مشاهدة النسخة كاملة : هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟
أبو خالد الدمياطي
2010-03-28, 02:09 AM
قال أبو محمد علي ابن حزم رحمه الله في كتابه الفصل :
" ذهب محمد بن جرير الطبري والأشعرية كلها حاشا السمناني إلى أنه لا يكون مسلماً إلا من استدل ، وإلا فليس مسلماً ، و قال الطبري : من بلغ الاحتلام أو الاشعار من الرجال والنساء أو بلغ المحيض من النساء ولم يعرف الله عز وجل بجميع أسمائه وصفاته من طريق الاستدلال فهو كافر حلال الدم والمال ، وقال أنه إذا بلغ الغلام أو الجارية سبع سنين وجب تعليمهما وتدريبهما على الاستدلال على ذلك و قالت الأشعرية لا يلزمها الاستدلال على ذلك إلا بعد البلوغ."
فهل حقاً هذا مذهب الطبري الإمام رحمه الله ؟؟؟
موسى الغنامي
2010-03-28, 02:25 PM
الغالب على ابن حزم - رحمه الله - أنه ينقل من حفظه مذاهب العلماء وإن كان محققا فيما يعزوه بل ربما ذكر نقله بأسانيده
ولا يخلو غالبا من يعتمد على حفظه في النقل من شيء من الهنات والأخطاء , وعلى العموم ينظر في صحة النقل فإن ثبت هذا
النقل عن الطبري - رحمه الله - نظر في مقصده وحل إشكاله .
شكر الله لك أخي الكريم أبو خالد الدمياطي .
أبو إسحاق إبراهيم
2010-03-29, 01:40 AM
" المجموعة العلمية السعودية - من رد علماء السلف الصالح :
حققها وراجع أصولها عبدالله بن محمد بن حميد - مكة المكرمة : مطابع دار الثقافة 1394هـ 177 صفحة
المحتويات :
أ. عقيدة الإمام ابن جرير الطبري
نقلاً عن : تتمة الأعلام لمحمد رمضان خير يوسف -مج2 صــ19ــ
أبو خالد الدمياطي
2010-03-31, 10:17 AM
" المجموعة العلمية السعودية - من رد علماء السلف الصالح :
حققها وراجع أصولها عبدالله بن محمد بن حميد - مكة المكرمة : مطابع دار الثقافة 1394هـ 177 صفحة
المحتويات :
أ. عقيدة الإمام ابن جرير الطبري
لا أفهم أخي المراد من المشاركة .... برجاء التنبيه
أبو خالد الدمياطي
2010-04-08, 02:00 AM
أرجو الاستفادة ممن عنده إفادة
قال ابن جرير الطبري رحمه الله في كتابه التبصير في معالم الدين ص 123 تحقيق علي الشبل ما نصه :
وإذا كان صحيحا ما قلنا بالذي استشهدنا , فواجب أن يكون كل من بلغ حد التكليف من الذكور والاناث وذلك قبل ان يحتلم او يبلغ حد الاحتلام وأن تحيض الجارية أو تبلغ حد المحيض فلم يعرف صانعه باسمائه وصفاته التي تدرك بالادلة بعد بلوغه الحد الذي حددت فهو كافر حلال الدم والمال .......
ثم بدا يرد على الايرادات ..
ومقصوده والعلم عند الله ان هؤلاء هم المعرضون لا الجاهلون , لانه قال بعده بقليل ص 128 :
... ولكنهم تجاهلوا مع ظهور الادلة الواضحة والحجج البالغة لحواسهم فأدخلوا اللبس على انفسهم والشبه على عقولهم حتى اوجب ذلك لهم الحيرة واكسبهم الجهل والملالة . ولو انهم لزموا محجة الهدى واعرضوا عما دعاهم اليه داعي الهوى لوجدوا للحق سبيللا نهجا وطريقا وسهلا .....
زين العابدين الأثري
2010-04-08, 03:10 AM
قال أبو محمد علي ابن حزم رحمه الله في كتابه الفصل :
" ذهب محمد بن جرير الطبري والأشعرية كلها حاشا السمناني
للفائدة :
قال أبو جعفر السماني " الأشعري " : ( القول يإيجاب النظر بقية بقيت في المذهب
- الأشعري - من أقوال المعتزلة ) الدرء 7 / 407
------------
نقل الشيخ السلمي في كتابه حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين " وقد حكى أبو الحسن الطبري والآمدي إجماع الأشاعرة على ذلك ... صـ 164
أقول : لعله حصل تصحيف في بعض النسخ مما أدى إلى نسبة هذا القول يالخطأ إلى الإمام ابن جرير الطبري , فما رأيكم ؟
الاخ زين العابدين لعلك تنظر الى التعليق رقم 6
ففيه النقل من كلام ابن جرير من كتابه التبصير
زين العابدين الأثري
2010-04-08, 08:06 PM
الأخ جذيل : بارك الله فيك ...
لعلكم تراجع تفسير الطبري على الآيات التي إعنمد عليها المتكلمون في وجوب النظر , لنعرف رايه .
أبو محمد المأربي
2020-02-26, 01:36 PM
أبو محمد الظاهري أخطأ على أبي جعفر الطبري وألزمه أنه كان كافراً حلال الدم والمال مع أنه (الطبري) قد تجاوز في العمر خمسة وثمانين سنة!
وبيان خطئه على الإمام في مقامين:
الأول مقام التوثيق لعزو الظاهري للطبري
الثاني: بيان الخلل الذي في نسبة الظاهري للطبري.
أبو محمد المأربي
2020-02-26, 01:45 PM
المقام الأول:
نسب الظاهري للطبري هذه المقالة في كتابين له، أحدهما: التقريب لحد المنطق (ص546) قال: (وكثيرا ما نُلزم نحن في الشرائع أهل القياس المتحكمين أشياء من مقدماتهم تقودهم إلى التناقض أو إلى ما لا يلتزمونه فيلوح بذلك فسادُ مقالتهم، كالذي قدّمه عظيم من أسلافنا نحبه بفضله ولكن الحق أحب إلينا منه وأفضل فإنه قال: "من بلغ الحلم من رجل أو امرأة ولم يعلم الله في أول أوقات بلوغه بجميع صفاته علم استدلال ونظر وبحث فهو كافر حلال دمه وماله".
ونحن نُقسم بالله خالقنا قسما لا نستثني فيه: أن هذا الريئس قد أنتج حكمه هذا عليه أن يكون كافراً حلال الدم والمال
ونعيد القسم بالله ثانية أنه ما دخل قبره إلا جاهلا بتمام صحة ما ضيّق في علمه هذا التضييق، على أنه قد تجاوز في عمره خمسة وثمانين عاما، يرحمنا الله وإياه ويغفر لنا وله.
ولولا أن مقدمته هذه فاسدة لوجب عليه ما أوجب على من هو محدود بحدّه ومرسوم برسمه، ولكنها - ولله الحمد- فضية باطل فلا يجب ما أنتجت لا عليه ولا غلى عيره).
أقول: معلوم أن الطبري رحمه الله عاش هذا العمر المنصوص في كلام الظاهري.
والكتاب الثاني هو الفصل في الملل والنحل (3/ 279) على ما تفضل به الإخوة، وقد صرح ابن حزم بالاسم (محمد بن جرير الطبري) فلا تصحيف أصلا.
وإنما البحث في المطالبة بتصحيح النسبة وهذا في المقام الثاني إن شاء الله.
أبو محمد المأربي
2020-02-26, 02:41 PM
المقام الثاني: بيان الخلل الذي في نسبة الظاهري للطبري.
1- هذا النقل تفرّد به ابن حزم الظاهري ولم يتابع عليه إلا من جهة ناقل عنه كابن تيمية في درء التعارض (8/ 3-).
2- لم ينقل الظاهري عن كتاب للإمام الطبري وإنما من حفظه والنقل عن كتاب غير النقل عن صدر وذهن لأنه جاء في بعض نسخ الفصل لما ذكر مقالة الطبري: "حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور قال لي ابو بكر بن الفضل بن بهران الدينوري قال لنا الطبري فذكر ما قلناه"
تنبيه: هذه النسبة أيضا في كتاب ثالث لابن حزم وهو الأصول والفروع (ص260) قال: " وحدثنا أحمد بن محمد الجسوري عن أحمد بن الفضل الدينوري عن محمد بن جرير الطبري أنه قال:" من بلغ الحلم أو المحيض من الرجال والنساء ولم يعلم الله بجميع صفاته وأسمائه فهو كافر حلال الدم والمال".
ثم قام بالتشنيع كما فعل في الفصل والتقريب أيضا.
فالظاهري ناقل عن غيره لا عن مصنفات الإمام الطبري، والخطأ في المنقول يحتمل أن يكون منه كما يحتمل أن يكون من شيخه (ابن الجسور) أو من شيخ شيخه (أبو بكر البهراني) وقد ذكروا في ترجمة الأخير أنه مشرقي انتقل إلى الاندلس وأدخل إليها جملة من مؤلفات الطبري كرسالة الطبري إلى أهل طبرستان (التبصير في معالم الدين).
3- الظاهر أن الناقل أخطأ في نقل حقيقة مقالة الطبري في كتابه (التبصير)؛ ولهذا قال محقق الفصل (ينظر التبصير في معالم الدين للطبري ص123، وإن كان الموجود في التبصير يختلف عن ما ذكره ابن حزم هنا، ولعل ما ذكره هنا لازم للقول لا أنه نفس قول الطبري كما هي طريقة ابن حزم).
4- مقالة الطبري عند الظاهري تتضمن المسائل الآتية:
المسألة الأولى: اشتراط الاستدلال والنظر لصحة الإيمان.
وهذا باطل لا يوجد في كتاب الطبري فانظره إن شئت وهو في متناول يديك إن شاء الله؛ لأن الطبري لم يشترط إلا معرفة الله ببعض أسمائه وصفاته ولم يشترط الاستدلال والنظر لمعرفة الله تعالى كما هي طريقة أهل الكلام. وفرق ظاهر بين الأمرين لأن معرفة الله قد توجد بغير هذا الطريق.
المسألة الثانية: اشتراط معرفة الله بجميع صفاته وأسمائه.
وهذا باطل أيضا لأن الطبري فرّق بين الصفات التي لا تعلم إلا بالخبر والسماع (الصفات الخبرية)، وبين الصفات تعلم بالعقل والفكر والروية كما فعل الشافعي رحمه الله، فالجهل في النوع الأول من الصفات ليس كفراً عند الطبري، والجهل في النوع الثاني من الصفات كفر عند الطبري وعند غيره من علماء الأمة.
المسألة الثالثة: وجوب التدريب والتعليم على ذلك عند بلوغ الصبي سبع سنين أو نحوها.
وهذا أيضا باطل لأن الطبري لم يوجب التعليم والتدريب على النظر والاستدلال قبل البلوغ، وإنما ذكر أن المدة التي بين التمييز وبين البلوغ كافية للتذكر والاعتبار وأنه لن يهلك على الله إلا هالك.
وهناك قرائن أخرى تدل على أن المخطئ على الطبري هو ابن حزم نفسه منها أن اشتراط الاستدلال والنظر لم يأت في الأصول والفروع وهي رواية مسندة، وذكره ابن حزم في الفصل والتقريب بألفاظ مختلفة (علم استدلال ونظر وبحث)، (من طريق الاستدلال)!
وهذا يدل أنه من تصرف الظاهري لا من كلام الطبري.
على أي حال: قد أحسن محقق (الأصول والفروع) عبد الحق التركماني في الرد على ابن حزم وبيان أخطائه على الطبري في دراسة مطولة فليراجعه من شاء من (ص30- 38).
محمدعبداللطيف
2020-02-26, 03:18 PM
أرجو الاستفادة ممن عنده إفادةافيدك بنقل أدلة الفريقين واختمه بكلام الامام ابن جرير الطبرى للفائدة
سئل الإمام ابن باز رحمة الله تعالى السؤال التالي
ما رأي فضيلتكم فيما يفعله أكثر الناس من تقليد الآخرين فإذا نصح قال: يفعله الناس؟
الجواب:
أما التقليد للناس هذا غلط، الله ذم المشركين وعابهم بقوله أنهم كانوا يقولون للأنبياء: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ[الزخرف:23] ذمهم الله على هذا، هذا من عمل المشركين والجهلة، فالواجب على المسلم أن يسأل أهل الذكر الله .. فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل:43] ما يقلد الدهماء والعامة .. بل يسأل أهل العلم إذا كان ما عنده علم، وإن كان يستطيع العلم يقرأ القرآن ويتدبر كلام ربه ويقرأ السنة ويحفظ ما تيسر منها حتى يعلم الحق، وإذا كان لا يستطيع نظر أهل العلم وسأل عن أهل العلم في أي بلد واستفتاهم عما قاله الله ورسوله، دلوني على شرع الله، دلوني بما قاله الله ورسوله في هذا الأمر حتى أعمل بشرع الله وبدين الله، لا يقلد الناس، ويمشي مع الناس في الحق والباطل، لا، بل لا يمشي مع الناس إلا بالحق بس، لا في الباطل.
قال الشيخ صالح آل الشيخ
في شرحه على "ثلاثة الأصول":(.. معرفة العبد ربه، ومعرفة العبد دينه، ومعرفة العبد نبيه، هذا واجب فمثل هذا العلم لا ينفع فيه التقليد، واجب فيه أن يحصله العبدُ بدليله، والعبارة المشهورة عند أهل العلم: أن التقليد لا ينفع في العقائد, بل لابد من معرفة المسائل التي يجب اعتقادها بدليلها, هذا الدليل أعم من أن يكون نصا من القرآن, أو من سنة, أو من قول صاحب, أو من إجماع, أو قياس, وسيأتي تفصيل الدليل إن شاء الله تعالى في موضعه. التقليد هذا لا يجوز في العقائد عند أهل السنة والجماعة, وكذلك لا يجوز عند المبتدعة من الأشاعرة والماتريدية والمتكلمة، لكن ننتبه إلى أن الوجوب عند أهل السنة يختلف عن الوجوب عند أولئك في هذه المسألة، والتقليد عند أهل السنة يختلف عن التقليد عند أولئك, فأولئك يرون أن أول واجب هو النظر, فلا يصح الإيمان إلا إذا نظر، ويقصدون بالنظر؛ النظر في الآيات المرئية؛ في الآيات الكونية، ينظر إلى السماء، يستدل على وجود الله جل وعلا بنظره، أما أهل السنة فيقولون يجب أن يأخذ الحق بالدليل, وهذا الدليل يكون بالآيات المتلوّة, أولئك يحيلون على الآيات الكونية المرئية بنظرهم, بنظر البالغ، وأما أهل السنة فيقولون لابد من النظر في الدليل، لا لأجل الاستنباط، ولكن لأجل معرفة أن هذا قد جاء عليه دليل، في أي المسائل؟ في المسائل التي لا يصح إسلام المرء إلا به؛ مثل معرفة المسلم أن الله جل وعلا هو المستحق للعبادة دون ما سواه، هذا لابد أن يكون عنده برهان عليه، يعلمه في حياته, ولو مرة، يكون قد دخل في هذا الدين بعد معرفةٍ الدليل, ولهذا كان علماؤنا يعلمون العامة في المساجد)
وقال ( هذه الرسالة صنفت لبيان الأصول الثلاثة؛ ألا وهي مسائل القبر؛ من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ والجواب عليها في هذه الرسالة، بل إن هذه الرسالة من هذا الموضع إلى آخرها جواب على هذه الأسئلة الثلاث، فمن كان عالما بما في هذه الرسالة من بيان تلك الأصول العظام، كان حَرِيًّا أن يُثبت عند السؤال، ذلك لأنها قُرنت بأدلتها، وقد جاء في الحديث الذي في الصحيح أن من المسؤولين في القبر من يقول: ها, ها لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته. استدل العلماء بقول هذا المفتون في قبره (سمعت الناس يقولون شيئا فقلته) على أن التقليد لا يصلح في جواب هذه المسائل الثلاث؛ جواب (من ربك؟) يعني من معبودك؟ جواب (ما دينك؟), جواب (من نبيك؟) ولهذا يذكر الشيخ الإمام رحمه الله تعالى بعد كل مسألة مما سيأتي، يذكر الدليل من القرآن، وقد بينا في أول هذا الشرح؛ أن المؤمن يخرج من التقليد، ويكون مستدلا بما يعلمه، ويعتقده من هذه المسائل بالحق، إذا علم الدليل عليها مرة في عمره، ثم اعتقد ما دل عليه الدليل، فإن استقام على ذلك حتى موته، فإنه يكون مؤمنا؛ يعني مات على الإيمان؛ لأن استمرار استحضار الدليل والاستدلال لا يُشترط، لكن الذي هو واجب أن يكون العبد في معرفته للحق في جواب هذه المسائل الثلاث، أن يكون عن دليل واستدلال ولو لِمرّة في عمره)
محمدعبداللطيف
2020-02-26, 03:20 PM
حكم إيمان المقلدين
عقد السفاريني فصلاً في ذكر الخلاف في صحة إيمان المقلد في العقائد وعدمها وفي جوازه وعدمه شارحا قوله في منظومته:
وكل ما يطلب فيه الجزم
فمنع تقليد بذاك حتم
لأنه لا يكتفى بالظن
لذي الحجى في قول أهل الفن
وقيل يكفي الجزم إجماعا بما
يطلب فيه عند بعض العلما
فالجازمون من عوام البشر
فمسلمون عند أهل الأثر
فقال: (وكل ما) أي حكم ومطلوب مما عنه الذكر الحكمي، وهو المعنى الذي يعبر عنه بالكلام الخبري، وهو ما أنبأ عن أمر في نفسك من إثبات أو نفي، والمراد هنا كل اعتقاد (يطلب فيه) أي ذلك الاعتقاد من معرفة الله تعالى، وما يجب له ويستحيل عليه، ويجوز (الجزم) بأن يجزم به جزما لا يحتمل متعلقه النقيض عنده لو قدره في نفسه، فإن طابق الواقع فهو اعتقاد صحيح وإلا ففاسد، فما كان من هذا الباب (فمنع تقليد) وهو لغة وضع الشيء في العنق حال كونه محيطا به، وذلك الشيء يسمى قلادة وجمعها قلائد، وعرفا أخذ مذهب الغير يعني اعتقاد صحته واتباعه عليه بلا دليل، فإن أخذه بالدليل فليس بمقلد له فيه، ولو وافقه فالرجوع إلى قوله صلى الله عليه وسلم ليس بتقليد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - في المسودة: التقليد قبول القول بغير دليل، فليس المصير إلى الإجماع بتقليد، لأن الإجماع دليل، ولذلك يقبل قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقال تقليد، وقد قال الإمام أحمد - رضي الله عنه - في رواية أبي الحارث من قلد الخبر رجوت أن يسلم إن شاء الله تعالى فأطلق اسم التقليد على من صار إلى الخبر، وإن كان حجة بنفسه. انتهى ملخصا. (بذاك) أي بما يطلب فيه الجزم ولا يُكْتَفَى فيه بالظن (حتم) بفتح الحاء المهملة وسكون التاء المثناة فوق أي لازم واجب، قال علماؤنا وغيرهم يحرم التقليد في معرفة الله تعالى، وفي التوحيد والرسالة، وكذا في أركان الإسلام الخمس، ونحوها مما تواتر واشتهر، عند الإمام أحمد - رضي الله عنه - والأكثر وذكره أبو الخطاب عن عامة العلماء، وذكر غيره أنه قول الجمهور قاله في شرح التحرير، قال: وأطلق الحلواني من أصحابنا وغيره منع التقليد في أصول الدين، واستدلوا لتحريم التقليد بأمره سبحانه وتعالى بالتدبر والتفكر والنظر.
وفي صحيح ابن حبان لما نزل في آل عمران: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِالآيا ت [آل عمران: 190] قال صلى الله عليه وسلم: ((ويل لمن قرأهن ولم يتدبرهن، ويل له، ويل له)) (1)
والإجماع على وجوب معرفة الله تعالى، ولا تحصل بتقليد لجواز كذب المخبر، واستحالة حصولها، كمن قلد في حدوث العالم، وكمن قلد في قدمه، ولأن التقليد لو أفاد علما، فإما بالضرورة، وهو باطل، وإما بالنظر، فيستلزم الدليل والأصل عدمه، والعلم يحصل بالنظر، واحتمال الخطأ لعدم مراعاة القانون الصحيح، ولأن الله تعالى ذم التقليد بقوله تعالى إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ [الزخرف: 22] ولقوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ [محمد: 19] فألزم الشارع بالعلم، ويلزمنا نحن أيضا؛ لقوله: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف: 158].
فتعين طلب اليقين في الوحدانية، ويقاس عليها غيرها، والتقليد لا يفيد إلا الظن، ولهذا قال معللا للمنع عنه بقوله (لأنه) أي الشأن والأمر والقصة (لا يكتفى) في أصول الدين، ومعرفة الله رب العالمين (بالظن) الذي هو ترجيح أحد الطرفين على الآخر، فالراجح هو الظن، والمرجوح الوهم، فلا يكتفى به في أصول الدين (لذي) أي لصاحب (الحجى) كإلى أي العقل والفطنة (في قول أهل الفن) من الأئمة وعلماء المنقول والمعقول من الأصوليين والمتكلمة وغيرهم.
قال العلامة ابن حمدان في نهاية المبتدئين: كل ما يطلب فيه الجزم يمتنع التقليد فيه، والأخذ فيه بالظن لأنه لا يفيده، وإنما يفيده دليل قطعي، قال: في شرح مختصر التحرير: وأجازه - يعني في التقليد في أصول الدين - جمع، قال بعضهم: ولو بطريق فاسد.
قال العلامة ابن مفلح: وأجازه بعض الشافعية لإجماع السلف على قبول الشهادتين من غير أن يقال لقائلها هل نظرت؟ وسمعه الإمام ابن عقيل، عن أبي القاسم ابن التبان المعتزلي قال: وإنه يكتفى بطريق فاسد، وقال هذا المعتزلي: إذا عرف الله، وصدق رسوله، وسكن قلبه إلى ذلك، واطمأن به، فلا علينا من طريق تقليد كان أو نظرا أو استدلالا، وإلى هذا الإشارة بقوله (وقيل يكفي) في أصول الدين (الجزم) ولو تقليدا (إجماعا) (ب) كل (ما) أي حكم (يطلب) بضم أوله مبنيا لما لم يسم فاعله، ونائب الفاعل مضمر يعود على الجزم (فيه) أي فيه ذلك المطلوب من أصول الدين (عند بعض العلماء) من علماء مذهبنا والشافعية والمعتزلة وغيرهم.
قال العنبري وغيره يجوز التقليد في أصول الدين، ولا يجب النظر اكتفاء بالعقد الجازم، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يكتفي في الإيمان من الأعراب وليسوا أهلا للنظر بالتلفظ بكلمتي الشهادة المنبئ عن العقد الجازم، ويقاس غير الإيمان من أصول الدين عليه.
وقال العلامة ابن حمدان في نهاية المبتدئين: وقيل يكفي الجزم يعني بالظن إجماعا بما يطلب فيه الجزم، (فالجازمون) حينئذ بعقدهم، ولو تقليدا (من عوام البشر) الذين ليسوا بأهل للنظر والاستدلال، بما لا يتم الإسلام بدونه (ف) على الصواب هم (مسلمون عند أهل الأثر) وأكثر النظار والمحققين وإن عجزوا عن بيان ما لم يتم الإسلام إلا به.
وقال ابن حامد من علمائنا: لا يشترط أن يجزم عن دليل - يعني بل يكفي الجزم ولو عن تقليد، وقيل الناس كلهم مؤمنون حكما في النكاح والإرث وغيرهما، ولا يدرى ما هم عند الله، انتهى.
وقال العلامة المحقق ابن قاضي الجبل من علمائنا في أصوله: قال ابن عقيل: القياس النقلي حجة يجب العمل به، ويجب النظر والاستدلال به بعد ورود الشرع، قال: ولا يجوز التقليد، والحق الذي لا محيد عنه، ولا انفكاك لأحد منه صحة إيمان المقلد تقليدا جازما صحيحا، وأن النظر والاستدلال ليسا بواجبين، وأن التقليد الصحيح محصل للعلم والمعرفة، نعم يجب النظر على من لا يحصل له التصديق الجازم أول ما تبلغه الدعوة.
قال بعض علماء الشافعية: اعلم أن وجوب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر لا يشترط فيه أن يكون عن نظر واستدلال، بل يكفي اعتقاد جازم بذلك، إذ المختار الذي عليه السلف وأئمة الفتوى من الخلف وعامة الفقهاء، صحة إيمان المقلد، قال: وأما ما نقل عن الإمام الشيخ أبي الحسن الأشعري من عدم صحة إيمان المقلد، فكذب عليه كما قاله الأستاذ أبو القاسم القشيري.
ثم قال: ومما يرد على زاعمي بطلان إيمان المقلد أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فتحوا أكثر العجم، وقبلوا إيمان عوامهم، كأجلاف العرب، وإن كان تحت السيف، أو تبعا لكبير منهم أسلم، ولم يأمروا أحدا منهم بترديد نظر، ولا سألوه عن دليل تصديقه، ولا أرجئوا أمره حتى ينظر والعقل يجزم في نحو هذا بعدم وقوع الاستدلال منهم لاستحالته حينئذ، فكان ما أطبقوا عليه دليلا أي دليل على إيمان المقلد، وقال: إن التقليد أن يسمع من نشأ بقمة جبل الناس يقولون للخلق رب خلقهم، وخلق كل شيء من غير شريك له، ويستحق العبادة عليهم، فيجزم بذلك إجلالا لهم عن الخطأ، وتحسينا للظن بهم، فإذا تم جزمه بأن لم يجز نقيض ما أخبروا به، فقد حصل واجب الإيمان، وإن فاته الاستدلال لأنه غير مقصود لذاته بل للتوصل به للجزم وقد حصل.
وقال الإمام النووي: الآتي بالشهادتين مؤمن حقا، وإن كان مقلدا على مذهب المحققين والجماهير من السلف والخلف، لأنه صلى الله عليه وسلم اكتفى بالتصديق بما جاء به ولم يشترط المعرفة بالدليل، وقد تظاهرت بهذا الأحاديث الصحاح التي يحصل بمجموعها التواتر والعلم القطعي، انتهى.
وبما تقرر تعلم أن النظر ليس بشرط في حصول المعرفة مطلقا، وإلا لما وجدت بدونه لوجوب انتفاء المشروط بانتفاء الشرط، لكنها قد توجد فظهر أن النظر لا يتعين على كل أحد، وإنما يتعين على من لا طريق له سواه، بأن بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أول ما بلغته دعوته، وصدق به تصديقا جازما بلا تردد، فمع صحة إيمانه بالاتفاق لا يأثم بترك النظر، وإن كان ظاهر ما تقدم الإثم مع حصول الإيمان، لأن المقصود الذي لأجله طلب النظر من المكلف وهو التصديق الجازم قد حصل بدون النظر فلا حاجة إليه، نعم في رتبته انحطاط، وربما كان متزلزل الإيمان فالحق أنه يأثم بترك النظر وإن حصل له الإيمان، ومن ثم نقل بعضهم الإجماع على تأثيمه لأن جزمه حينئذ لا ثقة به، إذ لو عرضت له شبهة عكرت عليه، وصار مترددا بخلاف الجزم الناشئ عن الاستدلال، فإنه لا يفوت بذلك، والله تعالى ولي التوفيق.
(تنبيهات):
الأول: في مسألة التقليد ثلاثة أقوال، (أولها) النظر واجب، ... رجحه الإمام الرازي، وأبو الحسن الآمدي.
(الثاني) ليس بواجب والتقليد جائز، ...
(الثالث) التقليد حرام ويأثم بترك النظر والاستدلال، ومع إثمه بترك النظر، فإيمانه صحيح، ...
وثَم قول (رابع) وهو أن النظر حرام؛ لأنه مظنة الوقوع في الشبه والضلال لاختلاف الأذهان بخلاف التقليد، فيجب بأن يجزم المكلف عقده بما يأتي به الشرع من العقائد الدينية، ولكن قد علم مما مر أن الرجوع إلى الكتاب والسنة ليس بتقليد، وإن سمي تقليدا فمجاز، ومنه قول الإمام أحمد - رضي الله عنه -: ومن قلد الخبر رجوت أن يسلم إن شاء الله تعالى.
وقد قال أبو حامد الغزالي في كتابه (فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة): من ظن أن مدرك الإيمان الكلام والأدلة المحررة والتقسيمات المرتبة فقد أبعد، لا بل الإيمان نور يقذفه الله في قلوب عباده عطية وهدية من عنده، تارة بتنبيه في الباطن لا يمكن التعبير عنه، وتارة بسبب رؤيا في المنام، وتارة بقرينة حال رجل متدين وسراية نوره إليه عند صحبته ومجالسته، وتارة بقرينة حال... وأمثالهم أكثر من أن تحصى، ولم يشتغل واحد منهم قط بكلام وتعلم الأدلة، بل كان يبدو نور الإيمان أولا بمثل هذه القرائن في قلوبهم لمعة بيضاء ثم لا يزال يزداد وضوحا وإشراقا بمشاهدة تلك الأحوال العظيمة، وبتلاوة القرآن، وتصفية القلوب - إلى أن قال: والحق الصريح أن كل من اعتقد أن كل ما جاء به الرسول واشتمل عليه القرآن حق، اعتقادا جازما، فهو مؤمن، وإن لم يعرف أدلته.
قال: فالإيمان المستفاد من الأدلة الكلامية ضعيف جدا، مشرف على التزلزل بكل شبهة، انتهى فإن قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم كانوا يعلمون أن العوام وأجلاف العرب يعلمون الأدلة إجمالا، كما أجاب به الأعرابي الأصمعي عن دليل سؤاله: بم عرفت ربك؟ فقال البعرة تدل على البعير، وأثر الأقدام يدل على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج، ألا تدل على اللطيف الخبير.
فلذلك لم يلزموهم بالنظر، ولا سألوهم عنه، ولا أرجئوا أمرهم فلما كان كذلك، لم يكن اكتفاؤهم بمجرد الإقرار دليلا على عدم وجوب النظر على الأعيان، ولا على أن تاركه غير آثم. فالجواب: ما ذكروه دعوى بلا دليل، وحكاية الأعرابي لا تدل على أن جميع الأجلاف والعوام كانوا عالمين بالأدلة إجمالا، فإن المثال الجزئي لا يصحح القواعد الكلية، والعقول مختلفة الأمزجة متفاوتة أشد تفاوت، فوجود فرد من الأعراب قوي العقل نافذ البصيرة لا يدل على أن كل الأعراب والأجلاف كذلك بلا خفاء.
ويوضحه أن من الذين أسلموا في عهدهم كانوا يكونون عجما ونساء، وقبلوا منهم الإسلام ولم يأمروهم بالنظر ولم يرجئوهم، أيضا كان أهل الشرك من قريش يجادلون ويناضلون عن آلهتهم، و:إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ [الصافات: 36]، وقالوا أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص: 5]، ...
(الثاني) ...أن التقليد الصحيح محصل للعلم، بمعنى أن المقلد تقليدا صحيحا لا يصدق بما ألقي إليه من العقائد إلا بعد انكشاف صدقها عنده من غير أن يكون له دليل عليها، وقد جاء في محكم الذكر فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ [الأنعام: 125]...
(الثالث) قد نقل عن أبي الحسن الأشعري أنه لا بد من انبناء الاعتقاد في كل مسألة من الأصول على دليل عقلي، لكن لا يشترط الاقتدار على التعبير عنه، وعلى مجادلة الخصوم، ودفع الشبه، قال السعد التفتازاني في (شرح المقاصد): هذا هو المشهور عن الأشعري حتى حكي عنه أن من لم يكن كذلك لم يكن مؤمنا. انتهى.
قال في جمع الجوامع: وعن الأشعري لا يصح إيمان المقلد. قال شارحه: وشنَّع عليه أقوام بأنه يلزمه تكفير العوام، وهم غالب المؤمنين، وقال القشيري: مكذوب عليه.
قال التاج السبكي: والتحقيق أنه إن كان التقليد أخذا لقول الغير بغير حجة مع احتمال شك أو وهم بأن لا يجزم به، فلا يكفي إيمان المقلد قطعا؛ لأنه لا إيمان مع أدنى تردد فيه، وإن كان التقليد أخذا لقول الغير بغير حجة لكن جزما فيكفي إيمان المقلد عند الأشعري وغيره خلافا لأبي هاشم المعتزلي في قوله: لا يكفي بل لا بد لصحة الإيمان من النظر.
وقد وافق النقل عن الأشعري جماعة منهم القاضي، وإمام الحرمين وغيرهما، قالوا: قال الجمهور بعدم صحة الاكتفاء بالتقليد في العقائد الدينية حتى زعم بعضهم أنه مجمع عليه، وعزاه ابن القصار للإمام مالك - رضي الله عنه -.
والمشهور نقل بعضهم عن الجمهور عدم جواز التقليد في العقائد الدينية وأنهم اختلفوا في المقلد، منهم من قال: إنه مؤمن إلا أنه عاص بترك المعرفة التي ينتجها النظر الصحيح، ومنهم من فصَّل فقال: هو مؤمن عاص، إن كان فيه أهلية لفهم النظر الصحيح، وغير عاص إن لم يكن فيه أهلية ذلك، ومنهم من نقل عن طائفة أن من قلد القرآن والسنة القطعية صح إيمانه لاتباعه القطعي، ومن قلد غير ذلك لم يصح إيمانه لعدم أمن الخطأ على غير المعصوم، ومنهم من جعل النظر والاستدلال شرطا للكمال، ومنهم من حرم النظر كما مر ذلك.
قال الجلال المحلي في شرح (جمع الجوامع): وقد اتفقت الطرق الثلاث - يعنى الموجبة للنظر، والمجوزة له، والمحرمة - على صحة إيمان المقلد، انتهى.
وعبارة الآمدي في (الأبكار) اتفق الأصحاب على انتفاء كفر المقلد، وأنه ليس للجمهور إلا القول بعصيانه بترك النظر إن قدر عليه مع اتفاقهم على صحة إيمانه وأنه لا يعرف القول بعدم صحة إيمان المقلد إلا لأبي هاشم بن أبي علي الجبائي من المعتزلة محتجا بأن من لم يعرف الله سبحانه وتعالى بالدليل فهو كافر. قال الآمدي: وأصحابنا مجمعون على خلافه...
هذا حاصل ما أجيب به عن الأشعري حتى قال بعض الأشاعرة عن الأشعري لا يكاد يكون في العوام مقلد. وعبارة (شرح المقاصد) ذهب كثير من العلماء، وجميع الفقهاء إلى صحة إيمان المقلد، وترتيب الأحكام عليه في الدنيا والآخرة، ومنعه الشيخ أبو الحسن، والمعتزلة، وكثير من المتكلمين، احتج القائلون بالصحة بأن حقيقة الإيمان التصديق، وقد وجدت من غير اقترانه بموجب من موجبات الكفر، فإن قيل: لا يتصور التصديق بدون العلم لأنه إما ذاتي للتصديق أو شرط له، ولا علم للمقلد لأنه اعتقاد جازم مطابق مستند إلى سبب من ضرورة أو استدلال، فأجاب بأن المعتبر في التصديق هو اليقين، أعني الاعتقاد الجازم المطابق بل ربما يكتفي بالمطابقة، ويجعل الظن الغالب الذي لا يخطر معه النقيض بالبال في حكم اليقين. انتهى.
(الرابع) قال السعد: اعلم بأن القائلين بعدم صحة إيمان المقلد أو ليس بنافع اختلفوا، فمنهم من قال: لا يشترط ابتناء الاعتقاد (على استدلال عقلي) في كل مسألة بل يكفي ابتناؤه على قول من عرفت رسالته بالمعجزة مشاهدة أو تواترا، أو على الإجماع، ومنهم من قال: لا بد من ابتناء الاعتقاد في كل مسألة من الأصول على دليل عقلي، لكن لا يشترط الاقتدار على التعبير عنه ولا على مجادلة الخصوم ...
ومنهم من قال: لا بد مع ابتناء الاعتقاد على الدليل العقلي من الاقتدار على مجادلة الخصوم، وحل ما يورد عليه من الإشكالات - قال: وإليه ذهب المعتزلة فلم يحكموا بإيمان من عجز عن شيء من ذلك بل يحكم أبو هاشم بكفره.
وذكر عن العنبري وغيره من شيوخ المعتزلة جواز التقليد في أصول الدين، وأنه لا يجب النظر اكتفاء بالعقد الجازم. فعليه المعول. واتضح أن المرجح صحة إيمان المقلد عند محققي كل طائفة بشرط الجزم وعدم التزلزل والشك، على أنا نقول: المختار أن الراجع إلى أخبار الرسول، والكتاب المنزل، والإجماع ليس بمقلد، فمن شهد لله بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ونهج سبيل المسلمين من فعل المأمور، وترك المحظور، ولم يأت بمكفر، فهو المؤمن، وبالله التوفيق.
ويؤيد هذا ما أخرجه الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر في كتابه (تبيين كذب المفتري، فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري) بسنده المتصل إلى أبي حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ أنه قال: سمعت أبا علي طاهر بن أحمد السرخسي يقول: لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري - رحمه الله تعالى - في داري ببغداد، دعاني فأتيته، فقال: اشهد علي أني لا أكفر أحدا من أهل القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف عبارات (2) (3)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والذين أوجبوا النظر من الطوائف العامة نوعان: أحدهما: من يقول: إن أكثر العامة تاركوه وهؤلاء على قولين فغلاتهم يقولون: إن إيمانهم لا يصح وأكثرهم يقولون يصح إيمانهم تقليدا مع كونهم عصاة بترك النظر وهذا قول جمهورهم قد ذكر هذا طوائف من الحنفية وغيرهم كما ذكر من ذكر من الحنفية في شرح الفقه الأكبر فقالوا: قال أبو حنيفة وسفيان ومالك والأوزاعي وعامة الفقهاء وأهل الحديث بصحة إيمان المقلد ولكنه عاص بترك الاستدلال... والنوع الثاني من موجبي النظر - وهم جمهورهم - يقولون: إنه متيسر على العامة كما يقوله القاضي أبو بكر والقاضي أبو يعلى وغيرهما ممن يقول ذلك [الموسوعة العقدية]
محمدعبداللطيف
2020-02-26, 03:23 PM
السؤال
أمرنا الله أن نتفكر ، ونعمل عقلنا ؛ لكي يزيد إيماننا ، أو ليطمئن قلبنا به ، ولكن أغلب المسلمين لا يفعلون ذلك ، ولا يشغلون بالهم أصلا بذلك ، فأغلبهم وجد نفسه ولد مسلما ، لذلك فهو يؤدي الشعائر الإسلامية ، ولا يشغل نفسه هل ما يؤمن به هو الصواب أم لا . ، ثم بعد موته يحاسبه الله علي أعماله ، ولكن سيدخل الجنة بعد حسابه ؛ لأنه مسلم ، كذلك من ارتكبوا كبائر الذنوب ، فهم بالنهاية مسلمين ـ، وسمعت كثير من الشيوخ يقول : إنه سيحاسب على ما فعله ، ثم يدخل الجنة فأتعجب من ذلك ، فالسبب الذي أدخله الجنة بالنهاية هو لم يشغل باله به . ومن الناحية الأخري نجد أن غير المسلمين برغم ما يفعلونه من أعمال حسنة ، فمصيرهم النار ، وأنا لست معترضة علي ذلك ، فهم ارتكبوا أكبر الكبائر وهو الشرك .
ولكن سؤالي :
عمن هم مسلمين فقط ، لأنهم وُلدوا من أبوين مسلمين ، وهم الأغلبية ، فهم يسيرون بمبدأ ما ذكره القرآن في تبرير الكفار لموقفهم بقولهم هذا ما وجدنا عليه أبائنا ، وأنا أعتقد ولست أعلم ذلك صحيح أم لا أنه يجب علي كل منا أن يبحث بنفسه ، ويكون الإيمان والاقتناع نابع من هذا البحث .
نص الجواب
الحمد لله
أولا:
من ولد مسلما فليحمد الله على هذه النعمة ، وليجتهد في شكرها، ومن ذلك فعل الطاعات واجتناب المعاصي والموبقات، وأداء الشعائر .
ثم : لا يلزمه بعد أن من الله عليه بالإيمان : أن يشك في دينه ، أو أن ينظر هل هو على صواب أم لا، بل هذا الشك حرام وكفر، وإنما ينبغي أن يزيد إيمانه بالتفكر والتدبر في آيات الله الكونية والشرعية.
وهذا المسلم الموحد إن مات، كان من أهل الجنة، وقد يدخل النار لذنوب اقترفها ولم يتب منها، ثم مآله إلى الجنة ، كما هو معتقد أهل السنة والجماعة في أصحاب الذنوب والمعاصي.
ولا يقال: إن السبب الذي أدخله الجنة لم يكن مباليا به ، فإن هذا كلام غير دقيق ؛ فالسبب هو الإيمان والتوحيد ، فما دام مؤمنا موحدا لم يقترف شركا ولا ناقضا من نواقض الإيمان ، فقد أتى بالسبب العظيم الموجب للجنة .
ولا يضره كونه لم ينظر في أدلة هذا الإيمان، فإن إيمان المقلد صحيح نافع له ، والحمد لله.
على أنه لا يخلو إنسان من نظر وتفكر واعتبار، وإن لم يكن كنظر أهل العلم والتدبر ، أو أهل الفسلفة والكلام والتعمق.
ولا يقال لمن كان ثابتا على الإيمان مقيما عليه: إنه غير مبال به، بل هو مبال به، محافظ عليه، جازم به، وغايته أنه مقلد في اعتقاد صحته، وهذا لا يضره.
قال السفاريني رحمه الله: " قال بعض علماء الشافعية : اعلم أن وجوب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر لا يشترط فيه أن يكون عن نظر واستدلال ، بل يكفي اعتقاد جازم بذلك ، إذ المختار الذي عليه السلف ، وأئمة الفتوى من الخلف ، وعامة الفقهاء ، صحة إيمان المقلد ، قال : وأما ما نقل عن الإمام الشيخ أبي الحسن الأشعري من عدم صحة إيمان المقلد ، فكذب عليه كما قاله الأستاذ أبو القاسم القشيري .
ثم قال : ومما يرد على زاعمي بطلان إيمان المقلد أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فتحوا أكثر العجم ، وقبلوا إيمان عوامهم ، كأجلاف العرب ، وإن كان تحت السيف ، أو تبعا لكبير منهم أسلم ، ولم يأمروا أحدا منهم بترديد نظر ، ولا سألوه عن دليل تصديقه ، ولا أرجئوا أمره حتى ينظر.
والعقل يجزم في نحو هذا بعدم وقوع الاستدلال منهم لاستحالته حينئذ ، فكان ما أطبقوا عليه دليلا أي دليل على إيمان المقلد .
وقال : إن التقليد أن يسمع من نشأ بقمة جبلٍ ، الناسَ يقولون : للخلق رب خلقهم ، وخلق كل شيء من غير شريك له ، ويستحق العبادة عليهم ، فيجزم بذلك إجلالا لهم عن الخطأ ، وتحسينا للظن بهم ، فإذا تم جزمه ، بأن لم يُجِز نقيض ما أخبروا به ، فقد حصل واجب الإيمان ، وإن فاته الاستدلال ، لأنه غير مقصود لذاته بل للتوصل به للجزم ، وقد حصل .
وقال الإمام النووي : الآتي بالشهادتين مؤمن حقا ، وإن كان مقلدا ، على مذهب المحققين والجماهير من السلف والخلف ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - اكتفى بالتصديق بما جاء به ، ولم يشترط المعرفة بالدليل ، وقد تظاهرت بهذا الأحاديث الصحاح يحصل بمجموعها التواتر والعلم القطعي ، انتهى .
وبما تقرر تعلم أن النظر ليس بشرط في حصول المعرفة مطلقا ، وإلا لما وجدت بدونه ، لوجوب انتفاء المشروط ، بانتفاء الشرط ، لكنها قد توجد ؛ فظهر أن النظر لا يتعين على كل أحد ، وإنما يتعين على من لا طريق له سواه ، بأن بلغته دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أول ما بلغته دعوته ، وصدق به تصديقا جازما بلا تردد ، فمع صحة إيمانه بالاتفاق ، لا يأثم بترك النظر .." انتهى من " لوامع الأنوار" (1/269).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"
وقيل يكفي الجزم إجماعاً بما ... يطلب فيه عند بعض العلما
وهذا قول ثان في هذه المسألة ؛ وهو أنه يكفي الجزم بما يطلب فيه الجزم ، ولو عن طريق التقليد؛ فالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر : هذا مما يجب فيه الجزم، ولكن العامي لا يدرك ذلك بدليله ، ومع ذلك نصحح إيمانه ، ونقول إنه مؤمن وإن كان لا يدرك ذلك بدليله.
ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (وقيل يكفي الجزم إجماعا) : يعني انه إذا وجد الجزم ، حصل المقصود ، بالإجماع.
وقوله: (بما يطلب فيه) ، نائب فاعل (يطلب) يعود على الجزم، يعني يكفي الجزم بما يطلب فيه الجزم بالإجماع، وقائل هذا بعض العلماء ، ولهذا قال: (عند بعض العلما)
وهذا القول هو الصحيح، والدليل على ذلك أن الله أحال على سؤال أهل العلم في مسألة من مسائل الدين التي يجب فيها الجزم، فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (الأنبياء: 7) ؛ وواضح أننا نسألهم لنأخذ بقولهم، ومعلوم أن الإيمان بأن الرسل رجال هو من العقيدة، ومع ذلك أحالنا الله فيه إلى أهل العلم...
ثم إننا لو ألزمنا العامي بترك التقليد والتزام الأخذ بالاجتهاد ، لألزمناه بما لا يطيق، وقد قال الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: الآية 286) وقال: (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ* وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (المؤمنون/61،62)
فالصواب المجزوم به : هو القول الثاني؛ وهو أن ما يطلب فيه الجزم ، يكتفى فيه بالجزم، سواء عن طريق الدليل ، أو عن طريق التقليد.
قال المؤلف رحمه الله: (فالجازمون من عوام البشر) يعني الذين يجزمون بما يعتقدون من العوام الذين ليس عندهم علم لأنهم عوام، قال: (فمسلمون) يعني فهم مسلمون ، وإن كانوا لم يأخذوا ما يطلب فيه الجزم عن طريق الاجتهاد.
ثم قال: (عند أهل الأثر) وكفى بأهل الأثر قدوة، فأهل الأثر يرون أنه يجوز التقليد فيما يطلب فيه الجزم، والمقصود أن يحصل الجزم ، سواء عن طريق التقليد أو عن طريق الاجتهاد، وإذا كان هذا هو ما يراه أهل الأثر ، فهو الذي نراه نحن ، وهو الصحيح" انتهى من "شرح العقيدة السفارينية" (ص310) .
فعلم مما سبق أنه لا يجب البحث والاستدلال على من ثبت إسلامه، بل يطلب منه العمل والسعي في زيادة اليقين............
الاسلام سؤال وجواب
محمدعبداللطيف
2020-02-26, 03:26 PM
رجح العلاّمة ابن عثيمين-- صحة التقليد في المسائل التي يُطلَب فيها الجزم، وأشار إلى أنّ القول بمنع التقليد في ذلك ضعيف، واستدّل على ذلك، بما يلي:
1- أن الله أحال على سؤال أهل العلم في مسألة من مسائل الدين التي يجب فيها الجزم، فقال{ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فإسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }، وسؤالهم للأخذ بقولهم، ومعلوم أن الإيمان بأن الرسل عليهم السلام رجال من العقيدة ومع ذلك أحالنا الله فيه إلى أهل العلم.
2- وقال تعالى{ فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين }، ويسألهم ليرجع إليهم، وإذا كان الخطاب هذا للرسول ق ولم يشك، فعامة الناس إذا شكوا في شيء من أمور الدين فإنهم يرجعون إلى الذين يقرؤون الكتاب (أهل العلم) ليأخذوا بما يقولون، وهذا عام يشمل مسائل العقيدة.
3- أننا لو ألزمنا العامي بمنع التقليد والتزام الأخذ بالاجتهاد لألزمناه بما لا يطيق، وقد قال تعالى:{ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها{، فالصواب والله أعلم: أن ما يُطلب فيه الجزم يُكتفي فيه بالجزم، سواءٌ عن طريق الدليل أو عن طريق التقليد ( شرح العقيدة السفارينية لابن عثيمين (ص308-309، 312).
محمدعبداللطيف
2020-02-26, 03:28 PM
قول ابن حزم الظاهري
قال أبو محمد بن حزم ( ت 456ه) في الفصل (4/29-31):"
( هل يكون مؤمنا من اعتقد الإسلام دون استدلال، أم لا يكون مؤمنا مسلما الإمن استدل )
قال أبو محمد: ذهب محمد بن جرير الطبري والأشعرية كلها حاشا السمناني إلى أنه لا يكون مسلما إلا من استدل وإلا فليس مسلما، وقال الطبري: من بلغ الاحتلام أو الاشعار من الرجال والنساء أو بلغ المحيض من النساء ولم يعرف الله عز وجل بجميع أسمائه وصفاته من طريق الاستدلال فهو كافر حلال الدم والمال، وقال: إذا بلغ الغلام أو الجارية سبع سنين وجب تعليمها وتدريبهما على الاستدلال على ذلك، وقالت الأشعرية: لا يلزمها الاستدلال على ذلك إلا بعد البلوغ.
قال أبو محمد: وقال سائر أهل الإسلام كل من اعتقد بقلبه إعتقادا لا يشك فيه وقال بلسانه لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإن كل ما جاء به حق وبرئ من كل دين سوى دين محمد صلى الله عليه وسلم فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك.
قال أبو محمد: فاحتجت الطائفة الأولى بأن قالت: قد اتفق الجميع على أن التقليد مذموم، وما لم يكن يعرف باستدلال فإنما هو تقليد لا واسطة بينهما، وذكروا قول الله عز وجل {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} وقال تعالى { قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم }
{ يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه} وقال تعالى {أو لو كان أباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون} وقال تعالى {وقالوا ربنا انا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا}. وقالوا: فذم الله تعالى اتباع الآباء والرؤساء، قالوا: وبيقين ندري أنه لا يعلم أحد أي الأمرين أهدى، ولا هل يعلم الآباء شيئا أو لايعلمون الإ بالدليل.
وقالوا: كل ما لم يكن يصح بدليل فهو دعوى، ولا فرق بين الصادق والكاذب بنفس قولهما لكن بالدليل، قال الله عز وجل {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} قالوا: فمن لا برهان له فليس صادقا في قوله.
وقالوا: ما لم يكن علما فهو شك وظن، والعلم هو إعتقاد الشئ على ما هو به عن ضرورة أو إستدلال.
قالوا: والديانات لا يعرف صحة الصحيح منها من بطلان الباطل منها بالحواس أصلا، فصح أنه لا يعلم ذلك إلا من طريق الاستدلال، فإذا لم يكن الاستدلال فليس المرء عالما بما لم يستدل عليه، وإذا لم يكن عالما فهو شاك ضال. وذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسألة الملك في القبر:" ما تقول في هذا الرجل ؟ فأما المؤمن أو الموقن فإنه يقول هو محمد رسول الله، قال: وأما المنافق أو المرتاب فإنه يقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته" ( ) قالوا: وقد ذكر الله عز وجل الاستدلال على الربوبية والنبوة في غير موضع من كتابه، وأمر به وأوجب العلم به، والعلم لا يكون إلا عن دليل كما قلنا.
قال أبو محمد: هذا كلما موهوا به قد تقصيناه لهم غاية التقصي، وكل هذا لا حجة لهم في شئ منه على ما نبين بحول الله وقوته إن شاء الله تعالى لا إله إلا هو بعد أن نقول قولا تصححه المشاهدة: إن جمهور هذه الفرقة أبعد من كل من يتمنى إلى البحث والاستدلال عن المعرفة بصحة الدلائل فأعجبوا لهذا { وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين }.
قال أبو محمد: أما قولهم قد أجمع الجميع على أن التقليد مذموم وأن ما لا يعرف باستدلال فإنما هو أخذ تقليد إذ لا واسطة بينهما فإنهم شغبوا في هذا الإمكان وولبوا فتركوا التقسيم الصحيح ونعم أن التقليد لا يحل البتة وإنما التقليد أخذ المرء قول من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لم يأمرنا الله عز وجل باتباعه قط ولا يأخذ قوله بل حرم علينا ذلك ونهانا عنه وأما أخذ المرء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي افترض علينا طاعته وألزمنا اتباعه وتصديقه وحذرنا عن مخالفة أمره وتوعدنا على ذلك أشد الوعيد فليس تقليدا بل هو إيمان وتصديق واتباع للحق وطاعة لله عز وجل وأداء للمفترض، فموه هؤلاء القوم بأن أطلقوا على الحق الذي هو اتباع الحق اسم التقليد الذي هو باطل.
وبرهان ما ذكرنا: أن أمرءا لو اتبع أحدا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول قاله لأن فلانا قاله فقط، واعتقد أنه لو لم يقل ذلك الفلان ذلك القول لم يقل به هو أيضا، فإن فاعل هذا القول مقلد مخطى عاص لله تعالى ولرسوله ظالم آثم، سواء كان قد وافق قوله ذلك الحق الذى قاله الله ورسوله أو خالفه، وإنما فسق لأنه اتبع من لم يؤمر باتباعه، وفعل غير ما أمره الله عز وجل أن يفعله، ولو أن امرءا اتبع قول الله عزوجل وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان مطيعا محسنا مأجورا غير مقلد، وسواء وافق الحق أو وهم فأخطأ، وإنما ذكرنا هذا لنبين أن الذي أمرنا به وافترض علينا هو اتباع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط، وأن الذي حرم علينا هو اتباع من دونه أو اختراع قول لم يأذن به الله تعالى فقط، وقد صح أن التقليد باطل لا يحل، فمن الباطل الممتنع أن يكون الحق باطلا معا، والمحسن مسيئا من وجه واحد معا، فإذ ذلك كذلك فمتبع من أمر الله تعالى باتباعه ليس مقلدا ولا فعله تقليدا، وإنما المقلد من اتبع من لم يأمره الله تعالى، فسقط تمويههم بذم التقليد، وصح أنهم وضعوه في غير موضعه، وأوقعوا اسم التقليد على ما ليس تقليدا وبالله تعالى التوفيق.
وأما احتجاجهم بذم الله اتباع الأباء والكبراء فهو مما قلنا آنفا سواء بسوء، لأن اتباع الأباء والكبراء وكل من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من التقليد المحرم المذموم فاعله فقط، قال الله عز وجل {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء} فهذا نص ما قلنا ولله الحمد.
قال أبو محمد: وأما احتجاجهم أنه لا يعرف أي الأمرين أهدى، ولا هل يعلم الآباء شيئا أم لا إلا بالدلائل، وأن كل ما لم يصح به دليل فهو دعوى، ولا فرق بين الصادق والكاذب بنفس قولهما وذكرهم قول الله تعالى {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} فإن هذا ينقسم قسمين: فمن كان من الناس تنازعه نفسه إلى البرهان ولا تستقر نفسه إلى تصديق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يسمع الدلائل فهذا فرض عليه طلب الدلائل لأنه إن مات شاكا أو جاحدا قبل أن يسمع من البرهان ما يثلج صدره فقد مات كافرا، وهو مخلد في النار وهو بمنزلة من لم يؤمن ممن شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأى المعجزات فهذا أيضا لو مات مات كافرا بلا خلاف من أحد من أهل الإسلام.
وإنما أوجبنا على من هذه صفته طلب البرهان لأن فرضا عليه طلب ما فيه نجاته من الكفر قال الله عز وجل { قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة } فقد افترض الله عز وجل على كل أحد أن يقي نفسه النار فهؤلاء قسم، وهم الأقل من الناس.
والقسم الثاني: من استقرت نفسه إلى تصديق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكن قلبه إلى الإيمان ولم تنازعه نفسه إلى طلب دليل توفيقا من الله عز وجل له وتيسيرا لما خلق له من الخير والحسنى، فهؤلاء لا يحتاجون إلى برهان ولا تكليف استدلال، وهؤلاء هم جمهور الناس من العامة والنساء والتجار والصناع والاكرة والعباد وأصحاب الحديث الأيمة الذين يذمون الكلام والجدل والمرآء في الدين " اهـ.
محمدعبداللطيف
2020-02-26, 03:30 PM
قول ابن جرير الطبري
من كلام الامام الطبري في التبصير (ص 180-181):" ... وأن تعلم أن كل ما يجب معرفته في أصول الاعتقاد يجب على كل بالغ عاقل أن يعرفه في حق نفسه معرفة صحيحة صادرة عن دلالة عقلية، لا يجوز له أن يقلد فيه، ولا أن يتكل فيه الأب على الإبن، ولا الإبن على الأب، ولا الزوجة على الزوج، بل يستوي فيه جميع العقلاء من الرجال والنساء.
وأما ما يتعلق بفروع الشريعة من المسائل فيجوز له أن يقلد فيه من كان من أهل الاجتهاد، فإن في تكليف التعليم وتحصيل أوصاف المجتهدين على العموم قطع الخلق عن المعاش ثم المعاد، وما كان في أثباته سقوطه وسقوط غيره كان ساقطا في نفسه، وقد ذكر الله تعالى الأصول والفروع فذم التقليد في الأصول، وحث على السؤال في الفروع.
فأما مذمة التقليد في الأصول ففي قوله تعالى {بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون} وفي آية أخرى { مقتدون }.
وأما الحث على السؤال في الفروع ففي قوله تعالى { فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }" اهـ
محمدعبداللطيف
2020-02-26, 03:43 PM
قال العلامة عبد الرحمن أبا بُطين رحمه الله:
«فرض على كل أحد معرفة التوحيد وأركان الإسلام بالدليل، ولا يجوز التقليد في ذلك؛ لكن العامي الذي لا يعرف الأدلة، إذا كان يعتقد وحدانية الرب سبحانه، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، ويؤمن بالبعث بعد الموت، والجنة والنار، ويعتقد أن هذه الأمور الشركية التي تفعل عند هذه المشاهد باطلة وضلال، فإذا كان يعتقد ذلك اعتقادًا جازمًا لا شك فيه، فهو مسلم، وإن لم يترجم بالدليل؛ لأن عامة المسلمين - ولو لُقِّنُوا الدليل - فإنهم لا يفهمون المعنى غالبًا»اهـ
محمدعبداللطيف
2020-02-26, 03:46 PM
السؤال: ما حكم التقليد في العقيدة؟ وهل يجب على الإنسان أن يستدل على مسائل العقيدة الضرورية حتى يصح إسلامه؟ وما مراد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في قوله: (معرفة دين الإسلام بالأدلة)؟
الإجابة:
الحمد لله، الإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والعلم به إجمالا فرض عين على كل مكلف، ومعرفة ذلك تفصيلا هو فرض كفاية على عموم الملة إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، ومن علم من ذلك شيئاً وجب عليه الإيمان به تفصيلا، وقد يصير فرض الكفاية فرض عين على بعض الناس بأسباب تقتضي ذلك فالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر واجب كفائي لكن إذا لم يعلم بهذا المنكر، ويقدر على تغييره مثلا إلا واحد أو جماعة معينة تعين عليهم لاختصاصهم بالعلم به، والقدرة على تغييره، وكل واجب في الدين فإنه مشروط بالاستطاعة لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وقوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286]، فمعرفة مسائل الدين العلمية الاعتقادية، والعملية وأدلتها واجب الاستطاعة، ولا فرق في ذلك بين المسائل الاعتقادية، والمسائل العملية فعلى المسلم أن يعرف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ويجتهد في ذلك، ولا يتخذ له إماما يتبعه في كل شيء إلا الرسول صلى الله عليه، ومن المعلوم أنه ليس كل أحد يقدر على معرفة كل ما دل عليه القرآن، والسنة من مسائل دين الإسلام، بل يمكن أن يقال: ليس في الأمة واحد معين يكون محيطا بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وبما دل عليه القرآن فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فلا أحد من العلماء يدعي ذلك لنفسه، ولا يجوز أن يُدعّى ذلك لأحد منهم، فهم في العلم بما جاء به الرسول في منازلهم حسب ما آتاهم الله من فضله، لكن العلماء يختصون بالاجتهاد في معرفة الأدلة، وفي الاستنباط؛ فمنهم المصيب، والمخطئ، والكل مأجور كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". وإذا كان هذا شأن العلماء فكيف بغيرهم ممن قل علمه، أو كان من عوام المسلمين الذين لا يعرفون الأدلة، ولا يفهمونها، فهم عاجزون عن الاجتهاد، فلا يسعهم إلا التقليد، ولا فلاق في ذلك بين المسائل الاعتقادية، والمسائل العملية فهذا مقدورهم لكن عليهم أن يقلدوا من العلماء من يثقون بعلمه، ودينه متجردين عن إتباع الهوى، والتعصب هذا هو الصواب في هذه المسألة، وأما القول بتحريم التقليد في مسائل الاعتقاد فهو قول طوائف من المتكلمين من المعتزلة وغيرهم، وهو يقتضي أن عوام المسلمين آثمون أو غير مسلمين، وهذا ظاهر الفساد. وأما قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب: ومعرفة دين الإسلام بالأدلة فهو كما قال، فإن الواجب أن يعرف المسلم أمور دينه بأدلتها من الكتاب، والسنة إذا كان مستطيعا لذلك، وهذا هو الواجب، إما أن يكون فرض عين في مسائل، وإما أن يكون فرض كفاية في مسائل أخرى. وأصل دين الإسلام هو معرفة الله والإيمان به، وهو يحصل بالنظر، والاستدلال ويحصل بمقتضى الفطرة التي فطر الله الناس عليها إذا سلمت من التغيير، واختلف الناس في اشتراط النظر والاستدلال في معرفة الله، وهل يصح إسلام العبد بدونه أو لا؟ على مذاهب ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: تنازع النظار في مسألة وجوب النظر المفضي إلى معرفة الله تعالى على ثلاثة أقوال: فقالت طائفة من الناس: إنه يجب على كل أحد. وقالت طائفة: لا يجب على أحد. وقال الجمهور: إنه يجب على بعض الناس دون بعض فمن حصلت له المعرفة لم يجب عليه، ومن لم تحصل له المعرفة ولا الإيمان إلا به وجب عليه، وذكر غير واحد أن هذا قول جمهور المسلمين، كما ذكر ذلك أبو محمد بن حزم في كتابه المعروف "بالفصل في الملل والنحل" فقال: في مسألة: هل يكون مؤمنا من اعتقد الإسلام دون استدلال أم لا يكون مؤمنا مسلما إلا من استدل؟ وفيه، قال: سائر أهل الإسلام كل من اعتقد بقلبه اعتقادا لا يشك فيه، وقال بلسانه: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن كل ما جاء به حق، وبريء من كل دين سوى دين محمد، فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك. انتهى مختصرا من درء تعارض العقل والنقل (7-405-407). تاريخ الفتوى: 12-11-1427هـ.
عبد الرحمن بن ناصر البراك
محمدعبداللطيف
2020-02-26, 04:14 PM
يتفرع عن هذه المسألة مسألة مهمة
هل المقلد الجاهل معذور فى التقليد فى الشرك
هذه هى المسألة المهمة التى حصل فيها الزيغ وضلت فيها افهام
وحكموا باسلام عباد الاثان بناءا على العذر بالتقليد
فحرى بنا ان نكشف هذه الاوهام
هذا ما سأتعرض له فقط اما الكلام السابق فى ايمان المقلد فقد نقلت ادلة الفريقين فقط
-- اما مسألة هل المقلد الجاهل فعل الشرك معذور بالتقليد
فهذا هو ما سنكشف عنه اللثام ونبين الحق فيه والصواب
لان المخالف فيه يلزمه اسلام اليهود والنصارى لان معظمهم لم يخرجوا عن ربقة التقليد
قال الامام محمد بن عبد الوهاب
أما أصول الدين، التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه؛ فإن حجة الله هو القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة.
ولكن أصل الإشكال؛ أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة، وبين فهم الحجة.فإن أكثر الكفار والمنافقين من المسلمين؛ لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}.وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع، وقد قامت عليهم، وفهمهم إياها نوع آخر; وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها. إن أشكل عليكم ذلك؛ فانظروا قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج: (أينما لقيتموهم فاقتلوهم)، وقوله: (شر قتلى تحت أديم السماء)، مع كونهم في عصر الصحابة، ويحقر الإنسان عمل الصحابة معهم، ومع إجماع الناس؛ أن الذي أخرجهم من الدين هو التشدد والغلو والاجتهاد؛ وهم يظنون أنهم يطيعون الله، وقد بلغتهم الحجة، ولكن لم يفهموها.
وكذلك قتل علي رضي الله عنه الذين اعتقدوا فيه، وتحريقهم بالنار، مع كونهم تلاميذ الصحابة، ومع عبادتهم وصلاتهم وصيامهم، وهم يظنون أنهم على حق.
وكذلك إجماع السلف؛ على تكفير غلاة القدرية وغيرهم، مع علمهم وشدة عبادتهم، وكونهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم لأجل كونهم لم يفهموا.فإن هؤلاء كلهم لم يفهموا.
إذا علمتم ذلك؛ فإن هذا الذي أنتم فيه كفر، الناس يعبدون الطواغيت، ويعادون دين الإسلام، فيزعمون أنه ليس ردة، لعلهم ما فهموا الحجة، كل هذا بين.وأظهر مما تقدم؛ الذين حرقهم علي، فإنه يشابه هذا. (الدرر10/94)
وقال أيضا –رحمه الله -
(وأنا أدعوكم إلى التفكر فى هذه المسألة وذلك أن السلف قد كثر كلامهم وتصانيفهم فى أصول الدين وإبطال كلام المتكلمين وتكفيرهم ,ففتش فى كتب هؤلاء فإن آتيتني بكلمة واحدة أن فيهم رجلاً واحداً لم ينكر على المتكلمين ولم يكفرهم فلا تقبل مني شيئا أبدا )الدرر السنية 1\17-27
وقال فى كشف الشبهات (والعامي من الموحدين يغلب ألفا من علماء المشركين )وقال(وما ذكرت لى أيها المشرك )وقال(عرفت أن الله كفر من قصد الأصنام وكفر أيضا من قصد الصالحين )وقال (وللمشركين شبه أخرى )0وقال (إن مشركي زماننا يدعون أناس لا يوازنون عيسى والملائكة 2 /20-22 وقال (لأي شئ لم تظهر عدوانهم وأنهم كفار مرتدون )الدرر1/53-55 ونقل الإجماع على كفر من دعا غير الله وعبد قبة الكواز,وراجع أقوال الشيخ فى البيان والإشهار لتقف على حقيقة قول الشيخ وأولاده وأئمة الدعوة في تكفير المشرك وتسميته مشركاً وخصوصاً الشبة السابقة (وإن كنا لانكفر من عبد قبة الكواز ) وأقواله في تكفير المعين قال(ولكن أقطع أن كفرمن عبد قبة أبي طالب) قال(وأن من ذبح للجن مرة واحدة صار كافر مرتد )تاريخ نجد 266 وقال في الرسالة التاسعة من تاريخ نجد التى رد فيها على سليمان بن حكيم وأمثالهُ (وإنا كفرنا هؤلاء الطواغيت وغيرهم بالأمور التى يفعلونها هم منها أنهم يجعلون آباءهم وأجدادهم وسائط )وقال (ولكن أنت رجل جاهل مشرك تجادل عن المشركين ) وقال (إن المسلم لايكفر إلا بالشرك ونحن ما كفرنا الطواغيت وأتباعهم إلا بالشرك)وكلامه يطول وهو متواتر علي ذلك الأصل
وقال –رحمه الله-
0فإنك إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه قد يقولها وهو جاحد فلا يعذر بالجهل )فلم يمنع من التكفير كونه جاهلا لايعلم أن ماقاله يكفر به .
وكم سبق ونبهنا على أن الذى يقرأ كلام الشيخ الإمام وأئمة الدعوة يظهر له بوضوح أن الشيخ إذا قال أنه لايكفر عباد القبور فإنه يقصد بذلك نفى القتل والعقوبة لأن فيهم من لم تقم عليه الحجة الرسالية ,مثل أهل الأعذار فلا يسميهم كفارا ولكن اسم الشرك والمشركين يلحقهم لأنهم يفعلونه ويصدق عليهم ,فكل فرد عبد القبور سمى مشركا فهو يفرق بين الشرك والكفر ,ويقصد بالكفر أحيانا القتل والعقوبة ,وفى هذا الإطار يجب أن يفهم كلام العلماء وشيوخ الإسلام ,ولقد فصلنا ذلك فى رسالة العذر ورسالة البيان والإشهار ,ومقدمة التنبيهات المختصرة ,وقد وضح ذلك الشيخ على الخضير فى كتبه ورسائله القيمة ,مثل التوضيح والتتمات ,وفى رسالة المقلدين فى الشرك,و الجمع والتجريد ,والو جازة ,والطبقات ,والقواعد ,وغير ذلك من مؤلفاته النافعة .
وعلى ذلك يفهم قول الشيخ (وإن كنا لانكفر من عبد الصنم الذى على قبة الكواز لجهلهم)فنفهم كما فهم أولاد الشيخ وأحفاده وطلابه ,أن النفى للتكفير والقتل ,أما كونه مشركا فنعم ,لأنه يعبد غير الله ,ومن عبد الصنم لايسمى مسلما ,فالجهل مانع من التكفير بمعنى القتل والتعذيب ,لكن ليس مانعا من لحوق اسم الشرك لهؤلاء لأنه سماهم عباد غير الله ,ومشركين فى أكثر من موضع كما سبق من أقوال الشيخ نفسه(انظر البيان والإشهار للوقوف على حقيثقة الشبهة]
أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وحمد بن ناصر
قالوا في الدرر 10/136-138 لما سئلوا أن المؤمن بالله ورسوله إذا قال أو فعل ما يكون كفرا جهلا منه بذلك فلا تكفرونه حتى تقوم عليه الحجة الرسالية فهل لو قتل من هذا حاله قبل ظهور هذه الدعوة موضوع أولا ؟
فأجابوا قائلين إذا كان يعمل بالكفر والشرك لجهله أو عدم من ينبهه لا نحكم بكفره حتى تقام عليه الحجة ولكن لا نحكم بأنه مسلم بل نقول عمله هذا كفر يبيح المال والدم وإن كنا لا نحكم على هذا الشخص لعدم قيام الحجة عليه ولا يقال إن لم يكن كافرا فهو مسلم بل نقول : عمله عمل الكفار وإطلاق الحكم على هذا الشخص بعينه متوقف على بلوغ الحجة الرسالية وقد ذكر أهل العلم : أن أصحاب الفترات يمتحنون يوم القيامة في العرصات ولم يجعلوا حكمه حكم الكفار ولا حكم الأبرار ، الدرر10/137،
ـ قال الشيخ حسين وعبد الله أبناء محمد بن عبد الوهاب في الدرر السنية 10/142 في من مات قبل هذه الدعوة ولم يدرك الإسلام وهذه الأفعال التي يفعلها الناس اليوم ولم تقم عليه الحجة ما الحكم فيه؟ ،
فأجابا أن من مات من أهل الشرك قبل بلوغ هذه الدعوة فالذي يحكم عليه أنه إذا كان معروفا بفعل الشرك ويدين به ومات على ذلك فهذا ظاهره أنه مات على الكفر ولا يدعى له ولا يضحى له ولا يتصدق عليه أما حقيقة أمره فإلى الله تعالى فإن كان قد قامت عليه الحجة في حياته وعاند فهذا كافر في الظاهر والباطن وإن كان لم تقم عليه الحجة فأمره إلى الله تعالى . ( هنا أجازوا كونه في الظاهر على الكفر )
قال الشيخ حمد بن معمر رحمه الله :
وأما قوله : إن سلمنا هذا القول ، و ظهر دليله ، فالجاهل معذور ; لأنه لم يدر ما الشرك و الكفر ، و من مات قبل البيان فليس بكافر ، و حكمه حكم المسلمين في الدنيا و الآخرة ; لأن قصة ذات أنواط ، و بني إسرائيل ، حين جاوزوا البحر ، تدل على ذلك.. إلى آخره .
فالجواب أن يقال : إن الله تعالى أرسل الرسل مبشرين ومنذرين، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل،
فكل من بلغه القرآن ودعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قامت عليه الحجة قال الله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [سورة الأنعام آية : 19]، وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [سورة الإسراء آية : 15].
وقد أجمع العلماء على أن من بلغته دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم أن حجة الله قائمة عليه. ومعلوم بالاضطرار من الدين : أن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب ليعبد وحده و لا يشرك معه غيره ، فلا يدعى إلا هو ، و لا يذبح إلا له ، و لا ينذر إلا له ، و لا يتوكل إلا عليه ، و لا يخاف خوف السر إلا منه .
و القرآن مملوء من هذا ، قال الله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [سورة الجن آية : 18]، وقال: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ } [سورة الرعد آية : 14]، وقال: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ} [سورة يونس آية : 106]، وقال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [سورة الكوثر آية : 2]، وقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سورة المائدة آية : 23]، وقال: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [سورة هود آية : 123]، وقال: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [سورة البقرة آية : 40]، وقال: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سورة آل عمران آية : 175]، وقال: {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [سورة التوبة آية : 18]، والآيات الواردة في هذا المعنى كثيرة
والله تعالى : لا يعذب خلقه إلا بعد الإعذار إليهم ، فأرسل رسله و أنزل كتبه ، لئلا يقولوا: {لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة القصص آية : 47]، وقال: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى}[ سورة طه آية : 134].
و كل من بلغه القرآن فليس بمعذور ؛ فإن الأصول الكبار ، التي هي أصل دين الإسلام ، قد بينها الله تعالى في كتابه ، و أوضحها و أقام بها حجته على عباده . و ليس المراد بقيام الحجة أن يفهمها الإنسان فهما جليا ، كما يفهمها من هداه الله و وفقه ، و انقاد لأمره ; فإن الكفار قد قامت عليهم الحجة من الله تعالى ، مع إخباره بأنه جعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوا كلامه ، فقال: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً} [سورة الأنعام آية : 25].
و قال: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً} [سورة فصلت آية : 44]، وقال تعالى: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [سورة الأعراف آية : 30]، وقال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِين َ أَعْمَالاًالَّذ ِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [سورة الكهف آية : 103-104] .
و الآيات في هذا المعنى كثيرة ؛ يخبر سبحانه أنهم لم يفهموا القرآن و لم يفقهوه ، و أنه عاقبهم بالأكنة على قلوبهم ، و الوقر في آذانهم ، و أنه ختم على قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم؛ فلم يعذرهم مع هذا كله؛ بل حكم بكفرهم وأمر بقتالهم، وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم بكفرهم ; فهذا يبين لك أن بلوغ الحجة نوع، وفهمها نوع آخر..... إذا تقرر هذا، فنقول: إن هؤلاء الذين ماتوا قبل ظهور هذه الدعوة الإسلامية، وظاهر حالهم الشرك، لا نتعرض لهم، و لا نحكم بكفرهم و لا بإسلامهم ؛ بل نقول : من بلغته هذه الدعوة المحمدية، وانقاد لها، ووحد الله، وعبده وحده لا شريك له، والتزم شرائع الإسلام، وعمل بما أمره الله به، وتجنب ما نهاه عنه، فهذا من المسلمين الموعودين بالجنة، في كل زمان وفي كل مكان.
وأما من كانت حاله حال أهل الجاهلية، لا يعرف التوحيد الذي بعث الله رسوله يدعو إليه، ولا الشرك الذي بعث الله رسوله ينهى عنه، ويقاتل عليه، فهذا لا يقال إنه مسلم لجهله؛ بل من كان ظاهر عمله الشرك بالله، فظاهره الكفر، فلا يستغفر له ولا يتصدق عنه، ونكل حاله إلى الله الذي يبلو السرائر، ويعلم ما تخفي الصدور.
ولا نقول: فلان مات كافرا، لأنا نفرق بين المعيّن وغيره، فلا نحكم على معين بكفر(،مات قبل قيام الحجة الحدية عليه), لأنا لا نعلم حقيقة حاله وباطن أمره؛ بل نكل ذلك إلى الله. ولا نسب الأموات؛ بل نقول: أفضوا إلى ما قدموا. وليس هذا من الدين الذي أمرنا الله به؛ بل الذي أمرنا به أن نعبد الله وحده ولا نشرك به، ونقاتل من أبى عن ذلك، بعد ما ندعوه إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا أصر وعاند كفّرناه و قاتلناه . )
(وهذا يختلف كما قلنا من قبل باختلاف حالة التمكن وتحكيم الشريعة وإقامة الحجة الحدية عند الاستتابة فإن أصر على الكفر واختار الموت عليه ولم يرجع إلى الإسلام فهذا كافر دنيا وآخرة ظاهرًا وباطنا لأن هذا مقدور عليه متمكن منه في ظل حضور الشريعة
والحالة الثانية في حالة عدم القدرة وغياب الشريعة كما هو الحال الآن فهذا إن مات على الكفر فهو كافر فى الظاهر وتجرى عليه أحكام الكفر في الدنيا وذلك إعمالا للقاعدة و(أن أحكام الدنيا تجرى على الظاهر من إسلام وكفر فكل من أظهر الإسلام حكمنا بإسلامه وقلنا أنه مسلم وكل من أظهر الكفر والشرك حكمنا بكفره وقلنا أنه مشرك)أما حكمه في الآخرة فمتوقف على إقامة الحجة الحدية عليه,وهذه الحجة متوقفة على التمكن والقدرة في حالة حضور الشريعة ووجود ولى الأمر المسلم والحاكم المسلم الذي يلتزم وينقاد لحكم الله ويطبق شريعة الله في الأرضً وهذا هو موطن الإشكال عند مرجئة العصر ومن شابههم وقال بقولهم من أدعياء السلفية فإنهم لا يفرقون بين الحجة الرسالية التى قامت ببلوغ القرآن والسماع بالرسول صلى الله عليه وسلم وبين الحجة الحكمية على المعين بارتكابه الفعل المكفر وبين الحجة الحدية التى يقيمها الحاكم عند الاستتابة والقتل,ومعلوم أنه لا يقيم الحجة الحدية إلا الإمام ,ومعلوم كذلك أنه ليس كل كافر محارب كما أنه ليس كل كافر يقتل ,ولو فهموا ذلك لفرقوا بين الحكم والعقوبة ,فالحكم لكل أحد عنده علم في المسألة وليس كما يقولون(لا يقيم الحجة إلا عالم معتبر!)فهذا من الضلال وتعطيل أحكام الله ولو قالوا ,لا يقيم الحجة الحدية إلا الإمام أو من ينوب عنه لكان صواباً وقد فصلنا هذه المسألة في التنبيهات المختصرة الجزء الأول من مسألة (العذر بالجهل بين ضبط السلف واضطراب الخلف) وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة إن شاء الله تعالى
نقولات من كلام الشيخ عبد الله أبا بطين :
وله كتب في عدم العذر في الشرك الأكبر بالجهل ،
ـ ومن كتبه المستقلة في ذلك كتاب الانتصارلأهل التوحيد وهو من أهم الكتب في ذلك وقد رد فيه على داود بن جرجيس وأذنابه في ذلك ،
ـ وله رسائل في تكفير المعين في الشرك الأكبر وعدم عذره بالجهل منها رسالة في الدرر 10/360 في تكفير المعين وعدم العذر بالجهل في الشرك الأكبر ،
ـ وله رسالة أيضا أرسلها إلى إبراهيم بن عجلان في هذا الموضوع في عدم العذر بالجهل في الشرك الأكبر وهي في الدرر 10/376
وقال الشيخ أبا بطين أيضا في الدرر السنية 10/352 فلا عذر لأحد بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في عدم الإيمان به وبما جاء به بكونه لم يفهم حجج الله ،
ـ ونقل عن ابن تيمية في الدرر السنية 10/355 أنه لم يتوقف في الجاهل ،
ـ وقال إن من لم يكفر إلا المعاند إذا ارتكب كفرا فهذا مخالف للكتاب والسنة وإجماع الأمة ، في الدرر السنية 10/359 ،34ـ وقال في الدرر السنية 12/69-70 وقد أجمع المسلمون على كفر من لم يكفر اليهود والنصارى أو شك في كفرهم ونحن نتيقن أن أكثرهم جهال .[وقد فصلنا هذه القاعدة فى كتابنا (أهل السنة بين مطرقة الخوارج وسندان المرجئة)]
- ونقل الشيخ أبا بطين في مجموعة الرسائل والمسائل 1/ 660 ، عن القاضي عياض في كتابه الشفاء في فصل بيان ما هو من المقالات كفر إلى أن قال( إن كل مقالة صرحت بنفي الربوبية أو الوحدانية أو عبادة غير الله أو مع الله فهي كفر إلى أن قال والذين أشركوا بعبادة الأوثان أو أحد الملائكة أو الشياطين أو الشمس أو النجوم أو النار أو أحد غيرالله من مشركي العرب أو أهل الهند أو السودان أو غيرهم.. إلى أن قال أو أن ثم للعالم صانعا سوى الله أو مدبرا فذلك كله كفر بإجماع المسلمين ) فانظر حكاية إجماع المسلمين على كفر من عبد غير الله من الملائكة وغيرهم .
- وقال الشيخ أبا بطين في الدرر السنية 12/72-73 ، وفي مجموعة الرسائل 1/659 قال فالمدعي أن مرتكب الكفر متأولا أو مجتهدا أو مخطئا أو مقلدا أو جاهلا معذور مخالف للكتاب والسنة والإجماع بلا شك مع أنه لا بد أن ينقض أصله فلو طرد أصله كفر بلا ريب كما لو توقف في تكفير من شك في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك .
- وقال أيضا في الدرر 10/359 قال فكيف يقول هذا (أي الذي يعذر بالجهل في نواقض التوحيد) في من يشك في وجود الرب سبحانه وتعالى أو في وحدانيته أو يشك في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أو في البعث بعد الموت فإن طرد أصله في ذلك فهو كافر بلا شك كما قرره موفق الدين أي ابن قدامة في كلامه المتقدم وإن لم يطرد أصله في ذلك فلم لا يعذر بالشك في هذه الأشياء وعذر فاعل الشرك الأكبر المناقض لشهادة إلا إله إلا الله التي هي أصل دين الإسلام بجهله فهذا تناقض ظاهر .
- قال أبا بطين في الرسائل والمسائل 2/211-213 قال أما حكم من مات في زمان الفترات ولم تبلغه دعوة رسول فإن الله سبحانه أعلم بهم واسم الفترة لا يختص بأمة دون أمة كما قال الإمام أحمد في خطبة على الزنادقة والجهمية : الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم ، ويروى هذا الفظ عن عمر)
-ونقل أبا بطين عن ابن القيم الطبقة الرابعة عشر : قوم لا طاعة لهم ولا معصية ولا كفر ولا إيمان قال وهؤلاء أصناف منهم من لم تبلغه الدعوة بحال ولا سمع لها بخبر ومنهم المجنون الذي لا يعقل شيئا ومنهم الأصم الذي لا يسمع شيئا ومنهم أطفال المشركين الذين ماتوا قبل أن يميزوا فاختلفت الأمة في حكم هذا الطبقة وأختار هو ما اختار شيخه ابن تيميه أنهم يكلفون يوم القيامة ونقل أبابطين عن ابن كثير إن القول بالامتحان إن هذا القول حكاه الأشعري عن أهل السنة .
ـ وقال أبا بطين في رسالة الانتصار ص11 وأرسل الله جميع الرسل يدعون إلى التوحيد ومعرفة ضده وهو الشرك الذي لا يغفر ولا عذر لمكلف في الجهل بذلك اهـ
ـ وقال وأول شئ يبدأ به العلماء في باب حكم المرتد الشرك يقولون من أشرك بالله كفر لأن الشرك عندهم أعظم أنواع الكفر ولم يقولوا إن كان مثله لا يجهله35 كما قالوا فيما دونه اهـ .
ـ ونقل أبا بطين في الدرر 10/392 عن ابن جرير عند تفسير قولة تعالى ( فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون ) قال ابن جرير وهذا يدل على أن الجاهل غير معذور اهـ
ـ وقال أبا بطين في الدرر السنية 10/393 لما نقل حديث عدي ابن حاتم ما عبدناهم وقال صلى الله عليه وسلم(أليس يحلون ما حرم الله فتحلونه ..الحديث ) قال أبا بطين فذمهم الله سبحانه وسماهم مشركين مع كونهم لم يعلموا أن فعلهم معهم هذا عبادة لهم فلم يعذروا بالجهل اهـ .
ـ وقال لما نقل كلام ابن تيميه الإجماع على أن من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم فيسألهم أنه كافر مشرك يتناول الجاهل37 وغيره اهـ.وانظر الدرر أيضا 10 /355
-وقال أبا بطين في الدرر 12/69- 74 ، وأيضا 10/365) قال فإن كان مرتكب الشرك الأكبر معذورا لجهلة فمن الذي لا يعذر ولازم هذه الدعوة أنه ليس لله حجة على أحد إلا المعاند مع أن صاحب هذه الدعوة لا يمكنه طرد أصلة بل لا بد أن يتناقض فإنه لا يمكن أن يتوقف في من شك في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم أو شك في البعث أو غير ذلك من أصول الدين والشاك جاهل وقال ولازم هذا أن لا نكفر جهلة اليهود والنصارى والذين يسجدون للشمس والقمر والأصنام لجهلهم ولا الذين حرقهم علي بن أبي طالب بالنار لأنا نقطع أنهم جهال وقد أجمع المسلمون على كفر من لم يكفر اليهود والنصارى أو شك في كفرهم ونحن نتيقن أن أكثرهم جهال.
– وقال الشيخ أبا بطين في الدرر السنية ( 10 / 394 ، 395 ) قال : وقولك حتى تقوم عليهم الحجة الرسالية من إمام أو نائبه معناه أن الحجة الإسلامية لا تقبل إلا من إمام أو نائبة وهذا خطأ فاحش لم يقله أحد من العلماء بل الواجب على كل أحد قبول الحق ممن قاله كائنا من كان ومقتضى هذا أن من ارتكب أمرا محرما شركا فما دونه بجهل وبين له من عنده علم بأدلة الشرع أن ما ارتكبه حرام وبين له دليله من الكتاب والسنة أنه لا يلزمه قبوله إلا أن يكون ذلك من إمام أو نائبه وأن حجة الله لا تقوم عليه إلا أن يكون ذلك من الإمام أو نائبه وأظنك سمعت هذا الكلام من بعض المبطلين وقلدته فيه ما فطنت لعيبه وإنما وظيفة الإمام أو نائبه إقامة الحدود واستتابة من حكم الشرع بقتله كالمرتد في بلاد الإسلام وأظن هذه العبارة مأخوذة من قول بعض الفقهاء في تارك الصلاة أنه لا يقتل حتى يدعوه الإمام أو نائبه إلى فعلها والدعاء إلى فعل شيء غير بيان الحجة على خطئه أو صوابه أو كونه حقا أو باطلا بأدلة الشرع فالعالم مثلا يقيم الأدلة الشرعية على وجوب قتل تارك الصلاة ثم الإمام أو نائبه يدعوه إلى فعلها ويستتيبه اهـ .
– وقال الشيخ أبا بطين في مجموعة الرسائل والمسائل ، 1 / 657،( في رسالة له في تكفير المعين الذي أشرك بالله ولو جاهلا ) قال : فالأمر الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع العلماء على أن مثل الشرك بعبادة الله غيره سبحانه كفر فمن ارتكب شيئا من هذا النوع أو حسنه فهذا لا شك في كفره ولا بأس بمن تحققت منه أشياء من ذلك أن تقول كفر فلان بهذا الفعل ويبين هذا أن الفقهاء يذكرون في باب حكم المرتد أشياء كثيرة يصير بها المسلم مرتدا كافرا ويستفتحون هذا الباب بقولهم : من أشرك بالله فقد كفر وحكمه أنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، والاستتابة إنما تكون مع معين ،
ـ وقال فيها أيضا : وكلام العلماء في تكفير المعين كثير وأعظم أنواع هذا الشرك عبادة غير الله وهو كفر بإجماع المسلمين ولا مانع من تكفير من اتصف بذلك لأن من زنا قيل فلان زان ومن رابا قيل فلان رابا . اهـ وانظر مجموعة المسائل 1/657
ـ وقال الشيخ أبا بطين في الدرر10/401 قال : نقول في تكفير المعين ظاهر الآيات والأحاديث وكلام جمهور العلماء يدل على كفر من أشرك بالله فعبد معه غيره ولم تفرق الأدلة بين المعين وغيره قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) وقال تعالى ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) وهذا عام في كل واحد من المشركين ، وجميع العلماء في كتب الفقه يذكرون حكم المرتد وأول ما يذكرون من أنواع الكفر والردة الشرك فقالوا : إن من أشرك بالله كفر ولم يستثنوا الجاهل ، ومن زعم لله صاحبه أو ولدا كفر ولم يستثنوا الجاهل ، ومن قذف عائشة كفر ، ومن استهزأ بالله أو رسله أو كتبه كفر إجماعا لقوله تعالى ( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) ويذكرون أنواعا كثيرة مجمعا على كفر صاحبها ولم يفرقوا بين المعين وغيره ثم يقولون : فمن ارتد عن الإسلام قتل بعد الاستتابة ، فحكموا بردته قبل الحكم باستتابته ، فالاستتابة بعد الحكم بالردة والاستتابة إنما تكون لمعين ويذكرون في هذا الباب حكم من جحد وجوب واحدة من العبادات الخمس أو استحل شيئا من المحرمات كالخمر والخنزير ونحو ذلك أو شك فيه يكفر إذا كان مثله لا يجهله ولم يقولوا ذلك في الشرك ونحوه مما ذكرنا بعضه بل أطلقوا كفره ولم يقيدوه بالجهل ولا فرقوا بين المعين وغيره وكما ذكرنا أن الاستتابة إنما تكون لمعين ، وهل يجوز لمسلم أن يشك في كفر من قال إن لله صاحبة أو ولدا أو إن جبريل غلط في الرسالة أو ينكر البعث بعد الموت أو ينكر أحدا من الأنبياء ؟ وهل يفرق مسلم بين المعين وغيره في ذلك ونحوه وقد قال صلى الله عليه وسلم : من بدل دينه فاقتلوه ، وهذا يعم المعين وغيره ، وأعظم أنواع تبديل الدين الشرك بالله وعبادة غيره .. إلى أن قال ونحن نعلم أن من فعل ذلك ( الشرك ) ممن ينتسب للإسلام أنه لم يوقعهم في ذلك إلا الجهل ، فلو علموا أن ذلك يبعد عن الله غاية الإبعاد وأنه من الشرك الذي حرم الله لم يقدموا عليه ، فكفرهم جميع العلماء ولم يعذروهم بالجهل كما يقول بعض الضالين : إن هؤلاء معذورون لأنهم جهال .. إلى أن قال : وأما قول الشيخ ( ابن تيمية ) : ولكن لغلبة الجهل في كثير من المتأخرين لم يمكن تكفيره .. الخ فهو لم يقل أنهم معذورون لكن توقف منه في إطلاق الكفر عليهم قبل التبيين فيجمع بين كلامه بأن يقال : إن مراده إننا إذا سمعنا من إنسان كلام كفر أو وجدناه في كلام بعض الناس المنظوم أو المنثور إننا لا نبادر في تكفير من رأينا منه ذلك أو سمعناه حتى نبين له الحجة الشرعية ، هذا مع قولنا إن هؤلاء الغلاة الداعين للمقبورين أو الملائكة أو غيرهم الراغبين إليهم بقضاء حوائجهم مشركون كفار .
– وقال أبا بطين في الدرر ( 10 / 360 ، 375 ) قال : إن قول الشيخ تقي الدين : إن التكفير والقتل موقوف على بلوغ الحجة يدل من كلامه على أن هذين الأمرين وهما التكفير والقتل ليسا موقوفين على فهم الحجة مطلقا بل على بلوغها ففهمها شيء وبلوغها شيء آخر ، فلو كان هذا الحكم موقوفا على فهم الحجة لم نكفر ونقتل إلا من علمنا أنه معاند خاصة ، وهذا بين البطلان بل آخر كلامه رحمه الله يدل على أنه يعتبر فهم الحجة في الأمور التي تخفى على كثير من الناس وليس فيها مناقضة للتوحيد والرسالة كالجهل ببعض الصفات ,وأما الأمور التي هي مناقضة للتوحيد والإيمان بالرسالة فقد صرح رحمه الله في مواضع كثيرة بكفر أصحابها وقتلهم بعد الاستتابة ولم يعذرهم بالجهل مع أننا نتحقق أن سبب وقوعهم في تلك الأمور إنما هو الجهل بحقيقتها فلو علموا أنها كفر تخرج من الإسلام لم يفعلوها ...
ثم ذكر أمثلة في كل من غلا في نبي أو صالح فجعل فيه نوعا من الألوهية .. إلى أن قال : ونحو هذه الأقوال التي هي من خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل ..،
إلى أن قال : فانظر إلى قول ابن تيمية لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يقل حتى يتبين لهم ونتحقق منهم المعاندة بعد المعرفة .. إلى أن قال : فانظر إلى تفريقه بين المقالات الخفية والأمور الظاهرة فقال في المقالات الخفية التي هي كفر : قد يقال أنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها ولم يقل ذلك في الأمور الظاهرة فالأمر ظاهر في الفرق بين الأمور الظاهرة والخفية فيكفر بالأمور الظاهرة حكمها مطلقا وبما يصدر منها من مسلم جهله كاستحلال محرم أو فعل أو قول شركي بعد التعريف ، ولا يكفر بالأمور الخفية جهلا كالجهل ببعض الصفات فلا يكفر الجاهل بها مطلقا وإن كان بها داعية كقوله للجهمية : أنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال .
وقوله( عندي) يبين أن عدم تكفيرهم ليس أمرا مجمعا عليه لكنه اختياره ، وقوله في هذه المسألة خلاف المشهور في المذهب ، فإن الصحيح من المذهب تكفير المجتهد الداعي إلى القول بخلق القران أو نفي الرؤية أو الرفض ونحو ذلك وتفسيق المقلد ،(انظر كفر المتأول فى مقدمة التوحيد )
قال المجد : الصحيح أن كل بدعة كفرنا فيها الداعية فإنا نفسق المقلد فيها كمن يقول بخلق القران أو أن علم الله مخلوق أو أن أسماءه مخلوقة أو أنه لا يرى في الآخرة أو يسب الصحابة تدينا أو أن الإيمان مجرد اعتقاد وما أشبه ذلك ، فمن كان عالما بشيء من هذه البدع يدعو إليه ويناظر عليه فهو محكوم بكفره نص أحمد على ذلك في مواضع ,. اهـ انظر كيف حكموا بكفرهم مع جهلهم والشيخ رحمه الله يختار عدم كفرهم ويفسقون عنده ،
ونحوه قول ابن القيم رحمه الله فإنه قال : وفسق الاعتقاد كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر ويحرمون ما حرم الله ويوجبون ما أوجب الله ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله جهلا وتأويلا وتقليدا للشيوخ ويثبتون مالم يثبته الله ورسوله كذلك ، وهؤلاء كالخوارج المارقة وكثير من الروافض والقدرية والمعتزلة وكثير من الجهمية الذين ليسوا غلاة في التجهم ، وأما غلاة الجهمية فكغلاة الرافضة ليس للطائفتين في الإسلام نصيب ولذلك أخرجهم جماعة من السلف من الثنتين والسبعين فرقة وقالوا : هم مباينون للملة اهـ انتهى كلام ونقل أبا بطين .
قلت : والأقرب التفريق بين زمن ابن تيمية وزمن من قبله من حيث ظهور الحجة وظهور العلم والاختلاف في الاختيارين سببه الاختلاف في الزمانين .وزمن ابن تيمية زمن غلبة جهل وزمن فترة ،
نقولات من كلام الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن
ـ وله رسالة عظيمة اسمها (تكفير المعين ) في عدم العذر بالجهل وأنه من البدع المحدثة التفريق بين القول والقائل في الشرك الأكبر ،وكل النقل الآتي كله من هذه الرسالة ،وقد ابتلي في عصره بطائفة من أهل الاحساء تعذر بالجهل وينتسبون إلى طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فبين أنهم ليسوا على طريقة الشيخ محمد ولا ابن تيمية ولا ابن القيم ولا غيرهم من السلف ونقل أكثر من إجماع في ذلك ،
56- ومن رسالة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن في حكم تكفير المعين قال( فقد بلغنا وسمعنا من فريق ممن يدعي العلم والدين وممن هو بزعمه مؤتم بالشيخ محمد بن عبد الوهاب أن من أشرك بالله وعبد الأوثان لا يطلق عليه الكفر والشرك بعينه وذلك أن بعض من شافهني منهم بذلك سمع من بعض الأخوان أنه أطلق الشرك والكفر على رجل دعا النبي صلى الله عليه وسلم و استغاث به فقال له الرجل لا تطلق عليه الكفر حتى تعرفه ، فتاوى الأئمة النجدية 3/116.
ـ وقال أيضا في كتابه وذلك أن بعض من أشرنا إليه باحثته عن هذه المسألة فقال نقول لأهل هذه القباب الذين يعبدونها ومن فيها فعلك هذا شرك وليس هو بمشرك واعتبر أن هذا القول بدعه ثم قال وذكر الذي حدثني عن هذا أنه سأله بعض الطلبة عن ذلك وعن مستندهم فقال : نكفر النوع ولا نعين الشخص إلا بعد التعريف ومستندنا ما رأيناه في بعض رسائل الشيخ محمد (قدس الله روحه )على أنه امتنع من تكفير من عبد قبة الكواز وعبد القادر من الجهال لعدم من ينبه ،قال ذلك إسحاق على وجه الإنكار على هذا القول الباطل ،
58ـ وقال ومسألتنا هذه وهي : عبادة الله وحده لا شريك له والبراءة من عبادة ما سواه وأن من عبد مع الله غيره فقد أشرك الشرك الأكبر الذي ينقل عن الملة ، وهي أصل الأصول وبها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وقامت على الناس الحجة بالرسول وبالقرآن وهكذا تجد الجواب من أئمة الدين في ذلك الأصل عند تكفير من أشرك بالله فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل لا يذكرون التعريف في مسائل الأصول إنما يذكرون التعريف في المسائل الخفية التي قد يخفي دليلها على بعض المسلمين كمسائل نازع بها بعض أهل البدع كالقدرية والمرجئة أو في مسألة خفية : كالصرف والعطف ، وكيف يعرفون عباد القبور وهم ليسوا بمسلمين ولا يدخلون في مسمى الإسلام وهل يبقى مع الشرك عمل .
ـ وقال ( ومن يشرك بالله فقد حبط عمله ) إلى غير ذلك من الآيات ولكن هذا المعتقد يلزم منه معتقد قبيح وهو : أن الحجة لم تقم على هذه الأمة بالرسول والقرآن نعوذ بالله من سوء الفهم الذي أوجب لهم نسيان الكتاب والرسول.
ـ وقال وهذه الشبهة التي ذكرنا قد وقع مثلها أو دونها لأناس في زمن الشيخ محمد رحمه الله ولكن من وقعت له يراها شبهة ويطلب كشفها وأما من ذكرنا فإنهم يجعلونها أصلا ويحكمون على عامة المشركين بالتعريف ويجهّلون من خالفهم فلا يوفقون للصواب
ـ وقال فتأمل قوله في : تكفير هؤلاء العلماء وفي كفر من عبد الوثن الذي على قبر يوسف وأنه صريح في كلام ابن القيم رحمه الله وفي حكايته عن صاحب الرسالة وحكم عليه بآية المنافقين وأن هذا حكم عام . وقال ثم تجد كثيرا من رؤسائهم وقعوا في هذه الأنواع : فكانوا مرتدين وكثيرا تارة يرتد عن الإسلام ردة صريحة إلى أن قال : وأبلغ من ذلك أن منهم من صنف في الردة كما صنف : الرازي في عبادة الكواكب وهذه الردة عن الإسلام باتفاق المسلمين ( أي ولم يعذره بالتأويل ،والتأويل مثل الجهل في الأحكام بل ما أول إلا جاهل )
ـ وقال ثم تأمل كلام شيخ الإسلام في حكمه عليهم بالكفر وهل قال : لا يكفرون حتى يعرفوا أو لا يسمون : مشركين بل فعلهم شرك كما قال من أشرنا إليه .
ـ وقال ثم تأمل حكاية الشيخ عن شيخ الإسلام في كلامه على المتكلمين ومن شاكلهم : وهذا إذا كان في المقالات الخفية فقد يقال أنه مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها حتى يعرف لكن يكون ذلك في الأمور الظاهرة إلى أن قال : إن اليهود والنصارى والمشركين يعلمون أن محمدا بعث بها وكفر من خالفها مثل : أمره بعبادة الله وحده لا شريك له ونهيه عن عبادة أحد سواه من النبيين والملائكة ثم تجد كثيرا من رؤسائهم وقعوا في هذه الأنواع فكانوا مرتدين إلى أن قال الشيخ : فتأمل كلامه في التفرقة بين المقالات الخفية وبين ما نحن فيه في كفر المعين وتأمل تكفيره رؤسائهم فقف وتأمل كما قال الشيخ . وقال وقد ذكر الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله تعالى في شرح التوحيد في مواضع منه : أن من تكلم بكلمة التوحيد وصلى وزكى ولكن خالف ذلك بأفعاله وأقواله من دعاء الصالحين والاستغاثة بهم والذبح لهم أنه شبيه باليهود والنصارى في تكلمهم بكلمة التوحيد ومخالفتهم ،
ـ فعلى هذا يلزم من قال بالتعريف للمشركين : أن يقول بالتعريف باليهود والنصارى في تكلمهم بكلمة التوحيد ومخالفتها ولا يكفرهم إلا بعد التعريف وهذا ظاهر بالاعتبار جدا .
ـ وقال أنه سقط السؤال وفرضه في التكفير في المسائل التي وقع فيها نزاع وخلاف بين أهل السنة والجماعة والخوارج والروافض فإنهم كفروا المسلمين وأهل السنة بمخالفتهم فيما ابتدعوه وأصلوه ووضعوه وانتحلوه ما أسقط هذا خوفا من أن يقال دعا أهل القبور وسؤالهم والاستغاثة بهم من هذا الباب ولم يتنازع فيها المسلمون بل هي مجمع على أنها من الشرك المكفر كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيميه وجعلها مما لا خلاف في التكفير بها فلا يصح حمل كلامه هنا على ما جزم هو بأنه كفر مجمع عليه ولو صح حمل هذا العراقي لكان قوله قولا مختلفا وقد نزهه الله وصانه عن هذا فكلامه متفق يشهد بعضه لبعض .
- وقال فمن اعتقد في بشر أنه إله أو دعا ميتا وطلب منه الرزق والنصر والهداية وتوكل عليه وسجد له فإنه يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه .
-وقال فبطل استدلال العراقي وانهدم من أصله كيف يجعل النهي عن تكفير المسلمين متناولا لمن يدعو الصالحين ويستغيث بهم مع الله ويصرف لهم من العبادات ما لا يستحق إلا الله وهذا باطل بنصوص الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة.
- وقال وقد سئل عن مثل هؤلاء الجهال فقرر : أن من قامت عليه الحجة وتأهل لمعرفتها يكفر بعبادة القبور وأما من أخلد إلى الأرض واتبع هواه فلا أدري ما حاله .
- وقال وقد سبق من كلامه ما فيه كفاية مع أن العلامة ابن القيم رحمه الله جزم بكفر المقلدين لمشايخهم في المسائل المكفرة إذا تمكنوا من طلب الحق ومعرفته وتأهلوا لذلك وأعرضوا ولم يلتفتوا ومن لم يتمكن ولم يتأهل لمعرفة ما جاءت به الرسل فهو عنده من جنس أهل الفترة ممن لم تبلغه دعوة رسول من الرسل ، وكلا النوعين لا يحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مسمى المسلمين حتى عند من لم يكفر بعضهم ـ وسيأتيك كلامه ـ وأما الشرك فهو يصدق عليهم واسمه يتناولهم وأي إسلام يبقى مع مناقضة أصله وقاعدته الكبرى شهادة أن لا إله إلا الله وبقاء الإسلام ومسماة مع بعض ما ذكره الفقهاء في باب حكم المرتد أظهر من بقائه مع عبادة الصالحين ودعائهم اهـ.
ـ وقال فتأمل قوله رحمه الله : دعاء القبور وسؤالهم والاستغاثة بهم ليست من هذا الباب ولم يتنازع فيها المسلمون بل مجمع على أنها من الشرك المكفر كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيميه نفسه وجعله مما لا خلاف بالتكفير به. وقال وتفطن أيضا فيما قال الشيخ عبد الطيف فيما نقله عن ابن القيم أن أقل أحوالهم أن يكونوا مثل أهل الفترة الذين هلكوا قبل البعثة ومن لا تبلغه دعوة نبي من الأنبياء إلى أن قال : وكلا النوعين لا يحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مسمى المسلمين حتى عند من لم يكفر بعضهم وأما الشرك فهو يصدق عليهم واسمه يتناولهم وأي إسلام يبقى مع مناقضة أصله وقاعدته الكبرى شهادة ألا إله إلا الله اهـ
نقولات من كلام عبد الله وإبراهيم أبناء الشيخ عبد اللطيف وسليمان بن سحمان:
وقد تكلموا عن ذلك كثيرا وقد عاصروا من يعذر بالجهل في الشرك الأكبر ،وأكثر من أبلى بلاء حسنا في ذلك الشيخ سليمان بن سحمان حيث ألف كتبا في بحث مسألة العذر بالجهل وتحقيقها على منهج السلف منها :
كتاب كشف الشبهتين ،
وكتاب كشف الأوهام والالتباس
وكتاب تمييز الصدق من المين ،وهى ثلاثة كتب عظيمة جدا في هذا الباب بل هي تلخيص لكلام أئمة الدعوة في ذلك وهى توضيح لكلام الإمامين الجليلين ابن تيمية وابن القيم
ـ قال عبد الله وإبراهيم أبناء الشيخ عبد اللطيف وسليمان بن سحمان (وأما الجهمية وعباد القبور فلا يستدل بمثل هذه النصوص على عدم تكفيرهم إلا من لا يعرف حقيقة الإسلام 00وقالوا لأن ما قام به من الشرك يناقض ما تكلم به من كلمة التوحيد
ـ ومسلك هؤلاء الأئمة الثلاثة قياس كفر عباد القبور على تكفير السلف للجهمية وعدم عذر السلف للجهمية في التكفير بالجهل 0الدرر 10/ 432،
ـ وذكر الشيخ عبد الله وإبراهيم أبناء عبد الطيف وسليمان بن سحمان في الدرر
(10/437-433 ) قالوا إن أهل العلم والحديث لم يخـتلفوا في تكفير الجهمية إلى أن قالوا وقد ذكر شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم في غير موضع أن نفي التكفير بالمكفرات قوليها وفعليها فيما يخفى دليله ولم تقم الحجة على فاعلة وأن النفي يراد به نفي تكفير الفاعل وعقابه قبل قيام الحجة وأن نفي التكفير مخصوص بمسائل النزاع بين الأمة وأما دعاء الصالحين والاستغاثة بهم وقصدهم في الملمات والشدائد فهذا لا ينازع مسلم في تحريمه والحكم بأنه من الشرك الأكبر فليس في تكفيرهم وتكفير الجهمية قولان .
ـ وفي الدرر 10/434 فسروا توقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب في من كان على قبة الكواز وعدم تكفير الوثني حتى يدعوهما فإنه لم يكفر الناس ابتداء إلا بعد قيام الحجة والدعوة لأنه إذ ذاك في زمن فترة وعدم علم بآثار الرسالة ولذلك قال لجهلهم وعدم من ينبههم فأما إذا قامت الحجة فلا مانع من تكفيرهم وإن لم يفهموها ) اهـ ولاحظ أن الكلام في التكفير ، أما نفي الإسلام عنهم فينفيه وإن لم يكفرهم لأنهم يفعلون الشرك واسمه يتناولهم ويصدق عليهم فيلحقهم اسم الشرك ،
ـ وقال الشيخ عبد الله وإبراهيم أبناء الشيخ عبد اللطيف وسليمان بن سحمان في الدرر السنية ( 10 / 432 ، 435 ) قالوا : وأما الجهمية وعباد القبور فلا يستدل بمثل هذه النصوص ( من صلى صلاتنا ونظائرها من النصوص النبوية ) على عدم تكفيره إلا من لم يعرف حقيقة الإسلام وما بعث الله به الرسل الكرام ، لأن حقيقة ما جاءوا به ودعوا إليه وجوب عبادة الله وحده لا شريك له ، وإخلاص العمل له وألا يشرك في واجب حقه أحد من خلقه وأن يوصف بما وصف به نفسه من صفات الكمال ونعوت الجلال فمن خالف ما جاءوا به ونفاه وأبطله فهو كافر ضال وإن قال لا اله إلا الله وزعم أنه مسلم لأن ما قام به من الشرك يناقض ما تكلم به من كلمة التوحيد فلا ينفعه التلفظ بقول لا اله إلا الله لأنه تكلم بما لم يعمل به ولم يعتقد ما دل عليه ، وأما قوله : نقول بأن القول كفر ولا نحكم بكفر القائل فإطلاق هذا جهل صرف لأن هذه العبارة لا تنطبق إلا على المعين ،
ـ وقال الشيخ سليمان بن سحمان في كشف الشبهتين ص64 قال إن الشرك الأكبر من عبادة غير الله وصرفها لمن أشركوا به مع الله من الأنبياء والأولياء والصالحين فإن هذا لا يعذر أحد في الجهل به بل معرفته والإيمان به من ضروريات الإسلام ،ومن المعلوم بالضرورة من الدين أن الإسلام والشرك نقيضا ن لايجتمعان وعليه ,يستحيل تحت أى شبهة من الشبهات ن المشرك مسلما لان ذلك يؤدى إلى اجتماع النقيضين ووقوع المحالـ
ونقل ابن سحمان عن شيخه الشيخ عبد الطيف في منهاج التأسيس ص102-105 قال ولذلك حكم على المعينين من المشركين من جاهلية العرب الأميين لوضوح الأدلة وظهور البراهين وفي حديث بني المنتفق (إذا مررت على قبر دوسي أو قرشي فقل إن محمد يبشرك بالنار ) هذا وهم أهل فترة فكيف بمن نشأ من هذه الأمة وهو يسمع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأحكام الفقهية في إيجاب التوحيد والأمر وتحريم الشرك والنهي عنه اهـ ونقل عن مشايخه مقررا لهم كما في فتاوى الأئمة النجدية 3/195-196 (وأما مسألة عبادة القبور ودعائهم مع الله فهي مسألة وفاقية التحريم وإجماعية المنع والتأثيم فلم تدخل في كلام الشيخ ( ابن تيميه) لظهور برهانها ووضوح أدلتها وعدم اعتبار الشبهة فيها وقال قد تقدم أن عامة الكفار والمشركين من عهد نوح إلى وقتنا هذا جهلوا وتأولوا وأهل الحلول والاتحاد كابن عربي وابن الفارض والتلمساني وغيرهم من الصوفية تأولوا وعباد القبور والمشركون الذين هم محل النزاع تأولوا إلى أن قال والنصارى تأولت وقال من المعلوم بالضرورة من الدين أن الإسلام والشرك نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان وعلية يستحيل تحت أي شبهة من الشبة أن يكون المشرك مسلما لأن ذلك يؤدي إلى اجتماع النقيضين ووقوع المحال اهـ.
ـ ونقل الشيخ ابن سحمان في كشف الشبهتين ص92- عن شيخه عبد اللطيف مقررا له قوله : فلا يعذر أحد في عدم الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، فلا عذر له بعد ذلك بالجهل ، وقد أخبر سبحانه بجهل كثير من الكفار ومع تصريحه بكفرهم ..
ـ وقال في كشف الشبهتين ص 93-94 : أما مسألة توحيد الله وإخلاص العبادة له فلم ينازع في وجوبها أحد من أهل الإسلام ولا أهل الأهواء ولا غيرهم ، وهي معلومة من الدين بالضرورة ، كل من بلغته الرسالة وتصورها على ما هي عليه ، وكذلك الجهمية الذين أخرجهم أكثر السلف من الثنتين والسبعين فرقة .. إلى أن قال : فالشخص المعين إذا صدر منه ما يوجب كفره من الأمور التي هي معلومة من ضروريات دين الإسلام مثل : عبادة غير الله سبحانه وتعالى ومثل جحد علو الله على خلقه ونفي صفات كماله ونعوت جلاله الذاتية والفعلية ومسألة علمه بالحوادث والكائنات قبل كونها ، فإن المنع من التكفير والتأثيم بالخطأ في هذا كله رد على من كفر معطلة الذات ومعطلة الربوبية ومعطلة الأسماء والصفات ومعطلة إفراده تعالى بالإلهية والقائلين بأن الله لا يعلم الكائنات قبل كونها كغلاة القدرية ومن قال بإسناد الحوادث إلى الكواكب العلوية ومن قال بالأصلين النور والظلمة ، فإن من التزم هذا كله فهو أكفر وأضل من اليهود والنصارى ،
ـ وقال في كشف الشبهتين ص 95 إن كلام شيخ الإسلام إنما يعرفه ويدريه من مارس كلامه وعرف أصوله ، فإنه قد صرح في غير موضع أن الخطأ قد يغفر لمن لم يبلغه الشرع ولم تقم عليه الحجة في مسائل مخصوصة إذا اتقى الله ما استطاع واجتهد بحسب طاقته ، وأين التقوى وأين الاجتهاد الذي يدعيه عباد القبور والداعون للموتى والغائبين والمعطلون للصانع عن علوه على خلقه ونفي أسمائه وصفاته ونعوت جلاله اهـ
ـ وقال الشيخ ابن سحمان في كشف الشبهتين ص 79 –80 في ذكر مذهب ابن تيمية في عدم التكفير في المسائل الخفية حتى تقوم الحجة وأما المسائل الظاهرة الجلية المعلومة من الدين بالضرورة فهذا لا يتوقف في كفر قائله[منقول]
محمدعبداللطيف
2020-02-26, 04:23 PM
سُئل العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن عن الإعراض الذي هو ناقض من نواقض الإسلام؟ -قال-(إن أحوال الناس تتفاوت تفاوتاً عظيماً وتفاوتهم بحسب درجاتهم في الإيمان إذا كان أصل الإيمان موجوداً والتفريط والترك إنما هو فيما دون ذلك من الواجبات والمستحبات،وأما إذا عدم الأصل الذي يدخل به الإسلام وأعرض عن هذا بالكليه، فهذا كفر إعراض، فيه قوله تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف: 179]، وقوله: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه: 124]، ولكن عليك أن تعلم أن المدار على معرفة حقيقة الأصل وحقيقة القاعدة وإن اختلف التعبير واللفظ…)--قال الشيخ العلامة سليمان بن سحمان: "فتبين من كلام الشيخ أن الإنسان لا يكفر إلا بالإعراض عن تعلم الأصل الذي يدخل به الإنسان في الإسلام، لا بترك الواجبات والمستحبات" ------وقال بن القيم رحمه الله-قال: (إن العذاب يستحق بسببين، أحدهما: الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها، والثاني: العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها، فالأول كفر إعراض، والثاني كفر عناد-[طريق الحجرتين -بن القيم]---
قال ابن القيم - رحمه الله -: " كل من أعرض عن الاهتداء بالوحي الذي هو ذكر الله فلابد أنه يقول يوم القيامة ﴿ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾ الزخرف: 38 ،فإن قيل: فهل لهذا عذر في ضلاله إذا كان يحسب أنه على هدى، كما قال تعالى ﴿ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ قيل: لا عذر لهذا وأمثاله من أهل الضلال الذين منشأ ضلالهم الإعراض عن الوحي الذي جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولو ظن أنه مهتد، فإنه مفرِّط بإعراضه عن اتباع داعي الهدى، فإذا ضل فإنما أُتي من تفريطه وإعراضه وهذا بخلاف من كان ضلاله لعدم بلوغ الرسالة وعجزه عن الوصول إليها، فذاك له حكم آخر.
والوعيد في القرآن إنما يتناول الأول، وأما الثاني فإن الله لا يعذب أحداً إلا بعد إقامة الحجة عليه " [انظر مفتاح دار السعادة (1/ 43) ].----من هذا البيان لمعنى الإعراض يتبين لك حكم كثير من عباد القبور في زماننا هذا وقبله؛ فإنهم معرضون عما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - إعراضاً كليًّا بأسماعهم وقلوبهم، لا يصغون لنصح ناصح وإرشاد مرشد، فمثل هؤلاء كفار لإعراضهم.
قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3))(4).
ولا يقال: إنهم جهال فلا يكفرون لجهلهم؛ لأنه يقال: إن الجاهل إذا بُيِّن له خطؤه؛ انقاد للحق، ورجع عن الباطل، وهؤلاء مصرون على عبادتهم الأوثان، ولا يصغون لكلام الله ولا لكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويصدون عن إرشاد الناصحين صدوداً، ولعلهم يتعرضون بالأذى لمن أنكر عليهم أباطيلهم وفجورهم، فقد قامت عليهم الحجة؛ فلا عذر لهم
قال –تعالى-: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ [موسوعة البحوث والمقالات العلمية]https://majles.alukah.net/t166660/
محمدعبداللطيف
2020-02-26, 04:24 PM
قال الامام محمد بن عبد الوهاب
فليتأمل المؤمن الناصح لنفسه ما في هذا الحديث من العبرفإن الله سبحانه وتعالى يقص علينا أخبار الأنبياء وأتباعهم ليكون للمؤمن من المستأخرين عبرة فيقيس حاله بحالهم ، وقص قصص الكفار والمنافقين لتجتنب من تلبس بها أيضا .فمما فيه من الاعتبار أن هذا الأعرابي الجاهلي لما ذكر له أن رجلاً بمكة يتكلم في الدين بما يخالف الناس لم يصبر حتى ركب راحلته فقدم عليه وعلم ما عنده لما في قلبه من محبة الدين والخير , وهذا فسر به قوله تعالى : {وَلَوْعَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا} أي حرصاً على تعلم الدين : {لَأَسْمَعَهُمْ} أي لأفهمهم , فهذا يدل على أن عدم الفهم في أكثر الناس اليوم عدلا منه سبحانه لمايعلم في قلوبهم من عدم الحرص على تعلم الدين .فتبين أن من أعظم الأسباب الموجبة لكون الإنسان من شرالدواب هو عدم الحرص على تعلم الدين , فإذا كان هذا الجاهلي يطلب هذا المطلب , فماعذر من ادعى اتباع الأنبياء وبلغه عنهم ما بلغه وعنده من يعرض عليه التعليم ولايرفع بذلك رأساً ، فان حضر أو استمع فكما قال تعالى : {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍمِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ}----------------وقال رحمه الله فى موضع آخر على فوائد من حديث عمرو بن عبسة-
الأولى: كون الشرك يعرف قبحه بالفطرة، لقوله: كنت أظن الناس ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان. الثانية: الحرص على طلب العلم، لأنه سبب للخير، وفسر به قوله: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ} [سورة الأنفال آية: 23]، لقوله: فسمعت أن رجلا بمكة يخبر أخبارا فقعدت على راحلتي، فوجدته مختفيا، فتلطفت حتى دخلت عليه.
الثالثة: قوله فقلت له: ما أنت؟ قال: "نبي. قلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله عز وجل" . فهذه المسألة هي أصل العلوم كلها، وهي فهم القلب فهما جيدا أن الله أرسل إليك رسولا، فإذا عرفتها هان عليك ما بعدها. الرابعة: قوله: بأي شيء أرسلك؟ قال: "بكذا وكذا" وهذه توضح ما قبلها بالفعل.
الخامسة: قوله: "بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يعبد الله لا يشرك به شيء" . الأول: حق الخلق، والثاني حق الخالق، وذكر هذه مع هذه، تفسير سياسة المدعو والرفق به، والتلطف في إدخال الخير إلى قلبه
------------------------------------
والثاني فيها تعريف الأمر قبل الدخول فيه، لأن الداخل لا يستقيم له الدخول إلا بمعرفته ولو صعب. السادسة: حسن فهم عمرو، لقوله: من معك على هذا؟ السابعة: قوله حر وعبد، والله أعلم.
محمدعبداللطيف
2020-02-26, 04:28 PM
-قال ابن القيم - رحمه الله -: " كل من أعرض عن الاهتداء بالوحي الذي هو ذكر الله فلابد أنه يقول يوم القيامة ﴿ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾ الزخرف: 38 ،فإن قيل: فهل لهذا عذر في ضلاله إذا كان يحسب أنه على هدى، كما قال تعالى ﴿ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ قيل: لا عذر لهذا وأمثاله من أهل الضلال الذين منشأ ضلالهم الإعراض عن الوحي الذي جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولو ظن أنه مهتد، فإنه مفرِّط بإعراضه عن اتباع داعي الهدى، فإذا ضل فإنما أُتي من تفريطه وإعراضه وهذا بخلاف من كان ضلاله لعدم بلوغ الرسالة وعجزه عن الوصول إليها، فذاك له حكم آخر.
والوعيد في القرآن إنما يتناول الأول، وأما الثاني فإن الله لا يعذب أحداً إلا بعد إقامة الحجة عليه " [انظر مفتاح دار السعادة (1/ 43)
قال الامام محمد بن عبد الوهاب وفى حديث عمرو بن عبسة من العبر أيضا - أنه لما قال: أرسلني الله، قال: بأي شيء أرسلك؟ قال: بكذا وكذا.
فتبين أن زبدة الرسالة الإلهية والدعوة النبوية هي توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له، وكسر الأوثان؛ ومعلوم أن كسرها لا يستقيم إلا بشدة العداوة، وتجريد السيف. فتأمل زبدة الرسالة. وفيه أيضا أنه فهم المراد من التوحيد. وفهم أنه أمر كبير غريب. ولأجل هذا قال: من معك على هذا؟ قال: حر وعبد، فأجابه: إن جميع العلماء والعباد والملوك والعامة مخالفون له، ولم يتبعه على ذلك إلا من ذكر؛ فهذا أوضح دليل على أن الحق قد يكون مع أقل القليل، وأن الباطل قد يملأ الأرض. ولله در الفضيل بن عياض - رحمه الله - حيث يقول: "لا تستوحش، من الحق لقلة السالكين، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين" وأحسن منه قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}
وفي الصحيحين: "أن بعث النار من كل ألف تسعة وتسعون وتسعمائة، وفي الجنة واحد من كل ألف. ولما بكوا من هذا لما سمعوه. قال صلى الله عليه وسلم: إنها لم تكن نبوة قط إلا كان بين يديها جاهلية، فيؤخذ العدد من الجاهلية، فإن تمت وإلا أكملت من المنافقين". قال الترمذي حسن صحيح. فإذا تأمل الإنسان ما في هذا الحديث من صفة بدء الإسلام ومن اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم إذ ذاك، ثم ضم إليه الحديث الآخر الذي في صحيح مسلم أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال: "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ". تبين له الأمر إن هداه الله وانزاحت عنه الحجة الفرعونية {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى} والحجة القرشية {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ}[مفيد المستفيد]https://majles.alukah.net/t170959/ (https://majles.alukah.net/t170959/)
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.