تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ضابط لإتيان الماضي من المضارع، والمضارع من الماضي.



أبو إلياس الرافعي
2010-03-30, 12:33 AM
بداية نتفق على قاعدة عامة وهي:
كل ما كان عينه في الماضي مخالفا لعينه في المضارع فهو أصل، وإن وافق فهو شاذ؛ مثلا: فعَل يفعُل أو يفعِل أصل، أما فعُل يفعُل، أو فعِل يفعِل فهو شاذ.
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

أولاً: ضابط لإتيان الماضي من المضارع، والمضارع من الماضي.
الفعل الماضي له أوزان ثلاثة: فَعُل، فعَل، فعِل.
والفعل المضارع له أوزان ثلاثة: يفْعُل، يفْعَل، يفْعِل

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

أما فَعُل - مثل - فالمضارع منه على وزْن: يفْعُل فقط. وهو شاذ
لم يسمع منه إلا وزن واحد فقط، ولا يكون إلا لازمًا، مثل: حَسُن يحسُن.
وهو يختص بالطبائع والأمور الخلقية والجبلية.

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

أما فَعَل - مثل - فالمضارع منه على وزْن: يفْعَل يفْعُل يفْعِل.
أمَّا فَعَل يفْعُل: نَصَر ينْصُر، ويأتي لازمًا ومتعدِّيًا.
أمَّا فَعَل يفْعِل: ضَرَب يَضْرِب، ويأتي لازمًا ومتعدِّيًا.
أما فَعَل يَفْعَل: فَتَح يفْتَحُ، وهو شاذ، وله شرط واحد: أن يكون عين فعله أو لامه واحدا من حروف الحلق، وهي الستة المعروفة:
[/center]هَمْزٌ فَهَاءٌ ثُمَّ عَيْنٌ حَاءُ = مُهْمَلَتَانِ ثُمَّ غَيْنٌ خَاءُ

[center]* * * * * * * * * * * * * * * *
أما فَعِل- مثل - فالمضارع منه على وزْن: يفْعَل يفْعِل.
يفعَل: وهو بفتح العين في المضارع، مثل: عَلِم يَعْلَمُ، وبناؤه للزوم غالبًا، وقد يكون متعديًا وهو قليل.
أما فَعِل يفعِل - فهو شاذ يحفظ ولا يقاس عليه - وبناؤه للزوم غالبًا، وقد يكون متعديًا،
وهو على قسمين:

1 – ما سمع فيه الشذوذ مع الأصل: فعِل يفعِل -شاذ -، وفعِل يفعَل.
وهذا سمع على الوجهَيْن الكسر والفتح، وهي أفعال ذكرها ابن مالك في اللامية فقال:
وَجْهَانِ فِيهِ مِنِ (احْسِبْ) مَعْ (وَغِرْتَ) وَ(حِرْ = ت) (انْعِمْ) (بَئِسْتَ) (يَئِسْتَ) (اوْلِهْ) (يَبِسْ) (وَهِلاَ)
2 - ما جاء على الشذوذ فقط، ولم يسمع فيه الفتح، وهي أفعال ذكرها ابن مالك في اللامية فقال:
وَأَفْرِدِ الْكَسْرَ فِيمَا مِنْ (وَرِثْ) وَ(وَلِيْ) = (وَرِمْ) (وَرِعْتَ) (وَمِقْتَ) مَعْ (وَفِقْتَ حُلاَ)
(وَثِقْتَ) مَعْ (وَرِيَ) الْمُخُّ احْوِهَا وَأَدِمْ = كَسْرًا لِعَيْنِ مُضَارعٍ يَلِي فَعلا

ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــ
ثانيا: ضابط لإتيان الأمر من المضارع.
الفعل الماضي إمَّا أن يكونَ: (ثلاثيًّا)، أو (رباعيًّا)، أو (خماسيًّا أو سداسيًّا).
فإن كان ثلاثيًّا:
فهمزة الأمر منه على حركة عين مستقبله إن كانت مضمومة، نحو: يَدْخُل اُدْخُل، يَخْرُج اُخْرُج، يقْتُلُ اُقْتُلْ.
وإن كانت مكسورة أو مفتوحة كُسرت الهمزة، نحو: يَضْرِبُ اِضْرِبْ، يَعْلَمُ اِعْلَمْ، يَرْكَبُ اِرْكَبْ، يرمي اِرْمِ.
وإن كان رباعيًّا - أي: على أربعة أحرف -: مثل: أَكْرَم، أَرْسَلَ، أَدْبَرَ...، فالأمرُ منه بفَتْح الهمزة: أَكْرِمْ، أَرْسِلْ، أَدْبِرْ.
وإن كان خماسيًّا أو سداسيًّا: نحو: اِقْتَطَعَ واِسْتَخْرَجَ، فهمزةُ الأمر منه مكْسُورة: اِقْتَطِعْ، اِسْتَخْرِجْ.

** فائدة في الأفْعال ذوات الياء أو الألف أو إذا أدرتَ معرفة أصلها للتثنية:

والقاعدة: في قول الشاطبي - رحمه الله - في "حرز الأماني" قال:

وَتَثْنِيَةُ الأسْماءِ تَكْشِفَها وَإِنْ = رَدَدْتَ إِلَيْكَ الْفِعْلَ صَادَفْتَ مَنْهلا
وقال الحريري - رحمه الله تعالى – :

إِذَا الفِعْلُ يَوْمًا غُمَّ عَنْكَ هِجَاؤُهُ = فَأَلْحِقْ بِهِ تَاءَ الخِطَابِ وَلا تَقِفْ
فَإِنْ تَرَهُ بِالْيَاءِ يَوْمًا كَتَبْتَهُ = بِيَاءٍ وَإِلاَّ فَهْوُ يُكْتَبُ بِالأَلِفْ
مثل: رمى، هدى، دعا، عفا، تقول: رميتُ، هديتُ، دعوتُ، عفوتُ.

والله أعلم

أبو مالك العوضي
2010-03-30, 12:49 AM
جزاك الله خيرا وبارك فيك

ولكن ماذا تقصد بالشاذ؟ فإن (فعُل يفعُل) قياس معروف في الصرف، لا شذوذ فيه.

أبو إلياس الرافعي
2010-03-30, 12:52 AM
الشذوذ هنا ليس المقابل للقياس، ولكن الشذوذ هنا مخالفة الأصل، فالأفعال الأصلية هي التي يكون عينها في الماضي مخالفا لمضارعها، وإذا وافق كان شاذا لما عليه الأصل، ولا يقصد بالشاذ هنا مخالفة القياس، وأزيدك شيئا آخر وهو: أن الشاذ لا يقاس عليه، بل الاعتماد على السماع، هنا سؤال:
كيف يكون شاذا وهو وارد عن العرب ومعروف في الصرف والقواعد؟
والجواب: أن الشاذ أقسام ثلاثة:
1 - مخالف للقياس والاستعمال.
2- مخالف للقياس دون الاستعمال.
3 - مخالف للاستعمال دون القياس.
وعلى هذا لو قلنا: الفعل شاذ، فلأنه خالف شيئا من هذه الثلاثة.
وجزاك الله خيرًا.

أبو مالك العوضي
2010-03-30, 12:59 AM
لا مشاحة في الاصطلاح، ولكن ينبغي أن لا نسوي بين ( فعُل يفعُل ) وبين ( فعَل يفعَل و فعِل يفعِل )، فإن الأول مقيس مطرد، والثاني مقيس في حروف الحلق عند العين واللام، والثالث كثير في المعتل شاذ في غيره.

وللفائدة:
أرجو التكرم بذكر من نص على هذه القاعدة المذكورة في كلامك:
( فالأفعال الأصلية هي التي يكون عينها في الماضي مخالفا لمضارعها )
إذ لا أذكر أني وقفت عليها، وجزاك الله خيرا.

أبو إلياس الرافعي
2010-03-30, 01:04 AM
والله أنها كتبتها قديمًا من حاشية وللأسف لَم أكتب اسم المصدر، ولكن أحاول أن أبحث لك عندي في الحواشي، فحواشي الصرف كثيرة عندي ولا أذكر في أي كتاب قرأتها.

أبو مالك العوضي
2010-03-30, 01:16 AM
جزاك الله خيرا
ولو تذكرت موضعها فأرجو أن تفيدني.

ولكن ينبغي ملاحظة أن هذا الضابط (الملخص من كلام علماء الصرف في أبواب الأفعال) لا يمكّننا من الإتيان بالماضي من المضارع والعكس في جميع الأحوال، بل الواقع أنه لا يمكننا من ذلك إلا في قليل من الأحوال؛ لأن الماضي إذا كان مفتوح العين غير حلقي فمضارعه يحتمل أن يكون مكسورا ويحتمل أن يكون مضموما، والمضارع إذا كان مضموم العين فماضيه يحتمل أن يكون مفتوحا وأن يكون مضموما، والمضارع إذا كان مفتوح العين فماضيه يحتمل أن يكون مفتوحا وأن يكون مكسورا.

ويلاحظ أيضا أن قاعدة حروف الحلق لا تنعكس؛ أي أن الفعل إذا كان مفتوحا في الماضي والمضارع فالأصل أن يحتوي على حرف حلق، أما إذا احتوى على حرف حلق فلا يشترط أن يكون مفتوحا في الماضي والمضارع.

والله أعلم.

أبو الخليل
2010-03-30, 03:22 AM
حياكمُ اللهُ مشايخَنا الفُضلاء...
أُتحِفُكُم بهذا النقلِ الفريد البديع من سِفر ابنِ جِنَّيْ (الخصائص).. قال في باب (تركُّب اللغات):

"وذلك أنه قد دلت الدلالة على وجوب مخالفة صيغة الماضي لصيغة المضارع؛ إذ الغرضُ في صيغ هذه المُثُل إنما هو لإفادة الأزمنة، فجُعل لكل زمان مثالٌ مخالف لصاحبه. وكلما ازداد الخلافُ كانت في ذلك قوةُ الدلالةِ على الزمان‏.‏
فمن ذلك أن جعلوا بإزاء حركة فاء الماضي سكونَ فاء المضارع وخالفوا بين عينيهما فقالوا‏:‏ ضرَب يضْرِب، وقتَل يقْتُل، وعلِم يعْلَم‏.
فإن قلت‏:‏ فقد قالوا‏:‏ دحرج يدحرج؛ فحركوا فاء المضارع والماضي جميعاً وسكنوا عينيهما أيضاً؛ قيل‏:‏ لما فعلوا ذلك في الثلاثي الذي هو أكثر استعمالاً وأعم تصرفاً وهو كالأصل للرباعي لم يبالوا ما فوق ذلك مما جاوز الثلاثة‏.‏ وكذلك أيضاً قالوا‏:‏ تقطع يتقطع وتقاعس يتقاعس وتدهور يتدهور ونحو ذلك لأنهم أحكموا الأصل الأول الذي هو الثلاثي‏.‏ فقلَّ حَفْلُهم بما وراءه؛ كما أنهم لما أحكموا أمر المذكر في التثنية، فصاغوها على ألفها، لم يحفِلوا بما عرض في المؤنث منِ اعتراض علَم التأنيث بين الاسم وبين ما هو مصوغ عليه من علَمها نحو قائمتان وقاعدتان‏.‏
فإن قلت‏:‏ فقد نجد في الثلاثي ما تكون حركة عينيه في الماضي والمضارع سواءً، وهو باب فعُل ؛نحو كرُم يكرُم، وظرُف يظرُف‏؛‏ قيل‏:‏ على كل حال فاؤه في المضارع ساكنة، وأما موافقة حركة عينيه فلأنه ضرْبٌ قائم في الثلاثي برأسه؛ ألا تراه غيرَ متعدٍ ألبتة، وأكثر باب فعَل وفعِل متعد‏.‏ فلما جاء هذا مخالفاً لهما - وهما أقوى وأكثرُ منه - خولف بينهما وبينه، فوُوفِقَ بين حركتي عينيه وخُولِفَ بين حركتي عينيهما‏.‏ وإذا ثبت وجوب خلاف صيغة الماضي صيغةَ المضارع وجب أن يكون ما جاء من نحو سلا يسلَى،وقلى يقلَى ونحو ذلك، مما التقت فيه حركتا عينيه منظورًا في أمرِه، ومحكومًا عليهِ بواجبِه. فنقول: إنهم قد قالوا: قلَيتُ الرجلَ وقلِيتُه‏.‏ فمن قال‏:‏ قلَيته فإنه يقول أقلِيه، ومن قال قلِيته قال‏:‏ أقلاه‏.‏ وكذلك من قال‏:‏ سلوته قال‏:‏ أسلوه ، ومن قال سليته قال‏:‏ أسلاه. ثم تلاقى أصحابُ اللغتين، فسمع هذا لغةَ هذا، وهذا لغةَ هذا، فأخذ كلُّ واحدٍ منهما من صاحبه ما ضمه إلى لغته فتركبتْ هناك لغةٌ ثالثة؛ كأن من يقول سلا أخذ مضارع من يقول سلِيَ فصار في لغته سلا يسلَى‏..." اهـ المقصود.

ولولا ضيقُ المقام لنقلتُ الباب برُمَّتِه، ولعلَّ فيما أثبتُّ كفاية. واللهُ المُستعان.‏

أبو إلياس الرافعي
2010-03-30, 01:33 PM
جزاك الله خيرا على نقلك أخي ، فقد أنقذتني من البحث الطويل الذي كنت فيه جادًّا، وسامحني الله على عدم توثيقي للمعلومة.

أبو مالك العوضي
2010-03-30, 01:44 PM
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
إلا أن كلام ابن جني ليس فيه توثيق للمعلومة؛ لأنه يتكلم عن مخالفة صيغة المضارع للماضي إما عمومًا وإما في خصوص الفاء، أما خصوص العين فلا، ولذلك لما تُعُقب بالعين في فعُل يفعُل قال: (على كل حال فاؤه في المضارع ساكنة، وأما موافقة حركة عينيه فلأنه ضرب قائم في الثلاثي برأسه).

أبو بكر المحلي
2010-05-19, 01:46 AM
إلا أن كلام ابن جني ليس فيه توثيق للمعلومة؛ لأنه يتكلم عن مخالفة صيغة المضارع للماضي إما عمومًا وإما في خصوص الفاء، أما خصوص العين فلا، ولذلك لما تُعُقب بالعين في فعُل يفعُل قال: (على كل حال فاؤه في المضارع ساكنة، وأما موافقة حركة عينيه فلأنه ضرب قائم في الثلاثي برأسه).
كان يمكنُ أنْ يقال هذا إن لم يقلْ :

وإذا ثبت وجوب خلاف صيغة الماضي صيغةَ المضارع وجب أن يكون ما جاء من نحو سلا يسلَى،وقلى يقلَى ونحو ذلك، مما التقت فيه حركتا عينيه منظورًا في أمرِه، ومحكومًا عليهِ بواجبِه
إذ لو لم يكن تخالفُ حركةِ عيني المضارعِ هو الأصلَ ، فأيُّ شيء يحوجه للنظر في أمره والتأوُّلِ له بأنه من باب تداخل اللغات ونحو ذلك !
أمّا قوله :

وأما موافقة حركة عينيه فلأنه ضرب قائم في الثلاثي برأسه
-فهو تعليل لوروده على خلاف الأصلِ ، يوضح ذلك قوله بعدها:

ألا تراه غيرَ متعدٍ ألبتة، وأكثر باب فعَل وفعِل متعد‏.‏ فلما جاء هذا مخالفاً لهما - وهما أقوى وأكثرُ منه - خولف بينهما وبينه، فوُوفِقَ بين حركتي عينيه وخُولِفَ بين حركتي عينيهما‏
والله تعالى أعلم.