تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تصحيح الأحاديث وتحسينها في العصور المتأخرة



محمد عزالدين المعيار
2007-07-25, 02:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
ذهب الحافظ ابن الصلاح في مقدمته الى أنه :"إذا وجدنا فيما يروى من أجزاء الحديث وغيرها حديثا صحيح الإسناد ولم نجده في أحد الصحيحين و لا منصوصا على صحته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته فقد تعذر في هذه الأعصار الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد الأسانيد لأنه ما من إسناد من ذلك إلا وتجد في رجاله من اعتمد في روايته عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان "
لكن هذا الموقف قوبل بالإعراض من قبل عدد من العلماء لأنه لامعنى لإغلاق باب التصحيح والتحسين إذا توفرت الأهلية وفي ذلك يقول النووي في التقريب :" والأظهر عندي جوازه لمن تمكن وقويت قريحته "
وعلى هذا سار أهل الحديث فصحح عدد من المتأخرين أحاديث لم تصحح من قبل
فما هي الشروط والضوابط التي يجب أن تتوفر في من يتصدى لهذا الأمر اليوم ؟
ثم ما هي الفترة الزمنية التي يمكن النظر فيها من أجل التصحيح والتحسين ؟ إلى أسئلة أخرى
نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا إلى توضيح هذه الأمور بما يجعلها واضحة جلية إنه نعم المولى ونعم النصير

محمد عزالدين المعيار
2007-07-26, 02:10 AM
قال الحافظ العراقي :" وما رجحه النووي هو الذي عليه عمل أهل الحديث فلقد صحح جماعة من المتأخرين أحاديث لم نجد لمن تقدمهم فيها تصحيحا "
وهناك طائفة من الأحاديث التي صححها معاصرو ابن الصلاح ومن بعدهم ...
من ذلك تصحيح أبي الحسن علي بن عبد الملك بن القطان {ت628ه} حديث عبد الله بن عمر أنه كان يتوضأ ونعلاه في رجليه - أخرجه البزار / وحديث أنس : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقوم الى الصلاة - أخرجه قاسم بن أصبغ
وممن صحح الحافظ ضياء الدين القدسي {ت643ه} وألف في ذلك كتابا التزم فيه الصحة وذكر فيه أحاديث لم يسبق إلى تصحيحها - والكتاب لم يكمل - وفيه أحاديث تعقبت عليه
وصحح بعده الحافظ شرف الدين الدمياطي والشيخ تقي الدين السبكي والحافظ الذهبي والحافظ العراقي والحافظ ابن حجر والحافظان السخاوي والسيوطي وغيرهم إلى أن نصل إلى الشيخ الألباني رحم الله الجميع
لكن يبدو أن هذا كله لايتعارض مع قول ابن الصلاح كما قال السيوطي في " التنقيح لمسألة التصحيح" :
"والتحقيق عندي أنه لا اعتراض على ابن الصلاح ولا مخالفة بينه وبين من صحح في عصره أو بعده وتقرير ذلك أن الصحيح قسمان : صحيح لذاته وصحيح لغيره كما هو مقرر في كتاب ابن الصلاح وغيره والذي منعه ابن الصلاح إنما هو القسم الأول دون الثاني كما تعطيه عبارته "
ندعو الإخوة الأفاضل من أهل العلم لإثراء هذا الموضوع بما تعم فائدته بإذن الله تعالى

محمد عزالدين المعيار
2007-07-26, 11:05 AM
ارتباطا بموضوع تصحيح وتحسين المتأخرين أضع بين أيدي الإخوة الكرام هذا السؤال : هل انتهى عصر علم الرجال ؟ وذلك من خلال هذه الانطباعات التي أنتظر تقويمها من العلماء الفضلاء
إن الاهتمام بالرجال - اليوم - غير الاهتمام بهم عصر التدوين ، ومن ثم يبدو أن المسألة يمكن تناولها من عدة جوانب منها:
1- رجال ما قبل آخر القرن الرابع الهجري : هؤلاء هم الأهم في رجال الحديث ، لأنهم هم الذين اعتمدتهم الكتب المدونة ، فلابد من دراستهم والإلمام بحياتهم ومكانتهم في أزمانهم ومعرفة رأي معاصريهم من أهل هذا الشأن فيهم
2- رجال ما بعد القرن الرابع الهجري: هؤلاء لا يتشدد معهم كل التشدد ولا يتساهل معهم كل التساهل بل بين ذلك خاصة من يتصدى منهم لهذا الأمر لا باعتبارهم من حلقات الأسانيد ولكن باعتبارهم مؤرخين ونقادا كالذهببي وابن حجر وغيرهما ....
3- رجال الأسانيد المتصلة إلى اليوم: إن الاهتمام بهؤلاء لا يزيد - اليوم - ولا ينقص من الأمر شيئا وتتبع ذلك مضيعة للوقت كما لو راح الواحد منا يبحث في رجال أسانيده إلى الموطإ أو الصحيحين مثلا لأن ضعفهم لا يؤثر على صحة أحاديث مالك أو البخاري أو مسلم كما أن قوتهم لا قيمة لها..
يتبع

محمد عزالدين المعيار
2007-07-26, 05:47 PM
علاقة بالموضوع منطلق هذا الطرح أجدني أضع على نفسي وعلى إخواني هذه التساؤلات :
ما هو تحديد مفهوم علم الرجال وما مشروعيته ؟ وهل يدخل في الرجال الجن إلى جانب الإنس؟ وما هوالحد الفاصل بين المتقدم والمتأخر من الرواة ؟
هذه الأسئلة وغيرها تشغلني وأرجو أن يساعدني الإخوة العلماء خصوصا من أهل الحديث على مناقشتها بالشكل الذي يزيل الكثير من الشبهات التي قد تعلق بالموضوع أو على الأقل تلك التي يستعصي فهمها على مثلي - في الوقت الراهن على الأقل - وتجد من العلماء من رزق فهما صائبا ، وقد يكون النقاش العلمي الخالص لوجه الله سببا في جعل الصعب سهلا
والله ولي التوفيق

محمد عزالدين المعيار
2007-08-20, 12:42 PM
أتناول في هذه الحلقة باختصار موضوع مشروعية علم الرجال ،والحد الفاصل بين المتقدم والمتأخر من الرواة
لقد انتقد بكر بن حماد التاهرتي {ت296ه} يحيي بن معين فقال :
ولابن معين في الرجال مقالة * * * سيسأل عنها والمليك شهيد
فإن تك حقا فهي في الحكم غيبة* * * وإن تك زورا فالقصاص شديد
وقال أبو حيان الأندلسي في هذا السياق نفسه:
ويحيي وما يحيي وما ذو رواية * * * وما إن ليحيي ذكر علم به يحيا
سوى ثلب أقوام مضوا لسبيلهم * * * سيسأل عنها حين يسأل عن أشيا
وإذا كان الأمر هنا يتعلق بأحد أبرز العلماء بالرجال ، وفي وقت مبكر ، كان لابد فيه من نقد الرجال خدمة للسنة النبوية المطهرة وحمايتها من الكذابين والوضاعين ...
يقول الحافظ ابن الصلاح :"الكلام في الرجال جرحا وتعديلا جوز صونا للشريعة ونفيا للخطإ والكذب عنها ، وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة"
أقول: إذا كان الأمر كذلك من قبل فإنه يختلف بعد ذلك حتى ذهب الحافظ أبو شامة إلى أن حفظ أسانيدالحديث ومعرفة رجالها وتمييز صحيحها من سقيمها كان مهما وقد كفيه المشتغل بالعلم بما صنف فيه وألف فيه من الكتب فلا فائدة الى تحصيل ما هو حاصل
وانتقد الحافظ أبو عمرو ابن المرابط الغرنطي {ت752ه} الحافظ الذهبي في كتابيه : "التاريخ " و "ميزان الاعتدال" متهما إياه بالتحامل والتعصب ضد كثير من الناس وعابه بثلبهم وبذكره لمساوئهم وقال إن ذلك "غيبة لا تجوز وأن الأخبار المرخص للجرح من أجلها قد دونت ولم تبق له فائدة من رأس الأربعمائة "
وهو قول يلتقي فيه ابن المرابط مع الذهبي نفسه الذي يقول:"ثم من العلوم أنه لابد من صون الراوي وستره فالحد الفاصل بين المتقدم والمتأخر هو رأس سنة 300ه ولو فتحت على نفسي هذا الباب لما سلم معي إلا القليل إذ الأكثر لا يدرون ما يروون و لا يعرفون هذا الشأن إنما سمعوا في الصغر واحتيج إلى علو سندهم في الكبر ، فالعمدة على من قرأ لهم وعلى من أثبت طباق السماع لهم كما هو مبسوط في علوم الحديث "
يتضح من خلال ما تقدم أنه لابد من مراعاة ما يشترط في من يحتج بروايته وفق ما بينه علماء الحديث ويراعى ذلك في المتقدمين بدقة متناهية ، أما بانسبة للمتأخرين فيكفي أن يكون الراوي مسلما بالغا عاقلا غير متظاهر بفسق أو بما يخل بمروءته
أتمنى أن نجد من بين الإخوان من يصحح ما قد نقع فيه من أوهام والله الهادي إلى سواء السبيل