المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد في الأحكام وما يتعلق بها



عبد الرحمن السديس
2007-01-30, 10:25 PM
الحمد لله الذي علَّم بالقلم علَّم الإنسان ما لم يعلم ، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وسلم تسليما . أما بعد :

فهذه فوائد منثورة التقطتها من كتب أهل العلم غالبها في فروع الأحكام وما يتصل بها، لا يجمعها نظام، كنت أقيدها حين المرور عليها في جانب الكتاب، فظهر لي أنَّ نشرها هنا فيه نفع لي ؛ إذ إن تكلف كتابتها هنا نوع من المراجعة لها ، وأرجو أن يكون فيها نفع لمن يطلع عليها من المسلمين .



فائدة

في الإنصاف للمرداوي ـ رحمه الله ـ 5/47
فائدتان : ...
الثَّانِيَةُ : يُعْتَبَرُ فِي سُكَّانِ الْقُصُورِ وَالْبَسَاتِينِ مُفَارَقَةُ مَا نُسِبُوا إلَيْهِ عُرْفًا ، وَاعْتَبَرَ أَبُو الْمَعَالِي ، وَأَبُو الْوَفَاءِ: مُفَارَقَةَ مَنْ صَعِدَ جَبَلًا : الْمَكَانَ الْمُحَاذِيَ لِرُؤوسِ الْحِيطَانِ،
وَمُفَارَقَةَ مَنْ هَبَطَ : لِأَسَاسِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَبَرَ مُفَارَقَةَ الْبُيُوتِ إذَا كَانَتْ مُحَاذِيَةً اعْتَبَرَ هُنَا مُفَارَقَةَ سَمْتِهَا . اهـ
قلت: وفي معنى هذا في وقتنا الحاضر المسافر عن طريق الجو ، فإذا كان المطار في البلد فلا يترخص برخص السفر حتى ترتفع الطائرة عن محاذاة أعلى بناية فيها، كما أن رخص السفر لا تنقطع حتى تحاذي الطائرة أعلى بناية في البلد إذا عاد إلى بلده.
وكذلك يظهر بهذا أن المسافر بالطائرة إذا مر فوق بلده لا ينقطع حكم سفره إذ ليس مروره في حكم الدخول . والله أعلم .

عبد الرحمن السديس
2007-01-30, 10:28 PM
فائدة
رأيت بعض الناس خصوصا من كبار السن يعيبون على بعض الشباب في هذا الوقت ما يسمى بـ « القَطَّة » و هي: أن يخرج كل واحد من الرفقة مبلغا من المال ، ويدفعونه إلى رجل ينفق عليهم منه فيما يحتاجونه .
ويقولن ما كنا نعرف هذا سابقا ، بل كانت أمورنا تمشي على الكرم والمروءة والشهامة، وقولهم هذا له أصل في فعل العرب، وتذكرون ما فعلت قريش حين خرجوا لبدر فكان أشرافهم يذبحون لهم كل يوم عشرا من الإبل.
وقد ذكر الفقهاء والمحدثون ذلك وأنه لا بأس به في الجملة .

قال الموفق ـ رحمه الله ـ في المغني 9/175:
فصْلٌ: وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الرَّجُلَيْنِ يَشْتَرِيَانِ الْفَرَسَ بَيْنَهُمَا ، يَغْزُوَانِ عَلَيْهِ ، يَرْكَبُ هَذَا عَقَبَةً وَهَذَا عَقَبَةً ؟ مَا سَمِعْت فِيهِ بِشَيْءٍ ، وَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ .
قِيلَ لَهُ : أَيُّمَا أَحَبُّ إلَيْك : يَعْتَزِلُ الرَّجُلُ فِي الطَّعَامِ أَوْ يُرَافِقُ ؟
قَالَ : يُرَافِقُ ، هَذَا أَرْفَقُ ، يَتَعَاوَنُونَ ، وَإِذَا كُنْت وَحْدَك لَمْ يُمْكِنْك الطَّبْخُ وَلَا غَيْرُهُ ، وَلَا بَأْسَ بِالنَّهَدِ ، قَدْ تَنَاهَدَ الصَّالِحُونَ ، وَكَانَ الْحَسَنُ إذَا سَافَرَ أَلْقَى مَعَهُمْ ، وَيَزِيدُ أَيْضًا بَعْدَمَا يُلْقِي .
وَمَعْنَى النَّهَدِ ، أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرُّفْقَةِ شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ ، يَدْفَعُونَهُ إلَى رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ ، وَيَأْكُلُونَ جَمِيعًا ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَدْفَعُ إلَى وَكِيلِهِمْ مِثْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَأْتِي سِرًّا بِمِثْلِ ذَلِكَ ، يَدْفَعُهُ إلَيْهِ .

قال البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه في أول كتب الشركة
بَاب الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَالنَّهْدِ ... لَمَّا لَمْ يَرَ الْمُسْلِمُونَ فِي النَّهْدِ بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَ هَذَا بَعْضًا وَهَذَا بَعْضًا ...

قال الحافظ ـ رحمه الله ـ في الفتح 5/129:
... أَمَّا النَّهْدُ فَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ وَبِفَتْحِهَا إِخْرَاج الْقَوْمِ نَفَقَاتهمْ عَلَى قَدْرِ عَدَدِ الرُّفْقَةِ ، يُقَالُ تَنَاهَدُوا وَنَاهَدَ بَعْضهمْ بَعْضًا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ نَحْوَهُ لَكِنْ قَالَ : عَلَى قَدْرِ نَفَقَةِ صَاحِبِهِ ، وَنَحْوُهُ لِابْن فَارِس ، وَقَالَ اِبْن سِيدَهْ : النَّهْدُ الْعَوْن . وَطَرَحَ نَهْده مَعَ الْقَوْمِ أَعَانَهُمْ وَخَارَجَهمْ ، وَذَلِكَ يَكُونُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ . وَقِيلَ ـ فَذَكَرَ قَوْل الْأَزْهَرِيِّ ـ . وَقَالَ عِيَاض مِثْلَ قَوْلِ الْأَزْهَرِيِّ إِلَّا أَنَّهُ قَيَّدَهُ بِالسَّفَرِ وَالْخَلْطِ ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْعَدَدِ .
وَقَالَ اِبْن التِّينِ : قَالَ جَمَاعَة هُوَ النَّفَقَة بِالسَّوِيَّةِ فِي السَّفَرِ وَغَيْره ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَصْلَهُ فِي السَّفَرِ ، وَقَدْ تَتَّفِقُ رُفْقَةٌ فَيَضَعُونَهُ فِي الْحَضَرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ فِعْلِ الْأَشْعَرِيِّي نَ ، وَأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالتَّسْوِيَةِ إِلَّا فِي الْقِسْمَةِ ، وَأَمَّا فِي الْأَكْلِ فَلَا تَسْوِيَةَ لِاخْتِلَافِ حَالِ الْآكِلِينَ وَأَحَادِيث الْبَاب تَشْهَدُ لِكُلِّ ذَلِكَ .
وَقَالَ اِبْن الْأَثِيرِ : هُوَ مَا تُخْرِجُهُ الرُّفْقَة عِنْدَ الْمُنَاهَدَةِ إِلَى الْغَزْوِ ، وَهُوَ أَنْ يَقْتَسِمُوا نَفَقَتَهُمْ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمْ عَلَى الْآخَرِ فَضْل ، فَزَادَهُ قَيْدًا آخَرَ وَهُوَ سَفَرُ الْغَزْوِ ، وَالْمَعْرُوف أَنَّهُ خَلَطَ الزَّادَ فِي السَّفَرِ مُطْلَقًا ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّرْجَمَةِ حَيْثُ قَالَ : " يَأْكُلُ هَذَا بَعْضًا وَهَذَا بَعْضًا " وَقَالَ الْقَابِسِيّ : هُوَ طَعَام الصُّلْح بَيْنَ الْقَبَائِلِ وَهَذَا غَيْر مَعْرُوف ، فَإِنْ ثَبَتَ فَلَعَلَّهُ أَصْلُهُ . وَذَكَرَ مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِك التَّارِيخِيّ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ النَّهْد حُضَيْن - بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَة مُصَغَّر - الرَّقَاشِيّ . وَهُوَ بَعِيدٌ لِثُبُوتِهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَحُضَيْن لَا صُحْبَةَ لَهُ فَإِنْ ثَبَتَتْ اِحْتَمَلَتْ أَوَّلِيَّته فِيهِ فِي زَمَنٍ مَخْصُوصٍ أَوْ فِي فِئَةٍ مَخْصُوصَةٍ .

قال إسحاق بن منصور في مسائله 2/539:
قلت لأحمد ـ رضي الله عنه ـ النهد في السفر ، قال : لا زال الناس يتناهدون .
قال إسحاق : سنة مسنونة، وهو أحب إلي من أن يدعو كل يوم واحدٌ أصحابَه لما لا يخلو ذلك من المباهاة والتباري، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه .اهـ
قلت : كلام الإمام إسحاق نفيس فرحمه الله رحمة واسعة .

تنبيه: وقع في المطبوع في دار الهجرة : ( كل يوم واحدا من أصحابه اهـ) وهو غلط.


تذييل :في محاضرات الأدباء للراغب
التناهد
قال بعضهم في متناهدين:
وقال حفص لزيد حين ناهده * منك النبيذ ومني الدنّ والكوز
واللحم منك ومني النار أنضجه * والماء مني، ومنك الخبز مخبوز !

وتناهد قوم وفيهم مفلس فقال أحدهم: علي كذا. وقال آخر: وأنا علي كذا، إلى أن قالوا
للمفلس: وأنت ما عليك ؟
فقال: لعنة الله والملائكة والناس أجمعين !

عبد الرحمن السديس
2007-04-06, 10:01 PM
قال إسحاق بن منصور ـ مسائله ـ 2/590:
سئل إسحاق: كم يقرأ في قيام شهر رمضان؟
فلم يرخص في دون عشر آيات .
فقيل له : إنهم لا يرضون !
قال: لا رضوا، فلا تأمهم إذا لم يرضوا بعشر آيات من البقرة، ثم إذا صرت إلى الآيات الخفاف، فبقدر عشر آيات من البقرة .

عبد الرحمن السديس
2007-04-06, 10:06 PM
قال إسحاق بن منصور ـ مسائله ـ 2/598:
قلت [لأحمد] يكره للرجل أن يقول للرجل: فداك أبي وأمي ؟
قال: يكره أن يقول جعلني الله تعالى فداك . ولا بأس أن يقول: فداك أبي وأمي.
قال إسحاق [بن راهويه]: كما قال.

عبد الرحمن السديس
2007-04-07, 07:30 PM
قال إسحاق بن منصور ـ مسائله ـ 2/528:
قلت لأحمد : من قال : تذاكر العلم بعض ليلة أحب إلي من أحيائها؟
قال: العلم الذي ينتفع به الناس في أمر دينهم .
قلت: في الوضوء والصلاة والصوم والحج والطلاق ونحو هذا ؟
قال: نعم .
قال إسحاق: كما قال.

عبد الرحمن السديس
2007-04-08, 04:50 PM
قال إسحاق بن منصور ـ مسائله ـ 2/530:
قلت [لأحمد]: ما يكره من الشعر ؟
قال الرقيق الذي يتشبب بالنساء، وأما الكلام الجاهلي فما أنفعه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن من الشعر حكمة».
قال إسحاق: كما قال.
قلت: قوله صلى الله عليه وسلم: «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا، خير له من أن يمتلئ شعرا» فتلكأ !
فذكرتُ له قول النضر بن شميل يعني: أجوافنا لم تمتلئ شعرا فيها القرآن، والعلم والذكر، هذا لأولئك الأعراب الذين لا يحسنون إلا الشعر.
فقال: ما أحسن ما قال!
قال إسحاق: أجاد.اهـ
قلت: عند الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه في كتاب الأدب:
بَاب مَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبَ عَلَى الْإِنْسَانِ الشِّعْرُ حَتَّى يَصُدَّهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ.
ثم ساق الحديث، وهو برقم (6154)
وعلق ابن حجر في الفتح 10/548:
... هُوَ فِي هَذَا الْحَمْل مُتَابِع لِأَبِي عُبَيْد كَمَا سَأَذْكُرُهُ ـ ثم ذكر في 10/549 ـ وَقَالَ أَبُو عُبَيْد : ... وَجْهه عِنْدِي أَنْ يَمْتَلِئ قَلْبه مِنْ الشِّعْر حَتَّى يَغْلِب عَلَيْهِ فَيَشْغَلهُ عَنْ الْقُرْآن وَعَنْ ذِكْر اللَّه فَيَكُون الْغَالِب عَلَيْهِ ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْقُرْآن وَالْعِلْم الْغَالِبَيْنِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ جَوْفه مُمْتَلِئًا مِنْ الشِّعْر .اهـ

قلت: كلام أبي عبيد في كتابه غريب الحديث 1/36.
ويحتمل: أن أبا عبيد أخذه من النضر فهو في طبقة شيوخه، وأن البخاري أخذه من النضر أو إسحاق.
وفات هذا النقل الحافظ ابن حجر وغيره من الشراح، وهو من الأهمية بمكان، فقد استحسن جواب النضر بن شميل إمامان فقيهان محدثان: أحمد وإسحاق.
كما فات ابن رشيق في العمدة 1/29.

أشرف بن محمد
2007-04-08, 09:52 PM
قال إسحاق بن منصور ـ مسائله ـ 2/598:
قلت [لأحمد] يكره للرجل أن يقول للرجل: فداك أبي وأمي ؟
قال: يكره أن يقول جعلني الله تعالى فداك . ولا بأس أن يقول: فداك أبي وأمي.
قال إسحاق [بن راهويه]: كما قال.
الشيخ الحبيب أبا عبدالله
في بدائع الفوائد لابن القيم:
(قال ابن منصور ...: يكره أن يقول الرجل للرجل فداك أبي وأمي؟ قال: يكره أن تقول جعلني الله فداك، ولا بأس أن يقول فداك أبي وأمي.
قال ابن منصور: كما قال).

عبد الرحمن السديس
2007-04-09, 07:17 PM
الشيخ الحبيب أبا عبدالله
في بدائع الفوائد لابن القيم:
(قال ابن منصور ...: يكره أن يقول الرجل للرجل فداك أبي وأمي؟ قال: يكره أن تقول جعلني الله فداك، ولا بأس أن يقول فداك أبي وأمي.
قال ابن منصور: كما قال).
بارك الله فيكم .
والصواب هو ما ذكرتُ فإن الكتاب كله على هذا النسق : سؤالات من إسحاق بن منصور الكوسج توجه لأحمد ثم لإسحاق وكثير منها : كان جواب ابن راهويه: كما قال.
وقد رجعت إلى بدائع الفوائد 4/1435، تحقيق الشيخ علي العمران فوجدت كما نقلتُ.

أشرف بن محمد
2007-04-09, 10:22 PM
الحمد لله على توفيقه ..

عبد الرحمن السديس
2007-04-26, 01:04 PM
قال إسحاق بن منصور ـ مسائله ـ 2/541:
سألت أحمد عن شهري عيد لا ينقصان ؟
قال: لا يكون كلاهما ناقصين ، إن نقص رمضان تم ذو الحجة ، فإن نقص ذو الحجة تك رمضان.
قال إسحاق: شهرا عيد لا ينقصان: نقول: إنكم ترون العدد تسعا وعشرين فترونه نقصانا، فليس ذلك نقصانا إذ جعله الله عز وجل شهرا تاما كما جعل الثلاثين تاما ، وإنما قَصَدَ قَصْد رمضان وذي الحجة؛ لأن لناس كلهم إنما يخوضون في شهور السنة في نقصان عدد أيامه وكماله في هذين الشهرين ، فمضى من النبي صلى الله عليه وسلم فيهما لذلك نقول: وإن رأيتم العدد نقصانا فهو تام، فلا تسمون ناقصا.

عبد الرحمن السديس
2007-04-26, 01:05 PM
قال العز بن عبد السلام في القواعد الكبرى 1/30:
لا يمكن ضبط المصالح والمفاسد إلا بالتقريب.

وقال 1/31:
لم أقف في عقوق الوالدين ولا فيما يختصان به من الحقوق على ضابط اعتمد عليه .
قلت:
في الآداب الشرعية لابن مفلح 1/463:
وقال الشيخ تقي الدين ـ بعد قول أبي بكر (1) ـ : يقتضي قوله أن يبرا في جميع المباحات فما أمراه ائتمر وما نهياه انتهى، وهذا فيما كان منفعة لهما ولا ضرر عليه فيه ظاهر ، مثل: ترك السفر وترك المبيت عنهما ناحية، والذي ينتفعان به ولا يستضر هو بطاعتهما فيه قسمان: قسم يضرهما تركه؛ فهذا لا يستراب في وجوب طاعتهما فيه، بل عندنا هذا يجب للجار.
وقسم ينتفعان به ولا يضرهما أيضا يجب طاعتهما فيه على مقتضى كلامه.
فأما ما كان يضره طاعتهما فيه لم تجب طاعتهما فيه لكن إن شق عليه ولم يضره وجب، وإنما لم يقيده أبو عبد الله؛ لأن فرائض الله من الطهارة وأركان الصلاة والصوم تسقط بالضرر = فبر الوالدين لا يتعدى ذلك، وعلى هذا بنينا أمر التملك؛ فإنا جوزنا له أخذ ماله ما لم يضره فأخذ منافعه كأخذ ماله، وهو معنى قوله: " أنت ومالك لأبيك " حديث صحيح أخرجه ابن ماجه والطحاوي، فلا يكون الولد بأكثر من العبد، ثم ذكر الشيخ تقي الدين نصوص أحمد التي تدل على أنه لا طاعة لهما في ترك الفرض، وهي صريحة في عدم ترك الجماعة وعدم تأخير الحج .اهـ
وفي الاختيارات للبعلي ص 170:
ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية ـ وإن كانا فاسقين ـ وهو ظاهر إطلاق أحمد ، وهذا : فيما فيه منفعة لهما ، ولا ضرر ؛ فإن شق عليه ، ولم يضره = وجب ، وإلا فلا .

-----------
(1) وقال أبو بكر في زاد المسافر من أغضب والديه وأبكاهما يرجع فيضحكهما

عبد الرحمن السديس
2007-05-03, 09:25 PM
في المعيار المعرب والجامع المغرب 11/103:
وسئل الأستاذ أبو إسحاق الشاطبي ـ رحمه الله ـ عن مراعاة قول ضعيف أو رواية ضعيفة ؟

فأجاب:
مراعاة الأقوال الضعيفة أو غيرها شأن المجتهدين من الفقهاء؛ إذ مراعاة الخلاف إنما معناها: مراعاة دليل المخالف حسبما فسره لنا بعض شيوخنا المغاربة، ومراعاة الدليل أو عدم مراعاته ليس إلينا معشر المقلدين؛ فحسبنا فهم أقوال العلماء، والفتيا بالمشهور منها.
وليتنا ننجو مع ذلك رأسا برأس لا لنا ولا علينا .اهـ

هذا كلام الشاطبي! الله يرحم حالنا !

عبد الرحمن السديس
2009-02-13, 10:00 PM
حكم ذكر الله في الخلاء، أو حال قضاء الحاجة

بوب ابن أبي شيبة في المصنف 2/65:
الرجل يذكر الله وهو على الخلاء أو وهو يجامع
وذكر آثارا في المنع ثم قال:
حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن عطاء عن أبي هارون الأسلمي عن أبيه عن كعب قال قال موسى عليه السلام أي رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك قال يا موسى أنا جليس من ذكرني قال يا رب فأنا نكون من الحال على حال نعظمك أو نجلك ان نذكرك عليها قال وما هي قال الجنابة والغائط قال يا موسى أذكرني على كل حال.
ثم بوب 2/67: الرجل يعطس وهو على الخلاء
حدثنا ابن إدريس عن حصين عن الشعبي في الرجل يعطس على الخلاء، قال: يحمد الله.
حدثنا ابن إدريس عن أبيه عن منصور عن إبراهيم قال: يحمد الله فإنه يصعد.
حدثنا ابن علية عن ابن عوف عن محمد سئل عن الرجل يعطس في الخلاء؟ قال: لا أعلم بأسا بذكر الله.
حدثنا ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق في الرجل يعطس في الخلاء، قال: قال أبو ميسرة: ما أحب أن أذكر الله إلا في مكان طيب، قال: قال منصور: قال إبراهيم: يحمد الله.
حدثنا يزيد بن هارون قال: أنا قزعة بن سويد قال: سألت ابن أبي مليكة عن الرجل يعطس وهو على الخلاء؟ قال: يحمد الله.

وفي العلل لابن أبي حاتم رقم (124):
وسألت أبا زرعة عن حديث : خالد بن سلمة ، عن البهي ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : «كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه».
فقال : ليس بذاك ، هو حديث لا يروى إلا من ذي الوجه.
فذكرت قول أبي زرعة لأبي رحمه الله فقال : الذي أرى أن يذكر الله على كل حال ، على الكنيف وغيره ، على هذا الحديث.

وبوب ابن ماجه في سننه 1/270: «باب ذكر الله عز و جل على الخلاء والخاتم في الخلاء» ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم :«كان يذكر الله على كل أحيانه».

وبوب أبو عوانة في مستخرجه 1/184:
بيان ما يقال عند دخول الخلاء، والدليل على إباحة ذكر الله والدعاء في الموضع الذي يتغوط فيه، وبيان إباحة ذكر الله في الأحوال كلها وجميع المواضع.
وذكر حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم :«كان يذكر الله على كل أحيانه».

وقال القاضي عياض في إكمال المعلم 2/230:
وقد اختلف السلف والعلماء فى هذا الحديث «كان إذا دخل الخلاء»، فذهب بعضهم إلى جواز ذكر الله فى الكنيف وعلى كل حال، ويحتج قائله بهذا وبحديث ذكر النبى صلى الله عليه وسلم على كل أحيانه ، وبقوله : { إِلَيْهِ يصعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّب}.
وهو قول النخعي والشعبي وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن سيرين ومالك بن أنس، وروي كراهيةُ ذلك عن ابن عباس وعطاء والشعبي وغيرهم.
وفي الشرح الكبير 1/191: قال رحمه الله: (ولا يتكلم)لما روى عبد الله بن عمر قال: مر بالنبي صلى الله عليه وسلم رجل فسلم عليه وهو يبول فلم يرد عليه. رواه مسلم.
ولا يذكر الله تعالى على حاجته بلسانه.
روي كراهة ذلك عن ابن عباس وعطاء.
وقال ابن سيرين والنخعي: لا بأس به.
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد السلام الذي يجب رده، فذكر الله أولى.
فإن عطس حمد الله بقلبه ولم يتكلم، وقال ابن عقيل: فيه رواية أخرى: أن يحمد الله بلسانه. والأول أولى لما ذكرناه، وروى أبو سعيد الخدري قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان فان الله يمقت على ذلك » رواه أبو داود وابن ماجه.

وفي تفسير القرطبي 5/466:
قوله تعالى: (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) ذكر تعالى ثلاث هيئات لا يخلوا ابن آدم منها في غالب أمره، فكأنها تحصر زمانه.
ومن هذا المعنى قول عائشة رضي الله عنها:« كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه».أخرجه مسلم.
فدخل في ذلك كونه على الخلاء وغير ذلك.
وقد اختلف العلماء في هذا، فأجاز ذلك عبد الله بن عمرو وابن سيرين والنخعي، وكره ذلك ابن عباس وعطاء والشعبي.
والاول أصح لعموم الآية والحديث.
قال النخعي: لا بأس بذكر الله في الخلاء فإنه يصعد.
المعنى: تصعد به الملائكة مكتوبا في صحفهم، فحذف المضاف.
دليله قول تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )، وقال: (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين).
ولأن الله عزوجل أمر عباده بالذكر على كل حال ولم يستثن، فقال: (اذكروا الله ذكرا كثيرا ) وقال: (فاذكروني أذكركم )، وقال: (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا )فعم.فذاكر الله تعالى على كل حالاته مثاب مأجور إن شاء الله تعالى...
وكراهية من كره ذلك إما لتنزيه ذكر الله تعالى في المواضع المرغوب عن ذكره فيها، ككراهية قراءة القرآن في الحمام، وإما إبقاء على الكرام الكاتبين على أن يُحِلَّهم موضع الأقذار والأنجاس لكتابة ما يلفظ به.والله أعلم.

وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام مع حاشية الصنعاني 1/225 :
وذكر الله مستحب في ابتداء قضاء الحاجة؛ فإن كان المحل الذي تقضى فيه الحاجة غير معد لذلك - كالصحراء مثلا - جاز ذكر الله في ذلك المكان.
وإن كان معدا لذلك - كالكُنُف - ففي جواز الذكر فيه خلاف بين الفقهاء، فمن كرهه فهو محتاج إلى أن يؤول قوله «إذا دخل» بمعنى إذا أراد؛ لأن لفظة «دخل» أقوى في الدلالة على الكنف المبنية منها على المكان البراح، أو لأنه قد تبين في حديث آخر المراد حيث قال صلى الله عليه و سلم:« إن هذه الحشوش محتضرة فإذا دخل أحدكم الخلاء فليقل..» الحديث.
وأما من أجاز ذكر الله تعالى في هذا المكان: فلا يحتاج إلى هذا التأويل ويحمل «دخل» على حقيقتها.

وفي الإنصاف للمرداوي 1/191:
تنبيه
ظاهر قوله «ولا يتكلم» الإطلاق فشمل: رد السلام وحمد العاطس وإجابة المؤذن والقراءة وغير ذلك، قال الإمام أحمد: لا ينبغي أن يتكلم. وكرهه الأصحاب، قاله في الفروع.
وأما رد السلام فيكره، بلا خلاف في المذهب..
وأما حمد العاطس، وإجابة المؤذن، فيحمد، ويجيب بقلبه، ويكره بلفظه، على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب.
وعنه لا يكره، قال الشيخ تقي الدين: يجيب المؤذن في الخلاء.
وأما القراءة، فجزم صاحب النظم بتحريمها فيه، وعلى سطحه. قال في الفروع: وهو متجه على حاجته.
قلت: الصواب تحريمه في نفس الخلاء، وظاهر كلام المجد وغيره: يكره.
وقال في الغنية: لا يتكلم ولا يذكر الله، ولا يزيد على التسمية والتعوذ.
وقال بن عبيدان: ومنع صاحب المستوعب من الجميع، فقال: ولا يتكلم برد سلام ولا غيره. وكذلك قال صاحب النهاية.
قال ابن عبيدان: وظاهر كلام أصحابنا تحريم الجميع لحديث أبي سعيد فإنه يقتضي المنع مطلقا. انتهى.
قال في النكت: دليل الأصحاب يقتضي التحريم، وعن أحمد ما يدل عليه. انتهى.
وقول ابن عبيدان: إن ظاهر كلام الأصحاب تحريم الجميع. فيه نظر؛ إذ قد صرح أكثر الأصحاب بالكراهة فقط في ذلك، وتقدم نقل صاحب الفروع، وليس في كلامه في المستوعب وغيره تصريح في ذلك، بل كلاهما محتمِل كلامَ غيرهما.


وقال ابن القيم في الوابل الصيب ص162:
قالت عائشة : «كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه» ولم تستثن حالة من حالة، وهذا يدل على أنه كان يذكر ربه تعالى في حال طهارته وجنابته.
وأما في حال التخلي، فلم يكن يشاهده أحد يحكي عنه، ولكن شرع لأمته من الأذكار قبل التخلي وبعده ما يدل على مزيد الأعتناء بالذكر، وأنه لا يُخَّلُ به عند قضاء الحاجة وبعدها، وكذلك شرع للأمة من الذكر عند الجماع أن يقول أحدهم «بسم الله اللهم جنبنا الشيطان ما رزقتنا».
وأما عند نفس قضاء الحاجة، وجماع الأهل فلا ريب أنه لا يكره بالقلب؛ لأنه لا بد لقلبه من ذكر، ولا يمكنه صرف قلبه عن ذكر من هو أحب إليه، فلو كلف القلب نسيانه لكان تكليفه بالمحال كما قال القائل :
يراد من القلب نسيانكم *** وتأبى الطباع على الناقل
وأما الذكر باللسان على هذه الحالة، فليس مما شرع لنا، ولا ندبنا إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولا نقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم.
وقال عبد الله بن أبي الهذيل : «إن الله تعالى ليحب أن يذكر في السوق ويحب أن يذكر على كل حال إلا على الخلاء».
ويكفي في هذه الحال استشعار الحياء والمراقبة والنعمة عليه في هذه الحالة، وهي من أجل الذكر، فذكر كل حال بحسب ما يليق بها، واللائق بهذه الحال التقنع بثوب الحياء من الله تعالى، وإجلاله، وذكر نعمته عليه، وإحسانه إليه في إخراج هذا العدو المؤذي له الذي لو بقي فيه لقتله، فالنعمة في تيسير خروجه كالنعمة في التغذي به.

أبو الوليد التويجري
2009-02-13, 11:45 PM
يا شيخ عبد الرحمن !
عودًا حميدًا ، وجعله الله دائمًا ما بقيت .

أبو عبدالرحمن بن ناصر
2009-02-15, 02:21 PM
فائدة
في الإنصاف للمرداوي ـ رحمه الله ـ 5/47
فائدتان : ...
الثَّانِيَةُ : يُعْتَبَرُ فِي سُكَّانِ الْقُصُورِ وَالْبَسَاتِينِ مُفَارَقَةُ مَا نُسِبُوا إلَيْهِ عُرْفًا ، وَاعْتَبَرَ أَبُو الْمَعَالِي ، وَأَبُو الْوَفَاءِ: مُفَارَقَةَ مَنْ صَعِدَ جَبَلًا : الْمَكَانَ الْمُحَاذِيَ لِرُؤوسِ الْحِيطَانِ،
وَمُفَارَقَةَ مَنْ هَبَطَ : لِأَسَاسِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَبَرَ مُفَارَقَةَ الْبُيُوتِ إذَا كَانَتْ مُحَاذِيَةً اعْتَبَرَ هُنَا مُفَارَقَةَ سَمْتِهَا . اهـ
قلت: وفي معنى هذا في وقتنا الحاضر المسافر عن طريق الجو ، فإذا كان المطار في البلد فلا يترخص برخص السفر حتى ترتفع الطائرة عن محاذاة أعلى بناية فيها، كما أن رخص السفر لا تنقطع حتى تحاذي الطائرة أعلى بناية في البلد إذا عاد إلى بلده.
وكذلك يظهر بهذا أن المسافر بالطائرة إذا مر فوق بلده لا ينقطع حكم سفره إذ ليس مروره في حكم الدخول . والله أعلم .


جزاكم الله خيرا شيخنا ونفع بكم على هذه الفوائد الطيبة، والذي يظهر أنه لا عبرة بالعلو ، فإن الهواء تابع للقرار ، فمن ارتفع فهو ما زال في البلدة ، وإن ارتفع عن أعلى بناية ، و يوضح هذا أن المحرم في الطائرة إذا حاذى الميقات أحرم، لأن الهواء تابع للقرار . والذي يظهر أنه في المطار يترخص برخص السفر ، فإنه خارج عمران المدينة حكما خاصة إذا دخل المسافر الصالة الدولية الداخلية . والله أعلم

عبد الرحمن السديس
2009-06-03, 09:31 PM
بارك الله فيكم ونفع بكم

والذي يظهر أنه لا عبرة بالعلو ، فإن الهواء تابع للقرار ، فمن ارتفع فهو ما زال في البلدة ، وإن ارتفع عن أعلى بناية ، و يوضح هذا أن المحرم في الطائرة إذا حاذى الميقات أحرم، لأن الهواء تابع للقرار .
بل الظاهر أنه مؤثر واعتبر ذلك لو كان سيرتفع إلى مسافات كبيرة جدا إلى الفضاء وهو فوق بلده .
فهل يقال هو في البلد ؟
وقولكم : " الهواء تابع للقرار " هذا ضابط في باب الملك ولا يصلح تعميمه .
ولذا تصح الصلاة فوق سطح الحش ونحوه .
أما المحرم فلو لم يحرم بمحاذات الميقات الشرعي = لترتب عليه: دخوله الحرم بلا إحرام وتجاوزه الحد الذي فرضه الشارع .
وقولكم: "والذي يظهر أنه في المطار يترخص برخص السفر ، فإنه خارج عمران المدينة حكما خاصة إذا دخل المسافر الصالة الدولية الداخلية"
فيه نظر، فهو داخل البلد حكما وواقعا وعرفا .
والله أعلم.

أبو عبدالرحمن بن ناصر
2009-06-04, 11:46 PM
بارك الله فيكم ونفع بكم

بل الظاهر أنه مؤثر واعتبر ذلك لو كان سيرتفع إلى مسافات كبيرة جدا إلى الفضاء وهو فوق بلده .
فهل يقال هو في البلد ؟
وقولكم : " الهواء تابع للقرار " هذا ضابط في باب الملك ولا يصلح تعميمه .
.

بل الظاهر عموم ذلك ن لأنه يجب على قاصد الحج أو العمرة بالطائرة أن يحرم إذا حاذى الميقات وهو في الهواء

عبد الرحمن السديس
2009-06-05, 10:43 AM
أخي الكريم وفقك الله :
الهواء تابع للقرار = ليس دليلا شرعيا ليعتمد عليه.
وما ذكرت من الإحرام سبق الجواب عنه، وينقضه أيضا : الصلاة على سطح الحش.

يبقى :

السفر هو: مفارقة البلد، والمسافر من جهة الأعلى خارج عن البلد لغة وعرفا وواقعا =
خارج شرعا «مسافر»
وقد يقصد مسافة بمئات أو آلاف الأميال ، فكيف لا يكون مسافرا ؟

فهد العبر
2009-06-05, 09:38 PM
بارك الله فيكم شيخنا وفتح الله لك

عبد الرحمن السديس
2011-04-07, 11:47 AM
بارك الله فيكم وشكر لكم


قاعدة "إذا وقع الاحتمال؛ بطل الاستدلال" ليست على إطلاقها؛ فالاحتمال؛
إما أن يكون: راجحاً، أومساوياً، أو مرجوحاً،
فالذي يبطل به الاستدلال؛ هو: الاحتمال المساوي فقط، أما الراجح فيصار إليه، والمرجوح يُطرح.
ينظر: «الفروق» 2/159 ، و«الموافقات» 4/325.

عبد الرحمن السديس
2011-04-07, 11:49 AM
بعض العبادات جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدة صور، كدعاء الاستفتاح، والتسبيح بعد الصلاة.
وهذه العبادت يجوز فعلها بأي طريقة ثبتت، لكن:
هل الأفضل المداومة على نوع منها؟
أو فعل الجميع في أوقات شتى؟
أو الجمع بين ما يمكن جمعه منها في وقت واحد؟
قد اختلف العلماء في هذا، فمنهم من يرجح في بعض الصور وجهاً منها ويستحب المداومة عليه، كمن اختار نوعاً من أنواع الاستفتاح أو التشهدات.
ومنهم من اختار الجمع بين ما يمكن جمعه منها، كما في الألفاظ المختلفة الواردة في بعض الأدعية، وأدعية الاستفتاح لمن صلى منفرداً أو أَذِنَ له المأمومون، كما صرح به النووي في "الأذكار" ص45.
واختار جمع من المحققين؛ كالإمام ابن تيمية كما في "الفتاوى" 22/335و458، وعنه ابن القيم في "جلاء الأفهام" ص373، أن يأتي بهذه الأنواع كلها في أوقات شتى، ليحصل له تحقيق كمال الاتباع، وكذا ذكره هذا القاعدة ابن رجب في القاعدة الثانية عشرة من "قواعده"، وابن عثيمين في "منظومة أصول الفقه وقواعده " ص173.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع متنوعة ـ وإن قيل: إن بعض تلك الأنواع أفضل ـ فالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة = أفضل من لزوم أحد الأمرين وهجر الآخر. "مجموع الفتاوي" 22/337.
ولاشك أن هذا القول هو الراجح، وبه تحصل متابعة السنة، وبه يحفظ العلم.
إذا تقرر هذا، فيدخل في هذه القاعدة فروع كثيرة، منها:
1- الوضوء، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا؛ فيأتي بهذا تارة وهذا أخرى، وإن كان أفضلها: "ثلاثا ثلاثا"، وهو الاسباغ، فيكثر منه ولا يهجر البقية.
2- استفتاح الصلاة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة صيغ، فالأفضل أن ينوع؛ فيأتي بهذا تارة وهذا أخرى، وإن كان أفضلها : "سبحانك اللهم وبحمد .." الحديث، فيكثر منه ولا يهجر البقية.
3-التشهد في الصلاة فقد ورد بعدة صيغ، والكلام فيه كالسابق.
4- قيام الليل، قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أنواع، فالأفضل الاتيان بها، وإن كان الأفضل أن يصلي إحدى عشرة ركعة، فيكثر منه.
كذلك في وقته أول الليل ووسطه وآخره، وإن كان الأفضل آخره لمن قدر عليه.
5- التسبيح بعد الصلاة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنواع منها، فيستحب أن ينوع بينها.
6- أنواع الأذان، فيستحب أن يأتي بأذن بلال ولا يهجر أذان إبي محذورة.
7- مثل أنواع من الأذكار ثبتت بعدة صيغ، كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
8- قراءة القرآن بالقراءات العشر، أو ما تيسر منها.
9- التكيبر على صلاة الجنازة، فقد صح أنه كبر أربعاً وخمساً، وجاء أكثر من ذلك.
10- أنواع الاستعاذة من الشيطان .
والله أعلم.

عبد الرحمن السديس
2011-04-07, 11:49 AM
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم التسبيح بعد الصلاة بعدة صور:
أحدها : أن يسبح عشراً، ويحمد عشراً، ويكبر عشراً . رواه البخاري وغيره.
الثاني: أن يسبح ثلاثاً وثلاثين، ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويكبر ثلاثاً وثلاثين؛ فيكون المجموع تسعة وتسعين. متفق عليه.
الثالث : أن يقول ذلك، ويختم المائة بـ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. رواه مسلم.
الرابع : أن يسبح ثلاثاً وثلاثين، ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويكبر أربعا وثلاثين. رواه مسلم.
الخامس : أن يسبح خمساً وعشرين، ويحمد خمساً وعشرين، ويكبر خمساً وعشرين، ويهلل خمسا وعشرين. رواه أحمد والنسائي وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
وقد وردت صورة سادسة، وهي: أن يسبح إحدى عشرة، ويحمد إحدى عشرة، ويكبر إحدى عشرة، لكن بين الحافظ ابن حجر "فتح الباري" 2/328، أنها غلط، وقد استغربها ابن القيم في "زادالمعاد" 1/300.
ولهذا الذكر أجر عظيم، وهو لا يستغرق منك إلا وقتا يسيرا، ويمكنك قوله حتى وأنت خارج من المسجد إن كنت مستعجلا، وإلا فالبقاء في المسجد بعد الصلاة فيه فضل كبير أيضا.
وقد تقدم ذكر القاعدة في العبادات الواردة على عدة صور، وهي أن يفعل في كل وقت منها واحدا.

عبد الرحمن السديس
2011-04-08, 02:06 PM
في صحيح مسلم عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا؛ حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب.

فمتى يبدأ هذا الوقت : (قائم الظهيرة) ؟

اختلف في تحديده أهل العلم، فمنهم من قدره بخمس دقائق ومنهم من قدره بعشر دقائق ومنهم من قدره بربع ساعة، وثلث ساعة، ونصف ساعة، ومنهم من قال هو بقدر تكبيرة الإحرام، ومنهم من قال بقدر قراءة سورة الفاتحة وأقوال أخرى.
وللشيخ سعد الخثلان بحث حسن نشر في مجلة "الحكمة" العدد 42 في محرم 1432هـ عنوانه: "تحديد وقت زوال الشمس".
تكلم في هذا البحث على عدة مباحث منها:
- تحديد معنى الزوال.
- تحقيق القول في مقدار ما يضاف لمنتصف النهار؛ لتحقق الزوال الشرعي.

وقد اجتهد في ذلك، وكان مما قام به أن ذهب إلى مدار السرطان الذي تتعامد عليه الشمس في 21 يونيو، وينعدم فيه الظل وقت الاستواء..

وخرج في نهاية بحثه أن جملة من التقاويم اليوم جعلت وقت الأذان للظهر في وقت النهي!
وخلص إلى أن وقت الذي يضاف لبلوغ الشمس خط نصف النهار لتحقق الزوال الشرعي 3 دقائق.
وسألته في رسالة عبر الجوال:
بعد شكره على البحث...
لم يتضح لي تماما وقت النهي من كلامكم فهل هو الأذان ؟
فأرسل لي: قبل الأذان بثلاث دقائق وبعده بثلاث دقائق.

رضا الحملاوي
2011-04-08, 02:18 PM
بارك الله فيكم يا شيخ عبد الرحمن ونفع بكم

الحافظة
2011-04-12, 05:38 PM
فوائد قيمة جدا وموضوع مميز ليته يثبت
بارك الله فيكم شيخنا وزادكم ربي من فضله
وعندي سؤال : لماذا يكره أن يقال جعلني الله فداك ؟؟ مع أنه يجوز أن نقول فداك أبي وأمي ؟؟؟

حمد
2011-11-15, 06:19 AM
قال إسحاق: شهرا عيد لا ينقصان: نقول: إنكم ترون العدد تسعا وعشرين فترونه نقصانا، فليس ذلك نقصانا إذ جعله الله عز وجل شهرا تاما كما جعل الثلاثين تاما ، وإنما قَصَدَ قَصْد رمضان وذي الحجة؛ لأن الناس كلهم إنما يخوضون في شهور السنة في نقصان عدد أيامه وكماله في هذين الشهرين ، فمضى من النبي صلى الله عليه وسلم فيهما لذلك نقول: وإن رأيتم العدد نقصانا فهو تام، فلا تسمون ناقصا.
وكذلك من اكتشف لاحقاً أنه ضحى في يوم 11 من ذي الحجة ، بناءً على وجود الغمام آخر ذي القعدة فلم يروا هلال الشهر ، فأكملوا العدة ثلاثين .
فيقول : أردت أن أضحي في اليوم العاشر ، فنقص عملي في العَشر !

فيجاب بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (شهرا عيد لا ينقصان) .