مشاهدة النسخة كاملة : ثلاثون فائدة عجيبة استنبطها الإمام محمد بن عبد الوهاب من قصة موسى والخضر
أبوقتادة وليد الأموي
2010-03-20, 11:47 PM
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذه ثلاثون فائدة عجيبة استنبطها الإمام محمد بن عبد الوهاب من قصة موسى والخضر الواردة في سياق القرآن وسياق حديث ابن عباس في البخاري وغيره.
وأصل هذه الفوائد سبعة أنواع تتضمن خمسًا وثمانين فائدة:
النوع الأول: ما يتعلق بجلال الله وعظمته:
1) الثانية: الأدب مع الله لقوله(فعتب الله عليه).
2) الخامسة: الأدب معه تعلاى بمعرفة أن هل أسرارًا في خلقه تخفى على الأنبياء، فلا ينبغي الغفلة عن هذه المهمة.
النوع الثاني: ما يتعلق بأحوال الأنبياء، وفيه مسائل:
3) الأولى: أن النبي يجوز عليه الخطأ.
4) الثانية: أن النبي يجوز عليه االنسيان.
5) الخامسة: أنه لا ينكر إصابة الشيطان للأنبياء بما لا يقدح في النبوة لقوله (نسيا حوتهما) وقوله(وما أنسانيه إلا الشيطان).
النوع الثالث: مسائل الأصول:
6) الثانية: إثبات كرامات الأولياء على القول بعدم نبوة الخضر.
7) الثالثة: أنه قد يكون عند غير النبي صلى الله عليه وسلم م نالعلم ما ليس عند النبي.
8) الرابعة: إذا احتمل اللفظ معاني فأظهرها أولاها كما قال الشافعي.
النوع الرابع: ما فيها من تفسير:
9) الثانية: أنه لا يجوز تفسير القرآن بالإسرائيليات ، وإن وقع فيه من وقع.
10) العاشرة: أن والوعد على العمل الصالح ليس مختصًا بالآخرة، بل يدخل فيه أمور الدنيا حتى في الذرية بعد موت العامل.
النوع الخامس: أدب العالم مع المتعلم:
11) الأولى: تسمية التلميذ الخادم فتى.
12) الخامسة: التعلم بعد الرياسة.
13) الثامنة: ركوب البحر لطلب العلم.
14) الرابعة عشرة: قبول نصيحة الشيخ لعلمه منك ما لا تعلمه من نفسك، وإن كنت أفضل منه.
15) السابعة عشرة: إعفاء المتعلم مما يكره.
النوع السادس: ما منها م نمسائل الفقه:
16) الأولى: عمل الإنسان في مال الغير بغير إذنه إذا خاف عليه الهلاك.
17) الثانية: ليس م نشرط الجواز خوف الهلاك، بل قد يجوز للإصلاح، لقصة الجدار.
18) الخامسة: أنه ل ابأس بالسؤال في بعض الاحوال لقوله تعالى(استطعما أهلها).
19) السادسة: أنه من لم يعط يتعز بهذه القضية ، وكم ممن هان على الناس وهو جليل عند الله، وقد فيل:
فإن رددتَّ فما في الرد منقصةٌ *** عليك، قد ردَّ موسى قبل والخضر
20) السابعة: أن الإجارة تجوز بغير الشروط التي شرطها بعض الفقهاء.
21) الثامنة: أنه يجوز أخذ الأجرة على العمل الذي لا يكلف، خلاف ما توهمه بعضهم.
22) التاسعة: الترحم على الأنبياء وأنه لا ينقص من قدرهم خلاف ما توهمه بعضهم.
23) الثالثة عشرة: خطأ من قال: تخلو الأرض من مجتهد.
24) السادسة عشرة: قوله (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا) لا تعد من الشكوى.
25) الثامنة عشرة: سفر الاثنين من غير ثالث للحاجة.
النوع السابع: المنثور الجامع:
26) السادسة: أن الشيطان يتسلط تسلطًا لا يعرف لكونه تسلط على يوشع بالنسيان العجيب.
27) الثامنة: الرد على منكري الأسباب لأنه سبحانه قادر على إنجاء السفينة وتثبيت ابوي الغلام وإخراج الكنز له بدون ما جرى.
28) العاشرة: الحكم بالظاهر لقوله عليه السلام(نفسًا زكية).
29) الحادية عشرة: تسمية المدينة قرية.
30) الثالثة عشرة: أن المال قد يكون رحمة وإن كان مكنوزًا.
تاريخ نجد
طبعة الشروق
بتحقيق ناصر الدين الأسد
ص554- ص560
كتبه/
أبو قتادة وليد الأموي
عبدالله الضويلع
2010-03-21, 12:58 AM
جزيت خيرا
أبوقتادة وليد الأموي
2010-03-21, 11:15 PM
وإياك أخي.
صالح الطريف
2010-03-23, 07:43 AM
بورك فيك ياأخي ...
أبو حاتم ابن عاشور
2010-03-23, 07:59 AM
جزاكم الله خيرا
وزيادة في الفائدة أنقل كلام العلامة السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره, إذ قال بعد تفسير الأيات من سورة الكهف:
"وفي هذه القصة العجيبة الجليلة، من الفوائد والأحكام والقواعد شيء كثير، ننبه على بعضه بعون الله.
فمنها فضيلة العلم، والرحلة في طلبه، وأنه أهم الأمور، فإن موسى عليه السلام رحل مسافة طويلة، ولقي النصب في طلبه، وترك القعود عند بني إسرائيل، لتعليمهم وإرشادهم، واختار السفر لزيادة العلم على ذلك.
ومنها: البداءة بالأهم فالأهم، فإن زيادة العلم وعلم الإنسان أهم من ترك ذلك، والاشتغال بالتعليم من دون تزود من العلم، والجمع بين الأمرين أكمل.
ومنها: جواز أخذ الخادم في الحضر والسفر لكفاية المؤن، وطلب الراحة، كما فعل موسى.
ومنها: أن المسافر لطلب علم أو جهاد أو نحوه، إذا اقتضت المصلحة الإخبار بمطلبه، وأين يريده، فإنه أكمل من كتمه، فإن في إظهاره فوائد من الاستعداد له عدته، وإتيان الأمر على بصيرة، وإظهارًا لشرف هذه العبادة الجليلة، كما قال موسى: { لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا }
وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه حين غزا تبوك بوجهه، مع أن عادته التورية، وذلك تبع للمصلحة.
ومنها: إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، على وجه التسويل والتزيين، وإن كان الكل بقضاء الله وقدره، لقول فتى موسى: { وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ }
ومنها: جواز إخبار الإنسان عما هو من مقتضى طبيعة النفس، من نصب أو جوع، أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط وكان صدقا، لقول موسى: { لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا }
ومنها: استحباب كون خادم الإنسان، ذكيا فطنا كيسا، ليتم له أمره الذي يريده.
ومنها: استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله، وأكلهما جميعا، لأن ظاهر قوله: { آتِنَا غَدَاءَنَا } إضافة إلى الجميع، أنه أكل هو وهو جميعا.
ومنها: أن المعونة تنزل على العبد على حسب قيامه بالمأمور به، وأن الموافق لأمر الله، يعان ما لا يعان غيره لقوله: { لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا } والإشارة إلى السفر المجاوز، لمجمع البحرين، وأما الأول، فلم يشتك منه التعب، مع طوله، لأنه هو السفر على الحقيقة. وأما الأخير، فالظاهر أنه بعض يوم، لأنهم فقدوا الحوت حين أووا إلى الصخرة، فالظاهر أنهم باتوا عندها، ثم ساروا من الغد، حتى إذا جاء وقت الغداء قال موسى لفتاه { آتِنَا غَدَاءَنَا } فحينئذ تذكر أنه [ ص 484 ] نسيه في الموضع الذي إليه منتهى قصده.
ومنها: أن ذلك العبد الذي لقياه، ليس نبيا، بل عبدا صالحا، لأنه وصفه بالعبودية، وذكر منة الله عليه بالرحمة والعلم، ولم يذكر رسالته ولا نبوته، ولو كان نبيا، لذكر ذلك كما ذكره غيره.
وأما قوله في آخر القصة: { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي } فإنه لا يدل على أنه نبي وإنما يدل على الإلهام والتحديث، كما يكون لغير الأنبياء، كما قال تعالى { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ } { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا }
ومنها: أن العلم الذي يعلمه الله [لعباده] (2) نوعان:
علم مكتسب يدركه العبد بجده واجتهاده. ونوع علم لدني، يهبه الله لمن يمن عليه من عباده لقوله { وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا }
ومنها: التأدب مع المعلم، وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب، لقول موسى عليه السلام:
{ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا } فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة، وأنك هل تأذن لي في ذلك أم لا وإقراره بأنه يتعلم منه، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر، الذي لا يظهر للمعلم افتقارهم إلى علمه، بل يدعي أنه يتعاون هم وإياه، بل ربما ظن أنه يعلم معلمه، وهو جاهل جدا، فالذل للمعلم، وإظهار الحاجة إلى تعليمه، من أنفع شيء للمتعلم.
ومنها تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه، فإن موسى -بلا شك- أفضل من الخضر.
ومنها: تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يتمهر فيه، ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة.
فإن موسى عليه السلام من أولي العزم من المرسلين، الذين منحهم الله وأعطاهم من العلم ما لم يعط سواهم، ولكن في هذا العلم الخاص كان عند الخضر، ما ليس عنده، فلهذا حرص على التعلم منه.
فعلى هذا، لا ينبغي للفقيه المحدث، إذا كان قاصرا في علم النحو، أو الصرف، أو نحوه من العلوم، أن لا يتعلمه ممن مهر فيه، وإن لم يكن محدثا ولا فقيها.
ومنها: إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى، والإقرار بذلك، وشكر الله عليها لقوله: { تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ } أي: مما علمك الله تعالى.
ومنها: أن العلم النافع، هو العلم المرشد إلى الخير، فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطرق (3) الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك، فإما أن يكون ضارا، أو ليس فيه فائدة لقوله: { أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا }
ومنها: أن من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم، وحسن الثبات على ذلك، أنه يفوته بحسب عدم صبره كثير من العلم (4) فمن لا صبر له لا يدرك العلم، ومن استعمل الصبر ولازمه، أدرك به كل أمر سعى فيه، لقول الخضر -يعتذر من موسى بذكر المانع لموسى في الأخذ عنه- إنه لا يصبر معه.
ومنها: أن السبب الكبير لحصول الصبر، إحاطة الإنسان علما وخبرة، بذلك الأمر، الذي أمر بالصبر عليه، وإلا فالذي لا يدريه، أو لا يدري غايته ولا نتيجته، ولا فائدته وثمرته ليس عنده سبب الصبر لقوله: { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا } فجعل الموجب لعدم صبره، وعدم إحاطته خبرا بالأمر.
ومنها: الأمر بالتأني والتثبت، وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء، حتى يعرف ما يراد منه وما هو المقصود.
ومنها: تعليق الأمور المستقبلية التي من أفعال العباد بالمشيئة، وأن لا يقول الإنسان للشيء: إني فاعل ذلك في المستقبل، إلا أن يقول { إِنْ شَاءَ اللَّهُ }
ومنها: أن العزم على فعل الشيء، ليس بمنزلة فعله، فإن موسى قال: { سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا } فوطن نفسه على الصبر ولم يفعل.
ومنها: أن المعلم إذا رأى المصلحة في إيزاعه للمتعلم أن يترك الابتداء في السؤال عن بعض الأشياء، حتى يكون المعلم هو الذي يوقفه عليها، فإن المصلحة تتبع، كما إذا كان فهمه قاصرا، أو نهاه عن الدقيق في سؤال الأشياء التي غيرها أهم منها، أو لا يدركها ذهنه، أو يسأل سؤالا لا يتعلق في موضع البحث.
ومنها: جواز ركوب البحر، في غير الحالة التي يخاف منها.
ومنها: أن الناسي غير مؤاخذ بنسيانه لا في حق الله، ولا في حقوق العباد لقوله: { لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ }
ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم، العفو منها، وما سمحت به أنفسهم، ولا ينبغي له أن يكلفهم ما لا يطيقون، أو يشق عليهم ويرهقهم، فإن هذا مدعاة إلى النفور منه والسآمة، بل يأخذ المتيسر ليتيسر له الأمر.
ومنها: أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها، وتعلق بها الأحكام الدنيوية، في الأموال، والدماء وغيرها، فإن موسى عليه السلام، أنكر على الخضر خرقه السفينة، وقتل الغلام، وأن هذه الأمور ظاهرها، أنها من المنكر، وموسى عليه السلام لا يسعه [ ص 485 ] السكوت عنها، في غير هذه الحال، التي صحب عليها الخضر، فاستعجل عليه السلام، وبادر إلى الحكم في حالتها العامة، ولم يلتفت إلى هذا العارض، الذي يوجب عليه الصبر، وعدم المبادرة إلى الإنكار.
ومنها: القاعدة الكبيرة الجليلة وهو أنه " يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير " ويراعي أكبر المصلحتين، بتفويت أدناهما، فإن قتل الغلام شر، ولكن بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما، أعظم شرا منه، وبقاء الغلام من دون قتل وعصمته، وإن كان يظن أنه خير، فالخير ببقاء دين أبويه، وإيمانهما خير من ذلك، فلذلك قتله الخضر، وتحت هذه القاعدة من الفروع والفوائد، ما لا يدخل تحت الحصر، فتزاحم المصالح والمفاسد كلها، داخل في هذا.
ومنها: القاعدة الكبيرة أيضا وهي أن " عمل الإنسان في مال غيره، إذا كان على وجه المصلحة وإزالة المفسدة، أنه يجوز، ولو بلا إذن حتى ولو ترتب على عمله إتلاف بعض مال الغير " كما خرق الخضر السفينة لتعيب، فتسلم من غصب الملك الظالم. فعلى هذا لو وقع حرق، أو غرق، أو نحوهما، في دار إنسان أو ماله، وكان إتلاف بعض المال، أو هدم بعض الدار، فيه سلامة للباقي، جاز للإنسان بل شرع له ذلك، حفظا لمال الغير، وكذلك لو أراد ظالم أخذ مال الغير، ودفع إليه إنسان بعض المال افتداء للباقي جاز، ولو من غير إذن.
ومنها: أن العمل يجوز في البحر، كما يجوز في البر لقوله: { يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ } ولم ينكر عليهم عملهم.
ومنها: أن المسكين قد يكون له مال لا يبلغ كفايته، ولا يخرج بذلك عن اسم المسكنة، لأن الله أخبر أن هؤلاء المساكين، لهم سفينة.
ومنها: أن القتل من أكبر الذنوب لقوله في قتل الغلام { لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا }
ومنها: أن القتل قصاصا غير منكر لقوله { بِغَيْرِ نَفْسٍ }
ومنها: أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه، وفي ذريته.
ومنها: أن خدمة الصالحين، أو من يتعلق بهم، أفضل من غيرها، لأنه علل استخراج كنزهما، وإقامة جدارهما، أن أباهما صالح.
ومنها: استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ، فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله { فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا } وأما الخير، فأضافه إلى الله تعالى لقوله: { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ } كما قال إبراهيم عليه السلام { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } وقالت الجن: { وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا } مع أن الكل بقضاء الله وقدره.
ومنها: أنه ينبغي للصاحب أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال، ويترك صحبته، حتى يعتبه، ويعذر منه، كما فعل الخضر مع موسى.
ومنها: أن موافقة الصاحب لصاحبه، في غير الأمور المحذورة، مدعاة وسبب لبقاء الصحبة وتأكدها، كما أن عدم الموافقة سبب لقطع المرافقة.
ومنها: أن هذه القضايا التي أجراها الخضر هي قدر محض أجراها الله وجعلها على يد هذا العبد الصالح، ليستدل العباد بذلك على ألطافه في أقضيته، وأنه يقدر على العبد أمورا يكرهها جدا، وهي صلاح دينه، كما في قضية الغلام، أو وهي صلاح دنياه كما في قضية السفينة، فأراهم نموذجا من لطفه وكرمه، ليعرفوا ويرضوا غاية الرضا بأقداره المكروهة". انتهى
أبوقتادة وليد الأموي
2010-03-23, 05:56 PM
قلت كذلك (أنا):
فوائد موجزة
في طلب العلم من قصة موسى والخضر عليهما السلام
قال تعالى:وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا[الكهف:60].
الفائدة الأولى: الرحلة في طلب العلم.
بوب البخاري رحمه الله في صحيحه فقال:" باب الرحلة في المسألة النازلة".
وموسى عليه السلام وهو النبي المكلم الذي فضله الله واصطفاه على الناس برسالاته وكلامه كان من هديه الرحلة في الطلب على الخضر عليه السلام وهو دونه في الفضل والفضيلة.
وصنف الخطيب البغدادي كتابه الماتع(الرحلة في طلب الحديث).
وكان الرجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم من البادية النائية يسأله عن مسائل العلم، وأمور الدين وكان ذلك يعجب الصحابة رضوان الله عليهم كما في حديث أنس رضي الله عنه قال:" نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع".
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه:" لو أعيتني آية من كتاب الله فلم أجد أحدا يفتحها علي إلا رجل ببرك الغماد لرحلت إليه".
وقال ابن مسعود رضي الله عنه:" والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته"رواه ابن جرير وغيره.
ورحل جابر بن عبد الله شهرًا إلى عبد الله بن أنيس الأنصاري وكان بالشام من أجل حديث واحد فيه:" يحشر الله العباد أو قال يحشر الله الناس قال وأومأ بيده إلى الشام عراة غرلا بهما. قلت: ما بهما قال: ليس معهم شيء.قال: فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه بمظلة ولا ينبغي لأحد من أهل النار يدخل النار وأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة".
وخرج أبو أيوب إلى عقبة بن عامر وكان بمصر ليسأله عن حديث واحد.
ورحل صحابي من المدينة إلى فضالة بن عبيد بمصر ليسأله عن حديث.
وفي الجملة فقد قال السلف:" من لم يكن رِحلة فلن يكون رُحلة".أي: من لم يرحل لن يرحل إليه.
وقال عكرمة في قوله تعالى(السَّائِح ونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ)[التوبة:112] قال: السائحون: هم طلبة العلم.
الفائدة الثانية: ترك التسويف؛ فإن موسى عليه السلام قال:" لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا".
فعلى طالب العزم أن يشمر عن ساعدي الجد للرحلة في طلب العلم وأخذه عن حملته ووعاته، ولا يقولن: إذا ذهب الشتاء، أو لما ترفع الرمضاء ...ونحو ذلك.
قال العلامة أحمد بن فارس:
إذا كان يؤذيك حر المصيف *** وكرب الخريف وبرد الشتا
ويلهيك حسن جمال الربيع*** فأخذك للعلم قل لي متى؟
الفائدة الثالثة: الهمة العالية في الرحلة إلى العلم وإن بعد موضعه على قلة ذات اليد وقلة المؤنة وتصعب الرحلة.
فإن موسى عليه السلام قال:"حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبًا".
قال نعالى:فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا[الكهف:61].
فائدة: الصحبة في طلب العلم؛ فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يجرؤ الذئب على الشاة القاصية.
وكان دأب السلف اتخاذ الرفقة الصالحة في الرحلة إلى الطلب، رحل أحمد وإسحاق ويحيي بن معين.
ورحل أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان. ورحل سليمان بن يزيد الفامي في صحبة الحسن القطان.وغيرهم.
قال تعالى:فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا[الكهف:62].
الفائدة الأولى: جواز خدمة الطالب لشيخه كما خدم موسى فتاه.
الفائدة الثانية: استحباب الفطر في السفر لأن الغداء طعام يأكل في الغدوة من النهار.
قال تعالى:قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا[الكهف:63].
فائدة: جواز الاستدراك على الشيخ وتنبيهه إلى ما قد يغفل عنه كما فعل أخبر الفتى موسى بشأن الحوت.
قال تعالى: قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا[الكهف:64].
فائدة: قبول المعلم من تلميذه العذر إذا كان عن نسيان.
قال تعالى:فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا[الكهف:65].
فائدة: عظم قدر العلماء عند الله تعالى لأنه وصفه سبحانه بالعبودية العامة في قوله(عبدًا) ثم خصه بالعبودية الخاصة في قوله (من عبادنا) ثم أخبر أنه (آتاه رحمة) وأنه ( علمه علمًا).
فلا بد لكل عالم أو معلم للخير أن تجتمع فيه تلك الأربع: العبودية العامة، والخاصة، والرحمة، والعلم الرباني لأنه قال:( وعلمناه) ولم يقل تعلم علمًا وذلك لتشريف العلم لأنه أضيف إلى الله تعالى.
قال تعالى:قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا[الكهف:66].
الفائدة الأولى: التأدب مع المعلم باستئذانه في الصحبة؛ فإنه قال:( هل اتبعك) ولم يقل (سأتبعك) .
الفائدة الثانية: جواز شرط الطالب على معلمه أن يرافقه ليعلمه شيئًا من العلم.
الفائدة الثانية: طلب الفاضل العلم عند المفضول فإن موسى بالإجماع أفضل من الخضر.
قال وكيع:" لا يكون الرجل عالما حتى يحدث عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه".
وقال البخاري:" لا يكون المحدث كاملًا حتى يكتب عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه ".
قال تعالى:قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا [الكهف:67].
الفائدة الأولى : شدة العلم وصعوبة طلبه وأنه لا يستطاع براحة الجسد، قال يحيي بن أبي كثير:"العلم لا يستطاع براحة الجسد".
الفائدة الثانية: أن العلم الرباني لا يستطاع إلا بالصبر لقوله ( لن تستطيع معي) وقد سبق أن الذي معه هو العلم الرباني الذي علمه الله إياه.
قال تعالى: وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا[الكهف:68،69].
الفائدة الأولى: جواز مراجعة العالم في قوله؛ فإن موسى عليه السلام راجعه في قوله(لن تستطيع معي صبرًا)فقال:( ستجدني إن شاء الله صابرًا).
الفائدة الثانية: ترك موسى عليه السلام المشيئة في عصيان الأمر فعصاه كما سيأتي، وعلق الصبر بالمشيئة فصبر قدر الطاقة.
قال تعالى: قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا[الكهف:70].
فائدة: شرط العالم على الطالب عدم مبادرته بالسؤال عما لا يدركه عقله حتام يبينه له. وقد تقدم التنبيه على ما أوتيه الخضر من العبودية العامة والخاصة التي يمتنع معها اقتراف المعاصى ونحوها فضلًا عن استحلال ذلك لا كما يظن بعض ضلال الصوفية.
قال تعالى:فَانْطَلَ قَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا [الكهف:71].
الفائدة الأولى: إنكار الطالب على شيخه ما يبدو له مخالفًا لشريعة الله تعالى.
الفائدة الثانية: مخاطرة الطالب في طلب العلم؛ فإن موسى ركب السفينة التي خرقت وقد احتمل غرقها قبل الخرق وبعده.
قال تعالى: قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا [الكهف:72].
فائدة: تذكير الطالب إذا نسي.
قال تعالى: قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا[الكهف: 73].
فائدة: اعتذار الطالب إلى شيخه ومعلمه.
قال تعالى: فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا *قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا[الكهف:74،75،76].
فائدة: تعليق الفرقة من قبل الطالب على شيء يفعله.
قال تعالى: فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا[الكهف:77].
فائدة: جواز السؤال، وهو مشكل وللعلماء في تخريجه أقوال مستوفاة في الجزء الذي جمعناه في قوله تعالى(استطعما أهلها) فليراجع.
قال تعالى: قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا[الكهف:78].
فائدة: تبيين المعلم لطالب العلم ما استشكله وإفادته ما لم يدركه ويحط به علمه، وألا يتركه حائرًا.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=202145
قال تعالى:قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا[الكهف:63].
لعل الراجح أن المقصود بالنسيان في قوله : (فإني نسيت الحوت) ، هو نسيان الحوت لما بلغا مجمع البحرين ، وأيضاً نسيان ذكره لموسى بعد أن اتخذ سبيله في البحر ؛ إذ لا مخصص لأحدهما دون الآخر .
ويدل لذلك : الواو . في قوله : (واتخذ) ؛ إذ لو كان المقصود بالنسيان : نسيان الفتى ذِكرَ قصة الحوت لموسى - فقط -
لَمَا للواو معنى .
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.