المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرُّشد والرَّشد - فوائد لغوية وفي القراءات



القارئ المليجي
2010-04-14, 03:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله.
العادة الجارية في كتاب "النشر" لابن الجزري عند ذكر الكلمات التي فيها خلاف، أنه يجمع النظير إلى نظيره عند أول وروده.
وأمثلة هذا كثيرة لمن له اطلاع على كتاب "النشر" وغيره، وهذه أمثلة من سورة الأعراف تمهيدًا للموضوع:

= (واخْتَلَفُوا) في: (يُلْحِدُونَ) هُنا، والنَّحْلِ وحم السَّجْدَةِ؛ فقَرَأَ حَمْزَةُ بِفَتْحِ الياءِ والحَاءِ في الثَّلاثة، وافَقَهُ الكِسَائِيُّ وخَلَفٌ في النَّحْل، وقَرَأَ الباقُونَ بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ الحاءِ في ثَلاثَتِهِنَّ.

= (واخْتَلَفُوا) في: (لا يَتَّبِعُوكُمْ) هُنا، وفي الشُّعَرَاء: (يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ)؛ فقَرَأَ نافِعٌ بإسْكانِ التَّاءِ وفَتْحِ الباءِ فِيهِما، وقَرَأَ الباقُونَ بِفَتْحِ التَّاءِ مُشَدَّدَةً وكَسْرِ الباءِ في المَوْضِعَيْنِ.

= (واخْتَلَفُوا) في: (يَبْطِشُونَ) هُنا، و (يَبْطِشَ بِالَّذِي) في القَصَصِ، و (نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى) في الدُّخَانِ؛ فقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ بِضَمِّ الطَّاءِ في الثَّلاثة، وقَرَأَ البَاقُونَ بِكَسْرِها فِيهِنَّ.

القارئ المليجي
2010-04-14, 03:40 PM
هناك مواضع [ليس هذا مقام حصرها] لم يلتزم فيها ابن الجزري بضم النظير، إما لسببٍ لديه لم يتبيَّن لي، أو عن غير قصد منه - رحمه الله.
ومن ذلك: الخلاف في (الرُّشد) و (الرَّشد).
فقد وردت في سورة الأعراف؛ قال تعالى: ((وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً)).
قال ابن الجزري:
(واخْتَلَفُوا) في: (سَبِيلَ الرُّشْدِ)؛ فقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وخَلَفٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ والشِّينِ، وقَرَأ الباقُونَ بِضَمِّ الرَّاءِ وإسْكانِ الشِّين.
انتهى.
ولم يذكر الخلاف الذي في موضع سورة الكهف.

القارئ المليجي
2010-04-14, 03:46 PM
ثم قال في سورة الكهف:
(واخْتَلَفُوا) في: (مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)؛ فقَرَأَ البَصْرِيَّانِ بِفَتحِ الرَّاءِ والشِّينِ، وقَرَأَ الباقُونَ بِضَمِّ الرَّاءِ وإسْكانِ الشِّينِ.

مع أنه - رحمه الله - قد ضمهما في "طيبة النشر" فقال:

...... ..... ........ ..... * * * وَالرُّشْدِ حرِّكْ وَافتحِ الضَّمَّ شَفَا
وآخِرَ الكَهْفِ حِمًا .... * * * ....... ......... .....

فذكرهما في سورة الأعراف.

محمد صالح نهار
2010-04-14, 03:54 PM
بارك الله فيك يا شاطبي زماننا وجزيت خيرا

يزيد الموسوي
2010-04-14, 04:30 PM
أحسنت بارك الله فيك
فهل نفهم أنهما مترادفان؟

القارئ المليجي
2010-04-14, 04:36 PM
الأخوان الكريمان.
جزاكما الله خيرًا.
ما سبق هو الشق الخاص بالقراءات، ثم أتبعه - إن شاء الله - بالفائدة اللغوية.
فأمهلا أخاكما.

القارئ المليجي
2010-04-14, 05:03 PM
والفائدة اللغوية من كتاب "النشر" أيضًا :).
فقد قال ابن الجزري عقب ذكر الخلاف في سورة الكهف:
(واتَّفَقُوا) على المَوْضِعَيْنِ المُتَقَدِّمَيْ نِ مِن هَذِه السُّورةِ، وهُما (وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)، وَ (لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا) أنَّهُما بِفَتْحِ الرَّاءِ والشِّينِ.
وقَدْ سُئِلَ الإمامُ أبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ عَنْ ذَلِكَ فقالَ: الرُّشْدُ بِالضَّمِّ هُو: الصَّلاحُ، وبِالفَتْحِ هُو: العِلْمُ، ومُوسَى - عليْه السَّلامُ - إنما طَلَبَ مِنَ الخَضِرِ - علَيْه السَّلامُ - العِلْمَ.
وهذا في غايةِ الحُسْنِ، ألا تَرَى إلى قَوْلِه تَعالى: (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا) كَيْفَ أُجْمِعَ على ضَمِّهِ! وقَوْلِه: (وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) و (لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا)كَيْفَ أُجْمِعَ على فَتْحِه؟

ولَكِنَّ جُمْهُورَ أهْلِ اللُّغةِ على أنَّ الفَتْحَ والضَّمَّ في الرُّشْدِ والرَّشَدِ لُغَتانِ، كالبُخْلِ والبَخَلِ، والسُّقْمِ والسَّقَمِ، والحُزْنِ والحَزَنِ.
فيحْتَملُ عِنْدِي أنْ يَكُونَ الاتِّفاقُ على فَتْحِ الحَرْفَيْنِ الأوَّلينِ لِمُناسبةِ رُؤُوسِ الآيِ ومُوازَنَتِها لِما قَبْلُ وَلِمَا بَعْدُ، نَحْو: (عَجَبًا) و (عَدَدًا) و (أَحَدًا) بِخِلافِ الثَّالِثِ؛ فإنَّهُ وَقَعَ قَبْلَهُ (عِلْمًا) وبَعْدَهُ (صَبْرًا)، فمَنْ سَكَّنَ فلِلمُناسبةِ أيْضًا، ومَنْ فَتَحَ فإلْحاقًا بِالنَّظِيرِ، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
[يتبع أيضًا]

القارئ المليجي
2010-04-14, 05:23 PM
الفائدة التَّالية ليست من ابن الجزري، بل يشترِك فيها عددٌ من الأئمَّة كلُّهم أسْبق من ابن الجزري.
هاهنا مناظرةٌ في (رشَد) و (رشِد) [الفعل الماضي] هل هو مفتوح العين أم مكسورها؟
المناظرة بين: الشَّيخ (المزي) [صاحب تهذيب الكمال] ومَن يقرأُ عليه وهو: ابن المُرَحَّل - شيخ ابن هشامٍ صاحب مغني اللبيب وغيره.
= ويؤيد ابنُ هشام شيخَه ابنَ المُرَحَّل؛ فقد كان يتعصب له، ويقول: "كان الاسم لأبي حيان والانتفاع بابن المرحَّل".
= ويؤيد السُّبكي [صاحب طبقات الشافعية، وهو راوي هذه القصة] شيخَه المِزِّي.
وذلك في كتاب "طبقات الشَّافعيَّة الكبرى" للسُّبكي، في ترجمة المزِّي.
قال:
وقد قرأ عليْه [يعني: المزي] الشَّيخُ شهاب الدين ابن المرحَّل النَّحْوي، أستاذ صاحبِنا الشَّيخ جمال الدين عبد الله بن هشام في النَّحو - كتابَ "سيرة ابن هشام"، فمرَّت به لفظة (رشدَ) فجرى على لسانِه: رَشِدَ؛ بِكَسْر الشِّين، فردَّ عليْه الشَّيخُ: رَشَدَ، بالفتح، وقال له: قال الله تعالى: ((لعلَّهم يرشُدون)) بضمِّ الشين، ولم يزِدْ، وكان من عادتِه الإشارة دون تطْويل العبارة، ومراده أنَّ: (يفعُل) إنَّما يكون مضارعًا لـ (فَعُل) ولا قائل به هنا، أو لـ (فعَل) وهو المدَّعى.
قال له ابن المرحَّل: وكذا قال تعالى: ((فأولئِك تحرَّوْا رشَدًا))، فسكت الشَّيخ.
وظنَّ ابنُ المرحَّل - كما نقلتُه من خطِّ تلميذِه ابنِ هشام عنْه - أنَّ الشَّيخ لم يفهمْ توْجيه السُّؤال في (رشَدًا) على رشِد.
قلت [السبكي]: وشيخُنا أيضًا عندنا أعظمُ من ذلك، ولكن رأى ما ذكرَه مختلاًّ فسكتَ عليْه، وكان لا يرى تَوسيع العبارة، وغالب مجالسِه السكوت.
قال ابنُ هشام: ورأيت في كتاب سيبويه: رشِد يرشَد رشَدًا، مثل سخِط يسخَط سخَطًا، وهذا عَينُ ما ذكرَه شيخُنا ابنُ المرحَّل، فللَّه درُّه قد جاء السَّماع على وفق قياسه! انتهى.
قلت [السبكي]: لا يُغْنيه هذا السَّماع الغريب ولا القياس في قِراءة كتُب الحديث؛ فإنَّها إنَّما تُقْرَأ على جادَّة اللُّغة وكما وقعتِ الرِّواية به، والرِّواية لم تقَعْ إلاَّ على ما قالَه شيخُنا، وهو مشهور اللغة.
انتهى.

محمد صالح نهار
2010-04-14, 05:53 PM
أخي القارئ المليجي بصراحة وأشهد الله على ما في قلبي أنا معجب بعلمك فهل تقبلني أخا لك في علم القراءات لأني لدي أسئلة كثيرة في علم القراءات مع العلم أني مجاز بالقراءات العشرة الصغرى فإذا وافقت ابعث لي رساة خاصة وإن لم توافق فجزاك الله خير الجزاء

القارئ المليجي
2010-06-27, 02:31 PM
أما الموضع الذي أظنّ أنَّ حكاية الإمام السبكي عنه - في سيرة ابن هشام -
فهو أبيات ورقة بن نوفل الأسدي في زيد بن عمرو بن نفيل العدوي - الذي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يبعث أمة وحده، قال:

رشدتَ وأنعمْتَ ابنَ عمْرٍو وإنَّما * * * تجنَّبتَ تنُّورًا من النَّار حاميا

الدكتور علي العبيدي
2010-07-04, 11:10 AM
اميل بل اجزم الى ان اختلاف الحركة في مثل ( رُشد ) و ( رَشد ) له مقتضياته الدلالية ، ولطيف ما اوردت من التفريق بينهما كون الرشد بالضم بمعنى الصلاح ، والرشد بالفتح بمعنى العلم ، والا فلا يوجد مترادف في كتاب الله العزيز . الدكتور علي العبيدي

أبو الزهراء الصعيدى
2010-07-06, 07:01 AM
جزاكم الله خيرا عن لغة كتابه

مسلم بن عبدالله
2010-08-11, 09:31 PM
جزاك الله خيراً

لا يَعدَمْ متابعوك فَوَائدَكَ.