فتاة التوحيد والعقيده
2010-04-08, 01:43 PM
رسالة خاصة إلى الفتاة الجامعيَّة
من القلب إلى القلب
بقلم: خباب مروان الحمد*
الحمد لله رب العالمين، أحمده تعالى وأشكره شكراً يليقبه عزَّ وجل، وأصلي وأسلم على رسول البشريَّة محمد بن عبد الله هادي البريَّةللحريَّ ة ومخرجهم من ظلمات العبوديَّة للجاهليَّة، وأترضى على صحابة رسول الله رضاًتاماً أبدياً سرمدياً، وأوالي وأتولَّى آل بيته الطيبين الطاهرين، والسلام عليناوعلى عباد الله الصالحين، أشهد ألاَّ إله إلاَّ الله وأشهد أنَّ محمداً رسول اللهأمَّا بعد:
في البداية أطلب منأختي الفتاة الجامعيَّة أن تقرأ هذه الرسالة القلبيَّة وهي خالية من الأشغال،متخفِّف ة من الواجبات اليوميَّة والأعباء الحياتيَّة، فإنِّي سأحدِّثها بحديث منالقلب إلى القلب، وقد يطول حديثي قليلاً وأتمنَّى أن تبقي معي، ولذلك أرجو أن تكونيقد أعطيتِ هذه الرسالة حقَّها من التأمل والتدبر، وأرعيتِ لي السمع، فإنَّ الحديثبإذن الله تعالى حديث مع القلب، ومحاورة مع الروح، ومطارحة للرأي والفِكرَة، ولأجلذلك أرغب أن تكون النفسيَّة مهيَّأة لذلك، فإن كنت أيَّتها الأخت الجامعيَّة متعبةفلعلَّك تؤجِّلي مطالعة هذه الرسالة الخاصة إلى وقت لاحق ريثما تستعيدي قوَّتكوتخلو من أشغالك.....
وإن كنتِخالية من الأشغال، فتعالي بنا نبحر معكِ في هذه الرسالة، وحيَّ هلاً بكِ، سائلاًالمولى تعالى أن يرعاك، ويتولاَّك....
يقول الله تعالى في محكم التنزيل:(وقرن في بيوتكنَّ ولا تبرَّجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتينالزكاة وأطعن الله ورسوله إنَّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركمتطهيرا) سورة الأحزاب:(33).
في هذه الآية يأمر الله تعالى نساء المؤمنين منالصحابيات الفضليات بالقعود في البيت وعدم الخروج منه إلاَّ لضرورة أو حاجة ماسَّة،وكان هذا الأمر الإلهي للنساء للصحابيات اللواتي كنَّ في عصر الرعيل الأول من سطوعشمس الرسالة المحمديَّة على صاحبها أفضل صلاة وأزكى سلام وتحيَّة، فما البال بمنجاء بعدهنَّ من النساء المسلمات!!
ثمَّ نهى الله تعالى نساء المؤمنين عن التبرج، والنهيهنا يعم نساء المسلمين وبناتهم في كل زمان، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب،فقال تعالى:(ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) فنهى اللهتعالى عن تشبه نساء المؤمنين وبناتهم بتبرج الجاهلية الأولى، وحينما كان يفسرالإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ هذه الآية في تفسيره قال عن تبرج الجاهليّة: (كانت المرأة تمشي بين الرجال، وقال قتادة : كان لهنّ مشية وتكسر وتغنج، فنهى الله عن ذلك ... )
وذكر ابن الجوزي رحمه الله في كتابه (زاد المسير) عنمُقَاتِل أنَّ المرأة في الجاهلية كانت تمشي مشية فيها تكسر وتغنج، وكانت تتخذالدِّرع من اللؤلؤ فتلبسه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها غيره ، "قاله الكلبي ".وكانت تلبس الثياب لا تواري جسدها ، "قالهالفراء".
كان ذلك تبرجالجاهلية الأولى !! فهل هنالك وجه شبه بين تبرج الجاهلية الأولى وبين تبرج الجاهليةالحديثة في القرن الحادي والعشرين؟!
أدع الجواب لعقل القارئة لكي تفكِّر في ذلك بعين البصروالبصيرة..!!
·فتيات المسلمين في الجامعات إلىأين:
الإسلام دين الوسطوالوسطيَّة ، فهو لا يمنع المرأة من الخروج من بيتها للدراسة باحتشام، أو لعمل مشروعبعفَّة وأمان وانتظام دون اختلاط، أو لتسوُّق مع كامل الحجاب الشرعيالسابغ.
لكنَّنا نرى حالة يرثىلها، ووضعاً نُسخط به ربَّنا، ونرضي به عدونا، في أغلب جامعاتنا العربيَّة؛ فلباسضيق، وزينة ومكياج، وعطور نفَّاذة، وتبرج وسفور، وتَكَسُّر في المشية، والترقق فيالكلام مع الشباب، والجرأة المفرطة في الضحك والتمايل، وكذلك التساهل في حدودالعلاقة بينهنَّ وبين دكاترة الجامعة، وكأنَّ دكتور الجامعة ليس رجلاً غريباًعنهنَّ!!
ونضيف على ذلك فيمايجري في جامعاتنا العربية: رقص بعض الفتيات في ساحات الجامعات على أنغام الموسيقى،والانس داح أو الانطراح نوماً في الساحات العامة، وقد يكون ذلك بصحبة رفيقها! ولانرى وللأسف ـ في الغالب ـ من إدارة الجامعة ردعاً أوزجراً؟!!
عدا عن ذلك ظاهرة (حجابالموضة) أو (الحجاب العصري) الذي يشيع بكثرة في صفوف الفتيات، وقد يكون فيه منالزينة والجاذبيَّة أضعاف الزينة التي تظهر بها المرأة الحاسرة عن شعر رأسها، فخمارالرأس مزركش ملوَّن، ويلبسنه الفتيات على الأقمصة و(التونيك) والبناطيل الضيقةوالتي تصف حجم أعضائهنَّ، وتبرز مفاتنهنَّ، مع شيء من الكحلوالمكياج!!
فأي حجاب هذا؟ وأيتستُّر يراد من خلاله؟!
هل هذاهو الجيل الذي يطمح العدو الغربي وأدعياء تحرير المرأة، لكي ينشأ في بلاد المسلمين،حيث لا همَّ لهم إلا التفكير في الغزل والحب والغرام، والتبرج والسفور، وظاهرةالإعجاب بين الشباب والفتيات، وإرسال الرسائل السيئة والمتبادلة عبر الجوالات منخلال تقنية البلوتوث أو الكتابات الهابطة على بعض الجدران، أو القعود في ساحات الحبوالعشق والهيام؟!
فهل هذا الجيلهو الجيل القادر على الانتصار لعقيدة الإسلام؟
أم هذا الجيل هو القادر على أن ينال الشهادات العليا فيالتقنية والإبداع والابتكار لخدمة الأمَّة المسلمة؟
أم أنَّ هذا الجيل هو الجيل المحصَّن من السقوط في شبكاتالإسقاط والخيانة والتي لا يستغرب مطلقاً وجود بعضها في الجامعات بغية إسقاطالفتيات والشباب ؟!
وهل سيأخذهذا الجيل على عاتقه نشر القيم والفضيلة، ومكافحة الفساد والرذيلة، من خلالممارساته التي تدل على أنَّ فاقد الشيء لا يعطيه ولن يعطيه!!
فنساءكاسيات عاريات * وأشباه رجال كالرخم!
وشبابمائع مستخنث * لو رأى طيف خيال لانهزم !
ليتشعري هل سيحمون حمى * أو يردَّون إذا الحرب التحم !
·ودور الرقيب قد غاب!
كم من مآسٍ تجر الحتوف في هذه الجامعات وللأسف، وخصوصاًحينما يغيب الرقيب...
فالرقيب السياسيغائب عن ذلك، أو متغافل لما يجري، فإن لم يكن هذا ولاذاك فهل هو راضٍ به؟!
والرقيب الإداري في الجامعةفي الغالب راتع في صومعته الخاصَّة به وكأنَّ لباسالفتيات وتبرجهنَّ وسفورهنَّ بالجامعة سيعطي نتائج عالية في درجةالامتياز...!!
والرقيب الأسرىغائب ، ويلهث وراء لقمة العيش لكي يؤمن سكناً لابنته،أو مصروفاً تغدو به وتروح من بيتها إلى الجامعة، دون متابعة الأب أو ولي الأمرلدورها ومكان سكنها وذهابها وإيابها!!
فمع غياب الرقيب السياسي، والرقيب الإداري الجامعي،والرقيب الأسري، وبسبب الحالة المتفشيَّة بانتشار الفساد الأخلاقي في الجامعات،يزداد التبرج والسفور واللباس الفاضح من فتيات المسلمينالجامعي ات.
إنَّ من المعلوم أنَّمن طريق تحرير الأمَّة الإسلامية نحو العز والتمكين، ضرورة الأخذ بعين الانتباهوالعمل على إعمال سنن الله في تحقيق النصر ومنها تحريرالمرأة...
نعم تحرير المرأة!
أعني على مراد رب العالمين لاعلى مفهوم قاسم أمين وشلَّة الليبراليين والعصرانيين!!
والذين لا يرون أيَّة مشكلة في تسهيل بعض أوجه الفساد،عبر طرق الإغراء وفسح المجال حتَّى للإعلانات التجاريَّة الفاسدةفي الشوارع عبر (اللافتات) أوالإعلانات الكثيرة والتي يبدو فيها جسد المرأة شبهعارٍ؛ لكي تتعلَّم نساء المسلمين على مثل هذه الألبسة الفاضحة التي ما كانت ديدنالمسلمات، ولا هي بأخلاقفتيات المسلمين.
ولا أستغرب أبداً أن تكون هذه خطَّة مبيَّتة من بعضالدول؛ لإفساد شباب الإسلام وفتياته في الجامعات ، لكي يخلو لهم الأمر ويكون حالهمكما قيل:
خلا لكالجو فبيضي واصفري * ونقِّري ما شئت أنتنقري
·التبرج العاري... والتقليد الغاوي... وتحذيرات الهديالنبوي:
يقول المفكرالجزائري المسلم مالك بن نبي:(إنَّ قبل قصَّة كل استعمار، هناكقصَّة شعب خفيف يقبل الاستخذاء!!).
إنَّ تتبُّع كثير من فتيات المسلمين لجديد الموضة، وحديثالألبسة الجديدة النازلة في السوق، والأصباغ والأردية الغربيَّة والتي قد تخرجببعضها في وضح النهار أمام الرجال، ينبئنا كذلك بخطر الاندماج في هذه الألبسةالضيقة والتي قد تخجل المرأة الصالحة في وقت خطبتها وبعد كتابة العقد عليها من أنتظهر بمثلها في البداية أمام زوجها لعفَّتها وديانتها، فما بالنا نجد الألبسةالضيقة التي نستغرب من حال الفتيات حينما يلبسنها بهذا الشكل الفاضح أمام الرجال،ولا ندري كذلك كيف يمكن أن تدخل هذه الألبسة الضيقة في أرجلهنَّوأفخاذه نَّ؟!!
ألا يتذكَّرن قولالصادق المصدوق صلَّى الله عليه وسلم:(صنفان من أهل النار لم أرهمابعد : رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلاتمميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلنالجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجدمن مسيرة كذا وكذا) أخرجهالإمام مسلم في صحيحه.
وبتأمليسير في الحديث نجد فيه تبياناً وتحذيراً لكل امرأة سافرة متبرجة بأنَّهامُتَوعَّ دة بالنار، وأنَّ سبب دخولهنَّ النار أنَّهن:
·مائلات في مشيتهنَّزائغات عن طاعة ربِّهنَّ قلوبهنَّ ميَّالة إلى الرجاللفتنتهم.
·مميلات لأكتافهنَّ، ويعلِّمن غيرهنَّ فعلهنَّ المذمومبتبرجهنّ َ، ومميلات للرجال بما يبدين من زينتهنَّ.
·ويلبسن أكسية رقيقةشفَّافة ضيِّقة فهي في الحقيقة أكسية عارية ، وكذلك يكشفن عن شعر رؤوسهنَّ حيثيجمعن هذا الشعر ويركمنه فوق بعض، وأكَّد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم علىأنَّهن قد اقترفن إثماً مبيناً بأنَّهن كذلك لا يدخلن الجنَّة ولا يجدن ريحها،فمجرد شمَّ رائحة الجنَّة لن تصل إلى أنوفِهِنَّ.
·ولو تأملت في أحاديثالوعيد ، فإمَّا أن نجد فيها الوعيد بدخول النار، أو الوعيد بعدم دخول الجنَّة،أمَّا في هذا الحديث فإنَّ فيه الوعيد بدخول النار، والتحذير بعد دخول الجنة بل عدمالتشرف بشمِّ رائحتها، فإن استحلَّت ذلك المرأة بتبرجها ورأته حلالاً، فهنَّ كافراتإذا متن على ذلك ، وإن لبسن ذلك مع اعتقادهن تحريمه فقد ارتكبن كبيرة من الكبائر،ما يدل على خطر هذه الكبيرة من كبائر الذنوب، والتي نسأل الله تعالى أن تتنبَّه لهافتيات الإسلام.... وينجيهنَّ من نار جهنم... آمين.
كم من فتيات يأتين من بيوتهنَّ أو قراهنَّ أو مدنهنَّالأخرى إلى الجامعة، فيدخلن دورات المياه، فينزعنَّ جلابيبهنَّ وحجبهنَّ، ثم يضعنهافي شنطهنَّ، عدا ما قد تقوم به بعض الفتيات من التدخين في دورات المياة، وبعدئذِتخرج المرأة متمكيجة متعطِّرة متكحِّلة مائلة مميلة، وهي غافلة عن ذلك الوعيد الذييتهددها من رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل:(أيما امرأة وضعتثيابها في غير بيت زوجها، فقد هتكت سِتر ما بينها وبين الله) أخرجه ابن ماجهبسند صحيح.
لقد كان يقول الصحابيالجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (لأن أزاحم جملاً قدطلي قَطِرَانَاً أحب إلي من أن أزاحم امرأة متعطرة) أخرجه الإمام عبدالرزاقالصنعا ني في مصنفه.
ومعنى قولابن مسعود رضي الله عنه، أنَّ مزاحمته لجمل قد طُلِيَ سواداً مع رائحة كريهة تنبعثمنه ( كالكاز الأسود)، أحبُّ إليه من أن يزاحم النساء المتعطِّرات اللواتي يُثِرنَالرجل برائحة عطرهنَّ، وهذا الكلام صادر من صحابي جليل، فما البال يا أيها الفتياتالمتبرجا ت بشباب اليوم، وحالة ضعف الإيمان التي يشكو منها الكثير، ثمَّ يُفتنونبرائحة العطر النفَّاذة حينما تمررن عليهم، فكيف نكون عوناً لهم على ما لا يرضيالله تعالى ، ألا تخشين من أن ينالكنَّ نصيب من الإثم فيذلك؟!
ومن العجائب ـ والعجائبجمَّة في الكثير من جامعاتنا العربية ، أن نجد الفتاة الجامعية تمشي في نصف الطريقوكأنَّها ملاكمةُ في حلبة مصارعة، فشيمة الخجل والحياء والسكينة والوقار منزوعة عنكثير منهنَّ، وبدلاً من أن تكون الفتاة ماشية على جنبتي الطريق لكي تأخذ راحتها فيالمشي ولكي لا تؤذي نفسها بمرور بعض شباب السوء عليها... بالعكس تأخذ هي نصف الطريقوتمشي وسطه، وينقلب الحال فيكون بعض الشباب الصالح يأخذ حواف الطريق لكي لا يصطدمبالرتل النسائي في الجامعات ، فتنقلب الموازين وتتبدَّلالمفاهي م.
لكن أين فتيات الجامعةعن نساء الصحابة ، اللواتي كنَّ غاية في الأدب والحشمة والحياء، وغاية في الانصياعالكامل لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟!
فعن أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه أنَّه سمع رسول اللهصلى الله عليه وسلَّم يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق،فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم للنساء:(استأخرنّ َ، فإنَّهليس لكنَّ أن تحققن الطريق، عليكنَّ بحافات الطريق) فكانت المرأة تلتصقبالجدار حتَّى إن ثوبها ليتعلَّق بالجدار من لصوقها به!)أخرجه أبو داود وقال ابنحجر: حسن الإسناد.
والسؤال الذييطرح نفسه بعد ذلك: هل كل فتيات الجامعة هكذا؟!
معاذ الله ، وحاشا لله، ففيهنَّ النساء الأديباتالخلوقا ت المتدينات، والتي تستحيي أي فتاة منسوبة لهنَّ من كل ما يقترفنه تلكالفتيات المتبرجات، أدباً وطاعة لله، بل تستحيي أن تتحدث مع الشاب، وتلوح حمرةالخجل في وجنتيها وخدِّها إن حصل ذلك اضطراراً، بيدَ أن هؤلاء في أغلب أو جلِّجامعاتنا بتن شيئاً قليلاً وللأسف، وسأخصِّص لهنَّ في هذه الرسالة حديثاً خاصاًبإذن الله تعالى...
..يتبــع
من القلب إلى القلب
بقلم: خباب مروان الحمد*
الحمد لله رب العالمين، أحمده تعالى وأشكره شكراً يليقبه عزَّ وجل، وأصلي وأسلم على رسول البشريَّة محمد بن عبد الله هادي البريَّةللحريَّ ة ومخرجهم من ظلمات العبوديَّة للجاهليَّة، وأترضى على صحابة رسول الله رضاًتاماً أبدياً سرمدياً، وأوالي وأتولَّى آل بيته الطيبين الطاهرين، والسلام عليناوعلى عباد الله الصالحين، أشهد ألاَّ إله إلاَّ الله وأشهد أنَّ محمداً رسول اللهأمَّا بعد:
في البداية أطلب منأختي الفتاة الجامعيَّة أن تقرأ هذه الرسالة القلبيَّة وهي خالية من الأشغال،متخفِّف ة من الواجبات اليوميَّة والأعباء الحياتيَّة، فإنِّي سأحدِّثها بحديث منالقلب إلى القلب، وقد يطول حديثي قليلاً وأتمنَّى أن تبقي معي، ولذلك أرجو أن تكونيقد أعطيتِ هذه الرسالة حقَّها من التأمل والتدبر، وأرعيتِ لي السمع، فإنَّ الحديثبإذن الله تعالى حديث مع القلب، ومحاورة مع الروح، ومطارحة للرأي والفِكرَة، ولأجلذلك أرغب أن تكون النفسيَّة مهيَّأة لذلك، فإن كنت أيَّتها الأخت الجامعيَّة متعبةفلعلَّك تؤجِّلي مطالعة هذه الرسالة الخاصة إلى وقت لاحق ريثما تستعيدي قوَّتكوتخلو من أشغالك.....
وإن كنتِخالية من الأشغال، فتعالي بنا نبحر معكِ في هذه الرسالة، وحيَّ هلاً بكِ، سائلاًالمولى تعالى أن يرعاك، ويتولاَّك....
يقول الله تعالى في محكم التنزيل:(وقرن في بيوتكنَّ ولا تبرَّجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتينالزكاة وأطعن الله ورسوله إنَّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركمتطهيرا) سورة الأحزاب:(33).
في هذه الآية يأمر الله تعالى نساء المؤمنين منالصحابيات الفضليات بالقعود في البيت وعدم الخروج منه إلاَّ لضرورة أو حاجة ماسَّة،وكان هذا الأمر الإلهي للنساء للصحابيات اللواتي كنَّ في عصر الرعيل الأول من سطوعشمس الرسالة المحمديَّة على صاحبها أفضل صلاة وأزكى سلام وتحيَّة، فما البال بمنجاء بعدهنَّ من النساء المسلمات!!
ثمَّ نهى الله تعالى نساء المؤمنين عن التبرج، والنهيهنا يعم نساء المسلمين وبناتهم في كل زمان، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب،فقال تعالى:(ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) فنهى اللهتعالى عن تشبه نساء المؤمنين وبناتهم بتبرج الجاهلية الأولى، وحينما كان يفسرالإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ هذه الآية في تفسيره قال عن تبرج الجاهليّة: (كانت المرأة تمشي بين الرجال، وقال قتادة : كان لهنّ مشية وتكسر وتغنج، فنهى الله عن ذلك ... )
وذكر ابن الجوزي رحمه الله في كتابه (زاد المسير) عنمُقَاتِل أنَّ المرأة في الجاهلية كانت تمشي مشية فيها تكسر وتغنج، وكانت تتخذالدِّرع من اللؤلؤ فتلبسه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها غيره ، "قاله الكلبي ".وكانت تلبس الثياب لا تواري جسدها ، "قالهالفراء".
كان ذلك تبرجالجاهلية الأولى !! فهل هنالك وجه شبه بين تبرج الجاهلية الأولى وبين تبرج الجاهليةالحديثة في القرن الحادي والعشرين؟!
أدع الجواب لعقل القارئة لكي تفكِّر في ذلك بعين البصروالبصيرة..!!
·فتيات المسلمين في الجامعات إلىأين:
الإسلام دين الوسطوالوسطيَّة ، فهو لا يمنع المرأة من الخروج من بيتها للدراسة باحتشام، أو لعمل مشروعبعفَّة وأمان وانتظام دون اختلاط، أو لتسوُّق مع كامل الحجاب الشرعيالسابغ.
لكنَّنا نرى حالة يرثىلها، ووضعاً نُسخط به ربَّنا، ونرضي به عدونا، في أغلب جامعاتنا العربيَّة؛ فلباسضيق، وزينة ومكياج، وعطور نفَّاذة، وتبرج وسفور، وتَكَسُّر في المشية، والترقق فيالكلام مع الشباب، والجرأة المفرطة في الضحك والتمايل، وكذلك التساهل في حدودالعلاقة بينهنَّ وبين دكاترة الجامعة، وكأنَّ دكتور الجامعة ليس رجلاً غريباًعنهنَّ!!
ونضيف على ذلك فيمايجري في جامعاتنا العربية: رقص بعض الفتيات في ساحات الجامعات على أنغام الموسيقى،والانس داح أو الانطراح نوماً في الساحات العامة، وقد يكون ذلك بصحبة رفيقها! ولانرى وللأسف ـ في الغالب ـ من إدارة الجامعة ردعاً أوزجراً؟!!
عدا عن ذلك ظاهرة (حجابالموضة) أو (الحجاب العصري) الذي يشيع بكثرة في صفوف الفتيات، وقد يكون فيه منالزينة والجاذبيَّة أضعاف الزينة التي تظهر بها المرأة الحاسرة عن شعر رأسها، فخمارالرأس مزركش ملوَّن، ويلبسنه الفتيات على الأقمصة و(التونيك) والبناطيل الضيقةوالتي تصف حجم أعضائهنَّ، وتبرز مفاتنهنَّ، مع شيء من الكحلوالمكياج!!
فأي حجاب هذا؟ وأيتستُّر يراد من خلاله؟!
هل هذاهو الجيل الذي يطمح العدو الغربي وأدعياء تحرير المرأة، لكي ينشأ في بلاد المسلمين،حيث لا همَّ لهم إلا التفكير في الغزل والحب والغرام، والتبرج والسفور، وظاهرةالإعجاب بين الشباب والفتيات، وإرسال الرسائل السيئة والمتبادلة عبر الجوالات منخلال تقنية البلوتوث أو الكتابات الهابطة على بعض الجدران، أو القعود في ساحات الحبوالعشق والهيام؟!
فهل هذا الجيلهو الجيل القادر على الانتصار لعقيدة الإسلام؟
أم هذا الجيل هو القادر على أن ينال الشهادات العليا فيالتقنية والإبداع والابتكار لخدمة الأمَّة المسلمة؟
أم أنَّ هذا الجيل هو الجيل المحصَّن من السقوط في شبكاتالإسقاط والخيانة والتي لا يستغرب مطلقاً وجود بعضها في الجامعات بغية إسقاطالفتيات والشباب ؟!
وهل سيأخذهذا الجيل على عاتقه نشر القيم والفضيلة، ومكافحة الفساد والرذيلة، من خلالممارساته التي تدل على أنَّ فاقد الشيء لا يعطيه ولن يعطيه!!
فنساءكاسيات عاريات * وأشباه رجال كالرخم!
وشبابمائع مستخنث * لو رأى طيف خيال لانهزم !
ليتشعري هل سيحمون حمى * أو يردَّون إذا الحرب التحم !
·ودور الرقيب قد غاب!
كم من مآسٍ تجر الحتوف في هذه الجامعات وللأسف، وخصوصاًحينما يغيب الرقيب...
فالرقيب السياسيغائب عن ذلك، أو متغافل لما يجري، فإن لم يكن هذا ولاذاك فهل هو راضٍ به؟!
والرقيب الإداري في الجامعةفي الغالب راتع في صومعته الخاصَّة به وكأنَّ لباسالفتيات وتبرجهنَّ وسفورهنَّ بالجامعة سيعطي نتائج عالية في درجةالامتياز...!!
والرقيب الأسرىغائب ، ويلهث وراء لقمة العيش لكي يؤمن سكناً لابنته،أو مصروفاً تغدو به وتروح من بيتها إلى الجامعة، دون متابعة الأب أو ولي الأمرلدورها ومكان سكنها وذهابها وإيابها!!
فمع غياب الرقيب السياسي، والرقيب الإداري الجامعي،والرقيب الأسري، وبسبب الحالة المتفشيَّة بانتشار الفساد الأخلاقي في الجامعات،يزداد التبرج والسفور واللباس الفاضح من فتيات المسلمينالجامعي ات.
إنَّ من المعلوم أنَّمن طريق تحرير الأمَّة الإسلامية نحو العز والتمكين، ضرورة الأخذ بعين الانتباهوالعمل على إعمال سنن الله في تحقيق النصر ومنها تحريرالمرأة...
نعم تحرير المرأة!
أعني على مراد رب العالمين لاعلى مفهوم قاسم أمين وشلَّة الليبراليين والعصرانيين!!
والذين لا يرون أيَّة مشكلة في تسهيل بعض أوجه الفساد،عبر طرق الإغراء وفسح المجال حتَّى للإعلانات التجاريَّة الفاسدةفي الشوارع عبر (اللافتات) أوالإعلانات الكثيرة والتي يبدو فيها جسد المرأة شبهعارٍ؛ لكي تتعلَّم نساء المسلمين على مثل هذه الألبسة الفاضحة التي ما كانت ديدنالمسلمات، ولا هي بأخلاقفتيات المسلمين.
ولا أستغرب أبداً أن تكون هذه خطَّة مبيَّتة من بعضالدول؛ لإفساد شباب الإسلام وفتياته في الجامعات ، لكي يخلو لهم الأمر ويكون حالهمكما قيل:
خلا لكالجو فبيضي واصفري * ونقِّري ما شئت أنتنقري
·التبرج العاري... والتقليد الغاوي... وتحذيرات الهديالنبوي:
يقول المفكرالجزائري المسلم مالك بن نبي:(إنَّ قبل قصَّة كل استعمار، هناكقصَّة شعب خفيف يقبل الاستخذاء!!).
إنَّ تتبُّع كثير من فتيات المسلمين لجديد الموضة، وحديثالألبسة الجديدة النازلة في السوق، والأصباغ والأردية الغربيَّة والتي قد تخرجببعضها في وضح النهار أمام الرجال، ينبئنا كذلك بخطر الاندماج في هذه الألبسةالضيقة والتي قد تخجل المرأة الصالحة في وقت خطبتها وبعد كتابة العقد عليها من أنتظهر بمثلها في البداية أمام زوجها لعفَّتها وديانتها، فما بالنا نجد الألبسةالضيقة التي نستغرب من حال الفتيات حينما يلبسنها بهذا الشكل الفاضح أمام الرجال،ولا ندري كذلك كيف يمكن أن تدخل هذه الألبسة الضيقة في أرجلهنَّوأفخاذه نَّ؟!!
ألا يتذكَّرن قولالصادق المصدوق صلَّى الله عليه وسلم:(صنفان من أهل النار لم أرهمابعد : رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلاتمميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلنالجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجدمن مسيرة كذا وكذا) أخرجهالإمام مسلم في صحيحه.
وبتأمليسير في الحديث نجد فيه تبياناً وتحذيراً لكل امرأة سافرة متبرجة بأنَّهامُتَوعَّ دة بالنار، وأنَّ سبب دخولهنَّ النار أنَّهن:
·مائلات في مشيتهنَّزائغات عن طاعة ربِّهنَّ قلوبهنَّ ميَّالة إلى الرجاللفتنتهم.
·مميلات لأكتافهنَّ، ويعلِّمن غيرهنَّ فعلهنَّ المذمومبتبرجهنّ َ، ومميلات للرجال بما يبدين من زينتهنَّ.
·ويلبسن أكسية رقيقةشفَّافة ضيِّقة فهي في الحقيقة أكسية عارية ، وكذلك يكشفن عن شعر رؤوسهنَّ حيثيجمعن هذا الشعر ويركمنه فوق بعض، وأكَّد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم علىأنَّهن قد اقترفن إثماً مبيناً بأنَّهن كذلك لا يدخلن الجنَّة ولا يجدن ريحها،فمجرد شمَّ رائحة الجنَّة لن تصل إلى أنوفِهِنَّ.
·ولو تأملت في أحاديثالوعيد ، فإمَّا أن نجد فيها الوعيد بدخول النار، أو الوعيد بعدم دخول الجنَّة،أمَّا في هذا الحديث فإنَّ فيه الوعيد بدخول النار، والتحذير بعد دخول الجنة بل عدمالتشرف بشمِّ رائحتها، فإن استحلَّت ذلك المرأة بتبرجها ورأته حلالاً، فهنَّ كافراتإذا متن على ذلك ، وإن لبسن ذلك مع اعتقادهن تحريمه فقد ارتكبن كبيرة من الكبائر،ما يدل على خطر هذه الكبيرة من كبائر الذنوب، والتي نسأل الله تعالى أن تتنبَّه لهافتيات الإسلام.... وينجيهنَّ من نار جهنم... آمين.
كم من فتيات يأتين من بيوتهنَّ أو قراهنَّ أو مدنهنَّالأخرى إلى الجامعة، فيدخلن دورات المياه، فينزعنَّ جلابيبهنَّ وحجبهنَّ، ثم يضعنهافي شنطهنَّ، عدا ما قد تقوم به بعض الفتيات من التدخين في دورات المياة، وبعدئذِتخرج المرأة متمكيجة متعطِّرة متكحِّلة مائلة مميلة، وهي غافلة عن ذلك الوعيد الذييتهددها من رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل:(أيما امرأة وضعتثيابها في غير بيت زوجها، فقد هتكت سِتر ما بينها وبين الله) أخرجه ابن ماجهبسند صحيح.
لقد كان يقول الصحابيالجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (لأن أزاحم جملاً قدطلي قَطِرَانَاً أحب إلي من أن أزاحم امرأة متعطرة) أخرجه الإمام عبدالرزاقالصنعا ني في مصنفه.
ومعنى قولابن مسعود رضي الله عنه، أنَّ مزاحمته لجمل قد طُلِيَ سواداً مع رائحة كريهة تنبعثمنه ( كالكاز الأسود)، أحبُّ إليه من أن يزاحم النساء المتعطِّرات اللواتي يُثِرنَالرجل برائحة عطرهنَّ، وهذا الكلام صادر من صحابي جليل، فما البال يا أيها الفتياتالمتبرجا ت بشباب اليوم، وحالة ضعف الإيمان التي يشكو منها الكثير، ثمَّ يُفتنونبرائحة العطر النفَّاذة حينما تمررن عليهم، فكيف نكون عوناً لهم على ما لا يرضيالله تعالى ، ألا تخشين من أن ينالكنَّ نصيب من الإثم فيذلك؟!
ومن العجائب ـ والعجائبجمَّة في الكثير من جامعاتنا العربية ، أن نجد الفتاة الجامعية تمشي في نصف الطريقوكأنَّها ملاكمةُ في حلبة مصارعة، فشيمة الخجل والحياء والسكينة والوقار منزوعة عنكثير منهنَّ، وبدلاً من أن تكون الفتاة ماشية على جنبتي الطريق لكي تأخذ راحتها فيالمشي ولكي لا تؤذي نفسها بمرور بعض شباب السوء عليها... بالعكس تأخذ هي نصف الطريقوتمشي وسطه، وينقلب الحال فيكون بعض الشباب الصالح يأخذ حواف الطريق لكي لا يصطدمبالرتل النسائي في الجامعات ، فتنقلب الموازين وتتبدَّلالمفاهي م.
لكن أين فتيات الجامعةعن نساء الصحابة ، اللواتي كنَّ غاية في الأدب والحشمة والحياء، وغاية في الانصياعالكامل لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟!
فعن أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه أنَّه سمع رسول اللهصلى الله عليه وسلَّم يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق،فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم للنساء:(استأخرنّ َ، فإنَّهليس لكنَّ أن تحققن الطريق، عليكنَّ بحافات الطريق) فكانت المرأة تلتصقبالجدار حتَّى إن ثوبها ليتعلَّق بالجدار من لصوقها به!)أخرجه أبو داود وقال ابنحجر: حسن الإسناد.
والسؤال الذييطرح نفسه بعد ذلك: هل كل فتيات الجامعة هكذا؟!
معاذ الله ، وحاشا لله، ففيهنَّ النساء الأديباتالخلوقا ت المتدينات، والتي تستحيي أي فتاة منسوبة لهنَّ من كل ما يقترفنه تلكالفتيات المتبرجات، أدباً وطاعة لله، بل تستحيي أن تتحدث مع الشاب، وتلوح حمرةالخجل في وجنتيها وخدِّها إن حصل ذلك اضطراراً، بيدَ أن هؤلاء في أغلب أو جلِّجامعاتنا بتن شيئاً قليلاً وللأسف، وسأخصِّص لهنَّ في هذه الرسالة حديثاً خاصاًبإذن الله تعالى...
..يتبــع