلى الصحابي أو إلى التابعي أو إلى تابع التابعي أو إلى من دون أتباع التابعين .
فتكون كلمة إسناد أن كل واحد يسند الكلام إلى قائله ،.
فلو أنت حدثتني بكلام وأنا ألقيت هذا الكلام على رجل آخر فيقول لي من حدثك ؟ أقول له حدثني فلان ، وأنتم الآن تجلسون أمامي وتسمعون مني ، أخذت الدرس فممكن تذهب إلى مسجد من المساجد أو مجلس من المجالس وتنقل هذا الدرس فتقول حدثني أبو إسحاق أنه قال حدثني فلان قال حدثني فلان ، فأنت بذلك تكون قد أسندت الكلام إلي .
فإذا كان الكلام كلام منكر وأنكر عليك غيرك فتقول العهدة ليست علي إنما العهدة على من حدثني فلان هو الذي أخبرني بهذا الكلام ، فإن كنت تريد أن تحاسب فحاسب الذي أخبرني ، فأنت أسندت الكلام إلي .
فكلمة إسناد معناها أن ترتقي بالإسناد حتى تصل إلى قائله ، وأنا الإسناد اليوم أفقي ولا رأسي ؟ الإسناد رأسي هكذا لأن أنت عندما تقول حدثني فلان ، وأنا أقول الإسناد هذا متصل أم لا ؟ متصل لأن هذا طرفه الأول وهذا طرفه الثاني فيكون الإسناد هكذا متصل له جهتان جهة دنيا الجهة التي إلى أسفل ، وجهة عليا التي هي عند الصحابي ، كلما تقول حدثني فلان وهذه المسافة سأقسمها إلى أربع مسافات مسافة هنا ومسافة هنا ومسافة هنا ، كل مسافة من هذه ستعتبر كأنها حِقبةٌ زمنية ، فعندما أقول حدثني فلان فأكون قد أخذتُ هذه المسافة الزمنية ، قال حدثني فلان أخذت المسافة هذه ، قال حدثني فلان أخذت المسافة هذه ، قال حدثني فلان حتى أصل إلى نهاية السند
فيكون الإسناد رأسي وكلما قلت حدثني فلان تصعد إلى أعلي خمسين سنة والذي فوقك يطلع خمسين سنة ، والذي فوقك يطلع خمسين سنة وهكذا أو مائة سنة أو ثمانين سنة على حسب الفروق التي بين طبقات الرواة .
فأنا أقول الآن هذا إسناد متصل ، وأنا سأوضح على اللوحة :
الإسناد رأسي: البخاري يقول حدثني المكي بن إبراهيم عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن سعيد بن أبي هند عن بن عباس وهذا إسناد رأسي وهو إسناد متصل
والإسناد الثاني عند البخاري: قال عباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا صفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد عن سعيد بن أبي هند قال سمعت بن عباس وهذا يكون إسنادًا رأسيًا .
فأنت عندما تقول حدثني فلان تطلع لفوق طبقة ، حدثني فلان تطلع لفوق طبقة وهكذا حتى تطلع إلى منتهي الإسناد ،.
ونخرج من ذلك أننا نقول أن الإسناد هو أن تسند الكلام إلى قائله .
الإمام البخاري عندما يقول حدثنا المكي بن إبراهيم وهذا شيخ الإمام البخاري_ رحمة الله عليه_ والمكي بن إبراهيم هذا أحد الثقات وثقه الإمام بن معين وثقه أحمد بن حنبل وقال الدار قطني ثقة مأمون والمكي بن إبراهيم هذا من كبار شيوخ البخاري .
وشيوخ البخار على ثلاثة طبقات :
الطبقة الأولى: كبار شيوخ البخاري .
الطبقة الثانية أواسط شيوخ البخاري.
الطبقة الثالثة: صغار شيوخ البخاري الذين ربما يكونوا من أقران البخاري .
الطبقة الأولى الكبار الذي لم يدركهم أحد من الأئمة الستة غير البخاري والأئمة الستة :هم (1- البخاري 2-ومسلم3- وأبو داود 4-والنسائي 5-والترمذي 6-وبن ماجه ) .
(البخاري ومسلم )الصحيحان (والأربعة اسمهم ) السُنن عندما يقول أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما وأهل السُنن أو أصحاب السُنن وهم الأئمة الأربعة الذين سميتهم آنفًا .
الأئمة الخمسة من أول مسلم والأئمة الأربعة لم يدركوا الطبقة الأولى من شيوخ البخاري ، البخاري تفرد بهم.
الطبقة الأولي من شيوخ البخاري: كبار الشييوخ ومنهم المكي بن إبراهيم ومنهم عبيد الله بن موسي ومنهم محمد بن عبد الله الأنصاري ومنهم أبو عاصم النبيل ومنهم أبو معين الفضل بن دُكين وآخرون . .
الطبقة الثانية من شيوخ البخاري : أواسط الشيوخ وهم أكثر شيوخ البخاري وهم أواسط الشيوخ مثل الإمام أحمد بن حنبل ومثل إسحاق بن راهويه ومثل قتيبة بن سعيد ومثل الحُميدي مثل مسدد بن مسرهد وإسحاق بن منصور وإسحاق بن شاهين وعمر بن معين الفلاس وآخرون وأئمة كثيرون وهؤلاء هم الطبقة الوسطى .
الطبقة الثالثة من شيوخ البخاري:وهي صغار الشيوخ أو من أقران البخاري مثل محمد بن عبد الرحيم الملقب بالصاعقة والبخاري لا يقول الصاعقة يقول حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، بعض الأئمة الآخرون يقول حدثنا الصاعقة .
ولُقِبَ بالصاعقة قيل1- لأنه كان باقعةً في الحفظ إذا وصل إلى شيخ من الشيوخ يأخذ كل علمه ولا يبقي عنده شيء من العلم ،2- وقيل لأنه كان إذا أراد أن يتوجه إلى شيخ مات هذا الشيخ ، فلذلك قالوا صاعقة أي صعقه وهو من أقران البخاري حدث عنه الإمام البخاري رحمه الله وكذلك محمد بن يحي الذُهِلي هذا من شيوخ البخاري ومن أقرانه أيضًا .
وهذا الحديث الإمام البخاري يرويه عن المكي بن إبراهيم وهو أحد كبار شيوخ البخاري ، والإمام أحمد بن حنبل قلنا أنه شيخ البخاري من الطبقة الوسطى .
والإمام أحمد: روى هذا الحديث في مسنده قال حدثنا المكي بن إبراهيم.
والإمام الدارمي: عبد الله بن عبد الرحمن أحد شيوخ البخاري أواسط شيوخ البخاري روى هذا الحديث في سننه قال حدثنا المكي بن إبراهيم .
فكأن الإمام البخاري ساوى الإمام أحمد بن حنبل والدارمي وكلاهما من شيوخه في هذا الإسناد ، وكأنهم أصبحوا أقران لأن شيخهم في الإسناد واحد .
وأنا إنما قلت هذا لتعلم أن المكي من كبار شيوخ البخاري إذ أنه شيخ شيخ أحمد شيخ شيخ البخاري الذي هو أحمد بن حنبل .
فكون البخاري يدرك شيخ شيخه فيتساوى مع شيخه أحمد بن حنبل فهذا اسمه علو وهذا يوضح لنا أن الإمام البخاري رحمة الله عليه أدرك هذا الإمام وأنه من كبار شيوخه .
الإسناد الأول: قال حدثنا قال أخبرنا عبد الله بن سعيد يقصد( ابنُ أبي هند) وهذا توضيح من الإمام البخاري عن سعيد بن أبي هند عن بن عباس عن رسول الله _صلي الله عليه وسلم _.
الإسناد الثاني:قال البخاري فيه وقال عباس بن عبد العظيم حدثنا صفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد عن أبيه سعيد قال سمعت بن عباس .
نلاحظ مايلي:
الإسناد الأول اشتمل علي أربعة رواة : وهذا يسمى إسناد رباعي ذلك لأن الإسناد من البخاري إلى الرسول _عليه الصلاة والسلام_ أربعة رواه .
الإسناد الثاني اشتمل علي خمسة رواة، وهذا يسمي إسناد خماسي ،.
ويوجد عند أهل الحديث مايُسمي بالعلو ، وهذا العلو أقسام أشرف أقسام العلو أن تكون الوسائط بينك وبين النبي قليلة ، لأن كلما علوت إلى أعلي وتقترب من النبي _عليه الصلاة والسلام_بإسناد نظيف هذا أشرف أنواع العلو .
وأوضح ذلك بمثال : المصباح لو أن السقف على بعد عشرين متر ويوجد مصباح في أعلى ، فلو أنني أقف على الأرض هنا الضوء يكون خافت ، فلو أردت أن أستمتع بقوة هذا الضوء ماذا أعمل ؟ أطلع إلى أعلى ، فلو أنني طالع علي السلم على درج كلما طلعت إلى أعلى كلما اقتربت وأنعم بضوء هذا المصباح .
الرسول_ ﷺ_ كما وصفه ربه تبارك وتعالي هو السراج المنير كلما اقتربت من هذا السراج المنير تبصر وتضيء وتستمع ،.
كما نشبه زمان الرسول عليه الصلاة والسلام مع القرون التي جاءت بعده برأس المثلث ، تصور أن هناك مثلث حاد الزاوية كالهرم والهرم هو عبارة عن نقطة ثم نشد ضلعين ضلع أيمن وضلع أيسر ، هذه النقطة التي هي رأس الهرم لا أبعاد فيها وأن كانت هناك الأبعاد فهي أبعاد ضيقة جدًا لا تكاد تُرى هذه النقطة هي زمان النبي_ صلي الله عليه وسلم_ .
لم يكون هناك خلافات وحتى الخلافات الموجودة كانت تُرد في النهاية إلى النبي ﷺ فيفصل فيها .
الضلع الأول: وهو نصوص الوحي قرءانًا وسنة ،.
الضلع الثاني هو واقع المسلمين .
وكلما ابتعدت عن رأس الهرم تزيد المسافة بين الضلعين وهذا هو الذي حدث النبي _صلي الله عليه وسلم _قال:( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) كلما تطاول الزمان تجد انفصام واضح بين واقع المسلمين وبين نصوص الوحي كتاباً وسنة . كلما نزلت لأسفل كلما تزداد المسافة بين واقع المسلمين وبين نصوص الوحي كتابا وسنة .
نحتاج أن نضيق هوة الخلاف ونرجع المسلمين مرة أخري إلى الوحيين كتابًا وسنة ، نصعد إلى أعلي ،كلما صعدت إلى أعلي وطالما توجد نقطة سيلتقي عندها الضلعان كلما صعدنا إلى أعلى كلما تضيق المسافة بين الضلعين .
فإذا أردت أن أجعل واقع المسلمين منزلاً على النصوص فلابد أن أصعد إلى أعلي ، ومعني أعلي: القرون الثلاثة الأول ، أصعد إلى القرن الثالث ثم القرن الثاني ثم القرن الأول ، فأنت كلما علوت إلى أعلي كان أشرف لك وكان أقرب .
العلو عند علماء الحديث كان فاكهة :
كان كل علماء الحديث ينفق الواحد منهم كل ما يملك من أجل أن يرحل من بلد إلى بلد لأن الحديث الذي معه خماسي يريد أن يأخذه رباعي ، بدل من أن يكون بينه وبين الرسول عليه الصلاة والسلام خمسة يجعل بينه وبين الرسول صلي الله عليه وسلم أربعة فإذا علم أن في بلد من البلدان نفس الحديث الذي معه ممكن يكون بينه وبين الرسول ثلاثة يبيع كل ما يملك ويذهب إلى هذا البلد ليأخذ الإسناد العالي .
المراد بالعلو :تقليل عدد الوسائط وهم الرواة بينك وبين النبي_ صلي الله عليه وسلم_.
فالبخاري رحمه الله روى حديث بن عباس بإسنادين الإسناد الأول رباعي والإسناد الثاني خماسي .
وإذا كان العلماء يتهافتون على العلو حتى أنه لما مرض يحي بن معين إمام الجرح والتعديل :ودخلوا عليه وسألوه ما تشتهي ؟ قال (بيت خالي وإسناد عالي ،)
الاقتراب من المصباح شرف ، والسراج المنير هو رسول الله ﷺ كلما تقترب من زمنه يكون فيه بركة ويكون فيه قلة مخالفة ولا يوجد البدع المحدثات التي ملأت ديار المسلمين ، وكلما نزلت ، إلى تحت وتطاول الزمان ونبعد عن الرسول في المسافة الزمنية يحدث نوع من ضعف الالتزام والتمسك بالنصوص الشرعية .
الإمام البخاري في الإسناد الأول رباعي ، قال حدثنا المكي بن إبراهيم أخبرنا عبدالله بن سعيد عن أبيه سعيد بن أبي هند عن بن عباس فهذا إسناد رباعي ، في الإسناد الثاني وقال عباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا صفوان بن عيسي عن عبدالله بن سعيد عن أبيه عن بن عباس

أم محمد الظن
2010-07-02, 01:24 PM
س:إذا كان كل العلماء يتهافتون على العلو لماذا نزل البخاري في إسناد الحديث الثاني ؟
لا ينزل المحدث بالإسناد إلا لنكتة وإلا فهو لا يعدل بالعلو شيئا ، وانتبه هل هناك فروق في الإسنادين أم لا ؟ من هو الراوي المشترك في الإسنادين هو عبد الله بن سعيد ، وأنا أشتغل من أول عبدالله بن سعيد ، وانتبه من أول
عبد الله بن سعيد وأنت صاعد حتى نعرف هل هناك فرق بين الإسنادين جعل الإمام البخاري ينزل بالسند الثاني درجة أم لا ؟
في الإسناد الأول: يقول عبد الله بن سعيد عن أبيه عن بن عباس .
في الإسناد الثاني: عبد الله بن سعيد عن أبيه سمعت بن عباس
فما الفرق بين الإسنادين ؟
الفرق بين الإسنادين :هذه اللفظة ( سمعت بن عباس ) هذا هو الفرق الذي جعل الإمام البخاري ينزل درجة لكي يأتي بلفظة السماع هذه ، لأن لفظة السماع هذه لها عمل كثير وعليها كلام كثير جدًا جدًا ما بين الإمام البخاري وأئمة كثيرون وبين تلميذه الإمام مسلم رحمة الله تعالى على الجميع .
2- البخاري قال في الحديث الثاني وقال عباس العنبري ، لماذا لم يقول البخاري حدثنا عباس العنبري ؟ وهذه هي العادة أنه إذا أراد أن ينقل عن شيخه شيئًا أن يستخدم لفظ التحمل مثل حدثنا أو أخبرنا أو غير ذلك .
البخار عندما يقول (قال) فلان ولا يقول حدثنا فلان فإنه لم يسمع الحديث من شيخه أو من الذي روى عنهم سواء كان من شيوخه مثل عباس العنبري وهو أحد شيوخ البخاري روي البخاري عنه ، لكن لماذا لم يقل البخاري حدثنا ؟ لم يسمع هذا الحديث من عباس العنبري ، فمن هو الذي سمع منه البخاري الحديث ؟ سمعه من واحد نحن لا نعرفه ، وهذا اسمه عند العلماء الحديث المعلق.
الإسناد إما أن يكون رأسياً هكذا وهذا الإسناد متصل أم لا ؟ متصل لأنه يلمس هنا وهنا وهذان طرفا الإسناد فهذا متصل .
ما معني الحديث المعلق ؟
الحديث المعلق عند علماء الحديث ، قالوا أن يحذف راوٍ أو أثنين أو ثلاثة أو السند كله بشرط أن يكون الحذف من أول السند .
وأول السند من تحت أم من فوق ؟ أول السند من تحت ، البخاري هنا يقول حدثنا فلان عن فلان عن فلان عن بن عباس مثلاً ووصل إلى آخر السند فكل مسافة تمثل مرحلة زمنية أو تمثل راو من رواة الإسناد .
البخاري يقول حدثنا المكي بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الله بن سعيد عن أبيه عن بن عباس فنقسم هذه المسافة إلى أربعة كل ربع يمثل راوٍ من الإسناد فهذا إسناد متصل .
الحديث المعلق :قال أن يحذف راو من أول السند ، فمن أول السند عند البخاري ؟ المكي بن إبراهيم وأنا أمثل للحذف بأنني سأعمل هكذا وأرفع القلم والمسافة التي يملأها الهواء فهذه هي المسافة الخاصة بالمكي بن إبراهيم ووقع المكي من الإسناد ، فصار الإسناد معلق لأننا حذفنا راوي من أول الإسناد وليس من عند الصحابي ، أول الإسناد من عند صاحب الكتاب الذي هو الإمام البخاري ، أخر الإسناد هو الصحابي .
فأنا لما حذفت المكي بن إبراهيم البخاري لن يقول أخبرنا عبد الله بن سعيد لأنه لم يدركه ولو أي إنسان قال أخبرني فلان ولم يدركه العلماء يقولون عليه كذاب ، فلو أن إنسان قال حدثنا الإمام البخاري في الزمان الذي نحيا فيه الآن فهذا يكون كذاب ، لكن لو قال عن الإمام البخاري فلا يقدر أحد أن يكذبه ، لأن كلمة حدثنا أو أخبرنا ضيقة المعنى لا تحتمل إلا معني واحد فقط وهو أنه حدثك من فمه إلى أذنك وهذا معنى حدثنا أو أخبرنا .
تنبيه لمن لم يمارس علم الحديث من الأدباء.
لذلك أنا أنبه على شيء يقع فيها من لم يمارس علم الحديث من الأدباء إذا أحب أن ينقل شيء من تاريخ بن جرير الطبري ، فيقول وها هو بن جرير يحدثنا أنه قد حدث كيت وكيت وكيت ، وهذا عند علماء الحديث خطيئة أين بن جرير ؟ بن جرير بعد الثلاثمائة ، فأنت تقول وها هو شيخنا بن جرير بعض الناس الأدباء أو الذين ينقلون في التاريخ يتطاول ويقول هذه الكلمة وها هو شيخنا بن جرير يحدثنا أو شيخنا بن كثير يحدثنا في كتاب البداية والنهاية مثلاً ، أو يحدثنا في تفسيره ويتجوز في المسألة .
متى يكون الإسناد معلقاً؟
الإمام البخاري عندما يحذف أول الإسناد ، المكي بن إبراهيم حذفناه ونحذف المسافة خاصته هكذا وهذا من أول الإسناد فصار الإسناد معلق ولو حذفنا الذي فوقه فهذا كله اسمه إسناد معلق .
وأنت الآن عندما تقول قال رسول الله صلي الله عليه وسلم كذا وكذا فما اسم هذا الإسناد ؟ اسمه إسناد معلق ، ومعني معلق ؟ أي أنك حذفت الإسناد كله من أوله إلى آخره .
يشترط في الحديث المعلق شيئين :
الحذف يكون من أول السند إذا كان راوي ، أما إذا كان اثنين أو ثلاثة أو أربعة أن يكون الحذف على التوالي كله حذف وراء بعضه ،.
وإذا لم يكن الحذف على التوالي يأخذ اسم آخر ، اسم المنقطع أو المعضل وهذا موضوع آخر لن ندخل فيه .
ما يهمني الآن أن أتكلم عن الحديث المعلق بمناسبة أن هذا أول حديث معلق الإمام البخاري يورده في كتاب الرقاق ،
فعندما يقول البخاري وقال عباس العنبري ولم يقل حدثنا عباس فتعرف إن البخاري لم يسمع هذا الحديث من شيخه ، إذا كان الذي علق عنه هو شيخه فضلا عن أن يكون شيخ شيخه أو أعلى من هذا ولم يدركه الإمام البخاري رحمة الله عليه .
ونحن قد انتهينا اليوم شيء من علم الحديث وكما قلت نريد أن نعلم الناس علم الحديث لأن نحن في هذا الزمان في أمس الحاجة أن نفقه هذا العلم ، اليوم الذين يطعنون علي السنة أو الذين يسبون الصحابة على صفحات الجرائد ، من أين أتوا بالكلام الذين يكتبونه ؟ وهو لا يعرف شيء ، لا يعرف إسناد ولا يعرف شروط قبول الرواية ولا يعرف يكشف عن راوي ، وهل هذا الراوي ممكن أن أخذ منه خبر من الأخبار أم لا ، فليس لديه فكرة إطلاقًا عن هذا العلم ، إنما يدخل بهواه حاقد على الصحابة ، بيكره الصحابة ، عنده إحن في صدره على الصحابة ، يتمني أي مصيبة في أي كتاب حتى يتهم بها الصحابة ويقول هؤلاء الصحابة قالوا كذا وكذا وكذا وأنا لم آتي بشيء من عندي ، إنما أن أتيت به من كتب مثل تاريخ بن جرير الطبري وغير ذلك .
لو عرفوا كيف تنقل الأخبار أو كيف تقبل الأخبار لوقف عند حده ، لكن نحن في زمان كله يتكلم في كله ، كل أهل الفنون يشتكون من المتطفلين عليهم وهذا الكلام ظاهرة عامة ،.
العلوم الشرعية لابد أن يكون لها حمى :ونحن اليوم نقوم بعمل ثقافة حديثيه ، حتى إذا تكلم أي إنسان أنت تقول له من أين لك هذا ؟ كما أننا نسأل إنسان عن الذمة المالية من أين أتيت بالفلوس ؟ فنحن كذلك نقول له من أن لك هذا الخبر؟ ، إن كنت مدعيًا فالدليل وإن كنت مستدلاً فالصحة ، أنت تدعي أي دعوة هات دليل على هذه الدعوة ، أحضرت الدليل يشترط أن يكون صحيحًا لأن الاستنباط ينبغي أن يكون على دليل صحيح .
لذلك أنا أقول ولازلت أحض الأخوة والأخوات الذين يسمعونني أنهم يتصبروا لأن خلف هذا العلم خير كثير جدًا ،.
وأنا أذكر في بداية تجربتي: لما نزلت إلى بلدي وبدأت أشرح علم الحديث كان كثير من الخطباء الذين يعتلون المساجد المتميزة يكثرون من ذكر الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمنكرة ، أي حديث يجده في كتاب يطلع ويقوله ، فلما بدأنا ندرس علم الحديث وعرفه الناس فكلما يطلع واحد على المنبر ويقول حديث ، فأول ما ينزل من على المنبر الناس تقول له صحيح ولا ضعيف ، وطبعًا أول مرة يسمع هذه القصة ، ما صحيح وما ضعيف ؟ هذا حديث موجود في الكتب .
فهل معني أنه موجود في الكتب أنه صحيح ؟ أنت اليوم عندما تقرأ حديث ( المؤمن حلو يحب الحلاوة ) هذا حديث ولكنه مكذوب على النبي صلي الله عليه وسلم أو ( الهريسة تشد الظهر ) وهذا أيضًا موضوع علي النبي ﷺ ، وليس المقصود بالهريس الهريسة الحلوة التي نعملها الآن إنما المقصود الثريد الذي يوضع عليه اللحم وهو موجود في بلاد الخليج فهذا مكذوب ، ( ربيع أمتي في العنب والبطيخ ) أيضًا مكذوب ، ( المؤمن كيس فطن ) أيضًا مكذوب ، ( إياكم وخضراء الدمن قالوا وما خضراء الدمن يا رسول الله ؟ قال المرأة الحسناء في المنبت السوء ) موضوع أي مكذوب على النبي ﷺ وكل هذا موجود في الكتب .
فهل كل حديث موجود في كتاب أقدر أن أنسبه إلى النبي عليه الصلاة والسلام ؟ فأول مرة هؤلاء يسمعون صحيح وضعيف فاتهموني وقتها بأنني علمت الشباب قلة الأدب ، لماذا ؟ قالوا يعترضوا علينا بسبب أنهم لم يتعودوا شيء مثل هذا من قبل ذلك .
تعلم علم الحديث هذا هو العلم الذي حمى سنة النبي صلي الله عليه وسلم ولولا هذا العلم لخطبت الزنادقة على المنابر :وكل إنسان كان يمكن أن يقول ما يشتهي .
كما قال عبد الله بن المبارك الإمام المبارك [ لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ٍ
قال ابن عباس_ رضي الله عنهما_ [ كان الرجل إذا قال: قال رسول الله ﷺ تشرئب إليه الأعناق ونصغي إليه بآذاننا ، فلما وقعت الفتنة بدأ يحدث الكذب عل النبي _ عليه الصلاة والسلام_ قلنا سموا لنا رجالكم
في القرون الأولي ما كان يوجد من يكذب على النبي صلي الله عليه وسلم أبدًا ، وكان أي واحد يقول قال رسول لله صلي الله عليه وسلم نسمع له ونصدقه ولا نسأله أسمع أم لا ، أو إسناده صحيح أم لا ، و عندما وقعت الفتنة واختلف الناس ودخل منافقون وزنادقة في الصفوف ويبحث عن حديث يسنده ولا يجد يؤلف حديث وينسبه للنبي_ عليه الصلاة والسلام_ بأي إسناد يركبه ، فلما وقع مثل هذا الخبث وظهر الكذب والخطأ قال العلماء لن نقبل أي كلام إلا بإسناد
الأخبار القديمة كلها نحن لا نعلم عنها شيئًا إلا عن طريق المصنفات القديمة والكتب القديمة مثل كتب الأئمة الذين نقلوا لنا كل هذا الكلام بأسانيد فعندما نريد أن نرد على هؤلاء نرد عليهم بهذا العلم ، ما السبب في انتشار هؤلاء يضربون في الدنيا ؟ لعدم وجود علماء حديث ، علماء الحديث أندر من الكبريت الأحمر الذين يقفون على الرصد ويحرسون حدود الإسلام وهم الذين يدافعون عن المصادر الأصلية الآن ، فلا يدافع عن المصادر الأصلية الآن إلا علماء الحديث
فلذلك هذا العلم علم جليل وعلم خطير وكبير وأنا أحاول أن أيسر المادة العلمية بقدر المستطاع ومع كثرة هذا تكرار الكلام الكريم ستتمتعون فما يأتي من الزمان.
______________________________ _______
ندخل على الكلام ، والكلام الذي هو المتن أصل الموضوع ، علم الحديث كله وضع لأجل تصحيح هذا المتن وتصحيح هذا الكلام وأنه منسوب إلى النبي ﷺ نسبة صحيحة .
قال عليه الصلاة والسلام( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) ، مغبون: مأخوذ من الغبن وهو الخسارة ، فأكثر الناس يخسر رأس ماله الحقيقي أغلى سلعة في الدنيا ، أغلي رأس مال في الدنيا هو العمر ، هذا العمر الذي هو أجل المرء من ساعة أن يولد إلى أن يموت ، هذا هو أجله ، يقطع هذا الأجل على مراحل ، هي عبارة عن ثوان ودقائق وساعات وأيام وأسابيع وأشهر وسنوات ، فهذا هو رأس المال .
يقطع المرء كل يوم وهو سائر إلي الله تبارك وتعالي كل يوم يمر عليه تُطوى فيه صفحة عظيمة من كتاب الموت .
أمس كنت أطول عمرًا من اليوم ، والإنسان يتقلب في ثلاثة أيام يوم مضى فلا سبيل إلى تداركه ، والذي فات مات لا يستطيع أن يرجعه ، ويوم يأتي لعله لا يكون يومك يمكن ألا تعيش فلا تُجهِد نفسك بحثًا عنه وإنما يومك الذي تعيش فيه هذا هو رأس المال .
لأن هناك ناس يعيشون في الماضي ، يعيشون في الأحلام ، وناس يعيشون في الأوهام التي سوف تأتي وقد لا يدركه ، إن الرجل ليأكل ويشرب وينكح وهو في عداد الموتى ، نزل الأجل في السماء الدنيا وسينزل على الأرض حتى ينفذ قضاء الله تبارك وتعالى عليه وهو بيأكل أو يشرب ويقول غدًا سنعمل كذا وبعد غد سنعمل كذا وبعد عشر سنين هذا المال سيصير كذا وكذا وكذا وهو ميت وهو لم يبق على عمره أكثر من عشرة دقائق أو خمس دقائق ، وهو يتكلم فيما يأتي من الزمان عشر سنوات ، عشرين سنة ، ثلاثين سنة ، أربعين سنة
مثل الإمام البخاري ما يتكلم عن الأجل والأمل في الأحاديث القادمة وسنبين هذه المسألة .
يومك الذي تعيش فيه هذا هو رأس المال :
الذي مضى انتهى والقادم لا تبحث عنه لأنه قد لا يكون من أيامك ما بقي إلا هذا اليوم ، آخر أجلك من الذي يعرفه ؟ لا يعرفه إلا رب العالمين ،.
العمر له ثلاثة أطراف:
طول وعرض وبعد ما تموت ،.
هل من الممكن أن يكون العرض أطول من الطول ؟
نعم إذا استثمر المرء عمره استثمارًا جيدًا كان عرضه أطول من طوله
مثلاً: أن الإنسان سيموت على رأس ستين سنة ، أي يعيش على الأرض ستين سنة ، لكنه إذا استثمر رأس المال كان عمره عند الله تبارك وتعالى ألوف السنين ، أنظر الطول ستين سنة فقط ، وأنت ممكن العرض الذي تتصرف فيه وهو ملكك يكون أطول من الطول بمراحل كيف ذلك ؟
قال الله تبارك وتعالى:( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) [ القدر:3 ] فلو قدرنا أن إنسانًا يعيش ستين سنة وسيبلغ على رأس خمسة عشر سنة مثلاً ، يبلغ هذا المرء على رأس خمسة عشرة عامًا فيكون عنده خمسة وأربعون سنة وهي فيها خمسة وأربعون رمضان( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) وألف شهر عبارة عن ثلاثة وثمانين سنة وعدة شهور ، نجعلها ثمانين سنة .
فلو أن هذا الرجل قام العشر الأواخر من رمضان لم ينام أبدًا من أول العشرة الأواخر حتى يظهر هلال العيد ، لم يترك أي عشرة من رمضان إلا وهو قائم ، فكم ليلة قدر أدركها ؟ خمسة وأربعون ليلة قدر ، وخمسة وأربعون ليلة قدر في ثمانين تساوي ثلاثة ألاف وكسر ، هذا يكتب عند الله عز وجل عابد ، ليس ثلاثة ألاف سنة ينام ثلثهم ويلعب الثلثين الآخرين ويلقى الله عز وجل مفلسًا لا ، ثلاثة ألاف عام عند الله عز وجل عابد .
فهذا الرجل استثمر عمره وطول عمره صار ثلاثة ألاف سنة أكثر من ستين سنة ، فلو أخذنا اليوم الأجل طولي نهاية الأجل هنا فيكون لك تصرف في العرض ، ممكن العرض تظل تمشي تمشي حتى يصير أطول من الطول بكثير ، مثلاً حديث جابر في سنن الترمذي.
أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة ) عندما تقول سبحان الله وبحمده ، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله وبحمده ، أنا أخذت خمس ثواني فلو قلت ستين ثانية أي دقيقة فيكون عندك ستين ، فلو أخذت في الساعة ستين في ستين بثلاثة ألاف وستمائة ، هذا في ساعة واحدة في اليوم تقول سبحان الله وبحمده ، ويمكن وأنت تمشي أو ذاهب إلى أي مشوار أو مسافر فلا تعطل لسانك .
وأنت تمشي قل سبحان الله وبحمده ، وأنت تعملين في المطبخ شغلي لسانك ، كلما تقول سبحان الله وبحمده نخلة في الجنة ، والنخلة في الجنة هذا موضوع أخر والنبي ﷺ قال:( ما من شجرة في الجنة إلا وساقها من ذهب ) .
فأنت تزيد عن أخيك الذي دخل الجنة معك بالنخل الذي استحوذت عليه بكثرة تسبيحك وتنزيهك لربك تبارك وتعالى والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:( إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر [ أي الذي ليس له بطن ويعدونه للسباق ] فيه [ في هذا الظل ] مائة عام لا يقطعه ) ، مائة سنة يجير هذا الجواد في ظل شجرة واحدة في الجنة لا يقطعها ،.
قال أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم ﴿ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴾ [الواقعة: 30]
فعندنا ثلاثة أطراف للحياة :
1-الطرف الذي هو نهاية الأجل لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالي .
2-وعندي تصرفي في الحياة ، استثمار فرص العمر ومواسم العمر .
3- الطرف الثالث بعدما تموت .
هل الإنسان إذا مات يموت بلا فائدة ، كأنه دابة على وجه الأرض مات وانتهت قصته ولا يترك بصمة في الحياة على ظهر الأرض أنه كان موجودًا .
ملايين البشر عاشوا في الدنيا كالأنعام السائمة يأكل ويشرب فقط ، كل حياته أكل وشرب ومتع على اختلاف أنواعها كأنه لن يموت ، هذا يموت كأي دابة تموت .
أما الذين عرفوا نفاثة رأس المال ألا وهو العمر فهؤلاء يتركون بصمة قبل أن يموتوا وأفضل من استثمر العمر هم أهل العلم الذين كانوا يتقربون إلى الله عز وجل بهذا العلم وعلى رأس هذه العلوم ، العلوم الشرعية القرءان الذي أنزله الله تبارك وتعالي ليهدي به الخلق وسنة الرسول صلي الله عليه وسلم التي كانت مبينة لكتاب الله تبارك وتعالى
العلماء صانوا الكتاب والسنة قعدوا القواعد وأصلوا الأصول حتى لا يُخطئ أحدٌ في الفهم عن الله ورسوله ، هؤلاء العلماء نذروا أعمارهم لصيانة الكتاب والسنة ، له نية صالحة في الموضوع وتحقق الإخلاص فيها فهذا الذي يعيش في الدنيا وينظر إلى الآخرة .
أفضل من استثمر العمر أهل العلم الذين ينظرون إلى الآخرة .
لذلك قال الإمام البخاري يقول باب ما جاء في الصحة والفراغ وألا عيش إلا عيش الآخرة ، فمن كان في الدنيا ينظر إلى عيش الآخرة فلن يضيع رأس المال ورأس المال هذا المفترض أي تاجر ناجح عندما يكون عنده رأس مال يكثر رأس المال ، يأتي بالأرباح ويترك الأرباح تتراكم على رأس المال ويحاول أن يجعل نفقاته مضغوطة لأجل أنه كلما كبر رأس المال أتي بربح أكبر .
الرسول عليه الصلاة والسلام سئل أي الناس خير قال ( من طال عمره وحسن عمله ) إذا طال عمره فهذا رأس مال صار رأس المال كبيرًا ، وهو رجل ينظر بعينه إلى الآخرة ولا ينظر تحت قدميه ، هذا هو المفلح حقًا .
لذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس) فدل على أن أقل الناس هو الرابح في هذه التجارة كما قال تعالي:( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [ سبأ: 13 ] .

أم محمد الظن
2010-07-02, 01:24 PM
نماذج من الذين استثمروا أعمارهم:
الإمام البخاري صاحب الكتاب الذي نشرحه يذكر محمد بن أبي حاتم الوراق أن البخاري رحمه الله كان يقوم في الليلة أكثر من خمسة عشرة مرة وقال ربما قام عشرين مرة يوقد السراج ويكتب شيئًا ثم يطفئ السراج وينام ثم بعد قليل يستيقظ ويوقد السراج ويكتب شيئًا ثم ينام وهذه المسألة تحدث له في الليلة من خمسة عشر إلى عشرين مرة .
ماذا يعمل الإمام البخاري ؟ ينام وهو مشغول بمعني من المعاني وقد يرى فتحًا قد يفتح عليه في معنى مغلق فلو نام وواصل نومه لأصبح ناسيًا لهذا المعني الذي خطر على باله , وكثير من الناس الذين يرون الرؤيا يكون متذكر الرؤية جيدًا وأحيانًا يفتح عينه وهو نائم ومستحضر تمامًا للرؤية ويقول أنا حفظتها وأول ما يستيقظ ينسى الرؤية كاملة ، لا يذكر شيئًا منها .
العلم هذا يحتاج إلى صياد لأن العلم مواهب ، والفهم منحة من رب العالمين وقد يتفاضل الرجلان الكبيران الجليلان في فهم جزئية من الجزئيات والله عز وجل يقول في القرءان( وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ، فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ) [ الأنبياء: 78،79 ] وحتى لا تظن أن المرء إذا فاتته جزئية في الفهم أن ذلك يعود عليه بالنقص ( وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ) .
وحتى لا يتصور أحد أن داوود عليه السلام أقل من ابنه لا ، هذا العلم لا أخر له معهم أصل الفهم ومعهم أصل العلم
ولكن قد يفهم الإنسان جزئية لا يفهمها غيره ولا يكون ذلك قادحًا وهذا حدث أكثر من مرة مع سليمان عليه السلام وداود .
كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال اختصمت امرأتان على زمان داود عليه السلام ، اختصمتا في ولد صغير كل واحدة معها ابنها وضعا الولدان في مكان فأتى الذئب فأكل ولد من الاثنين ، فلما رجعت المرأتان اختصمتا على الولد الباقي من التي يمكن أن لا تعرف ابنها ، فيه واحده منهما كاذبة ، لكن هذه تقول هذا ابني والأخرى تقول هذا ابني .
فاختصمتا إلى داود عليه السلام ، وطبعًا الأنبياء ومن بعدهم القضاة يحكمون على نحو ما يرون يرسل ليحضر أدلة وعلى ضوء هذه الأدلة يحكم ، قد تكون الأدلة خاطئة ، أو أن الذي ذهب يبحث عن الأدلة لم يستوفها أو قصر في فمها سواء الذي أتى بالأدلة أو القاضي نفسه قد يكون قصر في فهمها ، أي خلل عمومًا قد يطرأ على الدليل وبالتالي يطرأ على الحكم .
المرأة الكبرى بكت وناحت وقالت ولدي وظهر عليها أنها متفجعة فعلاً على هذا الولد والمرأة الصغرى لم يظهر عليها هذا وهناك بعض الناس تنزل عليه المصيبة التي تدك الجبل فلا تحرك ساكنًا من شدة المصيبة عليه حدث له نوع من الخرس الشعوري لا يستطيع التعبير ، لا يستطيع البكاء ولا يعرف أن يعمل شيئًا يدل على أنه حزين .
لكن الحزن الذي بداخله لو وزع على أمة لملأها الحزن ، لكنه لا يعرف أن يعبر والأمر كأنه كان كذلك ، المرأة الكبرى بكت وأظهرت بعض العلامات والصغرى ساكتة ، فلما حكم داود عليه السلام للمرأة الكبرى بالولد خرجت المرأتان ، الكبرى تحمل الولد والثانية مسكينة ، فلقيتا سليمان عليه السلام ، فالمرأة الصغرى اشتكت لسليمان قالت إن أباك حكم لهذه المرأة بالولد وهو ابني ، فقال سليمان عليه السلام ائتوني بسكين أقسمه نصفين فلا أعلم من أمه الحقيقية فكل واحدة تأخذ نصفه ، حينئذٍ شهقت المرأة الصغرى وقالت لا أريده أعطه لها فحكم به للصغرى .
هذه حيلة لجأ إليها سليمان ليكشف الحق وهذه مسالة فهوم .
وفي ساعات الواحد يمر عليه الدليل فيه معنى من المعاني خطر على بالك ، إن لم تدون هذه الفائدة في الحال ذهبت عليك ،.
ونحن نعرف الإنسان المفلح من غيره بمثل هذا ، وقد استفدنا هذا في الحقيقة من أئمتنا ، كعبد الله بن المبارك رحمه الله كان يقول:
أيها الطالب علمًا ائت حماد بن زيد __فاستفد حلمًا وعلمًا ثم قيده بقيد .
أي علم تستفيده قيده بقيد أي أكتبه ولا تتركه إلى الذهن فإن الذهن خوان من الممكن أن تتفلت منه المعلومة .
الإمام البخاري يوقد السراج في الليلة أكثر من عشرين مرة ، لماذا ؟ لأنه مشغول في استنباط أحكام خفية من أدلة قد لا يظهر لإنسان بادي الرأي مثلاً أن في الدليل هذا فيه دلالة على المسألة .
مثال ذلك: الإمام البخاري بوب على حديث لميمونة رضي الله عنها بقول (باب المنديل) أي أن الواحد عندما يتوضأ ينشف الوضوء أم لا ؟ المشهور أن أكثر حال النبي صلي الله عليه وسلم وهو المشهور عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا توضأ كان لا ينشف ، إنما كان يفعل هكذا أي ينفض يديه من الماء لأنه من فضائل الوضوء أن ذنوب المرء تخرج مع قطر الماء أو مع أخر قطر الماء .
فأنت إذا توضأت والماء ينزل من أصابعك ومن لحيتك وغير ذلك ، فالماء النازل هذا ينزل وقد أخذت الذنوب التي ارتكبها الوجه مثلاً مثل العينين أو الأذن أو ارتكبتها اليد أو الرجل ، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان من عادته انه إذا توضأ كان ينفض يديه هكذا .
الحديث يقول أن النبي عليه الصلاة والسلام توضأ فدفعت إليه ميمونة رضي الله عنها خرقة أو منديلاً ينشف به ، فرده وجعل ينفض هكذا .
الشاهد من الحديث : استدل بعض أهل العلم أن في هذا الدليل دلالة على جواز أن ينشف المرء بعد الوضوء ,قال لو كان من عادته صلي الله عليه وسلم ألا ينشف أبدًا ما دفعت إليه ميمونة المنديل ، فمعني أنها تعطيه المنديل أي أنها رأته مرة قبل ذلك يتنشف ، فهذا معني قد لا يخطر للمستمع على بال
والأدلة الشرعية هكذا ، الدليل الواحد يمكن أن يخدم عشرة أو خمسة عشر حكمًا شرعيًا ، لكنه يحتاج إلى رجل سيال الذهن نافذ البصيرة ، دارس للأصول صح ، لكي يستطيع أن يأتي بظاهر النص ويستطيع أن يأتي بمفهوم النص .
الإمام البخاري كان في الذروة فهمًا وجلالة وسيلان ذهن :
فكان إذا خطر له ترجمة لحديث من الأحاديث أو فهم لحديث من الأحاديث كان يقوم على الفور ويكتبه ، استثمر الإمام اللحظات وكانت إغماءته كإغفاءة الطائر ، لا يكاد ينام حتى يخطر له ما يسطره فيوقد السراج ويقوم ليكتب هذه الفوائد ، رجل استثمر عمره .
ونحن اليوم نقول الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، هل بيننا وبينه نسب ؟ هل بيننا وبينه شراكة ، بيننا وبينه تجارة ؟ أبدًا ، ليس بيننا وبينه أي شيء ، نحن الآن نذكر البخاري رحمه الله أكثر من أبائنا وأمهاتنا ونترضى ونترحم عليه وعلى الأئمة أكثر من أبائنا وأمهاتنا ، قبل أن يغادروا الحياة تركوا بصمة أنهم كانوا يعيشون في هذه الحياة .
هذا الرجل بعدما مات العمر الثاني وهو أن يذكر المرء بعد ما يموت ، لماذا ؟ استثمر رأس ماله استثمارًا صحيحًا فاستفاد بكثرة ترحم الناس عليه .
أبو يوسف صاحب أبي حنيفة رحمة الله عليهما:يقول أحد أصحابه واسمه إبراهيم ذهبت إليه أعوده فرأيته مغمىً عليه ، فلما أفاق قال يا إبراهيم ما تقول في مسألة كذا وكذا فقلت له يا أبا يوسف وأنت في هذه الحال ، رجل في النزع في آخر حياته ، أي في مرض الموت ، هل أنت حاضر الذهن أنك تأتي مسألة من مسائل العلم وتناقشني فيها .
انظر إلى الرجل الذي طوال عمره مشغول بالعلم ومشغول بخدمة المسلمين في تنقيح العلوم وإظهار الخفي من معانيها ، فقال يا إبراهيم لعله ينجوا بها ناجٍ .
هذه المسالة التي أتناقش معك فيها تحل إشكال بلد بأكملها أو تحل إشكال أنس كثيرون
ولا يلزم أن يكون في هذا العصر ، ممكن يأتي بعد عشرين سنة ، خمسين سنة ، مائة سنة .
نحن اليوم الأئمة الذين حلوا لنا إشكالات في النصوص من ثلاثمائة ، أو أربعمائة ، أو خمسمائة ، أو ستمائة سنة وأكثر من ذلك نحن الآن نستفيد من استنباطاتهم ،.
الإمام البخاري نستفيد من فهمه ، الإمام الشافعي ، الإمام أحمد بن حنبل ، الإمام مالك ، أبو حنيفة ، أبو يوسف ، محمد بن الحسن ، الشيباني ، إسحاق بن رهويه ، الأوزاعي ، سفيان بن عيينة ، سفيان الثوري ، أبو داود الظاهري ، أي واحد من هؤلاء الأئمة الذين كان لهم مذاهب مثل مذاهب الأئمة الأربعة لكن اندثرت وصارت حبيسة الكتب ، هؤلاء العلماء كانت لهم فهوم حلت لنا الآن المشاكل .
فهو يقول يا إبراهيم لما يقول له إبراهيم أفي هذه الحال ، قال لعله ينجوا بها ناجٍ ، ثم قال يا إبراهيم أيهما أفضل أن ترمي الجمار راكبًا أم ماشيًا ؟ فقال له راكبًا ، قال: أخطأت ، قال: ماشيًا ، قال أخطأت ، قال: فما تقول يا أبا يوسف ، وأبو يوسف هذا يموت في النزع ، قال: فما تقول يا أبا يوسف ؟ قال: إن كان سيدعو مثل إن كان يرمي الجمرات فيمر على الجمرة الصغرى يرميها ويدعوا ، يمر على الجمرة الوسطى يرميها ويدعوا ، ويصل إلى جمرة العقبة فيرميها وينصرف .
فيقول إذا كانت الجمرة مما يدعى بعد الرمي فالأفضل أن يكون ماشيًا وإن كان لا يدعو ولا يقف عندها فالأفضل أن يكون راكبًا وهذا رأي الإمام أبو يوسف ، وربما أخذ هذا الكلام أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يوم عرفه فأغلب فترته كان واقفًا يدعوا ، أي أن الوقوف إذا وقف المرء وهو يدعوا يكون أكثر تبذلاً وأكثر خشوعًا ، فربما يكون هذا هو رأي الإمام وليس القصد أننا نناقش القضية راكب أم ماشي ليس القصد ، لكن هذا كلام أبو يوسف رحمه الله .
قال إبراهيم فخرجت من عنده فما وصلت إلى باب داره حتى سمعت الصرخة عليه ، مات ، أي قبل أن يموت بدقائق ، الإمام يستثمر الأنفاس ويحرر المسألة ويقول لعله أن ينجوا بها ناجٍ .
عندنا إمام آخر ، وأنا أذكر لك أفضل من استثمر عمره ، لأن الجماعة الذين يضيعون أعمارهم فيما لا يفيد بل فيما يضر ، وأنا أتعجب والله مثلاً واحد يقعد أمام فيلم أو مسرحية ساعة أو ساعتين أو ثلاثة يرى المناظر المناكير أو أمام مباراة لكرة القدم خاصة لما تكون في كأس العالم ، مضيعين أعمارهم ويذهبوا إلى الإستاد يضيعون الصلاة .
في يوم الجمعة التي كسبت فيها مصر كأس أفريقيا ، من الصباح الإستاد ليس فيه مكان لإنسان من الصباح الباكر ، هؤلاء ضيعوا الجمعة والنبي صلي الله عليه وسلم يقول:( من ترك ثلاث جمع تهاونًا أسود قلبه ) ، كيف يضيع صلاة العصر مثلاً والنبي صلي الله عليه وسلم يقول:( من ترك صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله ) وتر أي صار وترًا .
واحد رجع إلى البيت وجد البيت محترق أهله كلهم موتى وماله كله فقده ، وهذا لمن يترك مرة صلاة العصر مرة واحدة وتر أهله وماله .
فلما يأتي إنسان يضيع عمره ، تطلع على القهاوي اليوم الخاصة بالنت وغير ذلك ، شباب قاعدين ليس لهم أي عمل إلا أن يدخلوا ليكلموا البنات ويعملوا حوارات وغير ذلك .
تذهب إلى الكورنيش أو إلى أي مكان تجد أمم طالعين يضيعون أعمارهم ، وأنا لا أقول بأنه لا يتفسح ، لا يطلع ، لا ، لكن كل شيء بقدر ، أنا أتكلم عن أناس هذا غالب حياتهم ، زهقان يقول أطلع أشم الهواء وضيع أربع أو خمس ساعات ، أنفق رأس ماله وبدده ولم يستفد .
نحن نقول أفضل من استثمر رأس المال أهل العلم ، لماذا لأنهم كانوا يعيشون في الدنيا وأعينهم تطل على الآخرة .
الإمام بن جرير الطبري رحمة الله عليه أبو جعفر: صاحب التفسير وصاحب التاريخ وصاحب كتاب تهذيب الآثار الذي لم ينسج على منواله .
مرة قال لأصحابه تنشطون لكتابة التفسير قالوا له في كم ورقة يكون ؟ قال في ثلاثين ألفًا ورقة وهذه سيمليها من حفظه ، فقال تلامذته هذا مما تفنى دونه الأعمار ، فقال بن جرير إنا لله ماتت الهمم فأملاه في ثلاثة ألاف ورقة .
ثم قال لهم يومًا تنشطون لكتابة التاريخ من لدن أدم عليه السلام إلى زماننا ؟ فقالوا في كم ورقة يكون ؟ قال في ثلاثين ألفًا ، قالوا هذا مما تفنى دونه الأعمار ، فقال إنا لله ماتت الهمم ، كيف تفنى الأعمار ؟ ما هو الرجل الذي قال لك أنا أمليك في ثلاثين ألف ما فني عمره وهو الذي جمع وهو الذي رتب وهو الذي تعب ، وأنت فقط تكتب ما يمليه عليك ، ومع ذلك قالوا هذا مما تفنى دونه الأعمار ، قال إنا لله ماتت الهمم ، فأملاه في مثل حجم التفسير في ثلاثة ألاف ورقة .
أما كتاب تهذيب الآثار فكتاب بديع المثال وحتى لا أشرد لكن لعلي إن شاء الله إذا أتت مناسبة ونحن نتكلم عن بعض تراجم البخاري ويكون بن جرير أخرج هذا الحديث في تهذيب الآثار سنبين أيضًا فقه الإمام بن جرير لأنه كان له مذهب مثل مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وكان اسمه المذهب الجريري ، والإمام بن جرير الطبري إمام مجتهد مطلق .
وأخيرا ونحن عندنا نماذج للذين استثمروا أعمارهم وكيف استثمروها سنقف معهم وقفة حتى نساعدك على استثمار رأس مالك .
الإمام حماد بن سلمه: الذي كنت سأذكر خبره قبل خبر الإمام البخاري رحمه الله ، حماد بن سلمه هذا أحد الأئمة الكبار ذكروا في ترجمته أنه لو قيل له القيامة غدًا لا يقدر أن يزيد في عمله شيئًا ، استوفى أقصى ما عنده من جهة الذكر ، من جهة العبادة ، من جهة حفظ العلم ، من جهة تبليغ العلم ، لو قيل له القيامة غدًا لا يقدر أن يزيد في عمله شيئًا .
نذكر أيضًا بعض النماذج من الأئمة الذين استثمروا أعمارهم عالم وهو:
بن عقيل الحنبلي وكان يقول( إنه لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا كلٌ لساني عن مناظرة وبصري عن مطالعة استطرحت فأعمل فكري حال استطراحتي فلا أقوم إلا وقد خطر لى ما أسطره حتى أنني أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز لأجل ما بينهما من التفاوت في المضغ .)
فالمسألة عنده إسكات كلب الجوع وليست مسالة استطعام أو غير ذلك ، لا حتى أنني اختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز لأجل ما بينهما من التفاوت في المضغ .
بن الجوزي: تكلم في أكثر من موضع من كتاب له اسمه صيد الخاطر ، وصيد الخاطر هذا من أعمل فكري حال استطراحتي ، يصطاد كل ما يأتيه خاطرة معينة فيها إفادة فيها تجربة كان يكتبها ، فكتب أكثر من خاطرة في هذا المعني فيقول كثير من الناس يأتي ويقول لك أنا مشتاق إليك وحشتني وأريد أن أزورك ، فيضيعون لي وقتي ، فلو أنا قلت لهم لأ ، وأغلقت الباب الناس تغضب ولو أنا فتحت الباب ضيعت عمري ، فماذا أعمل في هذه الورطة ؟
فقال: جهزت أعمال لا تحتاج إلى فكر وأول ما يأتي هؤلاء الناس أبدأ أعمل في هذه الأعمال ، مثل قطع الكاغد ، الورق ، هو يحتاج إلى ورق ذات حجم معين أو يقسم الورقة نصفين فيقول أول ما يأتون هؤلاء الجماعة أعمل في قطع الورق أو بري الأقلام مثلاً أو تحزيم الدفاتر ، أحزم الكتب وأضعها هنا أو أنقل أرفف المكتبة أو أعمل أي حاجة ، فهذه حاجات أنا لازم أعملها بطبيعة الحال وفي نفس الوقت لا تحتاج إلى فكر ، فكان مجهز هذا العمل لهؤلاء الذين يأتونه ويشتكون من لوعة الشوق ، كل هذا حفاظًا على وقته


دقاتُ قلبُ المرءِ قائلةٌ له
إن الحياةَ دقائقٌ وثواني


فهؤلاء استثمروا أعمارهم ، نظر إلى رأس المال ، وعلم أن سعادته وشقاوته في الدنيا مبنية على استثمار حياته وإن الفاجر ليقف على شفير النار يوم القيامة فيقول:( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي )[ الفجر:24] ويعير بطول العمر الذي أنفقه وضيعه ولم يستفد منه قال تعالي:( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ [فاطر: 37] .
أي ما عذرك أو لم نعمرك وطال عمرك والنبي صلي الله عليه وسلم يقول:[ أعذر الله إلى امرئ بلغه ستين سنة ] ، وأعذر أي قطع عذره ، أنت وصلت ستين سنة ثم أتيت مفلسًا ، لماذا ؟ ماذا كنت تعمل ؟ .
قال بعض العلماء: في تفسير قول الله عز وجل:( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ) ، النذير في هذه الآية ( وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ) قالوا هو الشيب .
رجل دب الشيب إلى لحيته وإلى مفرقه ولا يتنبه وكلما خرجت شعرة بيضاء يصبغها ، فهذا نوع من الغفلة ، الشيب نور المؤمن وإنه يذكر الإنسان أنه ما هي إلا خطوات ، والناس تكره الشيب ولا تحبه ، لماذا ؟ نوع من الغفلة كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه والحديث صحيح والمصدر الذي أذكره الآن في مسند أبي يعلى هذا اللفظ (أنه قال لثابت وقتادة وجماعة من أصحابه أو لستم تكرهون الشيب إنكم تصبغونه أو لستم تكرهونه وذلك لأنه يذكر الإنسان بأن شمس حياته أوشكت أن تغيب.
ويحضرني الآن أبيات لعلي بن جبلة من أحسن الأبيات في الشيب .
علي بن جبلة عمل حوار ما بين الشيب وواحد ، جعل الشيب إنسانًا يتكلم والرجل الذي غزاه الشيب غزا لحيته أو غدا رأسه الطرف الثاني في الحوار فيقول:

ألقي عصاهُ وأرخى من عمامتهِ
وقال ضيفٌ فقلت الشيبُ قال أجل.
فقلت له أخطأتَ دار الحي قال
وَلِم قلتُ لك الأربعون التمُ ثم نزل


الشيب ( ألقى عصاهُ وأرخى من عمامتهِ وقال ضيفٌ ) وفتح له الثاني _الرجل الذي نزل به الشيب_ وعندما نظر إليه قال( فقلت الشيبُ قال أجل) فقال له الرجل صاحب البيت(أخطأتَ داراَ الحي )( أي أنك نزلت مكان ليس بمكانك مازلت صغير السن ومازال عمري أربعون عاماً في أول الكهولة اذهب لشخص بلغ من العمر الستين أو سبعين عاماً كي تُبيض له رأسه ولحيته (قال ولِم قلت لكَ الأربعونَ التمُ )أي أنك بلغت الأربعين التمُ ولم ينتظر أن يأذن له ثم نزل قال صاحب الدار( فما شجيتُ لشيءٍ ما شجيتُ له* كأنما اعتم منه مفرقي بجبل)_ المفرق_ الرأس
يقول بمجرد نزوله رغماً عني وقال( لكَ الأربعونَ التمُ ) لم ينتظر حتى آذن له نزل من ركوبته وجلس في البيت ( أي علي رأسه لأنه شيب) يقول (فكأنما اعتمَ منه مفرقي بجبل) أي كأنه لما لبس رأسي كأني حملت جبلاً فوق رأسي لأن الشيب نذير المرء .
لماذا نكره الشيب لأننا نكره الموت كما في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين لما قال النبي_ ﷺ_: ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) فقالت عائشة يا رسول الله كلنا يكره الموت ، فقال:( لا إن العبد المؤمن إذا كان في إدبار من الدنيا وإقبال على الآخرة رأى ما أعده الله له فأحب لقاء الله فأحب الله لقاءه وإن العبد الفاجر إذا كان في إدبار من الدنيا وإقبال على الآخرة نظر إلى ما أعده الله له فكره لقاء الله فكره الله لقاءه ) .

انتهي الدرس الخامس
* *

أبي إسحاق المدني
2010-07-18, 09:39 PM
بارك الله فيكم الأخت الكريمة أم محمد على هذا المجهود ونسأل الله أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم

أم محمد الظن
2010-07-29, 12:54 PM
[6]الحديث عن علم مصطلح الحديث .
______________________________ ___
فقد ذكرت في مرة سابقة عندما أكون في المسجد وأدرس مثل هذا الكتاب فإنني من مواجهتي للناس إن كانوا يفهمون أم لا ، وقد استفهمت وقلت آنذاك أنا لا أدري إن كنتم تفهمون كلامي أو أنه أتى ثمرته أم لا ، ولا أدري ما هي الوسيلة التي أعلم بها إن كنت قد وفقت في عرض المادة أم لا ؟ .
وفي الأسبوع الماضي جاءتني عشرات الرسائل ومئات المكالمات كلها تثني على هذا الدرس وطريقة الطرح ، لا سيما في علم الحديث الجامد الذي تولينا فيه شرح بعض علوم الحديث مما زاد من اغتباطي وفرحتي بفهم الناس لهذا العلم الجديد ، وفي كل مرة إن شاء الله تعالى أعيد شيئًا يتعلق بالأصول ، علم الحديث وعلم أصول الفقه وطبعًا محل علم الحديث أنما يكون من خلال الإسناد علي الطريقة التي درجنا عليها وأذكر بها إن شاء الله اليوم وفي كل مرة حتى يستوعبها من يسمعها .
طريقتي في الشرح:-
أولاً: أقرأ نص الحديث سندًا ومتنًا قراءة صحيحة .
ثانيًا: ننظر في علاقة الترجمة بالحديث وهل الترجمة مناسبة للحديث أم لا ؟
والمناسبة إما أن تكون جلية وإما أن تكون خفية
جلية(لا خفاء فيها) كهذا الحديث الذي نشرحه الآن حديث بن عباس_ رضي الله عنهما_لأن البخاري رحمه الله بوب عليه بقوله (باب ما جاء في الصحة والفراغ).
ومتن الحديث كلام النبي _عليه الصلاة والسلام_: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) فتكون الترجمة مناسبة وجلية كأن البخاري ترجم بنص الحديث جعل الترجمة هي الحديث .
خفية: مثل الحديث الذي ذكرناه في المرة السابقة في باب المنديل ، أن ميمونة _رضي الله عنها_أعطت النبي _ﷺ _منديلاً أو خرقة أو ما يشبه في زماننا هذا الفوطة حتى ينشف بها بعد الوضوء فردها وجعل ينفض بيديه.
فهذا الباب عندما نقول( باب المنديل )ونذكر مثل هذا الحديث لا ندري ماذا يريد الإمام؟_ رحمة الله عليه _من هذا الحديث ، يريد أن يتنشف أم لا يريد ألا يتنشف .
فلو كان يريد ألا يتنشف لكانت الترجمة خفية ، لأنه كما قلنا في المرة الماضية لولا أن ميمونة _رضي الله عنها_ رأت النبي _صلي الله عليه وسلم _يتنشف ما دفعت إليه المنديل ، لكن يكون غالب أمره_ ﷺ_ لا يتنشف إنما ينفض يديه للعلة الذي ذكرناها في المرة الماضية وهي أن الذنوب تسقط مع قطر الماء أو مع آخر قطر الماء كما جاء في الحديث
ثالثًا: أن ننظر هل الإمام البخاري ذكر هذا الحديث في مواضع من صحيحة أم لا ؟ فإذا كان ذكرها في مواضع على عادة البخاري أنه قد يذكر الحديث الواحد في عدة مواضع لأنه يلتمس الفقه الذي فيه فإن كان البخاري ذكر الحديث في عدة مواضع نذكر المواضع كلها ونذكر تبويب البخاري على هذه المواضع ، فإذا كان لم يكرر الحديث ننبه أنه لم يكرر الحديث مثل حديث بن عباس الذي نشرحه الآن .
( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) لم يذكره البخاري _رحمه الله إلا في هذا الموضع من صحيحه .
رابعاً :ثم بعد ذلك ننظر هل أخرج هذا الحديث أحد غير الإمام البخاري أم لا ، فإن كان أحد خرج الحديث غير البخاري لا سيما الإمام مسلم نذكر مواضع الحديث في كتب السنة الأخرى وطبعًا لن نستقصي في المسألة إنما سنذكر على الأقل الكتب الستة ومسند الإمام أحمد ونضم إلى هذه الكتب صحيح بن خزيمة وصحيح بن حبان والمستدرك الحاكم وإذا كان الدار قطني والبيهقي وسنحاول بالقدر المستطاع ألا نطيل في مسألة التخريج ، إلا لو كان أحد ا المخرجين ذكر زيادة على المتن الذي ذكره البخاري _رحمه الله_ وكان يتعلق بالزيادة معني ، فهذه سننبه عليها ونقول الزيادة زادها فلان وإسنادها صحيح أم لا .
خامساً :ثم بعد ذلك نذكر شيئًا من علم الحديث قواعد المصطلح من خلال السند لأن هذا هو المحضن الطبيعي لعلوم الحديث الإسناد ، وعلم الحديث كله إنما وضع لتصحيح الإسناد وتضعيفه ومن ثم يقبل المتن أو يرد .
النافذة الوحيدة لنا لنتكلم عن علم الحديث الذي أنا مغتبط شديد الاغتباط أنه دخل قلوب الجماهير وسيزيد ونحن لا نزال على شاطئ البحر إنما إذا دخلت وأحسنت السباحة فهذا موضوع أخر .
سادساً :ثم بعد ذلك نذكر المتن أي كلام النبي_ صلي الله عليه وسلم _أو كلام الصحابي أو كلام التابعي على حسب ما يذكر الإمام البخاري ونذكر المعاني الذي اشتمل عليها هذا الكلام والمتن هو المحضن الطبيعي لعلم أصول الفقه أيضًا ، لأن علم أصول الفقه هو الذي يسدد لك الفهم ، وهؤلاء الذين يتخبطون عشوائيًا ويعملون كل شيء ، ويتكلمون على الأحاديث بجهل ويقولون هذا مردود وهذا مكذوب وغير ذلك .العلة التي عندهم لم يدرسوا .
ديننا دين محكم متين كل شيء مربوط بقواعد ، وسنبين هذه القواعد ونبين كيف استللنا هذه الفائدة ، وعلى أي قاعدة بنيناها ، ونحاول بالقدر المستطاع ألا نكثر من ذكر القواعد حتى لا يمل المستمع .
لكنهم طلبوا مني طلبًا لا أدري كيف أوفيه وهو أن أتحدث عن تاريخ الحديث وكيف بدأ هذا العلم الجليل وكيف يمكن أن يصل المرء إلى مراتب في هذا العلم ، فأنا أقول أن هذا الموضوع يحتاج إلى حلقات مفردة ، وأنا لا أريد أن أخرج عن موضوع الكتاب لأن الكتاب طويل وحتى لا يطول الأمر بنا .
لكن أنا بدا لي أن أسلك خطة وسطًا وهي أن أوزع الكلام على تاريخ الحديث إذا جاءت مناسبة من خلال الإسناد ، ولأبين الجهد الكبير الذي بذله علماء الحديث
مارجوليوس وعلم الحديث.
لدرجة أن أحد المستشرقين المحترقين على الإسلام وأهله وهو مارجوليوس قال: ليفخر المسلمون بعلم حديثهم فإننا لا نعلم في الدنيا كلها أمة وفقت إلى ضبط كلام نبيها أو كلام أي إنسان كما وفقت هذه الأمة التي سددها الله تبارك وتعالي وابتكرت هذا العلم الجليل .
قال الذهبي رحمه الله عن علم الحدبث
[ لولا أصحاب المحابر لخطبت الزنادقة على المنابر ] .
وقال الإمام المبارك عبد الله بن المبارك [ لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ] .
فالإسناد هو الذي يفضح القائل ، سمي لنا من أي جهة أخذت هذا الكلام ونفحص هذه الجهة وننظر إذا كانت هذه الجهة ثقة أم لا ؟ لأن الأخبار يدخلها الصدق والكذب بخلاف الإنشاء, كيف تعرف أنه صدق ؟ إذا كان الذي أخبرك به من الصادقين ،
نضع هنا قاعدة : :من الأصل ومن الفرع ؟ عندنا راوي وعندنا رواية واحد قال لك كلام ، من الأصل ؟ هذا الإنسان المتكلم ولا الكلام ؟ بالطبع الأصل المتكلم ، فالراوي هو الأصل والكلام أو الرواية هي الفرع .
أنا لا أنظر في الفرع إلا إذا نظرت إلى الأصل ، فلا أنظر إلى الكلام ولا إلى الرواية إلا إذا نظرت إلى المتكلم ، هذا المتكلم جدير بأن يستحوذ على تصديقي إياه أم سأطرح كلامه .
فلذلك نشأ علم كبير جليل اسمه علم الجرح والتعديل ، فهؤلاء العلماء الكبار الذين رحلوا إلى سائر الأقطار وباعوا الحمار والدار واستدانوا وأجر بعضهم نفسه مع نبله ومكانه عند بعض الجمالين والحمالين كأبي حاتم الرازي .
الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: لأجل أن يشتري الورق كان يرهن بعض أساس المنزل ، ولأجل أن يشتري الدقيق كان يرهن بعض ما يملك مع جلالة أحمد ، البقال الذي أعطى له أحمد بن حنبل الدلو كرهن نحن لا نعرف من هذا البقال مات يوم مات وبقي أحمد بن حنبل رحمه الله اسمه يسير كالشمس عبر القرون ، أتى إلينا اسمه زكيًا كسائر علماء الملة رحمة اله عليهم أجمعين .
فعلماء الحديث بذلوا جهودًا جبارة في ضبط هذا العلم :
وأنا ليس هناك مجال لأتكلم لكنني وأنا أفتش ماذا أقول لأبين الجهد الذي بذله علماء الحديث في تقريب هذا العلم وتهذيبه وضبطه فتذكرت منظومة لأحد علماء الحديث قرب بها هذا العلم ، لأن هذا العلم العلماء كتبوه نثرًا ونظموه شعرًا ، فمنهم من نظم ومنهم من اختصر ومنهم من اعترض ومنهم من انتصر ، كل هذا العلماء يعترضوا علي بعض لتحرير المادة العلمية .
كل هذا جيد لكن أن يتفنن بعض علماء الحديث في عرض المادة العلمية الجافة عن طريق قصيدة غزلية فهذا هو عجب العجاب ، علم جامد يسبقه في قصيدة غزليه لرجل محب أرسل رسالة إلى حبيبه يتوجع من ألم الفراق ، ويبين له أنه على العهد في المحبة وأنه مشتاق إليه بل إنه يهيم به .
هل يخطر على بال أحد أن يسبك العلم الجامد علم الحديث المقصود بالعلم الجامد علم الآلة في قصيدة غزلية وبأرق لفظ يكون ، وقد رأيت في هذه المرة أن أتحفكم بهذه القصيدة الغزلية التي ذكر فيها هذا العالم عناوين علم الحديث ولم يدخل في القواعد ، إنما ذكر العناوين .
وهذا العالم هو أحد مشايخ الإمام الذهبي وهو معروف بابن فرح الأشبيلي الأندلسي ، وأنا سأذكر لكم القصيدة وأبين لكم مواضع علم الحديث فيها لتعرف كيف وفق هذا العالم ولانت له الألفاظ كأنها عجينة ، استطاع أن يصرفها كما يحب ، فيقول هذا المشتاق المحب يتكلم مع حبيبه فيقول:
يقول ابن فرح الأشبيلي الأندلسي:

غرامي صحيحٌ والرجا فيكَ مُعضَلُ
ودمعي وحزني مرسلٌ ومسلسلُ
ووجدي فيك يشهد القلبُ أنــهُ
ضعيفٌٌٌ وموضوعٌ وذليَ أجمـلُ
ولا حَسنٌٌٌ إلا استماعُ حَدِيثُكُمُ
مشافهةً يُمليَ عليَ فأنقــــلُ
وأمريَ موقوفٌ عليكَ وليس لـي
علي أحدٍ إلا عليكَ المُعًوَلُ
ولو كان أمريَ مرفوعًا إليك لكنتَ
لي على رغم عُزَالي تَرِقُ وتعدِلُ
وعزل عزولي منكرٌ لا أُسِيغُهُ
وزورٌ وتدليسٌ يُردُ ويُهملُ
أُقضي زماني فيكَ متصلَ الأسيَ
ومنقطعًا عما به أتوصـــلُ
وها أنا في أكفانِ هجركَ مدرجٌ
تُكَلِفُني ما لا أُطِيقُ فأحمِلَُ
وأجريتُ دمعيَ بالدماءِ مُدَبجًـاً
وما هي إلا مُهجتي تتحلـــلُ
فمُتَفِقٌ جفني وسُهدي وعبرتـي
ومفترقٌ صبري وقلبي المبَلبلُ
ومؤتلفٌ وجدي وشجوي ولوعتي
ومختلفٌ حظي وما فيك آمُــلُ
خذ الوجدَ عني مسندًا ومُعَنعناً
فغيري بموضوعِ الهوى يتجملُ
وذي نُبَذٌ من مبهمِ الحب فاعتبر ً
وغامِضُهُ إن رُمتَ شرحًا مُطولُ
غريبٌ يقاسي البعدَ عنكَ ومالَهُ
ورَبِكَ عن دارِ القِلى مُتَحَوَلُ
عزيزٌ بكم صبٌ ذليلٌ لِعِزِكُم
ومشهورُ أوصافُ المُحبِ التذلـلُ
فرفقًا بمقطوعِ الوسائلِ مَالَهُ
إليك سبيلُ لا ولا عنكَ مَعدِلُ
قلا زلتَ في عزٍِ منيعٍ ورفعةٍ
ولازلتَ تعلو بالتجني فأنزِلُ
أوري بُسُعدَيَ والرباب وزينبَ
وأنت الذي تُعنيَ وأنتَ المُؤَمَلُ
فخذ أولاً من أخرٍثم أولــاً
من النصفِ منه فهو فيه مُكَمِلُ
أَبَرُ إذا أقسمتُ أني بحبــهِ
أهيمُ وقلبي بالصبابةِ مُشعَلُ

هذه قصيدة من عشرين بيتًا كما ترى في أرق لفظ يكون ولا يشعر المستمع أو القارئ أن فيها علم أو أن فيها كلام جامد ، فانظر إلى موهبة هذا العالم وكيف أنه تحايل في تقريب هذا العلم بكل ممكن فانظر أين علم الحديث في هذه القصيدة كلها .
فالذي قصده هذا العالم أن يذكر عناوين الأبحاث الحديثية ، صحيح ، ضعيف ، منقطع مرسل شاذ ، معل ، معضل ، معلق ، مدلس ، فهذه كلها عناوين وتحت كل عنوان من هذه العناوين فيه علم ، فيه قواعد
وأنك إذا أحببت هذه القصة تذهب إلى كتب مصطلح الحديث وتدرس الحديث فيقول:

غرامي صحيحٌ والرجا فيك مُعضَلُ ودمعي وحزني مرسلٌ ومسلسلٌ

غرامي( صحيحٌ ) إشارة إلى الحديث الصحيح .
والرجا فيك( مُعضَلُ) إشارة إلى الحديث المعضل .
ودمعي وحزني ( مرسلٌ ) ، إشارة إلى الحديث المرسل .
( ومسلسلُ) الحديث المسلسل .

ووجدي فيك يشهد القلبُ أنــهُ ضعيفٌٌٌ وموضوعٌ وذليَ أجمـلُ

( ضعيفٌ ) الحديث الضعيف ( ومتروك ) هذا الحديث المتروك ،

ولا حسنٌٌٌ إلا استماع حديثكــم
مشافهةً يُملى علي فأنقــــلُ

ولا( حسنٌ ) هذا الحديث الحسن .
إلا استماع حديثكــم ( مشافهةً ) هذه المشافهة ، كما أكلمك الآن فأنا الآن أشافهك .
(يُملى) علي فأنقل هذا الإملاء وهناك سنة تسمى الإملاء عند المحدثين

وأمريَ موقوفٌ عليك وليس لـي علي أحد إلا عليكَ المعـــولُ

وأمري( موقوفٌ) هذا الحديث الموقوف أي كلام الصحابي .

ولو كان مرفوعًا إليك لكنت لي على رغم عزالي ترق وتعذلُ

ولو كان ( مرفوعًا) وهذا الحديث المرفوع وهو ما يعزى إلى النبي _ﷺ_ من قول أو فعل أو تقرير ، .

وعزل عزولي منكرٌ لا أسيغُهُ وزورٌ وتدليسٌ يردُ ويُهملُ

( منكرٌ) هذا الحديث المنكر ، ( وتدليسٌ) هذا الحديث المدلس (ويُهملُ وهذا المهمل ، وسيأتي المهمل بعد ذلك .

أقضي زماني فيكَ متصلَ الأسى ومنقطعًا عما به أتوصـــلُ

( متصلٌ ) وهذا الحديث المتصل ، و( منقطعًا ) وهذا الحديث المنقطع

وها أنا في أكفانِ هجركَ مدرجٌ تكلفني ما لا أطِيقُ فأحمِلَُ

( مدرجٌ ) هذا الحديث المدرج ، الكلام الذي يضيفه الراوي على الحديث من جهة التفسير .

وأجريتُ دمعيَ بالدماءِ مُدَبجًـاً وما هي إلا مهجتي تتحلـــلُ

وأجريت دمعي بالدماء ( مدبجًـا ) فهناك ما يسمى بالحديث المدبج ورواية الأقران .

فمُتَفِقٌ جفني وسُهدي وعبرتـي ومفترقٌ صبري وقلبي المبَلبلُ

فـ ( متفقٌ ) جفني وسهدي وعبرتـي و( مفترق ) صدري وقلبي المبلبل ، المتفق والمفترق والبيت الذي بعد المؤتلف والمختلف

ومؤتلفٌ وجدي وشجوي ولوعتي ومختلفٌ حظي وما فيك آمــلُ

و( مؤتلفٌ) وجدي وشجوي ولوعتي و( مختلفٌ ) حظي وما فيك آمــل

خذ الوجدَ عني مسندًا ومُعَنعناً فغيري بموضوعِ الهوى يتحللُ.

خذ الوجد عني (مسندًا ومُعَنعناً ) هذا الحديث المسند والحديث المعنعن الذي هو عن فلان عن فلان عن فلان ، .

وذي نُبَذٌ من مبهمِ الحب فاعتبر وغامِضُهُ رُمتَ شرحًا مُطولُ

وذي نبذ من ( مبهمِ) الحديث المبهم الذي فيه راوى مبهم .

غريبٌ يقاسي البعدَ عنكَ ومالَهُ وحقِكَ عن دارِ القِلى مُتَحَوَلُ

( غريبٌ ) هذا الحديث الغريب .

عزيزٌ بكم صبٌ ذليلٌ لِعِزِكُم ومشهور أوصاف المحب التذلـلُ

( عزيزٌ) الحديث العزيز . ( ومشهور) الحديث المشهور

فرفقًا بمقطوعِ الوسائلِ مَالَهُ إليك سبيلُ لا ولا عنكَ مَعدِلُ

فرفقًا بـ( مقطوعِ ) هذا الحديث المقطوع وهو ما قاله التابعي .
هكذا هو قد انتهي من ألقاب الحديث ولكنه عمل لنا مفاجأة في الأخر أنه ذكر اسم من يحب لكنه فرقه وجعله بطريقة ألغاز ، فأنت أنظر اسم من يحبه في هذه الأبيات فهو يقول:

أوري بُسُعدَيَ والربابِ وزينبََ وأنت الذي تُعنيَ وأنتَ المُؤَمَلُ

وقد انتهى بذلك ولكنه أراد أن يجعلك كيف تعرف أن تعثر على اسم حبيبه في هذه الأبيات ، فيقول:

فخذ أولاً من أخرٍثم أولــاً من النصفِ منه فهو فيه مُكَمِلُ

( فخذ أولاً ) البيت الذي سيأتي بعد هذا من أخر ثم أولــاً ، من النصف منه فهو فيه مكمل

أَبرُ إذا أقسمت أني بحبــه أهيمُ وقلبي بالصبابةِ مُشعَلُ


أَبَرُ) اسم حبيبه في أول البيت أول الشطر الأول وتكملته في أول الشطر الثاني ( أهيمُ ) فيكون اسمه إبراهيم .

أَبَرُ إذا أقسمت أني بحبــه أهيمُ وقلبي بالصبابةِ مشعــل

علم الحديث علم مر لا يصبر عليه إلا الأحرار وهو كأي علم في الشريعة ولكن علم الحديث له إشكالية ، هذه الإشكالية ربما لا توجد في سائر العلوم
وهي أي تاجر عندما يكون له رأس مال كبير ، ورأس المال هذا موزع في مائة مشروع فمن أجل أن يراقب رأس المال في هذه المشاريع المتعددة يتعب كثيرًا جدًا ، ثم يستعين بإدارة قوية وكبيرة لأجل أن يلاحق رأس المال في مائة مشروع ، على خلاف أن يضع رأس المال وإن كان كبيرًا في مشروعين أو ثلاثة أو أربعة فيقدر أن يُتابع رأس المال .
رأس مال المحدث هو الأسانيد :
هذه الأسانيد لا أبالغ أن قلت أن لها مئات الألوف ، لاسيما الأجزاء الحديثية وكتب التواريخ والمعاجم والمشيخات ، كل هذه عبارة عن أسانيد .
إذا أردت أن تنظر في أي حديث من الأحاديث وتحتاج أن تعرف أهو صحيح أم لا:
تجمع كل الأسانيد التي روي بها هذا الحديث وتسلط الأسانيد بعضها على بعض وترى المتابعات والمخالفات والزيادات والنواقص في المتون والأسانيد وغير ذلك وتعمل عملية موازنات وترى الرواة من خالف من ، ومن تابع من ومن انفرد قصة كبيرة .
فأنا إذا أردت أن أحكم على حديث واحد ومطلوب مني أجمع الأحاديث بقدر ما أستطيع ، فإذا افترضنا أن الكتب المطبوعة مثلاً أربعين ألف كتاب مسند ، فلنجعل هذا الحديث موجود في عشرة ألاف كتاب ، فيكون مطلوب أن يكون عندك عشرة ألاف كتاب ويكون عندك فهارس لهذه العشرة ألاف كتاب ، لأنه ليس من الممكن أنك تقرأ الكتاب ورقة ورقة لترى هل الحديث موجود في كل جزء أم لا ، وإلا بذلك يضيع العمر ، فلابد أن يكون هناك فهارس ، وهذه الفهارس تعرف كيف تتعامل مع الكتاب .
بعدما صار عندك العشرة ألاف وجمعت الحديث من كل هذه الكتب تبدأ ترتب أسانيد الحديث كلها وترى من تابع من ومن خالف من وترى المتن إذا كان هناك راوي زاد كلمة ، وهذا الراوي ثقة أم غير ثقة ، نقبل الكلمة منه أم نردها عليه ، بعد هذه القصة كلها تكتب كلمة واحدة إسناده صحيح ، إسناده ضعيف ، ممكن تغيب خمسة عشر يومًا تبحث في أسانيد حديث .
عندما يكون رأس مال المحدث هو الإسناد وهو موزع في مئات الألوف أو عشرات الألوف من الكتب ، فانظر إلى الذل الذي يعانيه من يتعاطى علم الحديث حتى يصل في الأخر إلى أن يقول إسناده صحيح فأنت بمنتهى البساطة تعتقد أن إسناده صحيح أنه يجلس ويشرب الشاي ويضع قدم على الأخرى وأن المسألة مسألة ذوق وغير ذلك وأنا لست مقتنع بهذا الحديث ، هذا لا يعجبني ، وهذا شكله غير طيب ، ويقول نكتب ونرفع قضايا نريد أن ننقي البخاري ومسلم من الأحاديث والباطلة والموضوعة وغير ذلك ، وهؤلاء جميعهم لا يستطيعون فك الخط ، فهذا هو عجب العجاب وقل ما شئت من ألفاظ العجب .
علم الحديث علم جليل وممتع ولكنه لا يذل إلا لمحب من شعر رأسه إلى أخمص قدمه: ولا يستكثر أي جهد يبذله .
وكما قلت هذا العلم انفردت به أمة جليلة وهذا دليل على عظمتها وأنها أمة لن تموت: ، يفعل أعداؤنا ما يريدون فيها ، لكن ما بقي هذا العلم والعلوم الأخرى ، علوم الآلات ، مثل علم أصول الفقه ، وعلم أصول العربية وهذه العلوم التي يضبط بها دين الله تبارك وتعالي .
وبقي لهذه العلوم حراس يقفون على الرصد ولا يسمحون لأي متلاعب أن يتلاعب بهذه الأصول ويردون عليه ردًا قويًا مفحمًا ما بقي حراس الحدود على هذه العلوم فإن هذه الأمة ستظل هي خير الأمم وهي كذلك ولا يغرنكم فترات الضعف التي تمر بها هذه الأمة الجليلة فإنها أمة لا تموت .
مراجعة لماسبق في الحلقة الماضية:
ذكرنا في المرة الماضية ما يتعلق بعلم الحديث ذكرنا الإسناد ، معنى الإسناد وأنا اذكر في كل حلقة ما يتعلق بعلم الآلة لأن المعاني التي ذكرتها لا أكررها ثانية ، لكن أكرر القواعد لماذا ؟ لأنه كلما جاءت القاعدة أكررها حتى على سبيل الاختصار ، ممكن القاعدة عندما أذكرها لأول مرة أطول قليلًا حتى تستطيع أن تفهم معي ، وعندما أريد أن أعيدها في المرة الثانية ٍسأذكر كلمة ونصف حتى لا أطيل ولكن تذكرك بالقاعدة .
ولا نزال نذكر في كل مرة بالقاعدة حتى تحفظ العلم حتى ولو لم تنظر في الكتاب ، ونحن ذكرنا في المرة الماضية ما معني الإسناد ، وقلنا أن
الإسناد له معاني وأنا اخترت منها( أن كل راو يسند عهدة ما سمع إلى من فوقه ).
من الذي حدثك ؟ فلان ، وأنت من الذي حدثك ؟ فلان ، البخاري رحمه الله يقول: حدثنا المكي بن إبراهيم عندما أسأل الإمام البخاري وأقول له حديث ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ) من الذي حدثك ؟ من أين أتيت به؟ ، فيقول أنا ما أتيت به من عند نفسي إنما حدثني المكي بن إبراهيم وأنا أقول لإبراهيم من الذي حدثك ؟ أم أتيت به من رأسك ؟ فيقول لا حدثني عبدا لله بن سعيد ، وأنت من حدثك قال حدثني أبي سعيد بن أبي هند وأنت سمعت مِن مَن ؟ قال حدثني بن عباس .
فالإسناد: عبارة عن أن يرفع كل رجل الكلام إلى من فوقه حتى يصل الكلام إلى منتهاه ، سواء كان منتهاه الرسول صلي الله عليه وسلم أو كان الصحابي أو كان التابعي أو ما دون التابعي ، والإسناد أيضًا أضيف شيء وسيكون سهل عليكم جدًا .
الإسناد معناه ، الإسناد عليه الاعتماد ، أي كلام مهما كان جليلاً وجميلاً لا يقبل نسبته إلى قائله إلا إذا صح الإسناد ، فيكون العمدة على الإسناد الأول ، عندما تقول فلان سندي ، فما معني سندي ؟ هذا المسند الذي ارتكن عليه أليس اسمه مسند ، وأنا أعتمد عليه ومركون عليه .
فهذا الإسناد أحد معانيه أن عليه الاعتماد :
وقلنا في المرة الماضية الإسناد له طرفان :،
الطرف الأول: من عند البخاري.
الطرف الأخير: عند بن عباس .
عندما نقول أول الإسناد وأخره فأول الإسناد من عند البخاري وإياك أن تخطيء وتقول أول الإسناد عند بن عباس .
خذها قاعدة آخر الإسناد أو أعلى الإسناد من عند الصحابي فيكون الطرف الثاني أوله إذا كان الصحابي آخر واحد في الإسناد فيكون أوله من عند الإمام البخاري ، فدائما أول الإسناد من تحت وأخر الإسناد من فوق .
فالإسناد: أن يسند كل إنسان كلامه إلى قائله وشيخه يسنده إلى قائله ويظلوا يصعدوا إلى أعلى حتى يصلوا إلى الصحابي ، فيكون معني الإسناد الارتفاع وهذا معني الإسناد الذي ذكرناه في المرة الماضية .
ثم قلنا الحديث المعلق: وقلنا أن الحديث المعلق هو ما حذف من مبدأ إسناده راوي ، ونحن قلنا أن بداية الإسناد من أين ، وإياك أن تخطيء وتقول من فوق من عند الصحابي ، أول الإسناد من تحت .
وأنا أريد أن أمثل لكم الحديث المعلق ، نحن قلنا المرة السابقة أن أي إسناد في الدنيا له طرفان ، الطرف الأول الذي هو أول الإسناد من عند الإمام البخاري ، وأخر طرف في الإسناد الصحابي ، ولو قلنا هذه المسافة كلها نقسمها إلى مسافة زمنية البخاري من هنا عند أصبعي هذا ثم إلى هنا المكي بن إبراهيم ثم هنا عبد الله بن سعيد ثم هنا سعيد بن أبي هند ثم هنا بن عباس
فأنا الآن لما أحذف راوي من أول الإسناد أحذف من بن عباس ؟ وإياك أن تقول بن عباس ، لأن بن عباس أين ؟ بن عباس فوق ، ونحن نشترط في الحديث المعلق أن يكون الحذف من أول الإسناد فنحذف شيخ البخاري ، ولو حذفنا شيخ البخاري وحذفنا مسافته التي قدرناها فيكون الإسناد هكذا معلق ، لأننا حذفنا أول راوي من رواة البخاري
نعملها على اللوحة ، أنظر عندنا الإمام البخاري ، عندنا الإمام الدارمي ، عندنا أحمد بن حنبل ، كل هؤلاء رووا الحديث عن نفس الشيخ المكي بن إبراهيم بنفس الإسناد وأنت طالع ، فسنقول الإمام الدارمي هذا أول الإسناد طرف الإسناد ، وأنا أريد أن أعلق الإسناد فماذا نعمل ؟ نحذف المكي بن إبراهيم .
الحديث المعلق قلنا ما حذف من مبدأ إسناده راوٍ وهذا رقم واحد أو أكثر فيكون اثنين أو ثلاثة بشرط على التوالي ، أن يكوموا وراء بعض
فهذا الحديث الآن صار معلقًا أم لا ، نعم معلق ، لماذا ؟ حذف الراوي الدارمي هذا طرف الإسناد وهذا أول الإسناد ، حذفناه ، عبد الله بن سعيد هذا ، الدارمي هل أدرك عبد الله بن سعيد ؟ لا ، لم يدرك عبد الله بن سعيد ، فماذا يقول الدارمي ، سيقول أخبرنا ، لا يستطيع أن يقول أخبرنا لأنه لم يسمع منه ، إنما سيقول (عن) فهذا معلق .
فإذا محونا هذا أيضًا عبد الله بن سعيد فنكون حذفنا اثنين من الرواة فكل هذا معلق أم لا ؟ معلق ، ثم حذفنا ذلك ، ما يقي من الإسناد إلا بن عباس رضي الله عنه ، ولو حتى حذف بن عباس فماذا يقول الدارمي ، سيقول قال رسول الله_ ﷺ .
نحن الآن لما واحد منا يقول قال رسول الله ﷺ _صورة هذا الحديث أنه معلق ، حذفنا الإسناد كله ، أنت يمكن أن تحذف الإسناد كله لكن بشرط أن يكون على التوالي ، لكن إذا لم يكون على التوالي فيأخذ أسماء أخري.
مثل أحمد بن حنبل إذا قال حدثنا المكي بن إبراهيم ثم حذف هذا ، لو البخاري قال حدثنا المكي بن إبراهيم فهذا اسمه إسناد معلق ثم حذفنا سعيد بن أبي هند وتركنا عبد الله بن سعيد ، فهل هذا اسمه معلق ؟ لا طبعًا هذا ليس معلق ، أخذ اسم أخر اسمه منقطع ،.

أم محمد الظن
2010-07-29, 12:54 PM
لأننا اشترطنا في الحديث المعلق شرطين:-
الشرط الأول: أن يكون الحذف من أول الإسناد.
الشرط الثاني: أن يكون على التوالي .
إذا لم يكون على التوالي مثل ذلك لا يسمى معلقًا .
الحديث المعلق :هو: ماحذف من أول إسناده وقلنا أن أول إسناده من تحت وليس من فوق ليس من عند الصحابي ، من أول إسناده أن يحذف راوي أو اثنين أو ثلاثة بشرط أن يكون الحذف على التوالي.
وأخذنا الحديث العالي والنازل الذي هو عدم الوسائط وحتى لا تكون الحلقة كلها في علم الحديث وأنا لا أريد أن أخوض ، لكن أنا قلت كلامًا مجملاً استشكله بعض الذين اتصلوا فمعذرة هذه أخر حاجة أقولها في علم الحديث ثم ندخل على متن الحديث .
أنا قلت هنا على اللوحة الإمام البخاري لما قال هنا حدثنا المكي بن إبراهيم عبد الله بن سعيد ثم عن أبيه عن بن عباس ، كم واحد بين البخاري وبين الرسول ، هذا واحد ، اثنين ، ثلاثة ، أربعة ، فهذا يسمى إسناد رباعي عند البخاري .
والبخاري هنا بعد ما روى هذا الحديث بهذا الإسناد المتصل قال وقال عباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا صفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد عن سعيد بن أبي هند قال سمعت بن عباس ، قال هنا عن بن عباس ، وقال هنا سمعت بن عباس ، وأنا قلت في هذا الكلام كلم طويل جدًا وبحث كبير ، مسألة السماع وعدمه .
وأنا أريد أن أوضح هذه القصة بمثال بسيط نفهمه كلنا ،.
هل المعاصرة تقتضي السماع ؟
أنا وأنت الآن متعاصرين أم أنا من قرن وأنت من قرن ؟ نحن متعاصرين ونعيش في عصر واحد وممكن أن نكون في بلد واحد ، هل معنى أننا الاثنين في بلد واحد أننا لابد أن نكون التقينا ؟ لأ طبعًا ، فضلاً على أن يكون أنا من بلد وصاحبي الأخر من بلد أخرى .
سُكنى البلد الواحد لاسيما إذا كان متسعًا مثل القاهرة ، هناك ناس من أهل الفنون سواء كان من علوم الشريعة أو كان في علوم الطب والهندسة والصيدلة وغير ذلك يعرفوا بعض فقط بالاسم لكن لم يلتقوا ولكن كل واحد يعرف الثاني ، هم متعاصرين في مكان واحد أم لا ؟
نعم متعاصرين ، هل التقوا ؟ لم يلتقوا ،.
لذلك المعاصرة لا تعني اللقاء:
وهذا الذي أردت أن أقوله ، واحد قال فلان عن فلان ، هل يلزم أن يكون قد سمع منه ؟ لا يلزم أن يكون سمع منه ،.
والإمام البخاري لأن عنده موضوع إثبات اللقاء وغير ذلك وأنه يلزم أن من يروي عن أحد أن يكون قابله ولو مرة في العمر فيقول أنا لا يكفيني أن يكون جميعًا في عصر واحد ، لأنه يمكن أن يكونوا في عصر واحد ولم يتقابلوا .
وطالما لم يتقابلوا فمن أين أخذ الحديث ومن أين سمعه ؟ لا بد أن هناك واسطة وقعت في المنتصف ، فمن هذه الواسطة ؟ الله أعلم ، ممكن أن يكون رجل صادق ، ممكن أن يكون رجل كاذب ، ممكن أن يكون أي حاجه ، وهذا حديث النبي عليه الصلاة والسلام وسنلزم الأمة بهذا الحديث ، وأنا لا أقدر أن ألزم الأمة كلها بخبر رجل مجهول أنا لا أعرف عنه شيء ، فلابد أن يكون الذي روى الحديث رجلاً صادقًا لكي ألزم الأمة كلها بالحديث .
والبخاري رحمة الله عليه كان سماء ، وليس كما يقول الجهلة أن البخاري كان رجلاً طيبًا ويقصدون مغفلاً لا يعرف كيف يختار ولا كيف يأتي بالحديث وغير ذلك ، لا ، شرطه كالمسمار في الساج ، شرط البخاري من أمتن الشروط أو هو أمتنها على الإطلاق .
لذلك البخاري أتى بالحديث الثاني ونزل درجة لأن الحديث هذا رباعي وحديث عباس العنبري عن صفوان هذا خماسي ، فكيف ينزل البخاري من رباعي إلى خماسي وهم جميعهم كانوا يحاولون أن يقربوا من النبي صلي الله عليه وسلم بتقليل عدد الوسائط والرواة .
إنما نزل ورضي أن ينزل من أجل أن يأتي بكلمة سمعت بن عباس وليثبت أن عبدالله بن سعيد بن أبي هند سمع هذا من بن عباس ، ونحن جعلنا الحلقة كلها حديث وأنا كنت وضعت في رأسي أن أتكلم كلمتين عن الحديث وحتى لا يهرب الناس سنتكلم شيئًا في متن هذا الحديث .
قال البخاري رحمه الله حدثنا المكي بن إبراهيم قال أخبرنا عبدالله بن سعيد أي بن أبي هند عن أبيه عن بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) زاد الدارمي وهو أحد مشايخ البخاري وروى هذا الحديث عن المكي بن إبراهيم فكأن البخاري وشيخه أقران في هذا الحديث ، زاد الدارمي في متن هذا الحديث لفظة ( نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ فزاد ( من نعم الله ) .
وهذا ترجمة لقوله تبارك وتعالي:﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53] فكل نعمة تأتينا فهي من الله تبارك وتعالى وهذا أتى إنما لتبيين المعني ولمعنى آخر كقول النبي عليه الصلاة والسلام ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) وهذا هو المتن المشهور عند الناس كلها وزاد مسلم ( من الخير ) ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير) .
فإذا قال واحد لماذا هذه الزيادة هل هناك من يتمنى الشر ؟ نعم هناك ناس تكره نفسها ، فيه ناس من أجل يوقع الضر بآخرين يضر نفسه فاشترط زيادة من الخير وربطها بالإيمان ، فالذي يكره نفسه وممكن يضر نفسه ، كالذين يشتكون ضرب واحد فجرحه وقبل أن يذهب المضروب إلى القسم لكي يشتكي فيأتي هو بمطواة ويضرب نفسه بها ويذهب ويبلغ ويشتكي ويقول ضربني بالمطواة ، هل هناك أحد في الدنيا يجرح نفسه .
وأنا أريد أن أقول أن هناك بعض الناس قد يتمني أن يقع الضر به ليقع بالآخرين ، لذلك جاءت( زيادة من الخير )، بعض الناس قد يقول أن هذا حشو كما نسمع هذه الأيام هذا حشو زائد لا يلزم ، لا ، لكنها تحتاج إلى متأمل ، فزاد الإمام الدارمي ( نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس
والغَبَنُ :بتحريك الباء يقع في الرأي والفكر الغَبنُ : هو الخسارة فالغَبنُ بتسكين الباء الخسارة في البيع والشراء ، أنك تشتري بأعلى من السعر وتبيع بأقل مما اشتريت به ، فأنت في هذه الحالة خسرت لما اشتريت وخسرت لما بعت فتكون الخسارة في الحالتين .
ورأس مال الإنسان نحن قلنا أنه العمر ، والحديث هنا أجراه النبي ﷺ على عادة ما يفهمه الناس ، ما الشيء المتصور عند الناس ، الشيء الحسي هو الشيء المتصور ونحن رأينا في الكتاب والسنة مثلاً في القرءان آيات حسية تبعتها آيات تدل على المعني لا اشتراكهما في معنى ما .
الإيمان بالشيء فرع عن تصوره:
لا تستطيع أن تؤمن ولا تصل إلى قناعة إلا إذا وقع هذا الشيء تحت حواسك وحدث لك تصور به وهذا معني الإيمان بالشيء فرع عن تصوره ، وما الشيء الذي أنت متصوره ؟ المكسب والخسارة في البيع والشراء لأنك مارست هذا بنفسك وذقت حلاوة الربح وذقت مرارة الخسران ، لما ننقل هذا الشيء للمحسوس للملموس إلى المعاني يحدث لك تصور بالمعني ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول( نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس ) والغبن لا يكون إلا في البيع والشراء ، الصحة والفراغ فيحدث لك تصور في الغبن في الصحة والفراغ لأن عندك تصور حقيقي في أصل البيع والشراء .
أنظر مثلاً إلى قول الله تبارك وتعالي:( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) [ النحل:8] فهذا شيء محسوس نركب الخيل والبغال ونحمل عليها الأثقال التي لا نستطيع أن نحملها على أكتافنا ، فهذا شيء محسوس ملموس ، وبعد ذلك مباشرة أشار الله عز وجل إلى طرق الإيمان والكفر وهذه معنوية وليست عرضًا ، أي ليس لها جسم وهذا معني العرض شيء تستطيع أن تمسكه .
بعد أن قال ربنا عز وجل ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) قال:( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) (النحل:9).
فأعقب الطرق الحسية بطري ق معنوية حتى يحد ث لك دورًا من التصور للطريق المعنوي ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) قصد السبيل: أي يقيمك على طريق الهدى والإيمان ومن هذه الطرق جائر ، جائر عن الحق ، جائر عن الخير كما قال تعالى:﴿ وهديناه النجدين ﴾ [البلد: 10] ، النجدان طريقا الخير والشر .
فجاء ذكر طريق الإيمان والخير بعد ذكر الطرق الحسية وكما قال تعالى:
( وَتَزَوَّدُوا) هذا هو الشيء الحسي وأنت تذهب إلى الحج أو مسافر إلى أي سفر لابد أن تتزود وأن تأخذ معك زاد ولا تكن كما قال الأولون الذين نزلت الآية لأجل التنبيه على خطأ فعلهم أنهم مضوا بغير زاد وقالوا نحن المتوكلون ، التوكل لا ينافي أن نأخذ بالسبب ، لأن السبب جزء من التوكل لا ينفصل عنه .
كما خرج النبي من مكة إلى المدينة فلماذا اختبأ في الغار ؟ وكان يمكن أن يقول أنا متوكل على الله وأطلع هكذا ، لماذا اختبأ في الغار ؟ سبب وهذا جزء من التوكل .
فالإنسان إذا توكل ليس معناها أن يترك الأسباب ، لا ، قد يأخذ بالسبب ويكون متوكلاً فربنا تبارك وتعالى قال لهم ( وَتَزَوَّدُوا) وهذا هو الزاد الحسي ثم قال لهم ( فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ) ( البقرة:197) وهذا شيء معنوي ، التقوى شيء معنوي مثل ما أنت تتزود وتعرف أنك إذا مضيت بغير زاد هلكت كحديث أنس وهو في الصحيحين ولكن أذكر لفظ مسلم رحمة الله عن الجميع ، لأن فيه الشاهد الذي أريده عن النبي ﷺ قال:( لله أفرح بتوبة عبده
_ أي العاصي _ من أحدكم بأرض فلاة كان معه راحلة عليها طعامه وشرابه أي الزاد ، ثم نام هذا الرجل تحت شجرة استظل بها ونام واستيقظ من نومه لم يجد الراحلة فبحث عنها حتى يأس منها ، فلم يأس منها قال هذا هو الموت محقق .
واحد في صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء ولا إنس ولا جن لولا يرى شيئًا سيموت ، ليس معه زاد ، فأيقن بالهلاك فقال أرجع إلى مكاني وأموت فلما رجع إلى مكانه الأول تحت الشجرة فإذا به يجد راحلته وعليها طعامه وشرابه ، فمن شدة فرحته بنجاته من الهلاك حيث وجد الزاد ، أراد أن يشكر الله تبارك وتعالي فقال_( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ،) _قال صلي الله عليه وسلم ( أخطأ من شدة الفرح
انظر غلب عليه الفرح ، لماذا ؟ لأن عدم وجود الزاد معناه الهلاك المحقق فمن فرحته بنجاته غلط هذه الغلطة وهو معذور فيها لغلبة الفرح عليه .
إذن( وَتَزَوَّدُوا) هذه حاجة نحن جميعًا نعرفها ، ليس معه زاد سيموت في صحراء ، فلما تسمع ( فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ) تعلم أن نجاتك في الآخرة لا تكون إلا بالتقوى كما أن نجاتك في الدنيا لم تكن إلا بالزاد ، فيمكن أن يحصل لك تصور أم لا ؟ ممكن يحصل لك تصور وكذلك قول الله عز وجل ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ) [ الأعراف: 26] وهذا هو الشيء الحسي ، أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم فالإنسان يلبس الملابس حتى يواري عورته .
لأن العورة اسمها سوءة ، أي يسوء المرء أن ترى لذلك اسمها سوءة وربنا عز وجل يمتن على بني أدم أنه علمنا كيف ننسج ثيابنا وكيف وارينا سوءاتنا ، ولا يلزم أن تكون السوءة هي العورة ، ممكن الإنسان يكون عنده برص ، ممكن يكون عنده شيء منفر في جسمه ، إذا لبس ملابسه فقد ستر عيوبه عن الخلق ، وهذا حاجة نعرفها جميعًا ، ونقول أن الملابس تستر ما تعرفون .
الإنسان يتجمل للناس وقد لا يكون جميلاً وأنت إذا نظرت إلى جسمه تعطيه ظهرك لأنك لا نستطيع أن تنظر إليه ومع ذلك قد يلبس الثياب الجميلة الذي أنت أول ما تراه يخطف قلبك على الفور ، وأنت لا تعلم ما الذي تحت الملابس ، فها شيء أنت متصوره أم لا ؟ نعم أنت متصوره .
﴿ قَدْ أَنزلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ ، أتى بالمعني بعد هذا العرض بعد أن حصل لك تصور ، جاء بالتقوى لأنها هي التي تستر فضيحة المرء إذا لقي الله عز وجل يوم القيامة .
فكما أنك واريت عورتك عن الناس أو سوءاتك عمومًا عن الناس فاجتهد ألا تظهر سوءتك أمام ملايين البشر أو مليارات البشر في يوم الفضيحة الكبرى في يوم القيامة ، كيف يستتر الإنسان في هذه الدنيا عن الناس وهو يفعل المعصية والله عز وجل يراه فاستقل نظر الله عز وجل إليه وأقدم على المعصية ، وهو يعلم أنه مستتر ممن لا يملك له موتًا ولا حياة ولا نشورا ، وكيف أظهر سوءته لربه تبارك وتعالى .
يوم القيامة هذه السوءة التي أنت تسترها اليوم ستظهر ، يحشر الناس عرايا يوم القيامة كما في حديث عائشة رضي الله عنها ، ولذلك عائشة رضي الله عنها استغربت المسألة يحشر الرجال والنساء عرايا ، فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم يا عائشة لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ليس عنده قلب لا يرى كما قال تعالي:( وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ )[ الأعراف:198] ، ساعات تجد واحد ينظر بشدة لهدف من الأهداف في حائط في لمبة ، في أي شيء وسرحان ولا يري وأنت تأتي وتعمل له بيديك أمام عينيه لا يرى .
أين ذهبت عينه ؟ قلبه مشغول والقلب ملك البدن إذا انشغل القلب بالشيء بالكلية نزع قوة الجوارح يسحبها على طول ، لذلك لا تتعجبوا من الأثر الصحيح الذي حدث لعروة بن الزبير أحد الفقهاء السبع وابن الزبير بن العوام حواري رسول الله صلي الله عليه وسلم لما دبت الأكلة في رجله حدث له شيء كالغرغرينا في رجله وبدأت تزحف على بقية البدن قال له الأطباء لابد من قطع رجلك ، وكان في الماضي لا يوجد مخدر ولا غير ذلك ، فقالوا له اشرب خمر حتى تسكر حتى عندما نقطع رجلك بالمنشار لا تشعر ، لأنه كيف سنقطعها وأنت مستيقظ وتشعر بالموضوع ، فقال عروة ما كنت لأستعين على دفع بلاء الله بمعصية الله ولكن دعوني حتى إذا دخلت في الصلاة فاقطعوها فلما دخل في الصلاة قطعوها ونشروها وحسموها بالزيت ، لأنه لو قطع رجله وتركها فإنه سينزف حتى يموت ، فلابد أن يوقف النزيف ، وكان وقف النزيف أن تغلي الزيت ثم تضعه على رجله حتى يمسك اللحم في الشرايين وتنسد الشرايين بذلك .
فانظر الأول قطعها ثم حسمها بالزيت المغلي ، واحد يقول أنا لست مصدق هذه العملية ، هذا الكلام لا يمكن يحدث هذه خرافة ، لماذا ؟ لأن هذا الإنسان يقيس قدرات عروة بقدرات نفسه .
ونحن هنا نعطي مثل حسي أنت تنظر لهدف من الهداف وواحد يكلمك فأنت لست تسمع ولست ترى ، يا فلان يا فلان يا فلان ، فيقول هل أنت تنادي ، فيقول لك يا عم أنا منذ خمس دقائق أنادي عليك ، فيقول لك معذرة لم أسمع كنت سرحان ، ما معني سرحان ؟ أي استغرق القلب في معنى من المعاني فسحب قوة الجارحة ، كأن الجارحة مشلولة ،.
هذا القلب ملك البدن ، فلما يقبل بالكلية على شيء كل الجوارح تتعطل .
يوم القيامة قال الله عز وجل في بعض الناس( وَأَفْئِدَتُهُم ْ هَوَاءٌ ) [ إبراهيم:43] ، أي لا يوجد قلب ، طار ، القلب طار ترك هذا الصدر وطار فإنسان بلا قلب هل يمكن أن ينظر إلى واحدة بجواره عارية يوم القيامة .
هذا اليوم كما قال النبي ﷺوهو يتكلم عن الأنبياء عندما ذهب الخلائق إلى الأنبياء يستشفعون بهم يوم القيامة وبعد أن حميت الشمس والعباد في كرب عظيم ، فيقول بعضهم لبعض ألا تنظروا ما نحن فيه أليس هناك من يشفع لنا ؟ يقولون ليس هناك أفضل من الأنبياء , .النبي أي نبي صلوات الله وسلامه عليهم إنما هو في مضمار الحياة فقط لكن ليس هناك حيلة ، يذهبون إلى الأنبياء كل نبي من الأنبياء يقول نفسي نفسي ويقول عبارة إن الله غاضب اليوم غضبًا ما غضبه قبل ذلك قط ولا يغضبه بعد ذلك قط ، فلما يكون رب العالمين غضبان غضب الأنبياء أنفسهم يشفقون على أنفسهم وكل نبي يذكر ذنبه ما عدا عيسى عليه السلام ، وما عدا نبينا _صلي الله عليه وسلم _، كل نبي يذكر ذنبه ، كأنما نسي أنه نبي وخشي أن يعاقبه الله عز وجل لما استوفى غضبه يوم القيامة أن يعاقبه بذنبه فهو يبحث على نفسه .غاضب غضب ما غضبه قبل ذلك قط.
لأن الله عز وجل لو استوفي غضبه في الدنيا ما قبل توبة تائب: ، إنما أخذ كتابًا على نفسه إن رحمتي تغلب غضبى ، لذلك سبقت الرحمة غضب رب العالمين عز وجل ولأجل هذا يقبل توبة التائبين .
قلنا أن الله تبارك وتعالى لم يستوفي غضبه في الدنيا وإلا لم يقبل توبة تائب .
ففي هذا اليوم العظيم الذي عاين الناس فيه أعمالهم وفقدوا كل سبب يمكن في الدنيا الأعمال الصالحات سبب أنك أنت تنجوا ، وأما في الآخرة انتهت قصة الأعمال وخُتِمَ على عمل كل إنسان يوم مات ، في هذا اليوم العظيم ممكن أحد أن ينظر إلى أخر ، لذلك النبي _عليه الصلاة والسلام_ قال لعائشة لما تساءلت_رضي الله عنها _كيف يحشر الناس عرايا قال: لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه .
هذا الإنسان العريان في الآخرة ما الذي سيستره وما الذي يغطيه ؟ التقوى أن يجعل بينه وبين مساخط الله وقاية ، ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ) هذا الذي أنت متصوره وهذا الذي تعرفه ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ أي خير من لباس الدنيا ، أنت إنما سترت سوءتك عن الناس وهم لا يضرونك ولا ينفعونك ، وظاهرت لله عز وجل وبارزته بالعصيان ، فهو يقول لك ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ أي إنك لو تدثرت بلباس التقوى ستنتفع به في الدنيا قبل أن تموت .
أفضل ما يُحرزه المرء أن يكون تقيا ، فيكسب في الدنيا السمعة الحسنة التي سأل إبراهيم_ عليه السلام_ ربه_ عز وجل_ إياها فقال عليه السلام: ﴿ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ﴾ [ الشعراء: ٨٤] أي كل من يأتي بعدي لا يذكرني إذا ذكرني إلا بخير.
فهمنا من ذلك أن ذكر الأشياء الحسية قد يعقبه ذكر شيء معنوي القصد من هذا أن يتبع هذا ذاك أن يكون هناك تصور صحيح وحقيقي عند الإنسان .
فلما نأتي للصحة والفراغ الرسول _عليه الصلاة والسلام_ ذكر الغبن الذي لا يكون إلا في البيع ومن المسائل المعنوية التي دخل فيها البيع مثلاً قوله وتعالي:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) [ الصف:١٠ – ١١] هل الإيمان بالله ورسوله هذا تجارة ؟ التجارة في عرفنا بيع وشراء ، لكن أنت كإنسان عندك تصور عن التجارة أنها تكون في العرض ، حاجة تتمسك ، حاجة تبيعها وتشتريها .
الإيمان بالله ورسوله هذا معنى أم عرض ؟ الإيمان بالله ورسوله معني وحتى يحدث لك تصور صار الإيمان بالله ورسوله تجارة .
التاجر المفلح لما يكون عنده تجارة أو يريد آن يعمل تجارة ، ماذا يعمل أولاً ؟
أول شيء يفعله التاجر أن يعمل دراسة جدوى ، وأي إنسان ليس عنده دراسة جدوى فهذا ليس تاجر ، لا ينفع ، دراسة الجدوى لها أكثر من جهة ، جهة تتعلق بالمكان وجهة تتعلق بالبضاعة .
أنا مثلاً لو ذهبت في بلد أرياف وأحضرت أطقم أطباق للمطبخ وأشياء ثمن الطقم خمسة ألاف جنيه وعملت محل في بلد أرياف وعملت ديكور بثلاثمائة ألف وأضواء وغير ذلك ، فهل هذا يكسب أم يخسر ؟ بالطبع يخسر ، لماذا ؟ أين المشتري الذي يشتري طقم مثلاً بخمسة ألاف جنيه وأنا لا أستطيع أن أعمل هذا في حي من أحياء القاهرة العادية ، لازم أعمل في حي متميز ، الجماعة الذين يدخلون في هيئة عالية ليس للفلوس عندهم قيمة ، المبلغ الذي في جيبه للمصاريف حوالي مليون جنيه أو ما شابه ذلك ، أنا لما أكون في حي من الأحياء الراقية أعمل ذلك وأحلى من ذلك ، لماذا ؟ لأنه سيدخل يشتري
فأنا الأول أرى المكان الذي أعمل فيه البضاعة ، وأرى المشتري ما قدرته ، الأرياف مثلاً يقول أعمل كشك عبارة عن غرفة ، لا تعمل أي ديكور وبيع أحذية بلاستيك يكسب ذهب مثلاً .
يقول لك هذه البضاعة تمشي ، أنا اليوم أريد أن أتاجر ، ونحن نقرأ الآية( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) ونجعل الإيمان بالله ورسوله تجارة كرأس مال ، ونريد أن نرى كيف نكسب برأس المال هذا ( تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) ،.
فأي إنسان يريد أن يعمل جدوى يراعي شيئين ، يراعى نوعية البضاعة ويراعي المكان ويراعي المشتري ، فهذه ثلاثة جهات ثم يبدأ يشتغل .
عادة أي تاجر أنه يبحث عن أعلى هامش ربح ولا يوجد أحد يأخذ الربح القليل إلا لعلة ، يقول لك أنا أريد أن أتاجر في هذا الصنف ، هذا الصنف الجنيه يكسب مائة ، ولكن عندما يخسر تكون الخسارة كبيرة جدًا ، الجنيه يخسر مائة وزيادة ، فيقول واحد أنا لا أقدر أن أجازف برأس المال ، أكون في الجنيه الذي يكسب عشرة لكن الخسارة ليست واردة أو تكون الخسارة خارج إرادتنا .
فإذا جنح إنسان إلى هامش ربح قليل فيكون لعلة ، وإلا إذا لم يكن هناك علة فلا يوجد إنسان عاقل يفهم في التجارة ممكن يأخذ هامش ربح قليل ويترك الكثير والكثير مضمون أيضًا .
الصحابة أفضل من تاجروا بأعمالهم :
كانوا يسألون النبيﷺ سؤالاً دارجًا يسألونه باستمرار وأنا خطر ببالي الآن أن أجمع عينة من هذه الأسئلة ، أذكر مثالاً توضيحيًا لكم لكن من الممكن أن نجمع هذه الأحاديث كلها كنوع من عرض سلعة على الجماهير ،لأجل أهل الخير والبر الذين لا يعرفون كيف يتاجرون في رأس المال نعينهم بذكر النصوص الصحيحة التي إن فعلوها تاجروا تجارة حقيقية رابحة .
ما هو السؤال الذي كان الصحابة يسألوه كثيرًا للنبي عليه الصلاة والسلام ؟
كانوا يقولون يا رسول الله ما أحب الأعمال إلى الله ، أحب في مقابلها حبيب أي أخير وخير ، أفضل وفاضل ، ما أحب الأعمال إلى الله ؟ مثلاً: حديث بن مسعود في الصحيحين أنه سأل النبي _عليه الصلاة والسلام _ما أحب الأعمال إلى الله ؟ قال: ( الصلاة على وقتها ، قلت ثم أي ؟ قال بر الوالدين قلت ثم أي ؟ قال: الجهاد في سبيل الله ) .
هل تعرف لو أن بن مسعود ظل يقول للنبي عليه الصلاة والسلام ثم أي ، ثم أي ، ثم أي ، لكان يقول له ، مثل حديث الذراع واحد دعي النبي _صلي الله عليه وسلم _على شاه والشاه لها كم ذراع ؟ اثنين ، الشاة تمشي على أربع ، الاثنين اللذين في الأمام يسموا يدين ، والاثنين اللذين بالخلف يسموا الرجلين ، فالشاة لها ذراعان .
والنبي صلي الله عليه وسلم كان يحب الذراع فقال له أعطني ذراع ، أعطاه ذراع ، أعطني ذراع ، أعطاه ذراع ، أعطني ذراع ، أعطاه ذراع ، قال يا رسول الله الشاة لها كم ذراع ؟ فقال والذي نفسي بيده لو وافقني فيما أقول لوجد كلما طلبت ذراعًا لوجد ذراعًا ، لكنه وقف وقال الشاة لها كم ذراع ، لو ظل يقول له مائة مرة ، أعطني ذراع ، لو وضع يده في الإناء لأحضر ذراع
الصحابة يقولون أي ثم أي ثم أي ، فلماذا يقولون أي ثم أي ؟ ، لأنه ربما يعجز عن تحقيق الخصلة الأولى لأي سبب شرعي فيبادر ويأخذ الثانية لأنها أحب إلى الله سبحانه وتعالى .
فلما يقول الصحابة أي الأعمال أحب إلى الله ؟ أي أن حاجة تكسب مائة وأخري تكسب خمسين وأخرى تكسب عشرين ، كله مكسب وكله جيد ، وما الذي يجعلني أكسب عشرين وأنا أستطيع أن أكسب مائة لاسيما مع قصر أعمالنا ، لاسيما مع كثرة ذنوبنا ، لاسيما أنه قد يُحَال بين المرء وبين ما يريد وبين ما يشتهي ، فيكون عندي بدائل أقدر أن أعمل هذه أو هذه أو هذه إلى أن أصل .
هؤلاء هم الصحابة الذين استثمروا أعمارهم ، هنا حققوا هذه الآية ( هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) فيكون عندي الإيمان هو رأس المال وأريد أن أحقق الإيمان وأحصل أعلى مكسب بهذا الإيمان ، فهناك مسارب وهناك طرق كثيرة يمكن للمرء أن يحصل بهذا الإيمان أعلى الدرجات .
مثلاً: كما قال النبي صلي الله عليه وسلم لما سأل عن أفضل الجهاد قال:( كلمة حق عند سلطان جائر) وهذه لا يقف فيها إلا أفراد من بني أدم ، بعض الناس قد يرى أن يقول كلمة حق وقد يؤذي ويقول أنا أقدر أعمل هذه ، واحد أخر لا يقدر أن يعملها فيقول أنا لا أستطيع أن أعمل هذه ، اجعلني في أحب الأعمال إلى الله حاجة ثانية .
مثلاً ما أفضل الإسلام ؟ قال: ( أن تطعم الطعام وتفشي السلام وتصلى والناس نيام ) فهذا أيضًا واحد يقدر أن يعملها ، فكل الأفضليات ، ما أفضل ؟ ، ما أفضل ؟ التي وردت في الأحاديث الصحيحة نحاول أن ننشرها على الناس ، لأن هذه أنا أقدر أن أعملها ولا أقد أن أعمل الأخرى ، فخذها وأنت تقدر أن تعمل هذه ولا تقدر أن تعمل هذه فخذها .
لكن أكثر الناس لا يعرفون النصوص ولذلك نحن سنحاول فيما يأتي إن شاء الله حتى لو نعمل عشرة دقائق فقط نتلوا الأحاديث على الناس وليكتبوها وراءنا حتى يكون عند كل واحد رأس مال يستطيع أن يتصرف فيه ، بشرط الصحة طبعًا ، لأننا لا يمكن أن نكون نتكلم ونشرح البخاري وندرس علم الحديث وفي الآخر نأتي بأحاديث باطلة أو ضعيفة أو منكرة أو شاذة .
كل ما سأذكره بشرط الصحة ، وإذا كان هناك حديث مختلف فيه بين أهل اعلم فأنا أتبنى ما أعتقد صحته إن شاء الله تعالى .

أم محمد الظن
2010-07-29, 12:55 PM
إجابة الأسئلة:
س: كيف أعرف في الحديث المعلق أنه سقط راوي ؟
الجواب: هناك حاجة تسمي الطبقات للرواة ، ومعروف كل راوي عمن أخذ ومن أخذ منه ، ترجمة أي عالم من العلماء مثل الإمام البخاري مذكور في كتب الرجال سمع ممَن أو روي عن من ومن الذي روى عنه ، فنحن عارفين أن هذا تلميذ البخاري ، وهذا شيخ البخاري ، فإذا مثلاً في أي سند من الأسانيد ، كيف نعرف أن الإسناد منقطع ؟ ، بأننا ننظر في تراجم كل راوي فنعلم من خلال الكتب الخاصة بتراجم الرواة أن هذا الرجل لم يدركه فلان .
فلو قلنا مثلاً الإمام البخاري، فننظر في ترجمة الإمام البخاري وننظر هل في شيوخه راوي اسمه عبدالله بن سعيد ، فلا نجد هذه القصة نهائيًا فنحكم بالانقطاع ما بين البخاري وبين عبد الله بن سعيد ونقول لم يدركه أو أدركه ولم يسمع منه ، ونحن في هذه الأزمنة المتأخرة لا نستطيع أن نفتي من رأسنا إنما هناك كتب دونها أهل العلم معروفة بكتب الرجال وهي التي تحل لنا هذا الإشكال .
وطبعًا لابد أن يكون الرجل عالم بالحديث وعالمًا بطبقات الرواة أن هذه الطبقة أدركت هذه وهذه أدركت هذه ، وكما قلت هذا علم جليل ولا يستغني عنه طالب حديث .
س: ما حكم الرجل الذي سرق مالاً من ستة سنوات ثم ثمره ونماه ، هل يرجع القيمة النقدية بعدما تاب أم يرجع رأس المال والأرباح ؟
الجواب: يرجع المال والأرباح إذا كان صادقًا ، لماذا لأن هذا الرجل قد يكون تاجرًا ممكن يقلب رأس المال وفي قصة أصحاب الغار الرجل الثالث الذي قال اللهم إنك كنت تعلم أنه كان عندي أجراء استأجرت أجراء على فرق من أرز أو فرق من ذرة ، وهؤلاء الأجراء كانوا على أجر معلوم وكان من بينهم واحد عمل عمله بالكامل وعندما أراد أن يوزع الأجور قال له لا ، أنا عملت عمل اثنين ، قال له لا أنا اتفقت معك على أنك لن تأخذ إلا أجر معين ، مبلغ معين فسخط الرجل وترك المال .
هذا الرجل ثمر المال واشترى بقر ورعاءها واشترى راعي غنم وراعي بقر وغير ذلك وامتلأ الوادي بالبقر ، فلما أفلس الرجل .وجد أن له مال عند فلان فقرر أن يذهب إليه ليأخذهم ، فذهب إليه وقال يا فلان اتق الله ولا تجحدني حقي ، قال له اطلع السطح معي ، فلما صعد معه قال له هل ترى هذا البقر والغنم وكل هذا كله لك ، فثمر له المال .
البخاري وضع فائدة" باب إذا ثمر المال بغير إذن" ، أي واحد أخذ مال من أخر وبدون هذا الأخر ما يطلب منه شغل له الفلوس وكسب بها ، فماذا يعمل ؟
فهذا لم يعطه واحد ، هذا سرق وعطل مال الواحد ، فأقل حاجة حتى يكون هناك صدق في التوبة ، يعرف رأس المال كم كسب وتأخذ رأس المال والربح وتعطيه لصاحبه حتى تكون صادق في دعوى التوبة
ربما يقول أنا لا أستطيع أن أعطيه المال حتى لا أفضح نفسي ، فنحن نقول له بأي وسيلة وأي واسطة من الوسائط ، واحد يذهب إلي صاحب رأس المال المنهوب أو المسروق يقول له فيه واحد من الناس أنا قابلته وقال لي تعرف فلان ، قلت له نعم أعرفه ، فقال لي لو سمحت أعطيه هذا وقل له أن هذه كانت أمانة عند واحد ، ويأخذ الرجل الأمانة ويكون بذلك أدي الأمانة وفي نفس الوقت لم يظلم نفسه .
س: الرد على من يقول أن الإسلام كالاستعمار كلاهما انتشر بالسيف ؟
الجواب: بالنسبة للفتوحات الإسلامية والاستعمار ، أنا أريد أن أقول حاجة مختصرة ، قال صلى لله عليه وسلم ( عجب ربك من قوم يدخلون الجنة في السلاسل ) تعجب الصحابة من ذلك ، هذه الجنة البطالون يسبقون المؤمنون على أبوابها ، يأتي وقد عمل كل المصائب ويعتقد أنه سيدخل الجنة ، بل إذا ترك المسألة هو يسبق المؤمنين على باب الجنة ، من الذي يمكن أن يجر إلى الجنة بسلاسل ؟ من الذين يدخلون الجنة في السلاسل ؟
هؤلاء الذين أسلموا بسلاسل الحرب ، الفتوحات الإسلامية كانت خيرًا وبركة على العلم ، نعم يسترق الرجال والنساء ، لكن نحن عندنا كفارات مرتبطة بالعتق ، بل هناك أحاديث رغب النبي صلي الله عليه وسلم فيها أن يعتق الرجل مجردًا بدون أن يكون هناك ذنب وقال:( إن الله ليعتق الرجل بالرجل واليد باليد .. حتى قال والفرج بالفرج ) وفيه أحاديث كثيرة تحض على عتق الرقاب .
الإسلام لما دخل هذه البلاد وغزاها ما قصد أن يسترق الناس لكي يأخذهم سبايا ويأخذهم عبيد ، لا ، هم لما أخذوا بسلاسل الحرب وجاءوا ديار المسلمين ورأوا سماحة الإسلام ورأوا خلق المسلمين أسلموا ، ولو لم يكن هناك حرب لعل هذا لا يسلم ، فما أسلم هذا إلا بسلاسل الحرب ، يعيروننا بالرق ، الرق عند المسلمين مصلحة لهؤلاء .
الذين يتكلمون عن الرق ويقولون أن الفتوحات الإسلامية كانت عبارة عن استعباد كالاستعمار ، فليذكروا لنا بلدًا دخله الإسلام ولم ينعم أهله بالإسلام ن اليوم البلاد المستعمرة البلاد الغاشمة تسترق الدول ، لا أقول تسترق الأفراد ، إنما تسترق دولاً بأكملها ، الذي يجري بالعراق الآن والذي يجري في أفغانستان الآن ، أكثر من مليون عراقي قتل بسبب هذه الحرب الفاسدة المفسدة ، ثم يقال الرق وأن الإسلام يدعوا إلى الرق ، لا ، والله كان الإسلام ولا يزال وسيزال خيرًا وبركة علي كل بلد يدخل فيها والكلام متشعب وليس عندنا متسع من الوقت ، وإذا مر بنا في صحيح البخاري أستطيع أن أضع مثل هذه المعاني في مواضعها . انتهي الدرس السادس

* * *

أبو محمد حمادة سالم
2010-08-21, 11:05 PM
الأخت الكريمة أم الظن .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فسلمت يمينكِ , وجزاكِ الله خيراً وحفظكِ ورعاكِ وسدد - على الحق - خطاكِ.
واصلي أختاه هذا المجهود الممتاز والعمل الرائع , إلى الأمام أكثر وأكثر , نفعكِ الله ونفع بكِ المسلمين , وأكثر في الأمة من أمثالكِ.

أم محمد الظن
2010-09-19, 06:40 AM
الدرس السابع من فك الوثاق
تابع باب (ما جاء في الصحة والفراغ و ألا عيش إلا عيش الآخرة) 1 (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=94313&scholar_id=32&series_id=5411)
______________________________ ___________
فقد وصلتني مكالمات كثيرة في الأسبوع الماضي تطلب مني أن أتلوا قصيدة غرامي صحيح مرة أخرى وهذه القصيدة التي ذكرناها في المرة الماضية هي عبارة عن قصيدة غزلية ذكر فيها مؤلفها ألفاظ الحديث ، وذكروا أنهم فوجئوا بالقصيدة وبهرهم جمالها ولم يستطيعوا تسجيلها ، فطلبوا مني أن أذيعها مرة أخرى وأنا أفعل إن شاء الله قبل أن أدخل في موضوع حلقة اليوم .
كما أنني أرجو من إدارة القناة أن يذيعوا الجزء الخاص بمصطلح الحديث بعلم الحديث وأن يكرروه أكثر من مرة حتى يتسنى لمن يسمعه أن يهضمه ، لأن علوم الآلات أو علوم الأصول تحتاج إلى تكرار بصفة مستمرة .
قصيدة غرامي صحيح هي لابن فرح الأشبيلي الأندلسي وكما قلت هي قصيدة غزلية قصد بها ناظمها تقريب علم الحديث إلى العامة بذكر عناوين الموضوعات في هذا العلم الجليل .
يقول ابن فرح الأشبيلي الأندلسي:

غرامي صحيحٌ والرجا فيكَ مُعضَلُ
ودمعي وحزني مرسلٌ ومسلسلُ
ووجدي فيك يشهد القلبُ أنــهُ
ضعيفٌٌٌ وموضوعٌ وذليَ أجمـلُ
ولا حَسنٌٌٌ إلا استماعُ حَدِيثُكُمُ
مشافهةً يُمليَ عليَ فأنقــــلُ
وأمريَ موقوفٌ عليكَ وليس لـي
علي أحدٍ إلا عليكَ المُعًوَلُ
ولو كان أمريَ مرفوعًا إليك لكنتَ
لي على رغم عُزَالي تَرِقُ وتعدِلُ
وعزل عزولي منكرٌ لا أُسِيغُهُ
وزورٌ وتدليسٌ يُردُ ويُهملُ
أُقضي زماني فيكَ متصلَ الأسيَ
ومنقطعًا عما به أتوصـــلُ
وها أنا في أكفانِ هجركَ مدرجٌ
تُكَلِفُني ما لا أُطِيقُ فأحمِلَُ
وأجريتُ دمعيَ بالدماءِ مُدَبجًـاً
وما هي إلا مُهجتي تتحلـــلُ
فمُتَفِقٌ جفني وسُهدي وعبرتـي
ومفترقٌ صبري وقلبي المبَلبلُ
ومؤتلفٌ وجدي وشجوي ولوعتي
ومختلفٌ حظي وما فيك آمُــلُ
خذ الوجدَ عني مسندًا ومُعَنعناً
فغيري بموضوعِ الهوى يتجملُ
وذي نُبَذٌ من مبهمِ الحب فاعتبر ً
وغامِضُهُ إن رُمتَ شرحًا مُطولُ
غريبٌ يقاسي البعدَ عنكَ ومالَهُ
ورَبِكَ عن دارِ القِلى مُتَحَوَلُ
عزيزٌ بكم صبٌ ذليلٌ لِعِزِكُم
ومشهورُ أوصافُ المُحبِ التذلـلُ
فرفقًا بمقطوعِ الوسائلِ مَالَهُ
إليك سبيلُ لا ولا عنكَ مَعدِلُ
فلا زلتَ في عزٍِ منيعٍ ورفعةٍ
ولازلتَ تعلو بالتجني فأنزِلُ
أوري بُسُعدَيَ والرباب وزينبَ
وأنت الذي تُعنيَ وأنتَ المُؤَمَلُ
فخذ أولاً من أخرٍثم أولــاً
من النصفِ منه فهو فيه مُكَمِلُ
أَبَرُ إذا أقسمتُ أني بحبــهِ
أهيمُ وقلبي بالصبابةِ مُشعَلُ

وندخل الآن في موضوع الحلقة في كتاب الرقاق وهو حديث بن عباس _رضي الله عنهما_، قال الإمام البخاري_ رحمه الله _حدثنا المكي بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الله بن سعيد يعني بن أبي هند عن أبيه عن بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_:( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) .
عن عبد الله بن سعيد ، خمسة من الرواة يرون الحديث عن عبد الله بن سعيد المتابعة الكاملة.
ونريد أن نعرف المتابعة الأول ، نصل وذكرنا أن الإمام أحمد بن حنبل والإمام الدارمي وكلاهما من شيوخ البخاري رويا هذا الحديث جميعًا عن مكي بن إبراهيم عن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن بن عباس .
الإمام البخاري وبالرغم من أنه تلميذ الإمام أحمد وتلميذ الإمام الدارمي إلا أنه اشترك معهما في الأخذ عن نفس الشيخ ، فيكون البخاري والإمام أحمد والدارمي ثلاثتهم كما في اللوحة ثلاثتهم يقول حدثنا المكي بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الله بن سعيد عن سعيد بن أبي هند عن بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الإسناد الثاني هذا الراوي المشترك في الإسناد هذا وهذا ، أي راوي مشترك ؟ الراوي المشترك عبد الله بن سعيد ، عبد الله بن سعيد عن سعيد أي أباه عن بن عباس هؤلاء الثلاثة الإسناد فيهم واحد ، وبدأ الإسناد يختلف من بعد عبد الله بن سعيد ، أنا عندي في الإسناد الأول المكي بن إبراهيم وهو شيخ البخاري في الحديث الذي نشرحه .
يقابل المكي بن إبراهيم مباشرة عندنا وكيع بن الجراح ، عندنا عبد الله بن المبارك ، عندنا يحي بن سعيد القطان ، عندنا إسماعيل بن جعفر ، كل هؤلاء الأربعة وهناك أكثر منهم وأنا لا أريد أن أسهب في التخريج ، كل هؤلاء الأربعة يروون الحديث عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن سعيد بن أبي هند عن عباس ، وهذه عند علماء الحديث تسمى متابعة ، أي أن وكيع بن الجراح تابع المكي بن إبراهيم .
فإذا قال لي واحد أن المكي بن إبراهيم هنا تفرد بالحديث وحده ورواه عن عبد الله بن سعيد ، أقول له خطأ ، لماذا ؟ لأنه قد تابعه جماعة وكيع بن الجراح عبدالله بن المبارك ، يحي بن سعيد القطان ، إسماعيل بن جعفر وكذلك المكي فصاروا خمسة .
كم واحد يروون هذا الحديث إلى الراوي المشترك في الإسناد .
نحن ذكرنا على اللوحة أن الراوي المشترك في الإسناد هو عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، ولا أقدر أن أقول أن عبد الله بن سعيد تابع عبد الله بن سعيد لأنه هو ، هو ، لكن ننظر تحت هذا الإسناد كله أين الراوي المشترك ؟ هذا فيكون ما دون الراوي المشترك من تحت كلهم اسمهم متابعات ، طالما كل هؤلاء يرون الحديث عن عبد الله بن سعيد عن سعيد عن بن عباس إسناد واحد ، فهذه اسمها متابعة كاملة .
المكي بن إبراهيم تابعه وكيع بن الجراح ، وعبد الله بن المبارك ، ويحي بن سعيد القطان ، وإسماعيل بن جعفر ، كلهم تابعوا المكي بن إبراهيم ، فهذه تسمى عند علماء الحديث اسمها متابعة كاملة ، وأما المتابعة الناقصة سنتكلم عنها فيما بعد .
لكن نريد أن نقول أن المكي بن إبراهيم شيخ البخاري لم يتفرد برواية هذا الحديث بل تابعه أئمة كثيرون جهابذة .
وكيع بن الجراح كالنجم: وهو معروف وكان من أثبت الناس ، أثبت أهل الكوفة ، وأبوه الجراح بن مُليح البهراني هذا أحد العلماء الكبار .
ومما يُستملح في ذكر ترجمة وكيع_ رحمة الله تبارك وتعالي_: وأنا أريد أن أقول لك الفرق بين تصرف أهل العلم وتصرف العوام [سبه رجل فدخل وكيع داره وعفر وجهه بالتراب وخرج فقال للرجل زد وكيع بذنبه فلولاه ما سُلِطتَ عليه ] وهذا لأنه إمام واعٍ فاقه ، رجع إلي نفسه باللوم ولا يزال المرء يلوم نفسه حتى يرتقي .
[وسبه رجل مرة فَقِيلَ له ألا ترد عليه فقال له ولما تعلمنا العلم إذاً ].
و وكيع له قصص طويلة في مسائل الزهد ومسائل الورع والعلم ولعلنا إذا جاءت ترجمة وكيع في سند من الأسانيد نقف عنده قليلاً ونعطيه بعض حقه وكذلك الإمام عبد الله بن المبارك الإمام المبارك الذي سمعتموني كثيرًا أتكلم عنه وإن شاء الله سنرجع إلى تراجم هؤلاء العلماء .
ذكرنا في المرة الماضية مسألة الغبن ، وأن الغبن يقع في البيع والشراء وذكرنا لماذا عُبِرَ عن العمر بالصفقة ، والآن نتمم الكلام عن هذا الموضوع .
تتمة الكلام عن العمر وكيف أنه صفقة فيها الرابح والخاسر:
قلت: أن العمر صفقة والرابح الناجح هو الذي يستغل هذه الصفقة إذا دخل السوق ، والحياة سوق كما قال _صلى الله عليه وسلم_ في الحديث الذي رواه مسلم ( كل الناس يغدو [ أي إلى السوق ] فبائع نفسه فموبقها أو معتقها ) رجل يدخل السوق يُوبق نفسه أي يُهلكها بأن يدخل في الخسارة الدائمة ، متخصص في الخسارة لا يخرج من صفقة إلا خاسرًا ، والأخر مُعتِقٌ نفسه أي أنه يخرج من هذه الصفقة رابحًا .
كثيرٌ من الناس يعجز عن الإجابة لماذا؟ خُلِق؟
الذي ربح في هذه الصفقة علم لماذا خُلِقَ وهذا السؤال برغم بساطته ويسره إلا أن أغلب الناس يعجز عن الإجابة عنه ، لماذا خُلٍقنَا ؟ كثير من الناس يعيش كأنه لا يموت ، كل همه الطعام والشراب والشهوات ، يجمع الأموال من حلها ومن غير حلها .
فإذا كان المرء بهذه المثابة فالدابة العجماء مثله أو أفضل منه ، بل هي أفضل منه على الحقيقة وليس هذا كلامي ، هذا كلام ربنا جل ثناؤه ، قال تعالي:
( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ )[ محمد:12]
فهم كالأنعام في عدم العقل ، يأكلون ويتمتعون ، ما أقصر هذه الحياة حتى لوعاش المرء فيها ملكا متوجا ، ما أُصيبَ بداءٍ قط ، وما افتقر قط ، وما احتاج لأحد أصلاً ، وإذا أشار وقفت الدنيا على قدم إلى كم سنة يعيش ؟ أجله، عمره ، هي سنوات معدودات:
آية صدعت قلب ميمون ابن مِهران.
قال تعالى: ( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) [ الشعراء:205- 207 ] هذه الآية صدعت قلب ميمون ابن مِهران لما ذهب إلى الحسن البصرى يلتمس منه الموعظة، فقال له: يا أبا سعيد إني آنست في قلبي غلظه فاستلن لي أي قول لي شيئا يلينه فتلي عليه الحسن هذه الآيات من آخر سورة الشعراء ( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) فلما سمعها ميمون أُغشِيَ عليه ، فلما أفاق وخرج مع ابنه عمرو ، قال عمرو لأبيه يا أبت أهذا هو الحسن ؟ لم يقل شيئا ، وكان عمرو يتصور أن الحسن سيلقى خطبه عصماء على ما هو مشهور من كلام الحسن البصري الذي قال فيه بعض أهل العلم أن كلامه يشبه كلام الأنبياء، قال عمرو: فضرب أبى صدري بيده ، وقال يا بني لقد تلا عليك آيات لو تدبرتها بقلبك ألفيت لها كلومًا فيه وكلومًا جمع كل كلم وهو الجرح ، أي هذه الآيات لو تدبرتها بقلبك لا تغادر سمعك إلا وقد جرحت هذا القلب لقوتها( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) .
كل حي سيموت ليس في الدنيا ثبــوت
حركاتٌ سوف تفني ثم يتلوها خفــوت
وكلامٌ ليس يحلو بعدَهُ إلا السكـــوت
أيها السادر قل لي أين ذاك الجبــروت
كنت مطبوعًا على النطق فما هذا الصموت
ليت شعري أهمودٌ ما أراه أم قنـــوت
أين أملاكٌ لهم في كل أفقٍ ملكـــوت
زالت التيجانُ عنهم وخلت تلك التخـوت
أصبحت أوطانهم من بعدهم وهي خُبُوت
لا سميعٌ يفقه القولَ ولا حيٌ يصُـــوت
عُمِرت منهم قبورٌ وخلت منهم بيــوت
لم تزُد عنهم نُحوسُ الدهرِ إذ حالت بخوت
إنما الدنيا خيالٌ باطلٌ سوف يفـــوت
ليس للإنسان فيها غير تقوى الله قــوت
العبادة تستغرق الحياة كلها.
الإنسان العاقل لا يضيع رأس المال ، لماذا خُلِقَ المرء ؟ إنما خُلِقَ المرء على الحقيقة ليعبد ربه تبارك وتعالى ، وليست العبادة كما يظن بعض الناس هي مجرد ركعات أو أنه يصوم شهر في السنة أو أنه يصوم أيام تطوع أو يذهب للعمرة أو يذهب للحج فقط ، لا ، العبادة تستغرق الحياة كلها لا يحرك المرء قدمه ، لا يرفعها إلا ويعلم ألله في وضعها حكم أم لا ؟ .
لما رفعها هل أمر بذلك أم لا ؟ تصل المسألة إلى درجة الحركة والسكون الحركة لها عبودية والسكون أيضًا له عبودية .
معاذ الله أن نُغًير بطول العمر:
قال تعالى:( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ )[ فاطر:37].
فَعُيرورا بطول العمر وقد صح عن النبي _صلي الله عليه وسلم_ ويأتينا في كتاب الرقاق من صحيح البخاري ( أعذر الله_ عز وجل_ إلى عبدٍ بلغه ستين سنة ) .
[أعذر]: أي قطع عذره ، وصل سن ستين سنه ماذا ينتظر ؟ ، ستون عامًا لم يتب ستون عامًا ولم يفق ، ستون عامًا ولم يسأل نفسه لماذا خُلِقت ، لماذا وبم كُلِقت؟ لم يبحث عما جاء به النبي _صلى الله عليه وسلم _، بل له خصومات شتى مع حصى الأرض ، باع بيوع الغرر واستحل أموال الناس بالباطل من غير حلها وقطع أرحامًا ، كل هذا لشيء يتركه أو يتمتع به قليلاً في دنياه .هذا لم يجب على هذا السؤال إجابة صحيحة وهو لماذا خلقنا ؟ .
وهناك طائفة من الناس تتمنى أن تعيش ولو كانت الحياة ذليلة ،:
طائفة من بني أدم هكذا ، ذكرها ربنا تبارك وتعالي في كتابة:( وَلَتَجِدَنَّهُ مْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ) [البقرة:96] ليس على الحياة ، لا ،[ حياة ]هكذا جاءت نكرة منزوعة الألف واللام منزوعة البركة منزوعة الكرامة يريد أن يعيش أي حياة المهم أن يعيش
( وَلَتَجِدَنَّهُ مْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ) ، وهذه الطائفة هم اليهود كما ورد ذلك صريحًا في سورة البقرة ، قال تعالي:( يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ ) [البقرة:96] .
الإنسان المفلح هو الذي يضع هذا السؤال أمامه ، لماذا نحيا ؟ لماذا نعيش ؟
إنما نعيش لنعبد الله تبارك وتعالى وقد ذكرت لكم حديث النبي _صلي الله عليه وسلم_ وحسنه أنه_ عليه الصلاة والسلام_ قال:( أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين) ونحن نريد أن نستثمر هذه الحياة القصيرة ونربح فيها أعظم ربح مُستطاع .
وسنذكر اليوم إن شاء الله كما وعدتكم شيئًا من النصوص التي إن استعملناها طال عمرنا في الطاعة وإن كان عمرنا الحقيقي قصيرًا ، لكن عمرنا في مجال الطاعة يكون طويلاً ، ولكن قبل أن أدخل في ذكر هذا الحديث ، وقد حاولت أن أبوب هذه الأحاديث ، أي أذكر شيئًا في الصلاة ، شيئًا في الصيام شيئًا في الحج ، شيئًا في الجهاد ، شيئًا في الأذكار على سبيل المثال ، وإلا فالمسألة طويلة وأنا بصدد تحقيق مجموعة من الأحاديث التي فيها أحب العمل إلى الله عز وجل ذلك وذلك ، بحيث أننا نتلوا هذه الأحاديث على المسلمين فيستثمروا أعمالهم وكل إنسان يأخذ من الأحاديث الخصلة التي يستطيع أن يحققها في الحال .
لكن قبل الدخول في هذا نسأل سؤالاً .
هل يجوز الدعاء بطول العمر مع الدليل؟
هذا السؤال اختلف فيه أهل العلم فمن كاره لذلك ومن مجوز ، أي من الأدعية التي يدعوا بعضنا لبعض بها ربنا يخليك ، وهي معناها عند المسلمين القدامى أطال الله بقاءك .
1-الإمام أحمد رحمه الله ,:كره ذلك ، [ لما قال له رجل أطال الله بقاءك فكره ذلك وقال سألت الله لأجال مضروبة ].
الدليل: أخذ الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله هذا من حديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت:( اللهم أمتعني بزوجي رسول الله _صلي الله عليه وآله وسلم_ وبأبي أبو سفيان و أخي معاوية ، فقال النبي _صلي الله عيه وسلم_ لها سألت الله لأجالٍ مضروبة وأيامٍ معدودة وأرزاقٍ مقسومة ، لا يتقدم منها شيء قبل حِله ولا يتأخر منها شيء قبل حِله ولو كنت سألت ألله أن يُعيذك من النار وأن يُعيذك من عذاب القبر لكان خيرًا وأفضل ) .
2-وقالت طائفة أخري :بل يجوز أن يُدعي للمرء بطول العمر أو يدعو المرء لنفسه بطول العمر.
الدليل: واحتجوا بما رواه الإمام البخاري _رحمه الله_ في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال( أن أمه أم سليم جاءت به إلى النبي_ صلى الله عليه وسلم_ وقالت يا رسول الله خُويدمُكَ أنسٌ، [أي أنها جعلته خادمًا للنبي صلي الله عليه وسلم] (فادعوا الله له فقال النبي _عليه الصلاة والسلام: اللهم أكثر ولده وماله وأطل حياته ) .
[أطل حياته] ليست موجودة في صحيح البخاري ومسلم إنما رواها الإمام البخاري في كتاب الأدب المفرد له .
تنبيه:
ونحن نبهنا قبل ذلك أن كتاب الأدب المفرد كتاب مستقل عن صحيح البخاري ، وصحيح البخاري فيه كتاب اسمه كتاب الأدب أيضًا ولأجل ألا يخلط بين الكتابين ميز الكتاب المفرد هذا بهذا الاسم ، يقول كتاب الأدب المفرد أي المفرد عن الصحيح ، الذي أفرده عن الصحيح ، فلو كان هناك حديث في كتاب الأدب المفرد ولم يرويه البخاري في الصحيح فإياك أن تخطئ في التخريج وتقول رواه البخاري وتسكت ، لأنك إذا قلت رواه البخاري هكذا بإطلاق ، فيدل ذلك عند كل العلماء أنه في الصحيح دون غيره .
إذا أردت أن تعزو حديثًا للبخاري في غير الصحيح لابد أن تسمي هذا الكتاب ، إذا كان في كتاب الأدب المفرد تقول رواه البخاري في كتاب الأدب المفرد ، إذا كان في كتاب الصلاة خلف الإمام فتقول الصلاة خلف الإمام ، إذا كان في كتاب خلق أفعال العباد ، إذا كان في كتاب التاريخ ، أي كتاب من كتب التاريخ الثلاثة للبخاري ، التاريخ الكبير ، التاريخ الأوسط ، التاريخ الأوسط ، إذا كان في كتاب الكُنى والأسماء للإمام البخاري .
لو أن البخاري روى حديث في هذه الكتب ولم يرويه في صحيحه فاحذر أن تقول رواه البخاري وتسكت ، إنما تقول رواه البخاري إذا كان رواه في صحيحه .
الإمام البخاري رحمه الله روى هذا الحديث فعلاً هو ومسلم عن أنس لكن لم يذكرا الدعاء بطول العمر في الوقت الذي بوب البخاري على هذا الحديث بقوله[ باب دعاء النبي صلي الله عليه وسلم لخادمه بطول العمر] .
يقول واحد بطول العمر ، فأين طول العمر في الحديث ؟ ، لأن هذه الزيادة لم تأتي عند البخاري ، فنقول من عادة البخاري رحمه الله أن الحديث إذا كان تامًا فروى جزءًا منه فقد يترجم بالجزء الذي لم يرويه ، في الصحيح دعا له أن يكثر الله ماله وولده ، حتى أنس بن مالك رضي الله عنه علق على هذا الدعاء بقوله [ أنا أكثر أهل المدينة مالاً أو أنا أكثر الأنصار مالاً وإني لأعد من ولدي وولد ولدي المائة ] ، وأنس رضي الله عنه عمر تجاوز المائة ببركة دعوته صلي الله عليه وآله وسلم .


قول البخاري [باب دعاء النبي _صلي الله عليه وسلم_ لخادمه بطول العمر] دل ذلك على الجواز ، وأنه يجوز أن يدعوا المرء بطول العمر ,

أم محمد الظن
2010-09-19, 06:41 AM
لكن العلماء الذين أجازوا ذلك قالوا إذا دعا رجل لأخر بطول العمر فعليه أن يقيد ذلك : لأن طول العمر في معصية الله عز وجل مذمة ، فيقول له: أطال الله بقاءك في طاعته ، وإلا فطول العمر مجرداً ليس ممدوحًا لو لم يكن في طول العمر إلا أن يشهد المرء موت جميع من يحب لكان ذلك كافيًا في ذم طول العمر .
الإنسان عندما يطول عمره فكل أحبابه يموتون وهو يتفجع عليهم ، كل يوم يشيع حبيبًا يدفنه بيده في التراب ، ثم يأتي ويشيع حبيبًا أخر ، وكلما شيع حبيبًا ترك قطعة من قلبه معه ، فلا يزال هكذا يتفجع يومًا بعد يوم حتى يفقد نفسه كما قال الإمام البخاري رحمه الله لما بلغه موت شيخ الإمام الدرامي عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال:
إن عشت تُفجعُ بالأحبة كلهم ** وفناءُ نفسِكَ لا أبا لك أفجعُ .
أي إن عشت ستتفجع على كل الأحبة .
مارجحه الشيخ حفظه الله :إذن يجوز وهذا هو الأظهر في الدليل يجوز الدعاء بطول العمر إذا كان ذلك مقيدًا كأن يقال أدام الله بقاءك في عافية أو في طاعة أو نحو ذلك .
الدليل:ويدل على أن طول العمر مع الطاعة محمودٌ حديث أبي بكرة الثقفي الذي رواه الترمذي والنسائي وأحمد وغيرهم وحسنه الإمام الترمذي (أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ سُئِلَ أي الناس خير ؟ فقال _صلى الله عليه وسلم_: من طال عُمُرُهُ وحسن عَمَلُهُ, فقيل له: فأي الناس شر ؟ قال: من طال عُمُرُهُ وساء عَمَلُهُ ) .
إذن التحرير في هذه المسألة انه يجوز الدعاء بطول العمر ، وليس في حديث أم حبيبة ما يدل على أنه لا يجوز الدعاء بطول العمر ، إنما أرشد النبي _صلى الله عليه وسلم_ أم حبيبة إلى الأفضل .
أي الآجال مضروبة انتهت ، جف القلم بما أنت لاق كما قال عليه الصلاة والسلام ، فإذا قال رجل لأخر أطال الله عمرك ، فلن يطول عمره أبدا عن الأجل الذي ضربه الله له ، لكن أن يستعيذ من النار ، أن يستعيذ من عذاب القبر فهذا أيضًا مكتوب وواحد ممكن يقول ذلك هذا أيضًا مكتوب وكذلك الأجل مكتوب .
فلماذا أرشدها النبي _صلى الله عليه وسلم_إلى الدعاء والاستعاذة بالرغم من أن كلاهما مكتوب ؟ .
أجاب أهل العلم: فقالوا لأن الاستعاذة من النار دعاء والدعاء عبادة والعبادة مطلوبة بخلاف الدعاء بطول العمر ليس عبادة فأرشدها _صلى الله عليه وسلم_ إلى ما ينفعها ، أن تستعيذ من عذاب القبر وأن تستعيذ من عذاب النار .
وندخل في ذكر بعض الأحاديث التي إن استثمرها المرء في حياته استفاد وطال عمره في الطاعة :
فعندنا مثلاً في الصلاة : الرسول عليه الصلاة والسلام قال كما في الحديث المتواتر الذي رواه أبو هريرة وبن عمر وسعد بن أبي وقاص وجابر بن عبد الله وميمونة وكذلك جبير بن مطعم وآخرون مثل عبد الله بن الزبير وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( صلاة في مسجدي بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام فالصلاة فيه بمائة ألف ) .
أي لو أنك حسبت هكذا أنت تصلى في اليوم واللية اثنا عشرة ركعة من السنن الرواتب التي جاء النص بها عن حفصة _رضي الله عنها_عن رسول الله _صلي الله عليه وآله وسلم _، اثنى عشر ركعة في اليوم لو ضربتهم في الشهر ، لو ضربتهم في السنوات ، لو ضربتهم في عشرين في ثلاثين ، أربعين خمسين سنة ، يكون الناتج رقم كبير نعم لكنه لا يساوي أن تصلى عشر ركعات في المسجد الحرام من جهة الثواب ، لأن المسجد الحرام الصلاة فيه بمائة ألف أي لو صليت عشر ركعات في المسجد الحرام بمليون ركعة ، ثواب مليون ركعة في الجزاء وليس في الإجزاء ، وهذه مسألة سأتكلم عنها إن شاء الله ولأحل إشكال وقع عند بعض الناس .
ولكي واحد يصلى مليون ركعة فهذا يحتاج مائتان وواحد وثلاثون سنة لو أردت أن تصلى عشر ركعات في المسجد الحرام تأخذ منك في حدود ثلث ساعة أو نصف ساعة ، لو أردت أن تفرد هذه الركعات المائة ألف ركعة في عشرة تساوي مليون ركعة ، تأخذ كما قلت لك مائتان وواحد وثلاثين سنة وربما يزيدون عدة أشهر وغير ذلك .
إذا لم يكن الإنسان مُستطيعاً الذهاب للمسجد الحرام أو المسجد النبوي.
فهذا تكثير للعمر ، هذه العبادة هذه الطاعة فيها تكثير للعمر ، وأنت غير مستطيع أن تذهب إلى المسجد الحرام أو إلى مسجد النبي_ صلي الله عليه وسلم_ في كل وقت ، فعندك صلاة الجماعة ، النبي _عليه الصلاة والسلام قال كما في حديث أبي هريرة وغيره من الصحابة وروى هذا الحديث أيضا كثيرون من الصحابة( صلاة الجماعة تعدل صلاة الفذ بخمس وعشرين ) كل الأحاديث التي وردت عن سائر الصحابة ذكروا فيها خمسًا وعشرين إلا في حديث بن عمر_ رضي الله عنهما_ فقد ذكرا عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال:( صلاة الجماعة تعدل صلاة الرجل وحده بسبع وعشرين ) .
لو افترضنا إنسانًا يصلي في بيته دائمًا لا ينزل إلى المسجد وأخر ينزل إلى المسجد فهذا قد فاقه بخمس وعشرين ،وهذا في كل صلاة بخمس وعشرين ولذلك حض النبي_ صلى الله عليه وسلم_ أشد الحض على صلاة الجماعة وقال عليه الصلاة والسلام ( لقد هممت أن آمر رجلاً يصل بالناس ثم آمر فتياني فيحرقون على الذين يصلون في بيوتهم بيوتَهم ) .
وفي لفظ أخر قال:( لولا النساء والذرية ) ، أي ممن لا تجب عليهم صلاة الجماعة لحرق على هؤلاء بيوتهم ، مع أن هؤلاء يصلون وليسوا تاركين للصلاة كما هو حادث في عصرنا لا يصلي بالكلية ، لا ، هذا لم يكن موجودًا أبدًا ومعروف حديث النبي عليه الصلاة والسلام:( إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) وقال:( بين الرجل والكفر ترك الصلاة
هؤلاء يصلون في بيوتهم ومع ذلك هم صلي الله عليه وسلم أن يحرق عليهم بيوتهم ،.
ومن أبلغ ما يحتج به لوجوب صلاة الجماعة صلاة الخوف:
وصلاة الخوف كما هو معلوم من الآية الكريمة( وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ) [ النساء:102] ، وهذه في ميدان القتال والقبلة تسقط في ميدان القتال ، إنما يصلى المرء في الاتجاه الذي يتصور أو يتوقع أن يأتي منه العدو حتى ولو استدبر القبلة .
وهذا الموضع أولى أن يصلى كل امرئ وحده ، لماذا ؟ لأن هذا موطن خوف وصلاة الخوف ركعة كما في بعض الأحاديث ، وركعتان كما في بعض الأحاديث الأخرى .
أي أن الصلاة الرباعية تكون ثنائية وممكن أن تكون ركعة واحدة ، كل هذا لأننا في ميدان قتال ومع ذلك لم يسقط عنهم صلاة الجماعة ، هذا في حال الخوف فكيف في حال الأمن ، فالذي يترك صلاة الجماعة يفوته هذا الثواب الكبير جدًا ،
يترتب علي ترك صلاة الجماعة ذنب :
إذا ترك الفعل مترتب عليه ذنب .الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:( أثقل صلاتين على المنافقين الفجر والعشاء ولو أن أحدهم يعلم أنه يأخذ مِرماتين حسنتين لأتاهما حبوًا )، وهذه هي المشكلة ،[المرماة]: هي ظلف الدابة أو رجل الدجاجة ، لو هذا الإنسان يعلم أن كل ما يذهب للمسجد ويأخذ رجل دجاجة لزحف على بطنه كالثعبان حتى يصل إلى المسجد حتى لا تفوته هذه المِرماة الحقيرة .
لو أننا عملنا جمعية استهلاكية ملحقة بالمسجد وقلنا أن كل واحد سيصلي في الجماعة سيأخذ كيلوا سكر أو زجاجة زيت أو غير ذلك ، سيحبوا على بطنه ولن يترك صلاة الجماعة مع تفاهة ذلك يراؤن الناس كما قال الله تبارك وتعالي .
صلاة العشاء والفجر لهما ثواب مخصوص .
قال صلي الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:( من صلي العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله ) ، من الذي يفوت صلاة الجماعة في صلاة العشاء أو صلاة الفجر كأنما قام الليل كله .
عبيد الله بن عمر القواريري وصلاة الجماعة:
هناك أحد مشايخ الإمام البخاري ومسلم وهو عبيد الله بن عمر القواريري قال:
[ ما تركت صلاة الجماعة قط إلا في ليلة جاءني فيها ضيف فشغلت عن هذا الضيف ففاتتني صلاة العتمة [أي صلاة العشاء ]، فالتمست مسجدًا في البصرة لأصلى الجماعة فلم أجد ،[ الناس جميعًا صلوا ، فماذا يعمل ؟] قال فذكرت حديث النبي صلي الله عليه وسلم ( أن ًصلاة الجماعة تعدل خمساً وعشرين وتعدل إحدى وعشرين في رواية ]ولكنها ثبوتها فيه نظر وتعدل سبع وعشرين فعندي ثلاثة درجات وردت في الأحاديث كما يقول عبيد الله بن عمر القواريري ، احدي وعشرون ، وخمسة وعشرون، وسبعة وعشرون ، فأخذ بالأعلى وهو السبعة والعشرين .
[قال فصليت العشاء سبعًا وعشرين مرة ]، وهو يريد أن يدرك الفضل الذي فاته من ترك صلاة العشاء [ ، قال ثم نمت فرأيت في المنام أنني أركب فرسًا ويركب آخرون أفراسًا معي ونحن نتبارى[ أي نتسابق ،] فجعلت أضرب فرسي وأجهده حتى يلحق بؤلئك، فالتفت إلي فارس منهم وقال لي لا تجهد نفسك فإنك لأن تلحق بنا لأنك ما صليت العتمة ]ما صليت العشاء .
وهناك بعض العلماء الآخرون: أظن عبيد الله بن عمر القواريرى أو غيره فاتته صلاة العشاء أو أظن أنه غير عبيد الله بن عمر القواريرى لأن القصة مختلفة أنه ما فاتته صلاة الجماعة إلا في اليوم الذي ماتت فيه أمه وشغل بدفنها ولم يدرك أيضًا صلاة العشاء ، [قال فصليت العشاء خمساً وعشرين مرة ثم نمت فجاءني جاءٍ يقول لي نعم صليتها خمساً وعشرين مرة فمن أين لك تأمين الملائكة ].
تأمين الملائكة وغفران الذنوب:
افترضنا أنك ستصل إلى درجة الذي صلاها في المسجد ، وانظر لما يكون الواحد يصلي العشاء سبعة وعشرين مرة مسألة طويلة تطول ، أي سبعة وعشرون في أربعة ، هذا ليدرك ثواب من صلاها في المسجد ، فقال له نفترض أنك أخذت ثواب حضور الصلاة في المسجد فمن أين لك تأمين الملائكة لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:( من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ) .
فأنت عندما تصلي في المسجد ما أحد يعلم أيوافق تأمينه تأمين الملائكة أم لا لأن المساجد تختلف في مسائل انتظار الصلاة ، فبعد الأذان هناك مساجد تصلى بعد خمس دقائق ومساجد تصلي بعد عشرة ومساجد تصلى بعد نصف ساعة أو بعد ساعة إلا ربع مثلاً .
فالملائكة عندما تؤمن نحن لا نعرف الملائكة متى أقاموا الصلاة بعد الأذان فإذا وافق تأمينك في الأرض تأمين الملائكة في السماء يغفر لك .
إذن الإنسان إذا صلى الصلاة في جماعة أدرك هذا ، تخيل أن إنسانًا يصلي العشاء والفجر في جماعة ، العشاء يأخذ نصف الليل والغداة يأخذ كأنما قام الليل كله ، فكيف إذا أضيف لهذا قيام الليل أي أنه نفسه يقوم الليل ، فهذا عمر ،.
هذه المسألة إذا قيست بالثواب فهذه تأخذ أعمارًا كثيرة ، ممكن أن تأخذ مئات السنين لو أن الإنسان واظب على مثل هذا ، وهذا شيء يسير يستطيع المرء أن يفعله بلا مشقة ، ومع ذلك فانظر إلى هذا الأجر الجزيل الكبير العظيم الذي يترتب على حضور الإنسان الجماعة .
فضل صلاة الجمعة:
الجمعة مثلاً حديث أوس بن أوس في السنن وهذا الحديث ثوابه لم أجده في نص من النصوص ربما يغيب عني النص ، لكن لم أجده ، وكأني أذكر أن بعض العلماء وهو بن خزيمة ، قال لا أعلم في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أجرًا مثل هذا ، وهذا يوم الجمعة ، الرسول عليه السلام قال:( من غسَّل واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام واستمع ولم يلغوا ) هذه خمسة حاجات فما ثواب هذا الإنسان ؟ قال عليه الصلاة والسلام:( له بكل خطوة أجر عمل سنة أجر صيامها وقيامها ) وهذا شيء عظيم ، كل خطوة بعمل سنة وهذا حديث صحيح .
هذا الذي ذهب إلى المسجد لصلاة الجمعة ، غسل واغتسل أي أنه أتى أهله فأوجب عليها الغسل واغتسل هو ، وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام ، لأن دنا من الإمام مرتبطة ببكر وابتكر ، لماذا ؟ لأنه ذهب إلى المسجد مبكر ونحن نعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم حديث المهجر إلى الجمعة الذي يأتي في الساعة الأولي كأنما قرب بدنة والذي يأتي في الساعة الثانية كأنما قرب بقرة والساعة الثالثة كأنما قرب كبشًا ثم كمن قرب دجاجة ثم كمن قرب بيضة ، فهذا ثواب كل إنسان على حسب تبكيره وذهابه إلى صلاة الجمعة .
دنا من الإمام أي يكون في الصف الأول بينه وبين الإمام شيء بسيط أو يكون وراء الإمام مباشرة وهذا لن يحدث إلا إذا دنا ، لاسيما إذا كان المسجد مسجدًا مطروقًًا يطرقه ألوف الخلق وكل يتسابق على الحضور أولاً فهذا يحتم عليه أنه يبكر بالذهاب إلى المسجد ، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغوا ، لم يقع في اللغو .
مالا يُعدُ من اللغو.
وطبعًا ليس من اللغو أن يثني المرء على الله عز وجل لأن هناك بعض الناس يتصور أن الإمام لو ذكر الله تبارك وتعالى على المنبر أنه يسكت نهائيًا ويقول أنا لا أتكلم لأن فيه نهي عن الكلام .
فإذا قال سمع الله يقول عز وجل سبحانه وتعالي يعتبر أن هذا ممنوع أو يسمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يعتبر أن هذا ممنوع وأنه لا يصلي على النبي صلي الله عليه وسلم ، لا ، هذا الكلام غير صحيح لأنه لا قائل إطلاقًا أن ذكر الله لغو أو أن الصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم لغو
المراد باللغو.
وحديث النبي عليه الصلاة والسلام ( إذا قلت لأخيك أنصت فقد لغوت ) المسألة مرتبطة بمحاورة بطرفين ، هذا الأخر أتى فعلاً ثم الأخر ، هذا ينهاه عن هذا الفعل ، حصل نوع من المحاورة أو هناك طرفان في هذه المسألة . بخلاف ما إذا ذكر الله سبحانه وتعالي فقال جل ثناؤه ، قال سبحانه وتعالي فقال تبارك وتعالى ، قال جل وعلا ، أي ذكر من الثناء على الله تبارك وتعالى لا يعد من اللغو .
عقاب من ترك ثلاث جُمع.
تصور أن إنسانًا لا يصلي الجمعة أصلاً ، فانظر أين نتكلم ونحن وهو أين حديث أبي الجعد الضمري قال صلي الله عليه وسلم فيه ( من ترك ثلاث جمع تهاونًا بها طبع الله على قلبه ) ، وأنت تعرف الطبع والختم ، لا يخرج منه المعصية ولا يدخله إيمان وذلك إذا حصل طبع على القلب ، يطبع على القلب بما هو فيه ، إذا كان بداخله كفر لا يطلع وإذا كان الإيمان خارج لا يدخل .
فالذي يترك ثلاث جمع تهاونًا بها طبع الله على قلبه وخسر هذا الأجر العظيم الذي لا يستطيع أن يحصله إلا إذا فعل ذلك .
المرأة إذا سعت إلى الجمعة أخذت أجر الرجل:
لأن هذا الحديث ليس مخصوصاً بالرجل لأن الأصل في الأدلة العموم ، أي إذا ورد نص في حكم شرعي فالأصل أنه يعم الرجال والنساء معًا إلا أن يقوم دليل يفرق بين الرجال ويفرق ما بين النساء .
يجوز للمرأة أن تخرج إلى المسجد وتصلي ولكنها إذا صلت في حجرتها كان ذلك أفضل من صلاتها في المسجد.
بالنسبة للمرأة هناك حديث ، هناك فيه إذن أن تصلى المرأة في المسجد حديث بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( إذا استأذنت أمة أحدكم أن تذهب إلى المسجد فلا يمنعها ) وقال عليه السلام في اللفظ الأخر:( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) .
ومع هذا الإذن فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أم حميد وهي امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها قالت (يا رسول الله إني لأحب الصلاة معك [أي في المسجد] ، فقال عليه الصلاة والسلام ( قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي هذا ) .
أنظر إلى الكلام لأجل الجماعة الذين يقولون المرأة تخرج متبذلة والمرأة تخرج تزاحم الرجال وغير ذلك ، هذه الصلاة ، المرأة تتقرب إلى الله عز وجل فيقال لها التمسي أظلم مكان في بيتك وأبعد مكان في بيتك فأدي لله فيه الفريضة وهذه عبادة تقف بين يدي ربها وليست خارجة للفسحة أو تشم الهواء وتخرج وتخالط الرجال ، فضلاً عن هذا التبرج الفاحش والسفور المزري .
حتى وصل ترقي النبي عليه الصلاة والسلام أو تدرج النبي عليه الصلاة والسلام معها إلى أن قال:( وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي هذا )
ما الفرق بين الحجرة والدار ؟
الدار تشتمل على عدة غرف ، لو أن امرأة صلت في الصالة ، صالة البيت والشباك مقفول والباب مقفول وصلت ، صلاتها في حجرتها أفضل ، لأنه أكن وأستر لها وحجرتها هذه لو وجدت مكان بين الدولاب والحائط يسعها وانجمعت في هذا المكان وصلت والتمست مكانًا نائيًا في الغرفة أفضل من أن تصلي في وسط الحجرة .
حتى أن أم حميد هذه يقول تتمة الحديث (التمست أظلم مكان في بيتها فبنت مسجدًا فيه وكانت تصلي فيه ).
يجوز للمرأة أن تخرج إلى المسجد وتصلي ولكنها إذا صلت في حجرتها كان ذلك أفضل من صلاتها في المسجد .
الإمام بن خزيمة رحمة الله جعل هذا الحديث خاصاً بالرجال ، الصلاة في المسجد النبوي هذا خاص بالرجال .
ولا يفوتني أن أقول فيما يتعلق بالحرمين الشريفين :
هذا الكلام يلزم أكثر أهل البلد بخلاف أهل الأفاق ، أهل الأفاق الذين هم أمثالنا ليس من أهل البلد ويذهب كل سنة عمرة أو كل كم سنة يذهب إلى الحج أو غير ذلك ،وتحرص المرأة على صلاتها في المسجد النبوي وتحرص المرأة على صلاتها في المسجد الحرام .
أولـاً: لأنه جائز لها أن تخرج إلى المسجد الحرام ولا تصلي في الفندق .
ثانيًا: تكثير ثواب الصلاة .
فهذا الكلام عند بعض أهل العلم يقول أنه يتنزل على أهل البلد أهل مكة المرأة في مكة إذا صلت في دارها أخذت مائة ألف صلاة وزيادة ، وإذا صلت المرأة المدنية في بيتها ولم تصلى في المسجد النبوي أخذت ألف صلاة وزيادة كل هذا مع جواز أن تنزل وتصلي في المسجدين الشريفين .

أم محمد الظن
2010-09-19, 06:43 AM
والمرأة أيضًا لها بعض الفضائل :
فمثلاً صلاة العشاء ، الوقت المستحب لصلاة العشاء نصف الليل كما قال صلي الله عليه وسلم:( لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء إلى نصف الليل ) وفي ذات مرة ترك النبي صلي الله عليه وسلم الصلاة والنساء والصبيان والرجال في المسجد ينتظرون أن يصلوا العشاء فتركهم حتى جاءه جاءٍ فقال يا رسول الله نام الصبيان ونام الرجال في المسجد فخرج النبي عليه الصلاة والسلام وقال: إنه للوقت أي نصف الليل ، أي هو الوقت المستحب لصلاة العشاء ،( إنه للوقت لولا أن أشق على أمتي ) .
الرجال لا يستطيعون تأخير الصلاة كل على حده ويترك الرجل الجماعة في المنزل ويقول أنا سوف أصليها في نصف الليل لأن هذا وقتها المستحب فنقول له لا ،.
متى يؤخر الرجال الصلاة إلى نصف الليل ؟
إذا أخر المسجد كله ، أهل الحي جميعًا اتفقوا على أن يصلوا العشاء في منتصف الليل ، فإن فعلوا ذلك كان هذا هو الوقت المستحب وإن لم يفعلوا ذلك كما هو في زماننا وعصرنا فحينئذٍ الصلاة على وقتها .
أما المرأة فلأن الجماعة ليست واجبة في حقها فتستطيع أن تتدين بهذا أنها تؤخر العشاء عامدة قاصدة أن تصليها نصف الليل بشرط لا تأتي نصف ولا تستطيع أن تقف على قدمها فتخطف الصلاة أو لأنها ليست متعودة أن تؤخرها إلى نصف الليل فتنساها ، فإذا كان الأمر كذلك فحينئذٍ لا تؤخر المرأة الصلاة إلى منتصف الليل بل تصليها على وقتها لما جاء من حديث بن مسعود وغيره أن النبي صلي الله عليه وسلم سئل عن أحب الأعمال إلى الله قال:( الصلاة على وقتها ) وفي لفظ ( الصلاة في أول وقتها ) .
والكلام على ثواب الأعمال وسنتكلم عن الصيام وعن الجهاد ونتكلم عن الزكاة ، كل طائفة من هذه العبادات سنأخذ إن شاء الله تبارك وتعالى منها بعض النصوص .
الإجابة عن الأسئلة
س: من هي السيدة التي أسري بالرسول صلي الله عليه وسلم من بيتها ؟
ج: السيدة هي أم هانئ.
س: ما حكم النساء اللاتي يتصلن بالمشايخ على القنوات وتقول للشيخ أحبك في الله ؟
ج: هذا الأمر أنا أنكرته عدة مرات ، وقلت أن هذا لا يجوز للمرأة أبدًا أن تقول هذا للرجل مطلقًا وهذا باب فتنة وينبغي لكل شيخ تتصل به امرأة فتقول له هذه العبارة أن يزجرها وأن يتكلم بكلام واضح فصل أن هذا لا يجوز وأنا قد سمعت بعض المشايخ نبهوا على هذا ونسال الله عز وجل أن يهدوا أخواتنا ، فهذه المسألة لم نعهدها عند السلف ولا عند الخلف .
س: هل المرأة تخرج إلى المسجد لصلاة الجمعة أم تصلى الظهر في بيتها ؟
ج: أنا قلت أنه يجوز للمرأة أن تخرج لصلاة الجمعة وتدرك هذا الثواب وأيضًا لتجدد إيمانها ن لأن المرأة محبوسة في البيت ، مشاكل الأولاد والخدمة المستمرة وعدم الزيارات المتبادلة مع الأخوات الفاضلات ، لأن جلسات النساء عمومًا يغلب عليها الثرثرة والنميمة ، قل ما تجلس مجموعة من النساء يتذاكرن أمور دينهن أو يذكرن الله تبارك وتعالي ، وحتى لو فعلن شيئًا من هذا ترى أيضًا خلطوا المسألة بالغيبة والنميمة وغير ذلك .
فالمرأة تحتاج إلى شحن قلبها بالإيمان ولا يكون هذا إلا إذا ذهبت إلى المسجد واستمعت إلى كلام الله تبارك وتعالى وإلى وعظ أهل العلم وإلى تجديد دينها وتجديد قلبها في الخطبة ، فضلاً عن هذا الأجر العظيم الجزيل ، فنقول للأزواج أن يتركوا النساء يذهبن إلى المساجد لتحصيل هذه الفوائد التي ذكرناها .
س: هل يجوز الاقتراض من الصندوق الاجتماعي الذي يقوم بتمويل المشروعات الصغيرة ؟
ج: هذا لا يجوز مطلقًا لأن هذا من الربا المحرم ، ومسألة الفائدة قليلة أو كثيرة ؟ لو فلس ممسوح خرج كفائدة فإن المعاملة تحرم كلها ، ولذلك نقول بعض الناس يتصور وهو يضع أمواله في البنوك الربوية أنهم يغيروا له الفائدة فتصور أنه كان الإشكال هو من تثبيت الفائدة ، الإشكال من العملية البنكية نفسها ، المشكلة فيها ، لكن تبديل الفائدة أو تغيريها تطلع مرة تنزل مرة كل هذا لا يدخل في الموضوع ، فالعملية البنكية أصلاً ربوية ونحن نقول لهذا الأخ يتجنب هذه المسألة ويفتتح حياته بالربا وما مات مرابي بخير قط ، أنا لا أعفها حتى اليوم ، ما رأيت رجلاً تعامل بالربا إلا ومات مفلسًا ، وأن الديون التي عليه استهلكت كل التركة ، وأن الجماعة الورثة من خلفه هم الذين يتورطون في هذه المسألة ، فاتقوا الله تبارك وتعالى وذروا ما بقي من الربا .
س: ما حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور ؟
ج: الصحيح أن الصلاة في المساجد التي بها قبور محرمة ولكن ليست باطلة فلو أن رجلاً صلى في مسجد فيه قبر فإن هذا لا يبطل صلاته لا نقول له أعد الصلاة مرة أخري ، لكن يحرم عليه أن يصلى في هذه المساجد لقول النبي صلي الله عليه وسلم:( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد ألا إني أنهاكم عن ذلك ، ألا إني أنهاكم عن ذلك ، ألا إني أنهاكم عن ذلك ) قالت عائشة_ رضي الله عنها_ (فلولا ذاك أبرز قبره لكنه خشي أن يتخذ مسجدًا )
والإمام الشافعي رحمه الله يقول: لا يجتمع مسجد وقبر في دين الإسلام وأنت لو دخلت المساجد التي فيها قبور تجد ما يندى له الجبين حياءً ، لعدم تجريد التوحيد لله تبارك وتعالى وهذا الكلام يعرفه كل من كان يذهب ثم تاب إلى الله تبارك وتعالي والله عز وجل يقول:{ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] .
س: ما رأيكم في كتيب مفاتيح الفرج وصحة ما في هذا الكتاب ؟
ج: كناب فمفاتيح الفرج ملأن بالأحاديث الضعيفة والموضوعة وملأن بالسير التي لا تجوز ولذلك ننصح من عنده هذا الكتاب أن يتجنب القراءة فيه .

انتهي الدرس السابع ص282 في التفريغ

أم محمد الظن
2010-09-23, 09:33 AM
الدرس الثامن من فك الوثاق كتاب الرقاق
(تابع باب (ما جاء في الصحة والفراغ و ألا عيش إلا عيش الآخرة) 2 (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=94313&scholar_id=32&series_id=5411)

فلا زلنا مع فك الوثاق لشرح كتاب الرقاق من صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري – رحمه الله تعالى – قال الإمام رحمه الله تعالى حدثنا المكي بن إبراهيم ، قال أخبرنا عبد الله بن سعيد يعني ابن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – أنه قال ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة ، والفراغ )
قال البخاري – رحمه الله – وقال عباس العنبري ، حدثنا صفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن أبيه ، قال سمعت ابن عباس – رضي الله عنهما – مثله ، أي بنفس المتن السابق الذي رواه المكي بن إبراهيم ، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند .
وكنت ذكرت في مرة سابقة ، أن الإسناد الثاني الذي رواه البخاري لهذا الحديث ، معلق ، وهو الإسناد الذي قال فيه البخاري : وقال عباس العنبري وهو عباس بن عبد العظيم العنبري وهو من أواسط شيوخ البخاري قلت : إن هذا الحديث معلق ، وذكرت تعريف المعلق قبل ذلك ، وهو ما المُعلق :سقط من مبدأ إسناده راوي أو اثنان أو ثلاثة أو الإسناد كله بشرط التوالي حتى يصل الإسناد إلى قائل المتن , قائل المتن هذا سواء كان هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كان الصحابي أو كان التابعي ، المهم أن يكون آخر واسطة الإسناد التي قالت الكلام من الأعلى ، وذكرنا قبل ذلك أن مبدأ الإسناد دائما يكون من أسفل ، من عند البخاري ، وأعلى الإسناد يكون من عند الصحابي وهكذا حتى لا يحصل نوع من الارتباك إذا ذكرنا بعض الأنواع الأخرى التي تشبه الحديث المعلق .
سألني كثيرون ، ولا شك أن هذا السؤال يتردد في أذهان كثيرين ممن لم يسألوه أو ممن لم يستطيع الوصول إلي ، الحديث المعلق الذي سقط من مبدأ إسناده راوي أو أكثر ضعيف , لأن المعلق ضد الاتصال .
الحديث الصحيح له شروط خمسة ، كنت أريد أن أكتبها ولكن ما خطر ببالي أن أكتبها ، فأنا سأذكرها ويا ليت الأخوة أو الأخوات الذين يتابعونني يكتبون شروط الحديث الصحيح ، لا يحكم على حديث بالصحة إلا إذا استوفى شروطا خمسة : قبل أن تقول الكلمة البسيطة ( إسناده صحيح ) يجب أن يبذل الباحث مجهودا كبيرا مضنيا حتى يحكم على الحديث بالصحة يجب أن يتوفر في الإسناد خمسة شروط .
شروط الحديث الصحيح:
الشرط الأول : اتصال السند . الشرط الثاني : عدالة الرواة .
الشرط الثالث: ضبط الرواة . الشرط الرابع : عدم الشذوذ
الشرط الخامس : عدم العلة .
أعلم أن هذا الكلام مبهم بالنسبة لكثيرين لكن مع الوقت إن شاء الله سنوضح هذه المسألة ، العلماء جمعوا هذه الشروط الخمسة في جملة ، عندما يسأل أي إنسان اذكر لي شروط الحديث الصحيح ؟ يقول الآتي والذي ذكره العلماء هو : ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ لا عله .
تعريف الحديث الصحيح :[ ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة] أي إلى منتهى الإسناد ومنتهى الإسناد لا يشترط أن يكون مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل إلى منتهاه سواء كان منتهاه هو الرسول عليه الصلاة والسلام أو كان الصحابي – رضي الله عنه – أو كان التابعي ، إلى منتهى الإسناد وفقط ، سواء كان مرفوعا أو مقطوعا أو موقوفا .
تعريف السيوطي للحديث الصحيح:
السيوطي – رحمه الله – عرف الحديث الصحيح في الألفية ، وهي عبارة عن شعر ، ذكر فيه علم الحديث كله ، يقول :


حد الصحيحِ مسندٌ بوصلهِ
بنقل عدلٍ ضابطٍ عن مثلهِ
ولم يكن شاذاًً ولا معللا




حد الصحيحِ مسندٌ بوصلهِ ( وهذا اتصال الإسناد ) بنقل عدلٍ ( عدالة الرواة ) ضابطٍ ( ضبط الرواة ) عن مثله .
ولم يكن شذاً ولا معللا ( أي لا يكون شاذا ولا معللا ) .
الذي يعنينا في هذه الحلقة هو أول شرط، نحن قلنا الشروط خمسة سنترك أربعة.
ونأخذ أول شرط ، وهو اتصال السند .
طيب الحديث المعلق : نحن قلنا يسقط منه راوي في الأول ، سيكون الإسناد متصل أم منقطع ؟ إذا الإسناد صار منقطعا ، كيف يكون صحيح البخاري الذي يقول العلماء فيه أنه أصح كتاب بعد كتاب الله ، وأن كل أحاديث صحيح البخاري صحيحة ، كيف يكون فيه حديث معلق والحديث المعلق يكون ضعيفا ؟ إذا على ذلك أن الناس الذين يدعون أن صحيح البخاري يوجد به أحاديث ضعيفة عندهم حق هذا على مقتضى التعريف الذي ذكرناه
فالإمام البخاري لماذا يعلق الحديث ؟ وما هي أنواع التعليق في الصحيح ؟ وهل التعاليق الموجودة في البخاري ضعيفة ؟ هذه ثلاث أسئلة سنجيب عنها وستكون هي حصة المصطلح اليوم .
مثل ما قلت لكم في كل مرة سأذكر شيئا من القاعدة ، لأني إذا أحببت أن أتكلم عن الحديث المعلق وأستوفي الحديث المعلق ممكن آخذ حلقة وحلقتين وثلاثة ، وسنقلبها من أولها إلى آخرها مصطلح وهذه مسألة ثقيلة بالنسبة لكثير من الناس ، وإن كان والحمد لله من المكالمات والرسائل التي تأتي تبشر بالخير الكبير وأن الجماهير مقبلة على علم الحديث ، عندي امرأة من أرحامي وهي بصمجية يعني لا تعرف أي شيء في أي شيء مبسوطة جدا بعلم الحديث وتقول لي أنا فهمت ما ذا يعني الحديث المعلق ، فأنا أعتبر هذه المرأة من أرحامي أعتبرها مقياسا لكل الناس ، لأن آخر شيء كان يخطر على بالي أن هذه المرأة وأمثالها الذين لا يعرفون شيئا في علم الحديث يمكن أن تفهم علم الحديث ، والحمد لله رب العالمين على ما وفق وسدد .
نحن عندنا ثلاثة أسئلة : سنتكلم في هذه المرة عن المعلق عند البخاري فقط قبل ذلك تكلمنا عن المعلق عموما وبصفة عامة ،.
سنتكلم هذه المرة عن المعلق عند البخاري ، وهذا مفتاح من مفاتيح فهم كتاب صحيح البخاري – رحمة الله عليه –.
الإمام البخاري أولا لماذا يعلق ؟ لماذا يحذف بعض الإسناد وأنواع الحذف عند البخاري ما شكلها ؟
لماذا يعلق البخاري ؟
الإمام البخاري – رحمه الله – عندما يعلق إنما يعلق عن شيوخه ، وإما عن شيوخ شيوخه ، وإما عن شيوخ ، شيوخ . شيوخه ، وإما عن التابعي وإما عن الصحابي ، وأحيانا يحذف الصحابي .
المراد بتغليق التعليق عند الحافظ بن حجر العسقلاني.
الحافظ بن حجر العسقلاني إمام الحديث في زمانه ، وحافظ القرن في هذا الوقت ، له كتاب اسمه[ تغليق التعليق ] ونحن سننظر إلى السبورة لنعرف ماهو تغليق التعلق ، الآن عندنا هذا سند ، هذا البخاري ، [ثم هنا الواسطة ]محذوفة عند البخاري ، ويروي البخاري الحديث معلقا عن الليث بن سعد
عن جعفر بن ربيعة ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، روى بهذا الإسناد المعلق عدة أحاديث سنذكر بعضها الآن ، نحن مثلنا لكل طبقة من طبقات الإسناد بمسافة معينة ،مغلقة ولذلك أنا مخطط عليها ومسودها حتى تظهر ما معنى مغلقة ؟ أي ممتلئة ، يوجد بها راوي ، هذه الطبقة يوجد بها أبو هريرة ، وهذه فيها الأعرج ، وهذه فيها جعفر بن ربيعة وهذه فيها الليث بن سعد ووضعت أمامها نفس العمود ولكن أبيض من الداخل ، لماذا أبيض من الداخل ؟ لأننا لو حذفنا ، هذا البخاري ، شيخ البخاري غير موجود فيكون محذوف ، سيتبقى الليث بن سعد ، هذا هو ، وجعفر بن ربيعة والليث بن سعد وأبو هريرة ، من سنحذف اسمه ، نسميه تبيض لمكانه ، حذفنا الليث بن سعد وبيضنا مكانه ، وحذفنا جعفر بن ربيعة وبيضنا مكانه ، حذفنا الأعرج من الإسناد ، نحن قلنا الحديث المعلق أننا نحذف من أول الإسناد ، نحذف الواسطة شيخ البخاري ، وشيخ شيخة ونظل نحذف ونحذف ، كل ما نحذف راوي سنبيض مكانه ، وهذا الأعرج إذا هذا معلق أم لا ؟ معلق ، ويمكننا أن نحذف أيضا الصحابي ، ويصبح بذلك بدون إسناد ، إذا البخاري ماذا سيقول ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الحافظ بن حجر جعل هذه المعلقات ، التي هي البياضات ، فغلقها ،
ما معنى غلقها ؟
يعني جاء بالرواة ووضعهم مرة أخرى ، غلقها أي ملئها ، إذا هذا اسمه بياض ، فغلق الحافظ المسافات البيضاء ، فغلقه ، فأصبح الإسناد مذكورا بعد أن كان غير مذكور ، هذا كله اسمه معلق ، مباشرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا أين الإسناد ؟ الحديث لم يطر في الهواء لكي يصل إلي يجب أن يكون يوجد وسائط ، الوسائط هي هذه قال لك غلقنا هذه البياضات كلها مرة أخرى ، ومعنى التغليق أننا أرجعنا الإسناد الذي تراه وقد ظللنا عليه بالسواد .
الحافظ بن حجر العسقلاني له كتاب اسمه تغليق التعليق ، كل معلقات البخاري التي حذف البخاري جزءا من الإسناد ، سواء كان عن شيخه أو عن شيخ شيخه فصاعدا ، الحافظ بن حجر جاء بالأسانيد التي حذفها البخاري ، مما يدل على أن الأسانيد موجودة ،.
إذا لماذا يعلق البخاري ؟
ما اسم كتاب البخاري ، اسمه الجامع الصحيح المختصر ، فالبخاري أراد ألا يعظم حجم الكتاب ، لأن كل معلقات البخاري لو وصلها البخاري لجاء منها مجلد على الأقل ، لأن البخاري المواضع التي علق فيها 1341موضعا في الصحيح ، بخلاف مسلم ، المعلقات في صحيح مسلم 14 موضعا فقط قد تزيد موضعا أو موضعين ، يعني أقصى رقم لمعلقات مسلم 16 موضعا فقط ، البخاري 1341 موضعا علق البخاري فيه المتون ، أو علق الأسانيد فحتى يقول البخاري حدثنا فلان عن فلان عن فلان سيطول الكتاب ، فأراد البخاري ألا يعظم حجم الكتاب ، فجعل المعلقات ، وجعل هذه المواضع واختصر بعض إسنادها ، ويوجد أسباب أخرى جعلت البخاري يعلق ولكني لا أريد أن أضعها مرة واحدة حتى لا تنسى أو تمل مني ، ولأنك ستجد في هذا الكتاب معلقات كثيرة للإمام البخاري ، فكل ما يأتي المعلق نذكر بالحديث المعلق ونضيف معلومة جديدة ، فأنت بذلك لن تمل ، وفي نفس الوقت تستطيع أن تستوعب كل ما يقال عن الأحاديث المعلقة .
البخاري إما يعلق عن شيخه:
مثل الحديث الذي نشرحه الآن ، حديث : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة والفراغ " روى الحديث أولا بإسناد موصول ، وهو : قال حدثنا المكي بن إبراهيم ، قال أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ،... " الحديث.
بعد هذا الإسناد الموصول . قال : وقال عباس العنبري ، وقلنا أن عباس العنبري من أواسط شيوخ البخاري ، ( قد يأتينا سائل ويقول لماذا لم يقل البخاري [حدثنا ]عباس عوضاً عن[قال ]، مع أن عباس العنبري من شيوخه ماذا سيحدث إذا قال ذلك ، لأنها كلمة مكان كلمة ، وهذا ينقض كلامك بقولك أن البخاري يعلق حتى لا يعظم حجم الكتاب فنريد أن نفهم السبب في تعليق البخاري لشيوخه ؟ )
في الحقيقة أنا أتيت بثلاث أسانيد على سبيل المثال :
الإسناد الأول : وهو إسناد الحديث الذي نشرحه ، وقال عباس العنبري حدثنا صفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد عن أبيه قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما .
الحديث الثاني : الإمام البخاري – رحمة الله عليه – رواه في ثلاثة مواضع 1-رواه في كتاب الزكاة ،2- ورواه في كتاب صفة إبليس ، 3-ورواه في كتاب فضائل القرآن .
وهو : وقال عثمان بن الهيثم أبو عمرو ثنا عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة وساق حديث الجني .
عن أبي هريرة( قال وكلني رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ بحفظ زكاة رمضان فأتاني آتٍ فجعل يحثو الطعام فأخذته وقلت لأرفعنك إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال إني محتاج وعندي عيال وبي حاجة شديدة قال فخليت عنه فأصبحت فقال النبي _صلى الله عليه وسلم_ يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته فخليت سبيله فقال أما إنه قد كذبك وسيعود فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال دعني فإني محتاجٌ وعندي عيال لا أعود فرحمته فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يا أبا هريرة ما فعل أسيرك قلت يا رسول الله شكا حاجة ً وعيالاً فرحمته فخليت سبيله فقال أما إنه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ هذا آخر ثلاث مرات إنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود فقال دعني فإني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت بلا قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ( الله لا إله إلا هو ) فإنك إن قرأتها لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ما فعل أسيرك البارحة قلت يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال ما هي قلت قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) البقرة وقال لي لا يزال عليك من الله حافظ ولن يقربك شيطان حتى تصبح وكان أحرص شيءٍ على الخير فقال النبي _صلى الله عليه وسلم_ أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث يا أبا هريرة قال لا قال ذاك الشيطان ) هذا الحديث رواه الإمام البخاري في ثلاث مواضع كما تقدم ، وفي الثلاث مواضع يقول: وقال عثمان بن الهيثم أبو عمرو حدثنا عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة ، كما قلت لكم .
الموضع الثالث الذي اخترته لكم : قال فيه البخاري ، وقال هشام بن عمار [ثنا ]( وهي اختصار حدثنا عند المحدثين ) صدقة بن خالد عن عبد الرحمن بن يزيد يعني ابن جابر ثنا عطية بن قيس عن عبد الرحمن بن غن عن أبي مالك أو أبي عامر الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وساق الحديث المشهور في تحريم الموسيقى وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر [ يعني الزنا ] والحرير والخمر والمعازف "
الشيوخ الثلاثة الذين علق عنهم البخاري ، هؤلاء من مشايخ البخاري عباس العنبري ، وعثمان بن هيثم ، وهشام بن عمار ، من مشايخ البخاري طيب الإمام البخاري بدل أنه كتب قال ، قال ، قال ، كان يقول حدثنا حدثنا حدثنا ، ويصبح الإسناد موصول وننتهي من هذه القصة .
فلماذا يعلق البخاري عن شيوخه ؟
يعلق البخاري عن شيوخه لثلاثة أسباب : انتبه لهذا الكلام الغالي لأن بعض الناس الجهلة الذين لا يعرفون أن يقرءوا إسنادا في صحيح البخاري ويعترضون على الصحيح ويقولون أن به أحاديث موضوعة ومكذوبة وهو لا يعرف أن يقرأ إسناد ولا متن فضلا عن أنه يفهم ، في كل مرة سنعطيكم مفتاح من مفاتيح البخاري
البخاري إذا علق الإسناد عن شيوخه يعلق لثلاثة أسباب :
السبب الأول : إما أنه لم يسمعه من شيخه .
السبب الثاني : وإما أنه سمعه من شيخه وشك فيه.
السبب الثالث : وإما أنه سمعه من شيخه في المذاكرة فما أحب أن يسوقه مساق الأصل ( كأنه جالس في مجلس تحديث وشيخه يقول حدثنا فلان عن فلان وهو يتلقى عن شيخه ، لا ، هو جالس مع شيخه وهم يتذاكروا ويتناظروا فيمكن أن يقول شيخه هذا الحديث فيأخذه من شيخه في المذاكرة لم يأخذه في حلقة التحديث )
اعتراض يورده الفاهمون لعلم الحديث.
وقد يعترض البعض ويقول : إذا كان البخاري لم يسمع ذلك من شيخه ورواه عنه فهو مدلس ، فهل أنت تتهم البخاري بالتدليس ؟
أقول لا ، وحاشا البخاري ، صحيح أن التدليس لا يقدح في الراوي وإنما يقدح في الرواية ، ويمكن بذلك أن يقولوا عن أناس كبار بأنه مدلس مثل الحسن البصري ، ومن العلماء من يقول أن الحسن البصري مدلس !! الإمام الورع الزاهد العابد مدلس !!
ولذلك نقول التدليس يقدح في الرواية ولا يقدح في الراوي .
انتبه لهذا الكلام ، ولذلك نقول البخاري ليس مدلس ، وسنتكلم عنها إن شاء الله فيما بعد ولكني لا أريد الإكثار من حصة المصطلح .

إذا البخاري – رحمة الله علية – لم تكن عنده القصة في كلمة حدثنا أو أنه يحذف قال ويكتب حدثنا ، إذا فهذا النوع من معلقات البخاري لا يدخل في الكلام السابق وهو أن البخاري أراد ألا يعظم حجم الكتاب ، لا .

إنما الذي يدخل في هذا الكلام السند الذي في أسفل ، وقد روى البخاري السند المعلق هذا في أكثر من موضع في الصحيح .
وقد اخترت لكم موضعين انظر البخاري ذكر هذا الحديث في كم موضع في كتاب الزكاة وكتاب البيوع وكتاب الكفالة والاستقراض واللقطة والشروط والاستئذان ، روى البخاري هذا الحديث في سبعة مواضع من صحيحة ، لأن كل موضع في كتابه يورد البخاري فيه هذا الحديث ، فائدة فقهية تختلف عن الفائدة الأخرى
وهذا الحديث يقول فيه البخاري .
وقال الليث ،[ وهو ابن سعد المصري إمام المصريين كما كان الإمام مالك إمام المدينة] قال حدثني جعفر بن ربيعة عن الأعرج ، [والأعرج هذا لقب واسمه عبد الرحمن بن هرمز ] عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وساق بهذا الإسناد حديث الخشبة وأعتقد أن الكثيرين يعرفونه ولكن لا بأس أن أذكر به سريعا : وهو عن النبي صلى الله عليه وسلم :
(أنه ذكر رجلاً من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال ائتني بالشهداء أشهدهم فقال كفى بالله شهيداً قال فائتني بالكفيل قال كفى بالله كفيلاً قال صدقت فدفعها إليه إلى أجل مسمى فخرج في البحر فقضى حاجته ثم التمس مركباً يركبه يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركباً فاتخذ خشبة ً فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة ً منه إلى صاحبه ثم زجج موضعها ثم أتى بها إلى البحر فقال اللهم إنك تعلم أني تسلفت فلاناً ألف دينار فسألني كفيلاً فقلت كفى بالله كفيلاً فرضي بك وسألني شهيداً فقلت كفى بالله شهيداً فرضي بك وإني جهدت أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلم أقدر وإني استودعتكها فرمى بها في البحر حتى ولجت ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركباً يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي أسلفه ينظر لعل مركباً قد جاء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذه لأهله حطباً فلما نشرها وجد المال والصحيفة ثم قدم الذي كان أسلفه وأتى بالألف الدينار فقال والله ما زلت جاداً في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركباً قبل الذي أتيت فيه فقال هل كنت بعثت إلى بشيءٍ قال أخبرك أني لم أجد مركباً قبل الذي جئت فيه قال فإن الله قد أدى عنك الذي بعثته في الخشبة فانصرف بالألف الدينار راشداً)
في صحيح ابن حبان يقول أبو هريرة رضي الله عنه : لقد رأيتنا نتماري و تتعالى أصواتنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما آمن من صاحبة أيهما أشد إيمانا من صاحبة يعني الذي وضع المال في البحر وجعل الله كفيلا ووكيلا أم الذي لم يجحد المال وقال أنه لم يصله شيء .
بهذا الإسناد روى البخاري رحمه الله تعالى هذا الحديث .
الإسناد الثاني أو الحديث الثاني :الذي رواه البخاري بهذا الإسناد وهو الذي رواه في كتاب العمل في الصلاة ، ورواه عن الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة وذكر قصة جريج ، ولن أذكرها لأننا نعرفها جميعا
ولكن هل البخاري أدرك الليث بن سعد ؟
نقول لا لم يدرك الليث بن سعد وإنما يروي عن الليث بواسطة ، البخاري له شيوخ أوصلوه إلى الليث مثل عبد الله بن صالح كاتب الليث ، وأيضا آدم بن أبي إياس عن أحمد بن عبد الله بن يونس ، وأيضا قتيبة بن سعيد وأيضا عامر بن خالد الحراني وأناس آخرون ، كل هؤلاء من مشايخ البخاري ومن تلامذة الليث ، وحتى يصل البخاري لليث مرة يقول حدثنا عبد الله بن يوسف التنييسي وهو يروي عنه كثيرا أكثر من أوصل البخاري إلى الليث ، وعندنا قتيبة بن سعيد وأبو رجاء البغلني وعامر بن خالد ،
البخاري يقول عن أي واحد منهم مثلا يقول حدثنا عامر بن خالد حدثنا الليث وهكذا ، إذا البخاري يصل إلى الليث براوي واحد وهو شيخه . فالبخاري لم يدرك الليث فمثل هذا ، أو ممكن البخاري أن يفعل شيئا آخر . وهو أنه يحذف شيخه ويذكر الذي قبله أو يحذفه أيضا حتى يصل إلى الصحابي ، لأنه لو قال كل لإسناد كما هو لأخذ مجلد كامل على الأقل .
إذا فالحامل عند البخاري للتعليق ليس عن شيوخه لأننا ذكرنا البحث عن شيوخه ، في غير شيوخ البخاري ، في شيوخ شيوخه فصاعدا ، فالبخاري لماذا يعلق ؟ حتى لا يعظم حجم الكتاب .
نعود إلى السؤال : اتفقنا أن الحديث المعلق ضعيف لماذا؟

لأن فيه قادح لأول شرط من شروط الصحة وهو اتصال السند ، الحديث المعلق غير متصل السند ، فالمفترض أن نقول عنه ضعيف ، أقول لك : لا لأن الإسناد معروف ، ونحن نعلم أن البخاري حذف الإسناد عمداً ، وحتى تعرف هذا الإسناد ضعيف أو غير ضعيف ، لا تقول لي محذوف منه الواسطة لأننا نعلم الواسطة .

فمثلا حديث الخشبة في كتاب البيوع الذي قال فيه البخاري : حدثني عبد الله بن صالح قال حدثني الليث ، فهذا موصول عن البخاري
وفي حديث جريج أيضا أبو بكر الإسماعيلي في كتاب المستخرج وصل هذا الحديث عن عاصم بن علي ، قال حدثنا الليث ، فكل معلقات البخاري موصولة خارج البخاري .
ولذلك كتاب تغليق التعليق للإمام الحافظ بن حجر قصد به أن يرد على هذه الفرية : هل يتصور أحد أنه بما أن الإسناد غير موجود بأن الحديث ضعيف ؟ لا ، وصل كل هذه المعلقات بالأسانيد ، كتاب تغليق التعليق منشور في خمسة مجلدات للحافظ بن حجر رحمة الله عليه ،سنفترض أن الواسطة غير موجودة .
فهل كتاب البخاري يوجد فيه أحاديث ضعيفة ،؟
نقول نرجع لعنوان الكتاب ، ما هو العنوان : الجامع الصحيح المسند ، إذا أردت أن تحاكم البخاري ، تحاكمه في الأحاديث المسندة فقط . واحذر من أن تحاكمه في الأحاديث المعلقة لأن الأحاديث المعلقة ليست من شرط الكتاب ، لأنه اشترط وقال ( المسند ) .

إذا ما يسأل البخاري عنه ونناقشه فيه ما أورده بإسناده المتصل ، أما ما لم يورده بإسناده المتصل فليس من موضوع الكتاب ،.

أم محمد الظن
2010-09-23, 09:36 AM
ولذلك قلت قبل ذلك عندما يكون البخاري روى الحديث ، انظر إلى الحديث الذي نشرحه وقال عباس العنبري إذا أحببت أن تخرج هذه الرواية من صحيح البخاري احذر من أن تقول رواه البخاري وتسكت بل لا بد أن تقول رواه البخاري معلقا ، إذا الأحاديث المعلقة يجب أن تصفها وأنت تخرج ، لأنه عند العلماء إذا قلت رواه البخاري وسكت فمعناه رواه البخاري مسندا في حين أنه رواه معلقا فيقول لك العلماء أنت أخطأت في التخريج لأن معلقات البخاري ليست هي صحيح البخاري

صحيح البخاري: هي الأحاديث المسندة ، التي قال فيها حدثني فلان عن فلان عن فلان ، موصولة من أول البخاري إلى منتهى الإسناد ، إنما المعلقات ليست من شرط البخاري .

فلو فرضنا أن أحد الأحاديث المعلقة بها أسانيد ضعيفة فعلا ، فلا يأتي إنسان ويقول يوجد في صحيح البخاري أحاديث ضعيفة ، لماذا ؟ لأن المعلقات ليست من شرط البخاري .
ذكرت في المرة الماضية أنني حاولت أن أذكر بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي فيها اغتنام العمر وتكثير الحسنات بقدر المستطاع وحاولت أن أرتب الأحاديث على بعض أبواب الفقه حتى تكون أيسر في الحفظ وفي التذكر وكنت ذكرت في المرة الماضية شيئا عن الصلاة وعن أهمية الصلاة وكيف تكثر الحسنات بالعمل القليل وسنذكر اليوم إن شاء الله
بعض النصوص الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي فيها اغتنام العمر:
مثل ما قلت في المرة الماضية وحتى يسمعه من لم يسمعه ويتذكره الناسي حتى يكون كلامنا موصول أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم سؤالا بارزا ، يقول الصحابي يارسول الله ما أحب العمل إلى الله ، لماذا لأنه إذا حدث تزاحم في الأعمال الفاضلة يختار العمل الذي يفيد أكثر ثم إن الإنسان قد يقدر على عمل من البر ولا يقدر على آخر
مثلا الصيام : صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من صام يوما في سبيل الله إلا باعد الله بينه وبين النار سبعين خندقا )فهذا أجر عظيم جدا فهذا يغري كثيرين بالصيام ، ولكن هناك من لا يستطيع الصيام ، إذا صام يظل نائما طوال النهار لا يستطيع أن يصلي ولا أن يقرأ قرآن ، ولا يستطيع فعل حسنات كل هذه أعمال كثيرة فاضلة في مقابل عمل فاضل ، في هذه الحالة أقول لك أترك الصيام واعمل الأكثر الصحابة كان يفعلون ذلك
وقد طبق هذا أحد الصحابة الكبار من الطبقة الأولى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا وهو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وقد روى هذا الإسناد الطبراني في معجمه الكبير بإسناد صحيح( أن عبد الله بن مسعود ما كان يصوم إلا لماماَ لماماً )[كل فترة وفترة عندما يصوم ،] قال : (إني أضعف عن الصيام ، والصلاة وقراءة القرآن أحب إلي) ، فانظر هذا رجل رباه النبي صلى الله عليه وسلم ، الأعمار قصيرة وقليلة ، ويريد أن يستكثر من الحسنات ، فينظر يضع الصيام في مقابل الصلاة وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومساعدة الملهوف مثلا ، أو الجري على قوت الأولاد ، أو العمل الذي يعمله الإنسان حتى يطعم الأفواه الجائعة عندما أضع هذه الأعمال الثلاثة أو الأربعة مقابل الصيام ، لا ، أهل الفقه وأهل النظر لا يضيعون كل هذا من أجل الصيام ، الصيام خير صحيح ولكن كل عمل من هذه الأعمال قد تضاهي الصيام وقد تغلب على الصيام
مثل الصلاة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر الذي رواه مسلم في صحيحه قال عليه الصلاة والسلام ( يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة [ السلامى هي المفاصل ]وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال أنها ثلاثمائة وستون مفصلا) في جسد ابن آدم ينبغي أن تبذل صدقة كل يوم عن كل مفصل ، تخيل إذا توقف مفصل من هؤلاء كيف ستكون حياتك ، الأصابع مثلا كلها مفاصل تخيل أنها أصبحت شيئا واحدا أو كل المفاصل وقفت كيف ستكون حياتك ستقف أو سيقف العضو ذلك عن العمل فحتى تشكر الله سبحانه وتعالى بأنك إذا قمت من نومك تستطيع تحريك يديك ورجليك الحمد لله فلا بد من أن تدفع صدقة ، هناك إنسان ينام ويقوم مشلول لا يتحرك ، وكونك تقوم وتتحرك هذه عبارة عن ملايين الجنيهات مختزنة في هذه الصحة ، لو أي عضو من هذه الأعضاء أصابه عطب وأنت من أصحاب الملايين ستدفع هذه الملايين لترجع هذا العصب أو ترجع هذا المفصل مرة أخرى مطلوب أن تبذل صدقة ، انظر ماذا قال النبي _صلى الله عليه وسلم ،_شيء بسيط جدا ولكنه يحتاج إلى شخص منتبه وليس غافل ناسي الذكر ومشغول بالدنيا قال ( كل تسبيحة صدقة ، وكل تحميده صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزيك عن كل ذلك ركعتان أو ركعتا الضحى " لو صلى ركعتي الضحى يجزئه عن كل ذلك.
بداية وقت صلاة الضحى ونهايتها.
بدايتها : تبدأ بعد شروق الشمس بنحو ثلث الساعة عندما تكون الشمس قدر رمح في السماء وترسل أشعتها وتظهر ..
عددها: من ركعتين إلى ثمان ركعات .
نهاية وقتها: إلى قبل الظهر بنحو ساعة إلا ربع أو نصف ساعة قبل الزوال لأن الصلاة في هذا الوقت ممنوعة حتى يؤذن الظهر .
المراد بصلاة الأوابين..
1-قال بعض العلماء: بأنها صلاة الضحى2- وقال آخرون: بأنها لا ليست صلاة الضحى إنما هي صلاة مخصوصة اسمها صلاة الأوابين
صلاة الأوابين حديثها أيضا رواه الإمام مسلم من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال _صلى الله عليه وسلم:( صلاة الأوابين حين تَرمَض الفصال ) [والفصيل] هو ابن الناقة التي فصل عنها لم يعد يرضع لبن ، مثل ابن آدم قال الله عنه ( وحمله وفصاله ) يعني عن ثدي أمه ( ثلاثون شهرا ) إذا
القعود الصغير( الجمل الصغير) الذي كان يرضع من أمه ثم فصل هذا اسمه فصيل جمعه فصال .
بداية صلاة الأوابين:
(حين ترمَض الفصال )[ ترمض مأخوذة من الرمضاء وهي شدة الحر ] الصحراء وهي المليئة بالرمل الشمس عندما ترسل أشعتها القوية إلى الأرض تصبح الأرض كأنها كتلة من اللهب ، لا يستطيع أحد وضع يده على الرمل في هذا الوقت ، البعير الصغير الذي فصل عن أمه حديثا لايستطيع تحمل الحرارة .
وقتها: تقريبا في حدود الساعة التاسعة إلى العاشرة .
سبب تسميتها بهذا الاسم: قيل لأنه في هذا الوقت أغلب الناس منشغلين بالمعاش . فقل َ من يُثبت لله عبادة في هذا الوقت .
إذا فيمكن أن أصلي صلاة الضحى في مثل هذا الوقت ، إذا كانت صلاة الضُحي هي صلاة الأوابين علي قول بعض العلماء تكون في وقت فاضل وإذا لم تكن الضحى فأكون بذلك أدركت وقتاً فاضلاً على قول أيضا بعض أهل العلم .
فانظر كل مفصل من المفاصل مطلوب صدقة ، تقول سبحان الله ثلاثمائة وستون تسبيحه ، و ثلاثمائة وستون تهليله ، فقد أديت ما عليك ، إذا لم تفعل ذلك ، فركعتان من الضحى تجزئان عن كل ذلك ، فهذا اختصار للعمر فالإنسان اليقظ المنتبه هو الذي يستفيد من هذه المسألة .
كذلك مثلا قراءة القرآن: النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله "
في المرة الماضية ذكرت لكم عنوان وتركته حتى يأتي وقته
س: لو أن رجلا قرأ القرآن ما بين الدفتين هل يستوي مع من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات ،؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله )
هناك حديث آخر يمكن أن يعمل لك إشكال في ذهنك، وهو قوله عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن مسعود وغيره (اقرءوا القرآن فإنكم تؤجرون بتلاوته ، لا أقول لكم ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ) فأنت إذا قلت بسم الله الرحمن الرحيم فهذه مائة وتسعون حسنه إذا قرأت القرآن من أوله إلى آخره فستخرج بألوف من الحسنات لو قرأت قل هو الله أحد بقدر الحروف ستأخذ بكل حرف حسنة ، فهل استوي الطرفان؟ ، لا لم يستويا، من قرأ القرآن من أوله إلى آخره أفضل ممن قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات .
تفسير اللغز:
نريد تفسير لهذا اللغز كيف يكون من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله ، مع أنه لا يستوي مع من قرأ القرآن كله فعلا ؟
مثالين للتوضيح:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم عند الترمذي من حديث أنس بن مالك وحسنه(من صلى الغداة في جماعة [ يعني صلاة الفجر ]ثم جلس يذكر الله تبارك وتعالى حتى تشرق الشمس فصلى ركعتين ، كان له أجر حجة وعمرة تامتين تامتين تامتين )
هل من صلي ركعتين وجلس في مصلاه ولم يأخذ هذا الوقت منه ساعة وأخذ أجر حجة ، هل يستوي مع رجل أنفق الألوف من الأموال ، وذهب إلى المشاعر هناك وغاب خمسة أيام يحج ، في الزحام والشمس والطواف والرجم وغيرة ، ، هل يستوي الاثنين. الحديث يقول نعم له أجر حجة وعمرة ، مع أنك ترى بهذا العرض أنه لم يستووا مع بعض .
مثال ثالث وأخير:
قال صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان وأتبعه بستٍ من شوال فكأنما صام الدهر كله )أي صام ستة وثلاثين يوما ، هل يستوي هذا مع رجل صام الدهر كله ماعدا يومي العيد ؟ لا يستوون .
حكم صيام الدهر:
صيام الدهر على رأي كثير من أهل العلم جائز أنه يصوم السنة كلها ، وبما أنه أفطر يومي العيد فإنه لم يصم الدهر كله لأنه أفطر يومين ،.
ما هو حل هذا اللغز ؟
حل هذا اللغز عند أهل العلم في شيء يصفونه في كلمتين يقولون [ الجزاء والإجزاء ]
الإجزاء : القيام بالعمل يسقطه عنك ، أجزئك فعلك .
مثال :لو أن رجلا وقف في الصلاة ،قال الله أكبر ثم قرأ الفاتحة ، ولم ينتبه لأي حرف من القراءة لا يتذكر شيئا ، لسانه يتحرك ولكن قلبه لا يعرف ماذا يقول ، ثم مثل الحركات الرياضية ركوع وسجود حركات فقط ، ثم سلم .
هل أجزأته صلاته أم هي باطلة تلزمه الإعادة ؟
أجزأته صلاته طالما أنه توضأ ، استقبل القبلة وأتى بالأركان والشروط والواجبات.
أجزأته: بمعنى [أنه لا يلزمه أن يعيد العمل ]. ولكن ليس له جزاء.
النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش )لا نلزمه بإعادة اليوم, لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ما تكلم عن الاجزاء إنما تكلم عن الجزاء .
[ إذا الإجزاء: متعلق بالعمل والجزاء: متعلق بثواب العمل ]
( من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله )
هذا في باب الجزاء ، وهو الثواب ، وليس الاجزاء .
فمن قرأ [قل هو الله أحد ثلاث مرات], لا يجزئه ، عن قراءة المصحف كله هو في النهاية اسمه قرأ سورة واحدة ثلاث مرات ، لكن لا يمكن أن يقول من قرأ ذلك مثل من قرأ البقرة وآل عمران والنساء و..و...و.... إلى نهاية المصحف ، إذا فالرجل الذي قرأ القرآن من أوله إلى آخره أجزأه ذلك ، أما الذي قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فهذا داخل في باب الجزاء وليس في باب الاجزاء .وهكذا حلت المشكلة ولا يوجد تنافر بين النصوص .
______________________________ ______
لماذا أقول ذلك ؟
لأن بعض الذين لم يدرسوا أصول العلماء يقولون أن الأحاديث متعارضة فيقولون هذا لا يعجبني فيتركونه ويبقون على الآخر أو الاثنين يسقطوا وما أسهل أن يقول الجاهل كذب ، أو أنه لا وجه له ، أو أن ليس له معنى ما أسهل أن يقول الإنسان ذلك .
وما أصعب أن يجد من يوفق بين حديثين معنى في حديث ومعنى في حديث آخر ، وهذا باب كبير عظيم في أصول الفقه اسمه باب التعارض والترجيح النصوص المتعارضة التي ظاهرها التعارض هل هي متعارضة لا يمكن الجنع بينها أم يمكن أن نجمع بينها وبين النصوص الأخرى بوجه من الوجوه المعتبرة بنص ثالث مثلا ، أو بمعرفة سبب هذا النص لماذا قيل ؟ أهذا محمول على الخصوص ، أم هو محمول على عموم الأمة ، كل هذه أمور .
[ العلماء في باب التعارض والترجيح ذكروا مائة وجه وواحد إذا لم يصلح الوجه الأول للتوفيق فيكون الثاني إذا لم يكن الثاني فالثالث فالرابع فالخامس وحتى المائة وواحد ]
هل هناك نصان صحيحان لا يلتقيان من مائة وجه وواحد هذا مستحيل يجب أن يكون هناك نص خطأ ، نص وهم أو كذب أو خطأ لكن يستحيل أن يكون نصان صحيحان عند أهل العلم ويتعارضان من مائة وجه وواحد لم نرى ذلك أبدا حتى الآن ، فنحن وفقنا ما بين الجزاء وما بين الإجزاء هكذا ظهرت الأمور معنا .
نأخذ مثلا في الذكر : كما في صحيح مسلم من حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أم المؤمنين( أنها جلست تذكر الله تبارك وتعالى بعد صلاة الصبح والنبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها وهي تذكر الله تبارك وتعالى ثم رجع إليها وقد تعالى النهار فلما رجع وجدها ما زالت جالسة في مكانها تذكر الله تبارك وتعالى فسألها أأنت على هذه الجلسة وهذه القعدة منذ خرجت قالت أجل يا رسول الله فقال لها عليه الصلاة والسلام لقد قلت بعدك كلمة تزن كل ما قلت) وهي جالسة من صلاة الصبح حتى تعالى النهار ساعتين أو ثلاث ساعات تذكر الله تبارك وتعالى قال لها عليه الصلاة والسلام أنا عندما خرجت قلت كلمة واحدة بعدك تزن كل ما قلت نحن في أمس الحاجة لمعرفة هذه الكلمة حتى تغنينا عن كثير من هذا الوقت ويمكن أن أقول هذه الكلمة على مدار الثلاث ساعات إذا كانت جويرية رضي الله عنها ذكرت الله في هذه المدة ألف مرة إذا الجملة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم ستساوي ألف مرة وزيادة هذا في المرة الواحدة فإذا قلتها مرتين ستعدل ألفين مرة وزيادة فتصور أنك جالس ثلاث ساعات تقول هذه الجملة فهذا تكثير العمر وطبعا لا أحد على الإطلاق يعلم ما يحب الله عز وجل ويرضى عنه من الكلم إلا النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك أقول لك لا تترك الأذكار النبوية ، أحيانا واحد مثلا يعجبه دعاء الصالحين فيجمع أدعية الصالحين من الكتب ويقوله طيب أنا أسأل سؤال مع أن هذا الدعاء جميل ولكن من أدراك أنه أحب الكلام إلى الله ؟ طالما أننا قلنا في بداية الكلام أننا نريد أحب وليس حبيب طالما المسألة مسألة استثمار عمر فنقدم الأحب على الحبيب، لأن الأحب أعلى ، فإذا قال إنسان يا رب نجحني فهذا كلام جميل ولكن يمكن أن يكون هناك جملة تغني عن هذا المعنى ولكن في كلامك النبي عليه الصلاة والسلام فإذا أنت قلتها ضمنت مائة بالمائة أن هذا الكلام حبيب إلى الله أو هو أحب الكلام إلى الله ، لأنه قاله الرسول عليه الصلاة والسلام وهو لا يتخير من الكلام إلا ما هو الأحب إلى الله عز وجل فأنت بذلك ضمنت بعدم خروجك عن الأذكار النبوية بأنك لم تخرج عن أحب الكلام إلى الله تعالى لأنه مذكور على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا الجملة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم لجويرية بنت الحارث قال لها أنها لو وزنت بكل الكلام الذي قلتيه لوزنتهن، هي ( سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ . )لم تترك ذرة في هذا الكون ، اجلس سبح هل ستسبح عدد رمال البحار ؟ لا يمكن ذلك ،هل ستسبح عدد كواكب السماء ؟ لا يمكن ذلك .سأخرج أقول حديث وسأرجع مرة أخرى .
يوجد هناك استثمار فيه كثير من الثواب بكلمة واحدة: كما في حديث رواه الإمام النسائي في السنن الكبرى في كتاب العلم بسند صحيح ( أن رجلا أتى زيد ابن ثابت الأنصاري رضي الله عنه فسأله عن مسألة فقال له زيد: عليك بأبي هريرة فسأله الرجل لم ؟ فحكى له الحكاية الآتية قال فإنه بينما أنا و أبو هريرة و فلان في المسجد ذات يوم ندعو الله تعالى و نذكر ربنا خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى جلس إلينا قال : فجلس و سكتنا فقال عودوا للذي كنتم فيه قال زيد فدعوت أنا و صاحبي قبل أبي هريرة و جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يؤمن على دعائنا قال : ثم دعا أبو هريرة فقال اللهم إني أسألك مثل الذي سألك صاحباي هذان و أسألك علما لا ينسى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : آمين فقلنا يا رسول الله و نحن نسأل الله علما لا ينسى فقال : سبقكما بها الدوسي) فصار حفظ العلم من خصائص أبي هريرة .
ونقول للجماعة الغلمان الصبيان الذين يسبون أبو هريرة نحن نقذف بهذه النصوص في وجوه هؤلاء هذا مما تفرد به أبو هريرة والإسناد صحيح كالمسمار في الساج ، وصححه أئمة الحديث الذين عليهم المعول ، وهناك أحاديث أخرى في حق أبي هريرة تدل على اختصاصه بذلك في الصحيحين وغيرهما .
من الأدعية الجامعة أيضاً: دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : (اللهم إني أسألك من كل خير سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، وأستعيذ بك من كل شر استعاذك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ) هل تركت شيئا ، كل خير سأله النبي صلى الله عليه وسلم رب العالمين ، لو أحببت أن تأتي به ستجده فاتك ، وكل شر استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم ، ستجده كذلك ، وهذا في جملتين ، لخصوا لك كل الأذكار ، فأنت إذا تزاحمت عليك الأمور وليس وقت لديك فلا تخلوا من أن تدعوا بالدعاء الجامع ، مثل الدعاء الذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه لجويرية رضي الله عنها وعلمه الأمة أيضا، قال : ( سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ ) أي سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ :كأنني أقول إنني أسبح الله عز وجل ، عدد خلقه من الإنس والجن والطير والحشرات والهوام والكواكب والبحار والرمال والجبال ، كل هذه مخلوقات لله عز وجل ، [كأنما قلت أنا أسبح الله بعدد ما خلق ،] وهذه مسألة غير مطاقة ولا مستطاعه ، أنت جئت بها بكلمة لما تبعت الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ: هل يستطيع أحد أن يزن رضا الله عز وجل .
سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ:هل تعرف ما هو العرش ؟ قال صلى الله عليه وسلم ( السموات السبع والأرضون السبع بجانب العرش كحلقة في فلاة ).
[ فلاة] صحراء ، الصحراء التي لا منتهى لآخرها ، السموات السبع والأرضون السبع بجانب العرش كحلقة في فلاة شاسعة الأطراف إذا كيف يكون هذا العرش ، الذي امتدح الله عز وجل نفسه بأنه استوي عليه (الرحمن على العرش استوي )أي علا وارتفع ، تبارك وتعالى .
مايبين عظمة الصحابة :
الرسول عليه الصلاة والسلام لما مات سعد بن معاذ ، قال ( اهتز العرش لموت سعد ) هذا العرش الذي لا يعرف كنهه إلا الله تبارك وتعالى ، من العظمة والجلال ، هذا العرش العظيم يهتز لموت عبد يمشي على الأرض بقدميه ، كم وزن هذا العبد ؟ فسبحان من لا يعرف أقدار خلقه إلا هو وهذا فرد من هذه الأمة المجيدة العظيمة .
هنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول : سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ: ما هو مداد كلماته ، يقول الله عز وجل ( قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي )
بعض علماء البيان ، أظهروا هنا بديعة من البدائع :
قالوا [ كلمة ] لها جمعان ، جمع قلة وجمع كثرة ، [جمع القلة كلمات ]
[وجمع الكثرة كلم] ، قالوا طالما أن الآية هنا فيها تكثير وأن كلمات الله عز وجل لا تنتهي ، حتى لو أن هذا البحر مد بسبعة أبحر ،مداد : يعني حبر ، ما نفدت كلمات الله، قالوا الكلم هنا مقام تكثير لا تقليل ، فهلا قيل ما نفد كلم الله ، بدل كلمات الله ، طالما أن كلمات جمع قلة وكلم جمع كثرة وهذا كلام علماء أهل البيان والبديع والنظر في المعاني ، يأتوا به ثم يجاوبون عليه كسؤال وجواب،.
[قالوا إذا كان البحر وسبعة أبحر لا تفي لكلمات الله فما بالك بكلم الله] إذا كان جمع قلة وسبعة أبحر لا تكفيه فكيف إذا كان الكلم ؟ ، فكلام الله لا منتهى له.
فأنت عندما تقول : سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ، فهذه الجملة كما قال النبي_ صلى الله عليه وسلم_وزنت ما قالت جويرية بنت الحارث رضي الله عنها منذ قعدت بعد صلاة البكرة يعني صلاة الغداة إلى أن رجع إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
سنكمل ما تبقى في الحلقة القادمة ، ونختم هذه الحلقة بسؤال:
كيف تحافظ على عمرك ؟
لأن الناس ماذا يقولون ؟ إن الوصول إلى القمة سهل ، لكن الصعب هو الاحتفاظ بالقمة ، أليس كذلك ، سهل أنك تتفوق وتصل ، ولكن عسير أنك تظل الأول ، تظل فوق ، لماذا ؟ لأنه سيزاحمك آخرون ، فأنت كيف إذا وصلت إلى القمة تظل على القمة؟ كيف تحافظ على هذا العمر ، وعلى هذا الجهد الذي بذلته ؟
هناك ثلاثة أو أربعة أو خمسة أسباب إذا سلكناها حافظنا على هذه القمة التي وصلنا إليها بعد توفيق الله عز وجل بالأعمال الصالحات ،
نأخذ حديث رواه الأمام الترمذي ، في مسألة تكثير الحسنات واستثمار العمل.
تابع الأعمال التي يُستثمر بها العمر في باب الصيام.
بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم :" من صام رمضان وأتبعه ست من شوال فكأنما صام الدهر كله "
هناك حديث ، عن أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر )
فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها اليوم بعشرة ، فهو يصوم في شهر ثلاثة أيام في عشرة فهذه الثلاثين ، فكأن الثلاث أيام تجزئه عن الشهر كله ، وثلاثة أيام من كل شهر فكأنه صام السنة كاملة .هذا سندخله تحت الإجزاء ، لأن ذلك لن يستوي مع من صام الدهر كله ، ومسألة الجزاء هذه متعلقة بالثواب .
مثال : رجل صام ثلاثة أيام من كل شهر ، صام الدهر كله ، طبعا العمل له شرائط ، فالرجل يمكن أن يأتي بالعمل في ظاهره ولا يأخذ أجراً ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم :( إن العبد ليصلي ( يعني يدخل في الصلاة ) فيأخذ نصفها ، ثلثها ، خمسها ، سدسها ، حتى قال عشرها )
ويقول بعض العلماء:[ إن الرجل ليقف بجانب أخيه في الصف وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض]
ما هو الفرق بين هذا العبد وذاك ؟
أليس هما الاثنين توضئا واستقبلا القبلة وقرءا الفاتحة وسورة بعدها ، ومع ذلك ما بين صلاتيهما كما بين السماء والأرض ، الفرق أن هذا حقق شرطي العمل ، وهذا أخل بشرط أو اثنين أو أخل بنسبة ما من الواحد من الاثنين وشرطا العمل الصالح مذكوران في قول الله تعالى( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }الكهف
إذا فالعمل الصالح يحتاج شرطين : لا يشرك بعبادة ربه وهذا هو الإخلاص لله عز وجل ، وليعمل عملا صالحا : أي موافقا للسنة ، إذا لا بد أن يكون مخلصا في العمل لا يشرك مع الله أحدا فيه ، ولا بد أن يكون متابعا فيه لرسول الله _صلى الله عليه وسلم _، فإذا أشرك مع الله سقط وإذا أخلص في العمل وابتدع سقط ، ولا يكون العمل مقبولا حتى يكون خالصا وصوابا كما قال أبو علي الفضيل بن عياض _رحمه الله تبارك وتعالى_
الإجابة علي أسئلة الحلقة
س1: هناك مجموعة من الناس تتكلم في العلماء والمشايخ ، فنرجو من حضرتك أن توجه لهم بعض النصائح ؟
نقول لهذا السائل ليس هناك إنسان معصوم من الخطأ ولكن الميزان الذي عليه علماء السنة هو قياس الحسنات والسيئات ، وتقرأ للإمام الذهبي في ترجمة محمد بن نصر المروزي ومحمد بن جرير الطبري وغيره ممن أخِذَ عليهم بعض الأشياء ،.
يقول الإمام الذهبي:[ لو قمنا بتبديع بن نصر وابن خزيمة ما سلم لنا أحد] لا هذا ولا ذاك ، طالما أن الإنسان 1-عقيدته صحيحة 2-ومنهجه صحيح فأي خطأ في الفروع مغتفر ، حتى لو كان الخطأ في العقيدة ينبغي أن يُناظر هذا الإنسان ، لاحتمال1- أن يكون عنده قضية مغلوطة ، نصححها له ،أو 2-لاحتمال أن يكون المعترض هو المخطئ ، وهذا الرجل عنده علم زائد على هذا المعترض فيستفيد .
النصيحة يجب أن تكون في السر ، ما أمكن ذلك، قبل أن نتكلم على العلن إذا كان هذا الإنسان مخلصا فعلا ، فإنه لا يُشهر بأخيه لان هذه الأعراض مصونة، صانها الشرع ،
حتى أن الشافعي رحمه الله

تعمدني بنصحك في انفرادِ
ولا تلقي النصيحةَ في الجماعة
فإن النصحَ بين الناسِ نوعٌ
من التوبيخ لا أرضى استماعهَ
فإن خالفتني وعصيتَ قولي
فلا تجزع إذا لم تُعطَ طاعة


وينبغي أن يكون الإنسان حريصا على إخوانه ، هل من كثرة العلماء الموجودين نظل نهدم في هذا ونهدم في هذا ونهدم في هذا ، نحن عندنا قحط بالنسبة للعلماء الربانيين ، الذين فتح الله عز وجل قلوب الناس لهم معدودون ، أنت تستطيع أن تعد هؤلاء ، فنحن الآن مثل رجل فقير عليه ثياب باليه فعنده خيارين إما أن يخلع ثيابه ويمشي عاريا أو يرقع ثوبه ، فحتى لو افترضنا جدلا أنه يؤخذ على بعض أهل العلم شيء ، وأنا لا يعجبني هذا الشيء هذا الرجل كم نفع الله عز وجل به من عباده ، سقى الله به بلاده وعباده ، فأنا في هذه الحالة أرقع هذا الثوب الخلق المقطع ولا أخلعه وأرميه ويمشي المرء عريانا ، لا سيما إذا كان يمكن التواصل ، وهذه القضية نحن نعيش فيها منذ سنين طويلة ونسمع السب بآذاننا ، ونرى الذين يسبوننا بأعيننا ، وما سببناهم وما رددنا عليهم ، وليس معنى سكوتنا أنهم ليس عندهم عورات ، أو ليس عندهم ما يؤخذ عليهم ، لا بل عندهم ما يؤخذ عليهم ، لكن نحن يا إخواننا عندنا ما يشغلنا عندنا عدو متربص ، فنحن نقدم الأخطر فالأخطر ، عندما يكون هناك إنسان يسلط جام غضبه وجهله ومعاول هدمه على السنة مثلا ، وإذا صح له ذلك ، سننزل أنا والذي يخاصمني تحت القدمين ، فأنا أقول لأخي هذا الذي أعترف له بالفضل وإن كان بغى علينا ،.
أقول ما قال علي بن أبي طالب في الخوارج الذين كفروه لما سئل أكفروا؟ [قال من الكفر فروا ولكنهم قومٌ أصابتهم فتنة فعموا وصموا ثم قال إخواننا بغوا علينا ]، فنحن نتعامل مع إخواننا بهذه الصورة ، ونحن نعلم أنهم بغوا علينا ، ولكننا لم نسلط ألسنتنا يوما من الأيام عليهم وأقول لهم كما قال الله تعالي {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }الزمر46
وأقول كما قال أبو العتاهية:

إلي ديان يوم الدين نمضي
وعند الله تجتمعُ الخصومُ


س2 : هل الإمام مسئول عن المأمومين وهل يتحمل تبعة هذا الساهي؟، وهل الإمام له فضل؟
نريد أن نذكر الأخوة أن النبي _صلي الله عليه وسلم _ نهي عن التدافع, إلي الإمامة, لأن الإمامة فيها استشراف, وفيها حظ نفس,لاسيما إذا كان صوته جميلاً, والناس تُحبُ الصلاة وراءه وكلما دخل يطلبون منه أن يؤمهم, فمن الممكن دخول حظ نفسه عليه فيمتنع أن يدخل, أقول له يمتنع إذا كان هناك كفيء يُصلي بالناس وخشيَ هو علي نفسهِ,أما إذا كان لا يخشي علي نفسهِ وكل إنسان أدري بنفسه, لكن لا يتأخر إذا كان يعلم أن كل الموجودون ليس فيهم كفئاً للإمامة, فهذا إذا تأخر وتقدم رجلٌ آخر, يلحنُ لحناً جلياً في القراءة فهذا المُتأخِر آثم, .
ولا يحمل الإمام مشاكل المأمومين خلفه ((لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) لكن معني قول النبي _صلي الله عليه وسلم _(فإن أصاب فله ولكم, وإن أخطأ فعليه ولكم) فكلمة عليه هنا فليس المقصود أنه يحمل تبعة من قصر في الصلاة, لكن المقصود لو أن رجلاً سهي في الصلاة مثلاً, فهو عند حضوره صلاة الجماعة , سيأخذ قدراً من الدرجات فكأن الثواب الذي حصله هذا المأموم. بصلاة الجماعة خلف هذا الإمام, يجبُر هذا السهو, بخلاف ما إذا صلي وحدهُ وسهي. فالنبي _ صلي الله عليه وسلم يقول (صلاة الرجل في الجماعة تعدلُ صلاة الفذ بخمسِ وعشرين) في حديث الصحابة جميعاً
وفي حديث ابن عمر وحده (تعدل سبعاً وعشرين) فلو صلي وحده سيأخذ درجة مثلاً,لو سهي تقل هذه الدرجة, بخلاق ما لو صلي جماعة يمكن أن يأُخذ خمسةَ عشر درجةَ, فلو بسبب السهو قلت هذه الخمسة عشر, عشرة فيكون طلع بقدرٍ من الأجر, فكأن ثواب الجناعة يجبُر سهو الساهي, فهذا هو المقصود من الحديث وليس معناهُ أن الإمام يتحمل خطأ من خلفهُ, وإلا لأنسد باب الإمامة, وعندنا النص القرآني,(لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)
س3: ماصحة حديث( علموا أولادكم حب الصحابة)؟
هذا لا أعلم ُله أصلاً, بهذا اللفظ.
س4: ماصحة حديث توسل آدم بالنبي_صلي الله عليه وسلم_؟
حديث باطل. لايصح من جهة الإسناد.
س1 : ما هو الأفضل بين الآذان والإقامة ، الدعاء أم قراءة القرآن ؟
الدعاء فيه نص, ولابأس أن تجمع بين الحسنين,إذا كان مابين الآذان والإقامة فترة طويلة.
س2: ما أفضل الأعمال التي تصل إلى المتوفى.
الصدقة والدعاء دعاء الولد أما قراءة القرآن, فلا تصلُ إلي الميتِ علي الصحيح, بعض الناس يقرأ الفاتحة علي أموات المسلمين, الرسول عليه الصلاة والسلام كم دفن من الموتى, دفن مئات الموتى, الصحابة كم دفنوا دفنوا ألوف الموتى, فلو تصورنا أن قراءة الفاتحة تصل إلي الميت وبنتفع بها, الميت لما أغفل النبي _ صلي الله عليه وسلم_ ذكرها أبداً,أما والحدث له مقتضي ولم يفعله النبي _صلي الله عليه وسلم_ مع قدرته علي فعل هذا المقتضي, ففعله بدعة, والنبي عليه الصلاة والسلام يقول ( ماتركتُ عملا يقربكم من الله يقريكم من الجنة يباعدكم من النار,إلا أمرتُكم به,) فنحن علمنا بهذا النص وأشباه هذا النص, من سنة النبي _صلي الله عليه وسلم أنه, ماترك ذرةً من الخير , أو ماتركَ سبيلاً إلي الخير,إلا دل الناسَ عليه,.
لو رجلاً أحب أن يستثمر كلام الله في نفع الميت ماذا يفعل؟
يفعل كما فعل أصحاب الغار, يقرأ القرآن كعملٍ صالح, ثم بعد قراءته يقول, اللهم إن كنت تعلم أنني قرأت هذا القرآن ابتغاء مرضاتك,فاغفر لفلان بن فلان,أكرم نزله وسع مدخله اغسله بالماء والثلج والبرد,أبدله داراً خيراً من داره, إلي ماتريد أن تدعو به كأنك جعلت القرآن شفيعاً, بين يدي دعائك توسلت بعملك الصالح. حتى يُقبل.
س3: ماحكم الآذان عبر المذياع؟
الصحيح الذي عليه جماهير أهل العلم,أن كل مسجدٍ يؤذن لحاله, لكن جمع الناس كلها علي آذان واحد ,أنا سألت الشيخ الألباني رحمه الله لأنني عندما زرته في الرحلة الأولي, عام 1407 في عمان كان هناك نفس الموضوع,فسألته عن مثل هذا فقال هو بدعة, فالصحيح وهو السنة,أن يؤذن في كل مسجدٍ علي حده.
هل يجب على المسلم تكرار النية عند كل عمل أم تكفي نية واحدة ؟
أذا كان العمل واحداً, وله لأفراد متعددة, مثل صيام رمضان مثلاً, هل تكفي نيةٌ واحدة في أول الشهر؟أم لابد أن تنوي كل ليلة؟ فالنية تثبت بأي شيء يدل عليها, لو أن إنسان ما قال أيقظوني للسحور, أو قال لن أتسحر فهذه نية, مما يدل علي أنه ذاكر, ففي هذه الحالة يجزئه نيةً واحدة
أما لو أراد أن يصلي تحية المسجد, فكلما دخل المسجد لابد أن يكون فيه نية,
ونسأل الله تبارك وتعالي,أن يجعل ماقلناه وما سمعناه, زاداً إلي حسن المصير إليه, وعتادا إلي يمن القدومِ عليه,إنه بكل جميلٍ كفيل, وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلي الله وسلم وبارك علي نبينا محمد, والحمد لله رب العالمين.
انتهي الدرس الثامن 326

رضا العربي
2010-09-23, 09:53 AM
السلام عليكم
شكر الله لكم أختنا الكريمة وبارك في عملكم وأوقاتكم وثقله في ميزان طيباتكم وجزاكم عنا وعن شيخنا العلامة الكريم خيرا عميما
دمتم بفضل الله ونعمته

أم محمد الظن
2010-09-23, 10:45 PM
ولكم بمثل مادعوتم

فارس النهار
2010-09-24, 12:12 AM
بارك الله في ما تقومين به من عملٍ طيبٍ وجعله في ميزان حسناتك ... فدروس الشيخ أبي إسحاق الحويني -حفظه الله- لجديرةٌ بالاعتناء -ومنه التفريغ- مع ندرة من يقومون بذلك ..
بارك الله في وقتك وجهدك ..

أم محمد الظن
2010-09-24, 03:31 AM
تقبل الله منا ومنكم ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل

أم محمد الظن
2010-10-06, 03:33 AM
يرفع لإكمال الدروس ان شاء الله

أم محمد الظن
2010-10-08, 07:48 AM
التاسع فك الوثاق
فلا زلنا مع فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق من كتاب صحيح البخاري لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالي .
قال البخاري_ رحمه الله_: حدثنا المكي بن إبراهيم قال حدثنا عبد الله بن سعيد يعني ابن أبي هند عن أبيه عن بن عباس _رضي الله عنهما_ عن رسول الله_ صلي الله عليه وسلم_ قال:( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) .
قال البخاري: وقال عباس العنبري حدثنا صفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد ابن أبي هند عن أبيه قال سمعت بن عباس _ رضي الله عنهما_ مثله وهذا الإسناد الثاني كما ذكرنا في المرة الماضية هو إسناد معلق ، وهذا من المعلقات التي علقها البخاري عن شيوخه وقد ذكرت العلة في ذلك في المرة الماضية .
وهذا التعليق وصله الإمام بن ماجة رحمه الله في سننه قال حدثنا العباس بن عيد العظيم العنبري قال حدثنا صفوان بن عيسي بهذا الإسناد عند البخاري رحمه الله تعالي .
ولا زال حديثنا موصولاً عن استثمار العمر وتكثير الحسنات بالعمل الواحد وقد ذكرنا نماذج لبعض الطاعات كالصلاة وكالصيام وكالذكر وما أشبه ذلك ،
واليوم سوف أتناول موضوعين :-
1- ذكر بعض الأعمال التي يحصل المرء منها كثيرًا من الحسنات .
2- ثم أذكر كيف تحافظ على هذا الحرث وهذا البذر الذي بذرته في حياتك حتى تلقى الله تبارك وتعالى بكل هذه الحسنات ، وكما يقال إن الوصول إلى القمة أمر سهل لكن الاحتفاظ بها هو الذي يتفاضل فيه أفراد بني أدم .
من الأعمال التي لا تكاد توزن بغيرها الجهاد في سبيل الله تعالي :
وقد ذكر النبي صلي الله عليه وسلم ذلك فقال بالنسبة للشهيد ( كفى ببارقة السيف على رأسه فتنة ) .
هذا الجهاد الذي فيه عز الأمة سأل رجل رسول الله _صلي الله عليه وسلم عن عمل يعدله كما في الصحيحين من حديث أبو هريرة_ رضي الله عنه _فقال عليه الصلاة والسلام ( لا أجده ) ثم قال للرجل ( هل تستطيع أن تدخل مسجد قومك تصلي فلا تفتر وتصوم فلا تفطر ؟ فقال الرجل ومن يستطيع ذلك )وكذلك الرباط الذي هو المرابطة على ثغور الإسلام.
هل يُشترط في الرِباط قتال؟
ولا يشترط في الرباط أن يكون هناك قتال ، وكان الرباط شيئًا مشهورًا عند السلف ، بعض العلماء مكث عشرين سنة ,وطبعًا لم يمكث في الرباط أو على حدود البلد التي يعيش فيها أو علي الحد الفاصل بين بلده وبين بلاد الكفار إنما كان يذهب يقضي يومًا أو يومين ثم يرجع إلى بلده ثم يرجع مرة أخرى.
أجر المُرَابِط في سبيل الله.
وهكذا لأن النبي صلي الله عليه وسلم ذكر أجرًا عظيمًا للمرابط في سبيل الله كما في صحيح مسلم من حديث سلمان الفارس رضي الله عنه أن النبي _صلي الله عليه وسلم_ قال:( من رابط في سبيل الله يومًا وليلة فهو يعدل صيام سنة وقيامها ) .
فوائد الرِباط في سبيل الله.
والرسول عليه الصلاة والسلام ذكر من فوائد الرباط أن يأمن المرء الفتان والفتان هو منكر ونكير في القبر ، يثبته الله تبارك وتعالى ، ولذلك كان العلماء من أسلافنا يذهبون إلى الثغور ، و يرابطون عليها من باب الاستعداد والتهيئة ، وإظهار العزة ، وإظهار الاستعداد لأعداء الإسلام حتى لا تغرهم أنفسهم بالهجوم على بلاد الإسلام
ومما يُستثمرُ به العمر وتكثُر به الحسنات الصدفة.
عندنا أيضًا الصدقة ، لاسيما الصدقة الجارية التي تشبه الوقوف ، صدقة جارية وسميت جارية لأن ريعها مستمر ، كأن يوقف رجلاً مالاً أو امرأة ثم يثمر هذا المال ويأخذ ربح هذا المال فيسبله في سبيل الله تبارك وتعالي ولذلك سميت جارية لأجل هذا لأنها تجري بخلاف مطلق الصدقة
في سنن الترمذي وصححه من حديث عائشة رضي الله عنها( أنها ذبحت شاة ثم قسمتها فدخل عليها النبي_صلي الله عليه وسلم_ فسألها كم بقي من الشاة ؟ فقالت ذهبت كلها إلا كتفها ،[ أي وزعت كل الشاة ما عدا الكتف] فقال _عليه الصلاة والسلام_ بل بقيت كلها إلا ذراعها أو إلا كتفها )
النبي_ عليه الصلاة والسلام_ يسأل سؤال من ينظر إلى الآخرة ، كم بقي من الشاة ، تصدقت عائشة رضي الله عنها بالشاة كلها ما بقي إلا كتف الشاة الذي أبقته عائشة _رضي الله عنها_ للبيت ، فأعلمها رسول الله _صلى الله عليه وسلم _أن الذي ذهب إلى الفقراء والمساكين هو الذي بقي على الحقيقة
وهذا المعني موجود أيضًا في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ عن رسول الله _صلى الله عليه وآله وسلم_ أنه قال:
( يقول بن أدم مالي ، مالي ، وهل لك يا ابن أدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت ) .
كل صدقة ينفقها المرء في سبيل الله تدخل في حسابه الخاص لا يشاركه فيها أحد ولذلك الرسول_ عليه الصلاة والسلام_ أراد أن يبين هذا المعنى فقال كما في حديث بن مسعود_ رضي الله عنه _قال( أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ) [أي الأحب إليك أن يرث وارثك المال أو أن يكون المال لك ] (فقالوا: يا رسول الله ما منا من أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه ، فقال عليه الصلاة والسلام:فإنما مالك ما قدمت ومال وارثك ما أخرت ).
أي ما قدمته لنفسك بالصدقة هذا هو مالك على الحقيقة ، إنما الذي أبقيته خلفك بعدما تموت هذا هو مال الورثة .
فالإنسان إذا من الله عليه تبارك وتعالى بالمال يسبل .
لأن هذا كما قلت يستفيد به وحده ، وقد صح عن النبي _صلي الله عليه وسلم_ أنه قال:( كل امرئ يوم القيامة في ظل صدقته ) ، في الوقت الذي تدنوا فيه الشمس من رؤوس العباد ولا يتحملها أحد ويصل العرق كما قال _صلي الله عليه وسلم_:( منهم من يصل العرق إلى عرقوبه ومنهم من يصل إلى نصف ساقه ومنهم من يصل إلى سرته ومنهم من يغطيه العرق وجعل النبي صلي الله عليه وسلم يده على رأسه ،) في هذا الجو الرهيب الكبير كل امرئ يكون في ظل صدقته يوم القيامة .
كذلك مما يكثر المرء به الحسنات أن يعمل العمل في الدنيا فيلحقه أجره بعدما يموت :
والنبي صلي الله عليه وسلم ذكر ثلاثة أصناف من هذه الأعمال كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو في صحيح مسلم أيضًا ، قال:( إذا مات ابن أدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقةٍ جارية وعلمٍ ينتفع به وولدٍ صالح يدعوا له ) .
[ الصدقة الجارية ] أفضلها وأشرفها الوقف ، أن توقف مالاً وتشغل هذا المال ويبقي الريع مستمرًا ، أن تحفر بئرًا في مكان تساوي فيه قطرة الماء الحياة ، في مكان منقطع أن تحفر بئر ماء ، وبعض الناس ممكن أن يعمل مبردات في الشوارع ، لكن هذا لا يساوي البئر التي تكون في طريق الصحراء ، لأنه كما قلت القطرة منها تساوي الحياة ، وكلما ازداد احتياج الناس إلى مثل هذا كان الأجر أعظم .
[علم ينتفع به ] ، كل علوم الشرعية ابتداءً هي على رأس كل العلوم لأنها هي التي توصل إلى الله تعالي ، وكذلك علوم الدنيا مما يستفيد منه العباد ويكون ناظم هذه العلوم أو شارحها ينوي بذلك أن يتقرب إلى الله تبارك وتعالي ، الفيصل في المسألة كلها أن تريد وجه الله ، كل عمل يخلوا من هذا المعني لا قيمة له ، يستوي فيه المسلم والكافر ، لكن الذي يفرق بين المسلم والكافر في هذه المسألة هو أن المسلم يريد وجه الله تعالى ، فكل المباحات تكون في حقه مشروعات ، وتدخل في باب المستحبات ، والاستحباب أحد الأحكام الشرعية التي يجزى المرء بفعلها ، فكل علم بهذه المثابة يوصل أيضًا إلى الله عز وجل يبقى ذخره للمرء بعد مماته .
[ الولد الصالح ] وكذلك الولد الصالح إذا دعا لوالده وصله دعاؤه ، في سنن بن ماجه وفي مسند الإمام أحمد بسند جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:( إن الله عز وجل ليرفع الرجل الصالح الدرجة في الجنة فيقول يارب بما هذا يقول باستغفار ولدك لك )، لذلك تكثير الذرية فيه مصلحة لأجل هذا المعني ، فإنك لا تدري أي ولدك يلحق بك { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُم ْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } [الطور : 21] .
هناك شرط وهو الإيمان الذي هو مترجم في هذا الحديث بمعني الصلاح لأن الولد الفاسد يُلحِق اللعنة بأبويه في الدنيا والآخرة إذا كان الوالد قصر في تربية هذا الولد ، إذا فعل الأفعال الشائنة يُلعَنُ و يُلعَنُ أبوه ، لأجل هذا الرسول عليه الصلاة والسلام قيد الولد بذكر الصلاح ولم يقل عليه الصلاة والسلام ولد يدعوا له ، إنما قال: ولد صالح يدعوا له لأن الولد الفاسد لا يلتحق بأبويه ، أي لا ينفعهم وإن كان يلحقهم من جهة النسب .
وانظر إلى قول الله تبارك وتعالي لنوح عليه السلام لما قال:( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) ، [ هود:46] وفي الروايات المتواترة الأخرى قال:( إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرُ صَالِحٍ ) بكسر ميم عمل ، الرجل إذا بذل التربية في الدنيا للولد ، ولا يستطيع رجل مغفل أو جاهل أو الآخرة ليست من جملة همومه لا يستطيع أن يربي ولده أبدًا ، إنما يربي ولده اليقظ الذي عرف لماذا خُلِق ولماذا تزوج تزوج لأجل أن يخرج من صلبه نسمة توحد الله تبارك وتعالى ، وهذا هو المردود الرئيس في الموضوع كله ، وليس مجرد أن ينجب الأولاد لكي هذا يرث المصنع وهذا يرث المتجر وغير ذلك .
أنت كوالد لا يذكرك إلا جيل أبناءك فقط ، أحفادك لا يذكرونك أنا لا أذكر إلا أبي ، أما جدي والد أبي أنا لا أعرفه وما رأيته ، أي أن ذكرك في الدنيا إنما هو لأبيك فقط يكون في جيل الآباء ، بخلاف ما إذا كان الولد صالحًا يقظًا فهو يورث هذه اليقظة لأبنائه ، ولا يزال هكذا ، فإذا انضم إلى الصلاح أن يكون طالب علم أو أن يكون عالمًا فهذا شيء كبير .

أم محمد الظن
2010-10-08, 07:49 AM
أطول الناس أعمارًا أهل العلم:
وليس لأنه يعيش ألف سنة أو مائتين سنة ، لا ، بما يتركونه من التصانيف المفيدة ، يؤلف الكتاب ، يحرره ، لا تزال الأيدي تتداول هذا الكتاب ، فما يستفيد منه إنسان وإن بعد زمانه عن هذا العالم إلا أٌجر العالم بهذه الفائدة التي أخذها منه ذلك المتأخر .
الإمام البخاري رحمه الله الذي نشرح صحيحه الآن بيننا وبينه مئات السنين أكثر من ألف ومائتي عام وليس بيننا وبينه نسب ولا مصالح ، كم من الرحمات كانت تترى على هذا الإمام من يوم أن مات إلي الآن ؟ ، وإلى أن يبقى كتابه على ظهر الأرض ، الملايين يترحمون عليه ويترضون عنه وكل هذا يصله .
فالعلماء أطول الناس أعمارًا على قدر بقاء علمهم في الدنيا ، على قدر بقاء ذكرهم في الدنيا الأجر يكبر ، حتى الذين يلعنون البخاري هو مأجور بهذا أيضًا [ وقد قيل لعائشة رضي الله عنها في الذين يسبون أبا بكر وعمر ، قالت وما يعجبكم من ذلك قطع الله عنهم العمل فأحب ألا يقطع عنهم الأجر]
مما يُحافظ به المرء علي حرثه وبذره الذي بذره في حياته
أولاً-أن يحذر المظالم:
وهذه سنتكلم عنها في كيف تحافظ على عملك حتى لا ينفلت من يدك وممكن نجعل هذا مدخلاً إلى هذا الكلام .من أكبر المصائب التي يبتلى بها العبد الاعتداء على الخلق وأنت الآن تريد أن تحافظ على عملك ، وأنت عندما قمت الليل ، قاومت نفسك وكنت تريد أن تنام وذهبت وتوضأت بالماء البارد في اليوم الشاتي وأنت في حاجة إلى النوم قمت فصففت قدميك بين يدي ربك ، وضعت لنفسك عدة حسنات بهذا القيام
لما صمت في الوقت الشديد الحر وكادت عنقك أن تكسر من العطش ومع ذلك واصلت الصيام ، لما أخرجت الصدقة وأنت محتاج إليها وأنت تحب المال صحيح شحيح ، تأمل الغني وتخشى الفقر ، هذه كلها مجاهدات .
كل عمل من هذه الأعمال أنت تكسب حسنات توضع في صحيفتك ، بعض الذين لا ينظرون إلا إلي مواضع أقدامهم يضيع الحسنات التي اكتسبها بهذا الجهد الكبير ، يضيعها بمنتهى اليسر ، وقد بين رسول الله صلي الله عليه وسلم ذلك كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه لما سألهم عليه الصلاة والسلام فقال: لهم يومًا( أتدرون من المفلس ؟ قالوا يا رسول الله المفلس منا من لا دينار له ولا درهم ولا متاع ، فقال لهم لا ، المفلس رجل أتي بصيام وصلاة وصدقة أو قال وزكاة ، فأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإذا فنيت أخذ من سيئاتهم ثم طُرحت عليه ثم طُرِحَ في النار ).
ما أغبنه من عبد ضيع كل الذي جمعه بالاعتداء والبغي والعدوان .
وينبغي أن يعلم العبد أن الله عز وجل يحاسب بالذرة وبمثقال الذرة { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [الزلزلة: 7، 8] الذين يأتون بالمظالم التي تسد عين الشمس ، ما يدري والله المرء كيف يلقون ربهم ، إذا كان الميزان بالذرة ومثقال الذرة ، بما لا يكاد المرء يراه أو لا يراه المرء ، فيأتي هذا فيضحي بكل الذي جمعه بالجهد والعرق ومكابدة المعارك المستمرة مع الشيطان ومع النفس الأمارة بالسوء ، ومع شياطين الإنس والجن يسمح لهذه الحسنات أنها تتسرب من صحائفه وتدخل في صحائف الآخرين .
أو أنه يجمع سيئات الناس .
المرء إذا أراد أن يحافظ على عمله فإياه والبغي :
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( خصلتان تعجلان للعبد في الدنيا قبل الآخرة البغي وقطع الرحم ) ، لابد أن يذوق الباغي ثمرة البغي قبل أن يموت بنص هذا الحديث ، تعجلان للعبد في الدنيا قبل أن الآخرة البغي وقطع الرحم والبغي مسالكه كثيرة جدًا ،.
مسالك الجور.
كل جور على حق أي أحد حتى ولو كان من أخص أرحامك يسأل العبد عنه يوم القيامة .
تفضيل بعض الأولاد علي بعض بدون سبب ظاهر.
*لو فضلت بعض ولدك في العطية بدون سبب ظاهر على قول بعض أهل العلم ممن يجيزون تفضيل بعض الأولاد لبعض الأسباب الملجئة ، وإلا فالأصل ألا يميز رجلٌ ولدًا على ولد في العطية ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم .) عدم العدل بين الزوجات.
*أو يكون متزوجًا بأكثر من امرأة فيفضل امرأة على أخري ، هذا الرجل يأتي يوم القيامة وشقه مائل وهذه ليس شيئاً يسيراً كون شقه مائل ، لا مصلحة لك على الإطلاق أن تفضل امرأة على امرأة ، ولماذا تفضل ؟ .
أنت لا تريد معاشرة المرأة بالمعروف خيرها ما بين أن تستقيم معك أو أن تطلقها ، أو أنت تأخذ من حقها ، تقول أنا لا أستطيع أن أعيش , الشرع رخص لك ولكن تتقى الله عز وجل ، لا تكسر المرأة ولا تذل أنفها ، لأنها إنما في حمايتك في رعايتك ، وقد أوصى الله عز وجل الأزواج فقال:( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )[ النساء:19] ، وإن لم تستطيع أن تعاشر بالمعروف نفعل أخف الضررين في المسألة .لكن إذا لم يكن ثمة شيء من الموانع فلا يجوز لك إلا أن تعدل ،.
والعدل يكون في الهبة المطلقة ، وهذه المسألة لها تفصيلات أنا لا أريد أن أخوض فيها ، وإنما أذكر مثلاً حتى إذا لم يكن للرجل إلا امرأة فليتق الله عز وجل فيها ، فإنه إذا ظلمها وجار عليها يحاسب عليها يوم القيامة ، في حديث عبدالله بن زمعة_ رضي الله عنه_ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم متعجبًا ( يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يأتيها آخر النهار ) .
حث النبي_ صلي الله عليه وسلم_ علي إكرام النساء.
امرأة مأسورة أسيرة عندك في الدار وهذا وصف الرسول عليه الصلاة والسلام في أخر خطبة خطبها أو في الخطبة التي خطبها يوم عرفة في حجة الوداع قال:( استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن عوانٌ عندكم ) _ عوان أي_ [مأسورات ]، لا تستطيع أن تخرج من السجن خاصتك إلا بالطلاق طالما هي على ذمتك فهي مسجونة ، فكن رجلاً كريمًا .
عقوق الوالدين:
رعاية حق والداك ، السبب في وجودك لا تقل لهما أف ، والذي يضرب أباه هذا مشكلته مشكلة كبيرة جدًا ، هذا لن يموت إلا إذا ذاق مافعله ومن الحكايات التي لا أنساها ، رجل فلاح يعمل في الأرض هو وابنه وحصل بينهم نوع من الشد ، فالولد ضرب أبوه بالقلم واثنين وسيعطيه الثالث فالأب قال له ظلم ، وكان لهم جار فلاح يعمل فض النزاع بينهم .
الرجل انخرط في بكاء عميق فسأله جاره الذي فض النزاع بين الولد وأبيه قال ما الظلم الذي كنت تقول ، قال أنا ضربت أبي قلمين اثنين ، وهذا يرد أن يضربني ثلاثة أقلام ، هذه لازم ترجع له .
رجل يصفع أباه ، عبدالله بن عمر بن العاص نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( لا يسب الرجل أباه وأمه فتعجب الصحابة وقالوا يا رسول الله أيسب الرجل أباه وأمه ؟ قال نعم يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه وأمه، )أي ليس الولد هو الذي سب ، لا ، هذا الولد سب ولد ثاني بأبيه ، فشتم الولد الثاني أباه ، أي هذا الولد بسبه لوالد رجل أخر جر السب على والده إنما الولد يسب مباشرة هذه مسألة غير متصورة ، بكل أسف هي موجودة .
هذه كلها مظالم.
ومظالم العباد ديوان لا يغفره الله تبارك وتعالى.
إنما يغفر الله عز وجل الذنب الذي اقترفه العبد وهو من حق الله تعالى أذنب ذنبا تعدى حدود الله عزوجل هذا ممكن يغفر ، إلا الذنب الذي هو في حق العباد لا يغفره الله عز وجل إلا إذا تجاوز العبد عن أخيه ويوم القيامة لا يوجد فيه إيثار واحد يقول خذ هاتان الحسنتين ، لا ، ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس: 34-37]
بل قال الله عز وجل: ( يُبَصَّرُونَهُم ْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ) (المعارج: 10) ، يريد أن يدخل أولاده النار وهو لا يدخل ( وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ ) ، القبيلة ، إن كان يارب أولادي يدخلون النار وأنا أخرج أنا وموافق ، امرأتي وأخي يدخلون النار مع الأولاد أنا موافق القبيلة كلها تدخل النار وأنا لا أدخل أنا موافق ، ( وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ ) [ المعارج :15 ] ، وصل الأمر به يوم القيامة أنه يريد أن يدخل الناس كلها النار ، لكن هو لا يدخل ، قال الله عز وجل له:( كَلا) انتهى كما قال عز وجل لبعض عباده قال:( عبدي إنه لا يُظلم عندي اليوم أحد ) فإنه بالذرة وبمثقال الذرة .
منزلة حسن الخلق.
فالمرء إذا جمع الحسنات يحرص ألا يبغي على أحد حتى تظل الحسنة كما هي ولهذا المعنى أشار النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( أن العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم الصائم الذي لا يفطر ، القائم الذي لا يفتر ) الإنسان حسن الخلق يدرك هذه الدرجة ، لماذا ؟ لأن الرجل الحسن الخلق يمضي إلى الله عز وجل ولا خصوم له ، ونحن قلنا المشكلة أنه يأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وسفك دم هذا ، قذف هذا ، هذا يأخذ من حسناته وهذا يأخذ من حسناته .
فإن فنيت أخذ من سيئاتهم ، الرجل الحسن الخلق ليس له خصوم ، يرحل عن الدنيا بالثناء العاصف ، الحسنة التي عملها تظل في صحيفته لا أحد يستلبها ولا يأخذها ثم يضع مكانها سيئة ، إن العبد ليدرك بحسن خلقة درجه الصائم القائم
مما يُحافظ به المرء علي حرثه وبذره الذي بذره في حياته
ثانياً-:أن يحذر السيئات الجارية:
لكي تحافظ على حسناتك التي بذلت وسعك فى جمعها فى الدنيا احذر السيئات الجارية وهذه حاجة ربما يتعجب منها بعض الناس ، نحن نعلم الصدقة الجارية هناك سيئات جارية ، ويرحم الله حبيب أبو محمد كما رواه أبو نعيم الأصفهاني فى كتاب الحلية فى ترجمة أبي الربيع الحارثى قال: [ إن من سعادة المرء انه إذا مات ماتت ذنوبه معه ] .
ويقول الشاطبى رحمة الله قال:[ طوبى لمن مات وماتت ذنوبه معه والويل كل الويل لمن مات وتبقى ذنوبه بعده مائة عام أو مائتي عام ] ، عبد يموت وذنبه ما زال حي.
من السيئات الجارية:
1- تصنيف الكتب في رد السنن والاعتداء على الدين.
مثل أهل البدع الذين يصنفون الكتب في رد السنن والاعتداء على الدين والتنظير للبدع ، ما ظل هذا الكتاب يتوارث ويقرأه الناس ويطبع إلا وذنوبه تتري ورائه
2-كتابة القصص الغرامية. والممثلين لادوار الغرام والمغنين والراقصات.
الذين يكتبون القصص الغرامية الفاجرة الممثلون والممثلات الذين يمثلون أدوار الغرام ماتوا وما زال الأفلام تذاع حتى الآن ، هذه عبارة عن سيئات مستمرة تصل إلي العبد إلا أن يتوب العبد أيضا المغنين والمغنيات والراقصين والراقصات الأحياء منهم والأموات ، كل هذا الآن بكل أسف ونحن أصبحنا في عصرال سى دى ، لم تعد المسألة مقتصرة زمان كان زمان على الواحد يذهب للسينما أو غير ذلك ، لا ، الآن كل هذه الأشياء بيحتفظ الإنسان بها ، المرأة تابت واحتجبت عن الخلق وهى عارية فى أيدي الخلق بسبب الأفلام وهذا الكلام .
س:ماذا يفعل من تاب من الممثلين والمغنين؟
المرأة إذا تابت أو الرجل إذا تاب كان ممثل وتاب ، ممثلة وتابت ، مغنى تاب مغنية إلى آخره , ندم وأيقظه الله عز وجل تعالى قبل أن يموت ، وعلم فداحة الجرم كم أضل من خلق ، سعروا جعلوا الشهوات مستعرة عند الناس .
1- يعلن البراءة العامة في الجرائد انه متبرئ من تاريخه الذي مضى ويناشد المنتجين الذين عملوا هذه القصة أن يتقوا الله تبارك وتعالى ، وكل من يحتفظ بأي سى دى مثلا أو أي شريط فيديو أو غير ذلك لهذا الكلام هذا أنه يجب علية أن يحرقه ، لأنني لا أرخص لأحد ، فعلنا ذلك ونحن غافلون ، تبنا إلى الله عز وجل ، تمموا لنا التوبة .
يقول واحد أن هذا الكلام سيذهب أدراج الرياح ، لا يوجد أحد سيفعل هذه القصة ، بالعكس لما المرأة تتوب وتحتجب يحدث نوع من النهم أنه يحتاج أن يتفرج عليها ليل نهار ، فلن يستمع أحد إلى هذه النصيحة ، لا المنتج الذي بذل الأموال التي سيسأل عنها لكي يحصل هذه الأموال أضعافًا مضاعفة وبكل أسف يتركها للورثة يتمتعون بها ويسأل عن كل مليم فيها .
وأنا أقول دائمًا ليس هناك إنسانًا يستحق أن تدخل النار لأجله
لا يوجد أحد غالي أبدًا تدخل النار لأجله ، ونحن نقرأ الآية( وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ) ، ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ) ، لمن تترك هذه الأموال ؟ تتركها لأولادك ، تريد أن تدخلهم النار ، مسألة العاطفة هذه والرفق والشفقة وغير ذلك انتهت ، كل إنسان وافى يوم القيامة لا يوجد عمل ولا شفاعات إلا لمن يأذن رب العالمين تبارك وتعالي .
أنت ممكن تقول أنا سأعمل هذا ولكن لن يسمع أحد الكلام
أقول على الأقل يكون معذرة إلى الله ، مثل ما فعل المؤمنين من قوم موسى عليه السلام مع الذين اصطادوا يوم السبت كما قال تعالي:{ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ } [الأعراف : 164] .
يقول هؤلاء الناس الذين يصطادون يوم السبت واحتالوا ، حبسوا السمك يوم السبت واصطادوه الأحد ، فأهل الصلاح نهوهم عن ذلك وذلك كان في البداية ، ثم اصطادت طائفة منهم يوم السبت ، وطائفة احتالوا حبسوا السمك في البحيرة لكي لا يعود إلى البحر مرة أخري واصطادوه يوم الأحد وقالوا نحن لم نصطاد يوم السبت ونصطاد يوم الأحد ، فيقولون لهم أنتم تكلمون من ؟ هؤلاء لن يستجيبوا لكم ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ) ، إنما أنت تعظ من يستجيب ، لكن إنسان لا يستجيب لماذا تعظه ، ( قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ) ، نحن عملنا ما علينا .
لذلك لما نزل العذاب نجا الله الذين ينهون عن الفحشاء بسبب أنهم تكلموا وليس من الضروري أن يسمع كلامك ، ولكن لابد أن تثبت موقفك أن هذا لا يجوز وأنت تعلم أنه لا يستمع ، لكن أنا أكون عملت .

أم محمد الظن
2010-10-08, 07:50 AM
الإمام البويطي وصلاة الجمعة:
يذكرني هذا المبحث بما جري للإمام البويطي أحد تلامذة الإمام الشافعي رحمة الله عليهما ، لما سجنوه بسبب قضية خلق القرءان ، كان كل يوم جمعة الإمام البويطي رجمه الله يغتسل ويلبس أحسن ثيابه ويضرب للسجان على الباب فيقول له ماذا تريد ؟ يقول ألبي نداء ربي ، يقول حي على الصلاة ، أريد أن أصلي والبويطي يعلم أن السجان لن يخرجه والذي سجنه الخليفة , فيقول له السجان عافاك الله ، ماذا حدث لك هل جننت ، فيقول البويطي يارب أردت أن ألبي داعيك فمنعوني ويخلع ملابسه .
الجمعة التي تليها يغتسل ويلبس أحسن ثيابه ويضرب الباب على السجان ويقول نفس الكلام ، فيرد عليه السجان بما سبق ، ثم يخلع البويطي ملابسه فلماذا فعل البويطي هذا وهو يعلم سلفًا أن السجان لن يفتح له ، معذرة إلى ربكم ، أن سأعمل الذي علي.
لذلك نحن نقول لمن لم يتب تب قبل الموت :
الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل ، تب قبل أن تموت ، إن الأمر جد كله ليس فيه ذرة لعب ولا مثقال ذرة من اللعب ، الذي تاب ووفقه الله إلى مراضيه وكشف الغشاوة عن بصره ،يعمل مناشدة في الصحف أن يتقوا الله عز وجل وأن كل من يمتلك أي شيء يجب عليه وجوبًا أن يحرق كل هذا الكلام ، فإذا فعل ذلك فقد أعذر إلى الله تبارك وتعالي وفعل شيئًا يقدمه بين يدي هذه المعاصي .
س:هل يوجد تعارض بين الآية(وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وحديث ابن مسعود في الصحيحين( لا تُقتلُ نفسٌ ظلمًا إلا كان على ابن ادم الأول كِفلٌ منها لأنه أول من سن القتل ) .؟
الإنسان يموت ويبقى ذنبه بعده وهذا معني في كتاب الله عز وجل وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم:( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ) [ النحل:25 ] هذه الآية تفسر لنا قوله تعالى:{ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } [الأنعام : 164] ، لأن بعض الناس يحتج بهذه الآية إذا سمع مثلاً قوله _صلي الله عليه وسلم_ في حديث بن مسعود في الصحيحين( لا تُقتلُ نفسٌ ظلمًا إلا كان على ابن ادم الأول كِفلٌ منها لأنه أول من سن القتل ) .
هذا الكلام فعلاً بعض الناس رد هذا الحديث في الفوضى التي نعيش فيها يقول هذا حديث مكذوب لأنه يعارض القرءان ، ابن آدم الأول قتل أخاه الحديث يقول كل إنسان قتل أي إنسان من بعد ولدي آدم إلى أن تقوم الساعة ابن آدم القاتل يوضع على كتفه ذنب كأنه هو الذي قتل ، قال هذا الحديث باطل ، ما سر بطلانه ؟ قال قوله تعالي: { وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } ، هذا قتل أخاه فما ذنبي ؟ لماذا يوضع عليه ؟ { وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }،{ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } [الطور : 21] .
نحن نرد عليه بالقرءان نفسه أيضًا:
( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) ، عندما يضل إنسان آخر أليس هذا الإضلال من كسب هذا الشخص الذي أضل ، هذا من كسبه هو الذي أضله فصار من كسبه .
فلا ينفع أن تعارض الآية بالآية ، هذا فهم قاصر لمعني قوله تعالي:{ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ، هذا من جملة أوزاره ، كما قال تعالى:{ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِم ْوَلَيُسْأَلُنّ َ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } [العنكبوت : 13] .
الإنسان إذا عمل العمل أو سن سنة سيئة كما في حديث جرير بن عبدالله البجلي وهو في صحيح مسلم وهو ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، لا ينقص من أجور هؤلاء شيء ، ولا ينقص من أوزار هؤلاء شيء ) .
لذلك العبد إذا مات ومات ذنبه معه كان خيرًا له بخلاف ما إذا ترك الذنب يسن سنة سيئة ، يأتي لنا بعيد من أعياد الكافرين ويظل يكتب ليزين هذه الأعياد ، بدأت الناس تنفعل وتعيد نفس هذه الأعياد فعليه وزر هذا ، كل عمل سيء يتركه العبد خلفه يتوارثه العباد في صحائفه السود ، وهذه اسمها السيئات الجارية ، فإياك والسيئات الجارية تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب .
ثالثاَ من السيئات الجارية الغرور.
الأمر الثالث,التي ينبغي أن يحذر المرء منه الغرور ، إياك أن تغتر بعملك بل يجب أن تغسل يديك من هذا المعني لأن النبي _صلي الله عليه وسلم_ قال من حديث أبي هريرة ( لن يدخل أحدًا منكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته ) .
وحديث ورد في مستدرك الحاكم وهو لا يصح عن النبي صلي الله عليه وسلم ، لكن أنا أذكره لتبيين المعني ، لبيان المعنى فقط ، لكنه لا يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام .
هذا الخبر يقول أن عبدًا من عباد الله عز وجل عبد الله في جزيرة ستمائة عام، يعيش في الجزيرة فيها رمان وفيها عين ماء عذب بقدر الأصبع ، يأكل قحف الرمان ويشرب الماء ويصلي ، فسأل الله عز وجل من جملة ما سأل أن يقبضه إليه وهو ساجد ، وبالفعل قُبِضَ هذا العبد وهو ساجد ويشبه أن تكون هذه من أخبار أهل الكتاب ، فقال الله عز وجل أدخلوا العبد الجنة برحمتي ، قال يارب بعملي ، برحمتي ، بعملي ، برحمتي ، بعملي ، قال ردوه ، زنوا أعماله في مقابل نعمي عليه ، وضعوا في كفة نعمة البصر ، ووضعوا في الكفة الثانية عبادة ستمائة عام ، فطاشت عبادة ستمائة عام في مقابل نعمة البصر وحدها ، فجروه إلى النار فجعل يقول يارب برحمتك يارب ، برحمتك يارب . فقال الله عز وجل له: عبدي من خلقك ولم تك شيئا ، برحمتي أم بعملك ؟ قال: برحمتك يارب ، قال من أخرج لك قحف رمان من الصخر ؟ برحمتي أم بعملك ؟ قال: برحمتك يارب ، قال من أخرج لك الماء العذب من الماء المالح برحمتي أم بعملك ؟ قال: برحمتك يارب ، قال من قواك على عبادة ستمائة عام برحمتي أم بعملك ؟ قال: برحمتك يارب ، قال: فبرحمتي أدخل الجنة يا عبدي كنت نعم العبد .
فالمرء يغسل يده من هذه المسألة ، لكن يجب عليه أن يبذل السبب الصحيح .
مسألة الغرور بالعمل هذه من أكبر المشاكل ، يُعجب المرء بعمله لابد أن ينقطع العمل وهو يمشي ، وطبعًا هذا الغرور وهذا الإعجاب له حلول ، له أكثر من أربعة أو خمسة حلول الإنسان إذا سلكها يتجنب الوقوع في الغرور بالعمل ، وهذا الأمر فيه شيء من البسط ، وكثير من إخواننا يشتكون أنني لا أعطي فسحة من الوقت للذين يسألون ، وأنا رأيت أن أجعل نصف الوقت تقريبًا لإخواننا الذين يتساءلون .

أم محمد الظن
2010-10-08, 07:51 AM
من الشريط التاسه فك الوثاق (350)

أم محمد الظن
2010-10-16, 12:49 PM
الإجابة عن الأسئلة:
س: ما حكم رضاع الكبير ؟
ج: هذه المسألة مما أقلب كفي عجبًا مما أسمع وأقرأ وما ذكرته الأخت أنا قرأته على صفحات الجرائد وبعض الأخوة أعطاني أشياء موجودة على الفضائيات ، فيه إفراط وتفريط ، التفريط يقول في رضاع الكبير أنه يجوز للرجل الموظف أن ترضعه زميلته لكي يظلوا مع بعض ، فهذا تهريج وليس علم ، والطرف الأخر يقول أن أحاديث رضاع الكبير أحاديث مدسوسة وهذا من صنع اليهود وأنها أحاديث باطلة ، وهذا أيضًا تهريج ليس له علاقة بالعلم مطلقًا .
والمدهش في المسألة أنه لا يوجد أحد مذاكر ، لا يوجد أحد تكلم في هذه المسألة أنا رأيته مذاكر الموضوع أصلاً ، وأنا قرأت في بعض الجرائد إن هناك أستاذة في العلوم الشرعية تقول إذا وجد أحد يقول برضاع الكبير أنا سأضربه بالحذاء ، هكذا باللفظ ، لا يوجد شيء اسمه رضاع الكبير .
أنا أريد أن أبين في هذا المقام حقيقة هذا البحث بإيجاز ، ولكن أرجوا أن أستوفي الموضوع .
وقبل أن نتكلم عن رضاع الكبير لابد أن نتكلم في ثلاث محاور :
المحور الـأول: ما هو الرَضاع المُحرِم
المحور الثاني: ما هو زمن الرَضاع المُحرِم؟
المحور الثالث: ما هي الرَضعة المُحرِمة ؟
هذه ثلاثة محاور لابد أن ينظر المرء فيها قبل أن يصل إلى رضاع الكبير
أما الرَضاع المُحرِم:
القول الأول- ذهب جمهور المالكية والحنفية وهي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله:
إلى أن قليل الرضاع ولو كان رضعة واحدة يحرم :
واحتجوا بأية وحديث :
1-أما الآية فقوله تعالي:( وَأُمَّهَاتُكُم ُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) [ النساء:23] فقالوا أطلق الرضاع ولم يحدده بعدد ولا زمن فإذا رضع الإنسان رضعة واحدة فهذه تحرم .
2-وأما الحديث : احتجوا بحديث عُقبة بن الحارث الذي رواه البخاري وغيره أن عقبة بن الحارث رضي الله عنه طرقت عليه امرأة سوداء باب الدار وطلبت نوالاً ،[ تريد حسنة ] فكأنهم تباطؤا عنها ولم يعطوها مباشرة فأرادت أن تستحثهم على التصدق عليه وترقق قلبهم فقالت لهم أعطوني فإنني أرضعتكما ، فلما سمع عقبة بن الحارث هذا القول وهو يعلم أن الرضاع يحرم انزعج وقال والله ما أرضعتِني ولا أذكر شيئًا من هذا .
ثم رحل من مكة إلى المدينة ليستفتي رسول الله_ صلي الله عليه وسلم_فيما تقوله المرأة ، فقال يا رسول الله حدث كذا وكذا ، فأعرض عنه النبي_ صلي الله عليه وسلم_، فجاءه عقبة من تلقاء وجهه ، فأعرض عنه النبي_ صلي الله عليه وسلم _، فجاءه عقبة من تلقاء وجهه ، أي كلما حول النبي صلي الله عليه وسلم وجهه عن عقبة يأتيه عقبة من تلقاء وجهه ويقول له هذا الكلام فيقول يا رسول الله إنها امرأة تقول ، واحدة تقول أي كلام ، فقال النبي ﷺ كيف وقد قِيل ؟ فارقها أو قال دعها عنك ، فطلقها عقبة وتزوجها رجل أخر .
فقالوا لم يستفصل النبي _صلي الله عليه وسلم _من عقبة عن عدد الرضعات ، فلما لم يستفصل عن عدد الرضعات دل أن قليل الرضاع الذي أقله رضعة واحدة وكثير الرضاع محرم .
الرد علي الجمهور:
هذا الكلام هناك رد عليه خاصة فيما يتعلق بحديث عقبة ، , يقول أهل العلم إذا تعارض دليلان أحدهما يقبل التأويل والأخر لا يقبله يقدم الخبر الذي لا يقبل التأويل على الذي يقبله و خبر عقبة بن الحارث وهو قابل للتأويل قطعًا ، كأن نقول مثلاً لعل هذا قبل ذكر عدد الرضعات ، لو سلمنا أنه بعد عدد الرضعات الذي هو خمس ، القول الراجح في المسألة ، أن الذي يحرم خمس رضعات معلومات كما سيأتي .
لو سلمنا أن هذه الواقعة وقعت بعد ذكر الخمس رضعات فيقال كأن الخمس رضعات اشتهرت عند الناس جميعًا فلم نحتاج أن نذكرها في كل واقعة وصار هذا معلوم عند الناس جميعًا أن الخمس رضعات يحرمن ، فهذا النص يقبل التأويل إما أن نقول كان قبل التحريم بخمس رضعات ، أو لو كان بعد التحريم بخمس رضعات فلم ينص عليه الاشتهار هذا الأمر بين الصحابة فهذا النص قابل للتأويل .
أما النص الذي لا يقبل التأويل فهو ما رواه مسلم رحمه الله من حديث أم الفضل رضي الله عنها( أن رجلاً من بني عامر بن صعصعه أتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أتحرم المصةُ الواحدة ؟ قال: لا)
القول الثاني: تحرم الثلاث .
حجتهم:
1-كما في حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم عن النبي ﷺ قال:( لا تحرم المصة ولا المصتان ) قال فالثالثة تحرم .
2-واحتجوا أيضًا بحديث أم الفضل وهو في حديث مسلم أيضًا( أن رجلاً أعربي جاء لرسول الله صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني تزوجت امرأة ثانية فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت امرأتي الحُدثي ) [ وهذا يوحي أن بين المرأتين عشرين ، ثلاثين سنة ، لدرجة المرأة الأولي قالت له أنها أرضعت امرأته الأولي ]، (رضعة أو رضعتين ، فقال عليه الصلاة والسلام ( لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان ) [والإملاجة ]أي المصة .
رد العلماء عليهم:
لكن العلماء ردوا على هذا وقالوا أنهم أخذوها بدليل المفهوم ، والمفهوم فيه نزاع .
القول الراجح: في المسألة وهو قول أكثر أهل العلم أن الذي يحرم الخمس رضعات.
حجتهم: واحتجوا بحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت ( كان مما أُنزِلَ من القرءان عشر رضعاتٍ معلوماتٍ يحرِمن ثم نُسِخنَ بخمس رضعات معلومات يحرمن فمات رسول الله _صلي الله عليه وسلم _وهن مما يُقرأُ من القرءان ) بعض الناس يَرِد عليه الآن يقول :خمس رضعات معلومات يحرمن ليس موجود في القرءان ، فكيف تقول عائشة فمات رسول الله ﷺ وهن مما يقرأ من القرءان ؟
قال العلماء: إن هذا النسخ من العشرة إلى خمسة تأخر نسخه جدًا حتى أن بعض الصحابة لم يعلموا بالنسخ .
و النسخ ثلاثة أنواع عند جماهير أهل العلم ، لم يخالف في هذا أحد يعتد به .
النوع الأول :ما نُسِخَ لفظه وحكمه .
النوع الثاني: ما نُسِخَ لفظه وبقي حكمه .
النوع الثالث: ما نُسِخَ حكمه وبقي لفظه . هذا النوع هوالأشهر والأكثر في النسخ ،.
الذي يهمنا النوع الثاني: وهو أن ينسخ اللفظ ، يرفع اللفظ نفسه الآية نفسها رفعها الله عز وجل وبقي حكمها ، كآية الرجم وهي ثابتة في حديث زيد بن ثابت وغيره من الصحابة أنه قال: ( إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله الشيخ والشيخة إذا زَنَيا فارجموهم البتة بما قضيا من اللذة نكالاً من الله والله عزيز حكيم ) .
وفي صحيح البخاري :في أخر خطبة طويلة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ( إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله تبارك وتعالي ألا ترغبوا عن أبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن أبائكم ) .
وفي صحيح مسلم: من حديث أبي موسى الأشعري أنه دعا قراء البصرة فجاءه ثلاثة مائة كلهم يقرأ القرءان فقال: ( يا معشر القراء أنتم خيار أهل البصرة أتلوا القرءان ولا تناموا عنه أو تتركوه فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب من سبقكم وإنه كان مما نقرأ سورة في الطول والشدة كبراءة ، أذكر منها لو كان لابن أدم واديان من مال لابتغي ثالثًا ولا يملأ جوف ابن أدم إلا التراب ) وذكر آية أخرى .
فهذا نوع من أنواع النسخ عند جميع علماء المسلمين من أهل السنة والجماعة متفق عليه بينهم .
الآية ترفع لفظها ويبقي حكمها ، فهذا من هذا الجنس( خمس رضعات معلومات يحرمن)، هذه كانت آية في كتاب الله عز وجل ثم رفعها الله عز وجل وبقي حكمها .
إذن الذي عليه أكثر أهل العلم: هو خمس رضعات معلومات يحرمن ، هذه عدد الرضعات ، هذا الرضاع المحرم العدد .
ماهي الرضعة المحرمة ؟
هل لو التقم الولد الثدي ثم أمه مشغولة فوضعته علي السرير ثم ذهبت لتؤدي عملها ورجعت أرضعته مرة ثانية فهذه تكون رضعة أم اثنين ؟ .
الولد ساعات أمه ترضعه يمص مصتين أو ثلاثة ثم ينام ، فتهزه فيقعد يرضع فهذه رضعة أم اثنين ؟ .
هذا الثدي انتهي اللبن منه وتريد أن تنقله على الثدي الثاني فهذه رضعة أم اثنين ؟
فلابد من النظر ما هي الرضعة المحرمة ؟
انظر في الحديث (خمس رضعات معلومات يحرمن ).
[ الرضعة المعلومة: ]أي المعروفة المشبعة ، الولد يشبع من الرضعة بشرط أن الولد إذا نزع فمه من ثدي أمه ، أو أمه وضعته وذهبت لتعمل لا يطول زمان الفصل ، أي أن الولد إذا رضع مصة أو مصتين أو ثلاثة ، ووضعته أمه وذهبت تعمل بالمطبخ لمدة ساعة أو نصف ساعة وأتت لترضعه ثانية فهذه رضعتين ،.
فالعلماء قالوا: أن تكون الرضعة مشبعة ويشترط ألا يطول زمان الفصل .
المحور الثالث: وهذا هو سبب الإشكال في رضاع الكبير ، زمن الرضاع المحرم النبي ﷺ كما في حديث أم سلمة وهو في سنن الترمذي وصححه ، قال صلي الله عليه وسلم:( لا رضاع إلا ما كان في الحولين وفي الثدي قبل الفطام ) ، وفي سنن الدار قطني من حديث بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:( لا رضاع إلا ما كان في الحولين ) .
وحديث أم سلمة (لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الحولين لأن عندنا( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [ البقرة :233] .
وقال تعالى:﴿ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ﴾ [لقمان: 14] ، فعندنا حولان ، هذا الرضاع المحرم إذا كان الولد يرضع خلال الحولين ، وفتق الأمعاء إشارة إلى نمو الولد بسبب اللبن ، اللبن هو الوجبة الرئيسية للولد
كما قال ﷺ ( إنما الرضاعة من المجاعة ) من الجوع ، من شدة الجوع ، فإذا سد الرضاع جوع الولد ولا يكون ذلك إلا إذا اعتمد الولد اعتمادًا كبيرًا أو كاملاً علي لبن الأم بخلاف إذا ما أكل الولد بجانب اللبن .
فيكون الرضاع المحرم في الحولين ، والرسول ﷺ قال:( وقبل الفطام ) ، هذا الفطام أحيانًا الأم تفطم ولدها على سنة ونصف أو على سنة أو على شهرين أو ثلاثة ،.
فإذا فطمت الأم الولد على سنة ونصف ولم تكمل سنتين ، هل يعتد بهذا الفطام ؟
قال أهل العلم كمالك وغيره: إذا استغني عن اللبن واعتمد اعتمادًا رئيسًا على الأكل فيكون هذا هو الفطام له ، فإذا رضع بعد ذلك لا يؤثر في التحريم .
فيكون الرضاع المحرم عندنا هو ما كان في الحولين .
رضاع الكبير ، نحن نقول رجل كبير تجاوز سنتين عنده ثلاث سنين ، عنده أربع سنين ، عنده خمس سنين ، عنده عشرين سنة ، كما هو في حالة سالم مولى أبي حذيفة ، هذه النصوص لا يوجد حاجة اسمها رضاع الكبير فعلاً فكيف جاء رضاع الكبير وما قصته .
الذين يقولون الأحاديث مدسوسة ومن صنع اليهود وأنه لا يوجد شيء اسمه رضاع الكبير ، لا ، هؤلاء جميعًا مخطئون .
أجمع أهل العلم بالحديث على ثبوت أحاديث رضاع الكبير:
فمن جهة الثبوت لم يختلفوا وما قال أحد قط أن أحاديث الرضاع الكبير موضوعة أو مدسوسة إلا الذين ليس عندهم أي فكرة عن علم الحديث ولا حتى قرأ في كتاب ، فهذا الحكم وهذا حكم ثابت في كل كتب الفقه .
حديث رضاع الكبير رواه الإمام مسلم في صحيحه ، رواه من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم محمد بن أبي بكر عن عائشة ، ومن طريق بن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة ، ومن طريق زينب بنت أم سلمة عن عائشة والحديث ثابت لا ريب فيه .
فما قصة سالم ؟
سالم مولى أبو حذيفة تبناه أبو حذيفة على عادة العرب قديمًا كما تبني رسول الله[زيد بن حارثة] وحتى أبطل الله التبني ,وأخذه صغيرًا ، هاجر أبو حذيفة وامرأته سهيلة بنت سهل و معهم سالم وهذه الأسرة هاجرت الهجرتين ، وهم من السابقين الأولين ونما معهم سالم حتى كبر وصار عنده عشرين سنة ؛ فجاءت سهيلة المرأة اليقظة الفطنة
أبو حذيفة لم يشتك قط ولا تكلم عن سالم ،لكن زوجته , رأت بعض الكراهة في وجه أبي حذيفة من وجود سالم في البيت منفردًا مع امرأته فذهبت إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالت يا رسول الله إني أري الكراهة في وجه أبي حذيفة من وجود سالم في البيت ،[ وفي بعض الروايات في صحيح مسلم قالت يا رسول الله إن سالمًا كما تعلم كان بعض متاع البيت ، فقالت بلغ مبلغ الرجال وأصبح يعرف ما يعرفه الرجال وأبو حذيفة يظهر على وجهه الكراهة ، فقال عليه الصلاة والسلام أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة فقالت يا رسول الله كيف أرضعه وهو رجل كبير ذو لحية ؟ فتبسم النبي ﷺ وقال قد علمت أنه كبير ، فأرضعته سهيلة خمس رضعات ، بمجرد ما أرضعته ذهبت سهيلة إلى رسول الله ﷺ وقالت والله يا رسول الله لقد ذهب ما في وجه أبو حذيفة من كراهة
عائشة رضي الله عنها ذهبت إلى هذا الحديث ووافقها عطاء من التابعين بن أبي رباح ، الليث بن سعد من الأئمة المجتهدين وهو قرين مالك إمام أهل مصر وشيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم ، لكن بمعنى سأذكره الآن .
أما سائر أزواج النبي صلي الله عليه وسلم فأبين ذلك :
وقلن والله ما ندري لعلها كانت رخصة لسالم دون الناس ، وإلى هذا الذي ذهب إليه سائر أزواج النبي ﷺ ذهب جماهير أهل العلم قالوا كانت رخصة لسالم .
فما القصة إذن ، ؟ هذه المسألة فيها تشغيب على الشريعة ، لأن رضاع الكبير ليس منتشر في البلد لكي نعمل مظاهرة ، وكل وقت نتكلم عن رضاع الكبير ، فهو حالاته محدودة ، جماهير أهل العلم قالوا كانت رخصة لسالم ، فلماذا يتكلمون هذا الكلام ؟ رخصة لسالم أي مات الحكم بموت سالم .
والمعروف أن الخاص لا يعارض العام بل يستثنى من العام .فإذا كان حكم مخصوص لرجل بعينه ومات هذا الرجل ذهب الحكم معه ويبقي الحكم الأصلي.
الذي ذهب إليه جماهير أهل العلم وهو لا رضاع إلا ما كان في الحولين وهذه رخصة خاصة لسالم .
شيخ الإسلام بن تيميه رحمه :
الله يرى ورأيه سديد ، أنه لا ناسخ ولا منسوخ في المسألة إنما نلجأ إلى قول عائشة رضي الله عنها في حل بعض المشكلات .
والسؤال الذي تسأله الأخت أنهم أخذوا البنت من الملجأ وهي سنها سنتين والآن البنت كبرت وحاضت وصار سنها ثلاثة عشر سنة أو زيادة ، وظهرت قصة الرضاع الكبير , وهذه البنت ستكون محرمة أو ممنوعة من الرجل ، أي أن الرجل لا يخلو بها ولا تظهر أمامه وغير ذلك .
يوجد في الفقه مايُسَمي بثمرة الخلاف ، عندنا قولان:
1-قول الجماهير الذي من المفروض أن نتبناه ،.
2-وقول عائشة رضي الله عنها الذي هو سيحل لنا هذه المشكلة تحت عنوان ثمرة الخلاف في المسألة ؟
فما معني ثمرة الخلاف في المسألة ؟
أهل العلم قد يختلفوا في حكم ما ، ولنمثل مثلاً بـ ( لا نكاح إلا بولي ) حديث أبي موسى الأشعري وحديث عائشة رضي الله عنها ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل )
جماهير أهل العلم باستثناء الحنفية: ذهبوا إلى بطلان النكاح بغير إذن الولي إعمالاً لهذين الحديثين ولقوله تعالي:( فانكحوهن بإذن أهلهن ) .
أبو حنيفة رحمه الله وأصحابه :يرون جواز النكاح بغير إذن الولي ، تزوجت امرأة على مذهب الإمام أبي حنيفة بدون إذن الولي ، فما حكم هذا النكاح ؟ الحديث يقول باطل باطل باطل ، السؤال: هل هي زانية ؟ الجواب عند كل أهل العلم لا .
السؤال الثاني: الأولاد الذي أنجبتهم هذه المرأة أولاد زنى ، الجواب لا ، قالوا لأن أبا حنيفة لما احتج ، احتج بظواهر النصوص وضعف هذا الحديث وضعف هذا الحديث وإن كان أهل العلم في الحديث ردوا على الحنفية في هذه المسألة لكن لم يخترع أبو حنيفة هذا الكلام من كيسه ، بل بظواهر نصوص .
فأصبح النكاح بغير إذن الولي نكاح شبهة ، وطالما هذا نكاح شبهة .
فثمرة الخلاف في المسألة:إن أنا لا أقول أن المرأة زانية ولا أقول أن الأولاد أولاد زنا ، وهذا ما يسميه العلماء بثمرة الخلاف في المسألة .
نأتي على رضاع الكبير حالة مثل هذه الحالة ، واحد أو واحدة أخذ بنت أو ولد من الملجأ عنده ثلاث سنين وربوه فكبر ممكن نستخدم رضاع الكبير في هذه المسألة وليس كما يقول الجماعة الذين يتكلمون أنا عندي عامل في المحل كل يوم يذهب إلى البيت أجعل زوجتي ترضعه ، سائق التاكسي كذلك ترضعه ، هذا كله تهريج ، ليس له علاقة بالعلم ، هذا كلام وعمل أهل السوء وغير ذلك هم الذين يقولون هذا الكلام .لكن كلام أهل العلم بخلاف ذلك تمامًا ،.
متي نلجأ لكلام عائشة رضي الله عنها؟
نلجأ إلى قول عائشة في أضيق الحدود إذا كانت المسألة كحال سالم مولي أبو حذيفة مع سهيلة بنت سهل ،( قالت يارسول الله إن سالم كان بعض متاع البيت)من صغره وهو يعيش معهم ، فأين يذهب ؟
فيمكن من ثمرة الخلاف في المسألة أنا ألجأ إلى رضاع الكبير .
المسألة كلها لا يوجد موضوع حتى نتشنج هذا التشنج الذي نراه في الصحف والجرائد وغير ذلك ، واتهام أن الأحاديث لا ، ويجوز إن يرضع زميلته وهذه القصة .
الرضاع الجماهير على أن هذا الرضاع رضاع الكبير كان رخصة لسالم وانتهت بموت سالم ، أليس هذا الكلام كافي لغلق الباب ، ولا نشغب علي الشريعة والمقصود أن الشريعة يسيئوا للشريعة وأن يسيئوا لأهل العلم والذي يؤثر في نفسي أن أهل العلم أنفسهم يقولون أن الأحاديث لم تصح وأنه مدسوس ولا يوجد شيء اسمه رضاع الكبير .
لما تفتح الجماهير كتب الفقه وراءكم وتجد أن رضاع الكبير موجود ، وأن العلماء يثبتون ، ماذا يظنون بأهل العلم ؟.
نحن نريد أن من يتكلم في دين الله عز وجل لابد أن يتثبت ولا ينفعل ولا تحتاج ردود أفعال ، إذا لم يكن عندك علم أمهل حتى تراجع كلام أهل العلم لأنه يقبح للعالم أن يقول كلامًا يصادم العلم .
في ترجمة سفيان بن عيينة رحمه الله سأل تلاميذه يومًا قال:
[من أحوج الناس إلى العلم ، قالوا له العوام ، قال: لا ، أحوج الناس إلى العلم العالم ، لأنه قبيح به ألا يعلم ]، وهذا كلام سفيان بن عيينه شيخ الإمام أحمد وشيخ الشافعي .
فأرجوا أن يكون الكلام في مثل هذه المسائل بعد أن تذاكر الأول قبل أن تقول أن هذا باطل أو تثبت حكمًا بذلك .
س: ما حكم من يقول أن النقاب عادة جاهلية وأنه ليس هناك نص في القرءان أو السنة لهذا الكلام ؟
ج: كيف يكون النقاب عادة ، وحديث( لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ) وهذا حديث صحيح لا ريب فيه ، هذا معناه لا تنتقب المرأة المحرمة ، فكيف النقاب لم يأتي في السنة ؟ وآية سورة الأحزاب التفسير الصحيح إلى عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما وجماهير أهل العلم يقولون بذلك ، وأنا لا أفهم أي إنسان يراجع كتاب من كتب التفسير أو كتاب من كتب الفقه سيجد هذا الكلام .
والأعجب من هذا أن يقول قائل أن النقاب كان بدعة عند مالك ، أنا أقول لهذا القائل أخرج مصدرك ، من أين أتيت بهذا الكلام ؟ ، لو بحث في كتب المالكية لن يجد هذا الكلام .
إنما الموجود في كتب المالكية أن إيجاب النقاب في الحج بدعة :
فهو حذف كلمة الحج هذه ، والمعروف أن المرأة في الحج لا تنتقب وليس النقاب عند مالك بدعة .
يقول هو واجب عند الشافعي وبدعة عند مالك ويترك القراء يقرءون وكل واحد يختار الذي يريده ، فكيف يكون النقاب واجب عند الشافعي وتأثم المرأة إذا لم تنتقب ، ويكون بدعة عند مالك تأثم إذا انتقبت ، كيف ذلك ؟ أليس هذا يجعل الجماهير تسيء الظن بأهل العلم الكبار .
الموجود في كتب المالكية أن من يوجب النقاب على المرأة المحرمة هذا مبتدع فالمفروض أن نصحح الكلام ، نذاكر أيضًا وننقل بأمانة كلام اهل العلم وأما من يقول ليس موجود في الكتاب والسنة فالإنسان يقلب كفيه عجبًا .
أيضًا مسألة الطلاق في الحيض :
يقول لا ينبغي أن يتبنى الإنسان الطلاق في الحيض إذا كانت هذه الطلقة مثلاً الطلقة الثالثة كما فهمت والبيت يتشرد ، طبعًا هذا الكلام لا قائل به من أهل العلم مطلقًأ ، هذا أهل العلم يسمونه رخص العلماء ، تتبع الرخص .
الجماعة الذين يتتبعون رخص العلماء ماذا يعملون ؟ يقولون إذا كان في المسألة ثلاثة أقوال ، فأنت اختار أسهل الأقوال ، طالما مشكلة هذا الرجل ستحل بقول من هذه الأقوال ، اختاره له .
أنا أقول نقل بن عبد البر رحمه الله إجماع أهل العلم على تحريم تتبع رخص العلماء ،: وليس المقصود بالرخصة هنا الرخصة التي دل عليها الدليل وليس المقصود الرخصة الشرعية ، المقصود زلة العالم ، العلماء يسمونها رخصة مثل سليمان التيمي وهو صاحب هذا الكلام الرائق الجميل ،[ إذا تتبعت رخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله ]، لأن الرخصة هنا معناها الزلة ، إذا أخذ زلة من هنا وزلة من هنا ومن هنا كان المجموع زلات .
نفترض أن أنا رجل عالم وتحرر لدي بتنقيح الأدلة ثابتة من جهة النقل وراجحة من جهة الفهم ، ترجح لدي أن الطلاق يقع في الحيض وهذا قول جماهير أهل العلم أصحاب المذاهب الأربعة خلافًا لشيخ الإسلام بن تيميه ومن رأى رأيه في هذه المسألة أن الطلاق يقع في الحيض .
ترجح لدي ذلك وعندي آلة الاجتهاد ، أستطيع أن أنظر في الدليل وأستطيع أن أفهم ، دارس أصول حديث صح ، دارس أصول فقه صح ، أثبت الدليل وأثبت الدلالة واخترت هذا وضعفت القول الآخر ، هو عندي ضعيف مثلاً وأنا أعطي مثال ، فلما يأتي أحد يقول طلقت امرأتي في الحيض بأي وجه يلقى المرء ربه أنه يترك ما يعتقد أنه الحق جزمًا ويفتيه بالقول الأخر الضعيف لأجل ألا تتفرق الأسرة ؟ .هذا ليس عملنا وليس من صلاحية الفقيه .
إنما متى ينتقل من هذا إلى هذا؟
إذا كان كلا القولين على ميزان واحد في القوة ، بكل أسف يحتجوا بمثل هذا الانتقال إلى القول الأضعف مع أنه لا يعتقده ، مثلاً قول عائشة رضي الله عنها ( ما خير رسول الله صلي الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ) فيقول الأيسر أنك ترجع المرأة لزوجها ولا تهدم بيها وهذا هو الأيسر .
أنا أقول لمن كتب هذا الكلام أكمل الحديث ، عائشة رضي الله عنها تقول: ( ما خير رسول الله صلي الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا ) ، وأي إثم أعظم من أنك تترك ما تدين لله به وتعتقد أنه الحق وأن غير ذلك منكر أو ضعيف أو مرجوح ، فكيف تترك هذا الذي تعتقده وتذهب إلى القول الأخر الذي لا تعتقده أنت هذا إثم أن تفتي في دين الله عز وجل بما لا تعتقد .فتتبع رخص العلماء لا يجوز .
ينتقل المرء من هذا القول إلى هذا القول إذا ترجح لديه أن القولين على قدر من القوة :، يجوز أو كما نقول أو فيه ثمرة خلاف في المسألة ممكن ألجأ إليها
لكن أن أقول إذا كان فيه قول العلم بأن الطلاق مثلاً لا يقع في الحيض ، فأول ما يأتيني أحد ولكي لا أهدم البيت أفتيه بهذا ، فمن الذي يقول هذا الكلام ؟ .
نعم إذا كان يعتقد أن الطلاق لا يقع في الحيض وحرر الأدلة ووصل إلى قناعة يفتي بذلك ولا يلزمه أن يفتي بالقول الأخر حتى ولو كان قول الجماهير طالما أنه وصل إلى قناعة والمفتي لابد أن يعلم أنه قبل أن تزول قدمه يوم القيامة سيسأل عن مثل هذا .
لذلك لما الإمام مالك نقل عن شيخه محمد بن عجلان أنه جاءه رجل وامرأته وقال: أنني طلقت ، فلم يترجح عند محمد بن عجلان قول فأبى أن يفتي فسأله مالك عن ذلك فقال: أُرجِعُها له يستمتع بها وأنا أسئل عنها ، ليس من صلاحياتي ، قبل أن تزول قدمه سيقال له كيف أفتيت بهذا ؟ .
ونحن نقول إذا وصل المرء إلى قناعة وكان من أصحاب الأهلية في الفتوى إلى هذا القول أو إلى ذاك القول لا جناح عليه أن يفتي ولا يلزمه القول الأخر قال سفيان الثوري رحمه الله [ إنما العلم الرخصة من ثقة ] الرخصة الشرعية من ثقة أما التشديد فيحسنه كل أحد .
انتهي الدرس التاسع


______________________________ _______
انتهي الدرس التاسع291

أبو عمر القحطاني
2010-10-30, 10:29 PM
بارك الله فيكم ونفع بكم
ولو وضعتم هذا الشرح في ملف ورود مثلا كان افضل لمن اراد تحميله والاستفادة منه لا حقا . لاحرمكم الله الاجر

أم محمد الظن
2010-11-01, 05:39 AM
أخي أبو عمر أدخل المواد المفرغة وحمل الملف كاملا حفظكم الله