تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إشكال في أمر الصفات . . أرجو من مشايخ العقيدة حلها .



نضال مشهود
2010-05-05, 03:02 PM
أرجو أن يبين لي مشايخي الكرام جواب هذا الإشكال في موضوع صفات الله سبحانه وتعالى ، فقد فكرت فيه كثيرا ولم أجد ما يثلج صدري :

من المعلوم أن كل حادث فله علة حادثة لحدوثه . ومعلوم كذلك أن المرجح التام لكل الكائنات الحادثة هو إرادة الله تعالى لها ثم تكوينه إياها - كما قال سبحانه : (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) . وبما أن الواحدة من تلك الكائنات حادثة العين فلا شك أن المقتضي التام لها أيضا إرادة حادثة العين . والسؤال : ما علة هذه الإرادة الحادثة ؟ أهي إرادة حادثة قبلها ؟ أم أنها الذات نفسها ؟ أما أن يقال بالأول ، فلا أدري وجه المناسبة فيه بين العلة والمعلول . وأما أن يقال بالثاني ، فالذات قديمة الوجود ولا يصح تأخير المعلول عن علته التامة بمدة .

وكان عندي إشكال آخر مشابه أو أصعب منه لكنني نسيته فأكتفي الآن بهذا الواحد منتظرا منكم الإجابة السديدة . . وجزاكم الله خيرا .

نضال مشهود
2010-05-05, 03:32 PM
من المعتاد لدى دارسي العقيدة تقسيم صفات الله تعالى إلى (الذاتية) وإلى (الفعلية) . فالأول قدم وجوده بوجود الله تعالى ، والثاني ما يتعلق بمشيئته سبحانه فأعيانها حادثة وإن كان نوعها قد يكون قديمة مستمرة . فحقيقة الإشكال السابق هي : من أي قسم صفة (المشيئة) هذه ؟ لا نستطيع أن نقول إنها من القسم الأول لكون أعيان المشيئة تستحيل أن تكون غير حادثة . فإن كان من القسم الثاني ، فلا أفهم وجه العلية بين مشيئة ومشيئة .

والإشكال الثاني : من أي قسم من القسمين صفة (الرضى) و(الغضب) و(السخط) و(الفرح) و(الحب) و(الضحك)؟ هذه الصفات عندنا - نحن البشر - ليست صفات الذات ولا هي أفعال لنا نقصدها ، بل هي انطباقات فورية لا تعلق لها بإرادتنا . فإذا كانت صفات الله تعالى يكمن تقسيمها تقسيما حصريا إلى (الذاتية) القديمة وإلى (الفعلية) الصادرة من الإرادة ، فهل الرضى والغضب والسخط والفرح والعجب ونحوها من القسم الأول أم أنها من الثاني ؟

نضال مشهود
2010-05-05, 03:34 PM
وأعتذر من الإخوة على إيراد هذه الإشكالات . . فإنما أريد به استفهاما واسترشادا . وليبعد عنها من كان على السلامة .
وأرجو أن لا يجيب عليها إلا من دقق في أمرها أو نقل عمن كان كذلك صفته - بأدلته وحججه .

والله الهادي سواء السبيل .

الساري
2010-05-05, 11:29 PM
السلام عليكم
أخي نضال :
لعل مثار التساؤل لديك جاء بسبب ظنك أن كون شيء من صفات الله حادثا وكونه ينفك عن ذات الله ويتعدد إنما هو نقص في ذات الله - سبحانه وتعالى عن هذا علوّا كبيرا - .
بينما هذا ليس نقصا يخالف كماله المطلق سبحانه .
أما الصفات الذاتية التي منها المشيئة والخلق والرزق والرضا والغضب والكلام , فهي تعني القدرة المطلقة .
ولهذا فمفارقة إحداها الذات الإلهية نقص , فمفارقة صفة الخلق تعني عدم قدرته حال المفارقة على الخلق , والله سبحانه وتعالى منزه عن النقص , لذا فهي أزلية ملازمة لا تفارق ربنا .

وأما صفات الأفعال , هي الأفعال ذاتها , والأفعال حوادث مرتبطة بمشيئته سبحانه وتعالى , إن شاء فعل وإن شاء ترك , ولا يعني تركه الفعل نوعا من النقص , فالصفة المطلقة قائمة في ذاته سبحانه , حتتى عندما لم يشأ أن يفعل .

إن من صفات الله سبحانه وتعالى مثلا أنه ( الخالق ) هذه صفة ذات , وهي تعني أنه قادر قدرة مطلقة على أن يخلق ما شاء متى شاء , وأنه قد شاء وخلق .
اما كونه سبحانه وتعالى خلق القلم مثلا أو العرش أو آدم , فهذا فعل .
وليس من لوازم الكمال أن يستمر يخلق القلم بلا بداية ولا منتهى . لا يقول بهذا عاقل .
فصفات الأفعال التي هي ( الأفعال ) ذاتها , كما أسلفت مرتبطة بمشيئته سبحانه وتعالى , فهو قادر ومختار , إن شاء فعل وإن شاء ترك
فمن صفات الكمال الإلهي أن الله قادر قدرة مطلقة على فعل ما يشاء , وهو يختار حينا أن يفعل ويختار حينا ألا يفعل .

اما النقص فيأتي من مفارقة صفة الذات فمن فارقته صفة الذات فقد نقص ولم يعد قادرا , أما أن يختار أن يفعل أو لا يفعل وهو قادر , ومرة يختار أن يفعل فيفعل , ومرة يختار ألا يفعل فلا يفعل , فهذا من صفات الكمال

مثال :
من صفات الإنسان القدرة على المشي , فهو إن شاء المشي مشى , وإن شاء عدم المشي لم يمش , وكلا الأمرين صفة كمال ,فالقدرة على المشي لم تفارقه , وكذلك فهو يملك صفة الاختيار فمرّة يختار المشي ومرّة يختار تركه ,
وليس من لوازم الكمال أن يظل يمشي دهره لا يقف !

ولله المثل الأعلى
وهو أعلم وأحكم .

نضال مشهود
2010-05-05, 11:40 PM
أحسن الله إليك أخي الكريم . . ما ذكرته بعيد كل البعد عما سألت .

http://majles.alukah.net/showpost.php?p=363764&postcount=3

الساري
2010-05-06, 02:21 AM
لا بأس , عدّ ما سبق مقدمة . وأعطني فرصة أخرى ( ابتسامة )

من المعتاد لدى دارسي العقيدة تقسيم صفات الله تعالى إلى (الذاتية) وإلى (الفعلية) . فالأول قدم وجوده بوجود الله تعالى ، والثاني ما يتعلق بمشيئته سبحانه فأعيانها حادثة وإن كان نوعها قد يكون قديمة مستمرة . فحقيقة الإشكال السابق هي : من أي قسم صفة (المشيئة) هذه ؟ لا نستطيع أن نقول إنها من القسم الأول لكون أعيان المشيئة تستحيل أن تكون غير حادثة . فإن كان من القسم الثاني ، فلا أفهم وجه العلية بين مشيئة ومشيئة .
يكفينا عن هذا التساؤل ويحل لنا هذا الإشكال قول الله تعالى :
{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }
تأمل !
كل شيء , من صغير أو كبير , متقدم أو متاخر , قد علمه الله وشاء حصوله وكتبه فأمضى ما مضى منه وسيُمضي ما لم يأت , قادر على ذلك لا يضل ولا ينسى أو يعجز وكله عليه هيّن .
فالمشيئة بحصول الحوادث عبر الزمان قد حصلت والعلم قد حصل وقد كتب الله كل ذلك
فلا تظنّنّ أن المشيئة تستجد لكل حادث ولم تكن حصلت .
ولم يفتني أن من التقدير والكتابة ما هو كل عام وما هو كل يوم وما هو غير هذا , لكن هذا لا يخرج عن التقدير الأول بل هو منه .

ومن الأدلة على علم الله بكل شيء , قوله تعالى :
{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }
والعلم لا بد معه من المشيئة , فهو يعلم ما كان وما سيكون , ولا يكون من شيء إلا بمشيئته .

قال عبادة بن الصامت :
" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن أول ما خلق الله القلم , فقال له: اكتب. فقال: رب ! وماذا أكتب ؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ) يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من مات على غير هذا فليس مني ) "
الحديث دلّ على أن كل شيء إلى قيام الساعة قد قدّره الله وفرغ منه وجرى به القلم .
وشاء الله أن تكون الحادثات التي أسميتها أنت أعيانا حادثة في أزمانها لا تتقدّم ولا تتأخر

تأمل أخر كلام عبادة رضي الله تعالى عنه , فقد حدّث أنه سمع ( براءة ) رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن مات غير موقن أن الله قد كتب مقادير ((( كل شيء ))) فقد شاء وقدّر وفرغ وكتب سبحانه .
وما الحادثات إلا مكتوبة منذ خلق القلم سواء حصلت أول الزمان أو آخره , وسواء كبرت أو صغرت .

فالإرادة واحدة سابقة والعلم واحد سابق , واما ما ترى فأفعال شرحت أمرها لك .
إن ( مشيئة ) الله سبحانه وتعالى أن يفعل شيئا من خلقٍ أو رزق أو قبض روح أو إنزال مطر , ليست مشيئات سبّبتها مشيئة قبلها ولا حادثات متعددة بنيت على مشيئةأخرى سابقة , بل المشيئة هي المشيئة صفة ذاتية أزلية واحدة شاملة . لا تتعدد ولا تتجدد .



والإشكال الثاني : من أي قسم من القسمين صفة (الرضى) و(الغضب) و(السخط) و(الفرح) و(الحب) و(الضحك)؟ هذه الصفات عندنا - نحن البشر - ليست صفات الذات ولا هي أفعال لنا نقصدها ، بل هي انطباقات فورية لا تعلق لها بإرادتنا . فإذا كانت صفات الله تعالى يكمن تقسيمها تقسيما حصريا إلى (الذاتية) القديمة وإلى (الفعلية) الصادرة من الإرادة ، فهل الرضى والغضب والسخط والفرح والعجب ونحوها من القسم الأول أم أنها من الثاني ؟
صفات الله لا تقاس بصفات البشر
تعالى الله عن هذا علوا كبيرا
فلئن كان الإنسان يفقد السيطرة على مشاعره فيضحكب ويبكي وبحب ويكره ويخاف رغما عنه دون إرادته , فالله سبحانه لا تفرط منه صفاته فرضاه وغضبه وضحكه ومحبته لشيء وكرهه لشيء , إنما تحصل كلها بإرادته إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل .

والله تعالى أعلم

الاوزاعي
2010-05-06, 03:01 AM
أحيلك أخي الفاضل على الدرر السنية ، فإني أرجو أن تجد فيها وفيما سأنقله من جواب للشيخ عبد الرحمن البراك -في مسألة تسلسل الحوادث هاهنا- ما يُثلج صدرك، فتفضل :

الدرر السنية : من هنا (http://www.dorar.net/enc/firq/318)
.............................. ................
واليك هذا النقل عن الشيخ البراك، ومصدره: من هنا (http://7-oob.net/vb/showthread.php?t=4438).

س : قال شيخ الإسلام رحمه الله حين أثبت القول بتسلسل الحوادث دعاه إلى ذلك ألا يعطل الله عن صفات الفعل والخلق والإرادة والكلام ، التي هي من لوازم كمال الحياة ، فهل يقال ذلك في جميع الصفات كالمغفرة والتوبة ؟ فتقتضي وجود من يتوب عليهم ويغفر لهم ، وهل يقال بوجود مخلوقات أخرى قبل الثقلين كانت في إطار التكليف ؟ أم ذلك الإثبات خاص بالصفات التي هي من لوازم الحياة ؟

الجواب :((للشيخ عبد الرحمن البراك)).

الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :
فإن من المعلوم بالضرورة عقلا وشرعا أن الله لم يزل موجودا وموصوفا بجميع صفات الكمال ، من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة والكلام والعزة والحكمة والرحمة والخلق والرزق والعفو والمغفرة ، ونحو ذلك من الصفات الذاتية والصفات الفعلية الذاتية ، فكلها ثابتة للرب سبحانه أزلا وأبدا ، فلم يزل ولا يزال سبحانه حيا قيوما ، عليما حكيما ، غفورا رحيما ، خالقا رازقا ، سميعا بصيرا ، عفوا قديرا ، فعالا لما يريد .
فصفاته الذاتية سبحانه لازمة لذاته ولا تتعلق بها المشيئة .
وأما صفاته الذاتية الفعلية ، فالأسماء المتضمنة لها لازمة له ، لا تتوقف على المشيئة ، مثل العفو والغفور ،و الخالق والرازق ، فإنه لم يزل سبحانه ولا يزال مستحقا لهذه الأسماء ، وما تتضمنه من الصفات ، ولكن أثرها ومتعلقها تابع للمشيئة فتقول : إنه تعالى يخلق ما شاء إذا شاء ، ويرزق من يشاء ويغفر لمن يشاء .
وما كان تابعا للمشيئة فليس هو من لوازم ذاته ، ومن هذا النوع صفة الفعل وصفة الكلام ، فإنه تعالى لم يزل متكلما بما شاء إذا شاء ، ولم يزل فعالا لما يريد ، وآحاد كلامه ، وآحاد فعله ليس من لوازم ذاته ، فمن آحاد كلامه نداؤه الأبوين ، وقوله للملائكة " إني خالق بشرا " الحجر: ٢٨ وقوله لآدم " اسكن أنت وزوجك الجنة "البقرة: ٣٥ وكلامه سبحانه لا نفاد له كما قال " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا " الكهف: ١٠٩ وآحاد أفعاله سبحانه التي تدل ليها أسماؤه وأنواع أفعاله التي ليس له منها اسم هي التي تعرف عند أهل العلم بالصفات الفعلية كاستوائه على العرش ونزوله إلى السماء الدنيا .
وخلقه السماوات والأرض ، وحبه وبغضه لمن شاء ، وأنه تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر على من يشاء ، ويؤتي الملك من يشاء وينزعه عمن يشاء ، ويغفر لمن يشاء ويذل من يشاء ، إلى غير ذلك من أفعاله التي تكون بقدرته ومشيئته وحكمته . فلا يقال في شيء من هذه الأفعال إنه قديم ، ولهذا لا يقال : إنه تعالى لم يزل مستويا على العرش ، ولم يزل نازلا إلى السماء الدنيا ، ولم يزل قائلا : يا موسى أو قائلا للملائكة : إني خالق بشرا ، أو لم يزل غاضبا أو محبا أو مبغضا أو فرحا أو ضاحكا ، لتوقف هذه الأفعال على أسبابها ومتعلقاتها وهذه الأسباب والمتعلقات متوقفة على مشيئته سبحانه ، فتدخل هذه الأفعال كلها في أنه فعال لما يريد ، فهذا وصف لازم له سبحانه
فلم يزل ولا يزال فعالا لما يريد ، ولا يلزم في الأزل أنه يريد كل فعل لأنه لا يلزم في الأزل أنه يريد أسبابها ومتعلقاتها بل ذلك في حكم الإمكان لكمال قدرته وأنه لم يزل على كل شيء قدير وأما وقوع هذه الأفعال ومتعلقاتها وأسبابها فيتوقف نفيه وإثباته على الدليل .
ولهذا فإن تسلسل المخلوقات ودوامها في الماضي الذي ينكره أكثر أهل الكلام ، ويقولون (إنه ممتنع) لا ريب أنه ممكن ، لأن ذلك لازم قدرة الرب سبحانه .
وشبهة القائلين بامتناع حوادث لا أول لها ، ويُعبر عنه بتسلسل الحوادث ودوام الحوادث هي اعتقادهم أنه يلزم من ذلك قدمُ العالم مع الله ، وهو الذي تقول به الفلاسفة ، فرَدوا الباطل بباطل حين قالوا بامتناع دوام الحوادث فإنه يستلزم أن الله كان غير قادر ثم صار قادرا ، والحق أنه لا يلزم من دوام المخلوقات في الماضي الذي معناه ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق إلا مالا نهاية لا يلزم منه قدم شيء من المخلوقات مع الله بحيث يكون مقارنا لوجوده في الأزل ، لأن المخلوق مع الله بحيث يكون مقارنا لوجوده في الأزل ، لأن المخلوق متأخر عن الخالق ضرورة ، وعلى هذا فكل مخلوق يُفرَض فإنه مسبوق بعدم نفسه لأنه حادث بعد أن لم يكن ، فالقدم المطلق – الذي لا بداية له – الله وحده .
فعُلم مما تقدم أن كل ما تقتضيه أسماؤه وصفاته من أفعاله ومفعولاته فإنما يكون بمشيئته ، والجوم بوقوعه أو عدم وقوعه يتوقف على الدليل فإن النافي في مثل هذا عليه الدليل كما على المثبت .
وظاهر كلام شيخ الإسلام رحمه الله أن تسلسل المخلوقات في الماضي واقع ، وينبني ذلك على أن الله لم يزل على كل شيء قديرا ، وفعالا لما يريد ، ولكنه لا يعين جنسا ولا نوعا من المخلوقات ، ولا نوعا من الأفعال .
ومن قال من أهل السنة إن أول مخلوق مطلقا هو القلم ، ومعناه أن الله لم يخلق شيئا قبله ، فشبهته حديث عبادة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أولُ ما خلق الله القلمُ " على رواية رفع (أولَ) و (القلم) ، والحديث جاء بألفاظ هذا أحدها. ورجح ابن القيم رحمه الله رواية :" أولَ ما خلق الله القلمَ " بنصب الكلمتين . وأن العرش مخلوق قبله ، فلا يدل الحديث على أن القلم هو أول المخلوقات مطلقا .
وبناء على ما سبق فلا يجزم بوجود مخلوقات على هذه الأرض قبل آدم عليه السلام . واستنبط بعضهم من قوله تعالى " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " البقرة: ٣٠ أنه كان على الأرض خلق قبل آدم ، فالله أعلم ، والله على كل شيء قدير ، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين .

يزيد الموسوي
2010-05-06, 03:04 AM
والسؤال : ما علة هذه الإرادة الحادثة ؟ أهي إرادة حادثة قبلها ؟ أم أنها الذات نفسها ؟ أما أن يقال بالأول ، فلا أدري وجه المناسبة فيه بين العلة والمعلول . وأما أن يقال بالثاني ، فالذات قديمة الوجود ولا يصح تأخير المعلول عن علته التامة بمدة ..
سؤال: ما هي قيمة مثل هذا السؤال؟
وما هي المحصلة والفائدة المرجوة؟
أيا كان الجواب
رب شيء جهله خير من علمه


وكان عندي إشكال آخر مشابه أو أصعب منه لكنني نسيته .
لعل هذا رحمة من ربك
فلا تفتح على نفسك أبواب الفتن؛ فإنك لا تملك قلبك
ولست أذكى من الرازي
ولا أعلم من الغزالي
ولا أفصح من المفيد

نضال مشهود
2010-05-06, 11:48 AM
الأخ (الساري) . . أرجو منك التكرم بالكف عن الرد أو أن تكتفي بنقل ما يحل الإشكال المذكور عن أئمة السنة إن وجدت ذلك .

الأخ (يزيد) . . هذا السؤال عظيم القدر ، ومعرفة حل هذا الإشكال مفيد للغاية . . سؤاء كان في باب فهم النصوص الشرعية المتعلق بأمر الرب سبحانه أو في الرد على الشبهات العقدية . وكلا الأمرين لا يقارن بتقطيع الخيار والبصل . وقد خصص هذا الموضوع أصلا للمهتمين به والخبراء في أمره لا لغيرهم .

الأخ (الأوزاعي) . . جزاكم الله خيرا على الدلالة . لكنني لا أجد فيما تفضلت بنقله ما يحل الإشكال الأول ، فإنني ما كنت أسأل عن تسلسل المخلوقات ولا قدم الأسماء المتضمنة للأفعال . بل سألت عن علة الإرادات المتعاقبة . فلعلك تدلني أكثر .

إلا أن فيه ما يحل الإشكال الثاني ، وهو بيان الشيخ البراك - نفعنا الله بعلمه - أن محبة الله وبغضه وفرحه وغضبه وضحكه كلها تتوقف على الأسباب والمتعلقات الحادثة التي تتوقف على مشيئته سبحانه . فنفهم من هذا البيان أن تلك الصفات : ملحوقة بالصفات الفعلية لتوقفها على المشيئة وإن توسطت بينها أمور هي أسباب تلك الصفات ومتعلقاتها .

وجزاكم الله خيرا .

نضال مشهود
2010-05-06, 12:06 PM
والذي طلبته أن تكون الإجابة على أصل سني ، أعني سمعيا نقليا أو أثرا سلفيا أو فطريا عقليا كقول شيخ الإسلام ابن تيمية - فيما أذكر - إن الذات تستلزم قيام الصفات بها بما فيها الإرادات المتعاقبة .

أما على أصول المتكلمين والفلاسفة ، فمعلوم أن "المعتزلة يقولون إن القادر المختار يرجح بلا مرجح والفلاسفة يقولون مجرد الذات اقتضت ترجيح الممكنات بلا مرجح آخر" والأشاعرة ذاهبون إلى أن المشيئة الإلهية واحدة بالذات قديمة واجبة بنفسها تصلح لما لا يتناهى من المرادات الحادثة . وأفضل القوم كلاما في هذا الباب ابن ملكا والأبهري . قال الأبهري على ما نقله عنه شيخ الإسلام : (يجوز أن يكون للباري إرادات حادثة وكل واحدة منها تستند إلى الأخرى ثم تنتهي في جانب النزول إلى إرادة تقتضي حدوث العالم فيلزم حدوثه). وقال ابن ملكا : (لأن السابق من وجوده بالإرادة السابقة أوجب عنده إرادة لاحقة فأحدث خلقا بعد خلق بإرادة بعد إرادة وجبت في حكمته من خلقه بعد خلقه فاللاحق من إرادته وجب عن سابق إرادته بتوسط مراداته وهكذا هلم جرا).

فالله الهادي إلى سواء السبيل .

الساري
2010-05-06, 01:12 PM
الأخ (الساري) . . أرجو منك التكرم بالكف عن الرد أو أن تكتفي بنقل ما يحل الإشكال المذكور عن أئمة السنة إن وجدت ذلك .

أختار الكف عن الرد , فالموضوع الذي تبحث أكبر منّي , فأتركه لأهل الاختصاص , وما علمي فيه إلا علم العامة الذين يلزمون قول علمائهم .
وكنت كتبت ما كتبت لأنك عرضت المسألة أول ما عرضتها على أنها (( إشكالات )) واجهتك , تريد ((( الاسترشاد ))) الشخصي .
ففاجأني أنك قلت أخيرا :
" وقد خصص هذا الموضوع أصلا للمهتمين به والخبراء في أمره لا لغيرهم "
وأنا من غيرهم ؛ لذا سأتوقف

بودّي أن أنبه لما أظنك وهمت فيه , ولعل الوهم من جهتي
فكأني أراك فهمت كلام الشيخ البراك على غير وجهه .
فقد قلت عن كلامه : " فنفهم من هذا البيان أن تلك الصفات : ملحوقة بالصفات الفعلية لتوقفها على المشيئة وإن توسطت بينها أمور هي أسباب تلك الصفات ومتعلقاتها . "
فالشيخ لم يقل عن ((( الصفات الفعلية ))) أنها متعلقة بالمشيئة !
بل هو :
أولا : جعل الصفات الفعلية صفات ((( ذاتية ))) .
وثانيا : جعل الصفات الفعلية ثابتة لله أزلا وأبدا , لا تتعلق بالمشيئة
وإنما جعل ( الأفعال ) ذاتها , والتي سماها ( المتعلق والأثر ) هي المتعلقة بالمشيئة إن شاء فعل وإن شاء ترك .
نعم أنت وصفت تلك الصفات بلفظ ( الأسماء ) وتحدثت عن قدمها , لكنك رجعت وجعلت الشيخ يقول بأن ( الصفات الفعلية ) متعلقة بالمسببات المتوقفة على المشيئة , ولا أجد الشيخ قال هذا . بل أظنه ينهى عنه .
فقد قال الشيخ :
" فإن من المعلوم بالضرورة عقلا وشرعا أن الله لم يزل موجودا وموصوفا بجميع صفات الكمال ، من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة والكلام والعزة والحكمة والرحمة والخلق والرزق والعفو والمغفرة ، ونحو ذلك من الصفات الذاتية والصفات الفعلية الذاتية ، فكلها ثابتة للرب سبحانه أزلا وأبدا "
وقال :
" وأما صفاته الذاتية الفعلية ، فالأسماء المتضمنة لها لازمة له ، لا تتوقف على المشيئة ، مثل العفو والغفور ،و الخالق والرازق ، فإنه لم يزل سبحانه ولا يزال مستحقا لهذه الأسماء ، وما تتضمنه من الصفات ، ولكن أثرها ومتعلقها تابع للمشيئة فتقول : إنه تعالى يخلق ما شاء إذا شاء ، ويرزق من يشاء ويغفر لمن يشاء "


لعل تداخل مصطلح الصفة والأثر في كلامك هو ما جعل تعقيباتي السابقة سير وفق ما كان .



وجزاكم الله خيرا .
ولك بمثل أخي الكريم

نضال مشهود
2010-05-06, 01:55 PM
يا أخي بارك الله فيك . . عنونت أنا الموضوع عنوانا واضحا . فقد قلت : (إشكال في أمر الصفات . . أرجو من مشايخ العقيدة حلها) . فإن كنت من هؤلاء المشايخ والخبراء فتفضل بذكر حل الإشكال . وإلا ، فيكفيك النقل عنهم بألفاظهم .

وكلامي الذي علقتَ عليه أخيرا ليس عن (الصفات الفعلية الذاتية) ككونه تعالى متكلما إذا شاء وكونه خالقا لما شاء ، بل كان عن صفة الرضى والغضب والفرح والعجب ونحوها - وفرق واضح بين الأمرين . ثم إنه من المعلوم في العقيدة السنية أن أعيان أفعال الله تعالى كلها تتوقف على مشيئته التي تسبقها وتقتضيها . ولا يخالف أهل السنة في هذا الأمر إلا الكلابية والأشاعرة القائلين بالكلام النفسي القديم ووحدانية الإرادة القديمة وكل من نفى قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه . وقد قال الشيخ البراك بالحرف الواحد : (وما كان تابعا للمشيئة فليس هو من لوازم ذاته). فليس كل ما قام بذات الله تعالى يكون قديما أبديا تلزمه ذاته ، بل منها ما كان أعيانها تابعة للمشيئة الخاصة بها حاصلة بها وتتعلق بها لم يوجد قبل وجودها . والله أعلم .

أبو الفداء
2010-05-06, 05:11 PM
أخي الفاضل نضال، حياك الله..
لعلي لستُ على شرط الموضوع الذي شرطته، ولكن لدي تعقيب على ما تفضلت به عسى أن يفتح الله به جوابا، وليصوبنا من هو أعلم منا من إخواننا ومشايخنا، ولن أعدم منك فائدة إن شاء الله كما هو عهدي بك، والله المعين.
دعني أقدِّم بمقدمة فيها شيء من الطول ولكني أراها مهمة لتحرير بعض المفاهيم الملتبسة عند بعض الإخوة.
دعنا أولا نحرر القول في مفهوم الصفة الذاتية والفعلية والذاتية الفعلية، وارتباط كل من تلك الأقسام بالمشيئة والإرادة.

فإنه مما هو متقرر عند أهل السنة أن صفات الله تعالى الذاتية قديمة بقدمه، بضرورة العقل والشرع، إذ القول بحدوث أي منها لازمه نقض كماله والانتقاص منه سبحانه وتعالى. هذه الصفات لا تعلق لها بالمشيئة والإرادة إذ ليس من الممكن عقلا أن يشاء الرب العلي ألا يتصف بشيء منها! وهذا المعنى لا إشكال فيه ولله الحمد.
وفي الجهة المقابلة فإن لله أفعالا حادثة يفعلها وقتما يشاء وكيفما يشاء جل وعلا.. هذه الأفعال متعلقة تعلقا تاما بالمشيئة، فهي لاحقة عليها تابعة لها بالعلية. هذه الأفعال يلزم منها - أي من معنى قدرة الرب على إحداثها وقتما يشاء - لحوق صفات مخصوصة بذاته جل وعلا لا يكون القول بحدوثها في ذاته سبحانه إلا انتقاصا من كمالها، إذ لو انفكت عنه لما أمكنه القيام بتلك الأفعال وقتما يشاء وكيفما يشاء .. فهي - أي تلك الصفات الذاتية اللازمة لتلك الأفعال - قديمة كذلك ولابد.
ومن هنا تظهر الحاجة إلى التفريق بين معنيين في الصفات الفعلية:
معنى الفعل نفسه (الذي هو في آحاده حادث ولابد) ومعنى القدرة على إحداث الفعل عند حدوث المشيئة (وهذا قديم ولابد) وهو ما يصطلح عليه بنوع الصفة.
فالله لم يزل خالقا لما يريد وقتما يريد، فلا يزال موصوفا بأنه الخالق من الأزل وإن لم نر له ولم يبغلنا الخبر بآحاد من المخلوقات أحدثها الرب بخلاف (أو قبل) السموات والأرض وما سواهما مما علمنا بالنص أن الله قد خلقه.. فالذي زعم أن الصفة تنفك عنه في حال انفكاك أثرها، لم يحسن تحرير المعنى الذي يقول بانفكاكه في الأزل، ومن هنا جاء ضلال من ضل من أهل الكلام! فإن نفي صفة الخالق عن الله جل وعلا في الأزل قبل خلق السماوات والأرض يلزم منه أن معنى كونه خالقا مقصور على خلق السماوات والأرض (وعلى إرادته لذلك الخلق) دون غيرهما مما كان قبلهما مما لا يعلمه إلا الله!
وهذا الفهم لصفة الخالق فهم فاسد وفيه من التعسف والجرأة على ذات الله ما فيه! فالمعنى الذي يجب إثباته من اسم الخالق وصفة الخالق أنه جل وعلا كان ولم يزل خالقا لما يريد وقتما يريد كيفما يريد! ومن ثم فإن تسلسل حوادث الخلق في حقه ليس واجبا أو لازما حتى يصح أن يلحق اسم الخالق بالله تعالى في كل آن وحين من الأزل وإلى الأبد، ولكنه جائز عقلا، إذ حتى لو لم يكن من المخلوقات شيء قبل خلق القلم والعرش فإن هذا لا تأثير له على أزلية وصفه سبحانه بالخالق، لأنه قد خلق سبحانه ما خلق وقتما شاء وكيفما شاء!
فهل وصفه بالخالق يتعلق بمشيئته؟ هنا يظهر أنه لا تعلق له بالمشيئة، إذ الصفة معناها (القادر على الخلق وقتما يشاء كيفما يشاء). أما آحاد أحداث الخلق فمرتبطة بحدوث المشيئة لكل حدث منها. فلما أراد سبحانه أن يخلق السماوات والأرض، استوى سبحانه وتعالى لذلك الخلق وأحدثه كما أراد.
فهل صفة الحب والبغض ونحوهما صفات ذاتية أم فعلية؟ على المعنى المتقدم فإن الله موصوفة ذاته بحب من حقه أن يحب وببغض من حقه أن يبغض، وهذه صفة ذات وكمال لازمة له أزلا وأبدا، ولكن آحاد أفعال الحب والبغض لم تحدث منه سبحانه إلا لما خلق سبحانه وتعالى خلقا يُحب ويُبغض! فلا يقال إن الحب والبغض - من حيث أصل معنى الصفتين - متعلق بالمشيئة، لو شاء أحب ولو شاء أبغض! فإن تخلف البغض عمن حقه أن يُبغض = هذا نقص وليس كمالا! وكذا تخلف المحبة عمن حقه أن يُحب = هذا نقص! والله تعالى كان ولا يزال منزها عن كل نقص. ومثل هذا يقال في الغضب والسخط والضحك وغير ذلك من أفعال يرتبط حدوثها من الذات بحدوث موجبها في الخارج.
ولهذا فإننا ننكر على النصارى زعمهم بأن الله أحب العصاة والمجرمين والكافرين وسائر البشر على نحو ما يدعون، إذ لازم هذا المعنى نقص في ذاته لا يخفى، إذ كيف يحب من حقه أن يبغَض؟! وكذلك غلوهم في الجهة المقابلة إذ قالوا إن وجود الثالوث قديم ولابد حتى يجد الله من يحبه وإلا فإن لم يجد من يحبه فإنه يكون في حال نقص إذا لا يوصف بصفة (المحبة)! فهذا معنى باطل، إذ النقص يكون لو أوجد الله من يستحق أن يُحب ولم يحبه سبحانه وتعالى، أما ألا يوجد في الوجود غير الرب وحده، ثم يقال إن هذا لازمه تعطل صفة المحبة - هكذا - في ذاته فهذا لازم باطل ظاهر البطلان!
ولعل سبب هذا الخلط عند النصارى والفلاسفة من سائر الملل أننا معاشر البشر لا يمكننا تصور حال لا يكون في الوجود فيها إلا ذات واحدة وما سواها عدم! هذه الذات لا قياس لها على الملخوقين، لا في تلك الحال ولا في غيرها، وانقطاع وقوع الحوادث الموجبة لظهور أثر صفة من الصفات في تلك الذات (أي حدوث أفعال من تلك الذات) في حال من الأحوال لا يعني تخلف تلك الصفة عن تلك الذات في تلك الحال، وهذا المعنى نفهمه ونثبته في ذوات المخلوقين، فكيف بذات لا كالذوات المخلوقة، لا في أزليتها ولا في وجودها القديم منفردة قبل الخلق الأول وما سواها عدم وعماء، ولا في شيء من حقيقتها أصلا!

فالآن بالنظر في قولك وفقك الله:

من المعتاد لدى دارسي العقيدة تقسيم صفات الله تعالى إلى (الذاتية) وإلى (الفعلية) . فالأول قدم وجوده بوجود الله تعالى ، والثاني ما يتعلق بمشيئته سبحانه فأعيانها حادثة وإن كان نوعها قد يكون قديمة مستمرة . فحقيقة الإشكال السابق هي : من أي قسم صفة (المشيئة) هذه ؟ لا نستطيع أن نقول إنها من القسم الأول لكون أعيان المشيئة تستحيل أن تكون غير حادثة . فإن كان من القسم الثاني ، فلا أفهم وجه العلية بين مشيئة ومشيئة .فإن صفة المشيئة على معنيين: آحاد المشيئات كأفعال (من حيث المعنى)، ووصف الذات اللازم من حدوث تلك الآحاد.
فالأول وصف حادث: شاء الله أن يفعل كذا ففعله، فهي مشيئة حادثة من هذا الوجه. أما الثاني فوصف لازم للذات، أن تكون مريدة لها مشيئة حرة تنشأ عنها أفعالها، وهذه ضرورة عقلية وشرعية في حق الله تعالى أن تكون تلك الصفة أزلية في حقه، وإلا ما وجدت آحاد المشيئات على أثرها وما كانت ذات الله ذاتا فاعلة قادرة أصلا!
فقولك هذا بالعلية بين مشيئة ومشيئة يلزم منه قصر معنى المشيئة - بإطلاق - على أنها آحاد حادثة وفقط، وليس بذاك!
أما حدث المشيئة الذي يحدث قبل إحداث الفعل = هل هو معلول بمشيئة قبله، بمعنى مشيئة المشيئة، فهذا تسلسل فاسد لا نقول به ولا نجد ما يحملنا عليه في التفريق الذي تقدم تحريره في معنى المشيئة.. فإن ذات الله تعالى ذات قديمة لا ابتداء لها ولا تعليل لها، فهي العلة الأولى، وهذا المعنى بضرورة العقل ينهي تسلسل العلل والأسباب بنهاية تخرج عن حيز التصور والقياس العقلي نفسه! فلا نقول هل سبقت مشيئته مشيئة؟ هذا يفضي إلى تسلسل لا موجب له ولا نملك الفصل فيه لأنه من خصائص تلك الذات الأزلية التي لا ابتداء لها!
ولا يقال إن الاكتفاء بجعل الذات هي العلة الأولى يفضي إلى تأخير المعلول عن علته التامة بمدةـ فإن أزلية ذات الله جل وعلا تخرج عن تصور العقل لمفهوم المدة أصلا، فلا نطالب عقولنا بالنظر فيما وراء المشيئة عند الله تعالى هل مشيئة متقدمة عليها أم غير ذلك، فهذا مما لا تطيقه عقولنا!
فالحاصل أننا لا ندخل إرادة الله في تسلسل للعلل لأنه لا موجب لهذا التسلسل بالأساس في ذات أزلية لا يتصور العقل تعليلا وراء إرادتها الأولى فضلا عن وجودها نفسه، والله أعلى وأعلم.

أسـامة
2010-05-06, 05:56 PM
يا أبا الفداء، لا فض الله فاك يا شيخ... وفقك الله وسددك.

أمة القادر
2010-05-07, 01:48 AM
شيخنا الفاضل ابا الفداء .. جزاكم الله خيرا

نضال مشهود
2010-05-07, 04:24 PM
جزاكم الله شيخ أبا الفداء على هذه المداخلة الطيبة ، ولا نحسبكم - ونحن من محبيكم لله - إلا أنكم من هؤلاء المشايخ الفضلاء . وليعلم الإخوة أن كل من له علم متقن بخصوص هذه المسألة أو له اطلاع موثق على كلام لأهل العلم فيها أو له خبرة في أمرها يستحق أن يجيب الإشكال الذي أورده العبد الفقير وأجره على الله .

وأخوكم موافق على ما ذكرتم في التمهيد والمقدمة ، فمعظمها أصول مجمع عليها بين أهل السنة - بل بين المنصفين السالمين الفطرة والعقول . غير أن ما قلتم فيما بعد مما سميتم (مشيئة حرة) شيء لا أفهمه . . هل هذه هي المشيئة القديمة التي قالت به الكلابية والأشاعرة ؟ أم أنها شيء آخر ؟ أرجو مزيد التوضيح .

ثم قولكم في مشيئة الذات الأزلية هي بنفسها الإشكال الذي سألت عنه ، إذ من المعلوم أن أئمة السنة إنما أبطل قول الأشاعرة ببطلان تأخر المعلول الحادث عن علته القديمة للأصل الموجود في فطرة كل إنسان أن العلة التامة تستلزم معلولها بلا تأخير ولا بد . وإلا لما بطل قول الأشاعرة فيما سموه "تعلقات صلوحية قديمة وتعلقات تنجيزية حادثة" ، ولما بطل قول المعتزلة بالترجيح بلا مرجح من القادر المختار ، ولما بطل قول الفلاسفة بالإيجاب الذاتي ، بل لما بطل عندئذ قول الدهريين والملحدين بقدم العالم أو استقلاله عن الرب الخالق بزعمهم !

بطلان الترجيح بلا مرجح وبطلان تأخر المعلوم عن علته التامة أصلان ثابتان لا ينبغي أن يختلف فيهما . فأرجو منكم التكرم بمزيد البيان أو تغيير الكلام إن كان ثم سبق القلم أو نحوه - وحبذا الإتيان بنقول من كلام الأئمة في ذي المسألة . وجزاكم الله خيرا كثيرا .

أبو الفداء
2010-05-07, 09:34 PM
شيخنا الهمام نضال وفقك الله، قولكم

غير أن ما قلتم فيما بعد مما سميتم (مشيئة حرة) شيء لا أفهمه . . هل هذه هي المشيئة القديمة التي قالت به الكلابية والأشاعرة ؟ أم أنها شيء آخر ؟ أرجو مزيد التوضيح .

أستغربه منكم حقيقة
فهذا هو لفظي الذي كتبته في (المشيئة الحرة):

أما الثاني فوصف لازم للذات، أن تكون مريدة لها مشيئة حرة تنشأ عنها أفعالها، وهذه ضرورة عقلية وشرعية في حق الله تعالى أن تكون تلك الصفة أزلية في حقه، وإلا ما وجدت آحاد المشيئات على أثرها وما كانت ذات الله ذاتا فاعلة قادرة أصلا!

فأرجو أن تصبروا على أخيكم هذا وتتأملوا في كلامه جيدا وتناقشوه فيه بالبينة العقلية دون القفز إلى الإلزام بموافقة طائفة من الطوائف لسوء تحرير منه لبعض ما يكتب أو لسوء فهم منكم أنتم لبعض ما يريد، والله المعين.
المقصود يا شيخنا الفاضل باختصار أن الله تعالى موصوف ولابد بأن له مشيئة وإرادة مستقلة غير تابعة لإرادة غيره من الذوات = أي أنه توجد في نفسه سبحانه القدرة على إرادة الفعل لما يشاء وقتما يشاء، وهذه الصفة صفة ذات لا تنفك عنه جل وعلا ولابد، ولاتصافه بهذه الصفة فإنه سبحانه تنشأ عنده إرادة حادثة لكل فعل قبل إحداثه (على وفق ما تفهم عقولنا لمعنى العلاقة بين الفعل والإرادة المعللة له).. وبما أن ذات الله أزلية فهذه الصفة لازمة لها من الأزل لا يعقل أن تنفك عنها طرفة عين أو تتخلف بحال من الأحوال.
فإلى هذا الحد: أين الإشكال العقلي أو المخالفة لأهل السنة في هذا المعنى؟

ثم قولكم في مشيئة الذات الأزلية هي بنفسها الإشكال الذي سألت عنه
فأين قلت أنا أن آحاد مشيئات الله تعالى أزلية؟
تأملوا الكلام بروية بارك الله فيكم، فإن الأناة أليق بكم.
فإنكم لو فعلتم لوجدتم أن قولكم هذا:

وإلا لما بطل قول الأشاعرة .............. بل لما بطل عندئذ قول الدهريين والملحدين بقدم العالم أو استقلاله عن الرب الخالق بزعمهم !
لا يلزمني في شيء أصلا، والله المستعان!
أنا ما ادعيت أن مشيئة الله لا مرجح لها ولا علة! ولكن قررت أننا لا نملك الخوض في تعليل تلك المشيئات ومعرفة مرجحاتها عنده سبحانه، فإنه ((لا يسأل عما يفعل وهم يسألون))، وإرادته سبحانه لسائر أفعاله هي العلة الأولى التي تدركها عقولنا بلا تعليل وبلا إرادة سابقة عليها لأنه سبحانه كان ولم يكن شيء قبله! هذا وإلا قلنا بتسلسل لانهائي للعلل وأسقطنا معنى العلة الأولى رأسا! هذا غاية ما قلت وما أردت..
فأين مخالفة النقل الصريح أو العقل الصحيح أو كلام الأئمة في هذا المعنى يا شيخنا الحبيب؟ وهل يلزم من تقرير هذا الكلام أن تكون آحاد مشيئته سبحانه (التي منها إحداث العالم نفسه) قديمة؟؟؟

أرجو منكم التكرم حتى أستفيد ويستفيد الإخوة بأن تقتبسوا من كلامي محل الإشكال أو الاستفصال أو ما ترونه باطلا، ثم تعقبوا عليه بالتدليل على بطلانه - إن لم تروا إمكان حمله على وجه صحيح بحال من الأحوال - بالنقل أو بالعقل، دون حشد ما فهمتم موافقتي له من نظريات لهؤلاء وهؤلاء، فإن هذا المسلك لا أحسبه يوصل إلى المقصود من جواب الإشكال الذي تفضلتم بطرحه.. بارك الله فيكم ونفع بكم.

بطلان الترجيح بلا مرجح وبطلان تأخر المعلوم عن علته التامة أصلان ثابتان لا ينبغي أن يختلف فيهما . فأرجو منكم التكرم بمزيد البيان أو تغيير الكلام إن كان ثم سبق القلم أو نحوه - وحبذا الإتيان بنقول من كلام الأئمة في ذي المسألة . وجزاكم الله خيرا كثيرا
لم نختلف في شيء منهما ولله الحمد..
وأنا والله يا شيخنا لم أقف من قبل على من استشكل بمثل استشكالكم هذا، فجوابي الذي كتبته إنما هو من حصيلة فهمي ومن إنشائي، فإن كنتم تشترطون على من يجيبكم ألا يتكلم إلا بنقل عن الأئمة فسأنسحب من الحوار وأمكث معكم في انتظار من يتحفنا جميعا بهذا النقل المأمول، والله الموفق.

السكران التميمي
2010-05-07, 10:42 PM
طبعاً لا كلام ولا تعقيبٌ بعد كلام الشيخ الحبيب الغالي على القلب حقاً (أبا الفداء).. ولا مجاملة في هذا.
لكن ليأذن لي وفقه الله في وضع هذا الكلام الأشبه برؤوس الأقلام:

-أولاً: الإرادة صفة ذاتية لله تعالى لا تنفك عنه؛فهي قديمة قدمه، وأزلية أزليته سبحانه وتعالى وتقدس.. فإذا عرفت هذا فاعرف:
-ثانياً: أنه يريد؛ وإرادته سبحانه متى شاءها وقعت، ومتى لم يشأ لها لم تقع مع بقاء اتصافه بها سبحانه.. فإذا عرفت هذا فاعرف:
-ثالثاً: أنه قد علم بعلمه الغيب المسبق أنه يريد هذا الأمر ويوقعه.. فإذا عرفت هذا فاعرف:
-رابعاً: أن هذه الإرادة لهذا الأمر الحادث = محدثةٌ لإرادة حدوث هذا الأمر الحادث؛ لا أنها لم توجد أصلاً ثم وجدت الآن؛ فهنا الخلل، لأنا لو قلنا أن الإرادة لا تكون من الله ولا يتصف بها إلا إذا أراد هذا الأمر؛ _ بحيث أنها تكون منفكة عنه ولا يتصف بها إلا حين الإرادة _ فهنا = لافتقرت هذه الإرادة الحادثة إلى إرادة أخرى لحدوثها؛ ثم يؤدي هذا إلى إثبات إرادات لا نهاية لها.. وهذا لا يجوز على الله سبحانه.. فإذا عرفت هذا فاعرف:
-خامساً: أن هذه الإرادة الحادثة إنما حدثت عن تلك الإرادة الأزلية، ولا يعني تأخرها بما يناسب إرادة الحدوث أنها ليست ذات علاقة بالإرادة الأزلية؛ غير صحيح إطلاقاً، وإلا أدى هذا إلى وصف الله بنقصٍ في القدرة تعالى عن ذلك سبحانه.

وانظر لزاماً لزاماً لزاماً كلام شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله في (منهاج السنة النبوية 1/388 وما بعدها) واقرأه بتمعن شديد؛ ففيه إن شاء الله ما تريد الاستفسار عنه.

نضال مشهود
2010-08-14, 02:10 PM
شيخنا أبا الفداء - بارك الله فيكم .

قلت :

المقصود يا شيخنا الفاضل باختصار أن الله تعالى موصوف ولابد بأن له مشيئة وإرادة مستقلة غير تابعة لإرادة غيره من الذوات = أي أنه توجد في نفسه سبحانه القدرة على إرادة الفعل لما يشاء وقتما يشاء، وهذه الصفة صفة ذات لا تنفك عنه جل وعلا ولابد، ولاتصافه بهذه الصفة فإنه سبحانه تنشأ عنده إرادة حادثة لكل فعل قبل إحداثه (على وفق ما تفهم عقولنا لمعنى العلاقة بين الفعل والإرادة المعللة له).. وبما أن ذات الله أزلية فهذه الصفة لازمة لها من الأزل لا يعقل أن تنفك عنها طرفة عين أو تتخلف بحال من الأحوال.
فإلى هذا الحد: أين الإشكال العقلي أو المخالفة لأهل السنة في هذا المعنى؟هذا عين ما نقصده بـ(تأخر المعلول عن علته التامة) .
إن كانت تلك الصفة الذاتية اللازمة التى تنشأ عنها الإرادة الحادثة = قديمة ، وهي في نفسها علة تامة لتلك الإرادة الحادثة بحيث لا يحتاج معها إلى غيرها ، فلم تأخر المعلول عن علته التامة ؟!

هذا عين الإشكال .

أم أنكم قصدتم أن تلك الصفة القديمة علة غير تامة للإرادات الحديثة ؟

نضال مشهود
2010-08-14, 02:14 PM
شيخنا السكران .. بارك الله فيكم .



-خامساً: أن هذه الإرادة الحادثة إنما حدثت عن تلك الإرادة الأزلية، ولا يعني تأخرها بما يناسب إرادة الحدوث أنها ليست ذات علاقة بالإرادة الأزلية؛ غير صحيح إطلاقاً، وإلا أدى هذا إلى وصف الله بنقصٍ في القدرة تعالى عن ذلك سبحانه.

هذا الخامس تصريح منكم بتأخر المعلول عن علته . وهذا عين الإشكال .


وانظر لزاماً لزاماً لزاماً كلام شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله في (منهاج السنة النبوية 1/388 وما بعدها) واقرأه بتمعن شديد؛ ففيه إن شاء الله ما تريد الاستفسار عنه.

ليتكم تتكرم علينا بنقله أو شيء منه هنا .

نضال مشهود
2010-08-14, 02:25 PM
مما قاله الفلاسفة في هذا الموضوع قول ابن سينا في (النجاة) : (ثم إن الإرادات كلها كائنة بعد أن لم تكن ، فلها أسباب تتوافى فتوجبها . وليست توجد إرادة بإرادة ، وإلا لذهب إلى غير النهاية . ولا عن طبيعة المريد ، وإلا للزمت الإرادة ما دامت الطبيعة . بل الإرادات تحدث بحدوث علل هي الموجبات ، والدواعي تستند إلى أرضيات وسماويات ، وتكون موجبة ضرورية لتلك الإرادة .)

وقد مر نقل كلام أبي البركات والأبهري ما يخالف ظاهره هذا القول من ابن سينا .

السكران التميمي
2010-08-14, 02:31 PM
وفيك بارك أخي الكريم..

لكن إياك أن تفهم أن هذه الإرادة الحادثة هي إرادة مستقلة الإحداث منفصلة عن الإرادة الأزلية.. وإلا لوقعت في الإشكال الذي أنت الآن تحاول إيجاد حلٍ له.
بل هذه الإرادة الحادثة جزء من تلك الإرادة الأزلية لله تعالى لجميع الكون بما فيه.. لكنها تأخرت بحسب المخلوق المراد إيقاعها عليه وزمانه فقط.. فتأخرها ليس لكونها حديثة الإنشاء استقلالا ولم تكن مرادة من قبل.. أبدا؛ بل هي مرادة مسبقاً لكنه الآن حصل وقوعها بحسب المخلوق الواقعة عليه وزمانه.. فإرادة الله سابقة للخلق. فإذا كانت كذلك = كان وقوعها المتأخر منبثق من تلك الإرادة السابقة الأزلية لجميع الخلق والكون. فتأمل

محمد بن علي بن مصطفى
2010-08-14, 02:44 PM
يا اخ نضال هذا موضوع بائس وايغال في الكلام يكاد يخرج صاحبه من السنة الى البدعة ورحم الله تعالى الامام احمد عندما قال في فتنة خلق القرآن كيف اقول ما لم يقل
وماتشنيعنا على اهل الكلام وقد شابهناهم في كلامهم
وهذه المسائل وان ذكرت في الكتب قديما فللرد على شبهة مبتدع لكن ما ضرورة اعادتها في ايامنا هذه
أرشدني الله تعالى واياك للحق والسنة والسلامة

نضال مشهود
2010-08-14, 02:50 PM
أما نهاية ما أدى إليه نظري الضعيف إلى الآن = فأن يقال : إن الإرادة الحادثة إنما يحدث تمام علتها قبيل حصولها - من الأمور القائمة بذات الله تعالى أو الأمور الأخرى - وإن خفي علينا التفاصيل ، ولكل إرادة شأنها الخاص بها . فالله أعلى وأعلم .

نضال مشهود
2010-08-14, 03:31 PM
وفيك بارك أخي الكريم..

لكن إياك أن تفهم أن هذه الإرادة الحادثة هي إرادة مستقلة الإحداث منفصلة عن الإرادة الأزلية.. وإلا لوقعت في الإشكال الذي أنت الآن تحاول إيجاد حلٍ له.
بل هذه الإرادة الحادثة جزء من تلك الإرادة الأزلية لله تعالى لجميع الكون بما فيه.. لكنها تأخرت بحسب المخلوق المراد إيقاعها عليه وزمانه فقط.. فتأخرها ليس لكونها حديثة الإنشاء استقلالا ولم تكن مرادة من قبل.. أبدا؛ بل هي مرادة مسبقاً لكنه الآن حصل وقوعها بحسب المخلوق الواقعة عليه وزمانه.. فإرادة الله سابقة للخلق. فإذا كانت كذلك = كان وقوعها المتأخر منبثق من تلك الإرادة السابقة الأزلية لجميع الخلق والكون. فتأمل
أحسن الله إليك أخي الكريم .
تأخر المعلول عن علته التامة هو عين المحظور الباطل الذي حاربه أئمة السنة .
ثم كيف يكون المتأخر جزء من المتقدم ؟

نضال مشهود
2010-08-14, 03:37 PM
يا اخ نضال هذا موضوع بائس وايغال في الكلام يكاد يخرج صاحبه من السنة الى البدعة ورحم الله تعالى الامام احمد عندما قال في فتنة خلق القرآن كيف اقول ما لم يقل
وماتشنيعنا على اهل الكلام وقد شابهناهم في كلامهم
وهذه المسائل وان ذكرت في الكتب قديما فللرد على شبهة مبتدع لكن ما ضرورة اعادتها في ايامنا هذه
أرشدني الله تعالى واياك للحق والسنة والسلامة
أحسن الله إليه أخي الكريم . أخالفك الرأي . ورحم الله الإمام أحمد إذ ألف كتابه الفذ (الرد على الجهمية) ، وإذ أصر على إثبات أن القرآن (غير مخلوق) وإن لم تؤثر هذه اللفظة عن السابقين ، فقد قالوا معناه وإن لم يتلفظوا بلفظه .

السكران التميمي
2010-08-14, 04:00 PM
رحمك الله أخي الكريم.. ومازلنا ندور في حلقة مفرغة: أخبرك بيان كون هذه الإرادة متأخرة وأساسها، ومن ثم تقول لي غفر الله لك: هذا عين المحظور، فأبين لك أخرى، فترجع وتقول: هذا عين المحظور!!

على العموم أخي الكريم: لتعلم أننا لن نجعل من أنفسنا بإذن الله طعماً للشيطان يوقعنا بما يغضب الله تعالى بوصفه بما لا يليق، أو بصرف شيئاً لله في غير مراده.. ولم نقع في محظورٍ إن شاء الله في هذا الأمر بحول الله وقوته.
ثم لتعلم أن هذه الإرادة الحادثة جزء من كل؛ قائمٌ به، مبني عليه، منبثق منه.. وعجبي من سؤالك: (كيف يكون المتأخر جزء من المتقدم)؟!!
فمتى ما وجد الأصل السابق = كان الفرع المنبثق المتأخر جزء منه.

الله مريد = الله له إرادة
الله خالق = الله له خلق
إرادة الله أزلية سابقة بعلمه سبحانه كل ما يكون وما يحدث قبل أن يكون ولو كان ما سوف يكون..
ومن إرادته الخلق، وهو محيطٌ بالخلق متصرفٌ بهم.. يحصل بهم ما يريده سبحانه وكتبه من الإرادة الأزلية السابقة لخلقهم وخلق كل شيء.
النتيجة = أن هذا المخلوق أو ذاك؛ إرادة الله له _ وإن تأخرت لتأخر موطن وقوعها على هذا المخلوق أو ذاق _ هي في الأصل إرادة سابقة؛ وهي نفسها الإرادة الأزلية السابقة.. لكن كونها وقعت لهذا المخلوق بعد إرادتها لا يعني أن تأخرها هذا يعد تأخر معلولٍ عن علته.. هذا هو وجه الإشكال عندك = أنك تعتقد هذا الأمر من هذا الباب؛ وهو ليس كذلك إطلاقاً.. وإلا لوقعنا في محظور عظيم وهو ما يسمى بطروء علم الله وحدوثه؛ ومن ثم طروء إرادته وحدوثها بعد أن لم تكن مرادة.

فأرجو منك أخي أن تستوعب المسألة جيداً.. فإني أراك حتى الآن لم تجود مسك طرف خيطها.

نضال مشهود
2010-08-14, 04:24 PM
والله يا أخي .. لا أدري هل هذا الكلام منك جواب للإشكال المذكور أم أنه لخبطة في الكلام - مع كامل احترامي لشخصيتك . كيف تكون الآن الإرادة الحادثة (هي نفسها الإرادة الأزلية السابقة) ؟!

السكران التميمي
2010-08-14, 04:53 PM
لا بأس عليك أخي الفاضل..

لكن ثق أن عدم استيعابك لهذه (اللخبطة الكلامية) هي التي أوقعت بهذا الإشكال أعانك الله.. وإلا فكلامي رحمك الله هو عين الجواب على إشكالك غفر الله لك.

كون الإرادة الحداثة هذه أو تلك هي نفس الإرادة الأزلية؛ لأنها إرادة واحدة حفظك الله.. فليس لله إرادتان متغايرتان، أو متناقضتين لشيء واحد في نفس الوقت حتى يكون كلامي هذا من نوع (اللخبطة).. بل هي إرادة واحدة؛ أرادها قبل الخلق.. فلحقت بالمخلوق بعد الخلق.. هذا كل ما في الأمر. فتأمل

ولعل أقرب مثال يمكن أن يمثل به لكي يتضح لك المراد هو القرآن الكريم.. فقد أنزل جملة واحدة؛ ثم هو بعد ينزل حسب الأحداث والوقائع.. ولم يقل أحدٌ _ بخلاف الرافضة المارقين _ أن هناك قرآنان.. بل هو قرآن واحد.

ولعلي أكتفي بهذا الحد من التوضيح، وبهذه المشاركة.. والله تعالى أعلى وأعلم

أبوفؤاد الأنصاري
2010-08-15, 02:41 AM
سؤال أكرمكم الله

هل يلزم من كون الإرادة حادثة بالنسبة لنا أن تكون حادثة لله جل وعلا ؟

نضال مشهود
2010-08-21, 07:33 AM
الأخ السكران . . هل لك أن تفرق بين هذه العقيدة التي قلت وبين العقيدة الأشعرية الباطلة ؟
وما ذكرته من إنزال القرآن ليس قياس مسألتنا كما هو الظاهر ، لأن المنزل وإن كان واحدا فثم إنزالان مختلفان لا إنزال واحد .

الأخ أبو فؤاد . . حدوث الإرادة الجازمة للمراد الحادث أمر لازم لا يختص بمريد دون مريد .
وقد قال تعالى : {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} لم يقل : (إنما أمره فيما أراد) .

السكران التميمي
2010-08-21, 12:15 PM
كيف لا يكون التمثيل بإنزال القرآن قياس مسألتنا؟!
حقيقة أردت أن أستوعب هذا الكلام، أو أفهمه، أو أجد له وجهاً فلم أستطع؛ لتناقضه ومخالفته الواقع؛ وهو قولك:

لأن المنزل وإن كان واحدا فثم إنزالان مختلفان لا إنزال واحد كيف يكون إنزلان مختلفان والأصل واحد؟!
المنزل الجديد هو عين المنزل الأول؛ لكنه حديث الوقوع بالنسبة لمراد إنزاله والغرض الذي من أجله أنزل؛ ولكنه يبقى هو هو نفس المنزل الأول.. فكيف يكون إنزالٌ مختلف غفر الله لك.
إن كنت تقصد الوقت.. فليس هذا داخلٌ في مسألتنا رحمك الله؛ فالكل يعرف أن وقت النزول الثاني غير النزول الأول؛ لكن هل قال أحد غيرك هنا أن المنزل الجديد يختلف عن أصله المنزل الأول؟!! وأنهما قرآنان متغايران!!

نضال مشهود
2010-08-21, 07:28 PM
يا أخي . . كلامي كان عن الإنزال لا عن المنزل .
الإنزال الأول إنزال إلى بيت العزة ، وأما الثاني فإنزال إلى الأرض ، فمع هذا الاختلاف كيف يكونان إنزالا واحدا ؟!
روى الصحابي مثلا حديثا إلى التابعي ، فرواه التابعي إلى من دونه . فهما روايتان للحديث وإن كان الحديث المروي شيئا واحدا .
فهذا هو قياس مسألتنا في أمر الإرادة . . لأننا نتكلم عن (الإرادة) لا عن (المراد) . فتدبر .

السكران التميمي
2010-08-21, 07:33 PM
يا أخي . . كلامي كان عن الإنزال لا عن المنزل .
الإنزال الأول إنزال إلى بيت العزة ، وأما الثاني فإنزال إلى الأرض ، فمع هذا الاختلاف كيف يكونان إنزالا واحدا ؟!
روى الصحابي مثلا حديثا للتابعي ، فرواه التابعي لمن دونه . فهما روايتان للحديث وإن كان الحديث المروي شيئا واحدا .
فهذا هو قياس مسألتنا في أمر الإرادة . . فتدبر .
تدبرته ورأيته كلاماً غير موزون رحمك الله.
ونبرأ أن نوافق اهل الزيغ والضلال حتى تجعل قولنا في مقابل أقوالهم.

هذا آخر رد لي هنا.. فما كتب أعلاه فيه الغاية لمن تدبر.

محبة العقيده
2010-08-21, 07:56 PM
بارك الله فيكم على التوضيح..وجزاكم الله خيراااا

الأزهري السلفي
2010-08-21, 09:04 PM
......

أبوفؤاد الأنصاري
2010-09-28, 06:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله

لعل في هذا ما يفيد

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=222948

أبوفؤاد الأنصاري
2010-10-26, 10:56 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسألُ اللهَ أن يزيلَ هذا النقل عن الشيخ بن عثيمين رحمه الله الإشكال لديكم شيخي نضال .

" إن علم الله عز وجل بعد وقوعه غير علمه به قبل وقوعه ، لأن علمه قبل وقوعه علم بانه سيقع ، وعلمه به بعد وقوعه علم بأنه واقع ، ونظير هذا من بعض الوجوه : أن الله عز وجل مريد لكل شئ حتى المستقبل الذي لا نهاية له ، مريد له لا شك ، لكن الإرادة المقارنة تكون عند الفعل : فها هنا إرادتان : إرادة سابقة ، وإرادة مقارنة للفعل ، فإذا أراد الله تعالى أن يخلق شيئاً فإنه يريده عند خلقه ، وهذه هي الإرادة المقارنة ، لكن كونه أراد أن يخلق فهذا غير الإرادة المقارنة . "

أبو جهاد الأثري
2010-10-30, 08:05 AM
من المعتاد لدى دارسي العقيدة تقسيم صفات الله تعالى إلى (الذاتية) وإلى (الفعلية) . فالأول قدم وجوده بوجود الله تعالى ، والثاني ما يتعلق بمشيئته سبحانه فأعيانها حادثة وإن كان نوعها قد يكون قديمة مستمرة . فحقيقة الإشكال السابق هي : من أي قسم صفة (المشيئة) هذه ؟ لا نستطيع أن نقول إنها من القسم الأول لكون أعيان المشيئة تستحيل أن تكون غير حادثة . فإن كان من القسم الثاني ، فلا أفهم وجه العلية بين مشيئة ومشيئة .

والإشكال الثاني : من أي قسم من القسمين صفة (الرضى) و(الغضب) و(السخط) و(الفرح) و(الحب) و(الضحك)؟ هذه الصفات عندنا - نحن البشر - ليست صفات الذات ولا هي أفعال لنا نقصدها ، بل هي انطباقات فورية لا تعلق لها بإرادتنا . فإذا كانت صفات الله تعالى يكمن تقسيمها تقسيما حصريا إلى (الذاتية) القديمة وإلى (الفعلية) الصادرة من الإرادة ، فهل الرضى والغضب والسخط والفرح والعجب ونحوها من القسم الأول أم أنها من الثاني ؟


اعتذار للشيخ نضال - وفقه الله تعالى وسدد على الحق خطاه - ولإخواننا الكرام - ألحقنا الله وإياهم بالصالحين - على التطفل، مبدأ قولي.
الصواب أن نقسم قسمة ثلاثية لا ثنائية، فنقول:
صفات ذاتية، وصفات فعلية وهذه لها طرفان: فعل وانفعال فالأول راجع للباري والثاني للمخلوق، وصفات ذات وجهين فهي ذاتية من وجه فعلية من وجه.
والإرادة داخلة في القسم الأخير فهي ذاتية في الأصل، ولكن لحال التكرر تكون فعلية من هذا الوجه، ولذلك تحصل المزاحمة بين الإرادتين : " وما ترددت عن شيء ".
والرضا والغضب والخفض والرفع والكره والمحبة والرحمة من صفات الأفعال فلها طرفان فعل من الخالق وانفعال من المخلوق.
فلو سُلِّم هذا فإنه يزيل شطر الإشكال، والله أعلم.

شبّاب الخير
2010-10-30, 10:25 AM
جزاكم الله خيرا
كلام ونقاش بينه وبين إرجاع (بعض الصفات للإرادة) مدّخل ضيق !
----------------------------------------------------------
الجواب :((للشيخ عبد الرحمن البراك)).

الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :
فإن من المعلوم بالضرورة عقلا وشرعا أن الله لم يزل موجودا وموصوفا بجميع صفات الكمال ، من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة والكلام والعزة والحكمة والرحمة والخلق والرزق والعفو والمغفرة ، ونحو ذلك من الصفات الذاتية والصفات الفعلية الذاتية ، فكلها ثابتة للرب سبحانه أزلا وأبدا ، فلم يزل ولا يزال سبحانه حيا قيوما ، عليما حكيما ، غفورا رحيما ، خالقا رازقا ، سميعا بصيرا ، عفوا قديرا ، فعالا لما يريد .
فصفاته الذاتية سبحانه لازمة لذاته ولا تتعلق بها المشيئة .
وأما صفاته الذاتية الفعلية ، فالأسماء المتضمنة لها لازمة له ، لا تتوقف على المشيئة ، مثل العفو والغفور ،و الخالق والرازق ، فإنه لم يزل سبحانه ولا يزال مستحقا لهذه الأسماء ، وما تتضمنه من الصفات ، ولكن أثرها ومتعلقها تابع للمشيئة فتقول : إنه تعالى يخلق ما شاء إذا شاء ، ويرزق من يشاء ويغفر لمن يشاء .
وما كان تابعا للمشيئة فليس هو من لوازم ذاته ، ومن هذا النوع صفة الفعل وصفة الكلام ، فإنه تعالى لم يزل متكلما بما شاء إذا شاء ، ولم يزل فعالا لما يريد ، وآحاد كلامه ، وآحاد فعله ليس من لوازم ذاته ، فمن آحاد كلامه نداؤه الأبوين ، وقوله للملائكة " إني خالق بشرا " الحجر: ٢٨ وقوله لآدم " اسكن أنت وزوجك الجنة "البقرة: ٣٥ وكلامه سبحانه لا نفاد له كما قال " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا " الكهف: ١٠٩ وآحاد أفعاله سبحانه التي تدل ليها أسماؤه وأنواع أفعاله التي ليس له منها اسم هي التي تعرف عند أهل العلم بالصفات الفعلية كاستوائه على العرش ونزوله إلى السماء الدنيا ....إلخ ما قال حفظه الله
----------------------------------------------------------------------

الداعلي
2010-11-01, 12:03 AM
السلام عليكم

أخي نضال منشود .. أنت كمن يدور في حلقة مفرغة لا يدري أين طرفاها !! ولعل في نقل الإخوة الأفاضل وحديث بعضهم ما يوضح الإشكال لو تدبرناه !! وأنت إن شاء الله تريد الوصول للجواب الصحيح فاسأل الله سبحانه أن يفهمنا ويفهمك كما فهم سليمان ، وبارك الله فيكم جميعا ،،

فارس ابن عامر
2010-11-02, 05:29 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يمكن أن يقال أن العلة للمشيئة الحادثة هي مشيئة حادثة قبلها وهكذا , فإن قيل لزم التسلسل قلنا نلتزمه وهو أحد نوعي التسلسل الجائز عند أهل السنة .
وذلك ان صفة المشيئة بإعتبار نوعها ذاتية و بإعتبار آحادها فعلية ,, وضابط الصفة الفعلية ما تعلقت به المشيئة .
فتكون الصفة الفعلية ( المشيئة ) متعلقة بالمشيئة ,, وإلا لما كانت فعلية

هذا جواب على عجلة وربما ينقصه تحرير

عبد الباسط بن يوسف الغريب
2010-11-02, 11:10 PM
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
لعل في هذه النقول ما يشفي الغليل

وقد فصل شيخ الإسلام في هذه المسألة , وبين أن الإرادة تنقسم إلى عزم وقصد ؛ فالإرادة التي تسبق الفعل وتسمى عزما , وهذه تسبق الفعل , وأما الإرادة التامة التي تكون مع الفعل , وهي تسمى القصد فهذه لا تتأخر عن الفعل , وهذا هو القول الوسط في هذه المسألة .
فالأشاعرة قالوا الإرادة التامة قديمة ( وهي بمعنى القصد ) , والفعل حادث ! , وهذا مما خالفوا به المعقول حتى سخر منهم ابن رشد رحمه الله ؛ فكيف يتصور إرادة تامة قديمة وفعل حادث فهذا مناف للمعقول .
قال شيخ الإسلام : وإذا تبين أن الفعل مستلزم لحدوث المفعول , وأن إرادة الفاعل أن يفعل مستلزمة لحدوث المراد ؛ فهذا يبين أن كل مفعول وكل ما أريد فعله فهو حادث بعد أن لم يكن عموما , وعلم بهذا أنه يمتنع أن يكون ثم إرادة أزلية لشيء من الممكنات يقارنها مرادها أزلا وأبدا سواء كانت عامة لكل ما يصدر عنه أو كانت خاصة ببعض المفعولات .
ثم يقال أما كونها عامة لكل ما يصدر عنه فامتناعه ظاهر متفق عليه بين العقلاء ؛ فإن ذلك يستلزم أن يكون كل ما صدر عنه بواسطة أو بغير واسطة قديما أزليا ؛ فيلزم أن لا يحدث في العالم شيء وهو مخالف لما يشهده الخلق من حدوث الحوادث في السماء والأرض وما بينهما من حدوث الحركات والأعيان والأعراض كحركة الشمس والقمر والكواكب وحركة الرياح وكالسحاب والمطر وما يحدث من الحيوان والنبات والمعدن .
وأما إرادة شيء معين فلما تقدم ولأنه حينئذ إما أن يقال ليس له إلا تلك الإرادة الأزلية , وإما أن يقال له إرادات تحصل شيئا بعد شيء ؛ فإن قيل بالأول فإنه على هذا التقدير يكون المريد الأزلي في الأزل مقارنا لمراده الأزلي فلا يريد شيئا من الحوادث لا بالإرادة القديمة ولا بإرادة متجددة لأنه إذا قدر أن المريد الأزلي يجب أن يقارنه مراده كان الحادث حادثا إما بإرادة أزلية فلا يقارن المريد مراده وإما حادثا بإرادة حادثة مقارنة له وهذا باطل لوجهين :
أحدهما : أن التقدير أنه ليس له إلا إرادة واحدة أزلية .
الثاني: أن حدوث تلك الإرادة يفتقر إلى سبب حادث والقول في ذلك السبب الحادث كالقول في غيره يمتنع أن يحدث بالإرادة الأزلية المستلزمة لمقارنة مرادها لها ويمتنع أن يحدث بلا إرادة لامتناع حدوث الحادث بلا إرادة فيجب على هذا التقدير أن تكون إرادة الحادث المعين مشروط بإرادة له وبإرادة للحادث الذي قبله وأن الفاعل المبدع لم يزل مريدا لكل ما يحدث من المرادات .
وهذا هو التقدير الثاني ؛ وهو أن يقال لو أراد أن يحصل شيئا بعد شيء فكل مراد له محدث كائن بعد أن لم يكن , وهو وحده المنفرد بالقدم والأزلية , وكل ما سواه مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن وعلى هذا التقدير فليس فيه إلا دوام الحوادث وتسلسلها وهذا هو التقدير الذي تكلمنا عليه ويلزم أن يقوم بذات الفاعل ما يريده ويقدر عليه , وهذا هو قول أئمة أهل الحديث وكثير من أهل الكلام والفلسفة بل قول أساطينهم من المتقدمين والمتأخرين .
فتبين أنه يجب القول بحدوث كل ما سوى الله سواء سمى جسما أو عقلا أو نفسا وأنه يمتنع كون شيء من ذلك قديما سواء قيل بجواز دوام الحوادث وتسلسلها وأنه لا أول لها أوقيل بامتناع ذلك وسواء قيل بأن الحادث لا بد له من سبب حادث أو قيل بامتناع ذلك وأن القائلين بقدم العالم كالأفلاك والعقول والنفوس قولهم باطل في صريح العقل الذي لم يكذب قط على كل تقدير وهذا هو المطلوب .
منهاج السنة (1|296-298)
وقال : و أيضا فلابد عند وجود المراد من سبب يقتضى حدوثه وإلا فلو كان مجرد ما تقدم من الإرادة والقدرة كافيا للزم وجوده قبل ذلك لأنه مع الإرادة التامة والقدرة التامة يجب وجود المقدور.
مجموع الفتاوى(6|231)
وقال :وهو سبحانه إذا أراد شيئا من ذلك فللناس فيها أقوال :
قيل الإرادة قديمة أزلية و احدة , و إنما يتجدد تعلقها بالمراد ونسبتها إلى الجميع واحدة و لكن من خواص الإرادة أنها تخصص بلا مخصص فهذا قول ابن كلاب و الأشعرى و من تابعهما , وكثير من العقلاء يقول إن هذا فساده معلوم بالاضطرار حتى قال أبو البركات ليس فى العقلاء من قال بهذا , و ما علم أنه قول طائفة كبيرة من أهل النظر و الكلام و بطلانه من جهات من جهة جعل إرادة هذا غير إرادة ذاك و من جهة أنه جعل الإرادة تخصص لذاتها و من جهة أنه لم يجعل عند وجود الحوادث شيئا حدث حتى تخصص أو لا تخصص بل تجددت نسبة عدمية ليست و جودا و هذا ليس بشيء فلم يتجدد شيء فصارت الحوادث تحدث و تتخصص بلا سبب حادث و لا مخصص .
و القول الثاني : قول من يقول بإرادة واحدة قديمة مثل هؤلاء لكن يقول تحدث عند تجدد الأفعال إرادات فى ذاته بتلك المشيئة القديمة كما تقوله الكرامية و غيرهم .
و هؤلاء أقرب من حيث أثبتوا إرادات الأفعال و لكن يلزمهم ما لزم أولئك من حيث أثبتوا حوادث بلا سبب حادث و تخصيصات بلا مخصص و جعلوا تلك الإرادة واحدة تتعلق بجميع الإرادات الحادثة و جعلوها أيضا تخصص لذاتها و لم يجعلوا عند وجود الإردات الحادثة شيئا حدث حتى تخصص تلك الإرادات الحدوث .
و القول الثالث: قول الجهمية و المعتزلة الذين ينفون قيام الإرادة به ثم إما أن يقولوا بنفي الإرادة أو يفسرونها بنفس الأمر و الفعل أو يقولوا بحدوث إرادة لا في محل كقول البصريين
و كل هذه الأقوال قد علم أيضا فسادها .
و القول الرابع : أنه لم يزل مريدا بإرادات متعاقبة فنوع الإرادة قديم و أما إرادة الشيء المعين فإنما يريده فى وقته .
و هو سبحانه يقدر الأشياء و يكتبها ثم بعد ذلك يخلقها فهو إذا قدرها علم ما سيفعله و أراد فعله في الوقت المستقبل لكن لم يرد فعله فى تلك الحال فإذا جاء و قته أراد فعله ؛ فالأول عزم , و الثاني قصد .
وهل يجوز و صفه بالعزم فيه قولان :
أحدهما : المنع كقول القاضي أبى بكر و القاضي أبى يعلى.
و الثاني : الجواز و هو أصح فقد قرأ جماعة من السلف {فإذا عزمت فتوكل على الله } بالضم و في الحديث الصحيح من حديث أم سلمة : ثم عزم الله لي . و كذلك فى خطبة مسلم: فعزم لي .
و سواء سمي عزما أو لم يسم ؛ فهو سبحانه إذا قدرها علم أنه سيفعلها في وقتها , و أراد أن يفعلها في وقتها؛ فإذا جاء الوقت فلا بد من إرادة الفعل المعين و نفس الفعل و لابد من علمه بما يفعله .
مجموع الفتاوى (16|301-304)
وقال : أما الإرادة فذكروا لها ثلاثة لوازم و الثلاثة تناقض الإرادة .
قالوا: أنها تكون و لا مراد لها بل لم يزل كذلك ثم حدث مرادها من غير تحول حالها , و هذا معلوم الفساد ببديهة العقل ؛ فإن الفاعل إذا أراد أن يفعل فالمتقدم كان عزما على الفعل و قصدا له فى الزمن المستقبل لم يكن إرادة للفعل في الحال بل إذا فعل فلابد من إرادة الفعل في الحال , و لهذا يقال الماضي عزم و المقارن قصد فوجود الفعل بمجرد عزم من غير أن يتجدد قصد من الفاعل ممتنع ؛ فكان حصول المخلوقات بهذه الإرادة ممتنعا لو قدر إمكان حدوث الحوادث بلا سبب ؛ فكيف و ذاك أيضا ممتنع في نفسه فصار الامتناع من جهة الإرادة و من جهة تعينت بما هو ممتنع في نفسه .
الثاني : قولهم أن الإرادة ترجح مثلا على مثل فهذا مكابرة بل لا تكون الإرادة إلا لما ترجح و جوده على عدمه عند الفاعل إما لعلمه بأنه أفضل أو لكون محبته له أقوى و هو إنما يترجح في العلم لكون عاقبته أفضل فلا يفعل أحد شيئا بإرادته إلا لكونه يحب المراد أو يحب ما يؤول إليه المراد بحيث يكون وجود ذلك المراد أحب إليه من عدمه لا يكون و جوده و عدمه عنده سواء .
الثالث: أن الإرادة الجازمة يتخلف عنها مرادها مع القدرة ؛ فهذا أيضا باطل بل متى حصلت القدرة التامة و الإرادة الجازمة وجب وجود المقدور و حيث لا يجب فإنما هو لنقص القدرة أو لعدم الإرادة التامة والرب تعالى ما شاء كان و ما لم يشأ لم يكن , و هو يخبر في غير موضع أنه لو شاء لفعل أمورا لم يفعلها كما قال {و لو شئنا لآتينا كل نفس هداها }{ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة } { ولو شاء الله ما اقتتلوا} فبين أنه لو شاء ذلك لكان قادرا عليه لكنه لا يفعله لأنه لم نشأه إذ كان عدم مشيئته أرجح في الحكمة مع كونه قادرا عليه لو شاءه .
مجموع الفتاوى (16|459)
وقال :فإن القائلين بتأخر مرادها ؛ إنما قالوا ذلك فرارا من القول بدوام الحوادث ووجود حوادث لا أول لها , وعلى هذا التقدير فيلزم حدوث العالم ؛ وإلا فلو جاز دوام الحوادث لجاز عندهم وجود المراد في الأزل , ولو جاز ذلك لم يقولوا بتأخر المراد عن الإرادة القديمة الأزلية مع ما في ذلك من ترجيح أحد المتماثلين على الآخر بلا مرجح , وما في ذلك من الشناعة عليهم ونسبة كثير من العقلاء إلى أنهم خالفوا صريح المعقول .
فإنهم إنما صاروا إلى هذا القول لاعتقادهم امتناع حوادث لا أول لها ؛ فاحتاجوا لذلك أن يثبتوا إرادة قديمة أزلية يتأخر عنها المراد ويحدث بعد ذلك من غير سبب حادث واحتاجوا أن يقولوا إن نفس الإرادة تخصص أحد المتماثلين على الآخر , وإلا فلو اعتقدوا جواز دوام الحوادث وتسلسلها لأمكن أن يقولوا بأنه تحدث الإرادات والمرادات ويقولون بجواز قيام الحوادث بالقديم ولرجعوا عن قولهم بأن نفس الإرادة القديمة تخصص أحد المثلين في المستقبل وعن قولهم بحدوث الحوادث بلا سبب حادث وكانوا على هذا التقدير لا يقولون بقدم شيء من العالم بل يقولون إن كل ما سوى الله فإنه حادث كائن بعد أن لم يكن .
منهاج السنة (1|392)
قال ابن رشد في الرد على ذلك : وما يقوله المتكلمون في جواب هذا ، من أن الفعل الحادث كان بإرادة قديمة ، ليس بِمُنج ولا مخلصٍ من هذا الشك ؛ لأن الإرادة غيرُ الفعل المتعلق بالمفعول . وإذا كان المفعول حادثاً فواجب أن يكون الفعل المتعلق بإيجاده حادثاً .
وسواء فرضنا الإرادة قديمةً أو حديثةً ، متقدمة على الفعل أو معه ، فكيفما كان ، فقد يلزمهم أن يجوِّزوا على القديم أحد ثلاثة أمور : إما إرادة حادثة وفعل حادث ،- وهذا لا يسلمون به - وإما فعل حادث وإرادة قديمة ،- وهذا لا يتصور - وإما فعل قديم وإرادة قديمة – وهذا مناف للمعقول - . والحادث ليس يمكن أن يكون عن فعل قديم بلا واسطة ، إن سلمنا لهم أنه يوجد عن إرادة قديمة .
ووضع الإرادة نفسها هي للفعل المتعلق بالمفعول شيءٌ لا يعقل , وهو كفرض مفعول بلا فاعل ؛ فإن الفعل غير الفاعل ، وغير المفعول ، وغير الإرادة . والإرادة هي شرط الفعل لا الفعل .
وأيضاً فهذه الإرادة القديمة يجب أن تتعلق بعدم الحادث دهراً لا نهاية له ، ، إذ كان الحادث معدوماً دهراً لا نهاية له. فهي لا تتعلق بالمراد في الوقت الذي اقتضت إيجاده إلا بعد انقضاء دهر لا نهاية له . وما لا نهاية له لا ينقضي ؛ فيجب ألا يخرج هذا المراد إلى الفعل ، أو ينقضي دهرٌ لا نهاية له وذلك ممتنع . وهذا هو بعينه برهام المتكلمين الذي اعتمدوه في حدوث دورات الفلك .
وأيضاً فإن الإرادة التي تتقدم المراد ، وتتعلق به بوقت مخصوص ، لا بد أن حدث فيها ، في وقت إيجاد المراد ، عزمٌ على الإيجاد لم يكن قبل ذلك الوقت ، لأنه إن لم يكن في المريد ، فـي وقت الفعل ، حالةٌ زائدة على ما كانت عليه في الوقت الذي اقتضت الإرادة عدم الفعل ، لم يكن وجود ذلك الفعل عنه في ذلك الوقت أولى من عدمه .
إلى ما في هذا كله من التشعيب والشكوك العويصة التي لا يتخلص منها العلماء المهَرَة بعلم الكلام و الحكمة ، فضلاً عن العامة . ولو كُلِّف الجمهور العلم من هذه الطرق لكان من باب تكليف ما لا يطاق .
الكشف عن مناهج الأدلة (30-31)
قلت : وقوله : وإذا كان المفعول حادثاً فواجب أن يكون الفعل المتعلق بإيجاده حادثاً . وهذا هو القول الصواب , وأن الأفعال تقوم بذات الله وهي من الصفات التابعة لمشيئته واختياره .
قلت : وقوله : وأيضاً فهذه الإرادة القديمة يجب أن تتعلق بعدم الحادث دهراً لا نهاية له ، ، إذ كان الحادث معدوماً دهراً لا نهاية له. فهي لا تتعلق بالمراد في الوقت الذي اقتضت إيجاده إلا بعد انقضاء دهر لا نهاية له . وما لا نهاية له لا ينقضي ؛ فيجب ألا يخرج هذا المراد إلى الفعل ، أو ينقضي دهرٌ لا نهاية له وذلك ممتنع . وهذا إلزام قوي من ابن رشد للأشاعرة , لأن الإرادة القديمة يستلزمها ما يستلزم الذات من الأولية , فهذا العدم إن كان متناهيا تنافى مع القول بالقدم , وإن لم يكن متناهيا لاستلزم أن لا يصدر الفعل لأن ما يتناهى لا ينقضي .

قال ابن رشد : وأما المقدمة القائلة إن الإرادة لا يكون عنها إلا مراد محدث ؛ فذلك شيء غير بين , وذلك أن الإرادة التي بالفعل ، فهي مع فعل المراد نفسه ، لأن الإرادة من المضاف . وقد تبين أنه إذا وجد أحد المضافين بالفعل وجد الآخر بالفعل ، مثل الأب والابن، وإذا وجد أحدهما بالقوة وجد الآخر بالقوة . فإن كانت الإرادة التي بالفعل حادثة فالمراد ولا بد حادث بالفعل وإن كانت الإرادة التي بالفعل قديمة فالمراد الذي بالفعل قديم . وأما الإرادة التي تتقدم المراد فهي الإرادة التي بالقوة ، أعني التي لم يخرج مرادها إلى الفعل ، إذ لم يقترن بتلك
الإرادة الفعل الموجب لحدوث المراد . ولذلك هو بين ، أنها إذ لم خرج مرادها أنها على نحو من الوجود لم تكن عليه قبل خروج مراها إلى فعل ، إذ كانت هي السبب في حدوث المراد بتوسط الفعل فإذن ،ـ لو وضع المتكلمون أن الإرادة حادثه لوجب أن يبكون المراد محدثاً ولا بد.
والظاهر من الشرع أنه لم يتعمق هذا التعمق مع الجمهور . ولذلك ولم يصرح لا بالإرادة قديمة ولا حادثه ، بل صرح بما الأظهر منه أن الإرادة حادثه وذلك في قوله تعالى:{إنما قولنا لشيء إذا أردنه أن نقول له كنت فيكون } [النحل:40]. وإنما كان ذلك كذلك لأن الجمهور لا يفهمون موجودات حادثة عن إرادة قديمة ، بل الحق أن الشرع لم يصرح في الإرادة لا بحدوث ولا بقدم ، لكون هذا من المتشابهات في حق الأكثر . وليس بأيدي المتكلمين برهان قطعي على استحالة قيام إرادة حادثة في موجود قديم ، لأن الأصل الذي يعولون عليه في نفي قيام الإدارة بمحل قديم هو المقدمة التي بينا وهي أن ما لا يخلو عن الحوادث حادث .
الكشف عن مناهج الأدلة (39-40)
قلت : وقوله : وأما المقدمة القائلة إن الإرادة لا يكون عنها إلا مراد محدث فذلك شيء غير بين , وذلك أن الإرادة التي بالفعل ، فهي مع فعل المراد نفسه ، لأن الإرادة من المضاف . وقد تبين أنه إذا وجد أحد المضافين بالفعل وجد الآخر بالفعل ، مثل الأب والابن، وإذا وجد أحدهما بالقوة وجد الآخر بالقوة . فإن كانت الإرادة التي بالفعل حادثة فالمراد ولا بد حادث بالفعل , وإن كانت الإرادة التي بالفعل قديمة ؛ فالمراد الذي بالفعل قديم . وأما الإرادة التي تتقدم المراد فهي الإرادة التي بالقوة ، أعني التي لم يخرج مرادها إلى الفعل ، إذ لم يقترن بتلك الإرادة الفعل الموجب لحدوث المراد. وهذا قريب جدا من كلام شيخ الإسلام التفريق بين الإرادة التي تكون قبل الفعل والتي تسمى العزم والإرادة التي تكون مع الفعل والتي تسمى القصد , وهذه الأخيرة لا يتصور تأخرها عن الفعل .
وقال ابن رشد : ولذلك عرضت أشد حيرة تكون ن وأعظم شبهة ، للمتكلمين من أهل ملتنا ، أعني الأشعرية ؛ وذلك لما صرحوا أن الله مريد بإرادة قديمة ، وهذا بدعة كما قلنا ، ووضعوا أن العالم محدث ، قيل لهم : كيف يكون مراد حادث عن إرادة قديمة ؟ فقالوا : فقالوا : إن الإرادة القديمة تعلقت بإيجاده في وقت مخصوص وهو الوقت الذي وجد فيه .
فقيل لهم : إن كانت نسبة الفاعل المريد إلى المحدث ، وفي وقت عدمه ، هي بعينها نسبته إليه في وقت إيجاده ، فالمحدث لم يكن وجوده في وقت وجوده أولى منه غيره ، إذ لم يتعلق به ، في وقت الوجود ، فعل انتفى عنه في وقت العدم . وإن كانت مختلفة ، فهنالك إرادة حادثة ضرورة ، وإلا وجب أن يكون مفعول محدث عن فعل قديم . فإن ما يلزم من ذلك في الفعل ، يلزم في الإرادة .
وذلك أنه يقال لهم : إذا حضر الوقت ، وقت وجوده ، فوجد ، فهل وجد بفعل قديم أو بفعل محدث ؟ فإن قالوا : بفعل قديم ، فقد جوزوا وجود المحدث بفعل قديم . وإن قالوا : بفعل محدث ، لزمهم أن يكون هنالك إرداة محدثه. فإن قالوا : الإرادة هي نفس الفعل فقد قالوا محالاً ، فإن الإرادة هي سبب الفعل في المريد , ولو كان المريد إذا أراد شيئاً ما ، في وقت ما ، وجد ذلك الشيء عند حضور وقته ، من غير فعل منه بالإرداة المتقدمة ، لكان ذلك الشيء موجوداً عن غير فاعل.
وأيضاً فقد يظن أنه إن كان واجباً أن يكون عن الإرادة الحادثه مراد حادث ، فقد يجب أن يكون عن الإرادة القديمة مراد قديم ، وإلا كان مراد الإرادة القديمة والحادثه واحداً ، وذلك مستحيل .
الكشف عن مناهج الأدلة (94-95)
وقول ابن رشد : "فقيل لهم : إن كانت نسبة الفاعل المريد إلى المحدث ... " هي نفس مسألة الترجيح بلا مرجح المتقدمة كما تقدم .
وهو يلزمهم أنه ما من وقت يتصور فيه إيجاد المفعول الحادث عن تلك الإرادة القديمة , إلا وهو يتصور في وقت غير ذلك الوقت ؛ فتخصيص هذا الوقت دون سواه يحتاج إلى مرجح , وهذا من تناقضهم .
الله أعلم

فارس ابن عامر
2010-11-04, 07:43 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يمكن أن يقال أن العلة للمشيئة الحادثة هي مشيئة حادثة قبلها وهكذا , فإن قيل لزم التسلسل قلنا نلتزمه وهو أحد نوعي التسلسل الجائز عند أهل السنة .
وذلك ان صفة المشيئة بإعتبار نوعها ذاتية و بإعتبار آحادها فعلية ,, وضابط الصفة الفعلية ما تعلقت به المشيئة .
فتكون الصفة الفعلية ( المشيئة ) متعلقة بالمشيئة ,, وإلا لما كانت فعلية
هذا جواب على عجلة وربما ينقصه تحرير
عفوا .. انا اعتذر عن هذا الجواب الغير محرر

فارس ابن عامر
2010-11-04, 09:18 AM
عفوا .. انا اعتذر عن هذا الجواب الغير محرر
غير **

أبوفؤاد الأنصاري
2010-11-20, 07:57 PM
السلام عليكم

شيخي نضال هل لا زال الإشكال باقياً ؟

إن نعم

يرجى مراجعة

تحرير معالي الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه الماتع على الواسطية

اللآلئ البهية في شرح العقيدة الواسطية (1/299-320) دار العاصمة

عمرو بسيوني
2010-11-22, 01:41 AM
جزى الله خيرا الشيخ نضالا

وجزى الله خيرا الشيخ عبد الباسط ..

وقد سبق نقاش قضية الإرادة القديمة والعزم والإرادة الحادثة التامة ( القصد ) في الرابط الذي وضعه الأخ أبو فراس في ملتقى أهل الحديث ، وأحسب أن فيه توضيحا لتلك المسألة ..

أما على وجه السؤال تحديدا ، فالصواب الذي يقتضيه إنعام النظر ـ وقد ناقشنا نفس المسألة في الملتقى سابقا ـ أن المرجح والمقتضي للإرادة الحادثة ( العلم والحكمة ) ، فالإرادة المعينة بنص كلام الشيخ ( تتبع العلم ) و ( تترجح بالعلم ) ، ( وَحِينَئِذٍ فَإِرَادَةُ الْمُعَيَّنِ تَتَرَجَّحُ لِعِلْمِهِ بِمَا فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ الْمَعْنَى الْمُرَجِّحِ لِإِرَادَتِهِ . فَالْإِرَادَةُ تَتْبَعُ الْعِلْمَ ) ، فالحق تبارك وتعالى بعلمه الأشياء وما فيها من الخير والشر والمصلحة والمفسدة ، يترتب على ذلك أن تقتضي حكمته إيجاد المعين أو عدم إيجاده أو إعدامه ..

وعلى ذلك فالمرجح للمعين = الإرادة الحادثة ( القصد التام )

والمرجح للإرادة الحادثة = العلم والحكمة ..

وفي الرابط المذكور ـ وغيره في مثل تلك المسألة ـ النقول الخاصة بذلك من كلام الشيخ ...

والله أعلم

محمد بن عيد الشعباني
2011-11-09, 09:52 AM
...........
والإشكال الثاني : من أي قسم من القسمين صفة (الرضى) و(الغضب) و(السخط) و(الفرح) و(الحب) و(الضحك)؟ هذه الصفات عندنا - نحن البشر - ليست صفات الذات ولا هي أفعال لنا نقصدها ، بل هي انطباقات فورية لا تعلق لها بإرادتنا . فإذا كانت صفات الله تعالى يكمن تقسيمها تقسيما حصريا إلى (الذاتية) القديمة وإلى (الفعلية) الصادرة من الإرادة ، فهل الرضى والغضب والسخط والفرح والعجب ونحوها من القسم الأول أم أنها من الثاني ؟
كنت بصدد مراجعة رسالة في العقيدة طبعت باسم ( اعتقاد الإمام المبجل ابن حنبل ) المؤلف : عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث التميمي , الناشر : دار المعرفة – بيروت , كما طبع مع ما سبق باسم ( العقيدة رواية أبي بكر الخلال ) المؤلف : أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني أبو عبد الله الناشر : دار قتيبة – دمشق , الطبعة الأولى ، 1408هـ , تحقيق : عبد العزيز عز الدين السيروان .
وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : وَلِهَذَا اعْتَمَدَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ البيهقي فِي كِتَابِهِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي مَنَاقِبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ - لَمَّا ذَكَرَ اعْتِقَادَهُ - اعْتَمَدَ عَلَى مَا نَقَلَهُ مِنْ كَلامِ أَبِي الْفَضْلِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ . وَلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مُصَنَّفٌ ذَكَرَ فِيهِ مِنْ اعْتِقَادِ أَحْمَدَ مَا فَهِمَهُ ؛ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَلْفَاظَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ جُمَلَ الاعْتِقَادِ بِلَفْظِ نَفْسِهِ وَجَعَلَ يَقُولُ : " وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ " . وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُصَنِّفُ كِتَابًا فِي الْفِقْهِ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ وَيَذْكُرُ مَذْهَبَهُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ وَرَآهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ بِمَذْهَبِ ذَلِكَ الإِمَامِ أَعْلَمَ مِنْهُ بِأَلْفَاظِهِ وَأَفْهَمَ لِمَقَاصِدِهِ ؛( مجموع الفتاوى 4 / 167 ـ 168 ) . وهو في ذيل طبقات الحنابلة ( ج1/ص293-294-295) ومنشور بالمواقع الإلكترونية , وموجود بالمكتبة الإلكترونية الشاملة , وجاء فيه مما يخص الإشكال الثاني ما نصه :
(والغضب والرضى صفتان له من صفات نفسه لم يزل الله تعالى غاضبا على ما سبق في علمه أنه يكون ممن يعصيه , ولم يزل راضيا على ما سبق في علمه أنه يكون مما يرضيه .)
وهذا النص من كلام أبي الفضل التميمي مما فهمه من اعتقاد الإمام أحمد رحمه الله وهو يدفعني لمزيد من البحث ولكني أحببت أن أطلع إخواني الفضلاء عليه لتعلقه بالإشكال الثاني , وليعلم أن للسائل وجه في سؤاله واستشكاله , وجزاكم الله خيرا .

محمد بن عيد الشعباني
2011-11-10, 02:28 PM
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ : وَمِنْ أَتْبَاعِ الأَشْعَرِيِّ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مَنْ يَجْعَلُ الرِّضَا وَالْغَضَبَ وَالْفَرَحَ وَالْمَحَبَّةَ : هِيَ الإِرَادَةُ . وَتَارَةً يَجْعَلُونَهَا صِفَاتٍ أُخْرَى قَدِيمَةً غَيْرَ الإِرَادَةِ ( مجموع الفتاوى 5/ 249 ) .
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في ((النونية)) (2/109) :
((وهُوَ المُقَدِّمُ والمُؤخِّرُ ذَانِكَ الـ ............ صِّفَتَانِ للأفْعَالِ تَابِعَتَانِ
وهُمَا صِفَاتُ الذَّاتِ أيضاً إذْ ..........هُمَا بالذَّاتِ لا بِالغَيْرِ قَائِمَتَانِ))
قال الشيخ محمد خليل الهرَّاس ـ رحمه الله ـ في شرحه للأبيات : ((والتقديم والتأخير صفتان من صفات الأفعال التابعة لمشيئته تعالى وحكمته ، وهما أيضاً صفتان للذات ؛ إذ قيامهما بالذات لا بغيرها ، وهكذا كل صفات الأفعال هي من هذا الوجه صفات ذات ، حيث إنَّ الذات متصفة بها ، ومن حيث تعلقها بما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال تسمى صفات أفعال)).
وقال ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ : يثبت الباقلاني الصفات عموماً ولا يقتصر على إثبات الصفات السبع، ويقسم الصفات إلى صفات ذات وصفات فعل فيقول: » صفات ذاته هي التي لم يزل ولا يزال موصوفاً بها، وهي الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والبقاء والوجه والعينان واليدان، والغضب والرضى، وهما الإرادة على ما وصفناه - وهي الرحمة والسخط والولاية والعداوة والحب والإيثار والمشيئة - وإدراكه تعالى لكل جنس يدركه الخلق من الطعوم والروائح والحرارة والبرودة وغير ذلك من المدركات، وصفات فعله هي الخلق والرزق، والعدل، والإحسان والتفضل والأنعام، والثواب والعقاب، والحشر والنشر، وكل صفة كان موجوداً قبل فعله لها، غير أن وصفه لنفسه بجميع ذلك قديم، لأنه كلامه الذي هو قوله: إني خالق رازق باسط، وهو تعالى لم يزل متكلماً بكلام غير محدث ولا مخلوق«. التمهيد (ص: 262-263).
وقال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : في شرح السفارينية :
" القسم الثاني من الصفات : صفات فعلية :
فهذه باعتبار الجنس صفة ذاتية لأن الله لم يزل ولا يزال فعالاً ، أفعاله لا تنقضي ، وكذلك أقواله { قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدادا } ( الكهف 109 ) .
لكن آحاد الفعل أو نوع الفعل فهذا ينفك الله عنه يعني ليس لازماً لذاته ،
مثال ذلك : النزول إلى السماء الدنيا هذا نوع , وآحاد نوع ،لأنه لم يثبت له نظير قبل خلق السماء آحاد ، لأنه يتجدد كل ليلة ، فالأفعال نوعها قد يكون حادثاً آحادها تكون حادثة لكن جنسها أزلي أبدي لأن الله لم يزل ولا يزال فعالاً ، النزول فعل نوعه حادث أفراده كل ليلة هذا آحاد ،وكذلك الاستواء على العرش نوع فهو باعتبار أصل الفعل صفة ذاتية , وباعتبار النوع لأنه لم يكن إلا بعد خلق العرش يكون فعلياً ،
أما آحادية فلا نستطيع أن نقول : آحادية لأن استواء الله على العرش ثابت ،ولا يمكن أن نقول : إن الله قد لا يستوي على العرش ،
لا نقول هذا لأننا ليس عندنا علم بذلك الشيء ، بخلاف النزول إلى السماء الدنيا لما كان مقيدًا بزمن ، قلنا : إنه يحدث كل ثلث ليلة بالنسبة للسماء الدنيا ، إذن قول المؤلف : ( كذاك لا ينفك عن صفاته ) :
يجب أن يحمل على الصفات الذاتية والصفات الخبرية وعلى جنس الصفات الفعلية " .
وقال فضيلة الشيخ يوسف الغفيص ـ حفظه الله ـ : قال: [والله يغضب ويرضى لا كأحدٍ من الورى] . وهذه جملةٌ حسنة في كلام أبي جعفر ، وهي صريحة في مخالفة مذهب الأشعرية، فإن الأشاعرة لا يثبتون صفة الغضب والرضا، وإذا ذكروه فإنهم يتأولونه، فالأشعري في بعض كتبه يذكر الغضب والرضا ولكن يتأول ذلك بالإرادة. والإمام الطحاوي لما قال: (والله يغضب)؛ فإن الأصل في كلامه أنه يريد الحقيقة، ومن تأوله من الشراح الأشعرية بأن مراده إرادة الانتقام أو إرادة الإنعام فإن هذا يقال: إنه تأويل لكلام المصنف على خلاف ما أراد. وكان ابن كلاب يثبت لله غضباً ورضا، ومن هنا فإن ابن كلاب أجود حالاً من الأشعري في الصفات، لكنه مع هذا يجعل الغضب الذي يثبته واحداً أزلياً كما يجعل الكلام واحداً أزلياً، ومن هنا فارق ابن كلاب السلف في صفة الرضا والغضب، وأما الأشعري فإنه دونه؛ حيث يتأول الغضب وما في معناه من الصفات على الإرادة، وإن كان الأشعري في الجملة أحسن حالاً من متأخري أصحابه؛ لأن الأشعري هو والمحققون من الأشاعرة، كالقاضي أبي بكر ونحوه يفسرون ذلك بالإرادة، فيفسرونه بصفة، وأما المتأخرون ممن تأثر بالاعتزال كثيراً فإنهم يفسرون ذلك بالمفعولات على طريقة المعتزلة كأبي هاشم الجبائي ونحوه. ......( شرح الطحاوية ) ص 278 .
وقال فضيلة الشيخ صالح الفوزان ـ حفظه الله ـ : من صفات الله عز وجل الفعلية: أنه يغضب ويرضى، قال سبحانه: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) [التوبة:100] فالله يرضى عن عباده، قال تعالى: (ورضوان من الله أكبر) [التوبة:72]، وقال تعالى: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) [الفتح:18]، وهو كذلك يغضب سبحانه وتعالى: (قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه) [المائدة:60] فالله يغضب على من عصاه ويمقته، والمقت هو أشد البغض، قال تعالى: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً) [النساء:93].
والمخلوق يغضب ويرضى، ولا مشابهة بين غضب ورضا المخلوق وغضب ورضا الخالق، رضا الله وغضبه يليقان به سبحانه، ورضا وغضب المخلوق يليقان به كسائر الصفات (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى:11]، ليس له مثل في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته، وإن كانت له أسماء وصفات، وللمخلوق أسماء وصفات، فلا تشابه.
وهذا مذهب أهل السنة ولجماعة، يثبتون الرضا والغضب لله عز وجل وغير ذلك من الصفات، وإن كان جنس هذه الصفات موجوداً في المخلوقين، لكن مع الفارق (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى:11] كذلك المخلوق سميع بصير، وقال الله عن نفسه: (وهو السميع البصير) وقال في أول الآية: (ليس كمثله شيء) فدل على أن هناك فرقاً بين صفات الخالق وصفات المخلوق وهذا شيء معلوم من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتقاد أهل السنة والجماعة .( التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية ) ص 202 .
وقال فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي ـ حفظه الله ـ : مذهب أهل السنة في صفات الله تعالى مذهب السلف وسائر الأئمة :إثبات صفات الذات كالسمع والبصر، وإثبات صفات الأفعال كالغضب والرضا والحب والبغض والعداوة والولاية والكلام التي ورد بها الكتاب والسنة على ما يليق بجلال الله تعالى وعظمته ومنع التأويل الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله تعالى يعني يثبتونها من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكليف ولا تمثيل.( شرح العقيدة الطحاوية وهو عبارة عن أشرطة مفرغة ضمن الدورة العلمية التي أقيمت بجامع شيخ الإسلام ابن تيمية )ص 360 .
وقال الشيخ خالد بن عبد الله بن محمد المصلح ـ حفظه الله ـ : وهل صفات الفعل قديمة؟ هي قديمة من حيث الجنس، ومعنى قديمة: أنه لا أول لها، يدل على ذلك قوله تعالى: { فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ } [البروج:16]، ويدل على ذلك أيضاً أنه جل وعلا القيوم وهو موصوف بهذا أزلاً وأبداً، لكن أفراد الصفات الفعلية الاختيارية حادثة بعد أن لم تكن، فعندنا في صفات الفعل جنس الأفعال وهذا قديم ليس قبله شيء، أما أفراد الأفعال وآحاد الأفعال فهذه حادثة بعد أن لم تكن.
استواء الله جل وعلا على العرش هل هو من الأزل أم أنه جرى وحدث بعد أن لم يكن؟ حدث بعد أن لم يكن، فإنه جل وعلا بعد خلق السماوات والأرض استوى على العرش، وقبل ذلك لم يكن مستوياً على العرش، لكن من حيث فعل الله جل وعلا هل هو حادث أم قديم؟ جنس الفعل وأصل الفعل قديم فإنه جل وعلا فعال لما يريد، وهذا وصف لا يتقيد بزمن، بل هو جل وعلا فعال لما يريد. ( شرح العقيدة الطحاوية [ دروس صوتية ] ( 3 / 6 ) .

عبد الله محمد علي
2012-03-25, 01:28 PM
بارك الله فيكم جميعا هذا الإشكال الذي طرحه الأخ كان يراودني منذ زمن وأنا أبحث عن جوابه , ولقد استفدت مما ذكرتموه فجزاكم الله خيرا سوى أنه بقي استشكال أرجو أن تتسع صدوركم لبيانه
وهو أنه إذا قلنا أن المرجح والمخصص للإرادات الحادثة هو (العلم والحكمة) فإنه إما أن يكون هذا المخصص والمرجح قديما أزليا فيجب أن تتأخر كل الإرادات الحادثة بمجموعها عن هذا المرجح أي أنه لا يجوز أن يوجد شيء من هذه الإرادات في الأزل وإلا لزم وجود المرجَّح مقارنا مقارنا لوجود المرجِّح إذ كيف ترجح الحكمة شيئا موجودا أصلا
لكن هذا يشكل على القول بالقدم النوعي للإرادات لأن حصول الجنس في الأزل لا يكون إلا بحصول أفراده فيه
وإما أن نقول أن المرجح قديم بالنوع حادث بالأفراد وأن بإزاء كل إرادة حادثة مرجحا حادثا من الحكمة, لكن هذا القول يعيد السؤال إلى أصله فما الذي رجح وجود المرجح الحادث؟ كما أنه يفضي إلى القول بأن الحكمة والعلم حادثان وهو محذور
أو يكون احتمال ثالث يزيل اللبس فأرجو أن تتسع صدوركم وتبينوه لي للأهمية وجزاكم الله خيرا.

ابوهشام صوان
2012-03-26, 08:43 PM
اولا انا ليس لي فقه في العقيدة لانني عامي و لست طالب علم , لكن في نفس الوقت احسب نفسي انني مازلت محافظا على الفطرة التي خلقني الله عليها , و لان صاحب الموضوع حفظه الله و هداه الى ما يريد اذاقني الويلات و انا اتابع مشاركاتم في هذا الموضوع و لم تحدثني نفسي و لا للحظة واحدة لمشاركتم فيه لانني اعرف حدودي و لله الحمد لكن و لما اصابني الدوران و شيئ من التيه فلم افطن منه الا و انا اكتب لكم هذه الاسطر :
الذي اعلمه هو ان صفات الله منها الذاتية و هي الازلية و منها الفعلية و هي قديمة النوع حادثة الاحاد فان الله سبحانه شاء ان يكلم موسى فكلمه في زمانه و تعالى الله ان يكلم موسى في زمان غير زمانه و مع هذا فصفة الكلام قديمة النوع
ساضرب لكم مثلا و لله المثل الاعلى : لو ان لك ولد يدرس و انت تعلم مسبقا انه فاشل و لا يمكنه ان ينجح في دراسته فقلت لوالدته ان ابننا هذا سيرسب , ثم بعد نهاية السنة الدراسية رسب , فهل نقول لك بما انك كنت تعلم ان ابنك راسب لا محالة فلماذا تركته الى نهاية السنة !!?
استسمحكم عذرا على هذا التدخل العامي , لكن نبهتكم الى عاميتي قبل ان اتكلم