الآجري
2010-05-08, 04:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
علم الحديث ذلك العلم الشريف يؤسفني أنه لا ناقة لي فيه ولا جمل ، غير أني أعرف بعض الزملاء الذين يهتمون به ويأخذون عن المحدثين ، ومنهم هذا الأخ كاتب المقال ، أرسل لي مقاله على بريدي فأردت أن أسعفكم به لأرى رأيكم فيما كتب .
فإلى المقال :
(مقدمة)
إنّ قضية تحرير المصطلحات التي يتداولها العلماء في غاية الأهمية إذْ أنها لغة الخطاب وسر معانية ومفتاح خزائنه
فإن الإصطلاحات هي الألفاظ الموضوعة للحقائق كما عبّر القرافي وكما قال إبن بدران في مدخله إلى المصطلح ( كلُّ قوم لا تعرف مصطلحاتهم لاتفهم مقاصدهم )
فتحرير المصطلحات من العلم الرصين السمين والله الموفق
(صورة البحث)
ألّف الحاكم المستدرك فوقع في أخطاء فادحة عظيمة كما نص على ذلك جمع من المحققين ، نظّر أنها على شرط الشيخين أو أحدهما ، وسبب وقوعه فيما وقع فيه يعود إلى أنه ألّفه على حين ضعف وشيبة ومثل ذلك صار للأئمة الكبار لكن الذي ميز الحاكم أنّه الّف حين الضعف فخلّد أخطاءه ، وإلا فإن علو كعبه يتبين في باقي كتبه وفي أجزاء من المستدرك..
ثم جاء الإمام الذهبي وقد علم جلالة الحاكم وعمله هذا يدل على وعي شديد بأن كتاب الحاكم سيلاقي نقدا شديدا قد يؤدي إلى تهميشه فتفقد الأمة أحاديث وافرة فسعى إلى تلخيصه
وعمله كالتالي :
1- إختصر الأسانيد 2- إختصر المتون 3- عرّف بالرواة 4- إختصر حكم الحاكم على الأحاديث 5- حذف أحاديث بأكملها 6- تعقّب الحاكم في بعض أحكامه
وبقي جزءٌ هو أصل الخطأ الشائع المتداول اليوم بين يدي المحققين وهو ماصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي ولم يبين حكمه على الحديث فقال جمع من المحققين:
(أخرجه الحاكم ووافقه الذهبي)
(نشأة هذه العبارة)
يعتبر السيوطي من أوّل -ولعله أول-من أُثرت عليه هذه العبارة في كتبه لكنّ استعماله لها كان خجولا فأحيانا يمرّ على ما سكت عليه الذهبي ولا يقول بالموافقة
لكنّ المناوي جاء وتوسع في هذا الباب وجعلها في عبارة التخريج كثيرا ثم تبعه جماعة من المتأخرين
منهم الألباني وأحمد شاكر وحبيب الله الأعظمي وسعد الحميد وأبو إسحاق الحويني وأكرم العمري ومقبل الوادعي والغماري وغيرهم فهذا الخطأ -بنظري- قد إستشرى وفشا في المحقيقين بشكل كبير وقد ساهمت الطبعة الهندية للمستدرك في فشو العبارة بشكل كبير جدا
(الأدلة على بطلان عبارة الموافقة )
* لم ينص الإمام الذهبي في الباب بشيء وهو الساكت ولا ينسب لساكت قول .
* وقع بالإستقراء أنّ كثيرا مما قد سكت عليه الذهبي قد ضعفه في مواضع أُخر مما يوحي إليك بأن سكوته ليس إقرارا على الصحة .
* تتابع جماعات من المحققين من العلماء الكبار على ذكر تصحيح الحاكم فقط ولم يفهموا ما فهمته مدرسة الحديث المعاصرة من موافقة الذهبي له وإلا لذكروه
منهم من رؤوس هذا العلم كالزيلعي وابن حجر والعراقي وابن الملقن .
* أنّ الذهبي قد أشار إلى أنه لم ينتهي من الكتاب فقد قال بعد ترجمة الحاكم في السير تكلم عن المستدرك ثم قال ( على كل حال فهو كتاب مفيد ولقد إختصرته ولا يزال يعوزه عملا وتحريرا ) وقد علّق على هذا الكلام شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للسير بكلام نفيس جدا فانظره.
* قد صرح الذهبي بأنّ ربع الكتاب صحيح على شرطهما أو أحدهما والربع الآخر صالح وجيد والنصف الأخر مناكير وعجائب فعلى هذا فلو سلمنا بأنّ سكوته موافقة على الصحة لوجد تعارض وتضاد وتناقض
أحاديث المستدرك (9000) عدد تعقبات الذهبي (1200) تقريبا
فعلى مصطلح الموافقه يكون الصحيح من المستدرك (7800)
وعلى الأصل من عمل الامام الذهبي فما صححه وحسنه (4000) حديث
فأي المنهجين أقرب لصنيع الإمام ؟!
(الخاتمة)
لقد حاولت في هذا المقال تحرير المسألة بأوجز عبارة متجنبا الحشو من الكلام والإطالة لا سيما أن الموضوع مهم جدا والخطأ منتشر جدا وعندي من الأمثلة والأدلة ما يطول المقام لذكرها وموضع مثل هذا الكتب المصنفة وليس المقالات
لكن لعل هذه الإلماحة وعصارة البحث تقع موقعها لدى أهل هذا الشأن العارفين لقدره وجلالته
وأسأل الله أن يغفر لعلمائنا أجمعين
والحمد لله رب العالمين .
كتبه /
سالم بن محمد الشهري
علم الحديث ذلك العلم الشريف يؤسفني أنه لا ناقة لي فيه ولا جمل ، غير أني أعرف بعض الزملاء الذين يهتمون به ويأخذون عن المحدثين ، ومنهم هذا الأخ كاتب المقال ، أرسل لي مقاله على بريدي فأردت أن أسعفكم به لأرى رأيكم فيما كتب .
فإلى المقال :
(مقدمة)
إنّ قضية تحرير المصطلحات التي يتداولها العلماء في غاية الأهمية إذْ أنها لغة الخطاب وسر معانية ومفتاح خزائنه
فإن الإصطلاحات هي الألفاظ الموضوعة للحقائق كما عبّر القرافي وكما قال إبن بدران في مدخله إلى المصطلح ( كلُّ قوم لا تعرف مصطلحاتهم لاتفهم مقاصدهم )
فتحرير المصطلحات من العلم الرصين السمين والله الموفق
(صورة البحث)
ألّف الحاكم المستدرك فوقع في أخطاء فادحة عظيمة كما نص على ذلك جمع من المحققين ، نظّر أنها على شرط الشيخين أو أحدهما ، وسبب وقوعه فيما وقع فيه يعود إلى أنه ألّفه على حين ضعف وشيبة ومثل ذلك صار للأئمة الكبار لكن الذي ميز الحاكم أنّه الّف حين الضعف فخلّد أخطاءه ، وإلا فإن علو كعبه يتبين في باقي كتبه وفي أجزاء من المستدرك..
ثم جاء الإمام الذهبي وقد علم جلالة الحاكم وعمله هذا يدل على وعي شديد بأن كتاب الحاكم سيلاقي نقدا شديدا قد يؤدي إلى تهميشه فتفقد الأمة أحاديث وافرة فسعى إلى تلخيصه
وعمله كالتالي :
1- إختصر الأسانيد 2- إختصر المتون 3- عرّف بالرواة 4- إختصر حكم الحاكم على الأحاديث 5- حذف أحاديث بأكملها 6- تعقّب الحاكم في بعض أحكامه
وبقي جزءٌ هو أصل الخطأ الشائع المتداول اليوم بين يدي المحققين وهو ماصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي ولم يبين حكمه على الحديث فقال جمع من المحققين:
(أخرجه الحاكم ووافقه الذهبي)
(نشأة هذه العبارة)
يعتبر السيوطي من أوّل -ولعله أول-من أُثرت عليه هذه العبارة في كتبه لكنّ استعماله لها كان خجولا فأحيانا يمرّ على ما سكت عليه الذهبي ولا يقول بالموافقة
لكنّ المناوي جاء وتوسع في هذا الباب وجعلها في عبارة التخريج كثيرا ثم تبعه جماعة من المتأخرين
منهم الألباني وأحمد شاكر وحبيب الله الأعظمي وسعد الحميد وأبو إسحاق الحويني وأكرم العمري ومقبل الوادعي والغماري وغيرهم فهذا الخطأ -بنظري- قد إستشرى وفشا في المحقيقين بشكل كبير وقد ساهمت الطبعة الهندية للمستدرك في فشو العبارة بشكل كبير جدا
(الأدلة على بطلان عبارة الموافقة )
* لم ينص الإمام الذهبي في الباب بشيء وهو الساكت ولا ينسب لساكت قول .
* وقع بالإستقراء أنّ كثيرا مما قد سكت عليه الذهبي قد ضعفه في مواضع أُخر مما يوحي إليك بأن سكوته ليس إقرارا على الصحة .
* تتابع جماعات من المحققين من العلماء الكبار على ذكر تصحيح الحاكم فقط ولم يفهموا ما فهمته مدرسة الحديث المعاصرة من موافقة الذهبي له وإلا لذكروه
منهم من رؤوس هذا العلم كالزيلعي وابن حجر والعراقي وابن الملقن .
* أنّ الذهبي قد أشار إلى أنه لم ينتهي من الكتاب فقد قال بعد ترجمة الحاكم في السير تكلم عن المستدرك ثم قال ( على كل حال فهو كتاب مفيد ولقد إختصرته ولا يزال يعوزه عملا وتحريرا ) وقد علّق على هذا الكلام شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للسير بكلام نفيس جدا فانظره.
* قد صرح الذهبي بأنّ ربع الكتاب صحيح على شرطهما أو أحدهما والربع الآخر صالح وجيد والنصف الأخر مناكير وعجائب فعلى هذا فلو سلمنا بأنّ سكوته موافقة على الصحة لوجد تعارض وتضاد وتناقض
أحاديث المستدرك (9000) عدد تعقبات الذهبي (1200) تقريبا
فعلى مصطلح الموافقه يكون الصحيح من المستدرك (7800)
وعلى الأصل من عمل الامام الذهبي فما صححه وحسنه (4000) حديث
فأي المنهجين أقرب لصنيع الإمام ؟!
(الخاتمة)
لقد حاولت في هذا المقال تحرير المسألة بأوجز عبارة متجنبا الحشو من الكلام والإطالة لا سيما أن الموضوع مهم جدا والخطأ منتشر جدا وعندي من الأمثلة والأدلة ما يطول المقام لذكرها وموضع مثل هذا الكتب المصنفة وليس المقالات
لكن لعل هذه الإلماحة وعصارة البحث تقع موقعها لدى أهل هذا الشأن العارفين لقدره وجلالته
وأسأل الله أن يغفر لعلمائنا أجمعين
والحمد لله رب العالمين .
كتبه /
سالم بن محمد الشهري